تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ختار الصحاح.. والرسائل العلمية


طويلب علم مبتدئ
23 / 03 / 2018, 06 : 05 PM
ختار الصحاح.. والرسائل العلمية



نال معجم (مختار الصحاح) لأبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت بعد سنة 691هـ) شُهرةً واسعةً، ومنزلةً كبيرةً بين أوساط المثقفين - من غير المتخصصين - والمبتدئين من طلاب العلم ما لم يصل إليه مختصرٌ معجميٌّ آخر؛ ما جعله محط أنظار الباحثين عن معاني الكلمات أو اشتقاقها أو ضبطها.. إلخ



وهو من المعاجم التي اختصرت معجم (تاج اللغة وصحاح العربية) المشتهر بـ(الصحاح)، للإمام الجوهري، يقول الرازي: " هذا مختصر في علم اللغة جمعته من كتاب الصحاح للإمام العالم العلامة أبي نصر بن حماد الجوهري رحمه الله تعالي؛ لما رأيته أحسن أصول اللغة ترتيبًا، وأوفرها تهذيبًا وأسهلها تناولًا وأكثرها تداولًا.."[1]



غير أنه من الصادم في أحايين كثيرة أن يُستغني عن الأصل بالفرع، في ظل وجود الأصل وعلى يدي فئة معنية بالأصل نفسه؛ وذلك أن تجد باحثًا من المتخصصين في علوم العربية- عند كتابته رسالةً علميةً سينال عليها درجةً علميةً أكاديميةً- يخلد في تأصيل بعض الكلمات إلى هذا المختصر، كإيراد بعض الباحثين ما نصُّه:



- قال الرازي: " التأكيد لغة في التوكيد، وقد أكد الشيء ووكده." مختار الصحاح، مادة: [أ. ك. د]
- يقول الرازي: " وأنقر عنه: كَفَّ، وقال ابن عباس رضي الله عنه: (ما كان الله لِيُنْقِرَ عن قاتل المؤمن) أي: ما كان الله ليكُفَّ عنه حتى يهلكه." مختار الصحاح، مادة: [ن . ق. ر].



وأجد في ذلك مخالفة لأمرين منهجيين مهمين:

أولهما: يوضحه د. علي القاسمي بقوله: ذكر الرازي في مقدمته أنه أعدّ (مختار الصحاح) ليكون معجمًا أساسيًّا ميسرًا " لكل عالم فقيه أو حافظ، أو محدّث، أو أديب"[2]. فهو ليس للمتخصصين في علوم اللغة كما هو حال المعجم الأصلي- الصحاح- وإنما توخى الرازي أن يجعل (الصحاح) في متناول عامة المثقفين، حجما ومادة، دون أن يجرده من مزاياه المفيدة وخصائصه المجيدة[3]. ومن ثم فأرى أن خلود بعض المتخصصين إليه في مثل هذه المعالجات غير دقيق.



ثانيهما: نسبة الأقوال إلى غير أصحابها، فمن الخطأ أن أصدِّرهما بقولي: (قال الرازي)، حيث إن النصين السابقين للإمام الجوهري وليسا للرازي، [ينظر: الصحاح مادتي: أ. ك. د/ ن. ق. ر].



ولذلك أرى أنه لا يُعتمد على (مختار الصحاح) في نقل نصوصه، في الرسائل العلمية المتخصصة في اللغة العربية وعلومها، سواء في (الماجستير) أو (الدكتوراه) في وجود معجم (الصحاح) إلا لأحد أمرين:

الأول: أن تكون هناك فائدة مهمة زادها الرازي، وهو الأمر الذي وضحه في خطبة مختاره[4]، ومنها:

- زيادته فوائد من معجم (تهذيب اللغة) للأزهري وغيره من أصول اللغة الموثوق بها.

- ما فتح الله تعالى به عليه، وقد حدد هذه المواضع بقوله فيها: (قلتُ).

- ذكره ما أهمله الجوهري من أوزان مصادر الأفعال الثلاثية التي ذكر أفعالها ، ومن أوزان الأفعال الثلاثية التي ذكر مصادرها، وذلك بالنص على حركاته، أو برده إلى واحد من الموازين العشرين التي ذكرها (أي: الرازي).



الثاني: أن تتعلق القضية التي يعالجها الباحث بمختار الصحاح نفسه، من وجهة معجمية أو لغوية.


[1] خطبة المعجم (أ).

[2] خطبة المعجم (أ).

[3] ينظر: اختصار المعاجم : أهدافه وطرائقه - دراسة في (مختار الصحاح) للرازي، بحث منشور بمجلة اللسان العربي، العدد (50) لسنة 2000م، ( ص 32)

[4] خطبة المعجم (أ).