أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > ملتقيات السيرة النبويه والاحاديث الشريفه > ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه

ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه ملتقى يختص بالاحاديث النبويه الشريفه الصحيحه وعلومها من الكتب الستة الصحيحه وشروحاتها

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة الجمعة 14-6-2024 - للدكتور حسين عبدالرشيد أحمد حمزة - بمسجد الشهيد عصام عبدالجواد - بفزاره (آخر رد :شريف حمدان)       :: آذان الجمعة الثاني 14-6-2024 - بمسجد الشهيد عصام عبدالجواد علي تهامي - بفزاره (آخر رد :شريف حمدان)       :: آذان الجمعة الآول 14-6-2024 - بمسجد الشهيد عصام عبدالجواد علي تهامي - بفزاره (آخر رد :شريف حمدان)       :: درس الجمعة 14-6-2024 - للدكتور حسين عبدالرشيد أحمد حمزة - بمسجد الشهيد عصام عبدالجواد علي - بفزاره (آخر رد :شريف حمدان)       :: خطبة الجمعة 14-6-2024 - للدكتور حسين عبدالرشيد أحمد - بمسجد الشهيد عصام عبدالجواد علي تهامي - بفزاره (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ ياسر الدوسري 8 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ ياسر الدوسري 8 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالباري الثبيتي 8 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ عبدالمحسن القاسم 8 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: خطبة الجمعة للشيخ عبدالباري الثبيتي 8 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع ابو عبدالله عبدالرحيم مشاركات 4 المشاهدات 1857  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 05 / 04 / 2016, 54 : 03 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
ابو عبدالله عبدالرحيم
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي


البيانات
التسجيل: 07 / 05 / 2015
العضوية: 54171
العمر: 39
المشاركات: 1,090 [+]
بمعدل : 0.33 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 12
ابو عبدالله عبدالرحيم is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو عبدالله عبدالرحيم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:

الجزء الحادي والعشرون من السلسلة الضعيفه للامام الالباني

1020 - " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو
يرضى عنها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/88 ) :

موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 6/200 - 201 ) من طريق أبي نعيم الحافظ
بسنده عن إبراهيم بن هدبة : حدثنا أنس مرفوعا .
ذكره في ترجمة إبراهيم هذا و قال : حدث عن أنس بالأباطيل ، ثم ساق له أحاديث
هذا أحدها ، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه :
كذاب خبيث ، و عن علي بن ثابت أنه قال :
هو أكذب من حماري هذا ، و قال الذهبي :
حدث ببغداد و غيرها بالبواطيل ، قال أبو حاتم و غيره : كذاب .
و في " اللسان " :
و قال ابن حبان : دجال من الدجاجلة ، و قال العقيلي و الخليلي : يرمى بالكذب .
قلت : و مع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية
الخطيب ، و تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله و أجاد :
و قضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه و أقره ، و هو تلبيس فاحش فإنه تعقبه
بقوله : قال أحمد بن حنبل : إبراهيم بن هدبة لا شيء ، في أحاديثه مناكير ثم
ذكر قول ابن معين المتقدم فيه و غيره ثم قال : و قال الذهبي في " الضعفاء " :
هو كذاب ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ، و ليته إذ ذكره بين حاله ! .
قلت : و هذا حق ، و لكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد
، و ليس لفائدة القراء و النصح و إلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا
فلا يصفه و لو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " و هو قد
ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة ! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم
يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي ؟ و كنت أود أن أقول : لعل ذلك وقع منه
سهوا ، و لكن حال بيني و بين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة ، سيأتي
التنبيه على بعضها إن شاء الله .
تنبيه : هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف و المختلف " للشيخ
عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ ، و هكذا وقع في " تاريخ بغداد " و " الميزان
" و " اللسان " بالباء الموحدة ، و وقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة
التحتية ، و هو تصحيف .

(3/19)

1021 - " من زارني بعد موتي ، فكأنما زارني في حياتي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/89 ) :

باطل .
رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 279 - 280 ) عن هارون أبي قزعة عن
رجل من آل حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و هكذا رواه المحاملي و الساجي كما في " اللسان " .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الرجل الذي لم يسم ، فهو مجهول .
و الثانية : ضعف هارون أبي قزعة ، ضعفه يعقوب بن شيبة ، و ذكره العقيلي
و الساجي و ابن الجارود في " الضعفاء " ، و قال البخاري : لا يتابع عليه .
ثم ساق له هذا الحديث ، لكنه لم يذكر فيه حاطبا ، فهو مرسل ، و قد أشار إلى ذلك
الأزدي بقوله :
هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل .
قلت : فهذه علة ثالثة ، و هي الاختلاف و الاضطراب على هارون في إسناده <1> ،
فبعضهم يوصله ، و بعضهم يرسله ، و قد اضطرب في متنه أيضا ، و بين ذلك كله
الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 100 ) ; فليرجع إليه من شاء
التفصيل ، و بالجملة فالحديث واهي الإسناد ، و قد روي بإسناد آخر مثله في الضعف
أو أشد من حديث ابن عمر ، و سبق الكلام عليه مفصلا برقم ( 47 ) ، و اختلف
حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا ، على عجرهما و بجرهما ! فقال شيخ الإسلام
: أجودهما حديث ابن عمر ، و قال الذهبي : أجودهما حديث حاطب هذا ، و عزاه لابن
عساكر كما في " المقاصد " ( 413 ) ، و إذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر ، و تأملت
ما فيهما من العلل ، تبين لك أن الصواب قول الذهبي ، لأن هذا الحديث ليس فيه
متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر ; فإن فيه من اتهم بالكذب و وضع الحديث ، كما
بينته هناك ، و إذا عرفت هذا ، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر
المشار إليه ، و نقله عن ابن خزيمة و البيهقي أنهما ضعفاه :
و كذا قال الذهبي : طرقه كلها لينة ، لكن يتقوى بعضها ببعض ، لأن ما في رواتها
متهم بالكذب .
قلت : فهذا التعليل باطل ، لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر ، و عليه
فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا ، فتنبه .
و أما متن الحديث فهو كذب ظاهر ، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
تعالى ، و نقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه ، فلا نعيده .
و مما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت
عنوان : زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم :
أن هذا الحديث رواه الدارقطني و ابن السكن و الطبراني و غيرهم بروايات مختلفة
تبلغ درجة القبول ، لم يصدر عن بحث علمي في إسناده ، و لا نظر دقيق في متنه ،
الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم ، بمنزلة من زاره في حياته ، و نال
شرف صحبته ، التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله :
" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده ، لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما
بلغ مد أحدهم و لا نصيفه " ! .
فمن كان بينه و بين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل
و التفاوت ، كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم ، بمجرد زيارة
قبره صلى الله عليه وسلم ، و هي لا تعدو أن تكون من المستحبات ؟ !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت ، اضطربوا أيضا في ضبط
اسم راويه هارون أبي قزعة ، فقيل فيه هكذا ، و قيل : هارون بن قزعة ، و قيل :
هارون بن أبي قزعة ، كما في التعليق المغني ، قول : و لعل الصواب الوجه الأول ،
فقد قال ابن عدي في " الكامل " ( 7/2588 ) :
و هارون أبو قزعة لم ينسب . اهـ .

(3/20)

1022 - " يا عمر ! ههنا تسكب العبرات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/91 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجه ( 2/221 ـ 222 ) و الحاكم ( 1/454 ) عن محمد بن عون عن نافع عن
ابن عمر قال :
" استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ،
ثم التفت ، فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي ، فقال : فذكره ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي .
قلت : و ذلك من أوهامهما ، فإن محمد بن عون هذا و هو الخراساني متفق على تضعيفه
، بل هو ضعيف جدا ، و قد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " و قال :
قال النسائي : متروك ، و في " الميزان " و زاد :
و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال ابن معين : ليس بشيء .
ثم ساق له الذهبي هذا الحديث مشيرا إلى أنه مما أنكر عليه ، و الظاهر أنه
الحديث الذي عناه أبو حاتم بقوله :
ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، روى عن نافع حديثا ليس له أصل .
ذكره ابن أبي حاتم ( 4/1/47 ) ، و ساق له في " التهذيب " هذا الحديث ثم قال :
و كأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك .

(3/21)

1023 - " البحر هو جهنم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/92 ) :

ضعيف .
أخرجه أحمد ( 4/223 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1/1/71 و 4/2/414 )
و الحاكم ( 4/596 ) و البيهقي ( 4/334 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/1
) من طريق أبي عاصم قال : حدثنا عبد الله بن أمية قال : حدثني محمد بن حيي قال
: حدثني صفوان بن يعلى عن أبيه مرفوعا به . و زادوا :
" فقالوا ليعلى ؟ فقال : ألا ترون أن الله عز وجل يقول : *( نارا أحاط بهم
سرادقها )* ، قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها ( و في رواية : لا أدخله
) أبد حتى أعرض على الله عز وجل ، و لا يصيبني منها ( و في الأخرى : منه ) قطرة
حتى ألقى الله عز وجل " . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد ، و معناه أن البحر صعب كأنه جهنم " . و وافقه الذهبي .
و ليس كذلك ، فإن محمد بن حيي هذا أورده البخاري و ابن أبي حاتم ( 3/2/239 )
برواية ابن أمية هذا فقط عنه ، و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا ، فهو مجهول
العين ، و نقل المناوي عن الذهبي أنه قال في " المهذب " :
" لا أعرفه " .
قلت : فكان حقه أن يورده في " الميزان " و لم يفعل ، و لم يستدركه عليه ابن حجر
في " اللسان " ، و إنما أورده في " التعجيل " كما أورده ابن أبي حاتم و قال :
" و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " .
قلت : و ابن حبان متساهل في التوثيق كما هو معروف .

(3/22)

1024 - " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن ، فإذا التفت قال له الرب :
يا ابن آدم إلى من تلتفت ؟ ! إلى من [ هو ] خير لك مني ؟ ! ابن آدم أقبل على
صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/93 ) :

ضعيف جدا .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 24 ) و البزار في " مسنده " ( 553 - كشف
الأستار ) عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عطاء قال سمعت أبا هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، و السياق للعقيلي ، و لفظ البزار :
" بين يدي الرحمن " .
و روى العقيلي عن ابن معين أنه قال :
إبراهيم هذا ليس بشيء ، و عن البخاري أنه قال : سكتوا عنه ، و قال أحمد
و النسائي : متروك الحديث ، و قال ابن معين : ليس بثقة .
و من هذه الطريق رواه الواحدي في " الوسيط " ( 3/86/1 ) ، و الحديث أورده في
" المجمع " ( 2/80 ) و " الترغيب " ( 1/191 ) من رواية البزار ، و ضعفاه ،
و أورده ابن القيم في " الصواعق المرسلة " ( 2/39 ) بلفظ العقيلي ، ساكتا عليه
، و ليس بجيد ، و لذلك أوردته لأبين حقيقة حاله .
و رواه البزار ( 552 ) من حديث جابر نحوه من رواية الفضل بن عيسى الرقاشي عن
محمد بن المنكدر عن جابر ، و الفضل هذا منكر الحديث كما قال الحافظ في
" التقريب " .

(3/23)

1025 - " بل ائتمروا بالمعروف ، و تناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، و هوى
متبعا ، و إعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك و دع عنك العوام ، فإن من
ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين
رجلا يعملون مثل عمله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/94 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2/437 ) و الترمذي ( 4/99 - تحفة ) و ابن ماجه ( 2/487 )
و ابن جرير في " تفسيره " ( 10/145 و 146 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2/64 -
65 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1850 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 18/7/2
) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال : حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال : حدثني
أبو أمية الشعباني قال : سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت : يا أبا ثعلبة كيف
تقول في هذه الآية : *( عليكم أنفسكم )* ؟ قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا
، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره .
و قال الترمذي : حديث حسن غريب .
كذا قال ، و فيه عندي نظر ، فإن عمرو بن جارية و أبا أمية لم يوثقهما أحد من
الأئمة المتقدمين ، غير ابن حبان ، و هو متساهل في التوثيق كما هو معروف عند
أهل العلم ، و لذلك لم يوثقهما الحافظ في " التقريب " ، و إنما قال في كل منهما
: " مقبول " يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث كما نص عليه في " المقدمة "
من " التقريب " .
ثم إن عتبة بن أبي حكيم فيه خلاف من قبل حفظه ، و قال الحافظ فيه :
صدوق يخطىء كثيرا ، فلا تطمئن النفس لتحسين إسناد هذا الحديث ، لا سيما
و المعروف في تفسير الآية يخالفه في الظاهر ، و هو ما أخرجه أصحاب السنن و أحمد
و ابن حبان في " صحيحه " ( 1837 ) و غيرهم بسند صحيح عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه أنه قام فحمد الله ، ثم قال : يا أيها الناس ! إنكم تقرأون هذه الآية
: *( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )* ، و إنكم
تضعونها على غير موضعها ، و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه يوشك أن يعمهم بعقابه " .
و قد خرجته في " الصحيحة " ( 1564 ) .
لكن لجملة " أيام الصبر " شواهد خرجتها في " الصحيحة " أيضا ، فانظر تحت
الحديثين ( 494 و 957 ) .
تنبيه : مع كل هذه العلل في هذا الحديث فقد صححه الشيخ الغماري في " كنزه "
و كأنه قلد في ذلك الترمذي دون أي بحث أو تحقيق ، أو أنه هواه الذي ينبئك عنه
تعليقه عليه الذي يستغله المتهاونون بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ;
و المخالف للآية السابقة ، والله المستعان .

(3/24)

1026 - " يا صاحب الحبل ألقه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/95 ) :

ضعيف .
ذكره ابن حزم في " المحلى " فقال ( 7/259 ) :
روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم رأى محرما محتزما بحبل فقال .. " فذكره ، و قال :
مرسل لا حجة فيه .
قلت : و هو كما قال ، و رجاله ثقات ، غير صالح بن أبي حسان فهو مختلف فيه ،
فقال البخاري : ثقة ، و قال النسائي : مجهول ، و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث .
و في " التقريب " : صدوق من الخامسة .
قلت : و مع ضعف هذا الحديث ، فقد روي ما يخالفه ، و هو بلفظ :
رخص عليه السلام في الهميان للمحرم ، ذكره ابن حزم ( 7/259 ) فقال :
روينا من طريق عبد الرزاق عن الأسلمي عمن سمع صالحا مولى التوأمة أنه سمع ابن
عباس يقول ، فذكره مضعفا له .
قلت : و هو ظاهر الضعف ، فإن صالحا هذا ضعيف ، و الراوي عنه مجهول لم يسم .
و الأسلمي أظنه الواقدي و هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي و هو متروك .
قلت : و الصواب فيه الوقف ، فقد أخرج الدارقطني ( 261 ) و البيهقي ( 5/69 ) من
طريق شريك عن أبي إسحاق عن عطاء و سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
" رخص للمحرم في الخاتم و الهميان " .
و شريك سيىء الحفظ ، لكنه لم يتفرد به ، فقد ذكره ابن حزم من طريق وكيع عن
سفيان عن حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس قال في الهميان للمحرم :
لا بأس به .
قلت : و هذا إسناد جيد موقوف ، و قد علقه البخاري ( 3/309 ) عن عطاء ، و وصله
الدارقطني من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عطاء مثله .
قلت : و هذا سند صحيح ، و لهذا قال الحافظ في " الفتح " :
و هو أصح من الأول ، يعني من رواية شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن ابن عباس ، و
هو كما قال ، لما عرفت من حال شريك فمخالفته لسفيان لا تقبل ، لكن خفيت على
الحافظ طريق حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس التي ذكرنا ، فالصواب أنه صحيح عن
كل من ابن عباس ، و عطاء ، و هذا إنما تلقاه عنه ، و قد ورد نحوه عن عائشة أيضا
أنها سئلت عن الهميان للمحرم ؟ فقالت : و ما بأس ؟ ليستوثق من نفقته .
أخرجه البيهقي بسند صحيح عنها ، و رواه سعيد بن منصور بلفظ :
إنها كانت ترخص في الهميان يشده المحرم على حقويه ، و في المنطقة أيضا .
نقله ابن حزم عنه ، و سنده صحيح على شرط الشيخين .
و خلاصة القول : أن حديث ابن عباس هذا المخالف لحديث الترجمة ضعيف مرفوعا ،
صحيح موقوفا ، و فيه دليل على جواز شد الهميان و المنطقة للمحرم ، قال الحافظ :
قال ابن عبد البر : أجاز ذلك فقهاء الأمصار ، و أجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال
بعضه في بعض ، و لم ينقل عن أحد كراهته إلا عن ابن عمر ، و عنه جوازه .
و قد ذهب إلى جواز ذلك كله ابن حزم قال ( 7/259 ) :
لأنه لم ينه عن شيء مما ذكرنا قرآن و لا سنة ، *( و ما كان ربك نسيا )* .

(3/25)

1027 - " حريم البئر البدي خمسة و عشرون ذراعا ، و حريم البئر العادية خمسون ذراعا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/97 ) :

ضعيف .
أخرجه الدارقطني ( ص 518 ) من طريق الحسن بن أبي جعفر ، عن معمر عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و من طريق محمد
ابن يوسف بن موسى المقريء بسنده إلى إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري به ، و قال
: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب ، و من أسنده فقد وهم .
قلت : و في الطريق الأولى الحسن بن أبي جعفر ، و هو ضعيف كما قال الزيلعي
( 4/293 ) ، و في الطريق الأخرى محمد بن يوسف المقريء ، قال الحافظ في "
التلخيص " ( 256 ) :
و هو متهم بالوضع ، و أطلق عليه ذلك الدارقطني و غيره .
قلت : و لذلك جزم البيهقي بضعف الحديث ، فقال بعد أن علقه من هذين الطريقين
موصولا : و هو ضعيف .
و قد روي من طريق ثالثة عن الزهري به ، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان
( 1/309 ) و الحاكم في " المستدرك " ( 4/97 ) من طريق عمر بن قيس المكي عن
الزهري .
قلت : و سكت عليه الحاكم ثم الذهبي فأساءا ، لأن عمر هذا متروك كما في "
التقريب " و قال في " التلخيص " : فيه ضعف .
قلت : و في هذا التعبير تساهل لا يخفى ، و قال الزيلعي بعد أن ذكره من طريق
الحاكم :
و سكت عنه ، قال عبد الحق في " أحكامه " : و المراسيل أشبه " .
قلت : و لا يشك في هذا من شم رائحة الحديث ، فإن الطرق كلها واهية عن الزهري به
موصولا ، مع مخالفتها لروايات الثقات الذين أرسلوه عن الزهري ، منهم إسماعيل بن
أمية عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرفوعا به .
أخرجه الحاكم و كذا أبو داود في " مراسيله " .
و أخرجه البيهقي من طريق يونس عن الزهري به إلا أنه أوقفه على ابن المسيب ، كما
في النسخة المطبوعة من " البيهقي " ، و أما الحافظ في " التلخيص " ، فقد نقل
عنه أنه رواه من هذه الطريق عن ابن المسيب مرسلا .
تنبيه : عزى الصنعاني في " سبل السلام " ( 3/78 ) هذا الحديث لأحمد عن
أبي هريرة ، و هو وهم منه ، فإن الحديث عنده ( 2/494 ) عنه بلفظ آخر و هو :
" حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها كلها لأعطان الإبل و الغنم " .
و هو بهذا اللفظ حسن عندي كما بينته في السلسلة الأخرى ( رقم : 251 ) .

(3/26)

1028 - " من اكتحل فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من استجمر فليوتر ،
من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من أكل مما تخلل فليلفظ ، و ما لاك
بلسانه فليبتلع ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من أتى الغائط فليستتر
، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني
آدم ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/99 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 1/6 ـ 7 ) و الدارمي ( 1/169 ـ 170 ) و ابن ماجه ( 1/140 ـ
141 ) و الطحاوي ( 1/72 ) و ابن حبان ( 132 ) مختصرا و البيهقي ( 1/94 و 104 )
و أحمد ( 2/371 ) من طريق الحصين الحبراني عن أبي سعيد ـ زاد بعضهم : الخير عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، و قال أبو داود :
أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : هو كما قال على ما هو الراجح في التحقيق كما بينته في " ضعيف سنن أبي
داود " ( رقم 9 ) ، لكن الراوي عنه الحصين الحبراني مجهول كما قال الحافظ في "
التلخيص " ( ص 37 ) و كذا في " التقريب " له ، و في " الخلاصة " للخزرجي .
و قال الذهبي : لا يعرف ، و أما توثيق ابن حبان إياه ، فمما لا يعول عليه لما
عرف من قاعدته في توثيق المجهولين ، كما فصلت القول عليه في " الرد على التعقيب
الحثيث " و لهذا لم يعرج الأئمة المذكورون على توثيقه ، و لم يعتمدوا عليه في
هذا و لا في عشرات بل مئات من مثله وثقهم هو وحده ، و حكموا عليهم بالجهالة ، و
لذلك وجدنا البيهقي أشار إلى تضعيف هذا الحديث بقوله عقبه :
و هذا إن صح ، فإنما أراد والله أعلم وترا يكون بعد ثلاث .
و إنما حمله على هذا التأويل أحاديث كثيرة تدل على وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار
، و النهي عن الاستنجاء بأقل من ذلك كحديث سلمان رضي الله عنه قال :
" ... و نهانا صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار " .
رواه مسلم و غيره .
فلو صح قوله في هذا الحديث : " و من استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، و من لا
فلا حرج " ، وجب تأويله بما ذكره البيهقي ، و لكني أقول : لا حاجة بنا إلى مثل
هذا التأويل بعدما تبين لنا ضعفه و تفرد ذاك المجهول به .
و إذا عرفت هذا ، فلا تغتر بقول النووي في " المجموع " ( 2/55 ) :
هذا حديث حسن ! و لا بقول الحافظ نفسه في " الفتح " ( 1/206 ) :
إسناده حسن ، و لا بما نقله الصنعاني في " سبل السلام " عن " البدر المنير أنه
قال : حديث صحيح ، صححه جماعة ، منهم ابن حبان و الحاكم و النووي .
لا تغتر بأقوال هؤلاء الأفاضل هنا جميعا ، فإنهم ما أمعنوا النظر في سند الحديث
، بل لعل جمهورهم اغتروا بسكوت أبي داود عنه ، و إلا فقل لي بربك كيف يتفق
تحسينه مع تلك الجهالة التي صرح بها من سبق ذكره من النقاد : الذهبي
و العسقلاني و الخزرجي ؟ بل كيف يتمشى تصريح ابن حجر بذلك مع تصريحه بحسن
إسناده لولا الوهم ، أو المتابعة للغير بدون النظر في الإسناد ؟ ! و من ذلك قول
المؤلف <1> " معارف السنن شرح سنن الترمذي " ( 1/115 ) :
و هو حديث صحيح رجاله ثقات كما قال البدر العيني .
فإن هذا التصحيح ، إنما هو قائم على أن رجاله ثقات ، و قد تقدم أن أحدهم و هو
حصين الحبراني لم يوثقه غير ابن حبان ، و أنه لا يعتد بتوثيقه عند تفرده به ،
لا سيما مع عدم التفات أولئك النقاد إليه و تصريحهم بتساهل من وثقه .
فمن الغرائب و الابتعاد عن الإنصاف العلمي التشبث بهذا الحديث الضعيف المخير
بين الإيتار و عدمه لرد ما دل عليه حديث سلمان و غيره مما سبق الإشارة إليه من
عدم إجزاء أقل من ثلاثة أحجار ، مع إمكان التوفيق بينهما بحمل هذا لو صح على
إيتار بعد الثلاثة كما تقدم ، و أما قول ابن التركماني ردا لهذا الحمل : لو صح
ذلك لزم منه أن يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا أمره عليه السلام به على مقتضى
هذا الدليل ، و عندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة ،
بل هي بدعة .
فجوابنا عليه : نعم هي بدعة عند حصول النقاء بالثلاثة أحجار ، فنحمل هذا الحديث
على الإيتار عند عدم حصول النقاء بذلك ، بمعنى أنه إذا حصل النقاء بالحجر
الرابع فالإيثار بعده على الخيار مع استحبابه ، بخلاف ما إذا حصل النقاء
بالحجرين فيجب الثالث لحديث سلمان و ما في معناه . وبالله التوفيق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو الشيخ الفاضل محمد بن يوسف الحسيني البنوري ، و قد أهداه إلي بتاريخ
14/12/1383 هـ بواسطة أحد طلابنا في الجامعة الإسلامية ، جزاه الله خيرا . اهـ
.

(3/27)

1029 - " أما إنما لا تزيدك إلا وهنا ، انبذها عنك ، فإنك لو مت و هي عليك ما أفلحت
أبدا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/101 ) :

ضعيف .
أخرجه الإمام أحمد ( 5/445 ) : حدثنا خلف بن الوليد : حدثنا المبارك عن الحسن
قال : أخبرني عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل
حلقة أراه قال : من صفر - فقال : ويحك ما هذه ؟ قال : من الواهنة قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : عنعنة المبارك و هو ابن فضالة فقد كان مدلسا ، وصفه بذلك جماعة من
الأئمة المتقدمين ، قال يحيى بن سعيد :
لم أقبل منه شيئا ، إلا شيئا يقول فيه : حدثنا .
و قال ابن مهدي : كنا نتبع من حديث مبارك ما قال فيه : حدثنا الحسن .
و مع ذلك فقد قال فيه الدارقطني :
لين ، كثير الخطأ ، يعتبر به ، و ذكر نحوه ابن حبان و الساجي .
الثانية : الانقطاع بين الحسن و عمران بن حصين ، فإنه لم يسمع منه كما جزم بذلك
ابن المديني و أبو حاتم و ابن معين ، قال الأولان :
لم يسمع منه ، و ليس يصح ذلك من وجه يثبت .
و قد أشار بذلك إلى مثل رواية المبارك هذه ، فإن صرح فيها كما ترى بأن الحسن
قال : أخبرني عمران بن حصين ، و في " المسند " ( 5/440 ) حديثان آخران من
هذا الوجه مع التصريح المذكور ، و قد أشار الإمام أحمد أيضا إلى تضعيف ذلك فقال
: قال بعضهم عن الحسن : حدثني عمران بن حصين إنكارا على من قال ذلك ، بل إنه
صرح بذلك في رواية أبي طالب عنه قال :
كان مبارك بن فضالة يرفع حديثا كثيرا ، و يقول في غير حديث عن الحسن : قال :
حدثنا عمران بن حصين ، و أصحاب الحسن لا يقولون ذلك ، قال في " التهذيب " :
يعني أنه يصرح بسماع الحسن منه ، و أصحاب الحسن يذكرونه عنه بالعنعنة .
قلت : قد تتبعت أصحاب الحسن و ما رووه عنه عن عمران في " مسند الإمام أحمد "
الجزء الرابع ، فوجدتهم جميعا قد ذكروا العنعنة ، و هم :
1 - أبو الأشهب ( ص 246 ) و هو جعفر بن حبان و ( 436 ) .
2 - قتادة ( 427 و 428 و 435 و 436 و 437 و 442 و 445 و 446 ) .
3 - أبو قزعة ( 429 ) .
4 - يونس ( 430 و 431 و 444 و 445 ) .
5 - منصور ( 430 ) .
6 - علي بن زيد بن جدعان ( 430 و 432 و 444 و 445 ) .
7 - حميد ( 438 و 439 و 440 و 443 و 445 ) .
8 - خالد الحذاء ( 439 ) .
9 - هشام ( 441 ) .
10 - خيثمة ( 439 و 445 ) .
11 - محمد بن الزبير ( 439 و 443 ) .
12 - سماك ( 445 و 446 ) .
كل هؤلاء - و هم ثقات جميعا باستثناء رقم ( 6 و 11 ) - رووا عن الحسن عن عمران
أحاديث بالعنعنة لم يصرحوا فيها بسماع الحسن من عمران ، بل في رواية لقتادة أن
الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي عن عمران بن حصين بحديث : " كان يحث في
خطبته على الصدقة ، و ينهى عن المثلة " ، فأدخل بينهما هياجا ، و هو مجهول كما
قال ابن المديني و صدقه الذهبي .
نعم وقع في رواية زائدة عن هشام تصريحه بسماع الحسن من عمران ، فقال زائدة : عن
هشام قال : زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه قال : .. فذكر حديث تعريسه
صلى الله عليه وسلم في سفره و نومه عن صلاة الفجر .
و هذه الرواية صريحة في سماعه من عمران ، و لم أجد أحدا تعرض لذكرها في هذا
الصدد ، و لكني أعتقد أنها رواية شاذة ، فإن زائدة - و هو ابن قدامة - ، و إن
كان ثقة فقد خالفه جماعة منهم يزيد بن هارون و روح بن عبادة فروياه عن هشام عن
الحسن عن عمران به ، فعنعناه على الجادة .
أخرجه أحمد ( 4/441 ) ، و هكذا أخرجه ( 5/431 ) من طريق يونس عن الحسن عن عمران
به ، و وقع التصريح المذكور في رواية شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن
الحسن قال : كنت أمشي مع عمران بن حصين ... رواه أحمد ( 4/436 ) ، و هذه رواية
منكرة لأن شريكا سييء الحفظ معروف بذلك ، و قد خولف ، فرواه الأعمش عن خيثمة
عن الحسن عن عمران به معنعنا ، أخرجه أحمد ( 4/439 و 445 ) .
و خلاصة القول أنه لم يثبت برواية صحيحة سماع الحسن من عمران ، و قول المبارك
في هذا الحديث عن الحسن : قال : أخبرني عمران ، مما لا يثبت ذلك لما عرفت من
الضعف و التدليس الذي وصف به المبارك هذا .
و إن مما يؤكد ذلك أن وكيعا قد روى هذا الحديث عن المبارك عن الحسن عن عمران به
معنعنا مختصرا .
أخرجه ابن ماجه ( 2/361 ) .
و كذا رواه أبو الوليد الطيالسي : حدثنا مبارك به .
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1410 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 18/172/391 ) ، و كذلك رواه أبو عامر صالح بن رستم عن الحسن عن عمران به .
أخرجه ابن حبان ( 1411 ) و الحاكم ( 4/216 ) و قال :
" صحيح الإسناد " ، و وافقه الذهبي !
قلت : و في ذلك ما لا يخفى من البعد عن التحقيق العلمي الذي ذكرناه آنفا ،
و أيضا فإن أبا عامر هذا كثير الخطأ كما في " التقريب " فأتى لحديثه الصحة ؟ !
و مثله قول البوصيري في " الزوائد " :
إسناده حسن لأن مبارك هذا هو ابن فضالة .
ذكره السندي ، و نحوه قول الهيثمي في " المجمع " ( 5/103 ) :
رواه أحمد و الطبراني و قال : إن مت و هي عليك وكلت إليها ، قال : و في رواية
موقوفة : " انبذها عنك ، فإنك لو مت و أنت ترى أنها تنفعك لمت على غير الفطرة "
، و فيه مبارك بن فضالة ، و هو ثقة ، و فيه ضعف ، و بقية رجاله ثقات !
قلت : لو كان ثقة اتفاقا و بدون ضعف لم يفرح بحديثه ما دام مدلسا ، و قد عنعنه
كما عرفت مما سبق ، فكن رجلا يعرف الرجال بالحق ، لا الحق بالرجال .
و من ذلك قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في " كتاب التوحيد " :
رواه أحمد بسند لا بأس به ! فقد عرفت ما فيه من البأس الذي بيناه في شرح
علتي الحديث ، و يمكن أن نستنبط من تخريج الهيثمي السابق للحديث علة ثالثة و هي
الوقف ، و هو الأشبه عندي ، و إن كان في إسنادها عند الطبراني ( رقم 414 ) محمد
بن خالد بن عبد الله : حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن ، موقوفا . فقد قال الحافظ
في ابن خالد هذا : ضعيف ، والله أعلم .

(3/28)

1030 - " إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن
يطيل غرته فليفعل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/104 ) :

مدرج الشطر الآخر .
و إنما يصح مرفوعا شطره الأول ، و أما الشطر الآخر : " فمن استطاع .. " فهو من
قول أبي هريرة أدرجه بعض الرواة في المرفوع ، و إليك البيان :
أخرجه البخاري ( 1/190 ) و البيهقي ( 1/57 ) و أحمد ( 2/400 ) عن خالد بن يزيد
عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر أنه قال :
رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد ، و عليه سراويل من تحت قميصه ، فنزع سراويله
، ثم توضأ ، و غسل وجهه و يديه ، و رفع في عضديه الوضوء ، و رجليه ، فرفع في
ساقيه ، ثم قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره و السياق
لأحمد ، و ليس عند البخاري ذكر السراويل و القميص و لا غسل الوجه
و الرجلين ، ثم أخرجه مسلم ( 1/149 ) و البيهقي أيضا من طريق عمرو بن الحارث عن
سعيد بن أبي هلال به .
أنه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه و يديه حتى كاد يبلغ المنكبين ، ثم غسل
رجليه حتى رفع إلى الساقين ، الحديث مثله ، و ابن أبي هلال مختلط عند الإمام
أحمد ، لكنه توبع ، فقد أخرجه مسلم و كذا أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/243 )
و البيهقي ( 1/77 ) من طريق سليمان بن بلال : حدثني عمارة بن غزية الأنصاري عن
نعيم بن عبد الله المجمر قال :
" رأيت أبا هريرة يتوضأ ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع
<1> في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ، ثم مسح رأسه ، ثم غسل رجله
اليمنى حتى أشرع في الساق ، ثم رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ، ثم قال : هكذا
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، و قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم
فليطل غرته و تحجيله ، و قد تابعه ابن لهيعة عن عمارة بن غزية به نحوه ، و فيه
: و كان إذا غسل ذراعيه كاد أن يبلغ نصف العضد ، و رجليه إلى نصف الساق ، فقال
له في ذلك ، فقال : إني أريد أن أطيل غرتي ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء ، و لا يأتي أحد
من الأمم كذلك .
أخرجه الطحاوي ( 1/24 ) و رجاله ثقات ، غير أن ابن لهيعة سييء الحفظ ، و لكن لا
بأس به في المتابعات و الشواهد .
ثم أخرجه أحمد ( 2/334 و 523 ) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم بن عبد الله به
بلفظ : أنه رقى إلى أبي هريرة على ظهر المسجد ، فوجده يتوضأ ، فرفع في عضديه ،
ثم أقبل علي فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بلفظ :
" إن أمتي يوم القيامة هم الغر المحجلون ... " إلا أنه زاد : فقال نعيم : لا
أدري قوله : " من استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو من قول أبي هريرة !
قلت : و فليح بن سليمان و إن احتج به الشيخان ففيه ضعف من قبل حفظه ، فإن كان
قد حفظه ، فقد دلنا على أن هذه الجملة في آخر الحديث : " من استطاع ... " قد شك
نعيم في كونها من قوله صلى الله عليه وسلم ، و قد قال الحافظ في " الفتح "
( 1/190 ) :
و لم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة و هم عشرة ، و
لا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه ، والله أعلم .
قلت : و قد فات الحافظ رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فذكره بهذه الجملة .
أخرجه أحمد ( 2/362 ) ، لكن ليث و هو ابن أبي سليم ضعيف لاختلاطه ، و قد حكم
غير واحد من الحفاظ على هذه الجملة أنها مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة ،
فقال الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 1/92 ) :
و قد قيل : إن قوله : من استطاع إلى آخره ، إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة
موقوف عليه ، ذكره غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم .
قلت : و ممن ذهب إلى أنها مدرجة من العلماء المحققين شيخ الإسلام ابن تيمية
و تلميذه ابن القيم ، فقال هذا في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " ( 1/316 )
: فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله
عليه وسلم ، بين ذلك غير واحد من الحفاظ ، و كان شيخنا يقول : هذه اللفظة لا
يمكن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الغرة لا تكون في
اليد ، لا تكون إلا في الوجه ، و إطالته غير ممكنة ، إذ تدخل في الرأس فلا تسمى
تلك غرة .
قلت : و كلام الحافظ المتقدم يشعر بأنه يرى كونها مدرجة ، و ممن صرح بذلك
تلميذه إبراهيم الناجي في نقده لكتاب " الترغيب " ، المسمى بـ " العجالة
المتيسرة " ( ص 30 ) ، و هو الظاهر مما ذكره الحافظ من الطرق ، و من المعنى
الذي سبق في كلام ابن تيمية .
و من الطرق المشار إليها ما روى يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة قال :
دخلت على أبي هريرة و هو يتوضأ إلى منكبيه ، و إلى ركبتيه ، فقلت له : ألا
تكتفي بما فرض الله عليك من هذا ؟ قال : بلى ، و لكني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : مبلغ الحلية مبلغ الوضوء ، فأحببت أن يزيدني في حليتي .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/40 ) و علقه أبو عوانة في " صحيحه "
( 1/243 ) ، و إسناده جيد ، و له طريق أخرى عند مسلم و غيره عن أبي حازم قال :
كنت خلف أبي هريرة و هو يتوضأ للصلاة ، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه ، فقلت له :
يا أبا هريرة ما هذا الوضوء ؟ فقال : يا بني فروخ ! أنتم ههنا ؟ لو علمت أنكم
ههنا ما توضأت هذا الوضوء ، سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : تبلغ الحلية
من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
قلت : فليس هذه الطريق تلك الجملة " فمن استطاع ... " و لو كانت في حديث النبي
صلى الله عليه وسلم لأوردها أبو هريرة محتجا بها على أبي زرعة و أبي حازم
اللذين أظهرا له ارتيابهما من مد يده إلى إبطه ، و لما كان به حاجة إلى أن يلجأ
إلى الاستنباط الذي قد يخطيء و قد يصيب ، ثم هو لو كان صوابا لم يكن في الإقناع
في قوة النص كما هو ظاهر ، فإن قيل : فقد احتج أبو هريرة رضي الله عنه بالنص في
بعض الطرق المتقدمة و ذلك قوله عقب الوضوء : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتوضأ .
و الجواب : أن هذه الطريق ليس فيها ذكر الإبط ، و غاية ما فيها أنه أشرع في
العضد و الساق ، و هذا من إسباغ الوضوء المشروع ، و ليس زيادة على وضوئه
صلى الله عليه وسلم ، بخلاف الغسل إلى الإبط و المنكب ، فإن من المقطوع به أنه
زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم لعدم ورود ذلك عنه في حديث مرفوع ، بل روي
من طرق عن غير واحد من الصحابة ما يشهد لما في هذه الطريق ، أحسنها إسنادا حديث
عثمان رضي الله عنه قال : هلموا أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فغسل وجهه و يديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضد . الحديث ، رواه الدارقطني (
31 ) بسند قال الصنعاني في " السب " ( 1/60 ) : حسن ، و هو كما قال لولا عنعنة
محمد بن إسحاق ، فإنه مدلس .
على أن قوله في تلك الطريق : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ
أخشى أن تكون شاذة لأنه تفرد بها عمارة بن غزية دون من اتبعه على أصل الحديث عن
نعيم المجمر ، و دون كل من تابع نعيما عليه عن أبي هريرة ، والله أعلم .
و من التحقيق السابق يتبين للقراء أن قول الحافظ في " الفتح " ( 1/190 - 191 )
عقب إعلاله لتلك الزيادة بالإدراج ، و بعد أن ذكر رواية عمرو بن الحارث
المتقدمة و رواية عمارة بن غزية أيضا :
و اختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل ، فقيل : إلى المنكب و
الركبة ، و قد ثبت عن أبي هريرة رواية و رأيا ، و عن ابن عمر من فعله أخرجه ابن
أبي شيبة و أبو عبيد بإسناد حسن .
فأقول : قد تبين من تحقيقنا السابق أن ذلك لم يثبت عن أبي هريرة رواية ، و إنما
رأيا ، والذي ثبت عنه رواية ، فإنما هو الإشراع في العضد و الساق ، كما سبق
بيانه ، فتنبه و لا تقلد الحافظ في قوله هذا كما فعل الصنعاني ( 1/60 ) ، بعد
أن جاءك البيان .
ثم إن قوله في أثر ابن عمر المذكور : ... " بإسناد حسن فيه نظر عندي و ذلك أن
إسناده عند ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/39 ) هكذا : حدثنا وكيع عن العمري
عن نافع عن ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف .
قلت : فهذا إسناد ضعيف من أجل العمري و هذا هو المكبر و اسمه عبد الله بن عمر
ابن حفص بن عاصم ، قال الحافظ نفسه في " التقريب " : ضعيف ، و لذلك لم يحسنه في
" التلخيص " ، بل سكت عليه ثم قال عقبه ( ص 32 ) :
رواه أبو عبيد بإسناد أصح من هذا فقال : حدثنا عبد الله بن صالح : حدثنا الليث
عن محمد بن عجلان عن نافع ، و أعجب من هذا أن أبا هريرة يرفعه إلى النبي صلى
الله عليه وسلم في رواية مسلم .
قلت : عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري ، و هو ضعيف أيضا ، أورده الذهبي
في " الضعفاء " فقال :
قال أحمد : كان متماسكا ثم فسد ، و أما ابن معين فكان حسن الرأي فيه ، و قال
أبو حاتم : أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد بن نجيح ، و كان
يصحبه ، و لم يكن أبو صالح ممن يكذب ، كان رجلا صالحا ، و قال النسائي : ليس
بثقة ، و قال الحافظ في " التقريب " :
صدوق كثير الخطأ ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة .
قلت : فمثله لا يحتج بحديثه لاحتمال أن يكون مما أدخله عليه و افتعله خالد بن
نجيح ، و كان كذابا ، ففي ثبوت الإطالة المذكورة عن ابن عمر من فعله ، وقفة
عندي ، والله أعلم .
و ممن روى هذا الحديث بدون هذه الزيادة المدرجة عبد الله بن بسر المازني رضي
الله عنه مرفوعا بلفظ :
" أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء " .
أخرجه الترمذي ( 1/118 ) و صححه و أحمد ( 4/189 ) و لفظه أتم ، و سنده صحيح ،
و رجاله ثقات .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] معناه أدخل الغسل فيهما . قاله النووي . اهـ .

(3/29)

1031 - " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور ، فما طهوركم هذا ؟
قالوا : نتوضأ للصلاة ، و نغتسل من الجنابة ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فهل مع ذلك غيره ؟ قالوا : لا ، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن
يستنجى بالماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو ذاك فعليكموه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/109 ) :

ضعيف بهذا اللفظ .
أخرجه ابن الجارود في " المنتقي " ( رقم 40 ) و الدارقطني ( 23 ) و البيهقي
( 1/105 ) من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور : حدثني عتبة بن أبي حكيم الهمداني
عن طلحة بن نافع أنه حدثه قال : حدثني أبو أيوب و جابر بن عبد الله
و أنس بن مالك الأنصاري أن هذه الآية لما نزلت *( فيه رجال يحبون أن
يتطهروا و الله يحب المتطهرين )* ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
، و قال الدارقطني :
عتبة بن أبي حكيم ليس بالقوي .
قلت : هو ممن اختلفوا فيه ، فوثقه بعض الأئمة ، و ضعفه آخرون ، و لذلك قال
الذهبي فيه :
هو متوسط حسن الحديث .
و كلام الحافظ فيه يشعر أنه ضعيف عنده فقال في " التقريب " :
صدوق يخطىء كثيرا .
و أما النووي و الزيلعي فقد مشياه ، و قويا حديثه فقال الأول في " المجموع "
( 2/99 ) : إسناد صحيح إلا أن فيه عتبة بن أبي حكيم ، و قد اختلفوا في توثيقه ،
فوثقه الجمهور ، و لم يبين من ضعفه سبب ضعفه ، و الجرح لا يقبل إلا مفسرا ،
فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية .
قلت : و في هذا الكلام نظر من وجهين :
الأول : قوله : وثقه الجمهور ، فإن هذا يوهم أن الذين ضعفوه قلة ، و ليس كذلك ،
فقد تتبعت أسماءهم فوجدتهم ثمانية من الأئمة ، و هم :
1 - أحمد بن حنبل ، كان يوهنه قليلا .
2 - يحيى بن معين ، قال مرة : ضعيف الحديث ، و قال أخرى : والله الذي لا إله
إلا هو لمنكر الحديث .
3 - محمد بن عوف الطائي : ضعيف .
4 - الجوزجاني : غير محمود في الحديث ، يروي عن أبي سفيان حديثا يجمع فيه جماعة
من الصحابة ، لم نجد منها عند الأعمش و لا غيره مجموعة .
5 - النسائي : ضعيف ، و قال مرة : ليس بالقوي .
6 - ابن حبان : يعتبر حديثه من غير رواية بقية عنه .
7 - الدارقطني : ليس بالقوي ، كما تقدم .
8 - البيهقي : غير قوي ، كما يأتي .
و تتبعت أيضا أسما الموثقين فوجدتهم ثمانية أيضا و هم :
1 - مروان بن محمد الطاطري : ثقة .
2 - ابن معين : ثقة .
3 - أبو حاتم الرازي : صالح .
4 - دحيم : لا أعلمه إلا مستقيم الحديث .
5 - أبو زرعة الدمشقي ، ذكره في " الثقات " .
6 - ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به .
7 - الطبراني : كان من ثقات المسلمين .
8 - ابن حبان ، ذكره في " الثقات " .
هذا كل ما وقفت عليه من الأئمة الذين تكلموا في عتبة هذا توثيقا و تجريحا ،
و من الظاهر أن عدد الموثقين مثل عدد المضعفين سواء ، و بذلك يتبين خطأ القول
بأنه وثقه الجمهور ، و لو قيل : ضعفه الجمهور لكان أقرب إلى الصواب ، و إليك
البيان : لقد رأينا اسم ابن معين و ابن حبان قد ذكرا في كل من القائمتين ،
الموثقين و المضعفين ، و ما ذلك إلا لاختلاف اجتهاد الناقد في الراوي ، فقد
يوثقه ، ثم يتبين له جرح يستلزم جرحه به فيجرحه ، و هذا الموقف هو الواجب
بالنسبة لكل ناقد عارف ناصح ، و حينئذ فهل يقدم قول الإمام الموثق أم قوله
الجارح ؟ لا شك أن الثاني هو المقدم بالنسبة إليه ، لأنه بالضرورة هو لا يجرح
إلا و قد تبين له أن في الراوي ما يستحق الجرح به ، فهو بالنسبة إليه جرح مفسر
فهو إذن مقدم على التوثيق ، و عليه يعتبر توثيقه قولا مجروحا مرجوعا عنه ،
فيسقط إذن من القائمة الأولى اسم ابن معين و ابن حبان كموثقين و ينزل عددهم من
الثمانية إلى الستة ! ثم إننا إذا نظرنا مرة أخرى في القائمة المذكورة لوجدنا
فيهم أبا حاتم الرازي و قوله : صالح ، و هذا و إن كان توثيقا في اعتبار
المحدثين ، و لكنه ليس كذلك بالنظر إلى اصطلاح أبي حاتم نفسه ، فقد ذكر ابنه في
مقدمة الجزء الأول من " الجرح و التعديل " ( ص 27 ) ما نصه :
و وجدت الألفاظ في الجرح و التعديل على مراتب شتى ، فإذا قيل للواحد : إنه ثقة
، أو متقن ، أو ثبت ، فهو ممن يحتج بحديثه ، و إذا قيل : إنه صدوق ، أو محله
الصدق ، أو لا بأس به ، فهو ممن يكتب حديثه ، و ينظر فيه ، و هي المنزلة
الثانية و إذا قيل : شيخ فهو بالمنزلة الثالثة ، يكتب حديثه و ينظر فيه ، إلا
أنه دون الثانية ، و إذا قيل : صالح الحديث ، فإنه يكتب حديثه للاعتبار ، و إذا
أجابوا في الرجل بلين الحديث ، فهو ممن يكتب حديثه و ينظر فيه اعتبارا .
فهذا نص منه على أن كلمة صالح الحديث مثل قولهم : لين الحديث يكتب حديثه
للاعتبار و الشواهد ، و معنى ذلك أنه لا يحتج به ، فهذه العبارة من ألفاظ
التجريح لا التعديل عند أبي حاتم ، خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في
" التدريب " ( 233 - 234 ) ، و على هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة
الموثقين إلى قائمة المضعفين ، و يصير عددهم خمسة ، و عدد أولئك تسعة ، و إذا
ضممنا إليهم قول البيهقي : إنه غير قوي كما يأتي ، صاروا عشرة .
ثم إن قول ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ليس نصا في التوثيق ، و لئن سلم فهو
أدنى درجة في مراتب التعديل ، أو أول مرتبة من مراتب التجريح ، مثل قوله : ما
أعلم به بأسا كما في " التدريب " ( ص 234 ) .
و مما سبق يتبين بوضوح أن الجمهور على تضعيف عتبة بن أبي حكيم ، و أن ضعفه مفسر
مبين ، فضعفه هو الذي ينبغي اعتماده في ترجمته ، و قد لخص ذلك كله الحافظ ابن
حجر في كلمته المتقدمة : صدوق يخطىء كثيرا ، فهذا جرح مفسر ، فمن أين جاء به
الحافظ لولا بعض الكلمات التي سبق بيانها من بعض الأئمة ؟
و من ذلك كله تعلم أن إسناد الحديث ضعيف ، و أن قول الزيلعي فيه ( 1/219 ) :
و سنده حسن غير حسن ، لأنه بناه على أقوال بعض من سبق ذكرهم في الموثقين فقال :
و عتبة بن أبي حكيم فيه مقال ، فقال أبو حاتم : صالح الحديث ، و قال ابن عدي :
أرجو أنه لا بأس به ، و ضعفه النسائي ، و عن ابن معين فيه روايتان :
و لذلك أيضا ضعف الحديث ابن التركماني ، فإن البيهقي على الرغم من أنه لم يصرح
بتقويته ، و إنما سكت عليه ، لم يرض ذلك منه ابن التركماني ، فتعقبه بقوله :
قلت : في سنده عتبة بن أبي حكيم ضعفه ابن معين و النسائي ، و قال إبراهيم بن
يعقوب السعدي : غير محمود الحديث ، و قال البيهقي في باب الركعتين بعد الوتر :
غير قوي .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( 28/1 ) :
هذا إسناد ضعيف ، عتبة بن أبي حكيم ضعيف ، و طلحة لم يدرك أبا أيوب .
قلت : و مما يدل على ضعف عتبة أنه اضطرب في رواية متن هذا الحديث و ضبطه ،
فرواه محمد بن شعيب عنه باللفظ المتقدم :
غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء .
و رواه صدقة بن خالد عنه بلفظ :
قالوا : نتوضأ للصلاة و نغتسل من الجنابة و نستنجي بالماء .
أخرجه ابن ماجه ( 1/146 - 147 ) و الحاكم ( 2/334 - 335 ) و الضياء المقدسي في
" الأحاديث المختارة " ( 2/140 ) و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي !
كذا قالا ، و قد عرفت مما سبق أن الصواب أنه ضعيف الإسناد ، و الغرض الآن أن
نبين أن عتبة كان يضطرب في ضبط هذا الحديث ، فتارة يرويه باللفظ الأول ، و تارة
باللفظ الآخر ، و ليس هذا الاضطراب من الراويين عنه محمد بن شعيب و صدقة بن
خالد فإنهما ثقتان اتفاقا ، فتعين أنه من عتبة نفسه .
و اللفظ الآخر هو الراجح عندنا ، بل هو في نفسه صحيح ثابت ، لأمرين :
الأول : أنه روي كذلك من طريق أخرى عن أبي أيوب وحده .
و الآخر : أن له شواهد كثيرة من حديث أبي هريرة و ابن عباس و عويمر بن ساعدة .
و قد خرجتها في " صحيح أبي داود " ( رقم 34 ) ثم في " الإرواء " ( 45 ) .
و أما الطريق فأخرجه الحاكم ( 1/188 ) من رواية واصل بن السائب الرقاشي عن عطاء
ابن أبي رباح و ابن سورة عن عمه أبي أيوب قال : قالوا : يا رسول الله من هؤلاء
الذين *( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، و الله يحب المتطهرين )* ؟ قال : كانوا
يستنجون بالماء .
ذكره الحاكم شاهدا لحديث ابن عباس المشار إليه ، و الرقاشي ضعيف كما في
" التقريب " فيعتبر به ، و لا يحتج بما يتفرد به .
فإن قيل : فما الفرق بين اللفظين حتى احتيج إلى ترجيح أحدهما على الآخر ؟
فالجواب : هو أن اللفظ المرجوح فإن فيه القيد المذكور و هو بظاهره يدل على أنهم
كانوا يستنجون بالماء بعد استنجائهم بالحجارة ، ذلك لأنه من غير الجائز أن
يمدحوا و يثني الله عليهم لو فرض أنهم كانوا يقومون قبل الاستنجاء بها ، هذا
بعيد جدا ، فإذن الحديث بهذا اللفظ دليل على استحباب الجمع بين الماء و الحجارة
في الاستنجاء فهو حينئذ يمكن اعتباره شاهدا لحديث ابن عباس الذي أخرجه البزار
بلفظ : فقالوا : " إنا نتبع الحجراة بالماء " .
و هو ضعيف الإسناد كما صرح به الحافظ في " التلخيص " و " البلوغ " و بينه
الزيلعي في " نصب الراية " ( 1/218 ) ، بل هو منكر عندي لمخالفته لجميع طرق
الحديث بذكر الحجارة فيه ، بل بالغ النووي فقال في " الخلاصة " كما نقله
الزيلعي : و أما ما اشتهر في كتب التفسير و الفقه من جمعهم بين الأحجار
و الماء فباطل لا يعرف ، و ذكر معنى هذا في " المجموع " أيضا ، و لكنه استنبط
معناه من لفظ الحديث هذا ، فقال بعد أن ذكره بلفظيه مع حديث أبي هريرة و عويمر
بن ساعدة : فهذا الذي ذكرته من طرق الحديث هو المعروف في كتب الحديث أنهم كانوا
يستنجون بالماء ، و ليس فيها ذكر الجمع بين الماء و الأحجار ، و أما قول المصنف
: قالوا : نتبع الحجارة الماء ، فكذا يقوله أصحابنا و غيرهم في كتب الفقه و
التفسير فليس له أصل في كتب الحديث ، و كذا قال الشيخ أبو حامد في التعليق : إن
أصحابنا رووه ، قال : و لا أعرفه ، فإذا عرف أنه ليس له أصل من جهة الرواية ،
فيمكن تصحيحه من جهة الاستنباط ، لأن الاستنجاء بالحجر كان معلوما عندهم يفعله
جميعهم ، و أما الاستنجاء بالماء فهو الذي انفردوا به ، فلهذا ذكر و لم يذكر
الحجر لأنه مشترك بينهم و بين غيرهم ، و لكونه معلوما فإن المقصود بيان فضلهم
الذي أثنى الله عليهم بسببه ، و يؤيد هذا قولهم : إذا خرج أحدنا من الغائط أحب
أن يستنجي بالماء ، فهذا يدل على أن استنجاءهم بالماء كان بعد خروجهم من الخلاء
، و العادة جارية بأنه لا يخرج من الخلاء إلا بعد التمسح بماء أو حجر . و هكذا
المستحب أن يستنجي بالحجر في موضع قضاء الحاجة ، و يؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى
موضع آخر ، والله أعلم " .
و جوابنا عن هذا الاستنباط أنه غير مسلم ، و بيانه من وجهين :
الأول : أن أي حكم شرعي يستنبط من نص شرعي ، فلابد لهاذ أن يكون ثابت الإسناد ،
و قد بينت فيما سبق أن هذا النص ضعيف الإسناد منكر المتن ، فلا يصح حينئذ
الاستنباط منه .
الآخر : هب أن النص المشار إليه ثابت الإسناد ، فالاستنباط المذكور لا نسلم
بصحته ، لأن الحجارة لم تذكر فيه و لو إشارة ، و أخذ ذلك من مجرد ثناء الله
تعالى عليهم بضميمة أن الاستنجاء بها كان معروفا لديهم غير لازم ، لأن الثناء
المشار إليه يتحقق و يصدق عليهم بأي شيء فاضل تفرد به الأنصار دون غيرهم ،
و إذا كان من المسلم حينئذ فضلا أنهم كانوا يفعلون ذلك الذي لا يفعله بل و لا
يعرفه غيرهم إلا أهل الكتاب ، و منهم تلقاه الأنصار كما في بعض الروايات
الثابتة .
فإن قيل : ما ذكرته الآن ينافي ما تقدم من قولك : إن الحديث يدل بظاهره على
الجمع المذكور . فأقول : نعم ، و لكن هذا الظاهر ليس هناك ما يلزمنا الجمود
عنده ، لأنه لم يجر العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم و لا من أحد من
الصحابة ، ألا ترى إلى قول النووي في آخر كلامه السابق :
و هكذا المستحب أن يستنجى بالحجر في موضع قضاء الحاجة ، و يؤخر الماء إلى أن
ينتقل إلى موضع آخر .
فهل يستطيع أحد أن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه كانوا يفعلون ذلك
؟ ! و حينئذ فلابد من تأويل النص المذكور بما لا يتنافى مع ما هو المعروف من
الاستنجاء بالماء في مكان قضاء الحاجة ، و ذلك بأن نفسر قولهم - إن صح - : "
إذا خرج من الغائط أي أراد الخروج ، و مثل هذا التفسير معروف في كثير من
الأحاديث ، مثل حديث أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل
الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث " ، و قد اتفقوا على أن
المعنى : كان إذا أراد دخول الخلاء ، و مثله قول الله تبارك و تعالى : *( فإذا
قرأت القرآن فاستعذ بالله )* ، أي أردت قراءة القرآن ، و نحو ذلك كثير .
و خلاصة القول : أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف الإسناد منكر المتن ، و قد ترتب
عليه استنباط حكم نقطع بأنه لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا
أصحابه ، ألا و هو الاستنجاء بالحجارة أولا ، ثم بالماء في مكان آخر ، بل
الراجح عندي أنه لا يشرع الجمع بينهما و لو في المكان الأول ، لأنه لم ينقل
أيضا عنه صلى الله عليه وسلم ، و لما فيه من التكلف ، فبأيهما استنجى حصلت
السنة ، فإن تيسر الأمران معا بلا كلفة فلا مانع من ذلك لما فيه من تنزيه اليد
عن الرائحة الكريهة . والله أعلم .
تنبيه : إن الذي دفعني إلى تحرير القول في هذا الحديث هو أنني رأيت بعض من ألف
في شرح الترمذي من حنفية الهند <1> نقل كلام النووي في الاستنباط المذكور
و ذكر أنه صحح إسناد الحديث ، و أقر كل ذلك فأحببت أن أبين حقيقة الأمر ، عسى
أن ينتفع به من قد يقف عليه ، ثم رأيته ذكر كلاما آخر عقب الحديث فيه أشياء
تستحق التنبيه عليه ، فرأيت من الواجب بيان ذلك أيضا ، قال ( 1/133 ) :
ثم إن أحاديث الجمع قد أخرجها الهيثمي في " زوائده " بأسانيد فيها كلام
للمحدثين ، و بوب عليها ( باب الجمع بين الماء و الحجارة ) ، و أخرج فيه حديث
ابن ساعدة و ابن عباس و ابن سلام و غيرهم ، و فيها الجمع ، و ليس فيها رواية لم
يتكلم فيها ، و مع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس ، و أجود ما يحكى
في الباب أثر علي بن أبي طالب : إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا و أنتم
تثلطون ثلطا ، فأتبعوا الحجارة الماء ، أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه "
و عبد الرزاق في " مصنفه " و البيهقي في " سننه " بطرق عديدة ، و هو أثر جيد
كما يقول الإمام الزيلعي في " نصب الراية " و كذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة
من طريق قتادة في الباب .
قلت : و في هذا الكلام تدليسات عجيبة و بعض أوهام فاحشة :
أولا : يسمى الأحاديث المشار إليها و قد تقدمت بـ " أحاديث الجمع " مع أنها
ليست كذلك إلا على استنباط النووي الواهي ، فهو يقلده في ذلك و يبالغ حتى سماها
بهذه التسمية المغلوطة ، و لا يقتصر على هذا ، بل يؤكد ذلك بقوله : و فيها
الجمع ، ثم لكي لا يمكن المخالف من نقده يعود فيقول : و مع هذا ليس فيها حديث
صريح غير حديث ابن عباس يعني صريحا في الجمع .
ثانيا : ثم يزعم أن تلك الأحاديث التي فيها الجمع ! ليس فيها حديث صريح في
الجمع ! بوب الهيثمي عليها " باب الجمع بين الماء و الحجارة " ، و هذا خلاف
الواقع فإنه إنما بوب عليها بقوله : " باب الاستنجاء بالماء " انظر الجزء الأول
ص 212 من " مجمع الزوائد " ، و إنما بوب الهيثمي بما ذكر الحنفي لحديث ابن عباس
وحده الذي تفرد بروايته البزار و سبق أن ضعفناه نقلا عن الحافظ ، و قال الهيثمي
نفسه عقبه :
رواه البزار و فيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري و النسائي و
غيرهما ، و هو الذي أشار بجلد مالك .
ثالثا : قوله : ( بطرق عديدة ) . فيه تدليس خبيث ، فإنه لا يروى إلا من طريق
واحدة ، هي طريق عبد الملك بن عمير عن علي ، و إنما له طرق عديدة عن عبد الملك
هذا ، و شتان بين الأمرين ، فإنه على قوله لاشك في ثبوت هذا الأثر عن علي
و جودته ، لطرقه المزعومة ، و أما على ما هو الواقع من طريقه الوحيدة ، فالثبوت
محتمل و إن كان الراجح عندنا خلافه ، و بيانه فيما يأتي :
رابعا : قوله : و هو أثر جيد ، أقول : بل هو غير جيد ، و إن كان صرح بذلك
الزيلعي ، فإنه معلول بالانقطاع بين علي و عبد الملك ، و بالاختلاط و ذلك أن
عبد الملك هذا ، و إن كان من رجال الشيخين ، فقد تكلم فيه من قبل حفظه ،
و ذكروا له رؤية لعلي رضي الله عنه ، و لم يذكروا له سماعا ، ثم هو على ذلك
مدلس ، وصفه به ابن حبان ، و لذا أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال :
قال أحمد : مضطرب الحديث ، و قال ابن معين : مختلط و قال أبو حاتم : ليس بحافظ
و وثقه جماعة ، و قال الحافظ في " التقريب " :
ثقة فقيه ، تغير حفظه ، و ربما دلس .
قلت : فإن كان قد حفظه ، فلم يسمعه من علي ، فإنه ذكره بصيغة تشعر بذلك ، فإنه
قال في جميع الطرق عنه : قال : قال علي .. ، و من المعلوم أن المدلس إذا لم
يصرح بالتحديث فلا يحتج بحديثه ، فمن أين تأتي الجودة إذن لهذا الأثر ؟
خامسا : قوله عقب أثر علي المذكور : و كذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من
طريق قتادة في الباب .
قلت : و هذا تدليس آخر فإن حديث قتادة في الباب عند البيهقي ( 1/106 ) عن معاذة
عن عائشة أنها قالت :
" مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط و البول ، فإني أستحييهم ، و كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " .
ثم رواه من طريق أخرى نحوه بلفظ : " فأمرتهن أن يستنجين بالماء " و هو مخرج في
" الإرواء " ( 42 ) .
فأنت ترى أنه ليس فيه ذكر للحجارة إطلاقا ، فكيف جاز له أن يجعله مثل أثر علي
في الجمع بين الماء و الحجارة ؟ لا يقال : لعله اغتر بإيراد البيهقي له في "
باب الجمع في الاستنجاء بين المسح بالأحجار و الغسل بالماء " ، لأننا نقول : إن
ذلك خطأ أو تساهل من البيهقي لا يجوز لمن يدعي التحقيق انتصارا لمذهبه أن يقلد
من أخطأ مثل هذا الخطأ البين ، لا سيما إذا كان مخالفا له في المذاهب ، و خاصة
إذا نبه على ذلك من كان موافقا له في المذهب ، ألا و هو الشيخ ابن التركماني ،
فإنه تعقب البيهقي لإيراده في هذا الباب حديث عتبة المتقدم و حديث عائشة هذا ،
فقال في كل منهما : ليس في الحديث ذكر المسح بالأحجار فهو غير مطابق للباب .
فلا أدري كيف استجاز المومى إليه تجاهل هذه الحقيقة ؟
و كم في كتابه من أمور كثيرة لو تتبعها الباحث لملأت مجلدا ضخما بل مجلدات ،
و لكن ذلك يحتاج إلى وقت و فراغ ، و هيهات ذلك هيهات ، و لكن لعلنا ننبه على
شيء من ذلك كلما سنحت لنا الفرصة ، فإنه قد قيل منذ القديم : " ما لا يدرك كله
، لا يترك جله أو كله " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو الشيخ محمد يوسف البنوري في " معارف السنن " ( 1/131 - 132 ) . اهـ .

(3/30)

1032 - " من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة و سعيا على أهله ، و تعطفا على جاره
، بعثه الله يوم القيامة ، و وجهه مثل القمر ليلة البدر ، و من طلبها حلالا
متكاثرا بها مفاخرا لقي الله و هو عليه غضبان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/119 ) :

ضعيف .
رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 2/110 و 8/215 ) من طريق الحجاج بن فرافصة عن
مكحول عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال :
غريب من حديث مكحول ، لا أعلم له راويا عنه إلا الحجاج .
قلت : و هو ضعيف لسوء حفظه ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
قال أبو زرعة : ليس بالقوي .
و قال الحافظ في " التقريب :
صدوق عابد ، يهم .
قلت : و فيه علة أخرى و هي الانقطاع بين مكحول و أبي هريرة ، فإنه لم يسمع منه
كما قال البزار .

(3/31)

1033 - " كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا قام في مصلاه رأى شجرة ثابتة بين يديه ،
فيقول : ما اسمك ؟ فتقول : كذا ، فيقول : لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا و كذا ،
فإن كانت لدواء كتب ، و إن كان لغرس غرست ، فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة
ثابتة بين يديه ، فقال ؟ ما اسمك ؟ قالت : الخرنوب ، قال : لأي شيء أنت ؟ قالت
: لخراب هذا البيت ، قال سليمان عليه السلام : اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم
الإنس أن الجن لا تعلم الغيب ، قال : فتحتها عصا فتوكأ [ حولا ميتا و الجن تعمل
] ، قال : فأكلها الأرضة فسقط ، فخر ، فوجوده ميتا حولا ، فتبينت الإنس أن الجن
لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ، و كان ابن عباس يقرؤها
هكذا ، فشكرت الجن الأرضة ، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/120 ) :

ضعيف مرفوعا .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12281 ) و الحاكم ( 4/197 ـ 198 و 402 )
و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 61/249/1 ) و ابن جرير و ابن أبي حاتم كما
في " ابن كثير " ( 3/529 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 7/300/1 ) من طريق
إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه نظر من وجهين :
الأول : أن عطاء بن السائب كان اختلط ، و ليس ابن طهمان ممن روى عنه قبل
الاختلاط ، و قد خالفه جرير فقال : عن عطاء بن السائب به موقوفا على ابن عباس .
أخرجه الحاكم ( 2/423 ) و صححه أيضا و وافقه الذهبي .
الثاني : أن عطاء قد خولف في رفعه ، فقد رواه سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير به
موقوفا على ابن عباس أيضا .
أخرجه الحاكم ( 4/198 ) و ابن عساكر من طريق الأحوص بن جواب الضبي : حدثنا
عبد الجبار بن عباس الهمداني عن سلمة بن كهيل به .
قلت : و هذا سند صحيح لا علة فيه ، و هو يشهد أن أصل الحديث موقوف كما رواه
جرير عن عطاء ، و هو الصواب ، و هو الذي رجحه الحافظ ابن كثير مع أنه لم يقف
على رواية جرير هذه الموقوفة ، و لا على رواية سلمة بن كهيل المؤيدة لها ، فكيف
به لو وقف عليهما ؟ فقال رحمه الله :
و في رفعه غرابة و نكارة ، و الأقرب أن يكون موقوفا ، و عطاء بن أبي مسلم
الخراساني <1> له غرابات ، و في بعض حديثه نكارة ، ثم ذكره موقوفا من وجه آخر
عن ابن عباس ، و عن ابن مسعود أيضا ثم قال :
هذا الأثر والله أعلم إنما هو مما تلقي من علماء أهل الكتاب ، و هي وقف ، لا
يصدق منه إلا ما وافق الحق ، و لا يكذب منها إلا ما خالف الحق ، و الباقي لا
يصدق و لا يكذب .
قلت : و من النوع الذي خالف الحق الحديث الآتي :
وقع في نفس موسى : هل ينام الله تعالى ذكره ؟ فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه
ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، و أمره أن يحتفظ بهما ، قال :
فجعل ينام ، و تكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، ثم نام
نومة فاصطفقت يداه ، و انكسرت القارورتان ، قال : ضرب الله مثلا أن الله لو كان
ينام لم تستمسك السموات و الأرض .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل ، و لعله سبق قلم من ابن كثير ، و إلا فالحديث من رواية عطاء بن
السائب كما ترى ، و ليس لعطاء بن أبي مسلم الخراساني فيه ذكر . اهـ .

(3/32)

1034 - " وقع في نفس موسى : هل ينام الله تعالى ذكره ؟ فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه
ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، و أمره أن يحتفظ بهما ، قال :
فجعل ينام ، و تكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، ثم نام
نومة فاصطفقت يداه ، و انكسرت القارورتان ، قال : ضرب الله مثلا أن الله لو كان
ينام لم تستمسك السموات و الأرض " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/121 ) :

منكر .
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( رقم 5780 ج5 ) : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل
قال : حدثنا هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن
أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى صلى الله
عليه وسلم على المنبر قال : فذكره .
و أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17/190/2 ) عن إسحاق به ، ثم قال :
تابعه يحيى بن معين عن هشام ، و رواه معمر عن الحكم فجعله من قول عكرمة .
قلت : ثم ساقه هو و ابن جرير ( 5779 ) من طريق عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر
قال : أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله : *( لا تأخذه سنة
و لا نوم )* أن موسى سأل الملائكة : هل ينام الله ؟ فأوحى الله إلى الملائكة
و أمرهم أن يؤرقوه ثلاثا .. الحديث مثله .
قلت : و آفة هذا الحديث عندي الحكم بن أبان هذا ، و هو العدني فإنه و إن كان
وثقه جماعة كابن معين و غيره ، فقد قال ابن المبارك : ارم به ، و ذكره ابن حبان
في " الثقات " و قال :
ربما أخطأ ، و قال الحافظ في " التقريب " :
صدوق عابد و له أوهام .
قلت : فالظاهر من مجموع كلام الأئمة فيه ما أشار إليه الحافظ : أنه كان ثقة في
نفسه ، و لكنه كان يخطىء أحيانا بسبب شيء في حفظه ، و لعله أتي من كثرة عبادته
و غلوه فيها ، كما هو المعهود في أمثاله من الصالحين ! فقد روى ابن أبي حاتم
( 1/2/113 ) بسند صحيح عن ابن عيينة قال : قدم علينا يوسف بن يعقوب قاض كان
لأهل اليمن و كان يذكر منه صلاح <1> فسألته عن الحكم بن أبان فقال : ذاك سيد
أهل اليمن ، كان يصلي من الليل ، فإذا غلبته عيناه نزل إلى البحر ، فقام في
الماء يسبح مع دواب البحر !
قلت : فمثل هذه العبادة و الغلو فيها حري بصاحبها أن لا يظل محتفظا بذاكرته
التي متعه الله بها و الاستفادة منها بضبط الحديث و حفظه !
و إن اضطرابه في هذا الحديث لمن أقوى الأدلة على عدم ضبطه لحديثه ، فهو تارة
يرويه عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا ، و تارة عن عكرمة من قوله لا يتعداه ،
و هذا هو اللائق بمثل هذا الحديث أن يكون موقوفا على عكرمة و هو تلقاه من بعض
أهل الكتاب ، فهو من الإسرائيليات التي لا يجب علينا التصديق بها ، بل هو مما
يجب الجهر بتكذيبه و بيان بطلانه ، كيف لا ; و فيه أن موسى كليم الله يجهل تنزه
الله تبارك و تعالى عن السهو و النوم فيتساءل في نفسه : هل ينام الله ؟ ؟ !
و هل هذا إلا كما لو قال قائل : هل يأكل الله تبارك و تعالى ؟ هل كذا ، هل كذا
، و غير ذلك مما لا يخفى بطلانه على أقل مسلم ! و لهذا صرح بضعف هذا الحديث غير
واحد من العلماء ، فقال القرطبي في " تفسيره " ( 1/273 ) :
و لا يصح هذا الحديث ، ضعفه غير واحد ، منهم البيهقي .
و قال الذهبي في ترجمة أمية بن شبل :
يماني ، له حديث منكر ، رواه عن الحكم بن أبان بن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا
قال : وقع ... الحديث ، رواه عنه هشام بن يوسف و خالفه معمر عن الحكم عن عكرمة
قوله ، و هو أقرب ، و لا يسوغ أن يكون هذا وقع في نفس موسى عليه السلام ،
و إنما روي أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام عن ذلك .
و أقره الحافظ في " اللسان " .
و قال الحافظ ابن كثير بعد أن ساق رواية معمر الموقوفة على عكرمة ( 1/308 ) :
و هو من أخبار بني إسرائيل ، و هو مما يعلم أن موسى لا يخفى عليه مثل هذا من
أمر الله عز وجل ، و أنه منزه عنه ، و أغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن
جرير : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قلت : فساقه مرفوعا كما تقدم ، ثم قال :
و هذا حديث غريب جدا ، و الأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع ، والله أعلم " .
ثم ذكر من رواية ابن أبي حاتم بسنده عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس : " أن بني إسرائيل قالوا : يا موسى هل ينام ربك ؟ قال : اتقوا الله ،
فناداه الله عز وجل : يا موسى سألوك هل ينام ربك ، فخذ زجاجتين في يديك فقم
الليل ، ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس ، فوقع لركبتيه ، ثم انتعش
فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا ، فقال : يا موسى
لو كنت أنام لسقطت السموات و الأرض فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك ، فأنزل
الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي .
قلت : و هذا هو الأشبه بهذه القصة أن تكون من سؤال بني إسرائيل لموسى ، لا من
سؤال موسى لربه تبارك و تعالى ، و مثل هذا ليس غريبا من قوم قالوا لموسى :
*( أرنا الله جهرة )* ! على أن في سنده جعفر بن أبي المغيرة ، وثقه أحمد و ابن
حبان ، لكن قال ابن منده :
ليس بالقوي في سعيد بن جبير ، والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] ترجمه ابن أبي حاتم ( 4/2/233 ) و ذكر عن أبيه أنه قال : " لا أعرفه ، هو
شيخ مجهول " . و قال الذهبي عقبه : " قلت : كان قاضي صنعاء و مفتيها ، و هو
صدوق إن شاء الله " . و أقره الحافظ في " اللسان " قلت : و قد توبع على هذا
الخبر ، فراجع له " الحلية " ( 10/141 ) . اهـ .

(3/33)

1035 - " تفترق أمتى على بضع و سبعين فرقة ، كلها في الجنة ، إلا فرقة واحدة و هي
الزنادقة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/124 ) :

موضوع بهذا اللفظ .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 4/201 ـ بيروت ) و من طريقه ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1/267 ) من طريق معاذ بن ياسين الزيات : حدثنا الأبرد بن
الأشرس عن يحيى بن سعيد عن أنس مرفوعا .
ثم رواه هو و الديلمي ( 2/1/41 ) من طريق نعيم بن حماد : حدثنا يحيى بن اليمان
عن ياسين الزيات عن سعد بن سعيد الأنصاري عن أنس به .
و رواه ابن الجوزي عن الدارقطني من طريق عثمان بن عفان القرشي : حدثنا
أبو إسماعيل الأبلي حفص بن عمر عن مسعر عن سعد بن سعيد به .
ثم قال ابن الجوزي :
قال العلماء : وضعه الأبرد ، و سرقه ياسين الزيات ، فقلب إسناده و خلط ، و سرقه
عثمان بن عفان و هو متروك ، و حفص كذاب ، و الحديث المعروف : " واحدة في الجنة
، و هي الجماعة " .
و نقله السيوطي في " اللآليء " ( 1/128 ) و أقره ، و كذا أقره ابن عراق في "
تنزيه الشريعة " ( 1/310 ) و الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ( 502 ) و غيرهم
و أقول : في الطريق الأولى معاذ بن ياسين ، قال العقيلي :
مجهول ، و حديثه غير محفوظ .
قلت : يعني هذا الحديث ثم قال :
هذا حديث لا يرجع منه إلى صحة ، و ليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد و لا من
حديث سعد .
قلت : و شيخه الأبرد بن الأشرس شر منه ، قال الذهبي :
قال ابن خزيمة : كذاب وضاع ، قلت : حديثه : تفترق أمتي .... فذكره ، و زاد
الحافظ في " اللسان " :
و هذا من الاختصار المجحف المفسد للمعنى ، و ذلك أن المشهور في الحديث : كلها
في النار ، فقال هذا !
قلت : و في الطريق الثانية ثلاثة من الضعفاء على نسق واحد ، نعيم و يحيى
و ياسين ، و ذا شرهم ، فقد قال البخاري فيه : منكر الحديث .
و قال النسائي و ابن الجنيد : متروك .
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات .
قلت : فهو المتهم بهذا ، و لعله سرقه من الأبرد كما سبق في كلام ابن الجوزي ،
فقد ذكر الحافظ في ترجمته من " اللسان " أن له طريقا أخرى عنه ، رواه الحسن بن
عرفة عنه عن يحيى بن سعيد ، فقد اضطرب فيه ، قال الحافظ :
فقال تارة عن يحيى بن سعيد ، و تارة عن سعد بن سعيد ، و هذا اضطراب شديد سندا
و متنا ، و المحفوظ في المتن : " تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في
النار إلا واحدة ، قالوا : و ما تلك الفرقة ؟ قال : ما أنا عليه اليوم و أصحابي
" و هذا من أمثلة مقلوب المتن " .
قلت : و هذا المتن المحفوظ قد ورد عن جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك رضي
الله عنه ، و قد وجدت له عنه وحده سبع طرق ، خرجتها في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " بلفظ : " افترقت اليهود ... " ، و خرجته هناك من حديث أبي هريرة
و معاوية و أنس و عوف بن مالك رضي الله عنهم برقم ( 203 و 204 و 1492 ) ، و ذلك
مما يؤكد بطلان الحديث بهذا اللفظ الذي تفرد به أولئك الضعفاء ، و خاصة ياسين
الزيات هذا ، فقد خالفه من هو خير منه : عبد الله بن سفيان ، فرواه عن يحيى بن
سعيد عن أنس باللفظ المحفوظ كما بينته هناك .
و في الطريق الثالثة : عثمان بن عفان القرشي و هو السجستاني قال ابن خزيمة :
أشهد أنه كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و مثله شيخه حفص بن عمر الأبلي ، قال العقيلي في " الضعفاء " ( 1/275 ) :
يروي عن شعبة و مسعر و مالك بن مغول و الأئمة ; البواطيل .
و قال أبو حاتم : كان شيخا كذابا .

(3/34)

1036 - " القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوه على أحسن وجوهه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/127 ) :

ضعيف جدا .
رواه الدارقطني ( ص 485 ) عن زكريا بن عطية : أخبرنا سعيد بن خالد : حدثني محمد
ابن عثمان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و فيه علل ثلاث :
الأولى : جهالة محمد بن عثمان قال ابن أبي حاتم ( 4/1/24 ) :
سمعت أبي يقول : هو مجهول .
الثانية : سعيد بن خالد لم أعرفه .
الثالثة : زكريا بن عطية قال ابن أبي حاتم ( 1/2/599 ) :
سألت أبي عنه فقال : منكر الحديث .
و قال العقيلي :
هو مجهول .

(3/35)

1037 - " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه ، و ليغسله ثلاث مرات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/127 ) :

منكر بلفظ ( ثلاث ) .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " : حدثنا أحمد بن الحسن الكرخي - من كتابه - حدثنا
الحسين الكرابيسي : حدثنا إسحاق الأزرق : حدثنا عبد الملك عن عطاء عن
أبي هريرة <1> قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، ثم أخرجه
عن عمر بن شبة : حدثنا إسحاق الأزرق به موقوفا ، و قال :
لم يرفعه غير الكرابيسي ، و الكرابيسي لم أجد حديثا منكرا غير هذا ، و إنما حمل
عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن ، فأما في الحديث فلم أر به بأسا
ذكره ابن التركماني في " الجوهر النقي " ( 1/241 ـ 242 ) ثم تلميذه الزيلعي في
" نصب الراية " ( 1/131 ) و زاد هذا :
و رواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 1/333 ) من طريق ابن عدي ثم قال :
هذا حديث لا يصح ، لم يرفعه غير الكرابيسي ، و هو ممن لا يحتج بحديثه ، انتهى .
و قال البيهقي في " كتاب المعرفة " : حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن
أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات ، تفرد به عبد الملك من بين
أصحاب عطاء ، ثم عطاء من بين أصحاب أبي هريرة ، و الحفاظ الثقات من أصحاب عطاء
و أصحاب أبي هريرة يروونه " سبع مرات " ، و عبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه
الثقات ، و لمخالفته أهل الحفظ و الثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ،
و لم يحتج به البخاري في " صحيحه " و قد اختلف عليه في هذا الحديث ، فمنهم من
يرويه عنه مرفوعا ، و منهم من يرويه عنه من قول أبي هريرة ، و منهم من يرويه
عنه من فعله ، قال : و قد اعتمد الطحاوي الرواية الموقوفة في نسخ حديث السبع ،
و أن أبا هريرة لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ! و كيف يجوز
ترك رواية الحفاظ الأثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا ، برواية واحد قد
عرف بمخالفته الحفاظ في بعض حديثه ؟ .
قلت : الحق أن عبد الملك ثقة مأمون كما قال الترمذي ، و قد احتج به مسلم ، و لا
نعلم لمن ضعفه حجة يمكن الاعتماد عليها ، و قد وثقه جماعات من الأئمة الكبار
فراجع كلماتهم فيه في " التهذيب " ، و من أحسنهم و أعدلهم قولا فيه أبو حاتم
و ابن حبان ، فقد ذكره في " كتاب الثقات " و قال :
ربما أخطأ ، و كان من خيار أهل الكوفة و حفاظهم ، و الغالب على من يحفظ و يحدث
أن يهم ، و ليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت ، صحت عنه السنة بأوهام يهم فيها ،
و الأولى فيه قبول ما يروي بتثبت ، و ترك ما صح أنه وهم فيه ، ما لم يفحش ، فمن
غلب خطؤه على صوابه استحق الترك .
قلت : و قد تبين للعلماء أنه أخطأ في هذا الحديث في ثلاثة مواضع :
الأول : رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و الوقف فيه أرجح .
الثاني : روايته بلفظ " ثلاث " ، و إنما هو بلفظ " سبع " .
الثالث : لم يذكر فيه الترتيب ، و هو ثابت ، إلا أن الخطأ الأول يترجح عندي أنه
من بعض الرواة عنه و إليك البيان :
أما الأول : فقد رواه الكرابيسي عن إسحاق الأزرق عن عبد الملك بسنده مرفوعا كما
تقدم ، و قال ابن عدي :
لم يرفعه غير الكرابيسي .
قلت : و الكرابيسي هذا و إن كنا نقطع أنه وهم في رفع هذا الحديث عن إسحاق
الأزرق كما يشير إلى ذلك كلام ابن عدي المذكور فإنا لم نجد فيها ذكروه فيه من
أقوال الأئمة ما يمكن جرحه به ، إلا قول ابن الجوزي هنا : لا يحتج بحديثه ، فإن
كان يعني جملة حديثه كما هو ظاهر عبارته ، فهو جرح غير مقبول من مثله ، لأنه
مما لم يسبق إليه من أحد من الأئمة المتقدمين ، و لأنه جرح مبهم غير مفسر ، و
ما كان كذلك فلا يعتد به ، كما هو مقرر في " المصطلح " ، و إن كان يعني بذلك
حديثه هذا ، فهو كما قال ، فإذن الرجل في نفسه ثقة ، و الأصل في مثله أن يحتج
بحديثه ، إلا ما ثبت وهمه فيه فيرد ، و من الثابت أنه وهم في هذا الحديث ، فقد
رواه عمر بن شبة عن إسحاق الأزرق موقوفا كما سبق ، و عمر بن شبة ثقة مثل
الكرابيسي أو خير منه ، فقد صرح جماعة من الأئمة بتوثيقه كالدارقطني و الخطيب
و غيرهما و لم يتكلم فيه أحد بسوء ، و تترجح روايته على رواية الكرابيسي
بمتابعة سعدان بن نصر إياه ، و اسمه سعيد و الغالب عليه سعدان ، قال أبو حاتم :
صدوق ، و وثقه الدارقطني ، و أخرج متابعته هذه في " السنن " ( ص 24 ) .
و إن مما يؤيد أن رفعه وهم ، و أنه ليس من عبد الملك أنه رواه عبد السلام بن
حرب عند الطحاوي ( 1/13 ) و أسباط بن محمد عند الدارقطني كلاهما عن عبد الملك
عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا ، و قال الدارقطني :
هذا موقوف ، و لم يروه هكذا غير عبد الملك عن عطاء ، و عبد السلام بن حرب
و أسباط بن محمد ثقتان حجتان ، فإذا انضم إليهما إسحاق الأزرق و هو ثقة أيضا ،
من رواية عمر بن شبة و سعدان عنه تبين بوضوح أن المحفوظ في هذه الطريق الوقف ،
و أن رفعه من الكرابيسي عن الأزرق وهم منه عليه ، فلا تغتر بعد هذا البيان بقول
أحد المتأخرين في كتابه " معارف السنن " ( 1/325 ) :
و بالجملة هذا المرفوع صحيح أو حسن ، فإن ذلك منه جري على ظاهر حال رجال إسناده
و هو كونهم ثقاتا ، دون اكتراث منه إلى ضرورة توفر بقية شروط الحديث الصحيح فيه
التي منها أن لا يشذ و لا يعل ! و ما يحمله على ذلك إلا الانتصار للمذهب ، و لو
على حساب الحديث الصحيح ! نسأل الله السلامة ، ثم وقفت على عجيبة أخرى من
التعصب ، فإن المؤلف المشار إليه بعد تلك الكلمة أحال فيما سماه بـ " البحث
الشافي " إلى مصادر لبعض الحنفية المتعصبة ، منها " البحر الرائق " لابن نجيم
المصري ، فلما رجعت إليه فإذا به يخالف المؤلف المشار إليه فيما ذهب إليه من
التصحيح ، فإنه سلم بضعف هذا الحديث المرفوع ، و لكن قواه بالحديث الموقوف !!
و تفصيل هذه العجيبة أنه قال ما معناه :
روي عن أبي هريرة فعلا و قولا ، مرفوعا و موقوفا من طريقين : الأولى طريق
الدارقطني الموقوفة ، و الأخرى المرفوعة هذه .
و وجهها أن ما سماه بالطريقين مدارهما على عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن
أبي هريرة ، فهي طريق واحدة ، و إنما بعض الرواة وهم على عبد الملك فرفعه كما
سبق تحقيقه ، فالطريق إذا واحدة و بناء على هذا التقسيم الخيالي قال ابن نجيم :
و من المعلوم أن الحكم بالضعف و الصحة إنما هو في الظاهر ، أما في نفس الأمر
فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهرا ، و ثبوت كون مذهب أبي هريرة ذلك ; قرينة تفيد أن
هذا مما أجاده الراوي المضعف ، و حينئذ يعارض حديث السبع يعني المتفق على صحته
! و يقدم عليه !
قلت : و لا يخفى بطلان هذا الكلام على ذي إنصاف و علم ، و أما المتعصب الهالك
في تعصبه فلا تفيده الأدلة و لو أتيته بك آية ! و بيان ما ذكرت من البطلان من
وجوه : يأتي ذكرها فيما بعد لأني أريد أن أتابع الكلام على الخطأين الآخرين
فأقول : و أما الموضع الثاني ، و هو أن عبد الملك رواه عن عطاء عن أبي هريرة
موقوفا بلفظ " ثلاث " ، فقد خالفه حماد بن زيد عن أيوب عن محمد و هو ابن سيرين
عن أبي هريرة قال في الكلب يلغ في الإناء ; قال : يهراق و يغسل سبع مرات .
أخرجه الدارقطني ( ص 24 ) و قال :
صحيح موقوف .
و علقه البيهقي ( 1/242 ) عن حماد ، ثم قال : و في ذلك دلالة على خطأ رواية عبد
الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في الثلاث ، و عبد الملك لا يقبل منه
ما يخالف فيه الثقات .
و قال الحافظ في " الفتح " ( 1/222 ) .
و رواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من
حيث الإسناد ، و من حيث النظر ، أما النظر فظاهر ، و أما الإسناد ، فالموافقة
وردت من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عنه ، و هذا من أصح الأسانيد ،
و أما المخالفة فمن رواية عبد الملك ... و هو دون الأول في القوة بكثير .
قلت : و لعله مما يؤيد أرجحية رواية حماد بن زيد عن أيوب أنه قد رواه هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين مثله .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3/268 ) و سنده صحيح ، و لا يخالفه أنه
أخرجه أيضا من طريق معتمر بن سليمان قال : سمعت أيوب يحدث عن محمد عن أبي هريرة
مرفوعا به .
لأن الراوي قد يرفع الحديث تارة و يوقفه أخرى فهو صحيح مرفوعا و موقوفا .
و أما الموضع الثالث : فقد ثبت في حديث هشام بن حسان المتقدم ذكر التراب بلفظ :
" طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب " .
و هذا أولى من حديث عبد الملك عن عطاء لوجوه :
الأول : أن إسناده أصح من إسناد عبد الملك كما سبق في كلام الحافظ .
الثاني : أنه قد جاء مرفوعا من طريق هشام به .
أخرجه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " و غيرهما كما بينته في " صحيح أبي داود
" ( رقم 64 ) .
و جاء ذكر التراب مع التسبيع من طريقين آخرين عن أبي هريرة .
أخرجهما الدارقطني و قال في أحدهما : هذا صحيح ، و هو كما قال .
و له طريق رابعة عند البزار ذكرتها في المصدر السابق .
الثالث : أن له شاهدا من حديث عبد الله بن مغفل مرفوعا بلفظ :
" إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات ، و عفروه الثامنة في التراب " .
و هو حديث صحيح ، أخرجه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " و ابن الجارود في
" المنتقى " ( رقم 53 ) و غيرهم ، و قال ابن منده :
إسناد مجمع على صحته ، انظر " صحيح أبي داود " ( رقم 67 ) .
و أما التسبيع وحده فله طرق كثيرة جدا عن أبي هريرة تكاد تكون متواترة ، فقد
أخرج مسلم و أبو عوانة أربعا منها ، و سبق أربع أخرى في التتريب فهي ثمان ،
فإذا انضم إليها حديث عبد الله بن عمر عند ابن ماجه ( 1/149 ) بسند صحيح ،
و حديث عبد الله بن مغفل المذكور آنفا ، فالمجموع عشر طرق عن ثلاثة من الأصحاب
، فهل يبقى بعد هذا البيان أدنى شك لدى أي منصف في كون حديث أبي هريرة في
التثليث شاذا ، بل منكرا كما وصفه ابن عدي ، بل باطلا كما هو ظاهر ؟ !
و خلاصة القول : إن الذي روي عن أبي هريرة مرفوعا و موقوفا من التثليث مع ترك
ذكر التتريب لا يصح من قبل إسناده ، بل هو باطل لمخالفته ما ثبت عنه يقينا
مرفوعا من التسبيع و التتريب ، مع ثبوت ذلك عنه موقوفا ، فهو الذي يجب الاعتماد
عليه في هذه المسألة لا سيما و قد شهد له حديث عبد الله بن مغفل و حديث
عبد الله بن عمر ، و إن من عجائب الحنفية أيضا أنهم استجازوا معارضة كل هذه
الطرق عن أبي هريرة ، و الشواهد المذكورة بطريق عبد الملك بن أبي سليمان عن
عطاء عن أبي هريرة و هي وحيدة استجازوا ذلك إحسانا منهم للظن به رضي الله عنه ،
و هو غير ثابت عنه ! ، و غفلوا عن أن ذلك يستلزم إساءة الظن به بالنظر إلى
الروايات الثابتة عنه بالتسبيع ، و بمن وافقه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
!!
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] وقع في مطبوعة " الكامل " ( 2/776 - تحقيق لجنة من المختصين ! ) : " الزهري
" مكان " أبي هريرة " ! و كم في هذه المطبوعة من أخطاء لا تعد و لا تحصى ! .
اهـ .

(3/36)

1038 - " لكم ( يعني الجن ) كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما
، و كل بعرة علف لدوابكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/133 ) :

أخرجه مسلم ( 2/36 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( رقم 82 ) و البيهقي ( 1/108 ـ
109 ) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عامر قال :
سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
؟ قال فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود فقلت : هل شهد أحد منكم مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قال : لا ، و لكنا كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية و الشعاب ، فقلنا
: استطير أو اغتيل ، قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فلما أصبحنا إذا هو
جاء من قبل ( حراء ) ، قال : فقلنا : يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك ،
فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فقال : أتاني داعي الجن فذهبت معه ، فقرأت عليهم
القرآن ، قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم .
و سألوه الزاد ، فقال : فذكره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا
تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم من الجن " .
قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات ، و لكنه معلول بعلتين :
الأولى : إن قوله : " و سألوه الزاد ... " إلخ مدرج في الحديث ليس من مسند ابن
مسعود بل هو عن الشعبي قال : و سألوه الزاد إلخ ، فهو مرسل ، كما بينه البيهقي
بقوله عقبه :
رواه مسلم في " الصحيح " هكذا ، و رواه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن
داود بن أبي هند بهذا الإسناد إلى قوله : و آثار نيرانهم ، قال الشعبي :
و سألوه الزاد ، و كانوا من جن الجزيرة ، إلى آخر الحديث من قول الشعبي مفصلا
من حديث عبد الله .
قلت : هكذا هو في " الصحيح " عقب رواية عبد الأعلى المتقدمة ، و هكذا رواه
الترمذي في " سننه " ( 4/183 ) قال : حدثنا علي بن حجر به ، إلا أنه قال :
" كل عظم لم يذكر اسم الله عليه " كما يأتي بيانه في " العلة الأخرى " و كذلك
رواه البيهقي بسندين له عن علي بن حجر به ، إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال
فيه على لفظ عبد الأعلى فكأنه عنده بلفظه : " كل عظم ذكر ... " . ثم قال :
و رواه محمد بن أبي عدي عن داود إلى قوله : " و آثار نيرانهم " ، ثم قال : قال
داود : و لا أدري في حديث علقمة أو في حديث عامر أنهم سألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم تلك الليلة الزاد فذكره .
ثم ساق البيهقي إسناده إلى محمد بن أبي عدي به ، ثم قال :
و رواه جماعة عن داود مدرجا في الحديث من غير شك .
و رواية إسماعيل بن علية قد أخرجها الإمام أحمد أيضا مقرونا مع رواية غيره من
الثقات فقال : ( 4149 ) : حدثنا إسماعيل : أخبرنا داود و ابن أبي زائدة -
المعنى - قالا : حدثنا داود به مثل رواية إسماعيل عند مسلم .
و تابعهما يزيد بن زريع قال : حدثنا داود بن أبي هند به .
أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/219 ) ، و أخرجه الطيالسي أيضا في " مسنده "
( 1/47 ) لكنه أدرجه في الحديث و لم يفصله عنه ! و قد قرن بروايته وهيب بن خالد
ثم أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن إدريس عن داود به إلى قوله : " و آثار
نيرانهم " ، و لم يذكر ما بعده إطلاقا .
و جملة القول : إن أصحاب داود بن أبي هند اختلفوا عليه في هذه الزيادة على وجوه
: الأول : أنها من مسند ابن مسعود ، كذلك رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى و وهيب
ابن خالد ، و كذا يزيد بن زريع و عبد الوهاب بن عطاء في إحدى الروايتين عنهما .
الثاني : أنها من مرسل الشعبي ، و ليس من مسند ابن مسعود ، جزم بذلك عن داود
إسماعيل بن علية و ابن أبي زائدة ، و يزيد بن زريع في الرواية الأخرى عنه .
و يمكن أن يلحق بهؤلاء عبد الله بن إدريس فإنه لم يذكرها أصلا كما سبق ، و لو
كانت عنده من مسند ابن مسعود لذكرها إن شاء الله تعالى .
الثالث : أن داود شك في كونها من مسند ابن مسعود ، أو من مرسل الشعبي ، كذلك
رواه عنه محمد بن أبي عدي و عبد الوهاب بن عطاء في الرواية الأخرى عنه .
و لا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف أن هذا الاختلاف إنما يدل على أن
المختلف عليه و هو داود بن أبي هند لم يضبط هذا الحديث و لم يحفظه جيدا ،
و لذلك اضطرب فيه على الوجوه الثلاثة التي بينتها ، و لا يمكن أن يكون ذلك من
الرواة عنه لأنهم جميعا ثقات ، فكل روى ما سمع منه ، و إذا كان كذلك فالاضطراب
دليل على ضعف الحديث كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث لأنه يشعر بأن راويه لم
يحفظه ، هذا ما تحرر لدي أخيرا ، و أما الدارقطني فقد أعله بالإرسال فقال كما
في " شرح مسلم " للنووي :
انتهى حديث ابن مسعود عند قوله : " فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم " ، و ما بعده
من قول الشعبي ، كذا رواه أصحاب داود الراوي عن الشعبي : ابن علية و ابن زريع ،
و ابن أبي زائدة و ابن إدريس و غيرهم . هكذا قال الدارقطني و غيره ،
و معنى قوله : إنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويا عن ابن مسعود بهذا الحديث ،
و إلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
قلت : قول الشعبي : " و سألوه الزاد ... " صريح في رفعه إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فلا داعي لقول النووي : " فالشعبي لا يقول ... " إلخ . فإن مثل هذا
إنما يقال فيما ظاهره الوقف كما لا يخفى .
العلة الأخرى : الاضطراب في متنه أيضا على داود ، فعبد الأعلى يقول عنه :
كل عظم ذكر اسم الله عليه " و تابعه على ذلك إسماعيل بن علية و ابن أبي زائدة
عند أحمد و عبد الوهاب بن عطاء عند الطحاوي .
و خالف هؤلاء وهيب بن خالد و يزيد بن زريع عند الطيالسي و عند أبي عوانة عن
يزيد وحده فقالا : " كل عظم لم يذكر اسم الله عليه " .
و اختلفوا على إسماعيل بن علية فرواه أحمد عنه كما سبق ، و تابعه علي بن حجر عن
إسماعيل عند مسلم ، و خالفه الترمذي فقال : حدثنا علي بن حجر به باللفظ الثاني
: " لم يذكر .. " .
و هذا الاختلاف على داود في ضبط متن الحديث مما يؤكد ضعفه ، و أن داود لم يكن
قد حفظه .
ثم رجعت إلى ترجمته من " التهذيب " فوجدت بعض الأئمة قد صرحوا بهذا الذي ذكرته
فيه ، فقال ابن حبان :
كان من خيار أهل البصرة ، من المتقنين في الروايات ، إلا أنه كان يهم إذا حدث
من حفظه .
و قال أحمد :
" كان كثير الاضطراب و الخلاف " .
قلت : و اضطراب داود في هذا الحديث من أقوى الأدلة على هذا الذي قاله فيه
الإمام أحمد ، فرحمه الله ، و جزاه خيرا ، ما كان أعلمه بأحوال الرجال !
و خلاصة الكلام في هذا الحديث أنه ضعيف للاضطراب في سنده و متنه ، و لم أجد له
شاهدا نقويه به ، بل هو مخالف بظاهره لحديث أبي هريرة : " أنه كان يحمل مع
النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه و حاجته ، فبينما هو يتبعه بها ، فقال :
من هذا ؟ فقال : أنا أبو هريرة فقال : ابغني أحجارا أستنفض بها ، و لا تأتني
بعظم و لا بروثة " فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي ، حتى وضعت إلى جنبه ، ثم
انصرفت ، حتى إذا فرغ مشيت معه ، فقلت : ما بال العظم و الروثة ؟ قال : هما من
طعام الجن ، و إنه أتاني وفد جن نصيبين - و نعم الجن - فسألوني الزاد ، فدعوت
الله أن لا يمروا بعظم و لا روثة إلا وجدوا عليها طعما ، و في لفظ : طعاما " .
أخرجه البخاري ( 7/136 ) و الطحاوي ( 1/74 ) و البيهقي ( 1/107 - 108 ) .
قلت : و وجه المخالفة أن ظاهره أن العظم و الروثة زاد و طعام للجن أنفسهم ،
و ليس شيء من ذلك لدوابهم ، و التوفيق بينه و بين حديث ابن مسعود بحمل الطعام
فيه على طعام الدواب كما فعل الحافظ في " الفتح " و تبعه الصنعاني في " سبل
السلام " ( 1/123 ) ، لا بأس به لو ثبت حديث ابن مسعود بإسناد آخر بلفظ يغاير
بظاهره اللفظ السابق ، و هو :
أولئك جن نصيبين سألوني المتاع - و المتاع الزاد - فمتعتهم بكل عظم حائل ، أو
بعرة أو روثة ، فقلت : يا رسول الله ، و ما يغني ذلك عنهم ؟ قال : إنهم لن
يجدوا عظما ، إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، و لا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم
أكلت ، فلا يستنقين أحد منكم إذا خرج من الخلاء بعظم و لا بعرة و لا روثة .
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 26/32 ـ طبع البابي الحلبي ) عن يحيى بن أبي
كثير عن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود : حدثت أنك كنت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن ، قال : أجل ، قال : فكيف كان ؟
فذكر الحديث كله ، و ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خط عليه خطا و قال : لا
تبرح منها ، فذكر أن مثل العجاجة السوداء غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فذعر ثلاث مرات ، حتى إذا كان قريبا من الصبح ، أتاني رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : أنمت ؟ قلت : لا والله ، و لقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى
سمعتك تقرعهم بعصاك تقول : اجلسوا ، قال : لو خرجت لم آمن أن يختطفك بعضهم ، ثم
قال : هل رأيت شيئا ؟ قال : نعم رأيت رجالا سودا مستشعري ثياب بيض ، قال :
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير عبد الله بن عمرو بن
غيلان الثقفي ، أورده ابن أبي حاتم ( 2/2/117 ) و قال :
روى عن جابر بن عبد الله ، روى عنه قتادة و أبو بشر جعفر بن إياس .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و مثله يورده ابن حبان في " الثقات " ، و لست
بطائله الآن حتى أتأكد من أنه أورده أولا . و قد ذكر الحافظ في ترجمة أبيه من "
التهذيب " أنه كان من كبار رجال معاوية ، و كان أميرا له على البصرة .
ثم رأيته في " الثقات " ( 7/51 ) ، ذكره فيمن روى عن التابعين ، فقال : يروي عن
كعب ، و عنه قتادة ، و حقه أن يورده في التابعين لتصريحه في هذا الحديث أنه لقي
ابن مسعود و سمع منه ، و فيه أنه رواه عنه يحيى بن أبي كثير ، فقد روى عنه
ثلاثة من الثقات ، فمثله يحسن بعضهم حديثه ، و لا أقل من أن يستشهد به ، فلعله
لذلك لما ذكره ابن كثير في " تفسيره " ( 4/165 ) من طريق ابن جرير سكت عليه .
و ذكره الزيلعي في " نصب الراية " ( 1/144 ـ 145 ) من رواية أبي نعيم في
" دلائل النبوة " عن الطبراني بسنده إلى معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع
أبا سلام يقول : حدثني عمرو بن غيلان الثقفي قال :
أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له : حدثت أنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة وفد الجن ... الحديث ، و عزاه الصنعاني في " السبل " و تبعه الشوكاني
في " النيل " ( 1/85 ) لأبي عبد الله الحاكم في " دلائل النبوة " فإن عنى
" دلائل النبوة " من " المستدرك " فليس فيه ، والله أعلم .
و رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 29 ) من وجه آخر عن معاوية بن سلام به مختصرا
إلا أنه قال : فلان بن غيلان و قال :
مجهول ، قيل : اسمه عمرو ، و قيل : عبد الله بن عمرو بن غيلان .
و به أعله الزيلعي ، فقال عقب رواية الطبراني :
و في سنده رجل لم يسم ، و لا يخفى أن هذا القول غير مستقيم بالنسبة لرواية
الطبراني ، فلو عزاه للدارقطني ثم ذكره عقبه لأصاب .
و للحديث طريق أخرى ، يرويه أبو فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي
عن عبد الله بن مسعود به ، نحوه و فيه :
قد زودتهم الرجعة ، و ما وجدوا من روث وجدوه شعيرا ، و ما وجدوه عظم وجدوه
كاسيا ، أخرجه أحمد ( رقم 3481 ) ، و أبو زيد هذا قال الذهبي :
لا يعرف ، قال البخاري في " الضعفاء " : لا يصح حديثه - يعني هذا - و قال أبو
أحمد الحاكم : رجل مجهول ، قلت : ما له سوى حديث واحد .
قلت : يعني هذا ، و هو مخرج في " ضعيف أبي داود " ( رقم 10 ) زيادة على ما هنا
و قد جاء مختصرا من طريق عبد الله بن الديلمي عن ابن مسعود قال :
قدم وفد من الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ! انه أمتك
أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة ، فإن الله جعل لنا فيها رزقا ، قال : فنهى
النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه أبو داود و غيره بسند صحيح ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 29 )
و من طريق موسى بن علي بن رباح قال : سمعت أبي يقول : عن ابن مسعود أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ليلة الجن و معه عظم حائل ، و بعرة ، و فحمة
، فقال :
" لا تستنجين بشيء من هذا إذا خرجت إلى الخلاء " .
أخرجه أحمد ( 1/457 ) و الدارقطني ( 1/56/7 ) و البيهقي ( 1/109 ـ 110 )
و أعلاه بعدم ثبوت سماع علي من ابن مسعود ، و رده عليه ابن التركماني في
" الجوهر النقي " فراجعه .
و رواه عبد الله بن صالح : حدثني موسى بن علي به أتم منه .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 9158 - بترقيمي ) و قال :
لم يرو علي بن رباح عن ابن مسعود حديثا غير هذا .
قلت : و هو ثقة كابنه ، فإن كان سمعه من ابن مسعود فهو صحيح من الوجه الأول .
و أما عبد الله بن صالح ، ففيه ضعف ، و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد "
( 1/210 ) .
و بالجملة فالحديث مشهور عن ابن مسعود كما قال الحافظ في " التلخيص " ( 1/109 )
، فهو صحيح عنه قطعا ، لكن في بعض طرقه ما ليس في البعض الآخر ، و قد تبين من
مجموع ما أخرجنا منها أن رواية مسلم المتقدمة عن داود بن أبي هند صحيحة بتمامها
إلا قوله في حديث الترجمة : " علف لدوابكم " و جملة : " اسم الله " على وجهيها
، لخلوها عن شاهد ، و اضطراب داود في ذلك وصلا و إرسالا . و من أجل ذلك خرجته
هنا ، والله سبحانه و تعالى أعلم .

(3/37)

1039 - " التوبة تجب ما قبلها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/141 ) :

لا أعرف له أصلا .
خلافا لما يشعره صنيع الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : *( فأولئك يدخلون
الجنة و لا يظلمون شيئا )* ، قال ( 3/129 ) : و ذلك لأن التوبة تجب ما قبلها ،
و في الحديث الآخر : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " .
فقوله : الحديث الآخر يعطي أن الذي قبله حديث ، فهو في تعبيره الحديث الأول ،
و لذلك تورط بكلامه هذا الشيخ الرفاعي فأورده في فهرس " الحديث الشريف " ! من
" مختصره " ( 2/619 ) ، و ليس هذا فقط بل و وضع بجانبه قوله : صح !! و كذلك
فعل في الحديث الآخر ، و هذا الخطب فيه سهل ، فإنه معروف في بعض كتب السنة ،
و قد حسنته في " صحيح الجامع الصغير " ( 3005 ) بخلاف هذا فإني لا أعرف له أصلا
البتة ، و مع ذلك فقد صححه المذكور ، هداه الله .
و في ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير و مختصره بالحديث الصحيح : " إن
الإسلام يجب ما كان قبله ، و إن الهجرة تجب ما كان قبلها " زاد في رواية :
" و إن الحج يهدم ما كان قبله " ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 1280 ) .

(3/38)

1040 - " كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي ، لم يعد
بصر أحدهم موضع قدميه ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان الناس
إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه ، فتوفي أبو بكر ، و كان عمر ،
فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي ، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة ، و كان عثمان
ابن عفان ، فكانت الفتنة ، فتلفت الناس يمينا و شمالا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/141 ) :

منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 1/501 - 502 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 9258 -
مصورتي ) عن محمد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي : حدثني
موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي : حدثني مصعب بن عبد الله عن أم سلمة
بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : فذكره ، و قال
الطبراني : لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد .
قلت : و هو ضعيف ، و له علتان :
الأولى : موسى بن عبد الله بن أبي أمية ، أشار الذهبي إلى جهالته بقوله :
تفرد عنه محمد بن إبراهيم بن المطلب .
و صرح بذلك الحافظ في " التقريب " فقال : مجهول .
و هذا معنى قول المنذري في " الترغيب " ( 1/192 ) :
رواه ابن ماجه بإسناد حسن ، إلا أن موسى بن عبد الله لم يخرج له من الستة غير
ابن ماجه ، و لا يحضرني فيه جرح و لا تعديل .
و نقله عنه البوصيري : محمد بن إبراهيم هذا ، فيه جهالة ، فإنه لم يرو عنه سوى
اثنين ، و لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، و لذلك لم يوثقه الحافظ ، بل قال فيه :
مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في المقدمة ، و
قد تفرد بهذا الحديث و لا يعرف إلا من طريقه ، فهو غير مقبول .
فتبين مما سبق أن الحديث منكر إسنادا ، و هو منكر أيضا متنا عندي ، و بيان هذا
من وجهين :
الأول : أنه يدل على أن السنة أن ينظر القائم في صلاته موضع قدميه ، و هذا خلاف
المعروف الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى طأطأ رأسه ، و رمى
ببصره نحو الأرض ، و في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف
بصره موضع سجوده حتى خرج منها <1> .
و الآخر : أنه دل على أن الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد خالفوا سنته
صلى الله عليه وسلم إلى شيء آخر ، و هذا مستبعد جدا عن الصحابة إن لم يكن
مستحيلا عادة ، والله أعلم .
تنبيه : إيراد الحافظ المنذري هذا الحديث في " الترغيب و الترهيب " مما لا
يتناسب مع موضوع كتابه ، لأنه ليس فيه شيء من معنى " الترغيب و الترهيب " و قد
نص هو في المقدمة على أنه لم يذكر فيه ما كان من أفعال النبي صلى الله عليه
وسلم المجردة عن زيادة نوع من موضوع كتابه إلا نادرا ، في ضمن باب أو نحوه .
فهذا من النادر ، اللهم إلا أن يكون أورده من أجل ما في آخره من تلفت الناس
يمينا و شمالا بعد الفتنة ، و حينئذ فليس له علاقة بالترهيب المرفوع ، فتأمل .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر " صفة الصلاة " ( ص 58 الطبعة الثالثة ) ، قال السندي مشيرا إلى هذه
المخالفة " لكن مختار كثير من الفقهاء أنه ينظر إلى موضع سجوده " . اهـ .

(3/39)

1041 - " من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك و أشهد حملة عرشك و ملائكتك
، و جميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، و أن محمدا عبدك و رسولك أعتق
الله ربعه من النار ، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه ، و من قالها ثلاثا أعتق
الله ثلاثة أرباعه ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/143 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2/612 ) عن عبد الرحمن بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز بن
ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : عبد الرحمن بن عبد المجيد لا يعرف كما في " الميزان " و قال الحافظ في
" التقريب " : مجهول .
الأخرى : أنهم اختلفوا في سماع مكحول من أنس ، فأثبته أبو مسهر ، و نفاه
البخاري ، فإن ثبت سماعه منه فالعلة عنعنة مكحول فقد قال ابن حبان : ربما دلس .
و للحديث طريق أخرى عن أنس ، فقال البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 1201 ) :
حدثنا إسحاق قال : حدثنا بقية عن مسلم بن زياد مولى ميمونة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم قال : سمعت أنس بن مالك قال : فذكره .
و كذلك رواه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 68 ) عن النسائي ،
و هذا في " العمل " أيضا رقم ( 9 ) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم به ، إلا أنه وقع
فيه : بقية بن الوليد : حدثني مسلم بن زياد .
فصرح بقية بالتحديث ، و ما أراه محفوظا ، و لعله خطأ من بعض النساخ ، فإن
الطريق مدارها كما ترى على إسحاق بن إبراهيم ، و هو ابن راهويه ، فالبخاري قال
في روايته : ( عن ) ، و هو الصواب ، فقد أخرجه أبو داود ( 2/615 ) و الترمذي
( 4/258 ) <1> من طريقين آخرين صحيحين عن بقية عن مسلم بن زياد به نحوه و زاد
بعد قوله : " لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك " .
و هي عند النسائي أيضا ، و قالا بدل قوله : " أعتق الله ربعه ... " " إلا غفر
الله له ما أصاب في يومه ذلك ، و إن قالها حين يمسي غفر الله له ما أصاب في تلك
الليلة من ذنب " .
فلهذه الطريق علتان أيضا :
إحداهما : عنعنة بقية ، فإنه كان معروفا بالتدليس .
و الأخرى : جهالة مسلم بن زياد هذا ، قال ابن القطان : حاله مجهول .
و قال الحافظ في " التقريب " : مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين
الحديث كما تقدم مرارا .
و لا يقال : ينبغي أن يكون هنا مقبولا لمتابعة مكحول إياه ، لأننا نقول : يمنع
من ذلك أمور :
الأول : أن مكحولا قد رمي بالتدليس و رواه بالعنعنة كما سبق ، فيحتمل أن يكون
بينه و بين أنس مسلم بن زياد هذا أو غيره فيرجع الطريقان حينئذ إلى كونهما من
طريق واحدة ، لا يعرف تابعيها عينا أو حالا ، فمن جود إسناده أو حسنه لعله لم
يتنبه لهذا .
الثاني : أن الطريق إلى مسلم بن زياد لا تصح لعنعنة بقية كما عرفت .
الثالث : أنهم اختلفوا عليه في لفظ الحديث ، فإسحاق رواه عنه مثل رواية مكحول ،
و الطريقان الآخران روياه عنه بلفظ : " إلا غفر الله له ... " كما تقدم ، فهذا
اضطراب يدل على أن الحديث غير محفوظ ، و كأنه من أجل ذلك كله ، لم يصححه
الترمذي ، بل ضعفه بقوله : حديث غريب .
و أما ما نقله المنذري في " الترغيب " ( 1/227 ) عن الترمذي أنه قال :
حديث حسن ، فهو وهم أو نسخة ، و مثله و أغرب منه نقل ابن تيمية في " الكلم
الطيب " ( ص 11 ) عنه : حديث حسن صحيح ! .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و أخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " ( 10/119 ) و قال :
و فيه بقية و هو مدلس . اهـ .

(3/40)

1042 - " كان إذا سمع صوت الرعد و الصواعق قال : اللهم لا تقتلنا بغضبك ، و لا تهلكنا
بعذابك ، و عافنا قبل ذلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (3/146 ) :

ضعيف .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 271 ) و الترمذي ( 4/245 ) و ابن
السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 298 ) و كذا النسائي ( 927 و 928 )
و الحاكم ( 4/286 ) و البيهقي ( 3/362 ) و أحمد ( 2/100 - 101 ) كلهم عن طريق
أبي مطر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا ، و قال الترمذي :
حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي !
و نقل ابن علان شارح " الأذكار " ( 4/284 ) عن ابن الجزري أنه قال في " تصحيح
المصابيح " : و رواه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " و الحاكم و إسناده جيد
، و له طرق ، و عن الحافظ أنه قال - يعني في " تخريج الأذكار " - متعقبا على
النووي تضعيفه للحديث :
أخرجه أحمد و أخرجه الحاكم من طرق متعددة ( بينها الحافظ ثم قال : ) فالعجب من
الشيخ يطلق الضعف على هذا و هو متماسك ، و يسكت عن حديث ابن مسعود أي السابق
فيما يقول إذا انقض الكوكب و قد تفرد به من اتهم بالكذب <1> .
قلت : لا شك أن سكوت النووي رحمه الله عن الحديث المشار إليه ، مما لا يحسن من
مثله ، غير أن إطلاقه التضعيف على هذا الحديث فهو مما لا غبار عليه ، ذلك لأن
مداره عندهم جميعا على أبي مطر هذا ، و هو كما قال الذهبي نفسه في " الميزان "
: لا يدرى من هو ، و مثله قول الحافظ في التقريب : مجهول .
فأنى لحديث مثله الصحة أو الجودة أو التماسك ؟ !
و أما الطرق المتعددة التي عزاها الحافظ للحاكم ، فلا أدري أين أخرجها من كتابه
" المستدرك " ، فإنه لم يذكر في المكان الذي سبقت الإشارة إليه إلا طريق أبي
مطر الوحيدة هذه ، و من المؤسف أن الشارح ابن علان اكتفى بقوله : بينها الحافظ
و لم يبين ذلك لنطلع عليه ، فإني في شك كبير أن يكون للحديث طرق متعددة خاصة في
" مستدرك الحاكم " ، فإني قد بحثت عنه في عدة مواضع مظنونة منه ، فلم أعثر عليه
إلا في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه ، و هو في " كتاب الأدب " منه ، والله
أعلم .
ثم رجعت إلى فهرسي الذي وضعته لـ " المستدرك " أخيرا فلم يدلني إلا على الموضع
المشار إليه ، والله أعلم .
تنبيه : لقد اغتر المناوي في " الفيض " بكلام ابن حجر الذي نقله ابن علان ، و
لذلك قال في " التيسير " : و بعض أسانيده صحيح ، و بعضها ضعيف ، و قلده في ذلك
الشيخ الغماري في " الكنز الثمين " فأورده فيه برقم ( 2671 ) ، و قد زعم في
مقدمته : أنه جرد فيه الأحاديث الثابتة في " الجامع الصغير " !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر " مجمع الزوائد " ( 10/138 ) و " المعجم الأوسط " ( 7869 ) . اهـ .

(3/41)

1043 - " قولي لها تتكلم ، فإنه لا حج لمن لم يتكلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/147 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن حزم في " المحلى " ( 7/196 ) من طريق عبد السلام بن عبد الله بن جابر
الأحمسي عن أبيه عن زينب بنت جابر الأحمسية : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علته عبد الله بن جابر الأحمسي و ابنه عبد السلام .
قال ابن القطان : لا يعرف هو و لا ابنه ، و ليس له إلا حديث واحد ، و لا روى
عنه إلا ابنه ، نقله في " الميزان " .

(3/42)

1044 - " كان يرفع يديه عند التكبير في كل صلاة و على الجنائز " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/148 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم ـ 8584 مصورتي ) عن عباد بن صهيب : حدثنا
عبد الله بن محرر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ، و قال :
لم يرو هذه اللفظة : و على الجنائز إلا ابن محرر ، تفرد بها عباد .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، آفته عباد بن صهيب و عبد الله بن محرر متروكان ،
و أما قول الهيثمي في " المجمع " ( 3/32 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عبد الله بن محرر و هو مجهول .
قلت : فهذا سهو منه رحمه الله ، فإن ابن محرر هذا معروف ، و لكن بالضعف الشديد
، قال فيه البخاري : منكر الحديث .
و قال الدارقطني و جماعته :
متروك الحديث ، انظر " تهذيب التهذيب " .
ثم إن اقتصاره عليه في إعلال الحديث يوهم أنه ليس فيه علة أخرى ، و ليس كذلك ،
فإن عباد بن صهيب متروك أيضا كما سبق ، و له ترجمة في " لسان الميزان " .
و من ذلك تعلم أن قول الحافظ في " التلخيص " ( ص 171 ) بعد أن ذكر قول الطبراني
المتقدم : لم يرو هذه اللفظة إلا ابن محرر تفرد بها عبادة :
و هما ضعيفان ، و قوله في " الفتح " ( 3/148 ) :
إسناده ضعيف .
قلت : في ذلك كله تسامح كبير ، فإن حقه أن يقول : ضعيفان جدا ، و ضعيف جدا ،
و مما يشهد لذلك قوله في " التقريب " :
عبد الله بن محرر متروك .
ثم رد الحافظ على الطبراني نفيه المذكور بأن الدارقطني رواه من طريق أخرى بلفظ
آخر و هو :
" كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة ، و إذا انصرف سلم " .

(3/43)

1045 - " كان إذا صلى على الجنازة رقع يديه في كل تكبيرة ، و إذا انصرف سلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/149 ) :

شاذ .
قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/285 ) :
أخرجه الدارقطني في " علله " عن عمر بن شبة <1> : حدثنا يزيد بن هارون : أنبأ
يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر ، و خالفه جماعة ، فرووه عن يزيد بن هارون
موقوفا ، و هو الصواب .
و أقره الزيلعي ثم الحافظ في " التلخيص " ( ص 171 ) ، و هو الحق إن شاء الله
تعالى ، فإن رواية الجماعة الذين أشار إليهم الدارقطني ، و المفروض أنهم جميعا
ثقات ، و إلا لما رجح روايتهم فهؤلاء مجتمعين أحفظ و أضبط دون ما ريب من ابن
شبة وحده ، لا سيما و قد ذكروا له حديثا أخطأ فيه كما هو مبين في " التهذيب " ،
و كأن هذا مما حمل الحافظ في " التقريب " على أن يقتصر في ترجمته على قوله فيه
: صدوق ، فأورده في المرتبة الرابعة و هي الأخيرة عنده من مراتب التعديل ، أي
أنه حسن الحديث ، لأن المرتبة الثالثة من وصفه بقوله : ثقة ، أو متقن ، أو ثبت
، أو عدل ، و هذه خاصة بمن كان صحيح الحديث ، أما المرتبة الخامسة ، فهي لمن
قصر عن درجة الرابعة قليلا ، و إليه الإشارة بـ صدوق سيىء الحفظ ، أو صدوق
يهم ، أو له أوهام ، أو يخطىء ، أو تغير بآخره ، و هذه لمن كان ضعيف الحديث
أو قريبا منه .
و مما يؤيد رواية الجماعة عن يزيد بن هارون ، أنه تابعه جماعة من الثقات بعضهم
متابعة تامة ، و بعضهم متابعة قاصرة ، و هاك بيانها :
1 - قال البخاري في " رفع اليدين " ( ص 33 ـ طبعة الإمام ) : قال أحمد بن يونس
: حدثنا زهير : حدثنا يحيى بن سعيد به .
و هذا سند صحيح غاية على شرط الشيخين ، و زهير هو ابن معاوية بن خديج قال في
" التقريب " : ثقة ثبت ، و أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس ينسب
إلى جده ، و هو كما قال الحافظ : ثقة حافظ ، و هو من شيوخ البخاري فهو إسناد
موصول ، و إن كان في صورة المعلق كما هو مقرر في " مصطلح الحديث " .
2 - قال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4/112 ) : حدثنا ابن فضيل عن يحيى به .
و هذا سند صحيح أيضا على شرطهما ، و متابعة تامة أيضا قوية من ابن فضيل و اسمه
محمد وثقه ابن معين و جماعة .
3 - قال عبد الله بن إدريس : سمعت عبيد الله <2> عن نافع به ، أخرجه ابن
أبي شيبة و البخاري في " رفع اليدين " و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4/44 )
من طرق عن إدريس به .
قلت : و هذا سند صحيح أيضا على شرطهما ، رجاله كلهم ثقات أثبات ، و عبيد الله
هو ابن عمر المصغر ، و هو ثقة ، و أما أخوه عبد الله بن عمر المكبر فهو ضعيف
لسوء حفظه .
4 - قال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة : حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت نافعا
به نحوه .
قلت : و هذا سند صحيح أيضا ، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري في " صحيحه " .
فهذه أربع طرق صحيحة ، كلها متفقة على رواية الحديث عن نافع عن ابن عمر موقوفا
عليه ، فإذا ضمت إلى رواية الجماعة عن يزيد بن هارون كان ذلك دليلا قاطعا إن
شاء الله تعالى على التصويب روايتهم الموقوفة ، و تخطئة رواية ابن شبة المرفوعة
و هذا بين ظاهر ، والله الموفق لا رب سواه .
فائدة : قال ابن حزم رحمه الله تعالى ( 5/128 ) :
و أما رفع الأيدي ، فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع في شيء
من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط <3> ، فلا يجوز فعل ذلك ، لأنه عمل في
الصلاة لم يأت به نص ، و إنما جاء عنه عليه السلام أنه كبر و رفع يديه في كل
خفض و رفع ، و ليس فيها رفع و لا خفض ، و العجب من قول أبي حنيفة برفع الأيدي
في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ، و لم يأت قط عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
و منعه رفع الأيدي في كل خفض و رفع في سائر الصلوات ، و قد صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، و قد نقل تعجب ابن حزم هذا من أبي حنيفة بعض مقلديه في
تعليقه على " نصب الراية " و اعترض عليه بقوله :
قلت : هذه النسبة منه أعجب .
و أقول : لا عجب ، فإن قول أبي حنيفة هذا ثابت عنه ، منقول في كثير من كتب
أتباعه ، مثل حاشية ابن عابدين و غيره ، و عليه عمل أئمة بلخ من الحنفيين ،
و إن كان عمل الأحناف اليوم على خلافه ، و عليه جرت كتب المتون ، و هذا هو الذي
غر المشار إليه على الاعتراض على ابن حزم و الرد عليه ، و هو به أولى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] في الأصل " شيبة " في الموضعين و التصحيح من " التلخيص " و كتب الرجال .
اهـ .

[2] هكذا وقع عند البيهقي " عبيد " مصغر ، و وقع عند الآخرين " عبد " مكبرا
و الراجح عندي الأول ، لأمرين : أولا : أنه هو المذكور في شيوخ ابن إدريس ،
و الثاني أنه وقع كذلك في " الفتح " ( 3/148 ) معزوا لجزء البخاري . اهـ .

[3] انظر لهذا كتابنا " أحكام الجنائز " طبع المكتب الإسلامي ( ص 115 - 116 ) .






بحث في الصفحة الحالية
1046 - " مسح رأسه ، و أمسك مسبحتيه لأذنيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/151 ) :

لا أصل له .
و إن أورده الشيخ الشيرازي في " المهذب " ، في بعض نسخه ، فإنه لم يورده في نسخ
أخرى منه متعمدة ، و ذلك أنه أمر بالضرب عليه ، لما تبين له أنه لا أصل له ،
فقال النووي في شرحه عليه ( 1/411 ) :
هو موجود في نسخ المهذب المشهورة ، و ليس موجودا في بعض النسخ المعتمدة و هو
حديث ضعيف ، أو باطل لا يعرف ، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : و هنا نكتة خفيت
على أهل العناية بـ " المهذب " و هي أن مصنفه رجع عن الاستدلال بهذا الحديث ،
و أسقطه من " المهذب " ، فلم يفد ذلك بعد انتشار الكتاب ، قال : وجدت بخط بعض
تلامذته في هذه المسألة من تعليقه في الخلاف في الحاشية عند استدلاله بهذا
الحديث : قال الشيخ : ليس له أصل في السنن ، فيجب أن تضربوا عليه في " المهذب "
فإني صنفته من عشر سنين و ما عرفته ، قال أبو عمرو بن الصلاح : و بلغني أن هذا
الحديث مضروب عليه في أصل المصنف الذي هو بخطه ، و يغني عن هذا ، حديث عبد الله
ابن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، فأخذ لأذنيه ماء خلاف
الماء الذي أخذ لرأسه ، حديث حسن رواه البيهقي ، و قال : إسناده صحيح .
قلت : هو كما قال البيهقي : إسناده صحيح ، لكنه شاذ ، و قد أشار إلى ذلك
البيهقي نفسه ، فإنه لما أخرجه ( 1/65 ) من طريق الهيثم بن خارجة : حدثنا
عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري : أن
أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره و قال : و هذا إسناد صحيح أتبعه بقوله :
و كذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص و حرملة بن يحيى عن ابن وهب
و رواه مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف و هارون بن سعيد الأيلي
و أبي الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتوضأ ، فذكر وضوءه قال : و مسح رأسه بماء غير فضل يديه ، و لم يذكر الأذنين ثم
قال : و هذا أصح من الذي قبله .
فأشار بهذا إلى شذوذ الرواية الأولى كما ذكرنا آنفا ، و قد صرح الحافظ بمعنى
ذلك بقوله في " بلوغ المرام " ، فإنه ذكر الرواية الأولى من رواية البيهقي . ثم
ذكر لفظ مسلم ثم أعقبه بقوله :
و هو المحفوظ ، و لا ينافيه ما سبق في كلام البيهقي أن الهيثم بن خارجة لم
يتفرد به ، بل تابعه ابن مقلاص و حرملة بن يحيى ، ذلك لأن الرواية عنهما لم تصح
، كما يشير إليه كلام البيهقي و هو قوله : روي و لعل ذلك من أجل أنه من رواية
محمد بن أحمد ابن أبي عبيد الله عنهما ، أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 1/151
) و قال :
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إذا سلم من ابن أبي عبيد الله هذا ، فقد احتجا
جميعا بجميع رواته ، و وافقه الذهبي ، و لم يتعرض لابن أبي عبيد الله هذا
و أظنه الذي في " الميزان " :
محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الجبار العامري ، عن الربيع و ابن عبد الحكم و
بحر بن نصر ، و عنه الضراب و ابن منده و ابن جميع ، قال ابن يونس : كان يكذب ،
و حدث بنسخة موضوعة ، توفي سنة ثلاث و أربعين و ثلاثمائة .
فإن كان هو فما في " المستدرك " : " ابن أبي عبيد الله " محرف من " ابن
عبد الله " .
بيد أنه لم يتفرد به عن حرملة ، فقد خرجه الحاكم أيضا من طريق أخرى قوية في
الظاهر ، فقال : حدثناه أبو الوليد الفقيه غير مرة : حدثنا الحسن بن سفيان :
حدثنا حرملة بن يحيى : حدثنا ابن وهب به ، لكن قال الحافظ في " التلخيص "
( ص 33 ) :
رواه الحاكم بإسناد ظاهر الصحة .
ثم ذكر رواية الهيثم بن خارجة المتقدمة و تصحيح البيهقي لإسنادها ثم تعقبه
بقوله :
لكن ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في " الإمام " أنه رأى في رواية ابن
المقري عن ابن قتيبة عن حرملة بهذا الإسناد ، و لفظه : " و مسح رأسه بماء غير
فضل يديه " ، و لم يذكر الأذنين .
قلت : و كذا هو في " صحيح ابن حبان " عن ابن سلم عن حرملة ، و كذا رواه الترمذي
عن علي بن خشرم عن ابن وهب .
قلت : و فاته أنه عند مسلم أيضا ( 1/146 ) من طريق جماعة آخرين عن ابن وهب كما
تقدم في كلام البيهقي ، و لم يفته ذلك في " بلوغ المرام " كما تقدم ، و اغتر
بصنيعه في " التلخيص " الصنعاني فقال في " سبل السلام " ( 1/70 ) :
و لم يذكر في " التلخيص " أنه أخرجه مسلم ، و لا رأيناه في مسلم !
و أخرجه أبو داود أيضا من طريق أبي الطاهر ، و أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/249
) و أحمد ( 4/41 ) من طريقين آخرين عن ابن وهب به .
و تابعه حجاج بن إبراهيم الأزرق عن عمرو بن الحارث عند أبي عوانة .
و تابعه ابن لهيعة عن حبان بن واسع عند أحمد ( 4/39 و 40 ـ 42 ) .
و ابن لهيعة صحيح الحديث إذا كان من رواية أحد العبادلة عنه ، و هذا منها ، فإن
عبد الله بن المبارك ممن رووه عنه .
و جملة القول أن حديث عبد الله بن زيد هذا قد رواه ثلاثة من الثقات عن عمرو بن
الحارث :
أ - حرملة .
ب - ابن وهب .
ج - حجاج الأزرق .
و ثلاثتهم قالوا في روايتهم عنه : " و مسح رأسه بماء غير فضل يديه " ، إلا في
بعض الروايات عن الأول فقال : " فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه " .
فهذا الاختلاف إما أن يكون من الرواة أنفسهم أو من حرملة ذاته ، و أيهما كان ،
فالرواية التي وافق فيها الثقات أولى بالترجيح و القبول من التي خالفهم فيها ،
لا سيما و قد تأيدت برواية ابن لهيعة المذكورة ، فهذا كأنه يؤيد ما ذهب إليه
الحافظ أن حديث " أخذ ماء جديدا للأذنين " غير محفوظ ، و يرد قول النووي أنه
حديث حسن ، و قد كنت وقعت في خطأ أفحش منه ; فقلت في " سلسلة الأحاديث الصحيحة
" ( الطبعة الأولى ) عند الكلام على الحديث ( 36 ) : و هو حديث صحيح كما بينته
في " صحيح سنن أبي داود " ( رقم 111 ) .
و الذي بينت صحته هناك إنما هو لفظ مسلم : " و مسح رأسه بماء غير فضل يده " .
لذلك فإني أهتبل هذه الفرصة و أعلن أنه خطأ مني رجعت عنه فمن كان وقف عليه
فليصححه ، و أستغفر الله من كل خطأ و ذنب .
و يعود الفضل لتنبهي لهذا الخطأ إلى أحد طلابنا المجتهدين الأذكياء في السنة
الثالثة من الجامعة الإسلامية ، فإنه كتب إلي بتاريخ 16/5/84 هـ ) يستفسر عن
التوفيق بين تصحيحي للحديث المذكور ، و تضعيفي إياه في درس الحديث في السنة
الأولى من الجامعة . فكتبت إليه أبي هذا الخطأ ، و أؤكد له ضعفه و أشكره على
اهتمامه بالتحقيق العلمي ، و جزاه الله خيرا ، و قد كنت نوهت بذلك في التعليق
على " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1/56 ـ طبع المكتب الإسلامي " .

(3/45)

1047 - " كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/155 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن خزيمة ( 1260 ) و عنه الحاكم ( 1/315 ـ 316 و 2/101 ) و زاهر الشحامي
في " السباعيات " ( ج 7/18/2 ) عن عبد السلام بن هاشم : حدثنا عثمان بن سعد
الكاتب ، و كانت له مروءة و عقل عن أنس بن مالك قال : فذكره مرفوعا .
و قال الحاكم :
حديث صحيح ، و عثمان بن سعد الكاتب ممن يجمع حديثه في البصريين .
و تعقبه الذهبي في الموضع الأول بقوله :
قلت : ذكر أبو حفص الفلاس عبد السلام هذا فقال : لا أقطع على أحد بالكذب إلا
عليه ، و قال في الموضع الآخر :
قلت : لا ، فإن عبد السلام كذبه الفلاس ، و عثمان لين .
قلت : و عثمان هذا متفق على تضعيفه ، و قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " :
ضعيف ، فلا أدري بعد هذا وجه ما نقله المناوي عنه فقال :
و قال ابن حجر : حسن غريب ، و قول الحاكم : صحيح ، غلطوه فيه .
قلت : و كذلك تحسينه إياه ينبغي أن يكون خطأ ، ما دام أنه غريب ، و فيه ذلك
الراوي الضعيف ، و أما إعلال الذهبي إياه بعبد السلام أيضا ، فهو باعتبار هذه
الطريق ، و قد وجدت له متابعا عند الحاكم ( 1/446 ) من طريق أبي قلابة
عبد الملك بن محمد : حدثنا ابن عاصم : حدثنا عثمان بن سعد به ، و قال الحافظ
عقبه : صحيح على شرط البخاري ، و رده الذهبي بقوله :
كذا قال ، و عثمان ضعيف ما احتج به البخاري .
و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5/253 ) إلا أنه جعل يحيى
ابن كثير " بدل " أبو عاصم " و كلاهما ثقة ، و ابن كثير هو العنبري البصري ،
و لعل هذا الاختلاف من أبي قلابة ، فإنه كان تغير حفظه ، والله أعلم .
و الحديث أخرجه أبو يعلى أيضا و البزار و الطبراني في " الأوسط " من طريق ابن
سعد .
و يشبه هذا الحديث حديث آخر أشد ضعفا منه و هو :
" كان إذا نزل منزلا في سفر ، أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين " .

(3/46)

1048 - " كان إذا نزل منزلا في سفر ، أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/156 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 18/300/770 ) عن محمد بن عمر الواقدي :
حدثنا حارثة بن أبي عمران بسنده عن فضالة بن عبيد به .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2/283 ) :
و فيه الواقدي ، و قد وثقه مصعب الزبيري و غيره ، و ضعفه جماعة كثيرون من
الأئمة .
و الحديث رمز له السيوطي بالضعف في بعض نسخ " الجامع الصغير " ، و قال المناوي
: سكت المصنف عليه فلم يرمز إليه ، فأوهم أنه لا بأس بسنده ، و ليس كذلك ، فقد
قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : سنده واه هكذا قال ، و قال شيخه الزين
العراقي في شرح الترمذي : ( فيه الواقدي ) .
قلت : و هو متروك كما تقدم مرارا .
ثم إن شيخه حارثة مجهول كما قال أبو حاتم و الذهبي .

(3/47)

1049 - " كان إذا استلم الحجر قال : اللهم إيمانا بك ، و تصديقا بكتابك ، و اتباعا سنة
نبيك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/156 ) :

موقوف ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 488 - مصورتي ) عن أبي إسحاق عن
الحارث عن علي أنه كان : فذكره .
قلت : و هذا سند واه ، من أجل الحارث و هو الأعور و هو ضعيف .
ثم أخرجه ( رقم - 5617 و 5971 ) من طريق عون بن سلام : حدثنا محمد بن مهاجر عن
نافع قال :
كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال : فذكره . و زاد في آخره :
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا سند ضعيف أيضا ، و علته محمد بن مهاجر و هو القرشي الكوفي ، قال
الذهبي : لا يعرف .
و قال ابن حجر : لين .
و وهم الهيثمي في " المجمع " فقال ( 3/240 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " ، و رجاله رجال ( الصحيح ) .
و وجه الوهم أن محمد بن مهاجر هذا ليس من رجال الصحيح ، و لم يخرج له من الستة
سوى النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ، ثم هو ضعيف كما عرفت . و الظاهر أن
الهيثمي توهم أنه محمد بن مهاجر بن أبي مسلم الشامي ، فإنه من رجال مسلم ،
و هو ثقة و من طبقة هذا ، و لكنه ليس به ، و ليس من شيوخه نافع ، و لا من
الرواة عنه عون بن سلام ، بخلاف الأول ، كما يتبين للباحث في ترجمة الرجلين في
" تهذيب التهذيب " .

(3/48)

1050 - " الأضحية لصاحبها بكل شعرة حسنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/157 ) :

موضوع .
ذكره الترمذي في " سننه " معلقا بدون إسناد ، و مشيرا إلى تضعيفه بقوله ( 1/282
) :
و يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره .
قلت : و أصله ما أخرجه ابن ماجه ( 3127 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 316/2 ـ
317/1 ) و الحاكم ( 2/389 ) و البيهقي في " سننه " ( 9/261 ) من طريق عائذ الله
عن أبي داود عن زيد بن أرقم قال :
" قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما هذه الأضاحي ؟ قال
: سنة أبيكم إبراهيم ، قالوا : فما لنا فيها يا رسول الله ؟ قال : بكل شعرة
حسنة ، قال : فالصوف يا رسول الله ؟ قال : بكل شعرة من الصوف حسنة " .
أورده ابن عدي في ترجمة عائذ الله هذا و قال :
لا يصح حديثه ، و روى هذا عن البخاري أيضا ، ثم ساق هذا الحديث .
و أما الحاكم فقال عفى الله عنا و عنه :
صحيح الإسناد ! و رده الذهبي بقوله :
قلت : عائذ الله قال أبو حاتم : منكر الحديث .
قلت : و هذا يوهم أنه سالم ممن فوقه ، و ليس كذلك فإن أبا داود هذا مطعون فيه
أيضا ، بل هو أولى بتعصيب الجناية به من الراوي عنه ، لأنه متهم بالكذب ، بل إن
الذهبي نفسه قال عنه في ترجمة عائذ الله : يضع .
و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 3/55 ) :
يروي عن الثقات الموضوعات توهما ، لا يجوز الاحتجاج به ، هو الذي روى عن زيد
ابن أرقم .. فذكر هذا الحديث .
و قال الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 2/101 ـ 102 ) معقبا على الحاكم :
بل واهية ، عائذ الله هو المجاشعي ، و أبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى
و كلاهما ساقط .
و قال البوصيري في " الزوائد " :
في إسناده أبو داود و اسمه نفيع بن الحارث و هو متروك ، و اتهم بوضع الحديث .

(3/49)

1051 - " من حمل سلعته فقد برىء من الكبر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/158 ) :

موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/165 ) و القضاعي ( 32/2 ) عن مسلم بن
عيسى الصفار قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، مسلم هذا قال الدارقطني : متروك . و اتهمه الذهبي
في " تلخيص المستدرك " بوضع الحديث .
و له شاهد لا يفرح به ، أخرجه ابن عدي في الكامل ( ق 240/2 ) من طريق عمر بن
موسى عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا .
أورده في ترجمة عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، و روى عن يحيى أنه قال :
شامي و ليس بثقة .
و عن البخاري : منكر الحديث ، ثم ساق له أحاديث كثيرة ثم قال :
و له غير ما ذكرت من الحديث كثير ، و كل ما أمليت لا يتابعه الثقات عليه ،
و ما لم أذكره كذلك ، و هو بين الأمر في الضعفاء ، و هو في عداد من يضع الحديث
متنا و سندا .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن
أبي أمامة ، و تعقبه المناوي بقوله :
قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي و أقره ، و الأمر بخلافه ، بل تعقبه بقوله
: في إسناده ضعف ، و ذلك لأن فيه سويد بن سعيد ، و هو ضعيف عن بقية و هو مدلس
عن عمرو بن موسى الدمشقي ، قال في " الميزان " : لا يعتمد عليه و لا يعرف
و لعله الوجيهي .
قلت : و في هذا التعقب نظر من وجوه :
أولا : تعصيب الجناية بسويد بن سعيد أيضا لا وجه له ، لأنه قد تابعه يحيى بن
عثمان عند ابن عدي ، و هو الحمصي ، صدوق عابد .
ثانيا : قوله : " عمرو " بالواو لا وجود له في الرواة ، فلعل الواو زيادة من
قلم بعض النساخ أو الطابع .
ثالثا : ليس في " الميزان " عمر أو عمرو بن موسى الدمشقي موصوفا بقوله :
لا يعتمد عليه .. إلخ ، و إنما فيه : عمر بن موسى الأنصاري الكوفي ، قال
الدارقطني : متروك الحديث ، قلت : كأنه الوجيهي ، و قد قال في ترجمة الوجيهي
و وهم من عده كوفيا لأنه يروي أيضا عن الحكم بن عتيبة و قتادة .
رابعا : عمر بن موسى الدمشقي هو الوجيهي قطعا ، ففي ترجمته ذكر ابن عدي هذا
الحديث ، و وصفه يحيى بأنه شامي و في " الميزان " أنه دمشقي .
خامسا : قول البيهقي : " في إسناده ضعف " فيه تساهل كبير ، فإن مثل هذا إنما
يقال في إسناد حديث فيه راو غير متهم ، أما و هذا فيه ذلك الوجيهي الوضاع فلا
ينبغي تليين القول فيه ، كما لا يخفى على المحققين من أهل المعرفة بهذا العلم
الشريف .
ثم إن الطريق الأولى لهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يخرجه ، و لا استدركه
عليه المناوي في شرحه ، مصداقا لقول القائل : كم ترك الأول للآخر ، و ردا على
بعض المغرورين القائلين : إن علم الحديث قد نضج بل و احترق ، هداهم الله سواء
السبيل ، ثم لعل ذلك الصفار المتهم بالوضع سرق هذا الحديث من الوجيهي و ركب
عليه إسنادا غير إسناده ! قاتل الله الوضاعين و قبح فعلهم .

(3/50)

1052 - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل ، فحزن حزنا شديدا حتى كان
يغدو إلى ( ثبير ) مرة ، و إلى ( حراء ) مرة ، يريد أن يلقي بنفسه منه ، فبينا
هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال ، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت ، ثم
رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء و الأرض متربعا عليه يقول : يا محمد
أنت رسول الله حقا ، و أنا جبريل ، قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
و قد أقر الله عينه ، و ربط جأشه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/160 ) :

ضعيف .
رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 1/1/130 ـ 131 ) : أخبرنا محمد بن عمر ; قال :
حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي .. إلخ .
قلت : و هذا سند واه جدا ، محمد بن عمر هو الواقدي و هو متهم بالكذب على علمه
بالمغازي و السير <1> ، و شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه ، و لكني
أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى ، فإن كان كذلك فهو معروف و لكن بالكذب ،
و هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني ، كذبه جماعة .
و يرجح أنه هو ; كونه من هذه الطبقة و كون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا
أيضا ، و قد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء و المتروكون " ( ص 57 ) :
" و الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة :
1 - ابن أبي يحيى بالمدينة .
2 - و الواقدي ببغداد .
3 - و مقاتل بن سليمان بخراسان .
4 - و محمد بن سعيد بالشام ، يعرف بالمصلوب .
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا ، و لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من
حديث عائشة في صحيح البخاري و غيره ، بيد أن له علة خفية ، فلابد من بيانها
فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 22 ـ ترتيب الفارسي ) من طريق ابن
أبي السري :
حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الزهري : أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة
قالت : أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة
يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب له الخلاء ،
فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فجأة الحق و هو في غار حراء ، فجاءه الملك
فيه فقال : اقرأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارىء
... الحديث إلى قوله : قال ( يعني ورقة ) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا
عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر
الوحي فترة ، و زاد : حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا
لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى
له جبريل ، فقال له جبريل ، فقال له : يا محمد ! إنك رسول الله حقا ، فيسكن
لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا
أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل ، فيقول له مثل ذلك .
و ابن أبي السري هو محمد بن المتوكل و هو ضعيف حتى اتهمه بعضهم ، و قد خولف في
إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " ( 6/232 ـ 233 ) : حدثنا عبد الرزاق به .
إلا أنه قال :
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه .. إلخ ، فزاد
هنا في قصة التردي قوله :
" فيما بلغنا " .
و هكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " ( 12/311 ـ 317 ) من
طريق عبد الله بن محمد و هو أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الرزاق به بهذه
الزيادة ، و أخرجه مسلم ( 1/97 ـ 98 ) من طريق محمد بن رافع : حدثنا عبد الرزاق
به ، إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن
شهاب ، و ليس فيه عنده قصة التردي مطلقا ، و هذه الرواية عند البخاري أيضا في
" التفسير " ( 8/549 ـ 554 ) ليس فيها القصة ، فعزو الحافظ ابن كثير في تفسيره
الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين ، نعم قد جاءت القصة في الرواية
المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " ( 1/110 ـ 111 ) : حدثنا يونس بن
عبد الأعلى قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد به ، و فيه قوله :
" فيما بلغنا " ، فهذه الرواية مثل رواية أحمد و ابن أبي شيبة عن عبد الرزاق
تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله : " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب
عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة ، فصارت بذلك موصولة ، و هي في
حقيقة الأمر معضلة ، لأنها من بلاغات الزهري ، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة
المذكورة أعلاه ، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية
معمر ، و فاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة ، قال :
ثم إن القائل : " فيما بلغنا " هو الزهري ، و معنى الكلام أن في جملة ما وصل
إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة ، و هو من بلاغات
الزهري ، و ليس موصولا ، و قال الكرماني : هذا هو الظاهر و يحتمل أن يكون بلغه
بالإسناد المذكور ، و وقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير
عن معمر بإسقاط قوله : " فيما بلغنا " ، و لفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه
وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري و عن عروة عن
عائشة ، و الأول هو المعتمد .
و أشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير
" و اعتمده ، و محمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب
" : صدوق كثير الغلط .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : ضعفه أحمد .
قلت : فمثله لا يحتج به ، إذا لم يخالف ، فكيف مع المخالفة ، فكيف و من خالفهم
ثقتان عبد الرزاق و يونس بن يزيد ، و معهما زيادة ؟ !
و خلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس و لا عن عائشة ،
و لذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " ( 1/5 ) على أن بلاغ
الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في "
الصحيح " . والله الموفق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر ترجمته بالتفصيل في " تاريخ الخطيب " ( 3/1 - 20 ) . اهـ .

(3/51)

1053 - " السجود على سبعة أعضاء : اليدين ، و القدمين ، و الركبتين و الجبهة ، و رفع
الأيدي إذا رأيت البيت ، و على الصفا و المروة ، و بعرفة ، و بجمع ، و عند رمي
الجمار ، و إذا أقيمت الصلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/163 ) :

منكر بذكر رفع الأيدي .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/155/1 ) : حدثنا أحمد بن شعيب
أبو عبد الرحمن النسائي : حدثنا عمرو بن يزيد أبو بريد الجرمي : أخبرنا سيف بن
عبيد الله : أخبرنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و عن الطبراني رواه الضياء في " المختارة " ( 61/249/2 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علته عطاء بن السائب و كان اختلط ، فلا يحتج بحديثه
إلا ما رواه الثقات عنه قبل اختلاطه و هم : سفيان الثوري ، و شعبة ، و زهير بن
معاوية ، و زائدة بن قدامة ، و حماد بن زيد ، و أيوب السختياني ، و وهيب ، كما
يستفاد من مجموع كلام الأئمة فيه على ما لخصه ابن حجر في " التهذيب " و فاته
وهيب فلم يذكره في جملة هؤلاء الثقات ! و على كل حال فليس منهم ورقاء و هو ابن
عمر راوي هذا الحديث عنه ، فيتوقف عن الاحتجاج بحديثه كما هو مقرر في " المصطلح
" و يعامل معاملة الحديث الضعيف حتى يثبت ، و هيهات ، فقد جاء الحديث من طريق
طاووس عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه ، رواه الشيخان و غيرهما ، و هو
مخرج في " الإرواء " ( 310 ) .
فالشطر الثاني منكر عندي لتفرد عطاء به ، و قد أعله الهيثمي في " المجمع " فقال
( 3/238 ) :
و فيه عطاء بن السائب و قد اختلط .
و تعقبه المعلق على " نصب الراية " فقال ( 1/390 ) :
قلت : ورقاء من أقران شعبة ، و سماع شعبة عن عطاء بن السائب قديم صحيح على أنه
قال ابن حبان : اختلط بآخره ، و لم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول .
قلت : و هذا التعقب لا غناء فيه ، لأنه لا يلزم من كون ورقاء من أقران شعبة أن
يكون سمع من عطاء قديما كما سمع منه شعبة ، ألا ترى أن في جملة من روى عن عطاء
إسماعيل بن أبي خالد و هو من طبقة عطاء نفسه ، بل أورده الحافظ ابن حجر في
الطبقة الرابعة من التابعين ، بينما ذكر ابن السائب في الطبقة الخامسة ، فهو
إذن من أقران عطاء و ليس من أقران شعبة ، و مع ذلك لم يذكروه فيمن روى عن عطاء
قبل الاختلاط ، و مثله سليمان التيمي ، فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل
اختلاطه ليس لازما لكل من كان علاي الطبقة ، كما أن العكس ; و هو عدم السماع ;
ليس لازما لمن كان نازل الطبقة ، و إنما الأمر يعود إلى معرفة واقع الراوي هل
سمع منه قديما أم لا ، خلافا لما توهمه المعلق المشار إليه .
و مما يؤيد ذلك أن بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط و بعده و من هؤلاء
حماد بن سلمة ، فإنه سمع من عطاء في الحالتين كما استظهره الحافظ في " التهذيب
" ، و لذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين
المعاصرين ، والله يغفر لنا و له .
و أما ما نقله ذلك المعلق عن ابن حبان ، فهو رأي لابن حبان خاصة دون سائر
الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط ،
و الذين سمعوا منه بعده ، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه ، و إلا كان ذلك حرصا لا
طائل تحته ، إذا كان حديثه كله صحيحا ، أضف إلى ذلك أن في " المصطلح " نوعا
خاصا من علوم الحديث و هو " معرفة من اختلط في آخر عمره " و قد ذكروا منهم
جماعة أحدهم عطاء و قالوا فيهم :
فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم ، و من سمع بعد ذلك أو شك في ذلك
لم تقبل <1> .
و الحديث رواه الطبراني أيضا في " الأوسط " ( 1678 ، 1679 ) و كذا في " حديثه
عن النسائي " ( ق 314/2 ) بسنده هذا ، و لكنه فصل بين الشطر الأول منه و الآخر
، جعلهما حديثين ثم قال :
لم يرو هذين الحديثين عن عطاء بن السائب إلا ورقاء ، و لا ورقاء إلا سيف تفرد
به أبو بريد .
و عمرو بن يزيد أبو بريد : صدوق ، و مثله سيف بن عبيد الله إلا إنه ربما خالف ،
كما في " التقريب " .
و قد خالفه ابن فضيل فقال : عن عطاء به موقوفا على ابن عباس و هذا أصح .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/77/2 ) .
و الحديث بظاهره يدل على أن الأيدي لا ترفع في غير هذه المواطن ، و هذه الدلالة
غير معتبرة عند الحنفية لأنها بطريق المفهوم ، لكن قد روي الحديث بلفظ آخر يدل
بمنطوقه على ما دل عليه هذا بمفهومه ، فوجب علينا بيان حاله ، فأقول :
لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] " اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير ( ص 274 ) . اهـ .

(3/52)

1054 - " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/166 ) :

باطل بهذا اللفظ .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/146/2 ) : حدثنا محمد بن عثمان بن
أبي شيبة : نا محمد بن عمران بن أبي ليلى : حدثني أبي : نا ابن أبي ليلى عن
الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى و هو محمد بن عبد الرحمن ، فإنه سيىء
الحفظ ، و رواه البزار في " مسنده " ( رقم 519 ـ كشف الأستار ) من طريقه بلفظ :
" ترفع الأيدي .. " ، دون " لا " النافية و قال :
رواه جماعة فوقفوه ، و ابن أبي ليلى ليس بالحافظ ، إنما قال : " ترفع الأيدي "
، و لم يقل : لا ترفع إلا في هذه المواضع .
و أقره عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( ق 102/1 ) و قال :
رواه غير واحد موقوفا ، و ابن أبي ليلى لم يكن حافظا .
و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " :
صدوق سيىء الحفظ جدا .
و كذا قال الذهبي في " الضعفاء " ، إلا أنه لم يقل : " جدا " ، و ذلك لا يخرج
حديثه من رتبة الضعف المطلق ، و إنما من رتبة الضعف الشديد كما هو ظاهر ، و أما
قول الهيثمي في " المجمع " ( 3/238 ) :
في إسناده محمد بن أبي ليلى و هو سيىء الحفظ ، و حديثه حسن إن شاء الله تعالى .
فهو غير مستقيم ، لأن السيئ الحفظ حديثه من قسم المردود كما هو مقرر في
" المصطلح " و خصوصا في " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر ، و هذا إن كان يعني
بقوله : حديثه جملة ، كما هو الظاهر ، و إن كان يعني هذا الحديث بخصوصه فما هو
الذي جعله حسنا ؟ و هو ليس له شاهد يقويه ، ثم إنه يستحيل أن يكون هذا الحديث
حسنا ، و قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه يديه عند الركوع
و الرفع منه ، و رفع يديه في الدعاء في الاستسقاء و غيره ، و قد كفانا بسط
الكلام في رد هذا الحديث الحافظ الزيلعي الحنفي في " نصب الراية " ( 1/389 ـ
392 ) ، و بين أنه لا يصح مرفوعا و لا موقوفا ، فراجعه ، ثم إن في إسناد
الطبراني محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، و فيه كلام كثير ، فلا يحتج به عند
المخالفة على الأقل ، كما هو الشأن هنا ، إذ زاد ( لا ) في أوله خلافا لرواية
البزار ، و هي أصح ، إذ ليس فيها إلا ابن أبي ليلى ، و يؤيد ذلك أنه أخرجه
الشافعي ( 2/38/1023 ) من طريق سعيد بن سالم عن ابن جريج قال : حدثت عن مقسم به
بلفظ :
" ترفع الأيدي في الصلاة ... " فذكر هذه السبع و زاد : " و على الميت " .
بيد أنه سند ضعيف ، لانقطاعه بين ابن جريج و مقسم ، و لعل الواسطة بينهما هو
ابن أبي ليلى نفسه .
و سعيد بن سالم فيه ضعف من قبل حفظه ، لكنه قد توبع ، فقد أخرجه البيهقي في
" السنن " ( 5/72 ـ 73 ) من طريق الشافعي ، ثم قال :
و بمعناه رواه شعيب بن إسحاق عن ابن جريج عن مقسم ، و هو منقطع لم يسمع ابن
جريج من مقسم ، و رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن
عباس ، و عن نافع عن ابن عمر ، مرة موقوفا عليهما ، و مرة مرفوعا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم دون ذكر الميت : و ابن أبي ليلى هذا غير قوي في الحديث .

(3/53)

1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ، و من تزوجها لمالها لم يزده الله
إلا فقرا ، و من تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة ، و من تزوج امراة لم
يتزوجها إلا ليغض بصره أو ليحصن فرجه و يصل رحمه بارك الله له فيها ، و بارك
لها فيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم 2527 ) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن
إبراهيم بن أبي عبلة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : فذكره مرفوعا و قال :
لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام .
قلت : و هو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم و قال أبو داود : عبد القدوس ليس بشيء
و ابنه شر منه ، و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 2/150 ـ 151 ) :
يروي الموضوعات ، و روى عن إبراهيم بن أبي عبلة .
قلت : فذكر هذا الحديث ، فاقتصار الهيثمي ( 4/254 ) على قوله : و هو ضعيف قصور
أو ذهول ، و كذلك أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/70 ) إلى أنه ضعيف !

(3/54)

1056 - " من ترك الكذب و هو باطل بني له قصر في ربض الجنة ، و من ترك المراء و هو محق
بني له في وسطها ، و من حسن خلقه بني له في أعلاها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :

منكر بهذا السياق .
أخرجه الترمذي في " سننه " ( 1/359 ـ بولاق ) و ابن ماجه ( رقم 51 ) و الخرائطي
في " مكارم الأخلاق " ( ص 8 ) و ابن عدي ( 170/2 ) عن سلمة بن وردان الليثي عن
أنس بن مالك مرفوعا به ، و قال الترمذي :
هذا حديث حسن ، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس .
قلت : و هو ضعيف عند جمهور الأئمة ، و لذلك جزم بضعفه الحافظ في " التقريب "
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
ضعفه الدارقطني و غيره .
قلت : و ممن ضعفه الحاكم فقال : حديثه عن أنس مناكير أكثرها .
قلت : فأنى لحديثه هذا الحسن و هو عن أنس ، و قد تفرد به كما يشير إلى ذلك
الترمذي نفسه ، لا سيما و قد روي الحديث عن أبي أمامة و معاذ بن جبل بسندين
يقوي أحدهما الآخر بلفظ مغاير لهذا الحديث في فقرته الأولى و الثانية ، مما يدل
على أن سلمة قد انقلب عليه الحديث ، فراجع بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " ( رقم ـ 273 ) .
و من المهم هنا التنبيه على أوهام وقعت للحافظ المنذري في هذا الحديث فقال في
" الترغيب " ( 1/80 ) :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من
ترك المراء و هو مبطل بني له بيت في ربض الجنة ، و من تركه و هو محق بني له في
وسطها .. " رواه أبو داود و الترمذي و اللفظ له و ابن ماجه و البيهقي ، و قال
الترمذي : حديث حسن .
و الأوهام التي فيه :
أولا : أن الحديث بهذا السياق ليس من حديث أبي أمامة ، و إنما من حديث أنس .
ثانيا : أنه ليس عند أبي داود من حديث أنس ، و إنما من حديث أبي أمامة ، و قد
ذكره المنذري في مكان آخر من كتابه ( 3/257 ـ 258 ) على الصواب .
ثالثا : ليس في حديث أنس ذكر " المراء " في الفقرة الأولى منه ، بل فيه " الكذب
" ، و إنما هو في الفقرة الثانية منه كما رأيت ، بخلاف حديث أبي أمامة فهو على
العكس من ذلك بلفظ :
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا ، و بيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا .. " .
و توضيح ذلك في المكان المشار إليه من " الأحاديث الصحيحة " .
فكأن الحافظ المنذري رحمه الله اختلط عليه حديث أنس بحديث أبي أمامة فكان من
ذلك حديث آخر لا وجود له في الدنيا ! و المعصوم من عصمه الله تعالى .

(3/55)

1057 - " رخص في الشرب من أفواه الأداوي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/170 ) :

منكر .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/139/1 ) قال : حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي : أخبرنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد : أخبرنا أبو معاوية
عن هشام ابن حسان عن ابن عباس قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الله بن يحيى بن
الربيع بن أبي راشد فلم أجد له ترجمة ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5/78 ) :
رواه الطبراني ، و فيه محمد بن عبد الله بن يحيى بن أبي راشد و لم أعرفه ،
و بقية رجاله رجال الصحيح ، هكذا وقع في النسخة محمد بن عبد الله ، و أظنه خطأ
من الهيثمي انتقل نظره حين النقل من عبد الله بن يحيى إلى الراوي عنه محمد فكتب
: محمد بن عبد الله ، والله أعلم .
و مما يؤيد ضعف هذا الحديث أنه ثبت من رواية خالد الحذاء عن ابن عباس قال : "
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء " .
أخرجه البخاري ( 4/37 ـ طبع أوربا ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 142/1 ) و غيرهما .
و أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أيضا و أبي سعيد الخدري .
فلا يجوز الشرب من فم السقاء كما لا يجوز الشرب قائما ، إلا لعذر كما في حديث
كبشة قالت :
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما ، فقمت
إلى فيها فقطعته " .
أخرجه الترمذي ( 1/345 ) و قال :
حديث حسن صحيح .
فهذا و نحوه محمول على العذر .

(3/56)

1058 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله
الرحمن الرحيم ، اللهم أذهب عني الهم و الحزن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/171 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن السني في " اليوم و الليلة " ( رقم 110 ) و ابن سمعون في " الأمالي "
( ق 176/2 ) عن سلام المدائني عن زيد العمي عن معاوية عن قرة عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و المتهم به سلام المدائني و هو الطويل و هو كذاب
كما تقدم مرارا ، و زيد العمي ضعيف .
و له عن أنس طريق أخرى : عن جبارة : حدثنا عن أنس مرفوعا .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 275/1 ) في جملة أحاديث لكثير هذا و هو ابن
سليم و قال :
و هذه الروايات عن أنس ، عامتها غير محفوظة .
قلت : و كثير ضعيف و مثله جبارة و هو ابن المغلس ، بل لعله أشد ضعفا منه ، فقد
رماه بعضهم بالكذب .
و بالجملة فالحديث ضعيف جدا .
تنبيه : تقدم الحديث برقم ( 660 ) ، فهممت بحذفه من هنا اكتفاء بما مضى ،
و لكني وجدت فيه فوائد أخرى لم تذكر هناك ، فأبقيت عليه .
و قد روي بلفظ أتم منه و هو :
" كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .

(3/57)

1059 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :

موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/104 ) عن داود بن المحبر : حدثنا العباس
ابن رزين السلمي عن خلاس بن عمرو عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، المتهم به داود هذا و هو صاحب كتاب " العقل " و هو
كذاب كما تقدم غير مرة فانظر الحديث ( 1 و 224 ) .
و العباس بن رزين السلمي لم أعرفه .

(3/58)

1060 - " لا تزوجوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، و لا تزوجوهن لأموالهن أن
تطغيهن ، و لن تزوجوهن على الدين ، و لأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1859 ) و البيهقي ( 7/80 ) عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من الإفريقي ، و قد مضى في أول السلسلة ، و قال
البوصيري في " الزوائد " ( ق 117/1 ) ما ملخصه :
هذا إسناد ضعيف ، فيه الإفريقي و اسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني
و هو ضعيف ، و عنه رواه ابن أبي عمر و عبد بن حميد في " مسنديهما " ، و كذا
رواه سعيد بن منصور ، و له شاهد في " الصحيحين " و غيرهما من حديث أبي هريرة
و أما ما نقله السندي في " حاشيته " ، و تبعه محمد فؤاد عبد الباقي عن
" الزوائد " أنه قال بعد تضعيفه للإفريقي :
و الحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " بإسناد آخر .
فهذا ليس في نسختنا من " الزوائد " ، و هو يوهم أن الحديث بهذا المتن عند ابن
حبان و عن ابن عمرو ، و ليس كذلك ، و إنما عنده حديث أبي سعيد الخدري : " تنكح
المرأة على مالها ... " الحديث نحو حديث أبي هريرة الذي اعتبره البوصيري شاهدا
لهذا و ليس كذلك ، لأنه لا يشهد إلا لجملة التزوج على الدين ، فإنه بلفظ :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها و لحسبها ، و لجمالها ، و لدينها ، فاظفر بذات
الدين تربت يداك " .
أخرجه الشيخان و أصحاب السنن إلا الترمذي و البيهقي و غيرهم ، و هو مخرج في
" الإرواء " ( 1783 ) ، و " غاية المرام " ( 222 ) .
و في حديث أبي سعيد : " و خلقها " بدل الحسب ، و قال :
" فعليك بذات الدين و الخلق تربت يمينك " .
أخرجه ابن حبان ( 1231 ) و الحاكم ( 2/161 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف "
( 7/49/2 ) و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي ، و إنما هو حسن فقط .

(3/59)

hg[.x hgph]d ,hguav,k lk hgsgsgm hgqudti gghlhl hghgfhkd










عرض البوم صور ابو عبدالله عبدالرحيم   رد مع اقتباس
قديم 05 / 04 / 2016, 28 : 04 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو عبدالله عبدالرحيم المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 05 / 04 / 2016, 40 : 11 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
ابو توفيق
اللقب:
نائب المشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ابو توفيق


البيانات
التسجيل: 30 / 03 / 2016
العضوية: 54282
المشاركات: 2,489 [+]
بمعدل : 0.83 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 348
نقاط التقييم: 12
ابو توفيق is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 54282
عدد المشاركات : 2,489
بمعدل : 0.83 يوميا
عدد المواضيع : 178
عدد الردود : 2311
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو توفيق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو عبدالله عبدالرحيم المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه
جزاكم الله خيراً
اخي ****** ابو عبد الله
ونفع بكم
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
@@@@@@@@@@@@@@@









عرض البوم صور ابو توفيق   رد مع اقتباس
قديم 05 / 04 / 2016, 02 : 05 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
ابو عبدالله عبدالرحيم
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي


البيانات
التسجيل: 07 / 05 / 2015
العضوية: 54171
العمر: 39
المشاركات: 1,090 [+]
بمعدل : 0.33 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 12
ابو عبدالله عبدالرحيم is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو عبدالله عبدالرحيم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو عبدالله عبدالرحيم المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه
شكرا لمروركم المبارك
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
اخي ****** الحاج ابوتوفيق
رفع الله قدركم
في الدارين









عرض البوم صور ابو عبدالله عبدالرحيم   رد مع اقتباس
قديم 05 / 04 / 2016, 02 : 05 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
ابو عبدالله عبدالرحيم
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي


البيانات
التسجيل: 07 / 05 / 2015
العضوية: 54171
العمر: 39
المشاركات: 1,090 [+]
بمعدل : 0.33 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 12
ابو عبدالله عبدالرحيم is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو عبدالله عبدالرحيم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو عبدالله عبدالرحيم المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه
شكرا لمروركم المبارك
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
اخي ****** الحاج عبد الجواد









عرض البوم صور ابو عبدالله عبدالرحيم   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للامام, من, الالباني, الحادي, الجزء, السلسلة, الضعيفه, والعشرون

جديد ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018