ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=51)
-   -   تنبيه أُولي البصائر في ردِّ مقولةِ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر» (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=129957)

طويلب علم مبتدئ 14 / 08 / 2018 30 : 05 PM

تنبيه أُولي البصائر في ردِّ مقولةِ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر»
 
تنبيه أُولي البصائر
في ردِّ مقولةِ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر»
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ بَخْسَ أهلِ الحقِّ حقَّهم، والتقليلَ مِنْ قيمتهم التي بوَّأهم اللهُ إيَّاها سبيلُ المعاندين ودربُ الشانئين، عُرِف بها ـ منذ القِدَم ـ الجاحدون لوضوح الحقِّ وضيائه، فلا يحصد منهم ـ في دعوته لهم ـ غيرَ الأحقاد والشنآن، فعن عبد الله بنِ سلامٍ رضي الله عنه أنه حين أَسلمَ ـ وكان حبرًا مِنْ أحبار اليهود ـ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ»، فَجَاءَتِ اليَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ البَيْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ؟» قَالُوا «أَعْلَمُنَا، وَابْنُ أَعْلَمِنَا، وَأَخْيَرُنَا، وَابْنُ أَخْيَرِنَا»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ؟!»، قَالُوا: «أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ»، فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»، فَقَالُوا: «شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا»، وَوَقَعُوا فِيهِ، [أخرجه البخاري (٤٤٨٠)].

ومِنْ هذا المُنطلَقِ السيِّئ فإنَّ طائفةً ممَّنْ ينسبون أَنْفُسَهم للثقافة والحداثة، ويفتخرون بنيل الشهادات الدنيوية ـ التي لا تعكس حقيقةَ الأمر الواقع ـ فهُم أقربُ إلى الجاهل الذي لا عِلمَ عنده يُحِقُّ به حقًّا أو يُبطِل به باطلًا؛ ومع ذلك يتهجَّمون على الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ مُنتقِصين مِنْ رتبته العلمية، ومُزدَرِين بمردوده وآثاره الإيجابيَّة، في محاولةٍ يائسةٍ لتشويهِ صورته لدى العامَّة والخاصَّة، فيردِّد بعضُهم لبعضٍ مقولةَ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر؟!» فهُم أشبهُ بالرافضة: يتناظرون بينهم في المعدوم: هل هو شيءٌ أو ليس بشيء؟

وللجواب عن هذه الفريةِ التي لا تصدر إلَّا مِنْ نفسيَّةٍ مصنِّفةٍ ومتصيِّدةٍ لا تهتمُّ بمقاصد الكلام ومعانيه، ولا بإحسان الظنِّ بالغير ومَرامِيه، وتقترن بها ـ غالبًا ـ لوثةُ حسدٍ يُعمي ويُصِمُّ، كما قِيلَ:

حَسَدُوا الْفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالقَوْمُ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ

كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا ... حَسَدًا وَبَغْيًا إِنَّهُ لَدَمِيمُ

فإنَّ كُلِّ مُنصِفٍ لم يحجب الحقدُ بصرَه غطاءً، ولم يمنع الحسدُ بصيرتَه غشاءً، لَيدرِك ـ بأدنى نظرٍ وأقلِّ تأمُّلٍ ـ أنَّ الشيخ أبا عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ مِنْ أكثر الشخصيَّات الدِّينية في زماننا هذا ـ إِنْ لم يكن أكثرَهم ـ علمًا وعطاءً لبلده الجزائر، على وجه الإطلاق، لا فخرًا على الأقران، ولا عُلُوًّا في الأرض ولا ارتفاعًا بالنفس ولا ابتغاءَ شهرةٍ:

ـ كيف لا وقَدْ تخرَّج على يدَيْه في الجامعة الإسلامية بالجزائر ثُلَّةٌ غيرُ يسيرةٍ مِنَ الدكاترة وأصحابِ الشهادات، منهم الأئمَّة والمُشتغِلون بالدعوة والفتوى، ومنهم مَنْ يتبوَّأ مناصبَ عُلْيَا في الإدارات العامَّة والجامعات الجزائرية، إداريِّين كانوا أو أساتذةً، ولا غرابةَ في ذلك، بل هو معهودٌ مِنْ سيرته العلمية وسلوكِه الأخلاقيِّ، فشهاداتُه العلمية العليا مُستحَقَّةٌ بجدارةٍ وشرفٍ وامتيازٍ وأمانةٍ علميةٍ، بعيدةٍ عن شهادات الزور التي يحملها بعضُ الدكاترة ومَنْ في شاكلتهم ـ اليومَ ـ فرسائلُهم مليئةٌ بالسطو على بحوث المجتهدين، ومحشوَّةٌ بالاستنساخ مِنْ إنتاج المُجِدِّين، وعاجَّةٌ بالسرقات العلمية، وبمختلف أنواع القرصنة، واللهُ المستعانُ.

ـ وعلى مستوى الدراسات العليا فقَدْ أشرف الشيخ أبو عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ وناقش العديدَ والكثير مِنْ رسائل الدكتوراه والماجستير والماستر، طيلةَ زمنِ أستاذيَّتِه التي تربو عن أزيدَ مِنْ رُبعِ قرنٍ في كُلِّيَّة العلوم الإسلاميَّة ـ جامعة الجزائر (أ).

ـ ومؤلَّفاتُه مِنْ أعظمِ المؤلَّفات إثراءً للمكتبة الإسلامية والتراث العلميِّ بمختلف الكُتُب النافعة والآثار العلمية المفيدة، فقَدْ بلغت كُتُبُه ـ بين تأليفٍ وتحقيقٍ وشرحٍ وتعليقٍ ـ: خمسةً وخمسين مؤلَّفًا أو أَزْيَدَ، ضِمْنَ سلاسلَ متنوِّعة: كسلسلة: «ليتفقَّهوا في الدِّين» وسلسلة: «فقه أحاديث الصوم» وسلسلة: «توجيهات سلفية»، تتَّسِم بالتأصيل والتفصيل، وتُنبِئ عمَّا شهد له به أهلُ العلم مِنَ التبريز والتحقيق والتحصيل، وصارت الجزائرُ به تُعرَف في أقاصي البلدان الإسلامية وغيرها فيقال: بلد الشيخ محمَّد علي فركوس، بعدما كان يُعرَف بها في أداني البلاد العربية فيقال: الشيخ محمَّد فركوس الجزائريُّ.

وخدمتُه ودراسته للتراث العلميِّ المالكي المغاربيِّ والأندلسي باتت مَضرِبَ مَثَل للعزِّ والفخر خارِجَ التراب الوطنيِّ:

ـ كتحقيقه لكتاب: «الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل» للإمام الحافظ الأصوليِّ النظَّار أبي الوليد سليمان بن خلفٍ الباجي الأندلسي المالكي (المتوفَّى سنة: ٤٧٤ﻫ)، بالإضافة إلى شرحه في مؤلَّف أسماهُ: «الإنارة شرح كتاب الإشارة».

ـ وتحقيق كتاب: «تقريب الوصول إلى علم الأصول» للإمام الفقيه أبي القاسم محمَّد بن أحمد بن جُزَيٍّ الكلبي الغرناطي المالكي صاحب «القوانين الفقهية (المتوفَّى سنة ٧٤١ﻫ).

ـ وكتاب: «مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول» ويليه: كتاب «مثارات الغلط في الأدلَّة» للإمام الشريف المحقِّق الرُّحلة أبي عبد االله محمَّد بن أحمد الحَسَنيِّ التلمسانيِّ (المتوفَّى سنة: ٧٧١ﻫ).

ـ وعلاقة الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ برائد النهضة العلمية الحديثة: الشيخ العلَّامة عبد الحميد بنِ باديس القسنطينيِّ ـ رحمه الله ـ (المتوفَّى سنة: ١٣٥٩ﻫ) علاقةٌ علميةٌ متينةٌ موصولةٌ برَحِم العلم والسنَّة، حيث أحيا ـ بالشرح والتعليق ـ ما كاد يندثر مِنْ علمِ هذا الجِهْبِذ الفذِّ، واقترن اسْمُه باسْمِه عاليًا في العديد مِنَ المؤلَّفات، حتَّى إنَّ القارئ ﻟ: «الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول»، و«رَوْح التنفيس شرح معنى الإسلام والإيمان والإحسان»، و«إمتاع الجليس شرح عقائد الإيمان للإمام ابن باديس ومنهجه في تقرير أسماء الله وصِفَاته»، و«تحفة الأنيس شرح عقيدة التوحيد للإمام ابن باديس»، و«التعليق النفيس في بيان عقيدة الإيمان بالقَدَر»، و«تنوير التأسيس شرح أركان الإيمان العظام»، لَيحسَبُ أنَّ العلَّامة ابنَ باديس ـ رحمه الله ـ قد بُعِث مِنْ جديدٍ شارحًا لإملاءاته وموضِّحًا لغامضِ عباراته، وباسطًا لمُجمَلِ كلماته؛ إذ قد امتزج قلمُهما امتزاجًا ليس يَسْهُلُ التفريقُ بينهما، وما ذاك إلَّا لكونهما مِنْ منبعٍ واحدٍ ينهلان، ومِنْ مَعينٍ صافٍ يغترفان.

ـ هذا، وإنَّ الموقع الإلكترونيَّ للشيخ ـ حفظه الله ـ على الشبكة العنكبوتية لَيحوي المئاتِ مِنَ المقالات وألفًا ومائتَيْ فتوى في شتَّى تبويبات العلم الشرعيِّ مِنْ عقيدةٍ وفقهِ عباداتٍ ومعاملاتٍ ماليَّةٍ وغير ماليَّةٍ، ومسائل طبِّيَّة، وقضايا أسرية وفتاوى حديثية، وأخرى متعلِّقةٍ بعلوم القرآن ومباحثه، وغيرها كثير في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تعالج القضايا الشرعية والمستجدَّاتِ العصريةَ والمُعضِلاتِ الفقهية، وتُحارِب الانحرافَ العقديَّ والانحلال الخُلُقيَّ والميل السلوكيَّ عن الصراط السويِّ.

ـ وقد أثمرت الجهود المتتابعة، والعمل الدعويُّ الدؤوب، والإنتاجاتُ العلمية للشيخ ـ حفظه الله ـ مجلَّةً موسومةً ﺑ: «الإحياء» تعكس محتوياتِ الموقع الإلكترونيِّ وتصوغها مطبوعةً سهلةَ الاقتناء؛ إذ تقرِّب ما يحويه مِنْ علومٍ شرعيةٍ، ومقالاتٍ متنوِّعةٍ، وردودٍ وتعقيباتٍ ومناقشاتٍ، ووقائعَ وتوجيهاتٍ، وفتاوى متنوِّعةٍ إلى جموع المسلمين، قَصْدَ إنارة العقول، وترشيدِ العمل، ونشر الوعي الذي يصحِّح مسارَ الأمَّة.

ـ كما قد شهِدَتْ جهاتٌ إعلاميةٌ خارجيةٌ بمدى تأثير الدعوة السلفية عمومًا، ودعوة الشيخ ـ حفظه الله ـ خصوصًا في إبعاد فكر التطرُّف التكفيريِّ عن شباب الجزائر، وحالت مؤلَّفاتُه ﻛ: «شرف الانتساب إلى مذهب السلف وجوانب الافتراق مع ما يُسمَّى بالسلفية الجهادية والحزبية» دون الْتِحاق الشباب المتحمِّس بجماعات القتل والتكفير، على العكس مِنَ الدُّوَل الإسلامية المُجاوِرة الأخرى حيث كانت نسبةُ تأثير فرقةِ ما يُعرَف ﺑ «داعش» على المغرَّر بهم فيها عاليةً.

وشهادةً للتاريخ: فإنَّ الشيخ أبا عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ قد تعرَّض لتهديداتٍ بالقتل مِنْ طرف الجماعات المسلحة إبَّانَ سنوات الإرهاب وكذلك بعده، ولم يكن ذلك دافعًا له لمغادرتِه وطنَه، مع وجودِ إغراءاتٍ دنيويةٍ تستهوي عُشَّاقَ المناصب، وتُغري اللاهثين خلف الشهرة لتولِّي مناصبَ عُليَا في جامعاتٍ خارجيةٍ، فضلًا عن أَنْ يَثنِيَ مِنْ عزمه في محارَبةِ هذا الفكرِ الدخيل، بل ظلَّ مجاهدًا في سبيل إنقاذ مَنِ ابتُلِيَ بداء الغلوِّ والتطرُّف، ومنافحًا بقَلمه وعِلمه لإرساء مَعالِمِ الوسطية والاعتدال.

وماذا عسى أولئك الجاحدون أَنْ يجيبوا عن عقد الشيخ ـ حفظه الله ـ للحلقاتِ العلمية ومجالس الفتوى والأجوبة عن أسئلة السائلين يوميًّا بالقرب مِنْ مسكنه، لا يمتنع عنهم ولا يحتجب دونهم، بعد أَنْ حالَ مانعٌ إداريٌّ دون عقدِ تلك المجالس وإقامتها في بيوت الله أَزْيَدَ مِنْ عشرين سنةً، كما مُنِعَتْ تحقيقاتُه التراثيَّةُ وكُتبُه العلميةُ المطبوعة خارِجَ الجزائر، مِنَ الدخول إلى بلده؛ وذلك لأسبابٍ تبقى غامضةً غيرَ مُقنِعةٍ؛ وعارُ المنع والصدود عن سبيل الله يلحق أصحابَه، وهم مُطالَبون ـ قبل أَنْ يأتِيَهم اليقينُ ويَجِدوا عَمَلَهم حاضرًا يومَ القيامة ـ بأَنْ يُراجِعوا قرارَهم ويحاسبوا أَنْفُسَهم في معاملة أصحاب الكفاءات وأهلِ استحقاق التقدير والتبجيل؛ قال تعالى: ﴿يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓءٖ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ ٣٠﴾ [آل عمران].

وبعد هذه اللمحةِ الوجيزة عمَّا قدَّمه ـ ولا زال يقدِّمه ـ الشيخ أبو عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ خدمةً لدِينه وبلده ـ رغم العراقيل والصدود ـ حُقَّ لأهل وطنه مِنْ إخوانه وأبنائه أَنْ يتجاوزوا مرحلةَ الإعجاب بشخصيَّته الدِّينيَّة وآثاره العلمية إلى مرحلة الفخر والاعتزاز بكونهم أحَدَ أبناءِ هذا الوطنِ العزيز الغالي، الذي يتضمَّن ـ في جَنَباتِه ـ عَلَمًا هذه آثارُه، وتلك ثمارُه؛ وسيبقى الصادقون أوفياءَ لشرفِ معدنه، وسُمُوِّ أخلاقه، وسَعَةِ علمه؛ وما عساهم إلَّا أَنْ يُردِّدوا ما شَهِد به الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي للشيخ عبد الحميد بنِ باديس ـ رحمهما الله ـ اقتباسًا: «وإذا كان الرجال أعمالًا فإنَّ رجولةَ شيخِنا تُقوَّم بهذه الأعمال، وحَسْبُه مِنَ المجد التاريخيِّ: أنه أحيا أمَّةً تعاقبَتْ عليها الأحداثُ والغِيَر، ودِينًا لابَسَتْه المُحدَثاتُ والبِدَع، ولسانًا أكلَتْه الرَّطاناتُ الأجنبية، وتاريخًا غطَّى عليه النسيانُ، ومجدًا أضاعه وَرَثةُ السوء، وفضائلَ قتلَتْها رذائلُ الغرب، وحسبُه مِنَ المجد التاريخيِّ: أنَّ تلامذته ـ اليومَ ـ هم جنود النهضة العلمية، وهم ألسِنَتُها الخاطبة، وأقلامها الكاتبة، وهم حامِلُو ألوِيَتِها، وأنَّ آراءه في الإصلاح الدِّينيِّ والاجتماعيِّ والسياسيِّ هي الدستور القائم بين العلماء والمفكِّرين والسياسيِّين، وهي المنارة التي يهتدي بها العاملون، وأنَّ بناءَه في الوطنية الإسلامية هو البناء الذي لا يتداعى ولا ينهار»(١).

والجدير بالملاحظة أنَّ الطاعنين والصادِّين مِنَ المخذولين والمنتقصين للقيمة العلمية والجهود الإصلاحية بُغيةَ التضليل هم أحقُّ وأَوْلى بالسؤال الذي طرحوه ازدراءً واحتقارًا، فيقال لهم: ماذا قدَّمْتم أنتم للجزائر؟ وما هو نتاجُكم العلميُّ الذي ينتفع به الطُّلَّابُ ويتدارسونه بينهم في حياتكم وبعد وفاتكم؟ وبأيِّ شيءٍ رفعتم رأسَ الجزائر عاليًا بين الدُّوَل الأخرى؟ وكم تراثًا إسلاميًّا عريقًا خدمتم؟ وكم كتابًا ألَّفتم؟ وكم مجالًا إصلاحيًّا خضتم؟

ولا ينتظر منكم المُنصِفون جوابًا؛ لأنَّ موانع الشهادة بالحقِّ التي تُكمِّم الأفواه، وتُعمي الأبصار ظاهرةٌ مِنْ كلامكم، ولائحةٌ مِنْ خطاباتكم ـ ويتولَّى الله سرائِرَكم ـ ولا مذهبَ لكم إلَّا المُضادَّةُ والمخالفة والعرقلة والصدود، التي منبعُها رماحُ الحقد الدفين الناجم مِنْ أهل الأهواء والبِدَعِ المصوَّبةُ على صدور أهل السنَّة والجماعة السلفيِّين؛ وسنَّةُ الله في معاملة الحقود البغيض بنقيض قصده ماضيةٌ، فكم مِنْ فضيلةٍ لو لم تَعِبْها المحاسدُ لَبَقِيَتْ في صدور المُحِبِّين كامنةً، ومنقبةٍ لو لم يَبعثها الشانئون لم تبرح ـ على حالها ـ ساكنةً! فتَناوُلُ ألسنةِ الحُسَّدِ يجلوها في سعيهم كيما يمحوها، ويُشهِرُها وهم يحاولون أَنْ يَسْتُروها.

ولقد صَدَق الشاعرُ إذ يقول:

وَإِذَا أَرَادَ اللهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ ... طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ

لَوْلَا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ ... مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرْفِ العُودِ

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

[إدارة الموقع]

الجزائر في: ١٠ شوَّال ١٤٣٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٤ يونيو ٢٠١٨م

ابراهيم عبدالله 13 / 10 / 2018 29 : 04 PM

رد: تنبيه أُولي البصائر في ردِّ مقولةِ: «وماذا قدَّم الدكتور فركوس للجزائر»
 
جزاك الله خيرا وبارك فيك


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط