أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات



الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا 16 رمضان 1445 هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح من مسجد شيخ الإسلام | ليبيا (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 9 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: القارئ الشيخ رعد الكردي | صلاة التراويح ليلة 8 رمضان 1445 | مسجد الغانم والخرافي (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة من صلاة التراويح للدكتور المقرئ عبد الرحيم النابلسي بمسجد الكتبية الليلة 10 رمضان 1445هـ (آخر رد :شريف حمدان)       :: تلاوة ماتعة من صلاة التراويح للقارئ أحمد الخالدي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء والتراويح من مسجد الأندلس بالرباط للقارئ أحمد الخالدي سورة مريم (آخر رد :شريف حمدان)       :: الشفع والوتر ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة التراويح ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء ليلة 18 رمضان 1445 هجرية - للشيخ أحمد زين العابدين - بمسجد الرحمن البحري بنزالي جانوب (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 20 المشاهدات 4442  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 28 / 01 / 2010, 06 : 05 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد اخوتي في الله هذا موضوع احببت ان اجمع فيه كل ما كتب عن المولد النبوي الشريف وبيان بطلان الاحتفال به نبدء باول موضوع

مَوْلِدٌ جَدِيدٌ

قام من نومه فزعاً !! إنها الساعة الثامنة صباحاً. ركض باتجاه خزانة ملابسه، وأخذ منها ملابس مُناسِبة. ثم توقف ونظر في المرآة، وأصلح من هندامه، واندفع نحو الباب يريد الخروج. يا الله! تذكَّر أنه كاد أن يخرج من البيت وهو لم يغسل وجهه بعد، نعم! فاليوم هو مستعجل ومشغول، يحتاج (محمد) في هذا اليوم أن يُنجز الكثير من الأعمال مبكراً كي يفرغ في المساء، فالليلة (مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-) ، وإن لم يُبكِّر في إنجاز أعماله. ربما حَلَّ عليه المساء وهو بعدُ في مشاغله فيفوته التبكير لحضور (المولد) . رجع محمد فغسل وجهه ثم خرج واستقل سيارته متوجهاً إلى عمله، وانهمك في مهامِّه ومشاغله. وفي أثناء انشغاله بإنجاز أوراق كانت بين يديه جاءته رسالة جوال. ترك ما في يـده، وفـتح الرسـالة فـإذا فيـها: «أخي! هل تحب الله، هل تحب الرسول؟» قال في نفسه: نعم! وماذا بعد؟ واصل القراءة: «إن محبةَ الله ومحبــةَ رسوله أوثـقُ عـرى الإيمـان». يا الله! ما أجملها من كلمات! تمضي الرسالة: «إن كانت محبتهما بهذه المنـزلة؛ فهل يمكن أن يكون (المولد) من وسائل محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يتركنا دون أن يبيّــنه لنـا؟» علَّق قـائلاً: مـا هـذا؟ ما أدري، مــاذا يقــول هــذا الرجــل؟ آهِ إنه (صالح) هداك الله يا صالح!

ترك محمد هاتفه الجوال متجاهلاً ما جاء في الرسالة وعاد لإكمال ما بيده.

وفجأة تذكر أنه لم يُصَلِّ الصبح. توقَّف قليلاً، وتعجَّب من نفسه ما الذي ذَكَّره بها الآن، مع أنه في أحيان كثيرة لا يصليها!! قام محمد مباشرة وترك ما في يده، ووجد في نفسه همة ونشاطاً لأنْ يصلي الصبح لم يكن يعرف مثلها من قبل.

وفي آخر اليوم أتم محمد جميع أعماله، واستعد للذهاب إلى (المولد) وعندما ركب سيارته أطلق لفكره العنان يتذكر ما مر به في يومه من أحداث. تذكر الرسالة، وتذكر صلاته للصبح، وتذكر استعجاله للخروج حتى إنه نسي أول الأمر أن يغسل وجهه. ضحك من نفسه، ووجد في صدره راحة وأُنساً وانشراحاً؛ فحمد الله على نعمته. رجع محمد إلى نفسه يحاسبها على هذا التقصير في سنواته الماضية في الصلوات، وخصوصاً صلاة الصبح. وبدأ يحدث نفسه: تُرى هل أجد هذا الاطمـئنان وهـذه الراحــة باسـتـمرار إن داومتُ على هذه الصلاة ؟!

تذكَّر محمد الشيخ خالد الذي اتصل به وأكَّد عليه التبكير للمولد. وهذا ديدن الشيخ خالد ـ جزاه الله خيراً ـ يتصل بي سنوياً يذكِّرني بهذه المناسبة المهمة.

ـ نعم! ـ حدثته نفسه ـ: ولكنَّ الشيخ خالد هذا لم يذكِّرك مرةً بصلاة الفجر، أو يعرض عليك أن يصطحبك إليها مثلما يفعل في شأن (المولد)! إنه يظل طوال عامه مشغولاً، غير مهتم بك حتى إذا جاء هذا الوقت من كل سنة تذكَّرك!

ـ أعوذ بالله، ما هذه الخواطر المزعجة؟ إن الشيخ خالد رجل صالح، مـن أولياء الله، وهو يفعل ذلك حباً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وتعظيماً لمقامه الشريف.

ـ حُبّاً... نعم حُباً! آه ما أجمل الكلمات التي قرأتها في الرسالة اليوم!

عاد محمد إلى هاتفه الجوال، واستخرج منه الرسالة التي جاءته اليوم من صديقه صالح وأعاد قراءة ما فيها: «أخي! هل تحب الله، هل تحب الرسول؟

إن محبةَ الله ومحبةَ رسوله أوثقُ عرى الإيمان».

نعم ! ـ قال محمد ـ: ألم يقل -صلى الله عليه وسلم-: «أوثق عرى الإيمان الحُب في الله والبغض في الله؟»
وواصل القراءة: «إنْ كانت محبتهما بهذه المنـزلة؛ فهل يمكن أن يكـون (المـولد) من وسائل محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يتركنا دون أن يبيّنه لنا ؟ » .

ـ (صالحٌ) هذا صديق قديم، عرفتُه منذ الصغر في أيام الدراسة، وكنت أعرف فيه دائماً الجدَّ والتعَقُّلَ في الأمور كلـها، وهـو مـع احترامه للناس إلا أنه لا يوكل عقله ومهمة التفكير عنه لأحد!! نعـم! أتذكـر مـرة لمـا قـال لـنا المدرس أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخرج يده من القبر الشريف لمصافحة أحد الأولياء، وكيف أنه لم يقتنع، وظل يناقش الأستاذ عن مصـدر هـذه المعـلومـة، ويؤكِّد أن ذلك لم يقع مع كبار الصحابة؛ فكيف يقع للأولياء بعدهم؟ وكنا نتعجب منه، ومن قوة رأيه وشخصيته.

ـ نعـم ! صـالح رجـل عـاقل، ولكني أنا أيضاً عاقل، ولا أتابع صالحاً في كل ما يقول، صالح يمشي مع مشايخ متشددين لا يحبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ـ عجـبـاً والله ! كيـف أقـول عـن صالح وعـن أصـحابه: لا يحـبـون رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مَن أرسل لي هذه الرسالة الرقيقة عن حبه -صلى الله عليه وسلم-؟ وأتذكَّر في الشهر الماضي أني صليت الجمعة عند أحد هؤلاء الشيوخ فوجدته ينافح ويدافع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويطلب من الناس تحمُّل مسؤولياتهم في مقاطعة كل الدول التي تُسيء إليه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن في ذلك الوقت أحدٌ من الناس يذكر هذه القضية إلا هؤلاء، ثم تتابع الناس من بعدهم في الاهتمام بهذه القضية. وحتى الشيخ خالد لمَّا زرته لم يعرِّج على هذه القضية أبداً. وكذلك أنا أرى صالحاً وأصحابه يهتمون بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى إنه مرة أشار لي إلى واحدٍ منهم، وأخبرني أنه كتب عن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كتاباً ليس فيه إلا الأحاديث الصحيحة، وكذلك أذكر صديقنا سليمان الذي كتب مجموعة من القصص النبوي على هيئة قـصـص ميـسَّرٍ للأطـفـال. هـل هـؤلاء لا يحبون الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ هل يمكن لمسلم يفعل السنن ويجتنب البدع، ويجعلُ اتّباعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هاجسه وشاغله، ويقدِّر سنته وسيرته وشريعته حق قدرها ألا يُحبَّ هذا الرجلَ العظيمَ والرسولَ الكريمَ -صلى الله عليه وسلم-؟.. واللهِ إن صَدَّقتُ يومـاً أن هـناك مـن الناس من يكون بهـذه الدرجة من القسوة وغلظ القلب فلا يمكن أن أصدِّق أن قاسياً من الناس يكون أقسى من أن تؤثِّر فيه سيرة الرسول العطرة، وأقسى من أن تُحمد عقـباه إذا اتبـع سـننَه، وهـديَـه -صلى الله عليه وسلم-. إي واللهِ! فبركةُ صلاتي للصبح اليوم أعقبت لي هذا الرشد، وهذه السعادة؛ فكيف بمن هو مترسِّمٌ لما جاء به -صلى الله عليه وسلم- في ليله ونهاره.

ـ علـى كل حال الاحتفال بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- فِعلُ خير، وما هو إلا ذكرٌ، وصلاةٌ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، واجتماع على الخير، وتحريمه، والقول بأنه بدعة تشددٌ لا داعي له.. تشدد لا داعي له.. تشدد لا داعي له... أخذ يكررها متأملاً في مضمونها.

ـ لحظة! هل الذي لا داعي له، فعلُ ما تركه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-، وخيارُ المسلمين مـن بـعـده فـلم يفـعلـوه؛ أم أن فـعـلَ ما تركوه هو الذي لا داعي له؟

ـ آااه! أشعر والله بإرهاق من هذا التفكير.

توقف محمد، ونزل إلى حديقة عامة كي يُمضي فيها بعض الوقت، ويتناول مشروباً يُنعشه. جلس محمد جانباً، وطلب كوباً من عصير الليمون بالنعناع، وشعر بالاسترخاء، وأعجبته روعة المكـان، وأعجـبه جـمـال الحديقة وحُسن تنسيقها. ولم يكدِّر عليه صفوه إلا مجموعة من الأولاد ممن ناهز الاحتلام، وهم يقومون بأعمال مريبة.. نظر إليهم محمد وإذا السباب والشتائم هي تحية بعضهم لبعض. وبعد قليل وقع بينهم تشاجر ارتفعت فيه الأصوات، وانقسموا على إثره فريقين، ويا للعجب! أخرج بعضهم آلات حادة، وسكاكين للاعتداء على الآخرين، وكادت أن تقع مقتلة لولا لطف الله؛ حيث وقفت سيارة شرطة في مكان قريب، وترجل الشرطي منها قاصداً الحديقة ليشرب هـو أيضـاً كوبـاً مـن العصـير؛ فلـما رآه الصغار مقبلاً ولَّوْا مُدبرين.

ـ قال محمد لنفسه: الحمد لله... كادت أن تقع هنا مقتلة لولا أن الله سـلّم. كان يجـب أن يكـون هـنا مـراقـب لهــذا المكــان الجمــيل لئـلا يقـع فيـه ما لا تُحمد عقباه، فإن لم يكن فإغلاق الحديقة خير من تركها لتكون مدرسة جريمة يتأذى المجتمع بخريجيها في مستقبل الأيام. نعم! الشيء الذي يغلب شره على خيره يجب أن يُنظر فيه إلى ما غلب عليه.

ـ وهنا عاد محمد يناقش نفسه: صحيح؛ وكذا الكثير من الموالد التي يكثر فيها الشر والفساد، واللهِ إنهم يشربون الخمر والحشيشة باسم مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكم يقع في بعض الموالد من هتك لحرمات الله: رقص واختلاط، واللهِ ما هذه بمحبة صادقة..

ولكن الحمد لله؛ فالمولد الذي أحضره، والذي يُقام عند أهلي وعشيرتي مولدٌ سالمٌ من كل هذه البدع!

ـ البدع.. ماذا قلتُ أنا؟ بدع!! كـيف قلتُ هذه الكلمة!!... نعم! والله إنها لبدع!

ـ ولكن يا محمد! ألا تظن أن مولدكم الخالي من هذه المنكرات، قد يتضمن منكرات أخرى لا تراها أنت بدافع إلفك لها، وتعوُّدِك عليها؟ ثم ألا يمكن أن يتطور مولدكم يوماً ليلحق بالموالد التي قلت عنها إنها موالد بدع؟

ـ بالطبع لا، وهذه موالدنا، نحن وشـيوخنـا وآبـاؤنـا منـذ سـنين طويلة لم يتغير فيها شيء، ولم نصل إلى شيء من هذه البدع والحمد لله.

ـ ألا تذكر يا محمد المولد الذي يقيمه (عبد الله) ؟ أتذكر ما الذي كان عليـه، وأنـه كان مثل مولدكم تماماً، أما تشعر أنهم صاروا الآن يستخدمون الدفوف ضمن احتفالهم بالمولد، ولقد سمعت أحد أقارب عبد الله يتحدث عن إدخال الناي في مراسم المولد..

ـ نعم! هذا صحيح أنا أذكر ذلك. هم مُخطئون في ذلك ولا شك.

ـ ولكن لماذا هم مخطئون؟ ألا يمكن أن نكون نحن المخطئين، وأنه كان يجب علينا أن نفعل مثلهم؟

ـ لا، لا، هم المخطئون، لا أقولها تعصباً، ولكن الذي فعلوه تغييراً لما كان عليه أسلافنا.

ـ طيب أليس المولد كله تغيير لما كان عليه الأسلاف الأوائل؟!

ـ نعم! ـ قالها وقد ضاق بهذا النقاش ذرعاً ـ: هو كذلك، ولكنه فعل خير.

هنا بدأ محمد يشعر بالضيق، وعدم الرغبة في الذهاب مبكراً إلى المولد، وتمنى لو أنه يلقى صالحاً فيناقشه في الأمر. ولكن أين صالح وكيف يمكن الوصول إليه؟!

قـلَّب محمد في رسائل هاتفه الجـوال؛ فإذا رسـالة قديمة كان صالح قـد أرسلها له قبل أيام، وإذا فيها: «أنـت لا تُوَكِّل غيرك في شراء سيارةٍ لك، ولا فـي اختــيار بيـت تستـأجره مما تتجـمَّل بـه ويعـبِّر عـن شخصيتك، بل تقوم بذلك بنفـسك..». تـواصِـــلُ الرســالة: «فلِمَ توكـل إلى غيـرك اختيار ما تتجمل به أمام الله ـ تعالى ـ من أمر دينك؟».

لا، والله ! لا أريد أن أعمل أعمالاً أصرف فيها القليل من وقتي وعمري الذي أجعله للعبادة؛ ثم تكون هذه الأعمال لا نافعة، ولا مرضيَّةً عند الله!!

أليس في الواضح الأكيد، الصافي مـن كـل كدر من العبادات = أليس فيه غنـية عن كل متشابه، قد يكون بدعة وقد يكون سنة؟

أما آن لي أن أسمع ممن اعتدت أن أسمع لهم من مشايخي، ولكن لا أُصِمُّ أُذنيَّ عن سماع غيرهم ممن قد يأتي بالحق بدليله فينشرح له صدري، وتقبله نفسي؟

وهنا بدأت معالم الصورة تتضح أمام محمد، وبدأ يرسم خطة جديدة لحياته، وإذا بالقرارات تنثال عليه وكأنه قد أعدها مسبقاً :

1 ـ أنا لن أعبد الله بالمتشابه، الذي لا أعلم أيرضاه مني أم لا؟ وفي الدين الواضح والمحجة البيضاء غنية وكفاية، وعسى أن أقوم بحقوقها وتكاليفها فإن في ذلك لَشُغلاً.

2 ـ لن أحضر احتفال المولد اليوم، ولا بعد اليوم، وقد أبدلني الله به مولداً جديداً هو مولدي أنا!! فأنا من اليوم إنسانٌ جديد، ومن اليوم سأحتفل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في كل حين؛ سأحتفل بتطبيق سنته، سأحتفل بالاقتداء به وبالمحافظة على صلاة الفجر في وقتها، وكـذا بقـية الفرائض، سأحتفل بتحكيمه -صلى الله عليه وسلم- في كل شؤون حياتي، ووالله إني لأشعر بِلَذَّةِ ذلك من الآن، وكـأنها حـلاوة أتطـعَّـمُها في فمي، ونِعم المولـد مولدٌ أعيشه وأتبع فيه حبيبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحيا معه في كل حركةٍ وسكون.

3 ـ أهل العلم يجب أن نأخذ منهم، وأن نوقِّرهم، ولكن دون أن نُلغي عقولنا؛ فالحساب يوم القيامة سيكون فردياً، يجب أن أفهم أن ما أتَّبعهم فيه يجب أن يكون سنة لا بدعة، وأن يكون مقرِّباً إلى الله؛ فالعالم قد يُخطئ وقد يتبع العادة أو الهوى. ولا، واللهِ لا أُنزل أحداً من العالمين منـزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - في اتباعه في الأمر كله.

4 ـ أرجـو أن ينـفعـني الله بقول نبيه - صلى الله عليه وسلم -: «ما من شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيّن لكم» فماذا بقي أرجو بعد هذا؟

ومضى محمد شاكراً لنعمة الله عليه بالتبصير في الدين، وركب سيارته وأدار المذياع؛ فإذا بالشيخ سعود الشريم ينساب صوته عذباً: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإنْ هُمْ إلاَّ يَخْرُصُونَ * إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ} [الأنعام: 115 - 117] .

أخي الكريم ! هذه قصة جرت لرجل من الناس جعل الله له نوراً بتحكيمه للسنة على نفسه، وبتعظيمه هدي المصطفى وجَعْلِهِ إماماً ؛ فقد فاز ـ واللهِ ـ من اتخذ مع الرسول سبيلاً بطاعته واتباعه، وتجنب الإحداث في دينه.

إن معيار الحق والعدل الذي يحبه الله ويرضاه لا يُعرف باستحسانِ ذوق، ولا بتوارثِ أجيال، ولا بفعلِ الجم الغفير من الناس، ولا بالتحاكمِ إلى عقلٍ لم يستنر بنور الشريعة، ولا بتقليدٍ لمن لم يأتِ ببرهانٍ من الله على ما يقوله. ولكنْ مَنْ طَلَبَ الهداية بصدق، ثم سلك طـريقـها الذي أمر اللهُ به وأمر به رسولُه -صلى الله عليه وسلم- متبعاً لا مبتدعاً فأحرِ به أن ينال مراده؛ فالله يقول: «يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهْدِكم». ويقول عن اتِّباع الطرق غير الموصلة للحق: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] ، ويقـول عـن قـوم ذامّـاً لـهـم : {إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23] .

إن شـأن المولد إذا تأمل فيه مَنْ هو خـالي الذهـن غيـر مـائـلٍ لطرف من آراء الناس فيه = إذا تأمل فيه وفي أدلة كمال الشريعة، علم أنه ـ أي المولد ـ قَصْدُ خيرٍ، ولكنه ليس بهدى ولا خير؛ فإحداث هذا الاحتفال بحدِّ ذاته إحداثٌ في الدين، ثم إنه غالباً في أكثر بلدان المسـلمين ينـضاف إلـيه أنـواع من الأمور المستنكرة والأفعال القبيحة. وأخـفهم إحداثاً من يقوم أثناء الحضرة فجأة، وقد أعدوا العدة سابقاً لهذا القيام فيقومون قومة رجل واحد، ويُدخـلون الطيب ، ويُنشِدون بصوت مُنَغَّمٍ شجي : «مرحباً يا نور عيني.. مرحباً، مرحباً. مرحباً جد الحسين.. مرحـباً مرحـباً»، وفـي مـوالد أخرى يقع ما أشارت إليه القصة من المنكرات، وفي بعضها يقع الكـفر الصـراح، كـمـا نـقـل الشـيـخ عبـد الرحمن الوكيل، وهـو ممـن كـان له بالمتـصوفة عـلاقـة.

ولذا فهـذه البدعة ـ التي يعدُّها بعض الناس يسيرة ولا تستحق النقاش ـ تـؤول إلــى أن تكــون مجـمــعاً لبــدع كثيـرة لا تقوم إلا بها، ويكون المولد هو الفلك الذي تدور حوله، وهو الموسم الذي تنتشر فيه، وهذا ما يسميه أهل العلم بالبدعة المركبة. ولمعرفة جانب مما يقع في الموالـد يمكـن مراجعة كتاب: (الموالد في مصر) ، وهو لجندي إنجليزي يُدعى (مكفرسون) نزل مصر واستوطنها ، واهتم بقضية الموالد فزار كثيراً منها، وكتـب عمَّا رأى، ووصف، وهو غير متَّـهم فيما ينقل؛ إذ كان يتحدث عن ذلك كله حـديث المُعجَـب به ويعتبره من عادات المجتـمعات الشرقية، وهو ليس له هــوى فـي إثبـــات المولـد ولا فـي نفـيه، وإنما انحـصر دوره في النـقل والوصف. وقـد ذكر مـوالـد كثيرة شاهدها تستـغرق بمجـموعها أيام السنة بكمالها. وبمثل هذه الَّدرْوَشات تُستغرق الأعـمار، ويرضى الشـيطان، وتُضَيَّع حقــائق الديـن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يا أهـل العـلم! هـذه دعـوة للمراجعة والتصحيح، ولا يمنعنكم رأي ارتــأيتـمـوه فــيما مضـى مـن الأيـام إن استبان لكم الحق في غيره أن تراجـعوا الحـق فـإن الحق قديم، والحق أحق أن يُتَّبع. إن المحبة عمل قلبي تظهر آثاره بما تنبعث به الجوارح، وليست ادعاءات بأن قوماً يحبون الرسـول أكـثر مـن غيـرهم، أو أن من لا يفعل فعلنا فهو غير مُحِبٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد مضى الزمن الذي يُصدِّق الناس فيه ما يقال عن (أهل السنة) دون تمحيص، كيف وقد ملؤوا السهل والجبل، وأقاموا الدين في كل ناد، وقاموا في مقامات الصدق في نصرة دين الله وحبيب الله -صلى الله عليه وسلم-. وليس على هذا المعوَّل في التزكية، ولكنه على الاتباع، وحُسن التأسي، وإنما أردنا مخاطبة القوم بالطريقة التي يعرفون. وليس أضر على الإسلام من المنافحة بالباطل، والتعصُّب لما يحبه قوم، أو ضد ما يأمر به قوم آخرون، وأي لُعبة يفرح بها الشيطان ويتلعَّب بها بالإنسان أعظم من هذه؟! إنَّ مِن إخلاص العبودية لله أن تقبل الحق، وإن كان مُرّاً، وأن تأخذ به ولو جاء به أبغضُ الناس إليك؛ وكذا أن تردَّ الباطل ولو كانت لك فيه مصلحة أو شهوة، وأن لا تلتفت إليه وإن قام به أبوك وأخوك وأقربوك. وإياك أن تَضِن بهؤلاء أن يكونوا أخطؤوا الحق، وأن ذلك يُزري بك وبهم؛ فيحملك ذلك على أن تتابعهم في الباطل؛ فإن جدالك عَمّا هم عليه بعدما تبيَّن هو الذي يُزري بك وبهم، ويمد المستكبر في عمايته، ويزيده طغياناً كبيراً، والعياذ بالله. قال ـ جل شأنه ـ: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَ لَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 20 - 24] .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ تَأَمَّر عليكم عبد، وإنه مَنْ يعشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

وقال حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ: « كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تتــعـبـدوا بـها ؛ فإن الأول لـم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء ! خذوا طريق من كان قبلكم »

وقال ابن الماجشون : «سمعت مالكاً يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- خان الرسالة ؛ لأن اللّه يقول : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] ، فما لم يكن يومئذٍٍ ديناً، فلا يكون اليوم ديناً»

«اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.. اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» .



_______________________________
(1) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده 1/101، وهو حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، رقم 2539.
(2) الاعتصام للشاطبي 1/386.
(3) الاعتصام للشاطبي 1/23.

مَوْلِدٌ جَدِيدٌ

السيد : حسن بن علي البار

lgt ohw fhhgl,g] hgkf,d hgavdt











التعديل الأخير تم بواسطة طويلب علم مبتدئ ; 28 / 01 / 2010 الساعة 09 : 05 PM
عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 28 / 01 / 2010, 12 : 05 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
تطمع أن تجد نصاً شرعياً يندب بالاحتفال بالمولد النبوي، أو تجد قولاً لصحابي يحث فيه بالاحتفال بالميلاد النبوي، ولن تجد لتابعي أو تابع تابعي شيء من ذلك؛ بل إذا أردت ذلك فعليك أن تذهب إلى القرون المتأخرة والتي ظهر فيها البدع فستجد بغيتك هناك، فنشأة الاحتفال بالمولد أحدثت في عهد الفاطميين الروافض كما ذكر ذلك ابن كثير.
ولاشك ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وذلك لعدم وروده شرعاً ولم يفعله خيرة هذه الأمة فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ولا التابعون لهم بالإحسان في القرون المفضلة. وعدم فعله مع توفر الدواعي على ذلك يدل على عدم مشروعيته ومن فعله كان مبتدعاً ضالاً قد أحدث في هذا الدين ما ليس فيه، فعمله مردود عليه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وهو ضال لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" قال الشاطبي :" والعامل بغير السنة تدينا هو المبتدع بعينه "
وهذا المحتفل بالمولد ألا يكفيه الاقتداء بالصحابة والقرون المفضلة أم أن لسان حاله يقول: إنهم على ضلال عندما تركوا الاحتفال بالمولد! أم أن الصحابة لا يعرفون مقدار النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعظموه حق التعظيم؟ أم أنهم استدركوا على الدين نقص ؟ والدين قد كمل كما قال الله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً )(المائدة: من الآية3)
فالمولد هو تزيين الشيطان للناس أعمالهم، وهو تشبه بأهل الكتاب في أعيادهم، كما قال ابن تيمية :" وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادا، أو اليهود. وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه. وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد؛ لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا " فهذا المولد الذي أحدثه جهّال هذه الأمة وجعلوه سنة وقربة تقليداً لأهل الكتاب. وقد جهلوا أن العمل لا يقبل إلا بتحقيق شرطين: الإخلاص والمتابعة، والشرط الثاني منتفي هنا البتة.
فحقيقة الاحتفال بالمولد أنه تشريع مضاهي لتشريع الله تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)(الشورى: من الآية21) فأين الأذن من الله بعمل هذا العمل المحدث؟ قال الله تعالى ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الجاثـية:18) فالأحكام التشريعية لا تؤخذ إلا من طريق واحد هو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان سواء ذلك فهو تشريع باطل محدث لا يقبل.
والاحتفال بالمولد دخل إلى بعض أفراد هذه الأمة بلباس حب الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه. وحقيقة المحبة هي إتباعه صلى الله عليه وسلم قلباً وقالباً وليس وضع طريقة وهدي لم يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستحسان شيء لم يشرعه الله ولا رسوله لا يتفق مع زعم المحبة. فالعقل لا يستقل في إدراك الأمور الشرعية؛ بل لابد من الوحي لمعرفة الشريعة وتقرير الأحكام.
والاحتفال بالمولد النبوي إن كان ديناً فلا بد أن يذكره الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يذكره الله تعالى فهو ليس من الدين، فالدين قد كُمل ، ولم يقبض الله نبيه إلا وقد بيّن لها دينهم كاملاً كما قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(المائدة: من الآية3) وقال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التوبة:115) وجاء في حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل على أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" رواه مسلم وهو القائل :" تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " وقال أبو ذر رضي الله عنه:" لقد توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما" وفي صحيح مسلم أن بعض المشركين قالوا لسلمان لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل" وقال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه " فأين في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو فعل أحد من الصحابة من احتفل بالمولد. ولكن هذه ميزة أهل البدع هو التساهل في أتباع الشارع كما قال الشاطبي عن الصوفية :" إنهم يتساهلون في إتباع السنة ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبد " وقال أيضاً عنهم وهم :" في كثير من الأمور يستحسنون أشياء؛ لم تأت في كتاب ولا سنة، ولا عمل بأمثالها السلف الصالح، فيعملون بمقتضاها، ويثابرون عليها، ويحكمونها طريقا لهم مهيعاً وسنة لا تخلف، بل ربما أوجبوها في بعض الأحوال " وقال أيضاً عنهم:" ومن نظر إلى طريق أهل البدع في الاستدلالات؛ عرف أنها لا تنضبط؛ لأنها سيّالة لا تقف عند حد، وعلى كل وجه يصح لك زائغ وكافر أن يستدل على زيغه وكفره حتى ينسب النحلة التي التزمها إلى الشريعة "
لذلك لا تعتبر مسألة المولد من المسائل الخلافية المعتبرة التي لا ينكر فيها؛ بل نعتبرها من المسائل البدعية التي ينكر فيها على المخالف ، لأنه دليلهم رأى في المنام، فجعلوا ذلك سنة مؤكدة. فطرق الاستدلال التي يبنون عليها أحكامهم خاطئة غير منهجية لذلك قد يتعذر تركهم بدعتهم هذه ما لم تكن طرق استدلالهم بالكتاب والسنة.

وقد تتساءل إذا لم يكن هناك دليل يرغب على الاحتفال بالمولد فكيف أقاموا هذا الاحتفال؟ لاشك أنه لا يوجد دليل البتة وإنما شبهات واستدلال بعيد، وسنذكر أهم أدلتهم مع مناقشتها بإيجاز:
أولاً: أنه تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر فقد ذكر السهيلي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال. فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين. قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين. وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فاعتقها .
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافر جاء ذمه بتبت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـن دائماً يخفف عنه للسرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
المناقشة
أولاً: جعل علاقة الفرح والسرور بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الاحتفال بالمولد جهل شديد بالدين، وتشبيه بالنصارى؛ حيث جعلوا هناك يوماً للأم شكراً لها وتقديراً وعرفاناً لما بذلته في تربية أبنائها ثم هجرانها طوال العام. وحقيقة الفرحة هو الإتباع والاقتداء به عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: لم يثبت في تحديد ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحديداً صحيحاً.
ثالثاً: الاستدلال بالمنامات والرؤى لإثبات عمل تعبدي أمر باطل، فالمنامات لا يؤخذ منها حكم شرعي البتة بخلاف رؤيا الأنبياء فإنها حق. فقولكم لا حجة فيه. قال الشاطبي :" الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعا على حال؛ إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا؛ وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا "
رابعاً: انعقد الإجماع كما ذكر ذلك القاضي عياض "على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب ولكن بعضهم أشد عذابا بحسب جرائمهم"
خامساً: وعلى تقدير القبول فإن قول عروة لما مات أبو لهب أريه بعض أهله إلى آخره خبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به . فسقط استدلالكم بالمنامات لعدم صحة الخبر.

ثانياً : ومن أدلتهم:
أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في حديث أبي قتادة :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟فقال : (( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )) . رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام ..
المناقشة:
أولاً: استدلالهم بالحديث استدلال خاطئ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم الاثنين ولم يسئل عن الاحتفال بالمولد. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخصص هذا اليوم من كل أسبوع بالصيام فسألوه عن ذلك فذكر العلة في ذلك. وهو لم يصم فقط الاثنين من شهر ربيع الأول ويحتفل بيوم واحد من السنة ويجعله عيداً.
ثانياً: لماذا لا تقتصرون على ما ورد في الحديث فتلتزمون بصيام كل يوم اثنين. فأنتم قد فعلتم أمراً لم يفعله عليه الصلاة والسلام. وذلك بتخصيصكم يوماً في السنة للاحتفال.
ثالثاً: قد جاء في السنة ما يدل على علة صيام كل يوم اثنين وهو أن الأعمال تعرض على الله عز وجل يوم الاثنين. قال أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم؛ إلا يومين إذا دخلا في صيامك ولا صمتهما. قال: أي يومين. قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس. قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " وترجيح هذه العلة أقوى لأنه يصوم كل اثنين والأعمال تعرض كل اثنين بخلاف مولده فهو ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فكان المفترض أن يصوم يوماً واحداً في السنة لو كانت العلة هو مولده صلى الله عليه وسلم. فبطل استدلالكم.

ثالثاً:ومن أدلتهم:
أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر من القرآن من قوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) (يونس:58) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة قال الله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) (الانبياء:107) ..
المناقشة
أولاً: لا شك أن الفرح بالنبي صلى الله عليه وسلم مطلوب وهو أمر شرعي، وحبه واجب، ولا يكتمل إيمان العبد حتى يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه لنفسه. ولكن يضل السؤال قائماً: بما خصصتم الفرحة بالنبي صلى الله عليه وسلم بالاحتفال بالمولد النبوي؟ فتفسير الفرحة بذلك يحتاج إلى دليل شرعي وإلا كان ذلك تلاعب بكتاب الله. فنحن لم نجد في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصص يوم مولده يوم فرح ولعب ولهو. ثم ما حقيقة الفرح الشرعي؟ هل هو الرقص والاختلاط والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.. أم أنه الشكر لله عز وجل!
والمتأمل في هذا الدليل يجد أنه لا علاقة له بالمولد وإنما هو تحريف ولوي لأعناق الأدلة حتى توافق هواهم. وهكذا صنيع من لم يجد نصاً شرعياً يعضد قوله فإنه يذهب يستدل بأدلة لا دلالة فيها بموضوعه.

رابعاً : ومن أدلتهم:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لنذكرها ، وتعظيم يومها ، لأجلها ولأنه ظرف لها .
وقد أصل صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم :" لما وصل إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : أنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكراً لله على هذه النعمة فقال صلى الله عليه وسلم : نحن أولى بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه "
المناقشة
أولاً: هذا الاستدلال باطل، وهو تأصيل لكل بدعة واشتراك مع النبي صلى الله عليه وسلم في التشريع، فإذا كان التشريع من خصوصية الله سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عنه فإن هذه القاعدة تعني: أن يكون كل شخص له حق التشريع. فيمكن أن يقال: أن نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم حدث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه، وكذلك هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حديث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه، وكذلك انتصاره في غزوة بدر حديث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه ... وهكذا فنجعل كل السنة احتفالات وأعياد لكثرة المناسبات والأحداث الدينية العظيمة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. فهذا الاستدلال يضحك به الصبيان. ولو تأملوا في الحديث لعلموا بطلان استدلالهم. فهم أولاً: لم يحدثوا احتفالاً وأهازيج ورقص وإنما كان غاية ما فيه يصومونه شكراً لله، فهم يقومون بعبادة مشروعة وهو الصيام.
ثانياً: إن هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون كان يوماً معلوماً وهو العاشر من محرم. أم يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم فليس معلوماً فهو أمراً مختلف فيه.
ثالثاً: الأصل في العبادة التوقيف، فإن الصحابة الكرام مع علمهم بهذا اليوم ونعمة الله على موسى عليه السلام لم يصوموا أو يحدثوا فيه عبادة، وإنما صاموا بعد ما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فأين الأمر بصيام أو قيام أو الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

خامساً : ومن أدلتهم:
أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ولكنها بدعة حسنة لا ندرجها تحت الأدلة الشرعية، والقواعد الكلية ، فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية ، لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي .
المناقشة:
أولاً: التفريق بين البدعة الحسنة والسيئة ما الضابط فيها؟ الأصل في كل بدعة أنها ضلالة كما قال عليه الصلاة والسلام " كل بدعة ضلالة" فهذه كلية لا تنخرم، فأي بدعة فهي ضلالة ولا شك.
وقوله إنها بدعة حسنة لإندراجها تحت الأدلة الشرعية فما هي هذه الأدلة الشرعية والقواعد الكلية؟ إن الأدلة الشرعية جاءت خلاف ذلك. فهي قد جاءت منهيه عن البدعة، وجاءت منهية عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين:"لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ". وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال:" أجعلتني لله ندا ، ما شاء الله وحده" وقال:" لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد" ولما قالت الجويرية :وفينا رسول الله يعلم ما في غد. قال:" دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين" ولما صفوا خلفه قياما قال لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضهم بعضا وقال أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك. ولما سجد له معاذ نهاه وقال :"إنه لا يصلح السجود إلا لله، ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؛من عظم حقه عليها"
فقواعد الدين تدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة " فالغلو في الأنبياء والملائكة هو عيباً ونقصاً في الألوهية كما قال تعالى :" وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران:80)
ثانياً: جود أفراد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا من الإدعاء الكاذب، فالبينة على المدعي. أين الدليل على ذلك؟ ومن هم الأفراد الذين كانوا يحتفلون بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.

سادساً : ومن أدلتهم:
أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (الأحزاب:56) وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً.
المناقشة:
أولاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات، ومن الأعمال الصالحة، ولا خلاف في ذلك لما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على فضلها ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا"
ثانياً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشروعة في جميع الأوقات، وهي واجبة في التشهد الأخير من الصلاة، وسنة مؤكدة عند ذكره عليه الصلاة والسلام.
ثالثاً: تخصيص يوم مولده بالصلاة والسلام عليه يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل. لذلك من خصص هذه الليلة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع. وقد يقول قائل: إن الصلاة على النبي سنة وهي مسنونة وفضلها عظيم فكيف تمنعني من ذلك؟
أقول: الصلاة على النبي عبادة عظيمة وفضلها عظيم ولكن تخصيص وقت معين، بعبادة معينة، بقصد القربة بلا دليل شرعي بدعة. فالتخصيص بهذه الليلة هو البدعة. قال ابن تيمية :" أن المفسدة تنشأ من تخصيص مالا خصيصة له ... وهذا المعنى موجود في مسألتنا فإن الناس قد يخصون هذه المواسم لاعتقادهم فيها فضيلة، ومتى كان تخصيص هذا الوقت بصوم أو بصلاة قد يقترن باعتقاد فضل ذلك، ولا فضل فيه نهي عن التخصيص إذ لا ينبعث التخصيص إلا عن اعتقاد الاختصاص "
رابعاً: قوله ما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ليس على إطلاقه. فالنظر إلى المرأة الحسناء الجميلة بقصد التفكر والتدبر في خلق الله لا يجوز، مع أن التفكر في خلق الله مطلوب؛ إلا أن الطريقة هذه منهية عنها. وكذلك هنا فالصلاة على النبي مطلوبة ولكن تخصيص ليلة بالصلاة على النبي هي طريقة مبتدعة لم يأمر بها الشارع. فالوسيلة والطريقة يجب أن تكون صحيحة كي يصح العمل ويقبل.
خامساً: الاحتفال بالمولد لا يقتصر على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل فيه اختلاط ورقص وغير ذلك من المنكرات التي نهى عنها الشارع. وما كان يبعث على المنهي شرعاً فهو منهي شرعاً.

سابعاً : ومن أدلتهم:
أن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف : (( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح )) أخرجه أحمد.
المناقشة
أولاً: هذا إدعاء باطل بأن جميع المسلمين يستحسنون الاحتفال بالمولد. والواقع يكذب هذا ويرده. فإدعاء الإجماع أمر محال. قال ابن تيمية رحمه الله :" ومن أعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها بناء على أن الأمة أقرتها ولم تنكرها، فهو مخطئ في هذا الاعتقاد؛ فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة. ولا يجوز دعوى إجماع بعمل بلد أو بلاد من بلدان المسلمين؛ فكيف بعمل طوائف منهم. وإذا كان أكثر أهل العلم لم يعتمدوا على عمل علماء أهل المدينة وإجماعهم في عصر مالك؛ بل رأوا السنة حجة عليهم كما هي حجة على غيرهم مع ما أوتوه من العلم والإيمان، فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة أو من قيدته العامة، أو قوم مترئسون بالجهالة لم يرسخوا في العلم، ولا يعدون من أولي الأمر، ولا يصلحون للشورى، ولعلهم لم يتم إيمانهم بالله وبرسوله، أو قد دخل معهم فيها بحكم العادة قوم من أهل الفضل عن غير روية، أو لشبهة أحسن أحوالهم فيها أن يكونوا فيها بمنزلة المجتهدين من الأئمة والصديقين "
ثانياً: الذي رآه المسلمون حسناً هو خلاف هذا الزعم، فلم يحتفل الصحابة ولا التابعون ولا التابعون لهم بإحسان بالمولد النبوي. فهذا الحسن الذي رأوه هو ترك الاحتفال بالمولد. أفلا يحسن أن نتبع أحسن الأمة في دينها وعقيدتها وهديها ونترك ما أحدثه المتأخرون من بدع وخرفات.

ثامناً : ومن أدلتهم:
أن المولد اجتماع ذكر وصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة ، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها .أن الله تعالى قال : (( وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ )) (هود: من الآية120) يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجاته هو صلى الله عليه وسلم .
المناقشة
أولاً: تقرير هذا الفعل سنة أو ليس بسنة لا بد فيه من نص شرعي. فالسنة ما أمر به الشارع أمراً غير لازم أو فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل حث أو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم المولد؟ فكيف جاءت السنية إذن؟
ثانياً: القول أن في الاحتفال ذكر وصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة لهذه الأسباب؛ نقول بل هي بدعة. فتخصيص هذه الأفعال في ليلة معينة دون نص شرعي هو إحداث في الدين، وتشريع جديد، واستدراك على الله. وقد جعل الشاطبي في اعتصامه أن من أصناف البدع تخصيص زمان أو مكان للعبادة لم يكن لها مستند شرعي فقال:" ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا وما أشبه ذلك
ومنها التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته "
ثالثاً: ليس كل عمل صالح يمدح ويثاب عليه؛ بل قد يؤثم بفعل الصالح إذا لم يكن مقتدياً برسول الله. فهؤلاء النفر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال أحدهما أصوم ولا أفطر.. فهذه أعمال صالحة لا شك في مشروعيتها وفضلها ومع ذلك فقد عاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:" من رغب عن سنتي فليس مني" فالعمل الصالح الذي يمدح ويثاب عليه ما كان على الطريقة النبوية فلا يزيد ولا ينقص، والمولد زيادة لم يأمر بها الشارع. يقول الشاطبي رحمه الله :" والبدع المستدل عليها بغير الصحيح لا بد فيها من الزيادة على المشروعات كالتقييد بزمان أو عدد أو كيفية ما فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير الصحيح وهو ناقض إلى ما أسسه العلماء "
رابعاً: تثبيت الفؤاد يكون بالإيمان وعمل الصالحات، وليس بعمل البدع والخرفات ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (النساء:66) فالاقتصار على ما ورد هو سبيل نجاح الأمة، وسعادة الفرد.

تاسعاً : ومن أدلتهم:
قولهم: ليست كل بدعة محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبو بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم ؟! ، ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح مع قوله :" نعمت البدعة هذه " ؟! ، وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ؟! ، ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات ؟! ، وبناء الجامعات وتسميتها بهذا الإسم وتسمية الندوات والمحاضرات بهذا الإسم فإنه لم يذكر أن رسول الله أو أحداً من الصحابة سمى بهذا الإسم ، وزيادة الآذان الأول يوم الجمعة ؟! وزيادة سيدنا عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد ؟! ..
المناقشة:
أولاً: هذا القول من عجائب الأمور فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول:" كل بدعة ضلالة" وهؤلاء يقولون :" ليست كل بدعة ضلالة". أليس هذا رد وتحريف لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم. يقول ابن تيمية :" ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية وهي قوله :"كل بدعة ضلالة" بسلب عمومها وهو أن يقال :ليست كل بدعة ضلالة، فإن هذا إلى مشاقة الرسول أقرب منه إلى التأويل "
وقال الشاطبي :" أنه قد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي؛ إذا تكررت في مواضع كثيرة، وأتي بها شواهد على معان أصولية أو فروعيَّة، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص، مع تكررها وإعادة تقررها؛ فذلك دليل على بقائها عل مقتضى لفظها من العموم كقوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) وما أشبه .. فما نحن بصدده من هذا القبيل إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الأحوال المختلفة: أن كل بدعة ضلالة، وأن كل محدثة بدعه... وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية فيها؛ فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها واطلاقها "

ثانياً: وأما قول عمر رضي الله عنه:" نعمت البدعة هذه" فلا حجة لهم في هذا القول من وجوه:
أولاً: أن ما سنه الخلفاء الراشدون من بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو سنة، ولا بدعة فيه ألبتة، وإن لم يعلم في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نص عليه على الخصوص؛ فقد حاء ما يدل عليه في الجملة، وذلك نص حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، حيث قال فيه: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين والمهديين؛ تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور" فقرن عليه السلام سنة الخلفاء الراشدين بسنته، وأن من أتباع سنته أتباع سنتهم، وأن المحدثات خلاف ذلك ليست منها في شيء؛ لأنهم رضي الله عنهم فيما سنوه:
إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسها، وإما متبعون لما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله لا زائد على ذلك .
ثانياً: عمل عمر رضي الله عنه لبس بدعة في الشريعة، فهو لم يحدث شيئاً جديداً في الدين، فقد صلى الصحابة صلاة التراويح جماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركها خشية أن تفرض عليهم فلما مات صلى الله عليه وسلم ذهبت العلة التي من أجلها تركوا صلاة الجماعة، فأعاد الأمر على ما كان عليه. يقول ابن تيمة :" فأما صلاة التراويح فليست بدعة في الشريعة؛ بل هي سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله فإنه قال:" إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه" ولا صلاتها جماعة بدعة بل هي سنة في الشريعة؛ بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين؛ بل ثلاثا. وصلاها أيضا في العشر الأواخر في جماعة مرات. وقال:" إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن. وبهذا الحديث أحتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد. وفي قوله هذا ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعات في المسجد، على عهده صلى الله عليه وسلم ، ويقرهم وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم . "
ثالثاً: قول عمر رضي الله عنه :" نعمت البدعة هذه" هي تسمية لغوية لا شرعية. " وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية: فكل مالم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقا، ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته، صح أن يسمى بدعة في اللغة، لأنه عمل مبتدأ، كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة، ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة :"إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف. "
رابعاً: أما جمع المصحف ونحوه فهي من باب المصالح المرسلة، لا من قبيل البدعة المحدثة، والمصالح المرسلة قد عمل بمقتضاها السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم، فهي من الأصول الفقهية الثابتة عند أهل الأصول. " فحق ما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن له أصلا يشهد له في الجملة، وهو الأمر بتبليغ الشريعة، وذلك لا خلاف فيه لقوله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )، وأمته مثله، وفي الحديث:" ليبلغ الشاهد منكم الغائب" وأشباهه.
والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة؛ لأنه من قبيل المعقول المعنى، فيصح بأي شيء أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة وغيرها، كذلك لا يتقيد حفظه عن التحريف والزيغ بكيفية دون أخرى، إذا لم يعد على الأصل بالإبطال؛ كمسألة المصحف، ولذلك أجمع عليه السلف الصالح.
وأما ما سوى المصحف؛ فالأمر فيه أسهل، فقد ثبت في السنة كتابة العلم:
ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم :"اكتبوا لأبي شاه" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:" ليس احد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عبد الله بن عمرو؛فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب"
وذكر آهل السير انه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون له الوحي وغيره؛منهم:عثمان، وعلي، ومعاوية، والمغيرة بن شعبة وأبي بن كعب، وزيد ابن ثابت، وغيرهم.
وأيضا؛ فإن الكتابة من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به إذا تعين لضعف الحفظ وخوف اندراس العلم كما خيف دروسه حينئذ، وهو الذي نبه عليه اللخمي فيما تقدم .
وإنما كره المتقدمون كتب العلم لأمر آخر لا لكونه بدعة، فكل من سمى كتب العلم بدعة؛ فإما متجوز، وإما غير عارف بوضع لفظ البدعة، فلا يصح الاستدلال بهذه الأشياء على صحة العمل بالبدع.
وإن تعلق بما ورد من الخلاف في المصالح المرسلة، وأن البناء عليها غير صحيح عند جماعة من الأصوليين؛ فالحجة عليهم إجماع الصحابة على المصحف والرجوع إليه، وإذا ثبت اعتبارها في صورة؛ ثبت اعتبارها مطلقا، ولا يبقى بين المختلفين نزاع إلا في الفروع. "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن جمع القرآن:" إن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل فيغير الله ما يشاء، ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم، واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم، أمن الناس من زيادة القرآن، ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب، والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى هذا في اللغة بدعة، وصار هذا كنفي عمر رضي الله عنه ليهود خيبر، ونصارى نجران، ونحوهم من أرض العرب. فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه فقال:" أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وإنما لم ينفذه أبو بكر رضي الله عنه لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة، وبشروعه في قتال فارس والروم، وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم، فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة. كما قال له اليهود: كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم. وكما جاءوا إلى علي رضي الله عنه في خلافته فأرادوا منه إعادتهم وقالوا كتابك بخطك فامتنع من ذلك لأن ذلك الفعل من عمر كان بعهد رسول الله صلى الله.
والضابط في هذا والله أعلم أن يقال إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه المسلمون مصلحة نظر في السبب المحوج إليه فإن كان السبب المحجوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض قد زال بموته
وإما مالم يحدث سبب يحوج إليه أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا لو كان مصلحة ولم يفعل يعلم أنه لبس بمصلحة
وأما ما حدث المقتضى له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة " انتهى كلامه رحمه الله

عاشراً : ومن أدلتهم:
في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سنة في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها )) إذا كان معنى الحديث كما هو متعارف أن من سن في الإسلام سنة حسنة أي أحيا سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم إذن فعلى هذا الأساس نُكمل شرح الحديث - على أنه ليس من المعقول أنه تشرح حديثاً على قاعدة ثم تغيير القاعدة لشرح باقي هذا الحديث - فمن سن سنة سيئة أي أحيا سنة سيئة لرسول الله !! هل رسول الله له سنة سيئة حتى نحييها ؟؟!! ، حاشاه عن ذلك .
إذن فليس هذا هو الشرح الصحيح وإنما لو قلنا أن من أحدث أو سن سنة حسنة في الدين بعموم اللفظ فله أجرها وأجر من عمل بها وبالتالي من سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وإن المولد النبوي من السنن الحسنة كما ذُكر آنفاً .. والله أعلم .
المناقشة:
قد كفانا الشاطبي المؤنة في الرد على هذا الإشكال فقال :" قوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة ..." ليس المراد به الاختراع ألبتة، وإلا لزم من ذلك التعارض بين الأدلة القطعية، إن زعم مورد السؤال أن ما ذكره من الدليل مقطوع به، فإن زعم أنه مظنون؛ فما تقدم من الدليل على ذم البدع مقطوع به، فيلزم التعارض بين القطعى والظني، والاتفاق من المحققين على تقديم القطعي.
ولكن فيه من وجهين:
أحدهما: أنه يقال: إنه من قبيل المتعارضين، إذ تقدم أولا أن أدلة الذم تكرر عمومها في أحاديث كثيرة من غير تخصيص، وإذا تعارضت أدلة العموم من غير تخصيص؛ لم يقبل بعد ذلك التخصيص.
والثاني: على التنزيل لفقد التعارض، فليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع، وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية وذلك لوجهين:
أحدهما: أن السبب الذي لأجله جاء الحديث هو الصدقة المشروعة؛ بدليل ما في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار او العباء متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر.
فقمص وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن واقام فصلى ثم خطب فقال(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) والآية التي في سورة الحشر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18)
"وبعد : تصدق رجل؛ من ديناره، من درهمه ،من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره" حتى قال :"ولو بشق تمرة" قال: فجاءه رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها؛ بل قد عجزت. قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من سن في الإسلام سنة حسنه؛ فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير ان ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء "
فتأملوا أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من سن سنة حسنة " و "من سن سنة سيئة" تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرة، فانفتح بسببه باب الصدقه على الوجه الأبلغ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال: "من سن في الاسلام سنة حسنة .."الحديث، فدل على أن السنة ها هنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة وان الحديث مطابق لقوله في الحديث الآخر "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي" الحديث إلى قوله "ومن ابتدع بدعة ضلالة"، فجعل مقابل تلك السنة الابتداع، فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ومن أحيا سنتي فقد أحبني" ...
والوجه الثاني من وجهي الجواب:
أن قوله:" من سن سنة حسنة" و"من سن سنة سيئة" لا يمكن حمله على الاختراع من أصل؛ لأن كونها حسنة أو سيئة لا يعرف إلا من جهة الشرع؛ لان التحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه، وهو مذهب جماعة أهل السنة
وإنما يقول به المبتدعة ـ اعني: التحسين والتقبيح بالعقل ـ فلزم أن تكون السنة في الحديث إما حسنه في الشرع وإما قبيحة بالشرع، فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة وما أشبهها من السنن المشروعة،
وتبقى السنة السيئة منزلة على المعاصي التي ثبت بالشرع كونها معاصي؛ كالقتل المنبه عليه في حديث ابن آدم حيث قال عليه السلام :"لأنه أول من سن القتل" وعلى البدع لأنه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع كما تقدم ... فقد عاد الحديث والحمد لله حجة على أهل البدع من جهة لفظه وشرح الأحاديث الأخر له. "

الحادي عشر : ومن أدلتهم:
أن ابن تيمية يجيز الاحتفال بالمولد النبوي.
المناقشة:
كثيراً ما نقرأ لهؤلاء المبتدعة القول على ابن تيمية أنه يجيز المولد، ومن قرأ كلامه عن الأعياد والاحتفالات في كتاب اقتضاء الصراط علم أن ما نسب إليه كذب فهو يقول رحمه الله :" وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا. مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص.
وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه ، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه. وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلا .وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة ، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع ويصحبها من الرياء والكبر والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها كما جاء في الحديث ما ساء عمل أمة قط إلا زخرفوا مساجدهم "
ومن توهم أن ابن تيمية أجاز المولد فقد خلط عليه الأمر، فابن تيمية بعد أن قرر بدعية المولد، أجازه لقوم إن لم يفعلوا المولد فإنهم يفعلون منكراً أشد، فهو بمنزلة أخف الضررين، وهذا صريح في كلامه رحمه الله تعالى إذ يقول :" فتعظيم المولد، واتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعيظمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار، أو نحو ذلك فقال: دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال. مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة. وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط. وليس مقصود أحمد هذا، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة، وفيه أيضا مفسدة كره لأجلها. فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه، مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور: ككتب الأسمار أو الأشعار، أو حكمة فارس والروم.
فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية، والمفاسد، بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعروف، ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند المزاحمة، فإن هذا حقيقة العمل بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف، وجنس المنكر، وجنس الدليل، وغير الدليل، يتيسر كثيرا.
فأما مراتب المعروف والمنكر، ومراتب الدليل؛ بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين، فتدعو إليه، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين؛ فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين ." والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاحتفال بالمولد النبوي

مبارك عامر بقنه










التعديل الأخير تم بواسطة طويلب علم مبتدئ ; 28 / 01 / 2010 الساعة 15 : 05 PM
عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 28 / 01 / 2010, 33 : 05 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. إلى عموم إخواننا المسلمين في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلتعلم أخي المسلم أن الله تعالى قد أكمل الدين وأتم الرسالة، كما قال سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا )، وأن الله قد ختم الشرائع ببعثة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يترك أمر خيرٍ إلا دلَّ الأمة عليه، ولا أمر شرٍ إلا حذرها منه وأمر بطاعته واتباع هديه فقال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) , وقال تعالى : (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ), وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). [رواه البخاري, ومسلم] . وفي رواية لمسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)
.

ولتعلم أن الله قد افترض علينا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يقوم إيمان العبد حتى يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فوالذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين)
رواه البخاري ، ومن لوازم محبته طاعته واتباع هديه وعدم الخروج على شرعه بأي وجه كان.
وقد بين العلماء قديماً وحديثاً أن الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة محدثة لم تكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه، ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به، ولم يفعله خلفاؤه من بعده، فقد تضمن فعلُه ذلك اتهامَ الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتضمن تكذيبَ قوله تعالى :
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)
.

وإذا كان البعض ينازع في بدعية المولد؛ فإن القاعدة الشرعية تقتضي رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وقال تعالى: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)
. وقد رددنا هذه المسألة إلى كتاب الله سبحانه، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه.
أخي المسلم: إن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم في كل أوقاته، ويرتبط بها كلما ذُكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة والخطبة، وكلما ردد المسلم الشهادتين بعد الوضوء وفي الصلوات، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته وعند ذكره، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه بذلك يتذكره.. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم المولد فقط ، ولا بما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن البدعة تبعدك أخي المسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

والرسول صلى الله عليه وسلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى :
(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )
، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة إلا ويذكر بعده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداً لذكراه وحثاً على اتباعه.
اللهم اجعلنا من اتباع دينك ظاهراً وباطناً ، اللهم اجعل حبّك وحبّ نبيك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين، اللهم ارزقنا اتباع هدي رسولك الأمين صلى الله عليه وسلم واجعلنا من ورثة جنة النعيم ،،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 28 / 01 / 2010, 42 : 05 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
ارجوا من الاخوة المشاركة مشكورين ماجورين









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 30 / 01 / 2010, 59 : 10 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه ، وغير ذلك مما يفعل في الموالد .

والجواب أن يقال :
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63 ) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة : 3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .
وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع الحسنة .
والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 ) ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) .
وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ، فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111 ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة الأنعام : 116 ) .
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه .
ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .
ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب : 56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 30 / 01 / 2010, 00 : 11 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
المولد النبوي
تاريخه ، حكمه ، آثاره ، أقوال العلماء فيه على اختلاف البلدان والمذاهب
ناصر بن يحيى الحنيني

• مقدمة: (نداء إلى كل مسلم يريد الوصول إلى الحق وأن يعبد الله على بصيرة).
أخي المسلم، أختي المسلمة : لاشك أننا جميعا نُكِنُ في صدورنا محبة لرسولنا الكريم وحبيبنا العظيم وقدوتنا وإمامنا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن عمل بسنته واهتدى بهديه إلي يوم الدين ، وإن هذه المحبة تعتبر من أصول الدين ومن لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كافر وممن نتقرب إلى الله ببغضه وهي من صفات المنافقين الذي قال الله فيهم أنهم في : ( الدرك الأسفل من النار)
وإنني أضع بين يديك هذا البحث المتواضع لتقرأه بعين البصيرة تقرأه بغية الوصول للحق وتقرأه بعيدا عن التعصب لعلماء بلدك أو مذهبك أو ما تعوّدت عليه فإن كان ما فيه حقاً قبلته وعملت فيه طاعة لله ورسوله الذي أمرنا باتباع الحق وما كان فيه من باطل أو خطأ فأعيذك بالله أن تتبعه لأننا لسنا متعبدون إلا بالحق الذي دل عليه الدليل الشرعي.
وفقنا الله وإياك لسلوك الطريق المستقيم الذي ارتضاه لنا نبينا الكريم والله الموفق وعليه المعتمد والاتكال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،،.

• تاريخه:
إن الناظر في السيرة النبوية وتاريخ الصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية لم نجد أحدا لا من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس قال بهذه العمل أو أمر به أو حث عليه أو تكلم به .
قال الحافظ السخاوي في فتاويه :"عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد".أهـ
إذن السؤال المهم : " متى حدث هذا الأمر –أعني المولد النبوي-وهل الذي أحدثه علماء أو حكام وملوك وخلفاء أهل السنة ومن يوثق بهم أم غيرهم ؟"
والجواب على هذا السؤال عند المؤرخ السني ( الإمام المقريزي ) رحمه الله :
يقول في كتابه الخطط ( 1/ ص 490وما بعدها):" ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعياداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم"
قال:" وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي مواسم( رأس السنة)،ومواسم ( أول العام )،( ويوم عاشوراء) ،( ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ) ، ( ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) ، ( ومولد الحسن والحسين عليهما السلام )، ( ومولد فاطمة الزهراء عليها السلام )،(ومولد الخليفة الحاضر )، ( وليلة أول رجب ) ، ( ليلة نصفه ) ، ( وموسم ليلة رمضان ) ، ( وغرة رمضان )،(وسماط رمضان)،( وليلة الختم )،( وموسم عيد الفطر )،( وموسم عيد النحر )،( وعيد الغدير)،( وكسوة الشتاء)،( وكسوة الصيف )،( وموسم فتح الخليج )،( ويوم النوروز)،(ويوم الغطاس) ، ( ويوم الميلاد ) ،( وخميس العدس) ، ( وأيام الركوبات )"أ.هـ.
وقال المقريزي في إتعاظ الحنفاء(2/48)سنة (394):
"وفي ربيع الأول ألزم الناس بوقود القناديل بالليل في سائر الشوارع والأزقة بمصر".
وقال في موضع آخر (3/99)سنة (517):
"وجرى الرسم في عمل المولد الكريم النبوي في ربيع الأول على العادة".وانظر (3/105).
ووصف المقريزي هيئة هذه الاحتفالات التي تقام للمولد النبوي خاصة وما يحدث فيها من الولائم ونحوها ( أنظر الخطط1/432-433 ، صبج الأعشى للقلقشندي3/498-499).
ومن النقل السابق تدبر معي كيف حُشِر المولد النبوي مع البدع العظيمة مثل:
-بدعة الرفض والغلو في آل البيت المتمثل في إقامة مولد علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.
وسيأتي مزيد بسط لبيان أن الدولة العبيدية التي تدعي أنها فاطمية: بأنها دولة باطنية رافضية محاربة لله ولرسوله ولسنته ولحملة السنة المطهرة .
- بدعة الاحتفال بعيد النيروز وعيد الغطاس وميلاد المسيح وهي أعياد نصرانية .
يقول ابن التركماني في كتابه" اللمع في الحوادث والبدع" (1/293-316 ) عن هذه الأعياد النصرانية :"فصل ومن البدعة أيضا والخزي والبعاد ما يفعله المسلمون في نيروز النصارى و مواسمهم و الأعياد من توسع النفقة " قال :" وهذه نفقة غير مخلوفة وسيعود شرها على المنفق في العاجل والآجل " وقال : " ومن قلة التوفيق والسعادة ما يفعله المسلم الخبيث في يعرف بالميلادة ( أي ميلاد المسيح) ".، ونقل عن علماء الحنفية أن من فعل ما تقدم ذكره ولم يتب منه فهو كافر مثلهم .وذكر عدد من الأعياد التي يشارك فيها جهلة المسلين النصارى وبين تحريمها بالكتاب والسنة ومن خلال قواعد الشرع الكلية .
ذكر من أبطلها من خلفاء الدولة العبيدية الفاطمية:
قال المقريزي في خططه (1/432):"وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الموالد الأربعة : النبوي ، والعلوي ، والفاطمي ، والإمام الحاضر وما يهتم به وقدم العهد به حتى نسي ذكرها فأخذ الأستاذون يجددون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله ويرددون الحديث معه فيها ويحسنون له معارضة الوزير بسببها وإعادتها وإقامة الجواري والرسوم فيها فأجاب إلى ذلك وعمل ما ذكر.."أ.هـ
فعلى هذا أول من أحدث ما يسمى بالمولد النبوي هم بنو عبيد الذين اشتهروا بالفاطميين (2).
ماذا قال أهل العلم عن الدولة الفاطمية العبيدية التي أحدثت هذا الأمر ( المولد النبوي)؟:
قال الإمام أي شامة المؤرخ المحدث صاحب كتاب الروضتين في أخبار الدولتين ص 200-202عن الفاطميين العبيديين:
" أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون فملكوا البلاد وقهروا العباد وقد ذكر جماعة من أكابر العلماء أنهم لم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحا بل المعروف أنهم (بنو عبيد ) ؛ وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي وقيل كان والد عبيد هذا يهوديا من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حدادا .
وعبيد هذا كان اسمه ( سعيدا) فلما دخل المغرب تسمى ب( عبيد الله ) وزعم أنه علوي فاطمي وادعى نسبا ليس بصحيح -لم يذكره أحد من مصنفي الأنساب العلوية بل ذكر جماعة من العلماء بالنسب خلافه -
ثم ترقت به الحال إلى أن ملك وتسمى ب(المهدي) وبنى المهدية بالمغرب ونسبت إليه وكان زنديقا خبيثا عدوا للإسلام متظاهرا بالتشيع متسترا به حريصا على إزالة الملة الإسلامية قتل من الفقهاء والمحدثين جماعة كثيرة وكان قصده إعدامهم من الوجود لتبقى العالم كالبهائم فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم والله متم نوره ولو كره الكافرون.
ونشأت ذريته على ذلك منطوين يجهرون به إذا أمكنتهم الفرصة وإلا أسروه ، والدعاة لهم منبثون في البلاد يضلون من أمكنهم إضلاله من العباد وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين (299) إلى سنة سبع وستين وخمسمائة ( 567)،.
وفي أيامهم كثرة الرافضة واستحكم أمرهم ووضعت المكوس على الناس واقتدى بهم غيرهم وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال الساكنين بثغور الشام كالنصيرية والدرزية والحشيشية نوع منهم وتمكن رعاتهم منهم لضعف عقولهم وجهلهم مالم يتمكنوا من غيرهم وأخذت الفرنج أكثر البلاد بالشام والجزيرة إلى أن من الله على المسلمين بظهور البيت الأتابكي وتقدمه مثل ( صلاح الدين ) فاستردوا البلاد وأزالوا هذه الدولة عن أرقاب العباد .
وكانوا أربعة عشر مستخلفا ... يدّعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام فصاروا يقولون الدولة الفاطمية والدولة العلوية وإنما هي ( الدولة المجوسية أو اليهودية الباطنية الملحدة ).
ومن قباحتهم انهم كانوا يأمرون الخطباء بذلك (أي أنهم علويون فاطميون ) على المنابر ويكتبونه على جدران المساجد وغيرها وخطب عبدهم جوهر الذي أخذ لهم الديار المصرية وبنى لهم القاهرة ( المعزية) بنفسه خطبة قال فيها اللهم صلي على عبدك ووليك ثمرة النبوة وسليل العترة الهادية المهدية معد أبي تميم الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين كما صليت على آبائه الطاهرين وسلفه المنتخبين الأئمة الراشدين ) كذب عدوّ الله اللعين فلا خير فيه ولا في سلفه أجمعين ولا في ذريته الباقين والعترة النبوية الطاهرة منهم بمعزل رحمة الله عليهم وعلى أمثالهم من الصدر الأول .
والملقب بالمهدي لعنه الله كان يتخذ الجهال ويسلطهم على أهل الفضل وكان يرسل إلى الفقهاء والعلماء فيذبحون في فرشهم وأرسل إلى الروم وسلطهم على المسلمين وأكثر من الجور واستصفاء الأموال وقتل الرجال وكان له دعاة يضلون الناس على قدر طبقاتهم فيقولون لبعضهم (هو المهدي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجة الله على خلقه ) ويقولون لآخرين (هو رسول الله وحجة الله ) ويقولون لاخرى (هو الله الخالق الرازق) لا اله إلا الله وحده لا شريك له تبارك سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ولما هلك قام ابنه المسمى بالقائم مقامه وزاد شره على شر أبيه أضعافا مضاعفة وجاهر بشتم الأنبياء فكان ينادى في أسواق المهدية وغيرها (العنوا عائشة وبعلها العنوا الغار وما حوى ) اللهم صلي على نبيك وأصحابه وأزواجه الطاهرين وألعن هؤلاء الكفرة الفجرة الملحدين وارحم من ازالهم وكان سبب قلعهم ومن جرى على يديه تفريق جمعهم وأصلهم سعيرا ولقهم ثبورا وأسكنهم النار جمعا واجعلهم ممن قلت فيهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
ولو وفق ملوك الإسلام لصرفوا أعنة الخيل إلى مصر لغزو الباطنية الملاعين فإنهم من شر أعداء دين الإسلام وقد خرجت من حدّ المنافقين إلى حد المجاهرين لما ظهر في ممالك الإسلام من كفرها وفسادها وتعين على الكافه فرض جهادها وضرر هؤلاء أشدّ على الإسلام وأهله من ضرر الكفار إذا لم يقم بجهادها أحد إلى هذه الغاية مع العلم بعظيم ضررها وفسادها في الأرض ".أ.هـ بتصرف يسير.
وانظر رحمك الله إلى ما قرره هذا العالم المؤرخ وهو قريب عهد منهم حيث عاش ما بين سنة (599-665)للهجرة النبوية ، وكيف تألم لما حل بالمسلمين من كرب وضيق من جرّاء حكم هؤلاء الباطنيين وعلى هذا فالمولد النبوي أصله ومنشئه من الباطنيين ذي الأصول المجوسية اليهودية المحيين شعائر الصليبية ، ونحن هنا نقول لكل منصف هل يصح أن نجعل أمثال هؤلاء مصدر عباداتنا وشعائرنا ونحن نقول مرة أخرى إن القرون المفضلة التي عاش فيها سلفنا الصالح لم يكن فيها أثر لمثل هذه العبادة منهم أو من أعدائهم أو حتى من جهلتهم وعامتهم أفلا يسعنا ماوسعهم .

بيان حكم المولد النبوي وبيان فساد قول من قال بمشروعيته من أوجه عديدة:
إعلم رحمني الله وإياك أن ما يسمى بالمولد النبوي ليس مشروعا ولم يدل عليه دليل من كتاب ولا سنة لا إجماع ولا قياس صحيح ولا حتى دليل عقلي ولا فطري وما كان بهذه الصيغة فهو بدعة مذمومة.
قال الحافظ ابن رجب :" والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ".
ويقول أيضاً: " فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقاد أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة".
والبدعة كذلك " ما لم يشرعه الله من الدين فكل من دان الله بشيء لم يشرعه الله فذاك بدعة وإن كان متاولاً".(5)

ويظهر فساد القول بجوازه ومشرعية من خلال الأوجه التاليه:
- الوجه الأول :
أن هذا الفعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولاأمر به ولافعله صحابته ولاأحد من التابعين ولا تابعيهم ولا فعله أحد من أهل الإسلام خلال القرون المفضلة الأولى وإنما ظهر- كما تقدم- على ايدي أناس هم أقرب إلى الكفر منهم إلى الإيمان وهم الباطنيون.
إذا تقرر هذا فالذي يفعل هذا الأمر داخل ضمن الوعيد الذي توعد الله عزو جل صاحبه وفاعله بقوله ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) والذي يفعل ما يسمى بالمولد لاشك انه متبع لغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم .
- الوجه الثاني:
أن الذي يمارس هذا الفعل واقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وجاء في رواية أخرى ( وكل ضلالة في النار ).
فقوله (كل بدعة ضلالة ) عموم لا مخصص له يدخل فيه كل أمر مخترع محدث لا أصل له في دين الله والعلماء مجمعون على انه أمر محدث فصار الأمر إلى ما قلنا أنه بدعة ضلالة تودي بصاحبها إلى النار أعاذنا الله وإياك منها.
الوجه الثالث :
أن فاعل هذه البدعة غير مأجور على فعله بل مردود على صاحبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ولايكفي حسن النية بل لابد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.
- الوجه الرابع:
قال الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ).
والذي يقول إن المولد عبادة نتعبد لله تعالى بها فهو مكذب بهذه الآية وهو كفر بالله عزوجل فان قال انه مصدق بها لزمه ان يقول ان المولد ليس بعبادة ويكون اقرب الى العبث واللعب منه الى ما يقرب الى الله عزوجل.
وقلنا له أيضاً كأنك مستدرك على الله وعلى رسوله بأنهم لم يدلونا على هذه العبادة العظيمة التي تقرب إلى الله والرسول .
فان قال أنا لا أقول أنها عبادة ولا استدرك على الله ورسوله ومومن بهذه الآية لزمه الرجوع إلى القول الحق وأنها بدعة محدثة هدانا الله وكل مسلم لما يحبه ربنا ويرضى.
- الوجه الخامس :
أن الممارس لهذا الأمر- اعني بدعة المولد- كأنه يتهم للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة وعدم الأمانة -و العياذ بالله- لأنه كتم على الأمة ولم يدلها على هذه العبادة العظيمة التي تقربها إلى الله
قال الإمام مالك – رحمه الله-: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا".
- الوجه السادس :
أن فاعل المولد معاند للشرع ومشاق له لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه وكيفيات خاصة وقصر الخلق عليها بالأوامر والنواهي وأخبر أن الخير فيها والشر في مجاوزتها وتركها لأن الله اعلم بما يصلح عباده وما أرسل الرسل ولا أنزل الكتب إلا ليعبدوه وفق ما يريد سبحانه والذي يبتدع هذه البدعة راد لهذا كله زاعم أن هناك طرقا أخرى للعبادة وان ما حصره الشارع أو قصره على أمور معينة ليس بلازم له فكأنه يقول بلسان حاله إن الشارع يعلم وهو أيضا يعلم بل ربما يفهم أن يعلم أمرا لم يعلمه الشارع سبحانك هذا بهتان عظيم وجرم خطير وإثم مبين وضلال كبير.
- الوجه السابع :
أن في إقامة هذه البدعة تحريف لأصل من أصول الشريعة وهي محبة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه ظاهرا وباطنا واختزالها في هذا المفهوم البدعي الضيق الذي لايتفق مع مقاصد الشرع المطهر إلى دروشة ورقص وطرب وهز للرؤوس لان الذي يمارسون هذه البدعة يقولون ان هذا من الدلائل الظاهرة على محبته ومن لم يفعلها فهو مبغض للنبي صلى الله عليه وسلم
وهذا لاشك تحريف لمعنى محبة الله ومحبة رسول لان محبة الله والرسول تكون باتباع سنته ظاهرا وباطنا كما قال جل وعلا( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
فالذي يجعل المحبة باقامة هذه الموالد محرف لشريعة الله التي تقول ان المحبة الصحيحة تكون باتباعه صلى الله عليه وسلم ، بل محو لحقيقة المحبة التي تقرب من الله وجعلها في مثل هذه الطقوس التي تشابه ما عند النصارى في أعيادهم وبهذا يعلم أنه ( ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنة ).
- الوجه الثامن :
أن هذا المولد فيه مشابهة واضحة لدين النصارى الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح وقد نهينا عن التشبه بهم كما قال صلى الله عليه وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ).
- الوجه التاسع:
أن فيه قدحا في من سبقنا من الصحابة ومن أتى بعدهم بأننا أكثر محبة للنبي صلى الله عليه وسلم منهم ، وأنهم لم يوفوه حقه من المحبة والاحترام لان فاعلي المولد يقولون عن الذين لا يشاركونهم انهم لا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم وهذه التهمة منصرفة إلى أصحابه الأطهار الذين فدوه بأرواحهم وبآبآءهم وأمهاتهم رضي الله عنهم وأرضاهم .
- الوجه العاشر :
ان فاعل هذا المولد واقع فيما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته صراحة فقد قال صلى الله عليه وسلم ( لاتطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ) فقد نهى عن تجاوز الحد في إطرائه ومدحه وذكر أن هذا مما وقع فيه النصارى وكان سبب انحرافهم .
وما يفعل الآن من الموالد من أبرز مظاهر الإطراء وإذا لم يكن في الموالد-( التي تنفق فيها الاموال الطائلة وتنشد فيها المدائح النبوية التي تشتمل على أعظم أنواع الغلو فيه صلى الله عليه وسلم من إعطائه خصائص الربوبية كما سوف يمر معنا)- إطراء ففي ماذا يكون الإطراء؟
الوجه الحادي عشر :
وبدعة المولد النبوي مجاوزة في الحد المشروع، ومجاوزة في حد ما امرنا به من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومجاوزة للحد المشروع في إقامة الأعياد فليس في شرعنا للمسلمين إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فهو متجاوز للحد المشروع .
الوجه الثاني عشر:
أن فعل المولد غلو مذموم في شخص النبي صلى الله عليه وسلم و من أعظم الذرائع المؤدية للشرك الأكبر وهو الكفر المخرج من الملة لأن الغلو في الصالحين كان سبب وقوع الأمم السابقة في الشرك وعبادة غير الله عزوجل.
وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع الموصلة للشرك .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو) وهذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال وإن كان سبب وروده في في لقط الجمار ونهيه عن لقط الكبار من الجمار لأنه نوع من الغلو في العبادة ومجاوزة للحد المشروع .
ومعلو ان سبب الشرك الذي وقع في بني آدم هو مجاوز الحد والغلو في تعظيم الصالحين فقد جاء في البخاري برقم ( 4920) عن ابن عباس" في قول الله تعالى ( وقالوا لاتذرن ألهتكم ولا تذرن ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسراً ) قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك اولئك ونسي العلم عبدت ".
وقارن بما حصل عند قوم نوح مع أنهم لم يصرفوا شيئا من العبادة في أول الأمر حتى وقعوا في الشرك والسبب هذه التماثيل وهي مظهر من مظاهر الغلو وانظر ما حصل ويحصل في الموالد فهو ليس من ذرائع الشرك فحسب؛ بل يحصل الشرك بعينه من دعاء لغير الله عزوجل وإعطائه صلى الله عليه وسلم بعض خصائص الرب جل وعلا كالتصرف في الكون وعلم الغيب ففي هذه الموالد يترنمون بالمدائح النبويةوعلى رأسها بردة البوصيري الذي يقول:
ياأكرم الخلق مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول أحمد بن محمد ابن الحاج السلمي:
نور الهدى قد بدا في العرب والعجم *** سعد السعود علا في الحل والحرم
بمولد المصطفى أصل الوجود ومن *** لولاه لم تخرج الأكوان من عدم
فماذا بقي لرب العباد إن هذا ليس شركا في الألوهية بل هو شرك في الربوبية وهو أعظم من شرك كفار قريش والعياذ بالله لأن كفار قريش كانوا يعتقدون أن المتصرف في الكون هو الله عزو جل لا أصنامهم وهؤلاء يزعمون أن المتصرف في الكون الذي بيده الدنيا والآخرة هو النبي صلى الله عليه وسلم .
وانظر الى قوله ( يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ) فهو يعتبر رسول الله هو الملاذ وهو الذي يستغاث به ويدعوه عند الملمات وهذا هو عين شرك كفار قريش الذي يعبدون الاوثان بل هم احسن حالا منه فهم عند الشدائد يخلصون الدعاء والعبادة والبوصيري عند الشدائد والملمات يدعوا غيرالله .
والموالد لايمكن ان تقوم بغير أبيات البردة والله المستعان فهي الشعيرة والركيزة الأساسية في هذه الموالد البدعية.
ولولم يكن فيها إلا هذه المفسدة لكفى بها مبرراً لتحريمها والتحذير منها .
وإن زعم شخص انه سوف يخليه مما تقدم قلنا له المولد بحد ذاته هو مظهر من مظاهر الغلو المذموم فضلا عما يحتويه من طوام عظيمة وبدعة في الدين محدثة لم يشرعهاولم يأذن بها الله .
الوجه الثالث عشر:
أن الفرح بهذا اليوم والنفقه فيه وإظهار الفرح والسرور فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يفرح فيه والله المستعان.
وأما يوم مولده فمختلف فيه ،فكيف تكون عبادة عظيمة تقرب إلى الله واليوم الذي يحتفل فيه غير مجزوم به .
يقول الحافظ في فتح الباري ( شرح حديث برقم 3641 ):" . وَقَدْ أَبْدَى بَعْضهمْ لِلْبُدَاءَةِ بِالْهِجْرَةِ مُنَاسَبَة فَقَالَ : كَانَتْ الْقَضَايَا الَّتِي اُتُّفِقَتْ لَهُ وَيُمْكِن أَنْ يُؤَرَّخ بِهَا أَرْبَعَة : مَوْلِده وَمَبْعَثه وَهِجْرَته وَوَفَاته , فَرَجَحَ عِنْدهمْ جَعْلهَا مِنْ الْهِجْرَة لِأَنَّ الْمَوْلِد وَالْمَبْعَث لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ النِّزَاع فِي تَعْيِين السَّنَة , وَأَمَّا وَقْت الْوَفَاة فَأَعْرَضُوا عَنْهُ لِمَا تُوُقِّعَ بِذِكْرِهِ مِنْ الْأَسَف عَلَيْهِ , فَانْحَصَرَ فِي الْهِجْرَة "أ.هـ
ويقول ابن الحاج في المدخل (2/15):" ثم العجب العحيب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عزو جل وفجعة الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لايعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وأنفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به ......". أهـ
الوجه الرابع عشر:
اشتمال هذه الموالد على كثير من كبائر وعظائم الأمور والتي يرتع فيها أصحاب الشهوات ويجدون فيها بغيتهم مثل: الطرب والغناء واختلاط الرجال بالنساء ويصل الأمر في بعض البلدان التي يكثر فيها الجهل أن يشرب فيها الخمر وكذلك إظهار ألوان من الشعوذة والسحرومن يحضر هذه الأماكن بغير نية القربة فهو آثم مأزور غير مأجور فكيف إذا انضم إليه فعل هذه المنكرات على أنها قربة إلى الله عزوجل فأي تحريف لشعائر الدين أعظم من هذا التحريف.
الوجه الخامس عشر:
اشتماله على أنواع عظيمة من البذخ والتبذير وإضاعة الأموال وإنفاقها على غير اهلها.
الوجه السادس عشر:
أن في هذه الموالد والتي كثرت وانتشرت حتى وصلت في بعض الأشهر أن يحتفلوا بثمان وعشرين مولدا أن فيها من استنفاد الطاقات والجهود والأموال واشغال الأوقات وصرف للناس عن ما يكاد لهم من قبل أعدائهم فتصبح كل أيامهم رقص وطرب وموالد فمتى يتفرغون لتعلم دينهم ومعرفة ما يخطط لهم من قبل أعدائهم ولهذا لما جاء المستعمرون للبلاد الإسلامية حاولوا القضاء على كل معالم الإسلام وصرف الناس عن دينهم ومحاولة إشاعة الرذيلة بينهم وما كان من تصرفات المسلمين فيه مصلحة لهم وفت في عضد المسلمين وإضعاف لشانهم فإنهم باركوه وشجعوه مثل الملاهي والمحرمات ونحوها ومن ذلك البدع المحدثة التي تصرف الناس عن معالم الإسلام الحقيقية مثل بدعة المولد وغيرها من الموالد ، بل مثل هذه البدع من أسباب تخلف المسلمين وعدم تقدمهم على غيرهم .
يقول السيد رشيد رضا في المنار (2/74-76):" فالموالد أسواق الفسوق فيها خيام للعواهر وخانات للخمور ومراقص يجتمع فيها الرجال لمشاهدة الراقصات المتهتكات الكاسيات العاريات ومواضع أخرى لضروب من الفحش في القول والفعل يقصد بها إضحاك الناس ....(إلى أن قال ): فلينظر الناظرون إلى أين وصل المسلمون ببركة التصوف واعتقاد أهله بغير فهم ولا مراعاة شرع اتخذوا الشيوخ أنداداً وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة قضاء الحوائج وشفاء المرضى وسعة الرزق بعد أن كانت للعبرة وتذكرة القدوة وصارت الحكايات الملفقة ناسخة فعلا لما ورد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على الخير ونتيجة لذلك كله ؛ أن المسلمين رغبوا عما شرع الله إلى ما توهموا أنه يرضي غيره ممن اتخذوهم أنداداً وصاروا كالإباحيين في الغالب فلاعجب إذا عم فيهم الجهل واستحوذ عليهم الضعف وحرموا ماوعد الله المؤمنين من النصر لأنهم انسلخوا من مجموع ما وصف الله به المؤمنين ولم يكن في القرن الأول شيئ من هذه التقاليد والأعمال التي نحن عليها بل ولا في الثاني ولايشهد لهذه البدع كتاب ولاسنة وإنما سرت إلينا بالتقليد أو العدوى من الامم الأخرى ، إذ رأى قومنا عندهم أمثال هذه الاحتفالات فظنوا أنهم إذا عملوا مثلها يكون لدينهم عظمة وشأن في نفوس تلك الأمم فهذا النوع من اتخاذ الأنداد كان من أهم أسباب تأخر المسلمين وسقوطهم فيما سقطوا فيه ".أ.هـ
نابليون المستعمر الفرنسي يحي المولد ويدعمه:
واسمع إلى ما يحدثنا به المؤرخ المصري الجبرتي في كتابيه عجائب الآثار(2/249،201) ومظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس ص47
تحدث وذكر ان المستعمرين الفرنسيين عندما احتلوا مصر بقيادة نابليون بونابرت انكمش الصوفيه وأصحاب الموالد فقام نابليون وأمرهم بإحياءها ودعمها
قال في مظهر التقديس :" وفيها (أي سنة 1213هـ في ربيع الأول ):سأل صاري العسكر عن المولد النبوي ولماذا لم يعملوه كعادتهم فاعتذر الشيخ البكري بتوقف الأحوال وتعطل الأمور وعدم المصروف فلم يقبل وقال (لابد من ذلك ) واعطى الشيخ البكري ثلاثمائة ريال فرانسة يستعين بها فعلقوا حبالا وقناديل واجتمع الفرنسيس يوم المولد ولعبوا ودقوا طبولهم واحرقوا حراقة في الليل وسواريخ تصعد في الهواء ونفوطاً".
ولعل سائلا يسأل ما هدفهم من تأييد ودعم مثل هذه البدع وهذه الموالد؟
ندع الجواب للمؤرخ الجبرتي المعاصر لهم حيث يقول في تاريخ عجائب الآثار(2/306):
" ورخص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع واجتماع النساء واتباع الشهوات والتلاهي وفعل المحرمات ".
أقوال أهل العلم في المولد :
لقد أفتى علماء العالم الإسلامي على اختلاف أماكنهم وأزمانهم ومذاهبهم الفقهية بحرمة عمل المولد وأنه من البدع المحدثة التي لاأصل لها وإليك بعضهم:
شيخ الإسلام ابن تيمية وهو من علماء الشام ومن المجتهدين.(انظر اقتضاء الصراط المستقيم ( 2 /619 )، ومجموع الفتاوى( 1/312 ) .
العلامة الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفاكهاني له رسالة بعنوان (المورد في الكلام على عمل المولد). وهو عالم مالكي المذهب ت بالاسكندرية سنة 734هـ.
الاستاذ ابو عبد الله محمد الحفار له فتاوى ذكرها الونشريسي في المعيار المعرب.وهو من علماء المغرب.
العلامة ابن الحاج ابو عبد ال محمدبن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي ت بالقاهرة (732هـ)له كلام نفيس في المدخل بداية الجزالثاني
الشيخ العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي مفتي الديار المصرية.
الشيخ على محفوظ في كتابه الإبداع في مضار الابتداع .
الإمام الشاطبي وله كلام نفيس في فتوى له في كتاب طبع باسم فتاوى الإمام الشاطبي وهو عالم مالكي أندلسي.
الشيخ رشيد رضا في أكثر من موضع من مصنفاته كما في المنار (9/96)، (2/74-76) (17/111) (29/ 664-668).وفتاواه (الجزء الخامس في الصفحة 2112-2115) و(الجزء الرابع في الصفحة 1242-1243).
الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي وهو من علماء الهند ( أنظر رسالة الشيخ حمود التويجري ص235 ط. العاصمة ضمن المجموع في الرسائل الخاصة ببدعة المولد ).
الشيخ بشير الدين القنوجي وهو من علماء الهند وهو شيخ أبي الطيب ( المصدر السابق ).
الشيخ فوزان السابق كما في كتابه البيان والإشهارص 299.
الشيخ محمد بن عبد السلام خضر الشقيري في كتابه السنن والمبتدعات .
شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما في الدرر السنية.
العلامة الشيخ محمد بن ابراهيم له رسالة في إنكار عمل المولد وانظر مجموع فتاواه (3/48-95)فقد اشتملت على عدد من الفتاوى المتنوعة حول المولد .
العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد في رسالته هداية الناسك إلى أهم المناسك .
العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز له رسالة في حكم الاحتفال بالمولد النبوي .
العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في رسالة بعنوان ( الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي).
الشيخ العلامة إسماعيل الأنصاري له رسالة وهي من أجود مارأيت بعنوان القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل.
العلامة الشيخ محمد الصالح العثيمين.
الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين .
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان .
هناك فتاوى متناثرة في مجلة التوحيد التي تصدر في مصر عن جماعة أنصار السنة المحمدية .
في الختام أسأل الله العلي القدير ان يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه وأملاه
الفقير إلى عفو مولاه
ناصر بن يحيى الحنيني
10/3/ 1422هـ - الرياض










التعديل الأخير تم بواسطة طويلب علم مبتدئ ; 30 / 01 / 2010 الساعة 04 : 11 AM
عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 30 / 01 / 2010, 06 : 11 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي
عبدالرحمن بن عبدالخالق

- الاختلاف حول الاحتفال بالمولد النبوي ليس اختلافاً بين من يحب الرسول ويعظمه وبين من يبغضه ويهمل شأنه بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.
- الفاطميون الإسماعيليون هم أول من ابتدع بدعة الاحتفال بالمولد النبوي.
- (الحقيقة المحمدية) في الفكـر الصوفي تختلف تماماً عما نؤمن به نحو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

مقدمة
اطلعت على بعض المقالات التي يـروج أصحابها لفكرة الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، واتخاذ يوم ولادته عيداً ليكون ملتقى روحياً للمسلمين -على حد تعبيرهم- ومحاسبة النفس على مدى الاتباع والتمسك بالدين الإسلامي كما يزعمون..
وبالرغـم من أن هذا الموضوع قديم، وقد كتب فيه المؤيدون والمعارضون، ولن يزال الخلاف فيه -الا ما شاء الله- إلا أنني رأيت من واجبي تجلية بعض الحقائق التي تغيب عن جمهـور الناس عند نقاش هذه القضية.. وهذا الجمهور هو الذي يهمني الآن أن أضع مجموعة من الحقائق بين يديه ليعلم حقيقة الدعوة إلى الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم.. ولماذا ترفض هذه الدعوى من أهل التوحيد والدين الخالص والإسلام الصحيح.

ماذا يريد الدعاة
إلى الاحتفال بالمولد النبوي على التحديد؟
يصور دعاة الاحتفال والاحتفاء بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه هو مقتضى المحبة والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يوم مولده يوم مبارك ففيه أشرقت شمس الهـداية، وعم النور هذا الكون، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين، ولما سئل عن ذلك قـال: [هذا يوم ولدت فيه وترفع الأعمال إلى الله فيه، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم]، وأنه إذا كان العظماء يحتفل بمولدهم ومناسباتهم فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى لأنه أعظم العظماء وأشرف القادة..

ويعرض دعاة الاحتفال بالمولد هذه القضية على أنها خصومة بين أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه وخلاف بين من يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقدرونه وينتصرون له، وبين من يهملونه، ولا يحبونه ولا يضعونه في الموضع اللائق به.

ولا شك أن عرض القضية على هذا النحو هـو من أعظم التلبيس وأكبر الغش لجمهور الناس، وعامة المسلمين، فالقضية ليست على هذا النحو بتاتاً فالذين لا يرون جواز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم خوفاً من الإبتداع في الدين هم أسعد الناس حظاً بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، فهم أكثر الناس تمسكاً بسنته، واقتفاءاً لآثاره، وتتبعاً لحركاته وسكناته، وإقتـداء به في كل أعماله صلى الله عليه وسلم، وهم كذلك أعلم الناس بسنته وهديه ودينه الذي أرسل به، وأحفظ الناس لحديثه، وأعرف الناس بما صح عنه وما افتراه الكذابـون عليه، ومن أجل ذلك هم الذابون عن سنته، والمدافعون في كل عصر عن دينه وملته وشريعته بل إن رفضهم للإحتفال بيوم مولده وجعله عيداً إنما ينبع من محبتهم وطاعتهم له فهم لا يريدون مخالفة أمره، ولا الإفتئات عليه، ولا الإستدراك على شريعته لأنهم يعلمون جازمين أن إضافة أي شيء إلى الدين إنما هو استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم لأن معني ذلك أنه لم يكمل الدين، ولم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أنزل الله إليه أو أنه استحيا أن يبلغ الناس بمكانته ومنزلته، وما ينبغي له، وهذا أيضا نقص فيه، لأن وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانته من الدين الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه وقـد فعل صلى الله عليه وسلم، فقد بين ما يجب على الأمة نحوه أتم البيان فقال مثلا [لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين] (أخرجه البخاري ومسلم)
* وقال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال : [لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك] فقـال -أي عمر- : فأنت الآن أحب إلي من نفسي، فقال: [الآن يا عمر] (أخرجه البخاري)..
والشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستحي من بيان الحق، ولا يجوز له كتمانه، ولا شك أن من أعظم الحق أن يشرح للناس واجبهم نحوه، وحقه عليهم، ولو كان من هذا الحق الذي له أن يحتفلوا بيوم مولده لبينه وأرشد الأمة إليه.
وأما كونه كان يصوم يوم الاثنين وأنه علل ذلك أنه يوم ولد فيه، ويوم ترفع الأعمال إلي الله فيه، فإن أحباب الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة يصومون هذا اليوم من كل أسبوع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وأما أولئك الملبسون فإنهم يجعلون الثاني عشر من ربيع الأول يوم عيد ولو كان خميساً أو ثلاثاءً أو جمعةً.
وهذا لم يقله ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يثبت أنه صام الثاني عشر من ربيع الأول، ولا أمر بصيامه.
فاستنادهم إلى إحيـاء ذكرى المولد، وجعل الثاني عشر من ربيع الأول عيداً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين تلبيس على عامة الناس وتضليل لهم.

والخلاصة:
أن الذين يُتهمون بأنهم أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ومنكرو فضله، وجاحدوا نعمته، كما يدّعي الكذابون هم أسعد الناس حظا بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبته، وهم الذين علموا دينه وسنته على الحقيقة.
وأما أولئك الدعاة إلي الاحتفال بالمولد فدعوتهم هذه نفسها هي أول الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول الكذب عليه، والاستهانة بحقه.
لأنها مزاحمةٌ له في التشريع واتهام له أنه ما بيّن الدين كما ينبغي، وترك منه ما يستحسن، وأهمل ما كان ينبغي ألا يغفل عنه من شعائر محبته وتعظيمه وتوقيره، وهذا أبلغ الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه نقطة الفصل في هذه القضية، وبداية الطريق لمعرفة من اهتدى ومن ضل فيها.
فدعاة المولد -بدعوتهم إليه- مخالفون لأمره صلى الله عليه وسلم، مفتئتون عليه، مستدركون على شريعته، ونفاة المولد متبعون للرسول صلى الله عليه وسلم، متابعون لسنته، محبون له، معظمون لأمره غاية التعظيم متهيبون أن يستدركوا عليه ما لم يأمر به، لأنه هو نفسه صلى الله عليه وسلم حذرهم من ذلك فقال : [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم) و [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد] (أخرجه البخاري ومسلم)

مَنْ هَؤُلاَءِ؟ ومَنْ هَؤُلاَءِ؟
وهنا يأتي السؤال من الداعون إلى المولد ومن الرافضون له؟ والجواب أن الرافضين للمولد هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكـرام، ونقول الرافضين -تجوزاً- فالمولد هذا ما كان في عصرهم قط، ولم يعرفوه أبدا، ولا خطر ببالهم أصلا، وعلى هذا كان التابعون وتابعوهم وأئمة السلف جميعاً ومنهم الأئمة الأربعة أعلام المذاهب الفقهية المشهورة.

وعلماء الحديث قاطبةً إلا من شذ منهم في عصور متأخرة عن القرون الثلاثة الأولى قرون الخير، وكل من سار على دربهم ومنوالهم إلى يومنا هذا.
وهؤلاء هم السلف والأمة المهتدية الذين أمرنا الله باتباعهم والترضي عنهم، وفيهم الخلفاء الراشدون المهديون الذين أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم فقال : [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة] (أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية وصححه الألباني)

فهل كان هؤلاء من جعل يوم مولده عيداً، ومن خصه بشيء من العبادات أو العادات أو التذكير أو الخطب، أو المواعظ.
وإذا كانت الأمة الصالحة هي ما ذكرنا وهي التي لم تحتفل بيوم مولده، وتركت ذلك تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلم لا إهانة له، ومعرفة بحقه لا جحوداً لحقه، فمن إذن الذين ابتدعوا الاحتفال بمولده، وأرادوا -في زعمهم- أن يعظموا الرسول صلى الله عليه وسلم بما يعظمه به سلف الأمة الصالح، وأرادوا أن يحيُّوُهُ صلى الله عليه وسلم بما لم يُحَيِّه به الله؟
والجواب: أن أول من ابتدع ذلك هم ملوك الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري ومن تسمى منهم باسم (المعز لدين الله) ومعلوم أنه وقومه جميعا إسماعيليون زنادقة، متفلسفون. أدعياء للنسب النبوي الشريف، فهم من ذرية عبد الله بن ميمون القداح اليهودي الباطني وقد ادعوا المهدية وحكموا المسلمين بالتضليل والغواية، وحولوا الدين الى كفر وزندقة وإلحاد، فهذا الذي تسمى (بالحاكم بأمر الله)، هو الذي ادعى الألوهية وأسس جملة من المذاهب الباطنية الدرزية احدها، وأرغم المصريين على سب أبي بكر وعمر وعائشة وعلق ذلك في مساجد المسلمين ومنع المصريين من صلاة التراويح، ومن العمل نهاراً إلى العمل ليلاً ونشر الرعب والقتل واستحل الأموال وأفسد في الأرض، مما تعجز المجلدات عن الإحاطة به. وفي عهد هؤلاء الفاطميين أيضا وبإفسادهم في الأرض أكل المصريون القطط والكلاب وأكلوا الموتى، بل وأكلوا أطفالهم.
وفي عهد هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة المولد تمكن الفاطميون والقرامطة من قتل الحجاج وتخريب الحج، وخلع الحجر الأسود.
والخلاصة: أن بدعة المولد نشأت من هنا، وهل يقول عاقل أن هؤلاء الزنادقة الملحدون قد اهتدوا إلي شيء من الحق لم يعرفه الصديق والفاروق وعثمان وعلي والصحابة والسلف الأئمة وأهل الحديث؟ هل يكون كل هؤلاء على باطل وأولئك الكفرة الملاعين على الحق؟ وإذا كان قد اغتر بدعوتهم بعض من أهل الصلاح والتقوى وظن -جهلاً منه- أن المولد تعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة له هل يكون الجاهلون المغفلون حجة في دين الله؟!
ماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
ونأتي الآن إلى سؤال هام: وماذا في المولد؟ وما الذي يصنع فيه؟
والجواب: أن الذين يحتفلون بالمولد هم في أحسن أحوالهم مبتدعون، مفتئتون على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستدركون عليه. مجهلون لسلف الأمة وأئمتها. هذا في أحسن الأحوال إذا صنعوا معروفا في الأصل لتذكر لنعمة الله بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقراءة في سيرته وصلاةٍ وسلامٍ عليه، وإظهارٍ للفرح والسرور بمبعثه، ونحو ذلك مما هو من الدين في الجملة ولكنه لم يشرع في هذه المناسبة. ولكن الحق أن أهل الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هم في العموم ليسوا على شيء من هذا أصلا.

فالمولد عندهم بدعة أنشأت بدعاً منكرة، بل شركاً وزندقة، فالاحتفال بالمولد عند أهله المبتدعين نظام وتقليد معين، واحتفال مخصوص بشعائر مخصوصة وأشعار تقرأ على نحو خاص، وهذه الأشعار تتضمن الشرك الصريح، والكذب الواضح، وعند مقاطـع مخصوصة من هذا الشعر يقوم القوم قياماً على أرجلهم زاعمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم في هذه اللحظة ويمدون أيديهم للسلام عليه، وبعضهم يُطفئ الأنوار، ويضعون كذلك كأساً للرسول صلى الله عليه وسلم ليشرب منه، فهم يضيفونه في هذه الليلة!! ويضعون مكاناً خاصاً له ليجلس فيه بزعمهم - إما وسط الحلقة، وإما بجانب كبيرهم.. الذي يدَّعي بدوره أنه من نسله...
ثم يقوم (الذِكر) فيهم علي نظام مخصوص بهز الرأس والجسم يميناً وشمالاً وقوفاً على أرجلهم، وفي أماكن كثيرة يدخل حلقات (الذِكر) هذه الرجال والنساء جميعاً.
وتذكر المرأة هزاً علي ذلك النحو حتى تقع في وسط الجميع ويختلط الحابل بالنابل حتى أن شعوباً كثيرة ممن ابتليت بهذه البدعـة المنكرة اذا أرادت أن تصف أمرا بالفوضى وعدم النظام يقولون (مولد) يعنون أن هذا الأمر في الفوضى وعدم النظام يشبه الموالد.
والعجيب أن هذه الزندقة التي ابتلي به العالم الإسلامي منذ الفاطميين وإلى يومنا هذا -وإن كان قد خف شرها كثيراً- والتي ابتدعها القوم تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم في زعمهم لم يقصروها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل جعلوا لكل أفاكٍ منهم مولداً، ولكل زنديق مدع للولاية مولداً، وبعض هؤلاء يعظم مولد هؤلاء ما لا يعظمون مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهذا مولد من يسمى (بالسيد البدوي) الذي لا يعرف له اسم ولا نسب والذي لم يثبت قط أنه صلى جمعة أو جماعـة والذي لا يعرف أيضاً أكان ذكراً أم أنثى حيث أنه لم يكشف وجهه قط!! وكان ملثماً أبداً!! هذا (السيد البدوي) والذي أنكر أهل مكة أن يكون منهم أو يعرفوه - يحتفل بمولده أعظم من الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإلى اليوم يجتمع بمولده في أسبوع واحد أكثر من سبعة ملايين شخص وهو عدد أعظم من العدد الذي يجتمع في الحج.
فإذا كان أمثال هؤلاء تُعظم موالدهم واحتفالاتهم على نحو ذلك، فهل يكون هذا أيضاً من تعظيم الرسول؟!
وهل من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل (المعز الفاطمي) وهو الذي ابتدع بدعة المولد النبوي. لنفسه مولداً كمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهل أراد تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته حقا؟! وإذا كانوا قد نافسوه في هذه العظمة بل احتفلوا بغيره أعظم من احتفالهم به صلى الله عليه وسلم فهل هذا دليل محبتهم وتوقيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فليتهم اذا ابتدعوا بدعة المولد أن يكونوا قد حرموها على غير رسـول الله صلى الله عليه وسلم وقصروها عليه لمنزلته ومكانته، ولكنهم ابتدعوه قنطرة يقفزون عليها لتعظيم أنفسهم واتباع أهوائهم، وجعل هذا مناسبة لترويج مذاهب بعينها وعقائد مخصوصة يعرفها من قرأ شيئا عن الفكر الصوفي والفكر الباطني..

عقيدة الأمة في الرسول غير عقيدة هؤلاء!
والحق أن عقيدة الأمة الإسلامية المهتدية في الرسول صلى الله عليه وسلم غير عقيدة هؤلاء المبتدعين.. فرسـول الله صلى الله عليه وسلم عند المسلم الحقيقي هو النبي والرسول الذي تجب طاعته قبل كل أحد وبعد كل أحد، ولا تجوز معصيته، والذي يجب محبته فوق كل أحد والذي لا دخول للجنة إلا بمحبته وطاعته واقتفاء أثره، وأنه النبي الخاتم الذي جاء بالتوحيد والإيمان والدين الصحيح الذي يعبد به الله وحده لا شريك له..
وأما أولئك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عندهم غير ذلك تماما فالرسول صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء هو أول من خلق الله من الهباء -في زعمهم- وهو المستوي على عرش الله، والذي من نوره هُوَ خلق العرش والكرسي والسموات والأرض، والملائكة والجن والإنس وسائر المخلوقات وهذه عقيدة ابن عربي (صاحب الفصوص والفتوحات المكية)، واقرأ في ذلك (الذهب الإبريز لعبد العزيز بن مبارك السجلماسي) وانظر كتابنا (الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة) باب: (الحقيقة المحمدية) (ص 151) وانظر فيه ما قاله محمد عبده البرهامي في كتابه (تبرئة الذمة في نصح الأمة)!!
والذي يدعي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لجبريل من يأتيك بالوحي يا جبريل؟ فقال جبريل تمتد يد من خلف الحجاب فتعطني الآيات فآتيك بها.. فكشف الرسول صلى الله عليه وسلم في زعمهم - عن يده وقال مثل هذه يا جبريل؟! فقال جبريل متعجبا : (منك وإليك يا محمد) فانظر هذه هي عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أنزل الوحي من السماء وتلقاه في الأرض.
وقـد فصَّل هذه العقيدة عبد الكريم الجيلي الصوفي الزنديق في كتابه (الإنسان الكامل).. فانظره إن شئت. فالرسول صلى الله عليه وسلم عندهم ليس هو الرسول عندنا بل هو عند أساطينهم ومحققيهم هو الله المستوي على العرش، وعند جهلائهم وأغبيائهم هو المخلوق من نور العرش، أو من نور الله وهؤلاء ربما يعتقدون أن الله موجود قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن العرش مخلوق قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.. ولكن أولئك (المحققين في زعمهم) يعتقدون أن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم سابق على وجود العرش بل وجود كل مخلوق لأنه أول (التعينات) أي أول من أصبح عيناً أي شيئاً معيناً ومن نوره تخلقت كل الخلائق بعد ذلك.
وأما المغفلون منهم فيقـول يا أول خلق الله ظانين أنه مخلوق قبل كل البشر فهو عندهم مخلوق قبل آدم نفسه وأولئك يقولون يا أول خلق الله على الأرض قبل العرش والكرسي والسموات والأرض والجنة والنار بل كل هذه في زعمهم خلقت من نور الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن هذا كفر وهذا كفر، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد خُلِق بشَراً كما يُخلق سائر البشر وكان خلقه في وقت تكونه نطفة فعلقة فمضغة.. ووليداً {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ} (الكهف:110)
ولا يخفى أيضاً أن هؤلاء المبتدعين لم يخطئوا فقط في حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم بل كذلك أخطئوا في إعطاء كل ما يجب لله أعطوه للرسول صلى الله عليه وسلم، من دعاء له واستغاثة به، وعبادة بكل معاني العبادة.
وهذه أمور لا يتسع المقام لذكرها.

والخلاصة: أننا يجب أن نفهم هـذا الأمر الذي يبدو صغيراً في أوله ولكنه عظيم جداً في نهايته فالاحتفال بالمولد: أوله بدعة وآخره كفر وزندقة.
والاختلاف فيه ليس كما يصوره الداعون إلى المولد أنهم ورَّاث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبابه يدافعون عن شرف النبي صلى الله عليه وسلم ويخاصمون من يتركون فضله ومنزلته، بل الأمر على العكس تماماً:
إن المنكرين للمولد منكـرون للبدعة، محبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريدون مخالفة أمره، والاستدراك عليه، متبعون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، والأئمة المهديين وأما أولئك فهم على سنة الزنادقة الإسماعيلية سائرون وببدعتهم وكفرهم معتقدون، فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون.
هذا والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة في العالمين إلى يوم الدين.









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 30 / 01 / 2010, 07 : 11 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.12 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 19
عدد المشاركات : 30,241
بمعدل : 5.12 يوميا
عدد المواضيع : 18039
عدد الردود : 12202
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
المورد في حكم المولد
للشيخ الإمام أبي حفص تاج الدين الفاكهاني رحمه الله . ت:734 هـ

الحمد لله الذي هدانا لا تباع سيد المرسلين ، وأيدنا بالهداية إلى دعائم الدين ، ويسر لنا اقتفاء آثار السلف الصالحين ، حتى امتلأت قلوبنا بأنوار علم الشرع وقواطع الحق المبين ، وطهر سرائرنا من حدث الحوادث والابتداع في الدين .
أحمده على ما منَّ به من أنوار اليقين ، وأشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، سيد الأولين والآخرين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين ، صلاة دائمة إلى يوم الدين .
أما بعد : فقد تكرر سؤال جماعة من المُباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ، ويسمونه : المولد : هل له أصل في الشرع ؟ أو هو بدعة وحدث في الدين ؟
وقصدوا الجواب عن ذلك مٌبيَّناً ، والإيضاح عنه معيناً .
فقلت وبالله التوفيق : لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بِدعة أحدثها البطالون ، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون ، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا :
إما أن يكون واجباً ، أو مندوباً ، أو مباحاً ، أو مكروهاً ، أو محرماً .
وهو ليس بواجب إجماعاً ، ولا مندوباً ؛ لأن حقيقة المندب : ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه ، وهذا لم يأذن فيه الشرع ، ولا فعله الصحابة ، ولا التابعون ولا العلماء المتدينون ـ فيما علمت ـ وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت .
ولا جائز أن يكون مباحاً ؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين .
فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً ، أو حراماً ، وحينئذٍ يكون الكلام فيه في فصلين ، والتفرقة بين حالين :
أحدهما : أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله ، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام ، ولا يقترفون شيئاً من الآثام : فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة ، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة ، الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام ، سُرُجُ الأزمنة وزَيْن الأمكنة .
والثاني : أن تدخله الجناية ، وتقوى به العناية ، حتى يُعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه ، وقلبه يؤلمه ويوجعه ؛ لما يجد من ألم الحيف ، وقد قال العلماء رحمهم الله تعالى : أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف ، لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء مع البطون الملأى بآلات الباطل ، من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد ، والنساء الغاتنات ، إما مختلطات بهم أو مشرفات ، والرقص بالتثني والانعطاف ، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف .
وكذا النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد ، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد ، غافلات عن قوله تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) ( سورة الفجر : 14 ) .
وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان ، ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان ، وإنما يَحِلُّ ذلك بنفوس موتى القلوب ، وغير المستقلين من الآثام والذنوب ، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات ، لا من الأمور المنكرات المحرمات ، فإن لله وإنا إليه راجعون ، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ .
ولله در شيخنا القشيري حيث يقول فيما أجازَناه :

قد عرف المنكر واستنكر الـ ـمعروف في أيامنا الصعبة
وصـار أهـل العلم في وهدةٍ وصار أهل الجهل في رتبة
حـادوا عن الحـق فما للذي سادوا به فيما مضى نسبة
فقلت للأبـرار أهـل التـقى والـدين لما اشتدت الكربة
لا تنكـروا أحوالكـم قد أتت نوبتكـم في زمن الغربـة

ولقد أحسن أبو عمرو بن العلاء حيث يقول : لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب ، هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو ربيع الأول ـ هو بعينه الشهر الذي توفي فيه ، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه .
وهذا ما علينا أن نقول ، ومن الله تعالى نرجو حسن القبول .

تم بحمد لله نقل رسالة " المورد في عمل المولد " .
أبو معاذ السلفي









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2010, 46 : 05 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
ابو قاسم الكبيسي
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ابو قاسم الكبيسي


البيانات
التسجيل: 29 / 12 / 2008
العضوية: 18488
المشاركات: 20,729 [+]
بمعدل : 3.72 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 2262
نقاط التقييم: 83
ابو قاسم الكبيسي will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو قاسم الكبيسي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
أللـهـم اغـفـر لـهم ولـوالـديـهم مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر..
وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار..
و أدخـلـهـم الـفـردوس الأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن ..
وإجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـابا فـي الـدنـيـا والآخـرة ..
ووالدينا ومن له حق علينا
ألــلـهــم آمـــــــيــــــــن. .









عرض البوم صور ابو قاسم الكبيسي   رد مع اقتباس
قديم 04 / 02 / 2010, 19 : 01 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
الفارس الاسلامي
اللقب:
عضو ملتقى مميز
الرتبة


البيانات
التسجيل: 01 / 04 / 2009
العضوية: 23798
المشاركات: 169 [+]
بمعدل : 0.03 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 199
نقاط التقييم: 12
الفارس الاسلامي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الفارس الاسلامي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله فيك اخي الكريم

موضوع جدا رائع واتى في وقته خاصة ونحن مقبلين على الاحتفال بهذه البدع . نسال الله ان نضع ايدينا بايدي بعض لمحاربة هذه البدع .









عرض البوم صور الفارس الاسلامي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018