المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كِتَابُ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ


دكتور محمد فخر الدين الرمادي
08 / 12 / 2017, 08 : 12 AM
كِتَابُ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ
** ** ** ** ** ** **


محاولةٌ مني لإعادة قراءة النصوص الشرعية وإنزال الأحداث التي استجدت لفهم الواقع الجديد؛ خاصة وقد غابت القدوة الحسنة والمثال الصحيح الذي يحتذى به .. وصار لاعب كرة القدم -مع إحترامي الكامل لشخصه وإنسانيته وطموحه وقدراته- صار هو والمطرب أو الممثل مَن يلقى استحساناً في المجتمع عند الكثير.. لنراجع الفضائيات العربية وما تقدمه لجمهور عريض .. ونراقب منصات التواصل الإجتماعي وما تبثه ليل نهار .. لا أبحث هنا عن فائدة أو ضرر بقدر ما أبحث لماذا وصل حال أمة تعدادها مليار ونصف المليار من البشر إلى ما وصلت إليه .. لذا ينبغي بل يجب عليَّ أن أضع مقياسا ثابتا صحيحا مقبولا من كافة الأطراف ونحدده لنقيس به مجريات الأمور فبغياب المقياس تضيع الحقوق .. بمعنى أن الكل يكره الظلم ويعارضه ولكن إذا وقع فما التصرف!!؟... وإذا ساد الكذب والنفاق فكيف سيكون رد الفعل!!؟ ..
**
وفي قصص الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم أجمعين وسلامه وبركاته الملجأ الآمن لوضع الخط المستقيم بجوار الخط المعوج لتصلح الحياة ... فلنبدء ,,
**
تفضلوا في صالون الضيافة لنتعرف عن قرب لمن يصلح أن يكون القدوة الحسنة والمثال الصالح..



**
محمد فخر الدين بن إبراهيم آل الرمادي
19 ربيع الأول 1439 هـ ~ 07 ديسمبر 2017م

شريف حمدان
08 / 12 / 2017, 43 : 12 AM
http://up.ahlalalm.info/photo1/yvo59466.gif



واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
08 / 12 / 2017, 05 : 02 PM
مبدأ «الإصطفاء» ونظرية «الإجتباء» :

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
01 / 03 / 2018, 26 : 11 PM
[ ١. ]الْبَحْثُ الْأَوَّلُ :

مدخل للموضوع :

مبدأ «الإصطفاء»
و
نظرية «الإجتباء» :
الِاصْطِفَاءُ.. وَالِاجْتِبَاءُ .. وَالِارْتِضَاءُ : ألفاظٌ مُتَقَارِبةُ الْمَعْنَى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خالق الكون والحياة والإنسان وموجدهم؛ ومالك كل شئ، ولحكمةٍ نسعى لإدراكها خص الإنسان عن بقية المخلوقات بخاصية العقل والإدراك والفهم، فقال الإمام الرازي:" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَشَرَ أَفْضَلُ مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، وَ
اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْبَشَرَ أَفْضَلُ أَمِ الْمَلَائِكَةَ "
قلتُ؛ الرمادي : سأبحث المسألة بمزيد تفصيل عند تأويل الآية الكريمة 34 من سورة البقرة عند قوله تعالى :
«اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا » .
[آية ٣٤؛ سورة الْبَقَرَةِ :٢]؛
وذلك في يحث التأويل والتفسير لآيات الذكر الحكيم.
ونحن نميل إلى الرأي الذي يقول بأن الإنسان أفضل من الملاك؛ ومع هذه الأفضلية تأتي مسألة الإصطفاء والإجتباء:
قال مَن تعالى في سماه وتقدست اسماه :
« إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ
« آدَمَ »
وَ
« نُوحًا »
وَ
« آلَ إِبْرَاهِيمَ »
وَ
« آلَ عِمْرَان َ» عَلَى الْعَالَمِينَ
[آية:٣٣؛ سورة آل عمران:٣]؛
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »
[آية ٣٤؛ سورة آل عمران: 3] .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
01 / 03 / 2018, 33 : 11 PM
قال ابن كثير :
" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَارَ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاصْطَفَى آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ،
1.] خَلَقَهُ بِيَدِهِ، وَ
2.] نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَ
3.] أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَ
4.] عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَ
5.] أَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ..
ثُمَّ أَهْبَطَهُ مِنْهَا، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ".
[ راجع : ابن كثير التفسير].

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
01 / 03 / 2018, 42 : 11 PM
من المسائل الهامة والتي من شأنه هو سبحانه وتعالى دون سواه وتخصه دون منازع ؛ مسألة : الإصطفاء :
يذكر سبحانه وتعالى أنه اصطفى آدم عليه السلام ؛ ثم اصطفى خالقنا ورازقنا نوحاً ؛ وهو يسمى عند بعض العلماء بـ آدم الثاني " ؛ والخُلَّص من ذريته المتبعين شرعه الملازمين طاعته ، ثم خصَّ صاحب الأمر والنهي فقال:
«وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ»
فدخل فيهم بنو إسماعيل؛ وبنو إسحاق، ثم ذكر فضل هذا البيت الطاهر الطيب؛ وهم «آل عمران» ، فقال صاحب المنار :" وَكَانَ أَرْفَعُهُمْ قَدْرًا وَأَنْبَهُهُمْ ذِكْرًا «آلُ عِمْرَانَ » قَبْلَ أَنْ تُخْتَمَ النُّبُوَّةُ بِوَلَدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ".
[رضا؛ محمد رشيد، تفسير المنار، عند تفسيره لـ آية رقم 33 من سورة آل عمران، الهيئة المصرية للكتاب، دون ذكر سنة النشر] .

شريف حمدان
01 / 03 / 2018, 54 : 11 PM
http://up.ahlalalm.info/photo1/43e59596.gif




واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

شريف حمدان
01 / 03 / 2018, 57 : 11 PM
http://up.ahlalalm.info/photo2/wDo49167.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
04 / 03 / 2018, 11 : 06 PM
قال مَن تعالى في سماه وتقدست اسماه :
« إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ « آدَمَ » وَ « نُوحًا » وَ « آلَ إِبْرَاهِيمَ » وَ «آلَ عِمْرَانَ » عَلَى الْعَالَمِينَ
[آية:٣٣؛ سورة آل عمران:٣] ؛ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »
[آية ٣٤؛ سورة آل عمران: 3]

أما عن سبب نزول الآية الكريمة فقد قال ابن الأثير؛ الأندلسي في البحر المحيط :
" ذَكَرَ الْمُصْطَفَيْنَ الَّذِينَ يُحِبُّ اتِّبَاعَهُمْ ، فَبَدَأَ
أَوَّلًا: بِأَوَّلِهِمْ وُجُودًا وَأَصْلِهِمْ ،
وَ
ثَنَى بِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ هُوَ آدَمُ الْأَصْغَرُ لَيْسَ أَحَدٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا مِنْ نَسْلِهِ ،
ثُمَّ أَتَى
ثَالِثًا: بِـ آلِ إِبْرَاهِيمَ ، فَانْدَرَجَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُورُ بِاتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ ، وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
ثُمَّ أَتَى
رَابِعًا: بِـ آلِ عِمْرَانَ ، فَانْدَرَجَ فِي آلِهِ مَرْيَمُ وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَنَصَّ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ لِخُصُوصِيَّةِ الْيَهُودِ بِهِمْ ، وَعَلَى آلِ عِمْرَان لِخُصُوصِيَّةِ النَّصَارَى بِهِمْ ، فَذَكَرَ تَعَالَى جَعْلَ هَؤُلَاءِ صَفْوَةً أَيْ : مُخْتَارِينَ نَقَاوَةً .
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَقَّاهُمْ مِنَ الْكَدَرِ .
وَهَذَا مِنْ تَمْثِيلِ الْمَعْلُومِ بِالْمَحْسُوسِ .
قلتُ؛ الرمادي :
هذا هو القول الأول عند الأندلسي .

ـــ

[أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسيرالكبير؛ المسمى " البحرالمحيط "، دار إحياء التراث العربي؛ دون ذكر سنة النشر]
أما
[ 2. ] القول الثاني :
من أسباب نزول هذه الآية الكريمة عند أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ في التفسيرالكبير ؛ المسمى " البحرالمحيط " :
وَقِيلَ : فِي نَصَارَى نَجْرَانَ لَمَّا غَلَوْا فِي عِيسَى، وَجَعَلُوهُ ابْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَاتَّخَذُوهُ إِلَهًا ، نَزَلَتْ رَدًّا عَلَيْهِمْ ، وَإِعْلَامًا أَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ الْمُتَنَقِّلِينَ فِي الْأَطْوَارِ الْمُسْتَحِيلَةِ عَلَى الْإِلَهِ ، وَاسْتَطْرَدَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى وِلَادَةِ أُمِّهِ ، ثُمَّ إِلَى وِلَادَتِهِ هُوَ ، وَهَذِهِ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَاتِ لِمَا قَبْلَهَا .
ـــ
[أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسير الكبير؛ المسمى " البحر المحيط "، دار إحياء التراث العربي؛ دون ذكر سنة النشر. ]
**
أما عن سبب نزول الآية الكريمة ؛ فيأتي :
[ 3. ] القول الثالث :
من أسباب نزولها : فقد نقل أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي؛ صاحب التفسير الكبير ؛ المسمى " البحرالمحيط " مـقَالَة ابْنِ عَبَّاسٍ:

قَالَتِ الْيَهُودُ : نَحْنُ أَبْنَاءُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ. وَنَحْنُ عَلَى دِينِهِمْ ...". [1.]
يكمل البغوي الفكرة فكأنه يقول على لسانهم ؛ بعد أن نقل لنا مقالة ابن عباس :" وَنَحْنُ عَلَى دِينِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ ..
يَعْنِي : إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى هَؤُلَاءِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ . [2 ]
**
هَذِهِ المسألة ؛ مسألة دِينِ الْإِسْلَامِ هي رسالة كل الأنبياء والمرسلين ؛ من لدن آدم إلى نهاية الوحي وانقطاعه ؛ و هنا الرسالة العامة وليست خصوصية رسالة أخر الأنبياء وخاتم المسلمين ؛ وقد تحتاج منا إلى توضيح وتبيان في مستقبل الأيام ، حتى لا يتم الخلط وسوء الفهم ؛ لذا فقد وجب عليَّ التنبيه .
ــــــــــــــــــــــــــ
[1. ] أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسير الكبير ؛ المسمى " البحرالمحيط " ، دار إحياء التراث العربي ؛ دون ذكرسنة النشر .
[2. ] البغوي؛ الحسين بن مسعود ؛ تفسير البغوي؛ دار طيبة؛ دون ذكر سنة النشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

«سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والإعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » :
«مبدأ «الإصطفاء» ونظرية«الإجتباء»
بحوث :قصص الأنبياء-عليهم جميعاً سلام الله تعالى وصواته وبركاته
ـــــــــــــــ
أعد هذا الملف:
محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي

شريف حمدان
04 / 03 / 2018, 14 : 06 PM
http://up.ahlalalm.info/photo1/g1K33816.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
04 / 03 / 2018, 47 : 06 PM
أقوال العلماء في مسألة الأصطفاء
************************

[ ١. ] القول الأول


قال الرازي :" ( اصْطَفَى ) فِي اللُّغَةِ « اخْتَار »، وَ
يُقَالُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ :
[ أ. ] صَفْوَةٌ ،
وَ
[ ب. ] صُفْوَةٌ ؛
وَ
[ ج. ] صِفْوَةٌ ".

[الرازي؛ الإمام فخرالدين؛ أبوعبدالله محمد بن عمر بن حسين القرشي ؛ الطبرستاني الأصل، التفسير الكبير؛ مفاتيح الغيب، عند تفسيره لـ آية 33؛ من سورة آل عمران، طبعة دار الكتب العلمية بــ بيروت ، 2004م ~ 1425هـ].
ــــــــــــــــــــــــــ
[٢. ] القول الثاني :

قال صاحب لسان العرب :" الصِّفْوَةُ ، بِالْكَسْرِ : « خِيَارُ الشَّيْءِ وَخُلَاصَتُهُ »، وَمَا صَفَا مِنْهُ ؛
وَ « الصَّفِيُّ » الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ .

اسْتَصْفَى الشَّيْءَ ؛ وَاصْطَفَاهُ : اخْتَارَهُ ."
ثم
قال ابن منظور :" وَالِاصْطِفَاءُ : الِاخْتِيَارُ ، افْتِعَالٌ مِنَ الصَّفْوَةِ . وَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وَمُصْطَفَاهُ.
وَ
الْأَنْبِيَاءُ : الْمُصْطَفَوْنَ ، وَهُمْ مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ : إِذَا اخْتِيرُوا ، وَهُمُ الْمُصْطَفُونَ: إِذَا اخْتَارُوا ، وَهَذَا بِضَمِّ الْفَاءِ ." وَ
صَفِيُّ الْإِنْسَانِ : أَخُوهُ الَّذِي يُصَافِيهِ الْإِخَاءَ " .
وَ
اسْتَصْفَيْتُ الشَّيْءَ : إِذَا اسْتَخْلَصْتَهُ .
وَ
مَنْ قَرَأَ : ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافِيَ ) بــ(ِالْيَاءِ) فَتَفْسِيرُهُ أَنَّهَا خَالِصَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَذْهَبُ بِهَا إِلَى جَمْعِ صَافِيَةٍ ؛ وَ
مِنْهُ قِيلَ لِلضِّيَاعِ الَّتِي يَسْتَخْلِصُهَا السُّلْطَانُ لِخَاصَّتِهِ : الصَّوَافِي .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَالَ الشَّعْبِيُّ : الصَّفِيُّ عِلْقٌ تَخَيَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله مِنَ الْمَغْنَمِ كَانَ مِنْهُ [أم المؤمنين؛ زوج النبي المصطفى] صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ؛ وَ
مِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعن أبيها : كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفَايَا .. تَعْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ [1] كَانَتْ مِنْ غَنِيمَةِ خَيْبَرَ .
ــــــ
[ابن منظور"؛ أبوالفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب؛ دار صادر؛ 2003م .]

[1] والسيدة صفية؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ؛ صارت من أمهات المسلمين وأمهات المؤمنين؛ بعد أن أمنت برسول الله محمد بن عبدالله.. وتزوجت بالنبي المصطفى والرسول المجتبى؛
[ولي بحثٌ عنها؛ رضي الله عنها ضمن سلسلة :" التربية والتصفية " ؛ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة.]

وقال ابن الأثير : حَدِيثُ عَائِشَةَ :" كَانَتْ صَفِيَّةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنَ الصَّفِيِّ " ؛ تَعْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، كَانَتْ مِمَّنِ اصْطَفَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله مِنْ غَنِيمَةِ خَيْبَرَ.
[ابن الأثير " ؛ مجدالدين أبي السعادات المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر؛ حرف الصاد، المكتبة العلمية؛ دون ذكر سنة النشر ] .

ـــــــــــــــــــــــــــــ
[ ٣.] القول الثالث :


قال ابن عاشور :" وَمَعْنَى اصْطِفَاءِ هَؤُلَاءِ عَلَى الْعَالَمِينَ اصْطِفَاءُ الْمَجْمُوعِ عَلَى غَيْرِهِمْ، أَوِ اصْطِفَاءُ كُلِّ فَاضِلٍ مِنْهُمْ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ .".
ـــــ

[ابن عاشور؛ محمد الطاهر، " تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد" ؛ واختصر هذا الاسم باسم " التحرير والتنوير من التفسير، عند تفسيره لـ آية رقم 33 من سورة آل عمران، دار سحنون، دون ذكر سنة النشر ].

ــــــــــــــــــــــــ
[ ٤. ] القول الرابع :
قال الشيخ محمد رشيد رضا؛ تلميذ الأستاذ الإمام محمد عبده :" أَيِ اخْتَارَهُمْ وَجَعَلَهُمْ صَفْوَةَ الْعَالَمِينَ وَخِيَارَهُمْ بِجَعْلِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فِيهِمْ" .
[رضا؛ محمد رشيد، تفسير المنار، عند تفسيره لـ آية رقم 33 من سورة آل عمران، الهيئة المصرية للكتاب، دون ذكر سنة النشر] .
و
بقول السادة العلماء يتبين لنا معنى الإصطفاء المقصود في الآية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعند ابن عاشور؛ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ آل عمران:
" وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَؤُلَاءِ تَذْكِيرُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِشِدَّةِ انْتِسَابِ أَنْبِيَائِهِمْ إِلَى النَّبِيءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوا مُوجِبَ الْقَرَابَةِ مُوجِبَ عَدَاوَةٍ وَتَفْرِيقٍ .
وَ
مِنْ هُنَا ظَهَرَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ :" وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "...
أَيْ سَمِيعٌ بِأَقْوَالِ بَعْضِكُمْ فِي بَعْضِ هَذِهِ الذُّرِّيَّةِ : كَــ
قَوْلِ الْيَهُودِ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ وَتَكْذِيبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
[ابن عاشور؛ تفسيره لـ سُورَةِ آل عمران؛ مصدر سابق]

ويتبقى لي مسألة:
و هي تخصنا نحن ؛ مَن أمن بالرسول الخاتم وبالنبي المعصوم آخر الرسل ومتمم المبتعثين محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ هل لنا نصيب من الإختيار ...
الحقيقة الكونية تبين أنه سبحانه وتعالى أختارنا لهذا الزمن.. إذ أن أمره بين الكاف والنون.. والإختيار لنا أن نكون من أهل هذا الزمان .. كأن الله تعالى ناظر لنا -وهو السميع البصير العليم- ماذا سنفعل بكتابه الكريم القرآن العظيم .. هل سنطبقه ونترجمه لسلوك يومي!!!!
وهل سنترجم سنة نبيه العطرة إلى تصرفات وأقوال وأعمال كما بيّناها لنا !!!
أم نتقاعس.. !!
والعياذ بالله ونسأله سبحانه السلامة والعافية!!
وحال الأمة الإسلامية ظاهر اليوم على كف اليد .. لا يحتاج لمزيد إخبار أو توضيح ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي

طويلب علم مبتدئ
04 / 03 / 2018, 43 : 09 PM
مجرد تنبيه لما في اخر كلامكم أخي الكريم جاء في " لقاءات الباب المفتوح للشيخ ابن عثمين رحمه الله " ( 186 )

قال تعالى: وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ [القمر:50] أي: ما أمرنا فيما نريد أن يكون (إلا واحدة) أي: مرة واحدة بدون تكرار كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] بدون تأخر، سبحان الله! أمر الله عز وجل واحد لا تكرار، وبسرعة فورية أسرع ما يمكن أن يكون كلمحٍ بالبصر (كن فيكون) .
واشتهر بين العوام أنهم يقولون: (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا خطأ، ليس أمر الله بين الكاف والنون، بل بعد الكاف والنون؛ لأن الله قال: كُنْ فَيَكُونُ [البقرة:117] متى؟ بعد كن، فقولهم: بين الكاف والنون خطأ، يعني: ما تم الأمر بين الكاف والنون، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر .
وإن شئت أن ترى عجائب ذلك فانظر إلى الزلازل تصيب مئات القرى، أو آلاف القرى وبلحظةٍ واحدة تعدمها، ولو جاءت المعاول و(الدركترات) والقنابل ما فعلت مثل فعل لحظة واحدة من أمر الله عز وجل، واسأل الخبراء بالزلازل تجد الجواب.
انظر إلى ما هو أعظم من ذلك، الموتى في قبورهم والحشرات والحيوانات، وكل الأشياء، تبعث يوم القيامة بكلمةٍ واحدة كما قال جل وعلا: إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:53] أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يحضر إلى الخير (صيحة واحدة) فقط (فإذا هم جميعٌ كلهم لدينا) أي: عندنا (محضرون) فصدق الله عز وجل وعده، وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] مثل لمح البصر. ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:51] نقف على هذه الآيات الكريمة ونسأل الله تعالى أن يجعل القرآن لنا ولكم شافعاً عنده يوم القيامة، وأن يكون قائدنا إلى جناته إنه على كل شيءٍ قدير. الله.. الله.. أيها الإخوة! بالقرآن العظيم، لتَفَهُّم معناه والعمل به، فإنه الشفاء لما في الصدور، والموعظة للمؤمنين، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].
مجرد

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 03 / 2018, 19 : 12 AM
القول :" بين الكاف والنون "

وأشكر الأخ الكريم صاحب المداخلة
** **

راجعتُ ما قيل حول هذه المسألة: فقد جاء :" في عيون الأخبار لـ ابن قتيبة (3 /211):
وقال الشاعر:

لا تضرعنّ لمخلوق على طمع ... فإنّ ذلك وهن منك بالدّين
واسترزق الله رزقا من خزائنه ... فإنّما هو بين الكاف والنون
[انتهى النقل]

ونُسبَ لغير واحد من المتقدمين، منهم :
1.] الحسين -رضي الله عنه-، و
2.] أبو العتاهية و
3.] ابن المبارك.
وقد وقع هذا التعبير في كلام غير واحد من العلماء، فليس هو من كلام العوام ... والله أعلم.
و القول هذا ليس احتجاجا، بل بيانا. "

و سئل صالح الفوزان : هل يجوز قول هذا الدعاء :
" يا من أمره بين الكاف والنون.. أصلح لي الدنياوالآخرة !!
فرد : فضيلة الشيخ الفوزان : نعم .. هذا مأخوذ من قوله " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن " ،
" كن " .. هذه الكاف والنون "كن" حرفان ... نعم .".
**
وبمراجعة المسألة المطروحة وجدت أنه في أكتوبر من عام : 2008: " جاء عند المنجد جواب سؤال تحت بحوث - الآداب والأخلاق والرقائق؛ الآداب ؛ المناهي اللفظية.
سؤال رقم 112157: حكم قول : ( يا من أمره بين الكاف والنون )

السؤال:
نرجو معرفة حكم قول : ( يا من أمره بين الكاف والنون ) ؟
وخاصة أنها كَـثُـرت على ألسنة الدعاة ، فما حكمها ؟
فكان الجواب: الحمد لله


هذا القول قد انتشر على ألسنة بعض الخطباء ، وهم يريدون بذلك أن ما أمر الله به يقع فوراً ، ولا يتأخر وقوعه ، وهو معنى صحيح بلا شك ، قال الله تعالى : " وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ" [القمر/50] .

ثم استدرك المنجد في جوابه فقال :"
ولكن هذا اللفظ عند التأمل نجده غير صحيح ،ومخالفاً لما دل عليه القرآن .
ولعل هذه العبارة مقتبسة من أبيات لأبي محمد التيمي ، وهي قوله :
لا تخضعنّ لمخلوق علي طمعٍ * فإن ذلك مُضرّ منك في الدينِ
واسترزقِ الله مما في خزائنه * فإنما الأمر بين الكاف والنون
إن الذي أنت ترجـوه وتأمله * من البرية مسكينُ ابن مسكين
[رسائل الثعالبي: (ص: 29) ،"الأغاني" (20 /70).

وأضيف من عندي :
الأقرب قول الشاعر:
رُمنا شُكُور الذي بالكاف والنون * ماشاء يفعل من باد ومكنون
يكمل المنجد :
قال الله عز وجل: " بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " . [البقرة/117 ].
وقال تعالى :" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَاللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [آل عمران/59 ] .
وقال سبحانه : " إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [النحل/40]
وهذا يعني أن الأمر لا يتم إلا بعد قوله تعالى : " كن " ، أما قبل النون فلم يتم الأمر من الله للشيء ، فلا يكون حتى يأمره الله .
قال الشيخ العثيمين :" اشتهر بين العوام أنهم يقولون : " يا من أمره بين الكاف والنون "... وهذا خطأ ، ليس أمر الله بين الكاف والنون ، بل بعد الكاف والنون ؛ لأن الله قال : " كُنْ فَيَكُونُ" [البقرة/117].
ويتساءل محمد بن العثيمين :
" متى؟ "...
فيقول :" بعد " كن " ...
فــ قولهم :" بين الكاف والنون " خطأ ، يعني : ما تم الأمر بين الكاف والنون ، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون ، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر ".
[انتهى : "الباب المفتوح" (186/10) ].
وقال أيضاً في "شرح الأربعين النووية" (ص :65) :
" أود أن أنبه على كلمة دارجة بين العوام :" يا من أمره بين الكاف والنون " ، و
هذا غلط عظيم ،
الصواب : " يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون " ، لـ
أن ما بين الكاف والنون ليس أمراً ، الأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون ، لأن الكاف المضمومة ليس أمراً ، والنون كذلك ، لكن باجتماعهما تكون أمراً .
فالصواب أن تقول : " يا من أمره - مأموره - بعد الكاف والنون " [انتهى .]
فــ
الصواب أن تقول :" يا من أمره - أي مأموره - بعد الكاف والنون " ..
كما قال تعالى :" إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " [يس 82-83]
فالذي ينبغي للخطباء والدعاة ألا يتعجلوا فيقول شيء حتى يتأكدوا من صوابه ، إما بالبحث بأنفسهم ، وإما بسؤال أهل العلم .
والله أعلم .".
**

وسئل الشيخ عبد المحسن العباد
هل يجوز أن يقال هذه الكلمة :" أمر الله بين الكاف والنون "؟

فأجاب: هذه تقال يعني معناها إذا قال الله كن حصل المقصود أو حصل الشيء الذي شاء الله أن يكون :" إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" ... يعنى عندما يقول :" كن "... يكون ذلك الشيء....
يعنى الكاف والنون كلمتين متصلتين بعضهم ببعض وإذا أُوتِيَ بهما يؤتى بهما مع بعض.... ما يأتي بالكاف وحدها والنون وحدها وإنما يأتي بــــ:" كن".
[شرح سنن الترمذي ؛ شريط رقم: 264].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
أقول (الرمادي) : هذا ما توصلت إليه من بحث المسألة... إذ أنني يجب أن أتكلم عن علم؛ وأن أتحقق من صحة ما اتلفظ به.. وأن اعتمد ما يوافق الصواب.. وليس مجرد ما يشاع من البعض..
محمد فخر الدين الرمادي
26 جماد الآخر 1439هـ ~ 14. 03. 2018م

شريف حمدان
15 / 03 / 2018, 48 : 12 AM
http://up.ahlalalm.info/photo2/KRv01523.gif

واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
12 / 04 / 2018, 39 : 01 PM
الإيمان بالرسل
﴿المقدمة الأولى ﴾
[١] اعْلَمْ أَنَّ حَاجَةَ الْخَلْقِ إِلَى إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَبَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ضَرُورِيَّةٌ ، لَا يَنْتَظِمُ لَهُمْ حَالٌ ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمْ دِينٌ وَلَا بَالٌ إِلَّا بِذَلِكَ .
فنطق القرآن الكريم والذكر الحكيم فقال مخبراً :
﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾
[آيَةُ١٥ ؛ مِن سُّورَةِ الإسراء: ورقمها ١٧]
[٢] أَرْكَانِ الْإِيمَانِ :"وَنُؤْمِنُ بِـ
[٢. ١.] الْمَلَائِكَةِ ؛
وَ
[٢. ٢. ] النَّبِيِّينَ ،
وَ
[٢ . ٣. ] الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " .
تحقيق المسألة :
هَذِهِ الْأُمُورُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ :
وسنأتي بالأدلة :
[١] الدليل الأول من الكتاب الكريم والقرآن المجيد :
قَالَ تَعَالَى:
﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ
بِـ
[١.] اللَّهِ
وَ
[٢. ] مَلَائِكَتِهِ
وَ
[٣. ] كُتُبِهِ
وَ
[٤. ] رُسُلِهِ ﴾
[آيَةُ: ٢٨٥؛ مِن سُّورَةِ: الْبَقَرَة ِ: ورقمها : ٢] الْآيَاتِ.
**
[٢] الدليل الثاني من المصحف الشريف والوحي المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين :
وَقَالَ تَعَالَى:
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِـ
[١. ] اللَّهِ
وَ
[٢. ] الْيَوْمِ الْآخِرِ
وَ
[٣. ] الْمَلَائِكَةِ
وَ
[٤. ] الْكِتَابِ
وَ
[٥] النَّبِيِّينَ ﴾
[آيَةُ: ١٧٧ ؛ مِن سُّورَةِ الْبَقَرَة ِ: رقمها : ٢] الْآيَةَ .
فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِيمَانَ هُوَ الْإِيمَانَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ ، وَسَمَّى مَنْ آمَنَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ :
" مُؤْمِنِينَ " .
كَمَا جَعَلَ الْكَافِرِينَ مَنْ كَفَرَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ ، بِقَوْلِهِ :
﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِـ
[١. ] اللَّهِ
وَ
[٢. ] مَلَائِكَتِهِ
وَ
[٣. ] كُتُبِهِ
وَ
[٤. ] رُسُلِهِ
وَ
[٥. ] الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾
[آيَةُ : ١٣٦ ؛ مِن سُّورَةِ: النِّسَاءِ: ورقمها : 4] .
[١] الدليل الثالث من السنة النبوية المطهرة : وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ، فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ، حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَسُؤَالِهِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه ِوَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْإِيمَانِ ، فَقَالَ « أَنْ تُؤْمِنَ
بِـ
[١. ] اللَّهِ
وَ
[٢. ] مَلَائِكَتِهِ
وَ
[٣. ] كُتُبِهِ
وَ
[٤. ] رُسُلِهِ
وَ
[٥. ] الْيَوْمِ الْآخِرِ ،
وَ
تُؤْمِنَ
بِـ
[٦. ] الْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ »
[الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ]؛
فَـ
هَذِهِ الْأُصُولُ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهَا حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ إِلَّا أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. "
[المصدر : بحوث العقيدة؛ شرح العقيدة الطحاوية؛ علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي؛ مؤسسة الرسالة؛ 1417هـ / 1997م ](1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[٣. ] أُصُولُ الدِّينِ الْخَمْسَةُ:
إِيمَانٌ
بِـ
[١. ] اللَّهِ ؛
وَ
[٢. ] مَلَائِكَتِهِ ؛
وَ
[٣. ] كُتُبِهِ ؛
وَ
[٤. ] رُسُلِهِ ؛
وَ
[٥. ] الْيَوْمِ الْآخِرِ .
وَهَذِهِ هِيَ أُصُولُ الدِّينِ الْخَمْسَةُ ."
[المصدر السابق](1)

[٤. ] وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ:
" أَرْكَانُ الْإِيمَانِ سَبْعَةٌ [٧] ، يَعْنِي هَذِهِ الْخَمْسَةَ [٥] ،
وَ
[٦. ] الْإِيمَانُ بِـ الْقَدَرِ
وَ
[٧. ] الْإِيمَانُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
وَهَذَا حَقٌّ ، وَالْأَدِلَّةُ عَلَيْهِ ثَابِتَةٌ مُحْكَمَةٌ قَطْعِيَّةٌ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الركن الأول : الإيمان بالله -عز وجل-


اقول (الرمادي) الأصل أن ابدأ الحديث عن الإيمان بالله -تعالى في سماه وتقدست اسماه- ؛ إذ هو الأساس المتين والركن المكين في عقيدة الإنسان وإيمانه، ومن ثم تبنى على عقيدته وتؤسس على إيمانه: بقية تصرفاته وكافة أعماله في الحياة الدنيا يرافق ذلك أقواله وحركاته وسكناته ومجيئه وذهابه ، حتى هندامه وشكله الخارجي وطعامه وما طاب منه وكيفية تناوله شرابه وما يتذوقه ... أي كل تصرفاته سواء مع نفسه أو مع غيره من البشر أو الحيوان والنبات والجماد ...
وبما أن القرآن العظيم والذكر الحكيم يمكن أن نقسمه إلى ثلاث اثلاث فأول الأثلاث عقيدة وإيمان؛ وثانيها الأحكام العملية الشرعية التكليفية؛ وثالثها قصص الأنبياء وأخبار مَن سبقنا من الأمم ... وفي خطة البحث احضر لهذه القضية الهامة والخطيرة ؛ أقصد الإيمان بإله واحد أحد فرد صمد لا صاحبة له ولا ولد ولا معين ولا مشير ولا وزير ولا سمير ... والله -عز وجل- هو وحده الميسر لما أقوم به وافعله ومنه تعالى العون وعليه التوكل ... وساكتفي في كتابي هذا بمسألة :
"الإيمان بالرسل" وقصصهم .
علمنا :
" أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى خَاتَمِهِمْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ (صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر الذي سلم عليه الحجر وناداه الشجر الشفيع المشفع يوم المحشر ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا [١٢٤٠٠٠] ، وَ
أَنَّ الرُّسُلَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ [٣١٣]".
فهل من دليل على صحة ماعلمنا !!!؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال بهذا وكتبه:
د. محمد فخرالدين بن إبراهيم الرمادي
27 رجب 1439هـ ~ 12 أبريل 2018م.


1

شريف حمدان
13 / 04 / 2018, 48 : 01 AM
http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
12 / 08 / 2018, 37 : 04 PM
هل من دليلٍ على صحة مانقول!!!؟.
عدد الأنبياء والمرسلين تجده عند :
[ 1.] محمد السفاريني الحنبلي؛ وَقاله في كتابه ؛ الذي سماه بِــ : لَوَامِعِ الْأَنْوَارِ الْبَهِيَّةِ ، وَسَوَاطِعِ الْأَسْرَارِ الْأَثَرِيَّةِ، لِشَرْحِ الدُّرَّةِ الْمُضِيَّةِ فِي عِقْدِ الْفِرْقَةِ الْمَرْضِيَّةِ؛ الباب الخامس .
كما تجد حديث :
" عدد الأنبياء والمرسلين " ؛ عند
[ 2. ] ابن حبان في صحيحه ؛ ومن رواية أبي ذر.
واستشهد به الحافظ :
[ 3. ] ابن كثير في البداية والنهاية عندما ذكر قصة ابني آدم :
قابيل وهابيل .
فيكون لدينا ثلاثة مراجع .

وكتبه محمدفخر الدين
الأحد: 01 ذو الحجة 1439
علمنا :
" أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى خَاتَمِهِمْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا
[١٢٤٠٠٠]، وَ
أَنَّ الرُّسُلَ مِنْهُمْ:
ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ [٣١٣] "
فهل من دليلٍ على صحة ما نقول !!!؟.
عند المراجعة على الطبقات الكبرى~ ابن سعد الزهري؛ وجدتُ رواية آخرى تقول
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ :
" أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلُ ؟ " ؛
قَالَ : « آدَمُ »،
قُلْتُ:" أَوَ نَبِيًّا كَانَ ؟ " ؛
قَالَ : « نَعَمْ.. نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ » ،
قَالَ : قُلْتُ : " فَكَمِ الْمُرْسَلُونَ ؟ " ؛
قَالَ : « ثَلاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا » .
وبهذا المصدر تصل المراجع إلى أربعة.
[ترقيم خاص بي؛ مكتبة آل الرمادي : ( 30 ؛ رقم الحديث: 57؛ حديث مرفوع) . ]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
12 / 08 / 2018, 03 : 05 PM
﴿ استدراك ﴾ :


من نافلة القول.. أن نذكر ان القرآن الكريم والذكر الحكيم لا يصح أن نطلق عليه كتاب :" تاريخ " .. أو " طب " أو " هندسة ".. إذ هو كتاب تشريع ومنهاج وطريقة معينة في الحياة.. ويبين الطراز الخاص الذي يجب أن يعيش فيه الإنسان..
فنجد أن الذكر الحكيم ذكر لنا اسماء أنبياء ولم يذكر بقيتهم.. إذ أنه ليس بكتاب :" تاريخ "..
وَقَوْلُهُ تعالى في محكم التنزيل آية تخبرنا فنطق القرآن يقول :
﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ .. وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾
أَيْ : مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْآيَةِ ، يَعْنِي : فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَغَيْرِهَا .


وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ الْأَنْبِيَاءِالَّذِينَ نُصَّ عَلَى أَسْمَائِهِمْ فِي الْقُرْآنِ ، وَهُمْ :


﴿ ١ ﴾ آدَمُ وَ


﴿ ٢ ﴾ إِدْرِيسُ ، وَ


﴿ ٣ ﴾ نُوحٌ، وَ


﴿ ٤ ﴾ هُودٌ ، وَ


﴿ ٥ ﴾ صَالِحٌ، وَ


﴿ ٦ ﴾ إِبْرَاهِيمُ ، وَ


﴿ ٧ ﴾ لُوطٌ ، وَ


﴿ ٨ ﴾ إِسْمَاعِيلُ، وَ


﴿ ٩ ﴾ إِسْحَاقُ، وَ


﴿ ١٠ ﴾ يَعْقُوبُ ، وَ


﴿ ١١ ﴾ يُوسُفُ ، وَ


﴿ ١٢ ﴾ أَيُّوبُ ، وَ


﴿ ١٣ ﴾ شُعَيْبٌ ، وَ


﴿ ١٤ ﴾ مُوسَى ، وَ


﴿ ١٥ ﴾ هَارُونُ ، وَ


﴿ ١٦ ﴾ يُونُسُ ، وَ


﴿ ١٧ ﴾ دَاوُدُ، وَ


﴿ ١٨ ﴾ سُلَيْمَانُ ، وَ


﴿ ١٩ ﴾ إِلْيَاسُ ، وَ


﴿ ٢٠ ﴾ الْيَسَعُ ، وَ


﴿ ٢١ ﴾ زَكَرِيَّا ، وَ


﴿ ٢٢ ﴾ يَحْيَى ، وَ


﴿ ٢٣ ﴾ عِيسَى ابن مريم؛ العذراء البتول (*)
[عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ]


وَكَذَا


﴿ ٢٤ ﴾ ذُو الْكِفْلِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَ




سَيِّدُهُمْ


﴿ ٢٥ ﴾ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ .


وَقَوْلُهُ -تعالى في سماه وتقدست اسماه- :
﴿ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾
أَيْ : خَلْقًا آخَرِينَ لَمْ يُذْكَرُوا فِي الْقُرْآنِ ، وَقَدِ
اخْتُلِفَ فِي
عِدَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ..


وَالْمَشْهُورُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الطَّوِيلُ ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ، فِي تَفْسِيرِهِ ، حَيْثُ قَالَ : عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُلْتُ :
" يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَمِ الْأَنْبِيَاءُ ؟ ".
قَالَ : « مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا » .
قُلْتُ :
" يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْهُمْ ؟ ".
قَالَ: « ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ » .
قُلْتُ :
" يَارَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ كَانَ أَوَّلَهُمْ ؟ ".
قَالَ : « آدَمُ » .
قُلْتُ :
" يَارَسُولَ اللَّهِ ، نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ؟ ".
قَالَ : « نَعَمْ ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، ثُمَّ سَوَّاهُ قَبْلًا » .
ثُمَّ
قَالَ :
« يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ :
آدَمُ، وَ
شِيثٌ ، وَ
نُوحٌ ، وَ
خَنُوخُ - وَهُوَ إِدْرِيسُ -، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِقَلَمٍ -
وَ
أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ :
هُودٌ ، وَ
صَالِحٌ ، وَ
شُعَيْبٌ ، وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ ،
وَ
أَوَّلُ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ:
مُوسَى ،
وَ
آخِرُهُمْ:
عِيسَى.
وَ
أَوَّلُ
النَّبِيِّينَ:
آدَمُ ،
وَ
آخِرُهُمْ:
نَبِيُّكَ » .


قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ فِي كِتَابِهِ :" الْأَنْوَاعُ وَالتَّقَاسِيمُ " وَقَدْ وَسَمَهُ بِـ : " الصِّحَّةِ " ،
وَ
خَالَفَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ ،
فَـ
ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ " الْمَوْضُوعَاتِ " ،
وَ
اتَّهَمَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هِشَامٍ هَذَا ،
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .



وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
" قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ،كَمِ الْأَنْبِيَاءُ ؟".



قَالَ : « مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ، مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا».
ومن رجال سلسلة هذا السند :
" مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ [وهو] ضَعِيفٌ ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ : ضَعِيفٌ ، وَالْقَاسِمُ أَبُوعَبْدِالرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ أَيْضًا . ".


وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« بَعَثَ اللَّهُ ثَمَانِيَةَ آلَافِ نَبِيٍّ ، أَرْبَعَةُ آلَافٍ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ إِلَى سَائِرِ النَّاسِ. ».
وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ فِيهِ الرَّبَذِيُّ ضَعِيفٌ ، وَشَيْخُهُ الرَّقَاشِيُّ أَضْعَفُ مِنْهُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


:" وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« كَانَ فِيمَنْ خَلَا مِنْ إِخْوَانِي مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ نَبِيٍّ، ثُمَّ كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ كُنْتُ أَنَا » .
وَقَدْ رُوِّي ابن كثير الدمشقي عَنْ أَنَسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَأَخْبَرَه الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ الذَّهَبِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
« بُعِثْتُ عَلَى إِثْرِ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ».
فعلق ابن كثير بالقول: " وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ مَعْرُوفُونَ إِلَّا أَحْمَدَ بْنَ طَارِقٍ هَذَا ، فَإِنِّي -الكلام مازال لأبن كثير الدمشقي- لَا أَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(*) يصادف يوم الأربعاء القادم (15 أغسطس) عند الروم الكاثوليك في الغرب والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية عيدا يسمى :
" صعود مريم بالجسد والروح إلى السماء ".

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
12 / 08 / 2018, 25 : 05 PM
﴿ « استدرك » «٢» ﴾:
متعلق بـ مسألة :
«الإيمان بالرسل»

... الْأَنْبِيَاءُ وَ الْمُرْسَلُونَ:
عَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِمَنْ سَمَّى اللَّهُ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ العزيز مِنْ رُسُلِهِ ،
وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَرْسَلَ رُسُلًا سِوَاهُمْ وَأَنْبِيَاءَ ، لَا يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ وَعَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي أَرْسَلَهُمْ .


فَعَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِهِمْ جُمْلَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي عَدَدِهِمْ نَصٌّ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْنَ قْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾:
[آيَةُ: 164؛ مِن سُّورَةِ النِّسَاءِ: ورقمها (4)].
وَ


قَالَ تَعَالَى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾
[آيَةُ: 78؛ مِن سُّورَةِ غَافِرٍ: ورقمها : (40)]


والحمد لله رب العالمين المنعم على عباده والذي وفقني لما وصلتُ إليه.
د. محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي
الأحد: 01 ذو الحجة 1439 هـ ~ 12 أغسطس 2018م.

شريف حمدان
13 / 08 / 2018, 01 : 03 AM
http://up.ahlalalm.info/photo1/yvo59466.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 08 / 2018, 14 : 09 PM
١ . ] المشهد الأول :





« ما قبل خلق آدم »

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 08 / 2018, 18 : 11 PM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[ آية 30؛ سورة النملÖ 27]


١ . ] المشهد الأول :
« ما قبل خلق آدم -عليه السلام - »


[١ . ١. ] هناك العديد من المشاهد قبل خلق آدم -عليه السلام- فينبغي أن نذكرها..

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 08 / 2018, 49 : 11 PM
من النص القرآني الكريم نتعرف بـ يقين على وجود الآتي قبل خلق ووجود آدم-عليه السلام-:


وجود مخلوقات قبل آدم ـ الإنسان الأول ـ :


[ ١ .. ١. ] ملآئكة :
بدليل قوله تعالى في سماه وتقدست اسماه:
„ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ ‟
فالخالق سبحانه وتعالى حين أراد خلق آدم فأخبرنا في كتابه المجيد بقوله إلى مخلوق موجود بالفعل..
(آية : 30؛ سورة البقرة: ورقمها : 2)
فنعرف بيقين وجود ملآئكة قبل خلق الإنسان الأول ..

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 08 / 2018, 56 : 01 PM
استدراك : المشاركة رقم 15
وسأكتفي في كتابي هذا بمسألة :" الإيمان بالرسل" وقصصهم .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 08 / 2018, 04 : 02 PM
﴿ « „ ١ ‟ » ﴾
الترقيم حسب ظهور أنبياء الله -تعالى-؛ صلوات الله عليهم وسلامه وبركاته-
في
سماء
دعوة التوحيد؛ و
تبيان المنهج :

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 08 / 2018, 06 : 02 PM
﴿ « „نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ‟ » ﴾
[آية : 3؛ سُورَةُ يُوسُفَ؛ ورقمها : 12]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 08 / 2018, 35 : 03 PM
[١. ] المشهد الأول:
» ما قبل خلق آدم«
مدخل : لـ
وجود مخلوقات قبل آدم ـ أي قبل وجود الإنسان الأول ـ
ويحق لــ سائل أن يقول فيستفسر :
هل كان قبل آدم -عليه السلام- على الأرض أحد ؟.
وليسأل آخر : هل كان يوجد قوم قبل آدم -عليه السلام- اسمهم ( جن ) وقوم اسمهم ( حن ) ؟.
وليسأل ثالث : ما الفائدة من بحث مثل هذه الأمور!؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نستعين بالله تعالى وندعوه التوفيق والسداد؛ إذ أن المسائل الغيبية يحلو لكثير البحث فيها وعنها واستجلاب عجائبها ... خاصة ونحن جميعاً في زمن الفراغ الفكري؛ ووصول ضعاف العقول لسدة الحكم والرئاسة كما قال أحد فلاسفة كندا-لا أذكر اسمه الأن -
وما دعاني للبحث في هذه الجزئية قبل الحديث عن خلق سيدنا آدم؛ تلك الإشارة اللطيفة التي جاءت في محكم الذكر الحكيم ألا وهي مقولة الملآئكة /:
"أتجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدماء" ..
فهذا أخبار عن رؤية لا يعلمها إلا خالق الملآئكة..


[ .١. .١. ] :« لم يأت في الكتاب الكريم-المحفوظ بعناية الله -تعالىٰ-؛ولا في أحاديث السنة النبوية العطرة -علىٰ صاحبها أفضل السلام وأعطر التحية-: شيء يدل علىٰ أن قوما كانوا يسكنون الأرض قبل آدم -عليه السلام- ..
وعليه:
فلا أعلم دليلاً -اطمئن إليه- من الكتاب أو السنة يدل علىٰ أن الأرض كانت مسكونة قبل آدم -عليه السلام- ...
[ ١ . ٢. ] : « وإنما الذي جاء في ذلك هو من أقوال بعض المفسرين من الصحابة والتابعين، -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- أي ما جـاء عن بعـض السلف .. » .
ويصح لي أن أعتبره من مِلَح التفسير وليس من متين العلم...


[ ١ . ٣. ] : « أما أقوال بعض المفسرين من الصحابة والتابعين ؛ فـ من ذلك :


[ ١. ٣. ١ ] : « القول الأول : أن الأرض كان يسكنها الجن ( بالجيم المعجمة )، وهم الذين خلقهم الله -تعالىٰ- من النار، وهذا القول مروي عن أكثر أهل التفسير.


روى الطبري في تفسيره (1 /232) عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال :
" أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضا " .


وروى بسنده عن الربيع بن أنس قال :" إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة، فكفر قوم من الجن، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء، وكان الفساد في الأرض " .
وهذا القول عن أنس أجد فيها وجاهة في إكمال البحث.. إذ كأنه تأويل لجزء من آية البقرة التي نحن بصدد فهمها.. أول قل إن شئت تفسيرها..


[ ١ . ٣. ٢. ] : « القول الثاني : لم يكن علىٰ الأرض قبل آدم -عليه السلام- أحد لا من ( الجن ) ولا منغيرهم.
وهذا القول رواه الطبري في تفسيره أيضاً (1 /232 ) عن عبدالرحمن بن زيد قال :" قال الله -تعالىٰ ذكره وجلَّ قدره- للملائكة : إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا، وأجعل فيها خليفة.. وليس لله يومئذ خلق إلا الملائكة، والأرض ليس فيها خلق" .
يقول الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (1 /228):
" تعقيبُ ذكرِ خلق الأرض ثم السماوات، بذكر إرادته -تعالىٰ- جعل الخليفة ، دليلٌ على أن جعل الخليفة كان أول الأحوال علىٰ الأرض بعد خلقها، فالخليفة هنا الذي يخلف صاحب الشيء في التصرف في مملوكاته، ولا يلزم أن يكون المخلوف مستقرا في المكان من قبل، فالخليفة آدم، وخَلَفِيَّتُه قيامه بتنفيذ مراد الله -تعالىٰ- من تعمير الأرض بالإلهام أو بالوحي، وتلقين ذريته مراد الله -تعالىٰ- من هذا العالم الأرضي" انتهى .


أما ما يذكره بعض المفسرين أو المؤرخين، أن قوما اسمهم الحن ( بالحاء المهملة ) كانوا يسكنون الأرض، فجاء الجن ( بالجيم المعجمة ) فقتلوهم وسكنوا مكانهم، فيبدو أنها من القصص التي لا تستند إلىٰ أي سند صحيح.


يقول ابن كثير في "البداية والنهاية" (1 /55) :
" قال كثير من علماء التفسير : خلقت الجن قبل آدم عليه السلام، وكان قبلهم في الأرض (الحِنُّ ) و ( البِنُّ)، فسلط اللهُ الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم " انتهى .


قال الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (1 /228) :
" إذاصح أن الأرض كانت معمورة من قبل بطائفة من المخلوقات يسمون ( الحِنُّ ) و ( البِنُّ ) [بحاء مهملة مكسورة ونون في الأول، وبموحدة مكسورة ونون في الثاني] ، وقيل : اسمهم ( الطَّمُّ ) و ( الرَّمُّ ) بفتح أولهما، وأحسبه من المزاعم، وأن وضع هذين الاسمين من باب قول الناس ( هيّان بن بيّان ) إشارة إلىٰ غير موجود أو غير معروف، ولعل هذا انجَرَّ لأهل القصص من خرافات الفرس أو اليونان ، فإن:
الفرس زعموا أنه كان قبل الإنسان في الأرض جنس اسمه ( الطم ) و ( الرم ) ..
و
كان اليونان يعتقدون أن الأرض كانت معمورة بمخلوقات تدعى ٰ(التيتان) وأن ( زفس ) وهو ( المشتري ) كبير الأرباب في اعتقادهم جلاهم من الأرض لفسادهم" انتهى.






(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)



**

شريف حمدان
16 / 08 / 2018, 48 : 07 PM
http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
03 / 03 / 2019, 20 : 07 PM
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
« وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ »
﴿سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء ؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
-*-*-*-*-*-*-*-*-*
-*-*-*-*-*-*-*
-*-*-*-*-*
-*-*-*-*
-*-*-*
-*-*
-*
*
بحوث :
﴿ « سنن الأنبياء؛ و سبل العلماء؛ و بساتين البلغاء؛ و الأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل [([1])] نصوص الوحي وآيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » ﴾





بُحُوثُ الأنبياء و المرسلين - عليهم أفضل الصلوات وأتم السلامات وكامل البركات وعظيم الرحمات -
**
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة.. ذات حضارة ‟
[أ. ] السلسلة الأولى: سلسلة بحوث العقيدة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

([1]) مرجع: "مقدمة الطبري"

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
03 / 03 / 2019, 23 : 08 PM
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة..ذات حضارة ‟
[أ. ] السلسلة الأولى :
سلسلة بحوث العقيدة :
الحمد لله الذي خلقنا من نسل من سجدت[.([1]).] له الملآئكة تكريما لعقله وتقديرا لعلمه[.(2).].. ثم الحمد لله على نعمة الخلق والإيجاد.. ثم الحمد لله على نعمة التصوير والإبداع.. ثم الحمد لله على العقل والإدراك.. ثم الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان[.([3]).].. ثم الحمد على نعمة الهداية والتوفيق.. فالحمد لله وحده على كل حال وفي كل زمان وبكل لسان..
وأشهد أنه الرب وحده لا شريك له ولا ند ولا مثيل ولا شبيه ولا وزير ولا معين له.. وأشهدأن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله اصطفاه من الخلق أجمعين ليكون هاديا للمسلمين وبشيرا للمؤمنين وسراجاً منيرا للطائعين ونذيرا للكافرين والعاصين والمنافقين.
أما بعد!.
وددت أن اقرأ لنفسي قَصص الأنبياء وحكايات المرسلين... تاريخ السادة النجباء.. الرسل المبتعثين والأنبياء المرسلين المهدين... فقررت أن اسجل في قصوصات أوراق ما أحصله من علم نافع.. ثم جاءت تكنولوجيا الغرب الحديثة فساعدت في الاحتفاظ بما أسجله في ملفات... ثم نصحني اساتذة لي بمشاركة الآخرين فيما أكتب... فترددت كثيرا وتوقفت لأسباب عديدة... وإثناء محاضرة لي نبهني استاذي الفاضل بما ذكرني به منذ شهور فاستعنت بالله تعالى ذكره وأعود -ولعل العود حميد - فاشارك مَن هم اعلم مني.. واتجرأ بنشر ما هم به أدرى عني... وبعد مراجعة الأستاذ الجليل نبهني إنه يفضل أن يقرأ لي - تفضلا منه وكرما عليّ - قصة المعجزة في الخلق.. والمنفرد في الإبداع... كلمة الله وروح منه النبي الرسول عيسى ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام- فاذعنت لطلبه ووافقت على التو في تلبية طلبه...
فاستعين بصاحب العون والمقدرة واسترحمه بمنه وعطفه أن يوفقني فيما أكتب ويرشدني لما يصلح أن أنشر ويعصمني من الزلل والخطأ... فهو على كل شئ قدير ... والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين ...



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي
٢٦جماد آخر ١٤٤٠ هـ ~ ٣ مارس ٢٠١٩م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
04 / 03 / 2019, 26 : 07 PM
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
مقدمة المقدمات:
التدين


تمهيد:


التدينُ - كـ قضية تشغل بال الناس - فِطريٌّ عند الإنسان ، وهذه الفطرة - أو خلقته الأصلية - تدفعه لأن يتساءل عن موجد هذا الكون ومبدع هذا الإنسان... ومصوره وخالق هذه الحياة وواجدها ... ثم يعود ليتساءل عن مصيره بعد الموت... وقد قاده هذا التدين الفطري إلى الإيمان بوجود خالق لهذا الوجود ... وينبغي أن يكون واجب الوجود... فليس قبله شئ وليس بعده شئ ولا يستند إلى شيء ... وهو ليس بمخلوق وإلا نبدء في البحث من جديد ....
ولكن الإنسان - في أغلب الأحيان كان يخطئ - ومازال عند البعض... حتى اليوم - في إدراك حقيقة هذا الخالق وكنهه... إذ هو - الخالق المبدع المصور - فوق الحواس التي يمتلكها الإنسان ويدرك بها الموجودات ، فكان يتصوره أنه الشمس أو النار أو الصنم أو مخلوق آخر ، ومنعا لهذه التيه بعث الله - الخالق المبدع المصور - الرسل ليرشدوا الإنسان إلى حقيقة الخالق الحق الذي ليس كمثله شئ، وتستند المخلوقات جميعها في وجودها إليه[. ([i]).]. وعزز بعثات الرسل بإرسال أنبياء... فكانوا سلام الله تعالى عليهم أجمعين مبشرين ومنذرين...


... ونتساءل ماهي الفطرة !!؟.
فنجد الإجابة :


([i]) انظر :" محمد حسين عبدالله؛ دراسات في الفكر الإسلامي؛ ص35؛ الطبعة الأولى 1411هـ-1990م .... بتصرف ... وإضافات يستلزمها السياق!!.

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
17 / 11 / 2019, 44 : 06 PM
... ونتساءل ما هي الفطرة !!؟.
فنجد الإجابة : " الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَنْبِيَاءِ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهَا[(1)]] ".
وقبل أن أكمل عليّ أن أحدد أنني ابحث في حديث نبوي :
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: عنه وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ[(2)] وَمُسْلِمٌ[(3)] وَالنَّسَائِيُّ[(4)] وَابْنُ مَاجَهْ[(5)] ، و
هو حديث :
"عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ [(6)] عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ [(7)] عَنْ عَائِشَةَ [(8)] قَالَتْ -رضي الله تعالى عنها وعن أمها وأبيها وأخيها وأختها- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ:
قَصُّ الشَّارِبِ وَ
إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَ
السِّوَاكُ وَ
الِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ وَ
قَصُّ الْأَظْفَار ِوَ
غَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَ
نَتْفُ الْإِبِطِ وَ
حَلْقُ الْعَانَةِ وَ
انْتِقَاصُ الْمَاءِ -يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ -﴾[(9)]
قَالَ زَكَرِيَّا قَالَ مُصْعَبٌ :" وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ ".
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ [(10)] وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ [(11)] عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ[(12)] عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ مُوسَى [(13)] عَنْ أَبِيهِ وقَالَ دَاوُدُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ [(14)] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
إِنَّ مِنْ الْفِطْرَةِ :
الْمَضْمَضَةَ وَ
الِاسْتِنْشَاقَ ...
فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ :" إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ "... وَ
زَادَ :" وَالْخِتَانَ"..
قَالَ :" وَالِانْتِضَاحَ "... وَ
لَمْ يَذْكُرْ انْتِقَاصَ الْمَاءِ -يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ-
قَالَ أَبُو دَاوُد وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ [(15)] وَقَالَ خَمْسٌ كُلُّهَا فِي الرَّأْسِ وَذَكَرَ فِيهَا :" الْفَرْقَ "... وَلَمْ يَذْكُرْ :" إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ".
قَالَ أَبُودَاوُد وَرُوِيَ نَحْوُ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ [(16)] وَمُجَاهِدٍ[(7)] وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْمُزَنِيِّ [(18)] قَوْلُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا :" إِعْفَاءَاللِّحْيَةِ "... وَ
فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِعَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ [(19)] [. ([xix]).]. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [(20)] [. ([xx]).]. عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ:" وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ |.. وَ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ[(21)] نَحْوُهُ وَذَكَرَ:" إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ"... وَ:" الْخِتَانَ ".


الْفِطْرَةِ: الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا وَحَثَّهُمْ عَلَيْهَا وَاسْتَحَبَّهَا لَهُمْ لِيَكُونُواعَلَى أَكْمَلِ الصِّفَاتِ وَأَشْرَفِهَا صُورَةً[(22)] وَقَدْ
رَدَّ الْبَيْضَاوِيُّ[(23)]الْفِطْرَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إلَى مَجْمُوعِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَقَالَ : هِيَ السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٍّ يَنْطَوُونَ عَلَيْهَا [(24)]

وينبهنا الإمام النووي لمسألة كدنا ننزلق فيها إذ ليس البحث على إطلاقه فيقول :
"وَأَمَّا الْفِطْرَةُ ؛ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هُنَا ؛ فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا السُّنَّةُ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌغَيْرَ الْخَطَّابِيِّ قَالُوا: وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ- ، وَ
قِيلَ : هِيَ الدِّينُ ،
ثُمَّ إِنَّ
مُعْظَمَ هَذِهِ الْخِصَالِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَنْدَ الْعُلَمَاءِ ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِ كَـــــــ" الْخِتَانِ ""
وَ
" الْمَضْمَضَةِ "...
وَ
" الِاسْتِنْشَاقِ "، وَلَا يَمْتَنِعُ قَرْنُ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِإِ ذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [(25)]
وَ
الْإِيتَاءُ وَاجِبٌ،
وَ
الْأَكْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . [(26)] .
يوافق صاحب عون المعبود؛ محمد شمس الحق العظيم آبادي ما قاله صاحب شرح صحيح مسلم فيما ذهب إليه فقال :" : قَالَ الْحَافِظُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: فَسَّرَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْفِطْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالسُّنَّةِ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه ِ﴾[(27)] ؛ و
لكن عنده لطيفة فيها فائدة فقد قال :" وَأَوَّلُ مَنْ أُمِرَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ [(28)] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ بِعَشْرِ خِصَالٍ ثُمَّ عَدَّدَهُنَّ فَلَمَّا فَعَلَهُنَّ قَالَ ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾ [(29)]لِيُقْتَدَى بِكَ وَيُسْتَنَّ بِسُنَّتِكَ ، وَقَدْ أُمِرَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِمُتَابَعَتِهِ خُصُوصًا ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ : ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾[(30)] وَ
يُقَالُ كَانَتْ عَلَيْهِ فَرْضًا ..... وَ
هُنَّ لَنَا سُنَّةٌ [(31)]
ثم يخبرنا صاحب الأحوذي[(32)] شارح سنن الترمذي محدداً بقول :
" قَوْلُهُ :
(خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ : أَيْ مِنَ السُّنَّةِ ، يَعْنِي سُنَنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّتِي أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ ، وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ : أَيْ مِنَ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيْهِمِ السَّلَامُ- وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ فَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهِ "[(33)]
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " 《عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ》 [(34)]" : أَيْ : عَشْرُ خِصَالٍ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ ، فَكَأَنَّا فُطِرْنَا عَلَيْهَا كَذَا نُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}.[(35)] وَ
قَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ السُّنَّةُ الَّتِي فُطِرَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّدَيُّنِ بِهَا ،
أَوْ
فُطِرَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَرُكِّبَ فِي عُقُولِهِمُ اسْتِحْسَانُهَا ، وَهَذَا أَظْهَرُ
أَوْ
مِنْ تَوَابِعِ الدِّينِ، وَ
الْفِطْرَةُ الدِّينُ ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ ،
قِيلَ : وَهَذَا أَوْجَهُ ،قَالَ تَعَالَى{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } [(36)] أَيْ: دِينُ اللَّهِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِأَوَّلِ مَفْطُورٍ مِنَ الْبَشَرِ [(37)]...
وعند :" العسقلاني في شرحه على البخاري :" وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ[(38)] أَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ ([ 30]) خَصْلَةً ، فَإِذَا أَرَادَ خُصُوصَ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْفِطْرَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَادَ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَنْحَصِرُ فِي الثَّلَاثِينَ بَلْ تَزِيدُ كَثِيرًا ، وَأَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ قَبْلُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إِلَّا ثَلَاثًا [(39)]
و
يكمل العسقلاني شرحه على صحيح البخاري و
هنا نبدء في بحث المسألة :
" قَالَ الرَّاغِبُ أَصْلُ الْفَطْرِ بِفَتْحِ الْفَاءِ الشَّقُّ طُولًا .وَيُطْلَقُ عَلَى ::
الْوَهْيِ وَ
عَلَى الِاخْتِرَاعِ وَ
عَلَى الْإِيجَادِ ،وَ
الْفِطْرَةُ الْإِيجَادُ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ . وَ
قَالَ أَبُو شَامَةَ ، أَصْلُ الْفِطْرَةِ الْخِلْقَةُ الْمُبْتَدَأَةُ ، وَ مِنْهُ { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أَيِ الْمُبْتَدِئُ خَلْقَهُنَّ ، وَ
قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ《 كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ 》 [(40)] أَيْ عَلَى مَا ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَيْهِ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - : { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [(41)] وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَوْ تُرِكَ مِنْ وَقْتِ وِلَادَتِهِ وَمَا يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ نَظَرُهُ لَأَدَّاهُ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ وَهُوَ التَّوْحِيدُ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - قَبْلَهَا { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ} [(42)] وَإِلَيْهِ يُشِيرُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ حَيْثُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ《 فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ 》 [(43)] وَالْمُرَادُ بِـــالْفِطْرَةِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِذَا فُعِلَتِ اتَّصَفَ فَاعِلُهَا بِالْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا وَحَثَّهُمْ عَلَيْهَا وَاسْتَحَبَّهَا لَهُمْ لِيَكُونُوا عَلَى أَكْمَلِ الصِّفَاتِ وَأَشْرَفِهَا صُورَةً [ا ه] [(44)] .

شريف حمدان
07 / 11 / 2020, 45 : 11 AM
جزاك الله خيرا

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
28 / 09 / 2021, 30 : 07 PM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [سورة فاطر]
-:" و :« الفاطر » : الخالق. ".
:" والفطر: الابتداء والاختراع... كما ذكرتُ آنفاً ..
ونأتي بما قاله ترجمان القرآن .. فقد
قال ابن عباس :„ كنت لا أدري ما ” : { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } ؛ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما :„ أنا فطرتها ”؛ أي :„ أنا ابتدأتها ” . ". هذا ما جاء عند القرطبي في تفسيره.
وجاء عند ابن كثير في تفسيره :"وقال ابن عباس: { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } : أي بديع السماوات والأرض، و
قال الضحاك: كل شيء في القرآن { فاطر السماوات والأرض } : فهو خالق السماوات والأرض ".

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
28 / 09 / 2021, 24 : 09 PM
أوجدَ اللهُ -تبارك وتعالى- الخلقَ من بني آدم على ظهر هذه البسيطة - بحكمته البالغة - ليبلوهم أيهم أحسن عملاً؟
و
اقتضت حكمته -سبحانه- أن يجعل فطرتهم الاستقامة والصلاة والميل عن الشرك إلى التوحيد.
فأوجد البشرَ - أول ما أوجدهم على الحنيفية، قال -تعالى-: { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً } [ البقرة؛ آية: ( 213. ) ] .
وقال: { ومَا كَانَ النَّاسُ إلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا } [ يونس آية: ( 19. ) . ] .
وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -عز وجل-:«كل مالٍ نحلته [1] عبداً حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين، اجتالتهم [2] عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل سلطاناً ... »[3] الحديث.
وجعلهم -سبحانه- يولدون حين يولدون على فطرة الإسلام السليمة المستقيمة، كما قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -: «ما من مولودإلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟» ، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: { فِطْرَتَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ } [4] .
قال الإمام البخاري - رحمه الله -: (والفطرة: الإسلام) [5] .
ويشهد لذلك أن في بعض ألفاظ الحديث:« ما من مولود إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه» [6] . ولأن الله -تعالى- أراد ابتلاء البشر وامتحانهم ليتحقق في واقع الحياة ما علمه عنهم بسابق علمه -سبحانه-؛ فقد جعلهم قابلين لسلوك كلا الطريقين:
- الخير
أو
- الشر، فــ
في مقدورهم الاستمرار علي الفطرة الأولى،
و
في مقدورهم الانحراف عنها والميل إلى طريق الضلال.
وزودهم بالوسائل والمدارج التي يتمكنون باستعمالها من معرفة الحق وإدراكه - في الجملة - ويسَّر لهم من الدلائل والبينات في الآفاق وفي أنفسهم ما يقوي عنصر الخير و يمكنه.
وبعث لهم الأنبياء والرسل -عليهم صلوات الله وسلامه- مبشرين ومنذرين بحيث لم يعد للناس على الله تعالى حجة.
كما ابتلاهم - سبحانه- بحكمته - بالشهوات والشبهات لتكون محكاً حقيقياً يكشف عن توجه الإنسان ومقصده، والشياطين تزكي هذه وتلك وتؤز الإنسان للشر والمنكر أزاً.
وهكذا يبدأ الصراع بين الحق والباطل:
- داخل النفس البشرية بين قوة الخير، تؤيدها الرسالات السماوية وتشهد لها الأدلة الكونية والعقلية، وقوة الشر، تؤججها الشياطين المسلطة على ابن آدم.
- ثم في مجال الحياة البشرية - بشكل أوسع - حيث يتميز المؤمنون أتباع الرسل، عن المجرمين أتباع الشياطين.. ثم تتصارع هاتان الفئتان للسيطرة على الحياة البشرية وتوجيهها وقيادتها.
ولقد تعاهد الله -تعالى- البشرية بالمرسلين - عليهم الصلاة والسلام -، الذين كانوا يقودون خطاهم إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فكان منهم من يأتي بشريعةٍ إلهيةٍ جديدةٍ، ومنهم من يأتي لتجديد ما اندرس من شريعة نبي قبله، حتى ختم الله الرسالات برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وانقطع بموته - عليه الصلاة والسلام - الوحي الذي كان يتنزل من قبل على الأنبياء والمرسلين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] نحلته : أعطيته.
[2] اجتالتهم : صرفتهم عن هداهم إلى ضلالتها وأخذتهم بأن يجولوا معها واختارتهم لأنفسها (انظر : أساس البلاغة)
[3] رواه مسلم في : 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 16 - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، حديث رقم : ( 63 ) ، الرقم العام : ( 2865 ) ، ج: ( 4 ( ؛ ص: ( 2197 ) ، ط: عبدالباقي، رواه أحمد في (المسند) ج: ( 4 ( ، ص : ( 162 ) ... ضمن حديث عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه -. ) .
[4] الآية من سورة الروم، رقم الآية 30، و الحديث رواه البخاري في: 23 - كتاب الجنائز، 92 - باب ما قيل في أولاد المشركين، حديث : ( 1385 ) ، الفتح : ج: ( 3 ) ؛ ص: ( 245 ) - 246 ورواه أيضاً في: 65 - كتاب التفسير، باب لا تبديل لخلق الله، رقم: ( 4775 ) ، ج : ( 8 ) ، ص: ( 12 ) ، ورواه أيضاً في 82 - كتاب القدر، 3 -باب: الله أعلم بما كانوا عاملين، رقم : ( 6599 ) ، ج: ( 11 ) ، ص : ( 93 ) و
أيضا ً رواه مسلم في: 46 - كتاب القدر، 6 - باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم: ( 2658 ) ، ج: ( 4 ) ، ص : ( 47 ) ، ورواه أحمد في مواضع: ( 2 /315، 346 - 347، 275. )
[5] في الموضع السابق من كتاب التفسير : ج: ( 8 ( ؛ ص : ( 512 ) .
[6] هذا أحد ألفاظ مسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتصرف يسير من مجلة البيان..

حياة العرب
30 / 09 / 2021, 33 : 07 PM
https://www.ansarsunna.com/vb/images/smilies/bsmala.gif

https://www.ansarsunna.com/vb/images/smilies/salam.gif

https://www.ansarsunna.com/vb/images/smilies/gazak.gif

https://www.ansarsunna.com/vb/images/smilies/roseopen.gif
. (https://alazkar.net)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
18 / 10 / 2021, 53 : 10 PM
:" حين نتحدث عن نبي لقوم أو عن أنبياء -وهذا هو الموضوع الأساسي لهذا الكتاب- فهذا يستلزم وجود مَن أنبأه..
وحين نتحدث عن رسول فهذا يلزم وجود مَن أرسله..
وحين يكون الحديث عن رسل وأنبياء يستلزم وجود رسالة.. كما يستلزم وجود نبوة..
وعقلاً يجب أن يكون من ارسل الرسل ونبئ الأنبياء يتميز بصفات وقدرات تختلف تماماً عن الأنبياء وهؤلاء الرسل؛ فلا يكون مثلهم أو شبيه بهم.. فإذا تساوى -المرسل والرسول-إذاً لا يوجد فرق بين الرسول والمرسل.
والإنسان يحتاج مَن يسير له حياته وينظم له أموره؛ فهو يحتاج لمن يعلمه ويثقفه.. ويحتاج لمن يطببه ويداويه ويعالجه.. فهو يحتاج لغيره.. وتجد في العصر الحديث كراسة سنوية تذكره بما يجب عليه أن يقوم به وحتى ترتيب المواعيد والمقابلات؛ وهكذا الشركات الكبيرة والمصانع الضخمة تحتاج لمنظم أوقات يرتب العطلات وأوقات العمل؛ وإرسال الشحنات والمنتجات وكميتها وتحديد الجهة وكيفية التسليم.. وفي فصول المدارس وقاعات الجامعة يوجد جدول دراسي يحدد المادة ومتى تبدء ومتى تنتهي -وقتها- واسم المحاضر أو المعلم..
كما أن الشوارع والطرقات تحتاج لمن ينظمها ويرتبها.. فتجد لوحة ضوئية تبين لمن يسير بسيارة السماح له بالمرور فتتوقف المارة سيرا على الأقدام أو العكس.. ":.
:" فهذا الكون كله بنظامه ودقته شاهد على وجود خالق واجد مبدع مصور مبدع.. بل الإنسان نفسه أكبر دليل على وجود خالقه لأن الله -تعالى- أوجده فخلقه من العدم، ومرَّ بمراحل وأطوار متعددة في رحم أمه حتى خرج -بعد تمام تكوينه- إلى هذا العالم، ويعيش أطوار حياته، فيتم كل ذلك وفقًا لسنن كونية ثابتة لا تتغير، ولا تتبدل، ومن هنا جاء التنبيه القرآني: { وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [الذاريات:21]، [(1)] :" فالتطلع إلى معرفة الخالق -سبحانه وتعالى- أمر مركوز في فطرة كل إنسان، والعاقل المتأمل في نفسه وفي الكون من حوله يعلم حقيقةً أن لهذا الكون خالقاً موجدا صانعاً متصفاً بكل كمال، منزها عن كل نقص، هذا من جانب.
ومن جانب آخر؛ فإنه.. يستحيل عقلًا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه، دون موجِد له، ولينظر المرء إلى أبسط المخترعات الحديثة، المصباح الكهربائي -مثلًا- فهل من الممكن أن نتصور تجمع مادته بنفسها صدفة؛ ليتكون منها هذا الجهاز البسيط!؟
إذا كان هذا مستحيلًا، فكيف يعقل إذن أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق، له المنتهى في صفات الكمال؟!. ". [(2)] .
وهذا أبسط مثال وتتعقد التنظيمات بكبر الهيئة أو المؤسسة!
وقس على هذا بقية مسائل الحياة!
وهنا نتساءل: فما بالك بالكون.. والإنسان.. والحياة!
أليس له منظم ومرتب ومسير!؟
فبالقطع تحتاج لمن ينظمها ويرتبها!
وهي -الكون والحياة والإنسان- لن ترتب نفسها بنفسها ولن تنظم حالها بحالها؛ فتحتاج لمن ينظمها ويرتبها ويسيرها!
فعقلاً لزم وجود مدبر ومنظم ومرتب ومسير لهذا الكون!
فإن وجود خالق مبدع منشئ من عدم وعلى غير مثال سابق يحتذى به أمر فطري تشهد به الآيات الكونية والعلامات الوجودية والأدلة الحياتية؛ فــ :"وجود الله -جل جلاله- أمر فطري تشهد به الآيات الشرعية والآيات الكونية ويقر به العقل السليم، ولا يصح إيمان أحد حتى يجزم بوجود الله -جل جلاله-، وأنه خالق الكون ومدبره، وأنه الإله الحق الذي لا يعبد غيره -سبحانه وتعالى-"[(3)]،
و
أزيد المسألة وضوحاً:
فــ أدلة وجود الله فهي واضحة لمن تأملها ولا تحتاج لكثرة بحث وطول نظر، وعند التأمل نجد أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
- الأدلةالفطرية ، و
- الأدلة الحسية ، و
- الأدلة الشرعية[(4)]
فيوجد:"
· دلالة الفطرة. (https://dorar.net/aqadia/281)
· دلالة الحس. (https://dorar.net/aqadia/283)
· دلالة الشرع. (https://dorar.net/aqadia/287) ".[(5)]
الدليل على وجود خالق مبدع منشئ مصور مسير = الله -عزوجل- نختصره إلى أمرين:
أحدهما: مقروء، والآخر: مرئي:
فالمرئي : هو نتيجة إعمال النظر، ومحصلة دقة الاعتبار، وخلاصة حسن التفكر في هذا الكون الفسيح، والسير في أرجائه؛ لأخذ العبرة منه:.. ويساعدنا الخالق المنشئ المبدع في سهوله فهم هذه المسألة بقوله: { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت:20]، وقال تعالى:{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [فصلت:53].
.. ثم يوضح أكثر :" فقد حث الله -تعالى- الخلق على تدبر هذا الكون، ومعرفة أسراره؛ ليستفيدوا من ذلك الإيمان بخالقهم -سبحانه-، قال -تعالى-: { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ } [الذريات:20-21]، وقال -تعالى- في معرض الحديث عن الدلائل على وجود الخالق؛ ليقر العباد بطريق الإلزام بربهم -سبحانه وتعالى-، فيعبدوه وحده لا شريك له: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ* أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [الطور:35-37]، فالله -عزوجل- يقول لهؤلاء المنكرين خالقهم: أنتم -أيها البشر- موجودون، وهذه حقيقة لا تنكرونها، وكذلك السماوات والأرض موجودتان، ولا شك في ذلك، وقد تقرر في العقول أن الموجود، لا بدّ له من سبب لوجوده، وهذا يدركه راعي الإبل في الصحراء، فيقول: إن البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير!؟ فكيف لو قال شخص: إن السماوات والأرض، أو هو نفسه قد وجد دون خالق مدبر حكيم عليم، بيده مقاليد كل شيء؟! قال تعالى: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون:84-89]. [(6)] .
وأما
:" المقروء: فهو ما أنزله الله من الآيات البينات في كتابه العزيز، قال -تعالى-: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[آل عمران:18]، وقال -تعالى-:وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ[الأنعام:3]،وقال -تعالى-:أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا [الأنبياء:43]، فقد شهد الباري -عزّوجل- بوجوده، وأنه إله الكون، وخالقه، وكفى بالله شهيدًا، قال -تعالى-:أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53]. ".
و
أفصل المسألة:
- أولاً :
الأدلة الفطرية : دلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتله الشياطين ، ولهذا قال الله -تعالى- { فطرت الله التيفطر الناس عليها } [الروم/30] ، بعد قوله : { فأقم وجهك للدين حنيفاً } فالفطرةالسليمة تشهد بوجود الله ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين،ومن اجتالته الشياطين فقد يمنع هذا الدليل ". [(7)]


ثانياً : الأدلة الحسية :
وجود الحوادث الكونية، وذلك أن العالم من حولنا لابد وأن تحصل فيه حوادث فمن أول تلك الحوادث حادثة الخلق، خلق الأشياء وإيجادها، كل الأشياء من شجر وحجر وأرض وسماء وبحار وأنهار.. إنسان..
فإن قيل هذه الحوادث وغيرها كثير من الذي أوجدها وقام عليها ؟
فالجواب إما أن تكون :
- وجدت هكذا صدفة من غير سبب يدعو لذلك فيكون حينها لا أحد يعلم كيف وجدت هذه الأشياء هذا احتمال،
و
هناك احتمال آخر وهو أن تكون هذه الأشياء أوجدت نفسها وقامت بشؤونها،
و
هناك احتمال ثالث وهو أن لها موجداً أوجدها وخالقاً خلقها،
و
عند النظر في هذه الاحتمالات الثلاث نجد أنه يتعذر ويستحيل الأول والثاني فإذا تعذر الأول والثاني لزم أن يكون الثالث هو الصحيح الواضح وهو أن لها خالقاً خلقها وهو الله،"
فكل مخلوق لا بد له من خالق، لأن المخلوق لا يمكن أن يخلق نفسه ولا أن يخلق غيره، فلا بد له إذن من خالق موجد له وهو الله -جل جلاله- وهذا ما جاء ذكره في القرآن الكريم قال الله -تعالى-:{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ } [الطور:35-36].".[(8)] .
:" انتظام سير السفينة والسيارة وغيرهما لا يكون إلا بمدبر لها، فهذا الكون المنظم بشمسه وقمره لا يكون إلا بمدبر له، ولا أحد يستطيع أن يقول إنه هو المدبر له، ولذلك لما ناظر نبي الله إبراهيم الخليل النمرود قال له:{ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258] .
ويحكى عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-: أن قوماً من أهل الكلام أرادوا البحث معه في تقرير توحيد الربوبية، فقال لهم: أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلئ من الطعام والمتاع وغيره بنفسها وتعود بنفسها فترسي بنفسها وتفرغ وترجع كل ذلك من غير أن يدبرها أحد، فقالوا هذا محال لا يمكن أبداً، فقال لهم إذا كان هذا محالاً في سفينة فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله.
وتحكى هذه الحكاية أيضاً عن غير أبي حنيفة رحمه الله.
وتروى بإسلوب آخر إذ :" يقال: إن طائفة من السمنية جاءوا إلى أبي حنيفة رحمه الله، وهم من أهل الهند،فناظروه في إثبات الخالق عز وجل، وكان أبوحنيفة من أذكى العلماء فوعدهم أن يأتوا بعد يوم أو يومين، فجاءوا، قالوا: ماذا قلت؟ قال أنا أفكر في سفينة مملوءة من البضائع والأرزاق جاءت تشق عباب الماء حتى أرست في الميناء ونزلت الحمولة وذهبت، وليس فيها قائد ولا حمالون قالوا: تفكر بهذا؟! قال: نعم قالوا: إذاً ليس لك عقل! هل يعقل أن سفينة تأتي بدون قائد وتنزل وتنصرف؟! هذا ليس معقول! قال: كيف لا تعقلون هذا، وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم، وعجزوا عن جوابه هذا ". [(9)] ".
وفي القرآن الكريم: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت:53]،
و
سأل الأصمعي أعرابياً قائلاً: بم عرفت ربك؟ فأجاب بقوله: البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدل على اللطيف الخبير.". [(10)][(11)] وتوجد زيادة:" وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟ ولهذا قال الله -عز وجل-: { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [الطور:35] فحينئذ يكون العقل دالاً دلالة قطعية على وجود الله "[(12)][(13)] .



ثالثاً : الأدلة الشرعية :
وجود الشرائع: جميع الشرائع دالة على وجود الخالق وعلى كمال علمه وحكمته ورحمته لأن هذه الشرائع لابد لها من مشرع والمشرع هو الله -عز وجل- . [(14)].

وهذا أبسط تعبير كمدخل في هذه المسألة!
وقد تحدثتُ عن مسألة الفطرة في الصفحات السابقات..
فإذا ثبت وجود رسول ونبي .. وثبت وجود رسالة ونبوة..
فيثبت وجود مَن أرسل هذا النبي ومن أرسل هذه الرسالة..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن هنا أبدءُ في الحديث عن الأنبياء!
-من بعد إذنه (تعالى في سماه) وتوفيق (مَن تقدست اسماه) وعناية ورعاية (من رفع السموات بغير عمد تراها)؛ والحمد لله (عز وجل) على كرمه ومنه وعطاءه-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الإثنين‏، 12 ‏ربيع الأول‏، 1443هــ ~ 18 أكتوبر‏، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
18 / 10 / 2021, 04 : 11 PM
[ ١.] :« آدَمُ ».. أَبُو الْبَشَرِ



سلسلة بحوث
تحت
عنوان
« سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والإعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم وتفسير الوحي المنزل من السماء؛ وفهم أحاديث متمم المرسلين وآخر المبتعثين سيد الأنبياء »

أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة


[ 1.]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
20 / 10 / 2021, 20 : 02 PM
https://storage.googleapis.com/rqiim-storage/5e087d165908bc0019cdb6da.a25086702215db34b97817e3. png

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
20 / 10 / 2021, 52 : 05 PM
-*-*-*-
سلسلة بحوث:
»سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل نصوص الوحي وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء«(*)
„أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة .. ذات حضارة‟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(*) الحمد لله - تعالى في سماه وتقدست اسماه وتبارك في علاه-؛ فقد فتح الله العلي القدير عليَّ؛ وأنا العبد الفقير: محمدفخرالدين بن إبراهيم آل الــ ــرمادي بهذا العنوان العريض قبيل صلاة المغرب من شهر القرآن المبارك؛ شهر الصيام؛ مجاوراً لبيته العتيق؛ ناظراً وداعياً ومتوسلاً بأن يفقهني في الدين ويعلمني التأويل؛ كما دعا الــحبــيــب المصطفى والنبي المجتبى والرسول المرتضى والخليل المحتبى - صلوات الله وسلامه عليه وآله - لابن عمه "عبدالله" بن عباس - رضي الله تعالى عنه -..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

[١١] الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
20 / 10 / 2021, 03 : 10 PM
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

تقديم بين يدي الكتاب:

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
23 / 10 / 2021, 36 : 06 PM
تقديم بين يدي الكتاب:


أثبت القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم؛ الفرقان المبين اسم آدم - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض آياته؛ ونصوص القرآن العظيم جميعها قطعية الثبوت؛ أي أنها وحي مِن عنده -سبحانه وتعالىٰ- .. بيد أن بعض آيات القرآن تجدها قطعية الدلالة؛ يفهم منها معنى واحدا لا يتعدد.. ونصوص آخرىٰ ظنية الدلالة لحكمة علوية.. قد تفتح أبواب الإجتهاد وتشَرَعَ نوافذ الفهم من حيث الاستنباط والتأويل.. فتجد سعة في التشريع؛ وفسحة في الفقه.. وتبيان المنهاج .. كما وأثبت القرآن المجيد قصته- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.. وما جرىٰ عليه وحدث له.. مِن حيث الخلق والإبداع والتكوين والإيجاد من العدم.. ثم التعليم والتكريم فــ التكليف.. ويقابله- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تجد ذكر اسم زوجه -عليها السلام- بين دفتي المصحف الشريف؛ كما لا تجد ذكر اسم امرأة من نساء الأنبياء -سلام الله عليهم وصلواته وبركاته- جميعاً..
واللافت لإمعان النظر ولتدقيق الإعتبار ذُكر في القرآن الكريم اسم أم نبي؛ بل وسميت سورة بأكملها باسم أم رسول؛ كما أن الملاحظ للنصوص القرآنية لا يجدها أم نبي آخر المرسلين؛ ولا أم متمم المبتعثين؛ فهي ليست أم خاتم الأنبياء.. بل تقرأ اسمها بوضوح : « مَرْيَمَ » العذراء البتول؛ بنت عمران.. كما وأنها -سلام الله عليها- علىٰ التحقيق ليست من الأنبياء.. إذ أنها حالة لن تتكرر أبداً!.. لذا صلح أن تذكر بإعتبار الإعجاز!


لذا فالقرآن الكريم له صياغته الخاصة؛ وتركيبة جمله باعتباره كتاب رب العالمين.. هداية للبشر أجمعين؛ فهو -القرآن العظيم- ليس كتاب أدبي.. ثقافي.. أو كتاب طبي.. علمي.. أو كتاب تاريخ.. أحياء.. هندسة زراعة.. بل كتاب هداية.. ونعمة..
بدليل النص القرآني نفسه؛ فيقول خالقنا -سبحانه وتعالىٰ- :{ وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [البقرة:150]؛
ثم يتم الإخبار بواسطة خاتم الأنبياء فنطق القرآن الكريم يقول : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [الأعراف:158]

ثم ينطق القرآن فيقول : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [آل عمران:103]
فالقرآن الكريم كما يعرف نفسه بنفسه ممن أوحاه على خاتم الأنبياء أنه كتاب هداية وأنه نعمة من نعم الخالق على المخلوق!


مُقَدِّمَة عن قصة :«„ آدَمَ ”»


سأبدءُ الحديث -بمزيد مِن عون الله تعالىٰ وبعظيم فضله وكامل أحسانه وتمام توفيقه وبتكثير الدعاء كي أحصل على إعانته وعونه-
سأبدءُ الكلام بعد البحث والتحري في بطون إمهات الكتب المعتمدة والمعتبرة والموثقة والمحققة أحياناً؛ أو أقوم بتحقيق الخبر من نفسي -وأخشىٰ مِن الزلل أو الخطأ- أو نقلاً من أقوال أهل العلم..
سأبدء الحديث عن أهم حدث تم في الوجود بل أهم إيجاد لمخلوق أُبدع في الكون؛ بعد كل تلك الإبداعات في الخلق والتكوين والتصوير والتنشأة والتي ترىٰ بالعين المجردة؛ ثم معرفة مخلوقاته -سبحانه وتعالىٰ- خاصةً بعد خطوات ملموسة في مجال العلم وتقدمه؛ ودقة الأجهزة المساعدة في أكتشاف دورة حياة المخلوقات سواء علىٰ سطح الأرض؛ أو في باطنها.. أو في أعماق البحار والأنهار والبحيرات أو شواطئها.. أو في أجواء السماء الدنيا أو في بعيد المجرات والمسيرات..
أو
تلك المخلوقات.. والتي لم نراها ولكننا أُخبرنا عنها عن طريق صحيح بوجودها ؛ مأمون المصدر موثق المخبر والمنبئ.. كــ الملآئكة والجن الشياطين..

سأبدء الحديث عن أول إنسان؛ وهو المخلوق الوحيد الذي يملك قدراً هائلاً مِن الفهم والاستيعاب مع تخزين المعلومات الأولية عن الأشياء المحسوسة والملموسة والغيبية والتي يتحصل عليها من خلال المشاهدة والرؤية والتعليم والتلقين؛ ومِن ثم إعادة استرجاعها وربطها بالواقع الحالي أو الجديد؛ فيحسن التعامل مع تلك الأشياء.. وهو ما يسمىٰ بالعقل والإدراك؛ وهذه خاصيةٌ لم يشاركه فيها أي مخلوق آخر سواه؛ فلديه خلايا مخية تقوم بهذه العملية الاستيعابية الفهمية العقلية؛ بالإضافة لما حباه خالقه وموجده من غرائز ومظاهرها؛ وحاجات عضوية وكيفية إشباعهما -غرائز الإنسان وحاجاته- بصورة صحيحة سوية..
لذا أُكرم وعُظم وبُجل لتلك القدرة العقلية الجبارة -التعليم.. وإعادة استحضار المعلومات التي تعلمها- كُرمَ مِن قِبل خالقه أولاً؛ ثم من قِبل أعلىٰ درجات التكريم في الخلق -التخليق مِن العدم- والتنشأة والتكوين والتصوير على غير مثال سابق.. وهم الملآئكة؛ وسجود التكريم له وليس عبادة الإنسان..



اقرأ ما كتبه ابن كثير الدمشقي في بداية كتابه فسطر يقول.:" وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، فَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، خَلَقَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ آدَمَ أَبَا الْبَشَرِ وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَخَلَقَ مِنْهُ زَوْجَهُ -حَوَّاءَ- أُمَّ الْبَشَرِ، فَآنَسَ بِهَا وَحْدَتَهُ وَأَسْكَنَهَا جَنَّتَهُ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمَا نِعْمَتَهُ، ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ ؛ لِمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ الْحَكِيمِ، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَقَسَّمَهُمْ بِقَدَرِهِ الْعَظِيمِ:
- مُلُوكًا وَرُعَاةً،
وَ
- فُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ،
وَ
- أَحْرَارًا وَعَبِيدًا(!)،
وَ
- حَرَائِرَ وَإِمَاءً، وَأَسْكَنَهُمْ أَرْجَاءَ الْأَرْض ِطُولَهَا وَالْعَرْضَ، وَجَعَلَهُمْ خَلَائِفَ فِيهَا يَخْلُفُ الْبَعْضُ مِنْهُمُ الْبَعْضَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، وَسَخَّرَ لَهُمُ الْأَنْهَارَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ، تَشُقُّ الْأَقَالِيمَ إِلَى الْأَمْصَارِ، مَا بَيْنَ صِغَارٍ وَكِبَارٍ، عَلَى مِقْدَارِ الْحَاجَاتِ وَالْأَوْطَارِ، وَأَنْبَعَ لَهُمُ العيون والآبار. وأرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع وَالثِّمَارِ. وَآتَاهُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلُوهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار» فسبحان الكريم الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ. وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمُ السَّبِيلَ وَأَنْطَقَهُمْ، أَنْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ عَلَيْهِمْ: مُبَيِّنَةً حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَأَخْبَارَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَالسَّعِيدُ مَنْ قَابَلَ الْأَخْبَارَ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالْأَوَامِرَ بِالِانْقِيَادِ وَالنَّوَاهِيَ بِالتَّعْظِيمِ. فَفَازَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَزُحْزِحَ عَنْ مَقَامِ الْمُكَذِّبِينَ فِي الْجَحِيمِ ذَاتِ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ، وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ
(البداية والنهاية؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ولآدم -عليه السلام- قصة في القرآن؛ قصها المَلٰك جبريل -عليه السلام- أولاً على قلب آخر الأنبياء ومتمم المبتعثين وخاتم المرسلين ليثبت بها فؤاده ويطمئن قلبه؛ ثم يقصها النبي وحياً من ربه -تعالى- علىٰ الخلق أجمعين؛ فمن الصعوبات الأُوُل في رسالة الأنبياء ودعوة المرسلين مسألة:



« التكذيب »؛

واللافت للنظر حين تكون الدعوة لا تمس مصالح الناس الحيوية؛ من باب التحريم والتحليل؛ ولا تتعارض مع مبادئهم الأساسية الحياتية الموروثة لا يلقون بالاً لمن يدعي نبوة أو يدعو لرسالة أو لمصلح إجتماعي أو سياسي..
وفي اللحظة التي يبدء الصراع الفكري مع تقاليد القوم والمصادمة العقلية مع مفاهيمهم المغلوطة وقيمهم الفاسدة والمواجهة الفهمية لما هم عليه من عادات يبدء الصراع؛
لذا تجد القرآن الكريم ينبه الرسول الأعظم بهذه المسألة -مسألة :« التكذيب »؛- فيقول :{ ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } [الأعراف:176].

وقد تميز أهل مكة في صدر الرسالة المحمدية بــ " قسوةِ قلوبهم، وغلب اللدد والخصومة عليهم، وفيهم يقول الله -جل شأنه-: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا[1]} [مريم: 97].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[1] لد جمع ألد، وهو: الشديد الخصومة. (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
وكانت فيهم -أهل مكة- مع ذلك عنجهية، وفيهم تكبر واستعلاء، وتفاخر وعجب بالبيت الحرام؛ إذ كانوا جيرته والقائمين عليه، وسقاة حجاجه من الوافدين إليه.

وينعى الله عليهم ذلك، إذ يقول: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُون}[2] [المؤمنون: 66، 67]، ويقول: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 19].

ولم يكن الرسولُ فيهم بالسَّيِّد المطاع، ولا الشريف الماجد الذي لا يتطاول إليه في شرفه ومجده متطاول، ولا كان الثري الواسع الثراء الذي يبلغ بماله ما لا يبلغه بجاهه وقدره في الناس، ولكنه كان رجلاً من أوسطهم حسبًا، وأعرقهم نسبًا، ولا مزيد، يمكن أن يقر له منصفٌ بفضل، أو يعيبه عياب بنقيصة في نفسه أو عشيرته، ما أقام فيهم على المسالمة وحسن الجوار، أما أن يطلع عليهم بدعوة لم يدْعُهم إليها داعٍ من قبله، ولا وقع في وَهْم واهم منهم أن يكون لمثلها بينهم مكان - فذلك ما يأبَوْنه أشد الإباء، ولا يرتضون أن يضطلع بها أحد، مهما كان قدره وعظم جاهه؛ لأنها دعوة جريئة، تحرض على التنكر للآباء والأجداد، ونبذ ما خلص إليهم من العقيدة التي توارثوها عنهم على مر القرون.

لهذا أبغضوه، وحقدوا عليه، وتربصوا به، وحسدوه أن كان هو المختار من بينهم، ليكون الرسول إليهم، وفيهم من يرونه خيرًا منه مقامًا وأعظم قدرًا.

وقد حكى الله تعالى مقالتهم في ذلك، إذ يقول: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، فراحوا يكيدون له، وينالونه بالأذى من كل سبيل، لا تأخذهم به رأفة، ولا تعطفهم عليه رحم؛ رموه بالحجارة، وألقوا عليه الأقذار، وهو ساجد بين يدي ربه، وأغروا السفهاء به يهينونه، وينالون من عزته، ولم يتركوا نقيصة تؤذيه في نفسه وكرامته إلا رموه بها.

جعلوا يرمونه بالكذب مرة، وبالجنون مرة أخرى، وبالسحر مرة ثالثة، وقد حكى الله ذلك كله عنهم، فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 4، 5]، وقال: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} [الفرقان: 41]، وقال: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِين} [سبأ: 43].

وجعلوا فوق ذلك يعنتونه بما يطلبون أن يأتيهم به من آيات لا قِبَل للإنس ولا للجن بها، وإلا لم يؤمنوا به، ويذكر الله حكاية لما طلبوا أن يأتيهم به، فيقول: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا[3] أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ[4] أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 90 - 93].

لذلك كانت تعرض له أزمات نفسية عصيبة، تهد الكيان، وتفل العزم، وتدعو إلى اليأس، حتى يكاد يقضى غمًّا وضيقًا، وحتى لتحدثه نفسه أن يترك بعض ما يوحى إليه، لا يبلغهم إياه، ملاينة منه، وتفرجًا من كربه، وكانوا ربما ساوموه في الوحي، لعلهم يفتنونه فيه، عسى أن يبدل منه، وقد ذكر القرآن ذلك كله، فقال سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ[5] نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12]، وقال: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 73 - 75].

لكن الله تعالى كان معه أبدًا، فهو سبحانه أرحم به، وأبقى عليه من أن يخلي بينه وبين هؤلاء الطغاة الجاحدين، كيف وقد خلقه الله بشرًا رسولاً، ينفعل بالأحداث، وينتابه منها مثل ما ينتاب غيره، وإن كان لأقوى يقينًا، وأثبت جنانًا، وأصبر على احتمال المحن والأرزاء، لذلك جعل يتعهده بما يسري عنه، ويشد من عزمه، فحينًا يدعوه إلى التأسي بأولي العزم من الرسل، فيقول: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35]، وحينًا يأمره أن يرفق بنفسه، ويبقي عليها أن تذهب حسرة وأسى لإعراضهم عنه، فيقول: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].

وجعل سبحانه من قبل ومن بعد يقص عليه من أنباء الرسل وسير الأمم ما يثبت فؤاده، ويدخل السكينة في قلبه، بما يزخر به من مواعظ وعبر للذين آمنوا به واتبعوه، ومن زجر ووعيد للذين يكذبونه ويصدون عن سبيله، ومن عقاب وسوء مآل للذين كذبوا الرسل من قبله، وإن كانوا لأشد قوة وأعظم سلطانًا، وقد بين الله أثر القصص في نفوس الصالحين من أولي الألباب، فقال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].

وصدق الله العظيم، فالقصص أحفل بالأسوة، وأعمل في النفس، وأبعث على الطمأنينة والرجاء؛ إنه أخف على السمع، وأرعى للانتباه، لا يأمر وينهى، ولكن يقص الأنباء ويصف الأحداث، ويقرن العمل بعاقبته والجزاء عليه، في بيان رائع وتصوير صادق، يجيش بالحياة والحركة، فتسري الحكمة منه والموعظة إيحاء وانفعالاً، لا طاعة لأمر، ولا تأثرًا بوعظ، فينزل من أعماق النفس في قرار مكين، حتى كأنه من نبع الوجدان وإشعاع الذات، وليس عطاء مبذولاً ولا رفدًا مرفودًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] به: بالبيت الحرام، سامرًا: سمارًا، تهجرون: تتحدثون بالقبيح من الحديث. [3] كسفًا: قطعًا، جمع كسفة. [4] زخرف: ذهب. [5] باخع: وصف من بخع نفسه: قتلها غمًّا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:" جعل الله لأهل مكَّة قَصصًا، ولأهل المدينة قَصصًا؛ لأن هؤلاء غير أولئك عقيدة وجبلَّة؛ أهل مكَّة عبدة أوثان، طال عهدُهم بها وصحبتهم لها أجيالاً متتابعة، فقست قلوبهم، وران عليهم الضلال والجحود، فما تصلح حالهم على المحاجة وحدها، ولكن على الزجر والوعيد والاسترهاب، كدأب كل قدم متعجرف جهول، لذلك يغلب في قصصهم ذكر الأمم البائدة التي خالفت عن أمر الله، وكذبت رسله، فكان عاقبةُ أمرِها وبالاً وخسرًا، وإذا يلتقي في قصصهم جمع من تلك الأمم وما نزل بها من بأس الله، وإذ يُعادُ عليهم تباعًا وفي صور شتى من بديع العرض وبارع الافتنان - فإنَّه لحقيق أن يهز كيان الجاحدين، ويلين من قناتهم، ويزعزع من يقينهم، بما يتسلَّل إلى نفوسهم على هينة من الاسترابة والتردد، ويغريها بالإصغاء ومعاودة النظر في موقفها الذي تردت فيه عنادًا واستكبارًا.

وهي بعدُ حَريَّة أن تقبل من إدبار، وتنقاد من حِران، إلا عن نزوع واهتداء، فعن حرص على الحياة وخوف من العذاب الذي حل مِن قبل بأمثالهم من المكذبين الضالين، وما أمر عاد وثمود وقوم شعيب منهم ببعيد، ومن قصص عاد وثمود قول الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ[6] * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا[7] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn7) فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ[8] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn8) النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ[9] نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ[10] * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ[11] * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ[12] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn12) * أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ[13] * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً[14] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn14) لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ[15] مُحْتَضَرٌ[16] * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى[17] فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ[18] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn18) الْمُحْتَظِرِ[19] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn19)} [القمر: 18 - 31].

وقوله. سبحانه عن أهل الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ[20] الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ[21] الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ *وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ[22] الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ[23] إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 176 - 189].

وزادهم الله تذكِرة وتحذيرًا، فقص عليهم قصص أقوام آخرين، كذبوا نوحًا وإبراهيم ولوطًا وموسى وعيسى -عليهم السلام-، فأخذهم الله بذنوبهم، فاجتمع لأهل مكة بذلك عبرة من مصير أقوام منهم وأقوام آخرين من غيرهم، لم ينج منهم إلا من اتبع سبيل الرشاد.

أما أهل المدينة فكانوا أهْلَ كِتاب، جاءتهم الرسل من قبل، ودعوهم إلى الله، فآمن من آمن، وأعرض مَنْ أعرض، فهم أجدر أن يعلموا أنَّ للناس إلهًا، وأنه سبحانه قد أرسل إليهم رسلاً من أنفسهم، ليستنقِذوهم من الضلال، وكانت عندهم البشرى برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهم بهذا أقرب إلى الله، وأحق إذا نُبِّهُوا أن ينتبهوا، وإذا دعوا أن يستجيبوا، إلا الذين طبع الله على قلوبِهم وأعمى أبصارهم، والذين أخذتهم العزة بالإثم، فركبوا رؤوسهم، وأصروا واستكبروا استكبارًا، وإذا كان عهدهم بالرِّسالة قد بعد، فإن الدعوة بموالاتها والافتنان فيها كفيلة أن ترد النافر، وتطوع العصي، ثم إنَّ للقدوة من جانب، والنزوع إلى مجاراة الجماعة واتقاء الشذوذ فيها أثرًا في الاستجابة غير مردود، وقضى الله سبحانه أن يكون من أهل المدينة أنصار الله والمجاهدون في التمكين لدينه الحنيف.

وفي بعض قصصهم حديث عن ماضي أهل الكتاب، وفي بعض آخر منه حديث عن حاضر المسلمين في جهادهم لإعلاء كلمة الله، فأما حديث الماضي ففيه تذكير بقدرة الله، وتبيين لفضله على بعض أنبيائه، إذ استجاب لزكريا عليه السلام، فوهب له الولد، وكان قد بلغه الكبر، وكانت امرأته عاقرًا[24] ، وإذ خلق عيسى بيديه كما خلق آدم، وأيده بمعجزات شتى، ولم يقصر القرآن هذا النوع على أهل المدينة، فقد سبقهم من قبل أهل مكة إليه، إذ ذكرت قصتا زكريا وعيسى - عليهما السلام - في سورة مريم أيضًا[25]، وإذا كان في قصص الأمم البائدة زجر ووعيد، فإن في قصص معجزات الأنبياء آيات باهرة على جلال الله وقدرته على الثواب والعقاب، ففي كلا النوعين مناصرة وتأييد للآخر.

وفي قصص أهل المدينة أيضًا بيان لفضل الله على بني إسرائيل، إذ نجاهم من فرعون وبطشه، ثم تولاهم بعد بالكثير من نعمه، فضلاً منه ورحمة، مع عصيانهم لموسى، وكثرة إعناتهم له وإلحاحهم عليه بالشطط في المسألة، وفي خبر القصة الآتية من قصصهم صورة من تشددهم، والمغالاة في التتبع والاستقصاء.

فقد قتل منهم قتيل ولم يعرف قاتله، فرجعوا في الأمر إلى موسى، فأمرهم أن يذبحوا بقرة لم يميزها بين البقر بصفة، فجعلوا يرادونه فيها، ويستقصون أوصافها، ثم ذبحوها وما كادوا يفعلون، وضرب موسى القتيل بلسانها فأحياه الله، وأخبر بقاتله، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ[26] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn26) وَلَا بِكْرٌ[27] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn27) عَوَانٌ[28] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn28) بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ[29] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn29) تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ[30] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn30) لَا شِيَةَ[31] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn31) فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ[32] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn32) فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 67 - 73].

أما قصص المسلمين في حاضرهم فيتضمن الحديث عن الغزوات وما كانت تنتهي إليه من نصرة أو هزيمة، وتحظى غزوة الأحزاب من بين الغزوات بفضل بيان في قصصها، وتفصيل لما تقدمها من كيد، وما لابسها من ابتلاء، وما انتهت إليه من نصر عزيز، فقد تألبت عصبة الشرك، يظاهرهم حلفاء من اليهود، يريدون أن يضربوا الإسلام في مأمنه ضربة لا قيام له بعدها، فنفروا إلى المدينة جموعًا كثيرة، توافر لها العدد والعتاد، لكن الله جلت قدرته كان لهم بالمرصاد، فأرسل عليهم ريحًا عاتية جعلت تعيث في رحالهم، وتنغص مقامهم، وتقذف الرعب في قلوبهم، فلم يسعهم إلا أن يتنادوا بالرحيل، فانقلبوا راجعين، عليهم عار الهزيمة والهوان، ولقي حلفاء الغدر والخيانة من اليهود جزاءهم الذي يستحقون، فقتل المقاتلة منهم، وسبي الذراري والنساء، وفيها يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ[33] وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ[34] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn34) مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ[35] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn35) فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا * وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ[36] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn36) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ[37] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn37) مِنْ صَيَاصِيهِمْ[38] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn38) وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 9 - 27].

ونلاحظ أنَّ القِصَّة حين تحدثت عن أولئك الذين أظهروا الاعتذار للنبي وأضمروا الفرار من القتال خوفًا وجُبنًا - لم يفُتْها أن تنبِّه إلى حقيقة لا مراء فيها: أنَّ الفرار من الموت لا ينجي منه، إذ ليس لأحد من أمر الله عاصم، لكنَّه الوهم الخادع والخيال المريض يُرِيَانِ الباطل حقًّا، والواقع وهمًا، وفي ذلك موعظةٌ وذكرى لأولي الألباب.

والقصص في القرآن كثير متنوع، لكن أكثره عن الأنبياء وجهادهم في الرسالات، وبيان ما كانوا يلقون في سبيلها من شر وأذى، ومن إعراض وجحود، وكيف صبروا على ما كُذِّبُوا وأوذوا حتَّى جاءهم نصر الله، فنجوا هم والذين آمنوا معهم، وهلك المكذبون الضالون. وموسى - عليه السلام - أطول الأنبياء قصصًا، وأكثرهم ذكرًا في القرآن؛ إذ ذكر فيه 136 مرة، ويليه في الذكر إبراهيم - عليه السلام - فقد ذكر فيه 69 مرة.

ولعل ذلك لأن حياة موسى - عليه السلام - حفلت بأحداث كثيرة، ومعجزات متعددة، لم تحفل بأمثالها حياة أنداده من الأنبياء الأولين، نجاه الله من فرعون رضيعًا، ثم زاد فنشأه في بيته، وكان فرعون يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، ونجاه من القتل حين ائتمر القوم به، ليقتلوه ثأرًا للمصري الذي كان قتله، وجاء مدين وليس له فيها أهل ولا مأوى، فوصل أسبابه بمن آواه وزوَّجه، وتلقى وهو في طريق العودة إلى مصر وحي الله تعالى يأمره أن يذهب إلى فرعون، ويبلغه رسالته إليه، ولما خرج موسى وقومه من مصر تبعهم فرعون وجنوده ليردوهم عن وجههم، حتى إذا بلغ موسى وأصحابه البحر وتراءى الجمعان أوحى الله إلى موسى فضرب البحر بعصاه، فانفلق فِرْقَيْن عظيمين، وعبر موسى وقومه إلى البرية، ومضى فرعون وجنوده في أثرهم، فأدركهم الغرق جميعًا، وتمضي حياة موسى على هذا النحو، انتقالاً من حدث كبير إلى مثله أو أشد، وانتصارًا بمعجزة إلى معجزة غيرها إلى أمد بعيد.

وفي القرآن مع قصص الأنبياء قصص لبعض الجماعات وآخر لبعض الأشخاص، فمن قصص الجماعات قصص أهل الكهف، أولئك الفتية المهتدون، الذين فروا بدينهم إلى الكهف يأوون إليه، ويعتصمون به، وهناك غشيتهم غاشية من النوم، لبثوا بها نيامًا 309 سنين لم يمسهم فيها سوء، ولا أصابهم شيء من بِلى، ثم بعثهم الله من نومهم الطويل، فكانوا بذلك آية من آيات قدرة الله، يعلم الناس منها أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور[39].

ومن قصص الأشخاص قصص قارون، وكان من قوم موسى آتاه الله من المال قدرًا عظيمًا، حتى كانت مفاتيح خزائنه ينوء بحملها جمع من أولي القوة، فأبطره الغنى، وركبه الغرور، فتجبر وتكبر، وكان إذا نصحه الناصحون أن يذكر آخرته في دنياه، وأن يجعل لكل نصيبًا في ماله يأبى الإصغاء لهم، ويزعم أن ما عنده من المال إنما أوتيه عن علم عنده وحسن تدبير، حتى أصبح في قومه مثل سوء، ومبعث فتنة وضلال، فخسف الله به وبداره الأرض، لا يغني عنه ماله من الله شيئًا[40].

ولا يكرر القرآن قصص الجماعات والأشخاص، ولكنه يذكر كلا في سورته مرة واحدة، أما قصص الأنبياء فيكررها، ولا يحكي قصة منها كاملة في سورة واحدة، إلا قصة يوسف عليه السلام، فقد ذكرت كاملة في سورته، أما غيرها فإن القرآن يفرقها في جمع من السور أجزاء تتفاوت في الطول والقصر، والذكر والحذف، والتفصيل والإجمال، وفي صور العرض وأساليب التعبير، فالجزء المذكور من قصة نوح في سورته يستغرق 28 آية، والمذكور في سورة هود يستغرق 23، والمذكور في سورة الشعراء يستغرق 17، والمذكور في سورة العنكبوت لا يزيد على آيتين اثنتين.

وتتراءى الآيات حيثما ذكرت أجزاء القصص هادئة متأنية حينًا، وهادرة معجلة حينًا آخر، لكنها تحتفظ دائمًا بجوهر الأحداث على حالها، وتعرضها في صور تموج بالحركة، وتنبض بالحياة، ولا تخلو مع ذلك من إشارات لطيفة، وإيماءات دقيقة في كثير من الأحيان، فإذا هي جديدة أبدًا، فيها طلاوة، ولها بهجة ورواء، ونورد هنا من قصة إبراهيم - عليه السلام - الجزء الذي يحكي محاجته لأبيه وقومه، كما جاء في سور الشعراء، والعنكبوت، والصافات:

فيقول الله في سورة الشعراء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 69 - 82]

ويقول في سورة العنكبوت: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 16 – 24].

ويقول في سورة الصافات: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ[41] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn41) لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ[42] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn42) * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ[43] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn43) فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ[44] (https://www.alukah.net/literature_language/0/2445/#_ftn44) * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} [الصافات: 83 - 98].

ونلاحظ أن آيات العنكبوت لم تتعاقب على رواية المحاجة كما تعاقب غيرها، ولكن تخللها موقف فيه عبرة وموعظة، فلم تشأ أن تفلته دون أن تقول فيه، فوجهت النظر إلى قدرة الله في الخلق، وحثت على الضرب في الأرض، والنظر في آثار صنع الله، لتزيل كل ما في نفوس المكذبين من الارتياب، ولا ريب أن الغرض إذ يصادف موقعه ويحين حينه يكون أحمد بلاء، وأطيب أثرًا، وقد مر بنا مثل هذا الموقف في آيات غزوة الأحزاب، إذ توقفت في أثناء الحديث عن أحداثها، وتخاذل المتخاذلين فيها فرارًا وجبنًا لتقرر أن الموت لا بد واقع، وليس للهاربين منه نجاء إلا عاجلاً فآجلاً.

وتبدو الآيات لهذا الجزء من قصة إبراهيم على ما ترى من الطلاوة والبهجة وحسن الرواء، فما يحس منها قارئ ولا سامع ثقلاً أو ملالاً من المعاودة والتكرار، وافتنان القرآن في ذكر عاقبة المكذبين كافتنانه في ذكر أنباء المرسلين، ولكنه لا يلتزم فيها نهجه في أنباء المرسلين، فربما توافقا إجمالاً وتفصيلاً كما في سورتي القمر والشعراء، وربما أطال حديث الأنباء وأوجز حديث العاقبة، كما في سورة يونس.

فيقول سبحانه في سورة القمر: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 41 – 42]، وقال في سورة الشعراء: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا[45] ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: 61 – 64]، ويقول في سورة يونس: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90].

ولكل من الإجمال والتفصيل هنا عمل يراد، ففي الإجمال ضرب من الإبهام يبعث القلق في النفس المكذبة، ويحملها على التظنن، وإعمال الخيال، والذهاب معه مذاهب شتى في تصور الواقع الموعود، وفي التفصيل مكاشفة صريحة، لا تدع لامرئ أثارة من تعلل أو انخداع، والله سبحانه أعلم بمراده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[6] نُذُرِ: إنذاراتي. [7] صَرْصَرًا: شديدة الصوت. [8] تَنْزِعُ: تقلع. [9] أَعْجَازُ نخل: هي أصوله التي لا فروع فيها. [10] مُنْقَعِرٍ: منقلع من مغارسه. [11] مُدَّكِرٍ: متعظ. [12] سُعُرٍ: نيران، عكسوا عليه ما كان يقول لهم. [13] أَشِرٌ: بطر متكبر. [14] فِتْنَةً: امتحانًا. [15] شِرْبٍ: نصيب. [16] مُحْتَضَرٌ: يحضره صاحبه. [17] تَعَاطَى: قام على أصابع رجليه ورفع يديه إلى الشيء ليأخذه. [18] الهَشِيم: الشجر اليابس المتكسر. [19] الْمُحْتَظِر: الذي يعمل الحظيرة، فييبس مايحتظر به من الشجر بطول الزمن ويتكسر. [20] الأَيْكَة: الشجر الكثير الملتف. [21] الْقِسْطَاس: أقوم الموازين وأضبطها. [22] الْجِبِلَّة: الخلقة والأمة. [23] عاقبهم الله بالحر الشديد، سلطه الله عليهم سبعة أيام، ثم ساق إليهم غمامة فاستظلوا بها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارًا أحرقتهم. [24] سورة آل عمران: 38 - 41 و45 – 65. [25] سورة مريم: 2 – 33. [26] فَارِض: مسنة. [27] بِكْر: فتية. [28] عَوَان: نصف بين الفارض والبكر. [29] لا ذَلُول: غير مذللة للحرث والسقي. [30] مُسَلَّمَة: سلمها الله من العيوب. [31] لا شِيَةَ فِيهَا: لا يخالط صفرتها شيء من لون آخر.[32] فَادَّارَأْتُمْ: فألقى بعضكم على بعض تبعة القتل. [33] عَوْرَة: غير حصينة لا يؤمن العدوان عليها. [34] الْمُعَوِّقِينَ: المثبطين عن الرسول. [35] بَادُونَ: نافرون إلى البدو من فرط ما منوا به من الخوف. [36] نَحْبَهُ، النحب: الوقت والمدة، وقضى نحبه: استوفى أجله فمات. [37] هم بنو قريظة، رضوا حكم سعد بن معاذ، فحكم بقتل المقاتلة وسبي النساء والذراري. [38] الصياصي: الحصون، جمع صيصية. [39] سورة الكهف: 13 – 20. [40] سورة القصص: 76 – 82. [41] مِنْ شِيعَتِه: أي شيعة نوح - عليه السلام - على أصول الدين. [42] سَقِيم: مشرف على السقم، وكان القوم – فيما يروى - نجامين، فاستدل إبراهيم بأمارة في علم النجوم على أنه مشرف على السقم، فتفرقوا عنه، وتركوه في بيت الأصنام. [43] فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِم: جاءها مستخفيًا. [44] يَزِفُّونَ: يسرعون. [45] وَأَزْلَفْنَا إلخ: أدنينا آل فرعون بعضهم من بعض وجمعناهم لئلا ينجو منهم أحد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والقصص(*) في القرآن الكريم لمن سبق من الأمم وكيف تعاملوا مع أنبياء الله تعالى ورسله؛ تلك :"القصص شعبة جليلة من شعب القرآن الكريم، اختصه الله منه بنصيب كبير، لمكانه من الدعوة، وحسن بلائه في المعاونة على أدائها، فإن تكن شعبه الأخر هدى وإرشادًا، وشرعًا ونظامًا، وتقويمًا وإصلاحًا - فإنَّ القصص هو الزاد الإلهي الذي يمد الله به رسوله في رحلته البعيدة المدى، الكثيرة الهموم، الثقيلة الأعباء، تحف من حولها المكاره والشرور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) "إذ أن القصص في القرآن الكريم: حكاية الأنباء لأمر يراد، والقصة مثله، لكنه أوسع منها نطاقًا وأشمل دلالة؛ لأنه يعني الحكاية مطلقة جامعة، لا يحدها حد، ولا تميزها صفة، أما القصة ففي بنيتها إشارة إلى هيئة، ولا إحاطة فيها ولا شمول، ويلتزم القرآن لفظ القصص كلما ذكره، لا يتبدل به القصة، ولا يراوح بينه وبينها، كأن المراد - والله أعلم - هو القصص في عمومه واستيعابه، دون تفاوت بينه في الحكاية ولا تمييز.

[القصص في القرآن الكريم؛ المصدر: من كتاب: "مع القرآن الكريم في دراسة مستلهمة"]

لذا فتسمع القرآن؛ بصيغة العظمة والكبرياء يقول : { «„ نَحْنُ ”» نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين }[ يوسف:3]

أما إذا كان الحديث عن العقيدة والتوحيد والإيمان فتقرأ : { «„ إِنَّنِي ”» : «„ أَنَا ”» اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ :«„ أَنَا ”» فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } [طه:14]

وفي موضع آخر : { يَا مُوسَى إِنَّهُ : «„ أَنَا ”» اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [النمل:9]

ثم يقول : { يَا مُوسَى إِنِّي : «„ أَنَا ”» اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين } [القصص:30].

{ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [آل عمران:62]

فيأتي البيان بأن :" { «„ أَحْسَنَ ”» الْقَصَصِ } تعني : { الْقَصَصُ «„ الْحَقُّ ”» }.

وهذه لفتة بيانية قرآنية لتثبت أن نص الآيات جاءت : { مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم } [آل عمران:126]

و

: { إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا } [النساء:11] .

{ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ } [المائدة:8]

{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير } [الأنعام:18]

ومسالة بداية الخلق؛ وكيفية تكوينه مِن أهم المسائل التي شغلت بال الناس في كافة الأزمان وفي كل مكان!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏السبت‏، 17‏ ربيع الأول‏، 1443هــ ~ ‏السبت‏، 23‏ أكتوبر، 2021م
-*-*
أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
25 / 10 / 2021, 28 : 11 AM
:" تمهيد لما قبل خلق آدم ".

أرادَ الحقُ -تبارك وتعالىٰ- أن يمهدَ لمن يريد أن يقرأ كتابه -القرآن الكريم- قراءة إدراكية فهمية عقلية في مسألة خلق آدم؛ الإنسان الأول.. أراد -عز وجل- أن يمهد تمهيداً يتفق مع احتياجات هذا المخلوق الجديد: الإنسان الأول؛ وزوجه -عليهما السلام- .. يمهد لــ احتياجاته البشرية، ورغباتهما الآدمية -ثم مِن بعدهما نسلهما- في مسكنه المؤقت علىٰ الأرض، فنطق القرآن يقول في سورة البقرة الآية (٢٩) :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً }

.. وبتتبع آيات الذكر الحكيم ذات الصلة بهذه الجزئية من بحث خلق آدم.. يأتي البيان مِن حاجة الإنسان إلىٰ طعام يسد جوعته.. وإلىٰ ماء يروي ظمأه..
ثم مِن بعد سد جوعته أوجد الخالق ما تتطلبه الحياة وإعمار الكون مِن أشياء -المواد الأولية للزراعة والصناعة؛ وما شابه ذلك-..

فيبدء القرآن الكريم في الحديث عن قضية بقاء الإنسان علىٰ قيد الحياة مما تتطلبه حاجة وجوده فــ يتحدث القرآن العظيم عن الإطعام { مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن طَعَامٍ } : { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ } [البقرة:267]

ثم يتم الحديث عن الماء والإرواء والسقي: { .. مَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ }
وينبه القرآن الكريم أولي الألباب؛ باعتبار هذه الأشياء دلائل وعلامات علىٰ وجود خالق فتنتهي الاية ذاتها بقوله -تعالى- : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [يونس:24]

ويكمل القرآن العظيم الحديث فــ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } [البقرة:168]

هنا يأتي تنبيه هام؛ وهي مسألة الإطعام -الأكل والشرب- مِن الــ :«„ حَلاَل ”»؛ و الــ :«„ طَيِّب ”»؛ وهذا يعني أنه يقابله:«„ الحرام ”»؛ و :«„ الخبيث ”»؛ فــ يكون : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } هو الله -سبحانه وتعالى؛ الخالق.. المنشأ المصور المبدع- فيأتي التنبيه { فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُون } [البقرة:22]

ويكرر تنبيهنا بأنه-سبحانه-: { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون } [النحل:10] .. وينبه –سبحانه وجلَّ شأنه- على أنه { يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [النحل:11]
ثم تأتي مسألة في غاية الأهمية وهي مسألة „ تسخير بقية المخلوقات للإنسان” فيقول: { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:12] { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون } [النحل:13] { وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:14] { وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [النحل:15] { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون } [النحل:16]

ويكرر التنبيه: { وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون } [النحل:65] { وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِين } [النحل:66] { وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:67] .

والقرآن الكريم العظيم؛ كلام المالك العلام رب السموات والأرضين يتحدث عن:
- { آيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون }
- { آيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون }
- { آيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون }
- { آيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون }..
ثم ينهي الخطاب في آيات سورة النحل؛ التي استشهدتُ بها بقول :
- { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون }؛ والآية هنا بمعنى علامة، ليتحصل من ذلك :
- { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون }
- { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون }.

وتأتي حقيقة قرآنية تقول : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين } [هود:6]

-*-*-*

بدأتُ بهذه المقدمة للتنبيه بما قاله خالق الإنسان الأول آدم؛ إذ ومنذ بداية الخلق الأول والتنشأة الأولية بيَّن للجميع؛ وخاصة أمام الملآئكة بالقول المبين: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ }:«„ { إِنِّي جَاعِلٌ } ”»؛ { فِي } :«„ { الأَرْضِ } ”»؛:«„ { خَلِيفَةً} ”».

ولعل اللفظة القرآنية: «„ خَلِيفَةً ”»؛ إذا أخرجت من سياق الآيات يحدث إبهام لها؛
فمن المقصود!؟؛
وخليفة لمن!؟..؛
وهنا حدث إختلاف في الفهم والتأويل والتفسير وسيأتي في موضعه من هذا البحث -إن شاء الله تعالى- وهي الآية رقم ( ٣٠ ) فتأتي الآيات بعدها مباشرة تبين وتظهر أن المقصود بــ :«„ خَلِيفَةً ”»؛ } . هو { آدَمَ } .. واللافت للإنتباه أن صاحب الــ بدء والــ تاريخ [ البدء والتاريخ؛ المطهر بن طاهر المقدسي (المتوفى: نحو 355هـ) ] ذكر كافة الأقوال في كيفية خلق الحيوانات وتكوينها؛ ثم عقب بعد ذلك على كيفية خلق آدم؛ واستغنيت عن ذكرها لما أثبته الخالق -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز.

إذاً الغرض الظاهر من نص الآيات هو : «„ السكن ”»: { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد } [إبراهيم:14]

ثم بيَّن -سبحانه وتعالى-: { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [البقرة:36]

وهذا بيان واضح بأن في الأرض : « مُسْتَقَرٌّ »؛ وَ : « مَتَاعٌ »؛« إِلَى حِين »؛
وحياة الإنسان على الأرض الأصل فيها الإستقرار والطمأنينة وليس الحروب والقتل والتشريد

ثم يؤكد المعنى مرة ثانية بقوله : { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [الأعراف:24] { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } [طه:53] { كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى } [طه:54] ؛ { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون } [الأعراف:10].

ثم يتم الحديث عن حقيقة قرآنية كونية سأبحثها بالتفصيل إذ يقول -عز وجل-: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه:55]

{ .. جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } [النمل:61]

و
« إِلَى حِين »؛ المقصود في الآية : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُون } [الأعراف:25]

{ وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِير } [النحل:70].

ثم تتوالى الحقائق القرآنية والكونية

1.] { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور } [المُلك:15]

2.] { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [الرعد:3]

3.] { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [الرعد:4]

4.] { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُون } [الحِجر:19]

5.] { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِين } [الحِجر:20]

6.] { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُوم } [الحِجر:21]

7.] { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِين } [الحِجر:22]

8.] { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون } [الحِجر:23] .

ثم يأتي التنبيه الآلهي بقول القرآن : { وَلاَ : « تَعْثَوْاْ »؛ فِي الأَرْضِ :« مُفْسِدِين » } [البقرة:60] .
ثم يذكر -سبحانه وتعالى- : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164]

-*-*-

والقرآن الكريم يعتمد في خطابه منذ بداية الوحي وبدايات النبوة المحمدية على مسألة:
- قراءة كتاب الله -تعالى- المحفوظ في الصدور ،
وعلى :
- قراءة كتاب الكون المسطور والمنظور
فنطق القرآن يقول : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } :«„ وهذا الكتاب الأول.. القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين”»؛
{ الَّذِي خَلَق } [العلق:1] :«„ وهذا الكتاب الثاني”»؛ اي الخلق والإيجاد والتنشأة = المخلوقات كافة.. فــ
المسلم العادي :
- أهل علم قرآني
و
- أهل علم حياتي وجودي.. في مجال الطب والصيدلة والهندسة والزراعة والنجوم والمجرات...
ثم يأتي بمثال عن الخلق والإيجاد فيقول : { خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَق } [العلق:2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم } [العلق:3] :«„ ثم يقر القرآن حقيقة قرآنية علمية ”»{ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم } [العلق:4] { عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم } [العلق:5]

والدليل واضح على مسألة التعليم حين يقول -سبحانه- : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ }:«„ { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } ”»؛
ثم يتحدث القرآن الكريم عن أدوات التعليم ووسائله فيقول : وَجَعَلَ لَكُمُ :«„ { الْسَّمْعَ } ”»؛ وَ:«„ { الأَبْصَارَ } ”»؛ وَ:«„ { الأَفْئِدَةَ } ”»؛ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:78]

ثم أعود لبداية هذ الفقرة حين نطق القرآن يقول : { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164]

فالحديث عن أهل العقل والفهم؛ ذوي الألباب والإدراك ".

-*-*-*

مسألة الخلق:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الإثنين‏، 19 ‏ربيع الأول‏، 1443هــ ~ 25‏ أكتوبر‏ ، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 10 / 2021, 25 : 08 PM
-*-*-
مسألة الخلق:

البداية : مسألةُ إبداع المخلوقات وخلق الموجودات وإيجاد الكائنات؛ وخاصةً خلقِ أول إنسان -آدم؛ عليه السلام وعلى رسولنا الصلاة والسلام- مِن عدم؛ وإيجاده مِن لا شئ؛ وتصويره علىٰ غير مثال سابق يتشبه به؛ والإبداع في تلك التنشأة الأولىٰ.. فالخالق خلقه مِن غير أصلٍ يرجع إليه ولا مثال يحتذىٰ به..
هذه المسألة برمتها -مِن إبتدائها وحيثياتها إلىٰ نهايتها ومنتهاها- نطق القرآن الكريم؛ وتكلم الذكر الحكيم؛ وقال الفرقان المبين منهياً الحديث والكلام فيها بقول صاحب الأمر والنهي؛ الخالق المبدع المصور المنشأ -سبحانه وجل شأنه- : { مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ } [الكهف:51]
أما إذا أخبرنا الخالق المبدع المصور المنشأ عن أمر من أمور الخلق والإيجاد وكيفية التنشأة وطريقة التصوير -سواء في قصة الخلق الأول: آدم وزوجه -عليهما السلام- من عدم أو في نسلهما في الأرحام من بعدهما (*) - في محكم كتابه الكريم؛ والذي : { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد } [فُصِّلَت:42] فنسلم بهذا الوصف ونقبل هذا الإخبار ونقول به؛ أو ما جاء عن طريق الوحي مِن أحاديث سيد المرسلين وإمام المتقين وآخر الأنبياء متمم المبتعثين من الحديث المتواتر أو الصحيح أو الحسن؛ ونتجاوز قليلا في الحديث الضعيف؛ إذا لم يترتب عليه عقيدة أو عمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) العلم والأبحاث والأجهزة الحديثة تكشف عن جانب من جوانب الخلق والإبداع الأول؛ والتقدم العلمي يظهر أطوار التصوير في ارحام الإناث؛ وهذا من قليل العلم الذي تحصلنا عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبما أن الكتاب الكريم؛ والقرآن العظيم والذكر الحكيم ليس كتاب طب أو تشريح؛ ولكنه كتاب هداية ومنهاج للحياة وتشريع؛ وكذلك سنة نبيه المتمم للمرسلين..
فينطق القرآن العظيم يقول : { .. اللّهَ .. هُوَ :«„أَنشَأَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ .. }(*) [هود:61]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) نص الآية يقول : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب }[هود:61].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يقول : { وَاللَّهُ :«„أَنبَتَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا }(*) [نوح:17]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) وتمام الآيات: { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا } [نوح:17]؛ والحديث هنا عن مسألة الخلق والإيجاد؛ ثم ينتقل إلىٰ قضية الموت؛ ومن ثم الابتعاث يوم القيامة : { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا } [نوح:18]؛ ثم يعود ليتحدث عن الحياة علىٰ هذه الأرض : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا } [نوح:19] ؛ { لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا } [نوح:20]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم تتم إضافة مادة الخلق ومادة التنشأة ومادة الإبداع والتصوير؛ فمن تراب الأرض خلق إنسان عاقل مدرك فاهم واع؛ كعلامة ودليل علىٰ قدرته وفي نفس الوقت وجوده - سبحانه وتعالى- فيقول : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ }(*) [الروم:20]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) وتمام الآية : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُون } [الروم:20]؛ هذا عن الخلق الأول؛ ثم يكمل عن خلق نسله فيقول { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [الروم:21]؛ وتدخل المرأة الأولىٰ ضمن هذه الآية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يكمل: { .. رَبَّكَ .. هُوَ ..«„أَنشَأَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ }(*) ثم يتحدث { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ..}(*) [النجم:32]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) وتمام الاية : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم:32]
-*-*-*-
وتم الإخبار هنا باختصار شديد عن مادة الخلق والتنشأة؛ إذ استخدم القرآن الكريم لفظة: «„ الأَرْضِ ”»؛ ثم لفظة آخرى وهي:«„ تُرَابٍ ”».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ثم يأتي التفصيل:.


«„ القول في خلق آدم -عليه السلام- ”»


كتبَ ابوجعفر الطبري؛ وهو من الكُتب الأصول في هذا الفن.. ونقل عنه صاحب كتاب :« الْكَامِلُ فِي التَّارِيخِ »

يقول :„ وكان مما حدث في أيام سلطانه -إبليس؛ الشيطان- وملكه خلق الله -تعالى ذكره- أبانا آدم أبا البشر،
و
ذلك لما أراد جل جلاله أن يطلع ملائكته على ما قد علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه الملائكة،
و
أراد إظهار أمره لهم حين دنا أمره للبوار،
و
ملكه وسلطانه للزوال، فقال -عز ذكره- لما أراد ذلك للملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ! { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }.. فأجابوه بأن: { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون } [البقرة:30]
فــ
روي عن ابن عباس أن الملائكة قالت ذلك كذلك للذين قد كانوا عهدوا من أمر الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل ذلك، فقالوا لربهم -جل ثناؤه- لما قال لهم: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } أتجعلُ فيها من يكون فيها مثل الجن الذين كانوا فيها، فكانوا يسفكون فيها الدماء ويفسدون فيها ويعصونك، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فقال الرب -تعالى ذكره لهم-: { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون } [البقرة:30]"، يقول: أعلم ما لا تعلمون من انطواء إبليس على التكبر، وعزمه على خلافه أمري، وتسويل نفسه له بالباطل واغتراره، وأنا مبدٍ ذلك لكم منه لتروا ذلك منه عيانًا.
وقيل أقوال كثيرة في ذلك، قد حكى أبوجعفر الطبري منها جملًا في كتابه المسمىٰ: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ثم يقول: " فكرهنا إطالة الكتاب -التاريخ- بذكر ذلك في هذا الموضع".
قلتُ: ما ذكره أبوجعفر الطبري ونقله عنه ابن الأثير يعود -وفق قراءتي- لتسلسل موضوعات الكتاب؛ وكيفية سرد الأحداث والكلام عن فصول البحوث؛ إذ يتم الكلام أولاً عن:
*.] " الزَّمَانِ ".
والبحث عن " جَمِيعِ الزَّمَانِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ "
ثم : (الْقَوْلُ فِي ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ، وَمَا كَانَ أَوَّلَهُ):
ثم القول :
*.](الْقَوْلُ فِيمَا خُلِقَ بَعْدَ الْقَلَمِ ):
ثم
*.] (الْقَوْلُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَيُّهُمَا خُلِقَ قَبْلَ صَاحِبِهِ؟ ـ):
ثم تأتي :
*.](قِصَّةُ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَإِطْغَائِهِ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-ـ):
.. وهذا على أعتبار وجود مخلوقات آخرى قبل خلق وإيجاد آدم -الإنسان الأول-.
ثم
*.] (ذِكْرُ الْأَخْبَارِ بِمَا كَانَ لِإِبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - مِنَ الْمُلْكِ، وَذِكْرُ الْأَحْدَاثِ فِي مُلْكِهِ):
ثم :
*.] (الْأَحْدَاثُ الَّتِي كَانَتْ فِي مُلْكِهِ" إِبْلِيسَ "، وَسُلْطَانِهِ):
ثم يأتي وفق هذه الفصول وتسلسل هذه الأبواب :
*.] (ذِكْرُ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ):
وعلى هذه الفصول وتسلسل هذه الأحداث:
قال أبو جعفر وتبعه ابن الأثير؛ وبقية العلماء من كتبوا في التفسير والتاريخ:
*.] :" وَمِنَ الْأَحَادِيثِ فِي سُلْطَانِهِ -إِبْلِيسَ- خَلْقُ أَبِينَا آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطْلِعَ مَلَائِكَتَهُ عَلَى مَا عَلِمَ مِنَ انْطِوَاءِ إِبْلِيسَ عَلَى الْكِبْرِ (*)
:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(*):„ مثل هذا التعليل في خلق الله لــ آدم وللبشر عامة بما ذكره المصنف-ابن الأثير- هنا أمر يحتاج لتوفيق ودليل ولا يجوز إطلاقه هكذا دون دليل”.[ أنطر: القاضي؛ محقق كتاب الكامل].
يكمل ابن الأثير في الكامل:
" وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى دَنَا أَمْرُهُ مِنَ الْبَوَارِ وَمُلْكُهُ مِنَ الزَّوَالِ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } [البقرة: 30] . [ابن الأثير].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
«„ القول في خلق آدم -عليه السلام- ”»
فلما أراد الله -عز وجل- أن يخلق آدم -عليه السلام- أمر بتربته أن تؤخذ من الأرض..

قلت(الرَّمَادِيُ): الخبر هذا ذكره : ابن كثير؛ في :" تفسير القرآن؛ [(ج: (1)؛ ص: (107)]؛ والحديث : غريب؛ وتوضيح حكم المحدث: إشارة إلىٰ ضعفه .
يقول أبوجعفر: كما حدثنا أبوكريب، قال حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال :„ ثمَّ أمرَ - يعني الرب تبارك وتعالى - بتربةِ آدمَ فرُفِعَتْ فخلقَ اللهُ آدمَ مِن طينٍ لازبٍ -واللَّازِبُ(*) اللَّزِجُ الصَّلبُ [وعند الطبري: تقرأ :" الطيب "]- مِن حَمإٍ مَسنونٍ مُنتِنٍ [وعند الطبري: قال: ] وإنَّما كان حمأً مَسنونًا بعدَ التُّرابِ؛ [وعند الطبري: قال: ] فخلقَ منهُ آدمَ بيدِهِ ” (**)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) :" -اللازبُ هو الذي يُلزق بعضُه ببعضٍ- ".
(**) الخبر " - عن ابنِ عبَّاسٍ قال:„ كان إبليسُ مِن حيٍّ مِن أحياءِ الملائكةِ يُقالُ لهُم الجنُّ خُلِقوا مِن نارِ السَّمومِ مِن بينِ الملائكةِ. وكان اسمُهُ الحارثَ ؛ وكان خازنًا مِن خُزَّانِ الجنَّةِ . قال: وخُلِقَتِ الملائكةُ كلُّهُم مِن نورٍ غيرَ هِذا الحيِّ . قال : وخُلِقَتِ الجنُّ الَّذينَ ذُكِروا في القرآنِ مِن مارجٍ مِن نارٍ ؛ فأوَّلُ مَن سكنَ الأرضَ الجنُّ فأفسَدوا فيها .. وسفَكوا الدِّماءَ .. وقتلَ بعضُهُم بعضًا ؛ قال : فبعثَ اللهُ إليهِم إبليسَ في جُندٍ مِن الملائكةِ ؛ وهُم هَذا الحيُّ الَّذينَ يُقالُ لهُم الجنُّ .. فقتلَهُم إبليسُ ومَن معهُ .. حتَّى ألحقَهُم بجزائرِ البحورِ وأطرافِ الجبالِ .. فلمَّا فعلَ إبليسُ ذلكَ اغترَّ في نفسِهِ.. فقالَ: قد صنعتُ شيئًا لَم يصنعْهُ أحدٌ . قال : فاطَّلَعَ اللهُ على ذلكَ مِن قلبِهِ ؛ ولَم يُطلِعْ عليهِ الملائكةَ الَّذينَ كانوا معهُ . فقال اللهُ تعالى للملائكةِ الَّذينَ معهُ :{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً }؛ فقالتِ الملائكةُ مُجيبينَ لهُ :{ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ }؛ كما أفسدَتِ الجنُّ وسفكَتِ الدِّماءَ وإنَّما بعثتَنا عليهِم لذلِكَ فقال:{ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }؛ يقولُ: إنِّي قد اطَّلعتُ مِن قلبِ إبليسَ على ما لَم تَطَّلِعوا عليهِ مِن كبْرِهِ واغترارِهِ .. قال : ثمَّ أمرَ بتربةِ آدمَ فرُفِعَتْ .. فخلقَ اللهُ آدمَ مِن طينٍ لازبٍ -واللَّازِبُ اللَّزِجُ الصَّلبُ- مِن حَمإٍ مَسنونٍ مُنتِنٍ .. وإنَّما كان حمأً مَسنونًا بعدَ التُّرابِ .. فخلقَ منهُ آدمَ بيدِهِ. قال : فمكثَ أربعينَ لَيلةً جسدًا مُلقَى .. فكان إبليسُ يأتيهِ فيضربُهُ برجلِهِ فيُصَلصِلُ؛ أيْ فيُصَوِّتُ . قال : فهوَ قَولُ اللهِ تعالى :{ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }؛ يقولُ : كالشيءِ المُنفرجِ الَّذي ليسَ بمُصْمَتٍ . قال : ثمَّ يدخلُ في فيهِ ويخرجُ مِن دُبرِهِ .. ويدخلُ مِن دُبرِهِ ويخرجُ مِن فيهِ .. ثمَّ يقولُ : لَيستْ شيئًا للصَّلصلَةِ .. ولشيءٍ ما خُلِقتَ .. ولئن سُلِّطتُ عليكَ لأُهلكِنَّكَ ... ولئن سُلِّطتُ عليَّ لأعصينَّكَ .. قال : فلمَّا نفخَ اللهُ فيهِ مِن روحِهِ أتَتِ النَّفخةُ مِن قِبَلِ رأسِهِ .. فجعلَ لا يجري شيءٌ مِنها في جسدِهِ إلَّا صار لحمًا ودمًا .. فلمَّا انتهَتِ النَّفخةُ إلى سُرَتِهِ .. نظرَ إلى جسدِهِ فأعجبَهُ ما رأى مِن جسدِهِ .. فذهبَ لينهضَ .. فلَم يقدِرْ . فهوَ قَولُ اللهِ تعالى :{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا }؛ قال ضَجِرٌ لا صبْرَ لهُ على سَراءَ ولا ضَراءَ. قال : فلمَّا تمَتِ النَّفخةُ في جسدِهِ عطسَ . فقال : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ بإلهامِ اللهِ . فقال لهُ : يرحمُكَ اللهُ يا آدمُ . قال ثمَّ قال تعالى للملائكةِ الَّذينَ كانوا مع إبليسَ خاصةً دونَ الملائكةِ الَّذينَ في السَّمواتِ : اسجُدوا لآدمَ .. فسجَدوا كلُّهم أجمَعونَ إلَّا إبليسَ أبَى واستكبرَ لمَّا كان حدَّثَ نفسَهُ مِن الكبْرِ والاغترارِ . فقال : لا أسجدُ لهُ ؛ وأنا خيرٌ منهُ ؛ وأكبرُ سِنًّا ؛ وأقوَى خُلُقًا .. خلقتَني مِن نارٍ .. وخلقتَهُ مِن طينٍ . يقولُ : إنَّ النَّارَ أقوَى مِن الطِّينِ . قال : فلمَّا أبَى إبليسُ أنْ يسجدَ .. أبلسَهُ اللهُ .. أيْ أيَّسَهُ مِن الخيرِ كلِّهِ ؛ وجعلَهُ شيطانًا رجيمًا عقوبةً لمَعصيتِهِ .. ثمَّ :{ علَّمَ آدمَ الأسماءَ كلَّها }؛ وهيَ هذهِ الأسماءُ الَّتي يتعارفُ بها النَّاسُ : إنسانٌ.. ودابةٌ .. وأرضٌ .. وسهلٌ .. وبحرٌ .. وجبلٌ .. وحمارٌ... وأشباهُ ذلكَ مِن الأممِ وغيرِها . ثمَّ عرضَ هذهِ الأسماءَ على أولئكَ الملائكةِ يعني الملائكةَ الَّذينَ كانوا مع إبليسَ الَّذينَ خُلِقوا مِن نارِ السَّمومِ وقال لهُم:{ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ }؛ يقولُ أخبِروني بأسماءِ هؤلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ إن كنتُم تعلمونَ لَم أجعلْ في الأرضِ خليفةً . قال : فلمَّا علِمَتِ الملائكةُ مَوجدةَ اللهِ عليهِم فيما تكلَّموا بهِ مِن علمِ الغَيبِ الَّذي لا يعلمُهُ غيرُهُ الَّذي ليسَ لهُم بهِ علمٌ .. قالوا : سبحانَكَ؛ تنزيهًا للهِ مِن أنْ يكونَ أحدٌ يعلمُ الغَيبَ غيرَهُ ؛ وتُبنا إليكَ :{ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا }؛ تبرِّيًا منهُم مِن علمِ الغَيبِ إلَّا ما علَّمتَنا كما علَّمْتَ آدمَ . فقال :{ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ }؛ يقولُ أخبِرْهُم بأسمائِهِم :{ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ }؛ أيُّها الملائكةُ خاصَّةً :{ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ }؛ ولا يعلمُ غَيري :{ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ }؛ يقولُ ما تُظهِرونَ :{ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }؛ يقولُ أعلمُ السِّرَّ كما أعلمُ العلانيةَ يعني ما كتمَ إبليسُ في نفسِهِ مِن الكِبرِ والاغترارِ ”.
[ تخريج الخبر الذي رواه : الضحاك بن مزاحم؛ انظر: ابن كثير؛ في :" تفسير القرآن"؛ (ج:1؛ ص:107)؛ الحديث : غريب؛ توضيح حكم المحدث: إشارة إلى ضعفه].
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت(الرَّمَادِيُ): والخبر المروي عن عبدالله بن العباس ذكرته كاملا.. وحُكم عليه بأنه غريب؛ ثم بيَّن فأشار إلى ضعفه؛ ومع هذا؛ فقد استشهد به في هذا المقام أبوجعفر الطبري في تاريخه؛ وابن الأثير في الكامل؛ وذكره ابن كثير في تفسيره!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الأربعاء‏، 21‏ ربيع الأول‏، 1443هــ ~ 27‏ أكتوبر‏، 2021م
أعد هذا الملف :
د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
28 / 11 / 2021, 27 : 10 PM
-*-*-*-
وبناءً على ما موجود ومثبت عند الطبري في موسوعته التاريخية ؛ وعند ابن كثير في موسوعته التفسيرية
فــ
ما زالت تواجهني مسألة النقل دون التدقيق والتحقيق !
الحديث المذكور أعلاه : غريب ؛ إشارة إلى ضعفه:
فــ
يفهم من ذلك :
1.] أن رواية ابن عباس استقاها كما علق الراجحي على تفسير ابن كثير بقوله :" هذا كله من أخبار بني إسرائيل.".
2.] ومن ثم فإن كافة المفسرين والمؤرخين لم يجدوا غير كتاب التوراة وأخبار بني إسرائيل كمصدر؛ فنقلوا ما عندهم!
3.] لم يتبق أمامي سوى أعتبار هذا النقل من ملح التفسير ولطيف الأخبار.. وليس من متين العلم.
واقف عند هذا الحد.. حتى يتبين لي الأمر! .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
29 / 11 / 2021, 04 : 03 PM
«2 .»الحديث الثاني :
«„ إنَّ اللهَ -تعالى- خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ؛ فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ فــ جاء منهم الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلكَ .. .. والسَّهْلُ وَالْحَزْنُ والخبيثُ والطيبُ “ »؛ – زاد في حديث يحيى – „ وبين ذلك “ والإخبارُ في حديثِ يزيدَ؛
[ رواه أبوموسى الأشعري؛ انظر:
- ابن العربي في : عارضة الأحوذي (6 /74) ؛
- الألباني؛ في : صحيح أبي داود ( 4693) .. الحديث: صحيح.
-*-*-
وتوجد زيادة عند مسلم في صحيحه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «„ إن الله خلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة “ ».. من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن وبين ذلك. [رواه مسلم]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
07 / 12 / 2021, 47 : 09 PM
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
-*-*-*-*-*-
﴿ « „ ٤ ٢ ‟ » ﴾

بعد أيام معدودات سوف يحتفل العالم المسيحي -الغربي والشرقي- بعبد ميلاد ابن ربهم -والعياذ بالله- والمشكلة أن بعض أبناء المسلمين يشاركونهم الاحتفال.. فيستحضرون شجرة عيد الميلاد؛ وقد يتهادون .. لذا رأيتُ أن أقف قليلا في سرد حكاية الإنسان الأول والنبي الأول آدم -عليه السلام - لأتكلم عن هذه المناسبة!
فمن الله تعالى الهداية والتوفيق!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الثلاثاء‏، 03‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ ‏ 07‏ ديسمبر‏، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
08 / 12 / 2021, 17 : 04 PM
5/47: تَمْهِيدٌ :

حين تهتزُ أحدىٰ أعمدة العقيدة في مبدأ صالح ليؤمن به البشر يهتز معه كيان هذا المبدأ؛ بيد أنه قد يتمكن من إصلاح الخلل إذا لم يصب صميم العقيدة في تغير جذري لها أو تبديل في اساسها؛ أما إذا هُدِمَ أساس إيماني بُني عليه مبدأ.. وتحطمَ ركنٌ ركين في عقيدة أو إيمان تصدع البنيان سريعاً وبقيت قشور زائفة سرعان ما تنقضي وتضيع مع الزمان..

والمبدأ الصالح للإنسان ينبغي أن يكون مِن غيره؛ فنظام هذا المبدأ يقرره مَن هو أعلم بجميع جزئيات ومفاصل وحاجات ورغبات الإنسان سواء البدنية الجسدية أو الروحية النفسية؛ إذ أن الإنسان تتغير نظرته للشئ وتتبدل وجهة نظره للفعل؛ فما يجده المرء اليوم صالحاً يغيره غدا.. وهذا ملاحظ في القوانين الوضعية المعمول به اليوم في كثير من البلاد؛ لذا صح أن يكون المبدأ الصالح للحياة من غير الإنسان.. وبما أن للحياة والكون والإنسان واجدا أوجدها جميعا من عدم -وجب عقلاً- أن يرسل -وحياً- هذا الواجد الصانع المبدع نظاما صالحا لكامل هذه الحياة ومنظماً كل مفردات الكون بكل ما فيه وأن يكون نظاماً صالحاً للإنسان بصفته الآدمية وبنعته بالبشرية.. إذ أن خالقه أَعرف به فهو صانعه ومبدعه.. لذا وجدت رسل من قِبَل الخالق بدءاً منذ الخليقة الأولىٰ وكان أول الأنبياء.. وأول الرسل : أول إنسان -آدم؛ عليه السلام-.. ولحكمةٍ ما -يعلمها مَن أرسل الرسل وبعث الأنبياء- لمْ تصلنا بصورة واضحة المحتوىٰ الكامل تلك الرسائل الأُول؛ ولكنها فُهمت مِن رسالة آخر الأنبياء ومتمم المرسلين: محمد بن عبدالله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بل تَميزت -رسالته- لحكمة ارتضاها صانع الإنسان وخالقه ومبدعه.. ومنزل الوحي من السماء بدليل قوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون } [الحِجر:9].. فتميزت بالحفظ من التبديل وتباينت عن غيرها من التعديل فلم تصبها رياح التغيير ولم تهب عليها عواصف التحريف أو الإضافة والنقصان.. فتقيد الحفظ -آلهياً- لآخر الرسالات ؛ وهي رسالة الإسلام الخاتمة..

ولقد اثبت الذكر الحكيم عقيدة كل الأنبياء وإيمان كافة المرسلين.. -وهي واحدة لم تتغير ولم تتبدل من لدن آدم إلى محمد؛ على جميع الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام والبركات والإنعام-.. وهي نفس عقيدة وإيمان مَن أتبعهم بيقين.. فثبتت العقيدة الصحيحة في نفوس المؤمنين؛ وتمكن الإيمان الصحيح في قلوب التابعين..

بيد أنه بمرور الأيام وتوالي السنين قد يدخل الغريب العجيب في فهم الإنسان لما يؤمن به ويعتقد فيه.. فيزيد في جانب وينقص في آخر.. وتلك الزيادة أو هذا النقص أو سوء الفهم إذا أصاب فروع الدين سيظل كيانه قائماً يحتاج -فقط- لتصحيح.. أما إذا أصاب ركن ركين من أركان العقيدة؛ أو أساس من أسس الإيمان المتين سقط البنيان علىٰ رؤوس الجميع..

والجدير بالذكر في هذا الموضع من البحث أن أُذكر بــ الــ ميثاق :

أ.] : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُون}[البقرة:83]

وتوجد قاعدة شرعية تقول : « أَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا لاَزِمَةٌ لَنَا إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِهِ ».

وهذا القاعدة الشرعية تحتاج لتفصيل ليس موضعه هنا!".
ب.] :{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون}[المائدة:14]

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين}[المائدة:15]

{يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}[المائدة:16]

" {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِين}[آل عمران:81]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ


:" {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب}[آل عمران:19]

:" أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[المائدة:3] "

وهذه الْمُقَدِّمَة ليست محاولة مني لتصحيح ما عند الآخرين مِن عقيدة أو إيمان؛ كما أنها ليس إرغاماً لآحد أن يترك ما عنده من أركان إيمان؛ بل هي تثبيت لقواعد وأصول.. الأصل أن لا يختلف عليها أحد؛ كما أنها محاولة لإزالة الضعف الشديد الذي طرأ على الأذهان في فهم الدين بصفة عامة ؛ ودين الإسلام بصفة خاصة..

فما عند الآخرين نطق القرآن العظيم يقول:

{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين} [الكافرون:6]..

هذه واحدة ..
والثانية :{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [البقرة:256]

وأذكر بقوله عزَّ وجلَّ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب} [آل عمران:19]

وتتبقىٰ مسألة -قد تكون شائكة- وهي كيف يتعامل المُسلم في بلادٍ يغلب عليها الطابع النصراني/المسيحي؛ سواءَ من حيث المطعومات -شراءً وأكلاً- أو الزواج المختلط؛ أو في مناسباتهم ذات الطابع الديني أو الإجتماعي؛ أو المشاركة في الحياة السياسية والإنخراط في الأحزاب؛ أو تحصيل مساعدات حكومية مالية قد تكون مجهولة المصدر أو يشوبها ربا.. إلى آخر هذه القائمة من المسموح والممنوع؛ ثم تدخل غير أهل الاختصاص في الفتوى والأحكام الشرعية في إعطاء أحكام فقهية للعديد من المسائل .

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الأربعاء‏، 04‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ ‏ا 08‏ ديسمبر، 2021م
-*-*
أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّمِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
10 / 12 / 2021, 05 : 05 PM
" تَمْهِيدٌ لبحث مسألة المسيح-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- "



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ



الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ «قَصَصِ» «أَحَادِيثِ» الْأَنْبِيَاءِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ


﴿«„ ٤ ٢ . / ١ . ‟» . ﴾ " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

الحديث عن المسيح عيسىٰ ابن مريم -العذراء البتول- -عليهما السَلّاَمَ- يستلزم الكلام أولاً عن :

[ أ . ] الشخصيات المحورية قبل مولده المعجزة..

و ثانياً

[ ب . ] الشخصيات المحورية مِن بعد رفعه[(*)] ولعبت دوراً جوهرياً في إنشاء الديانة المسيحية الجديدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

[(*)] اعتمادا علىٰ الآية القرآنية والتي تقول : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [آل عمران:55] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الجمعة‏، 06‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ 10‏ ديسمبر‏، 2021م
-*-*
د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
10 / 12 / 2021, 30 : 11 PM
« آلَ عِمْرَانَ »
« سنن الأنبياء ؛ وسبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء ؛ والإعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء »

أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة

اسم البحث :« آلَ عِمْرَانَ »

«„الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ“»


{وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}
[مريم:33]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ « قَصَصِ» « أَحَادِيثِ « الْأَنْبِيَاءِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

قَصَصُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ كما فُهمت مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيم.. وبلغتنا مِن سَيِّدِ ولد آدم خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المصطفين! .. وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

[(24)]{ .. الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .. } [آل عمران:45]-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أيام معدودات [(25 ديسمبر2021... 06 يناير 2022)] سوف يحتفل العالم المسيحي -الغربي والشرقي- بعبد ميلاد ابن [(**)] ربهم -والعياذ بالله- والمشكلة أن بعض أبناء المسلمين يشاركونهم الاحتفال.. فيستحضرون شجرة[(***)] عيد الميلاد في بيوتهم؛ وقد يتهادون فيما بينهم.. هذا بخلاف إحسان القول لهم في مثل هذه المناسبات[(****)]..

نظرية استثمار المناسبات:

غاب عن المسلمين -افراداً ومؤسسات وهيئات وجماعات- إحسان استثمار مناسبات تمر في العام... منها مناسبة مولد السيد المسيح عيسى ابن مريم العذراء الزهراء البتول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-سواء تبياناً لأبناء المسلمين؛ خاصةً في قضية تصحيح العقيدة وتقويتها؛ وأن الذي خلق آدم-عليه السلام- من غير أب وأم بقادر أن يخلق ما يشاء كيفما شاء وقت ماشاء.. كــ خلق إنسان من غير أب:كــ حالة.. المسيح عيسى-سلام الله تعالى عليه وعلى أمه الزهراء البتول-أو استثمار هذه المناسبة مع أهل الكتاب -النصارى- امتثالاً لقوله- عزَّ وجلَّ- : {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون} [العنكبوت:46]

وكما نطق القرآن العظيم فيقول: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين} [النحل:125]

وانظر لدقة القول القرآني البليغ : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون} [آل عمران:64]

والأصل أن لا يغيب عن الذهن والنظر ما اثبته البخاري في صحيحه من قول سيد البشر :«„ بَلِّغوا عنِّي ولو آيةً ”».. فقد حثَّتِ الشَّريعةُ المُطهَّرةُ على تَبليغِ ما جاءَ به الرَّسولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، كلٌّ بحَسْبِ استِطاعتِه وعِلمِه، بشَرْطِ تَحرِّي الصِّحَّةِ والصِّدقِ فيما يُبلِّغُ عن اللهِ -عزَّ وجلَّ- ورَسولِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.[(*)] ؛ أي: أخبِروا النَّاسَ وعَلِّموهم بكلِّ ما جاءَ عَنِّي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-. وبَلَّغتُكم به، مِن قُرآنٍ أو سُنَّةٍ.. واقتُصِرَ هنا على الآيةِ؛ ليُسارِعَ كلُّ سامعٍ إلى تَبليغِ ما وَقَع له مِن الآياتِ والعِلمِ، ولو كان قَليلًا، ولو آيةً واحدةً؛ بشَرْطِ أنْ يُبلِّغَ الآيةَ صَحيحةً على وَجْهِها.

واللافت للإنتباه ما:" رواه أحمد؛ وأبوداود عن أبي هريرة بلفظ :« „حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ”».[ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي وأبوداود في سننيهما، وذكره الطحاوي في شرح مشكل الآثار، وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط] ".

.. لذا رأيتُ (الرَّمَادِيُّ) أن أتكلمَ عن هذه المناسبة!
فمِن الله -عزَّوجلَّ- الهداية والتوفيق وحسن البحث ودقة التعبير!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي والمصادر:
[(*)] عدد ذكر الأنبياء وفق ما جاء في القرآن الكريم [( 25)]

[(**)] نطق وحي السماء فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين منذ بداية التنزيل بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [1] {اللَّهُ الصَّمَد} [2] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد} [3] {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد} [سُورَةُ الإخلاص: (112) ؛ الآيات:1، إلى 4¨] .. وهناك العديد مِن الآيات القرآنية تؤكد على وحدانيته؛ وانفراده بالربوبية.. فــ الِلّهُ هو : { .. الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ.. } [الإسراء:111] .. والأدلة العقلية القطعية علىظ° وجوده الأزلي دون صاحبة أو ولد كالشمس في رابعة النهار.. والحمد لله تعالى على نعمة العقل والإدراك والفهم والاستيعاب؛ وعلى نعمة الإيمان والإسلام! .

[(***)] سأتحدث عن نشأتها في بحث قادم-إن شاء الله تعالى.

[(****)] بناءً على الآية الكريمة والتي تقول : {... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ... } [البقرة:83]...

ــــــ كما وأحضر بحثاً كاملاً عن : كيفية معاملة أهل الكتاب - الْيَهُودُ و النَّصَارَى - خاصةً؛ وبصفة عامةٍ كيفية معاملة الآخر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

-*-*-*



تَمْهِيدٌ لبحث مسألة :«„الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ“» -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ




الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ




كِتَابُ «قَصَصِ» «أَحَادِيثِ» الْأَنْبِيَاءِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
[( 24 / 1 )]



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

الحديث عن المسيح عيسى ابن مريم -العذراء الزهراء البتول- -عليهما السَلّاَمَ- يستلزم الكلام أولاً عن :



[أ . ] الشخصيات المحورية قبل مولده المعجز[(*)]..




و ثانياً




[ب . ] الشخصيات المحورية مِن بعد رفعه[(**)] ولعبت دوراً جوهرياً في إنشاء الديانة المسيحية الجديدة.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
المراجع:

[(*)] تعرف المعجزة اصطلاحًا بأنها: " أمر خارق للعادة يظهره الله على يدِ مدعي النبوة تصديقاً له فى دعواه مقرونة بالتحدي مع عدم المعارضة".
والمعجزة تتميز عن غيرها من الأمور- الخارقة، فلابد أن تكون: خارقة للعادة أي خارقة للقوانين الكونية المعتادة، والنواميس الكونية الثابتة كعدم إحراق النار، وإحياء الموتى، وقلب العصا حية تسعى.
[أ. مها بنت عبدالرحمن الليفان؛ محاضر البلاغة والنقد بقسم اللغة العربية بكلية العلوم والدراسات].
وشرائطها خمسة ، فإن اختل منها شرط لا تكون معجزة :
فالشرط الأول من شروطها : أن تكون مما لا يقدر عليها إلا الله -سبحانه وتعالى- . و
الشرط الثاني : هو أن تـَـخْـرِقَ العادة . و
الشرط الثالث : هو أن يستشهد بـها مدعي الرسالة على الله -عزَّ وجلَّ- . و
الشرط الرابع : هو أن تقع على وفق دعوى المتحدي بـها المستشهد بكونـها معجزة له . و
الشرط الخامس : من شروط المعجزة ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدى على وجه المعارضة .
ولهذا قال المولى سبحانه : {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } [(34)؛ سورة الطور]؛ وقال : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } [(13)؛ سورة هود] ".
قلت (الرَّمَادِيُّ) يصلح أن أتحدث عن الفرق بين المعجزة -عند مدعي النبوة وصاحب رسالة سماوية- والكرامة -عند الولي- والفارق الكبير العظيم بينهما..حتى لا تختلط الأمور.. بينهما وبين السحر والشعودة.. في بحث قادم بإذنه تعالى..

[(**)] اعتمادا على الآية القرآنية والتي تقول : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [آل عمران:55] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
مدخل للموضوع قبيل أعياد الميلاد السعيد2021 ...



وفقاً لأحدَث الإحصاءات السكانية لعام 2021م، فإن عدد المسلمين في العالم تجاوز 2 مليار مسلم.. وأن عدد سكان العالم 2021 يُقدّر بنحو 7.856.491.500 مليار نسمة.. وهذا ما دعاني إلى التذكير بنظرية استثمار المناسبات؛ وحديث :« „بلغوا عني ولو آية” »..

.. وأنَّ عدد المسلمين في قارة أوروبا لعام 2021م يقدر بــ 56 مليون نسمة من المسلمين، بينما يقدر عدد سكان القارة الأوروبية بــ 747,740,173 اعتبارا من سبتمبر، 2020، استنادا إلى أحدث تقديرات الأمم المتحدة. وبما أن القارة الأوربية يطفو على سطح مجتمعاتها الديانة المسيحية .. لذا رأيتُ أنه يصلح معرفة اصول هذا الدين عن قرب...فكتبتُ هذا البحث...

" اسم البحث :« آلَ عِمْرَانَ »".
تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسى ابن مريم -العذراء الزهراء البتول- -عليهما السلام-:

[ ( 1 . ) ] الشخصية المحورية الأولى :
« „ عِمْرَانَ.. أَبُو مَرْيَمَ؛ جد عيسى” »
{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ ؛ وَنُوحًا ؛ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ؛ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين }[آل عمران:33] { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[آل عمران:34]
بحوث
( سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء)
أبحاث تمهيدية لمستقبل أمةغائبة

سلسلة " التصفية والتربية "

السلسلة الأولى: «„الدين ”»


البحث : [««آلَ عِمْرَانَ»»]
...

أبحثُ أولاً :

معنى الـ [«« آلَ »»]

الظَّاهِرُ : أَنَّ الْآلَ :

[««1»»]: » القول الأول «:

«„مَنْ يَئُولُ إِلَى الشَّخْصِ فِي قَرَابَةٍ أَوْ مَذْهَبٍ ”»؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى هَؤُلَاءِ هُنَا: -كما ورد في آية رقم: (33)-؛ من سورة: آل عمران؛ فِي الِاصْطِفَاءِ[«« لِلْمَزَايَا »»] الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- فِيهِمْ .

وَذَهَبَ قَاضِي الْقُضَاةِ بِالْأَنْدَلُسِ أَبُوالْحَكَمِ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17150) -رَحِمَهُ اللَّهُ وَرِضَى عَنْهُ-، إِلَى أَنَّ ذِكْرَ آدَمَ وَنُوحٍ تَضَمَّنَ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَيْنِهِمَا ، وَأَنَّ:« „الْآلَ ”» : [«« الْأَتْبَاعُ»»].. فَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- اصْطَفَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، وَخَصَّ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قِصَّةِ بَعْضِهِمُ . [انْتَهَى مَا قَالَ مُلَخَّصًا] ..

وَقَوْلُهُ شَبِيهٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ " آدَمَ" ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : أَنَّ اللَّهَ - سما في علاه- اصْطَفَى [«« دِينَ آدَمَ»»].

وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11)، قَالَ : الْمُرَادُ اصْطَفَى دِينَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ ، وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ.
وَ

قَالَ التِّبْرِيزِيُّ: هَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لَكَانَ : وَنُوحٍ مَجْرُورًا ، لِأَنَّ آدَمَ مَحَلُّهُ الْجَرُّ بِالْإِضَافَةِ ..
وَ

هَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّبْرِيزِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَلَوْلَا [«تَسْطِيرُهُ فِي الْكُتُبِ »] مَا ذَكَرْتُهُ .
لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُجَرَّ الْمُضَافُ إِلَيْهِ إِذَا حُذِفَ الْمُضَافُ ، فَيَلْزَمُ جَرُّ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ ، بَلْ يُعْرَبُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِإِعْرَابِ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=62&ID=89&idfrom=362&idto=503&bookid=62&startno=17#docu)}؟

وَأَمَّا إِقْرَارُهُ مَجْرُورًا فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطٍ ذُكِرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ.
المصدر : [أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسير الكبير؛ المسمى " البحر المحيط "، دار إحياء التراث العربي؛ دون ذكر سنة النشر. ].

[ ( 2 . ) ] [««[« القول الثاني »]»»]:

وَ : « „الْآلُ”»: الرَّهْطُ،

وَ : « „آلُإِبْرَاهِيمَ”»: أَبْنَاؤُهُ وَحَفِيدُهُ [يعقوب؛ يوسف و محمد] وَأَسْبَاطُهُ، وَالْمَقْصُودُ تَفْضِيلُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ .

وَشَمَلَ : « „آلُ إِبْرَاهِيمَ”»: الْأَنْبِيَاءَ مِنْ عَقِبِهِ
كَــ : « مُوسَى »؛
وَمَنْ قَبْلَهُ، وَمَنْ بَعْدَهُ،
وَكَــ : « مُحَمَّدٍ» -عَلَيْه ِالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَ : « إِسْمَاعِيلَ»؛ وَ : « حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ»؛ وَ : « خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ».
[انظر: ابن عاشور؛ كَمَا قَالَ تفسيراً فِي سُورَةِ :" آلَ عِمْرَانَ"..].
انتهى الجزء الأول..

ويليه
الثاني بإذنه-سبحانه تعالى-..
-*-*-
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


? مُحَمَّدٌفَخْرُ الدينِ؛ الرَّمَادِيُّ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ؛ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ
Dr. M UHAMMAD * ELRAMADY

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
11 / 12 / 2021, 03 : 03 PM
-*-*-

:" تَمْهِيدٌ :"

- دراسة التاريخ مِن مصادره الأصلية والمعتمدة مع تحقيق الروايات المذكورة والتدقيق والمقارنة مع مصادر آخرى.. هذه قضية ضرورية لمعرفة الحقيقة والتثبت بقدر الإمكان منها؛ لنشر المعلومة الصحيحة؛ وأيضاً معرفة التاريخ أو الإطلاع عليه..
أكمل البحث.. فـ أَبدءُ فأقول" [آلُ عِمْرَانَ ] : " أسرة كريمة مكونة مِن :

[(١)] « عِمْرَانَ » والد مريم،

[(٢)] وامرأة عِمْرَانَ « أم مريم »، و

[(٣)] « مريم » ، و

[(٤)] « عيسى » عليه السلام؛ فـ عِمْرَانَ جد عيسىٰ لأمه، وامرأة عِمْرَانَ جدته لأمه " .

[««[«أَبِو مَرْيَمَ»]»»]؛ جد عيسىٰ عليه السلام

-*-*-

يلاحظ أنه:

[««[« ١. »]»»] لَيْسَ فِي كُتُبِ النَّصَارَىٰ ذِكْرٌ لِاسْمِ أَبِي مَرْيَمَ ؛ أُمِّ عِيسَى وَلَا لِمَوْلِدِهَا، وَلَكِنَّهَا تَبْتَدِئُ فَجْأَةً بِأَنَّ عَذْرَاءَ فِي بَلَدِ النَّاصِرَةِ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ النَّجَّارِ، قَدْ حَمَلَتْ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ[(1)]".

عند بحث هذه المسألة وبقراءةٍ في الإنجيل ؛ العهد الجديد ؛ الكتاب المقدس ، وجدتُ(الرَّمَادِيُّ) النص كما جاء في :

- انجيل لُوقَا؛ اي البشارة كما دونها لوقا الأصحَاحُ الأَوَّلُ؛ الآيات 26-27 : " (26) .... أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، (27) إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. ".

أما :

- إنجيل مرقص؛ أي البشارة كما دونها مرقص فلا يتحدث عن "عذراء" بل يتكلم عن "مريم"؛ وأيضا :

- إنجيل يوحنا ؛ اي البشارة كما دونها يوحنا .

[المصدر:" انجيل لُوقَا؛ الأصحَاحُ الأَوَّلُ "]

**

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع :

[(1)] محمد الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون، دون ذكر سنة النشر.

قلتُ(الرَّمَادِيُّ) : أردتُ التحقق مما قاله ابن عاشور فرجعت إلى قاموس الكتاب المقدس تحت اسم " يواقيم " فوجدتُ :
- " يوياقيم : اسم عبري معناه ((يهوهقيم)) وهو اختصار يهوياقيم وهو اسم ابن يشوع وخليفته في هذه الوظيفة (نح 12: 10 و 12 و 26). " ،
- أو "يوياكين" فلم أجد شيئاً يفيد هذا البحث ،
- ولم أجد شيئاً في معجم اللاهوت الكتابي، كذلك أيضا :" المحيط الجامع" ، وكذلك الموقع الرسمي لـ كنيسة الأنبا" تكلاهيمانوت " القبطية الأرثوذكسية ~ الإسكندرية ~ مصر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏السبت‏، 07‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ 11 ‏ديسمبر‏، 2021م
-*-*-*-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
11 / 12 / 2021, 22 : 04 PM
نص الكتاب المقدس؛ عند النصارى... وتلاحظ إختلاف الصياغة:

أ . ] الترجمة المشتركة:
26 -1 ” وحينَ كانَت أليصاباتُ في شَهرِها السّادسِ، أرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ إِسمُها النـّاصِرَةُ “،
27 -1 ” إلى عذراءَ إِسمُها مَريَمُ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ إِسمُهُ يوسُفُ “.
ب . ] الترجمة البوليسية:
26-1 ” وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ “،
27-1 ” إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ “.
ج . ] ترجمة فانديك :
26-1 ” وفي الشَّهرِ السَّادسِ، أُرسِلُ الملاكُ جِبرائيلُ، مِن قِبَلِ الله، الى مَدينةٍ في الجَليلِ تُسمَّى النَّاصرة“،
27-1 ” إِلى عَذْراءَ مَخْطوبةٍ لرجُلٍ اسمُهُ يوسُفُ، من بَيتِ داوُد؛ وَاسْمُ العذراءِ مريم“.
د . ] ترجمة كتاب الحياة
26-1 ” وَفِي شَهْرِهَا السَّادِسِ، أُرْسِلَ الْمَلاَكُ جِبْرَ ائِيلُ مِنْ قِبَلِ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ بِالْجَلِيلِ اسْمُهَا النَّاصِرَةُ “،
27-1 ” إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يُوسُفُ، مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ، وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ “.
ــــــــــــــــــــــــــ
نتفق من حيث المبدأ أن المعنى في هذه النصوص لم يتغير؛ ولكن الحديث عن ” الكتاب المقدس“..
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏السبت‏، 07 ‏جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ ‏ 11 ‏ديسمبر‏، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
11 / 12 / 2021, 27 : 04 PM
استدراك :

يمكن إضافة أحد افراد تلك " الأسرة الكريمة :
[(٥)] إِمْشَاعُ... أُخْتُ مَرْيَمَ : وَكَانَ زَكَرِيَّا قَدْ تَزَوَّجَ أُخْتَ مَرْيَمَ إِمْشَاعَ ابْنَةَ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ ..
[وهذا قول ينسب إلى صاحب: التفسير الكبير ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
قلت: ويوجد خلاف في هذه المسألة .... اي أن زوج زكريا :
أكانت :
- أخت لــ مــــــريم ..
أم
- خالة مريم!!!!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏السبت‏، 07‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ 11‏ ديسمبر، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
13 / 12 / 2021, 34 : 01 AM
https://lite.islamstory.com/images/upload/content/869209207omran.jpg



آل عمران!

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
13 / 12 / 2021, 11 : 11 PM
﴿ « „ ٢٤ ‟ » ﴾ { .. الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .. } [آل عمران:45]

اسم البحث :« آلَ عِمْرَانَ »

تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم –العذراء الزهراء البتول- -عليهما السلام-:

﴿ « „ ٢٤ / ١ ‟ »﴾".

الجزء الثاني:

[أ . ] الشخصيات المحورية قبل مولده المعجز ".

[(١ . )] الشخصية المحورية الأولىٰ :

« „عِمْرَانَ.. أَبُو مَرْيَمَ؛ جد عيسىٰ ” »

﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ ؛ وَنُوحًا ؛ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ؛ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين﴾ [آل عمران:33]؛ ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم﴾ [آل عمران:34]
-*-*-*
- دراسة التاريخ مِن مصادره الأصلية ومنابعه الموثوق بها المعتمدة مع مراجعة وتحقيق الروايات المذكورة والتدقيق والمقارنة مع مصادر آخرىٰ.. هذه قضية ضرورية لمعرفة الحقيقة والتثبت بقدر الإمكان منها؛ لنشر المعلومة الصحيحة؛ وأيضاً معرفة التاريخ أو الإطلاع عليه..

.. أكملُ بحث..


[ « « آلَ عِمْرَانَ » » ]

فـ أَبدءُ فأقول: [آلُ عِمْرَانَ ] :

- أسرة كريمة مكونة مِن :

[(١)] « عِمْرَانَ » والد مريم؛ فـ عِمْرَانَ هو جد عيسىٰ لأمه،

[(٢)] وامرأة عِمْرَانَ « أم مريم »؛ وامرأة عِمْرَانَ هي جدته لأمه " . و

[(٣)] « مريم » أمه، صاحبة الحمل المعجز؛ فلا يوجد -أبداً- في تاريخ البشرية امرأة حملت دون ملامسة رجل؛ بنص القرآن العظيم :

{إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين} [آل عمران:45]

.. واستفساراً منها اثبت القرآن قولها :

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون} [آل عمران:47]

ثم أعادت الاستفسار مستنكرة وأثبت الذكر الحكيم قولها :.

{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم:20]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلتُ(الرَّمَادِيُّ) : هذه قضية إعجاز.. لذا المرأة الوحيدة التي ذُكر اسمها في القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين دون بقية النساء كــ -
- امْرَأَةُ عِمْرَانَ ..
- امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ..
- اِمْرَأَةَ نُوحٍ .. وَ
- اِمْرَأَةَ لُوطٍ ..
...
- امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب.. ؛
كما جاء التعبير بتاء مثل :
- امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ .. فقد تتكرر مثل هذه الحالات من بعدهنَّ؛ فلم يذكر اسمهن تصريحاً..
إلا ابنت عمران فجاء النص : {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} [التحريم:12] ..
وجاءت النص موضحاً أكثر فنطق القرآن يقول :
{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ .. } [آل عمران:35] ... {.. رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى ... وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ..} [آل عمران:36]..
جاء وصفها بالتشخيص الذاتي لها وعنها .. الأب والأم .. بل وحيثيات الحمل والولادة تنبيهاً لخصوصية الحالة المريمية وهي لن تتكرر مرة ثانية أبداً دون ملامسة رجل لأنثىٰ..
ويجدر هنا التنبيه لمسألة تكلم فيها البعض .. ولا أجد عذراً لمن تكلم في مسألة غيبية كــ (حمل إنسية من جني) مع وضوح الأدلة القرآنية في هذه القضية؛ إذ يستحيل عقلا إيجاد تزاوج بين جني وإنسي لاختلاف التركيبة الخُلقية والمسألة برمتها موضع إختلاف شديد بين السادة العلماء وقد أبحثها في قابل الورقات.. وقد تكلمت فيها ذات مرة على المنبر في خطبة جمعة فاصابني من الجهلة افتراءات.. والحمد لله تعالى على العافية..

قلتُ(الرَّمَادِيُّ) :
ابْنَتُ عِمْرَانَ.. مَرْيَمُ..

هي فقط صاحبة الإعجاز كما اراد الله تعالى لخصوصية المسألة ومعجزة الحالة؛ فالقضيةُ قضية خلقٍ مِن عدموإيجادٍ على غير مثال سابق وإبداع دون محاكاة وتصوير في الأرحام بعلم خبير عليم.. ومسألةحمل مريم فهي لن تتكرر مرة ثانية على الإطلاق.. فلابد مِن ملامسة بشر بلغَ مَبْلغَ الرجال؛ لمرأةٍ بالغةٍ فيتم الحمل عند إرادة الله الخالق المصور المبدع -سواء بزواج شرعي أو فاحشة (زنا/اغتصاب) والعياذ بالله-؛ وما جاء في بعض الكتب من حمل إنسية من جني يعتبر كلام يعارض ويخالف نص القرآن قطعي الثبوت وقطعية الدلالة ولا يوافق المحسوس والمعقول؛ وباب لفتح باب الرذيلة لإدعاء فاعلة الفاحشة والزنا بملامسة جني (غيبي؛ بتركيبة خُلقية مغايرة للإنسية) لها فحملت منه .. فيتكون في احشائها جنين ... سينسب لمن!!؟؟؟. !..
كذا حكاية أن يعبث جني (تابعة) في حمل ثبت في رحم امرأة فأسقطت جنينها.. قضية لا اساس لها من الصحة.. بل مسألة تُعرض على أهل الاختصاص : أطباء النساء تخصص الولادة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و

[(٤)] « الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ » عليه السلام؛
-*-*-*
استدراك :

يمكن إضافة أحد لــ افراد تلك " الأسرة الكريمة :

[(٥)] إِمْشَاعُ...أُخْتُ مَرْيَمَ : وَكَانَ زَكَرِيَّا قَدْ تَزَوَّجَ أُخْتَ مَرْيَمَ إِمْشَاعَ ابْنَةَ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ ..

[وهذا قول ينسب إلى صاحب: التفسير الكبير ]

**-*-*

[««[« أَبِو مَرْيَم َ»]»»]؛ جد عيسىٰ

-*-*-

يلاحظ أنه:

[««[« ١ . »]»»]
لَيْسَ فِي كُتُبِ النَّصَارَىٰ ذِكْرٌ لِاسْمِ أَبِي مَرْيَمَ ؛ أو أُمِّ عِيسَى وَ لَا لِمَوْلِدِهَا، وَلَكِنَّهَا -القصة في الكتاب المقدس .. الأناجيل- تَبْتَدِئُ فَجْأَةً بِأَنّ َعَذْرَاءَ فِي بَلَدِ النَّاصِرَةِ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ النَّجَّارِ، قَدْ حَمَلَتْ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ[(1)].

عند بحث هذه المسألة وبقراءةٍ في الإنجيل ؛ العهد الجديد ؛ الكتاب المقدس ، وجدتُ(الرَّمَادِيُّ) النص كما جاء في :

- انجيل لُوقَا؛ اي البشارة كما دونها لوقا الأصحَاحُ الأَوَّلُ؛ الآيات 26-27 : " (26) .... أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، (27) إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. ".

أما :

- إنجيل مرقص؛ أي البشارة كما دونها مرقص فلا يتحدث عن "عذراء" بل يتكلم عن "مريم"؛ وأيضا :

- إنجيل يوحنا ؛ اي البشارة كما دونها يوحنا .

[المصدر:" انجيل لُوقَا؛ الأصحَاحُ الأَوَّلُ "]

**

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والمراجع :

[(1)] محمد الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون، دون ذكر سنة النشر.
قلتُ(الرَّمَادِيُّ) : أردتُ التحقق مما قاله ابن عاشور -رحمه الله تعالى رحمة واسعة ووسع في قبره- فرجعت إلى قاموس الكتاب المقدس تحت اسم " يواقيم " فوجدتُ :" يوياقيم : اسم عبري معناه :" يهوهقيم" وهو اختصار يهوياقيم وهو اسم ابن يشوع وخليفته في هذه الوظيفة (نح 12: 10 و 12 و 26). " ،
أو
"يوياكين" ..
فلم أجد شيئاً يفيد هذا البحث ، ولم أجد شيئاً في :
- معجم اللاهوت الكتابي، كذلك أيضا :
- " المحيط الجامع" ، وكذلك :
- الموقع الرسمي لـ كنيسة الأنبا " تكلاهيمانوت " القبطية الأرثوذكسية ~ الإسكندرية ~ مصر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويليه الجزء الثالث -بإذنه تعالى-

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*

‏الإثنين‏، 09‏ جمادىٰ الأولىٰ‏، 1443هــ ~ ‏13‏ ديسمبر‏، 2021م

-*-*-*-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 24 : 12 AM
« „ مَنْ عِمْرَانُ”»

:" اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ ، وَلَوْ كَانَ عَرَبِيًّا لَامْتَنَعَ أَيْضًا لِلْعَلَمِيَّةِ ، وَزِيَادَةُ الْأَلِفِ وَالنُّونِ ؛ إِذْ كَانَ يَكُونُ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْعُمْرِ وَاضِحًا" [(1)]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 08 : 12 PM
- قال البغوي؛ الحسين بن مسعود في تفسيره { وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=51&ID=155&idfrom=169&idto=278&bookid=51&startno=19#docu) } :
- قِيلَ: أَرَادَ بِــ آلِ إِبْرَاهِيمَ.. وَآلِ عِمْرَانَ:
- إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛
وَ
- عِمْرَانَ أَنْفُسَهُمَا
كَــ
قَوْلِهِ –تَعَالَى- { وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَرُونَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=51&ID=155&idfrom=169&idto=278&bookid=51&startno=19#docu) } ؛ (آية: 248 ؛ الْبَقَرَةِ) يَعْنِي مُوسَى وَ هَارُونَ[(2)]..
وَ
قَالَ آخَرُونَ [« آلَ إِبْرَاهِيمَ »] :
- إِسْمَاعِيلُ ؛ وَإِسْحَاقُ؛ وَيَعْقُوبُ؛ وَالْأَسْبَاطُ،
وَ
كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-،
وَأَمَّا
[« آلَ عِمْرَانَ »] فَــ
قَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَصْهُرَ بْنِ فَاهَتْ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- (وَالِدُ) مُوسَى وَهَارُونَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَوَهْبٌ : هُوَ عِمْرَانُ بْنُ أَشْهَمَ بْنِ أَمُونَ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-[وَالِدُ] مَرْيَمَ وَعِيسَى.
وَ
قِيلَ : عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ وَ إِنَّمَا خَصَّ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ كُلَّهُمْ مِنْ نَسْلِهِمْ.[(2)] ".
- فَإِنْ فُسِّرَ " عِمْرَانَ" بِــ
وَالِدِ مُوسَى وَهَارُونَ فَهُمَا مِنْهُ ، وَهُوَ مِنْ يَصْهَرَ ، وَيَصْهَرُ مِنْ قَاهِثَ ، وَقَاهِثُ مِنْ لَاوَي ، وَلَاوَي مِنْ يَعْقُوبَ ، وَ يَعْقُوبُ مِنْ إِسْحَاقَ ، وَ إِسْحَاقُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- .
وَ
إِنْ فُسِّرَ " عِمْرَانَ" بِــ
وَالِدِ مَرْيَمَ أُمِّ عِيسَى ، فَــ
عِيسَى مِنْ مَرْيَمَ ، وَمَرْيَمُ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ، و سُلَيْمَانُ مِنْ وَلَدِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَقَدْ دَخَلَ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [(3)]

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 42 : 12 PM
- وَأَمَّا آلُ عِمْرَانَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ:
[ تفصيل مسألة النسب ] :
[ ١. ] القول الأول:
وَ عِمْرَانُ هَذَا الْمُضَافُ إِلَيْهِ" آلُ " ،
قِيلَ :
هُوَ :
- عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ مِنْ نَسْلِ [وَلَدِ] سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِيشَا ، وَهُوَ أَبُو مَرْيَمَ الْبَتُولِ ، أُمِّ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ، قَالَهُ :الْحَسَنُ ، وَوَهْبٌ [(4)].


**

يلتقط الفخر الرازي خيط الحديث فيقول:
«.. وَكَانُوا مَنْ نَسْلِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.»[(5)].
***

وَأَمَّا :
« „ آلُ عِمْرَانَ ”»؛ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، أُؤكدُ (الرَّمَادِيُّ) علىٰ هذه المقولة ؛ إذ أنني أورد ما قيل في نسبه ؛ وهذا لا يلغي وجوده أو يشكك في شخصيته؛
[٢. ] القول الثاني:
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ:
الْمُرَادُ عِمْرَانُ وَالِدُ [« مُوسَىٰ وَ هَارُونَ »]، وَهُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ مُوسَىٰ وَهَارُونَ وَأَتْبَاعَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، هُوَ عِمْرَانُ أَبُو مُوسَىٰ وَهَارُونَ، وَهُوَ عِمْرَانُ بْنُ نُصَيْرٍ . قَالَهُ مُقَاتِلٌ.
فَعَلَىٰ الْأَوَّلِ آلُهُ عِيسَىٰ، قَالَهُ الْحَسَنُ،
وَ
عَلَىٰ الثَّانِي آلُهُ مُوسَىٰ وَهَارُونَ " ؛ وهذا ما قَالَهُ مُقَاتِلٌ.
[ ٣ . ] القول الثالث:
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِــ آلِ عِمْرَانَ هو : [« عِمْرَانُ نَفْسُهُ »].

ــــــــــــــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 50 : 12 PM
- والرازي في تفسيره: يقول:
- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ :
بَلِ الْمُرَادُ : عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ وَالِدُ مَرْيَمَ، وَكَانَ هُوَ مِنْ نَسْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِيشَا، وَكَانُوا مَنْ نَسْلِ يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-[(6)]
- أكملُ.. فأقول بما قال به العلماء في نسب عِمران :
[٤. ] القول الرابع :" وَأَمَّا آلُ عِمْرَانَ : فَهُمْ
[ 1.] مَرْيَمُ،
وَ
[ 2. ] عِيسَىٰ .
[واكتفى بعض العلماء بإبنته.. وحفيده].
فَـ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ مَاتَانَ؛ كَذَا سَمَّاهُ الْمُفَسِّرُونَ،
وَ
كَانَ مِنْ
1 . ] أَحْبَارِ الْيَهُودِ،
وَ
[ 2.] صَالِحِيهِمْ .
وَ
أَصْلُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ [« عِمْرَامُ »]؛ بِمِيمٍ فِي آخِرِهِ، فَهُوَ أَبُو مَرْيَمَ[(7)]. " .
ـــــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 58 : 12 PM
تصحيح ابن عاشور في مسألة النسب لـ عِمران:
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هُوَ مِنْ نَسْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَهُوَ خَطَأٌ،
وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ أَخِي مُوسَىٰ .
ـــــــــ
إتمام التحقيق ؛ فيقول ابن عاشور :
وَفِي كُتُبِ النَّصَارَى : أَنَّ اسْمَهُ يُوهَاقِيمُ ، فَلَعَلَّهُ كَانَ لَهُ اسْمَانِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ .
[اسمع لقول رشيد رضا قريباً]
ـــــــ
تحقيق وتثبيت وتدقيق :
وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا عِمْرَانَ وَالِدَ مُوسَىٰ وَ هَارُونَ[(8)]؛
قلت(الرَّمَادِيُ) : وهو أبو الكبرىٰ مِن بناته واسمها -أيضاً- مريم..
يكمل ابن عاشور القول :
إِذِ الْمَقْصُودُ هُنَا التَّمْهِيدُ لِذِكْرِ مَرْيَمَ وَابْنِهَا عِيسَىٰ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ ﴾ [(9)].

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 05 : 01 PM
[٥.] القول الخامس:
وَ آلَ عِمْرَانَ، وَ الْمُرَادُ بِــ عِمْرَانَ هَذَا :
هُوَ وَالِدُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، أُمِّ عِيسَىٰ ابْنِ مَرْيَمَ - العذراء الزهراء البتول؛ صاحبة الإعجاز-،عَلَيْهِمُا السَّلَامُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
هُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَاشَمَ بْنِ أَمُونَ بْنِ مَيْشَا بْنِ حِزْقِيَا بْنِ أَحْزِيقَ بْنِ يَوْثَمَ بْنِ عَزَارِيَّا بْنِ أَمْصِيَا بْنِ يَاوشَ بْنِ أجريهو بْنِ يَازِمَ بْنِ يَهْفَاشَاطَ بْنِ إِنْشَا بْنِ أَبِيَّانَ بْنِ رُخَيْعَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-.
فَــ
عِيسَىٰ،-عَلَيْهِ السَّلَامُ-، مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ...

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 31 : 01 PM
- ثم وجدتُ من المفيد أن نتحدث قليلاً عن مسألة :
[ الفترة الزمنية ]
بَيْنَ الْعِمْرَانَيْنِ.. قصدتُ :
- عِمران أبو مريم -العذراء الزهراء البتول؛ أم عيسى النبي الرسول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛
و
- عِمران أبو مريم.. الشقيقة الكبرى لكل من موسىٰ ؛ وهارون -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ .؛
‌‌وَبينَ
الْمَرْيَمَيْنِ: أقصد :
- مريم أم عيسىٰ -عليهما السلام- ؛
و
- مريم الأخت الكبرىٰ لــ : موسىٰ وهارون -عليهم جميعا الصلاة والسلام- إذ أن بينهما أَعْصَارٌ كَثِيرَةٌ. ولو أنها سُطرت في بطون الكتب ما تعرضتُ لها.
[ 1. ] القول الأول : قِيلَ :
بَيْنَ الْعِمْرَانَيْنِ أَلْفُ سَنَةٍ ، وَثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ . [(11)].تقريباً
:" وقيل كان بين إبراهيم وموسىٰ ألف [ ١٠٠٠ ] سنة وبين موسىٰ وعيسى ألفا [ ١٠٠٠ ] سنة،
بيْدَ أنه ورد عن الطبري في تاريخه ما روي عن :
" فضيل بن عبدالوهاب عن جعفر بن سليمان عن عوف قال : " كان بين عيسىٰ و موسىٰ ستمائة [ ٦٠٠ ] سنة "[(12)]
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي صدقة عن محمد بن سيرين قال : " نبئت أن كعباً قال : " إن قوله { يا أخت هارون } ليس بـ ״ هارون ״ أخي موسىٰ، قال، فقالت له عائشة:"كذبت [ تأتي بمعنىٰ أخطأت ] !!" ، قال:" يا أم المؤمنين ؛ إن كان النبي قال فهو أعلم وأخبر وإلا فإني أجد بينهما ستمائة [ ٦٠٠ ] سنة" ، قال: فسكتت رضي الله عنها. [(12)].
- والرازي في تفسيره يقول:
" قَالُوا وَبَيْنَ الْعِمْرَانَيْنِ أَلْفٌ وَثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَلَى صِحَّتِهِ بِأُمُورٍ .
[«١. »] : أَحَدُهَا :
أَنَّ الْمَذْكُورَ عَقِيبَ قَوْلِهِ : { وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=132&ID=325&idfrom=1280&idto=1619&bookid=132&startno=61#docu) } هُوَ عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ جَدُّ عِيسَىٰ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، فَكَانَ صَرْفُ الْكَلَامِ إِلَيْهِ أَوْلَى .
وَ
[«٢ .»] : ثَانِيهَا :
أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ أَنَّ النَّصَارَىٰ كَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَىٰ إِلَهِيَّةِ عِيسَىٰ بِالْخَوَارِقِ الَّتِي ظَهَرَتْ عَلَىٰ يَدَيْهِ، فَاللَّهُ –تَعَالَى- يَقُولُ : إِنَّمَا ظَهَرَتْ عَلَىٰ يَدِهِ إِكْرَامًا مِنَ اللَّهِ –تَعَالَى- إِيَّاهُ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ –تَعَالَى- اصْطَفَاهُ عَلَىٰ الْعَالَمِينَ وَخَصَّهُ بِالْكَرَامَاتِ الْعَظِيمَةِ، فَكَانَ حَمْلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَىٰ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ أَوْلَىٰ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَىٰ عِمْرَانَ وَالِدِ مُوسَىٰ وَهَارُونَ.
وَ
[«٣. »] : ثَالِثُهَا:
أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ شَدِيدُ الْمُطَابَقَةِ لِقَوْلِهِ –تَعَالَىٰ-: { وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=132&ID=325&idfrom=1280&idto=1619&bookid=132&startno=61#docu) }[الْأَنْبِيَاءِ : 91 ]
وَ
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ لَيْسَتْ دَلَائِلَ قَوِيَّةً، بَلْ هِيَ أُمُورٌ ظَنِّيَّةٌ، وَأَصْلُ الِاحْتِمَالِ قَائِمٌ .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 12 / 2021, 56 : 01 PM
- قال صاحب المنار؛ الشيخ محمد رشيد رضا :"
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : محمد عبده :
" وَرَدَ ذِكْرُ عِمْرَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَرَّتَيْنِ، فَــ
- بَعْضُهُمْ يَقُولُ : إِنَّهُمَا وَاحِدٌ وَهُو َأَبُو مَرْيَمَ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِوُرُودِهِمَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، هذا هو القول الأول الذي تعرضتُ له من قبل .
يكمل الشيخ رضا تلميذ الإمام محمد عبده فيقول :
- وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ : إِنَّ الْأَوَّلَ أَبُو مُوسَىٰ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) وَالثَّانِي أَبُو مَرْيَمَ ( عَلَيْهَا الرِّضْوَانُ ) وَبَيْنَهُمَا نَحْوُ أَلْفٍ وَ ثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا، وَذِكْرُ تَفْصِيلِ ذَلِكَ عَلَىٰ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْيَهُودِ.
وَ
قَالَ :
وَالْمَسِيحِيُّونَ لَا يَعْتَرِفُونَ بِأَنّ َأَبَا مَرْيَمَ يُدْعَى عِمْرَانَ وَلَا ضَيْرَ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ حَقِيقَةٍ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ سَنَدٌ لِنَسَبِ الْمَسِيحِ يُحْتَجُّ بِهِ،
فَــ
هُوَ
كَـ
سِلْسِلَةِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْمُتَصَوِّفَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِـ :
- عَلِيٍّ
أَوْ
بِـ
- الصِّدِّيقِ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ سَنَدٌ مُتَّصِلٌ يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ .
يكمل الشيخ محمد رشيد رضا :
وَأَقُولُ :
إِنَّ نَسَبَ الْمَسِيحِ فِي إِنْجِيلَيْ مَتَّى وَلُوقَا(١) مُخْتَلٌّ، وَلَوْ كُتِبَ عَنْ عِلْمٍ لَمَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ..
ـــــــــــــــــــ

[ ١ .] سأتكلمُ بالتفصيل في هذه الجزئية من المسألة حين نأتي لـ ميلاد السيد المسيح -عليه السلام- وعلىٰ أمه -رضوان الله تعالى-.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الأربعاء‏، 11‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ 15‏ ديسمبر‏، 2021م
-*-*
د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 12 / 2021, 19 : 10 PM
[« ٤ . »] الجزء الرابع :
نسبُ عِمْرَانَ" بن ماثان ":



توقفتُ في الأجزاء الثلاثة السابقة عند القول والذي خلاصته :

«„ أَبُو مَرْيَمَ؛ جد عيسىٰ -عليه السلام-”»: هو:
«„ عِمْرَانُ بن ماثان”»؛ وليس بــ :«„ عمران أبي موسىٰ وهارون -عليه السلام- ومريم أختهما الكبرىٰ”»،لأن بين الــ عِمْرَانَين ألفا وثمانمائة [ ١٨٠٠ ] سنة تقريباً ".


وَكَانَ [ بنو ] آلُ مَاثَانَ رُءُوسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَحْبَارَهُمْ“. [(1)]
يؤكد المعنى ابن الأثير فيقول :" كَانَتْ بَنُو مَاثَانَ رُءُوسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَحْبَارَهُمْ وَمُلُوكَهُمْ،.[(2)]

وايضاً قال الكلبي :«„ و ملوكهم “ » .[(3)] .
ويؤكد ابن كثير فيقول:"وملوكهم".
وقيل عمران بن :«„ أشهمز “ » ،
و
ذكر البغوي في تفسيره:" وَقِيلَ :“عِمْرَانُ بْنُ أَشْهَمَ“[(4)]
ذكر محمد بن إسحاق وهو
״ عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن موثم بن عزازيا بن أمصيا بن ياوش بن أحريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إيشا بن إيان بن رحبعام بن داود ״.
و
قال أبوالقاسم بن عساكر: مريم بنت
״ عمران بن ماثان بن العازر بن اليود بن أخنز بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن أيبود بن زريا بيل بن شالتال بن يوحنا بن برشا بن آمون بن ميشا بن حزقيا بن أحاز بن موثام بن عزريا بن يوارم بن يوشافاط بن إيشا بن إيبا بن رحبعام بن سليمان بن داود ״ عليه السلام. وفيه مخالفة لما ذكره محمد بن إسحاق[(5)].
وقد ذكر الطبري نسب آخر لـــــ :«„ عمران “ » فقال :
فَـــ :«„ عِمْرَانُ “ »؛ فَإِنَّهُ: عِمْرَانُ بْنُ يَاشَهْمَ بْنِ أَمُونَ بْنِ مِنَشَّا بْنِ حَزْقِيَا بْنِ أَحْزِيقَ بْنِ يُوثَمَ بْنِ عِزَارِيَا بْنِ أَمِصْيَا بْنِ يَاوِشَ بْنِ أَحْزِيهُو بْنِ يَارِمَ بْنِ يَهْفَاشَاطَ بْنِ أَسَابَرَ بْنِ أَبِيَا بْنِ رَحْبَعَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِيشَا[(6)].
[ يقول ابن جرير:" حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي نَسَبِهِ .].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتتبع لصيغة الاسماء التي وردت في المصادر التي اعتمدتُ عليها يرىٰ المدقق إختلافا يسيراً في الكتابة وهذا يعود إما للترجمة من اللغات القديمة كـالأرامية -مثلا- أو كيفية النطق وإخراج الحروف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
محصلة البحث :

فــ “ كَانَ عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ[(7)]“.
يقول ابن الأثير فهي :" أي -مريم- كَانَتْ بِنْتَ إِمَامِهِمْ، وَصَاحِبِ قُرْبَانِهِمْ [(8)].
ولا خلاف أنها ـ أي مريم العذراء الزهراء البتول ـ من سلالة داود -عليه السلام- وكان أبوها « „ عمران “ ؛ صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه ».[(9)] .
ـــــــــــــــــــــــــــ
[(1)] انظر : ابن الأثير؛ عزالدين أبوالحسن علي، الكامل في التاريخ، دار الكتاب العربي، 1417هـ~ 1997م ..
[(2)] انظر : أثيرالدين أبوعبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسير الكبير؛ المسمى " البحر المحيط"، دار إحياء التراث العربي؛ دون ذكر سنة النشر.
[(3)] راجع : تفسير ابن عجيبة.
أيضأ: أَبُوالْفِدَاءِ عِمَادُالدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بن عمر بْنُ كَثِيرٍ القرشي الدمشقي ؛ قصص الأنبياء، الجزء الثاني.
[(4)] انظر : الحسين بن مسعود البغوي، التفسير، دار طيبة، دون ذكر سنة النشر.
[(5)] انظر :أَبُوالْفِدَاءِ عِمَادُالدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بن عمر بْن ُكَثِيرٍ القرشي الدمشقي؛ قصص الأنبياء ، الجزء الثاني.
[(6)] انظر : محمد بن جريرالطبري؛ التفسير؛ رقم 6857؛ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي نَسَبِهِ"، دار المعارف، دون ذكر سنة النشر .
[(7)] انظر : ابن الأثير؛عزالدين أبوالحسن علي، الكامل في التاريخ، دار الكتاب العربي، 1417هـ~ 1997م . .
[(8)] انظر : أثيرالدين أبوعبدالله محمد بن يوسف الأندلسي.
[(9)]انظر : أَبُوالْفِدَاءِ عِمَادُالدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بن عمر بْنُ كَثِيرٍ القرشي الدمشقي.


*****
****
***
**
*
انتهى بتوفيقه وحسن رعايته وتمام رضاه -سبحانه وتعالى- القسم الأول من قصة حياة السيد المسيح ... عبد الله ورسوله وروح منه وكلمته ...
الشخصية المحورية الأولى
ويليه بعد حمده وشكره
القسم الثاني ويبدء بالشخصية المحورية الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
? مُحَمَّدٌفَخْرالدينِ؛ الرَّمَادِيُّ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ؛ بِمِصْرَالْمَحْمِيَّةِ
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الخميس‏، 12‏ جمادى الأولى‏، 1443هــ ~ ‏ 16‏ ديسمبر‏، 2021م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
23 / 12 / 2021, 21 : 10 PM
[ ٢ ] الشخصيةُ المحورية الثانية في قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز
-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-

— — :

١ . ]: " الْقِصَّةُ الْأُولَى

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
24 / 12 / 2021, 26 : 09 PM
[ ( ٢ . ) ] «„ امْرَأَةُ عِمْرَانَ “»

{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ؛ وَنُوحًا؛ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ؛ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين }[آل عمران:33] { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم }[آل عمران:34]

بحوث

( سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء )

أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة

سلسلة " التصفية والتربية "

السلسلة الأولى»: „الدين“«
...

اسم البحث :[«« آلَ عِمْرَانَ »»]

تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام-:

[ ( ٢ . ) ] الشخصية المحورية الثانية
في
قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-

«„ امْرَأَةُ عِمْرَانَ“»
-*

١ . ] الْقِصَّةُ الْأُولَىٰ

وَاقِعَةُ «„ حَنَّةَ أُمِّ مَرْيَمَ“» -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-

[(1)]: التعريف بالشخصية المحورية الثانية في قصة عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول:

[أ] مِن آل البيت الذين اصطفاهم الله -سبحانه وتعالى- حيث يقول-عز وجل-: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ).

[ب] هي زوجة عِمْرَانَ ،

و

[ب] أخت زوجة زكريا -عليه السلام-

و

[ج] أم مريم-عليها السلام-[(1)]

[د] حفيدها : عيسىٰ ابن (ابنتها الوحيدة) مريم العذراء الزهراء البتول..

-*-

[ 1. ] المشهد الأول : اسم «„ امْرَأَةِ عِمْرَانَ “»

اتفقَ كُتاب السيَّر وأهل التاريخ علىٰ أن اسمها : «„ حَنَّةُ“»؛ وهو اسم جميل؛ ويعني الرشيقة، وحلوة الشمائل.. طيبة الخصال؛ والاسم أصله عِبري؛ ويقال بأنه آرامي؛ إذ هو اسم علم توراتي مؤنث؛ ومذكره حَنا، والذي يعني الحنان، والنعمة،[(2)]؛

يؤكد هذا المعنى ما قاله القرطبي :" وَلَيْسَ بِاسْمٍ عَرَبِيٍّ وَلَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِيَّةِ حَنَّةُ اسْمُ امْرَأَةٍ . وَيوجد دَيْرُ حَنَّةَ بِالشَّامِ ، وَدَيْرٌ آخَرُ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ كَذَلِكَ ؛
قَالَ أَبُونُوَاسٍ:

يَا دَيْرُ حَنَّةَ مِنْ ذَاتِ الْأُكَيْرَاحِ مَنْ يَصْحُ عَنْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِالصَّاحِي ". [(3)]
ويتم تأكيد هذا المعنى فــ:
" امْرَأَةُ عِمْرَانَ اسْمُهَا: حَنَّةُ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَآخِرُهَا تَاءُ تَأْنِيثٍ، وَهُوَ اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ، وَهِيَ حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُودَ، ودَيْرُ حَنَّةَ بِالشَّامِ مَعْرُوفٌ، وَثَمَّ دَيْرٌ آخَرُ يُعْرَفُ بِدَيْرِ حَنَّةَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُونَوَاحٍ دَيْرَ حَنَّةَ فِي شِعْرِهِ ..
وَقَبْرُ حَنَّةَ ، جَدَّةُ عِيسَىٰ ، بِظَاهِرِ دِمَشْقَ. [(4)]

وَ «„ امْرَأَةُ عِمْرَانَ“» هي«„ حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُوذَا“»[(5)]

امْرَأَةُ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ، أُمُّ مَرْيَمَ الْبَتُولِ، جَدَّةُ عِيسَىٰ-عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهِيَ حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُوذَ. [(6)] دون إثبات الألف بعد حرف الذال..

التحقيق من الاسم:

[ 1 . ] اسمها الأول :

مِن أهل العلم مَن كسر حرف الحاء فكتبها :" حــِـــنَّةَ بِنْتِ فَاقُوذَا، ثم يؤكد القول بأن :" حِنَّةُ: هِيَ أُمُّ مَرْيَمَ"[(7)] [(8)]
-*

*. ] إثبات النسب:

تقابلنا منذ البداية ضبابية في رؤية المشاهد التي ساتعرض لها وغموض في كيفية مجرى الأحداث كما أذكرها؛ فتقرأ عند أبي جعفر الطبري تعبيره :
" فيما ذُكر لنا (!)"..
وتقرأ :" رُوِي (!)".
كما تقرأ :"فيما يزعمون(!)".. وهي صيغة تمريض للرواية

يقول أبوجعفر الطبري -إمام كُتاب التاريخ.. شيخ المفسرين- : «„ امرأة عمران“»؛ فهي أم مريم ابنة عمران، أم عيسىٰ ابن مريم -صلوات الله عليه-. وكان اسمها فيما ذُكر لنا «„ حَنَّة ابنة فاقوذ بن قتيل“»؛[(9)]

يعلق أحمد شاكر [المحقق] على تفسير الطبري بقوله:" في المطبوعة والمخطوطة: "قتيل" في الموضعين وأثبت ما في تاريخ الطبري : (ج: (2): ص: (13).“»؛
ثم يستشهد الطبري بمن أخبره فيقول:
كذلك: حدثنا به محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق في نسبه = وقال غير ابن حميد: ابنة فاقود - بالدال - ابن قبيل “»[(10)]

إذاً .. قد اضطرب الكثير في ضبط اسمها ؛ فــ هناك مَن كتب اسمها:

وَ: «„ امْرَأَةُ عِمْرَانَ“» : «„ حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُوذَا“»[(11)] [(12)].

أو :" بِنْتُ فَاقْوَدَ بْنِ قُنْبُلَ "[(13)].

أو :" حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُوذَ "[(14)] .

أو:" واسم امرأة عمران حنّة بنت قاقودا "[(15)].

أو :"قَافُوذَا"[(16)]
هذا من جانب؛
أما الجانب الثاني؛ فتقرأ:

« أم مريم »

هي امرأة عمران واسمها حَنّة بنت فاقوذا[(17)] أم مريم[(18)]،
و
المراجع المسيحية تذكر كذلك اسمها هكذا :
" حنة.. أم مريم العذراء .. وزوجة يوياكيم. لا نجد هذا الاسم في الأناجيل القانونيّة بل في إنجيل يعقوب وإنجيل مولد مريم[(19)].

جدة عيسى عليه السلام:

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تسميها " القديسة " حنة ؛ فـ هي والدة السيدة(!) العذراء مريم.. والدة الإله(!).. وكانت هذه الصدِّيقة ابنة لـــ مـــــاثان بن لاوي بن ملكي من نسل هارون الكاهن، واسم أمها مريم من سبط يهوذا وكان لــــ مـــاثان هذا ثلاث بنات :

- الأولىٰ مريم باسم والدتها وهي أم سالومي القابلة ،

و

- الثانية صوفية أم أَلِيصَابَات ؛ والدة القديس يوحنا المعمدان ،

و

- الثالثة هي هذه القديسة حنة زوجة الصديِّق يواقيم من سبط يهوذا ووالدة السيدة العذراء مريم .

بذلك تكون السيدة البتول و سالومي و أليصابات بنات خالات .

تكمل الكنيسة قولها :" وإن كنا لا نعلم عن هذه الصدِّيقة شيئًا يذكر إلا أن اختيارها لتكون أمًا لوالدة الإله بالجسد لهو دليل على ما كان لها من الفضائل والتقوىٰ التي ميزتها عن غيرها من النساء حتىٰ نالت هذه النعمة العظيمة ".

وتردف الكنيسة فتقول :" إذ كانت عاقرًا ؛ كانت تتوسل إلىٰ الله أن ينزع عنها هذا العار ، فرزقها ابنة بركة لها ولكل البشر ، هي العذراء مريم[(20)].

ثم يأتي

[ 2. ] المشهد الثاني

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
-*-*-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ



كِتَابُ« قَصَصِ» « أَحَادِيثِ» الْأَنْبِيَاءِ




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

﴿«„ ٤٢‟»﴾ قصة مولد السيد المسيح.. عيسى ابن مريم العذراء الزهراء البتول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

‏الجمعة‏، 20‏ جمادىٰ الأولىٰ‏، 1443هــ ~ ‏24‏ ديسمبر‏، 2021م

-*-*

*

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 12 / 2021, 57 : 10 PM
وَاقِعَةُ «„ حَنَّةَ أُمِّ مَرْيَمَ ”» -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-

:" حياةُ امْرَأَةِ عِمْرَانَ العائلية "




تمهيد:

مِن المسائل الحياتية للإنسان ومنذ بدء الخليقة.. تعتبر مسألة الحبل والولادة والإنجاب مِن المسائل ذات الأهمية القصوىٰ؛ بل ويمكن القول بأنه -الانجاب- مظهر مِن مظاهر غريزة النوع [الأبوة/الأمومة] واستمرار النوع البشري وبقاءه؛ وقد أهتم منذ قديم الزمان رجال العلم مِن أطباء وصيادلة وفقهاء بهذه المسألة كل في مجال تخصصه؛ كما اهتم بهذه المسألة -أيضا- أهل الدجل والشعوذة [كــ ضريح السيدة نعيمة ومزارها للزوجة العقيم بالإسكندرية] ..

وقِصة خلق السيد المسيح عيسىٰ ابن مريم المُعْجِز بكافة جوانبها تُلقي أضواءً علىٰ جانب إجتماعي هام؛ وقد اهتم إسلام النبي الرسول محمد «ﷺ» بهذا الجانب بشكل فقهي شرعي علمي وأحاط معالجاته من جميع جوانبها؛ لذا يمكنني القول بوجود إعجاز إجتماعي في الإسلام؛ وكنتُ قد بدأت في كتابة وريقات حول الموضوع ثم توقفت؛ وإن شاء الله «ﷻ» أبحث قضية الإعجاز الإجتماعي في الإسلام في القريب!

- * - * -

العقم أو عدم الإنجاب يعتبر عيباً عند بعض الفقهاء يعطي المرأة الحق في فسخ النكاح إن تزوجت غير عالمة به . [(1)]

و

:" العيب كل ما يفوت به مقصود النكاح، ولا شك أن مِن أهم مقاصد النكاح المتعة والخدمة والإنجاب، فإذا وجد ما يمنعها فهو عيب، وعلىٰ هذا فلو وجدت الزوج عقيماً، أو وجدها هي عقيمة فهو عيب " [(2)].

:" فإن علمت الزوجة بالعيب بعد قبل النكاح أو بعده ورضيت به ، سقط حقها في الفسخ . ".

ودار الافتاء المصرية ترىٰ :" أن الزوجة الصابرة علىٰ زوجها العقيم حتىٰ لو كانت تعلم ذلك قبل الزواج واختارت بإرادتها هذا الوضع.. لأن الصبر مصطلح عام يطلق علىٰ أي شيء لا يتحمله الإنسان أو يخالف نفسه. قال «ﷻ»« إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ». إذا أرادت الزوجة الصبر فلها ذلك ولها الأجر والثواب، وإن رغبت فى عدم الاستمرار فهى صاحبة القرار وعليها أن تستخير الله -سبحانه وتعالى- ثم تفعل ما تشاء.[(3)].

-*

:" لا حرج في الدين.. فإذا كان الزوج يستطيع المعاشرة الزوجية، ولكن لا يستطيع الإنجاب فليس هناك سببا للطلاق حقيقةً، لأن الإنجاب هبة من عند الله، حيث قال- سبحانه وتعالى-: « يهب لمن يَشاء إناثًا ويهب لمن يَشاء الذُّكُور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجْعَل من يَشاء عقيما إنَّه عليم قدير».[(4)] ".

-*-

وقد اختلف فقهاء الإسلام في حكم طلب طلاق الزوجة مِن زوجها العقيم؛ أو سماح الزوج مِن الاقتران بثانية في حالة عقم الأولىٰ؛ وقد تدخل الطب وعلومه في هذا المجال؛ وقد استند فقهاء الإسلام أهل التخصص في الإفتاء علىٰ آراء أهل التخصص من الأطباء؛ ويجب أن انبه علىٰ أن الفتوىٰ تخص صاحبها ولا تعمم..

فــ إذا تضررت المرأة من بقائها بلا إنجاب ، وخشيت ألا تقوم بحق الزوج.. أبيح لها طلب الطلاق أو الخلع .

والأصل تحريم طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر ؛ لما روى أبوداود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :« „ أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة‟ »[والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود] .

وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- :« „إن المختلعات هن المنافقات‟ »[رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 1934)].

ومما يدل علىٰ جواز الخلع عند خوف المرأة من كفران عشيرها وعدم القيام بحقه : ما روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فَقَالَتْ: „ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ‟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :« „أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟‟ ».. قَالَتْ : „نَعَمْ‟ .. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :« „اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً‟ ». .

وعند ابن ماجه (2056) أنها قالت: „ لا أطيقه بغضاً‟.[صححه الألباني في صحيح ابن ماجة] .

-*

:" الأصل في الطلاق الكراهة ، وإنما يباح عند الحاجة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : " الأصل في الطلاق الحظر ، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. [(5)].:" حكم الطلاق فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة ، فيكون واجبا ، وحراما ، وسنة ، ومكروها ، ومباحا .

[(6)]". ويفهم من مجموع النصوص أن الإسلام يعالج المسألة من كافة نواحيها .. فهل هناك سورة أو دعاء تسهل مسألة الإنجاب!؟..
لذا قلتُ أن قصة المسيح عيسى من جميع جوانبها ترد على عدة استفسارات وتعالج مسائل إجتماعية فنجد : " دعاء زكريا عليه السلام عندما قال : { رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }، فإنه دعاء جميل في غاية المناسبة للحال .
و
كذلك دعاؤه عليه السلام لما قال : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } .

وقصة زكريا عليه السلام فيها عبر بالغة وقد قصّها الله علينا في كتابه في عدة مواضع ، فــ
منها :
ما جاء في سورة آل عمران في ذكر مريم عليها السلام : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (37) { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } (38) { فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } (39) { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } (40) { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ } (41)

ومنها :
آيات سورة مريم : { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا }(2) { إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } (3) { قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا } (4) { وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا } (5) { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } (6) { يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا } (7) { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا } (8) { قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا } (9) { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } (10) { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } (11)

ومنها :
آيات سورة الأنبياء : { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } (89) { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } (90)

وتأمُّل قصة زكريا عليه السلام نافع جدا لكل عقيم
و
كذلك قصة إبراهيم وزوجته سارة فقد رزقهما الله بصبرهما : إسحاق عليه السلام وولد لإبراهيم وهو كبير إسماعيل أيضا كما قال تعالى عن خليله : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ } (39) سورة إيراهيم

وعلى المسلم في جميع الحالات أن يرضى بقضاء الله وقدره ولو بقي عقيما طيلة عمره ولربما كان صبره خيرا له من الولد ، وكل قضاء الله خير وكلّ أقداره حكمة وكلّ شيء بمشيئته وأمره سبحانه : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } (49) { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } (50) سورة الشورى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .". [(7)]].

-*-*-
يفهم مما سبق أن الإسلام يعالج كافة مسائل ومشاكل وقضايا وحالات الإنسان!
فكان ينبغي أن اقدم لهذا الجزء بهذه المقدمة !

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 12 / 2021, 25 : 11 PM
سأبدءُ الحديث عن امرأةٍ :
" مِن راهبات بني إسرائيل ". [(8)] ..
و
أوضح عنها فأقول هي :
حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُودَ بْنِ قُبَيْلَ -التي- كَانَتْ مِنَ الْعَابِدَاتِ ".[(9)]
هَذَا الْبَيْتُ الطَّاهِرُ الطَّيِّبُ وَهُمْ آلُ عِمْرَانَ والمراد بــ عمران هذا والد مريم عليها السلام- [(10)]
و
قد اثنىٰ القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين علىٰ عائلة عمران بــ
- الاصطفاء و
- الاجتباء و
- الاحتباء و
- الارتضاء فنطقَ يقول :

... { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين} [آل عمران:33] .
ثم زاد على ذلك بقوله : ..

{ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [آل عمران:34]

...

[(٢ . ١ . )] مشاهد من حياة « „امْرَأَةِ عِمْرَانَ “»

[ 1. ] المشهد الأول : الزواج:

تزوجها عِمْرَانُ بْنِ مَاثَانَ، وَكَانَ صَاحِبَ صَلَاةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِهِ [(11)]..
فقد :" كَانَ آلُ مَاثَانَ رُءُوسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَحْبَارَهُمْ "[(12)].

[2 . ] المشهد الثاني:

حياتها الزوجية :

[2 . 1 . ] قِيلَ :" مضت سنوات علىٰ زواج « حنة » من عمران ولم ترزق مولودا منه". [(13)]

فــ لم تحمل منه وأسنت[(14)]؛

تُجمعُ عدة مصادر وتركز علىٰ هذه الجزئية مِن حياة حنة مع زوجها عمران.. فتقرأ:
1. ] :" وَكَانَتْ حَنَّةُ قَدْ كَبِرَتْ وَعَجَزَتْ وَلَمْ تَلِدْ وَلَدًا ". [(15)]

و
2. ] :" قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12563)أَنَّهَا قَدْ أُمْسِكَ عَنْهَا الْوَلَدُ حَتَّىٰ أَسَنَّتْ، ". [(16)]

و
3. ] :" ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ أُمَّ مَرْيَمَ كَانَتْ لَا تَحْبَلُ ".[(17)].

و
تنقل لنا عدة مصادر ومراجع تقول :
4. ] " حنةُ كانت عاقراً لا تلد ". [(18)].

و :
5. ] " كانت حنة قد قعدت عند المحيض ". [(19)]

و
لفظةُ : « „ كَبِرَتْ”»؛ وَ« „ عَجَزَتْ”»؛ « „ أسنت”»؛ و : « „ عاقر ”»؛ « „ كَانَتْ لَا تَحْبَلُ ”»؛ لمتُفهم مِن السياق القرآني؛ كما وردت الآيات الكريمات المتعلقة بقصة حمل امرأةِ عمران بجنينها؛ بخلاف تماماً ما جاء في قصة النبي زكرياء -عليه السلام- وامرأتِه.. إذ ورد النص القرآني صريحاً وواضحاً لا لبس فيه -سأتكلم بإذنه تعالىٰ في القصة الثالثة عن هذه المسألة- أما قصة حمل حنة بجنينها ومن ثم تحرير وليدها وتحقيق ندرها بطفلتها فتقرأ فقط:
فبعد آية الاصطفاء :

{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى ... وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين } [آل عمران:33]..
"يأتي الإخبار على لسان امرأة عمران : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم } [آل عمران:35] ..
ثم تأتي حالة الولادة فيثبت قولها القرآن العظيم فتقول : { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم}[آل عمران:36]
ثم تأتي مسألة القبول والإنبات : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا.. }..
فمسألة الكفالة ... {.. وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا .. }[آل عمران:37]

فأين مصدر هذه الأحداث التي ملئت بها دواوين كتب التاريخ وكراسات التفسير!؟..

وما يمكنني قوله أن ما :" أقَدَّمْه فِي القِصَّةِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ نقلا من روايات أهل الكتاب.. وهذا ما يطلق عليه من ملح التفسير والتأويل وليس من متين العلم..".

وأقر(الرَّمَادِيُ) بأن الكتاب المنزل بواسطة أمين السماء جبريل على قلب أمين السماء والأرض محمد بن عبد الله-عليهما السلام كتاب تشريع ومنهاج ودستور وكتاب نظام حياة ونمط خاص من العيش.. فليس هو بكتاب تاريخ أو طب.. الخ.. ؛ وإن ذكر قصة فمن حيث حيثياتها تجد التشريع والمنهاج والقانون والنمط الخاص من العيش أو تجد دلالة على وحدانيته -سبحانه- وعلى قدرته..!. فيقدم -سبحانه- دَلِيلًا عَلَىٰ كَمَالِ قُدْرَتِه عَلَىٰ أَنْوَاعِ الْخَلْقِ والايجاد والتنشأة والتكوين.. فَإِنَّهُ -تَعَالَى- خَلَقَ آدَمَ وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى وَخَلَقَ عِيسَىٰ مِنْ أُنْثَىٰ بِلَا ذَكَرٍ وَخَلَقَ بَقِيَّةَ الْخَلْقِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ.. ثم لا يظن أحد منكم -ذكر أو أنثىٰ- أنه هو فاعل فعل الخلق حين يجامع حليلته فينجب منها.. بدليل أطفال الأنابيب أو التلقيح (الحمل) خارج الرحم.. فمن الفاعل هنا... !؟.. ..!.. فلا يوجد ذكر لامس أنثى.. بل ألة صناعية لامست بويضة أنثىٰ بحيوان منوي ..!

والقرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين تحدث عن مسألة تكلم فيها العلم الحديث مؤخراً: فنطق الذكر الحكيم كَقَوْلِهِ : { ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ } (23: 14) } ".

ثم ينبهنا القرآن العظيم لقضية الغيب وقضية الوحي فيقول :
{ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون}[آل عمران:44]

" الْقِصَّةُ

ذِكْرُ قِصَّةِ خَلْقِ و وِلَادَةِ مَرْيَمَ ".

.. تبدء . الْقِصَّةُ بــ

[2 . 1 . 1 . ] :«„ „ قِيلَ إنَّ...!!!؟ “ ”»؛.!

[2 . 1 . 2 . ] " " قِيلَ إنَّ امْرَأَةَ عِمرَانَ كَانَتْ عَاقِراً ،

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:كَانَ سَبَبُ نَذْرِ حِنَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ أُمْسِكَ عَنْهَا الْوَلَدُ حَتَّى أَسَنَّتْ ". [(20)]

فــ

[2 . 1 . 3 . ] و " - في احد الايام بينما هي جالسة تحت شجرة، -[(21)]- فَبَيْنَمَا هِيَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ-[(22)]

[2 . 1 . 4 . ] " فَرَأتْ- أَبْصَرَتْ– [(23)]- يَوْمًا - طَائِراً يَزُقُّ - يطعم -[(24)] فَرْخَهُ

[2 . 1 . 5 . ] " - فاشتعل في قلب حَنَّة حنان الام وحب الامومة وغريزتها -[(25)] فَاشْتَهَتِ [(26)]- فَتَمَنَّتْ أنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ ، حتىٰ تحن عليه مثل هذا الطائر..

[2 . 1 . 6 . ] " - فتوجهت الىٰ الله بمجامع قلبها طالبة منه ان يرزقها مولودا - فَدَعَتِ اللهَ أنْ يَرْزُقَها وَلَداً – ".فــ :«„ قالت: اللهم لك عليَّ بأن رزقتني ولداً أن أتصدق به علىٰ بيت المقدس[(27)]

--*-*-

وتوجد رواية مخالفة تماماً لتلك الرواية السابقة .. إذ الرواية تقول :" ان الله تعالى اوحى الى نبيه عمران -عليه السلام- فقد : روي عن ابي بصير قال : سألت اباجعفر -عليه السلام- : عن عمران اكان نبيا ؟ فقال : نعم كان نبيا مرسلا الى قومه ".

" ورُوِي في الاحاديث ان الله -تعالى- قد اوحى الى عمران انه سيهبه ولدا مباركا يشفى المرضى ويحيي الموتى باذن الله ، وسوف يرسله نبيا الى بني اسرائيل ، فبشر عمران زوجته بذلك ، فلما حملت ظنت ان ما تحمله في بطنها ولدا فنذرت ما في بطنها للخدمة في بيت الله فقالت : « رب اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني انك انت السميع العليم» "( آل عمران : 35.).[(28)] ولولا وجود هذه الرواية في بعض المصادر لم أذكرها لغرابتها.. بل هي تكاد تكون منكرة!.. إذ أن الثابت أن :" زكريا نبي ذلك الزمان ".

--*-*-*-

أعودُ للرواية الأولى؛ و هي التي عند جمهور العلماء:" - فَدَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَهَبَ لَهَا وَلَدًا -[(29)] - ".

قَالُوا!!!؟..

[2 . 1 . 7 . ] " قَالُوا فَحَاضَتْ مِنْ فَوْرِهَا ".

[2 . 1 . 8 . ] " فَلَمَّا طَهُرَتْ وَاقَعَهَا بَعْلُهَا ".

[2 . 1 . 9 . ] " فَحَمَلَتْ بِمَرْيَمَ -عَلَيْهَا السَّلَامُ - ".

[2 . 1 . 10 . ] " وهلك عمران ".

:" قِيلَ : مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَهَا حُبْلَىٰ فَنَذَرَتْ حَبْلَهَا ذَلِكَ مُحَرَّرًا أَيْ مُخَلَّصًا لِخِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَكَانُوا يَنْذِرُونَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا . "[(30)] .

:"قِيلَ : إِنَّهَا كَانَتْ تَظُنُّهُ ذَكَرًا فَصَدَرَ مِنْهَا النَّذْرُ مُطْلَقًا عَنْ وَصْفِ الذُّكُورَةِ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ : إِذَا جَاءَ ذَكَرًا فَهُوَ مُحَرَّرٌ . وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ : فَلَمَّا وَضَعَتْهَا وَهُوَ عَائِدٌ إِلَى مَا فِي بَطْنِي (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=61&ID=360&idfrom=355&idto=504&bookid=61&startno=28#docu)بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ انْكَشَفَ مَا صَدَّقَهُ عَلَى أُنْثَى . ". [(31)]

التشريف :
" إِطْلَاقُ الْمُحَرَّرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِطْلَاقُ تَشْرِيفٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَلُصَ لِخِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَأَنَّهُ حُرِّرَ مِنْ أَسْرِ الدُّنْيَا وَقُيُودِهَا إِلَىٰ حُرِّيَّةِ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى . ".[(32)]

[2 . 1 . 11 . ] " فلما أجيبتْ -بدعائها- بِالحَمْلِ وَ شَعَرَتْ بِهِ جعلته نذرا للَّه -عز وجل- كما قال الله -عز وجل- { رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما في بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي } [ 3: 35] الآية ".
فَــ نَذَرَتْ - للَّه - أنْ يَكُونَ حَمْلُها خَالِصاً مُتَفرِّغاً لِعِبَادَةِ اللهِ، وَخِدْمَةِ المَعْبَدِ .- فَــ لَتَجْعَلَنَّ وَلَدَهَا مُحَرَّرًا أَيْ حَبِيسًا فِي خِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ[(33)] – فَــ تَجْعَلَهُ مِنْ سَدَنَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَخَدَمِهِ، فَحَرَّرَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، وَلَمْ تَعْلَمْ مَا هُوَ، وَكَانَ النَّذْرُ الْمُحَرَّرُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُجْعَلَ لِلْكَنِيسَةِ يَقُومُ بِخِدْمَتِهَا وَلَا يَبْرَحُ مِنْهَا حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْحُلُمَ، فَإِذَا بَلَغَ خُيِّرَ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَقَامَ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ . وَلَمْ يَكُنْ يُحَرَّرُ إِلَّا الْغِلْمَانُ، لِأَنَّ الْإِنَاثَ [الجواري] لَا يَصْلُحْنَ لِخدمة المذبح والمسجد لِمَا يُصِيبُهُنَّ مِنَ الْحَيْضِ وَالْأَذَىٰ . -[(34)][(35)]

[2 . 1 . 12 . ] " وَدَعَتِ اللهَ أنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهَا نَذْرَها ، فَإنَّهُ -تَعَالَى- هُوَ السَّميعُ لِدُعَائِها ، العَلِيمُ بِنِيَّتِها . ".

:" فَتَقَبَّلَهَا رَبُهَا نَذِيرَةً مُحَرَّرَةً لِلْعِبَادَةِ وَخِدْمَةِ بَيْتِهِ ، وَأحَسَنَ نَشْأَتَهَا وَنَباتَها ، وَقَرَنَها بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ ، تَتَعَلَّمُ مِنْهُمُ العِلْمَ وَالخَيْرَ وَالدِّينَ . " [(36)]

[2 . 1 . 13 . ] " مات عمران بن ماثان وأم مريم حامل بمريم "[(37)].

-ثُمَّ هَلَكَ عِمْرَانُ وَحَنَّةُ حَامِلٌ بِمَرْيَمَ،-[(28)]

[2 . 1 . 14 . ] " - فَلَمَّا وَضَعَتْهَا إِذَا [ هِيَ ] أُنْثَىٰ فَقَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } فِي خِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ وَالْعِبَادِ الَّذِينَ فِيهَا.. بمعنى: محرراً للكنيسة التي فِي جبل أصبهيون [(39)] ".

تسمية المولودة السعيدة:

[2 . 1 . 15 . ] نطق القرآن الكريم علىٰ لسان حنة فيقول :

{ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } .. وَهِيَ بِلُغَتِهِمُ الْعِبَادَةُ . -[(40)]. ".

2 . 1 . 15 . 1 . ] وقولها (وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) (3: 36) : يظهر من هذا ان أم مريم هي التي سمتها بهذا الاسم عند ولادتها ،
و
معنى « مريم » بلغتها تعني « العابدة » وعلى هذا وقفتها على خدمة الله. [(41)].

2 . 1 . 15 . 2 . ]:" اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ يُولَدُ وَكَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ فِي ذَهَابِهِ بِأَخِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَنَّكَ أَخَاهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَاللَّهِ.
وَ
جَاءَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَجَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ ويدمي بدل ويسمى وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [(42)]".

[2 . 1 . 16 . ] { قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثىٰ وَالله أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ } [3: 36] .. وقرئ: { وَضَعْتُ } بضم التاء- قلتُ (الرَّمَادِيُ) : وهذه الجزئية من بحوث التفسير للقرآن الكريم..

[2 . 1 . 16 . 1 . ] وَقَالَتْ رَبِّ إنّي وَضَعْتُها أنْثَىٰ ، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَكَانَةِ الأنثَىٰ التِي وَضَعتَها ، وَأنَّها خَيْرٌ مِنَ الذُّكُورِ . وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَىٰ فِي القُوَّةِ وَالجَلدِ فِي العِبَادَةِ ، وَفِي احْتِمَالِ خِدْمَةِ المَعْبَدِ-
{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى } [ 3: 36 ] أَيْ فِي خِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَنْذِرُونَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ خُدَّامًا مِنْ أولادهم. - ".

[2 . 1 . 17 . ] " فَلَمَّا وَضَعَتِ امْرَأةُ عِمْرَانَ حَمْلَها ، وَرَأتْ أنَّهُ أُنثَىٰ ، تَحَسَّرَتْ عَلَىٰ مَا رَأنْ مِنْ خَيْبَةِ رَجَائِها ، فَإنَّهَا نَذَرَتْ أنْ تُحَرِّرَ مَا فِي بَطْنِهَا لِخِدْمَةِ المَعْبَدِ ، وَالانْقِطَاعِ لِلعِبادَةِ ، وَالأنْثَى لاَ تُصْلُحُ لِذَلِكَ . ".

" وطلبتْ من الله -ﷻ- ان يحفظها ونسلها من وسوسة الشياطين ، وان يرعاهم بحمايته ولطفه. - [(43)]".

[2 . 1 . 18 . ] " وَقَالَتْ : وَإني عَوَّذْتُها بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .

- وَقَوْلُهَا { وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها من الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ } [ 3: 36 ] قَدِ اسْتُجِيبَ لَهَا فِي هَذَا كَمَا تُقُبِّلَ مِنْهَا نَذْرُهَا..

فَــ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا) ..

ثُمَّ

يَقُولُ أَبُوهُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) [3: 36] [أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرْجِ عَنْ بَقِيَّةَ عن عبدالله بن الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ].

وَ

قَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذؤيب عَنْ عَجْلَانَ مَوْلَى الْمُشْمَعِلِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ مَوْلُودٍ مِنْ بَنِي آدَمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ بِأُصْبُعِهِ إِلَّا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ وَابْنَهَا عِيسَى) . [تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه].

و

قال احمد حدثنا هشيم حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أمه يلكزه الشيطان في حضينه إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ وَابْنِهَا أَلَمْ تَرَ إِلَى الصَّبِيِّ حِينَ يَسْقُطُ كَيْفَ يَصْرُخُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ذَلِكَ حين يلكزه الشيطان بحضينه [وَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَ
رَوَاهُ قَيْسٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَقَدْ عَصَرَهُ الشَّيْطَانُ عَصْرَةً أَوْ عَصْرَتَيْنِ إِلَّا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ وَمَرْيَمَ) ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) [3: 36] وَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْلِ الْحَدِيثِ.

وَ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُالْمَلِكِ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ هُوَ ابْنُ عَبْدِاللَّهِ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبِهِ حِينَ يُولَدُ إِلَّا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ) . [وَهَذَا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه مِنْ هَذَا الْوَجْهِ] [(44)].

[2 . 1 . 19 . ] " - وَقَوْلُهُ { فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا } (3: 37) ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ أُمَّهَا حِينَ وَضَعَتْهَا لَفَّتْهَا فِي خُرُوقِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ بِهَا [(45)]إِلَى الْمَسْجِدِ [«„ حملتها إلىٰ المسجد الأقصى“»][(46)]، فَسَلَّمَتْهَا إِلَى الْعُبَّادِ[(47)] - وَوَضَعَتْهَا عِنْدَ الْأَحْبَارِ أَبْنَاءِ هَارُونَ، وَهُمْ يَلُونَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا يَلِي بَنُو شَيْبَةَ مِنَ الْكَعْبَةِ. -[(48)] [(49)]: وهُمْ الَّذِينَ مُقِيمُونَ بِهِ..

؛" قيل: إنها لم تلقم ثديا منذ ولدت، و

؛" قيل: إن أمها كانت ترضعها. و [(50)]

قيل:" لفتها في خرقة مِن يومها، وحملتها إلىٰ المسجد الأقصىٰ، ووضعتها عند الأحبار، من أبناء هارون عليه السلام وقالت لهم: دونكم وهذه النذيرة. [(51)] ".

وَ

الظَّاهِرُ أَنَّهَا إِنَّمَا سَلَّمَتْهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ رَضَاعِهَا وَكَفَالَةِ مِثْلِهَا فِي صِغَرِهَا.

- فَقَالَتْ : دُونَكُمْ هَذِهِ الْمَنْذُورَةَ

وَكَانَتِ ابْنَةَ إِمَامِهِمْ ... فَتَنَازَعُوا فِيهَا. وَتَنَافَسُوا فِيهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ صَاحِبِ صَلَاتِهِمْ وقُرْبَانِهِمْ . -[(52)] . [(53)]:

[2 . 1 . 19 . 1. ] " ثُمَّ لَمَّا دَفَعَتْهَا إِلَيْهِمْ تَنَازَعُوا فِي أَيِّهِمْ يَكْفُلُهَا..

وَ

كَانَ زَكَرِيَّا نَبِيَّهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ

- فَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ خَالَتَهَا عِنْدِي . فَقَالُوا لَكِنَّا نَقْتَرِعُ عَلَيْهَا .

فَــ

أَلْقَوْا أَقْلَامَهُمْ فِي نَهْرٍ جَارٍ،قِيلَ هُوَ نَهْرُ الْأُرْدُنِّ، فَأَلْقَوْا فِيهِ أَقْلَامَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بِهَا التَّوْرَاةَ، فَارْتَفَعَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ فَوْقَ الْمَاءِ وَرَسَبَتْ أَقْلَامُهُمْ، فَأَخَذَهَا وَكَفَّلَهَا وَضَمَّهَا إِلَى خَالَتِهَا أُمِّ يَحْيَىٰ وَاسْتَرْضَعَ لَهَا حَتَّىٰ كَبِرَتْ، -[(54)] [(55)]:

إذاً ... فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَبِدَّ -زَكَرِيَّاءَ- بِهَا دُونَهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ زَوْجَتَهُ : ( أُخْتُهَا ) ؛ أَوْ ( خَالَتُهَا ) عَلَىٰ الْقَوْلَيْنِ..

فَــ

شَاحُّوهُ فِي ذَلِكَ وَطَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعَ مَعَهُمْ فَسَاعَدَتْهُ الْمَقَادِيرُ فَخَرَجَتْ قُرْعَتُهُ غَالِبَةً لَهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ.

قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى- { وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا } [3: 37] أَيْ بِسَبَبِ غَلَبِهِ لَهُمْ فِي الْقُرْعَةِ كَمَا قَالَ -تَعَالَى- { ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [3: 44].

قَالُوا وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَلْقَىٰ قَلَمَهُ مَعْرُوفًا بِهِ ثُمَّ حَمَلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي مَوْضِعٍ وَأَمَرُوا غُلَامًا لَمْ يَبْلُغِ الْحِنْثَ فَأَخْرَجَ وَاحِدًا مِنْهَا وَظَهَرَ قَلَمُ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ-

فَــ

طَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعُوا مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يُلْقُوا أَقْلَامَهُمْ فِي النَّهْرِ فَأَيُّهُمْ جَرَىٰ قلمه علىٰ خلاف جريه في الْمَاءِ فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا فَكَانَ قَلَمُ زَكَرِيَّا هُوَ الَّذِي جَرَىٰ عَلَىٰ خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ وَسَارَتْ أَقْلَامُهُمْ مَعَ الْمَاءِ

ثُمَّ

طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَقْتَرِعُوا ثَالِثَةً فَأَيُّهُمْ جَرَىٰ قَلَمُهُ مَعَ الماء ويكون بَقِيَّةُ الْأَقْلَامِ قَدِ انْعَكَسَ سَيْرُهَا صُعُدًا فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا فَكَانَ زَكَرِيَّا هُوَ الْغَالِبَ لَهُمْ فَكَفَلَهَا إِذْ كَانَ أَحَقَّ بِهَا شَرْعًا وَقَدَرًا لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ. -. [(56)].

[2 . 1 . 20 . ] " وَجَعَلَ زَكَريَا كَافِلاً لَهَا ".

سنها حين ولدت مريم :

[2 . 1 . 21 . ] " و

قيل: إن عمرها لما ولدت مريم كان ستين سنة،

[2 . 1 . 22 . ] " وفاتها : و

قيل: إنها توفيت وقد بلغت مريم من العمر عشر سنين. والله أعلم. ".[(57)] ".

[2 . 1 . 23 . ] " :" وَقَبْرُ حَنَّةَ ، جَدَّةُ عِيسَىٰ ، بِظَاهِرِ دِمَشْقَ"[(58)].

قلتُ ( الرَّمَادِيُ) [2 . 1 . 23 . ] " يستنبط من هذه الرواية-على فرض صحتها :

1. ] فحنة بنت فاقوذا لم تشهد حمل ابنتها مريم..
و
بالتالي

2. ] لم تشهد ولادة حفيدها عيسىٰ ". والله أعلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

‏الإثنين‏، 23‏ جمادىٰ الأولىٰ‏، 1443هــ ~ ‏27‏ ديسمبر‏، 2021م

* - * - * -

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

﴿» „ ٢٤‟ « ﴾ قصة مولد السيد المسيح المعجز.. عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول

تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام-:

[(٢ . )] الشخصية المحورية الثانية في قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-

« „ امْرَأَةُ عِمْرَانَ ” »

١ . ] الْقِصَّةُ الْأُولَىٰ

وَاقِعَةُ «„ حَنَّةَ أُمِّ مَرْيَمَ ”» -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)

شريف حمدان
03 / 01 / 2022, 08 : 11 PM
جزاك الله خيرا

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
05 / 01 / 2022, 00 : 12 AM
قِصَّةُ مَرْيَمَ
(الجزء الأول)..
[ ١ . ] « „ مَرْيَمُ “ ابْنَتَ عِمْرَانَ »

.. اهتمَ القرآنُ العظيم والذِكرُ الحكيم والفرقانُ المبين.. المنزلُ مِن فوقِ سبعِ سمواتٍ طباقاً مِن اللوحِ المحفوظ بواسطةِ أمينُ الوحي المَلٰك جبريل.. نَزَّلَهُ علىٰ قلبِ وفؤادِ وروحِ وعقلِ وإدراكِ وفهمِ أمينِ السماء والأرض محمدٍ بن عبدالله بن عبدالمطلب-صلى الله تعالىٰ عليهما- الأمين علىٰ وحي ربه الخالق الرزاق المحيي الرازق المميت؛ والذي بيده كل الخير وهو علىٰ كل شئ قدير.. ليبلغه للناس كافة..
.. أهتمَ وحيُّ السماء في عهده الجديد -القرآن العظيم- بـ -كائنٍ بشري- أنثىٰ[(*)].. رضيعة.. طفلة.. صبية.. شابة.. عذراء.. فذكر قصتها وهي مازلت تتكون بين أحشاء أمها وتتنشأ في رحم حاضنتها..
.. أهتم بها تفصيلاً ولم يسبق أن أهتم الذِكر الحكيم بتفاصيل حياة إنسان مؤنث مثل ما أهتم بالعذراء الزهراء مريم ابنت عمران.. أم السيد المسيح عيسىٰ-عليهما السلام-!..
.. وهذه الملاحظة تحتاج إلىٰ إعمال عقل في المسألة وتدبر مع إدراك آيات المصحف الشريف في الحكمة وراء هذا الاهتمام..
.. وكيفية تربية البنات!! ..
.. صحيح أن الذِكر الحكيم أهتم بطفل ذَكر مِن آل عمران في تنشأته الأولىٰ حين سينشأ في بيت فرعون مِصر.. ولكنها لقطات سريعة..
.. في قصة مريم العذراء الزهراء البتول تغيّر سياق العرض عن بقية أشخاص حكىٰ عنهم القرآن الكريم..
.. وينبغي أن أركز أن القصصَ في القرآن ليس للتسلية والانتهاء مِن فراغ وقت.. القصةُ في الذِكر الحكيم تجد فيها تشريع ومنهاج ..
أو
دلالة علىٰ القدرة الآلهية في الخلق والتنشأة.. والإيجاد والتكوين.. والتصوير والابداع ..
أو
كيفية تكوين الأسرة المسلمة وتنشأة أجيال المستقبل!..
أي معالجات شرعية للحياة اليومية للإنسان..
لذا فتجد في إسلام النبي الرسول محمد الإعجاز الإجتماعي.. والذي يحتاج منا إلى دراسة وتفعيل..
.. وهناك مَن هم أفضل مني كتبوا في مسألة القَصص في القرآن بالتفصيل سواء من خلال التفسير والتأويل أو من خلال بحوث العقائد والإيمان؛ أو من حيث دراسة مسألة القِصة ذاتها بمفردها في سياق آيات القرآن الكريم!

.. الحديث عن مريمَ ابنت عمران وقصتها تدور في بيئة يهودية.. خاصة في بني إسرائيل دون سواهم!..
إذ :" عِمْرَانُ - أبو مريم؛ وجد عيسى - هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فِيمَا حَكَى الطَّبَرِيُّ". [تفسير ابن عطية] .



بداية القصة.. والأفضل أن نقسمها لمشاهد :
1.] المشهد الأول : قضية الاصطفاء والاجتباء والاحتباء والاختيار لقوله -تعالىٰ-:
{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين } [آل عمران:33] { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم } [آل عمران:34]
.. وينبغي أن أذكر:
أنَّ لكل منا نصيب وافر وقدر معلوم من الاصطفاء العام.. وليس خصوصية الاجتباء وخصوصية الاحتباء..
فــ الله :{ .. يَخْلُقُ مَا يَشَاء .. يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا .. وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُور } [الشورى:49] { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير } [الشورى:50]
وهذا نوع من الاصطفاء..
فــ الخالق الرازق الذي قدر متىٰ سنولد.. ومتى نأتي إلىٰ الدنيا.. ومتىٰ سنرحل عنها.. فهو الذي أختار لنا وقت المجئ وزمن الميلاد ووقت المغادرة وبأي أرض نموت وصورة الموت .. مع أن سبب الموت واحد وليس كما يدعي البعض بقولهم تعددت الأسباب والموت واحد .. إذ أن سبب الموت هو انتهاء الأجل .. وانتهاء الرزق من السماء .. وانتهاء الإطعام والشراب والنفس والهواء للرئة والنبض للقلب وحركة الخلايا المخ !..
نبحثُ معاً
قِصَّةَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ
فــ نبدءُ بـــ مسألة :
2.] النذر : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا } ..
ودعتْ اللهَ -تعالىٰ- برجاء أن يتقبل منها نذرها :
3.] رجاء قبول النذر : { فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم }[آلعمران:35]
ولأنه هو السَّمِيعُ الْعَلِيم..
.. ولكنه : { الْحَكِيمُ الْخَبِير }.
جاء الوليد علىٰ غير ما تمنت ورغبت
4.] { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى }..
{ وَاللّهُ أَعْلَمُ .. } ..
والله هو : { الْحَكِيمُ الْخَبِير }[الأنعام:18].. وهو {..اللَّطِيفُ } [الأنعام:103] و : { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } [الإسراء:30] و : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير } [لقمان:34] ".
فهو -سبحانه- أعلمُ { بِمَا وَضَعَتْ .. } ..
ويأتي هنا إخبار بتحقيق مسألة تحتاج لمزيد دراسة إذ نطق القرآن يقول: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى .. }..
.. وأهل التفسير ورجال التأويل ذهبوا إلى تأويلين فإما هذا المقطع من الآية قول الخبير العليم الحكيم فهو الخالق.. وإما أثبت القرآن الكريم قول أم مريم امرأت عمران..
5.] التسمية: { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ .. }
6.] اللجؤ إلىٰ الله -تعالىٰ- والاستعانة به وطلب مساعدته: { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم } [آل عمران:36]
7.] ثم يأتي القبول من الرحمن الرحيم :{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ .. }..
8.] الإنبات الصالح والتربيةالحسنة : { وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا .. } ..
وهذ قضية كل أسرة وزوج وزوجة وأب وأم!
9.] الكفالة مِن الصالحين : {.. وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا .. } ..
10.] الرازق الرزاق: { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً .. }..
11.] التساؤل المشروع لغرابة الحدث؛ فاستفسر زكريا : { قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا .. }
12.] : الإجابة القاطعة : {.. قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ .. }
13.] التوكل التام علىٰ الله-تعالىٰ- :
{ .. إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب }[آل عمران:37]
14.] الاصطفاء الثاني :
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ .. }
إذ أن الاصطفاء الأول ذُكر قبل ذلك لقوله -تعالىٰ- : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى ... آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين }[آلعمران:33]..
وهذا اصطفاء الآل وبدليل نص التخصيص لقوله : { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ..}[آل عمران:34]
15.] التطهير من الشرك والرجس والدنس { .. وَطَهَّرَكِ .. }
و
16.] الثالث؛ بقوله في نفس الآية:
{ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين }[آلعمران:42]
17.] ثم تأتي التكاليف الشرعية؛ فلا دين دون تكاليف شرعية مستطاعة :
17. 1. ] { يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ .. }
17. 2. ] {.. وَاسْجُدِي .. وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين }[آل عمران:43]
18.] ثم يأتي الوحي ليؤكد للجميع رسولية ونبوة عبده ومصطفاه ومجتباه ومحتباه.. آخر الأنبياء ومتمم المبتعثين؛ محمد بن عبدالله مع أميته وأنه لم يطلع علىٰ كتب السابقين وأخبار السالفين .. فينطق القرآن :
{ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون }[آل عمران:44]
ثم
ثم يأتي التكريم الأعظم بتسمية سورة كاملة من سور القرآن باسمها؛ وإثبات قصتها : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ .. }[مريم:16]
وتأتي البشارة وفي طياتها اختبار كبير وبلاء عظيم:
19.] { إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .. }[آل عمران:45]
ويظهر لي -بنص القرآن الصريح- أنها الزيارة الثانية لها من الملآئكة؛ مما جعل بعض السادة العلماء يميل إلىٰ القول بنبوتها..
والنص القرآن الكريم والذي يقول: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم .. }[يوسف:109]
يحصر النبوة والرسالة بصنف الرجال.. دون النساء.. :
{ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [الأنعام:124]".

وايضاً استمع لقوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ .. }[النحل:43]
وايضا: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ .. }[الأنبياء:7]
وهذا بخلاف ما نطق به القرآن حين يقول : { إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى }[طه:38]
فــ المقصود : أم { مُوسَى }
والمعنىٰ وضح من قوله -تعالىٰ- :{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين }[القصص:7]
..
{ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .. }
فجاء الاستفسار في محله لأنه خلاف العادة : { قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ .. } .. { .. قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ.. } .. { .. يَخْلُقُ مَا يَشَاء .. } .. { .. إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون }[آل عمران:47]
21.] والله -تعالىٰ- يخبرنا : { إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ .. } .. { .. وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ .. } .. { .. وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} [آل عمران:62].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)] من الموضوعات الشائكة والمسائل ذات بُعد عقائدي.. قصة العذراء الزهراء البتول؛ ثم قصة ابنها السيد الجليل النبي الرسول المسيح عيسىٰ-عليهما السلام-
.. وهذا يعود للبون الشاسع والفارق الكبير الذي لا يمكن التوفيق بين وجهة نظر الإسلام في هذه المسألة وبين وجهة نظر المسيحية الحديثة.. لكنها محاولة مني -مع تقصيري وجهلي-في الكتابة عن الموضوع!!
.. ولكن الصورة الذهنية والتي رسمها أتباع الديانة المسيحية تختلف بالتفصيل عن تلك الصورة الحقيقية والتي تحدث عنها القرآن العظيم.. -العهد الحديث-..والتزم بها أهل الإسلام!

.. ولعل ما يؤخذ عليَّ بالنقد أن ما سوف أكتبه أنني لن اسعى لعقد مقارنة بين المريمتين.. في المسيحية والإسلام!
. وهذا جانب فيه تقصير من طرفي.. وساسعى في قادم الأيام لعقد مقارنة امتثالا لنص القرآن الكريم : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين } [النحل:125]
و : .

{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون } [آل عمران:64]
و : .

وامثالا لقوله : { وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [العنكبوت:46]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
‏الثلاثاء‏، 01‏ جمادىٰ الثانية‏،1443هــ ~ ‏04‏ يناير، 2022م
-*-*-*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
﴿» „ ٢٤‟ « ﴾ قصة مولد السيد المسيح المعجز.. عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول
تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام-:
[(٢ . )] الشخصية المحورية الثالثة في قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
„» الجزء الأول: مَرْيَمُ ابْنَتَ عِمْرَانَ « ”
٢ . ] الْقِصَّةُ الْثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
-*-*-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
08 / 01 / 2022, 23 : 12 AM
اصْطفاءُ مَرْيَمَ وتطهيرها
الجزء الثاني
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين } [آل عمران:42]
« مع خصوصية الاصطفاء.. وخاصية التطهير..تصلح مريم العذراء الزهراء البتول نموذجاً لتربية البنات!»
انْتِقَالٌ إِلَىٰ ذِكْرِ مَرْيَمَ
وَمَرْيَمُ: عَلَمٌ عِبْرَانِيٌّ، وَهُوَ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ -مِرْيَمُ-، وَهُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ سُمِّيَتْ بِهِ أُخْتُ مُوسَىٰ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ : مَرْيَمُ فِي لُغَتِهِمْ أَيْ لُغَةِ الْعِبْرَانِيِّينَ بِمَعْنَىٰ : „ الْعَابِدَةِ “»



-*-*-*-
تمهيد:
1.] تجري علىٰ مدار العام الواحد أحداث.. وتأتي مناسبات في كافة المجالات.. وفي كل التخصصات.. وفي كل الموضوعات.. فــينبغي علىٰ العقلاء استثمارها في حينها؛ خاصةً أهل العلم ورجال التخصص؛ وليس الغوغاء وأنصاف المتعلمين..
.. وعلىٰ سبيل المثال وليس الحصر فــ منذ أيام قلائل تحتفل الكنائس المسيحية والعالم المسيحي ويجاوره المسلمون بعيد ميلاد[(*)] السيد المسيح -ابن الآله؛ المُخَلِص- فكان ينبغي علىٰ الهيئات العالمية ذات الشأن أن تبادر قبل أو أثناء التهنئة -إن قامت بها: إما علىٰ مضض بتكليف حكومي أو رئاسي؛ وإما طواعية اقتناعا بتبني رأي شرعي بجواز التهئنة-
أقول(الرَّمَادِيُّ) ينبغي علىٰ الهيئات العالمية[(**)] باستثمار هذه المناسبة بما يليق بها.. كما بينتُ في نهاية المقال السابق..
2.] في قصة مريم العذراء الزهراء البتول توجد عدة مقدمات.. كي يصل المتابع للقصة منذ بدايتها إلىٰ معجزة حادثة الحبل دون بعل أو الحمل دون فحل.. فنصل إلى أمر لا يقبله العقل ولا يستسيغه الفهم ولم يحدث من قبل ولن يحدث من بعد.. إلا باعتماد أن الله -تعالى- الخالق أراد في ملكه أمراً خارقاً للعادة.. والقبول مع التسليم بأن أمره بين الكاف والنون..
.. فالقصةُ في أصلها دليلٌ مادي ملموس محسوس يقدمه المُبدعُ -جلَّ شأنه- على غير مثال سابق.. ويبرزه المُنشأ من عدم ليثبت قدرته على الخلق مِن لا شئ؛ كما تقدم القصة منذ بدايتها بعد الرضا بمقدمة العلماء وقبول أن أم مريم حبلت بها وقد أسنت واصابها العجز عن الإنجاب بإنقطاع مبشرات الحبل وعلامات الحمل -الحيض- والقدرة البيولوجية على الانجاب دون تدخل طبيب حاذق في تخصصه أو دون معمل طبي للتلقيح الصناعي خارج الرحم أو بداخله.. وما يتم من مجهود طبيب حاذق أو معمل للتقليح ليس فيه أدنى إعجاز أو قدرة خارقة بل اخصاب مادة أنثوية بآخرى ذكورية؛ والحيوان المنوي والبويضة مادتان متاحتان للطبيب مع وجود قدرات علمية متقدمة وحديثة لمعمل للتلقيح..
فالحديث.. إذاً.. عن وجود خالق مِن عدم.. والإيمان به.. وليس قصة للتسلية والترويح..
فــ مِن مقدمات القِصة:
1.] إثبات نظرية اختيار.. والتأكيد على مبدأ الاصطفاء لــ آل بيت عمران.. وقد تم هذا لأنبياءه ورسله..أو بدرجة أقل كثيراً لأوليائه ومن يحبونه فيحبهم.. فالنبي يظهر رسالته والرسول يتحدث عن نبوته؛ أما الولي فهي كرامة خاصة به لا يظهرها..
فنطق القرآن الكريم وتكلم عن صفات حميدة تميزت بها عائلة عمران فذكر النص القرآني القطعي الثبوت والقطعي الدلالة علىٰ: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }.. واضاف الذرية لهذا الاصطفاء..
وهذا يلزمنا دراسة تفصلية لهذا المبدأ.. مبدأ الاصطفاء.. ونظرية الاجتباء.. وفكرة الاحتباء.. وقاعدة الاختيار..فيترتب عليها حفظ الإنسان من شر.. سواء أكان شر الشرك أو شر الدنس أو شر المعصية أو شر الذنب..
وأما نساؤنا فــ : كَانَ أَبُوهُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واصفاً:«„ خَيْرُ نِسَاءٍ “»؛ بأنهن :«„ أَحْنَاهُ عَلَىٰ وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَىٰ زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ “» [ لَمْ يُخَرِّجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، سِوَى مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ بِهِ ].
وهذ الجزئية من البحث تنقسم إلى شقين ..
الأول منهما :
أ.] ما أثبته الخالق المبدع المصور في اللوح المحفوظ قبل خلق الإنسان -أي إنسان؛ وفي أي زمن أو مكان- بأنه أشقي أم سعيد لنص قول الرسول النبي :«„ شقيٌّ أم سعيدٌ “»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
روى عبدالله بن مسعود؛ فقال : حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ :«„ إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ -تعالى- مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ، فــ [والذي لا إلَه غيرُه] إنَّ [أحدَكم] الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ “».
[انظر: البخاري في:صحيحه (3208)؛ وأخرجه مسلم (2643) باختلاف يسير]
فقد كَتَبَ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- أقدارَ الخَلائِقِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وهي واقِعةٌ وَفْقَ ما قَضَىٰ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- وقَدَّرَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّ الجَنينَ في بَطنِ أُمِّه يَمُرُّ في تَكوينِه بأربَعةِ أطوارٍ؛ فيَكونُ في:
-الطَّوْرِ الأوَّلِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا حَيَوانًا مَنَويًّا يَجتَمِعُ ببُوَيْضةِ الأُنثىٰ، فيُلَقِّحُها، وتَحمِلُ المَرأةُ بإذْنِ اللهِ -تَعالى-،ثمَّ يَتَحوَّلُ في
- الطَّوْرِ الثَّاني لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا إلىٰ قِطعةِ دَمٍ جامِدةٍ تَعْلَقُ بالرَّحِمِ، ثمَّ يَتحَوَّلُ في
- الطَّوْرِ الثَّالِثِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا إلىٰ قِطعةِ لَحمٍ صَغيرةٍ بقَدْرِ ما يَمضُغُ الإنسانُ في الفَمِ، ثمَّ في
- الطَّورِ الرَّابِعِ يَبدَأُ تَشكيلُه وتَصويرُه، ويَكونُ قد أكمَلَ أربَعةَ أشهُرٍ، فيُرسِلُ اللهُ إليه المَلَكَ المُوَكَّلَ بالأرحامِ؛ فيَكتُبُ :
- أعمالَه التي يَفعَلُها طِيلَةَ حَياتِه خَيرًا أو شَرًّا، و
- رِزقَه و
- أجَلَه، و
- يَكتُبُ خاتِمَتَه ومَصيرَه الذي يَنتَهي إليه إنْ كانَ مِن أهلِ الشَّقاوةِ أو مِن أهلِ السَّعادةِ، وتَقَعُ الأعمالُ وَفْقَ ما كُتِبَ؛ وهذا مِن الغيبِ الذي لا يَعْلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ وهو مجهول للإنسان.. فإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ، حتَّىٰ ما يَكونُ بيْنه وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِراعٌ -وهو تعبير عن غَايةِ القُرْبِ- فيَسْبِقُ عليه كِتابُه، بأنْ يَكونَ قد كُتِبَ عليه سابِقًا في بَطنِ أُمِّه أنَّه شَقيٌّ؛ فيُختَمُ له بالشَّقاوةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ فيَدخُلُها كما سبَقَ به القَدَرُ، وفي الجِهةِ الأُخْرىٰ قد يَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ، حتَّىٰ يَقتَرِبَ منها اقتِرابًا شَديدًا، بألَّا يَكونَ بيْنَه وبيْنَها إلَّا ذِراعٌ، فيَسبِقُ عليه ما كُتِبَ سَلَفًا في كِتابِه بأنَّه مِن أهلِ الجَنَّةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجَنَّةِ، فيَدخُلُها.
وهذه الصُّورةُ المذكورةُ في الحديثِ يُفسِّرُها حَديثُ سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِديِّ -رَضيَ اللهُ عنه- في الصَّحيحينِ: « إنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ الجَنَّةِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ النَّارِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ الجَنَّةِ »؛ فالظَّاهرُ للنَّاسِ غيرُ الباطنِ الذي يَعلَمُه اللهُ -سُبحانه-.
وفي الحَديثِ: الإيمانُ بالقَدَرِ، سَواءٌ تَعلَّقَ بالأعمالِ أو بالأرزاقِ والآجالِ.
وفيه:
عَدَمُ الاغتِرارِ بصُوَرِ الأعمالِ؛ لِأنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.
وفيه:
أنَّ الأعمالَ مِنَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ أمَاراتٌ لا مُوجِباتٌ، وأنَّ مَصيرَ الأمْرِ في العاقِبةِ إلىٰ ما سَبَقَ به القَضاءُ وجَرَىٰ به التَّقديرُ.[()]
تنبيه :
لفظا " السعادة " و " الشقاء" الواردان في حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- ليسا هما ما نحسه في الدنيا من " سعادة "، وما يصيبنا فيها من " شقاء "، بل هما " الإسلام " و " الكفر "، وهما الطريقان إلىٰ " الجنة " و " النار "، والمقصود بالحديث: ما يختم للإنسان بأحد الأمرين في الدنيا، فمن ختم له بخير فهو سعيد، وهو من أهل السعادة، وجزاؤه الجنة، ومن خُتم له بشرٍّ فهو شقي، وهو من أهل الشقاء، ومصيره النار - والعياذ بالله - .
وقد جاء هذا اللفظان في الكتاب والسنَّة بذات المعنىٰ الذي قلناه :
أ.] { يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود/ 105 – 108] .
ب.] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ [عصا] فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ :«„ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً “». قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ :„ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَىٰ كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ “. فَقَالَ :«„ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ “». ثُمَّ قَرَأَ { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) . [رواه البخاري ( 4666 )؛ ومسلم ( 2647 )].
- وفي" الصحيحين " عن عمرانَ بن حُصينٍ، قال: قال رجل :„ يا رسول الله، أيُعرَفُ أهلُ الجَنَّةِ مِنْ أهلِ النَّارِ ؟“؛ قالَ :«„ نَعَمْ “»؛ قالَ :„ فَلِمَ يعملُ العاملونَ ؟ “؛ قال :«„ كلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له، أو لما ييسر له “».
فالقضاء والقدر هذا أمرٌ ..
والأمر الثاني: واختيار العبد ما يقوم به ويفعله؛ وما يفهمه فيدركه فيقتنع بصحته بما يوافق مراد الله تعالى فيلتزم بهديه وأمره ويبتعد عن ما زجر عنه ونهى!..فلا يوجد إجبار أو الزام بل حرية اختيار.. واستمع لقوله تعالى : {.. فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ..}[الكهف:29]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
مسألة الاصطفاء لمريم :
كَرَّرَ الِاصْطِفَاءَ لِأَنَّ مَعْنَىٰ الْأَوَّلِ الِاصْطِفَاءُ لِعِبَادَتِهِ -عزوجل-، وَمَعْنَىٰ الثَّانِي لِوِلَادَةِعِيسَىٰ".[قرطبي] من غير مسيس رجل لها.. فــ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اصْطَفَاهَا،أَيِ : اخْتَارَهَا لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهَا وَاحتباها لــ زَهَادَتِهَا وَاجتباها لــ شَرَفِهَا وَطُهْرِهَا مِنَ الْأَكْدَارِ وَالْوَسْوَاسِ.. وَاصْطَفَاهَا ثَانِيًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِجَلَالَتِهَا عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .[ابن كثير] لخصوصية الحبل والحمل كما ذكرت الآيات القرآنية!
[ابن عاشور] وَتَكَرَّرَ فِعْلُ ( اصْطَفَاكِ ) لِأَنَّ الِاصْطِفَاءَ الْأَوَّلَ ذَاتِيٌّ، وَهُوَ جَعْلُهَا مُنَزَّهَةً زَكِيَّةً، وَالثَّانِي بِمَعْنَىٰ التَّفْضِيلِ عَلَىٰ الْغَيْرِ، وَنِسَاءُ الْعَالَمِينَ نِسَاءُ زَمَانِهَا، أَوْ نِسَاءُ سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ؛ وَتَكْلِيمُ الْمَلَائِكَةِ وَالِاصْطِفَاءُ يَدُلَّانِ عَلَىٰ نُبُوءَتِهَا وَالنُّبُوءَةُ تَكُونُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّسَالَةِ .[ابن عاشور].. هذا قول معتبر قال به بعض العلماء!
:" وكَرَّر الاصطفاءَ رفعاً مِنْ شأنِهِا.
قال الزمخشري: « اصطفاكِ أولاً حين تَقَبَّلَكِ مِنْ أُمِّك ورَبَّاك واخْتَصَّكِ بالكرامَةِ السَّنِيَّة، واصطفاكِ آخِراً علىٰ نساءِ العالمين بأَنْ وَهَبَ لكِ عيسى من غَيْرِ أَبٍ ولم يكنْ ذلك لأحدٍ من النساء »
وقال أبوالبقاء: « وكَرَّر اصطفى: [إمَّا] توكيداً، وإمَّا ليبيِّن مَنِ اصطفاها عليهنَّ »،
وقال الواحدي: « وكَرَّر الاصطفاءَ لأنَّ كِلا الاصطفائين يختلفُ معناهما، فالاصطفاء الأول عمومٌ يدخُل فيه صوالحُ النساءِ، والثاني اصطفاء بما اختصَّتْ به من خصائِصِها ». [حلبي].. وما قاله الواحدي يضئ طريق تربية البنات!
والقرآن العظيم يستحضر لنا نموذجاً عملياً.. جزءه الأول اختيار رب مالك الكون ومنظم الحياة وخالق الإنسان..اختياره لــ مريم؛ والجزء الثاني ما فعلته هي بنفسها.. فلنراجع الآيات القرآنية المتعلقة بقصة حياة مريم!
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَىٰ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :«„ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ [ إِلَّا ثَلَاثٌ :[ابن كثير] غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ [ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ". [ابن كثير] وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَىٰ النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ “».
قَالَ : الْكَمَالُ هُوَ التَّنَاهِي وَالتَّمَامُ. وَالْكَمَالُ الْمُطْلَقُ إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ -تَعَالَى- خَاصَّةً. وَلَا شَكَ أَنَّ أَكْمَلَ نَوْعِ الْإِنْسَانِ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ يَلِيهِمُ الْأَوْلِيَاءُ مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْكَمَالَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي بِهِ النُّبُوَّةَ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ-وَآسِيَةُ نَبِيَّتَيْنِ ، وَقَدْ قِيلَ بِذَلِكَ ".
وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُوهُرَيْرَةَ :«„ خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ؛ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ .. امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ؛ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ( وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ “».[قرطبي] وكَانَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مثله". رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ[ابن كثير]
ابن كثير :" وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ :«„ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ “».[أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ] ،". [ابن كثير] :" وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:«„ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ “». [تَفَرَّدَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ] [ابن كثير]
قرطبي: وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :«„ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ “». وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ:«„ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ فَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ “».
فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِ مِنْ حَوَّاءَ إِلَىٰ آخِرِ امْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهَا السَّاعَةُ ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ بَلَّغَتْهَا الْوَحْيَ عَنِ اللَّهِ -عَزَّوَجَلَّ- بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِخْبَارِ وَالْبِشَارَةِ كَمَا بَلَّغَتْ سَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ : فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ النِّسَاء ِ: الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مُطْلَقًا .:" ثُمَّ بَعْدَهَا فِي الْفَضِيلَةِ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«„ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ “ »؛ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ. وَ قَدْ خَصَّ اللَّهُ مَرْيَمَ بِمَا لَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ كَلَّمَهَا وَظَهَرَ لَهَا وَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا وَدَنَا مِنْهَا لِلنَّفْخَةِ ؛ فَلَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ. وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً عِنْدَمَا بُشِّرَتْ كَمَا سَأَلَ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْآيَةِ ؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقَةً فَقَالَ: { وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ }. وَ قَالَ: { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَ كُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } . فَشَهِدَ لَهَا بِالصِّدِّيقِيَّةِ وَشَهِدَ لَهَا بِالتَّصْدِيقِ لِكَلِمَاتِ الْبُشْرَى وَشَهِدَ لَهَا بِالْقُنُوتِ ". وَبُشِّرَتْ مَرْيَمُ بِالْغُلَامِ فَلَحَظَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَلَمْ يَمْسَسْهَا بَشَرٌ فَقِيلَ لَهَا : { كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ }؛ فَاقْتَصَرَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً مِمَّنْ يَعْلَمُ كُنْهَ هَذَا الْأَمْرِ، وَمَنْ لِامْرَأَةٍ فِي جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ مَا لَهَا مِنْ هَذِهِ الْمَنَاقِبِ ". وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهَا سَبَقَتِ السَّابِقِينَ مَعَ الرُّسُلِ إِلَىٰ الْجَنَّةِ ؛ جَاءَ فِي الْخَبَرِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه ِوَسَلَّمَ - :«„ لَوْ أَقْسَمْتُ لَبَرَرْتُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَابِقِي أُمَّتِي إِلَّا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ “».
قَوْلُهُ-تَعَالَىٰ- : { يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }
أَيْ أَطِيلِي الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَتَادَةُ: أَدِيمِي الطَّاعَةَ .
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَمَّا قَالَتْ لَهَا الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ قَامَتْ فِي الصَّلَاةِ حَتَّىٰ وَرِمَتْ قَدَمَاهَا وَسَالَتْ دَمًا وَقَيْحًا -عَلَيْهَا السَّلَامُ-.
{ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي } ؛ قَدَّمَ السُّجُودَ هَا هُنَا عَلَىٰ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ؛ فَعَلَى ٰهَذَا يَكُونُ الْمَعْنَىٰ وَارْكَعِي وَاسْجُدِي. وَ
قِيلَ : كَانَ شَرْعَهُمُ السُّجُودُ قَبْلَ الرُّكُوعِ .
قَوْلُهُ -تَعَالَى- : مَعَ ا لرَّاكِعِينَ قِيلَ : مَعْنَاهُ افْعَلِي كَفِعْلِهِمْ وَإِنْ لَمْ تُصَلِّي مَعَهُمْ. وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ .[قرطبي]
" ثُمَّ أَخْبَرَ -تَعَالَى- عَنِ الْمَلَائِكَةِ: أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالدُّءُوبِ فِي الْعَمَلِ لَهَا، لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ -تَعَالَى- بِهَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ، مِمَّا فِيهِ مِحْنَةٌ لَهَا وَرِفْعَةٌ فِي الدَّارَيْنِ، بِمَا أَظْهَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- فِيهَا مِنْ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ، حَيْثُ خَلَقَ مِنْهَا وَلَدًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ، فَقَالَ تَعَالَى :{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } أَمَّا الْقُنُوتُ فَهُوَ الطَّاعَةُ فِي خُشُوعٍ كَمَا قَالَ -تَعَالَى- : { بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[الْبَقَرَةِ : 116].
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : كَانَتْ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ-، تَقُومُ حَتَّىٰ تَتَوَرَّمَ كَعْبَاهَا، وَالْقُنُوتُ هُوَ : طُولُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ ". [ابن كثير].
وهذه نماذج عن سير حياتها؛ تصلح لدراستها كنموذج عملي يُقتدىٰ به !
بيد أنها لم تكلف بالتبليغ ولم يصل ما يفيد أنها حملت رسالة مِن السماء إلىٰ قومها.. بل هي آية وعلامة ومعجزة لإثبات الخلق لله -تعالى-.. وقد بينتُ هذه المسألة في الجزء السابق؛ ومن الله تعالى الهداية والتوفيق.
ب.] دور الوسط البيئي والمناخ المحيط بالإنسان.. والرعاية والتربية.. التعليم.. ونوعية العلم.. والتثقيف.. أو مسألة التلقين :
وهذا ظاهر مِن أنهم :« كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ ». [تفسير قرطبي] لقوله عليه السلام :«„ يولد المرء علىٰ الفطرة ”»؛ ثم يأتي بمثال في التعديل والتبديل.. فيكمل النص النبوي الشريف : فـــ :«„ابواه “ »؛ يقومان بعملية التربية والتلقين والتعليم :«„ يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه “»؛
وقد :" ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ:« كَانَتْ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ- ، تَغْتَسِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ».[ابن كثير].
ثم تأتي :
ج.] مسألة الدعاء والإلحاح فيه:
أثبت القرآن الكريم قول أم مريم بعد أن قالت: { وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ }.. فيأتي الدعاء لابنتها بقولها: { وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ }.. وكذلك الدعاء لنسلها.. وهي مازالت -النذيرة- رضيعة فنطق القرآن على لسانها: { وِ أُعِيذُ }: { ذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ }
فبدأت أم مريم الدعاءُ مِن اللحظة الأولىٰ مِن مولد ابنتها في الشطر الأول مِن الآية الكريمة.. وبُدء الدعاء في ظهر الغيب: حين تقول أم مريم امرأت عمران { وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ }
وأصل الـمعاذ: الـموئل والـملـجأ والـمعقل.
وهذا ما يطلق عليه التعليم من خلال النموذج العملي وبصورة حية مؤثرة..
جاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«„ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ “»؛ ثُمَّ قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ :„ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
فَأَفَادَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- اسْتَجَابَ دُعَاءَ أُمِّ مَرْيَمَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُ جَمِيعَ وَلَدِ آدَمَ حَتَّىٰ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا.
قَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ مَوْلُودٍ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِيجَنْبِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَىٰ وَأُمِّهِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ فَأَصَابَتِ الطَّعْنَةُ الْحِجَابَ وَلَمْ يَنْفُذْ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ،
قَالَ عُلَمَاءُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَطَلَتِ الْخُصُوصِيَّةُ بِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ نَخْسَ الشَّيْطَانِ يَلْزَمُ مِنْهُ إِضْلَالُ الْمَمْسُوسِ وَإِغْوَاؤُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَنٌّ فَاسِدٌ؛ فَكَمْ تَعَرَّضَ الشَّيْطَانُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ بِأَنْوَاعِ الْإِفْسَادِ وَالْإِغْوَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ فَعَصَمَهُمُ اللَّهُ مِمَّا يَرُومُهُ الشَّيْطَانُ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } .
هَذَا مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرْيَمُ وَابْنُهَا وَإِنْ عُصِمَا مِنْ نَخْسِهِ فَلَمْ يُعْصَمَا مِنْ مُلَازَمَتِهِ لَهُمَا وَمُقَارَنَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ."[تفسير قرطبي]
وبدعاء أم مريم وجدة عيسىٰ ابن مريم وهو مازال غيباً.. تم القبول.:
{ فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ.} ..
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ } الْمَعْنَىٰ : سَلَكَ بِهَا طَرِيقَ السُّعَدَاءِ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَ
قَالَ قَوْمٌ :« مَعْنَىٰ التَّقَبُّلِ التَّكَفُّلُ فِي التَّرْبِيَةِ وَالْقِيَامُ بِشَأْنِهَا ».
وَقَالَ الْحَسَنُ :« مَعْنَىٰ التَّقَبُّلِ أَنَّهُ مَا عَذَّبَهَا سَاعَةً قَطُّ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ ».. [ تفسير قرطبي]
ولعل :« المعنىٰ: أنَّ الله تولاها في أول أمرها وحين ولادتِها ». [حلبي].
وهذه خصوصية زائدة.. حدثت مع الأنبياء والمرسلين وتحدث مع أولياء الله الصالحين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفات أوليائه:
1.] { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّالْمُتَّقُونَ }[الأنفال:34] ". هذه الصفة الأولى..
ثم يزيد القرآن الكريم الأمر وضوحاً بقوله : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.. } ..
2.] { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ .. }..
3.] { وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ .. }..
4.] { وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ .. } ..
5.] { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ . } ..
6. 1.] { وَيُطِيعُونَ اللّهَ .. } ..
6. 2. ] { وَرَسُولَهُ }[التوبة:71]
ثم يقول :
{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}[يونس:62]
7.] { الَّذِينَ آمَنُواْ .. }
ويركز على المعنى الأول في سورة الأنفال
{ وَكَانُواْ يَتَّقُون}[يونس:63] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزاد فوق القبول.. مسألة الإنبات الصالح : { وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً }
وَمَعْنَىٰ: { وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } أَنْشَأَهَا إِنْشَاءً صَالِحًا. وَذَلِكَ فِي الْخُلُقِ وَنَزَاهَةِ الْبَاطِنِ، فَشُبِّهَ إِنْشَاؤُهَا وَشَبَابُهَا بِإِنْبَاتِ النَّبَاتِ الْغَضِّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ، وَنَبَاتٌ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِـ " أَنْبَتَ" وَهُوَ مَصْدَرُ " نَبَتَ " وَإِنَّمَا أُجْرِيَ عَلَىٰ " أَنْبَتَ" لِلتَّخْفِيفِ ".[عاشور]
وهاتان متعلقتان البيئة والمناخ التربية والتلقين والتعليم .. إذ يعنـي بذلك جل ثناؤه: تقبل مريـم من أمها حنة:" بتـحريرها إياها للكنـيسة وخدمتها، وخدمة ربها بقبول حسن ".
.. وهذه أحكام شرعية عملية متعلقة بذرية حاضرة وذرية غائبة مازالت في ظهر الغيب لم تأتِ بعد للدنيا..."
د.] وبمجرد الولادة تأتي مسألة الصحبة الصالحة.. والكفالة الطيبة :
إذاً .. هناك مسألة الجينات من باب الوراثة وتناسل الأجيال.. والصحة البدنية؛ والصحة النفسية؛ والصحة العقلية.. وهذه واحدة.. وهناك قضية التعليم والتربية والتلقين.. وهي الثانية.. مسألة الجينات والمورثات لا نملك فيها الكثير ولكن يفضل الزواج من امرأة يغلب على عائلتها الصحة والعافية وخلوها من أمراض متوارثة -كـــ سرطان الثدي عند- النساء (مثلاً) وأمراض السكري بأنواعه الخ..-
لذا فيمكن القول بأن:" الصحة الإنجابية: جانب مهم، ينبغي اعتباره والنظر إليه للخاطبين، كما أن مراعاة قضايا الصحة العامة، والتوقي من البلاء، وإزالة الضرر، هي مقاصد معتبرة في الشرع بوجه عام. وقد دل على اعتبار ذلك ومراعاته في النظر : مجموع الأدلة الكثيرة، والمتنوعة، التي تحث على الصحة الوقائية، كمثل قوله -صلى الله عليه وسلم- :«„ لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ”». [رواه البخاري (5771)، ومسلم (2221)]، وقوله -عليه الصلاة والسلام- :«„ فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ ”». [رواه البخاري (5707)]، وأيضا حديثه -عليه الصلاة والسلام- حين قال:«„ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا ”». [رواه البخاري (5728) ، ومسلم (2218)] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا } .
والكَفالَةُ: الضمان في الأصلِ، ثم يستعار للضم والأخذ . [حلبي]
{ وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ}.
عُدَّ هَذَا فِي فَضَائِلِ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَزِيد ُفَضْلَهَا؛ لِأَنَّ أَبَا التَّرْبِيَةِ يُكْسِبُ خُلُقَهُ وَصَلَاحَهُ مُرَبَّاهُ". [ابن عاشور]
ويصح -وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم- أن نقول بما :" رَوَى أَبُوصَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :„ حَمَلَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ بَعْدَمَا أَسَنَّتْفَنَذَرَتْ مَا فِي بَطْنِهَا مُحَرَّرًا فَقَالَ لَهَا عِمْرَانُ:„ وَيْحَكِ مَا صَنَعْتِ ؟ أَرَأَيْتِ إِنْ كَانَتْ أُنْثَى ؟ ”. فَاغْتَمَّا لِذَلِكَ جَمِيعًا . فَهَلَكَ عِمْرَانُ وَحَنَّةُ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ أُنْثَى فَتَقَبَّلَهَا اللَّهُ بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وَكَانَ لَا يُحَرَّرُ إِلَّا الْغِلْمَانُ فَتَسَاهَمَ عَلَيْهَا الْأَحْبَارُ بِالْأَقْلَامِ الَّتِي يَكْتُبُونَ بِهَا الْوَحْيَ ”.
فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا وَأَخَذَ لَهَا مَوْضِعًا فَلَمَّا أَسَنَّتْ جَعَلَ لَهَا مِحْرَابًا لَا يُرْتَقَى إِلَيْهِ إِلَّا بِسُلَّمٍ، وَاسْتَأْجَرَ لَهَا ظِئْرًا وَكَانَ يُغْلِقُ عَلَيْهَا بَابًا، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا زَكَرِيَّا حَتَّى كَبِرَتْ، فَكَانَتْ إِذَا حَاضَتْ أَخْرَجَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ فَتَكُونُ عِنْدَ خَالَتِهَا وَكَانَتْ خَالَتُهَا امْرَأَةَ زَكَرِيَّا فِي قَوْلِ الْكَلْبِيِّ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَتْ أُخْتُهَا امْرَأَةَ زَكَرِيَّا.
:" وَإِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ كَوْنَ زَكَرِيَّا كَافِلَهَا لِسَعَادَتِهَا ، لِتَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا ". [ابن كثير] .
وَأَمَرَهُ -اللَّهُ - بِأَنْ يَكْفُلَهَا زَكَرِيَّاءُ -لأنه- أَعْظَمُ أَحْبَارِهِمْ.
وهنا تأتي قضية جديدة: وَأَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِإِقَامَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ قَبْلَهَا، وَكُلُّ هَذَا إِرْهَاصٌ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْهَا رَسُولٌ نَاسِخٌ لِأَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ النِّسَاءِ لِلْمَسْجِدِ الْمُقَدَّسِ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً ". [ابن عاشور]
قلت(الرَّمَادِيُّ) لن نستفيد كثيرا .. سواء أكانت أختا أو خالة؛ ولكن القصة التي رويت من قبل بما اشتهت وتمنت به حنة امرأة عمران تعطل الاستدلال بأنها أختا لمريم..-والله أعلم-
ثم تأتي مسألة عمت كافة النساء من لدن أم البشر زوج آدم وحتى يرث الله -تعالى- الأرض ومن عليها؛ وخلاف ذلك يحتاج إلى دليل ولا أجد دليلا بين يدي؛ وأقصد مسألة حيض مريم من عدمه؛ وأضاف البعض مسألة حيض فاطمة الزهراء ابنة محمد بن عبدالله النبي من خديجة.. ولما فقط تخص فاطمة عن بقية بنات النبي!!..
وَكَانَتْ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا وَاغْتَسَلَتْ رَدَّهَا إِلَى الْمِحْرَابِ . وَ
قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ لَا تَحِيضُ وَكَانَتْ مُطَهَّرَةً مِنَ الْحَيْضِ .[ تفسير قرطبي ] .
ثم تظهر خاصية الاصطفاء لمريم:" كَانَ زَكَرِيَّا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا يَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الْقَيْظِ وَفَاكِهَةَ الْقَيْظِ فِي الشِّتَاءِ فَقَالَ : يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ؟
فَقَالَتْ : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . ".
:" مَعْنَى أَنَّى مِنْ أَيْنَ؛ قَالَهُ أَبُوعُبَيْدَةَ.
قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا فِيهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ " أَيْنَ " سُؤَالٌ عَنِ الْمَوَاضِعِ وَ " أَنَّى " سُؤَالٌ عَنِ الْمَذَاهِبِ وَالْجِهَاتِ . وَالْمَعْنَى مِنْ أَيِّ الْمَذَاهِبِ وَمِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ لَكِ هَذَا . وَقَدْ فَرَّقَ الْكُمَيْتُ بَيْنَهُمَا
فَقَالَ :


أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ * مِنْ حَيْثُ لَا صَبْوَةُ وَلَا رِيَبُ". [تفسيرقرطبي].

بيد أن تقرأ عند ابن كثير:" وَ
عَنْ مُجَاهِدٍ (وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا) أَيْ : عِلْمًا ، أَوْ قَالَ : صُحُفًا فِيهَا عِلْمٌ . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ . وَفِي السُّنَّةِ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ . ". [كثير].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[(*)] ويصلح لي أن أتحدث -مستقبلاً- متى بدأت فكرة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد!.. وشجرة عيدالميلاد!
[(**)]
عالمياً:
Die Organisationfür Islamische Zusammenarbeit, kurz OIZ
منظمة التعاون الإسلامي،(وكانت تعرف سابقًا باسم منظمة المؤتمر الإسلامي) هي منظمة إسلامية دولية تجمع سبعًا وخمسين دولة إسلامية، وتصف المنظمة نفسها بأنها "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي"وإن كانت لا تضم كل الدول الاسلامية وأنها تهدف لـ"حماية المصالح الحيوية للمسلمين" البالغ عددهم نحو 1.7 مليار نسمة.
Die Islamische Weltliga
رابطة العالم الإسلامي
أو مثل
: أ.] فيما يتعلق بالقارة الأوربية :
The European Council For Fatwa and Research
أو
دول بعينها :
مثال :
النمسا
الهيئة الإسلامية [الجماعة الإسلامية في النمسا، ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الجمعة‏، 04‏ جمادى الثانية‏، 1443هــ ~ ‏07 ‏ يناير‏/2022‏
-*-*
أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
09 / 01 / 2022, 07 : 05 PM
مشروع مستقبل!
الجزء الثالث:
منذ اللحظةِ الأولىٰ.. وحين يصحبنا القرآن العظيم في سرد قصة مريم ابنت عمران.. ومن عدة مشاهد يظهر بوضوح أن الخالق يريد أن يقدم لنا نموذجاً في التربية.. وخاصةً : „ تربية البنات‟؛ باعتبار أن القرآن العظيم والذِكر الحكيم والفرقان المبين منهاج حياة؛ وطراز خاص مِن العيش؛ وكيفية معينة في معالجة الموضوعات والمسائل.. اعتماداً علىٰ قوله -جلًّ وعلا-: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } [(*)] ..
فمنذ لحظة تأكد حنَّة بنت فاقوذا بتثبت الحمل في رحمها الطاهر .. بدأت أحداث مشروع المستقبل؛ وليس بعد الولادة.. وليس قبيل دخول الطفل روضةالأطفال.. وليس قبيل دخول الطفل التعليم الإلزامي في المدرسة الابتدائية أو الاعدادية..
.. بل بدءَ مشروع المستقبل لجنين لم تبدِ حقيقته بعد .. أذكر!؟.. أم أنثىٰ!؟..
.. نتابع معاً كيف يبين لنا القرآن الكريم أن الذرية مشروع مستقبل: ..
[ * ] فيبدء القرآن العظيم مخاطبا أخر الأنبياء ومتتم المبتعثين بقول:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ .. } [مريم:16]

فينبه القرآن العظيم سببا وجيهاً بقول :
{ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً .. } [المؤمنون:50].
{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا.. } .. [آل عمران:35]
الخطوة الأولى في مشروع المستقبل وما زال الجنين في رحم أمه ويتكون بين أحشائها.. حددت مستقبله..
..
[ * ] ثم ترجته أن يتقبل صنيعها؛ ومازال الجنين في رحمها .. فقالت
{ إِذْ قَالَتِ .. فَتَقَبَّلْ مِنِّي .. }.. [آل عمران:35]

[ * ] ثم وصفته بما هو لائق به من باب استعطافه لقبول النذر.. وخاطبته بصيغة المفرد: { .. إِنَّكَ ..}.. { .. أَنتَ } وإن كان حالها فيه ضعف واستكانه مع استعظامه -سبحانه وتعالى-.. مع وجود آيات تعظمه على صيغ العرب
{.. إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم }[آل عمران:35]
وهذا تم إثناء شهور الحبل وأيام الحمل.. فَلَمَّا
[ * ] { .. وَضَعَتْهَا ..} اختارت لها اسماً
[ * ] { .. قَالَتْ .. وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ .. }
[ * ] فبعد الولادة يأتي دور التنشأة والرعاية.. والطفلة الأنثى في مهدها.. فبدأت بدعاء ربها فقالت :
[ * ] .. { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ .. } ..
[ * ] ولم تكتفِ بحفظ الوليدة بل أكملت الدعاء بحفظ ذريتها.. مما يؤكد للمتابع أن المسألة مسألة مشروع مستقبل .. .. { وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم } [آل عمران:36]
[ * ] وإتماما لنجاح مشروع المستقبل جاء دور الرعاية :
{.. وَكَفَّلَهَا .. }..
[ * ] و
{ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا .. } [آل عمران:37]

السابق من ذكر آيات تربية مشروع المستقبل متعلق بالوالدة أو الوالد؛ في مثالنا هذا .. الوالد عمران بن ماثان مات وهي حمل في رحم أمها .. لذا هي -الأم: (حنَّة)- أختارت التسمية؛ إذ الوالد قد هلك.. و هي التي حملتها إلى -{..الْمَوَالِيَ ..} ليتولوا رعايتها
ولإنجاح مشروع المستقبل تم إحسان من سيتولي عملية التعليم والكفالة والتربية:
[ * ] وكفيلها كان نبي من بني إسرائيل:" زَكَرِيَّا "..
وببعثة خاتم المرسلين وآخر الأنبياء ومتمم المبتعثين انتهى عصر النبوة وانقطع زمن الرسالة.. فتبقى المدرس النبيه والمعلم الحاذق والمربي الفطن..
فهل نحن نقوم بتربية بنات المسلمين على منهاج الرسالة الخاتمة!؟؟
[ * ] قرر العلماء استنباطاً مِن الوحي الشريف أن هناك جزء في حياتنا متعلق بالقضاء والقدر لا دخل لنا فيه ولن نحاسب عليه؛ كــ :
- مكان مولدنا وزمنه و
- غنى عائلتنا أو فقرها.. أو
- نحن ابناء العامة من الناس أم ابناء أمراء وملوك ورؤساء..
لذا نطق القرآن في هذه الخصوصية قائلا:
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين }[آل عمران:42]
فهذا الاصطفاء الأول (انظر سورة: [آل عمران: ؛ آية: 33 ]) الثاني والثالث من قدر الله تعالى وقدره وأنه سبحانه طهرها من الشرك والدنس والرجس والأكدار وفي قولٍ ذكره العلماء -لا أميل إليه؛ إذ أنه يخالف الطبيعة البشرية؛ وإلا ذكره الله الخالق من باب الإعجاز - طهرها من الحيض والنفاس.. ".
ويرافقه جزء آخر وهي الأفعال والتصرفات والأقوال والتي نقوم به اختيارا وطواعية بإرادتنا الكاملة دون أدنى إجبار أو إلزام.. لذا نطق القرآن يقول عن ضيفتنا :
{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ..}[التحريم:12]
فهي الفاعلة.. وباختيارها ورغبتها وإرادتها قامت بأعمال وتصرفات وأقوال انطبق عليها حكم القرآن الكريم :
{ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ..} [التحريم:12]
ودليل على عفة نفسها وطهارة ذيلها ونقاوة معدنها وبياض سريرتها.. وهذا فعل وتصرف مبني على حسن التربية وحسن الخلق وكمال الكفالة.. وبالطبع الهداية من الله بتوفير اسبابها
فترتب على كل ذلك :
{.. وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا .. } ..
{.. وَكُتُبِهِ .. } { .. وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين }[التحريم:12]
والتنفيذ المباشر بعد سماع الأمر الرباني :
{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ .. } .. { .. وَاسْجُدِي .. } .. { وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين }[آل عمران:43]
.. من هذه تمام الكفالة وحسن التربية قدرتها علىٰ الرد الطيب الجيد المُسكت فــ :
{.. قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ .. } .. { إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب } [آل عمران:37]
حين سئلت :
{.. يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا ... }[آل عمران:37]
إذ :
{.. كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ..} [آل عمران:37]
[ * ] .عقيدة مريم !
وأما الاعتقاد بأن مريم عليها السلام من النصارى، فصحيح، ولكن علىٰ النصرانية الصحيحة قبل تحريفها؛ فإنّ أصل المسيحية، هو الدين المنزل من الله تعالى علىٰ عيسىٰ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأتباع دين النصرانية يقال لهم: (النصارىٰ). واتباع المسيحية الحديثة مَن يدينون بمسيحية بولس !
قال العلامة الطاهر بن عاشور -رحمه الله تعالى- في : " التحرير والتنوير": وأما النصارىٰ فهو اسم جمع نَصْرىٰ ( فتح فسكون ) أو ناصري نسبة إلىٰ الناصرة، وهي قرية نشأت منها مريم أم المسيح عليهما السلام، وقد خرجت مريم من الناصرة قاصدة بيت المقدس، فولدت المسيح في بيت لحم، ولذلك كان بنو إسرائيل يدعونه يشوع الناصري أو النَّصْرىٰ فهذا وجه تسمية أتباعه بالنصارىٰ.(انتهى).
وقد كانت مريم عليها السلام ممن اتبع عيسىٰ ابنها عليه الصلاة والسلام.
قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره : " التحرير والتنوير " عند قوله تعالى: { فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ } {مريم: 37 }: أي فمنهم مَن صدق عيسىٰ وهم:
- يحيىٰ بن زكريا، و
- مريم أم عيسىٰ، و
- الحواريون الاثنا عشر، و
- بعض نساء مثل مريم المجدلية، و
- نفر قليل، وكفر به جمهور اليهود. (انتهى)."

ثم تأتي حقيقة أزلية مع أنه هو الرحيم والودود الرحمن الغفور اسمع إليه وهو يقول :
{.. قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا .. } .. { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ .. } .. { .. وَأُمَّهُ .. } .. {.. وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا .. } .. {.. وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير } [المائدة:17]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)]. الكتاب الكريم والسنة النبوية نسيج واحد مترابط الآيات يعالج كافة مسائل الإنسان؛ فنجتاجهما معها لفهم المنهاج{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون } [المائدة:48]
{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون } [المائدة:49]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
سلسلة" التصفية والتربية "؛ السلسلة الأولىٰ:„ الدين‟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
﴿»„ ٢٤‟ « ﴾ قصة مولد السيد المسيح المعجز.. عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول
تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام-:
[(٣ . )] الشخصية المحورية الثالثة في قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
„» مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ« ”
٢. ] الْقِصَّةُ الْثانية
«„ مشروع مستقبل: نموذج مَرْيَمَ ”»-عَلَيْهِا السَّلَامُ-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY
حُرِّرَ في يوم الأحد من شهر جمادى الثانية ١٤٤٣ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٩ من شهر يناير عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
-*-*-*

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
15 / 07 / 2022, 53 : 03 PM
من بعد إذنه -تعالى- وبتوفيقه ورضاه وعونه ورعايته أكمل ما بدأته حول قصة المخلوق البشري الأول :
سيدنا آدم -عليه السلام -

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 07 / 2024, 42 : 12 PM
3( جلسة ثالثة تمهيد هجرة ) .
تقديم :
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسنِ تقويم .. استنادا لقوله -عز وجل-: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾
فــ خلقَنا -سبحانه- علىٰ الفطرة المستقيمة ڪما نطق القرآن العظيم يقول : ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾
فـ أمنا بـ الله رباً واحداً .. فرداً صمداً .. لا صاحبة له ولا ولدَ فهو لم يلد ولم يولد .. فلا معين له .. ولا وزير ولا مشير!
فـ اعتقدنا بـ أنه الخالق الواجد الصانع المبدع الرازق المحيي المميت .. الذي بيده الخير وهو علىٰ ڪل شئ قدير..
فــ الحمد لله علىٰ نعمة الخلق والايجاد ..والتنشأة والتڪوين والإبداع في أحسنِ خلق وأفضل تقويم ..
ثم الحمد لله علىٰ نعمة العقل والإدراك .. ونعمة الفهم والاستيعاب ..
فــ بـ إدراڪنا الموجودات المصنوعة .. و
رؤية المخلوقات المتنوعة الموجودة و
الڪائنات المعمولة المرئية والمخفية
علمنا أن هناك موجِداً أوجدها -جميعَها- مِن لا شئ .. مِن عدم .. وصنعها دون تعب أو ڪلل .. وبدون مثال سابق يحتذىٰ به ..
فــ ابدعها مِن غير تقليد صورة مماثلة .. أو جثة شاخصة..
ثم الحمد لله علىٰ نعمة الإيمان .. ومبادئ الإسلام .. وأرڪان العقيدة .. فالحمد لله على نعمة القرآن ..
فالحمد لله علىٰ بعثة سيد الخلق والأنام .. خير ولد آدم بالتمام
رسولِ الرحمة والسلام البشير النذير الشفيع والسراج المنير .. خاتمِ المرسلين ومتممِ المبتعثين وآخر المصطفين مِن الخلق أجمعين: محمدٍ بن عبدالله بن عبدالمطلب -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
فــ الحمد لله علىٰ تمام رسالته .. وڪمال دينه .. ورضاه -سبحانه- أن جعل لنا الإسلامَ منهاجاً .. وديناً .. ونظاماً .. وشريعة .. وأحڪاماً .. اعتمادا على قوله -تعالى-﴿ الْيَوْمَ ① : أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ ② : أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ ③ : رَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾
بــ وحي أنزله أمين السماء جبرائيل علىٰ قلب أمين السماء والأرض محمد -عليهما السلام- ديناً حوىٰ ① : آيات الڪتاب الڪريم .. و② : سُنن نبوية شريفة علوية تُبينُ آيات الذڪر الحڪيم والڪتاب المبين .. بــ منهاج قويم ونظام محڪم وشريعة للعقل السليم..
.. فالحمد لله أن جعلنا من المسلمين المؤمنين الموحدين الطائعين العاملين بڪتابه العزيز ومتسنين بسنة نبيه الڪريم .. والسائرين على خطى سيرته العطرة والمتمسڪين بـ طريقته المثلى
① : وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل له !
و② : أشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله !
اللَّهُمَّ يَسِّرْ .. وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ

ثم الحمد لله.. فــ بحسن توفيقٍ منه -عز وجل- وتمامِ هدايةٍ وڪاملِ رعايةٍ أنهيتُ لقاءين إثنين وارجو مِن السميع العليم أن أڪونَ قد وفقتُ في ما سبق مِن البحوث -وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم- ولي لهما عودة للمراجعة والتصحيح والإستدراك .. وإن ڪان هناك بعض المسائل المعلقة سابحثها في الإستدراڪات علىٰ الموضوعات في نهاية اللقاءات!..
وإن وقعتْ عينُ المراقب علىٰ خطأٍ مني أو زلل ليس مقصود.. فلينبهني لــ اصححه.. ومِن الله -تعالى ذكره- العون ومنه السداد والهداية..
وأبدءُ –بعونه وتوفيقه- في اللقاء ③ : الثالث مِن بحوث السيرة المحمدية النبوية -علىٰ صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وعظيم البرڪات وڪامل التحيات وعلىٰ الآل والأصحاب والتابعين لهم بإحسان ..
فــ اللهم تمم بخير واعصمني من الخطأ والزلل..
والشڪر الجزيل الموصول لــ إدارة ولـموقع ملتقى أهل العلم .. لــ تفضل بالسماح لي –ولي الشرف العظيم- بــ إلقاء سلسلة من اللقاءات .. وبــ نشر البحوث.. و
لـ حضرات السادة والسيدات الحضور والقراء..

مصدقاً لما نُقل عَنْ أم المؤمنين الحصان : عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَرْفُوعًا ‏« „ مَنْ أَتَى إلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَــ لْيُڪَافِئْ بِهِ .. فَـ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ .. فَــ لْيَذْڪُرْهُ .. فَــ مَنْ ذَڪَرَهُ فَــ قَدْ شَڪَرَهُ “ » ؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
فـ أرفع الشڪر الجزيل والإمتنان البليغ لڪل مَن قدم لي أحساناً أو معروفاً..
أو تڪرم بالحضور والاستماع !
ـــــــــــــــــــــــ
«الإِحْصَان والمُحْصَنَات » أَصْلُ الإحْصان: المَنْع .. وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ مُحْصَنَة بِــ ① : الْإِسْلَامِ، وبــ ② : العَفاف، و ③ بــ التَّزْويج.
شِعْرُ حَسَّانٍ يُثْنِي عَلَى عَائِشَةَ:
حَصَان رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ * وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحوم الغَوَافِلِ
ـــــــــــــــــــــ
اللَّهُمَّ يَسِّرْ .. وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ

أتشرف بوجودكم ... ويسعدني حضوركم !


أساسُ البحوث تدور حول :


وارجوه-سبحانه- وأتوسل إليه أن يوفقني في
موضوع البحث .. والعرض والتبيان والتوضيح عن :
- الشخصية المحمدية .. أو بالتعبير الدقيق الصحيح ..
السيرة المحمدية النبوية..
ولأننا نستقبل عاماً هجرياً جديداً .. يصح أن :
(نتساءل : ڪيفية عــبــور المسلم للعام الهجري الجديد ⑥④④① !؟ ) .
لذا .. سألقي على مسامع حضراتڪم استفسارات أساسية ڪـ مدخل في اللقاء ③ : الثالث :

① : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف تفاصيل الأسباب الرئيسية من محاور السيرة عن :
① / ① : مقدمات الهجرة ..
① / ② : و دواعي الهجرة الڪبرى ..
هل ڪـانت ① / ③ : قراراً بشرياً إنسانياً لـ :
- داع الخوف من التعذيب أو
- الرهبة من الأذى .. أو
- الجزع من القتل! ..
أم ڪانت الهجرة وحياً ربانياً إلهياً علوياً .. و إذناً وسماحاً مِن الله العلي القدير النصير و

② : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف الأحداث التفصيلية لما قبل الهجرة النبوية المصطفوية المحمدية الڪبرى من مڪة المڪرمة إلى [(مدينة يثرب)] المدينة المنورة ! وإثناء الهجرة!

③ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف الشخصيات المحورية التي لعبت دوراً جوهرياً إثناء أحداث الهجرة المبارڪة النبوية الرسولية الڪبرى ! و
- ڪم عدد افراد هذه الشخصيات المحورية .. فحين خرج النبي وأبو بكر من اسفل مڪة ڪان معهما :
③ : ① : دليل و
[(الخِرِّيتُ: الدليل الحاذق بالدَّلالة وفي حديث الهجرة: حديث شريف فاستأجرَ رجلاً من بني الدَّيل هاديًا خِرِّيتًا )].
③ : ② : خادم
④ : وقبيل العزم على مغادرة مكة .. ما الذي حدث في دار الندوةو:
- ما القرار الذي تم اتخاذه .. نتيجة رأي أبي جهل عمرو بن هشام
⑤ : ما هو: مقدار المڪـافأة التي رصدتها قريش لـ مَن يأتي بمحمد وصاحبه! .. بعد ما علمت أنه تمڪن من مغادرة مڪة ..
-*/*-

نتوقف هنا عند ملاحظة هامة :
رأي أبي جهل عمرو بن هشام
- مِن المتعارف عليه في التاريخ .. وفي غالبية الأنظمة الحاڪمة الظالمة المستبدة والتي تقهر الشعوب .. أنه يتم استمالة الخصم إما بـ

- الإغراء بالمال
أو
- المناصب الرفيعة
في حالة رسولنا العظيم : حاول المشركون إغراء النبي صلى الله عليه وسلم بـ

① : المال و

② : الشرف و

③ : المُلك

④ : عرضه على الأطباء ..

ثم ڪانت وسائل آخرى فـ من : أَسَاليب قُريش التي استخدموها مع النبي –صلى الله عليه وسلم- :فِي مُحَاربة دَعْوتِه ﷺ :
① : الإغراء و
② : الترغيب و
③ : التهديد، و
④ : أسلوب المجادلة : الجدال بالباطل و
⑤ : المفاوضات و
⑥ : المساومات، و
⑦ : محاولة التعجيز بالأسئلة وطلب الآيات والمعجزات
إذن فقد استعملت قريش ضد المسلمين ڪل أسلحة المحاربة من :
⑧ : التهزيء و
⑨ : الرشوة و
⑩ : التلويح بالملك والمال و
⑪ : تفريق الصفوف و
⑫ : الإذاء البدني والضرب والتعذيب
⑬ : القتل و
⑭ : التآمر و
⑮ : المقاطعة~Boycott ..
فقد عملوا منشورًا بالمقاطعة سموه الصحيفة وعلقوه في الڪعبة .. من حيثياته :
⑮ : / ① - منعوا البيع لهم والشراء منهم و
⑮ : / ② - منع الزواج أي جعلوهم أنجاسًا
⑯ : الاعتقال
و ⑰ : السجن
إلا أنها باءت جميعها بالفشل
ثم يتبقى .. فإن رفض الخصم فــ ينبغي .. وفي حالات يجب إما :
- تتم تصفيته
① : تصفية معنوية أو ما يسمى بــ : أسلوب الأذى المعنوي من خلال:
① : السخرية و
② : الاستهزاء، و
③ : التشهير، و
④ : الغمز و
⑤ : اللمز، و
⑥ : الاتهام بالسحر.. ساحر .. يفرق بين المرء وأهله وزوجه .. و
⑦ : ينسبونه إلى الشعر و
⑧ : الڪهانة .. و
⑨ : الجنون، و
⑩ : أن النبي ﷺ يأتيه شيطان،
⑪ : الحرب الإعلامية المتمثلة في تشويه تعاليم الإسلام .. و
⑫ : إثارة الشڪوك والشبهات حوله ڪـ الاتهام بـ
⑬ : الڪذب .. وأنه يأتي بـ
⑭ : الأساطير ..
.. في مقابل كل ذلك عن: أبي هريرة .. في صحيح مسلم.
قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ علَى المُشْرِكِينَ!
فماذا كان رد المصطفى الهادي : استمع إليه :
قالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا .. وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً.
[ (سَهْلَ بنَ سَعْدٍ الساعدي..
ثم انتبه لما حدث لـ رسول المرحمة ونبي الملحمة :
① : كُسرت رباعيتُه [ (كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُه اليُمْنى السُّفْلى، كسَرَها عُتْبةُ بنُ أبي وقَّاصٍ مِن كفَّارِ قُرَيشٍ، والرَّبَاعِيَةُ هي السِّنُّ الَّتي بيْنَ الثَّنيَّةِ والنابِ مِن كلِّ جانبٍ مِنَ الأسْنانِ، وللإنْسانِ أربَعُ رَبَاعِيَاتٍ ) ] و
② : جُرحَ وجهُه [ (وجُرِحَ وَجهُه الشَّريفُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، جرَحَه عبدُاللهِ بنُ قَميئةَ، وقدْ سلَّطَ اللهُ على ابنِ قَميئةَ تَيْسَ جَبلٍ، فلم يزَلْ يَنطَحُه حتَّى قطَّعَه قِطْعةً قِطْعةً ) ] ،
وَ③ : هُشِّمتِ البَيضةُ علَى رأسَه [ ( وكُسِرَتِ البَيْضةُ، وهي الخُوذةُ الَّتي كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَلبَسُها على رأْسِه.) ] ) ]
وهناك رواية آخرى : [( .. عن عبدالله بن عبيد بن عمير مرسلا ؛ قال: لما ڪسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشج في جبهته فجعلت الدماء تسيل على وجهه قيل: يا رسول الله، ادع الله عليهم
فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى لم يبعثني ① : طعانا ولا ② : لعانا، ولڪن بعثني ① : داعية و ② : رحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون .. )] [( ضعيف الجامع الصغير وزيادته؛ المؤلف : الألباني، ناصرالدين الجزء : 1 صفحة :237.)]
- فـ هل ڪفَّ المشرڪون عن :
⑮ : السب و
⑯ : الشتم .. فـ
قد ڪانوا ① : يشتمون النبي -ﷺ- و② : يسبونه .. و③ : يذمونه ..
نأتي بمثال : فـ عن أسماء بنت أبي بڪر -رضي الله عنهما- قالت:
لمَّا نَزَلَتْ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: 1] أقْبَلتِ العَوراءُ أُمُّ جَميلٍ بنتُ حربٍ ولها وَلْوَلةٌ، وفي يدِها فِهْرٌ [الْفِهْرُ : الْحَجَرُ] وهي تقولُ: « „
مُذمَّمًا أَبَيْنا
ودِينَهُ قَلَيْنا
وأَمْرَهُ عَصَيْنا “ ؛
والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالسٌ في المسجدِ ومعهُ أبو بڪرٍ، فلمَّا رآها أبو بڪرٍ
قالَ: « „ يا رسولَ اللهِ .. قد أقْبَلَتْ وأنا أخافُ أنْ تراكَ “ ؛. فـ
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: « إنَّها لن تَراني ».
وقَرَأَ قُرآنًا فاعْتَصَمَ به ڪما قالَ وقَرَأَ: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ [الإسراء: 45]..
العَوراءُ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبٍ [(أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان)] عَمِيَتْ عَنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ..
فوقَفَتْ على أَبي بڪرٍ .. ولمْ تَرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالتْ: يا أبا بڪرٍ، إنِّي أُخبِرتُ أنَّ صاحبَكَ هجاني. فــ
قالَ: لا ورَبِّ هذا البيتِ ما هجاكِ.
[(لا وَرَبِّ هذه البُنَيَّةِ ما ينطقُ بالشِّعْر ولا يَتَفَوَّهُ به)]
[(فقالت: إنك لمُصَدَّقٌ،
فلمَّا وَلَّتْ .. قال أبو بكر: ما رَأَتْك؟!، )].
[(: لا ، ما زال مَلَكٌ يسترني حتى وَلَّتْ )].
فوَلَّتْ وهي تقولُ: قد عَلِمَتْ قريشٌ أنِّي بنتُ سيِّدِها . [انظر : الحاكم؛ في : المستدرك على الصحيحين]
.. ومن أعجب مواقف السيرة النبوية، فالله ـ عز وجل ـ أرسل جبريل ومعه ملك الجبال، ليأتمر بأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويطلب منه الموافقة على إهلاك القوم الذين ڪذبوه وسبوه، وآذوه بالقول والفعل .. ومع ذلك فهلاڪهم على الشرك لا يَسُرُّ ولا يُرْضِي ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وذلك لأنه أشد حرصًا عليهم من أنفسهم، فيرد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ملك الجبال دون تردُّد قائلا : " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا .".
. - ولم يكن النبي ﷺ يعر لذمهم اهتماما، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ألَا تَعْجَبُونَ كيفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُمْ؟! يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّدٌ. ". انظر : البخاري؛ في : صحيحه؛ 3533).
القضاء على الخصم يتم إما بــ التصفية المعنوية .. الأذى المعنوي هذه الأولى
وأما الثانية :
②- تصفية جسدية .. بالقتل
..
.. ثم تأتي قمة من قمم الرحمة الرسولية المحمدية النبوية ..استمع إليه بقلبك لا بإذنك :
.. أخرج البخاري ومسلم فـ روى عبدالله بن مسعود : „ ڪَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَحْڪِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ .. وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: « „ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي .. فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ. “ » . ..
وهناك : الرواية تقول :" اللهم اهد قومي ".
انظر لهدي المصطفى المجتبى المرتضى المحتبى :
فلنأتي بهديه :
الهدي الأول : ① : " هدي النبي صلى الله عليه وسلم. حتى مع الڪفار والأعداء الذين أذوه وقاتلوه.. فقد قال صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد دوسا. رواه البخاري ومسلم.. اصل القصة:
[( قَدِمَ طُفَيْلُ بنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وأَصْحَابُهُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ دَوْسًا :
①. : عَصَتْ
و②. : أَبَتْ،
فَـ③. : ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا.
فقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ.
قالَ المصطفى : " اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وأْتِ بهِمْ.". ) ] .
الهدي الثاني : ② : قال: اللهم اهد ثقيفا...
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ ( وذلك في قتالهم قبل أن يُسلموا ) فَــ ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ!
قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا ... . رواه أحمد والترمذي.
الإعتماد على الخط العريض للهدي الرسولي النبوي المحمدي: أنه
قال:.. إن الله لم يبعثني طعانا ولا لعانا .. ولكن بعثني داعيا ورحمة... اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. ".
ثم انظر كيف تعامل مع أهل ملة آخرى :
الهدي الثالث : ③ : .. ڪان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله .. فڪان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. ..
لماذا كل هذا !؟.. لڪي تتحق ⑦ : مشاهد :
لڪي تتحق عمليا وتطبيقيا الآية التي تقول :
⑦ : المشهد القرآني الأول : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ ① : رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين}[الأنبياء:107]
ولڪي تڪتمل دائرة رسالة خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين في الآية الثانية والتي تقول :
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ ② المشهد القرآني الثاني : لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ ③ المشهد القرآني الثالث الذي ينفي عنه أنه : فَظًّا ④: المشهد القرآني الرابع الذي ينفي عنه أنه : غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَــ ⑤ : المشهد القرآني الخامس الذي يبين أعلى قمة من قمم الأخلاق المحمدية : اعْفُ عَنْهُمْ وَ ⑥ : المشهد القرآني السادس الذي يبين أعلى قمة من قمم الأخلاق المصطقوية : اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ⑦ : المشهد القرآني السابع الذي يبين أعلى قمة من قمم الأخلاق الأحمدية : شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين}[آل عمران:159]

-*/*-

.أعود بحضراتكم إلى تمهيد الهجرة الرسولية : فيأتي :
⑥ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف عدد الأيام التي قضاها إثناء الهجرة المبارڪـة.. وڪـم يوما مڪـث النبي الرسول مع صاحبه في الغار .. والحوار الذي دار بين المصطفى الهادي وبين صاحبه
- أو صاحب الوعد الكريم و بين (أَمِيرِ بَنِي مُدْلِجٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) .. أعرابيٌّ : سُرَاقَةَ بْن مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ! ..
الفاروق صاحب الموافقات القرآنية يقول : " الْحَمْدُ لِلَّهِ .. سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ .. أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ. ".
[(كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ )]..
⑦ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف صاحبة الخيمة .. وماذا قالت في أوصاف النبي / الرسول !
⑧ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف اسمها ونعرف قصتها!
⑨ : ثم تأتي مسألة الشبهات وأولها واشهرها : شبهة بدعية الاحتفال برأس السنة الهجرية ..
ثم
⑩ : تأتي عدم ثبوت بعض أحداث الهجرة والمتداولة عند ڪثير من المسلمين
.. -*/*-..-*/*-
أما المصاعب التي عاناها الرسول في③⑥عشرين عامًا؛ فهي:
① : الصعب الأول : اليتم المبكر المكرر : وفاة أهله : أبيه وأمه وجده وعمه وزوجته وأولاده وبناته ما عدا فاطمة، و
② : الصعب الثاني : العنت و
③ : الصعب الثالث : الظلم و
④ : الصعب الرابع : الإهانة و
⑤ : الصعب الخامس : هجرة أصحابه الأولى إلى الحبشة والثانية
⑥ : الصعب السادس : النفي / المقاطعة إلى شعاب أبي طالب بـ مكة عند مقاطعة قريش إياه و
⑦ : المحور السابع : دعوة ثقيف وما جرى فيها، وڪيف ردوه عليه السلام
⑧ : الصعب الثامن : مشاجرات الطريق، و
⑨ : الصعب التاسع : يخطئ بعض السادة .. مَن يكتب في السيرة المحمدية النبوية فيقول : فراره إلى الغار و
⑩ : الصعب العاشر : الهجرة إلى المدينة، و
⑪ : الصعب الحادي عشر : الغزوات (بدر وأحد وحنين وغيرها) و
⑫ : الصعب الثاني : شدة نزول الوحي؛ قال — عليه الصلاة والسلام: «شيبتني هود وأخواتها.» و
⑬ : الصعب الثالث عشر : آلام النفس حين زار قبر أمه..
⑭ : الصعب الرابع عشر : ضعف مخاوف الحياة عنده مع شدة الأمل في الله سبحانه وتعالى.
وقد
⑮ : الصعب الخامس عشر : أرق الرسول في أول مرضه وأخذ معه غلامه أبا مويهبة، و
:" عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
أَنْبَهَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَـ
قَالَ : " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ" .[( بقيع الغرقد )] فَــ
خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَقِيعَ ، فَــ
رَفَعَ يَدَيْهِ فَــ
اسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا
ثُمَّ قَالَ
: " لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ ،
- أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا ، لَلْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى ،
- يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ ①: مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا ، وَ ② : الْخُلْدَ فِيهَا ، ثُمَّ ③ : الْجَنَّةَ ، فَـ
④ : خُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ " . فَــ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَــ
خُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا ، وَالْخُلْدَ فِيهَا ، ثُمَّ الْجَنَّةَ ، فَــ
قَالَ : " وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ ① : اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَ ② : الْجَنَّةَ " .
ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ⓿ : ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ ".
[ (فمات ﷺ في يونيو سنة ٦٣٢، ) 1392 ميلادية سنة ~ 1434 هجري / ]
مقدمة تمهيدية :
① : لولا الهجرة ما عاش وتعافي أبطال النضال على مر الدهور والزمان.. خاصة في المنفى!
② : لولا الهجرة ما نبغ د/ أحمد زويل حتي وصل لنوبل، فلو بقي في مصر لقتلت البيروقراطية طموحه وعلمه.. هو عالم كيميائي مصري أمريكي حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1999 لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو، إذ اخترع ميكروسكوب يُصوِّر أشعة الليزر في زمن مقداره فمتوثانية، وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، ويُعدُّ هو رائد علم كيمياء الفيمتو، ولقب بـ«أبى كيمياء الفيمتو»، وهو أستاذ الكيمياء وأستاذ الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتقنية. .
و③ : لولا الهجرة ما وصل «أمير القلوب»د/ مجدي يعقوب إلى ما وصل إليه ولصار مجرد أستاذ جراحة عامة يخوض صراعات مع الكسالى ومحترفي"الأسافين" من الزملاء والموظفين عاشقي الإقصاء للنوابغ. ________________________________________
منحته ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عام 1990 لقب «سير»، وأعقبته بوسام « الفــارس » عام 1992، كما فاز بجائزة الشعب البريطاني، من محطة BBC، عام 2000، ثم بجائزة الإنجاز المتميز عام 2007 من قناة ITV باستفتاء شعبي، والتى تسلمها بحضور رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون. ، وذلك مقابــل لما قدمه من خدمات عديدة لإنقاذ الاف المرضى فـي مجـال طب وجراحة نعرف معني، وأهمية لقب سير، الذى يُمنح لأعضاء العائلة الملكية، أو بمرسوم ملكي، لمواطن بريطاني، أدى أعمالا عظيمة، واستثنائية، فى مختلف المجالات العلمية والأدبية والفنية، أثرت إيجابا على المجتمع والشعب والبشرية بأكملها ... وفى 2011 منحه الرئيس السابق، حسني مبارك، قلادة النيل العظمي،التى تعد أعلى وسام مصري،.

و④ : لولا الهجرة ما تعلم أمثال د/كمال أبوالمجد، وأسامة الباز وفاروق الباز في جامعات عريقة مثل هارفارد وغيرها.
و⑤ : لولا الهجرة لفرنسا ما أثر أمثال د/عبدالحليم محمود، و د/دراز، و د/الطيب و د/مهنا في أساتذتهم وبلادهم فزادت تعدديتهم وتسامحهم وصوفيتهم عمقاً وتألقاً.
و⑥ : لولا الهجرة ما وصل اللاعب محمد صلاح إلى العالمية ولظل يرزح هنا تحت وطأة مديرين لا يعرفون سوى المحاباة والفساد.
و⑦ : لولا الهجرة ما وصل الممثل عمر الشريف إلى العالمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
و
⑧ : لولا الهجرة ما انتقلت علوم الإسلام الشرعية من الأزهر الشريف ومدارس المذاهب إلي العالم كله،
و⑨ : لولا الهجرة ما وصل فقه الأحناف إلى أطراف الأرض مثل تركيا والشيشان وأفغانستان وجنوب روسيا،
و⑩ : لولا الهجرة ما وصل فقه المالكية إلى المغرب العربي والأندلس،
و⑪ : لولا الهجرة ما جدد الشافعي فقهه حينما انتقل من العراق إلى مِصر.
فـ الهجرة حياة .. وتطور .. وتفتح للعقول والقلوب على معان جديدة،
⑫ : إنني أكاد أميز بين الأزهري الذي لم يترك مِصر وبين غيره الذي سافر للخارج مراراً فأجد الأخير فيه من الانفتاح والتعددية وتوقد الذهن وعبقرية الأداء ومرونته الڪثير.
و⑬ : أفرق بين القسيس الذي عاش حياته ڪلها في مصر، وبين الذي عاش فترة في الغرب وبلاد الديمقراطية والتعددية فأجد الأخير أڪثر سماحة ورقياً.
و
في ذلك يقول الإمام الشافعي [ ت: 150هـ~ 082 م] في ديوانه:

تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا * وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِڪتِسابُ مَعيشَةٍ * وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ * وَقَطعُ الفَيافي وَاِڪتِسابُ الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ * بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ
وقال أيضاً:
ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ * مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ
سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ * وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ
إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ * إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ
وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت * وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ
وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً * لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ
وَالتِبرُ ڪَالتُربِ مُلقىً في أَماڪِنِهِ * وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ
فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ * وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ ڪَالذَهَبِ
-*/*-
وڪمدخل لموضوع الهجرة النبوية المصطفوية الرسولية الكبرى .. ينبغي بحث عدة محاور
① : المحور الأول : الهجرة العامة : والتي تخص : السادة الأنبياء والرسل -صلوات وسلامه عليهم جميعاً-
② : المحور الثاني : هجرة المسلمين إلى الحبشة .. الهجرة الأولى .. والهجرة الثانية ! .. و
- لماذا تم اختيارالحبشة .. و
- لماذا لم يهاجر النبي بنفسه الزڪية إليها!
- وماذا قال النبي في حق ملك الحبشة!
- وڪم عدد من بعثهم النبي إلى الحبشة
- وأي آيات قرآنية من أي سورةٍ قراءها السيد الشهيد .. الطَّيَّارُ ذو الجناحَينِ. .. الذي قال نبي المرحمة في حقه على لسانه :" فَعَوَّضَنِي اللَّهُ مِنْ يَدَيْ جَنَاحَيْنِ أَطِيرُ بِهِمَا مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِي الْجَنَّةِ آكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا " . ". جعفر بن أبي طالب
- ثم ماذا قال ملك الحبشة حين سمع الذڪر الحڪيم
③ : المحور الثالث : هجرة [(خروج)] النبي المصطفى إلى ثقيف في الطائف [(سَعْيُ الرَّسُولِ إلَى ثَقِيفٍ يَطْلُبُ النُّصْرَةَ )] .. وماذا قال له الغلام : مولى شيبة بن ربيعة الذي أحضر له عنقود العنب! .. ومن هو وما اسمه وما صحة قصته!
④ : المحور الرابع : هجرة النبي المصطفى إلى [(مدينة يثرب)] [( مدينة النبي )] المدينة المنورة .. الهجرة الڪبرى! .. أو الهجرة الخاصة
⑤ : المحور الخامس : هجرة القبائل خلف المرعى .. أو هجرة الأفراد خلف الرزق أو الدراسة والعلم
⑥ : المحور السادس : هجرة الڪائنات والمخلوقات من موطنها الأصلي
-*/*-
يوم الخميس ٢٨/ ١٢/ ١٤٤٥ هـ ~ الموافق ٤٠ يوليو / ٢٠٢٤م.
أسأل الله العليّ العظيم، ربّ العرش العظيم، أن يجعله خالصًا لوجهه الڪريم، وسببًا للفوز بجنات النعيم، لي ولڪلّ من تلقّاه بقلب سليم، إنه بعباده رؤوف رحيم.
وآخر دعوانا: ﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: ١٠].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ .
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 07 / 2024, 55 : 01 PM
[ ( ④ ) ] : اللقاء الرابع: مقدمة الهجرة النبوية المنيفة!

وڪمدخل لموضوع الهجرة ينبغي بحث عدة ❻ محاور
① : المحور الأول : الهجرة العامة : والتي تخص : السادة الأنبياء الڪبار
والرسل العظام -صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً-
② : المحور الثاني : هجرة المسلمين الأوائل –رضي الله تعالى عنهم أجمعين- إلى الحبشة .. الهجرة الأولى .. والهجرة الثانية !
③ : المحور الثالث : هجرة [(خروج ) ] النبي المصطفى إلى ثقيف في الطائف
[ ( سَعْيُ الرَّسُولِ إلَى ثَقِيفٍ يَطْلُبُ النُّصْرَةَ ) ]
④ : المحور الرابع : هجرة النبيِّ المصطفى والرسولِ المجتبى و******ِ المرتضى والخليل المحتبى :
خاتمِ الأنبياء وآخرِ المرسلين ومتمم المبتعثين .. هجرته إلى [( مدينة يثرب ) ] [( مدينة النبي ) ] المدينة المنورة .. و
الذي طيَّب الله تعالى ثراها بممشاه على ترابها .. و
زاد الله ثراها طيباً وعطراً ومسكاً وريحاناً بمرقده في غرفة أم المؤمنين عائشة و
بجواره صاحبيه الصديق والفاروق : وهذه تسمى : الهجرة الڪبرى! .. أو الهجرة الخاصة
⑤ : المحور الخامس : هجرة القبائل خلف المرعى .. أو هجرة الأفراد خلف الرزق أو الدراسة والعلم..
وهذا لن ابحثه!
⑥ : المحور السادس : هجرة الڪائنات والمخلوقات من موطنها الأصلي وهذا أيضا لن أبحثه!
-*/*-
المحاور الأربعة الأُول سنبحثها..
بيد أن المحور ❶ الأول ساتڪلم عنه باختصار
أما المحاور الثلاثة والتي تليه
: يعني المحور ❷الثاني الهجرة إلى الحبشة
: ❸ والمحور الثالث يعني : [( سَعْيُ الرَّسُولِ الأعظم إلَى ثَقِيفٍ في الطائف يَطْلُبُ النُّصْرَةَ ) ]..
❹: والمحور الرابع يعني : " الهجرة الڪبرى! ".
.. هذه المحاور ❹ الأربعة ستبحث بالتفصيل في موضعها من السيرة المحمدية النبوية..
لـ أنها مفاصل حيوية تربط ربطاً وثيقاً بين أجزاء المرحلة المڪية و
بين الإنتقال إلى العهد المدني .. و
هذا سأبينه بالتفصيل في موضعه عند قرب إنتهاء العهد المڪي والذي استغرق من عمر الرسالة المحمدية التوحيدية ما يقرب من ثلاثة عشر ❸❶ عاماً..
❹فـ لقاءونا الرابع الليلة
وحديثنا بإذنه تعالى وتوفيقه عن : ❶ المحور الأول ..
[ ( ❷ ) ] : الجزء الثاني : ڪـ مدخل حول :
الهجرات العامة .. التي تخص :
السادة الأنبياء الڪبار والرسل العظام -صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً-
: وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الڪريم
وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح
"رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا"
"سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"

اللَّهُمَّ يَسِّرْ .. وَأَعِنْ يَا ڪَرِيمُ

و أتشرف بوجودِڪم .. ويسعدني حضورَڪم!
أساسُ الڪلمات التي أتشرف بإلقاءها على مسامعڪم الڪريمة تتعلق وتدور حول سلسلة بحوث عن :
❶ النبوة الاصطفائية ؛
و
❷ الرسالة النبوية ؛
و
❸ البعثة الاجتبائية ؛
و
❹ الدعوة الإبراهيمية ؛
و
❺ البشرىٰ العيساوية ؛
و
❻ الشمائل المصطفوية ؛
و
❼ الخصائل الرسولية ؛
و
❽ الدلائل الإعجازية ؛
و
❾ الصفات الأحمدية ؛
و
❿ الأخلاق المحمدية :
لــ :
① خاتمِ الأنبياء
و ② آخر المرسلين
و ③ متمم المبتعثين
سيدنا محمد بن عبدالله خير البرية
صلى الله عليه وآله وسلم
:" تحت العنوان الرئيسي العريض: -
① : ﴿ سننِ الأنبياء
و
② : سبلِ العلماء
و
③ : بساتينَ البلغاء
و
④ : الإعجازِ العلمي عند الحڪماء في
❶ تأويل آيات الذڪر الحڪيم المنزل من السماء
و
❷ شرح ١ أحاديث و ٢ سنن و٣ سيرة سيد ولد آدم أبي الزهراء ﴾
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة “
* سلسلة بحوث في السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشريفة العطرة

.. إذاً .. فـ الحديث مع حضراتكم عن .. وحول :
السيرة المحمدية.. الشخصية النبوية.. وهي تلك الشخصية الأُنْمُوذَجُ الوحيد الصالح للقدوة والإسوة الحسنة.. للبشرية جمعاء !..
فـ .. موضوع البحث .. والعرض والتبيان والتوضيح عن :
⓿ الشخصية المحمدية .. أو بـ
التعبير الدقيق الصحيح :
⓿ : السيرة المحمدية النبوية..
-*/-
ثم يأتي المحور ① : الأول : هجرات الأنبياء والرسل :
① : التمهيد :

﴿ الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ ۝١ ﴾
﴿ إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَ ٰ⁠ نًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ ۝٢
﴿ نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَیۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَاۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَـٰفِلِینَ ۝٣ ﴾ [يوسف ١-٣]
- من اسباب النزول
[ ( والسبب في نزولها أنّ اليهود أمروا ڪفّار مڪّة أن يسألوا رسول الله ﷺ عن السبب الذي أحلّ بني إسرائيل بمِصر، فنزلت السورة. ) ].
لماذا فعلت اليهود هذا !؟
لأنه :
يقال: ڪانت اليهود تفاخروا بأن لهم قصة يوسف مذڪورة في التوراة.. فنزلت هذه السورة أفصح من لغة اليهود.. فذهب افتخارهم على المسلمين.
وعند البيهقي في الدلائل رواية عن ابن عباس :
① : المقطع الأول : « أنَّ حَبْرًا [(حِبْراً )] مِنَ اليَهُودِ دَخَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَوافَقَهُ وهو يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ.. فَــ
② المقطع : قالَ: يا مُحَمَّدُ مَن عَلَّمَكَها ؟
② المقطع : ثوبان
② المقطع : قالَ: اللَّهُ عَلَّمَنِيها " : فَــ
② المقطع القادم :
قالَ الحَبر لَهم: واللَّهِ إنَّ مُحَمَّدًا لَيَقْرَأُ القُرْآنَ ڪَما أُنْزِلَ في التَّوْراةِ..
- ملح الأقوال : [ (قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿يُوسُفُ﴾ بِضَمِّ السِّينِ، وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ﴿يُوسِفُ﴾ بِكَسْرِها كسر السين مَعَ الهَمْزِ مَكانَ الواوِ، وحَكى ابْنُ زَيْدٍ ﴿يؤسف﴾ الهَمْزَ وفَتْحَ السِّينِ، ) ]
الأسف : الحزن
الأسيف : العبد وقد اجتمعا فيه!
.1 . ] :" وَأَصْلُ الْقَصَصِ تَتَبُّعُ الشَّيْءِ، ومنه قول تعالى: ﴿وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١] أَيْ تَتَبَّعِي أَثَرَهُ ".
.1 . / 1. ) : القَصَصُ إتْباعُ الخَبَرِ بَعْضُهُ بَعْضًا وأصْلُهُ في اللُّغَةِ المُتابَعَةُ، "
2 .] :" وَالْقَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتْبَعُ الْآثَارَ وَيَأْتِي بِالْخَبَرِ عَلَى وَجْهِهِ. ".
2 . / 1. ] :" والْقَصَصِ: الإخبار بما جَرَى من الأمور. ".
3 . ] :" ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ أَيْ: نَقْرَأُ عَلَيْكَ ﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
3 . / 1 . ]: مَعْنَاهُ: نحن نخبرك يا محمد .. معنى : [نَحْنُ نَقُصُّ ] أي : (.۱ .) نُبَيِّنُ لَكَ أَخْبَارَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ [(وأُمُورِ اللَّهِ السّالِفَةِ في الأُمَمِ )] وَأحداث الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ أَحْسَنَ الْبَيَانِ ..
- (.❶ .) نُبَيِّنُ أَحْسَنَ الْبَيَانِ ..
- (.❷ .) أحسن الخبر .. و :
- (.❸ .) أصحَّهُ. أي نقصُّ عليك اصح ما جاء :" من الكُتُب الماضيةِ ".
- ينزل عليك جبريل بــ (.❹ .) أحڪم الخبر / أحكم الْقَصَص
4 . ]:" وَقيل: إِن المُرَاد من الْآيَة قصَّة يُوسُف خَاصَّة؛ سَمَّاهَا أحسن الْقَصَص لزِيَادَة التشريف .. هُوَ القَوْل الْمَشْهُور.
- (.❺ .) قيل أن أحسن هنا بمعنى أعجب الْقَصَص
- (.⓿ .) الشنيقطي له رأي صواب : أن يفسرالقرآن بالقرآن!
- (.❻ .): ﴿ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [آل عمران:62]
- (.❼ .): ﴿ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ ﴾ [الأنعام:57]
- (.❽ .): ﴿ قَوْلُهُ الْحَقُّ ﴾ [الأنعام:73]
فأحسن القصص كما جاء في سورة يوسف يعني أصدق القصص عن الأمم السابقة والأقوام السالفة!
④. ) ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ لَمِنَ السَّاهِينَ عَنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَا تَعْلَمُهَا.
-*/*-
المحور ① : الأول : هجرات الأنبياء والرسل :
- الهجرة من سنن النبيين .. وقد ڪانت هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام خاتمة لــ :
① هجرات النبيين و
② خروج المرسلين من ديارهم !.
المعلوم : سبق النبى الڪريم فى هجرته عدد من الأنبياء بـ وحي من ربهم.. و
لم تڪن هجرة الأنبياء ومن بينهم خاتم المرسلين وآخر المبتعثين ومتمم الأنبياء النبى - محمد صلى الله عليه وسلم - إلا تلبية لـ وحي ربهم بالهجرة .. بعدما عانى مثل سابقيه من رسل الله ظلما وتعنتا وبطشا من قومهم، الذين لم يهتدوا إلى دعوة الله، والإيمان به وبرسوله.
ولم تڪن هجرة محمد عليه الصلاة والسلام ڪـ هجرة موسى، حينما قال
: ﴿ فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِين ﴾ [الشعراء:21]
ولم تڪن هجرة محمد عليه الصلاة والسلام لمجرد الفرار من الفتنة أو الهرب من الإيذاء والتضييق ..
لا.. لقد ڪانت الهجرة سعيا حثيثا لإقامة مجتمع إسلامي بمعنى الڪلمة.
ڪانت سعيا لـ بناء أمة.. وإنشاء دولة جديدة تقوم على الربانية والإنسانية والأخلاقية والعالمية.
ڪان هذا هو هدف محمد عليه الصلاة والسلام من هذه الهجرة، وفعلاً استطاع أن يقيم هذه الڪيان التنفيذي القائم على مجموعة من :
[❶. ] ﴿ الأفڪار ﴾ و:
[❷. ] ﴿ القيم ﴾ و:
[❸. ] ﴿ المبادئ ﴾ و:
[❹. ] ﴿ المقاييس ﴾ و:
[ ❺. ] ﴿ القناعات ﴾ ، وأن يؤسس هذا المجتمع، وينشئ هذه الأمة الجديدة.. خير أمة أخرجت للناس.

وأوضح خلال تفاصيل المحور الأول من بحث هجرة الأنبياء ڪيف ڪانت هجرة الأنبياء ممن سبقوا النبى محمد صلى الله عليه وسلم وهم:
❶ : نوح -عليه السلام-
❷ : لوط -عليه السلام-
❸ : إبراهيم -عليه السلام-
❹ : موسى -عليه السلام-:
❺ : شعيب عليه السلام
❻ : يونس عليه السلام
❼ : النبى صالح
❽ : هجرة آل يعقوب
❾ : هجرة المسيح..أو رحلة العائلة المقدسة ..
-*/- [ ۱. ] مختصر المختصر
- (.❶ .) نوح -عليه السلام-
صنع نوحٌ عليه السلام الفلكَ.. وڪان قومه يسخرون منه وهو يسخر منهم
لـ
غفلتهم عن أنفسهم و
تفريطهم فى حياتهم و
عيرهم بعدم اتباعه إلى أن
جاء أمر الله وفار التنور .. و
تفجرت ينابيع الأرض .. و
جاء الطوفان وأبادهم بعد أن نزل نوح والذين آمنوا معه فى السفينة ..
وسلك فيها زوجان اثنان من ڪل ذى حياة ..
وانتهت هجرته من الأرض بعد سنة (.١ .) وعشرة أيام (.١۰ .)
بعد أن استقرت السفينة على الجودى.
فڪانت هجرته ميمونة عليه وعلى من معه فى السفينة وهلاڪا لأعدائه.
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ [11: هود:37]
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾
﴿ وَأَهْلَكَ ﴾ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيل: ﴾ [هود:40]
6 . ) المشهد السادس : ﴿ وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ [هود:41]
7 . ) المشهد السابع : ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾
8 . ) المشهد الثامن : ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَآءَكِ ﴾
9 . ) المشهد التاسع : ﴿ وَيَا سَمَآء أَقْلِعِي﴾
10 . ) المشهد العاشر : ﴿ وَغِيضَ الْمَآءُ ﴾
11 . ) المشهد الحادي عشر : ﴿ وَقُضِيَ الأَمْرُ ﴾
12 . ) المشهد الثاني عشر : ﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ﴾ [هود:44]
*-*/*--*/*-
- (.❷ .) لوط -عليه السلام-
ڪان نبى الله لوط عليه السلام يرفض فعل قومه الفاحشة التى لم يسبقهم أحد من العالمين بفعلها ..
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِين ﴾ [الأعراف:80]
حيث ڪانت دعوة النبى الڪريم لقوم سدوم وعمورة (الأردن حاليًا) ،
ويحذرهم من الفسوق والعصيان وإتيان الفاحشة،
لڪن قومه رفضوا لهم بالتطهر من الفاحشة وهددوا بالطرد ..
إن لم ينته عن إنڪاره عليهم وتحذيرهم ..
3 . ) المشهد الثالث : حسبما يتفق مع النص القرآنى :
﴿ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴾ (26[الشعراء:167])
وهاجر نبى الله سيدنا لوط عليه السلام إلى فلسطين..
أمره الله بالخروج من تلك القرية ..
فحقق الله وعده لهم بأن خسف بهم الأرض بالصيحة ..
ونجا لوط عليه السلام بوعد ربه الحق
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾
*-/*- -*/*-
- (.❸ .) إبراهيم -عليه السلام-
يجب أن أعيدَ ترتيب آيات الذڪر الحڪيم المتعلقة بـ الإسوة الحسنة:
1 . ) المشهد الأول : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
2 . ) المشهد الثاني من ثلاثة ❸ مقاطع
1 . ) المقطع الأول : ﴿ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ ﴾ .. يعني في الحياة الدنيا
2 . ) المقطع الثاني : ﴿ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ يوم القيامة والحساب والعقاب
3 . ) المقطع الثالث : ﴿ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [33/الأحزاب:21]
في حياته الدنيا!
لڪن ماذا قال رب العزة عن إبراهيم خليل الرحمن أبي الأنبياء :
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة:4]
[(قَدْ كَانَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
يَقُولُ : قُدْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ..
تَقْتَدُونَ بِهِ....
.. ﴿أُسْوَةٌ﴾ أيْ مَوْضِعُ اقْتِداءٍ وتَأْسِيَةٍ وتَسَنُّنٍ وتَشَرُّعٍ وطَرِيقَةٌ مَرْضِيَّةٌ ﴿حَسَنَةٌ﴾ يُرْغَبُ فِيها ..
﴾ أيْ خَصْلَةٌ حَمِيدَةٌ تَقْتَدُونَ بِها،
وَالَّذِينَ مَعَهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ . ).] وهذا الراجح!
:" والأُسْوَةُ بِضَمِّ الهَمْزَةِ وكَسْرِها وهُما لُغَتانِ ".
ــــــــــــــــــ
سبب نزول آيات من سورة الممتحنة ما صنعه الصحابي الجليل البدري مع :" سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبدمناف ". والخطاب الذي حملته لمشركي مكة!
ــــــــــــــــــ
وقد أخبرنا الله تعالى بأن إبراهيم عليه السلام هاجر من موطنه إلى مصر وغيرها داعيا إلى التوحيد.
3 . ) المشهد الثالث : قال الله تعالى : ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ﴾ [العنكبوت:26]
وفي آية أخرى ① - سيدنا إبراهيم -عليه السلام- هاجر طلبا للإيمان: فيأتي :
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين ﴾ [الصافات:99]
فخرج من بلد إلى بلد .. إلى أن استقر به المقام في فلسطين ..
وفي المدينة التي دفن فيها.. وسميت باسمه -عليه الصلاة والسلام- مدينة الخليل إبراهيم.

هاجر إبراهيم عليه السلام من أرض بابل بالعراق إلى بلاد الشام .. الأرض المبارڪة
❶ ﴿ فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ قالَ لِسارَةَ حِينَ رَحَلَ إلى الشّامِ مُهاجِرًا مِن بَلَدِ نَمْرُوذَ : ﴿: ما عَلى الأرْضِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالى غَيْرِي وغَيْرُكِ ﴾
وهنا يبدو لي وجود إشكال يحتاج لتوضيح !
ثم ما لبث أن ترڪها وهاجر عليه السلام إلى مِصر.
وڪان يحڪم مصر فى هذا الوقت رجل جبار من الجبابرة المتڪبرين المتسلطين على الناس، والذى أراد السيدة سارة، لڪن الله أنقذها منه، فأهداهم هاجر، وبعدها هاجر من مصر.
*-*/*-
- (.❹ .) موسى -عليه السلام-:
وهاجر موسى عليه السلام- ولڪن ڪانت هجرته قبل البعثة ..
حينما خرج من مصر بعد أن قتل ذلك القبطي خطأ .. واستغفر الله ..
فـ نطق القرآن الڪريم يقول : 1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِين ﴾ [القصص:20]
و هاجر النبى موسى عليه السلام من مصر إلى أرض مدين طلبًا للأمن من فوره على غير هدى ولا إلى أين
[(مدين وهي قرية من أرض معان على أطراف الشام من جهة الحجاز. )].
وذلك ڪما ورد فى الآية القرآنية : فيأتي : 4 . ) المشهد الرابع : ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾
﴿ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين ﴾ [القصص:21]
هناك ڪان لقاؤه بالنبى شعيب عليه السلام- والذى زوجه أحد بناته ..
لكن الدقة أنه تزوج ابنت الشيخ الڪبير وعاش فيها عشر سنوات بعد أن تزوج
ولم يڪن له دور في هذه المدة- السنوات العشر⓪①- عمل يذڪر.. ڪان شابا صالحا .. وزوجا طيبا .. وصهرا ڪريما.
ثم عاد مجددا إلى مِصر .. بحسب النص التوراتى: تم حديث العليقة بعد استقرار موسى عليه السلام فى أرض مدين، زمنًا ڪافيًا ڪى يموت جميع من طلب نفس موسى عليه السلام ، الذى قفل راجعًا إلى موطنه من مدين مصطحبًا زوجته وابنه الذى ختنه فى الطريق
: 5 . ) المشهد الخامس : ﴿ ".وعند عودته "مضى موسى وهارون عليهما السلام 27 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28 فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ، وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا. 29 ثُمَّ مَضَى مُوسَى وَهَارُونُ وَجَمَعَا جَمِيعَ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 30 فَتَكَلَّمَ هَارُونُ بِجَمِيعِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى بِهِ، وَصَنَعَ الآيَاتِ أَمَامَ عُيُونِ الشَّعْبِ. 31 فَآمَنَ الشَّعْبُ. وَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّ الرَّبَّ افْتَقَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنَّهُ نَظَرَ مَذَلَّتَهُمْ، خَرُّوا وَسَجَدُوا. ﴾ [خر 29:4].
وهنا يظهر الحاجة إلى علم مقارنة الأديان.. ومن البحوث السابقة يظهر أننا نحتاج لــ :
- علوم اللغة ...
- علوم القرآن \
- علوم الحديث

والله تعالى في سماه وتقدست اسماه المستعان!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن موسى -عليه السلام- هاجر بقومه من مصر إلى سيناء فرارا بدينه من طغيان فرعون.
*-*/*-
- (.❺ .) شعيب عليه السلام
ڪان نبى الله شعيب عليه السلام ينهى قومه من مغبة هذه الأفعال الشنيعة والمعاملات السيئة فلم يأبهوا بما يقول، ورفضوا الانصياع إليه
1 . ) المشهد الأول : ﴿ قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾
فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.
وخرج شعيب عليه السلام والمؤمنين،
وجاء أمر الله ڪما وصف بالمصحف الشريف :
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ﴾
﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ﴾
﴿ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ﴾ ﴿ أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود ﴾ .
-*/*-
- (.❻ .) يونس عليه السلام
ڪما هاجر نبي الله يونـس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-
فقد أرسله الله سبحانه وتعالى إلى قومه بالعراق بقرية نينوى
وڪانت في عهد الدولة الأشورية ليدعوهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام..
فـ أعرضوا وصدوا عنه..
فضاق بهم سيدنا يونس عليه السلام فترك القرية مهاجرًا قبل أن يأمره الله بترڪها..
1 . ) المشهد الأول : ﴿ يقول تعالى : ﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ ﴾
فيأتي : 4 . ) المشهد الرابع : ﴿ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ (87)
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾
6 . ) المشهد السادس : ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
7 . ) المشهد السابع : ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
توجه سيدنا يونس عليه السلام نحو البحر هاجرًا قومه ورڪب سفينة،
ولڪن البحر هاج من حولها،
وقام ڪل من فيها بإلقاء أمتعتهم في البحر حتى لا تغرق،
وألقوا بيونس عليه السلام فى بحر بعد اقتراع بسهام حول شخص يلقى في البحر،
ثم ابتلعه الحوت،
فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى الحوت أن يحفظ نبيه عليه السلام في بطنه دون أذى، ثم نجاه الله فخرج من بطن الحوت، ثم عاد إلى قومه.
-*/*-
- (.❼ .) النبى صالح
أرسل الله نبيه صالح عليه السلام إلى قوم ثمود الذين ڪانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا ڪثيرا
ولڪنهم عصوا ربهم
وعبدوا الأصنام
وتفاخروا بينهم بقوتهم ..
وحاول صالح عليه السلام دعوة قومه إلى عبادة الله
قومه لن يصدقونه.
ڪانوا يشڪون في دعوته،
وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم،
وڪانت معجزته هى الناقة التى انشقت من صخر الجبل :
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿: فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ﴾[الأعراف:73]
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ ﴾
: فيأتي : 4 . ) المشهد الرابع : ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴾ . [هود:64]
لڪن قوم ثمود لما عاندوا النبى عليه السلام ، وتأمروا على الناقة لقتلها ..
ولما قتلوها غضب النبى صالح عليه السلام ..
قال: ألم أحذرڪم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟..
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ ﴾
6 . ) المشهد السادس : ﴿ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾
7 . ) المشهد السابع : ﴿ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِين ﴾ }[الأعراف:77]
8 . ) المشهد الثامن : ﴿ {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِين ﴾ }[الأعراف:78]
9 . ) المشهد السابع : ﴿ {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِين ﴾ [هود:67]
بعدها غادر صالح عليه السلام قومه. ترڪهم ومضى.
انتهى الأمر ووعده الله بهلاڪهم بعد ثلاثة أيام ..
حيث انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة .. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها ڪل شيء حي .. هلڪوا جميعا قبل أن يدرڪوا ما حدث.
-*/*-
- (.❽ .) هجرة آل يعقوب
أخبرنا الله بأن يعقوب و يوسف عليهما السلام هاجرا من فلسطين إلى مصر بعد أن مڪن الله ليوسف عليه السلام فى أرض مصر وصار على خزائنها ..
أرسل إلى أبيه وأهله جميعًا أن يأتوا إليه ..
فأقبل يعقوب عليه السلام بأولاده وأهله إلى مصر واستوطنوها ..
ويذڪر اليهود فى ڪتابهم أن عدد أنفس بنى إسرائيل حين دخلوا مصر سبعون ⓿❼ نفسًا،
وڪانوا شعبًا مؤمنًا بين وثنيين ..
فاستقلوا بناحية من الأرض أعطاهم إياها فرعون مصر .. فعاشوا عيشة طيبة زمن يوسف عليه السلام.
:" (④يعقوب هاجر إلى مصر للحاق بيوسف وأخيه ..
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ﴾
أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِين}[يوسف:59]
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ﴾
: فيأتي 4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِين ﴾ [يوسف:99]
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا ﴾
ـــــــــــــــــــــــ
يظهر هنا أن شرع من كان قبلنا يحتاج لمراجعة دقيقة من السادة العلماء!
وهڪذا لو تتبعنا الهجرات بصفة عامة لوجدناها ڪانت لأغراض ڪثيرة فـ
أنها أصبحت
(. * .) منهج حياة لـ:
(. ١ .) - طلب الرزق
أو لـ
(. ٢ .) - طلب العلم
أو لـ
(. ٣ .) - طب الأمن
أو لـ
(. ٤ .) - طلب الأيمان أو غير ذلك. ".
-*/*-
- (.❾ .) : هجرة المسيح
أو رحلة العائلة المقدسة .. مصطلح دينى تاريخي اتفق على أنه يتڪون من :
❶ المسيح عليه السلام وهو طفل و:
❷ أمه السيدة مريم العذراء عليها السلام و
❸ يوسف النجار خطيب مريم الذى لم يدخل بها .. والذى ظل وفيا لها من بين بنى إسرائيل بعد زڪريا عليه السلام ..
وصاحب يوسف النجار المسيح وأمه فى رحلة الهرب من الطغاة الذين حاولوا قتل المسيح الطفل فهربت به مريم ويوسف النجار إلى مصر وخلد إنجيل متى بالڪتاب المقدس هذه الرحلة ".
الظاهر أن القرآن الكريم لم يتعرض لهذه الرحلة إطلاقاً..
وهذا يستلزم دراسة مقارنة الأديان ومقارنة النصوص الواردة فيما يسمى بالكتاب المقدس : بعهديه :
- العتيق ..
- الجديد...
ثم التصديق بهذه الرواية أو تلك القصة بآيات القرآن الكريم .. الذكر الحكيم!
أي :
- العهد الحديث.. [ ( مصطلح لـ. د. الشرقاوي) ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ ( أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا، وَأَنْ يَجْعَلَ عَمَلَنَا فِيهَا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ. ) ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتبقى مسألة:
-*/*-..-*/*- :
انتبه إلى هذا القول :
:" ❶ السيد / محمد رشيد رضا .. تلميذ الإمام / محمد عبده -رحمهما الله تعالى- قال : إن العقيدة الإسلامية لا يربيها ويثبتها في القلوب إلا قراءة التاريخ الإسلامي .. وإن أثر قراءة هذا التاريخ في تڪوينها أعظم بڪثير من قراءة ڪتب العقائد (ّ!) والجدليات(!!)، وهذا قول صادق تزيده الأيام تأييداً. فڪلما زاد اطلاع المسلمين على تاريخهم ونشطت المطبعة في إخراج دفائنه ازدادت عقيدتهم رسوخاً وإيمانهم بأنفسهم وثوقاً. ".
ولعلي -كاتب هذه السطور- أحتاج غلى إعادة قراءة وفهم هذه الجملة من صاحب المنار .. الشيخ رشيد رضا.. رضي الله تعالى عنا جميعاً وأرشدنا لصالح الأقوال وإحسان الأفعال وصحة التصرفات!
-*/* -*/*--*/*-
فائدة : متعلقة بالقطر المِصري:
:" ❶. ) شيخ الموحدين وأفضل المرسلين بعد نبينا العظيم مر بمِصر في رحلته مع زوجه سارة!
:" ❷. ) دخلها يعقوب -عليه الصلاة والسلام-.
و
:" ❸ دخلها الأسباط مراراً .. وتوفوا .. ودُفنوا بها.
و
:" ❹ سكن مصرَ يوسف -عليه الصلاة والسلام- ونال بها من المكانة والجاه ما لم ينله أحد من الأنبياء والمرسلين
:" ❺. ) قيل إن يوسف -عليه الصلاة والسلام- صاهر إليهم
:" ❻. ) وموسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام- وُلدا في مِصر وعاشا فيها طويلاً،
:" ❼. ) ويوشع بن نون فتى موسى وكان نبياً -عليه الصلاة والسلام- وُلد بمصر، وعاش فيها،
:" ❽. ) وقيل إن :
8 / 1: أيوب و
8 / 2 : شعيباً و
8 / 3 : أرميا دخلوا مِصر
:" ❾. ) خير الأنبياء والمرسلين مطلقاً محمداً وإبراهيم - عليهما أفضل الصلوات والتسليم- كان تحتهما مارية .. وهاجر المصريتان، فأنجبت الأولى إبراهيم عليه السلام، وأنجبت الأخرى إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- وهو جد نبينا
:" ❿. ) ماء زمزم الذي فُجر إكراماً لهاجر المِصري القبطية وابنها عليه السلام ،
:" ❶❶. ) السيدة / هاجر .. قد خَلّد الله سعيها بين الصفا والمروة جزاء طاعتها إبراهيم وأوجب على كل رسول ونبي وسائر مَن حج البيت الحرام أن يسعى سعيها ويجهد جهدها،
:" ❷ ❶. ) قال فيها [ ( أم إسماعيل بن إبراهيم الخليلل / السيدة هاجر) ] أبو هريرة -رضي الله عنه-: " تلك أمكم يا بني ماء السماء " .. أي العرب.... هَاجَرَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ".تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ ".
:" ❸ ❶. ) ومن المِصريات العظيمات
:" ❶ أم موسى - عليه الصلاة والسلام- وقيل [(!)] بنبوتها.
و
:" ❹ ❶ آسية امرأة فرعون التي ضربها الله -سبحانه وتعالى- مثلاً في كتابه للمؤمنين وأثنى عليها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها إحدى كوامل النسوة -رضي الله عنها- وقيل [(!)] بنبوتها.
و
مرت
:" ❺ ❶ سارة زوج الخليل صلى الله عليه وسلم بمِصر، ولها قصة فيها وردت فى صحيح الامام البخاري.
و
من المِصريات الجليلات:"
❻ ❶ ماشطة فرعون وابنها الذي تكلم في المهد، ولها وله قصة جليلة رائعة.
و
من المِصريين :"
❼ ❶ مؤمن آل فرعون، وقد شُرف بتخليد صنيعه ودفاعه عن موسى - عليه الصلاة والسلام - والدعوة الإسلامية في كتاب الله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
و
من المِصريين كذلك :"
❽ ❶ الرجل المؤمن الذي حذر موسى -عليه الصلاة والسلام- وورد في قوله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين)
ومنهم
:" ❾ ❶ السحرة الذين آمنوا بموسى - عليه الصلاة والسلام - وكانوا جملة وافرة وعدداً ضخماً.

*. ) سكن مصر بعد فتحها
:" ⓿ ❷ جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرفت أرض مصر بهم وازدانت، وخالط ترابها أجسادهم الطاهرة،
-*/* .. -*/*-. -*/* --*/*-
:" هذا البحث الآخير ...
اقول -كاتب هذه السطور - ليس من باب الوطنية .. وإن كانت مدينة الثعر المطلة على البحيرة المتوسطية [(الإسكندرية)] مسقط رأس كاتب هذه السطور ..
وتربيت بها وتعلمت بمدارسها ومعاهدها وجامعتها حتى انتهيت من تحصيلي الجامعي ثم غادرتها لإكمال دراساتي.. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات!.. ولم أعد إليها...
وهذا البحث الآخير ليس من باب القومية ... وإن كان يُشتم من لقب جدي الأكبر [(الرمادي)] إنه إما ولد في عام الرمادة (16 من الهجرة المباركة في زمن خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله ت عالى عنه .. وهذا احتمال فـ سُمي بسبب مناسبة العام .. فــ قومي عرب خُلص.. ولعلها مكرمة! ... ثم توجدج بالعراق محافظة كاملة أسمها الرمادي .. وبتونس قرية اسمها الرمادي وباليمن على حدود الملكية السعودية-حفظها الله تعالى- قرية أسمها الرمادي .. وكان في الأندلس وزير اسمه هارون الرمادي ...
فهذا البحث ليس من باب الوطنية أو القومية بل بحث تاريخي علمي... ارجو أن أحسن تحبيره.. من باب العلم وليس من باب الإفتخار... فكاتب هذه السطور يعتز يإسلامه ودينه وعقيدته وإيمانه .. فالحمد لله على نعمة الإسلام ...
-*/-
وأريد أن أذڪر نفسي وحضراتڪم إذ أنه من :
① الخطأِ الفاحش
و :
②: مخالفةٍ شرعية و
③: فسادٍ في قراءة أحداث السيرة المحمدية النبوية أن يقول المستشرق -النصراني أو اليهودي-أو أحد إذنابه من العرب أو من المتأسلمين أن الهجرةَ النبوية المحمدية :
① : ڪانت هروباً
أو
② : ڪانت فراراً
أو
③ : أو خروجه المشرف من مڪة ڪان سراً .
أو
④ : أو جزعاً من التعذيب أو خوفاً من الأذى أو رعباً من القتل وهو - سلام الله تعالى عليه وصلواته -الذي مڪث بين ظهرانيهم : ③① ثلاثة عشر عاماً
هذه المسألة تحتاج لتصحيح وتوثيق وتدقيق وتحقيق
فــ الدقةُ في القول : أن نقول أتخذ -عليه السلام- :
① : الحيطة الڪافية في إنجاح الهجرة .
- ② : الحرص الڪامل على إتمامها
- ③ : الاحتياط من جميع جوانبها لإبعاد غدر المشرڪين الذين يتربصونه قتلاً ما حدث في دار الندوة بمڪة التأمر على خاتم المرسلين بتصفيته جسدياً انتهت إذاً التصفية المعنوية .. [( رأي أبي جهل : )]
و
قد يڪون هناك عند المستشرقين أو إذنابهم أو عند العامة من جهلة المسلمين ..
- اقول : قد يڪون هناك إشڪال أحياناً في :
- ① : الترجمة من النصوص العربية إلى لغات آخرى !!! وهذا وراد كثيراً .. \
أو
- ② : الفهم [( سوء .. ضيق .. قلة .. الفهم ) ] لـ أحداث السيرة !..
ومن هنا وجب التصحيح وتوثيق وتدقيق وتحقيق
فهذا مصدقا لقوله تعالى : واقسم الآية الڪريمة إلى مشاهد
: ① : المشهد الأول :
- ① : ﴿ إِلاَّ تَنصُرُوهُ ﴾
- ② : المشهد الثاني : ﴿ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ ﴾
- ③ : المشهد الثالث : ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾:
اعتمد -أنتَ- هنا هذا النص القرآني الواضح الجلي
- ④ : المشهد الرابع : ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾
: ① : فهو -عليه السلام - لم يُطرد من مڪان منطلق بدء الدعوة التوحيدية مڪة .. و
② لم يُنفَ من مرڪز بداية الرسالة الإسلامية ..
③ ولم يُبعد من أحب بلاد الله تعالى إليه... و
لڪن الدقة في التعبير أنه :
- ① أنغلق مجتمع مڪة على سماع أو قبول الدعوة التوحيدية المحمدية
بعد أن استنفذ-عليه السلام- ڪل الوسائل والطرق في دعوتهم للهداية
- ② : انغلقت وتجمدت القلوب قبل العقول .. و
- ③ وقست القلوب والأفئدة ضد الدعوة الإسلامية
❹ عُميت الأذهان وانحطت النفوس في وحل الشرك والعناد والڪفر قبل غرس الأقدام في أوحال الشرك وانحطت الأبدان والأجساد التي عبدت أصناماً فسجدت أمام أوثان أمام حجارة نُحتت ڪــ آلهة تُعبد من دون الله تعالى ..
❺ تحجر المجتمع المڪي أمام دعوة التوحيد والنقاء والصفاء ودين البهاء والسمو والرقي لعبادة الواحد الديان ..
تحجر المجتمع ڪحجارة الأوثان التي تُعبد من دون الله الواحد القهار..
أو أشد من حجارة الأصنام
- ❺ : المشهد الخامس : نحن ما زلنا أمام الـمشهد القرآني الثالث:
- ③ : المشهد الثالث : ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾:
هنا حدث إلجاء .. ألجأ .. ملاذ أمن من باب النصرة والمنعة
- لجأهُ إلى الخروج : أي اضطره إليه وأڪرهه ..
نحن نسمع أن الطفل فلان ذهب إلى الملجأ..
ونحن نقول : ألجأ أمرَه إلى الله تعالى : أي أسند أمرَه إلى الله -عز وجل- وفوَّضه إليه في السَّراء والضّرّاء ..
وهذا مصدقاً لقوله تعالى : ﴿ لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ﴾: [التوبة:118]
أنتبه لآية من الذكر الحكيم تقول :
﴿ لَوْ يَجِدُونَ - ❶ : مَلْجَأً أَوْ - ❷ : مَغَارَاتٍ أَوْ - ❸ : مُدَّخَلاً ﴾: [التوبة:57]

أو لجأ إلى ثقيف بالطائف .. وبعدها إلى وفد يثرب : أي قصدهم واحتمى بهم لتوفرالحماية والطمأنينة.. فنقول التجأ إلى السفارة .. أو ما يسمى باللجوء السياسي ..
أو ألجأه من الأعداء : أي حمَاه من مڪروه وعصَمه وحصَّنه ..
* هذا هو الأدب الرفيع حين نتحدث عن الهجرة المبارڪة .. وعن الحديث عن صاحبها علية الصلوات والتسليمات والسلامات والتبريكات والإنعام والأفضال!
- وبإذنه تعالى وبتوفيقه سأتحدث بالتفصيل عن
: ﴿ طلب النصرة والمنعة من قبائل العرب في مواسم الحج ﴾.. في موضعه من السيرة
: ﴿ دور الأنصار في نصرة النبي المختار وصحبه الأبرار ﴾.
وشدة الإيذاء من قريش وغيرها ، [(وَقَوْمُهُ أَشَدُّ مَا ڪَانُوا عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِهِ وَفِرَاقِ دِينِهِ )].ما ترڪت للنبي من سبيل إلاّ أن يبحث عن قبائل أخرى سوى قريش يدعوهم إلى الله عز وجل،
لماذ!؟.
اسمع إلى قول الصحابي الجليل :" عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال: ( ڪانَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرِضُ نفسَه على الناس في الموسِمِ فيقول: : « „ ألا رجُلٌ يحمِلُني إلى قومه .. فإنَّ قُريشًا قد منعوني أن أبلِّغَ ڪلامَ ربِّي) رواه ابن ماجه. ".
ماذا فعلوا!
اسمع إلى :" : روى البخاري في تاريخه ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الڪبير واللفظ له عن مُدرك بن منيب العامريّ عن أبيه عن جده ـ رضي اللَّه عنه ـ " عَنْ مُنِيبٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ :رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ : « „ يَا أَيُّهَا النَّاسُ .. قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا" . ..
ماذا ڪان الرد !؟
فَــ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ تَفَلَ فِي وَجْهِهِ ، وَ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ حَثَا عَلَيْهِ التُّرَابَ ، وَ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ سَبَّهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ..
فَأَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ بِعُسٍّ [قدح كبير] مِنْ مَاءٍ فَــ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَ
قَالَ : " يَا بُنَيَّةُ ، لَا تَخْشِي عَلَى أَبِيكِ غِيلَةً [(غلبة)]، وَلَا ذِلَّةً " .
فَقُلْتُ : مَنْ هَذِهِ ؟
قَالُوا :زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ جَارِيَةٌ ، وَضِيئَةٌ . [جميل] ، وَفِيهِ مُنِيبُ بْنُ مُدْرِكٍ ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ . ".
فـ
قام بعرض نفسه في المواسم على القبائل القادمة إلى مڪة يشرح لهم الإسلام ، ويطلب منهم الإيواء والنُّصرة سواء أڪان في موسم الحج أم في غيره..
حتى أنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة [ ( ❺❶ ) ] ويقول: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)([2])، تملڪوا بها العرب وتذل لكم العجم وإذا آمنتم كنتم ملوڪا في الجنة،
فڪان أبو بڪر- رضي الله عنه – [(له خبرة وعلم في معرفة أنساب العرب وتاريخها)أهل التخصص] يسأل القبائل ويقول لهم: ڪيف العدد والمنعة والحرب فيڪم؟..
فيقع الاختيار على أفضلها وأنسبها، من حيث الاستعداد المعنوي والمادي، الذي يحمي الدعوة الجديدة، ويتحمل تبعات نشر دين الله وحمايته، والدفاع عن أتباعه .
(أبايعكم على أن تَمْنعوني مما تمنعون منه نساءڪم وأبناءڪم).
- ❺ : المشهد الخامس : نحن ما زلنا أمام المشهد القرآني الثالث:
- ③ : المشهد الثالث الذي نطق القرآن الڪريم حين يقول :
﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾ :
- ❺ : المشهد الخامس : ترويه لنا أم المؤمنين عائشة و : أخرجه البخاري في صحيحه [ يجب أن أحدد في أي مصدر] :
" انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به
ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِالعُزَّى بنِ قُصَيٍّ
[( أهل التخصص) ]
مَن هو هذا الضيف! : وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ .. أخُو أبِيهَا ..
وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ ..
وڪانَ يَڪْتُبُ الڪِتَابَ العَرَبِيَّ .. فَيَڪْتُبُ بالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَڪْتُبَ .. وڪانَ شَيْخًا ڪَبِيرًا قدْ عَمِيَ
فَــ قالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ .. اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ!
و : هل هذا تلطف منها- رضي الله تعالى عنها- وأدب أم واقع وحقيقة
- هي : [(تعني: أنَّ الأبَ الثَّالثَ لِوَرقةَ هو الأخُ للأبِ الرَّابِعِ لِرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )]..
فَــ
قالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي .. مَاذَا تَرَى؟
فــ
أخْبَرَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما رَأَى ..
هنا وقفة يجب أن نسجلها للتاريخ وللأجيال القادمة :" وڪان يَأتي غارَ حِراءٍ -وهو على يَسارِ الذَّاهِبِ إلى مِنًى .. وعلى بُعدِ ( ❹ ڪم ) من المسجِدِ الحرامِ-
« فـ يتحَنَّثُ فيه » أي: فيُڪثِرُ هناك مِن عِبادةِ اللهِ تعالَى لَياليَ وأيَّامًا عَديدةً ..
ويأخُذُ ما يڪفيه من الطَّعامِ والشَّرابِ لتلك الأيَّامِ ..
ثمَّ يَرجِعُ إلى خَديجةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فيَأخُذُ زادًا جَديدًا يَصطَحِبُه معه إلى غارِ حِراءٍ مرَّةً أُخرى .. واستمَرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الخلْوةِ والتَّعبُّدِ ..حتَّى أشرَقَت عليه أنوارُ النبوَّةِ .. ونزَلَ عليه الوحيُ الصَّريحُ مُرسَلًا مِن رَبِّ العِزَّةِ .. ولم يَشعُرْ إلَّا وجِبريلُ واقِفٌ أمامَ عَيْنَيه يقولُ له: «اقرأْ»، ".
❶ هذا هو الموقف الأول
❷:الموقف الثاني :" -
- أتاني جِبريلُ فقال : يا رسولَ اللهِ ! هذهِ خَديجةُ قد أَتَتْكَ معها إناءٌ فيهِ [۱] إدامٌ أو [۲] طعامٌ أو [۳] شَرابٌ ، فإذا هيَ قد أَتَتْكَ ، فاقرَأ علَيها السَّلامَ مِن [۱] ربِّها و [۲] مِنِّي ، و بشِّرْها بـ بَيتٍ في الجنَّةِ مِن [۱] قصَبٍ ، لا [۲] صَخبَ فيها و لا [۳]نَصبَ:
- وهناك حديث آخر أقوى من هذا :
" اعْتَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واعْتَمَرْنَا معهُ .. فَلَمَّا دَخَلَ مَڪَّةَ طَافَ وطُفْنَا معهُ .. وأَتَى الصَّفَا والمَرْوَةَ وأَتَيْنَاهَا معهُ .. وڪُنَّا نَسْتُرُهُ مِن أهْلِ مَڪَّةَ أنْ يَرْمِيَهُ أحَدٌ .. فَقالَ له صَاحِبٌ لِي: أڪانَ دَخَلَ الڪَعْبَةَ؟ قالَ: لَا. قالَ: فَحَدِّثْنَا ما قالَ لِخَدِيجَةَ؟ قالَ: بَشِّرُوا خَدِيجَةَ ببَيْتٍ مِنَ الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ ولا نَصَبَ. ؛ ". [؛ رواه : عبدالله بن أبي أوفى: أخرجه البخاري؛ في صحيحه؛ وأخرجه : مسلم يعني متفق عليه؛ أعلى درجات الصحة] .
تنبيه : [( جاء في 160 مرجعا)].
❸: الموقف الثالث :"
- أنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وعائشة :" إنَّ فضلَ عائشةَ على النِّساءِ ، ڪفضل الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ " . ".[الألباني في صحيح الجامع.]
هناك حديث أقوى من هذا :
" ڪَمَلَ مِنَ الرِّجالِ ڪَثِيرٌ، ولَمْ يَڪْمُلْ مِنَ النِّساءِ إلَّا [:❶ ] مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرانَ، و [:❷" ]آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ .. وفَضْلُ عائِشَةَ علَى النِّساءِ ڪَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سائِرِ الطَّعامِ . ". . [ التخريج: أخرجه البخاري : 3769، ومسلم :2431 ] .
[:❹" ]الموقف الرابع
:" مِنَ النِّسَاءِ مَنْ نُبِّئَ .. وَهُنَّ [:❻" ] سِتٌّ :
(1) [:❶" ] حَوَّاءُ وَ:
(2) [:❷" ] سَارَةُ وَ:
(3) [:❸" ] أُمُّ مُوسَى
وَ:
(4) [:❹" ] هَاجَرُ
وَ :
(5) [:❺" ] آسِيَةُ
وَ :
(6) [:❻" ] مَرْيَمُ ،
وَالضَّابِطُ عِنْدَهُ أَنَّ مَنْ جَاءَهُ الْمَلَكُ عَنِ اللَّهِ بِحُكْمٍ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ أَوْ بِإِعْلَامٍ مِمَّا سَيَأْتِي فَهُوَ نَبِيٌّ ، وَقَدْ ثَبَتَ مَجِيءُ الْمَلَكِ لِهَؤُلَاءِ بِأُمُورٍ شَتَّى مِنْ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْإِيحَاءِ لِبَعْضِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ . ".
-*/*-
نڪمل حديث البخاري المروي عن طريق عائشة أم المؤمنين :
فَقالَ ورَقَةُ: « هذا النَّامُوسُ [(أي: جبريلُ )] .. الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى .. يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا »..
: ❺ : الشاهد : « أڪُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ »..
فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ »
فَقالَ ورَقَةُ: « نَعَمْ .. لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِڪْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا »
ثم هناك :
① : شُبةٌ .. بل :
② : هراء و :
③ : ڪذب و :
④ : تلفيق و :
⑤ : خيال و :
⑥ : وهم و :
⑦ : أضغاث أحلام .. أذڪرها في هذا المقام :
الرواية عن الزهري : « وفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حتَّى حَزِنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -فِيما بَلَغَنَا(!)- حُزْنًا غَدَا منه مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِن رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّما أوْفَى بذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ منه نَفْسَهُ، تَبَدَّى له جِبْرِيلُ، فَقالَ: « يا مُحَمَّدُ، إنَّكَ رَسولُ اللَّهِ حَقًّا » فَــ
يَسْكُنُ لِذلكَ جَأْشُهُ، وتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عليه فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذلكَ، فَإِذَا أوْفَى بذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى له جِبْرِيلُ فَقالَ له مِثْلَ ذلكَ.
- [( فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا...إلخ) ضعيفة لا تصح )].
الشرح : ثم أخبَرَ الزُّهريُّ أنَّه بلغه أنَّه احتبَسَ جبريلُ ولم يَنزِلْ بالوَحيِ مُدَّةً قُرابةَ ثَلاثِ ❸سَنواتٍ، حتى حَزِنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «حُزنًا غَدَا منه مرارًا»، أي: ذَهَبَ بِسَبَبِ ذلك الحُزنِ عِدَّةِ مَرَّاتٍ؛ ڪي يُسقِطَ نَفْسَه مِن رُؤوسِ مُرتَفعَاتِ الجِبالِ العاليةِ، فڪلمَّا وصل إلى أعلى الجَبَل لڪي يُلقِيَ منه نَفْسَه، ظهر له جِبريلُ، فقال: : « يا محمَّدُ، إنَّك رَسولُ اللهِ حقًّا » فيَسڪُنُ لذلك اضْطرابُ قَلْبِه، وتهْدأُ نَفْسُه، فيَرجِعُ، فإذا طالتْ عليه مُدَّةُ انقِطاعِ الوَحْيِ فَعَل مِثْلَ ذلك، ويظهَرُ له جِبريلُ ويخبرُه بأنَّه رَسولُ الله حقًّا، فتَسڪُنُ نَفْسُه وتَهدَأُ.
وفي هذا شُبهةُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاوَلَ الانتحارَ .. وهذا مِن ضُروبِ الخَيالِ والتَّلفيقِ؛ لعِدَّةِ أسبابٍ:
❶أولًا: لم يَرِدْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو عن صَحابَتِه المقَرَّبِينَ له أو غيرِهم، في ذلك شَيءٌ لا صَحيحٌ ولا ضَعيفٌ.
❷ثانيًا: أنَّ مِن بَعدِ قَولِ عائشة: «ثمَّ لم يَنشَبْ وَرَقةُ أنْ تُوفِّي» ليس من نَصِّ الحديثِ، ولڪنَّه مِن ڪَلامِ الزُّهريِّ الذي أخبَرَ بالحَديثِ على أنَّه بلاغٌ .. فليس على شَرطِ البُخاريِّ في شَيءٍ .. لأنَّها مَقطوعةُ الإسنادِ مِن أوَّلِها.
❸ثالثًا: روى البُخاريُّ حَديثَ نُزُولِ الوَحيِ أڪثَرَ مِن مَرَّة دونَ ذِڪرِ هذه القصَّةِ.
﴾ [التوبة:40]
مسألة الحرص والحيطة والاحتياط .!
هذا .. هل هناك من سنة نبوية محمدية :
: ❶ : النص الأول : تصحيح الألباني لحديث : « استعينوا على قضاء حوائجڪم بالڪتمان ».
وإن كان في سنده ضعف ... حديث : « استعينوا على إنجاح الحوائج بالڪتمان »:" ثم علل طلب الڪتمان ". « فإن ڪل ذي نعمة محسود »
..
هذه سنة نبوية عطرة فهل من قرآن يؤڪد ويعضد هذا المعنى !؟
نعم !
اسمع إليه وهو يقول :
: ❷ : النص الثاني : ويدل على جواز كتمان النعم، خوفاً من الحسد، قوله تعالى:
: ① : المشهد الأول :
﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ ﴾
من المتڪلم الناصح الأمين !
ما النصيحة الخالدة التي خلدها القرآن العظيم :
: ② : المشهد الثاني :
﴿ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ ﴾
خشية أي شئ !؟
: ③: المشهد الثالث :
﴿ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ﴾
حرصاً على سلامة الإنسان من ڪيد الشيطان !
: ④ : المشهد الرابع :
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
يؤخذ من هذا الأمر بڪتمان النعمة حتى توجد وتظهر [بن كثير في تفسيره]


أعود بحضراتڪم
ولو كان الإدعاء الباطل أن خروجه عليه السلام من مڪة ڪان فرارا أو هروبا وخوفا على حياته أو سرا..
ترك مََن في فراشه !؟؟؟؟؟؟
ـ ترك من تربى في بيته عند أم المؤمنين خديجة....
أيضحي بمن رباه صغيراً لينجو بنفسه !!!!؟؟؟؟؟
-*/*-
..
أخي القارئ الكريم ... أختي القارئة العزية!
سلِ اللهَ العفو والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ
لم يكنْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمسي، وحينَ يُصبِحُ :
« „ اللهم إنا نسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ
اللهم إنا نسألُك العفوَ والعافيةَ في ديننا ودنيانا وأهلنا ومالنا
اللهم استرْ عورتنا وآمنْ روعاتنا
اللهم احفظْنا مِن بين يديَّنا ومن خلفنا وعن يميننا وعن شمالنا ومن فوقنا
ونعوذُ بعظمتِك أن نغتالَ مِن تحتنا “ » ؛

وآخر دعوانا:

﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: ١٠].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: ٤٣].
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: ١٨٠ – ١٨٢].
:" -*/*- ".
وكتبه:
الفقير إلى رحمة ربه تعالى .. والمذنب -بتركيبته البشرية- والمخطئ-بتغلب غرائزه واحتياجاته الآدمية- الذي يحتاج لغفران مَن عز في علاه وجل في سماه:
الرمادي..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ :ــــــــــــــــــــــــــ :ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

السليماني
09 / 04 / 2025, 55 : 10 AM
بارك الله فيكم ...