ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=51)
-   -   الاعتذار الصادق من شيم الكبار (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=128165)

طويلب علم مبتدئ 19 / 07 / 2018 53 : 03 PM

الاعتذار الصادق من شيم الكبار
 
الاعتذار الصادق من شيم الكبار


تربَّى الكثيرُ منَّا على أن الاعتذار ضَعْفٌ وذُلٌّ؛ إذ من تكوين شخصيات أولئك أن الخطأ بعيدٌ عنهم؛ بل حتى إن اكتُشِفَتْ أخطاؤهم وعلِمَ بها الناسُ، ولم تنجح تبريراتُهم أقرُّوا بها، ليس على سبيل الاعتراف بالخطأ؛ بل لإظهار شجاعتِهم الزائفة بكونهم اعتذروا، بغضِّ النظر عن الخطأ ذاته!



تلك فلسفةٌ لا أريد التعمُّق فيها، ما يهمُّني أن يُدرِكَ المسلم أن ‏((‏كل بني آدم خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التوَّابُون))[1]‏‏، وأن من التوبة الاعتراف بالخطأ ومحاولة علاجه، وألَّا يكون في الاعتذار هَرَبٌ أو مخالفةٌ أو رياءٌ وسُمْعةٌ، فإن ذلك من أفعال المنافقين: ﴿ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 94]، فهنا قد اتَّضَح مقصدهم السيئ، ففضَحهم الله وفضح اعتذارهم، فاحذَر القصد السيئ من الاعتذار؛ لأنه قد يُسبِّب لكم فَضْحًا عند الخَلْق لا تُطيقه، عافا الله من ذلك!



كن من أهل الاعتذار الممدوح الذين يزيدهم اعتذارُهم رِفْعةً في الدنيا والآخرة، كما حصل مع نبينا صلى الله عليه وسلم في قصَّةٍ ذكَرَها أصحابُ السِّيَر، وفيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَدل صفوفَ أصحابه يوم بَدْر، وفي يده قدحٌ يُعدِّل به القوم، فمَرَّ بسَواد بن غَزيَّة حليف بني عدي بن النجار، وهو مُسْتَنْتِل من الصَّفِّ، فطعَن رَسُولُ اللهِ في بطنه بالقِدْح، وقال: ((اسْتَوِ يا سَوادُ))، فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثَكَ الله بالحَقِّ والعَدْل، فأقِدْني، قال: فكشَف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: ((استَقِدْ))، قال: فاعتنقه فقَبَّل بطنه، فقال: ((ما حمَلَكَ على هذا يا سَوادُ؟)) قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردْتُ أن يكون آخِرُ العَهْد بكَ أن يمسَّ جِلْدي جِلْدَكَ! فدعا له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بخير"[2].



فانظر كيف لم تمنَع النبي صلى الله عليه وسلم مكانتُه وهو القائد، ولم يمنعه ظَرْفُ الحال وهو في معركة من الإقرار على نفسه، ثم محاولة إصلاح الخطأ - بأبي هو وأُمِّي صلى الله عليه وسلم - بقوله ((استَقِدْ))!! يا لها من شِيمةٍ لا تكون إلَّا في كبير!



وأجمل الاعتذار وأهنأه وأروعه، هو الاعتذار لرَبِّ العالمين، والالتجاء إليه، والدعاء بقبول التوبة والمغفرة والرحمة، والستر على الدوام؛ كما قال الله تعالى عن أبينا آدم وأُمِّنا حواء: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].



قال لي صاحبي ذات مرة: في عملي لامني وعاتبني زميلٌ على خطأ ظننْتُ أني ارتكبتُه! فبادرت بالاعتذار له وللزملاء ومحاولة الإصلاح، فتبيَّنَ لي وله فيما بعد أن الخطأ سببه هو! بل هو مصدره كاملًا! ولا علاقة لي به من قريب ولا بعيد، فلم يعتذر ولم يُبادِر كما بادرْتُ قبلَه، قلت له: لا تقلق؛ الاعتذار الصادق من شِيَم الكبار!


[1] حديث رواه الترمذي 4 /659 برقم 2499، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع 2 /831.

[2] سيرة ابن هشام 2 / 266، والأثر حَسَّنه الألباني في الصحيحة 6 /808 برقم 2835.

ابراهيم عبدالله 30 / 10 / 2018 01 : 04 PM

رد: الاعتذار الصادق من شيم الكبار
 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

محمد نصر 01 / 11 / 2018 31 : 12 AM

رد: الاعتذار الصادق من شيم الكبار
 
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط