المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شجاعة الرسول في الغزوات


طويلب علم مبتدئ
08 / 01 / 2018, 45 : 08 PM
شجاعة الرسول في الغزوات


قال القاضي عياض: "وكان صلى الله عليه وسلم منهما بالمكان الذي لا يجهل، قد حضر المواقف الصعبة، وفرَّ الكماة[1] والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرَّة وحفظت عنه جولة، سواه"[2].



شجاعته صلى الله عليه وسلم في الحروب

قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "كنا والله إذا احمرَّ البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به" يعني النبي صلى الله عليه وسلم[3].



وقال أنس رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس"[4].

وقال علي رضي الله عنه: "كنا إذا حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه"[5].



وقال علي رضي الله عنه: "لقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو. وكان من أشد الناس يومئذٍ بأسًا"[6].

تلك بعض شهادات أصحابه رضي الله عنهم، شهادات من مواقع المعارك، ويكفي أن ننقل بعض المشاهد في غزوة حنين التي أصاب المسلمين يومها ما أصابهم.



فهذا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه - الذي كان البطل المعلم في غزوة ذات قرد[7] - يتحدث عن نفسه فيقول: "فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرجع منهزمًا، وعليَّ بردتان، متزرًا بإحداهما، مرتديًا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعًا، ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم - منهزمًا[8] - وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأى ابن الأكوع فزعًا" فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته.."[9].



وينقل العباس لنا مشهدًا آخر فيقول: "فلما التقى المسلمون والكفار، ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة أن لا تسرع.."[10].



وسأل رجل البراء فقال: أكنتم فررتم يا أبا عمارة يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب"[11].



ويصور لنا وضع ابن الأكوع هول المعركة في صورة فراره وهو آخذ ثوبيه بيده يركض عريانًا.

والرسول تارة ينزل عن بغلته ويقاتل على الأرض، وتارة يسرع في نحر العدو ويخاف عليه العباس شدة إسراعه فيحاول كف البغلة عن إسراعها.

وعلى الرغم من صعوبة الموقف وشدته، فلا يخفي رسول الله نفسه - وهو المستهدف - بل يعلن ذلك بقوله: "أنا النبي لا كذب..".



أضف إلى ذلك أنه خاض تلك الحرب على بغلة والبغال ليست كالخيل في هذه المهمة.

وما من شك أن شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم دونها كل شجاعة ومن تتبع سيرته، عرف ذلك يقينًا.


[1] الكماة: جمع كمي وهو الشجاع.

[2] الشفا للقاضي عياض (1/ 148).

[3] أخرجه مسلم برقم (1776).

[4] متفق عليه (خ 3040، م 2307).

[5] أخرجه الإمام أحمد (1/ 156) وأبو الشيخ في أخلاق النبي (ص 57) والبغوي في الأنوار برقم (256).

[6] أخرجه الإمام أحمد (1/ 86) وأبو الشيخ في أخلاق النبي (ص 57) والبغوي في الأنوار برقم (257).

[7] وهي السرية التي أخذت فيها لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاردهم سلمة منفردًا واستطاع بمفرده أن يستخلص ما أخذ. وقد أخرجها الشيخان (خ 4194، م 1806).

[8] منهزمًا: هي حال من المتكلم ابن الأكوع، لا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد يتبادر للذهن لأول وهلة.

[9] أخرجه مسلم برقم (1777).

[10] أخرجه مسلم برقم (1775).

[11] متفق عليه: (خ 2864، 2930، م 1776).

شريف حمدان
24 / 01 / 2018, 40 : 01 AM
http://up.ahlalalm.info/photo2/KRv01523.gif

واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز