نصيحة في ثلاث قضايا مهمة[أكابر العلماء-العراق-طلاب العلم]. http://www.sheekh-3arb.net/3atter/sa...s/image141.gif http://www.samysoft.net/forumim/islamic1/1/ghdgdg.gif الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد : فإن الواجب على الجهال والعامة ألا يتكلموا في مسائل الاجتهاد ، ولا يتكلموا في النوازل من عند أنفسهم .. بل حتى طلبة العلم عليهم أن يكونوا تبعاً للعلماء في مسائل النوازل وألا يستقلوا بأنفسهم .. وأنبه هنا إلى ثلاثة أمور مهمة : الأمر الأول : إذا تكلم العلماء الكبار فما هو موقف طلبة العلم؟ الأمر الثاني: هل مسألة العراق تكلم فيها العلماء الكبار أم لا؟ وما هو موقف طلبة العلم وعامة الناس؟ الأمر الثالث: بيان أن الطعن في طلاب العلم السلفيين من منهج أهل البدع، كما أن الطعن في العلماء من علامات أهل البدع.. ########### أما الأمر الأول وهو : إذا تكلم العلماء الكبار فما هو موقف طلبة العلم؟ فإن الواجب على الناس إذا نزلت النازلة أن يردوا أمرها إلى أولي الأمر منهم من العلماء والأمراء .. قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} ففي الآية بيان أن الأخبار إنما تنقل إلى أولي الأمر من العلماءِ والأمراءِ ، ولا تنقَلُ إلى عامَّةِ الناس لأن النقلَ إلى عامة الناس لا فائدة فيه ، وإنما الفائدة في نقله إلى أهل الحلِّ والعقدِ الذين يحسنون فهم الأمور ،واستنباط المصالح منها ، ولديهم القدرة على درء المفاسد. وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- : "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمورِ المهمَّة ،والمصالح العامة ما يتعلَّقُ بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبةٌ عليهم ؛ أن يتثبَّتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر. بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ؛ أهل الرأي ، والعلم ، والنصح ، والعقل ، والرزانة ؛ الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالِحَ وضدَّها. فإذا رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسروراً لهم ، وتَحَرُّزاً من أعدائهم ؛ فعلوا ذلك . وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ولكن مضرَّته تزيد على مصلحته لم يذيعوه ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ،وعلومهم الرشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي: أنه إذا حصل بحث في أمرٍ من الأمور ، ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ . وفيه النهي عن العجلة والتسَرُّع لنشر الأمور من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا ، فيحجم عنه؟" انظر: تفسير السعدي(ص/190) (ص/223) .. فإذا رد طلبة العلم أمر النازلة إلى أولي الأمر وجب عليهم أن يرجعوا إلى قولهم فيها، وأن لا يفتئتوا عليهم لا ذماً وزيادة .. وليس هذا من التقليد بل هو من الاتباع ، لأن النوازل تحتاج إلى خبرة ومعرفة بواقع الأمور ، إضافة إلى التبحر في العلم .. لذلك نجد أن من ينتقد موقف العلماء في الفتن والنوازل هم السفهاء من أهل البدع من حركيين وحزبيين ... لأن موقف العلماء يكون ثابتاً فيها بخلاف أهل التحزب والضلال فكل يوم لهم هوى ورأي ، يضيعون الشباب ويفسدون عليهم دينهم ودنياهم .. وواقع البلاد الإسلامية الواقعة في الفتن والبلاء يشهد بذلك ومن أمثلة ذلك العراق .. فتأمل موقف العلماء الداعي إلى السكينة، والصبر، وكف اليد، والالتفاف حول ولي الأمر . وتأمل موقف الحركيين والحزبيين الداعي إلى التهور والقتال مما أدى إلى الدمار والهلاك .. ########### الأمر الثاني: هل مسألة العراق تكلم فيها العلماء الكبار أم لا؟ وما هو موقف طلبة العلم وعامة الناس؟ إن الناظر في مسألة العراق، وما حصل فيها من أخذ ورد، يرى أن العلماء الكبار لهم موقفان : الموقف الأول: السكوت عن الكلام فيها غير مُنْكِرين عَلَناً لمن تكلم فيها مِنْ غيرهم من العلماء الكبار، فهؤلاء قليلون جداً. فمن اقتدى بهم فإنه يسكت مثلهم ولا ينكر على العلماء الآخرين . الموقف الثاني : الكلام في قضية العراق بأمر العراقيين بكف اليد ، وبالصبر، وبنبذ أسباب الفرقة، ومن هؤلاء العلماء من صرح بصحة حكومة غازي الياور لتخفيف المفاسد ولإقامة ما يستطيعون من شرع الله لعجزهم –واقعاً- عن تطبيق حكم الله .. فالعلماء الذين أمروا بكف اليد والصبر كثيرون جداً منهم : سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ الفوزان، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ عبد المحسن العبيكان، والشيخ عبد الله المطلق، والشيخ عبد العزيز السدحان، والشيخ زيد بن هادي المدخلي وغيرهم كثير من المشايخ والعلماء .. وأما العلماء الذين صرحوا بصحة حكومة غازي الياور لتخفيف المفاسد ولإقامة ما يستطيعون من شرع الله لعجزهم –واقعاً- عن تطبيق حكم الله فهو الشيخ الفقيه عبد المحسن العبيكان .. وأشار إلى نحو ذلك سماحة المفتي والشيخ صالح اللحيدان لَمَّا ربطا جهاد العراقيين بإذن ولي الأمر ، وولي أمرهم الموجود هو غازي الياور .. وقد زار الشيخ عبد المحسن العبيكان سماحة المفتي وعرض عليه قوله في ذلك فلم ينكر عليه سماحة المفتي، بل أثنى عليه، ودعا له بخير .. فهذا هو موقف العلماء الذي يجب على العامة وطلبة العلم أن يسلكوه ، فإما أن يسكتوا ويردوا الأمر إلى العلماء ، ولا ينكروا على من وقف الموقف الثاني الظاهر من بعض العلماء الكبار، وإما أن يقولوا بقول من تكلم وصرح من العلماء .. فما نراه من بعض العامة وطلبة العلم إنكارهم متابعة موقف من تكلم من العلماء الكبار فهو من الخطأ والمخالفة للعلماء الكبار ، إذ إنه افتآت على العلماء ، وإنكار للمعروف، وتعد لحدود الله .. فإن من شروط وآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يتأكد الآمر والناهي من أن الشخص الذي يريد أن يأمره وينهاه قد ارتكب ذلك المنكر أو ترك ذلك المعروف . فمن ينكر على مسلمٍ أمراً دون أن يتأكد أنه قد ارتكبه فقد خالف المنهج الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكذلك إذا كانت المسألة مما اختلف فيها العلماء الكبار سواء كانت نازلة أو غيرها ، وكان لكلٍ دليل صحيح، فإنه لا يسوغ الإنكار على من اتبع كبار العلماء في ذلك، ولا يثرب على غيره. لا سيما وأن أحد طرفي ولاة الأمر وهم الأمراء –وهم أهل المعرفة بالسياسة- قد وافقوا من تكلم من العلماء في قضية العراق، ووافقوا على كلامه في التعامل مع ولي الأمر المنصب، وطالبوا رعاياهم بالكف ، ونهوهم عن الذهاب إلى هناك لأن تلك البقعة –وهي العراق- أصبحت وكراً للتكفير والإرهاب، بسبب اجتماع الخوارج هناك ، لإفساد معايش المسلمين في العراق بزعمهم مجاهدة المحتل، فكان الواقع أن بسطوا يد المحتل بشدة على بلاد العراق بسبب دخولهم وتدخلهم، وما يقومون به من تشويه لسمعة الإسلام، وتكفير لولاة الأمر في جميع الأقطار، وطعن وتسفيه للعلماء الكبار وغيرهم.. فلما رأيت موقف ولاة الأمر من الأمراء ، وبعض ولاة الأمر من العلماء ذهبوا إلى أن الحكومة العراقية المؤقتة هي خير سبيل لإخراج المحتل، ووقف سيل دماء المؤمنين، وستر أعراض المسلمين ظهر لي جلياً أن هذه الموقف هو الظاهر، وهو مما ينبغي نشره وبيانه .. وفي الوقت نفسه لا أعيب على من سكت من علمائنا ولم يتكلم في شرعية الحكومة العراقية من عدمه، لأن بقية العلماء الكبار لم ينكروا عليهم .. فالإنكار على أحد الطرفين هو إحداث قول ثالث خارج عن قولي العلماء ، فهذا القول الثالث مردود على صاحبه ، يجب عليه أن يتوب إلى الله منه . تنبيه: هناك بعض العلماء الكبار قد ينكر في السر ، ولا يرى إعلان ذلك، ولا يعلنه ، فهذا موضعه السر، وإعلانه للناس من قبل بعض الطلاب ممن أسر إليهم أولئك العلماء افتآت على العلماء، وخروج عن طريقهم .. إذ لو أراد العالم إعلان ذلك لأعلنه، فكونه لا يعلنه لسبب أنه يرى أن لا مصلحة في إعلانه، بل قد تكون مفسدة، يوجب على الطلاب أن لا يعلنوا ما لا يريد العالم إعلانه .. فيجب على طلاب العلم الحذر من هذا المسلك، وهو إفشاء سر العالم وإظهاره للناس، لأن العالم يدرك الأمور بما لا يدركه الطالب .. والله أعلم. ########### الأمر الثالث: بيان أن الطعن في طلاب العلم السلفيين من منهج أهل البدع، كما أن الطعن في العلماء من علامات أهل البدع.. من المقرر عند أهل السنة وجوب احترام العلماء، وتوقيرهم، والذب عنهم، والدفاع عنهم، والوقوف في وجه من يطعن فيهم. فالواجب على المسلمين أن يحترموا العلماء ويعرفوا لهم حقوقهم فالعلماء بمنزلة ولاة الأمر . وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء على قول جمع من العلماء. فإن السلاطين المسلمين يجب توليتهم ليقيموا الحدود ويحفظوا للناس أموالهم ودماءهم وأعراضهم ، ولحماية بيضة المسلمين. وكذلك العلماء وجودهم ضروري لتعليم الناس الدين ، وللأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولإظهار السنة ، وقمع البدعة. قال الإمام الطحاوي: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر ، وأهل الفقه والنظر : لا يذكرون إلا بالجميل. ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل" . قال التابعي الجليل طاووس بن كيسان -رحمه الله-: "من السنة أن يوقر أربعة: العالم ، وذو الشيبة ، والسلطان ، والوالد" رواه معمر في جامعه"11/137" بسند صحيح. فالواجب احترام السلاطين المسلمين والعلماء السنيين وعدم الطعن فيهم والتشهير بأخطائهم حتى يحافظ على دين الإسلام ودماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم. والواجب أن تبقى منزلة السلاطين المسلمين والعلماء الربانيين في قلوب الناس محفوظة. لأن منزلة السلاطين لو ذهبت من قلوب الناس : اختل الأمن ، وكثر الفساد، وعطلت الحدود ، وانتهكت الأعراض ، وسفكت الدماء ، وأخذت الأموال. كذلك العلماء إذا ذهب احترامهم من قلوب الناس هان عليهم فتواهم ، واتبع الناس هواهم ! ولأصبح الناس فوضى لا سراة لهم . وهذا حال كثير من الشباب الحماسيين الذين استبدلوا العلماء بالجهال! واستبدلوا الحق بالباطل. والله المستعان. فالطعن في العلماء ، والتنقص منهم ، من أسباب جفاء الشباب للعلماء ، مما يسبب غياب من يرشدهم ويدلهم على الحق فيصبحون لقمة سائغة أمام دعاة الفتن والضلال، وكالكرة بين أرجلهم يقذفون بهم في كل مَهْلَكٍ ، ويرمون بهم في كل مُوبِقٍ. ########### وكذلك من المقرر عند أهل السنة احترام طلاب العلم، والتأدب معهم، وإكرامهم، ونصرتهم على الحق، وإنزالهم منزلتهم من غير إفراط ولا تفريط، وعدم هضم حقوقهم، ولا تحقيرهم.. فإن تكريمهم واحترامهم بسبب ما يطلبونه من الخير والهدى .. والأدلة على ذلك كثيرة : قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم)) الحديث.. وقال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)). والخيرية لطالب العلم تكون بقدر فقهه للدين وفهمه له. ## وانظروا على هذا الهدي النبوي تجاه طلاب العلم : عن صفوان بن عسال المرادي -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: أتيت النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وهو في المسجد متكىء على برد له أحمر، فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم. فقال: ((مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب)). فانظروا إلى هذا الترحيب النبوي بطلاب العلم، وثناؤه عليهم، وبيان فضلهم، وقارنه ببعض الناس الذين يطعنون في كطلاب العلم، ويحقرونهم لتعلم مدى بعدهم عن المنهج النبوي .. ## وطلاب العلم هم وصية النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- التي وصى بها، فمن حقَّرهم وطعن فيهم فقد بدَّل الوصية، وخالف منهج سيد ولد آدم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- .. عن أبي سعيد الخدري -رضيَ اللهُ عنهُ- أنه قال: مرحباً بوصية رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ، كان رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يوصينا بكم؛ يعني طلبة الحديث. انظر : سلسلة الأحاديث الصحيحة(رقم280) قال أبو عمر بن عبد البر -رحمهُ اللهُ- في جامع بيان العلم وفضله(1/232) : "وروينا عن عبد الله بن مسعود من طرق أنه كان يقول إذا رأى الشباب يطلبون العلم : مرحباً بينابيع الحكمة، ومصابيح الظُّلَم، خلقان الثياب، جدد القلوب، حلس البيوت، ريحان كل قبيلة ". وقال الإمام الشافعي -رحمهُ اللهُ- : "من حفظ القرآن عظمت حرمته، ومن طلب الفقه نَبُل قدره، ومن عرف الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رَقَّ طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم" رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله(1/513) وهذا لفظه، والبيهقي في مناقب الشافعي(1/282). فالواجب احترام طلبة العلم، وإنزالهم منازلهم، وعدم تحقيرهم، ولا الغلو فيهم ورفعهم فوق منزلتهم. ## ومن أخلاق طالب العلم أن ينصف في العلم. قال ابن عبد البر -رحمهُ اللهُ- في جامع بيان العلم وفضله(1/530) :" من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهَّم. وقال بعض العلماء: ليس معي من العلم إلا أني أعلم أني لست أعلم. وقال محمود الوراق: أتم الناس أعرفهم بنقصه، وأقمعهم لشهوته وحرصه. ... مالك بن أنس يقول: ما في زماننا شيء أقل من الإنصاف. ... وكان يقال: "إذا علمت عاقلاً علماً حمدك، وإن علَّمت الجاهل ذمَّك ومقتك، وما يعلم مستح ولا متكبر قط" انتهى. ## وينبغي على العالم وطالب العلم أن يكونا متواضعين .. قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله)). وقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((إن الله -عزَ وجلَّ- أوحى إليَّ أن تواضعوا، ولا يبغ بعضكم على بعض)). قال عمر بن الخطاب -رضيَ اللهُ عنهُ- : "تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه ، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوّم جهلكم بعلمكم". وقال عبد الله بن مسعود -رضيَ اللهُ عنهُ- : كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار جهلاً. وقال ابن عبد البر -رحمهُ اللهُ- : "وقالوا : المتواضع من طلاب العلم أكثر علماً، كما أن المكان المنخفض أكثر البقاع ماءً" جامع بيان العلم وفضله(1/563). وقال -رحمهُ اللهُ- (1/576) : "ومن أدب العالم ترك الدعوى لِما لا يحسنه، وترك الفخر بما يحسنه إلا أن يضطر إلى ذلك كما اضطر يوسف -عليه السَّلام- حين قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، وذلك أنه لم يكن بحضرته من يعرف حقَّه فيثني ليه بما هو فيه ويعطيه بقسطه، ورأى هو أن ذلك المقعد لا يقعده غيره من أهل وقته إلا قصَّر عمَّا يجب لله -عزَ وجلَّ- من القيام به من حقوقه، فلم يسعه إلا السعي في ظهور الحق بما أمكنه، فإذا كان ذلك فجائز للعالم حينئذ الثناء على نفسه، والتنبيه على موضعه، فيكون حينئذٍ تحدَّث بنعمة ربه عنده على وجه الشكر لها". ## ويجب على طالب العلم أن يعرف قدر نفسه، ولا يغتر بنفسه، ويجعل نفسه مثيلاً للعلماء أو فوقهم .. وأن يكون وقت الفتن والنوازل مستشيراً للعلماء، مسترشداً بأقوالهم وتوجيهاتهم ، وأن لا يفتئت عليهم، ولا يشذ عنهم، ولا ينصب نفسه حكماً عليهم، أو خصماً لهم.. ########### فائدة في أخذ العلم عن الأكابر وبيان معناه قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((البركة مع أكابركم)). وقال محمد بن سيرين -رحمهُ اللهُ- ومالك وغيرهما: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وقال -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)). انظر : الصحيحة(695)، وذم الكلام للهروي(4/75). وسئل عبد الله بن المبارك عن تفسير هذا الحديث؛ فقال: "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإذا أخذوا عن أصاغرهم هلكوا" ما معناه؟ قال: هم أهل البدع، فأمَّا صغير يؤدي إلى كبيرهم؛ فهو كبير". وقال إبراهيم الحربي في قوله: ((لا يزالون بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم)) : معناه أن الصغير إذا أخذ بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين فهو كبير، والشيخ الكبير إن أخذ بقول [فلان-من أهل الرأي] وترك السنن فهو صغير. انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة(1/85) بتصرف يسير. وقال عمر بن الخطاب -رضي اللهُ عنه- : " إن أصدق القيل قيل الله، ألا وإن أحسن الهدي هدي محمد -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة ضلالة، ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، ولم يقم الصغير على الكبير، فإذا قام الصغير على الكبير فقد" أي: فقد هلكوا. وقال عبد الله بن مسعود -رضي اللهُ عنه-: "لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا". وقال –أيضاً- -رضي اللهُ عنه-: "العلم في كبرائكم، ولن تزالوا بخير ما كان كذلك، فإذا قال الصغير للكبير: ما يدريك، فهناك هناك". فالأصاغر هم أهل الانحراف والضلال، وهم أهل الجهل ولأهواء وقد قال ابن عبد البر -رحمهُ اللهُ- في جامع بيان العلم وفضله(1/617) : "وقال بعض أهل العلم: إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث إنما يراد به الذي يُسْتَفْتى ولا علم عنده، وإن الكبير هو العالم في أي سِنٍّ كان. وقالوا: الجاهل صغير وإن كان شيخاً، والعالم كبير وإن كان حَدَثاً". إلى أن قال: "وقال آخرون: إنما معنى حديث عمر وابن مسعود في ذلك أن العلم إذا لم يكن عن الصحابة كما جاء في حديث ابن مسعود، ولا كان له أصل في القرآن والسنة والإجماع؛ فهو علمٌ يهلك به صاحبه، ولا يكون حامله إماماً ولا أميناً ولا مرضياً كما قال ابن مسعود -رضي اللهُ عنه- وإلى هذا نزع أبو عبيد -رحمهُ اللهُ-". وقال بهز -رحمهُ اللهُ- : "دين الله أحق ما طلب له العدول". انظر: ذم الكلام للهروي(5/63). وقال محمد بن إبراهيم الماستوي حين ذكر أهل الكلام: "فإما ركونٌ أو إصغاء إلى استفتاء أحد منهم أو أخذ حديث عنهم، فهو من عظائم أمور الدين". وقال الشافعي -رحمهُ اللهُ- : " إنما يتكلم في هذا الدين من كان مأموناً على عقدة هذا الدين". وقال محمد بن النضر: "من أصغى بسمعه إلى مبتدع خرج من عصمة الله -عزَّ وجلَّ-". وقال المناوي في فيض القدير(3/220) : " ((البركة مع أكابركم)) المجربين للأمور، المحافظين على تكثير الأجور، فجالسوهم لتقتدوا برأيهم، وتهتدوا بهديهم. أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه، فيجب إجلالهم حفظاً لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى. وقال شارح الشهاب: هذا حث على طلب البركة في الأمور، والتبحبح في الحاجات، بمراجعة الأكابر لما خصوا به من سبق الوجود، وتجربة الأمور، وسالف عبادة المعبود، قال تعالى: {قال كبيرهم}، وكان في يد المصطفى سواك فأراد أن يعطيه بعض من حضر، فقال جبريل عليه السلام: ((كَبِّرْ كَبِّرْ)) ، فأعطاه الأكبر، وقد يكون الكبير في العلم أو الدين، فيُقَدَّمُ على من هو أسن منه". فالواجب أخذ العلم عن الثقات من أهل العلم، وعن أهل السنة والاتباع. قال الشاطبي -رحمه الله- : "إن العالم المعلوم بالأمانة والصدق والجري على سنن أهل الفضل والدين والورع إذا سئل عن نازلة فأجاب ، أو عرضت له حالة يبعد العهد بمثلها ، أو لا تقع من فهم السامع موقعها : أن لا يواجه بالاعتراض والنقد". فظهر بما سبق أن منهج السلف توقيرُ العلماء وطلبة العلم، وحفظ حقوقهم، والتأدب معهم، وإعطاؤهم حقَّهم، وإنزالهم منازلهم، وأن البركة مع أكابر العلماء، وأن الواجب في النوازل أن يلتف طلاب العلم حول العلماء الأكابر، والرجوع إليهم، والصدور عن أقوالهم ومشورتهم .. وأن من منهج الخلف أهل البدع الطعن في العلماء وطلبة العلم، واحتقارهم، وهمزهم ولمزهم ، والغلو فيهم. ومن منهج الخلف رفع بعض الطلاب على العلماء، واستبدال العلماء بطلبة العلم، وتفضيل بعض طلبة العلم على العلماء تفضيلاً مطلقاً، والاكتفاء بالطلبة عن العلماء.. فالاعتدال والوسطية هو الواجب في حق العلماء وطلبة العلم . والله أعلم. وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد. كتبه: أبو عمر أسامة العتيبي. |
رد: نصيحة في ثلاث قضايا مهمة[أكابر العلماء-العراق-طلاب العلم]. بارك الله فيكم اخي ****** ابو عادل علي هذا الموضوع الطييب اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا |
رد: نصيحة في ثلاث قضايا مهمة[أكابر العلماء-العراق-طلاب العلم]. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيك وجزاك الله خيراً أخي الكريم محمد نصر على مرورك الطيب. وفقنا الله لما يحب ويرضى. أخيك في الله. |
رد: نصيحة في ثلاث قضايا مهمة[أكابر العلماء-العراق-طلاب العلم]. جوزيت من ربي الفردوس ودمت في حفظ ربي اخي ****** |
رد: نصيحة في ثلاث قضايا مهمة[أكابر العلماء-العراق-طلاب العلم]. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيك وجزاك الله خيراً أخي الكريم شريف حمدان على مرورك الطيب. وفقنا الله لما يحب ويرضى. أخيك في الله. |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي