من أحكام المولود

[طويلب علم مبتدئ]

من أحكام المولود



• من أجلِّ نعم الله تعالى الكثيرة على العباد نعمة نجابة الأولاد، والولد هو الثمرة الزكيَّة المباركة للزواج الإسلامي السعيد، والأمومة هي أهمُّ شيءٍ لإثبات فطرة الأنثى والشعور بذاتها، والمرأة لا ترى سعادةً مثلما تراها وهي في كنف زوج، أو وهي حامل، أو وهي مُرضِع، وهي عند المرأة أفضل من أشياءَ ونِعَمٍ كثيرة.



• ولقد اهتمَّ الإسلام بالمولود منذ أن رغب الرجل في حسن اختيار الزوجة، ورغَّب في اختيار المرأة الصالحة الودود الولود، الحنون على الزوج والولد، والمدرِكة لمسؤوليتها ودورها في الحياة، ثم سنَّ سنة الدعاء لحفظ هذا المولود من مسِّ الشيطان.




وهذه بعض آداب المولود في الإسلام:

1- الدعاء لمن رُزق بمولودٍ بالبركة بمثل الدعاء التالي: «بورك لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ رشده، ورُزقت بِرَّه»[1]، وتحنيكه بتمر بعد ولادته.



2- والتحنيك: وهو أن يمضغ التمر، ثم يدلِّك به حنك الصبي داخل فمه، وهذه سُنَّة طيبة هجرها بعضُ الناس.



عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤتَى بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنِّكهم»[2].



3- الأذان في أُذِن المولود، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَذَّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة"[3].

وروي أن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله كان يؤذِّن في اليُمنى ويقيم في اليسرى إذا وُلد الصبيُّ [4].



4- التسمية الطيبة:عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: «ولد لي غلام، فأتيت به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فسمَّاه إبراهيم، فحنَّكه بتمرة، ودعا له بالبركة، ودفعه إليَّ»[5].

وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ((الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع، ويُسمَّى، ويحلق رأسه))[6].

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحبَّ أسمائكم إلى الله عبدالله وعبدالرحمن))[7].

ويجب البعد عن الأسماء القبيحة أو الأسماء المعبدة لغير الله؛ كعبدالنبيِّ، وعبدالرسول، وعبدالمسيح، وما أشبه ذلك.



5- العقيقة: قال صلى الله عليه وسلم: ((عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة))[8].

تذبح يوم السابع من ولادة المولود، فإن لم يتهيأ فيوم الرابع عشر، فإن لم يتهيأ فيوم الحادي والعشرين، يأكل منها، ويُهدي، ويتصدَّق.



6- حلق الرأس والتصدُّق بوزن الشَّعر فِضَّة على المساكين؛ قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة لَمَّا ولدت الحسن رضي الله عنه: ((يا فاطمة، احلقي رأسه، وتصدَّقي بزنة شعره فضةً))، قال: فوزنته فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم[9].



7- الختان: وهو واجب في الذكور؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقصُّ الشارب))[10].

وهو مكرمة في حقِّ النساء، وقد ثبت أن لختان الأنثى فوائدُ كثيرة طبيَّة ونفسيَّة وصحيَّة وشرعيَّة وخلقية[11].



8- ويستحب رُقية المولود، وتعويذه من شرِّ العين؛ فالعين حقٌّ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((العين حقٌّ، ولو كان شيء سابق القَدَر سبقته العين، وإذا استُغسلتم فاغسلوا))[12].



عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسن والحسين، ويقول: ((إن أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كلِّ شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة))[13].



ولهذا وجب على الوالدين المحافظة على الأذكار النبوية اليومية، وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم، وأذكار الخروج من المنزل، وأذكار الوضوء والصلاة، وغيرها.



9- إذا بدأ الطفل في النطق وتعلم الكلام، فمن المستحب أن نعلِّمه كلمةَ التوحيد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، فإذا كبر يبدأ معه في حفظ القرآن الكريم وبعض أحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وكان الكثير من أبناء السلف رحمهم الله لا يبلغ السنوات العشر إلا وهو حافظ للقرآن الكريم، وكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا أفضل من حشو عقله بألعاب الكمبيوتر، والأفلام الكرتونية وغيرها، وأغاني الإعلانات، وما أشبه ذلك!



10- يجب تعويد الطفل منذ صغره على العادات الحميدة، وتجنيبه العادات السيئة، ويجب عدم التهاون معه عند الكذب، أو تقليد الغير في النطق بألفاظ قبيحةٍ أو غير سليمة، أو الضحك عليه عند فعل الخطأ.



11- ومن الأمور الهامَّة جدًّا: الحذر كل الحذر من استعمال العنف أو القسوة مع الطفل، أو الإفراط في حبِّه وتدليله، بل يجب التوازن، وهذا التوازن يخضع للقاعدة النبوية: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه))[14]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله رفيق يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))[15]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ أشج عبدالقيس: ((إن فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلم، والأناة))[16].



[1] مروي عن الحسن البصري؛ انظر: تحفة المودود بأحكام المولود، ص (29).

[2] أخرجه مسلم، ك: الآداب، ب: استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله، ح (2147).

[3] أخرجه أحمد، ح (27186)، والترمذي، ك: الأضاحي، ب: الأذان في أذن المولود، ح (1514)، وقال: حسن صحيح، وأبو داود، ح (5105).

[4] شرح السنة للبغوي، ك: الصيد والذبائح ب: الأذان في أذن المولود، ح (2822).

[5] أخرجه البخاري، ك: العقيقة، ب: تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه، ح (5467)، ومسلم، ك: الآداب، ب: استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله، ح (2145).

[6] أخرجه الترمذي، أبواب الأضاحي، ب: من العقيقة، ح (1522)، وقال: حسن صحيح.

[7] كما عند مسلم: ك: الآداب، ب: النهي عن التكنِّي بأبي القاسم، وبيان ما يستحبُّ من الأسماء، ح (2132).

[8] أخرجه أحمد، ح (6713)، والترمذي ك: الأضاحي، ب: ما جاء في العقيقة، ح (1513)، وقال: حسن صحيح، وأبو داود، ح (2834).

[9] أخرجه أحمد ح (27183)، والترمذي: أبواب الأضاحي، ب: العقيقة بشاة، ح (1519)، وحسَّنه الألباني في الإرواء، ح (1175).

[10] أخرجه البخاري: ك: اللباس، ب: قص الشارب، ح (5889)، ومسلم، ك: الطهارة، ب: خصال الفطرة، ح (257).

[11] راجع رسالة: الختان من منظور الطب والدين للمؤلف غفر الله له.

[12] أخرجه مسلم، ك: السلام، ب: الطب والمرض والرقى، ح (2188).

[13] أخرجه البخاري، ك: أحاديث الأنبياء، ح (3371).

[14] أخرجه مسلم، ك: البر والصلة والآداب، ب: فضل الرفق، ح (2594).

[15] أخرجه مسلم، ك: البر والصلة والآداب، ب: فضل الرفق، ح (2593).

[16] أخرجه مسلم، ك: الإيمان، ب: الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه، ح (17).

---

lk Hp;hl hgl,g,]

[ابراهيم عبدالله]

جزاك الله خيرا وبارك فيك