ابو عبدالله عبدالرحيم
02 / 04 / 2016, 36 : 03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:
الجزء السادس عشر من السلسله الضعيفة للامام الالباني
846 - " إن الله تعالى فضل المرسلين على المقربين ، فلما بلغت السماء السابعة لقيني
مالك من نور ، على سرير من نور ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فأوحى الله
إليه : يسلم عليك صفيي و نبيي فلم تقم إليه ، و عزتي و جلالي لتقومن فلا تقعدن
إلى يوم القيامة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 242 ) :
موضوع . رواه الخطيب في " تاريخه " ( 3 / 306 - 307 ) عن محمد بن مسلمة
الواسطي حدثنا يزيد بن هارون : حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس
مرفوعا . و قال : " هذا الحديث باطل موضوع ، رجال إسناده كلهم ثقات سوى محمد بن
مسلمة ، رأيت هبة الله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة ، و سمعت الحسن بن
محمد الخلال يقول : محمد بن مسلمة ضعيف جدا " . و الحديث أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1 / 292 ) من طريق الخطيب ، و احتج بكلامه المذكور في وضعه ، و
أقره الذهبي في " الميزان " و كذا السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 274 - 275 ) .
و مع ذلك فقد أورد في كتابه " الجامع الصغير " حديثا آخر للواسطي هذا ، فوجب
بيانه و هو : " إياك و قرين السوء فإنك به تعرف " .
(2/345)
847 - " إياك و قرين السوء فإنك به تعرف " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 242 ) :
موضوع . رواه سليم بن أيوب الفقيه في جزئه " عوالي مالك " و هو آخر حديث
فيه < و أخرجه > بإسناده عن طريق مالك - عن محمد بن مسلمة الواسطي : حدثنا موسى
الطويل عن أنس مرفوعا . و من طريق سليم هذا رواه ابن عساكر في " التاريخ "
( 4 / 333 / 1 ) و كذا في " التجريد " ( 4 / 21 / 2 ) و في المجلس الثالث و
الخمسين من " الأمالي " ( 46 / 1 ) و قال : " هذا حديث سباعي غريب " . قلت : و
إسناده موضوع آفته إما محمد بن مسلمة الواسطي فإنه متهم بالوضع كما سبق في
الحديث الذي قبله . و إما شيخه موسى الطويل و هو ابن عبد الله ، فقال ابن حبان
( 2 / 242 ) : " روى عن أنس أشياء موضوعة ، كان يضعها ، أو وضعت له فحدث بها "
. و قال أبو نعيم : " روى عن أنس المناكير ، لا شيء " . و الحديث مما سود به
السيوطي " الجامع الصغير " ! فأورده فيه من رواية ابن عساكر وحده . و بيض له
المناوي فلم يتكلم عليه بشيء ! و بهذا الإسناد الحديث الآتي : " من أذن سنة على
نية صادقة ، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأوقف على باب بالجنة فقيل له
: اشفع لمن شئت " .
(2/346)
848 - " من أذن سنة على نية صادقة ، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأوقف على
باب بالجنة فقيل له : اشفع لمن شئت " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 243 ) :
موضوع . رواه ابن شاهين في " رباعياته " ( 176 / 1 ) و تمام ( 147 / 1 ) و
ابن عساكر ( 5 / 2 / 2 ) عن محمد بن مسلمة الواسطي : حدثنا موسى الطويل : حدثنا
مولاي أنس بن مالك مرفوعا . و هذا موضوع كما عرفت مما سبق بيانه في الحديث
السابق ، و من العجائب أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الصغير " من رواية
ابن عساكر وحده عن أنس ، مع أنه أورده أيضا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص
104 ) من رواية ابن النجار عن محمد بن مسلمة هذا به و قال : " قال ابن حبان
: موسى روى عن أنس موضوعات " . و أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة ( 256 / 1
) . و لما أورده في " الجامع الصغير " تعقبه المناوي بقوله : " قال ابن الجوزي
: حديث لا يصح ، فيه موسى الطويل كذاب ، قال ابن حبان : زعم أنه رأى أنسا ، و
روى عنه أشياء موضوعة ، و محمد بن مسلمة غاية في الضعف " .
(2/347)
849 - " من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 243 ) :
موضوع . رواه الخطيب البغدادي في " الموضح " ( 2 / 186 ) عن أبي قيس
الدمشقي عن عبادة بن نسي عن أبي مريم السكوني عن ثوبان مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم مرفوعا . و قال : " أبو قيس هذا هو محمد بن عبد الرحمن القرشي "
و ذكر له أسماء و كنى كثيرة جدا ، ثم روى عن ابن نمير أنه ذكر له رواية
الكوفيين عن محمد بن سعيد الذي يقال له : ابن أبي قيس ، فقال : لم يعرفوه ،
إنما العيب على من روى عنه من أهل الشام بعد المعرفة ، من يروي عن هذا العدو
لله ؟! <1> كذاب يضع الحديث ، صلب في الزندقة ، و لقد حدث الناس ، قبحه الله !
و قال ابن سعيد : سمعت عبد الله بن أحمد بن سوادة أبا طالب يقول : قلب أهل
الشام اسم محمد بن سعيد الزنديق على مائة اسم و كذا و كذا اسما ، قد جمعتهن في
كتاب ، و هو الذي أفسد كثيرا من حديثهم " . و هذه فائدة هامة من كلام الحافظ
الخطيب أن أبا قيس هذا هو محمد بن سعيد المصلوب ، و بذلك جزم ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 436 ) ، و كأن الذهبي لم يقف على كلامه حيث قال في
الكنى من " الميزان " : " أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي ، أظنه المصلوب ،
هالك " . و أما الحافظ فجزم في " الكنى " من " التهذيب " و " التقريب " أنه
المصلوب ، و خفي هذا كله على السيوطي و بعضه على المناوي ، فأما الأول فقد أورد
الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي عن ثوبان و فيها أبو قيس كما
سيأتي ، فلو كان يظن على الأقل أنه محمد بن سعيد الكذاب لما استجاز إن شاء الله
أن يرويه له ، لعلمه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حدث عني بحديث و هو
يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " . و أما المناوي فقال في شرحه على الجامع " : "
و فيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي ، أورده الذهبي في " الضعفاء و
المتروكين " فقال : كأنه المصلوب ، متهم " . فوقف المناوي عند ظن الذهبي ، و هو
المصلوب يقينا كما سبق . و اعلم أن العلماء مطبقون على تكذيب هذا المصلوب ،
فقال أحمد : " حديثه حديث موضوع " . و قال : " عمدا كان يضع " . و قال ابن حبان
( 2 / 247 ) : " كان يضع الحديث على الثقات ، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح
فيه " . و قال أبو أحمد الحاكم : " كان يضع الحديث ، صلب على الزندقة " . و قال
ابن الجوزي ( 1 / 47 ) : " و الوضاعون خلق كثير فمن كبارهم وهب بن وهب القاضي ،
و محمد بن السائب الكلبي ، و محمد بن سعيد الشامي المصلوب ... " . و حكاه
السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 473 ) و أقره . ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي في
" ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب من " الكامل " ( ق 291 / 1 ) بسنده
عنه عن عبادة بن نسي به و قال : " عامة ما يرويه لا يتابع عليه " . و أما أبو
مريم السكوني فأورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 436 ) و
ساق له هذا الحديث و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و ذكر الحافظ في " الإصابة
" في ترجمة أبي مريم الفلسطيني : " و أبو مريم السكوني ، آخر ، تابعي معروف
، يروي عن ثوبان ، و عنه عبادة بن نسي ، ذكره البخاري و غيره " . و هكذا ذكره
ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 273 ) ، فيبدو أنه مجهول الحال . و قد وجدت
للحديث طريقا أخرى عن أبي مريم ، رواه ابن عساكر ( 15 / 286 / 1 ) عن محمد بن
عبد الله بن نمران الذماري : أخبرنا أبو عمرو العنسي عن أبي مريم مولى السكوني
أنه سمع ثوبان به . و قال : " أبو عمرو هو شراحيل بن عمرو العنسي " . قلت : و
هو ضعيف جدا ، و كذا الراوي عنه ابن نمران ، فقد روى ابن عساكر بسنده عن محمد
بن عوف الحمصي الحافظ أنه ضعفهما جدا ، و عن أبي زرعة أنه قال في ابن نمران :
" منكر الحديث لا يكتب حديثه " و عن الدارقطني : " ضعيف " . و قال ابن أبي حاتم
( 4 / 2 / 307 ) : " سألت أبي عنه فقال : هو ضعيف الحديث جدا " .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل ( والله ) ، و التصويب من " التهذيب " . اهـ .
(2/348)
850 - " من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 245 ) :
ضعيف جدا . رواه الترمذي ( 1 / 267 - 206 طبع حمص ) و ابن ماجه ( 1 / رقم
727 ) و الطبراني ( 3 / 109 / 2 ) و ابن السماك في " التاسع من الفوائد " ( 3 /
1 ) و ابن بشران في " الأمالي الفوائد " ( 2 / 125 / 1 ) و الخطيب في " تاريخه
" ، ( 1 / 247 ) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . و قال
الترمذي : " حديث غريب " . يعني ضعيف ، و قال العقيلي في " الضعفاء " : ( ص 155
) : " و في إسناده لين " . و قال البغوي في " شرح السنة " ( 1 / 58 / 1 ) : " و
إسناده ضعيف " . و أشار المنذري في " الترغيب " ( 1 / 111 ) لتضعيفه . قلت : و
علته جابر هذا ، و هو ابن يزيد الجعفي ، و هو ضعيف بل كذبه بعض الأئمة ، و كان
رافضيا يؤمن أن عليا لم يمت ، و أنه في السحاب و سيرجع ! و رواه ابن عدي ( 99 /
2 ) عن محمد بن الفضل عن مقاتل بن حيان و حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر
مرفوعا . قلت : و محمد بن الفضل ، هو ابن عطية كذاب .
(2/349)
851 - " من أذن خمس صلوات إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، و من أم أصحابه
خمس صلوات إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 245 ) :
ضعيف . رواه رزق الله التميمي الحنبلي في جزء من " أحاديثه " ( 2 / 1 ) و
الأصبهاني في " الترغيب " ( 40 / 1 ) الجملة الأولى فقط ، عن إبراهيم بن رستم
قال : أنبأ حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا
. و من هذا الوجه رواه البيهقي في " سننه " ( 1 / 433 ) إلا أنه جمع الجملتين
في جملة واحدة فقال : " من أذن خمس صلوات و أمهم ..... " الحديث و قال : " لا
أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم " . قلت : و هو ضعيف ، و محله الصدق و له
حديث آخر في فضل المؤذن المحتسب يأتي بعد هذا ، و اعلم أنه لم يأت حديث صحيح في
فضل المؤذن يؤذن سنين معينة ، إلا حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : " من أذن اثنتي
عشرة سنة وجبت له الجنة ، و كتب له بكل أذان ستون حسنة ، و بكل إقامة ثلاثون
حسنة " . رواه الحاكم بإسنادين ، و صححه ، و وافقه الذهبي و هو كما قالا ، فإن
أحد إسناديه صحيح ، كما بينته في " الصحيحة " ( 42 ) .
(2/350)
852 - " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه ، يتمنى على الله ما يشتهي بين الأذان
و الإقامة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 246 ) :
ضعيف . رواه الطبراني في " الأوسط " ( 25 / 2 مجمع البحرين في زوائد
المعجمين ) عن إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن
جبير عن ابن عمر مرفوعا . و من هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في " الأمالي
القديمة " ( 1 / 172 / 1 ) . قلت : و هذا سند ضعيف من أجل قيس بن الربيع و
إبراهيم بن رستم و هو الخراساني ، و كلاهما ضعيف ، و قد تفرد به عن قيس كما قال
الحاكم على ما في " اللسان " . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 /
111 ) و الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 3 ) من حديث عبد الله بن عمرو
مرفوعا بلفظ : " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه ، إذا مات لم يدود في
قبره " . و قالا : " رواه الطبراني في " الكبير " . قال الهيثمي : " و فيه
إبراهيم بن رستم و هو مختلف في الاحتجاج به ، و فيه من لم نعرف ترجمته " . قلت
: و هو في " المعجم الكبير " أيضا من طريق أخرى عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن
عمر بأتم منه و هو : " المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرغ من أذانه
، و يشهد له كل رطب و يابس ، و إذا مات لم يدود في قبره " .
(2/351)
853 - " المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرغ من أذانه ، و يشهد له كل رطب و
يابس ، و إذا مات لم يدود في قبره " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 246 ) :
ضعيف جدا . رواه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 205 / 2 ) : حدثنا أحمد بن
الجعد الوشا : أخبرنا محمد بن بكار : أخبرنا محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن
مجاهد عن ابن عمر مرفوعا . و رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 113
) عن محمد بن عبسى العطار : حدثنا محمد بن الفضل بن عطية بن سالم الأفطس به .
قلت : و هذا سناد ضعيف بمرة ، آفته محمد بن الفضل بن عطية ، و هو كذاب ، و قال
الهيثمي ( 2 / 3 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه محمد بن الفضل
القسطاني و لم أجد من ذكره " . قلت : لم يقع في نسختنا من المعجم الكبير " : (
القسطاني ) ، و هي نسخة جيدة ، عليها سماعات كثيرة ، لعلماء مشهورين ، منهم
الضياء المقدسي ، إلا أن يكون وقع ذلك في مكان آخر من " المعجم " ، و محمد بن
الفضل هذا هو ابن عطية كما سبق ، و الدليل على ذلك أمور : 1 - أن الخطيب ذكر (
3 / 147 ) في الرواة عنه محمد بن بكار بن الريان ، و هذا الحديث من روايته عنه
كما ترى . 2 - أن أبا نعيم صرح بأنه ابن عطية في روايته ، و هي و أن كان فيها
محمد بن عيسى العطار و هو ابن حبان المدائني ضعيف ، فهي في الشواهد لا بأس بها
. 3 - قال الذهبي في " الميزان : " محمد بن بكار ، روى عن محمد بن الفضل بن
عطية عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه : " الحج جهاد ، و
العمرة تطوع " . قال ابن حزم : ابن بكار و ابن الفضل مجهولان . قلت : أما ابن
بكار فصحيح أنه مجهول ، و أما ابن الفضل فتكلم فيه أحمد و .... و هو ضعيف متروك
بالإجماع " . قلت : فهذا يدل على أن ابن الفضل معروف بالرواية عن سالم الأفطس
، و قد خفي على الذهبي أن ابن بكار هذا هو ابن الريان و ليس مجهولا ، بل هو ثقة
من رجال مسلم في " صحيحه " . هذا و أما محمد بن الفضل القسطاني فهو راو آخر غير
ابن عطية ، و هو متأخر عنه . قال ابن أبي حاتم : " كتبت عنه و هو صدوق " . و له
ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 3 / 152 - 153 ) . ( تنبيه ) : الجملة الثانية من
الحديث " و يشهد له كل رطب و يابس " صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ، جاءت
من حديث ابن عمر و أبي هريرة و غيرهما . انظر " الترغيب " .
(2/352)
854 - " اللهم ارحم خلفائي الذين يأتون بعدي ، يروون أحاديثي و سنتي ، و يعلمونها
الناس " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 247 ) :
باطل . رواه الرامهرمزي في " الفاصل " ( ص 5 ) و أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 1 / 81 ) و الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " ( 1 / 36 / 1 ) و الهروي
في " ذم الكلام " ( 4 / 82 / 2 ) و كذا القاضي عياض في " الإلماع " ( 3 / 4 ) و
عبد الغني المقدسي في " كتاب العلم " ( 50 / 2 ) و الضياء في " المنتقى من
مسموعاته بمرو " ( 74 / 1 ) و محمد بن طولون في " الأربعين " ( 5 / 1 ) كلهم من
طريق أحمد بن عيسى بن عبد الله الحواني : حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : سمعت علي بن أبي طالب يقول : خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره . و من هذا الوجه رواه الطبراني في
" الأوسط " كما في " المجمع " ( 1 / 126 ) ، و أورده أبو نعيم في ترجمة أحمد بن
عيسى هذا و قال : " توفي بأصبهان في خلافة الرشيد " ، و لم يذكر فيه جرحا ، و
هذا عجب فقد قال الدارقطني فيه " كذاب " . كما في " الميزان " للذهبي . و ساق
له هذا الحديث ، و قال : " و هذا باطل " . و أقره الحافظ ابن حجر في " اللسان "
، و مع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " . و تعقبه المناوي بما
نقلناه عن الدارقطني و الذهبي و أتبع ذلك بقوله : " فكان ينبغي حذفه من الكتاب
" . و ذكر المناوي أن مخرجه الطبراني قال : " تفرد به أحمد بن عيسى هذا " . قلت
: و فيه نظر ، فقد قال الخطيب : و أخبرني علي بن أبي علي البصري قال : حدثنا
أبو العباس عبيد الله بن الحسن بن جعفر بن أبي موسى القاضي الموصلي ، قال :
حدثنا سعيد بن علي بن الخليل قال : حدثنا عبد السلام بن عبيد : قال ابن أبي
فديك به . و من طريق الخطيب رواه الكازروني في " المسلسلات " ( 99 / 2 ) . لكن
عبد السلام هذا قال الدارقطني : " ليس بشيء " و قال الأزدي : " لا يكتب حديثه "
و قال ابن حبان ( 2 / 144 ) : " كان يسرق الحديث و يروي الموضوعات " . قلت :
فالظاهر أن هذا الحديث مما سرقه من أحمد بن عيسى ! و للحديث طرق أخرى : 2 -
أخرجه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 49 / 2 ) و عفيف الدين في "
فضل العلم " ( 124 / 2 ) عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي : حدثني أبي
: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا ..... قلت : فساق إسناده عن آبائه من أهل
البيت إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم . و عبد الله هذا متهم بالوضع
، له بهذا السند نسخة موضوعة باطلة ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه ، كما قال
الذهبي . 3 - أخرجه السلفي في " الطيوريات " ( 34 / 1 ) عن إبراهيم بن ميمون
: أخبرنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا . و آفة هذه الطريق
عيسى بن عبد الله و هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، قال ابن حبان ( 2
/ 119 ) : " يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة " . 4 - أخرجه ابن بطة في
" الإبانة " ( 1 / 129 / 2 ) و ابن عساكر ( 14 / 347 / 2 ) عن عبيد بن هشام
الحلبي قال : حدثنا ابن أبي فديك عن عمر بن كثير عن الحسن رفعه نحوه . و هذا مع
إرساله واه ، عبيد بن هشام هذا قال أبو داود : " ثقة إلا أنه تغير في آخر أمره
، لقن أحاديث ليس لها أصل " . قلت : فالظاهر أن هذا الحديث من جملة ما لقنوه
فتلقنه ! 5 - أخرجه أبو نعيم و غيره بسند موضوع عن علي بلفظ آخر و هو : " ألا
أدلكم على الخلفاء مني و من أصحابي و من الأنبياء قبلي ؟ هم حفظة القرآن و
الأحاديث عني و عنهم ، في الله و لله " .
(2/353)
855 - " ألا أدلكم على الخلفاء مني و من أصحابي و من الأنبياء قبلي ؟ هم حفظة القرآن
و الأحاديث عني و عنهم ، في الله و لله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 249 ) :
موضوع . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 134 ) و الخطيب في " شرف
أصحاب النبي " ( 1 / 36 / 1 ) عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي
مرفوعا . قلت : و هذا إسناد موضوع آفته عبد الغفور هذا و هو أبو الصباح
الأنصاري الواسطي قال ابن معين : " ليس حديثه بشيء " . و قال ابن حبان ( 2 /
141 ) : " كان ممن يضع الحديث على الثقات ، كعب و غيره ، لا يحل كتابة حديثه و
لا ذكره إلا على جهة التعجب " .
(2/354)
856 - " طلب الحق غربة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 249 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر في " التاريخ " ( 5 / 161 / 1 - 2 ) في ترجمة حمزة
بن محمد بن عبد الله الجعفري الطوسي الصوفي : أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن
أحمد الهاشمي الصوفي : أخبرنا أحمد بن منصور بن يوسف الواعظ الصوفي قال : سمعت
أبا محمد بن جعفر بن محمد الصوفي يقول : سمعت الجنيد بن محمد الصوفي يقول
: سمعت السري بن المغلس السقطي الصوفي ، عن معروف الكرخي الصوفي ، عن جعفر بن
محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب مرفوعا . قلت : و هذا إسناد
مظلم مسلسل بالصوفية ، و غالبهم غير معروفين ، و منهم حمزة هذا فإن ابن عساكر
لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و قد قال الذهبي في " الميزان " : " علان بن
زيد الصوفي ، لعله واضع هذا الحديث الذي في " منازل السائرين " فقال : سمعت
الخلدي : سمعت الجنيد : سمعت السري عن معروف ....... ( قلت : فذكره ) رواه عنه
عبد الواحد بن أحمد الهاشمي ، و لا أعرف الآخر " . و أقره الحافظ في " اللسان "
و المناوي في " الفيض " . قلت : و أنت ترى أنه ليس في إسناد الحديث عند ابن
عساكر " علان بن زيد " ، فلعله سقط من قلم أحد النساخ . و الله أعلم .
(2/355)
857 - " من حبس طعاما أربعين يوما ، ثم أخرجه فطحنه و خبزه و تصدق به لم يقبله الله
منه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 250 ) :
موضوع . رواه ابن عدي ( ق 130 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 8 / 382 ) و
ابن عساكر ( 7 / 55 - 56 ) من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية قال : سمعت
دينارا أبا مكيس يقول : خدمت أنس ثلاث سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، قال : فذكره . قلت : و هذا موضوع آفته دينار هذا ، قال الذهبي :
" حدث في حدود الأربعين و مائتين بوقاحة عن أنس بن مالك ! تالف متهم ، قال ابن
حبان : يروي عن أنس أشياء موضوعة " . ثم ساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها . ثم
قال : " قال القناص : أحفظ عن دينار مائتين و خمسين حديثا " . قال الذهبي :
" قلت : إن كان من هذا الضرب ، فيقدر أن يروي عنه عشرين ألفا كلها كذب ! " . و
قال الحاكم : " روى عن أنس قريبا من مائة حديث موضوع " . قلت : و لذلك أورد ابن
الجوزي حديثه هذا في " الموضوعات " و قال ( 2 / 244 ) : " لا يصح دينار روى عنه
أشياء موضوعة " . و تعقبه السيوطي في " اللآلي " ( 2 / 146 - 147 ) بأنه ورد من
حديث معاذ و علي . قلت : و هذا لا شيء ، فإن فيهما من هو متهم ، و لابد من
بيانهما . أما حديث معاذ فهو : " من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما و تصدق
به لم يقبل منه " .
(2/356)
858 - " من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما و تصدق به لم يقبل منه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 250 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 5 / 346 / 2 ) عن خلاد بن محمد بن هانيء بن واقد
الأسدي : حدثني أبي : أخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الطيالسي ( ! ) أخبرنا
خصيف عن سعيد بن جبير عن معاذ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره . قلت : كذا الأصل ( الطيالسي ) و قال ابن عساكر الصواب :
( البالسي ) . قلت : و هو متهم ، قال الذهبي : " اتهمه الإمام أحمد " . و قال
ابن حبان ( 2 / 132 ) : " كتبنا عن عمر بن سنان عن إسحاق بن خالد البالسي عنه
نسخة شيبها بمائة حديث مقلوبة ، منها ما لا أصل له ، و منها ما هو ملزق بإنسان
ليس يروي ذلك الحديث بتة ، لا يحل الاحتجاج به بحال " . و قال النسائي و غيره :
" ليس بثقة ، و ضرب أحمد على حديثه " . قلت : فالعجب من السيوطي كيف يتعقب ابن
الجوزي في الحديث السابق بمثل هذا الحديث الذي ضرب عليه الإمام أحمد ، و راويه
متهم . مع أنه يعلم أن مثله لا يفيد في الشواهد ، و إنما يفيد فيها الراوي
الصدوق الذي ضعف من قبله حفظه كما قرره هو في " التقريب شرح التدريب " . و محمد
بن هانيء لم أجد له ترجمة . و ابنه خلاد ترجمه ابن عساكر و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا . فهذا هو الشاهد الأول الذي استشهد به السيوطي في " اللآليء "
للحديث الذي قبله و قد عرفت وضعه ، و أما الشاهد الآخر فهو : " من احتكر طعاما
أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة " .
(2/357)
859 - " من احتكر طعاما أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 351 ) :
موضوع . رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن مروان السدي عن
يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن علي رفعه . قلت : و محمد بن مروان كذاب كما
قال ابن نمير و غيره ، و أشار إلى ذلك البخاري بقوله : " سكتوا عنه " . و قال
ابن معين : " ليس بثقة " . و قال ابن حبان ( 2 / 281 ) : " كان محمد يروي
الموضوعات عن الأثبات " . قلت : و هذا الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " مع
الحديث الذي قبله شاهدا للحديث الذي قبلهما ، و قد علمت من الحديث الذي قبله أن
مثله لا ينفع في الشواهد ، لشدة ضعفه . على أن هذا الحديث لو ثبت لا يصلح شاهدا
، لأنه يقول : " لم يكن له كفارة " . و ذاك يقول : " لم يقبله الله منه " و فرق
واضح بين الأمرين ، فإنه لا يلزم من عدم صلاحية العمل ليكون كفارة لجرم أو ذنب
أن لا يقبل منه مطلقا ، بل قد يقبل و يثاب عليه صاحبه و مع ذلك لا يصلح أن يكون
كفارة لذلك الذنب . و هذا بين إن شاء الله تعالى . و لما سبق من حال السدي و
البالسي راوي الحديث الذي قبله تعقب ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 193
)السيوطي في استشهاده بالحديثين بقوله : " إنهما لا يصلحان شاهدين " .
(2/358)
860 - " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين ، و وقر صغيرهم كبيرهم ، و رزقهم
الرفق في معيشتهم ، و القصد في نفقاتهم ، و بصرهم عيوبهم فيتوبوا منها ، و إذا
أراد الله بهم غير ذلك تركهم هملا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 251 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 6 / 111 / 2 ) من طريق الدارقطني بسنده عن موسى
بن محمد بن عطاء : أخبرنا المنكدر بن محمد عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا .
و قال الدارقطني : " غريب من حديث ابن المنكدر عن أنس ، تفرد به ابنه المنكدر
عنه ، و لم يروه عنه غير موسى بن محمد بن عطاء " . قلت : و هو الدمياطي
البلقاوي ، و كان يضع الحديث كما قال ابن حبان و غيره ، و ساق له الذهبي أحاديث
قال في أحدها : " هذا موضوع " . و في غيره : " و هذا باطل " . و في ثالث : " و
هذا كذب " ! قلت : فالعجب من السيوطي كيف سود " الجامع الصغير " بهذا الحديث !
و قد عزاه للدارقطني في " الأفراد " ! و أخرجه الخطيب في " الفقيه و المتفقه "
( 3 / 2 ) عن الفضل بن محمد العطار : أخبرنا سليم بن منصور بن عمار : أخبرنا
أبي : أخبرنا المنكدر بن محمد به ، دون قوله : " و بعدهم ...... " ، فهذه
متابعة لموسى بن محمد بن عطاء من منصور بن عمار ، و هذا مع كونه مضعفا فالسند
إليه هالك ، فإن الفضل هذا قال الدارقطني : " يضع الحديث " . و قال ابن عدي : "
يسرق الحديث " . فالظاهر أنه مما سرقه من ابن عطاء .
(2/359)
861 - " ضع القلم على أذنك ، فإنه أذكر للمملي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 252 ) :
موضوع . رواه الترمذي ( 3 / 391 ) و ابن حبان في " المجروحين " ( 2 / 169 )
و ابن عدي ( 232 / 2 ) و ابن عساكر ( 16 / 19 / 1 ) عن عنبسة عن محمد بن زاذان
عن أم سعد عن زيد بن ثابت قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم و
بين يديه كاتب ، فسمعته يقول : فذكره و قال : " إسناده ضعيف و عنبسة و محمد
ضعيفان " . قلت : و الأول شر من الآخر ، و هو عنبسة بن عبد الرحمن الأموي ، قال
أبو حاتم : " كان يضع الحديث " . و قال ابن حبان : " هو صاحب أشياء موضوعة ، لا
يحل الاحتجاج به " . و أشار البخاري إلى اتهامه فقال : " تركوه " . و قال
النسائي : " متروك " . قلت : و لهذا أورد ابن الجوزي الحديث في " الموضوعات " (
1 / 259 ) من رواية الترمذي هذه ثم قال : " لا يصح ، عنبسة متروك ، و قال أبو
حاتم الرازي : كان يضع الحديث " . و تعقبه السيوطي بأنه ورد من حديث أنس . ثم
ساقه من طريقين فيهما متهمان كما سيأتي عقب هذا ، فلا يصلح الاستشهاد بهما كما
هو مقرر في محله من علم المصطلح . و من الغرائب قول المناوي : " و زعم ابن
الجوزي وضعه ، و رده ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر ، و وروده
بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع " . قلت : كيف هذا و في السند الأول من كان يضع
الحديث كما عرفت ، و في الآخر مثله كما يأتي . و لهذا لم يصب السيوطي في تعقبه
على ابن الجوزي ، كما لم يحسن صنعا في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "
!
(2/360)
862 - " إذا كتبت فضع قلمك على أذنك ، فإنه أذكر لك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 253 ) :
موضوع . رواه الديلمي ( 1 / 1 / 146 ) و ابن عساكر ( 8 / 251 / 2 ) عن عمرو
بن الأزهر عن حميد عن أنس مرفوعا . قلت : و هذا موضوع آفته عمرو هذا كذبه
ابن معين و غيره ، و قال أحمد : " كان يضع الحديث " . و كذا قال ابن حبان ( 2 /
78 ) . ثم وجدت للحديث طرقا أخرى عن أنس . 1 - قال أبو نعيم " في أخبار أصبهان
" ( 2 / 337 ) : حدثنا أحمد بن إسحاق : حدثنا أحمد بن سمير بن نصر : حدثنا أبو
عبد الرحمن الراعي : حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف : حدثنا إبراهيم بن زكريا
: حدثني عثمان بن عمرو بن عثمان البصري عنه مرفوعا به . و رواه الديلمي كما في
" اللآليء " ( 1 / 216 ) من طريق أخرى عن إبراهيم بن محمد القرشي عن إبراهيم بن
زكريا الواسطي عن عمرو بن أبي زهير عن حميد عن أنس به . كذا وقع فيها " عمرو بن
أبي زهير عن حميد " فلا أدري هل هو تحريف من بعض النساخ أو هكذا هو في رواية
الديلمي ، و أيا ما كان فمدار هذا الطريق على إبراهيم بن زكريا الواسطي و قد
قال فيه ابن حبان ( 1 / 102 ) : " يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة " . و قال :
" يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، إن لم يكن المتعمد لها فهو المدلس
عن الكذابين " . و ضعفه غيره أيضا . و شيخه عمرو ، أو عثمان بن عمرو و لم أعرفه
. و مثله إبراهيم بن محمد القرشي . و رواه تمام ( 29 / 102 / 1 رقم 2427 ) عن
عثمان بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن محمد عن حميد عن أنس مرفوعا . و عثمان هذا
هو القرشي الوقاصي و هو كذاب كما سبق مرارا . 2 - رواه الباطرقاني في " مجلس من
الأمالي " ( 266 / 2 ) عن إسماعيل بن عمرو البلخي حدثنا عثمان البري عن ابن
غنام عن أنس به . قلت : و عثمان هذا هو ابن مقسم قال ابن معين : " هو من
المعروفين بالكذب و وضع الحديث " . و الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع
الصغير " فأورده فيه من رواية ابن عساكر هذه ! و بيض لها المناوي فلم يتكلم
عليه بشيء !
(2/361)
863 - " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من الأموات ، فإن كان خيرا استبشروا
به ، و إن كان غير ذلك قالوا : اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 254 ) :
ضعيف . أخرجه أحمد ( 3 / 64 - 165 ) من طريق سفيان عمن سمع أنس بن مالك
يقول : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين سفيان ، و أنس
، و بقية الرجال ثقات . و الحديث عزاه الأستاذ سيد سابق في " فقه السنة " ( 4 /
60 ) لأحمد و الترمذي ، فأخطأ من وجهين : الأول : أنه سكت عليه ، و لم يبين
علته ، فأوهم صحته . الثاني : أنه عزاه للترمذي و هذا خطأ فليس في " سنن
الترمذي " و لا عزاه السيوطي في " الفتح الكبير " إلا لأحمد فقط ، و كذا فعل
الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 328 - 329 ) ، و لو كان في الترمذي لما
أورده فيه كما هو شرطه . و له شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري و لكنه ضعيف جدا
، و هو الحديث الآتي : " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده
كما يتلقون البشير من الدنيا ، فيقولون : أنظروا صاحبكم يستريح ، فإنه قد كان
في كرب شديد ، ثم يسألونه ماذا فعل فلان ؟ و ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا
سألوه عن الرجل قد مات قبل فيقول : أيهات <1> قد مات ذلك قبلي ! فيقولون : إنا
لله و إنا إليه راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم و بئست المربية .
و قال : و إن أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من أهل الآخرة ، فإن كان خيرا
فرحوا و استبشروا ، و قالوا : اللهم هذا فضلك و رحمتك ، و أتمم نعمتك عليه و
أمته عليها ، و يعرض عليهم عمل المسيء فيقولون : اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى
به عنه و تقربه إليك " .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل ، و في " المجمع " : " هيهات " و المعنى واحد . قال ابن الأثير
: و هي كلمة تبعيد مبنية على الفتح ، و ناس يكسرونها ، و قد تبدل الهاء همزة
فيقال : ( أيهات ) . اهـ .
(2/362)
864 - " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده كما يتلقون البشير من
الدنيا ، فيقولون : أنظروا صاحبكم يستريح ، فإنه قد كان في كرب شديد ، ثم
يسألونه ماذا فعل فلان ؟ و ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا سألوه عن الرجل قد
مات قبل فيقول : أيهات <1> قد مات ذلك قبلي ! فيقولون : إنا لله و إنا إليه
راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم و بئست المربية . و قال : و إن
أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من أهل الآخرة ، فإن كان خيرا فرحوا و
استبشروا ، و قالوا : اللهم هذا فضلك و رحمتك ، و أتمم نعمتك عليه و أمته عليها
، و يعرض عليهم عمل المسيء فيقولون : اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به عنه و
تقربه إليك " .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل ، و في " المجمع " : " هيهات " و المعنى واحد . قال ابن الأثير
: و هي كلمة تبعيد مبنية على الفتح ، و ناس يكسرونها ، و قد تبدل الهاء همزة
فيقال : ( أيهات ) . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 254 ) :
ضعيف جدا . رواه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 194 / 2 ) و في " الأوسط " (
1 / 72 / 1 - 2 من الجمع بينه و بين الصغير ) و عنه عبد الغني المقدسي في "
السنن " ( 198 / 1 ) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبد الرحمن بن
سلامة عن أبي رهم السماعي عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا ، و قال الطبراني
: " لم يروه عن مكحول إلا زيد و هشام تفرد به مسلمة " . قلت : و هو متهم قال
الحاكم : " روى عن الأوزاعي و الزبيدي المناكير و الموضوع " . و الحديث قال
الهيثمي ( 2 / 327 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و فيه
مسلمة بن علي ، و هو ضعيف " . قلت : و رواه سلام الطويل عن ثور بن يزيد عن خالد
بن معدان عن أبي رهم به . ذكره ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 336 ) في ترجمة
سلام الطويل ، و قال : " روى عن الثقات الموضوعات " . و النصف الأول من الحديث
له طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سلامة ، بلفظ " إن نفس المؤمن إذا مات ..... " و
سندها ضعيف أيضا ، فيها محمد بن إسماعيل بن عياش ، قال أبو داود : " ليس بذاك "
. و قال أبو حاتم : " لم يسمع من أبيه شيئا " .
(2/363)
865 - " يجلسني على العرش " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 255 ) :
باطل . ذكره الذهبي في " العلو " ( 55 طبع الأنصار ) من طريقين عن أحمد بن
يونس عن سلمة الأحمر عن أشعث بن طليق عن عبد الله بن مسعود قال : بينا أنا
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ عليه حتى بلغت *( عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا )* قال : فذكره . و قال الذهبي : " هذا حديث منكر لا يفرح به ، و
سلمة هذا متروك الحديث ، و أشعث لم يلحق ابن مسعود " . قلت : قد وجدت له طريقا
أخرى موصولا عن ابن مسعود مرفوعا نحوه ، و لا يصح أيضا كما سيأتي بيانه برقم (
5160 ) إن شاء الله تعالى . ثم ذكره الذهبي نحوه عن عبد الله بن سلام موقوفا
عليه و قال : " هذا موقوف و لا يثبت إسناده ، و إنما هذا شيء قاله مجاهد كما
سيأتي " . ثم رواه ( ص 73 ) من طريق ليث عن مجاهد نحو حديث ابن مسعود موقوفا
على مجاهد . و كذلك رواه الخلال في " أصحاب ابن منده " ( 157 / 2 ) ، ثم قال
الذهبي : " لهذا القول طرق خمسة ، و أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ، و عمل فيه
المروزي مصنفا " ! ثم رواه ( ص 78 ) من طريق عمر بن مدرك الرازي : حدثنا مكي بن
إبراهيم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس موقوفا مثله . قال : " إسناده ساقط ، و
عمر هذا متروك ، و جويبر ( سقط الخبر من الأصل و لعله . مثله ) ، و هذا مشهور
من قول مجاهد ، و يروى مرفوعا ، و هو باطل " . قلت : و مما يدل على ذلك أنه ثبت
في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله
عليه وسلم . و من العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من
المتقدمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي ( ص 100 - 101 و 117 - 118 ) عن غير
واحد منهم ، بل غلا بعض المحدثين فقال : لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله
يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش و استفتاني ، لقلت له : صدقت و بررت !
قال الذهبي رحمه الله : " فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا
المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر ، و اليوم فيردن الأحاديث الصريحة في العلو
، بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى : *( الرحمن على العرش استوى )* " .
قلت : و إن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في
نفيها ، و الطعن بأهل السنة المثبتين لها ، و رميهم بالتشبيه و التجسيم ، و دين
الحق بين الغالي فيه و الجافي عنه ، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث ، فضلا عن مثل هذا الأثر ! و بهذه المناسبة
أقول : إن مما ينكر في هذا الباب ما رواه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد " (
144 / 1 - 2 ) من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش : أنشدنا أبو طالب
محمد بن علي الحربي : أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله
قال : حديث الشفاعة في أحمد ، إلى أحمد المصطفى نسنده . فأما حديث إقعاده على
العرش فلا نجحده . أمروا الحديث على وجهه و لا تدخلوا فيه ما يفسده . و لا
تنكروا أنه قاعد و لا تجحدوا أنه يقعده . فهذا إسناد لا يصح ، من أجل أبي العز
هذا ، فقد أورده ابن العماد في وفيات سنة ( 526 ) من " الشذرات " ( 4 / 78 ) و
قال : " قال عبد الوهاب الأنماطي : كان مخلطا " . و أما شيخه أبو طالب و هو
العشاري فقد أورده في وفيات سنة ( 451 ) و قال ( 3 / 289 ) : " كان صالحا خيرا
عالما زاهدا " . فاعلم أن إقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش ليس فيه إلا هذا
الحديث الباطل ، و أما قعوده تعالى على العرش فليس فيه حديث يصح ، و لا تلازم
بينه و بين الاستواء عليه كما لا يخفى . و قد وقفت فيه على حديثين ، أنا
ذاكرهما لبيان حالهما : " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض ، و إنه يقعد عليه
، ما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط
الرحل الجديد إذا ركب من ثقله " .
" يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني
لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا
أبالي " .
(2/364)
866 - " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض ، و إنه يقعد عليه ، ما يفضل منه مقدار أربع
أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من
ثقله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 256 ) :
منكر . رواه أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني في فتياله حول الصفات ( 100
/ 1 ) من طريق الطبراني عن عبيد الله بن أبي زياد القطواني : حدثنا يحيى بن أبي
بكير : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب
قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة
، فعظم الرب عز وجل ، ثم قال : فذكره . و رواه الضياء المقدسي في " المختارة "
( 1 / 59 ) من طريق الطبراني به ، و من طرق أخرى عن ابن أبي بكير به . و كذلك
رواه أبو محمد الدشتي في " كتاب إثبات الحد " ( 134 - 135 ) من طريق الطبراني و
غيره عن ابن أبي بكير به و لكنه قال : " هذا حديث صحيح ، رواته على شرط البخاري
و مسلم " . كذا قال : و هو خطأ - بين مزدوج فليس الحديث بصحيح ، و لا رواته على
شرطهما ، فإن عبد الله بن خليفة لم يوثقه غير ابن حبان ، و توثيقه لا يعتد به
كما تقدم بيانه مرارا ، و لذلك قال الذهبي في ابن خليفة هذا : " لا يكاد يعرف
" ، فأنى للحديث الصحة ؟ ! بل هو حديث منكر عندي . و مثله حديث ابن إسحاق في "
المسند " و غيره ، و في آخره : " إن عرشه لعلى سماواته و أرضه هكذا مثل القبة ،
و إنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب " . و ابن إسحاق مدلس ، و لم يصرح بالسماع في
شيء من الطرق عنه ، و لذلك قال الذهبي في " العلو " ( ص 23 ) : " هذا حديث غريب
جدا فرد ، و ابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند ، و له مناكير و عجائب ، فالله
أعلم أقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أم لا ؟ و أما الله عز وجل فليس كمثله
شيء جل جلاله ، و تقدست أسماؤه ، و لا إله غيره . ( قال : ) . " الأطيط الواقع
بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل ، فذاك صفة للرحل و للعرش ، و معاذ
الله أن نعده صفة لله عز وجل . ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت " . هذا حال
الحديث و هو الأول من حديثي القعود على العرش ، و أما الآخر فهو : " يقول الله
عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني لم أجعل علمي
و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا أبالي " .
(2/365)
867 - " يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني
لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا
أبالي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 257 ) :
موضوع بهذا التمام . رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 137 / 2 ) :
حدثنا أحمد بن زهير التستري ، قال : حدثنا العلاء بن مسلمة ، قال : حدثنا
إبراهيم الطالقاني ، قال : حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب عن
ثعلبة بن الحكم مرفوعا . و رواه أبو الحسن الحربي في " جزء من حديثه " ( 35 /
2 ) : حدثنا الهيثم بن خلف : حدثنا العلاء بن مسلمة أبو مسلمة أبو سالم : حدثنا
إسماعيل بن المفضل ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك به . قلت : و هذا سند
موضوع فإن مداره على العلاء بن مسلمة بن أبي سالم ، قال في " الميزان " : " قال
الأزدي : لا تحل الرواية عنه ، كان لا يبالي ما روى . و قال ابن طاهر : كان يضع
الحديث ، و قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات " . و كذا في " التهذيب "
، فلم يوثقه أحمد و لذا قال الحافظ في " التقريب " : " متروك ، و رماه ابن حبان
بالوضع " . و قد اختلف عليه في شيخه ، فأحمد بن زهير سماه إبراهيم الطالقاني ،
و الهيثم بن خلف سماه إسماعيل بن المفضل ، و أيهما كان فإني لم أعرفهما . و مع
ظهور سقوط إسناد هذا الحديث ، فقد تتابع كثير من العلماء على توثيق رجاله و
تقوية إسناده ، و هو مما يتعجب منه العاقل البصير في دينه ، فهذا المنذري يقول
في " الترغيب " ( 1 / 60 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و رواته ثقات " .
و مثله و إن كان دونه خطأ قول الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 26 ) : " رواه
الطبراني في " الكبير " و رجاله موثقون " . و ذلك لأن قوله " موثقون " و إن كان
فيه إشارة إلى أن في رجاله من وثق توثيقا غير معتبر مقبول ، فهو صريح بأن ثمة
من وثقه ، و قد عرفت آنفا أنه متفق على تضعيفه ! و أبعد من هذين القولين عن
الصواب قول الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 3 / 141 ) : " إسناده جيد " . و
نحوه قول السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 221 ) : " لا بأس به " ، ثم حكى قول
الهيثمي المتقدم . فهذا القول من ابن كثير و السيوطي نص في تقوية الحديث ، و
ليس كذلك قول المنذري و الهيثمي ، أما قول الهيثمي فقد عرفت وجهه ، و أما
المنذري فقوله : " رواته ثقات " غاية ما فيه الإخبار عن أن سند الحديث فيه شرط
واحد من شروط صحته ، و هو عدالة الرواة و ثقتهم ، و هذا وحده لا يستلزم الصحة ،
لأنه لابد من اجتماع شروط الصحة كلها المذكورة في تعريف الحديث الصحيح سنده عند
أهل الحديث . و الخلاصة أن الحديث موضوع بهذا السياق ، و فيه لفظة منكرة جدا و
هي قعود الله تبارك و تعالى على الكرسي ، و لا أعرف هذه اللفظة في حديث صحيح ،
و خاصة أحاديث النزول و هي كثيرة جدا بل و هي متواترة كما قطع بذلك الحافظ
الذهبي في " العلو " ( ص 53 ، 59 ) ، و ذكر أنه ألف في ذلك جزءا . و قد روي
الحديث بدون هذه اللفظة من طرق أخرى كلها ضعيفة ، و بعضها أشد ضعفا من بعض
، فلابد من ذكرها لئلا يغتر بها أحد لكثرتها فيقول : بعضها يقوي بعضا ! كيف و
قد أورد بعضها ابن الجوزي في " الموضوعات " ؟! . اهـ .
(2/366)
868 - " يبعث الله العباد يوم القيامة ، ثم يميز العلماء ، ثم يقول : يا معشر العلماء
إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ، و لم أضع علمي فيكم لأعذبكم ، انطلقوا
فقد غفرت لكم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 259 ) :
ضعيف جدا . رواه ابن عدي ( 205 / 2 ) و أبو الحسين الكلابي في " نسخة أبي
العباس طاهر التميمي " ( 5 - 6 ) و ابن عبد البر في " الجامع " ( 1 / 48 ) و
أبو المعالي عفيف الدين في " فضل العلم " ( 114 / 2 ) عن صدقة بن عبد الله عن
طلحة بن زيد عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري
مرفوعا . و من هذا الوجه رواه أبو بكر الآجري في " الأربعين " ( رقم 16 ) إلا
أنه وقع فيه " يونس بن عبيد " بدل " موسى بن عبيدة " ، و لعله تصحيف . و قال
ابن عدي : " و هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ، و إن كان الراوي عنه صدقة بن عبد
الله ضعيف ، فابن شابور ثقة و قد رواه عنه " . يعني أن طلحة بن زيد تفرد به ،
فلزمه الحديث كما قال ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 263 ) . قلت : و طلحة
هذا متهم بالوضع ، فهو آفة الحديث ، و إن كان شيخه موسى بن عبيدة ضعيفا جدا كما
قال ابن كثير في " التفسير " ( 3 / 141 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 127 )
، و اقتصرا على إعلاله به ، و هو قصور بين إذا علمت أن الراوي عنه متهم . و من
هذا القبيل قول الحافظ العراقي في " المغني " ( 1 / 7 ) : " سنده ضعيف " ! و
عزاه هو و الهيثمي و غيرهما للطبراني . و قد روي الحديث عن ثعلبة بن الحكم و
ابن عباس و أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع ( هكذا على الشك ) و أبي هريرة و ابن
عمر و جابر بن عبد الله الأنصاري و الحسن البصري موقوفا عليه . أما حديث ثعلبة
فسنده ضعيف جدا بل موضوع ، و فيه زيادة منكرة ليست في جميع طرق الحديث ، و قد
تقدم الكلام عليه قبل هذا . 2 - و أما حديث ابن عباس فأخرجه العقيلي في
" الضعفاء " ( 332 ) عن عدي بن أرطاة ابن الأشعث عن أبيه عن مجالد عن الشعبي
عنه مرفوعا . و قال : " عدي حديثه غير محفوظ ، و الرواية في هذا فيها لين و ضعف
" . قلت : و هو غير عدي بن أرطاة الفزاري الشامي ، فإنه تابعي أكبر من هذا كما
صرح بذلك الحافظ . و أبوه أرطاة بن الأشعث لم أعرفه . و مجالد و هو ابن سعيد
ضعيف أيضا . 3 - و أما حديث أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع ، فرواه ابن عدي في "
الكامل " ( 288 / 1 ) و ابن عساكر ( 12 / 219 / 1 ) عن عثمان بن عبد الرحمن
القرشي عن مكحول عن أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع مرفوعا . و هذا سند ضعيف جدا
بل موضوع . عثمان هذا هو الوقاصي قال ابن معين : " يكذب " . و قال ابن حبان ( 2
/ 98 ) : " يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات " . و ضعفه ابن المديني جدا . و
قال ابن عدي عقب الحديث : " منكر لم يتابعه الثقات " . أورده في ترجمة عثمان بن
عبد الرحمن الجمحي مشيرا إلى أن الحديث حديثه . و تعقبه الذهبي بأنه ليس من
حديثه و إنما هو من حديث القرشي الوقاصي . و الحديث أورده ابن الجوزي في "
الموضوعات " من رواية ابن عدي و ترجم للقرشي بما يدل على أنه ليس من حديثه و
إنما هو من حديث القرشي الوقاصي . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "
من رواية ابن عدي و ترجم للقرشي بما يدل على أنه عنده الطريفي ، و ليس الجمحي ،
و لا الوقاصي ! فراجعه مع كلام ابن حبان على الطريفي ( 2 / 96 - 97 ) . و تعقبه
السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 221 - 222 ) بالطرق الآتية و طريق ثعلبة ! و ليس
بشيء ، لشدة ضعفها كما سبق و يأتي . 4 - و أما حديث أبي هريرة فأخرجه الطبسي في
" ترغيبه " بسنده عن نصر بن أحمد البورجاني : حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا
سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا . و هذا له ثلاث علل :
الأولى : عنعنة ابن جريج فإنه مدلس . الثانية : ضعف ابن صالح و هو أبو الصلت
الهروي ، و الأكثرون على تضعيفه ، بل اتهمه ابن عدي و غيره بالكذب و الوضع .
الثالثة : نصر بن أحمد البورجاني لم أجد له ترجمة ، و وقع اسمه في حديث آخر
يأتي بعد هذا بحديث : " نصر بن محمد بن الحارث " و لم أجده أيضا . الرابعة :
الاختلاف في سنده ، فقد رواه البورجاني عن أبي الصلت كما رأيت ، و خالفه يعقوب
بن يوسف المطوعي : حدثنا أبو الصلت الهروي : حدثنا عباد بن العوام عن عبد
الغفار المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به . أخرجه ابن النجار كما في
" اللآلي " . و المطوعي هذا ثقة كما قال الدارقطني ، و ترجمته في " التاريخ " (
14 / 289 ) ، و حينئذ فروايته أصح من رواية البورجاني ، و فيها عبد الغفار
المدني قال العقيلي في " الضعفاء " ( ص 263 ) : " مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ
و لا يعرف إلا به " . ثم ساق له حديثا آخر يأتي بعد حديث . و قال الذهبي في
" الميزان " : " لا يعرف ، و كأنه أبو مريم ، فإن خبره موضوع " . و اسم أبي
مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع
الحديث ، و لكنه معدود في أهل الكوفة كما في " ضعفاء ابن حبان " ( 2 / 136 ) ،
و صاحب هذا الحديث مدني . 5 - و أما حديث ابن عمر فرواه ابن صرصري في " أماليه
" بسنده عن محمد بن يونس بن موسى القرشي : حدثنا حفص بن عمر بن دينار الأبلي :
حدثني سعيد بن راشد السماك : حدثني عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر مرفوعا
. سكت عنه السيوطي مع وضوح بطلانه فإن سعيد السماك متروك ، و حفص كذاب ، و محمد
بن يونس القرشي و هو الكديمي وضاع !
6 - و أما حديث جابر فأخرجه الطبسي أيضا بسنده عن عبد القدوس : حدثنا إسماعيل
بن عياش عن أبي الزبير عن جابر . عبد القدوس هذا هو ابن حبيب الكلاعي و هو كذاب
يضع . و إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين ، و هذه منها . و أبو
الزبير مدلس و قد عنعنه . 7 - و أما حديث الحسن فأخرجه السهمي في " تاريخ جرجان
" ( ص 160 ) عن حماد بن زيدك عن جويبر عن أبي معاوية سهل عن الحسن قال : فذكره
. قلت : و هذا مع وقفه ففيه سهل أبو معاوية هذا و لم أعرفه ، و لعله سهل بن
معاذ بن أنس الجهني ، و هو مختلف فيه . و جويبر و هو متروك . و حماد بن زيدك
أورده السهمي و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و رواه ابن عساكر ( 5 / 94 / 1
) عن عبد الله بن داود قال : سمعت أبا عمر الصنعاني و هو يقول : فذكره موقوفا
عليه . و هذا مع وقفه فإنه منقطع فإن أبا عمر الصنعاني و اسمه حفص بن ميسرة
الشامي توفي سنة ( 181 ) . و مما سبق يتبين أن طرق الحديث كلها ضعيفة جدا ، لا
يصلح شيء منها لتقوية الحديث ، فلم يبعد ابن الجوزي بإيراده إياه في "
الموضوعات " . و الله أعلم . اهـ .
(2/367)
869 - " إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام و أهله وليا يذب عنه و يتكلم بعلاماته ،
فاغتنموا تلك المجالس بالذب عن الضعفاء ، و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا
" .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 261 ) :
موضوع . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 263 ) : حدثنا محمد بن أيوب قال :
حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا عباد بن العوام قال : حدثنا عبد الغفار
المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا . و قال العقيلي : " عبد
الغفار مجهول بالنقل ، حديثه هذا غير محفوظ و لا يعرف إلا به " . و قال الذهبي
: " لا يعرف ، و كأنه أبو مريم فإن خبره موضوع " . يشير إلى هذا الحديث ، و أبو
مريم اسمه عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع
الحديث و قال ابن حبان ( 2 / 136 ) : " كان ممن يروي المثالب في عثمان بن عفان
، و يشرب الخمر حتى يسكر ، و مع ذلك يقلب الأخبار ، لا يجوز الاحتجاج به ، تركه
أحمد و ابن معين " . و الحديث رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 322 ) و
الهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 80 / 2 ) عن عبد السلام به . اهـ .
(2/368)
870 - " إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء بالله ، فإذا نطقوا به لم
ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 262 ) :
ضعيف جدا . رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " الأربعين الصوفية " ( 8 / 2 )
و أبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " ( 2 / 7 / 2 ) عن نصر بن محمد بن الحارث :
حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي
هريرة مرفوعا . و من طريق السلمي رواه الديلمي في " مسند الفردوس " كما في "
ذيل ثبت الشيخ إبراهيم الكوراني " ( 12 / 1 ) و رواه الطبسي عن نصر بن محمد به
كما في " اللآلي " ( 1 / 221 ) . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و له ثلاثة علل
تقدم بيانها في الحديث الذي قبله بحديث ، رقم الشاهد ( 4 ) . و قد أشار لضعفه
المنذري في " الترغيب " ( 1 / 62 ) و صرح بتضعيفه الحافظ العراقي في " تخريج
الإحياء " ( 1 / 35 طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) . اهـ .
(2/369)
871 - " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله
صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى
فريضة فيما سواه ، و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، و
هو شهر الصبر ، و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزاد فيه في رزق
المؤمن ، و من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان
له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء . قالوا : يا رسول الله ، ليس كلنا
يجد ما يفطر الصائم ، قال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن ،
أو تمرة ، أو شربة من ماء ، و من أشبع <1> صائما سقاه الله من الحوض شربة لا
يظمأ حتى يدخل الجنة ، و هو شهر أوله رحمة ، و وسطه مغفرة ، و آخره عتق من
النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتان ترضون بهما ربكم ، و خصلتان لا
غنى بكم عنهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا
الله ، و تستغفرونه ، و أما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما ، فتسألون الجنة
، و تعوذون من النار " .
-----------------------------------------------------------
[1] وقع في " الترغيب " ( 2 / 67 ) برواية أبي الشيخ : " و من سقى صائما " و
الصواب ما أثبتنا كما جزم بذلك الناجي ، انظر " التعليق الرغيب " . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 263 ) :
منكر . رواه المحاملي في " الأمالي " ( ج 5 رقم 50 ) و ابن خزيمة في "
صحيحه " ( 1887 ) و قال : " إن صح " ، و الواحدي في " الوسيط " ( 1 / 640 / 1 -
2 ) و السياق له عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي
قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان ، فإنه ضعيف كما قال أحمد و
غيره ، و بين السبب الإمام ابن خزيمة فقال : " لا أحتج به لسوء حفظه " . و لذلك
لما روى هذا الحديث في صحيحه قرنه بقوله : " إن صح الخبر " . و أقره المنذري في
" الترغيب " ( 2 / 67 ) و قال : إن البيهقي رواه من طريقه . قلت : و في إخراج
ابن خزيمة لمثل هذا الحديث في " صحيحه " إشارة قوية إلى أنه قد يورد فيه ما ليس
صحيحا عنده منبها عليه ، و قد جهل هذه الحقيقة بعض من ألف في " نصرة الخلفاء
الراشدين و الصحابة " ، و فيهم من وصفوه على ظهر الغلاف بقولهم : " و خرج
أحاديثها العالم الفاضل المحقق خادم الحديث الشريف ..... " فقالوا ( ص 34 القسم
الثاني ) : " رواه ابن خزيمة في صحيحه ، و صححه " ! و هذا يقال فيما إذا لم
يقفوا على كلمة ابن خزيمة عقب الحديث ، أما إذا كانوا قد وقفوا عليها ، فهو كذب
مكشوف على ابن خزيمة ! و ليس هذا بالغريب منهم فرسالتهم هذه كسابقتها محشوة
بالبهت و الافتراء الذي لا حدود له ، مما يعد الاشتغال بالرد عليهم إضاعة للوقت
مع أناس لا ينفع فيهم التذكير ! و حسبنا على ذلك مثال واحد قالوا ( ص د ) : "
فهو يعترف من جديد بصحة رواية صلاة التراويح بعشرين ركعة الثابتة من فعل عمر
رضي الله عنه و جمع الناس عليها بعد أن كان ينكرها ، فها هو يقول في صفحة ( 259
من رسالته الثانية من تسديد الإصابة " : " و حمل فعل عمر رضي الله عنه على
موافقة سنته صلى الله عليه وسلم أولى من حمله على مخالفتها " . فإذا رجع
القاريء إلى قولنا هذا وجده مقولا في ترجيح رواية الثمان على العشرين هذا
الترجيح الذي ألفت الرسالة كلها من أجله ، و مع ذلك يجهرون بقولهم أنني اعترفت
من جديد بصحة العشرين ! و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " إذا لم
تستح فاصنع ما شئت " . و لقد أصدروا رسالتهم هذه الثانية في هذا الشهر المبارك
الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزور و العمل به
فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " ! رواه البخاري و غيره <1> ثم إن
الحديث قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 249 ) عن أبيه أنه : " حديث منكر
" . اهـ .
-----------------------------------------------------------
[1] و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2045 ) . اهـ .
(2/370)
872 - " لا تقولوا قوس قزح ، فإن قزح شيطان ، و لكن قولوا : قوس الله عز وجل ، فهو
أمان لأهل الأرض من الغرق " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 264 ) :
موضوع . أخرجه أبو نعيم ( 2 / 309 ) و الخطيب ( 8 / 452 ) من طريق زكريا بن
حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعا . و قال أبو نعيم :
" غريب من حديث أبي رجاء ، لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم " . قلت : و
في ترجمته ساقه الخطيب ثم عقبه بقول ابن معين فيه و كذا النسائي : " ليس بثقة "
. و قال ابن حبان ( 1 / 311 ) : " يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم ، حتى
يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها " . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات
" ( 1 / 144 ) من رواية الخطيب ثم قال : " لم يرفعه غير زكريا ، قال فيه يحيى و
النسائي : ليس بثقة ، قال أحمد : ليس بشيء ، قال ابن المديني : هالك " . و
تعقبه السيوطي في " اللآلي " فقال ( 1 / 87 ) : " قلت : أخرجه أبو نعيم في
" الحلية " ، قال النووي في " الأذكار " : يكره أن يقال : قوس قزح ، و استدل
بهذا الحديث ، و هذا يدل على أنه غير موضوع " . قلت : و هذا تعقب يغني حكايته
عن رده ! لأن الحديث في " الحلية " من هذه الطريق التي فيها ذلك الهالك المتفق
على تضعيفه ، فمثله لا يكون حديثه إلا ضعيفا جدا ، فكيف يستدل به على حكم شرعي
و هو الكراهة ؟! بل لا يجوز الاستدلال به عليه و لو فرض أنه ضعيف فقط ، أي ليس
موضوعا و لا ضعيفا جدا ، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالحديث الضعيف اتفاقا .
و ما أرى النووي رحمه الله تعالى أتي إلا من قبل تلك القاعدة الخاطئة التي تقول
: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " ! و هي قاعدة غير صحيحة كما أثبت
ذلك في مقدمة كتابنا " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " ، و لعله يطبع
قريبا إن شاء الله تعالى ، فإنه - أعني النووي - ظن أن الحديث ضعيف فقط ! و هو
أشد من ذلك كما رأيت . و الله المستعان . و من مساويء هذه القاعدة المزعومة
إثبات أحكام شرعية بأحاديث ضعيفة ، و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا و حسبك منها
الآن هذا الحديث ، بل إن بعضهم يثبت ذلك بأحاديث موضوعة اعتمادا منه على تضعيف
مطلق للحديث من بعض الأئمة ، بينما هو في الحقيقة موضوع ، و لا ينافي القول به
الاطلاق المذكور . و هذا باب واسع لا مجال لتفصيل الكلام فيه في هذا المكان .
هذا و يغلب على الظن أن أصل الحديث موقوف ، تعمد رفعه ذلك الهالك ، أو على
الأقل المتقدم عن ابن عباس موقوفا عليه ، و قد رواه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 3 / 85 - 86 ) من طريق أخرى عنه موقوفا عليه مختصرا بلفظ : " إن
القوس أمان لأهل الأرض من الغرق " . و رجاله كلهم ثقات ، و قال الحافظ ابن كثير
في " البداية " ( 1 / 38 ) : " إسناده صحيح " . و فيه عندي نظر لأن في سنده
عارما أبا النعمان و اسمه محمد بن الفضل و كان تغير بل اختلط في آخر عمره . و
يؤيده أيضا أن ابن وهب رواه في " الجامع " ( ص 8 ) و الضياء المقدسي في "
الأحاديث المختارة " ( 1 / 176 - 177 ) من حديث علي موقوفا عليه أيضا . ثم رواه
ابن وهب عن القاسم بن عبد الرحمن من قوله . و إذا ثبت أن الحديث موقوف
، فالظاهر حينئذ أنه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب ،
و موقف المؤمن تجاهها معروف ، و هو عدم التصديق و لا التكذيب ، إلا إذا خالفت
شرعا أو عقلا . و الله أعلم . اهـ .
(2/371)
873 - " إن من الجفاء أن يمسح الرجل جبينه قبل أن يفرغ من صلاته ، و أن يصلي لا يبالي
من إمامه ؟ و أن يأكل مع رجل ليس من أهل دينه ، و لا من أهل الكتاب في إناء
واحد " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 265 ) :
ضعيف جدا . رواه تمام ( ج 29 ) و ابن عساكر ( 2 / 236 / 2 ) عن أبي عبد
الله نجيح بن إبراهيم النخعي : أخبرنا معمر بن بكار : حدثني عثمان بن عبد
الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا
، بل موضوع ، عثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي متهم ، قال البخاري : " سكتوا عنه
" . و قال ابن حبان ( 2 / 99 ) : " كان يروي عن الثقات الموضوعات لا يجوز
الاحتجاج به " . ثم ساق له الطرف الأول من الحديث نحوه . و معمر بن بكار ، قال
العقيلي : " في حديثه وهم ، و لا يتابع على أكثره " . و أما ابن حبان فذكره في
" الثقات " ! و نجيح بن إبراهيم النخعي قال مسلمة بن قاسم : " ضعيف " . و أما
ابن حبان فذكره في " الثقات " أيضا ! و الشطر الأول من الحديث أخرجه ابن ماجه (
رقم 964 ) عن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي عن الأعرج عن أبي هريرة
مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن الهدير هذا و اسمه هارون بن هارون بن
عبد الله . قال البخاري : " لا يتابع في حديثه " . و قال النسائي : " ضعيف " .
و قال ابن حبان : " يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به " . و قال
البوصيري في " الزوائد " : " اتفقوا على ضعف هارون " . و نقل المناوي عن مغلطاي
أنه قال : " حديث ضعيف ، لضعف هارون " .
(2/372)
874 - " أصلحوا دنياكم ، و اعملوا لآخرتكم ، كأنكم تموتون غدا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 266 ) :
ضعيف جدا . رواه القضاعي ( 60 / 2 ) عن مقدام بن داود قال : أخبرنا علي بن
معبد قال : أخبرنا عيسى بن واقد الحنفي عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي
هريرة مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، سليمان بن أرقم و مقدام بن داود
ضعيفان جدا . و عيسى بن واقد لم أعرفه . و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع
الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس . و تبعه نجم الدين الغزي في
" حسن التنبه فيما ورد في التشبه " ( 8 / 70 ) و قال المناوي : " و فيه زاهر بن
طاهر الشحامي ، قال في " الميزان " كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع . و
راويه عن أنس مجهول " . ثم رأيته في " مختصر الديلمي " للحافظ ابن حجر ( 1 / 1
/ 27 ) من طريق زاهر بن أحمد : حدثنا البغوي : حدثنا زهير بن حرب عن رجل عن
قتادة عن أنس . فالراوي عن قتادة هو المجهول ، و ليس راويه عن أنس ! قلت : و
هذا الحديث نحو الحديث المتقدم بلفظ " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ... " . (
رقم 7 ) . و إنما قلت : " نحو " لأن هذا أقل إغراقا في الحض على العمل للدنيا
من ذاك ، بل هذا لا تأباه الشريعة ، و أما ذاك فلا أعتقد أن في الشرع هذه
المبالغة في الحض على السعي للدنيا ، بل الأحاديث متضافرة على الترغيب في
التفرغ للعبادة ، و عدم الانهماك في الدنيا ، كقوله صلى الله عليه وسلم " ما قل
و كفى خير مما كثر و ألهى " . فراجع لهذا الموضوع " الترغيب و الترهيب " ( 4 /
81 - 83 ) للمنذري .
(2/373)
875 - " لو أن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي ثم قال : الحمد لله ، لكانت
الحمد لله أفضل من ذلك كله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 267 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 15 / 276 / 2 ) عن أبي المفضل محمد بن عبد الله
بن محمد بن همام بن المطلب الشيباني : حدثني محمد بن عبد الحي بن سويد الحربي
الحافظ : أخبرنا زريق : أخبرنا عمران بن موسى الجنديسابوري - نزل بردعة - :
أخبرنا سورة بن زهير العامري - من أهل البصرة - حدثني هشيم عن الزبير بن عدي عن
أنس بن مالك مرفوعا . و هذا موضوع ، آفته أبو المفضل هذا ، قال الخطيب ( 5
/ 466 - 467 ) : " كان يروي غرائب الحديث و سؤالات الشيوخ فكتب الناس عنه ،
بانتخاب الدارقطني ، ثم بان كذبه فمزقوا حديثه ، و أبطلوا روايته ، و كان بعد
يضع الأحاديث للرافضة . قال حمزة محمد بن طاهر الدقاق : كان يضع الحديث ، و كان
له سمت و وقار ! و قال لي الأزهري : كان أبو المفضل دجالا كذابا " ، و رواه ابن
عساكر عنه في ترجمة أبي المفضل هذا . و من بينه و بين هشيم لم أعرفهم غير زريق
، و الظاهر أنه ابن محمد الكوفي . روى عن حماد بن زيد . قال الذهبي : " ضعفه
الأمير ابن ماكولا " . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن
عساكر هذه ، و هذا مما يؤكد إخلاله بشرطه الذي نص عليه في أول الكتاب ، و هو
أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ، فإن هذا الحديث إنما ساقه ابن عساكر في
ترجمة أبي المفضل هذا و قد سمعت ما قالوا فيه ، فهذا يؤيد تساهل السيوطي عفا
الله عنه ، فإنه لم تخف عليه هذه الترجمة ، و مع ذلك أخرج لصاحبها هذا الحديث !
و أما المناوي فبيض له ! فكأنه لم يقف على إسناده ! و قد روى الحديث بإسناد آخر
نحوه و هو : " لو أن الدنيا كلها بيضة واحدة فأكلها المسلم أو قال : حساها ، ثم
قال : الحمد لله ، كان الحمد لله أفضل من ذلك " .
(2/374)
876 - " لو أن الدنيا كلها بيضة واحدة فأكلها المسلم أو قال : حساها ، ثم قال : الحمد
لله ، كان الحمد لله أفضل من ذلك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 267 ) :
ضعيف . رواه أبو محمد السراج القاريء في " منتخب الفوائد " ( 4 / 117 / 1 -
2 ) عن محمد بن أحمد القرشي أبي عبد الله قال : حدثنا علي بن غراب الكوفي قال
: حدثنا جعفر بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن جابر - كذا قال -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . و قال : " هذا الحديث غريب جدا من
حديث جعفر بن محمد عن أبيه ، و من رواية حفص بن غياث ، لا أعلم روي إلا من هذا
الوجه " . قلت : و هذا سند ضعيف و رجاله ثقات غير محمد بن أحمد القرشي ضعفه
الدارقطني ، و هو محمد بن أحمد بن أنس القرشي النيسابوري و قال الحافظ في
" اللسان " : " قرأت بخط الحسيني أن الذهبي اتهمه بالوضع " .
(2/375)
877 - " أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة على صورة القردة و الخنازير " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 268 ) :
منكر . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 139 ) عن زيد بن عياض عن عيسى بن
حطان الرقاشي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا . و قال : " لا يحفظ من وجه يثبت
" . ثم روى عن سلام بن أبي مطيع قال : حدث رجل أيوب يوما حديثا ، فأنكره أيوب
، فقال أيوب : من حدثك بهذا ؟ قال : محمد بن واسع . قال : بخ ، ثقة . قال : عن
من ؟ قال : عن زيد بن عياض : قال لا تزده " . و للحديث علة أخرى و هي الرقاشي
هذا ، فهو و إن ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 162 ) فقد قال ابن عبد البر
: " ليس ممن يحتج بحديثه " . و الحديث عندي ظاهر النكارة مخالف لأصل إسلامي
عظيم و هو قوله تبارك و تعالى : *( لا تزر وازرة وزر أخرى )* . فما ذنب أولاد
الزنا حتى يحشروا على صورة القردة و الخنازير ؟! و رحم الله من قال :
غيري جنى و أنا المعذب فيكم فكأنني سبابة المتندم ! و الحديث أورده ابن الجوزي
في " الموضوعات " من طريق العقيلي هذه ، و قال ( 3 / 109 ) : " موضوع لا أصل له
" . و وافقه السيوطي في " اللآلي " ( 1971 ) . و أما ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 310 / 1 ) فقد تعقبهما بقوله : " لم أر من اتهمهما بكذب و وضع ، و
قال الذهبي في زيد بن عياض : قلت : كأن أيوب رحمه الله يغمز من زيد بن عياض ،
فيقول للرجل حينما ذكره : " لا تزده " . أي لا تزد في ذكر من فوقه من الإسناد
لأنه سقط ما دام أنه من طريق ابن عياض ذكره ابن أبي حاتم مختصرا و لم يضعفه ، و
الله أعلم " . قلت : و كأنه ذهل عن الأصل القرآني العظيم الذي ذكرناه ، و الله
أعلم .
(2/376)
878 - " لتفتحن القسطنطينية ، و لنعم الأمير أميرها ، و لنعم الجيش ذلك الجيش " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 268 ) :
ضعيف . رواه أحمد و ابنه في زوائده ( 4 / 235 ) و ابن أبي خيثمة في "
التاريخ " ( 2 / 10 / 101 - مخطوطة الرباط ) و البخاري في " التاريخ الصغير " (
ص 139 ) و الطبراني في " الكبير " ( ج 1 / 119 / 2 ) و ابن قانع في " المعجم "
( ق 15 / 2 ) و الحاكم ( 4 / 422 ) و الخطيب في " التلخيص " ( ق 91 / 1 ) و ابن
عساكر ( 16 / 223 / 2 ) عن زيد بن الحباب قال : حدثني الوليد بن المغيرة :
حدثني عبد الله بن بشر الغنوي : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و على آله و سلم يقول : ( فذكره ) ، قال عبد الله : فدعاني مسلمة ابن عبد
الملك فسألني عن هذا الحديث ؟ فحدثته ، فغزا القسطنطينية . و قال الحاكم : "
صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و قال الخطيب : " تفرد به زيد بن الحباب " .
قلت : و هو ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه ضعف ، و ليس هذا منه ، و في "
التقريب " : " صدوق يخطيء في حديث الثوري " و عبد الله بن بشر الغنوي لم أجد من
ترجمه ، و إنما ترجموا لسميه " عبد الله بن بشر الخثعمي " ، و هذا أورده ابن
حبان في " ثقات أتباع التابعين " و قال ( 2 / 150 ) : " من أهل الكوفة ، يروي
عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير روى عنه شعبة و الثوري " . و أخرج له الترمذي و
النسائي . فهو متأخر عن الغنوي هذا فليس به ، و من الغريب أن الإمام أحمد أورد
الحديث في مسند " بشر بن سحيم " مشيرا بذلك إلى أنه بشر الغنوي في هذا الحديث ،
و لم أجد من وافقه على ذلك و الله أعلم . و كذلك وقع في روايته " عبد الله بن
بشر الخثعمي " بينما وقع عند الآخرين " الغنوي " . ثم رجعت إلى " تعجيل المنفعة
" للحافظ ابن حجر فرأيته ترجم لعبد الله بن بشر الغنوي هذا ترجمة طويلة و ذكر
الاختلاف في نسبه و في اسمه أيضا ، و حكى أقوال المحدثين في ذلك ثم جنح إلى أنه
غير الخثعمي الثقة الذي أخرج له الترمذي و النسائي ، و أنه وثقه ابن حبان وحده
، و الله أعلم . و جملة القول أن الحديث لم يصح عندي لعدم الاطمئنان إلى توثيق
ابن حبان للغنوي هذا ، و هو غير الخثعمي كما مال إليه العسقلاني ، و الله أعلم
.
(2/377)
879 - " ليس على النساء أذان و لا إقامة و لا جمعة و لا اغتسال جمعة و لا تقدمهن
امرأة و لكن تقوم في وسطهن " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 269 ) :
موضوع . رواه ابن عدي في " الكامل " ( 65 / 1 ) و ابن عساكر ( 16 / 159 / 2
) عن الحكم عن القاسم عن أسماء ( يعني بنت يزيد ) ، مرفوعا . و قال ابن عدي
بعد أن ساق أحاديث أخرى للحكم هذا و هو ابن عبد الله بن سعد الأيلي : " أحاديثه
كلها موضوعة ، و ما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد ، و ما أمليت
للحكم عن القاسم بن محمد و الزهري و غيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه ، و
ضعفه بين على حديثه " . و قال أحمد : " أحاديثه كلها موضوعة " . و قال السعدي و
أبو حاتم : " كذاب " . و قال النسائي و الدارقطني و جماعة : " متروك الحديث " .
كما في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا منها . و الحديث رواه البيهقي في
" السنن الكبرى " ( 1 / 408 ) من طريق ابن عدي ، ثم قال عقبه : " هكذا رواه
الحكم بن عبد الله الأيلي ، و هو ضعيف ، و رويناه في الأذان و الإقامة عن أنس
بن مالك موقوفا و مرفوعا ، و رفعه ضعيف ، و هو قول الحسن و ابن المسيب و ابن
سيرين و النخعي " . ( تنبيه ) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان : أحدهما أبو
الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق " ( 79 / 1 ) : " و قد حكى أصحابنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على النساء أذان و لا إقامة " . و
هذا لا نعرفه مرفوعا ، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن و إبراهيم و الشعبي و
سليمان بن يسار ، و حكى عن عطاء أنه قال : يقمن " . قلت : فلم يعرفه ابن الجوزي
مرفوعا ، و قد روي كذلك كما سبق . و الآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد
الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على "
المقنع " ( 1 / 96 ) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد " ! و هذا خطأ فاحش لا
أدري منشأه ، و هو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث و نشره على الناس
، و خاصة إخواننا النجديين ، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه
الله تعالى ، و العصمة لله وحده . ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد
عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في
( 17 / 9 / 1381 ) . و " النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة و حفاظهم ، و
اسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه ، ولد سنة 253 ، و توفي سنة 348 .
ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5022 ) و
البيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : فذكره موقوفا .
و هذا سند ضعيف مع وقفه ، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر و هو ضعيف
. و أما قول الشوكاني في " النيل " ( 2 / 27 ) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح . و
لعله توهم أن العمري هذا هو المصغر ، فإن ثقة و ليس به ، فإن اسمه عبيد الله ،
على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر ، و ليس كذلك كما عرفت . و قد روي عن
ابن عمر خلافه ، فقال أبو داود في " مسائله " ( 29 ) : " سمعت أحمد سئل عن
المرأة تؤذن و تقيم ؟ قال : سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن و تقيم ؟ قال : أنا
أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! استفهام " . و هذا
أولى من الذي قبله و إن كنت لم أقف على إسناده ، و غالب الظن أنه لو لم يكن
ثابتا عند أحمد لما احتج به . ثم صدق ظني ، فقد وجدت الأثر المذكور أخرجه ابن
أبي شيبة في " مصنفه " ( 1 / 223 ) بسند جيد عن ابن عمر ، و يؤيده ، ما عند
البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن و تقيم ، و تؤم النساء و تقوم
وسطهن . و رواه عبد الرزاق و ابن أبي شيبة مختصرا . و ليث هو ابن أبي سليم ، و
هو ضعيف . ثم روى البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال : سألت ابن ثوبان : هل على
النساء إقامة ؟ فحدثني أن أباه حدثه قال : سألت مكحولا ؟ فقال : إذا أذن فأقمن
فذلك أفضل ، و إن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن ، قال ابن ثوبان : و إن لم
يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت : " كنا نصلي بغير إقامة " . قلت :
و ابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي و ليس هو محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان كما ذكر المعلق على " سنن البيهقي " ، و هو العامري المدني
، فإن هذا العامري متقدم على العنسي هذا من التابعين ، و العنسي من أتباع
التابعين ، و هو حسن الحديث ، و بقية الرجال ثقات ، فالسند حسن ، و قد جمع
البيهقي بين هذا و بين رواية ليث المقدمة بقوله : " و هذا إن صح مع الأول ، فلا
يتنافيان ، لجواز أنها فعلت ذلك مرة ، و تركته أخرى لبيان الجواز ، و الله أعلم
. و يذكر عن جابر بن عبد الله أنه قيل له : أتقيم المرأة ؟ قال : نعم " . و
الحق في هذه المسألة ما قاله أبو الطيب صديق خان في " الروضة الندية " ( 1 / 79
) : " ثم الظاهر أن النساء كالرجال لأنهن شقائقهن ، و الأمر لهم أمر لهن ، و لم
يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده
متروكون لا يحل الاحتجاج بهم ، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك ، و إلا فهن
كالرجال " .
(2/378)
880 - " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، و شاهد يوسف ، و صاحب جريج ،
و ابن ماشطة بنت فرعون " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 271 ) :
باطل بهذا اللفظ . رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 295 ) : حدثنا أبو
الطيب محمد بن محمد الشعيري : حدثنا السري بن خزيمة : حدثنا مسلم بن إبراهيم :
حدثنا جرير بن حازم : حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا - و قال :
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي و هو عجب ، فإن السري بن
خزيمة لم أجد له ترجمة ، و كذلك محمد بن محمد الشعيري لم أجده إلا أن يكون ،
هو الذي أورده السمعاني في " الأنساب " : محمد بن جعفر الشعيري ، قال ( 335 / 2
) : " حدث عن عثمان بن صالح الخياط ، روى عنه علي بن هارون الحربي " . و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و هذا الحديث بهذا الإسناد باطل عندي ، و ذلك
لأمرين : الأول : أنه حصر المتكلمين في المهد في ثلاثة ، ثم عند التفصيل ذكرهم
أربعة ! و الثاني : أن الحديث رواه البخاري في " صحيحه - أحاديث الأنبياء " من
الطريق التي عند الحاكم فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم بسنده عند الحاكم تماما
إلا أنه خالفه في اللفظ فقال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ، و كان
في بني إسرائيل رجل يقال له جريج ( قلت فذكر قصته و فيها : ثم أتى الغلام فقال
: من أبوك يا غلام ؟ فقال : الراعي ، ثم قال : ) و كانت امرأة ترضع ابنا لها من
بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة ، فقالت : " اللهم اجعل ابني مثله ، فترك
ثديها فأقبل على الراكب ، فقال : اللهم لا تجعلني مثله " . الحديث . و أخرجه
مسلم أيضا ( 8 / 4 - 5 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا جرير بن حازم به و
رواه أحمد ( 2 / 307 - 308 ) من طريقين آخرين عن جرير به . و الظاهر أن أصل
حديث الترجمة موقوف ، فقد أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 12 / 115 ) : حدثنا
ابن وكيع : قال : حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن عطاء بن
السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " تكلم أربعة في المهد و هم صغار
..... " . قلت : فذكرهم كما في رواية الحاكم الباطلة ! و رجال هذا الموقوف
موثقون و لكن فيه علتان : الأولى : عطاء بن السائب ، فإنه كان قد اختلط ، و
حماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط و بعده ، خلافا لمن يظن خلافه من المعاصرين
! الثانية : ابن وكيع هذا و هو سفيان ، قال الحافظ : " كان صدوقا إلا أنه ابتلي
بوراقه ، فأدخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح فلم يقبل ، فسقط حديثه " . قلت
: لكنه لم يتفرد به ، فقال ابن جرير : " حدثنا الحسن بن محمد قال : أخبرنا عفان
قال : حدثنا حماد قال : أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكلم أربعة و هم صغار ، فذكر فيهم شاهد يوسف
" . قلت : و أخرجه الحاكم ( 2 / 496 - 497 ) من طريق أخرى عن عفان به و قال :
" صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي مع أنه قال في عطاء في " الضعفاء " ( 187 /
2 ) : " مختلف فيه ، من سمع منه قديما فهو صحيح " . و قد علمت مما سبق أن حماد
بن سلمة سمع منه في اختلاطه أيضا ، و لا يمكن تمييز ما سمعه في هذا الحال عن ما
سمعه قبلها ، فلذا يتوقف عن تصحيح روايته عنه . ثم إن السيوطي قد أورد حديث أبي
هريرة من طريق الحاكم في " الجامع الصغير " بلفظ : " لم يتكلم في المهد إلا
عيسى ابن مريم ... " فحذف منه كما ترى لفظة " ثلاثة " لمعارضتها للتفصيل
المذكور في الحديث عقبها كما سبق بيانه ، و هذا تصرف من السيوطي غير جيد عندي ،
بل الواجب إبقاء الرواية كما هي ، مع التنبيه على ما فيها من التناقض ، فلربما
دل هذا التناقض على ضعف أحد رواة الحديث كما فعلنا نحن حيث بينا أن الحديث في
" البخاري " من الطريق التي أخرجها الحاكم بغير هذا اللفظ . هذا ، و لم أجد في
حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما قصة غلام الأخدود
ففيها أنه قال لأمه : " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد ( 6 / 17 - 18
) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم . و فيه عنده زيادة أن أمه كانت
ترضعه ، و القصة عند مسلم أيضا ( 8 / 231 ) دون هذه الزيادة ، و قد عزاها
الحافظ في " الفتح " ( 6 / 371 ) لمسلم ، و هو وهم إن لم تكن ثابتة في بعض نسخ
مسلم . و قد جمع بين هذا الحديث و حديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في
المهد . و الله أعلم . و من تخاليط عطاء بن السائب أنه جعل قول هذا الغلام : "
اصبري ..... " من كلام ابن ماشطة بنت فرعون ! و سيأتي في لفظ : " لما أسري بي
........ " . ثم إن ظاهر القرآن في قصة الشاهد أنه كان رجلا لا صبيا في المهد ،
إذ لو كان طفلا لكان مجرد قوله إنها كاذبة كافيا و برهانا قاطعا ، لأنه من
المعجزات ، و لما احتيج أن يقول : " من أهلها " ، و لا أن يأتي بدليل حي على
براءة يوسف عليه السلام و هو قوله : *( إن كان قميصه قد من قبل فصدقت و هو من
الكاذبين ، و إن كان قميصه قد من الدبر )* الآية ، و قد روى ابن جرير بإسناد
رجاله ثقات عن ابن عباس أن الشاهد كان رجلا ذا لحية ، و هذا هو الأرجح ، و الله
أعلم .
( فائدة ) ما يذكر في بعض كتب التفسير و غيرها أنه تكلم في المهد أيضا ،
إبراهيم و يحيى و محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين . فليس له أصل مسند إلى النبي
صلى الله عليه وسلم . فاعلم ذلك .
(2/379)
881 - " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 273 ) :
منكر . أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 1 / 286 - منحة المعبود ) و
كذا أحمد ( 5 / 230 ، 242 ) و أبو داود في " السنن " ( 2 / 116 ) و الترمذي ( 2
/ 275 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 347 و 584 - طبع بيروت ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 76 - 77 ) و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 93 / 1 و 112 -
113 مخطوطة الظاهرية ، 154 - 155 و 188 - 189 - مطبوعة الرياض ) و البيهقي في
" سننه " ( 10 / 114 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 55 - 56 )
و ابن حزم في " الإحكام " ( 6 / 26 ، 35 ، 7 / 111 - 112 ) من طرق عن شعبة عن
أبي العون عن الحارث بن عمرو - أخي المغيرة بن شعبة - عن أصحاب معاذ بن جبل عن
معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال له :
كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بما في كتاب الله . قال : فإن لم يكن في
كتاب الله ؟ قال : بسنة رسول الله ، قال : فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ قال :
أجتهد رأيي لا آلو ، قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ، و قال :
فذكره . و قال العقيلي : " قال البخاري : لا يصح ، و لا يعرف إلا مرسلا " . قلت
: و نصه في " التاريخ " ( 2 / 1 / 275 ) : " لا يصح ، و لا يعرف إلا بهذا ،
مرسل " . قلت : يعني أن الصواب أنه عن أصحاب معاذ بن جبل ليس فيه " عن معاذ " .
و قال الذهبي : " قلت : تفرد به أبو عون محمد بن بن عبيد الله الثقفي عن الحارث
بن عمرو الثقفي أخو المغيرة بن شعبة ، و ما روى عن الحارث غير أبي عون فهو
مجهول ، و قال الترمذي : ليس إسناده عندي بمتصل " . قلت : و لذلك جزم الحافظ في
" التقريب " بأن الحارث هذا مجهول . ثم رواه أحمد ( 5 / 236 ) و أبو داود و ابن
عساكر ( 16 / 310 / 2 ) من طريقين آخرين عن شعبة ، إلا أنهما قالا : " عن رجال
من أصحاب معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن " . الحديث . لم
يذكر : " عن معاذ " . قلت : هذا مرسل و به أعله البخاري كما سبق ، و كذا
الترمذي حيث قال عقبه : " هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، و ليس إسناده
عندي بمتصل " . و أقره الحافظ العراقي في " تخريج أحاديث منهاج الأصول "
للبيضاوي ( ق 76 / 1 ) . قلت : فقد أعل هذا الحديث بعلل ثلاث : الأولى :
الإرسال هذا . الثانية : جهالة أصحاب معاذ . الثالثة : جهالة الحارث بن عمرو .
قال ابن حزم : " هذا حديث ساقط ، لم يروه أحد من غير هذا الطريق ، و أول سقوطه
أنه عن قوم مجهولين ، لم يسموا ، فلا حجة فيمن لا يعرف من هو ؟ و فيه الحارث بن
عمرو ، و هو مجهول لا يعرف من هو ؟ و لم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه " . و
قال في موضع آخر بعد أن نقل قول البخاري فيه : " لا يصح " . " و هذا حديث باطل
لا أصل له " . و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 401 ) عقب قول البخاري المذكور
: " و قال الدارقطني في " العلل " : رواه شعبة عن أبي عون هكذا . و أرسله ابن
مهدي و جماعات عنه . و المرسل أصح . قال أبو داود ( يعني الطيالسي ) : و أكثر
ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول الله . و قال مرة : عن معاذ . و قال
ابن حزم : " لا يصح لأن الحارث مجهول ، و شيوخه لا يعرفون ، قال : و ادعى بعضهم
فيه التواتر ، و هذا كذب ، بل هو ضد التواتر ، لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن
الحارث ، فكيف يكون متواترا ؟! " . و قال عبد الحق : " لا يسند ، و لا يوجد من
وجه صحيح " . و قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " لا يصح و إن كان
الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم و يعتمدون عليه ، و إن كان معناه صحيحا " . و
قال ابن طاهر في تصنيف له مفرد ، في الكلام على هذا الحديث : " اعلم أنني فحصت
عن هذا الحديث في المسانيد الكبار و الصغار ، و سألت عنه من لقيته من أهل العلم
بالنقل ، فلم أجد غير طريقين : أحدهما : طريق شعبة . و الأخرى : عن محمد بن
جابر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ و كلاهما لا يصح . قال : و
أقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب " أصول الفقه " : " و العمدة في هذا
الباب على حديث معاذ " قال : " و هذه زلة منه ، و لو كان عالما بالنقل لما
ارتكب هذه الجهالة " ، ( قال الحافظ رحمه الله تعالى ) : " قلت : أساء الأدب
على إمام الحرمين ، و كان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة مع كلام إمام
الحرمين أشد مما نقله عنه ! فإنه قال : " و الحديث مدون في " الصحاح " متفق على
صحته (!) لا يتطرق إليه التأويل " . كذا قال رحمه الله ، و قد أخرجه الخطيب في
كتاب " الفقيه و المتفقه " من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل ، فلو
كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتا لكان كافيا في صحة الحديث " . قلت : لم يخرجه
الخطيب ، بل علقه ( ص 189 ) بقوله : " و قد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد
الرحمن بن غنم عن معاذ . و هذا إسناد متصل و رجاله معروفون بالثقة " . قلت : و
هيهات ، فإن في السند إليه كذابا وضاعا ، فقد أورده ابن القيم في " تهذيب السنن
" تعليقا على هذا الحديث فقال ( 5 / 213 ) : " و قد أخرجه ابن ماجه في " سننه "
من حديث يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن سعيد بن حسان عن عبادة بن نسي عن عبد
الرحمن بن غنم : حدثنا معاذ بن جبل قال : " لما بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى اليمن قال : لا تقضين و لا تفصلن إلا بما تعلم ، و إن أشكل عليك أمر
فقف حتى تبينه ، أو تكتب إلي فيه " . و هذا أجود إسنادا من الأول ، و لا ذكر
للرأي فيه " . قلت : كيف يكون أجود إسنادا من الأول و فيه محمد بن سعيد بن حسان
و هو الدمشقي المصلوب ؟! قال في " التقريب " : " قال أحمد بن صالح : وضع أربعة
آلاف حديث ، و قال أحمد : قتله المنصور على الزندقة و صلبه " . و قد سبق نحوه (
ص 244 ) عن غيره من الأئمة . قلت : و لعله اشتبه على ابن القيم رحمه الله بمحمد
بن سعيد بن حسان الحمصي ، و ليس به ، فإنه متأخر عن المصلوب ، و لم يذكروا له
رواية عن ابن نسي ، و لا في الرواة عنه يحيى بن سعيد الأموي ، و إنما ذكروا ذلك
في الأول ، على أنه مجهول كما قال الحافظ ، و أيضا فإن هذا ليس من رجال ابن
ماجه ، و إنما ذكروه تمييزا بينه و بين الأول . و الحديث في " المقدمة " من سنن
" ابن ماجه " ( 1 / 28 ) ، و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 5 / 2 ) : " هذا
إسناد ضعيف ، محمد بن سعيد هو المصلوب اتهم بوضع الحديث " . على أن قول ابن
القيم : " و لا ذكر للرأي فيه " . إنما هو بالنظر إلى لفظ رواية ابن ماجه ، و
إلا فقد أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " ( 16 / 310 / 1 ) من طريق المصلوب هذا
بلفظ : " قال معاذ : يا رسول الله : أرأيت ما سئلت عنه مما لم أجده في كتاب
الله و لم أسمعه منك ؟ قال : اجتهد رأيك " . ثم رواه ابن عساكر ( 16 / 310 / 2
) من طريق سليمان الشاذكوني : أخبرنا الهيثم بن عبد العفار عن سبرة بن معبد عن
عبادة بن نسي به بلفظ : " اجتهد رأيك ، فإن الله إذا علم منك الحق وفقك للحق "
. و الهيثم هذا قال ابن مهدي : " يضع الحديث " . و الشاذكوني كذاب . قلت : و
أجاب ابن القيم عن العلة الثانية ، و هي جهالة أصحاب معاذ بقوله في " إعلام
الموقعين " ( 1 / 243 ) : " و أصحاب معاذ و إن كانوا غير مسمين فلا يضره ذلك
، لأنه يدل على شهرة الحديث ، و شهرة أصحاب معاذ بالعلم و الدين و الفضل و
الصدق بالمحل الذي لا يخفى .... " أقول : فهذا جواب صحيح لو أن علة الحديث
محصورة بهذه العلة ، أما و هناك علتان أخريان قائمتان ، فالحديث ضعيف على كل
حال ، و من العجيب أن ابن القيم رحمه الله لم يتعرض للجواب عنهما مطلقا . فكأنه
ذهل عنهما لانشغاله بالجواب عن هذه العلة و الله أعلم . ثم تبين لي أن ابن
القيم اتبع في ذلك كله الخطيب البغدادي في " الفقيه و المتفقه " ( 113 / 1 - 2
من المخطوطة ، 189 - من المطبوعة ) ، و هذا أعجب ، أن يخفى على مثل الخطيب في
حفظه و معرفته بالرجال علة هذا الحديث القادحة ! ( تنبيه ) أورد ابن الأثير هذا
الحديث في " جامع الأصول " ( 10 / 551 ) عن الحارث بن عمرو باللفظ الذي ذكرته ،
ثم قال : " و في رواية : " أن معاذا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله بما أقضي ؟ قال : بكتاب الله ، قال : فإن لم أجد ؟ قال : بسنة
رسول الله ، قال فإن لم أجد ، قال استدق الدنيا ، و تعظم في عينيك ما عند الله
و اجتهد رأيك فيسددك الله للحق . ثم قال عقبه : " و أخرجه أبو داود " . قلت :
و ليست عنده هذه الرواية ، و لا رأيت أحدا عزاها إليه غيره ، و لا وجدت لها
أصلا في شيء من المصادر التي وقفت عليها ، فهي منكرة شديدة النكارة ، لمخالفتها
لجميع الروايات المرسلة منها و الموصولة ، و جميعها معلة بالجهالة . و مر على
هذا العزو لأبي داود المحقق الفاضل لـ " جامع الأصول " ( 10 / 177 - 178 - طبعة
دمشق ) دون أي تعليق أو تحقيق ! تنبيه آخر : ذهب الشيخ زاهد الكوثري المعروف في
مقال له إلى تقوية هذا الحديث ، و ليس ذلك بغريب منه ما دام أنه قد سبق إليه ،
و لكن الغريب حقا أنه سلك في سبيل ذلك طريقا معوجة ، لا يعرفها أهل الجرح و
التعديل ، فرأيت أن أنقل خلاصة كلامه فيه ، ثم أرد عليه و أبين خطأه و زغله .
قال في " مقالاته " ( ص 60 - 61 ) : " و هذا الحديث رواه عن أصحاب معاذ الحارث
بن عمرو الثقفي ، و ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة بن الحجاج يقول عنه
: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة ، و لا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين
، في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة 116 ، و لم ينقل أهل الشأن جرحا
مفسرا في حقه ، و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه
عن أهل طبقته ، بل يكفي في عدالة و قبول روايته ألا يثبت فيه جرح مفسر من أهل
الشأن ، لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة . أما من
بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم و هكذا . و الحارث هذا ذكره ابن
حبان في " الثقات " و إن جهله العقيلي و ابن الجارود و أبو العرب ، و قد روى
هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني و شعبة بن الحجاج
المعروف بالتشدد في الرواية و المعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في
سند روايته " . قلت : و في هذا الكلام من الأخطاء المخالفة لما عليه علماء
الحديث ، و من المغالطات و الدعاوى الباطلة ، ما لا يعرفه إلا من كان متمكنا في
هذا العلم الشريف ، و بيانا لذلك أقول : 1 - قوله : " ليس هو مجهول العين
بالنظر إلى أن شعبة يقول عنه ابن أخي المغيرة " . فأقول : بل هو مجهول و توضيحه
من ثلاثة وجوه : الأول : أن أحدا من علماء الحديث - فيما علمت - لم يقل أن
الراوي المجهول إذا عرف اسم جده بله اسم أخي جده خرج بذلك عن جهالة العين إلى
جهالة الحال أو الوصف . فهي مجرد دعوى من هذا الجامد في الفقه ، و المجتهد في
الحديث دون مراعاة منه لقواعد الأئمة ، و أقوالهم الصريحة في خلاف ما يذهب إليه
! فإنهم أطلقوا القول في ذلك ، قال الخطيب : " المجهول عند أهل الحديث من لم
يعرفه العلماء و لا يعرف حديثه إلا من جهة واحد ..... " . الثاني : أنه خلاف ما
جرى عليه أئمة الجرح و التعديل في تراجم المجهولين عينا ، فقد عرفت مما سبق
ذكره في ترجمة الحارث هذا أنه مجهول عند الحافظين الذهبي و العسقلاني و كفى
بهما حجة ، لاسيما و هما مسبوقون إلى ذلك من ابن حزم و غيره ممن ذكرهم الكوثري
نفسه كما رأيت ! و من الأمثلة الأخرى على ذلك ذهيل بن عوف بن شماخ التميمي أشار
الذهبي إلى جهالته بقوله في " الميزان " : " ما روى عنه سوى سليط بن عبد الله
الطهوي " و صرح بذلك الحافظ فقال في " التقريب " : " مجهول من الثالثة " . و من
ذلك أيضا زريق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني ، أشار الذهبي أيضا إلى جهالته و
قال الحافظ : " مجهول " . و الأمثلة على ذلك تكثر ، و فيما ذكرنا كفاية ، فأنت
ترى أن هؤلاء قد عرف اسم جد كل منهم ، و مع ذلك حكموا عليهم بالجهالة . الثالث
: قوله : " شعبة يقول عنه : إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة " . فأقول : ليس هذا
من قول شعبة ، و إنما هو من قول أبي العون كما مر في إسناد الحديث ، و شعبة
إنما هو راو عنه ، و هو في هذه الحالة لا ينسب إليه قول ما جاء في روايته ، حتى
و لو صحت عنده لأنه قد يقول بخلاف ذلك ، و لذلك جاء في علم المصطلح ، " و عمل
العالم و فتياه على وفق حديث رواه ليس حكما بصحته ، و لا مخالفته قدح في صحته و
لا في رواته " . كذا في " تقريب النووي " ( ص 209 بشرح التدريب ) . و كأن
الكوثري تعمد هذا التحريف و نسبة هذا القول لشعبة - و ليس له - ليقوي به دعوى
كون الحارث بن عمرو هذا ابن أخي المغيرة ، لأن أبا العون - و اسمه محمد بن عبيد
الله ابن الثقفي الأعور و إن كان ثقة ، فإنه لا يزيد على كونه راويا من رواة
الحديث ، و أما شعبة فإمام نقاد . على أننا لو سلمنا بأنه من قوله ، فذلك مما
لا يفيد الكوثري شيئا من رفع الجهالة كما سبق بيانه . 2 - قوله : " و لا مجهول
الوصف من حيث أنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ أبي عون ....... " . فأقول :
الجواب من وجهين : الأول : بطلان هذه الدعوى من أصلها ، لأن شيوخ أبي عون ليسوا
جميعا من كبار التابعين حتى يلحق بهم الحارث هذا ، فإن من شيوخه أبا الزبير
المكي و قد مات سنة ( 126 ) ، و لذلك جعله الحافظ من الطبقة الرابعة ، و هم
الذين جل روايتهم عن كبار التابعين ، و من شيوخه والده عبيد الله بن سعيد ، و
لا تعرف له وفاة ، لكن ذكره ابن حبان في " أتباع التابعين " ، و قال : يروي
المقاطيع . قال الحافظ : فعلى هذا فحديثه عن المغيرة مرسل . يعني منقطع ، و
لذلك جعله في " التقريب " من الطبقة السادسة ، و هم من صغار التابعين الذين لم
يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج . إذا عرفت هذا فادعاء أن الحارث بن
عمرو من كبار التابعين افتئات على العلم ، و تخرص لا يصدر من مخلص ، و الصواب
أن يذكر ذلك على طريق الاحتمال ، فيقال : يحتمل أنه من كبار التابعين ، كما
يحتمل أنه من صغارهم . فإن قيل : فأيهما الأرجح لديك ؟ قلت : إذا كان لابد من
اتباع أهل الاختصاص في هذا العلم ، و ترك الاجتهاد فيما لا سبيل لأحد اليوم
إليه ، فهو أنه من صغار التابعين ، فقد أورده الإمام البخاري في " التاريخ
الصغير " في فصل " من مات ما بين المائة إلى العشرة " ( ص 126 - هند ) و أشار
إلي حديثه هذا و قال : " و لا يعرف الحارث إلا بهذا ، و لا يصح " . و لذلك جعله
الحافظ في " التقريب " من الطبقة السادسة التي لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من
الصحابة فقال : " مجهول ، من السادسة " . فإن قيل : ينافي هذا ما ذكره الكوثري
( ص 62 ) أن لفظ شعبة في رواية علي بن الجعد قال : سمعت الحارث بن عمرو ابن أخي
المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل .
كما أخرجه ابن أبي خيثمة ، في " تاريخه " و مثله في " جامع بيان العلم " لابن
عبد البر . فهذا صريح في أنه لقي جمعا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو
تابعي . فأقول : نعم والله إن هذه الرواية لتنافي ذلك أشد المنافاة ، و لكن
يقال للكوثري و أمثاله : أثبت العرش ثم انقش ، فإنها رواية شاذة ، تفرد بها علي
بن الجعد مخالفا في ذلك لسائر الثقات الذين لم يذكروا رسول الله صلى الله عليه
وسلم مضافا إلى ( الأصحاب ) ، و إنما قالوا : أصحاب معاذ كما تقدم في الإسناد
عند جميع من عزونا الحديث إليهم ، إلا في رواية لابن عبد البر ، و هي من روايته
عن أحمد بن زهير قال : حدثنا علي بن الجعد ...... و أحمد بن زهير هو ابن أبي
خيثمة . و إليك أسماء الثقات المخالفين لابن الجعد في روايته تلك : الأول : أبو
داود الطيالسي نفسه في " مسنده " و عنه البيهقي . الثاني : محمد بن جعفر عند
أحمد و الترمذي . الثالث : عفان بن مسلمة عند أحمد أيضا . الرابع : يحيى بن
سعيد القطان ، عند أبي داود و ابن عبد البر في الرواية الأخرى . الخامس : وكيع
بن الجراح عند الترمذي . السادس : عبد الرحمن بن مهدي عند الترمذي . السابع :
يزيد بن هارون عند ابن سعد . الثامن : أبو الوليد الطيالسي عند ابن سعد .
فهؤلاء ثمانية من الثقات و كلهم أئمة أثبات ، لاسيما و فيهم يحيى القطان الحافظ
المتقن لو أن بعضهم خالفوا ابن الجعد لكان كافيا في الجزم بوهمه في نسبته (
الأصحاب ) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى معاذ ، فكيف بهم مجتمعين ؟! و
مثل هذا لا يخفى على الكوثري ، و لكنه يتجاهل ذلك عمدا لغاية في نفسه ، و إلا
فإن لم تكن رواية ابن الجعد هذه شاذة فليس في الدنيا ما يمكن الحكم عليه
بالشذوذ ، و لذلك لم يعرج على هذه الرواية كل من ترجم للحارث هذا . فثبت مما
تقدم أن الحارث بن عمرو هو من صغار التابعين ، و ليس من كبارهم ، و قد صرح
بسماعه من جابر بن سمرة في رواية الطيالسي في " مسنده " ( 216 ) عن شعبة عنه .
و الآخر : هب أنه من كبار التابعين ، فذلك لا ينفي عنه جهالة العين فضلا عن
جهالة الوصف عند أحد من أئمة الجرح و التعديل ، بل إن سيرتهم في ترجمتهم للرواة
يؤيد ما ذكرنا ، فهذا مثلا حريث بن ظهير من الطبقة الثانية عند الحافظ ، و هي
طبقة كبار التابعين ، فإنه مع ذلك أطلق عليه الحافظ بأنه مجهول . و سبقه إلى
ذلك الإمام الذهبي فقال : " لا يعرف " . و مثله حصين بن نمير الكندي الحمصي .
قال الحافظ : " يروي عن بلال ، مجهول من الثانية " . و نحوه خالد بن وهبان ابن
خالة أبي ذر . قال الحافظ : " مجهول ، من الثالثة " . 3 - قوله : " و لم ينقل
أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه " . قلت : لا ضرورة إلى هذا الجرح ، لأنه ليس
بمثله فقط يثبت الجرح ، بل يكفي أن يكون جرحا غير مفسر إذا كان صادرا من إمام
ذي معرفة بنقد الرواة ، و لم يكن هناك توثيق معتمر معارض له ، كما هو مقرر في
علم المصطلح ، فمثل هذا الجرح مقبول ، لا يجوز رفضه ، و من هذا القبيل وصفه
بالجهالة ، لأن الجهالة علة في الحديث تستلزم ضعفه ، و قد عرفت أنه مجهول عند
جمع من الأئمة النقاد و منهم الإمام البخاري ، فأغنى ذلك عن الجرح المفسر ، و
ثبت ضعف الحديث . 4 - قوله : " و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى
أن ينقل توثيق عن أهل طبقته " . فأقول : فيه أمور : أولا : أن الحارث هذا لم
يثبت أنه تابعي كبير كما تقدم فانهار قوله من أصله . و ثانيا : أنه لا قائل بأن
الراوي سواء كان تابعيا أو ممن دونه بحاجة إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته
، بل يكفي في ذلك أن يوثقه إمام من أئمة الجرح و التعديل سواء كان من طبقته أو
ممن دونها ، فلما كان الحارث هذا لم يوثقه أحد ممن يوثق بتوثيقه بل جهلوه فقد
سقط حديثه . 5 - قوله : " بل يكفي في عدالته ........ ( إلى قوله ) من رجال تلك
الطبقة " . قلت : هذه مجرد دعوى ، فهي لذلك ساقطة الاعتبار ، فكيف و هي مخالفة
للشرط الأول من شروط الحديث الصحيح : " ما رواه عدل ضابط ..... " فلو سلمنا أن
عدالته تثبت بذلك ، فكيف يثبت ضبطه و ليس له من الحديث إلا القليل بحيث لا يمكن
سبره و عرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه ، أو بأنه وسط بين
ذلك . كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يرو فيهم جرح
أو تعديل ممن قبلهم من الأئمة . و يكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في
" علم المصطلح " أنه مباين لما جاء فيه : أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين
مشهورين كما تقدم عن الخطيب . و لما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس
الأسلمي ، و مسلما عن ربيعة بن كعب الأسلمي و لم يرو عنهما غير واحد . رده
النووي في " التقريب " بقوله ( ص 211 ) : " و الصواب نقل الخطيب ، و لا يصح
الرد عليه بمرداس و ربيعة فإنهما صحابيان مشهوران ، و الصحابة كلهم عدول " . و
أيده السيوطي في " التدريب " فقال عقبه : " فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم
بتعداد الرواة ، قال العراقي : هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة ، و
لكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أو لا تثبت إلا برواية
اثنين عنه ، و هو محل نظر و اختلاف بين أهل العلم ، و الحق أنه إن كان معروفا
بذكره في الغزوات أو في من وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته " . قلت
: فتأمل كلام العراقي هذا يتبين لك بطلان قول الكوثري ، لأنه تساهل في إثبات
عدالة التابعي الكبير فلم يشترط فيه ما اشترطه العراقي في إثبات الصحبة
المستلزمة لثبوت العدالة ! فإنه اشترط مع رواية الواحد عنه أن يكون معروفا
بذكره في الغزوات أو الوفود . و هذا ما لم يشترط الكوثري مثله في التابعي !
فاعتبروا يا أولي الأبصار . و لعله قد وضح لك أنه لا فرق بين التابعي الكبير و
من دونه في أنه لا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم . و تثبت العدالة بتنصيص
عدلين عليها أو بالاستفاضة . كما هو معلوم . 6 - قال : " أما من بعدهم فلا تقبل
روايتهم ما لم تثبت عدالتهم و هكذا " . قلت : بل و التابعي الكبير كذلك كما
حققناه في الفقرة السابقة . 7 - قال : " و الحارث هذا ذكره ابن حبان في "
الثقات " ، و إن جهله العقيلي و ابن الجارود و أبو العرب " . قلت : فيه أمران :
الأول : أنه تغافل عن أئمة آخرين جهلوه ، منهم الإمام البخاري و الذهبي و
العسقلاني و غرضه من ذلك واضح و هو الحط من شأن هذا التجهيل ! و الآخر :
اعتداده بتوثيق ابن حبان هنا خلاف مذهبه الذي يصرح في بعض تعليقاته <1> بأن ابن
حبان يذكر في " الثقات من لم يطلع على جرح فيه ، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة
عند الآخرين ، و قد رد شذوذ ابن حبان هذا في ( لسان الميزان ) " . و هذا من
تلاعبه في هذا العلم الشريف ، فتراه يعتد بتوثيق ابن حبان حيث كان له هوى في
ذلك كهذا الحديث ، و حديث آخر في التوسل كنت خرجته فيما تقدم برقم ( 23 ) ، و
لا يعتد به حين يكون هواه على نقيضه كحديث الأوعال و غيره ، و قد شرحت حاله هذا
هناك بما فيه كفاية . و لكن لابد لي هنا من أن أنقل كلامه في راوي حديث الأوعال
و هو عبد الله بن عميرة راويه عن العباس بن عبد المطلب ، فهو تابعي كبير
، لتتأكد من وجود التشابه التام بينه و بين الحارث بن عمرو الراوي للحديث عن
معاذ ، و مع ذلك يوثق هذا بذاك الأسلوب الملتوي ، و يجهل ذاك و هو فيه على
الصراط السوي ! قال في " مقالاته " ( ص 309 ) : " و قال مسلم في " الوحدان " (
ص 14 ) : " انفرد سماك بن حرب بالرواية عن عبد الله بن عميرة " . فيكون ابن
عميرة مجهول العين عنده ، ( يعني مسلما ) لأن جهالة العين لا تزول إلا برواية
ثقتين ، ( تأمل ) و قال إبراهيم الحربي - أجل أصحاب أحمد - عن ابن عميرة لا
أعرفه . و قال الذهبي في " الميزان " عن عبد الله بن عميرة : فيه جهالة " . قلت
: ثم وصفه الكوثري بأنه شيخ خيالي ! و بأنه مجهول عينا و صفة ! و نحوه قوله في
" النكت الطريفة " ( ص 101 ) و قد ذكر حديثا في سنده عبد الرحمن بن مسعود : " و
هو مجهول . قال الذهبي : " لا يعرف " و إن ذكره ابن حبان في الثقات على
قاعدته في التوثيق " ! و قال في ( قابوس ) . " و إنما وثقه ابن حبان على طريقته
في توثيق المجاهيل إذا لم يبلغه عنهم عنهم جرح ، و هذا غاية التساهل " !! ( ص
48 منه ) . فقابل كلامه هذا بالقاعدة التي وضعها من عند نفسه في قبول حديث
التابعي الكبير حتى و لو نص الأئمة على جهالته تزداد تأكدا من تلاعبه المشار
إليه . نسأل الله السلامة . و لو كانت القاعدة الموضوعة صحيحة لكان قبول حديث
ابن عميرة هذا أولى من حديث الحارث ، لأنه روى عن العباس فهو تابعي كبير قطعا ،
و لذلك جعله ابن حجر من الطبقة الثانية ، بينما الحارث إنما يروي عن بعض
التابعين كما سبق ، و لكن هكذا يفعل الهوى بصاحبه . نسأل الله العافية . 8 -
قال أخيرا : " و قد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني
، و شعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية ، و المعترف له بزوال الجهالة
وصفا عن رجال يكونون في سند روايته " ! قلت : فيه مؤاخذتان : الأولى : أن كون
شعبة معروفا بالتشدد في الرواية لا يستلزم أن يكون كل شيخ من شيوخه ثقة ، بله
من فوقهم ، فقد وجد في شيوخه جمع من الضعفاء ، و بعضهم ممن جزم الكوثري نفسه
بضعفه ! و لا بأس من أن أسمي هنا من تيسر لي منهم ذكره : 1 - إبراهيم بن مسلم
الهجري . 2 - أشعث بن سوار . 3 - ثابت بن هرمز . 4 - ثوير بن أبي فاختة . 5 -
جابر الجعفي . 6 - داود بن فراهيج . 7 - داود بن يزيد الأودي . 8 - عاصم بن
عبيد الله ( قال الكوثري في " النكت " ( ص 74 ) : ضعيف لا يحتج به ) . 9 - عطاء
بن أبي مسلم الخراساني . 10 - علي بن زيد بن جدعان . 11 - ليث بن أبي سليم . 12
- مجالد بن سعيد . - قال الكوثري في " النكت " ( ص 63 ) : " ضعيف بالاتفاق " و
ضعف به حديث : " زكاة الجنين زكاة أمه " ! ثم ضعف به فيه ( ص 95 ) حديث " لعن
الله المحلل و المحلل له " ! فلم يتجه من تضعيفه إياه أنه من شيوخ شعبة ! <2>
.13 - مسلم الأعور . 14 - موسى بن عبيدة . 15 - يزيد بن أبي زياد . 16 - يزيد
بن عبد الرحمن الدالاني . 17 - يعقوب بن عطاء . 18 - يونس بن خباب . من أجل ذلك
قالوا في لم المصطلح : و إذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين ،
و هو الصحيح كما قال النووي في " التدريب " ( ص 208 ) و راجع له شرحه " التقريب
" و إذا كان هذا في شيوخه فبالأولى أن لا يكون شيوخ شيوخه عدولا إلا إذا سموا
، فكيف إذا لم يسموا ؟! الأخرى : قوله : " و المعترف له بزوال الجهالة ........
" . أقول : إن كان يعني أن ذلك معترف به عند المحدثين ، فقد كذب عليهم ، فقد
عرفت مما سردناه آنفا طائفة من الضعفاء من شيوخ شعبة مباشرة ، فبالأولى أن يكون
في شيوخ شيوخه من هو ضعيف أو مجهول ، و كم من حديث رواه شعبة ، و مع ذلك ضعفه
العلماء بمن فوقه من مجهول أو ضعيف ، من ذلك حديثه عن أبي التياح : حدثني شيخ
عن أبي موسى مرفوعا بلفظ : " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا " .
فضعفوه بجهالة شيخ أبي التياح كما سيأتي برقم ( 2320 ) ، و من ذلك حديث " من
أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ..... " الحديث . رواه شعبة بإسناده عن أبي
المطوس عن أبي هريرة مرفوعا : فضعفه البخاري و غيره بجهالة أبي المطوس فراجع
" الترغيب و الترهيب " ( 2 / 74 ) ، و " المشكاة " ( 2013 ) ، و " نقد الكتاني
" ( 35 ) . و إن كان يعني بذلك نفسه ، أي أنه هو المعترف بذلك ، فهو كاذب أيضا
- مع ما فيه من التدليس و الإيهام - ، لأن طريقته في إعلال الأحاديث بالجهالة
تناقض ذلك ، و إليك بعض الأمثلة : 1 - عبد الرحمن بن مسعود ، صرح في " النكت
الطريفة " ( ص 101 ) بأنه " مجهول " مع أنه من رواية شعبة عنه بالواسطة ! و قد
قمت بالرد عليه عند ذكر حديثه الآتي برقم ( 2556 ) و بيان تناقضه ، و إن كان
الرجل فعلا مجهولا . 2 - عمرو بن راشد الذي في حديث وابصة في الأمر بإعادة
الصلاة لمن صلى وراء الصف وحده . قال الكوثري في " النكت " ( ص 28 ) : " ليس
معروفا بالعدالة فلا يحتج بحديثه " . مع أنه يرويه شعبة بإسناده عنه ، و هو
مخرج في " صحيح أبي داود " ( 683 ) ، و " إرواء الغليل " ( 534 ) . و راجع
تعليق أحمد شاكر على الترمذي ( 1 / 448 - 449 ) " . 3 - وكيع بن حدس الراوي عن
أبي رزين العقيلي حديث كان في عماء ما فوقه هواء ، و ما تحته هواء ..... " قال
الكوثري في تعليقه على " الأسماء " ( ص 407 ) : " مجهول الصفة " . مع أنه يعلم
أن شعبة قد روى له حديثا آخر عند الطيالسي ( 1090 ) و أحمد ( 4 / 11 ) . فما
الذي جعل هؤلاء الرواة مجهولين عند الكوثري ، و جعل الحارث بن عمرو معروفا عنده
و كلهم وقعوا في إسناد فيه شعبة ؟! الحق ، و الحق أقول : إن هذا الرجل لا يخشى
الله ، فإنه يتبع هواه انتصارا لمذهبه ، فيبرم أمرا أو قاعدة من عند نفسه
لينقضها في مكان آخر متجاوبا مع مذهبه سلبا و إيجابا . و في ذلك من التضليل و
قلب الحقائق ما لا يخفى ضرره على أهل العلم . نسأل الله العصمة من الهوى . و
بعد ، فقد أطلت النفس في الرد على هذا الرجل لبيان ما في كلامه من الجهل و
التضليل نصحا للقراء و تحذيرا ، فمعذرة إليهم . هذا و لا يهولنك اشتهار هذا
الحديث عن علماء الأصول ، و احتجاجهم به في إثبات القياس ، فإن أكثرهم لا معرفة
عندهم بالحديث و رجاله ، و لا تمييز لديهم بين صحيحه و سقيمه ، شأنهم في ذلك
شأن الفقهاء بالفروع ، إلا قليلا منهم ، و قد مر بك كلام إمام الحرمين في هذا
الحديث - و هو من هو في العلم بالأصول و الفروع ، فماذا يقال عن غيره ممن لا
يساويه في ذلك بل لا يدانيه ، كما رأت نقد الحافظ ابن طاهر إياه ، ثم الحافظ
ابن حجر من بعده ، مع إنكاره على ابن طاهر سوء تعبيره في نقده . ثم وجدت لكل
منهما موافقا ، فقد نقل الشيخ عبد الوهاب السبكي في ترجمة الإمام من " طبقاته "
عن الذهبي أنه قال فيه : " و كان أبو المعالي مع تبحره في الفقه و أصوله ، لا
يدري الحديث ! ذكر في كتاب " البرهان " حديث معاذ في القياس فقال : هو مدون في
" الصحاح " متفق على صحته . كذا قال ، و أنى له الصحة ، و مداره على الحارث بن
عمرو و هو مجهول ، عن رجال من أهل حمص لا يدري من هم ؟ عن معاذ " . ثم تعقبه
السبكي بنحو ما سبق من تعقب الحافظ لابن طاهر ، و لكنه دافع عنه بوازع من
التعصب المذهبي ، لا فائدة كبرى من نقل كلامه و بيان ما فيه من التعصب ، فحسبك
أن تعلم أنه ذكر أن الحديث رواه أبو داود الترمذي ، و الفقهاء لا يتحاشون من
إطلاق لفظ " الصحاح " عليها . فكأن السبكي يقول : فللإمام أسوة بهؤلاء الفقهاء
في هذا الإطلاق ! فيقال له : أولو كان ذلك أمرا منكرا عند العلماء بالحديث ؟! و
في الوقت نفسه فقد تجاهل السبكي قول الإمام في الحديث " متفق على صحته " ، فإنه
خطأ محض لا سبيل إلى تبريره أو الدفاع عنه بوجه من الوجوه ، و لذلك لم يدندن
السبكي حوله و لو بكلمة . و لكنه كان منصفا حين اعترف بضعف الحديث ، و أن
الإمام صحح غيره من الأحاديث الضعيفة فقال : " و ما هذا الحديث وحده ادعى
الإمام صحته و ليس بصحيح ، بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره ، و لم يوجب ذلك
عندنا الغض منه " . و أقول أخيرا : إن وصف الرجل بما فيه ليس من الغض منه في
شيء ، بل ذلك من باب النصح للمسلمين ، و بسبب تجاهل هذه الحقيقة صار عامة
المسلمين لا يفرقون بين الفقيه و المحدث ، فيتوهمون أن كل فقيه محدث ، و
يستغربون أشد الاستغراب حين يقال لهم الحديث الفلاني ضعيف عند المحدثين و إن
احتج به الفقهاء ، و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا ، تجدها مبثوثة في تضاعيف هذه "
السلسلة " ، و حسبك الآن هذا الحديث الذي بين يديك . و جملة القول أن الحديث لا
يصح إسناده لإرساله ، و جهالة راويه الحارث بن عمرو ، فمن كان عنده من المعرفة
بهذا العلم الشريف ، و تبين له ذلك فبها ، و إلا فحسبه أن يستحضر أسماء الأئمة
الذين صرحوا بتضعيفه ، فيزول الشك من قلبه ، و ها أنها ذا أسردها و أقربها إلى
القراء الكرام : 1 - البخاري . 2 - الترمذي . 3 - العقيلي . 4 - الدارقطني . 5
- ابن حزم . 6 - ابن طاهر . 7 - ابن الجوزي . 8 - الذهبي . 9 - السبكي 10 - ابن
حجر كل هؤلاء - و غيرهم ممن لا نستحضرهم - قد ضعفوا هذا الحديث ، و لن يضل
بإذن الله من اهتدى بهديهم ، كيف و هم أولى الناس بالقول المأثور : " هم القوم
لا يشقى جليسهم " . هذا و لما أنكر ابن الجوزي صحة الحديث أتبع ذلك قوله : " و
إن كان معناه صحيحا " كما تقدم . فأقول : هو صحيح المعنى فيما يتعلق بالاجتهاد
عند فقدان النص ، و هذا مما لا خلاف فيه ، و لكنه ليس صحيح المعنى عندي فيما
يتعلق بتصنيف السنة مع القرآن و إنزاله إياه معه ، منزلة الاجتهاد منهما . فكما
أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص في الكتاب و السنة ، فكذلك لا يأخذ بالسنة
إلا إذا لم يجد في الكتاب . و هذا التفريق بينهما مما لا يقول به مسلم بل
الواجب النظر في الكتاب و السنة معا و عدم التفريق بينهما ، لما علم من أن
السنة تبين مجمل القرآن ، و تقيد مطلقه ، و تخصص عمومه كما هو معلوم . و من رام
الزيادة في بيان هذا فعليه برسالتي " منزلة السنة في الإسلام و بيان أنه لا
يستغنى عنها بالقرآن " . و هي مطبوعة ، و هي الرسالة الرابعة من " رسائل الدعوة
السلفية " . و الله ولي التوفيق .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر " مقالات الكوثري " ( ص 309 ) ، و " شروط الأئمة الخمسة " ( ص 45 ) .
[2] و لا يفوتني التنبيه على أن الحديثين المذكورين صحيحان رغم أنف الكوثري ، و
تعصبه المذهبي ، و هما مخرجان في " إرواء الغليل " ( 2606 و 1955 ) . اهـ .
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:
الجزء السادس عشر من السلسله الضعيفة للامام الالباني
846 - " إن الله تعالى فضل المرسلين على المقربين ، فلما بلغت السماء السابعة لقيني
مالك من نور ، على سرير من نور ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فأوحى الله
إليه : يسلم عليك صفيي و نبيي فلم تقم إليه ، و عزتي و جلالي لتقومن فلا تقعدن
إلى يوم القيامة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 242 ) :
موضوع . رواه الخطيب في " تاريخه " ( 3 / 306 - 307 ) عن محمد بن مسلمة
الواسطي حدثنا يزيد بن هارون : حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس
مرفوعا . و قال : " هذا الحديث باطل موضوع ، رجال إسناده كلهم ثقات سوى محمد بن
مسلمة ، رأيت هبة الله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة ، و سمعت الحسن بن
محمد الخلال يقول : محمد بن مسلمة ضعيف جدا " . و الحديث أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1 / 292 ) من طريق الخطيب ، و احتج بكلامه المذكور في وضعه ، و
أقره الذهبي في " الميزان " و كذا السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 274 - 275 ) .
و مع ذلك فقد أورد في كتابه " الجامع الصغير " حديثا آخر للواسطي هذا ، فوجب
بيانه و هو : " إياك و قرين السوء فإنك به تعرف " .
(2/345)
847 - " إياك و قرين السوء فإنك به تعرف " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 242 ) :
موضوع . رواه سليم بن أيوب الفقيه في جزئه " عوالي مالك " و هو آخر حديث
فيه < و أخرجه > بإسناده عن طريق مالك - عن محمد بن مسلمة الواسطي : حدثنا موسى
الطويل عن أنس مرفوعا . و من طريق سليم هذا رواه ابن عساكر في " التاريخ "
( 4 / 333 / 1 ) و كذا في " التجريد " ( 4 / 21 / 2 ) و في المجلس الثالث و
الخمسين من " الأمالي " ( 46 / 1 ) و قال : " هذا حديث سباعي غريب " . قلت : و
إسناده موضوع آفته إما محمد بن مسلمة الواسطي فإنه متهم بالوضع كما سبق في
الحديث الذي قبله . و إما شيخه موسى الطويل و هو ابن عبد الله ، فقال ابن حبان
( 2 / 242 ) : " روى عن أنس أشياء موضوعة ، كان يضعها ، أو وضعت له فحدث بها "
. و قال أبو نعيم : " روى عن أنس المناكير ، لا شيء " . و الحديث مما سود به
السيوطي " الجامع الصغير " ! فأورده فيه من رواية ابن عساكر وحده . و بيض له
المناوي فلم يتكلم عليه بشيء ! و بهذا الإسناد الحديث الآتي : " من أذن سنة على
نية صادقة ، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأوقف على باب بالجنة فقيل له
: اشفع لمن شئت " .
(2/346)
848 - " من أذن سنة على نية صادقة ، لا يطلب عليها أجرا حشر يوم القيامة فأوقف على
باب بالجنة فقيل له : اشفع لمن شئت " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 243 ) :
موضوع . رواه ابن شاهين في " رباعياته " ( 176 / 1 ) و تمام ( 147 / 1 ) و
ابن عساكر ( 5 / 2 / 2 ) عن محمد بن مسلمة الواسطي : حدثنا موسى الطويل : حدثنا
مولاي أنس بن مالك مرفوعا . و هذا موضوع كما عرفت مما سبق بيانه في الحديث
السابق ، و من العجائب أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الصغير " من رواية
ابن عساكر وحده عن أنس ، مع أنه أورده أيضا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص
104 ) من رواية ابن النجار عن محمد بن مسلمة هذا به و قال : " قال ابن حبان
: موسى روى عن أنس موضوعات " . و أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة ( 256 / 1
) . و لما أورده في " الجامع الصغير " تعقبه المناوي بقوله : " قال ابن الجوزي
: حديث لا يصح ، فيه موسى الطويل كذاب ، قال ابن حبان : زعم أنه رأى أنسا ، و
روى عنه أشياء موضوعة ، و محمد بن مسلمة غاية في الضعف " .
(2/347)
849 - " من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 243 ) :
موضوع . رواه الخطيب البغدادي في " الموضح " ( 2 / 186 ) عن أبي قيس
الدمشقي عن عبادة بن نسي عن أبي مريم السكوني عن ثوبان مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم مرفوعا . و قال : " أبو قيس هذا هو محمد بن عبد الرحمن القرشي "
و ذكر له أسماء و كنى كثيرة جدا ، ثم روى عن ابن نمير أنه ذكر له رواية
الكوفيين عن محمد بن سعيد الذي يقال له : ابن أبي قيس ، فقال : لم يعرفوه ،
إنما العيب على من روى عنه من أهل الشام بعد المعرفة ، من يروي عن هذا العدو
لله ؟! <1> كذاب يضع الحديث ، صلب في الزندقة ، و لقد حدث الناس ، قبحه الله !
و قال ابن سعيد : سمعت عبد الله بن أحمد بن سوادة أبا طالب يقول : قلب أهل
الشام اسم محمد بن سعيد الزنديق على مائة اسم و كذا و كذا اسما ، قد جمعتهن في
كتاب ، و هو الذي أفسد كثيرا من حديثهم " . و هذه فائدة هامة من كلام الحافظ
الخطيب أن أبا قيس هذا هو محمد بن سعيد المصلوب ، و بذلك جزم ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 436 ) ، و كأن الذهبي لم يقف على كلامه حيث قال في
الكنى من " الميزان " : " أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي ، أظنه المصلوب ،
هالك " . و أما الحافظ فجزم في " الكنى " من " التهذيب " و " التقريب " أنه
المصلوب ، و خفي هذا كله على السيوطي و بعضه على المناوي ، فأما الأول فقد أورد
الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي عن ثوبان و فيها أبو قيس كما
سيأتي ، فلو كان يظن على الأقل أنه محمد بن سعيد الكذاب لما استجاز إن شاء الله
أن يرويه له ، لعلمه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حدث عني بحديث و هو
يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " . و أما المناوي فقال في شرحه على الجامع " : "
و فيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي ، أورده الذهبي في " الضعفاء و
المتروكين " فقال : كأنه المصلوب ، متهم " . فوقف المناوي عند ظن الذهبي ، و هو
المصلوب يقينا كما سبق . و اعلم أن العلماء مطبقون على تكذيب هذا المصلوب ،
فقال أحمد : " حديثه حديث موضوع " . و قال : " عمدا كان يضع " . و قال ابن حبان
( 2 / 247 ) : " كان يضع الحديث على الثقات ، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح
فيه " . و قال أبو أحمد الحاكم : " كان يضع الحديث ، صلب على الزندقة " . و قال
ابن الجوزي ( 1 / 47 ) : " و الوضاعون خلق كثير فمن كبارهم وهب بن وهب القاضي ،
و محمد بن السائب الكلبي ، و محمد بن سعيد الشامي المصلوب ... " . و حكاه
السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 473 ) و أقره . ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي في
" ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب من " الكامل " ( ق 291 / 1 ) بسنده
عنه عن عبادة بن نسي به و قال : " عامة ما يرويه لا يتابع عليه " . و أما أبو
مريم السكوني فأورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 436 ) و
ساق له هذا الحديث و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و ذكر الحافظ في " الإصابة
" في ترجمة أبي مريم الفلسطيني : " و أبو مريم السكوني ، آخر ، تابعي معروف
، يروي عن ثوبان ، و عنه عبادة بن نسي ، ذكره البخاري و غيره " . و هكذا ذكره
ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 273 ) ، فيبدو أنه مجهول الحال . و قد وجدت
للحديث طريقا أخرى عن أبي مريم ، رواه ابن عساكر ( 15 / 286 / 1 ) عن محمد بن
عبد الله بن نمران الذماري : أخبرنا أبو عمرو العنسي عن أبي مريم مولى السكوني
أنه سمع ثوبان به . و قال : " أبو عمرو هو شراحيل بن عمرو العنسي " . قلت : و
هو ضعيف جدا ، و كذا الراوي عنه ابن نمران ، فقد روى ابن عساكر بسنده عن محمد
بن عوف الحمصي الحافظ أنه ضعفهما جدا ، و عن أبي زرعة أنه قال في ابن نمران :
" منكر الحديث لا يكتب حديثه " و عن الدارقطني : " ضعيف " . و قال ابن أبي حاتم
( 4 / 2 / 307 ) : " سألت أبي عنه فقال : هو ضعيف الحديث جدا " .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل ( والله ) ، و التصويب من " التهذيب " . اهـ .
(2/348)
850 - " من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 245 ) :
ضعيف جدا . رواه الترمذي ( 1 / 267 - 206 طبع حمص ) و ابن ماجه ( 1 / رقم
727 ) و الطبراني ( 3 / 109 / 2 ) و ابن السماك في " التاسع من الفوائد " ( 3 /
1 ) و ابن بشران في " الأمالي الفوائد " ( 2 / 125 / 1 ) و الخطيب في " تاريخه
" ، ( 1 / 247 ) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . و قال
الترمذي : " حديث غريب " . يعني ضعيف ، و قال العقيلي في " الضعفاء " : ( ص 155
) : " و في إسناده لين " . و قال البغوي في " شرح السنة " ( 1 / 58 / 1 ) : " و
إسناده ضعيف " . و أشار المنذري في " الترغيب " ( 1 / 111 ) لتضعيفه . قلت : و
علته جابر هذا ، و هو ابن يزيد الجعفي ، و هو ضعيف بل كذبه بعض الأئمة ، و كان
رافضيا يؤمن أن عليا لم يمت ، و أنه في السحاب و سيرجع ! و رواه ابن عدي ( 99 /
2 ) عن محمد بن الفضل عن مقاتل بن حيان و حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر
مرفوعا . قلت : و محمد بن الفضل ، هو ابن عطية كذاب .
(2/349)
851 - " من أذن خمس صلوات إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، و من أم أصحابه
خمس صلوات إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 245 ) :
ضعيف . رواه رزق الله التميمي الحنبلي في جزء من " أحاديثه " ( 2 / 1 ) و
الأصبهاني في " الترغيب " ( 40 / 1 ) الجملة الأولى فقط ، عن إبراهيم بن رستم
قال : أنبأ حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا
. و من هذا الوجه رواه البيهقي في " سننه " ( 1 / 433 ) إلا أنه جمع الجملتين
في جملة واحدة فقال : " من أذن خمس صلوات و أمهم ..... " الحديث و قال : " لا
أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم " . قلت : و هو ضعيف ، و محله الصدق و له
حديث آخر في فضل المؤذن المحتسب يأتي بعد هذا ، و اعلم أنه لم يأت حديث صحيح في
فضل المؤذن يؤذن سنين معينة ، إلا حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : " من أذن اثنتي
عشرة سنة وجبت له الجنة ، و كتب له بكل أذان ستون حسنة ، و بكل إقامة ثلاثون
حسنة " . رواه الحاكم بإسنادين ، و صححه ، و وافقه الذهبي و هو كما قالا ، فإن
أحد إسناديه صحيح ، كما بينته في " الصحيحة " ( 42 ) .
(2/350)
852 - " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه ، يتمنى على الله ما يشتهي بين الأذان
و الإقامة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 246 ) :
ضعيف . رواه الطبراني في " الأوسط " ( 25 / 2 مجمع البحرين في زوائد
المعجمين ) عن إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن
جبير عن ابن عمر مرفوعا . و من هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في " الأمالي
القديمة " ( 1 / 172 / 1 ) . قلت : و هذا سند ضعيف من أجل قيس بن الربيع و
إبراهيم بن رستم و هو الخراساني ، و كلاهما ضعيف ، و قد تفرد به عن قيس كما قال
الحاكم على ما في " اللسان " . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 /
111 ) و الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 3 ) من حديث عبد الله بن عمرو
مرفوعا بلفظ : " المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه ، إذا مات لم يدود في
قبره " . و قالا : " رواه الطبراني في " الكبير " . قال الهيثمي : " و فيه
إبراهيم بن رستم و هو مختلف في الاحتجاج به ، و فيه من لم نعرف ترجمته " . قلت
: و هو في " المعجم الكبير " أيضا من طريق أخرى عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن
عمر بأتم منه و هو : " المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرغ من أذانه
، و يشهد له كل رطب و يابس ، و إذا مات لم يدود في قبره " .
(2/351)
853 - " المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرغ من أذانه ، و يشهد له كل رطب و
يابس ، و إذا مات لم يدود في قبره " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 246 ) :
ضعيف جدا . رواه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 205 / 2 ) : حدثنا أحمد بن
الجعد الوشا : أخبرنا محمد بن بكار : أخبرنا محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن
مجاهد عن ابن عمر مرفوعا . و رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 113
) عن محمد بن عبسى العطار : حدثنا محمد بن الفضل بن عطية بن سالم الأفطس به .
قلت : و هذا سناد ضعيف بمرة ، آفته محمد بن الفضل بن عطية ، و هو كذاب ، و قال
الهيثمي ( 2 / 3 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه محمد بن الفضل
القسطاني و لم أجد من ذكره " . قلت : لم يقع في نسختنا من المعجم الكبير " : (
القسطاني ) ، و هي نسخة جيدة ، عليها سماعات كثيرة ، لعلماء مشهورين ، منهم
الضياء المقدسي ، إلا أن يكون وقع ذلك في مكان آخر من " المعجم " ، و محمد بن
الفضل هذا هو ابن عطية كما سبق ، و الدليل على ذلك أمور : 1 - أن الخطيب ذكر (
3 / 147 ) في الرواة عنه محمد بن بكار بن الريان ، و هذا الحديث من روايته عنه
كما ترى . 2 - أن أبا نعيم صرح بأنه ابن عطية في روايته ، و هي و أن كان فيها
محمد بن عيسى العطار و هو ابن حبان المدائني ضعيف ، فهي في الشواهد لا بأس بها
. 3 - قال الذهبي في " الميزان : " محمد بن بكار ، روى عن محمد بن الفضل بن
عطية عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه : " الحج جهاد ، و
العمرة تطوع " . قال ابن حزم : ابن بكار و ابن الفضل مجهولان . قلت : أما ابن
بكار فصحيح أنه مجهول ، و أما ابن الفضل فتكلم فيه أحمد و .... و هو ضعيف متروك
بالإجماع " . قلت : فهذا يدل على أن ابن الفضل معروف بالرواية عن سالم الأفطس
، و قد خفي على الذهبي أن ابن بكار هذا هو ابن الريان و ليس مجهولا ، بل هو ثقة
من رجال مسلم في " صحيحه " . هذا و أما محمد بن الفضل القسطاني فهو راو آخر غير
ابن عطية ، و هو متأخر عنه . قال ابن أبي حاتم : " كتبت عنه و هو صدوق " . و له
ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 3 / 152 - 153 ) . ( تنبيه ) : الجملة الثانية من
الحديث " و يشهد له كل رطب و يابس " صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ، جاءت
من حديث ابن عمر و أبي هريرة و غيرهما . انظر " الترغيب " .
(2/352)
854 - " اللهم ارحم خلفائي الذين يأتون بعدي ، يروون أحاديثي و سنتي ، و يعلمونها
الناس " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 247 ) :
باطل . رواه الرامهرمزي في " الفاصل " ( ص 5 ) و أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 1 / 81 ) و الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " ( 1 / 36 / 1 ) و الهروي
في " ذم الكلام " ( 4 / 82 / 2 ) و كذا القاضي عياض في " الإلماع " ( 3 / 4 ) و
عبد الغني المقدسي في " كتاب العلم " ( 50 / 2 ) و الضياء في " المنتقى من
مسموعاته بمرو " ( 74 / 1 ) و محمد بن طولون في " الأربعين " ( 5 / 1 ) كلهم من
طريق أحمد بن عيسى بن عبد الله الحواني : حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : سمعت علي بن أبي طالب يقول : خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره . و من هذا الوجه رواه الطبراني في
" الأوسط " كما في " المجمع " ( 1 / 126 ) ، و أورده أبو نعيم في ترجمة أحمد بن
عيسى هذا و قال : " توفي بأصبهان في خلافة الرشيد " ، و لم يذكر فيه جرحا ، و
هذا عجب فقد قال الدارقطني فيه " كذاب " . كما في " الميزان " للذهبي . و ساق
له هذا الحديث ، و قال : " و هذا باطل " . و أقره الحافظ ابن حجر في " اللسان "
، و مع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " . و تعقبه المناوي بما
نقلناه عن الدارقطني و الذهبي و أتبع ذلك بقوله : " فكان ينبغي حذفه من الكتاب
" . و ذكر المناوي أن مخرجه الطبراني قال : " تفرد به أحمد بن عيسى هذا " . قلت
: و فيه نظر ، فقد قال الخطيب : و أخبرني علي بن أبي علي البصري قال : حدثنا
أبو العباس عبيد الله بن الحسن بن جعفر بن أبي موسى القاضي الموصلي ، قال :
حدثنا سعيد بن علي بن الخليل قال : حدثنا عبد السلام بن عبيد : قال ابن أبي
فديك به . و من طريق الخطيب رواه الكازروني في " المسلسلات " ( 99 / 2 ) . لكن
عبد السلام هذا قال الدارقطني : " ليس بشيء " و قال الأزدي : " لا يكتب حديثه "
و قال ابن حبان ( 2 / 144 ) : " كان يسرق الحديث و يروي الموضوعات " . قلت :
فالظاهر أن هذا الحديث مما سرقه من أحمد بن عيسى ! و للحديث طرق أخرى : 2 -
أخرجه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 49 / 2 ) و عفيف الدين في "
فضل العلم " ( 124 / 2 ) عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي : حدثني أبي
: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا ..... قلت : فساق إسناده عن آبائه من أهل
البيت إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم . و عبد الله هذا متهم بالوضع
، له بهذا السند نسخة موضوعة باطلة ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه ، كما قال
الذهبي . 3 - أخرجه السلفي في " الطيوريات " ( 34 / 1 ) عن إبراهيم بن ميمون
: أخبرنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا . و آفة هذه الطريق
عيسى بن عبد الله و هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، قال ابن حبان ( 2
/ 119 ) : " يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة " . 4 - أخرجه ابن بطة في
" الإبانة " ( 1 / 129 / 2 ) و ابن عساكر ( 14 / 347 / 2 ) عن عبيد بن هشام
الحلبي قال : حدثنا ابن أبي فديك عن عمر بن كثير عن الحسن رفعه نحوه . و هذا مع
إرساله واه ، عبيد بن هشام هذا قال أبو داود : " ثقة إلا أنه تغير في آخر أمره
، لقن أحاديث ليس لها أصل " . قلت : فالظاهر أن هذا الحديث من جملة ما لقنوه
فتلقنه ! 5 - أخرجه أبو نعيم و غيره بسند موضوع عن علي بلفظ آخر و هو : " ألا
أدلكم على الخلفاء مني و من أصحابي و من الأنبياء قبلي ؟ هم حفظة القرآن و
الأحاديث عني و عنهم ، في الله و لله " .
(2/353)
855 - " ألا أدلكم على الخلفاء مني و من أصحابي و من الأنبياء قبلي ؟ هم حفظة القرآن
و الأحاديث عني و عنهم ، في الله و لله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 249 ) :
موضوع . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 134 ) و الخطيب في " شرف
أصحاب النبي " ( 1 / 36 / 1 ) عن عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي
مرفوعا . قلت : و هذا إسناد موضوع آفته عبد الغفور هذا و هو أبو الصباح
الأنصاري الواسطي قال ابن معين : " ليس حديثه بشيء " . و قال ابن حبان ( 2 /
141 ) : " كان ممن يضع الحديث على الثقات ، كعب و غيره ، لا يحل كتابة حديثه و
لا ذكره إلا على جهة التعجب " .
(2/354)
856 - " طلب الحق غربة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 249 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر في " التاريخ " ( 5 / 161 / 1 - 2 ) في ترجمة حمزة
بن محمد بن عبد الله الجعفري الطوسي الصوفي : أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن
أحمد الهاشمي الصوفي : أخبرنا أحمد بن منصور بن يوسف الواعظ الصوفي قال : سمعت
أبا محمد بن جعفر بن محمد الصوفي يقول : سمعت الجنيد بن محمد الصوفي يقول
: سمعت السري بن المغلس السقطي الصوفي ، عن معروف الكرخي الصوفي ، عن جعفر بن
محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب مرفوعا . قلت : و هذا إسناد
مظلم مسلسل بالصوفية ، و غالبهم غير معروفين ، و منهم حمزة هذا فإن ابن عساكر
لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و قد قال الذهبي في " الميزان " : " علان بن
زيد الصوفي ، لعله واضع هذا الحديث الذي في " منازل السائرين " فقال : سمعت
الخلدي : سمعت الجنيد : سمعت السري عن معروف ....... ( قلت : فذكره ) رواه عنه
عبد الواحد بن أحمد الهاشمي ، و لا أعرف الآخر " . و أقره الحافظ في " اللسان "
و المناوي في " الفيض " . قلت : و أنت ترى أنه ليس في إسناد الحديث عند ابن
عساكر " علان بن زيد " ، فلعله سقط من قلم أحد النساخ . و الله أعلم .
(2/355)
857 - " من حبس طعاما أربعين يوما ، ثم أخرجه فطحنه و خبزه و تصدق به لم يقبله الله
منه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 250 ) :
موضوع . رواه ابن عدي ( ق 130 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 8 / 382 ) و
ابن عساكر ( 7 / 55 - 56 ) من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية قال : سمعت
دينارا أبا مكيس يقول : خدمت أنس ثلاث سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، قال : فذكره . قلت : و هذا موضوع آفته دينار هذا ، قال الذهبي :
" حدث في حدود الأربعين و مائتين بوقاحة عن أنس بن مالك ! تالف متهم ، قال ابن
حبان : يروي عن أنس أشياء موضوعة " . ثم ساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها . ثم
قال : " قال القناص : أحفظ عن دينار مائتين و خمسين حديثا " . قال الذهبي :
" قلت : إن كان من هذا الضرب ، فيقدر أن يروي عنه عشرين ألفا كلها كذب ! " . و
قال الحاكم : " روى عن أنس قريبا من مائة حديث موضوع " . قلت : و لذلك أورد ابن
الجوزي حديثه هذا في " الموضوعات " و قال ( 2 / 244 ) : " لا يصح دينار روى عنه
أشياء موضوعة " . و تعقبه السيوطي في " اللآلي " ( 2 / 146 - 147 ) بأنه ورد من
حديث معاذ و علي . قلت : و هذا لا شيء ، فإن فيهما من هو متهم ، و لابد من
بيانهما . أما حديث معاذ فهو : " من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما و تصدق
به لم يقبل منه " .
(2/356)
858 - " من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما و تصدق به لم يقبل منه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 250 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 5 / 346 / 2 ) عن خلاد بن محمد بن هانيء بن واقد
الأسدي : حدثني أبي : أخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الطيالسي ( ! ) أخبرنا
خصيف عن سعيد بن جبير عن معاذ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره . قلت : كذا الأصل ( الطيالسي ) و قال ابن عساكر الصواب :
( البالسي ) . قلت : و هو متهم ، قال الذهبي : " اتهمه الإمام أحمد " . و قال
ابن حبان ( 2 / 132 ) : " كتبنا عن عمر بن سنان عن إسحاق بن خالد البالسي عنه
نسخة شيبها بمائة حديث مقلوبة ، منها ما لا أصل له ، و منها ما هو ملزق بإنسان
ليس يروي ذلك الحديث بتة ، لا يحل الاحتجاج به بحال " . و قال النسائي و غيره :
" ليس بثقة ، و ضرب أحمد على حديثه " . قلت : فالعجب من السيوطي كيف يتعقب ابن
الجوزي في الحديث السابق بمثل هذا الحديث الذي ضرب عليه الإمام أحمد ، و راويه
متهم . مع أنه يعلم أن مثله لا يفيد في الشواهد ، و إنما يفيد فيها الراوي
الصدوق الذي ضعف من قبله حفظه كما قرره هو في " التقريب شرح التدريب " . و محمد
بن هانيء لم أجد له ترجمة . و ابنه خلاد ترجمه ابن عساكر و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا . فهذا هو الشاهد الأول الذي استشهد به السيوطي في " اللآليء "
للحديث الذي قبله و قد عرفت وضعه ، و أما الشاهد الآخر فهو : " من احتكر طعاما
أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة " .
(2/357)
859 - " من احتكر طعاما أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 351 ) :
موضوع . رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن مروان السدي عن
يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن علي رفعه . قلت : و محمد بن مروان كذاب كما
قال ابن نمير و غيره ، و أشار إلى ذلك البخاري بقوله : " سكتوا عنه " . و قال
ابن معين : " ليس بثقة " . و قال ابن حبان ( 2 / 281 ) : " كان محمد يروي
الموضوعات عن الأثبات " . قلت : و هذا الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " مع
الحديث الذي قبله شاهدا للحديث الذي قبلهما ، و قد علمت من الحديث الذي قبله أن
مثله لا ينفع في الشواهد ، لشدة ضعفه . على أن هذا الحديث لو ثبت لا يصلح شاهدا
، لأنه يقول : " لم يكن له كفارة " . و ذاك يقول : " لم يقبله الله منه " و فرق
واضح بين الأمرين ، فإنه لا يلزم من عدم صلاحية العمل ليكون كفارة لجرم أو ذنب
أن لا يقبل منه مطلقا ، بل قد يقبل و يثاب عليه صاحبه و مع ذلك لا يصلح أن يكون
كفارة لذلك الذنب . و هذا بين إن شاء الله تعالى . و لما سبق من حال السدي و
البالسي راوي الحديث الذي قبله تعقب ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 193
)السيوطي في استشهاده بالحديثين بقوله : " إنهما لا يصلحان شاهدين " .
(2/358)
860 - " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين ، و وقر صغيرهم كبيرهم ، و رزقهم
الرفق في معيشتهم ، و القصد في نفقاتهم ، و بصرهم عيوبهم فيتوبوا منها ، و إذا
أراد الله بهم غير ذلك تركهم هملا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 251 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 6 / 111 / 2 ) من طريق الدارقطني بسنده عن موسى
بن محمد بن عطاء : أخبرنا المنكدر بن محمد عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا .
و قال الدارقطني : " غريب من حديث ابن المنكدر عن أنس ، تفرد به ابنه المنكدر
عنه ، و لم يروه عنه غير موسى بن محمد بن عطاء " . قلت : و هو الدمياطي
البلقاوي ، و كان يضع الحديث كما قال ابن حبان و غيره ، و ساق له الذهبي أحاديث
قال في أحدها : " هذا موضوع " . و في غيره : " و هذا باطل " . و في ثالث : " و
هذا كذب " ! قلت : فالعجب من السيوطي كيف سود " الجامع الصغير " بهذا الحديث !
و قد عزاه للدارقطني في " الأفراد " ! و أخرجه الخطيب في " الفقيه و المتفقه "
( 3 / 2 ) عن الفضل بن محمد العطار : أخبرنا سليم بن منصور بن عمار : أخبرنا
أبي : أخبرنا المنكدر بن محمد به ، دون قوله : " و بعدهم ...... " ، فهذه
متابعة لموسى بن محمد بن عطاء من منصور بن عمار ، و هذا مع كونه مضعفا فالسند
إليه هالك ، فإن الفضل هذا قال الدارقطني : " يضع الحديث " . و قال ابن عدي : "
يسرق الحديث " . فالظاهر أنه مما سرقه من ابن عطاء .
(2/359)
861 - " ضع القلم على أذنك ، فإنه أذكر للمملي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 252 ) :
موضوع . رواه الترمذي ( 3 / 391 ) و ابن حبان في " المجروحين " ( 2 / 169 )
و ابن عدي ( 232 / 2 ) و ابن عساكر ( 16 / 19 / 1 ) عن عنبسة عن محمد بن زاذان
عن أم سعد عن زيد بن ثابت قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم و
بين يديه كاتب ، فسمعته يقول : فذكره و قال : " إسناده ضعيف و عنبسة و محمد
ضعيفان " . قلت : و الأول شر من الآخر ، و هو عنبسة بن عبد الرحمن الأموي ، قال
أبو حاتم : " كان يضع الحديث " . و قال ابن حبان : " هو صاحب أشياء موضوعة ، لا
يحل الاحتجاج به " . و أشار البخاري إلى اتهامه فقال : " تركوه " . و قال
النسائي : " متروك " . قلت : و لهذا أورد ابن الجوزي الحديث في " الموضوعات " (
1 / 259 ) من رواية الترمذي هذه ثم قال : " لا يصح ، عنبسة متروك ، و قال أبو
حاتم الرازي : كان يضع الحديث " . و تعقبه السيوطي بأنه ورد من حديث أنس . ثم
ساقه من طريقين فيهما متهمان كما سيأتي عقب هذا ، فلا يصلح الاستشهاد بهما كما
هو مقرر في محله من علم المصطلح . و من الغرائب قول المناوي : " و زعم ابن
الجوزي وضعه ، و رده ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر ، و وروده
بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع " . قلت : كيف هذا و في السند الأول من كان يضع
الحديث كما عرفت ، و في الآخر مثله كما يأتي . و لهذا لم يصب السيوطي في تعقبه
على ابن الجوزي ، كما لم يحسن صنعا في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "
!
(2/360)
862 - " إذا كتبت فضع قلمك على أذنك ، فإنه أذكر لك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 253 ) :
موضوع . رواه الديلمي ( 1 / 1 / 146 ) و ابن عساكر ( 8 / 251 / 2 ) عن عمرو
بن الأزهر عن حميد عن أنس مرفوعا . قلت : و هذا موضوع آفته عمرو هذا كذبه
ابن معين و غيره ، و قال أحمد : " كان يضع الحديث " . و كذا قال ابن حبان ( 2 /
78 ) . ثم وجدت للحديث طرقا أخرى عن أنس . 1 - قال أبو نعيم " في أخبار أصبهان
" ( 2 / 337 ) : حدثنا أحمد بن إسحاق : حدثنا أحمد بن سمير بن نصر : حدثنا أبو
عبد الرحمن الراعي : حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف : حدثنا إبراهيم بن زكريا
: حدثني عثمان بن عمرو بن عثمان البصري عنه مرفوعا به . و رواه الديلمي كما في
" اللآليء " ( 1 / 216 ) من طريق أخرى عن إبراهيم بن محمد القرشي عن إبراهيم بن
زكريا الواسطي عن عمرو بن أبي زهير عن حميد عن أنس به . كذا وقع فيها " عمرو بن
أبي زهير عن حميد " فلا أدري هل هو تحريف من بعض النساخ أو هكذا هو في رواية
الديلمي ، و أيا ما كان فمدار هذا الطريق على إبراهيم بن زكريا الواسطي و قد
قال فيه ابن حبان ( 1 / 102 ) : " يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة " . و قال :
" يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، إن لم يكن المتعمد لها فهو المدلس
عن الكذابين " . و ضعفه غيره أيضا . و شيخه عمرو ، أو عثمان بن عمرو و لم أعرفه
. و مثله إبراهيم بن محمد القرشي . و رواه تمام ( 29 / 102 / 1 رقم 2427 ) عن
عثمان بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن محمد عن حميد عن أنس مرفوعا . و عثمان هذا
هو القرشي الوقاصي و هو كذاب كما سبق مرارا . 2 - رواه الباطرقاني في " مجلس من
الأمالي " ( 266 / 2 ) عن إسماعيل بن عمرو البلخي حدثنا عثمان البري عن ابن
غنام عن أنس به . قلت : و عثمان هذا هو ابن مقسم قال ابن معين : " هو من
المعروفين بالكذب و وضع الحديث " . و الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع
الصغير " فأورده فيه من رواية ابن عساكر هذه ! و بيض لها المناوي فلم يتكلم
عليه بشيء !
(2/361)
863 - " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من الأموات ، فإن كان خيرا استبشروا
به ، و إن كان غير ذلك قالوا : اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 254 ) :
ضعيف . أخرجه أحمد ( 3 / 64 - 165 ) من طريق سفيان عمن سمع أنس بن مالك
يقول : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين سفيان ، و أنس
، و بقية الرجال ثقات . و الحديث عزاه الأستاذ سيد سابق في " فقه السنة " ( 4 /
60 ) لأحمد و الترمذي ، فأخطأ من وجهين : الأول : أنه سكت عليه ، و لم يبين
علته ، فأوهم صحته . الثاني : أنه عزاه للترمذي و هذا خطأ فليس في " سنن
الترمذي " و لا عزاه السيوطي في " الفتح الكبير " إلا لأحمد فقط ، و كذا فعل
الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 328 - 329 ) ، و لو كان في الترمذي لما
أورده فيه كما هو شرطه . و له شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري و لكنه ضعيف جدا
، و هو الحديث الآتي : " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده
كما يتلقون البشير من الدنيا ، فيقولون : أنظروا صاحبكم يستريح ، فإنه قد كان
في كرب شديد ، ثم يسألونه ماذا فعل فلان ؟ و ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا
سألوه عن الرجل قد مات قبل فيقول : أيهات <1> قد مات ذلك قبلي ! فيقولون : إنا
لله و إنا إليه راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم و بئست المربية .
و قال : و إن أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من أهل الآخرة ، فإن كان خيرا
فرحوا و استبشروا ، و قالوا : اللهم هذا فضلك و رحمتك ، و أتمم نعمتك عليه و
أمته عليها ، و يعرض عليهم عمل المسيء فيقولون : اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى
به عنه و تقربه إليك " .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل ، و في " المجمع " : " هيهات " و المعنى واحد . قال ابن الأثير
: و هي كلمة تبعيد مبنية على الفتح ، و ناس يكسرونها ، و قد تبدل الهاء همزة
فيقال : ( أيهات ) . اهـ .
(2/362)
864 - " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده كما يتلقون البشير من
الدنيا ، فيقولون : أنظروا صاحبكم يستريح ، فإنه قد كان في كرب شديد ، ثم
يسألونه ماذا فعل فلان ؟ و ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا سألوه عن الرجل قد
مات قبل فيقول : أيهات <1> قد مات ذلك قبلي ! فيقولون : إنا لله و إنا إليه
راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم و بئست المربية . و قال : و إن
أعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من أهل الآخرة ، فإن كان خيرا فرحوا و
استبشروا ، و قالوا : اللهم هذا فضلك و رحمتك ، و أتمم نعمتك عليه و أمته عليها
، و يعرض عليهم عمل المسيء فيقولون : اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به عنه و
تقربه إليك " .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل ، و في " المجمع " : " هيهات " و المعنى واحد . قال ابن الأثير
: و هي كلمة تبعيد مبنية على الفتح ، و ناس يكسرونها ، و قد تبدل الهاء همزة
فيقال : ( أيهات ) . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 254 ) :
ضعيف جدا . رواه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 194 / 2 ) و في " الأوسط " (
1 / 72 / 1 - 2 من الجمع بينه و بين الصغير ) و عنه عبد الغني المقدسي في "
السنن " ( 198 / 1 ) عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبد الرحمن بن
سلامة عن أبي رهم السماعي عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا ، و قال الطبراني
: " لم يروه عن مكحول إلا زيد و هشام تفرد به مسلمة " . قلت : و هو متهم قال
الحاكم : " روى عن الأوزاعي و الزبيدي المناكير و الموضوع " . و الحديث قال
الهيثمي ( 2 / 327 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و فيه
مسلمة بن علي ، و هو ضعيف " . قلت : و رواه سلام الطويل عن ثور بن يزيد عن خالد
بن معدان عن أبي رهم به . ذكره ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 336 ) في ترجمة
سلام الطويل ، و قال : " روى عن الثقات الموضوعات " . و النصف الأول من الحديث
له طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سلامة ، بلفظ " إن نفس المؤمن إذا مات ..... " و
سندها ضعيف أيضا ، فيها محمد بن إسماعيل بن عياش ، قال أبو داود : " ليس بذاك "
. و قال أبو حاتم : " لم يسمع من أبيه شيئا " .
(2/363)
865 - " يجلسني على العرش " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 255 ) :
باطل . ذكره الذهبي في " العلو " ( 55 طبع الأنصار ) من طريقين عن أحمد بن
يونس عن سلمة الأحمر عن أشعث بن طليق عن عبد الله بن مسعود قال : بينا أنا
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ عليه حتى بلغت *( عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا )* قال : فذكره . و قال الذهبي : " هذا حديث منكر لا يفرح به ، و
سلمة هذا متروك الحديث ، و أشعث لم يلحق ابن مسعود " . قلت : قد وجدت له طريقا
أخرى موصولا عن ابن مسعود مرفوعا نحوه ، و لا يصح أيضا كما سيأتي بيانه برقم (
5160 ) إن شاء الله تعالى . ثم ذكره الذهبي نحوه عن عبد الله بن سلام موقوفا
عليه و قال : " هذا موقوف و لا يثبت إسناده ، و إنما هذا شيء قاله مجاهد كما
سيأتي " . ثم رواه ( ص 73 ) من طريق ليث عن مجاهد نحو حديث ابن مسعود موقوفا
على مجاهد . و كذلك رواه الخلال في " أصحاب ابن منده " ( 157 / 2 ) ، ثم قال
الذهبي : " لهذا القول طرق خمسة ، و أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ، و عمل فيه
المروزي مصنفا " ! ثم رواه ( ص 78 ) من طريق عمر بن مدرك الرازي : حدثنا مكي بن
إبراهيم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس موقوفا مثله . قال : " إسناده ساقط ، و
عمر هذا متروك ، و جويبر ( سقط الخبر من الأصل و لعله . مثله ) ، و هذا مشهور
من قول مجاهد ، و يروى مرفوعا ، و هو باطل " . قلت : و مما يدل على ذلك أنه ثبت
في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله
عليه وسلم . و من العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من
المتقدمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي ( ص 100 - 101 و 117 - 118 ) عن غير
واحد منهم ، بل غلا بعض المحدثين فقال : لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله
يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش و استفتاني ، لقلت له : صدقت و بررت !
قال الذهبي رحمه الله : " فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا
المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر ، و اليوم فيردن الأحاديث الصريحة في العلو
، بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى : *( الرحمن على العرش استوى )* " .
قلت : و إن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في
نفيها ، و الطعن بأهل السنة المثبتين لها ، و رميهم بالتشبيه و التجسيم ، و دين
الحق بين الغالي فيه و الجافي عنه ، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث ، فضلا عن مثل هذا الأثر ! و بهذه المناسبة
أقول : إن مما ينكر في هذا الباب ما رواه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد " (
144 / 1 - 2 ) من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش : أنشدنا أبو طالب
محمد بن علي الحربي : أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله
قال : حديث الشفاعة في أحمد ، إلى أحمد المصطفى نسنده . فأما حديث إقعاده على
العرش فلا نجحده . أمروا الحديث على وجهه و لا تدخلوا فيه ما يفسده . و لا
تنكروا أنه قاعد و لا تجحدوا أنه يقعده . فهذا إسناد لا يصح ، من أجل أبي العز
هذا ، فقد أورده ابن العماد في وفيات سنة ( 526 ) من " الشذرات " ( 4 / 78 ) و
قال : " قال عبد الوهاب الأنماطي : كان مخلطا " . و أما شيخه أبو طالب و هو
العشاري فقد أورده في وفيات سنة ( 451 ) و قال ( 3 / 289 ) : " كان صالحا خيرا
عالما زاهدا " . فاعلم أن إقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش ليس فيه إلا هذا
الحديث الباطل ، و أما قعوده تعالى على العرش فليس فيه حديث يصح ، و لا تلازم
بينه و بين الاستواء عليه كما لا يخفى . و قد وقفت فيه على حديثين ، أنا
ذاكرهما لبيان حالهما : " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض ، و إنه يقعد عليه
، ما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط
الرحل الجديد إذا ركب من ثقله " .
" يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني
لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا
أبالي " .
(2/364)
866 - " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض ، و إنه يقعد عليه ، ما يفضل منه مقدار أربع
أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من
ثقله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 256 ) :
منكر . رواه أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني في فتياله حول الصفات ( 100
/ 1 ) من طريق الطبراني عن عبيد الله بن أبي زياد القطواني : حدثنا يحيى بن أبي
بكير : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب
قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة
، فعظم الرب عز وجل ، ثم قال : فذكره . و رواه الضياء المقدسي في " المختارة "
( 1 / 59 ) من طريق الطبراني به ، و من طرق أخرى عن ابن أبي بكير به . و كذلك
رواه أبو محمد الدشتي في " كتاب إثبات الحد " ( 134 - 135 ) من طريق الطبراني و
غيره عن ابن أبي بكير به و لكنه قال : " هذا حديث صحيح ، رواته على شرط البخاري
و مسلم " . كذا قال : و هو خطأ - بين مزدوج فليس الحديث بصحيح ، و لا رواته على
شرطهما ، فإن عبد الله بن خليفة لم يوثقه غير ابن حبان ، و توثيقه لا يعتد به
كما تقدم بيانه مرارا ، و لذلك قال الذهبي في ابن خليفة هذا : " لا يكاد يعرف
" ، فأنى للحديث الصحة ؟ ! بل هو حديث منكر عندي . و مثله حديث ابن إسحاق في "
المسند " و غيره ، و في آخره : " إن عرشه لعلى سماواته و أرضه هكذا مثل القبة ،
و إنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب " . و ابن إسحاق مدلس ، و لم يصرح بالسماع في
شيء من الطرق عنه ، و لذلك قال الذهبي في " العلو " ( ص 23 ) : " هذا حديث غريب
جدا فرد ، و ابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند ، و له مناكير و عجائب ، فالله
أعلم أقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أم لا ؟ و أما الله عز وجل فليس كمثله
شيء جل جلاله ، و تقدست أسماؤه ، و لا إله غيره . ( قال : ) . " الأطيط الواقع
بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل ، فذاك صفة للرحل و للعرش ، و معاذ
الله أن نعده صفة لله عز وجل . ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت " . هذا حال
الحديث و هو الأول من حديثي القعود على العرش ، و أما الآخر فهو : " يقول الله
عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني لم أجعل علمي
و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا أبالي " .
(2/365)
867 - " يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده : إني
لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم ، على ما كان فيكم ، و لا
أبالي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 257 ) :
موضوع بهذا التمام . رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 137 / 2 ) :
حدثنا أحمد بن زهير التستري ، قال : حدثنا العلاء بن مسلمة ، قال : حدثنا
إبراهيم الطالقاني ، قال : حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب عن
ثعلبة بن الحكم مرفوعا . و رواه أبو الحسن الحربي في " جزء من حديثه " ( 35 /
2 ) : حدثنا الهيثم بن خلف : حدثنا العلاء بن مسلمة أبو مسلمة أبو سالم : حدثنا
إسماعيل بن المفضل ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك به . قلت : و هذا سند
موضوع فإن مداره على العلاء بن مسلمة بن أبي سالم ، قال في " الميزان " : " قال
الأزدي : لا تحل الرواية عنه ، كان لا يبالي ما روى . و قال ابن طاهر : كان يضع
الحديث ، و قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات " . و كذا في " التهذيب "
، فلم يوثقه أحمد و لذا قال الحافظ في " التقريب " : " متروك ، و رماه ابن حبان
بالوضع " . و قد اختلف عليه في شيخه ، فأحمد بن زهير سماه إبراهيم الطالقاني ،
و الهيثم بن خلف سماه إسماعيل بن المفضل ، و أيهما كان فإني لم أعرفهما . و مع
ظهور سقوط إسناد هذا الحديث ، فقد تتابع كثير من العلماء على توثيق رجاله و
تقوية إسناده ، و هو مما يتعجب منه العاقل البصير في دينه ، فهذا المنذري يقول
في " الترغيب " ( 1 / 60 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و رواته ثقات " .
و مثله و إن كان دونه خطأ قول الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 26 ) : " رواه
الطبراني في " الكبير " و رجاله موثقون " . و ذلك لأن قوله " موثقون " و إن كان
فيه إشارة إلى أن في رجاله من وثق توثيقا غير معتبر مقبول ، فهو صريح بأن ثمة
من وثقه ، و قد عرفت آنفا أنه متفق على تضعيفه ! و أبعد من هذين القولين عن
الصواب قول الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 3 / 141 ) : " إسناده جيد " . و
نحوه قول السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 221 ) : " لا بأس به " ، ثم حكى قول
الهيثمي المتقدم . فهذا القول من ابن كثير و السيوطي نص في تقوية الحديث ، و
ليس كذلك قول المنذري و الهيثمي ، أما قول الهيثمي فقد عرفت وجهه ، و أما
المنذري فقوله : " رواته ثقات " غاية ما فيه الإخبار عن أن سند الحديث فيه شرط
واحد من شروط صحته ، و هو عدالة الرواة و ثقتهم ، و هذا وحده لا يستلزم الصحة ،
لأنه لابد من اجتماع شروط الصحة كلها المذكورة في تعريف الحديث الصحيح سنده عند
أهل الحديث . و الخلاصة أن الحديث موضوع بهذا السياق ، و فيه لفظة منكرة جدا و
هي قعود الله تبارك و تعالى على الكرسي ، و لا أعرف هذه اللفظة في حديث صحيح ،
و خاصة أحاديث النزول و هي كثيرة جدا بل و هي متواترة كما قطع بذلك الحافظ
الذهبي في " العلو " ( ص 53 ، 59 ) ، و ذكر أنه ألف في ذلك جزءا . و قد روي
الحديث بدون هذه اللفظة من طرق أخرى كلها ضعيفة ، و بعضها أشد ضعفا من بعض
، فلابد من ذكرها لئلا يغتر بها أحد لكثرتها فيقول : بعضها يقوي بعضا ! كيف و
قد أورد بعضها ابن الجوزي في " الموضوعات " ؟! . اهـ .
(2/366)
868 - " يبعث الله العباد يوم القيامة ، ثم يميز العلماء ، ثم يقول : يا معشر العلماء
إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ، و لم أضع علمي فيكم لأعذبكم ، انطلقوا
فقد غفرت لكم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 259 ) :
ضعيف جدا . رواه ابن عدي ( 205 / 2 ) و أبو الحسين الكلابي في " نسخة أبي
العباس طاهر التميمي " ( 5 - 6 ) و ابن عبد البر في " الجامع " ( 1 / 48 ) و
أبو المعالي عفيف الدين في " فضل العلم " ( 114 / 2 ) عن صدقة بن عبد الله عن
طلحة بن زيد عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري
مرفوعا . و من هذا الوجه رواه أبو بكر الآجري في " الأربعين " ( رقم 16 ) إلا
أنه وقع فيه " يونس بن عبيد " بدل " موسى بن عبيدة " ، و لعله تصحيف . و قال
ابن عدي : " و هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ، و إن كان الراوي عنه صدقة بن عبد
الله ضعيف ، فابن شابور ثقة و قد رواه عنه " . يعني أن طلحة بن زيد تفرد به ،
فلزمه الحديث كما قال ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 263 ) . قلت : و طلحة
هذا متهم بالوضع ، فهو آفة الحديث ، و إن كان شيخه موسى بن عبيدة ضعيفا جدا كما
قال ابن كثير في " التفسير " ( 3 / 141 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 127 )
، و اقتصرا على إعلاله به ، و هو قصور بين إذا علمت أن الراوي عنه متهم . و من
هذا القبيل قول الحافظ العراقي في " المغني " ( 1 / 7 ) : " سنده ضعيف " ! و
عزاه هو و الهيثمي و غيرهما للطبراني . و قد روي الحديث عن ثعلبة بن الحكم و
ابن عباس و أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع ( هكذا على الشك ) و أبي هريرة و ابن
عمر و جابر بن عبد الله الأنصاري و الحسن البصري موقوفا عليه . أما حديث ثعلبة
فسنده ضعيف جدا بل موضوع ، و فيه زيادة منكرة ليست في جميع طرق الحديث ، و قد
تقدم الكلام عليه قبل هذا . 2 - و أما حديث ابن عباس فأخرجه العقيلي في
" الضعفاء " ( 332 ) عن عدي بن أرطاة ابن الأشعث عن أبيه عن مجالد عن الشعبي
عنه مرفوعا . و قال : " عدي حديثه غير محفوظ ، و الرواية في هذا فيها لين و ضعف
" . قلت : و هو غير عدي بن أرطاة الفزاري الشامي ، فإنه تابعي أكبر من هذا كما
صرح بذلك الحافظ . و أبوه أرطاة بن الأشعث لم أعرفه . و مجالد و هو ابن سعيد
ضعيف أيضا . 3 - و أما حديث أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع ، فرواه ابن عدي في "
الكامل " ( 288 / 1 ) و ابن عساكر ( 12 / 219 / 1 ) عن عثمان بن عبد الرحمن
القرشي عن مكحول عن أبي أمامة أو واثلة بن الأسقع مرفوعا . و هذا سند ضعيف جدا
بل موضوع . عثمان هذا هو الوقاصي قال ابن معين : " يكذب " . و قال ابن حبان ( 2
/ 98 ) : " يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات " . و ضعفه ابن المديني جدا . و
قال ابن عدي عقب الحديث : " منكر لم يتابعه الثقات " . أورده في ترجمة عثمان بن
عبد الرحمن الجمحي مشيرا إلى أن الحديث حديثه . و تعقبه الذهبي بأنه ليس من
حديثه و إنما هو من حديث القرشي الوقاصي . و الحديث أورده ابن الجوزي في "
الموضوعات " من رواية ابن عدي و ترجم للقرشي بما يدل على أنه ليس من حديثه و
إنما هو من حديث القرشي الوقاصي . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "
من رواية ابن عدي و ترجم للقرشي بما يدل على أنه عنده الطريفي ، و ليس الجمحي ،
و لا الوقاصي ! فراجعه مع كلام ابن حبان على الطريفي ( 2 / 96 - 97 ) . و تعقبه
السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 221 - 222 ) بالطرق الآتية و طريق ثعلبة ! و ليس
بشيء ، لشدة ضعفها كما سبق و يأتي . 4 - و أما حديث أبي هريرة فأخرجه الطبسي في
" ترغيبه " بسنده عن نصر بن أحمد البورجاني : حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا
سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا . و هذا له ثلاث علل :
الأولى : عنعنة ابن جريج فإنه مدلس . الثانية : ضعف ابن صالح و هو أبو الصلت
الهروي ، و الأكثرون على تضعيفه ، بل اتهمه ابن عدي و غيره بالكذب و الوضع .
الثالثة : نصر بن أحمد البورجاني لم أجد له ترجمة ، و وقع اسمه في حديث آخر
يأتي بعد هذا بحديث : " نصر بن محمد بن الحارث " و لم أجده أيضا . الرابعة :
الاختلاف في سنده ، فقد رواه البورجاني عن أبي الصلت كما رأيت ، و خالفه يعقوب
بن يوسف المطوعي : حدثنا أبو الصلت الهروي : حدثنا عباد بن العوام عن عبد
الغفار المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به . أخرجه ابن النجار كما في
" اللآلي " . و المطوعي هذا ثقة كما قال الدارقطني ، و ترجمته في " التاريخ " (
14 / 289 ) ، و حينئذ فروايته أصح من رواية البورجاني ، و فيها عبد الغفار
المدني قال العقيلي في " الضعفاء " ( ص 263 ) : " مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ
و لا يعرف إلا به " . ثم ساق له حديثا آخر يأتي بعد حديث . و قال الذهبي في
" الميزان " : " لا يعرف ، و كأنه أبو مريم ، فإن خبره موضوع " . و اسم أبي
مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع
الحديث ، و لكنه معدود في أهل الكوفة كما في " ضعفاء ابن حبان " ( 2 / 136 ) ،
و صاحب هذا الحديث مدني . 5 - و أما حديث ابن عمر فرواه ابن صرصري في " أماليه
" بسنده عن محمد بن يونس بن موسى القرشي : حدثنا حفص بن عمر بن دينار الأبلي :
حدثني سعيد بن راشد السماك : حدثني عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر مرفوعا
. سكت عنه السيوطي مع وضوح بطلانه فإن سعيد السماك متروك ، و حفص كذاب ، و محمد
بن يونس القرشي و هو الكديمي وضاع !
6 - و أما حديث جابر فأخرجه الطبسي أيضا بسنده عن عبد القدوس : حدثنا إسماعيل
بن عياش عن أبي الزبير عن جابر . عبد القدوس هذا هو ابن حبيب الكلاعي و هو كذاب
يضع . و إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين ، و هذه منها . و أبو
الزبير مدلس و قد عنعنه . 7 - و أما حديث الحسن فأخرجه السهمي في " تاريخ جرجان
" ( ص 160 ) عن حماد بن زيدك عن جويبر عن أبي معاوية سهل عن الحسن قال : فذكره
. قلت : و هذا مع وقفه ففيه سهل أبو معاوية هذا و لم أعرفه ، و لعله سهل بن
معاذ بن أنس الجهني ، و هو مختلف فيه . و جويبر و هو متروك . و حماد بن زيدك
أورده السهمي و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و رواه ابن عساكر ( 5 / 94 / 1
) عن عبد الله بن داود قال : سمعت أبا عمر الصنعاني و هو يقول : فذكره موقوفا
عليه . و هذا مع وقفه فإنه منقطع فإن أبا عمر الصنعاني و اسمه حفص بن ميسرة
الشامي توفي سنة ( 181 ) . و مما سبق يتبين أن طرق الحديث كلها ضعيفة جدا ، لا
يصلح شيء منها لتقوية الحديث ، فلم يبعد ابن الجوزي بإيراده إياه في "
الموضوعات " . و الله أعلم . اهـ .
(2/367)
869 - " إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام و أهله وليا يذب عنه و يتكلم بعلاماته ،
فاغتنموا تلك المجالس بالذب عن الضعفاء ، و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا
" .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 261 ) :
موضوع . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 263 ) : حدثنا محمد بن أيوب قال :
حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا عباد بن العوام قال : حدثنا عبد الغفار
المدني عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا . و قال العقيلي : " عبد
الغفار مجهول بالنقل ، حديثه هذا غير محفوظ و لا يعرف إلا به " . و قال الذهبي
: " لا يعرف ، و كأنه أبو مريم فإن خبره موضوع " . يشير إلى هذا الحديث ، و أبو
مريم اسمه عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع
الحديث و قال ابن حبان ( 2 / 136 ) : " كان ممن يروي المثالب في عثمان بن عفان
، و يشرب الخمر حتى يسكر ، و مع ذلك يقلب الأخبار ، لا يجوز الاحتجاج به ، تركه
أحمد و ابن معين " . و الحديث رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 322 ) و
الهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 80 / 2 ) عن عبد السلام به . اهـ .
(2/368)
870 - " إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء بالله ، فإذا نطقوا به لم
ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 262 ) :
ضعيف جدا . رواه أبو عبد الرحمن السلمي في " الأربعين الصوفية " ( 8 / 2 )
و أبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " ( 2 / 7 / 2 ) عن نصر بن محمد بن الحارث :
حدثنا عبد السلام بن صالح : حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي
هريرة مرفوعا . و من طريق السلمي رواه الديلمي في " مسند الفردوس " كما في "
ذيل ثبت الشيخ إبراهيم الكوراني " ( 12 / 1 ) و رواه الطبسي عن نصر بن محمد به
كما في " اللآلي " ( 1 / 221 ) . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و له ثلاثة علل
تقدم بيانها في الحديث الذي قبله بحديث ، رقم الشاهد ( 4 ) . و قد أشار لضعفه
المنذري في " الترغيب " ( 1 / 62 ) و صرح بتضعيفه الحافظ العراقي في " تخريج
الإحياء " ( 1 / 35 طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) . اهـ .
(2/369)
871 - " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله
صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى
فريضة فيما سواه ، و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، و
هو شهر الصبر ، و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزاد فيه في رزق
المؤمن ، و من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان
له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء . قالوا : يا رسول الله ، ليس كلنا
يجد ما يفطر الصائم ، قال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن ،
أو تمرة ، أو شربة من ماء ، و من أشبع <1> صائما سقاه الله من الحوض شربة لا
يظمأ حتى يدخل الجنة ، و هو شهر أوله رحمة ، و وسطه مغفرة ، و آخره عتق من
النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتان ترضون بهما ربكم ، و خصلتان لا
غنى بكم عنهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا
الله ، و تستغفرونه ، و أما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما ، فتسألون الجنة
، و تعوذون من النار " .
-----------------------------------------------------------
[1] وقع في " الترغيب " ( 2 / 67 ) برواية أبي الشيخ : " و من سقى صائما " و
الصواب ما أثبتنا كما جزم بذلك الناجي ، انظر " التعليق الرغيب " . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 263 ) :
منكر . رواه المحاملي في " الأمالي " ( ج 5 رقم 50 ) و ابن خزيمة في "
صحيحه " ( 1887 ) و قال : " إن صح " ، و الواحدي في " الوسيط " ( 1 / 640 / 1 -
2 ) و السياق له عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي
قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان ، فإنه ضعيف كما قال أحمد و
غيره ، و بين السبب الإمام ابن خزيمة فقال : " لا أحتج به لسوء حفظه " . و لذلك
لما روى هذا الحديث في صحيحه قرنه بقوله : " إن صح الخبر " . و أقره المنذري في
" الترغيب " ( 2 / 67 ) و قال : إن البيهقي رواه من طريقه . قلت : و في إخراج
ابن خزيمة لمثل هذا الحديث في " صحيحه " إشارة قوية إلى أنه قد يورد فيه ما ليس
صحيحا عنده منبها عليه ، و قد جهل هذه الحقيقة بعض من ألف في " نصرة الخلفاء
الراشدين و الصحابة " ، و فيهم من وصفوه على ظهر الغلاف بقولهم : " و خرج
أحاديثها العالم الفاضل المحقق خادم الحديث الشريف ..... " فقالوا ( ص 34 القسم
الثاني ) : " رواه ابن خزيمة في صحيحه ، و صححه " ! و هذا يقال فيما إذا لم
يقفوا على كلمة ابن خزيمة عقب الحديث ، أما إذا كانوا قد وقفوا عليها ، فهو كذب
مكشوف على ابن خزيمة ! و ليس هذا بالغريب منهم فرسالتهم هذه كسابقتها محشوة
بالبهت و الافتراء الذي لا حدود له ، مما يعد الاشتغال بالرد عليهم إضاعة للوقت
مع أناس لا ينفع فيهم التذكير ! و حسبنا على ذلك مثال واحد قالوا ( ص د ) : "
فهو يعترف من جديد بصحة رواية صلاة التراويح بعشرين ركعة الثابتة من فعل عمر
رضي الله عنه و جمع الناس عليها بعد أن كان ينكرها ، فها هو يقول في صفحة ( 259
من رسالته الثانية من تسديد الإصابة " : " و حمل فعل عمر رضي الله عنه على
موافقة سنته صلى الله عليه وسلم أولى من حمله على مخالفتها " . فإذا رجع
القاريء إلى قولنا هذا وجده مقولا في ترجيح رواية الثمان على العشرين هذا
الترجيح الذي ألفت الرسالة كلها من أجله ، و مع ذلك يجهرون بقولهم أنني اعترفت
من جديد بصحة العشرين ! و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " إذا لم
تستح فاصنع ما شئت " . و لقد أصدروا رسالتهم هذه الثانية في هذا الشهر المبارك
الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزور و العمل به
فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " ! رواه البخاري و غيره <1> ثم إن
الحديث قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 249 ) عن أبيه أنه : " حديث منكر
" . اهـ .
-----------------------------------------------------------
[1] و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2045 ) . اهـ .
(2/370)
872 - " لا تقولوا قوس قزح ، فإن قزح شيطان ، و لكن قولوا : قوس الله عز وجل ، فهو
أمان لأهل الأرض من الغرق " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 264 ) :
موضوع . أخرجه أبو نعيم ( 2 / 309 ) و الخطيب ( 8 / 452 ) من طريق زكريا بن
حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعا . و قال أبو نعيم :
" غريب من حديث أبي رجاء ، لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم " . قلت : و
في ترجمته ساقه الخطيب ثم عقبه بقول ابن معين فيه و كذا النسائي : " ليس بثقة "
. و قال ابن حبان ( 1 / 311 ) : " يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم ، حتى
يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها " . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات
" ( 1 / 144 ) من رواية الخطيب ثم قال : " لم يرفعه غير زكريا ، قال فيه يحيى و
النسائي : ليس بثقة ، قال أحمد : ليس بشيء ، قال ابن المديني : هالك " . و
تعقبه السيوطي في " اللآلي " فقال ( 1 / 87 ) : " قلت : أخرجه أبو نعيم في
" الحلية " ، قال النووي في " الأذكار " : يكره أن يقال : قوس قزح ، و استدل
بهذا الحديث ، و هذا يدل على أنه غير موضوع " . قلت : و هذا تعقب يغني حكايته
عن رده ! لأن الحديث في " الحلية " من هذه الطريق التي فيها ذلك الهالك المتفق
على تضعيفه ، فمثله لا يكون حديثه إلا ضعيفا جدا ، فكيف يستدل به على حكم شرعي
و هو الكراهة ؟! بل لا يجوز الاستدلال به عليه و لو فرض أنه ضعيف فقط ، أي ليس
موضوعا و لا ضعيفا جدا ، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالحديث الضعيف اتفاقا .
و ما أرى النووي رحمه الله تعالى أتي إلا من قبل تلك القاعدة الخاطئة التي تقول
: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " ! و هي قاعدة غير صحيحة كما أثبت
ذلك في مقدمة كتابنا " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " ، و لعله يطبع
قريبا إن شاء الله تعالى ، فإنه - أعني النووي - ظن أن الحديث ضعيف فقط ! و هو
أشد من ذلك كما رأيت . و الله المستعان . و من مساويء هذه القاعدة المزعومة
إثبات أحكام شرعية بأحاديث ضعيفة ، و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا و حسبك منها
الآن هذا الحديث ، بل إن بعضهم يثبت ذلك بأحاديث موضوعة اعتمادا منه على تضعيف
مطلق للحديث من بعض الأئمة ، بينما هو في الحقيقة موضوع ، و لا ينافي القول به
الاطلاق المذكور . و هذا باب واسع لا مجال لتفصيل الكلام فيه في هذا المكان .
هذا و يغلب على الظن أن أصل الحديث موقوف ، تعمد رفعه ذلك الهالك ، أو على
الأقل المتقدم عن ابن عباس موقوفا عليه ، و قد رواه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 3 / 85 - 86 ) من طريق أخرى عنه موقوفا عليه مختصرا بلفظ : " إن
القوس أمان لأهل الأرض من الغرق " . و رجاله كلهم ثقات ، و قال الحافظ ابن كثير
في " البداية " ( 1 / 38 ) : " إسناده صحيح " . و فيه عندي نظر لأن في سنده
عارما أبا النعمان و اسمه محمد بن الفضل و كان تغير بل اختلط في آخر عمره . و
يؤيده أيضا أن ابن وهب رواه في " الجامع " ( ص 8 ) و الضياء المقدسي في "
الأحاديث المختارة " ( 1 / 176 - 177 ) من حديث علي موقوفا عليه أيضا . ثم رواه
ابن وهب عن القاسم بن عبد الرحمن من قوله . و إذا ثبت أن الحديث موقوف
، فالظاهر حينئذ أنه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب ،
و موقف المؤمن تجاهها معروف ، و هو عدم التصديق و لا التكذيب ، إلا إذا خالفت
شرعا أو عقلا . و الله أعلم . اهـ .
(2/371)
873 - " إن من الجفاء أن يمسح الرجل جبينه قبل أن يفرغ من صلاته ، و أن يصلي لا يبالي
من إمامه ؟ و أن يأكل مع رجل ليس من أهل دينه ، و لا من أهل الكتاب في إناء
واحد " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 265 ) :
ضعيف جدا . رواه تمام ( ج 29 ) و ابن عساكر ( 2 / 236 / 2 ) عن أبي عبد
الله نجيح بن إبراهيم النخعي : أخبرنا معمر بن بكار : حدثني عثمان بن عبد
الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا
، بل موضوع ، عثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي متهم ، قال البخاري : " سكتوا عنه
" . و قال ابن حبان ( 2 / 99 ) : " كان يروي عن الثقات الموضوعات لا يجوز
الاحتجاج به " . ثم ساق له الطرف الأول من الحديث نحوه . و معمر بن بكار ، قال
العقيلي : " في حديثه وهم ، و لا يتابع على أكثره " . و أما ابن حبان فذكره في
" الثقات " ! و نجيح بن إبراهيم النخعي قال مسلمة بن قاسم : " ضعيف " . و أما
ابن حبان فذكره في " الثقات " أيضا ! و الشطر الأول من الحديث أخرجه ابن ماجه (
رقم 964 ) عن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي عن الأعرج عن أبي هريرة
مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن الهدير هذا و اسمه هارون بن هارون بن
عبد الله . قال البخاري : " لا يتابع في حديثه " . و قال النسائي : " ضعيف " .
و قال ابن حبان : " يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به " . و قال
البوصيري في " الزوائد " : " اتفقوا على ضعف هارون " . و نقل المناوي عن مغلطاي
أنه قال : " حديث ضعيف ، لضعف هارون " .
(2/372)
874 - " أصلحوا دنياكم ، و اعملوا لآخرتكم ، كأنكم تموتون غدا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 266 ) :
ضعيف جدا . رواه القضاعي ( 60 / 2 ) عن مقدام بن داود قال : أخبرنا علي بن
معبد قال : أخبرنا عيسى بن واقد الحنفي عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي
هريرة مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، سليمان بن أرقم و مقدام بن داود
ضعيفان جدا . و عيسى بن واقد لم أعرفه . و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع
الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس . و تبعه نجم الدين الغزي في
" حسن التنبه فيما ورد في التشبه " ( 8 / 70 ) و قال المناوي : " و فيه زاهر بن
طاهر الشحامي ، قال في " الميزان " كان يخل بالصلوات فترك الرواية عنه جمع . و
راويه عن أنس مجهول " . ثم رأيته في " مختصر الديلمي " للحافظ ابن حجر ( 1 / 1
/ 27 ) من طريق زاهر بن أحمد : حدثنا البغوي : حدثنا زهير بن حرب عن رجل عن
قتادة عن أنس . فالراوي عن قتادة هو المجهول ، و ليس راويه عن أنس ! قلت : و
هذا الحديث نحو الحديث المتقدم بلفظ " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ... " . (
رقم 7 ) . و إنما قلت : " نحو " لأن هذا أقل إغراقا في الحض على العمل للدنيا
من ذاك ، بل هذا لا تأباه الشريعة ، و أما ذاك فلا أعتقد أن في الشرع هذه
المبالغة في الحض على السعي للدنيا ، بل الأحاديث متضافرة على الترغيب في
التفرغ للعبادة ، و عدم الانهماك في الدنيا ، كقوله صلى الله عليه وسلم " ما قل
و كفى خير مما كثر و ألهى " . فراجع لهذا الموضوع " الترغيب و الترهيب " ( 4 /
81 - 83 ) للمنذري .
(2/373)
875 - " لو أن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي ثم قال : الحمد لله ، لكانت
الحمد لله أفضل من ذلك كله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 267 ) :
موضوع . رواه ابن عساكر ( 15 / 276 / 2 ) عن أبي المفضل محمد بن عبد الله
بن محمد بن همام بن المطلب الشيباني : حدثني محمد بن عبد الحي بن سويد الحربي
الحافظ : أخبرنا زريق : أخبرنا عمران بن موسى الجنديسابوري - نزل بردعة - :
أخبرنا سورة بن زهير العامري - من أهل البصرة - حدثني هشيم عن الزبير بن عدي عن
أنس بن مالك مرفوعا . و هذا موضوع ، آفته أبو المفضل هذا ، قال الخطيب ( 5
/ 466 - 467 ) : " كان يروي غرائب الحديث و سؤالات الشيوخ فكتب الناس عنه ،
بانتخاب الدارقطني ، ثم بان كذبه فمزقوا حديثه ، و أبطلوا روايته ، و كان بعد
يضع الأحاديث للرافضة . قال حمزة محمد بن طاهر الدقاق : كان يضع الحديث ، و كان
له سمت و وقار ! و قال لي الأزهري : كان أبو المفضل دجالا كذابا " ، و رواه ابن
عساكر عنه في ترجمة أبي المفضل هذا . و من بينه و بين هشيم لم أعرفهم غير زريق
، و الظاهر أنه ابن محمد الكوفي . روى عن حماد بن زيد . قال الذهبي : " ضعفه
الأمير ابن ماكولا " . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن
عساكر هذه ، و هذا مما يؤكد إخلاله بشرطه الذي نص عليه في أول الكتاب ، و هو
أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ، فإن هذا الحديث إنما ساقه ابن عساكر في
ترجمة أبي المفضل هذا و قد سمعت ما قالوا فيه ، فهذا يؤيد تساهل السيوطي عفا
الله عنه ، فإنه لم تخف عليه هذه الترجمة ، و مع ذلك أخرج لصاحبها هذا الحديث !
و أما المناوي فبيض له ! فكأنه لم يقف على إسناده ! و قد روى الحديث بإسناد آخر
نحوه و هو : " لو أن الدنيا كلها بيضة واحدة فأكلها المسلم أو قال : حساها ، ثم
قال : الحمد لله ، كان الحمد لله أفضل من ذلك " .
(2/374)
876 - " لو أن الدنيا كلها بيضة واحدة فأكلها المسلم أو قال : حساها ، ثم قال : الحمد
لله ، كان الحمد لله أفضل من ذلك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 267 ) :
ضعيف . رواه أبو محمد السراج القاريء في " منتخب الفوائد " ( 4 / 117 / 1 -
2 ) عن محمد بن أحمد القرشي أبي عبد الله قال : حدثنا علي بن غراب الكوفي قال
: حدثنا جعفر بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن جابر - كذا قال -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . و قال : " هذا الحديث غريب جدا من
حديث جعفر بن محمد عن أبيه ، و من رواية حفص بن غياث ، لا أعلم روي إلا من هذا
الوجه " . قلت : و هذا سند ضعيف و رجاله ثقات غير محمد بن أحمد القرشي ضعفه
الدارقطني ، و هو محمد بن أحمد بن أنس القرشي النيسابوري و قال الحافظ في
" اللسان " : " قرأت بخط الحسيني أن الذهبي اتهمه بالوضع " .
(2/375)
877 - " أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة على صورة القردة و الخنازير " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 268 ) :
منكر . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 139 ) عن زيد بن عياض عن عيسى بن
حطان الرقاشي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا . و قال : " لا يحفظ من وجه يثبت
" . ثم روى عن سلام بن أبي مطيع قال : حدث رجل أيوب يوما حديثا ، فأنكره أيوب
، فقال أيوب : من حدثك بهذا ؟ قال : محمد بن واسع . قال : بخ ، ثقة . قال : عن
من ؟ قال : عن زيد بن عياض : قال لا تزده " . و للحديث علة أخرى و هي الرقاشي
هذا ، فهو و إن ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 162 ) فقد قال ابن عبد البر
: " ليس ممن يحتج بحديثه " . و الحديث عندي ظاهر النكارة مخالف لأصل إسلامي
عظيم و هو قوله تبارك و تعالى : *( لا تزر وازرة وزر أخرى )* . فما ذنب أولاد
الزنا حتى يحشروا على صورة القردة و الخنازير ؟! و رحم الله من قال :
غيري جنى و أنا المعذب فيكم فكأنني سبابة المتندم ! و الحديث أورده ابن الجوزي
في " الموضوعات " من طريق العقيلي هذه ، و قال ( 3 / 109 ) : " موضوع لا أصل له
" . و وافقه السيوطي في " اللآلي " ( 1971 ) . و أما ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 310 / 1 ) فقد تعقبهما بقوله : " لم أر من اتهمهما بكذب و وضع ، و
قال الذهبي في زيد بن عياض : قلت : كأن أيوب رحمه الله يغمز من زيد بن عياض ،
فيقول للرجل حينما ذكره : " لا تزده " . أي لا تزد في ذكر من فوقه من الإسناد
لأنه سقط ما دام أنه من طريق ابن عياض ذكره ابن أبي حاتم مختصرا و لم يضعفه ، و
الله أعلم " . قلت : و كأنه ذهل عن الأصل القرآني العظيم الذي ذكرناه ، و الله
أعلم .
(2/376)
878 - " لتفتحن القسطنطينية ، و لنعم الأمير أميرها ، و لنعم الجيش ذلك الجيش " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 268 ) :
ضعيف . رواه أحمد و ابنه في زوائده ( 4 / 235 ) و ابن أبي خيثمة في "
التاريخ " ( 2 / 10 / 101 - مخطوطة الرباط ) و البخاري في " التاريخ الصغير " (
ص 139 ) و الطبراني في " الكبير " ( ج 1 / 119 / 2 ) و ابن قانع في " المعجم "
( ق 15 / 2 ) و الحاكم ( 4 / 422 ) و الخطيب في " التلخيص " ( ق 91 / 1 ) و ابن
عساكر ( 16 / 223 / 2 ) عن زيد بن الحباب قال : حدثني الوليد بن المغيرة :
حدثني عبد الله بن بشر الغنوي : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و على آله و سلم يقول : ( فذكره ) ، قال عبد الله : فدعاني مسلمة ابن عبد
الملك فسألني عن هذا الحديث ؟ فحدثته ، فغزا القسطنطينية . و قال الحاكم : "
صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و قال الخطيب : " تفرد به زيد بن الحباب " .
قلت : و هو ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه ضعف ، و ليس هذا منه ، و في "
التقريب " : " صدوق يخطيء في حديث الثوري " و عبد الله بن بشر الغنوي لم أجد من
ترجمه ، و إنما ترجموا لسميه " عبد الله بن بشر الخثعمي " ، و هذا أورده ابن
حبان في " ثقات أتباع التابعين " و قال ( 2 / 150 ) : " من أهل الكوفة ، يروي
عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير روى عنه شعبة و الثوري " . و أخرج له الترمذي و
النسائي . فهو متأخر عن الغنوي هذا فليس به ، و من الغريب أن الإمام أحمد أورد
الحديث في مسند " بشر بن سحيم " مشيرا بذلك إلى أنه بشر الغنوي في هذا الحديث ،
و لم أجد من وافقه على ذلك و الله أعلم . و كذلك وقع في روايته " عبد الله بن
بشر الخثعمي " بينما وقع عند الآخرين " الغنوي " . ثم رجعت إلى " تعجيل المنفعة
" للحافظ ابن حجر فرأيته ترجم لعبد الله بن بشر الغنوي هذا ترجمة طويلة و ذكر
الاختلاف في نسبه و في اسمه أيضا ، و حكى أقوال المحدثين في ذلك ثم جنح إلى أنه
غير الخثعمي الثقة الذي أخرج له الترمذي و النسائي ، و أنه وثقه ابن حبان وحده
، و الله أعلم . و جملة القول أن الحديث لم يصح عندي لعدم الاطمئنان إلى توثيق
ابن حبان للغنوي هذا ، و هو غير الخثعمي كما مال إليه العسقلاني ، و الله أعلم
.
(2/377)
879 - " ليس على النساء أذان و لا إقامة و لا جمعة و لا اغتسال جمعة و لا تقدمهن
امرأة و لكن تقوم في وسطهن " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 269 ) :
موضوع . رواه ابن عدي في " الكامل " ( 65 / 1 ) و ابن عساكر ( 16 / 159 / 2
) عن الحكم عن القاسم عن أسماء ( يعني بنت يزيد ) ، مرفوعا . و قال ابن عدي
بعد أن ساق أحاديث أخرى للحكم هذا و هو ابن عبد الله بن سعد الأيلي : " أحاديثه
كلها موضوعة ، و ما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد ، و ما أمليت
للحكم عن القاسم بن محمد و الزهري و غيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه ، و
ضعفه بين على حديثه " . و قال أحمد : " أحاديثه كلها موضوعة " . و قال السعدي و
أبو حاتم : " كذاب " . و قال النسائي و الدارقطني و جماعة : " متروك الحديث " .
كما في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا منها . و الحديث رواه البيهقي في
" السنن الكبرى " ( 1 / 408 ) من طريق ابن عدي ، ثم قال عقبه : " هكذا رواه
الحكم بن عبد الله الأيلي ، و هو ضعيف ، و رويناه في الأذان و الإقامة عن أنس
بن مالك موقوفا و مرفوعا ، و رفعه ضعيف ، و هو قول الحسن و ابن المسيب و ابن
سيرين و النخعي " . ( تنبيه ) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان : أحدهما أبو
الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق " ( 79 / 1 ) : " و قد حكى أصحابنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على النساء أذان و لا إقامة " . و
هذا لا نعرفه مرفوعا ، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن و إبراهيم و الشعبي و
سليمان بن يسار ، و حكى عن عطاء أنه قال : يقمن " . قلت : فلم يعرفه ابن الجوزي
مرفوعا ، و قد روي كذلك كما سبق . و الآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد
الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على "
المقنع " ( 1 / 96 ) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد " ! و هذا خطأ فاحش لا
أدري منشأه ، و هو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث و نشره على الناس
، و خاصة إخواننا النجديين ، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه
الله تعالى ، و العصمة لله وحده . ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد
عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في
( 17 / 9 / 1381 ) . و " النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة و حفاظهم ، و
اسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه ، ولد سنة 253 ، و توفي سنة 348 .
ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5022 ) و
البيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : فذكره موقوفا .
و هذا سند ضعيف مع وقفه ، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر و هو ضعيف
. و أما قول الشوكاني في " النيل " ( 2 / 27 ) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح . و
لعله توهم أن العمري هذا هو المصغر ، فإن ثقة و ليس به ، فإن اسمه عبيد الله ،
على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر ، و ليس كذلك كما عرفت . و قد روي عن
ابن عمر خلافه ، فقال أبو داود في " مسائله " ( 29 ) : " سمعت أحمد سئل عن
المرأة تؤذن و تقيم ؟ قال : سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن و تقيم ؟ قال : أنا
أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! استفهام " . و هذا
أولى من الذي قبله و إن كنت لم أقف على إسناده ، و غالب الظن أنه لو لم يكن
ثابتا عند أحمد لما احتج به . ثم صدق ظني ، فقد وجدت الأثر المذكور أخرجه ابن
أبي شيبة في " مصنفه " ( 1 / 223 ) بسند جيد عن ابن عمر ، و يؤيده ، ما عند
البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن و تقيم ، و تؤم النساء و تقوم
وسطهن . و رواه عبد الرزاق و ابن أبي شيبة مختصرا . و ليث هو ابن أبي سليم ، و
هو ضعيف . ثم روى البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال : سألت ابن ثوبان : هل على
النساء إقامة ؟ فحدثني أن أباه حدثه قال : سألت مكحولا ؟ فقال : إذا أذن فأقمن
فذلك أفضل ، و إن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن ، قال ابن ثوبان : و إن لم
يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت : " كنا نصلي بغير إقامة " . قلت :
و ابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي و ليس هو محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان كما ذكر المعلق على " سنن البيهقي " ، و هو العامري المدني
، فإن هذا العامري متقدم على العنسي هذا من التابعين ، و العنسي من أتباع
التابعين ، و هو حسن الحديث ، و بقية الرجال ثقات ، فالسند حسن ، و قد جمع
البيهقي بين هذا و بين رواية ليث المقدمة بقوله : " و هذا إن صح مع الأول ، فلا
يتنافيان ، لجواز أنها فعلت ذلك مرة ، و تركته أخرى لبيان الجواز ، و الله أعلم
. و يذكر عن جابر بن عبد الله أنه قيل له : أتقيم المرأة ؟ قال : نعم " . و
الحق في هذه المسألة ما قاله أبو الطيب صديق خان في " الروضة الندية " ( 1 / 79
) : " ثم الظاهر أن النساء كالرجال لأنهن شقائقهن ، و الأمر لهم أمر لهن ، و لم
يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده
متروكون لا يحل الاحتجاج بهم ، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك ، و إلا فهن
كالرجال " .
(2/378)
880 - " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، و شاهد يوسف ، و صاحب جريج ،
و ابن ماشطة بنت فرعون " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 271 ) :
باطل بهذا اللفظ . رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 295 ) : حدثنا أبو
الطيب محمد بن محمد الشعيري : حدثنا السري بن خزيمة : حدثنا مسلم بن إبراهيم :
حدثنا جرير بن حازم : حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا - و قال :
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي و هو عجب ، فإن السري بن
خزيمة لم أجد له ترجمة ، و كذلك محمد بن محمد الشعيري لم أجده إلا أن يكون ،
هو الذي أورده السمعاني في " الأنساب " : محمد بن جعفر الشعيري ، قال ( 335 / 2
) : " حدث عن عثمان بن صالح الخياط ، روى عنه علي بن هارون الحربي " . و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و هذا الحديث بهذا الإسناد باطل عندي ، و ذلك
لأمرين : الأول : أنه حصر المتكلمين في المهد في ثلاثة ، ثم عند التفصيل ذكرهم
أربعة ! و الثاني : أن الحديث رواه البخاري في " صحيحه - أحاديث الأنبياء " من
الطريق التي عند الحاكم فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم بسنده عند الحاكم تماما
إلا أنه خالفه في اللفظ فقال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ، و كان
في بني إسرائيل رجل يقال له جريج ( قلت فذكر قصته و فيها : ثم أتى الغلام فقال
: من أبوك يا غلام ؟ فقال : الراعي ، ثم قال : ) و كانت امرأة ترضع ابنا لها من
بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة ، فقالت : " اللهم اجعل ابني مثله ، فترك
ثديها فأقبل على الراكب ، فقال : اللهم لا تجعلني مثله " . الحديث . و أخرجه
مسلم أيضا ( 8 / 4 - 5 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا جرير بن حازم به و
رواه أحمد ( 2 / 307 - 308 ) من طريقين آخرين عن جرير به . و الظاهر أن أصل
حديث الترجمة موقوف ، فقد أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 12 / 115 ) : حدثنا
ابن وكيع : قال : حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن عطاء بن
السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " تكلم أربعة في المهد و هم صغار
..... " . قلت : فذكرهم كما في رواية الحاكم الباطلة ! و رجال هذا الموقوف
موثقون و لكن فيه علتان : الأولى : عطاء بن السائب ، فإنه كان قد اختلط ، و
حماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط و بعده ، خلافا لمن يظن خلافه من المعاصرين
! الثانية : ابن وكيع هذا و هو سفيان ، قال الحافظ : " كان صدوقا إلا أنه ابتلي
بوراقه ، فأدخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح فلم يقبل ، فسقط حديثه " . قلت
: لكنه لم يتفرد به ، فقال ابن جرير : " حدثنا الحسن بن محمد قال : أخبرنا عفان
قال : حدثنا حماد قال : أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكلم أربعة و هم صغار ، فذكر فيهم شاهد يوسف
" . قلت : و أخرجه الحاكم ( 2 / 496 - 497 ) من طريق أخرى عن عفان به و قال :
" صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي مع أنه قال في عطاء في " الضعفاء " ( 187 /
2 ) : " مختلف فيه ، من سمع منه قديما فهو صحيح " . و قد علمت مما سبق أن حماد
بن سلمة سمع منه في اختلاطه أيضا ، و لا يمكن تمييز ما سمعه في هذا الحال عن ما
سمعه قبلها ، فلذا يتوقف عن تصحيح روايته عنه . ثم إن السيوطي قد أورد حديث أبي
هريرة من طريق الحاكم في " الجامع الصغير " بلفظ : " لم يتكلم في المهد إلا
عيسى ابن مريم ... " فحذف منه كما ترى لفظة " ثلاثة " لمعارضتها للتفصيل
المذكور في الحديث عقبها كما سبق بيانه ، و هذا تصرف من السيوطي غير جيد عندي ،
بل الواجب إبقاء الرواية كما هي ، مع التنبيه على ما فيها من التناقض ، فلربما
دل هذا التناقض على ضعف أحد رواة الحديث كما فعلنا نحن حيث بينا أن الحديث في
" البخاري " من الطريق التي أخرجها الحاكم بغير هذا اللفظ . هذا ، و لم أجد في
حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما قصة غلام الأخدود
ففيها أنه قال لأمه : " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد ( 6 / 17 - 18
) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم . و فيه عنده زيادة أن أمه كانت
ترضعه ، و القصة عند مسلم أيضا ( 8 / 231 ) دون هذه الزيادة ، و قد عزاها
الحافظ في " الفتح " ( 6 / 371 ) لمسلم ، و هو وهم إن لم تكن ثابتة في بعض نسخ
مسلم . و قد جمع بين هذا الحديث و حديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في
المهد . و الله أعلم . و من تخاليط عطاء بن السائب أنه جعل قول هذا الغلام : "
اصبري ..... " من كلام ابن ماشطة بنت فرعون ! و سيأتي في لفظ : " لما أسري بي
........ " . ثم إن ظاهر القرآن في قصة الشاهد أنه كان رجلا لا صبيا في المهد ،
إذ لو كان طفلا لكان مجرد قوله إنها كاذبة كافيا و برهانا قاطعا ، لأنه من
المعجزات ، و لما احتيج أن يقول : " من أهلها " ، و لا أن يأتي بدليل حي على
براءة يوسف عليه السلام و هو قوله : *( إن كان قميصه قد من قبل فصدقت و هو من
الكاذبين ، و إن كان قميصه قد من الدبر )* الآية ، و قد روى ابن جرير بإسناد
رجاله ثقات عن ابن عباس أن الشاهد كان رجلا ذا لحية ، و هذا هو الأرجح ، و الله
أعلم .
( فائدة ) ما يذكر في بعض كتب التفسير و غيرها أنه تكلم في المهد أيضا ،
إبراهيم و يحيى و محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين . فليس له أصل مسند إلى النبي
صلى الله عليه وسلم . فاعلم ذلك .
(2/379)
881 - " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 273 ) :
منكر . أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 1 / 286 - منحة المعبود ) و
كذا أحمد ( 5 / 230 ، 242 ) و أبو داود في " السنن " ( 2 / 116 ) و الترمذي ( 2
/ 275 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 347 و 584 - طبع بيروت ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 76 - 77 ) و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 93 / 1 و 112 -
113 مخطوطة الظاهرية ، 154 - 155 و 188 - 189 - مطبوعة الرياض ) و البيهقي في
" سننه " ( 10 / 114 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 55 - 56 )
و ابن حزم في " الإحكام " ( 6 / 26 ، 35 ، 7 / 111 - 112 ) من طرق عن شعبة عن
أبي العون عن الحارث بن عمرو - أخي المغيرة بن شعبة - عن أصحاب معاذ بن جبل عن
معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال له :
كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بما في كتاب الله . قال : فإن لم يكن في
كتاب الله ؟ قال : بسنة رسول الله ، قال : فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ قال :
أجتهد رأيي لا آلو ، قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ، و قال :
فذكره . و قال العقيلي : " قال البخاري : لا يصح ، و لا يعرف إلا مرسلا " . قلت
: و نصه في " التاريخ " ( 2 / 1 / 275 ) : " لا يصح ، و لا يعرف إلا بهذا ،
مرسل " . قلت : يعني أن الصواب أنه عن أصحاب معاذ بن جبل ليس فيه " عن معاذ " .
و قال الذهبي : " قلت : تفرد به أبو عون محمد بن بن عبيد الله الثقفي عن الحارث
بن عمرو الثقفي أخو المغيرة بن شعبة ، و ما روى عن الحارث غير أبي عون فهو
مجهول ، و قال الترمذي : ليس إسناده عندي بمتصل " . قلت : و لذلك جزم الحافظ في
" التقريب " بأن الحارث هذا مجهول . ثم رواه أحمد ( 5 / 236 ) و أبو داود و ابن
عساكر ( 16 / 310 / 2 ) من طريقين آخرين عن شعبة ، إلا أنهما قالا : " عن رجال
من أصحاب معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن " . الحديث . لم
يذكر : " عن معاذ " . قلت : هذا مرسل و به أعله البخاري كما سبق ، و كذا
الترمذي حيث قال عقبه : " هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، و ليس إسناده
عندي بمتصل " . و أقره الحافظ العراقي في " تخريج أحاديث منهاج الأصول "
للبيضاوي ( ق 76 / 1 ) . قلت : فقد أعل هذا الحديث بعلل ثلاث : الأولى :
الإرسال هذا . الثانية : جهالة أصحاب معاذ . الثالثة : جهالة الحارث بن عمرو .
قال ابن حزم : " هذا حديث ساقط ، لم يروه أحد من غير هذا الطريق ، و أول سقوطه
أنه عن قوم مجهولين ، لم يسموا ، فلا حجة فيمن لا يعرف من هو ؟ و فيه الحارث بن
عمرو ، و هو مجهول لا يعرف من هو ؟ و لم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه " . و
قال في موضع آخر بعد أن نقل قول البخاري فيه : " لا يصح " . " و هذا حديث باطل
لا أصل له " . و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 401 ) عقب قول البخاري المذكور
: " و قال الدارقطني في " العلل " : رواه شعبة عن أبي عون هكذا . و أرسله ابن
مهدي و جماعات عنه . و المرسل أصح . قال أبو داود ( يعني الطيالسي ) : و أكثر
ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول الله . و قال مرة : عن معاذ . و قال
ابن حزم : " لا يصح لأن الحارث مجهول ، و شيوخه لا يعرفون ، قال : و ادعى بعضهم
فيه التواتر ، و هذا كذب ، بل هو ضد التواتر ، لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن
الحارث ، فكيف يكون متواترا ؟! " . و قال عبد الحق : " لا يسند ، و لا يوجد من
وجه صحيح " . و قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " لا يصح و إن كان
الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم و يعتمدون عليه ، و إن كان معناه صحيحا " . و
قال ابن طاهر في تصنيف له مفرد ، في الكلام على هذا الحديث : " اعلم أنني فحصت
عن هذا الحديث في المسانيد الكبار و الصغار ، و سألت عنه من لقيته من أهل العلم
بالنقل ، فلم أجد غير طريقين : أحدهما : طريق شعبة . و الأخرى : عن محمد بن
جابر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ و كلاهما لا يصح . قال : و
أقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب " أصول الفقه " : " و العمدة في هذا
الباب على حديث معاذ " قال : " و هذه زلة منه ، و لو كان عالما بالنقل لما
ارتكب هذه الجهالة " ، ( قال الحافظ رحمه الله تعالى ) : " قلت : أساء الأدب
على إمام الحرمين ، و كان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة مع كلام إمام
الحرمين أشد مما نقله عنه ! فإنه قال : " و الحديث مدون في " الصحاح " متفق على
صحته (!) لا يتطرق إليه التأويل " . كذا قال رحمه الله ، و قد أخرجه الخطيب في
كتاب " الفقيه و المتفقه " من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل ، فلو
كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتا لكان كافيا في صحة الحديث " . قلت : لم يخرجه
الخطيب ، بل علقه ( ص 189 ) بقوله : " و قد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد
الرحمن بن غنم عن معاذ . و هذا إسناد متصل و رجاله معروفون بالثقة " . قلت : و
هيهات ، فإن في السند إليه كذابا وضاعا ، فقد أورده ابن القيم في " تهذيب السنن
" تعليقا على هذا الحديث فقال ( 5 / 213 ) : " و قد أخرجه ابن ماجه في " سننه "
من حديث يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن سعيد بن حسان عن عبادة بن نسي عن عبد
الرحمن بن غنم : حدثنا معاذ بن جبل قال : " لما بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى اليمن قال : لا تقضين و لا تفصلن إلا بما تعلم ، و إن أشكل عليك أمر
فقف حتى تبينه ، أو تكتب إلي فيه " . و هذا أجود إسنادا من الأول ، و لا ذكر
للرأي فيه " . قلت : كيف يكون أجود إسنادا من الأول و فيه محمد بن سعيد بن حسان
و هو الدمشقي المصلوب ؟! قال في " التقريب " : " قال أحمد بن صالح : وضع أربعة
آلاف حديث ، و قال أحمد : قتله المنصور على الزندقة و صلبه " . و قد سبق نحوه (
ص 244 ) عن غيره من الأئمة . قلت : و لعله اشتبه على ابن القيم رحمه الله بمحمد
بن سعيد بن حسان الحمصي ، و ليس به ، فإنه متأخر عن المصلوب ، و لم يذكروا له
رواية عن ابن نسي ، و لا في الرواة عنه يحيى بن سعيد الأموي ، و إنما ذكروا ذلك
في الأول ، على أنه مجهول كما قال الحافظ ، و أيضا فإن هذا ليس من رجال ابن
ماجه ، و إنما ذكروه تمييزا بينه و بين الأول . و الحديث في " المقدمة " من سنن
" ابن ماجه " ( 1 / 28 ) ، و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 5 / 2 ) : " هذا
إسناد ضعيف ، محمد بن سعيد هو المصلوب اتهم بوضع الحديث " . على أن قول ابن
القيم : " و لا ذكر للرأي فيه " . إنما هو بالنظر إلى لفظ رواية ابن ماجه ، و
إلا فقد أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " ( 16 / 310 / 1 ) من طريق المصلوب هذا
بلفظ : " قال معاذ : يا رسول الله : أرأيت ما سئلت عنه مما لم أجده في كتاب
الله و لم أسمعه منك ؟ قال : اجتهد رأيك " . ثم رواه ابن عساكر ( 16 / 310 / 2
) من طريق سليمان الشاذكوني : أخبرنا الهيثم بن عبد العفار عن سبرة بن معبد عن
عبادة بن نسي به بلفظ : " اجتهد رأيك ، فإن الله إذا علم منك الحق وفقك للحق "
. و الهيثم هذا قال ابن مهدي : " يضع الحديث " . و الشاذكوني كذاب . قلت : و
أجاب ابن القيم عن العلة الثانية ، و هي جهالة أصحاب معاذ بقوله في " إعلام
الموقعين " ( 1 / 243 ) : " و أصحاب معاذ و إن كانوا غير مسمين فلا يضره ذلك
، لأنه يدل على شهرة الحديث ، و شهرة أصحاب معاذ بالعلم و الدين و الفضل و
الصدق بالمحل الذي لا يخفى .... " أقول : فهذا جواب صحيح لو أن علة الحديث
محصورة بهذه العلة ، أما و هناك علتان أخريان قائمتان ، فالحديث ضعيف على كل
حال ، و من العجيب أن ابن القيم رحمه الله لم يتعرض للجواب عنهما مطلقا . فكأنه
ذهل عنهما لانشغاله بالجواب عن هذه العلة و الله أعلم . ثم تبين لي أن ابن
القيم اتبع في ذلك كله الخطيب البغدادي في " الفقيه و المتفقه " ( 113 / 1 - 2
من المخطوطة ، 189 - من المطبوعة ) ، و هذا أعجب ، أن يخفى على مثل الخطيب في
حفظه و معرفته بالرجال علة هذا الحديث القادحة ! ( تنبيه ) أورد ابن الأثير هذا
الحديث في " جامع الأصول " ( 10 / 551 ) عن الحارث بن عمرو باللفظ الذي ذكرته ،
ثم قال : " و في رواية : " أن معاذا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله بما أقضي ؟ قال : بكتاب الله ، قال : فإن لم أجد ؟ قال : بسنة
رسول الله ، قال فإن لم أجد ، قال استدق الدنيا ، و تعظم في عينيك ما عند الله
و اجتهد رأيك فيسددك الله للحق . ثم قال عقبه : " و أخرجه أبو داود " . قلت :
و ليست عنده هذه الرواية ، و لا رأيت أحدا عزاها إليه غيره ، و لا وجدت لها
أصلا في شيء من المصادر التي وقفت عليها ، فهي منكرة شديدة النكارة ، لمخالفتها
لجميع الروايات المرسلة منها و الموصولة ، و جميعها معلة بالجهالة . و مر على
هذا العزو لأبي داود المحقق الفاضل لـ " جامع الأصول " ( 10 / 177 - 178 - طبعة
دمشق ) دون أي تعليق أو تحقيق ! تنبيه آخر : ذهب الشيخ زاهد الكوثري المعروف في
مقال له إلى تقوية هذا الحديث ، و ليس ذلك بغريب منه ما دام أنه قد سبق إليه ،
و لكن الغريب حقا أنه سلك في سبيل ذلك طريقا معوجة ، لا يعرفها أهل الجرح و
التعديل ، فرأيت أن أنقل خلاصة كلامه فيه ، ثم أرد عليه و أبين خطأه و زغله .
قال في " مقالاته " ( ص 60 - 61 ) : " و هذا الحديث رواه عن أصحاب معاذ الحارث
بن عمرو الثقفي ، و ليس هو مجهول العين بالنظر إلى أن شعبة بن الحجاج يقول عنه
: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة ، و لا مجهول الوصف من حيث أنه من كبار التابعين
، في طبقة شيوخ أبي عون الثقفي المتوفى سنة 116 ، و لم ينقل أهل الشأن جرحا
مفسرا في حقه ، و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه
عن أهل طبقته ، بل يكفي في عدالة و قبول روايته ألا يثبت فيه جرح مفسر من أهل
الشأن ، لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال تلك الطبقة . أما من
بعدهم فلا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم و هكذا . و الحارث هذا ذكره ابن
حبان في " الثقات " و إن جهله العقيلي و ابن الجارود و أبو العرب ، و قد روى
هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني و شعبة بن الحجاج
المعروف بالتشدد في الرواية و المعترف له بزوال الجهالة وصفا عن رجال يكونون في
سند روايته " . قلت : و في هذا الكلام من الأخطاء المخالفة لما عليه علماء
الحديث ، و من المغالطات و الدعاوى الباطلة ، ما لا يعرفه إلا من كان متمكنا في
هذا العلم الشريف ، و بيانا لذلك أقول : 1 - قوله : " ليس هو مجهول العين
بالنظر إلى أن شعبة يقول عنه ابن أخي المغيرة " . فأقول : بل هو مجهول و توضيحه
من ثلاثة وجوه : الأول : أن أحدا من علماء الحديث - فيما علمت - لم يقل أن
الراوي المجهول إذا عرف اسم جده بله اسم أخي جده خرج بذلك عن جهالة العين إلى
جهالة الحال أو الوصف . فهي مجرد دعوى من هذا الجامد في الفقه ، و المجتهد في
الحديث دون مراعاة منه لقواعد الأئمة ، و أقوالهم الصريحة في خلاف ما يذهب إليه
! فإنهم أطلقوا القول في ذلك ، قال الخطيب : " المجهول عند أهل الحديث من لم
يعرفه العلماء و لا يعرف حديثه إلا من جهة واحد ..... " . الثاني : أنه خلاف ما
جرى عليه أئمة الجرح و التعديل في تراجم المجهولين عينا ، فقد عرفت مما سبق
ذكره في ترجمة الحارث هذا أنه مجهول عند الحافظين الذهبي و العسقلاني و كفى
بهما حجة ، لاسيما و هما مسبوقون إلى ذلك من ابن حزم و غيره ممن ذكرهم الكوثري
نفسه كما رأيت ! و من الأمثلة الأخرى على ذلك ذهيل بن عوف بن شماخ التميمي أشار
الذهبي إلى جهالته بقوله في " الميزان " : " ما روى عنه سوى سليط بن عبد الله
الطهوي " و صرح بذلك الحافظ فقال في " التقريب " : " مجهول من الثالثة " . و من
ذلك أيضا زريق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني ، أشار الذهبي أيضا إلى جهالته و
قال الحافظ : " مجهول " . و الأمثلة على ذلك تكثر ، و فيما ذكرنا كفاية ، فأنت
ترى أن هؤلاء قد عرف اسم جد كل منهم ، و مع ذلك حكموا عليهم بالجهالة . الثالث
: قوله : " شعبة يقول عنه : إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة " . فأقول : ليس هذا
من قول شعبة ، و إنما هو من قول أبي العون كما مر في إسناد الحديث ، و شعبة
إنما هو راو عنه ، و هو في هذه الحالة لا ينسب إليه قول ما جاء في روايته ، حتى
و لو صحت عنده لأنه قد يقول بخلاف ذلك ، و لذلك جاء في علم المصطلح ، " و عمل
العالم و فتياه على وفق حديث رواه ليس حكما بصحته ، و لا مخالفته قدح في صحته و
لا في رواته " . كذا في " تقريب النووي " ( ص 209 بشرح التدريب ) . و كأن
الكوثري تعمد هذا التحريف و نسبة هذا القول لشعبة - و ليس له - ليقوي به دعوى
كون الحارث بن عمرو هذا ابن أخي المغيرة ، لأن أبا العون - و اسمه محمد بن عبيد
الله ابن الثقفي الأعور و إن كان ثقة ، فإنه لا يزيد على كونه راويا من رواة
الحديث ، و أما شعبة فإمام نقاد . على أننا لو سلمنا بأنه من قوله ، فذلك مما
لا يفيد الكوثري شيئا من رفع الجهالة كما سبق بيانه . 2 - قوله : " و لا مجهول
الوصف من حيث أنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ أبي عون ....... " . فأقول :
الجواب من وجهين : الأول : بطلان هذه الدعوى من أصلها ، لأن شيوخ أبي عون ليسوا
جميعا من كبار التابعين حتى يلحق بهم الحارث هذا ، فإن من شيوخه أبا الزبير
المكي و قد مات سنة ( 126 ) ، و لذلك جعله الحافظ من الطبقة الرابعة ، و هم
الذين جل روايتهم عن كبار التابعين ، و من شيوخه والده عبيد الله بن سعيد ، و
لا تعرف له وفاة ، لكن ذكره ابن حبان في " أتباع التابعين " ، و قال : يروي
المقاطيع . قال الحافظ : فعلى هذا فحديثه عن المغيرة مرسل . يعني منقطع ، و
لذلك جعله في " التقريب " من الطبقة السادسة ، و هم من صغار التابعين الذين لم
يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج . إذا عرفت هذا فادعاء أن الحارث بن
عمرو من كبار التابعين افتئات على العلم ، و تخرص لا يصدر من مخلص ، و الصواب
أن يذكر ذلك على طريق الاحتمال ، فيقال : يحتمل أنه من كبار التابعين ، كما
يحتمل أنه من صغارهم . فإن قيل : فأيهما الأرجح لديك ؟ قلت : إذا كان لابد من
اتباع أهل الاختصاص في هذا العلم ، و ترك الاجتهاد فيما لا سبيل لأحد اليوم
إليه ، فهو أنه من صغار التابعين ، فقد أورده الإمام البخاري في " التاريخ
الصغير " في فصل " من مات ما بين المائة إلى العشرة " ( ص 126 - هند ) و أشار
إلي حديثه هذا و قال : " و لا يعرف الحارث إلا بهذا ، و لا يصح " . و لذلك جعله
الحافظ في " التقريب " من الطبقة السادسة التي لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من
الصحابة فقال : " مجهول ، من السادسة " . فإن قيل : ينافي هذا ما ذكره الكوثري
( ص 62 ) أن لفظ شعبة في رواية علي بن الجعد قال : سمعت الحارث بن عمرو ابن أخي
المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل .
كما أخرجه ابن أبي خيثمة ، في " تاريخه " و مثله في " جامع بيان العلم " لابن
عبد البر . فهذا صريح في أنه لقي جمعا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو
تابعي . فأقول : نعم والله إن هذه الرواية لتنافي ذلك أشد المنافاة ، و لكن
يقال للكوثري و أمثاله : أثبت العرش ثم انقش ، فإنها رواية شاذة ، تفرد بها علي
بن الجعد مخالفا في ذلك لسائر الثقات الذين لم يذكروا رسول الله صلى الله عليه
وسلم مضافا إلى ( الأصحاب ) ، و إنما قالوا : أصحاب معاذ كما تقدم في الإسناد
عند جميع من عزونا الحديث إليهم ، إلا في رواية لابن عبد البر ، و هي من روايته
عن أحمد بن زهير قال : حدثنا علي بن الجعد ...... و أحمد بن زهير هو ابن أبي
خيثمة . و إليك أسماء الثقات المخالفين لابن الجعد في روايته تلك : الأول : أبو
داود الطيالسي نفسه في " مسنده " و عنه البيهقي . الثاني : محمد بن جعفر عند
أحمد و الترمذي . الثالث : عفان بن مسلمة عند أحمد أيضا . الرابع : يحيى بن
سعيد القطان ، عند أبي داود و ابن عبد البر في الرواية الأخرى . الخامس : وكيع
بن الجراح عند الترمذي . السادس : عبد الرحمن بن مهدي عند الترمذي . السابع :
يزيد بن هارون عند ابن سعد . الثامن : أبو الوليد الطيالسي عند ابن سعد .
فهؤلاء ثمانية من الثقات و كلهم أئمة أثبات ، لاسيما و فيهم يحيى القطان الحافظ
المتقن لو أن بعضهم خالفوا ابن الجعد لكان كافيا في الجزم بوهمه في نسبته (
الأصحاب ) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى معاذ ، فكيف بهم مجتمعين ؟! و
مثل هذا لا يخفى على الكوثري ، و لكنه يتجاهل ذلك عمدا لغاية في نفسه ، و إلا
فإن لم تكن رواية ابن الجعد هذه شاذة فليس في الدنيا ما يمكن الحكم عليه
بالشذوذ ، و لذلك لم يعرج على هذه الرواية كل من ترجم للحارث هذا . فثبت مما
تقدم أن الحارث بن عمرو هو من صغار التابعين ، و ليس من كبارهم ، و قد صرح
بسماعه من جابر بن سمرة في رواية الطيالسي في " مسنده " ( 216 ) عن شعبة عنه .
و الآخر : هب أنه من كبار التابعين ، فذلك لا ينفي عنه جهالة العين فضلا عن
جهالة الوصف عند أحد من أئمة الجرح و التعديل ، بل إن سيرتهم في ترجمتهم للرواة
يؤيد ما ذكرنا ، فهذا مثلا حريث بن ظهير من الطبقة الثانية عند الحافظ ، و هي
طبقة كبار التابعين ، فإنه مع ذلك أطلق عليه الحافظ بأنه مجهول . و سبقه إلى
ذلك الإمام الذهبي فقال : " لا يعرف " . و مثله حصين بن نمير الكندي الحمصي .
قال الحافظ : " يروي عن بلال ، مجهول من الثانية " . و نحوه خالد بن وهبان ابن
خالة أبي ذر . قال الحافظ : " مجهول ، من الثالثة " . 3 - قوله : " و لم ينقل
أهل الشأن جرحا مفسرا في حقه " . قلت : لا ضرورة إلى هذا الجرح ، لأنه ليس
بمثله فقط يثبت الجرح ، بل يكفي أن يكون جرحا غير مفسر إذا كان صادرا من إمام
ذي معرفة بنقد الرواة ، و لم يكن هناك توثيق معتمر معارض له ، كما هو مقرر في
علم المصطلح ، فمثل هذا الجرح مقبول ، لا يجوز رفضه ، و من هذا القبيل وصفه
بالجهالة ، لأن الجهالة علة في الحديث تستلزم ضعفه ، و قد عرفت أنه مجهول عند
جمع من الأئمة النقاد و منهم الإمام البخاري ، فأغنى ذلك عن الجرح المفسر ، و
ثبت ضعف الحديث . 4 - قوله : " و لا حاجة في الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى
أن ينقل توثيق عن أهل طبقته " . فأقول : فيه أمور : أولا : أن الحارث هذا لم
يثبت أنه تابعي كبير كما تقدم فانهار قوله من أصله . و ثانيا : أنه لا قائل بأن
الراوي سواء كان تابعيا أو ممن دونه بحاجة إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته
، بل يكفي في ذلك أن يوثقه إمام من أئمة الجرح و التعديل سواء كان من طبقته أو
ممن دونها ، فلما كان الحارث هذا لم يوثقه أحد ممن يوثق بتوثيقه بل جهلوه فقد
سقط حديثه . 5 - قوله : " بل يكفي في عدالته ........ ( إلى قوله ) من رجال تلك
الطبقة " . قلت : هذه مجرد دعوى ، فهي لذلك ساقطة الاعتبار ، فكيف و هي مخالفة
للشرط الأول من شروط الحديث الصحيح : " ما رواه عدل ضابط ..... " فلو سلمنا أن
عدالته تثبت بذلك ، فكيف يثبت ضبطه و ليس له من الحديث إلا القليل بحيث لا يمكن
سبره و عرضه على أحاديث الثقات ليحكم له بالضبط أو بخلافه ، أو بأنه وسط بين
ذلك . كما هو طريق من طرق الأئمة النقاد في نقد الرواة الذين لم يرو فيهم جرح
أو تعديل ممن قبلهم من الأئمة . و يكفي في إبطال هذا القول مع عدم وروده في
" علم المصطلح " أنه مباين لما جاء فيه : أن أقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين
مشهورين كما تقدم عن الخطيب . و لما تعقبه بعضهم بأن البخاري روى عن مرداس
الأسلمي ، و مسلما عن ربيعة بن كعب الأسلمي و لم يرو عنهما غير واحد . رده
النووي في " التقريب " بقوله ( ص 211 ) : " و الصواب نقل الخطيب ، و لا يصح
الرد عليه بمرداس و ربيعة فإنهما صحابيان مشهوران ، و الصحابة كلهم عدول " . و
أيده السيوطي في " التدريب " فقال عقبه : " فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم
بتعداد الرواة ، قال العراقي : هذا الذي قاله النووي متجه إذا ثبتت الصحبة ، و
لكن بقي الكلام في أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أو لا تثبت إلا برواية
اثنين عنه ، و هو محل نظر و اختلاف بين أهل العلم ، و الحق أنه إن كان معروفا
بذكره في الغزوات أو في من وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته " . قلت
: فتأمل كلام العراقي هذا يتبين لك بطلان قول الكوثري ، لأنه تساهل في إثبات
عدالة التابعي الكبير فلم يشترط فيه ما اشترطه العراقي في إثبات الصحبة
المستلزمة لثبوت العدالة ! فإنه اشترط مع رواية الواحد عنه أن يكون معروفا
بذكره في الغزوات أو الوفود . و هذا ما لم يشترط الكوثري مثله في التابعي !
فاعتبروا يا أولي الأبصار . و لعله قد وضح لك أنه لا فرق بين التابعي الكبير و
من دونه في أنه لا تقبل روايتهم ما لم تثبت عدالتهم . و تثبت العدالة بتنصيص
عدلين عليها أو بالاستفاضة . كما هو معلوم . 6 - قال : " أما من بعدهم فلا تقبل
روايتهم ما لم تثبت عدالتهم و هكذا " . قلت : بل و التابعي الكبير كذلك كما
حققناه في الفقرة السابقة . 7 - قال : " و الحارث هذا ذكره ابن حبان في "
الثقات " ، و إن جهله العقيلي و ابن الجارود و أبو العرب " . قلت : فيه أمران :
الأول : أنه تغافل عن أئمة آخرين جهلوه ، منهم الإمام البخاري و الذهبي و
العسقلاني و غرضه من ذلك واضح و هو الحط من شأن هذا التجهيل ! و الآخر :
اعتداده بتوثيق ابن حبان هنا خلاف مذهبه الذي يصرح في بعض تعليقاته <1> بأن ابن
حبان يذكر في " الثقات من لم يطلع على جرح فيه ، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة
عند الآخرين ، و قد رد شذوذ ابن حبان هذا في ( لسان الميزان ) " . و هذا من
تلاعبه في هذا العلم الشريف ، فتراه يعتد بتوثيق ابن حبان حيث كان له هوى في
ذلك كهذا الحديث ، و حديث آخر في التوسل كنت خرجته فيما تقدم برقم ( 23 ) ، و
لا يعتد به حين يكون هواه على نقيضه كحديث الأوعال و غيره ، و قد شرحت حاله هذا
هناك بما فيه كفاية . و لكن لابد لي هنا من أن أنقل كلامه في راوي حديث الأوعال
و هو عبد الله بن عميرة راويه عن العباس بن عبد المطلب ، فهو تابعي كبير
، لتتأكد من وجود التشابه التام بينه و بين الحارث بن عمرو الراوي للحديث عن
معاذ ، و مع ذلك يوثق هذا بذاك الأسلوب الملتوي ، و يجهل ذاك و هو فيه على
الصراط السوي ! قال في " مقالاته " ( ص 309 ) : " و قال مسلم في " الوحدان " (
ص 14 ) : " انفرد سماك بن حرب بالرواية عن عبد الله بن عميرة " . فيكون ابن
عميرة مجهول العين عنده ، ( يعني مسلما ) لأن جهالة العين لا تزول إلا برواية
ثقتين ، ( تأمل ) و قال إبراهيم الحربي - أجل أصحاب أحمد - عن ابن عميرة لا
أعرفه . و قال الذهبي في " الميزان " عن عبد الله بن عميرة : فيه جهالة " . قلت
: ثم وصفه الكوثري بأنه شيخ خيالي ! و بأنه مجهول عينا و صفة ! و نحوه قوله في
" النكت الطريفة " ( ص 101 ) و قد ذكر حديثا في سنده عبد الرحمن بن مسعود : " و
هو مجهول . قال الذهبي : " لا يعرف " و إن ذكره ابن حبان في الثقات على
قاعدته في التوثيق " ! و قال في ( قابوس ) . " و إنما وثقه ابن حبان على طريقته
في توثيق المجاهيل إذا لم يبلغه عنهم عنهم جرح ، و هذا غاية التساهل " !! ( ص
48 منه ) . فقابل كلامه هذا بالقاعدة التي وضعها من عند نفسه في قبول حديث
التابعي الكبير حتى و لو نص الأئمة على جهالته تزداد تأكدا من تلاعبه المشار
إليه . نسأل الله السلامة . و لو كانت القاعدة الموضوعة صحيحة لكان قبول حديث
ابن عميرة هذا أولى من حديث الحارث ، لأنه روى عن العباس فهو تابعي كبير قطعا ،
و لذلك جعله ابن حجر من الطبقة الثانية ، بينما الحارث إنما يروي عن بعض
التابعين كما سبق ، و لكن هكذا يفعل الهوى بصاحبه . نسأل الله العافية . 8 -
قال أخيرا : " و قد روى هذا الحديث عن أبي عون عن الحارث - أبو إسحاق الشيباني
، و شعبة بن الحجاج المعروف بالتشدد في الرواية ، و المعترف له بزوال الجهالة
وصفا عن رجال يكونون في سند روايته " ! قلت : فيه مؤاخذتان : الأولى : أن كون
شعبة معروفا بالتشدد في الرواية لا يستلزم أن يكون كل شيخ من شيوخه ثقة ، بله
من فوقهم ، فقد وجد في شيوخه جمع من الضعفاء ، و بعضهم ممن جزم الكوثري نفسه
بضعفه ! و لا بأس من أن أسمي هنا من تيسر لي منهم ذكره : 1 - إبراهيم بن مسلم
الهجري . 2 - أشعث بن سوار . 3 - ثابت بن هرمز . 4 - ثوير بن أبي فاختة . 5 -
جابر الجعفي . 6 - داود بن فراهيج . 7 - داود بن يزيد الأودي . 8 - عاصم بن
عبيد الله ( قال الكوثري في " النكت " ( ص 74 ) : ضعيف لا يحتج به ) . 9 - عطاء
بن أبي مسلم الخراساني . 10 - علي بن زيد بن جدعان . 11 - ليث بن أبي سليم . 12
- مجالد بن سعيد . - قال الكوثري في " النكت " ( ص 63 ) : " ضعيف بالاتفاق " و
ضعف به حديث : " زكاة الجنين زكاة أمه " ! ثم ضعف به فيه ( ص 95 ) حديث " لعن
الله المحلل و المحلل له " ! فلم يتجه من تضعيفه إياه أنه من شيوخ شعبة ! <2>
.13 - مسلم الأعور . 14 - موسى بن عبيدة . 15 - يزيد بن أبي زياد . 16 - يزيد
بن عبد الرحمن الدالاني . 17 - يعقوب بن عطاء . 18 - يونس بن خباب . من أجل ذلك
قالوا في لم المصطلح : و إذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين ،
و هو الصحيح كما قال النووي في " التدريب " ( ص 208 ) و راجع له شرحه " التقريب
" و إذا كان هذا في شيوخه فبالأولى أن لا يكون شيوخ شيوخه عدولا إلا إذا سموا
، فكيف إذا لم يسموا ؟! الأخرى : قوله : " و المعترف له بزوال الجهالة ........
" . أقول : إن كان يعني أن ذلك معترف به عند المحدثين ، فقد كذب عليهم ، فقد
عرفت مما سردناه آنفا طائفة من الضعفاء من شيوخ شعبة مباشرة ، فبالأولى أن يكون
في شيوخ شيوخه من هو ضعيف أو مجهول ، و كم من حديث رواه شعبة ، و مع ذلك ضعفه
العلماء بمن فوقه من مجهول أو ضعيف ، من ذلك حديثه عن أبي التياح : حدثني شيخ
عن أبي موسى مرفوعا بلفظ : " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا " .
فضعفوه بجهالة شيخ أبي التياح كما سيأتي برقم ( 2320 ) ، و من ذلك حديث " من
أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ..... " الحديث . رواه شعبة بإسناده عن أبي
المطوس عن أبي هريرة مرفوعا : فضعفه البخاري و غيره بجهالة أبي المطوس فراجع
" الترغيب و الترهيب " ( 2 / 74 ) ، و " المشكاة " ( 2013 ) ، و " نقد الكتاني
" ( 35 ) . و إن كان يعني بذلك نفسه ، أي أنه هو المعترف بذلك ، فهو كاذب أيضا
- مع ما فيه من التدليس و الإيهام - ، لأن طريقته في إعلال الأحاديث بالجهالة
تناقض ذلك ، و إليك بعض الأمثلة : 1 - عبد الرحمن بن مسعود ، صرح في " النكت
الطريفة " ( ص 101 ) بأنه " مجهول " مع أنه من رواية شعبة عنه بالواسطة ! و قد
قمت بالرد عليه عند ذكر حديثه الآتي برقم ( 2556 ) و بيان تناقضه ، و إن كان
الرجل فعلا مجهولا . 2 - عمرو بن راشد الذي في حديث وابصة في الأمر بإعادة
الصلاة لمن صلى وراء الصف وحده . قال الكوثري في " النكت " ( ص 28 ) : " ليس
معروفا بالعدالة فلا يحتج بحديثه " . مع أنه يرويه شعبة بإسناده عنه ، و هو
مخرج في " صحيح أبي داود " ( 683 ) ، و " إرواء الغليل " ( 534 ) . و راجع
تعليق أحمد شاكر على الترمذي ( 1 / 448 - 449 ) " . 3 - وكيع بن حدس الراوي عن
أبي رزين العقيلي حديث كان في عماء ما فوقه هواء ، و ما تحته هواء ..... " قال
الكوثري في تعليقه على " الأسماء " ( ص 407 ) : " مجهول الصفة " . مع أنه يعلم
أن شعبة قد روى له حديثا آخر عند الطيالسي ( 1090 ) و أحمد ( 4 / 11 ) . فما
الذي جعل هؤلاء الرواة مجهولين عند الكوثري ، و جعل الحارث بن عمرو معروفا عنده
و كلهم وقعوا في إسناد فيه شعبة ؟! الحق ، و الحق أقول : إن هذا الرجل لا يخشى
الله ، فإنه يتبع هواه انتصارا لمذهبه ، فيبرم أمرا أو قاعدة من عند نفسه
لينقضها في مكان آخر متجاوبا مع مذهبه سلبا و إيجابا . و في ذلك من التضليل و
قلب الحقائق ما لا يخفى ضرره على أهل العلم . نسأل الله العصمة من الهوى . و
بعد ، فقد أطلت النفس في الرد على هذا الرجل لبيان ما في كلامه من الجهل و
التضليل نصحا للقراء و تحذيرا ، فمعذرة إليهم . هذا و لا يهولنك اشتهار هذا
الحديث عن علماء الأصول ، و احتجاجهم به في إثبات القياس ، فإن أكثرهم لا معرفة
عندهم بالحديث و رجاله ، و لا تمييز لديهم بين صحيحه و سقيمه ، شأنهم في ذلك
شأن الفقهاء بالفروع ، إلا قليلا منهم ، و قد مر بك كلام إمام الحرمين في هذا
الحديث - و هو من هو في العلم بالأصول و الفروع ، فماذا يقال عن غيره ممن لا
يساويه في ذلك بل لا يدانيه ، كما رأت نقد الحافظ ابن طاهر إياه ، ثم الحافظ
ابن حجر من بعده ، مع إنكاره على ابن طاهر سوء تعبيره في نقده . ثم وجدت لكل
منهما موافقا ، فقد نقل الشيخ عبد الوهاب السبكي في ترجمة الإمام من " طبقاته "
عن الذهبي أنه قال فيه : " و كان أبو المعالي مع تبحره في الفقه و أصوله ، لا
يدري الحديث ! ذكر في كتاب " البرهان " حديث معاذ في القياس فقال : هو مدون في
" الصحاح " متفق على صحته . كذا قال ، و أنى له الصحة ، و مداره على الحارث بن
عمرو و هو مجهول ، عن رجال من أهل حمص لا يدري من هم ؟ عن معاذ " . ثم تعقبه
السبكي بنحو ما سبق من تعقب الحافظ لابن طاهر ، و لكنه دافع عنه بوازع من
التعصب المذهبي ، لا فائدة كبرى من نقل كلامه و بيان ما فيه من التعصب ، فحسبك
أن تعلم أنه ذكر أن الحديث رواه أبو داود الترمذي ، و الفقهاء لا يتحاشون من
إطلاق لفظ " الصحاح " عليها . فكأن السبكي يقول : فللإمام أسوة بهؤلاء الفقهاء
في هذا الإطلاق ! فيقال له : أولو كان ذلك أمرا منكرا عند العلماء بالحديث ؟! و
في الوقت نفسه فقد تجاهل السبكي قول الإمام في الحديث " متفق على صحته " ، فإنه
خطأ محض لا سبيل إلى تبريره أو الدفاع عنه بوجه من الوجوه ، و لذلك لم يدندن
السبكي حوله و لو بكلمة . و لكنه كان منصفا حين اعترف بضعف الحديث ، و أن
الإمام صحح غيره من الأحاديث الضعيفة فقال : " و ما هذا الحديث وحده ادعى
الإمام صحته و ليس بصحيح ، بل قد ادعى ذلك في أحاديث غيره ، و لم يوجب ذلك
عندنا الغض منه " . و أقول أخيرا : إن وصف الرجل بما فيه ليس من الغض منه في
شيء ، بل ذلك من باب النصح للمسلمين ، و بسبب تجاهل هذه الحقيقة صار عامة
المسلمين لا يفرقون بين الفقيه و المحدث ، فيتوهمون أن كل فقيه محدث ، و
يستغربون أشد الاستغراب حين يقال لهم الحديث الفلاني ضعيف عند المحدثين و إن
احتج به الفقهاء ، و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا ، تجدها مبثوثة في تضاعيف هذه "
السلسلة " ، و حسبك الآن هذا الحديث الذي بين يديك . و جملة القول أن الحديث لا
يصح إسناده لإرساله ، و جهالة راويه الحارث بن عمرو ، فمن كان عنده من المعرفة
بهذا العلم الشريف ، و تبين له ذلك فبها ، و إلا فحسبه أن يستحضر أسماء الأئمة
الذين صرحوا بتضعيفه ، فيزول الشك من قلبه ، و ها أنها ذا أسردها و أقربها إلى
القراء الكرام : 1 - البخاري . 2 - الترمذي . 3 - العقيلي . 4 - الدارقطني . 5
- ابن حزم . 6 - ابن طاهر . 7 - ابن الجوزي . 8 - الذهبي . 9 - السبكي 10 - ابن
حجر كل هؤلاء - و غيرهم ممن لا نستحضرهم - قد ضعفوا هذا الحديث ، و لن يضل
بإذن الله من اهتدى بهديهم ، كيف و هم أولى الناس بالقول المأثور : " هم القوم
لا يشقى جليسهم " . هذا و لما أنكر ابن الجوزي صحة الحديث أتبع ذلك قوله : " و
إن كان معناه صحيحا " كما تقدم . فأقول : هو صحيح المعنى فيما يتعلق بالاجتهاد
عند فقدان النص ، و هذا مما لا خلاف فيه ، و لكنه ليس صحيح المعنى عندي فيما
يتعلق بتصنيف السنة مع القرآن و إنزاله إياه معه ، منزلة الاجتهاد منهما . فكما
أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص في الكتاب و السنة ، فكذلك لا يأخذ بالسنة
إلا إذا لم يجد في الكتاب . و هذا التفريق بينهما مما لا يقول به مسلم بل
الواجب النظر في الكتاب و السنة معا و عدم التفريق بينهما ، لما علم من أن
السنة تبين مجمل القرآن ، و تقيد مطلقه ، و تخصص عمومه كما هو معلوم . و من رام
الزيادة في بيان هذا فعليه برسالتي " منزلة السنة في الإسلام و بيان أنه لا
يستغنى عنها بالقرآن " . و هي مطبوعة ، و هي الرسالة الرابعة من " رسائل الدعوة
السلفية " . و الله ولي التوفيق .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر " مقالات الكوثري " ( ص 309 ) ، و " شروط الأئمة الخمسة " ( ص 45 ) .
[2] و لا يفوتني التنبيه على أن الحديثين المذكورين صحيحان رغم أنف الكوثري ، و
تعصبه المذهبي ، و هما مخرجان في " إرواء الغليل " ( 2606 و 1955 ) . اهـ .