أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات



ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه ملتقى يختص بالاحاديث النبويه الشريفه الصحيحه وعلومها من الكتب الستة الصحيحه وشروحاتها

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة الفجر للشيخ أحمد الحذيفي الأربعاء 8 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ ياسر الدوسري الأربعاء 8 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن د. سامي ديولي الأربعاء 8 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن إبراهيم المدني الأربعاء 8 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالله البعيجان 7 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ ماهر المعيقلي 7 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ عبدالمحسن القاسم 7 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ ماهر المعيقلي 7 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن سعود بخاري الثلاثاء 7 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن نايف فيده الثلاثاء 7 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع ابو عبدالله عبدالرحيم مشاركات 1 المشاهدات 1112  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 23 / 03 / 2016, 36 : 10 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
ابو عبدالله عبدالرحيم
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي


البيانات
التسجيل: 07 / 05 / 2015
العضوية: 54171
العمر: 39
المشاركات: 1,090 [+]
بمعدل : 0.33 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 12
ابو عبدالله عبدالرحيم is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو عبدالله عبدالرحيم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:
الجزء الثالث


63 - " إن البرد ليس بطعام و لا بشراب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 153 ) :
منكر .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 347 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( ق 191 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 7 / 1 - 2 ) و ابن عساكر
( 6 / 313 / 2 ) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال : مطرت السماء
بردا فقال لنا أبو طلحة : ناولوني من هذا البرد ، فجعل يأكل و هو صائم و ذلك في
رمضان ! فقلت : أتأكل البرد و أنت صائم ؟ فقال : إنما هو برد نزل من السماء
نطهر به بطوننا و إنه ليس بطعام و لا بشراب ! فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته بذلك فقال : " خذها عن عمك " .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علي بن زيد بن جدعان ضعيف كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و قال شعبة بن الحجاج : حدثنا علي بن زيد و كان رفاعا يعني أنه
كان يخطيء فيرفع الحديث الموقوف و هذا هو علة هذا الحديث ، فإن الثقات رووه عن
أنس موقوفا على أبي طلحة خلافا لعلى بن زيد الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فأخطأ ، فرفعه منكر ، فقد أخرجه أحمد ( 3 / 279 ) و ابن عساكر ( 6 / 313 /
2 ) من طريق شعبة عن قتادة و حميد عن أنس قال : مطرنا بردا و أبو طلحة صائم
فجعل يأكل منه ، قيل له : أتأكل و أنت صائم ؟ ! فقال : إنما هذا بركة ! و سنده
صحيح على شرط الشيخين ، و صححه ابن حزم في " الإحكام " ( 6 / 83 ) و أخرجه
الطحاوي من طريق خالد بن قيس عن قتادة ، و من طريق حماد بن سلمة عن ثابت ،
كلاهما عن أنس به نحوه ، و رواه البزار موقوفا و زاد : فذكرت ذلك لسعيد بن
المسيب فكرهه ، و قال : إنه يقطع الظمأ ، قال البزار : لا نعلم هذا الفعل إلا
عن أبي طلحة ، فثبت أن الحديث موقوف ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ،
و إنما أخطأ في رفعه ابن جدعان كما جزم بذلك الطحاوي .
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 171 - 172 ) مرفوعا ثم قال :
رواه أبو يعلى و فيه علي بن زيد و فيه كلام ، و قد وثق ، و بقية رجاله رجال
الصحيح ، و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 116 ) من رواية
الديلمي بإسناد يقول فيه كل من رواته : أصم الله هاتين إن لم أكن سمعته من فلان
و لكن ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 159 ) رد عليه حكمه عليه بالوضع
و نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في " المطالب العالية " : إسناده ضعيف ، ثم
ختم ابن عراق كلامه بقوله : و لعل السيوطي إنما عنى أنه موضوع بهذه الزيادة من
التسلسل لا مطلقا ، والله اعلم .
قلت : و هذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان الحديث المتقدم : " أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ، إذ لو صح هذا لكان الذي يأكل البرد في رمضان
لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه ، و هذا مما لا يقوله مسلم اليوم فيما
أعتقد .
(1/140)
________________________________________
64 - " نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 155 ) :
ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2 / 355 ) و البيهقي ( 9 / 271 ) و أحمد ( 2 / 444 - 445 ) من
طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال : ***ت غنما جذعانا
إلى المدينة فكسدت علي ، فلقيت أبا هريرة فسألته ؟ فقال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر الحديث ، قال : فانتهبه الناس ، و قال
الترمذي : حديث غريب يعني ضعيف ، و لذا قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 12 ) :
و في سنده ضعف ، و بين علته ابن حزم فقال في " المحلى " ( 7 / 365 ) : عثمان بن
واقد مجهول ، و كدام بن عبد الرحمن لا ندري من هو ، عن أبي كباش الذي ***
الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه ، هكذا نص حديثه ، و هنا جاء ما جاء
أبو كباش ، و ما أدراك ما أبو كباش ، ما شاء الله كان ! كأنه يتهم أبا كباش
بهذا الحديث ، و هو مجهول مثل الراوي عنه كدام ، و قد صرح بذلك الحافظ في
" التقريب " ، و أما عثمان بن واقد فليس بمجهول فقد وثقه ابن معين و غيره ،
و قال أبو داود : ضعيف ، و للحديث علة أخرى و هي الوقف فقال البيهقي عقبه :
و بلغني عن أبي عيسى الترمذي قال : قال البخاري : رواه غير عثمان بن واقد عن
أبي هريرة موقوفا ، و له طريق آخر بلفظ : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم يوم الأضحى فقال : كيف رأيت نسكنا هذا ؟ قال : لقد باهى به أهل السماء ،
و اعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من الثنية من الإبل و البقر و لو
علم الله ذبحا أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام ، و فيه إسحاق بن إبراهيم
الحنيني ، قال البيهقي : تفرد به و في حديثه ضعف .
قلت : و هو متفق على ضعفه ، و قد أورده العقيلي في " الضعفاء " و ساق له حديثا
و قال : لا أصل له ، ثم ساق له هذا الحديث ، ثم قال : يروي عن زياد بن ميمون
و كان يكذب عن أنس ، و من أوهى التعقب ما تعقب به ابن التركماني قول البيهقي
المتقدم فقال : قلت : ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور
ثم قال : صحيح الإسناد !
قلت : و كل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق و التصحيح
و لذلك لا يلتفت إليه ، و لا سيما إذا خالف ، و لهذا لم يقره الذهبي في
" تلخيصه " على تصحيحه بل قال ( 4 / 223 ) : قلت : إسحاق هالك ، و هشام ليس
بمعتمد ، قال ابن عدي : مع ضعفه يكتبه حديثه .
و ليس يخفى هذا على مثل ابن التركماني لولا الهوي ! فإن هذا الحديث يدل على
جواز الجذع في الأضحية و هو مذهب الحنفية و ابن التركماني منهم و لما كانت
الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يحتج بها أراد أن يقوي بعضها بالاعتماد على
تصحيح الحاكم ! و لو أن تصحيحه كان على خلاف ما يشتهيه مذهبه لبادر إلى رده
متذرعا بما ذكرناه من التساهل ! و هذا عيب كبير من مثل هذا العالم النحرير ،
و عندنا على ما نقول أمثلة أخرى كثيرة لا فائدة كبيرة من ذكرها .
و من الأحاديث المشار إليها :
(1/141)
________________________________________
65 - " يجوز الجذع من الضأن أضحية " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 157 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي و أحمد ( 6 / 338 ) من طريق محمد بن
أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها مرفوعا ،
و هذا سند ضعيف من أجل أم محمد بن أبي يحيى فإنها مجهولة كما قال ابن حزم
( 7 / 365 ) و قال : و أم بلال مجهولة ، و لا ندري لها صحبة أم لا ، قال السندي
قال الدميري : أصاب ابن حزم في الأول ، و أخطأ في الثاني ، فقد ذكر
أم بلال في الصحابة ابن منده و أبو نعيم و ابن عبد البر ، ثم قال الذهبي في
" الميزان " : إنها لا تعرف و وثقها العجلي .
قلت : الحق ما قاله ابن حزم فيها ، فإنها لا تعرف إلا في هذا الحديث ، و مع أنه
ليس فيه التصريح بصحبتها ففي الإسناد إليها جهالة كما علمت فأنى ثبوت الصحبة
لها ؟ ! ثم من الغرائب أن يسكت الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 217 - 218 )
على هذا الحديث مع ثبوت ضعفه ! و في الباب أحاديث أخرى أوردها ابن حزم في
" المحلى " ( 7 / 364 - 365 ) و ضعفها كلها ، و قد أصاب إلا في تضعيفه لحديث
عقبة بن عامر قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن .
أخرجه النسائي ( 2 / 204 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) من طريق بكير بن الأشج عن
معاذ بن عبد الله بن خبيب عنه ، و هذا إسناد جيد رجاله ثقات ، و إعلال بن حزم
له بقوله : ابن خبيب هذا مجهول ، غير مقبول ، فإن معاذا هذا وثقه ابن معين
و أبو داود و ابن حبان و قال الدارقطني : ليس بذاك و لهذا قال الحافظ في
" الفتح " بعد أن عزاه للنسائي : سنده قوي ، لكن رواه أحمد ( 4 / 152 ) من طريق
أسامة بن زيد عن معاذ به بلفظ : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع ؟
فقال : " ضح به ، لا بأس به " ، و إسناده حسن و هو يخالف الأول في أنه مطلق ،
و ذاك خاص في الضأن ، و على الأول فيمكن أن يراد به الجذع من المعز و تكون
خصوصية لعقبة ، لحديثه الآخر قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه
ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت : يا رسول الله صارت لي جذعة ، و في رواية عتود
و هو الجذع من المعز قال : " ضح بها " ، أخرجه البخاري ( 10 / 3 - 4 و 9 - 10 )
و البيهقي ( 9 / 270 ) و زاد : " و لا أرخصه لأحد فيها بعد " ، و يمكن أن يحمل
المطلق على الضأن أيضا بدليل حديث أسامة و عليه يحتمل أن يكون ذلك خصوصية له
أيضا ، أو كان ذلك لعذر مثل تعذر المسنة من الغنم و غلاء سعرها و هذا هو الأقرب
لحديث عاصم بن كليب عن أبيه قال : كنا نؤمر علينا في المغازي أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ، و كنا بفارس ، فغلت علينا يوم النحر المسان ، فكنا نأخذ
المسنة بالجذعين و الثلاثة ، فقام فينا رجل من مزينة فقال : كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأصبنا مثل هذا اليوم فكنا نأخذ المسنة بالجذعين و الثلاثة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، أخرجه
النسائي و الحاكم ( 4 / 226 ) و أحمد ( 268 ) و قال الحاكم : حديث صحيح ، و هو
كما قال ، و قال ابن حزم ( 7 / 267 ) : إنه في غاية الصحة ، و رواه أبو داود
( 2 / 3 ) و ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) مختصرا ، و في روايتهم
تسمية الصحابي بمجاشع بن مسعود السلمي و هو رواية للحاكم ، فهذا الحديث يدل
بظاهره على أن الجذعة من الضأن إنما تجوز عند غلاء سعر المسان و تعسرها ،
و يؤيده حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر
عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن " ، أخرجه مسلم ( 6 / 72 ) و أبو داود ( 2 / 3 )
( 3 / 312 ، 327 ) و قال الحافظ في " الفتح " : إنه حديث صحيح .
و خلاصة القول أن حديث الباب لا يصح ، و كذا ما في معناه ، و حديث جابر و عاصم
ابن كليب على خلافها ، فالواجب العمل بهما ، و تأويلهما من أجل أحاديث الباب لا
يسوغ لصحتهما و ضعف معارضهما ، والله أعلم .
( فائدة ) : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل و البقر و الغنم ، و هي من
الغنم و البقر ما دخل في السنة الثالثة ، و من الإبل ما دخل في السادسة و الجذع
من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة و جمهور أهل العلم كما قال
الشوكاني و غيره .
استدراك : ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات ، و كان محور اعتمادي في
ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه مرفوعا : " لا
تذبحوا إلا مسنة ... " ، و تصحيح الحافظ ابن حجر إياه ، ثم بدا لي أني كنت
واهما في ذلك ، تبعا للحافظ ، و أن هذا الحديث الذي صححه هو و أخرجه مسلم كان
الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة ، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة
ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس ، و قد عنعنه ، و من المقرر في " علم المصطلح " أن
المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث ، و هذا هو الذي صنعه أبو الزبير
هنا ، فعنعن ، و لم يصرح ، و لذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها
أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم ، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد
عنه ، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث ، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة
أبي الزبير - و اسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما
لا يقدح في عدالته : و أما أبو محمد بن حزم ، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن
جابر و نحوه لأنه عندهم ممن يدلس ، فإذا قال : سمعت ، و أخبرنا احتج به ،
و يحتج به ابن حزم إذا قال : عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة ، و ذلك لأن
سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا الليث قال : جئت أبا الزبير ، فدفع إلى كتابين ،
فانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو أننى عاودته فسألته أسمع هذا من جابر ؟
فسألته ، فقال : منه ما سمعت ، و منه ما حدثت به ، فقلت : أعلم لي على ما سمعت
منه ، فأعلم لي على هذا الذي عندي ، ثم قال الذهبي : و في " صحيح مسلم " عدة
أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ، و لا هي من طريق الليث
عنه ، ففي القلب منها شيء ، و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : صدوق إلا
أنه يدلس ، و أورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين ( ص 15 )
و قال : مشهور بالتدليس ، و وهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " فقال في سنده :
و فيه رجال غير معروفين بالتدليس ! و قد وصفه النسائي و غيره بالتدليس ، و قال
في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه : الثالثة من أكثر من التدليس ، فلم يحتج
الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، و منهم من رد حديثهم مطلقا ،
و منهم من قبلهم ، كأبي الزبير المكي .
قلت : و الصواب من ذلك المذهب الأول و هو قبول ما صرحوا فيه بالسماع و عليه
الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا و لو صرحوا بالتحديث كما نص عليه
في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر ، فإن يدي لا تطوله الآن
و أرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة ، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي
آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال : سمعت ، و هذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته
فقال في " المحلى " في صدد الرد على المخالفين له ( 7 / 363 - 364 ) : هذا حجة
على الحاضرين من المخالفين ، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن ، مع وجود المسنات ،
فقد خالفوه ، و هم يصححونه ، و أما نحن فلا نصححه ، لأن أبا الزبير مدلس ما لم
يقل في الخبر أنه سمعه من جابر ، هو أقر بذلك على نفسه ، روينا ذلك عنه من طريق
الليث بن سعد .
انظر " الإحكام " ( 1 / 139 ـ 140 ) ، و مقدمتي لـ" مختصر مسلم " ( المكتبة
الإسلامية ) .
و جملة القول : أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن و نحوها
و ليس من رواية الليث بن سعد عنه ، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به ، حتى يتبين
سماعه ، أو ما يشهد له ، و يعتضد به .
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق ، فطالما غفل عنها عامة الناس ، و قد كنت
واحدا منهم ، حتى تفضل الله علي فعرفني بها ، فله الحمد و الشكر ، و كان من
الواجب علي أن أنبه على ذلك ، فقد فعلت ، و الله الموفق لا رب سواه .
و إذا تبين هذا ، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية
بالجذع من الضأن ، أحدهما حديث عقبة بن عامر ، و الآخر حديث مجاشع بن مسعود
السلمي و فيه : " أن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، و كنت تأولتهما بما يخالف
ظاهرهما توفيقا بينهما و بين حديث جابر ، فإذ قد تبين ضعفه ، و أنه غير صالح
للاحتجاج به ، و لتأويل ما صح من أجله ، فقد رجعت عن ذلك ، إلى دلالة الحديثين
الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة ، و حديث مجاشع و إن كان بعمومه
يشمل الجذع من المعز ، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد و هو حديث البراء قال :
ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك شاة
لحم " ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : " ضح بها ، و لا
تصلح لغيرك " و في رواية : " اذبحها ، و لن تجزئ عن أحد بعدك " و في أخرى :
" و لا تجزيء جذعة عن أحد بعدك " ، أخرجه مسلم ( 6 / 74 - 76 ) و البخاري نحوه
و يبدو جليا من مجموع الروايات أن المراد بالجذعة في اللفظ الأخير الجذعة من
المعز ، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري ، و أما فهم ابن حزم
من هذا اللفظ جذعة العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته و جموده على
اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها ، و السياق و السباق ،
و هما من المقيدات ، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد و غيره من المحققين .
ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر رضي الله عنه ، و أما قول الحافظ في
" التلخيص " ( ص 385 ) .
تنبيه : ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة ،
و الإجماع على خلافه ، فيجب تأويله ، بأن يحمل على الأفضل و تقديره : المستحب
أن لا تذبحوا إلا مسنة .
قلت : هذا الحمل بعيد جدا ، و لو سلم فهو تأويل ، و التأويل فرع التصحيح ،
و الحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مسوغ لتأويله .
و قد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ ، ففسر المسنة
بما إذا كانت من المعز ! و يرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في " مسنده "
( ق 125 / 2 ) بلفظ : " إذا عز عليك المسان من الضأن ، أجزأ الجذع من الضأن "
و هو و إن كان ضعيف السند كما بينته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار
السبيل " ( رقم 1131 ) ، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول .
و لعل الذي حمل الحافظ و غيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد
بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث ، و قد قاله الحافظ كما رأيت .
فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور
الخلاف فيها معروف ، و عذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف ، فينبغي التثبت في
هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها
كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله : من ادعى الإجماع فهو كاذب ، و ما
يدريه لعلهم اختلفوا ، أو كما قال رواه ابنه عبد الله بن أحمد في " مسائله " .
فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في " الموطأ " ( 2 /
482 / 2 ) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا و البدن التي لم تسن
و رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع بن ابن عمر قال : " لا تجزيء إلا الثنية
فصاعدا " ، ذكره ابن حزم ( 7 / 361 ) و ذكر بمعناه آثارا أخرى فليراجعها من شاء
الزيادة .
و ختاما أقول : نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق : أن حديث هلال هذا :
" نعمت الأضحية الجذع من الضأن " و كذا الذي قبله ، و إن كان ضعيف المبنى ، فهو
صحيح المعنى ، يشهد له حديث عقبة و مجاشع ، و لو أني استقبلت من أمري ما
استدبرت ، لما أوردتهما في هذه " السلسلة " و لأوردت بديلهما حديث جابر هذا ،
و لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، و لله في خلقه شؤون .
(1/142)
________________________________________
66 - " من عرف نفسه فقد عرف ربه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 165 ) :
لا أصل له .
قال في " المقاصد " للحافظ السخاوي ( ص 198 ) : قال أبو المظفر بن السمعاني :
لا يعرف مرفوعا و إنما يحكي عن يحيى بن معاذ الرازي من قوله و كذا قال النووي :
إنه ليس بثابت .
و نقل السيوطي في " ذيل الموضوعات " ( ص 203 ) كلام النووي هذا و أقره ، و قال
في " القول الأشبه " ( 2 / 351 ) من " الحاوي للفتاوى " : هذا الحديث ليس بصحيح
.
و نقل الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 83 ) عن ابن تيمية أنه قال : موضوع .
و قال العلامة الفيروز أبادي - صاحب القاموس - في " الرد على المعترضين على
الشيخ ابن عربي " ( ق 37 / 2 ) : ليس من الأحاديث النبوية ، على أن أكثر الناس
يجعلونه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و لا يصح أصلا، و إنما يروي في
الإسرائيليات : " يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك " .
قلت : هذا حكم أهل الاختصاص على هذا الحديث ، و مع ذلك فقد ألف بعض الفقهاء
المتأخرين من الحنفية رسالة في شرح هذا الحديث ! و هي محفوظة في مكتبة الأوقاف
الإسلامية في حلب ، و كذلك شرح أحدهم حديث : " كنت كنزا مخفيا ... " في رسالة
خاصة أيضا موجودة في المكتبة المذكورة برقم ( 135 ) مع أنه حديث لا أصل له أيضا
كما سيأتي ( 6023 ) ، و ذلك مما يدل على أن هؤلاء الفقهاء لم يحاولوا - مع
الأسف الشديد - الاستفادة من جهود المحدثين في خدمة السنة و تنقيتها مما أدخل
فيها ، و لذلك كثرت الأحاديث الضعيفة و الموضوعة في كتبهم ، والله المستعان .
(1/143)
________________________________________
67 - " من قرأ في الفجر بـ *( ألم نشرح )* و *( ألم تر كيف )* لم يرمد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 166 ) :
لا أصل له .
قال السخاوي ( ص 200 ) : لا أصل له ، سواء أريد بالفجر هنا سنة الصبح أو الصبح
لمخالفته سنة القراءة فيهما .
يشير إلى أن السنة في سنة الفجر *( قل يا أيها الكافرون )* و *( قل هو الله
أحد )* ، و في فرض الفجر قراءة ستين آية فأكثر على ما هو مفصل في كتابي " صفة
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " .
(1/144)
________________________________________
68 - " قراءة سورة *( إنا أنزلناه )* عقب الوضوء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
لا أصل له .
كما قال السخاوي ، قال : و رأيته في المقدمة المنسوبة للإمام أبي الليث من
الحنفية ، فالظاهر إدخاله فيها من غيره و هو مفوت سنة .
قلت : يعني سنة القول بعد الوضوء : " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، و اجعلني من
المتطهرين " و هو في مسلم و الترمذي ، أو يقول : " سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد
أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك " رواه الحاكم و غيره بسند صحيح .
قلت : و قوله : لا أصل له يوهم أنه لا إسناد له ، و ليس كذلك كما سيأتي
( 1449 ) .
(1/145)
________________________________________
69 - " مسح الرقبة أمان من الغل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
موضوع .
قال النووي في " المجموع شرح المهذب : ( 1 / 465 ) : هذا موضوع ليس من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم .
و نقله السيوطي في ذيل " الأحاديث الموضوعة " ( ص 203 ) عن النووي و أقره .
و قال الحافظ ابن حجر في " تلخيص الحبير " ( 1 / 433 ) ما مختصره : أورده
أبو محمد الجويني ، و قال : لم يرتض أئمة الحديث إسناده ، و أورده الغزالي في
" الوسيط " و تعقبه ابن الصلاح فقال : هذا الحديث غير معروف عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، و هو من قول بعض السلف ، قال الحافظ : يحتمل أن يريد به ما رواه
أبو عبيد في كتاب " الطهور " عن عبد الرحمن بن مهدي عن المسعودي عن القاسم بن
عبد الرحمن عن موسى بن طلحة قال : " من مسح قفاه مع رأسه وقي الغل يوم
القيامة .
قلت : فيحتمل أن يقال : هذا و إن كان موقوفا فله حكم الرفع ، لأن هذا لا يقال
من قبل الرأي ، فهو على هذا مرسل .
قلت : لكن المسعودي كان قد اختلط فلا حجة في حديثه لو كان مرفوعا ، فكيف و هو
موقوف ؟ ثم قال الحافظ ( 1 / 434 - 453 ) : قال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " :
حدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا عبد الرحمن بن داود ، حدثنا عثمان بن { خرزاذ }
حدثنا عمر بن محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس بن سيرين عن
عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه و يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " من توضأ و مسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة " ، و في " البحر "
للروياني : قرأت جزءا رواه أبو الحسين بن فارس بإسناده عن فليح بن سليمان عن
نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من توضأ و مسح بيديه
على عنقه وقي الغل يوم القيامة " ، و قال : هذا إن شاء الله حديث صحيح ، قلت
( هو الحافظ ) : بين ابن فارس و فليح مفازة فينظر فيها .
قلت : و حديث ابن عمر في " تاريخ أصبهان " ( 2 / 115 ) ، و عزاه الشيخ علي
القاري في " الموضوعات " ( ص 73 ) لـ" مسند الفردوس " بسند ضعيف .
قلت : و علته محمد بن عمرو الأنصارى هذا ، و هو أبو سهل البصري ، متفق على
تضعيفه ، و كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا و يقول : روى عن الحسن أوابد ! .
و شيخ أبي نعيم ضعيف أيضا ، و هو محمد بن أحمد بن علي بن المحرم ، قال الذهبي
في " الميزان " : هو من كبار شيوخ أبي نعيم الحافظ ، روى عنه الدارقطني و ضعفه
و قال البرقاني : لا بأس به ، و قال ابن أبي الفوارس : لم يكن عندهم بذاك و هو
ضعيف .
ثم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 75 ) بعد أن ذكر الحديث من
رواية أبي نعيم في " التاريخ " : و فيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم ، قال
الحافظ العراقي : و هو آفته .
و سيأتي الكلام على الحديث مع زيادة تحقيق برقم ( 744 ) أو نحوه إن شاء الله
تعالى .
قلت : فمثل هذا الحديث يعد منكرا ، و لا سيما أنه مخالف لجميع الأحاديث الواردة
في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم ، إذ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبة ، اللهم
إلا في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال و هو أول القفا .
و في رواية : و مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه .
أخرجه أبو داود و غيره ، و ذكر عن ابن عيينة أنه كان ينكره ، و حق له ذلك فإن
له ثلاث علل ، كل واحدة منها كافية لتضعيفه ، فكيف بها و قد اجتمعت ، و هي
الضعف ، و الجهالة ، و الاختلاف في صحبة والد مصرف ، و لهذا ضعفه النووي و ابن
تيمية و العسقلاني و غيرهم ، و قد بينت ذلك في " ضعيف سنن أبي داود "
( رقم 15 ) .
(1/146)
________________________________________
70 - " من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه ، و سقاه ماء حتى يرويه ، بعده الله عن النار
سبع خنادق ، بعد ما بين خندقين مسيرة خمس مئة سنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 170 ) :
موضوع .
أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1 / 117 ) و يعقوب الفسوي في " التاريخ " ( 2 /
527 ) و ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( ص 254 ) و الحاكم ( 4 / 129 ) و كذا
الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 95 / 1 ـ من زوائد المعجمين ) و ابن عساكر ( 6 /
115 / 2 ) من طريق إدريس بن يحيى الخولاني ، حدثني رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن
عبد الله الكعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد و وافقه الذهبي ! و هذا من أغلاطهما الفاحشة ، فإن رجاءا هذا ، لم
يوثقه أحد ، بل هو متهم ، فاسمع ما قال فيه الحاكم نفسه ! فيما ذكره الذهبي
نفسه في " الميزان " قال : صويلح ! ، قال الحاكم : مصري صاحب موضوعات ( ! ) ،
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات ، ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلا
بالمصريين .
قلت : يعني هذا و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 172 ) و أقره السيوطي
في " اللآليء " ( 2 / 87 ) و عزاه في " الجامع الكبير " و الزيادة لـ( ن ) أي :
النسائي و هو وهم أو تحريف ، ثم ساق الذهبي إسناده إلى رجاء به ثم قال : هذا
حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد .
قلت : إدريس هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 265 ) فالتهمة منحصرة في
رجاء هذا ، و زاد الحافظ في " لسان الميزان " : و هذا الحديث أورده ابن حبان
و قال : إنه موضوع ، و أخرجه الحاكم و قال : صحيح الإسناد ، فما أدري ما وجه
الجمع بين كلاميه ! ( يعني تصحيحه للحديث و قوله في راويه : صاحب موضوعات ) كما
لا أدري كيف الجمع بين قول الذهبي " صويلح " و سكوته على تصحيح الحاكم في
" تلخيص المستدرك " مع حكايته عن الحافظين ( يعني الحاكم و ابن حبان ) أنهما
شهدا عليه برواية الموضوعات ! .
قلت : و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 130 ) للطبراني في " الكبير "
و " الأوسط " قال : و فيه رجاء بن أبي عطاء ، و هو ضعيف ، كذا قال ، و رجاء أشد
ضعفا مما ذكر كما تقدم ، و مع هذا ، فالهيثمي أقرب إلى الصواب من المنذري ،
فإنه أورد الحديث في " الترغيب " ( 2 / 48 ـ رقم 14 ) ثم قال : رواه الطبراني
في " الكبير " و أبو الشيخ ابن حيان في " الثواب " و الحاكم ، و البيهقي ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد .
فأقر الحاكم على تصحيحه ، فأوهم أنه صحيح ، و ليس كذلك ، و هذا هو الحامل لي
على نشر هذا الحديث و تحقيق القول في وضعه كي لا يغتر أحد بزلة هؤلاء الأفاضل
فيقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صاننا الله من ذلك بمنه
و فضله .
(1/147)
________________________________________
71 - " التكبير جزم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
لا أصل له .
كما قال الحافظ ابن حجر و السخاوي ، و كذا السيوطي ، و له رسالة خاصة في الحديث
في كتابه " الحاوي للفتاوي " ( 2 / 71 ) و قد بين فيها أنه من قول إبراهيم
النخعي ، و أن معنى قوله جزم لا يمد ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب بل يسكن
آخره .
ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها فليراجعها من شاء .
ثم إن الحديث مع كونه لا أصل له مرفوعا ، و إنما هو من قول إبراهيم ، فإنما
يريد به التكبير في الصلاة كما يستفاد من كلام السيوطي في الرسالة المشار إليها
فلا علاقة له بالأذان كما توهم بعضهم ، فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في
مصر و غيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة : الله أكبر ، الله أكبر ، عملا بهذا
الحديث زعموا ! و التأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلا في السنة ، بل
ظاهر الحديث الصحيح خلافه ، فقد روى مسلم في " صحيحه " ( 2 / 4 ) من حديث عمر
ابن الخطاب مرفوعا : " إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم :
الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا
إله ألا الله ، الحديث ... " ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل
تكبيرتين ، و أن السامع يجيبه كذلك ، و في " شرح صحيح مسلم " للنووي ما يؤيد
هذا فليراجعه من شاء .
و مما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعا شفعا .
(1/148)
________________________________________
72 - " أدبني ربي فأحسن تأديبي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
ضعيف .
قال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل الكبرى " ( 2 / 336 ) : معناه صحيح ، و لكن
لا يعرف له إسناد ثابت ، و أيده السخاوي و السيوطي فراجع " كشف الخفاء " ( 1 /
70 ) .
(1/149)
________________________________________
73 - " مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين عند قول المؤذن : أشهد أن محمدا
رسول الله ... إلخ و أن من فعل ذلك حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا يصح .
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا .
قال ابن طاهر في " التذكرة " : لا يصح ، كذا في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني
( ص 9 ) و كذلك قال السخاوي في " المقاصد " .
(1/150)
________________________________________
74 - " عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
قال ابن الصلاح : هذا حديث غير معروف و لا ثابت ، نقله الشيخ إسماعيل العجلوني
في " الكشف " و من قبله ابن الملقن في " الخلاصة " ( 164 / 2 ) و زاد : قلت :
و أسنده صاحب الفردوس بلفظ " استفرهوا " بدل " عظموا " أي : ضحوا بالثمينة
القوية السمينة .
قلت : و سنده ضعيف جدا ، و سوف يأتي تحقيق الكلام عليه بإذن الله تعالى
( 2687 ) .
(1/151)
________________________________________
75 - " عجلوا بالصلاة قبل الفوت ، و عجلوا بالتوبة قبل الموت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
و معناه صحيح ، أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 5 ) .
(1/152)
________________________________________
76 - " الناس كلهم موتى الا العالمون ، و العالمون كلهم هلكى الا العاملون
و العاملون كلهم غرقى الا المخلصون ، و المخلصون على خطر عظيم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
أورده الصغاني ( ص 5 ) و قال : و هذا الحديث مفترى ملحون ، و الصواب في
الإعراب : " العالمين و العاملين و المخلصين ) " .
قلت : و هو شبيه بكلام الصوفية ، و مثله قول سهل بن عبد الله التستري : الناس
كلهم سكارى إلا العلماء ، و العلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه ، رواه الخطيب
في " اقتضاء العلم العمل " ( رقم 22 ـ بتحقيقي ) ثم روى من طريق أخرى عنه قال :
" الدنيا جهل و موات ، إلا العلم ، و العلم كله حجة إلا العمل به ، و العمل كله
هباء إلا الإخلاص ، و الإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به " .
قلت : و هذا أقرب إلى هذا الحديث ، فلعله هو أصله ، رفعه بعض جهلة الصوفية .
(1/153)
________________________________________
77 - " لا مهدي إلا عيسى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 175 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 495 ) و الحاكم ( 4 / 441 ) و ابن الجوزي في " الواهيات "
( 1447 ) و ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 1 / 155 ) و أبو عمرو الداني في
" السنن الواردة في الفتن " ( 3 / 3 / 2 ، 4 / 9 / 1 ، 5 / 22 / 2 ) و السلفي
في " الطيوريات " ( 62 / 1 ) و الخطيب ( 4 / 221 ) من طريق محمد بن خالد الجندي
عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لا يزداد الأمر إلا شدة ، و لا الدنيا إلا إدبارا ، و لا الناس إلا شحا ،
و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، و لا مهدي إلا عيسى بن مريم " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علل ثلاث :
الأولى : عنعنة الحسن البصري ، فإنه قد كان يدلس .
الثانية : جهالة محمد بن خالد الجندي ، فإنه مجهول كما قال الحافظ في
" التقريب " تبعا لغيره كما يأتي .
الثالثة : الاختلاف في سنده .
قال البيهقي : قال أبو عبد الله الحافظ : محمد بن خالد مجهول و اختلفوا عليه في
إسناده ، فرواه صامت بن معاذ قال : حدثنا يحيى بن السكن ، حدثنا محمد بن خالد
... فذكره ، قال صامت : عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء ، فدخلت على محدث
لهم ، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن أبان بن أبي عياش عن الحسن
مرسلا ، قال البيهقي : فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي و هو مجهول
عن أبان أبي عياش ، و هو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هو
منقطع ، و الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا ، نقله في
" التهذيب " .
و قال الذهبي في " الميزان " : إنه خبر منكر ، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن
أبي عياش عن الحسن مرسلا ثم قال : فانكشف و وهى .
و قال الصغاني : موضوع كما في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني ( ص 195 )
و نقل السيوطي في " العرف الوردي في أخبار المهدي " ( 2 / 274 من الحاوي ) عن
القرطبي أنه قال في " التذكرة " : إسناد ضعيف ، و الأحاديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا
الحديث فالحكم بها دونه .
و قد أشار الحافظ في " الفتح " ( 6 / 385 ) إلى رد هذا الحديث لمخالفته لأحاديث
المهدي .
و هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم : ميرزا غلام
أحمد القادياني الذي ادعى النبوة ، ثم ادعى أنه هو عيسى بن مريم المبشر بنزوله
في آخر الزمان ، و أنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر ، و قد
راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة ، شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من
يتباناها و يدعو إليها ، و قد ألفت كتب كثيرة في الرد على هؤلاء الضلال ، و من
أحسنها رسالة الأستاذ الفاضل المجاهد أبي الأعلى المودودى رحمه الله في الرد
عليها ، و كتابه الآخر الذي صدر أخيرا بعنوان " البيانات " فقد بين فيهما حقيقة
القاديانيين ، و أنهم مرقوا من دين المسلمين بأدلة لا تقبل الشك ، فليرجع
إليهما من شاء .
( تنبيه ) قوله في هذا الحديث : " و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " هذه
الجملة منه صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود !
خرجه مسلم و أحمد .
(1/154)
________________________________________
78 - " سؤر المؤمن شفاء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
لا أصل له .
قال الشيخ أحمد الغزي العامري في " الجد الحثيث " ( رقم 168 من نسختي ) : ليس
بحديث ، و أقره الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " ( 1 / 458 ) .
قلت : و أما قول الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 45 ) : هو صحيح من جهة
المعنى لرواية الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عباس مرفوعا : " من
التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه " أي المؤمن ، فيقال له كما تعلمنا منه في
مثل هذه المناسبة : ثبت العرش ثم انقش ! " ، فإن هذا الحديث غير صحيح أيضا ،
و بيانه فيما بعد ، على أنه لو صح لما كان شاهدا له ! كيف و ليس فيه أن سؤر
المؤمن شفاء لا تصريحا و لا تلويحا ، فتأمل .
(1/155)
________________________________________
79 - " من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه ، و من شرب من سؤر أخيه ابتغاء
وجه الله تعالى رفعت له سبعون درجة ، و محيت عنه سبعون خطيئة ، و كتب له سبعون
درجة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 40 ) برواية الدارقطني من طريق نوح بن
أبي مريم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به ، و قال ابن الجوزي :
تفرد به نوح و هو متروك ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 2 / 259
طبع المكتبة الحسينية ) بقوله : قلت : له متابع ، قال الإسماعيلي في
" معجمه " ( ق 123 / 2 ـ مصورة الجامعة الإسلامية ) : أخبرني علي بن محمد بن
حاتم أبو الحسن القومسي : حدثنا جعفر بن محمد الحداد القومسي ، حدثنا إبراهيم
بن أحمد البلخي ، حدثنا الحسن بن رشيد المروزي عن ابن جريج ، و عنه يعني
المروزي هذا ثلاثة أنفس ، فيه لين ، الأصل : فيهم و هو خطأ .
قلت : بل الحسن هذا منكر الحديث ، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل "
( 1 / 2 / 14 ) بعد أن نقل عن أبيه أنه مجهول : يدل حديثه على الإنكار ، و ذلك
أنه روى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : " من صبر في حر مكة ساعة
باعد الله عز وجل منه جهنم سبعين خريفا ، و من مشى في طريق مكة ساعة ، كل قدم
يضعها ترفع له درجة ، و الأخرى حسنة " .
و في " اللسان " : و قال العقيلي فيه : في حديثه وهم ، و يحدث بمناكير ، ثم ساق
حديث ابن عباس الذي استنكره ابن أبي حاتم و قال : هذا حديث باطل لا أصل له .
و الحديث رواه السهمي الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 262 ) من طريق شيخه
أبي بكر الإسماعيلى قال : حدثنا علي بن محمد بن حاتم بن دينار أبو الحسن
القومسي و كان صدوقا ، إلخ ... و قال : قال شيخنا أبو بكر الإسماعيلى : إبراهيم
ابن أحمد و الحسن بن رشيد مجهولان ، و مما أوردنا يتبين أن هذه المتابعة لا
تسمن و لا تغني من جوع لشدة ضعفها ، و جهالة الراوي عنها ، فلا قيمة لتعقب
السيوطي على ابن الجوزي ، و لعله يشير لهذا صنيع الشوكاني في " الأحاديث
الموضوعة " ( ص 68 ) حيث ساق الحديث ثم اكتفى في تخريجه على قوله : رواه
الدارقطني و في إسناده متروك ، فلم يتعرض للمتابعة المزعومة بذكر !
قلت : و نوح هذا كان من أهل العلم ، و كان يسمى : الجامع ، لجمعه فقه أبي حنيفة
و لكنه متهم في الرواية ، قال أبو علي النيسابوري : كان كذابا ، و قال أبو سعيد
النقاش : روى الموضوعات ، و قال الحاكم : هو مقدم في علومه إلا أنه ذاهب الحديث
بمرة ، و قد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة ، و قال أيضا : لقد كان
جامعا ، رزق كل شيء إلا الصدق ! نعوذ بالله تعالى من الخذلان ، و كذا قال ابن
حبان ، و قد أورد الحافظ برهان الدين الحلبي في رسالة " الكشف الحثيث عمن رمي
بوضع الحديث " كما في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " ( ص 221 ) .
ثم إن للحديث علة أخرى لم أر من تنبه لها و هي عنعنة ابن جريج ، فإنه على جلالة
قدره كان مدلسا ، قال الإمام أحمد : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج
أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها ، يعني قوله : أخبرت
و حدثت عن فلان ، كذا في " الميزان " ، و قال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج
فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى
و موسى بن عبيدة و غيرهما ، كذا في " التهذيب " ، فإن سلم الحديث من ابن
أبي مريم و الحسن بن رشيد ، فلن يسلم من تدليس ابن جريج .
(1/156)
________________________________________
80 - " المهدي من ولد العباس عمي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 188 ) :
موضوع .
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " ( ج 2 رقم 26 من أصلى المنقول عن مخطوطة
الظاهرية ) و عنه الديلمي ( 4 / 84 ) و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1431 ) من
طريق محمد بن الوليد القرشي ، حدثنا أسباط بن محمد و صلة بن سليمان الواسطي عن
سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا ، و قال
الدارقطني : غريب ، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد .
قلت : و هو متهم بالكذب ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، و قال أبو عروبة :
كذاب ، و بهذا أعله المناوي في " الفيض " نقلا عن ابن الجوزي ، و به تبين خطأ
السيوطي في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " .
قلت : و مما يدل على كذب هذا الحديث أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم :
" المهدي من عترتي من ولد فاطمة " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 207 - 208 ) و ابن
ماجه ( 2 / 519 ) و الحاكم ( 4 / 557 ) و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة
في الفتن " ( 99 - 100 ) و كذا العقيلي ( 139 و 300 ) من طريق زياد بن بيان عن
علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة مرفوعا ، و هذا سند جيد رجاله كلهم
ثقات ، و له شواهد كثيرة ، فهو دليل واضح على رد هذا الحديث ، و مثله :
(1/157)
________________________________________
81 - " يا عباس إن الله فتح هذا الأمر بي ، و سيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما
ملئت جورا ، و هو الذى يصلي بعيسى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 181 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 4 / 117 ) ، و من طريقه ابن الجوزي في
" الواهيات " ( 1437 ) في ترجمة أحمد بن الحجاج بن الصلت قال : حدثنا سعيد بن
سليمان ، حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير أحمد بن الحجاج هذا
و لم يذكر فيه الخطيب جرحا و لا تعديلا ، و قد اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال :
رواه بإسناد الصحاح مرفوعا ، فهو آفته ! و العجيب أن الخطيب ذكره في " تاريخه "
و لم يضعفه و كأنه سكت عنه لانتهاك حاله ، و وافقه الحافظ في " لسان الميزان "
و الحديث أورده السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 431 - 434 ) و سكت عليه
! و من هنا يتبين لك الفرق بين الذهبي و السيوطي ، فإن الأول حافظ نقاد ،
و الآخر جماع نقال ، و هذا هو السر في كثرة خطئه و تناقضه في كتبه ، و الحديث
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 37 ) من حديث ابن عباس نحوه و قال :
موضوع ، المتهم به الغلابي محمد بن زكريا ، و أقره السيوطي في " اللآليء "
( 1 / 435 ) ، و رواه الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 323 ـ 324 ) ، و عنه ابن
الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2 / 375 / 1438 ) من طريق أخرى ، ثم قال ابن
الجوزي ( 2 / 378 ) : لا بأس بإسناده كذا قال و هو منه عجيب فإن فيه علتين :
إحداهما : عبد الصمد بن علي و هو الهاشمي ضعفه العقيلي ( 3 / 84 / 1053 ) و ساق
له حديث استنكره الذهبي و سيأتي برقم ( 2898 ) .
و الأخرى : محمد بن نوح بن سعيد المؤذن ، أورده الذهبي و قال : خبره كذب يعني
هذا و أبوه مجهول .
تنبيه : اختلط هذا الإسناد على بعض الطلبة فظن أنه من رواية الغلابي ، و ليس هو
فيه ، و أما صلاة المهدي بعيسى عليه السلام ، فصحيح ثابت في أحاديث كثيرة ،
و مثل هذا الحديث :
(1/158)
________________________________________
82 - " ألا أبشرك يا أبا الفضل ؟ إن الله عز وجل افتتح بي هذا الأمر ، و بذريتك
يختمه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 183 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 135 ) من طريق لاهز بن جعفر التيمي ، حدثنا
عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، أخبرني علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : تفرد به لاهز بن جعفر و هو حديث عزيز .
قلت : و هو متهم ، قال فيه ابن عدي : بغدادي مجهول يحدث عن الثقات بالمناكير ،
ثم ساق له حديثا في فضل علي ثم قال ابن عدي : و هذا باطل ، قال الذهبي : إي
والله هذا من أكبر الموضوعات ، و علي ، فلعن الله من لا يحبه ، و الحديث أورده
في " كنز العمال " ( رقم 38693 ) برواية أبي نعيم في " الحلية " عن أبي هريرة
بغير هذا اللفظ ، و لم أعثر عليه الآن في " الحلية " ، فالله أعلم .
تنبيه : إذا علمت حال هذا الحديث و الذي قبله ، فلا يليق نصب الخلاف بينهما
و بين الحديث الصحيح المتقدم قريبا : " المهدي من ولد فاطمة " لصحته و شدة ضعف
مخالفه ، و عليه : لا مسوغ لمحاولة التوفيق بينهما كما فعل بعض المتقدمين
و الأستاذ المودودي رحمه الله في " البيانات " ( ص 115 ، 165 ) ، و الله تعالى
هو الموفق لا إله سواه .
(1/159)
________________________________________
83 - " نعم المذكر السبحة ، و إن أفضل ما يسجد عليه الأرض ، و ما أنبتته الأرض " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4 / 98 ـ مختصره ) قال : أنا عبدوس بن
عبد الله أنا أبو عبد الله الحسين بن فنجويه الثقفي ، حدثنا علي بن محمد بن
نصرويه ، حدثنا محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي حدثني محمد بن علي بن
حمزة العلوي حدثني عبد الصمد بن موسى حدثتني زينب بنت سليمان بن علي حدثتني
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعا ، ذكره السيوطي
في رسالته : " المنحة في السبحة " ( 2 / 141 ـ من الحاوي ) و نقله عنه الشوكاني
في " نيل الأوطار " ( 2 / 166 - 167 ) و سكتا عليه !
قلت : و هذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، جل رواته مجهولون ، بل بعضهم متهم ،
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن ، لم أجد من ترجمها ، و زينب بنت سليمان بن علي
ترجمها الخطيب " في تاريخه " ( 14 / 334 ) و قال : كانت من فضائل النساء .
و عبد الصمد بن موسى ، هو الهاشمي ترجمه الخطيب ( 14 / 41 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و لكن نقل الذهبي في " الميزان " عن الخطيب أنه قال فيه : قد
ضعفوه فلعل ذلك في بعض كتبه الأخرى ، ثم استدركت فقلت : بل ذلك في حديث آخر
سيأتي برقم ( 2898 ) .
ثم قال الذهبي : يروي مناكير عن جده محمد بن إبراهيم الإمام .
قلت : فلعله هو آفة هذا الحديث ، و محمد بن علي بن حمزة العلوي ترجمه الخطيب
أيضا ( 3 / 63 ) و قال : قال ابن أبي حاتم : سمعت منه و هو صدوق ، مات سنة 286
و محمد بن هارون هو محمد بن هارون بن العباس بن أبي جعفر المنصور ، كذلك أورده
الخطيب ( 3 / 356 ) و قال : كان من أهل الستر و الفضل و الخطابة ، و ولي إمامة
مسجد المدينة ببغداد خمسين سنة ، و كانت وفاته سنة 308 .
و أبو عبد الله بن الحسين بن فنجويه الثقفي ثقة مترجم في " سير أعلام النبلاء "
( 17 / 383 ) و " شذرات الذهب " ( 3 / 200 ) .
و مثله عبدوس بن عبد الله له ترجمة في " سير أعلام النبلاء " ( 19 / 97 )
و " لسان الميزان " ( 4 / 95 ) .
و مما سبق يتبين لك أن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة ، ثم إن الحديث من حيث
معناه باطل عندي لأمور :
الأول : أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده
صلى الله عليه وسلم ، فكيف يعقل أن يحض عليه الصلاة و السلام أصحابه على أمر لا
يعرفونه ؟ ! و الدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح القرطبي في " البدع و النهي
عنها " ( ص 12 ) عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح
به فقطعه و ألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا ، فضربه برجله ، ثم قال : لقد سبقتم !
ركبتم بدعة ظلما ! و لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ! و سنده
إلى الصلت صحيح ، و هو ثقة من أتباع التابعين ، فالسند منقطع .
ثم روى عن أبان بن أبي عياش قال : سألت الحسن عن النظام ( خيط ينظم فيه لؤلؤ
و خرز و نحوهما ) من الخرز و النوى و نحو ذلك يسبح به ؟ فقال : لم يفعل ذلك أحد
من نساء النبي صلى الله عليه وسلم و لا المهاجرات ، و لكن سنده ضعيف جدا .
الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمرو : رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ، رواه أبو داود ( 1 / 235 )
و الترمذي ( 4 / 255 ) و حسنه ، و ابن حبان ( 2334 ـ موارد ) و الحاكم ( 1 /
547 ) و البيهقي ( 2 / 352 ) و إسناده صحيح كما قال الذهبي ، ثم خرجته في
" صحيح أبي داود " ( 1346 ) .
ثم هو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال لبعض النسوة : " عليكن بالتسبيح
و التهليل و التقديس ، و لا تغفلن فتنسين التوحيد " و في رواية : " الرحمة
و اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات و مستنطقات " ، و هو حديث حسن أخرجه أبو داود
و غيره ، و صححه الحاكم و الذهبي ، و حسنه النووي و العسقلاني ، و له شاهد عن
عائشة موقوف انظر " صحيح أبي داود " ( 1345 ) .
و لذلك ضعف الحديث جماعة كما ذكره الشيخ محمد خليل القاوقجى في " شوارق الأنوار
الجليلة " ( ق 113 / 1 ) .
ثم تبين لي فيما بعد أن السند أشد ضعفا مما ذكرنا ، و أن آفته محمد بن هارون بن
عيسى بن منصور الهاشمي ، فإنه كان يضع الحديث كما يأتي ، و قولي أولا هو محمد
ابن هارون بن العباس .. إلخ وهم ، سببه أنني ذهلت عن الترجمة التي بعد ابن
العباس هذا في " تاريخ الخطيب " فقد قال : محمد بن هارون بن عيسى بن إبراهيم بن
عيسى بن أبي جعفر المنصور ، يكنى : أبا إسحاق ، و يعرف بـ " ابن برية " ...
و في حديثه مناكير كثيرة ، و قال الدارقطني : لا شيء ، و قال ابن عساكر في
" تاريخ دمشق " : يضع الحديث ، ثم ساق له حديثا ، ثم قال : هذا من موضوعاته ، و
كذلك اتهمه الخطيب ، فقال عقب الحديث المشار إليه ( 7 / 403 ) : و الهاشمي
يعرف بابن برية ، ذاهب الحديث ، يتهم بالوضع ، و إنما جزمت بأن هذا هو راوي
الحديث ، لأن السند فيه أنه محمد بن هارون بن عيسى ، و ليس فيه أنه محمد بن
هارون بن العباس ، فهما شخصان : اتفقا في اسمهما و اسم أبيهما ، و اختلفا في
اسم جدهما ، فالأول اسم جده عيسى ، و الآخر اسم جده العباس و هذا مستور ،
و الأول متهم كما عرفت ، فانحصرت شبهة وضع الحديث فيه ، و برئت ذمة عبد الصمد
ابن موسى منه على ضعفه و روايته المناكير ، و الفضل في تنبهي لهذه الحقيقة يعود
إلى مقال لي قديم في الكلام على هذا الحديث ، فالحمد لله على توفيقه ، هذا معنى
ما كنت أوردته في ردي على " التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي ( ص 14 - 15 ) ، فإن
قيل : قد جاء في بعض الأحاديث التسبيح بالحصى و أنه صلى الله عليه وسلم أقره ،
فلا فرق حينئذ بينه و بين التسبيح بالسبحة كما قال الشوكاني ؟ قلت : هذا قد
يسلم لو أن الأحاديث في ذلك صحيحة ، و ليس كذلك ، فغاية ما روي في ذلك حديثان
أوردهما السيوطي في رسالته المشار إليها ، فلابد من ذكرهما ، و بيان علتهما :
الأول : عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة
و بين يديها نوى أو حصى تسبح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو
أفضل ؟ فقال : " سبحان الله عدد ما خلق في السماء .. " ، الحديث رواه أبو داود
( 1 / 235 ) و الترمذي ( 4 / 277 - 278 ) و ابن حبان ( 2330 ـ زوائده )
و الدورقي في " مسند سعد " ( 130 / 1 ) و المخلص في " الفوائد " ( 9 / 17 / 2 )
و الحاكم ( 1 / 547 ـ 548 ) من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه
عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها ، و قال الترمذي : حديث حسن ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي فأخطأ ، لأن خزيمة هذا مجهول ،
قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال
و كذا قال الحافظ في " التقريب " : إنه لا يعرف ، و سعيد بن أبي هلال مع ثقته
حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، و كذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل "
لابن حزم ( 2 / 95 ) ، و لعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإن بعض
الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا و لذلك لم
يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال فلا يخلو هذا الإسناد من
علة الجهالة أو الانقطاع فأنى للحديث الصحة أو الحسن ؟ ! .
و جهل ذلك أو تجاهله بعض من ألف في سنية السبحة ! من أهل الأهواء من المعاصرين
مقلدا في ذلك شيخه عبد الله الغماري الذي تجاهل هذه الحقائق ، فأورد هذا الحديث
في " كنزه " ( 103 ) ليتوصل منه إلى تجويز السبحة لمريديه ! ثم إلى تجويز
تعليقها على العنق كما يفعل بعض مشايخ الطرق ، انظر الرد عليه في مقدمة المجلد
الثالث من هذه السلسلة ( ص 37 ) ترى العجب العجاب .
الآخر : عن صفية قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و بين يدي أربعة
آلاف نواة أسبح بهن ، فقال : " يا بنت حيي ، ما هذا ؟ " ، قلت : أسبح بهن ،
قال : " قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا " ، قلت : علمني يا رسول الله ،
قال : " قولي : سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء .. " ، أخرجه الترمذي ( 4 /
274 ) و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 73 / 255 / 1 ) ، و الحاكم ( 1 /
547 ) من طريق هاشم بن سعيد عن كنانة مولى صفية عنها ، و ضعفه الترمذي بقوله :
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، و ليس
إسناده بمعروف ، و في الباب عن ابن عباس ، و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ،
و وافقه الذهبي و هذا منه عجب ، فإن هاشم بن سعيد هذا أورده هو في " الميزان "
و قال : قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال ابن عدي : مقدار ما يرويه لا يتابع
عليه ، و لهذا قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف ، و كنانة هذا مجهول الحال لم
يوثقه غير ابن حبان .
ثم استدركت فقلت : لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير و حديج ابنا معاوية ، و
محمد بن طلحة بن مصرف ، و سعدان بن بشير الجهني ، و كل هؤلاء الأربعة ثقات ،
يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي ، وثقه جماعة و ضعفه آخرون فسبيل من روى عنه
هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه : صدوق ، كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد
في " تمام المنة " ( ص 204 ـ 206 ) ، فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف و غيره ، و
عليه فعلة الحديث هاشم فقط .
و مما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى
و لفظه قال : عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى
الصبح و هي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة ، فقال : ما زلت على
الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد
قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله
و بحمده عدد خلقه ، و رضا نفسه ، و زنة عرشه و مداد كلماته " ، أخرجه مسلم
( 8 / 83 - 84 ) و الترمذي ( 4 / 274 ) و صححه و النسائي في " عمل اليوم
و الليلة " ( 161 ـ 165 ) و ابن ماجه ( 1 / 23 ) و أحمد ( 6 / 325 و 429 -
430 ) ، فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين :
الأول : أن صاحبة القصة هي جويرية ، لا صفية كما في الحديث الثاني ؟ .
الآخر : أن ذكر الحصى في القصة منكر ، و يؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى ، و قد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها
و لو كان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله
و قد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا و هو إبراهيم بن يزيد
النخعي الفقيه الكوفي ، فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح
التي يسبح بها ! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 89 / 2 ) بسند جيد .
قد يقول قائل : إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد
إذا كان كثيرا ، فالجواب : إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في
عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم ، فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي
السبحة ! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة ، فيما ثبت لدي إنما هو
مئة ، و هذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته .
و أما حديث : من قال في يوم مئتي مرة : " إله إلا الله وحده لا شريك له ... "
الحديث ، فالمراد : مئة إذا أصبح ، و مئة إذا أمسى كما جاء مصرحا به في بعض
الروايات الثابتة ، و بيان ذلك في " الصحيحة " ( 2762 ) .
و أما ما رواه ابن أبي شيبة ( 2 / 391 ) عن وقاء عن سعيد بن جبير قال : رأى
عمر بن الخطاب رجلا يسبح بتسابيح معه ، فقال عمر : إنما يجزيه من ذلك أن يقول :
سبحان الله .... إلخ ، فهو منكر لوجوه ، منها الانقطاع بينه و بين سعيد ، و ضعف
وقاء ، و هو ابن إياس ، و هو لين الحديث .
و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو
كادت ، مع اتفاقهم على أنها أفضل ، لكفى ! فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح
بالأنامل ! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه ، فترى بعض المنتمين
لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! و بعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك !
و آخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير
بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس و في إحدى يديه سبحة ! ! يتظاهرون للناس
بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين ! و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا
لإضاعة ما هو واجب ، فقد اتفق لي مرارا - و كذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم
فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام ! و مفاسد هذه البدعة لا
تحصى ، فما أحسن ما قال الشاعر :
و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف
ثم وقفت على حديث ثالث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كان يسبح بالحصا " ، و لكن
إسناده واه جدا ، فيه من روى عن مالك أحاديث موضوعة ، و سيأتي بيان ذلك برقم
( 1002 ) من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى .
(1/160)
________________________________________
84 - " كلكم أفضل منه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
ضعيف .
لم أجده في شيء من كتب السنة ، و إنما أخرجه ابن قتيبة في " عيون الأخبار " ( 1
/ 26 ) بسند ضعيف فقال : حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمر عن أبي إسحاق عن
خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر ،
فلما قدموا قالوا : يا رسول الله ! ليس أحد بعد رسول الله أفضل من فلان ، يصوم
النهار ، فإذا نزلنا قام يصلي حتى يرتحل ! قال : " من كان يمهن له أو يعمل له ؟
" ، قالوا : نحن ، قال : " كلكم أفضل منه ؟ " ، و هذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم
ثقات ، لكنه مرسل ، فإن مسلم بن يسار هذا و هو البصري الأموي تابعي ، ثم أنهم
ذكروا في ترجمته أن أكثر روايته عن أبي الأشعث الصنعاني و أبي قلابة ،
و هذا الحديث من رواية أبي قلابة عنه ، و قد كانت وفاتهما بعد المائة ببضع سنين
و لكن أبا قلابة مدلس ، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : إمام شهير من
علماء التابعين ، ثقة في نفسه ، إلا أنه مدلس عمن لحقهم و عمن لم يلحقهم ،
و كان له صحف يحدث منها و يدلس ، و لهذا أورده الحافظ برهان الدين العجمي
الحلبي في رسالته " التبيين لأسماء المدلسين " ( ص 21 ) ، و كذا الحافظ ابن حجر
في " طبقات المدلسين " ( ص 5 ) و قال : وصفه بذلك الذهبي و العلائي ، فلو أن
الحديث سلم من الإرسال لما سلم من عنعنة أبي قلابة ، فالحديث ضعيف على كل حال .
ثم رأيت الحديث في " مصنف عبد الرزاق " ( 20442 ) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة
قال : ... فذكره نحوه ، و لم يذكر فيه مسلم بن يسار ، و هذا مرسل أيضا .
و يغني عنه حديث أنس قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا
الصائم ، و منا المفطر ، قال : فنزلنا منزلا في يوم حار ، أكثرنا ظلا صاحب
الكساء ، و منا من يتقي الشمس بيده ، قال : فسقط الصوام ، فقام المفطرون ،
فضربوا الأبنية و سقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذهب
المفطرون اليوم بالأجر " ، رواه البخاري ( 6 / 64 ) و مسلم ( 3 / 144 ) ،
و اللفظ له و النسائي في " الكبرى " ( ق 20 / 1 ) .
(1/161)
________________________________________
85 - " يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع
الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا
أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله
المهدي - و في رواية - إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها و لو
حبوا .. إلخ " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 195 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 518 - 519 ) و الحاكم ( 4 / 463 - 464 ) من طريقين عن خالد
الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعا بالرواية الأولى ،
و أخرجه أحمد ( 5 / 277 ) عن علي بن زيد ، و الحاكم أيضا ( 4 / 502 ) من طريق
عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به ، لكن علي بن زيد و هو ابن
جدعان لم يذكر أبا أسماء في إسناده ، و هو من أوهامه ، و من طريقه أخرجه ابن
الجوزي في كتاب " الأحاديث الواهية " ( 1445 ) مختصرا و ابن حجر في " القول
المسدد في الذب عن المسند " ( ص 45 ) و قال : و علي بن زيد فيه ضعف ، و به أعله
المناوي في " فيض القدير " فقال : نقل في " الميزان " عن أحمد و غيره تضعيفه ،
ثم قال الذهبي : أراه حديثا منكرا ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " قال
ابن حجر : و لم يصب إذ ليس فيهم متهم بالكذب ، انتهى .
قلت : و في هذا الكلام أخطاء يجب التنبيه عليها :
1 - إعلاله الحديث بابن جدعان يوهم أنه تفرد به ، و ليس كذلك ، فقد تابعه خالد
الحذاء عند الحاكم و ابن ماجه كما تقدم و هو ثقة من رجال الصحيحين .
2 - أنه يوهم أن ابن الجوزي أورده من طريق ابن جدعان ، و ليس كذلك ، فإنما
أورده في " الموضوعات " ( 2 / 39 ) من طريق عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة
عن عبد الله يعني ابن مسعود مرفوعا نحو الرواية الثانية عن ثوبان ، ثم قال ابن
الجوزي : لا أصل له ، عمرو لا شيء ، و لم يسمع من الحسن ، و لا سمع الحسن من
أبي عبيدة ، قلت : و لا أبو عبيدة سمع من أبيه ابن مسعود ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 437 ) بحديث ابن ثوبان هذا ، و قد قال في " الزوائد " ( ق
249 / 2 ) : إسناده صحيح و رجاله ثقات ، و قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ،
و وافقه الذهبي ! مع أنه يقول في " الميزان " : أراه منكرا كما تقدم ، و هذا هو
الصواب ، و قد ذهل من صححه عن علته ، و هي عنعنة أبي قلابة ، فإنه من المدلسين
كما تقدم نقله عن الذهبي و غيره في الحديث السابق و لعله لذلك ضعف الحديث ابن
علية من طريق خالد كما حكاه عنه أحمد في " العلل " ( 1 / 356 ) و أقره ، لكن
الحديث صحيح المعنى ، دون قوله : فإن فيها خليفة الله المهدي فقد أخرجه ابن
ماجه ( 2 / 517 ـ 518 ) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعا نحو رواية ثوبان
الثانية ، و إسناده حسن بما قبله ، فإن فيه يزيد بن أبي زياد و هو مختلف فيه
فيصلح للاستشهاد به ، و ليس فيه أيضا ذكر خليفة الله و لا خراسان ، و هذه
الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت ، و لا ما يصلح أن يكون شاهدا لها ، فهي
منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق ، و من نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن
يقال : فلان خليفة الله ، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص
و العجز ، و قد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فقال في
" الفتاوى " ( 2 / 461 ) : و قد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي ، أن
الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله ، و الله تعالى لا يجوز له خليفة ،
و لهذا قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ! فقال : لست بخليفة الله ، و لكن خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الصاحب في السفر ، و الخليفة في الأهل
، اللهم اصحبنا في سفرنا ، و اخلفنا في أهلنا " ، و ذلك لأن الله حي شهيد مهيمن
قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين ، ليس له شريك و لا ظهير ، و لا يشفع أحد عنده
إلا بإذنه ، و الخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة ، و يكون لحاجة
المستخلف ، و سمي خليفة ، لأنه خلف عن الغزو و هو قائم خلفه ، و كل هذه المعاني
منتفية في حق الله تعالى ، و هو منزه عنها ، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت و لا
يغيب ... و لا يجوز أن يكون أحد خلفا منه و لا يقوم مقامه ، إنه لا سمي له
و لا كفء ، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به .
(1/162)
________________________________________
86 - " الطاعون وخز إخوانكم من الجن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 198 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و إن أورده ابن الأثير في مادة وخز من " النهاية " تبعا لغريبي الهروي ، و إنما
هو مركب من حديثين صحيحين كما يأتي بيانه و قال الحافظ في " الفتح "
( 10 / 147 ) : لم أره بهذا اللفظ بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق
الحديث المسندة ، لا في الكتب المشهورة ، و لا الأجزاء المنثورة ، و قد عزاه
بعضهم لـ " مسند أحمد " و " الطبراني " و " كتاب الطواعين " لابن أبي الدنيا ،
و لا وجود لذلك في واحد منها .
قلت : و الحديث في مسند أحمد ( 4 / 395 ، 413 ، 417 ) و كذا الطبراني في
" المعجم الصغير " ( ص 71 ) و الحاكم أيضا ( 1 / 50 ) من طرق عن أبي موسى
الأشعري مرفوعا بلفظ : " الطاعون وخز أعدائكم من الجن " ، و قال الحاكم :
صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي .
قلت : هو صحيح ، أما على شرط مسلم ، فلا ، فإن فيه عند الحاكم و كذا أحمد في
بعض طرقه أبا بلج و اسمه يحيى بن سليم و هو ثقة ، إلا أنه ليس من رجال مسلم ،
و له عند أحمد طريق أخرى بسند صحيح أيضا ، و صححه الحافظ ، فهذا هو المحفوظ في
الحديث : وخز أعدائكم ، و أما لفظ إخوانكم فإنما هو في حديث آخر ، و هو قوله
صلى الله عليه وسلم : " فلا تستنجوا بهما يعني العظم و البقر فإنهما طعام
إخوانكم من الجن " ، رواه مسلم و غيره انظر " نيل الأوطار " فكأنه اختلط على
بعضهم هذا بالأول .
قال السيوطي في " الحاوي " : و أما تسميتهم إخوانا في حديث العظم ، فباعتبار
الإيمان ، فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس ، و قد أطال الكلام
على طرق الحديث و بيان أنه لا أصل لهذه اللفظة " إخوانكم " في شيء من طرقه
الحافظ ابن حجر في كتابه القيم " بذل الماعون في فضل الطاعون " ( ق 26 / 1 - 28
/ 2 ) .
(1/163)
________________________________________
87 - " إذا صعد الخطيب المنبر ، فلا صلاة و لا كلام " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 199 ) :
باطل .
قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة و علق على المنابر و لا أصل له ! و إنما رواه
الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ : " إذا دخل أحدكم المسجد
و الإمام على المنبر فلا صلاة و لا كلام ، حتى يفرغ الإمام " ، و فيه أيوب بن
نهيك ، قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 259 ) : سمعت أبي
يقول : هو ضعيف الحديث ، سمعت أبا زرعة يقول : لا أحدث عن أيوب ابن نهيك ، و لم
يقرأ علينا حديثه و قال : و هو منكر الحديث ، و قال الهيثمي في " المجمع "
( 2 / 184 ) : و هو متروك ضعفه جماعة ... و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 2 /
327 ) : إنه حديث ضعيف ، و أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 193 ) من حديث أبي
هريرة مرفوعا بلفظ : " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام " ، و قال :
رفعه خطأ فاحش و إنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري ، و أقره الزيلعي في
" نصب الراية " ( 2 / 201 ) ، و إنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف
سنده يخالف حديثين صحيحين : الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاء أحدكم
يوم الجمعة و قد خرج الإمام فليصل ركعتين " . أخرجه البخاري و مسلم في
" صحيحيهما " من حديث جابر ، و في رواية أخرى عنه قال : جاء سليك الغطفاني
و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له : " يا سليك قم فاركع ركعتين
و تجوز فيهما " ، ثم قال : " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة و الإمام يخطب فليركع
ركعتين و ليتجوز فيهما " ، أخرجه مسلم ( 3 / 14 - 15 ) و غيره ، و هو مخرج في
" صحيح أبي داود " ( 1023 ) .
الآخر : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك : أنصت ، يوم الجمعة
و الإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 619 ) .
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام ، بينما حديث الباب
ينهي عنهما ! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما
و قد دخل و الإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم ، و إني لأخشى على مثله
أن يدخل في وعيد قوله تعالى : *( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى )* و قوله :
*( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* و لهذا
قال النووي رحمه الله : هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ، و لا أظن عالما يبلغه
و يعتقده صحيحا فيخالفه .
و الحديث الآخر يدل بمفهوم قوله : و الإمام يخطب أن الكلام و الإمام لا يخطب لا
مانع منه ، و يؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه ، كما قال ثعلبة
بن أبي مالك : إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
المنبر حتى يسكت المؤذن ، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي
خطبتيه كلتيهما ، أخرجه مالك في " موطئه " ( 1 / 126 ) و الطحاوي ( 1 / 217 )
و السياق له ، و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 201 ) و إسناد الأولين صحيح .
فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام ، لا مجرد صعوده على المنبر ،
و أن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد ، فظهر بطلان حديث الباب ، و الله
تعالى هو الهادي للصواب .
(1/164)
________________________________________
88 - " الزرع للزارع ، و إن كان غاصبا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 202 ) :
باطل لا أصل له .
قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 3 / 60 ) : لم يخرجه أحد ، قال في
" المنار " : و قد بحثت عنه فلم أجده ، و الشارح نقله و بيض لمخرجه ، و قال
الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5 / 272 ) : و لم أقف عليه فلينظر فيه .
قلت : نظرت فيه فلم أعثر عليه ، بل وجدته مخالفا للأحاديث الثابتة في الباب :
الأول : " من أحيا أرضا ميتة فهي له ، و ليس لعرق ظالم حق " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 50 ) بسند صحيح عن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، و حسنه
الترمذي ( 2 / 229 ) و هو مخرج في " الإرواء " ( 1550 ) ، قال في النهاية :
و ليس لعرق ظالم حق ، هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها
غرسا غصبا ليستوجب به الأرض ، و الرواية لعرق بالتنوين ، و هو على حذف المضاف ،
أي : لذي عرق ظالم ، فجعل العرق نفسه ظالما ، و الحق لصاحبه ، أو يكون الظالم
من صفة صاحب العرق ، و إن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق و الحق
للعرق ، و هو أحد عروق الشجرة .
قلت : فظاهر الحديث يدل على أنه ليس له حق في الأرض ، و يحتمل أنه حق مطلقا لا
في الأرض و لا في الزرع ، و يؤيده الحديث التالي ، و هو .
الثاني : " من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ، فليس له من الزرع شيء ، و ترد عليه
نفقته " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 23 ) و الترمذي ( 2 / 291 ) و ابن ماجه ( 2 /
90 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 3 / 280 ) و البيهقي ( 6 / 136 ) و أحمد ( 4 /
141 ) من حديث رافع بن خديج ، و قال الترمذي : حديث حسن غريب ، و العمل عليه
عند بعض أهل العلم ، و هو قول أحمد و إسحاق ، و سألت محمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث ؟ فقال : هو حديث حسن ، قال الصنعاني : و له شواهد تقويه .
قلت : و قد خرجتها مع الحديث ، و بينت صحته في " إرواء الغليل " ( 1519 )
فليراجعه من شاء .
(1/165)
________________________________________
89 - " صاحب الشيء أحق بحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 204 ) :
موضوع .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 235 / 1 - 2 ) و ابن بشران في " الأمالي "
( 2 / 53 - 54 ) و الحافظ محمد بن ناصر في " التنبيه " ( 16 / 1 - 2 ) من طريق
يوسف بن زياد البصري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن
أبي هريرة قال : دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق ، فقعد إلى
البزازين ، فاشترى سراويل بأربعة دراهم ، قال : و كان لأهل السوق رجل يزن بينهم
الدراهم يقال له : فلان الوزان ، قال : فدعي ليزن ثمن السراويل ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : " اتزن و أرجح " ، فقال الوزان : إن هذا القول ما سمعته
من أحد من الناس ، فمن أنت ؟ قال أبو هريرة : فقلت : حسبك من الرهق و الجفاء في
دينك ألا تعرف نبيك ؟ فقال : أهذا نبي الله ؟ و ألقى الميزان و وثب إلى يد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : "
مه إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها ، و إني لست بملك ، إنما أنا رجل منكم " ثم
جلس فاتزن الدراهم و أرجح كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفنا
تناولت السراويل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحملها عنه فمنعني و قال :
الحديث ، قال .. قلت : يا رسول الله أو إنك لتلبس السراويل ؟ قال : " نعم
بالليل و النهار ، و في السفر و الحضر " ، قال يوسف : و شككت أنا في قوله :
و مع أهلي ، " فإني أمرت بالستر فلم أجد ثوبا أستر من السراويل " .
قلت : و هذا إسناد واه بمرة ، يوسف هذا قال البخاري في " التاريخ الكبير "
( 4 / 2 / 388 ) : منكر الحديث ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 /
47 ) من طريق ابن عدي عن يوسف هذا ، ثم قال : لا يصح ، قال الدارقطني في
" الأفراد " : الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل ، و لم يروه عن
الإفريقي غيره ، و قال المناوي في " الفيض " : قال الحافظ العراقي و ابن حجر :
ضعيف ، و قال السخاوي : ضعيف جدا ، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه ، و قال :
فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الإفريقي ، و لم يروه عنه غيره و رده المؤلف
يعني السيوطي أنه لم يتفرد به يوسف ، فقد خرجه البيهقي في " الشعب " و
" الأدب " من طريق حفص بن عبد الرحمن ، و يرد بأن عبد الرحمن يعني الإفريقي قال
ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات ، فهو كاف بالحكم بوضعه .
قلت : و الحق مع ابن الجوزي لما سيأتي ، و ما ذكره المناوي عن السيوطي من
متابعة حفص بن عبد الرحمن ، لعله تحريف ، فالذي رأيته في " التعقبات على
الموضوعات " للسيوطي ( ص 32 - 33 ) جعفر بن عبد الرحمن بن زياد ، و لا آمن على
نسخة " التعقبات " و كذا " الفيض " التحريف ، و على كل حال لم أعرف ابن
عبد الرحمن هذا والله أعلم ، و كلام ابن الجوزي السابق نقله السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 263 ) و ارتضاه لأنه لم يتعقبه بشيء ، لكنه قال : أخرجه
الطبراني ، و قال في " الحاوي " ( 2 / 101 ) بعد أن عزاه للطبراني و أبي يعلى :
و يوسف و شيخه ضعيفان ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 121 - 122 ) : رواه
أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " ، و فيه يوسف بن زياد البصري و هو ضعيف .قلت
: فذهل عن كونه شديد الضعف و عن علته الأخرى ، و هي ضعف الإفريقي ، و يوسف هذا
ترجمه الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 295 - 296 ) و روى عن النسائي أنه قال : ليس
بثقة ، و عن البخاري و الساجي : منكر الحديث و كذا قال أبو حاتم كما في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 222 ) ، فهو متهم ، ثم رأيت السخاوي قد أورد الحديث
في " الفتاوى الحديثية " ( ق 86 / 1 ) و قال : سنده ضعيف جدا ، و اقتصر شيخنا
في " فتح الباري " على ضعف رواته ، و لشدة ضعفه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله
عليه وسلم لم يلبس السراويل .

hg[.x hgehge lk hgsgsgi hgqudti gghlhl hghgfhkd










عرض البوم صور ابو عبدالله عبدالرحيم   رد مع اقتباس
قديم 23 / 03 / 2016, 12 : 08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان


البيانات
التسجيل: 26 / 01 / 2008
العضوية: 38
العمر: 65
المشاركات: 189,373 [+]
بمعدل : 31.95 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 19174
نقاط التقييم: 791
شريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to behold

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو عبدالله عبدالرحيم المنتدى : ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للامام, من, الالباني, الثالث, الجزء, السلسله, الضعيفه

جديد ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018