مشاهدة النسخة كاملة : البلاغ .. في أهمية الوقت وخطر الفراغ"
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 35 : 05 AM
البلاغ
في أهمية الوقت وخطر الفراغ
....
....
....
قدم له
فضيـلة الشيـخ :
أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
حفظه الله تعالى وبارك فيه وعم به النفع
....
....
....
تأليف
الراجي عفو ربه :
أبو محمد عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد حسونة
غفر الله تعالى له ولوالديه ولمشايخه والمسلمين
....
***
**
*
....
تقديم فضيلة الشيخ
أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
- حفظه الله تعالى-
....
....بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه
أما بعد
( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات )
....نحن نرفل ولله الحمد في العافية ، نلحظ بل نكاد نلمس أوبة مباركة، وعودة عارمة للمنهج السلفي في أبواب الاعتقاد والقول والعمل، عودة غمرة الصدور : صدور الرجال والنساء، والكبار كذا الصغار. وغشيت الدور : في مختلف الأمصار، وشتى الأقطار .
....
....وفي الباب : الكلام على جهود الصغار الكبار: صغار السن كبار العلم، أضحوا يزاحمون الكبار في حلق العلم، بل يكاد يكون لهم السبق في الحفظ، فلا يكاد يخلو مسجد من حفظة، وزاد الخير فحفظ مع القرآن الحديث .
....
( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات )
....ومن ذا، ما قام به ولدنا المبارك – أبو محمد عبد الحميد الأثري- رفع الله قدره وعمم به وإخوانه الخير، وكذا أشباههم ونظرائهم من أهل الفضل، من الكتابة والنشر .
....
....نسأل الله تعالى أن يبارك في هذه العودة وأهلها، ويعمم النفع بها .
....
وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
....
كتب
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في : 25/9/1428هـ - 7/10/2007م
....
***
**
*
....
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
سورة "العصر"
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِه }
سورة "الحديد" (21)
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }
سورة "آل عمران" (133)
....
((( المقدمة )))
....
وفيها مبحثان
....المبحث الأول : تمهيد
إنَّ الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً –صلى الله تعالى عليه وآله وإخوانه وسلم- عبده ورسوله :
....
....{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } سورة"آل عمران" الآية(102)
....
....{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }سورة "النساء" الآية (1)
....
....{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } سورة "الأحزاب" الآية(70-71)
....
....وبعد .. فإن أصدق الحديث: كتاب الله تعالى، وخير الهدي : هدي محمد -صَلَى اللهُ تَعَلى عَلَيهِ وَإخوانه وآلِهِ وَسَلَمَ، وشر الأمور : محدثاتها ، وكل محدثة : بدعة ، وكل بدعة : ضلالة ، وكل ضلالة : في النار .
....
،،، أما بعد ،،،
....عباد الله : خلق الله تعالى الخلق ليعبدوه وبالإلهية يوحدوه ، ومن أجل تحقيق هذه العبادة ينبغي على الإنسان أن يشغل وقته بالذكر – العبادة ـ والشكر، إذ يقول عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وقال تعالى : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } سورة "سبأ "الآية(13) .
....
....فلا يجوز لأحد– سواءً كان جنياً أو إنسياً- أن يعبد غير الله تعالى، أن يشرك معه أحد في العبادة .
....
....وهذا التوحيد يوجب علينا المحافظة على الوقت وتنظيمه ، فالعمر قصير ، والوقت ثمين ؛ لأجل ذلك جاء الإسلام يجلي أهمية الوقت ، ويأمر بـلزوم اغتنامه ، ويحدد وجوه الانتفاع به ، فالله تعالى يقول:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا} سورة "الفرقان" الآية (62).
........
....المبحث الثاني : السبب الباعث:
كان الباعث لي على تصنيف هذه الرسالة وتأليفها أمران :
....الأمر الأول : تلبية وتنفيذاً لطلب والدي الكريم - حفظه الله تعالى-حيث شجعني– وغيري- على كتابة بعض الأبحاث من ضمنها هذا البحث ، والذي أرجو من الله المجيب أن يوفقني فيه ، وأن يكون خالصاً لوجهه سبحانه .
وإن كان هناك من توفيق فمن الله عز وجل وحده ، وإن كان هناك من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان .
....
....كما أسأل الله عز وجل أن ينتفع به كل قارئ ، وأن يهتدي به كل مضيع لأوقاته .. اللهم آمين .
....
....أما الأمر الثاني : فهو أني رأيت - كما رأى غيري- أن معظم الناس-هداهم الله تعالى- يتهاونون بأوقاتهم :
....
....* " فمنهم من : أغناه الله من التكسب بكثرة ماله ، فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظرإلى الناس ، وكم تمر به من آفة ومنكر ...
....
....* ومنهم من : يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين والغلاء والرخص ، إلى غير ذلك ""صيد الخاطر" لابن الجوزي ص(210) .
....
....* ومنهم من: يضيع وقته في اللهو والسهو سواء أكان في منهي عنه أو لا .
....
....* ومنهم من: يضيع وقته بالجلوس على المحرمات لتعاطي الأشياء التي تضر بالدين والبدن، كالتدخين مثلاً وهذا منهي عنه كما أجمع على ذلك علماء الأمة (( 1 )) أو ليشاهد فاسد التلفاز، فهو بين مضرتين .
....
....فهؤلاء كما قال عنهم ابن الجوزي – رحمه الله تعالى : " لا يعرفون معنى الحياة " وأنا أقول : " لا يعرفون قيمة الحياة "
....
....ثم يقول – رحمه الله تعالى : " ... فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر والمعرفة قدر أوقات العافية إلامن وفقه وألهمه اغتنام ذلك { وما يلقها إلا ذو حظ عظيم } سورة "فصلت" الآية (35) " "صيد الخاطر" لابن الجوزي ص(210) .
....
ولكن النجباء الأذكياء :
....هم : الذين يتعاضدون ويتكاتفون ويتواصون ويتناصحون فيما بينهم بالصبر والصمود والاستقامة، وسبيل ذلك : أن يحافظوا على أنفسهم حتى يستطيعوا أن يحافظوا على أوقاتهم .
....
....هم : الذين يندمون على الساعات التي قضوها في اللهو والبطالة، وأشد ساعات الندم حين يقبل المرء بصحيفة عمله ، فيرى فيها الخزي والعار .
....
....قال تعالى: { وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } سورة "الفجر" الآيتان(23-24) .
....
....وقال تعالى: { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ } سورة "الزمر" الآية (56) .
....
....فالعاقل من ندم اليوم حيث ينفعه الندم ، واستقبل لحظات عمره ، فعمرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم .
....
لأجل ذلك ..
....جعلت ديباجة هذا البحث موسومة بــ
"البلاغ في أهمية الوقت وخطر الفراغ"
....
ففي هذا بلاغ لكل من يضيعون بل ويهدرون أوقاتهم باللهو واللعب ؛
....
....ولا يؤتون الله عز وجل حقه من صلاة وصيام .. إلخ .
....
....ولا يؤتون غيرهم حقهم من نصح ومعاونى على الخير .
....
....ولا يؤتون أهلهم حقهم من جلوس ومناقشة ومداعبة وملاعبة .
....
....ولا يؤتون أبنائهم حقهم ؛ من تعليم وتدريس ، وتأديب وتهذيب .
....
....بل ولا يؤتون أنفسهم حقها ؛ إذ يرهقونها –وفي بعض الأحيان يردونها- بشرب المحرمات ، المضرات بالصحة ، المست***ات للأمراض .
....
....فاستحقوا بذا عدم رضى رب العباد ، فيأتون يوم التناد ، يناديهم رب الأرض والسماوات ، فيعرض عليهم الكتاب ، فيعجبون أشد العجاب ، ويقولون ما لهذا الكتاب ، أحصى كل لباب –أي شيء رقيق ...
....
....قلت :
لذلك علينا أن نستغل الأوقات فيما يحبه الله -سبحانه وتعالى - لنا ويرضاه وأن نجعل حياتنا كلها لله ، فلا نضيع من أوقاتنا ؛ حتى لا نأتي يوم القيامة فيقول قائل{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} أو يقول آخر{ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ }أو يستغيث مغيث ولا مغيث{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل}يأتي يوم القيامة ، يوم الحسرة والندامة ، يوم انعدام الكرامة ببكاء مع ذل وانكسار وانحسار وصياح { يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } { يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} يتحسر يوم القيامة على إضاعة أوقاته .
....
....فهلمّ عبد الله .. فالوقت سريع الانقضاء ، فهو يمر مرّ السحاب ، بل السحاب قد يعود أما الوقت ففوت بلا عود ، وفي ذلك:
مرت سنين بالوصال وبإلهنــا * * * فــكـأنـها من قصرها أيام
ثم انثنت أيـــــام هجر بعدها * * * فــكأنها من طولها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها * * * فــكـأنـها وكـأنهم أحلام
....
....فإني أهيب بكل من يقرأ هذه الرسالة ، أن يأخذ العظة والعبرة مما جاء في ثناياها ، فلا خير في قراءة بلا تدبر، كما لا خير في عبادة بلا تفكر .
....
....والآن آن أوان الشروع في الموضوع والذي أرجوا لراقمه توفيقاً ولقارئه تحقيقاً . . .
..
..
يتبع .....
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 37 : 05 AM
((( الموضوع )))
....
ونبدؤه بـتعريف "الوقت" و "الفراغ" :
....
....أولاً : تعريف الوقت :
قال ابن منظور في "لسان العرب" (15/361-362) :"الوَقْت : مقدارٌ من الزمانِ ، وكلُّ شيء قَدَّرْتَ له حِيناً ، فهو مُؤَقَّتٌ ، وكذلك ما قَدَّرْتَ غايَته ، فهو مُؤَقَّتٌ.
....
....ابن سيده: الوَقْت : مقدار من الدهر معروف ، وأَكثر ما يُستعمل فـي الـماضي ، وقد اسْتُعْمِلَ فـي الـمستقبل ، واسْتَعْمَلَ سيبويه لفظ الوَقْتِ فـي الـمكان ، تشبـيهاً بالوقت فـي الزمان ، لأَنه مقدار مثله ، فقال: ويَتَعَدَّى إِلـى ما كان وقتاً فـي الـمكان ، كمِيلٍ وفَرْسخ وبَرِيد ، والـجمع: أَوْقات ، وهو الـمِيقات .
....
....ووَقْتٌ مَوْقُوتٌ ومُوَقَّت : مَـحْدُود . وفـي التنزيل العزيز: {إِنَّ الصلاة كانت علـى الـمؤمنـين كتاباً مَوْقُوتا}أَي مُؤَقَّتاً مُقَدَّراً؛ وقـيل: أَي كُتِبَتْ علـيهم فـي أَوقاتٍ مُوَقَّتة ؛ وفـي الصحاح: أَي مَفْروضات فـي الأَوْقات؛ وقد يكون وَقَّت بمعنى أَوْجَبَ علـيهم الإِحرامَ فـي الـحج ، والصلاة عند دخول وقْتِها. والـمِيقات : الوَقْتُ الـمضْروبُ للفعل والـموضع. يقال: هذا مِيقات أَهلِ الشأْم ، للـموضع الذي يُحْرِمُون منه. وفـي الـحديث؛ أَنه وَقَّتَ لأَهل الـمدينة ذا الـحُلَـيْفة؛ قال ابن الأَثـير: وقد تكرر التَّوْقـيت والـميقات ، قال: فالتَّوْقِـيت والتَّأْقِـيت : أَن يُجْعَل للشيء وَقْتٌ يختص به ، وهو بـيانُ مقدار الـمُدَّة".
....
....ثانياً : تعريف الفراغ :
الفراغ في اللغة : كما قال ابن منظور في "لسان العرب" (10/241-243) : الـخَلاءُ، فَرَغَ يَفْرَغُ ويَفْرَغُ فَراغاً وفُروغاً وفَرِغَ يَفْرَغ .
....
....وفـي التنزيل: { وأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغا } ، أَي خالـياً من الصبر، وقرىء فُرُغا أَي مُفَرَّغا .
....
....وفَرَّغ الـمَكانَ: أَخلاه، وقد قرىء: حتـى إِذا فُرِّغ عن قلوبهم، وفسّر: فَرَّغ قلوبَهم من الفَزَعِ. وتَفْرِيغ الظُّرُوفِ: إِخْلاؤها.
....
....وفَرَغْت من الشُّغُلِ أَفْرُغُ فُروغاً وفَراغا وتَفَرَّغْت لكذا واستفْرَغْت مَـجْهُودي فـي كذا أَي بذلتُه ، يقال: اسْتَفرَغ فلان مـجْهُودَه إِذا لـم يُبْق من جُهْدِه وطاقتِه شيئاً.
....
....وفَرَغَ الرجلُ: ماتَ ، مثل قَضَى، علـى الـمَثل، لأَن جسمه خَلا من رُوحِهِ ...
....
....وطَعْنةٌ فَرْغاءُ وذاتُ فَرْغ : واسِعةٌ يَسِيلُ دَمُها، وكذلك ضَرْبة فريغةٌ وفَرِيغ .
....
....والطعنةُ الفَرْغاء : ذات الفَرْغ وهو السَّعةُ.
....
....وطرِيقٌ فرِيغ : واسِعٌ، وقـيل: هو الذي قد أُثِّرَ فـيه لكثرة ما وُطِىءَ؛ قال أَبو كبـير:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَـحْسَبُ أَثْرَه نَهْجاً، أَبانَ بِذي فَرِيغٍ مَخْرَفِ ...
....
....وقوله تعالى: { سَنَفْرُغ لكم أَيُّها الثَّقَلانِ}؛ قال ابن الأَعرابـي : أَي سَنَعْمِد ... وفـي حديث أَبـي بكر - رضي الله عنه : افْرُغ إِلـى أَضْيافِك أَي اعْمِدْ واقْصِدْ .
....
....ويجوز أَن يكون بمعنى التَّـخـلِّـي والفَراغِ لتَتَوَفَّرَ علـى قِراهم والاشْتِغالِ بهم ...
ورجل فِراغ : سريع الـمشي واسعُ الـخِطاءِ، ودابّة فراغ السَّيْرِ كذلك. وفـي الـحديث: أَن رجلاً من الأَنصار قال: حَمَلْنا رسول ُالله - صلى الله تعالى عليه وسلم- علـى حِمار لنا قَطُوفٍ فنزل عنه فإِذا هو فِراغ لا يُسايَرُ أَي سَرِيعُ الـمَشْي واسعُ الـخَطْوةِ (( 2 )).
....
....والإِفراغ : الصَّبُّ. وفَرَغ علـيه الـماءَ وأَفْرَغه : صَبَّه؛ حكى الأَوَّل ثعلب؛ وأَنشد :
فَرَغْنَ الهَوى فـي القَلْبِ، ثم سَقَـيْنَه * * * صُبابات ماءِ الـحُزْنِ بالأَعْيُنِ النُّـجْلِ
....
....وفـي التنزيل: {رَبَّنا أَفْرِغ علـينا صَبْراً}؛ أَي اصْبُبْ، وقـيل: أَي أَنزِلْ علـينا صبراً يشتمل علـينا، وهو علـى الـمثل.
....
....وافْتَرَغ : أَفْرَغ علـى نفسه الـماء وصَبَّه علـيه. وفَرِغ الـماءُ، بالكسر، يَفْرَغُ فَراغا مثال سَمِعَ يَسْمَعُ سَماعاً أَي انْصَبَّ، وأَفرغته أَنا. وفـي حديث الغسل: كان يُفْرِغ علـى رأْسِه ثلاث إِفراغات ، وهي الـمرة الواحدة من الإِفراغ . يقال: أَفْرَغْت الإِناء إِفْراغا وفَرَّغْتُه تَفْرِيغا إِذا قَلَبْتَ ما فـيه. وأَفْرَغْت الدِّماءَ: أَرَقْتُها. وفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً أَي صببته.
ويقال: ذَهب دمُه فَرْغاً وفِرْغا أَي باطِلاً هَدَراً لـم يُطْلَبْ به؛ وأَنشد:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُخِذْنَ ونِسْوةٌ *** نْ تَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ
....
....والفُراغة : ماء الرجل وهو النُّطفةُ. وأَفْرَغ عند الـجماع: صَبَّ ماءَه".
....
....وفي الاصطلاح الفقهي :عرفه الحنفية بأنه : "النزول عن حق مجرد كالوظيفة بعوض أو دونه" "ابن عابدين" (3/386) ، نقلاً عن "الموسوعة الفقهية" (32/82) .
....
....
* * *
....
فصل :
((( في ذكر الأدلة الواردة على أهمية الوقت وخطر الفراغ)))
....
....لقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بالحفاظ على الأوقات واستغلالها فيما يعود على النفس بالنفع .. ولهذا بيّن الشارع بلوغ الحجة وأن الناس ليس لهم عذر ، فقال تعالى : {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} سورة "الزمر" الآية(56) .
....
....{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم! مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} سورة "فاطر" آية(37) .
....
....وقال -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك " .
....
....وقال -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ " وسيأتي تخريجهما.
....
....وقد يكون الإنسان : صحيحًا في بدنه ولا يكون متفرغًا ، لانشغاله بمعاشه .. وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا .. فإذا اجتمعا -الصحة والفراغ- وغلب عليه الكسل عن طاعة الله –سبحانه وتعالى- فهو المغبون ، أما إن وفق إلى طاعة الله –سبحانه وتعالى-فهذا هو المحظوظ –جعلنا الله تعالى وإياكم هكذا .
....
....قلت :
فهذه الأدلة –وغيرها-تبين لنا أن الوقت أثمن من أن يضيع في غير فائدة ، وأنه نعمة ما بعدها نعمة ، فوجب علينا شكر الله تعالى، ومن ثَم الحفاظ عليها .
....
وهذا الفصل نذكر فيه من الآيات والأحاديث والآثار ما يضيق الوقت عن استقصائه :
....
....
* * *
يتبع .........
كريم القوصي
01 / 01 / 2009, 42 : 05 AM
بارك الله فيك اخي الكريم ابو الوليد علي هذه الاطلالة السريعة
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 42 : 05 AM
أولاً: ذكر الأدلة الواردة من كتاب الله تعالى
....
..الدليل الأول :
....قال الله تعالى : { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } سورة "آل عمران" الآية (133) .
....
..بعض أقوال أهل التأويل :
....قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية : والمسارعة المبادرة وهي مفاعلة وفي الآية حذف أي سارعوا إلى ما يوجب المغفرة، وهي الطاعة ... ومعناها معنى { فاستبقوا الخيرات} وقد تقدم الثانية قوله تعالى { وجنة عرضها السموات والأرض } ... " "الجامع لأحكام القرآن" (4/203) .
....
...." أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } أي: أن الجنة لا تنال ولا تدخل إلا برحمة الله تعالىوفضله وقد مضى هذا في الأعراف وغيرها والله ذو الفضل العظيم" "الجامع لأحكام القرأن" (17/257) .
....
....وقال العلامة السيوطي –رحمه الله تعالى : “ (أعدت للمتقين) الله بعمل الطاعات وترك المعاصي" "تفسير الجلالين" (1/85) .
....
..الدليل الثاني :
....قال الله تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } سورة "الحديد" الآية (21) .
..
..بعض أقوال أهل التأويل :
....قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري –رحمه الله تعالى : “ يقول تعالىذكره سابقوا أيها الناس إلى عمل يوجب لكم مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت هذه الجنة للذين آمنوا بالله ورسله يعني الذين وحدوا الله وصدقوا رسله... " "تفسير الطبري"(27/233) .
....
....وقال الحافظ ابن كثير –رحمه الله تعالى : “ حثه الله تعالى على المبادرة على الخيرات من فعل الطاعات وترك المحرمات التي تكفر عنه الذنوب والزلات وتحل له الثواب والدرجات فقال تعالىسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض والمراد جنس السماء والأرض كما قال تعالى في الآية الأخرى وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين وقال ههنا أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم أي هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم" "تفسير ابن كثير"(4/314) .
....
....قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية : " أي سارعوا بالأعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم وقيل سارعوا بالتوبة لأنها تؤدي إلى المغفرة" "الجامع لأحكام القرآن" (17/256) .
..
..الدليل الثالث :
....قال الله تعالى : { َاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَات } سورة "البقرة" الآية (148) و "المائدة" الآية (48)
..
..بعض أقوال أهل التأويل :
....قال الإمام الطبري –رحمه الله تعالى: " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَاسْتَبِقُوا } فَبَادِرُوا وَسَارِعُوا , مِنْ " الِاسْتِبَاق " , وَهُوَ الْمُبَادَرَة وَالْإِسْرَاع " .
....
....وقال العلامة القرطبي-رحمه الله تعالى : " أَيْ بَادِرُوا مَا أَمَرَكُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ اِسْتِقْبَال الْبَيْت الْحَرَام , وَإِنْ كَانَ يَتَضَمَّن الْحَثّ عَلَى الْمُبَادَرَة وَالِاسْتِعْجَال إِلَى جَمِيع الطَّاعَات بِالْعُمُومِ , فَالْمُرَاد مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِقْبَال لِسِيَاقِ الْآي ..." .
..
..الدليل الرابع :
....قال الله تعالى : {وَالْعَصْرِ* إنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
....
...."العصر": وهو الزمان ، وقَسَم الله تعالى به يدل على : عظيم فضله ، وجليل مكانته ، ورفيع قدره- كما قدمنا - ووجوب استثماره فيما يحبه –سبحانه- لنا ويرضاه .
....
....وحدثتنا الآية الكريمة عن "خسران الإنسان"وهو الذي يخسر اللحظات والثواني فتفنى من عمره ، وهو لا يستطيع أن يستثمرها، خاصة عندما يتحكم به الوقت ولا يتحكم هو به، فيستهلك دقات الوقت ذاته ونفسه، فينتهي قبل أن يصل إلى نهايته، فيكون كالميت ولكن لا نشعر به .
....
....ثم "إستثناء الذين آمنوا وعملوا الصالحات": حيث استثمروا لحظات أعمارهم في طاعة ربهم { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } سورة "الرحمن" الآية (60-61) .
....
....وبعد ذلك "التواصي بالصبر" وهو قمة القدرة على احتواء الزمان والسيطرة على الوقت، إذ أن الكثير ينهار أمام تسلط الزمن وجبروته فلا يقاوم الضغوط ، أو يريد أن يصل بسرعة إلى مبتغاه، ولكنه قد لا يصل فيصيبه؛ الإحباط والسقوط
....
....ولقد ..
أقسم الله سبحانه وتعالى بالوقت في آيات عديدة من كتابه الكريمدلالة على عظمة المقسم به، وتنبيهاً إلى مكانته ورفعة منزلته عند الله سبحانه ومن المعلوم أنه سبحانه لا يقسم إلا بعظيم، وكلما تكرر القسم بشيء دل على أهميته ووجوب اغتنامه ، فيقول جل شأنه :{وَالْعَصْر } ومثله قوله تعالى : {والضحى * والليل إذا سجى}، وقوله تعالى : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وما خلق الذكر والأنثى}، وقوله : {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر * والليل إذا يسر} .
....
....كما أقسم سبحانه بدلالات الوقت، فقال :{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } ، وقال {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ*وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ*َالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}، وقال { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ }.
....
....وقد أرشد الله إلى عِظم الزمن وعلو قدره ورفيع شأنه فقال سبحانه وتعالى:{ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } سورة "إبراهيم" الآية (34) .
....
....قلت :
فإن هذه الآيات تدل دلالة واضحة-لا يشوبها شائبة- من أن للوقت أهمية عظيمة، فإن النعم التي يتقلب الناس فيها، والمشاكل التي تحيط بهم، قد تجعلهم ينسون الحساب، ويغفلون عن ذكر يوم المعاد : {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُون * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} سورة "الأنبياء" الآيتان (1-2) .
....
....وأشار الله سبحانه إلى أن الزمن آية لا يدركها إلا أولي الألباب فقال سبحانه : { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} سورة "النحل" الآية (12) .
....
....ولقد ذكرعدد من المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآيات أن إقسام الله ببعض المخلوقاتدليل على أنها من عظيم آياته.
....
....ومن هنا فالله عز وجل يقسم بتلك المخلوقات؛ ليبينلعباده أهميتها، وليلفت أنظارهم إليها، ويؤكد على عظيم نفعها، وضرورة الانتفاع بها،وعدم تركها تضيع سدى دونما فائدة ترجى في الدنيا أو الآخرة.
....
....وجعل اللهعز وجل الزمن حجة على الإنسان وميدانا للإيمان والاستذكار والاعتبار فقال سبحانه مخاطبا الكفار: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} سورة "فاطر" الآية (37) .
....
....وقال الحافظ ابن كثير –رحمه الله تعالى: " أي : أوما عشتم في الدنيا أعماراً لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم " انظر "تفسير القرآن العظيم" (3/566).
....
....وقال قتادة– رضي الله تعالى عنه :" اعلموا أن طول العمر حجة ، فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر""تفسير القرآن العظيم" (3/566) .
....
....فالنجيب اللبيب الذكي ****** : هو الذي صرف وقته في طاعة الله جل وعلا ، وعلم أن الزمن منحة منه سبحانه فساعتئذ يخاطبه ربه جل شأنه بقوله :{ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } و{ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }.
....
....
* * *
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 48 : 05 AM
....
ثانياً: ذكر الأدلة الواردة من سنة رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-
....
....أقول :
أما عن الحديث، فما أكثر الأحاديث التي تدل عل أهمية الوقت وخطر الفراغ ، فـ :
....
....عن أبي برزة الأسلمي – رضي الله تعالى عنه- أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه" رواه الترمذي في جامعه (4/612) وصححه العلامة الألباني - رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم(7300) .
....
....و: عن عبد الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنهما- أن النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم" صححه العلامة الألباني - رحمه الله تعالى- في "صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم(7299) .
....
....وعنه – رضي الله تعالى عنه- أيضاً أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : “ لا تزول قدم بن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم" حسنه الترمذي في جامعه (4/612) .
....
....و: عن ابن عباس –رضي الله تعالى عنهما- أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " رواه الإمام البخاري "كتاب الرقائق" باب: ما جاء في الصحة والفراغ، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة برقم (6049) ، ورواه ابن ماجة "كتاب الزهد" باب الحكمة (2/1396) برقم (4170) ، والترميذي "أبواب الزهد عن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- " (4/505) برقم (2405) ، والحاكم في مستدركه "كتاب الرقائق" برقم (7845) وابن أبي شيبة في مصنفه "كتاب الزهد" برقم (55) والبيهقي في سننه "كتاب الجنائز" باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر لقوله عز وجل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير برقم (6315) ، والتبريزي ، في "مشكاة المصابيح" (3/ح5155) ، والخطيب البغدادي في " اقتضاء العلم العمل" ص(100) وصححه العلامة الألباني - رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم(6778) .
....
....وعنه –رضي الله تعالى عنه- أيضاًأن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-قال :" إن الصحة والفراغ نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس"رواه الإمام أحمد في مسنده، والدارمي "كتاب الرقاق" باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (2707) .
....
....والمغبون : هو المفرط في الشيء الثمين .. حتى فقده أو باعه بثمن بخس، أقل بكثير من قيمته التي يستحقها .
....
....وعنه –رضي الله تعالى عنه-أيضاً أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك" صححه العلامة الألباني - رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (1077) .
....
....وعنه –رضي الله تعالى عنه-أن النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال لرجل وهو يعظه " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم وقال : "صحيح على شرطهما" وصححه العلامة الألباني - رحمه الله تعالى- في "صحيح الترغيب والترهيب" (3ح3355) .
....
....والهرم :هو الذي بلغ أقصى مراحل الكبر من العمر ، حيث يكون الضعف العام للجسم وبطء الحركة ، بعكس من كان في مرحلة الفتوة والقوة والشباب .
....
....فهذا الحديث : وإن تنوعت ألفاظه وتعبيراته، إلا أنه أصل في الحث على اغتنام الفراغ في الحياة قبل ورود المشغلات ، إذ أن الغالب في هذه الأمور أنها تلهي الإنسان عن الاستفادة من أوقاته، حيث يرشد الرسول – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- إلى أن الفراغ مغنم ومكسب، ولكن لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلا من عرف غايته في الوجود، وأحسن التعامل مع الوقت والاستفادة منه، فقوله صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "أغتنم" هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب ما لم تأت قرينة تصرفه إلى الاستحباب ..
....
....وعن أنس – رضي الله تعالى عنه- أن النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال :"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم(1424) .
....
....وعن أبي هريرة– رضي الله تعالى عنه-أن النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم(1047) .
....
....أي أن الله تعالى أزال عذره ولم يبق له موضعا للاعتذار ولا حجة له عند الله تعالى .
وقد قيل في صدر كتاب "كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" ص(4):
إذا بلغ الفتى ستين عامــــــــاً *** فنصف العمر تمضيـــه الليالـي
ونصـف النصف يمضي ليس يدري *** وباقي العمر همُُّ واشتغال
....أعاذنا الله تعالى وإياكم من هذه المصيبة المهلكة
....
....قلت :
فالآيات والأحاديث المذكورة والتي تشير إلى أهمية الوقت وخطورة الفراغ في حياة المسلم تدل على أنه لابد من الحفاظ على الوقت وعدم تضيعه في الأعمال التي تؤدي بنا إلى الطريق العقيم – أي : الذي لا خير فيه-وتبعدنا عن الطريق المستقيم السليم , فالوقت يمضي ولا يعود ، فحافظوا على أوقاتكم ، وهيا نسير وإياكم في سبيل المؤمنين ، في سبيل الفرقة الناجية إلى يوم الدين ، هدانا الله تعالى وإياكم أجمعين ، إلى اتباع هذا النهج القويم .
....
....
* * *
....
ثالثاً : صفحات من استثمار سلف الأمة -رحمهم الله تعالى- لأوقاتهم
....قلت :
في هذا العنصر نجلي جانباً مهماً من جوانب حفاظ العلماء على أوقاتهم ، ونكشف صوراً مهمة يتعجب منها القرائ ، ويزداد منها المتعلم ، ومع كثرة هذه النصوص ، فقد اصطفيت منها الدال على ما نحن بصدده ، ألا وهو : جدهم واجتهادهم في تحصيل لحظات عمرهم .
....
....وقد استقيتها من كتاب "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" لمؤلفه علي بن محمد العمران – حفظه الله تعالى ذلكم الكتاب الماتع في بابه، الذي حوى نقولات رائعة بل ماتعة – أي : بالغة الجودة من كل شيء- والتي تدل على حبّ العلماء للعلم، وشغفهم به، وتفانيهم من أجل تحصيله، وبذل ما في وسعهم في استثمار لحظات عمرهم، فـ "صبروا في الدنيا فسلموا في الآخرة" قاله الوالد – حفظه الله تعالى، ولم اعتمد في هذا على ذاك فقط ؛ إذ أن هناك جهود أخرى مخصصة في هذا المجال .
....
....فـ "من نظر في سيرة سلفنا الصالح وكيف كان حفظهم لأوقاتهم وسعيهم في استثمار لحظات عمرهم واغتنام أنفاسهم وجِدِّهِم وجهادهم؛ خضع وعلم أنهم جيل فريد، وثلة موفقة، ونحن مأمورون باتباعهم والسير على نهجهم، فقوموا رحمكم الله تعالىبما قاموا به، وكفوا عمَّا كفوا عنه، وليكن رائدنا قوله تعالى : {وعجلت إليك رب لترضى} " قاله الوالد –حفظه الله تعالى .
....
....عود على بدئ .. فقد انتقيت من ثنايا هذه الكتب أعاجيب تلو أعاجيب لا تكاد تصدق، وها أنذا أتلوها عليكم :
....
((( الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وحفظهم لأوقاتهم)))
..
..* صدّيق هذه الأمة – رضي الله تعالى عنه :
....أوقف نفسه وأهله وماله لهذا الدين، إنه الصديق. قاله الوالد – حفظه الله تعالى.
..
..* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه :
...." أتاه احد الرسل من إحدى المعارك فوصل في وقت الظهر وخشي ان يكون نائما فلم يسأل عنه وبلغ ذلك عمر
....فقال له : لماذا لم تأتني بالخبر حين وصولك؟
....فأجابه: خشيت ان تكون نائما !
....فقال له عمر رضي الله تعالى عنه : كيف انام واذا نمت النهار ضيعت امتي وإذانمت الليل ضيعت نفسي !!!"
....
....فهو رضي الله تعالى عنهلا يضيع ساعة من نهار فيالبحث في شؤون الرعية وساعة في الليل يقضيها بالعبادة ويتقرب بها من الله .
..
..* عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنهما :
....وقال عبد الله بن مسعود–رضي الله تعالى عنهما: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي""قيمة الزمن عند العلماء" لعبد الفتاح أبو غدة ص(23) و"كتاب الوقت" للدكتور يوسف القرضاوي –هداه الله تعالى- ص(13) نقلا عن "كيف تطيل عمرك الانتاجي؟" للشيخ إبراهيم النعيم ص(129) .
....
....نذهب لجانب آخر وهو :
((( حال من تبعهم بإحسان ، في حفاظهم على أوقاتهم )))
..
..* الحسن البصري - رحمه الله تعالى :
....فقد قال : " أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم" .
....
....وقال ايضا : " ما من يوم يمرُّ على ابن آدم إلا وهو يقول : ياابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدِّم ما شئتتجده بين يديك، وأخِّر ما شئت فلن يعود إليك أبداً "
....
....وقال : " يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك " .
....
....وقال : " الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه " .
....
....وكان –رحمه الله تعالى- لا يدع دقيقة من حياته تضيع سدى ، فكان إذا وجد فراغاً ولم يجد لديه شغلاً حرك لسانه بالتسبيح . انظر "كتاب الزهد" للإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- ص(282) ، و"جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى- (2/517) والنقل عن "كيف تطيل عمرك الإنتاجي" ص(131) .
..
..* الخليفة الراشد : عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى :
....فقد قال : "إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما " .
..
..* أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي – رحمه الله تعالى :
....يقول "لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري" وهو الذي الف كتاباَ اسمه "الفنون" وهو عبارة عن (800) مجلدا، غير كتبه الاخرى ومع ذلك يقول "لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري " !!! .
..
..* العلامة إمام الوقت وفريده شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى:
....ذكر عنه تلميذه الحافظ ابن عبد الهادي فقال : " لا تكاد نفسه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال، ولا تكل من البحث ..." "مختصر طبقات علماء الحديث" (4/282) وانظر "العقود الدرية" ص(5) له ، نقلاً عن "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" لعلي بن محمد العمران ص(35) .
....
....وقال عنه – رحمه الله تعالى - الشيخ محمد خليل الهراس : " كان لابن تيمية بصر نافذ ونفس طلعة لا تكاد تشبع من العلم ... حتى إنه لم ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته في الشام أو في مصر ، في السجن أو في البيت ..." انظر "ابن تيمية السلفي" ص(27) و"الجامع لسيرة شيخ الإسلام" لعلي بن محمد العمران، نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" له أيضاً ص(38)
....
....وقال العلامة شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى : " وحدثني شيخنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- قال إبتدءني مرض، فقال لي الطبيب : إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض.
....فقلت له : لا أصبر على ذلك (( 3 )) وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسرت، قويت الطبيعة فدفعت يزيد المرض ؟
....فقال : بلى .
....فقلت له : فإن نفسي تسر بالعلم فتقوى به الطبيعة فأجد راحة .
....فقال : هذا خارج عن علاجنا ...""روضة المحبين" للعلامة ابن القيم ص(70) نقلاً عن "المشوق إلى القراءة وطلب العلم"ص(38)
....
....وقال أيضاً – رحمه الله تعالى: " وأعرف من أصابه مرض من صداع وحمى وكان الكتاب عند رأسه، فإذا وجد إفاقة قرأ فيه، فإذا غلب وضعه " قلت : حفظك الله كما حفظت وقتك .
....
....وقال أيضاً – رحمه الله تعالى: " وحدثني أخو شيخنا – يعني أحمد بن تيمية – رحمهما الله تعالى - عبد الرحمن ابن تيمية ، عن أبيه(عبد الحليم) قال : كان الجد (أبو البركات) إذا دخل الخلاء يقول لي : اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك حتى أسمع"أهــ "روضة المحبين" للعلامة ابن القيم ص(70) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(42) .
..
..* العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى :
....فقد قال : "إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها " .
....
....وقال أيضا : " وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته ... فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته " .
..
..* واعظ الإسلام أبو الفرج ابن الجوزي- رحمه الله تعالى :
....فقد قال : "رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر، وإن طال النهار فبالنوم ، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق ، فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل، إلا أنهم يتفاوتون وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة، والغافلون منهم يحملون ما اتفق وربما خرجوا لا مع خفير، فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً، فالله الله في مواسم العمل، والبدار البدار قبل الفوات، واستشهدوا العلم واستدلوا الحكمة ونافسوا الزمان وناقشوا النفوس واستظهروا بالزاد، فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته من وقع مع الندم" "صيد الخاطر" ص(136-137)
....
....وقال : " ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة - فما من لحظة تمر بابن آدم لم يذكر الله تعالى فيها أو يصلي على الرسول – صلى الله عليه وسلم- إلا ندم عليها يوم القيامة .. حتى بعد دخول الجنة ؛ إذ سيدرك مدى ما فاته من درجات .
....
....ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل ، ولتكن نيته في الخير قائمة ، من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل كما جاء في الحديث " نية المؤمن خير من عمله"(( 4 ))– والسر في ذلك : أن العمل قد يداخله الرياء، أو يلحقه ما يفسده أما النية فلا يفسدها شيء من خارج النفي .. أي لا يفسدها إلا نية مضادة .. فالنية في مقدور الإنسان وحده .. والله تعالى أعلم.
....
....وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات... فإذا علم الإنسان - وإن بالغ في الجد - بأن الموت يقطعه عن العمل؛ عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته.
....
....فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً ، وغرس غرساً، وأجرى نهراً، وسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له، أو أن يصنف كتاباً في العلم فإن تصنيف العالم ولده المخلد، أو أن يكون عاملاً بالخير، عالماً فيه، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به، فلذلك الذي لم يمت ... قد مات قوم وهم في الناس أحياء""صيد الخاطر" ص(28) .
....وفي هذا الكتاب النفيس "صيد الخاطر" نحن عنوان "الوقت كنز" قال : " من عجائب ما أرى من نفسي ومن الخلق كلهم : الميل إلى الغفلة عمافي أيدينا مع العلم بقصر العمر ، وأن زيادة الثواب هناك بقدر العمل ههنا ، فياقصير العمر، اغتنم يومي منى ، وانظر ساعة النَّفر (( 5 )) وإياك أن تشغل قلبك بغير ماخلق له، واحمل نفسك على المرّ، واقمعها إذا أبت، ولا تسرح لها في الطول (( 6 )) فما أنت إلا في مرعى، وقبيح بمن كان بين الصفين (( 7 )) أن يتشاغل بغير ما هو فيه " .
....
....وقال تحت عنوان "أهل الفراغ بلاء" : " فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء، والواجب انتهاؤه بفعل الخير، كرهت ذلك وبقيتمهمًّا بين أمرين : إن أنكرت عليهم وقعت وحشة ، ولموضع قطع المألوف، وإن تقبلتهمنهم ضاع الزمان، فصرت أدافع اللقاء جهدي، فإذا غلبت قصرت في الكلام؛ لأتعجل الفراق .
....
....ثم أعددت أعمالا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم؛ لئلا يمضي الزمان فارغا، فجعلت من المستعد للقائهم : قطع الكاغد ، وبري الأقلام ، وحزم الدفاتر .
....
....فإن هذه الأشياء لا بد منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم ؛ لئلا يضيع شيء من وقتي ، نسأل الله عزوجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر ، وأن يوفقنا لاغتنامه""صيد الخاطر" ص(210).
....
....وتحت عنوان "قيمة الوقت" : "رأيت العادات قد غلبت الناس في تضيع الزمان ، وكان القدماء يحذرون من ذلك ... واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة ، فإن في الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلمأنه قال : "من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة" ، فكم يضيع من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل ، وهذه الأيام مثل المزرعة ،فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجها لك ألف كرّ ، فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر ويتوانى ، والذي يعين على اغتنام الزمان : الانفراد والعزلة مهما أمكن ، ولاختصار على السلام ، أو حاجة مهمة لمن يلقى ، وقلة الأكل ، فإن كثرته سبب النوم الطويل وضياع الليل ، ومن نظر في سير السلف وآمن بالجزاء بان له ما ذكرته""صيد الخاطر" ص(420).
....
..* جمال الدين القاسمي –رحمه الله تعالى:
....يقول :" يا ليت الوقت يباع فأشتريه" ألف ما يزيد عن خمسين مؤلفاً ، وكانت حياته زاخرة بالعلم والدعوة والكفاح ، ومع ذلك يريد ان يشتري الوقت !!!
..
يتبع ........
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 52 : 05 AM
ومن صور حرص السلف وشغفهم من أجل استثمار لحظات عمرهم :
....
....إجمالاً :
" انظر إلى إنجازات ومؤلفات بعض السلف، التي فاقت بعضها عدد سنوات أعمارهم، كيف كتبوها ؟ ومتى ألفوها ؟ في عصر عدمت فيه المطابع والحاسبات الآلية؟!! .
....
....قد يكون الجواب أنهم استغلوا دقائق العمر فضلاً عن ساعاته وأيامه ؛ فكانت أيامهم مباركة""كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" للشيخ إبراهيم النعيم - رحمه الله تعالى ص(130) .
....
....تفصيلاً :
بلغ بعضهم – أي: العلماء- من استغلال وقته في طاعة الله ما قد نعتبره خارفة في عرفنا ، حيث روى أبو نعيم في "حلية الأولياء" أن داود الطائي –رحمه الله تعالى- كان يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز ، فقيل له في ذلك ، فقال : "بين مضغ الخبز وشرب الفتيت خمسين آية" "دواء القلوب وصلاح النفوس" ص(91) نقلاً عن "كيف تطيل عمرك الإنتاجي" ص(130) .
....
....وقال السري بن المفلس : " إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك" .
....
....ولقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله تعالى- في كلامه على العلامة ابن عقيل –رحمهما الله تعالى : "كان دائم التشاغل بالعلم، حتى إني رأيت بخطة : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطر... "أهــ "الذيل على طبقات الحنابلة" (1/145-146) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(39) .
....
....ونقل : أن ابن عقيل قال عن نفسه : "أنا أقصر بغاية جهدي أوقاتي أكلي ... توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه" أهــ "الفنون" ، نقلاً عن "المشوق..." ص(40)
....
....فقد قال الحافظ السخاوي – في ترجمة محمد بن أحمد بن محمد العمري الصنعاني تـ (854) : "بلغني عن أبي الخير بن عبد القوي أنه قال : أعرفه أزيد من خمسين سنة، وما دخلت عليه قط إلا ووجدته يطالع أو يكتب" "الضوء اللامع" (7/84-85) و"الذيل التام" (2/98) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص (42)
....
....وقال أيضاً – في ترجمته لأحمد بن علي بن إبراهيم الهيتمي الشافعي تـ(853): "وكان لا يمل من المطالعة والاشتغال، مع الخير والدين والتواضع" "الضوء اللامع" (2/60) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(43) .
....
....وقال أيضاً – في ترجمته الإمام اللغوي محمد بن محمود الفيروزآبادي تـ(817): "وكان لا يسافر إلا وصحبته منها عدة أحمال ، ويخرج أكثرها في كل منزلة فينظر فيها ثم يعيدها إذا ارتحل"أهــ "الضوء اللامع" (10/81) ، نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(43) .
....
....ومثله – أي: الفيروزآبادي- السيد صلاح بن أحمد المؤيدي اليمانيتـ(1048) فقد قال عنه الإمام الشوكاني –رحمه الله تعالى : " ... وإذا سافر أول ما تضرب خيمة الكتب ، وإذا ضربت دخل إليها ، ونشر الكتب ... ""البدر الطالع" (1/293-295) ، نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(43).
....
....قال موسى بن إسماعيل : " كان حماد بن سلمة مشغولا وقته كله ، إما أن يحدث أو يقرأ ، أو يسبح أو يصلي ، قد قسم النهار على ذلك " .
....
....وقال حماد بن زيد: حدثنا عاصم، عن مصعب بن سعد، قال : قلت لأبي : يا أبتاه، أرأيت قول الله تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } سورة "الماعون" الآية (5)، أينا لا يسهو؟ أينا لا يحدِّث نفسه؟ قال: "إنه ليس ذاك، ولكنه إضاعة الوقت""حكم تارك الصلاة" للعلامة ابن القيم ، فصل "أدلة الذين يكفرون تارك الصلاة" .
....
....قال داود الطائي : " إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ؛ فإن انقطاع السفر عن قريب هو ، والأمر أعجل من ذلك ، فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك " .
....
....وقال رابعة لسفيان : " إنما أنت ايام معدودة اذا ذهب يوم بعضك ويوشك اذا ذهب البعض ان يذهب الكل " .
....
....وقال الجندي السكسكي – في ترجمة أبي الخير ابن منصور الشماخي السعدي تـ(780): "أخبرني جماعة ممن أدركه أنه كلن لا يوجد إلا وعنده كتاب ينظر فيه ، ومحبرة وأقلام يصلح بهما ما وجد في الكتاب ...""السلوك في طبقات العلماء والملوك" (2/30) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(44) .
....
....وقد ذكر الحافظ الذهبي –رحمه الله تعالى: "عن نعيم بن حماد قال : كلن ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته ، فقيل له ألا تستوحش ؟ فقال : كيف أستوحش وأناْ مع النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وأصحابه (رضي الله تعالى عنهم)؟!""سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي (8/382) وهو نحوه في "تقييد العلم" ص (126) و"تاريخ بغداد" (10/156) و"الجليس الصالح" (1/163-164) والنقل عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم " ص(47-48) (( 8 )).
....
....قال الحافظ الذهبي –رحمه الله تعالى – في ترجمة عيسى بن أحمد اليونيني تـ(654): “لم يشغل إلا بالعبادة والمطالعة ، وما تزوج ، بل عقد على عجوز تخدمه" أهــ "سير أعلام النبلاء"(23/300) .
....
....قال الشيخ علي بن محمد العمران – في تعليقه على مقولة "وما تزوج": "لا يفهم من هذه الدعوة ترك الزواج ، بل الأصل الترغيب فيه والحث عليه ، وقد يخرج عن هذا الأصل لعوارض مدونة في أماكنها من كتب الفقه""المشوق إلى القراءة وطلب العلم" حاشية ص(50) .
....
....وقال العلامة الذهبي –رحمه الله تعالى –في ترجمة ابن سليم أبو الفتح الرازي الشافعي : "أنه كان ... لا يدع وقتاً يمضي بغير فائدة ؛ إما ينسخ ، أو يدرس ، أو يقرأ ...""سير أعلام النبلاء"ص (17/646) .
....
....وقال القاضي المكناسي –في ترجمة محمد بن علي بن سليمان السطى تـ(749) : "وكان مقبلاً على ما يعينه ، مكباً على النظر والقراءة والتقييد ، لا تراه أبداً إلا على هذه الأحوال حتى في المجلس السلطاني ... " أهــ "درة الحجال" ص(580) و "جواهر العقدين في فضل الشرفين" (1/119) نقلاً عن " المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(52) .
....
....وقال الجاحظ : "قال ابن داحة : كان عبد الله ابن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ... لا يكاد يرى إلا وفي يده كتاب يقرؤه ... ""الحيوان" (1/62) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(54) .
....
....قال أحد الصالحين لتلاميذه : " إذا خرجتم من المسجد فتفرقوا لتقرؤوا القرآن، وتسبحوا الله، فإنكم إذا اجتمعتم في الطريق، تكلمتم وضاعت أوقاتكم " .
....
....ونقل السخاوي عن شيخه ابن حجر –رحمهما الله تعالى - أنه قال : “إنني لأتعجب ممن يجلس خالياً عن الاشتغال""الجواهر والدرر" (1/110) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(56).
....
وقال الشيخ علي بن محمد العمران : رحم الله القارئ :
همتي دونها السها والزبانا (( 9 )) * * * قد علت جهدها فما يتدانى
فـأنـا مـتعـب مـعـنـى إلـى أن * * * تـتـفـانـى الأيـام أو أتـفـانـى
"المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(56)
....
....ونقل ابن رجب –في ترجمة العلامة أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبرى تـ(616)- عن ابن النجار قوله : “وكان محباً للاشتغال والإشغال –أي للتعلم والتعليم- ليلاً ونهاراً ، ما يمضي عليه ساعة إلا وواحد يقرأ عليه ، أو مطالع له ، حتى ذكر لي أنه بالليل تقرأ له زوجته في كتب الأدب وغيرها""ذيل الطبقات"(2/111) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(60) .
....
....وقال ابن عبد البر –رحمه الله تعالى - في "جامع بيان العلم وفضله" : "عن نعيم بن حماد قال : قيل لابن مبارك : إلى متى تطلب العلم ؟ قال : حتى الممات إن شاء الله"
....
....وقال ابن عساكر : "كان الإمام سليم بن أيوب لايدع وقتا يمضي بغير فائدة ، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ ، وكان إذا أراد أن يعدّالقلم للكتابة حرّك شفتيه بالذكر حتى ينتهي من ذلك"
....
....ولما سئل الإمام أحمد : إلى متى تطلب العلم ؟ قال : “من المحبرة إلى المقبرة" "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" ص(27) .
....
....قال الحافظ شمس الدين الذهبي –رحمه الله تعالى : "قال الرقام–نسبة إلى رقم الثياب: " فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له ، وسؤالاته لأبيه ، فقال : ربما كان يأكل وأقرأ عليه ، ويمشي وأقرأ عليه ، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه ""سير أعلام النبلاء" للحافظ (13/251) .
....
....وقال أيضاً -رحمه الله تعالى : "وقال الرازي : وسمعت علي بن أحمد الخوارزني يقول : سمعت عبد الرحمن بن حاتم يقول : "كنا بمصر سبعة أشهر ، لم نأكل فيها مَرَقَةً ، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ ، وبالليل : النسخ والمقابلة .
....قال : فأتينا يوماً أنا –في الأصل : "وأنا" . والتصحيح من "التذكرة"- ورفيق لي شيخاً .
....فقالوا : هو عليل ، فرأينا في طريقنا سمكةً أعجبنتا ، فاشتريناه ، فلما صرنا إلى البيت ، حضر وقت مجلس ، فلم يمكنا إصلاحه ، ومضينا إلى المجلس ، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام ، وكان أن يتغير ، فأكلناه نيئاً ، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه .
....ثم قال : لا يستطاع العلم براحة الجسد ""سير أعلام النبلاء" (13/266).
....
....وهذا ابن أبى حاتم الرازى يقول : " مكثت في مصرسبع سنوات ، لم أذق فيها مرقة ، نهاري أمر على الشيوخ وبالليل أنسخ وأقابل النسخ، وفي يوم ذهبنا لموعد شيخ فوجـدناه عليلاً فمررنا بالسوق فوجدت سمكة فأعجبتني فاشتريتها وانطلقنا إلى البيت فجاء موعد شيخ فتركناها وانشغلنا عنها ثلاثة أيــامحتى كادت أن تنتن فأكلناها وهى نيئة" .
....
....وذكر علماء التراجم في سيرة الجنيد بن محمد، أنه حين أتته سكرات الموت، أخذ يقرأ القرآن ، فأتى الناس - قرابته وجيرانه- يحدّثونه وهو في مرض الموت ، فسكت وما حدثهم ، واستمر في قراءته ، فقال له ابنه : "يا أبتاه! أفي هذه الساعة تقرأ القرآن؟!" ، فقال : "ومن أحوج الناس مني بالعملالصالح؟" ، فأخذ يقرأ ويقرأ حتى قُبضت روحه .
....
....وكان معروف الكرخي يعتمر ، فأتى من يقص شارب معروفالكرخي ، فحلق رأسه ، ثم قال للقصاص: "خذ من شاربي"، فأخذ معروف يسبح الله ، فقالله القصاص: "أنا أقص شفتك، اسكت" ، قال: "أنت تعمل، وأنا أعمل" .
....
....وذكروا عنه أنه ما رئي إلا متمتماً بذكر الله، ويقولون : كان إذا نام عند أهله سبّح، فلا يستطيعون النوم .
....
....وجاؤوا الى محمد بن جرير الطبري وهو شيخ المفسرينحسبوا اوراقه بعد موته ثم قسموها على ايام حياته فوجدوا لكل يوم كأنه الف 14 ورقة منذ ان بلغ الحلم الى انماتتاليف وليس قراءة .
....
....وقال العلامة جمال الدين القاسمي الدمشقي (1332) :“فدع عنك أيها اللائم الكسل، واحرص عل عزيز وقتك بدرس العلم وإحسان العمل""الفضل المبين"ص(53-54) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم"ص(65-66) .
....
....وقال الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله تعالى - عن الشيخ محمد بدر الدين الحسني (1354): "كان يقرأ دائماً لا يشغله عن القراءة إلا أن يكون نائماً أو في صلاة أو درس ، أو في طريقه من المسجد إلى البيت ، ما فراق الكتب قط ... وما أحب في الدنيا غير الكتب...""رجال من التاريخ"ص(381-382) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(66-67) .
....
....
ومن صور حفظ العلماء –رحمهم الله تعالى- لأوقاتهم منذ نعومة أظفارهم :
....
....
....
________ ( الحاشية ) _________
....
([1]) بدلاً من أن يدخرون أموالاً لشراء حاجياتهم ، يصرفونها في شراء السجائر وغيرها !!!
....
([2]) قوله "الخطوة" كذا بالأصل وشرح القاموس والذي في النهاية : سريع الخطوة .
....
([3]) قلت : الله .. الله .. نفسٌ لا تقوى على ترك المطالعة والعلم، نفس لا تقوى على إضاعة الوقت، يا الله أية نفس هذه، إنها نفس طاهرة نقية ، عابدة لله تعالىتقية ، سامية ثنية ، زاكية زكية ، رحمك الله تعالى.. آمين .
....
([4]) ضعفه العلامة الألباني في " صحيح الجامع الصغير وزيادته" حديث رقم (5976).
....
([5]) ساعة النفر : الساعة التي ينفر الناس فيها من منى ، وهو يشبه العمر بأيام الحج التيستقضى ، وكما ينبغي على الحاج أن يقوم فيها بكل أفعال الحج كل في موعده ليصح حجه ،فكذلك ينبغي اغتنام العمر في العمل قيل انقضاء الموسم بالموت.
....
([6]) أي لا تترك لها الحبل الذي تشد به ، فتذهب حيث شاءت .
....
([7]) بين الصفين : أي في أتون المعركة ، ولعله يقصد بالصفين الجنة والنار ، فمن ذكرهمالم ينشغل عنهما .
....
([8]) قال الشيخ محمد بن عبد الحميد محمد حسونة –حفظه الله تعالى: "أي : مع كتب الحديث والآثار" .
....
([9]) السها : نجم معروف ، والزبانا : كوكبان نيران في قرني العقرب .
... يتبع إن شاء الله تعالى ...
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 54 : 05 AM
...." نُقل عن عامر بن عبد قيس – رحمه الله تعالى- أن رجلاً قال له : كلمني ، فقال له "أمسك الشمس" "صيد الخاطر" ص(28).
....
....قال الإمام أبي الفرج ابن الجوزي – رحمه الله تعالى- تعليقاً على هذه المقولة : " أي أنه حريص على اللحظة التي سيكلمه فيها ، وخشي أن يضيعها (في) غير ذكر الله تعالى ، وقوله "أمسك الشمس" كناية من عدم القدرة على التحكم في الوقت .. والله تعالى أعلم " حاشية "صيد الخاطر" ص(28) .
....
....وقال ابن ثابت البناني – رحمه الله تعالى : ذهبت ألقن أبي فقال: يا بني دعني فإني في وردي السادس، ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلي فقيل له، فقال: "الآن تطوى صحيفتي""صيد الخاطر" ص(28)
....
....وجاء في ترجمة شيخ المفسرين الإمام المفسر المقرئ المحقق المؤرخ الفقيه أبو جعفر ابن جرير الطبري – رحمه الله تعالى : " ... حفظ القرآن وعمره سبع سنين، وكتب الحديث وعمره تسع سنين، ورحل في طلب العلم يافعاً وعمره اثنتا عشرة سنة ..." "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (2/162-169)
....
....وقال السبكي في ترجمة الشيخ يحي بن شرف – رحمهما الله تعالى : "كان يحيى سيداً وحَصُوراً ... لا يصرف ساعة في غير طاعة ... " "طبقات الشافعية الكبرى"(8/395-396) وانظر "العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج" ص(97) .
....
....ويقول هو –رحمه الله تعالى- عن نفسه : "حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين " انظر "العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج" لأبي غدة ص(37) .
....
....وفي ترجمة شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى- يقول تلميذه مؤرخ الإسلام – رحمه الله تعالى: " ... كان يحضر المدارس والمحافل في صغره، فيناظر ويفحم الكبار، ويأتي بما يتحيرون، وأفتى وله أقل من تسع عشرة سنة، وشرع في الجمع والتأليف، وبعد صيته في العلم، وطبّق ذكره الآفاق..." "الدرة اليتيميّة في السيرة التيمية" وانظر "العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج" ص(102)
....
....وقال عنه تلميذه الصلاح الصفدي – رحمه الله تعالى –في : " ... وكان في صغره حريصاً على الطلب، مجداً على التحصيل والدأب، لا يؤثر على الاشتغال لذة، ولا يؤثر أن تضيع منه لحظة في البطالة فذّة ..." " الوافي بالوفيات"(7/19-22) وانظر"العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج" ص(107)
....
....قال الشيخ محمد كُرد علي – رحمه الله تعالى-في ترجمة شيخ المفسرين، الإمام الكبير ابن جرير الطبري - رحمه الله تعالى: "وما أثر عنه أنه أضاع دقيقة من حياته في غير الإفادة والاستفادة .
....
....روى المُعَافى بن زكريا عن بعض الثقات، أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري – رحمه الله تعالى-قبل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقلّ منها، فذكر له هذا الدعاء عن جعفر بن محمد، فاستدعى محبرة وصحيفة، فكتبه! فقيل له : أفي هذه الحال؟! فقال : ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى الممات""كنوز الأجداد"ص(123) والنقل عن "العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج"ص(46-47) .
....
....وقيل في ترجمة ابن العطار تـ(676هـ) –رحمه الله تعالى: "وقد ترك–أي : بعد وفاته- من التآليف المجودة المحققة الكبيرة والمصنفات المستوعبة النادرة المفيدة، ما لو ألفه في ضعف هذا العمر لكان كثيراً مُدْهِشاً، فرحمة الله تعالى عليه ورضوانه العظيم" انظر "العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج" ص(96) .
....
....وكان في الخلف خير، من سلف خير :
....
* سماحة الشيخ ابن باز –رحمه الله تعالى :
....لقد كثرة كلمات هذا المبارك في الوصية العامة - للخاصة والعامة - بالاهتمام بالوقت ، فمن ذلك :
....
....قوله –رحمه الله تعالى - بمناسبة إجازة الربيع : " ... إني أوصي جميع أبنائي الطلبة والطالبات وجميع المسلمين بتقوى الله عز وجل في جميع الأحوال، و حفظ الأوقات عما يغضب الله سبحانه وتعالى وشغلها بما يرضيه عز وجل ويقرب لديه ، ومن ذلك شغلها بحلقات العلم وكتابة العلم والمذاكرة في العلم ومطالعة الكتب المفيدة ، فإن هذا كله مما ينفع الله به العبد في دنياه وأخراه ويحفظ عليه وقته مما يضره ..." نشرت في جريدة الجزيرة في (16) جمادى الأولى (1407)هـ العدد (5223) .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى - في بيان أنفس ما تصرف فيه الأوقات :" فالعلماء وطلبة العلم في دور العلم الشرعي على خير عظيم ، وعلى طريق بحمد الله مستقيم ، لمن وفقه الله لإخلاص النية والصدق في الطلب.
....
....وهنيئا لطلبة العلم الشرعي أن يتفقهوا في دين الله ، وأن يتبصروا فيما جاء به رسول الله-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من الهدى والعلم ، وأن ينافسوا في ذلك ، وأن يصبروا على ما في ذلك من التعب والمشقة ، فإن العلم لا ينال براحة الجسم ، بل لا بد من الجد والصبر والتعب .
....
....وهذا الإمام مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه" في أبواب المواقيت من كتاب الصلاة لما ساق عدة أسانيد ذكر فها عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله تعالى أنه قال : (لا ينال العلم براحة الجسم) ومقصوده رحمه الله تعالىمن هذا التنبيه على أن تحصيل العلم والتفقه في الدين يحتاج إلى صبر ومثابرة ، وعناية وحفظ للوقت مع الإخلاص لله ، وإرادة وجهه سبحانه وتعالى" "فتاوى ومقالات ابن باز – فضل العلم وشرف أهله"
....
....وقوله -رحمه الله تعالى : " فينبغي لطالب العلم وطالبة العلم أن يحفظا ما تيسر من هذه الكتب المفيدة وأشباهها ، مع العناية بالقرآن الكريم والإكثار من تلاوته وحفظه ، أو ما تيسر منه كما تقدم ، ومع العناية بالمذاكرة مع الزملاء وسؤال المدرسين والعلماء الذين يعتقد فيهم الخير والعلم عما أشكل عليه ، ويسأل ربه التوفيق والإعانة ، ولا يضعف ولا يكسل ويحفظ وقته ويجعله أجزاء : جزء من يومه وليلته لتلاوة القرآن الكريم وتدبره ، وجزء لطلب العلم والتفقه في الدين وحفظ المتون ومراجعة ما أشكل عليه ، وجزء لحاجته مع أهله ، وجزء لصلاته وعبادته ، وأنواع الذكر والدعاء" "فتاوى ومقالات ابن باز - وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى - في وصيته لطلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة : " فالذي أوصي به أبنائي طلاب الجامعة الإسلامية هو تقوى الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال ، والحرص على طلب العلم والعناية بالمقررات الدراسية والمذاكرة فيما بينهم فيما قد يخفى من مسائلها ، والإصغاء للمدرسين والسؤال عن كل ما يشكل في الدرس بالأسلوب الحسن ، ومن أهم أسباب التحصيل : إصلاح النية وحفظ الوقت والعمل بما علم " "فتاوى ومقالات ابن باز - وصية لطلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة" .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى - في لقاء طلاب متوسطة الفارابي بالرياض : " فنوصيكم بالجد في طلب العلم وحفظ الوقت عما يضر ويشغل عن طلب العلم النافع والاجتهاد في العمل بالعلم وأن تكونوا من المسارعين إلى الصلوات في الجماعة مع التخلق بالأخلاق الفاضلة والحرص على بر الوالدين والإحسان إلى أهل البيت من الإخوة والأخوات" "فتاوى ومقالات ابن باز - لقاء طلاب متوسطة الفارابي بالرياض مع سماحته بمكتبه وإجابتـه على أسئلتهـم" .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى : " ولا ريب أن المعلم هو المربي الروحي للطالب ، فينبغي أن يكون ذا أخلاق فاضلة ، وسمت حسن حتى يتأسى به تلامذته ، كما ينبغي أن يكون محافظا على المأمورات الشرعية ، بعيدا عن المنهيات ، حافظا لوقته ، قليل المزاح واسع البال طلق الوجه ، حسن البشر ، رحب الصدر ، جميل المظهر ، ذا كفاية ومقدرة وسعة اطلاع ، كثير العلم بالأساليب العربية ليتمكن من تأدية واجبه على أكمل وجه " "فتاوى ومقالات ابن باز – على طريق العلم" .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى: "وعلى الشباب أن يعتنوا بالكتب التي يوكل إليهم حفظها ودراستها مع عرضها على الكتاب والسنة حتى يكونوا في ذلك على بينة وبصيرة مما يدل عليه كتاب ربهمعز وجل وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام ومما يوضح لهم أهل العلم في المدرسة والجامعة وحلقات العلم ولا يتم هذا إلا بالله سبحانه وتعالى والاستعانة به والتوجه إليه وسؤاله التوفيق والهداية ثم حفظ الوقت والعناية به حتى لا يصرف إلا فيما ينفع ويفيد ويلتحق بذلك العناية بالدروس ""فتاوى ومقالات ابن باز – واجب الشباب" .
....
....وقوله –رحمه الله تعالى: "وإذا جاءت الأوقات التي أوجب الله على الإنسان فيها شيئا بادر إلى طاعة الله وأداء ما أوجب الله عليه فلا تشغله حاجات عن حاجات ، بل يعطي كل مقام ما يليق به ويعطي كل حاجة ما يناسبها ، فهو حافظ لوقته مؤد لما أوجب الله عليه ، طالب للرزق ، ساع في أرض الله لطلب الحلال" "فتاوى ومقالات ابن باز – صلاة الجمعة – مكانة الجمعة في الإسلام".
....
....وقوله –رحمه الله تعالى: "ومن الأمور المهمة أيضا حفظ الوقت والحرص على الإسراف بأنفسكم على حاجات المسلمين التي ترفع إليكم لإيلائها ما تستحق من العناية " صدر من مكتب سماحته في (27/5/1406) هـ برقم (548/خ) .
....
* العلامة الصالح ابن عثيمين–رحمه الله تعالى :
....فقد قال : " ولا شك أن الالتحاق بهذه الجماعات – أعني : جماعات تحفيظ القرآن – يحصل به مصالح وتندرىء به مفاسد .. ويحصل به استغلال الوقت بهذا الهدف النبيل" .
ثم قال –رحمه الله تعالى - بعدها : " يندرىء به ضياع الوقت الذي هو أشد ضرراً من ضياع المال فإن المال له ما يخلفه والوقت لا يخلفه شيء فإن كل وقت مضى لا يرجع كما قيل "أمس الدابر لا يعود" .
....
....ثم قال –رحمه الله تعالى: " تندرىء به( أي : جماعات تحفيظ القرآن) مفسدة الفراغ فإن الفراغ بل مفاسد كما قيل :
إن الشباب والفراغ والجدة (( 1 )) * * * مفسدة للمرء أي مفسدة"
انظر "كتاب العلم" ص(289-290)
....
....وسئل – رحمه الله تعالى: " عن قبائل من عاداتهم في العزاء أنه إذا مات الميت عند أحدٍ منهم أو عند أقاربهم يكون العزاء عنده ثلاث أيام بلياليهن دون أن يكون في هذا أي كلفة ولا تقدم القهوة ولكن يحضرون الناس عند صاحب المصاب من أقاربه يدومون ثلاثة أيام متواصلة ونحن نعلم أن الاجتماع هو نوع من النياحة فهل في ذهابي إلى التعزية حرج ؟ "
....
....فأجاب –رحمه الله تعالى: " ...لا ريب أن موت ****** مصيبة يصاب بها العبد ... وهذه المصيبة يجب عليه أن يقابلها بالصبر وينبغي له أن يحتسب أجرها لله عز وجل ... وقد كانوا -أي كان السلف- يعدون الاجتماع إلى أهل الميت من النياحة فالواجب الحذر من هذا الشيء وحفظ الوقت وحفظ المال وحفظ التعب وإتعاب الناس وإزالة هذه الأشياء المنكرة ... فالذي أدعوا إليه أخواني المسلمين أن يوفروا على أنفسهم التعب وإضاعة الوقت وإضاعة المال وأن يكفوا عن هذا الأمر لأنه ليس لهم فيه خير بل هم إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة نعم" منقول من موقعه –رحمه الله تعالى- قسم الفتاوي
....
* الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله تعالى:
....وقال الشيخ مقبل بن هادي بن قايدة الهمداني الوادعي الخلالي من قبيلة آل راشد -رحمه الله تعالى- في "البقية إلى النهاية" :
" أفٍٍ لدعوة باطل ومزخرفٍ * * * وكذا الدمقراطي إمام ضلالة
أما التحزب يا له من واجب * * * في كل يوم يقلبون شعارهم
ويقلدون الغرب حين خروجهم * * * ويضيعون الوقت وقت شبابِهم
كم طالب قد كان يحفظ مصحفًا * * * قد صيَّروه منشدًا وممثلاً "
انظر "تحفة المجيب على أسئلة الحاضر الغريب - البقية إلى النهاية"
....
....وقال – رحمه الله تعالى: "وأنا أشكو إلى الله من ضياع الوقت، فيأتينا الأخ من إندونيسيا، أو من أمريكا، أو من بريطانيا، وهو يشكو من الحزبيين""تحفة المجيب على أسئلة الحاضر الغريب- هذه السرورية فاحذروها" .
....
....وقيل في تَرجُمته ، وحفظه لوقته إبان طلبه للعلم : " انتقاله إلى المدينة النبوية : وعندما انتهى شيخنارحمه الله تعالىمن المتوسط والثانوية انتقل إلى المدينة النبوية ودخل الجامعة الإسلامية وأختار كلية الدعوة وأصول الدين وعندما جاءت العطلة خشي من ضياع الوقت فانتسب في كلية الشريعة وانتهى من الكليتين وأخذ شهادتين والمعتبر عنده هو العلم لا الشهادة كما كان يردد ذلك في كثير من دروسه" .
....
....وهذا جزء من مقالة صوتية له موسومة بـ: "أهمية الوقت في حياة المسلم" قال فيها : " الوقت : هو الحياة التي تعيشهعا أنت أيها المسلم ويعيشها أيضاً غيرك من عبادة الله -جل وعلا- من عباد الله الصالحين المتعبدين له عبودية الطاعة ، أو عباد الله الطالحين الذين لا يخرجون عن عبوديته تبارك وتعالى عبودية القهر والملك والخلق ، ألا له الخلق والأمر تبارك وتعالى
....
....فالعباد عباده والخلق خلقه والأمر أمره سبحانه ، فتبارك اللهسبحانه وتعالىوتقدس إن هذا الموضوع معشر الإخوان قد اهتم به أئمة الهدى علماء الإسلام اهتموا به غاية الاهتمام وذلك لأن الله سبحانه وتعالى نوه بشرفه وأعلى منزته ورفع مكانته .
....
....إن الوقت ياعباد الله إما أن يكون عماراً أو يكون دماراً والعياذ بالله ، فالوقت هو حياتك وأنفاسك التي تعد عليك فإما أن يكون عماراً في دنياك وآخرتك ، وإما أن يكون دماراً وتعساً وشقاءاً عليك في دنياك وآخرتك عياذا بالله تعالى من ذلك .
....
....ولأهمية الوقت فقد أشاد الله سبحانه وتعالى به في كتابة ونوه بعلو قدره وعظيم شرفه ومكانته ، عند من ؟ عند من يعقل من الناس ومن يستفيد من الناس ومن يتعظ ويعتبر من الناس ، فقال جل وعلا: { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكوراً } .
....
....فالليل والنهار هما الوقت هما الوقت جعلهما الله سبحانه وتعالىعبرة وجهعلهما عظة، لكن لمن؟ لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً لمن خلقه سبحانه وتعالى .
....
....فهذا الوقت شريف ومنزلته عظيمة عند الله تبارك وتعالى ثم عند العقلاء من عباده تبارك وتعالى الذين يعرفون له أهميته ويعرفون له منزلته ، فإنه عظيم عنده لا يفرفون فيه أيامه ولياليه كلها عزيزة عندهم عامرة بذكر الله سبحانه وتعالى وطاعته أو ما يعينهم على ذكر الله جل وعلا وطاعته فهم ما بين ذاكرين فيه لله تعالى وشاكرين أو محصلين ما يعينهم على ذكره جل وعز وحسن شكره .
....
....فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء ، ولمزيد أهمية الوقت والزمن أقسم الله سبحانه وتعالى بأجزاءٍ منه {والفجر * وليال عشر } وقال جل وعلا {والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى } وقال جل وعلا : { والضحى * والليل إذا سجى } .
....
....فهذه كلها أجزاء من الزمن كلها أجزاء من الوقت كلها أجزاء من حياتك أخي المسلم بل وأقسم سبحانه وتعالى بعد ذلك بالعصر جميعاً وبالزمن كله ، فقال جل من قائل : { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} .
....
....فأقسم بالعصر وهو الدهر والأوان والزمان في أصح قولي المفسرين كما ذهب إلى ذلك جمهورهم وفي مقدمتهم ترجمان القرآن حبر الأمة ابن عم رسول الله –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- عبد الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وزيد ابن أسلم وقتادة وجمهورر المفسرين من التابعين وأتباعهم واختاره ابن جرير الطبريرحمه الله تعالى والمحققون من علماء التفسير وغيرهم .
....
....أقسم الله بالعصر الذي هو الزمن والوقت وما ذلك إلا تنويهاً منه بأهميته وله سبحانه وتعالى أن يقسم بما شاء مخلوقاته ... وفي ذلك تنويه بهذا المحلوف به ورفع لمنزلته وبيان لعظيم مكانته ومن ذلك الذي أقسم الله تعالى بها الوقت فالوقت ييا عباد الله هذه منزلته ، قال ابن قيم –رحمه الله تعالى: أقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر وذلك تنويهاً منه جل وعز بفضله ، فهو مكان لعمل العاملين .
....
....ولأن الناس قد يضيفون أخطاءهم ويضيفون مصائبهم التي تسببوا فيها إلى هذا الدهر ، فالله سبحانه وتعالى قد برأ الدهر من ذلك فإن الدهر هو الزمن والعصر هو الزمن الذي يعيشه الناس فأعمالهم فيه إنما تواف إليهم والدهر هو الليل والنهار يقلبه الله سبحانه وتعالى كيف شاء .
....
....كما صح ذلك في الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى : "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر" يؤذيني ابن آدم يسب الدهر : يا خيبة الدهر ، يا سوء الدهر ، يا بلاء الدهر ، يا مصيبة الدهر ، وهكذا .. وأنا الدهر ، بيده سبحانه وتعالى أمر الليل والنهار ، يقلبه كيف شاء ، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يبين منزلة هذا الزمن ، وهذا الوقت ، وأهميته ، وأن السوء إلى العاملين منسوب ، لا إلى المعمول فيه ، وهو الزمان ... "
....
* الشيخ ربيع بن هادي المدخلي– حفظه الله تعالى :
....قال في بيان تهويل صاحب "المعيار" : "ومنها : الوقت الضيق الذي حددته الجامعات لمحضري الرسائل الجامعية فإن لذلك أثره في العمل لا سيما مثل رسالتي المليئة بالأحاديث والآثار وأقوال العلماء وتراجم الرجال وغير ذلك مما يستلزمه هذا العمل المتسع" "عين السلسبيل من معين إمام الجرح والتعديل-الفصل الثالث" .
....
....وقال – حفظه الله تعالى : "فالوقت أثمن من أن يضيع " "عين السلسبيل من معين إمام الجرح والتعديل- حاشية المسألة الأولى" .
....
* الشيخ الفوزان– حفظه الله تعالى :
....قال : " وكذلك لعب الورق– ورق البالوت- هذا أيضًا : إذا كان بعوض؛ فهو الميسر والقمار الذي جعله الله قرينًا للخمر وأخبر أنه رجس من عمل الشيطان وأخبر أنه يوقع العداوة والبغضاء؛ فهو حرام شديد التحريم ، أما إذا كان بدون عوض؛ فإنه يحرم أيضًا؛ لأنه يضيع الوقت على الإنسان، وربما يسهر في هذه اللعبة ويترك صلاة الفجر مع الجماعة أو في الوقت، وأيضًا يختلط الإنسان بأشكال من الناس غير مرغوب فيها، ويحصل في أثناء اللعب من الكلام البذيء والشتم وغير ذلك ما لا يخفى ، فعلى المسلم أن يبتعد عن هذه الألعاب الدنيئة التي تضيع عليه وقته في غير فائدة" "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان- الجزء الثالث" .
....
....وسئل –رحمه الله تعالى : "يقول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} سورة “البقرة” الآية (65) ؛ هل يدخُلُ في ذلك حبُّ الأندية الرّياضيّة التي تجعل الشّخص يؤخّرُ الصّلاة مثلاً، نسأل الله السّلامة ؟ وهل يدخُلُ في ذلك حبُّ النّساء والمال والولد والمنزل وغير ذلك من أمور الدُّنيا ؟ "
....
....فأجاب : "فالأندية الرّياضيّة إذا كانت متابعتُها مشغلةً عن ذكر الله وعن الصلاة؛ فهذا محرَّمٌ؛ كالاشتغال بالأموال والأولاد عن ذكر الله، أما إذا كان هذا لا يشغل عن ذكر الله، ولا يشغل عن الصلاة؛ فهذا قد يكون من المباحات، ولكن لو اشتغل بغيرها يكون أولى وأحسن، لو اشتغل بشيء نافع؛ طالع كتابًا، أو قرأ قرآنًا، أو باع واشترى وشغل الوقت بما هو مفيد له في دينه ودُنياه، هذا أحسن من كونه يشتغل بمتابعة الأندية الرّياضيّة""المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان -الجزء الأول (ada99:sec01.htm) –فتوى رقم (260) .
....
....وسئل – رحمه الله تعالى : " ما حكم الشرع في نظركم بالاحتفال بعيد الأم وأعياد الميلاد وهل هي بدعة حسنة أم بدعة سيئة؟" :
....
....فأجاب : " أما هذه الاحتفالات بالمواليد فهذه كلها من إضاعة الوقت، ومن إضاعة المال، ومن إحياء البدع، وصرف الناس عن السنن، والله المستعان""المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان-الجزء الثاني (ada99:sec01.htm) –فتوى رقم (161) .
....
....وسئل –رحمه الله تعالى : " بعدما ذكرت أهمية طلب العلم والتفرغ له فهل معنى ذلك أن طالب العلم ينقطع عن الناس وعن مجالات الخير الأخرى، أرجو بيان ذلك لأهمية ذلك الإشكال؟ "
....
....فأجاب : "يجب أن يعطى العلم ما يكفيه من الوقت والجهد. بحيث يعطيه وقتًا كافيًا، وما زاد عن ذلك يصرفه في الأمور الأخرى كالالتقاء بالناس للمصلحة، ودعوة الناس إلى الخير وأموره وأعماله الأخرى، لكن بالدرجة الأولى يجعل القسم الأكبر من وقته لطلب العلم" "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان-الجزء الثاني (ada99:sec01.htm) –فتوى رقم (175) .
....
* الشيخ ابن جبرين– حفظه الله تعالى :
....سئل -رحمه الله تعالى : " ما حكم السهر إلى الفجر في رمضان علمًا بأنها لا تفوت صلاة الفجر؟"
....
....فأجاب: " في لا يجوز السهر لا في رمضان ولا في غيره إلا إذا كان في تعلم علم أو تهجد أو تلاوة أو ذكر أو دعاء ونحو ذلك من الطاعات ... أما إذا كان السهر على لعب ولهو أو غناء وطرب أو نظر في صور فاتنة أو أفلام خليعة أو غيبة ونميمة وما أشبه ذلك، فإن هذا حرام سواء كان في ليل أو نهار، وقد يشتد الإثم إذا فوت وقتًا فاضلا كليالي رمضان" هذه الفتوى منقولة من موقعه –رحمه الله تعالى- ورقمها (6626)
....
* * *
....وكان الوالد -حفظه الله تعالى- في كل حلقة من حلقاته دائماً ما يوصي طلابه بحفظ الوقت ، وينبؤهم بأهميته ، ويحذرهم من إضاعته .. وكان دائم الدعاء بأن يبارك الله تعالى له في وقته .. فبارِك اللهم تعالى في عمره ، وحسن في عمله .
....
يتبع .....
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 55 : 05 AM
....
فصل:
((( لا يمشي إلا وفي يده كتاب يقرأه .. صيانة لوقته .. )))
....
....وكان كثير من مشاهير العلماء لا يمشي إلا وفي يده كتب أو أجزاء يطالعها ، وذلك لمزيد شغفهم بالقراءة والاطلاع ، وعظيم حرسهم على أوقاتهم من الضياع .
قال الحافظ الذهبي : "قال ابن الآبنوسي : كان الحافظ الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه""سير أعلام النبلاء” (18\281) .
....
....وقال أيضاً -في ترجمة أبي داود السجستاني صاحب "السنن" : "قال ابن داسة :كان لأبى داود كم واسع وكم ضيق ؛ فقيل له في ذلك ؟ فقال : الواسع للكنب ، والأخر لا يحتاج إليه""تذكرة الحفاظ" (2\592) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص (61)
....
....وقال الحافظ السخاوي -في ترجمة أحمد بن سليمان بن نصر الله البلقاسي ثم القاهري الشافعي تـ(852) : "وكان ... محباً في العلم والمذاكرة والمباحثة ، غير منفك عن التحصيل ، بحيث إنه كان يطالع في مشيه ويقرئ القراءات في حال أكله خوفاً من ضياع وقته في غيره أعجوبة في هذا المعنى ، لا أعلم في وقته من يوازيه فيه ""الضوء اللامع" (1/311) ، و"القبس الحاوي" (1/153) للشماع ، و"نظم العقيان" ص(42-43) ، نقلا عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(41-42) .
....
....قال الشيخ علي العمران : " وممن شاهدناه على هذه الحال واستفتائه وهو يمشي ، شيخنا وشيخ مشايخنا العلامة ابن باز- رحمه الله تعالى- فقد كان ذلك دينه وهجيراه ، بنفس منشرحة ووجه طلق ، فجزاه الله عن العلم وأهل خيراً""المشوق إلى القراءة وطلب العلم" ص(62) .
....
....قلت :
وكان كثير من العلماء يُقرأ عليه الكتاب وهو يمشي في الطريق صيانة للوقت ، وحباً في الاستفادة ، وإذا أردت الإزادة فعليك بالرجوع إلى المراجع الآتية :
....
1- "تذكرة الحفاظ" للحافظ الذهبي ، ترجمة أبي نعيم الأصبهاني (3/1094) .
....
2- "طبقات القراء الكبار" ، ترجمة السخاوي (3/1105) .
....
3- "المعاصرون" لمحمد كرد علي .
....
4- "الذكريات" (1/195) وما بعدها .
....
5- "المذكرات" (6/267) وما بعدها .
....
6- "نزهة الخواطر" المجلد الثامن ، لعبد الحي الحسني .
....
7- "الأعلام" لزركلي تراجم المتأخرين .
....
8- "ذيول الأعلام" للمجذوب .
....
9- "علماء ومفكرون عرفتهم" للمجذوب أيضاً .
....
10- "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" لعلي بن محمد النعيم .
....
....
فصل
((( توفي وهو يقرأ في الطريق .. صيانة لوقته .. )))
....
....وقال ابن خلكان -في ترجمة العلامة النحوي أحمد بن يحيى المعروف بثعلب تـ(291): "كان سبب وفاته : أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر ، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب ، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق ؛ فصدمته فرس ، فألقته في هوة–أي حفرة-فأخرج منها وهو كالمختلط ، فحمل على منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه ، فمات ثاني يوم" أهــ "وفيات الأعيان" (1/104) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص (61) .
....
....وذكر العسكري : أن أبا بكر الخياط –العلامة النحوي محمد بن أحمد البغدادي تـ(320) "كان يدرس جميع أوقاته ، حتى في الطريق ، وكان ربما سقط في جرف ، أو خبطته دابة " "الحث على طلب العلم" ص (77) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(62) .
....
....
فصل :
((( يقطع الليل جميعه في القراءة .. صيانة لوقته .. )))
....
....ذكر القاضي عياض –في ترجمة الإمام الفقيه أبي محمد عبد الله بن إسحاق المعروف بابن التبان تـ(371)- أنه قال عن نفسه : “ كنت أول ابتدائي أدرس الليل كله ""ترتيب المدارك"(1/78) ، نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(63) .
....
....وذكر الوزير القفطي –أبي القاسم ابن أبي منصور النحوي الحلبي المعرف بابن الحبراني تـ(628) وكان الوزير قد صحبه وجالسه : "أنه كان شديد الاجتهاد في طلب الفوائد من صفحات الصحف ؛ فلازم المطالعة ليلاً ونهاراً تلزم الحفظ لبعض ما يمر به في أثناء ذلك .
....
....قال : أخبرني جار له–يقصد : أبي هاشم بن أبي حامد- قال –أي الجار: رأيت ابن الحبراني النحوي في زمن الصيف ، يقوم في الليل الأخير في سطحه ، ويقد سراجاً في موضع خالٍ من الهواء ، ويقعد للمطالعة وقتاً طويلاً دائماً في كل ليلة ، لا يشغله الحر ولا القر عن المطالعة والاستفادة"أهــ "إنباه الرواة"(6/249) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(63-64) .
....
....وقال الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله تعالى- عن الشيخ محمد بدر الدين الحسني (1354) : "بل كان يجلس في الليل ليقرأ ،فإذا غلبه النعاس اتكأ برأسه على وسائد أعدت له ...""رجال من التاريخ"ص(381-382) نقلاً عن "المشوق .. إلى القراءة وطلب العلم" ص(66) .
....
....وقال أبو بكر بن كامل عن شيخه أبي محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني : " وكان لا يعدم في الصيف الحيس –هو التمر يخلط بالسمن والأقِط ويعجن شديداً، وربما جعل فيه السويق- والرَّيحان واللَّيْنَوْفَر–ضرْبٌ من الرياحين ينبت في المياه الراكدة- فإذا أكل نام من الخيش–ثياب في نسجها رقة ، وخيوطها غلاظ ، تُتَّخذ من مُشَاقَةِ الكَتاَّن ، تُلبَس في الحرّ عند النوم- في قميص قصير الأكمام، مصبوغٍ بالصَّنْدَلِ وماءِ الوَرْد .
....
....ثم يقوم فيصلي الظهر في بيته ، ويكتبُ في تصنيفِه إلى العصر، ثم يخرُج فيصلي العصر، ويَجلِسُ للناس يُقرِيءُ عليه إلى المغرب، ثم يجلس للفقه والدرس بين يديه إلى العِشاءِ الآخِرة، ثم يَدخُلُ منزله، وقد قَسَم ليلَه ونهارَه في مصلحةِ نفسه، وينِه، والخَلْق ، كما وفَّقه الله عزّ وجل" .
....
يتبع ......
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 56 : 05 AM
فصل
((( أهمية الوقت لدى طالـــــب العلم خـــــــاصة )))
....
....إخواني طلاب العلم النجباء ، فقد خصص هذا العنصر لكم، أنقل من كلام السلف ما يدعو إلى الاهتمام بالأوقات، جدّوا واجتهدوا -علما وعملا - اتبعوا ولا تبتدعوا، استعينوا بالله- تعالى –واصبروا .
....
....رحم الله تعالى العلامة واعظ الإسلام أبا الفرج ابن الجوزي حين يقول :
" ينبغي لطالب العلم أن يكون جل همته مصروفاً إلى الحفظ والإعادة ، فلو صح صرف الزمان إلى ذلك كان الأولى ، ولما كانت القوى تكل فتحتاج إلى تجديد وكان النسخ والمطالعة والتصنيف لا بد منه مع أن المهم الحفظ وجب تقسيم الزمان على الأمرين فيكون الحفظ في طرفي النهار وطرفي الليل ويوزع الباقي بين عمل بالنسخ والمطالعة وبين راحة للبدن وأخذ لحظه ، ولا ينبغي أن يقع الغبن بين الشركاء فإنه متى أخذ أحدهم فوق حقه أثر الغبن وبان أثره وإن النفس لتهرب إلى النسخ والمطالعة والتصنيف عن الإعادة والتكرار لأن ذلك أشهى وأخف عليها ، فليحذر الراكب من إهمال الناقة ولا يجوز له أن يحمل عليها ما لا تطيق، ومع العدل والإنصاف يتأتى كل مراد ، ومن انحرف عن الجادة طالت طريقه ، ومن طوى منازل في منزل أوشك أن يفوته ما جد لأجله على أن الإنسان إلى التحريض أحوج لأن الفتور ألصق به من الجد ، وبعد فاللازم في العلم طلب المهم فرب صاحب حديث حفظ مثلاً لحديث: من أتى الجمعة فليغتسل: عشرين طريقاً والحديث قد ثبت من طريق واحد فشغله ذلك عن معرفة آداب الغسل ، وكفى بالعقل مرشداً إلى الصواب وبالله التوفيق " "صيد الخاطر" ص(191-192) .
....
....
فصل
((( أهمية الوقت لدى المرأة خـــــــاصة )))
....
....وقد خصصت –ولم ادمجه مع سابقه- لهذا الموضوع عنصراً خاصاً بالمرأة، لأنني وجدت أن النساء أكثر ما يضعن أوقاتهن في اللهو والعبث، والخروج بل والمكث خارج البيت، ولا يقرن في بيوتهن، ولا يقمن بتدبير شؤونهن المنزلية، بيتها الشارع، ورغبتها الخروج، وحزنهن في الوقار والقرار، وما إلى ذلك – إلا ما رحم الله تعالى وقليل ما هم .
....
....بل وأسوأ من ذلك أنه قد انتشرت نظراً لا نتشار الجهل أمراض بغيضة مقيتة في مجالسهن : كإفشاء أسرار البيوت لكل من هدب ودب بحجة الشكوى، وبعضها يذكر فيها كلام فاضح جارح، مع الغيبة والنميمة، والسباب والشقاق ... إلخ
....
....وبسب هذا : محقت بركت البيوت، وخربت الصدور ومعها الدور، وأُستُنزِف الوقت والمال والجهد" قاله الوالد -زاده الله تعالى علماً .
....
....ولو سئلت أغلب النساء : ما الهدف من تلك الزيارات وهاتيك المجالسات ؟ لقلن لك : إنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم والملل عنهن .
....
....يا الله .. ما هذا الكلام ؟ غيبة وكذب واستهزاء، مخرجها فيّ كذوب ، ولسان عيوب ، ونفس متهوكة .
....
....ألا تدرين أن الوقت ما هو إلا عمر الإنسان الذي يسأل عنه ؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر .. إنه يوم التغابن .. يوم التناد .. يوم التلاق .. { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } .. { يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } .. يوم ينفخ في الصور { فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ } .. يا الله ..
....
....ألا تدرين من السائل؟ إنه رب الأرباب، الذي رفع السموات بغير عمدان، وبسط الأرض، فهو المنان، وخلق الخلائق وقهرها، فهو القهار، ونصب الجبال ورحم الأجيال، إنه القوي الجبار المتين القهار .
....
....أفما فكرتن ماذا تقلن لرب العالمين إذا سألكن عن الوقت المهدور الذي إن لم يخل من المحرمات، فلا يخلو من مهلك أو على الأقل لغو الكلام والثرثرة التي ذمها الرسول -صَلَى اللهُ تَعَلى عليه وإخوانه وآله وسلم- في الحديث الذي رواه جابر – رضي الله تعالى عنه: " ... وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون قالوا يا رسول الله ما المتفيهقون قال المتكبرون"حسنه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (2201).
....
....ولله تعالى درُّ القائل :
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن .... ثرثارة في كل نادٍ تَخطُب
....
...." ومن أضاعت وقتها فقد أضاعت جزءاً لا يعوض من حياتها ، وجديرٌ أن تطول عليها حسرتها ، لا سيما والحقوق كثيرة : حق الله تعالى– وهو الأعظم والمقدم- يليه حق الوالدين والزوج فالأولاد ؟ وعموم الأهل ، والجيران ، وعموم المسلمين كل بحسبه ، فمتى تؤدي تلك الحقوق مع كثرتها وتداخلها ؟ أين الأوقات ؟ فكيف مع ذا تصرف في المحرمات؟!
....
....أيا أختاه ! أنت مؤتمنة فيما بين يديك : من مراقبة الله تعالى بالغيب ، وتزكية جوارحك وتهذيب جوانحك ، وحفظ زوج ورعاية والد ، وتربية ولد ، ونصح كل أحد كل بحسبه
....
....أنت مربية الأجيال ، وممولة للمجتمع المسلم الخيّرين والخيّرات من نساء ورجال ، إن واجبي وواجبك بعد تحقيق العبودية الحق لله تعالى: التربية الرشيدة لأبنائنا ، وإعدادهم إعداداً إسلامياً يجعلهم عباداً لله تعالى صالحين في أنفسهم ، مصلحين لغيرهم . دعاة خير أينما حلوا وارتحلوا . قادرين على حمل الأمانة ومن ثم تبليغها وبناء المجتمع الفاضل المنشود
....
....فالمرأة الأنانية تلك المشغولة بحظوظ نفسها دائماً، اللاهثة نبحاً وراء شهواتها، مسرعة مسعورة خلف المستلذات : من جميل ملبوس، أو مليح مطعوم، أو حلو مشروب .
....
....أو أخرى باحثة عن كلمات ثناء أخلاء؛ مبتاعة بأغلى أثمان تشبع كاذب أو تبهرج زائف أو تزيّن خادع أو تصنع كاذب
....
....أو تلك الناقصة الهائمة في غيابات أحلام خيال نهم جشع جانح جامح، الساعية خلف سراب أطماع دونها المرام .
....
....أو تلك البغيضة المسترجلة المزاحمة – حساً ومعنى- قوامة الرجال فهي رجل وامرأة!!! مستوجبة اللعنات تلو اللعنات
....
....تلك الأصناف – ولا شك - مهملة للواجبات، مهدرة للأوقات، خائنة للأمانات مضيعة للحقوق، مستوجبة لغضب الجبار – سبحانه ، وبغض القريب، وازدراء البعيد، ونفور ******، لن تجد الوقت الكافي للإشراف على قلبها – صحة ومرضا- والتفتيش في إيمانها- زيادة ونقصاً- فضلاً عن مكانها في قلب زوجها ، ومحلها من رضا بعلها ، ناهيك عن التضييع في رعاية فلذات كبدها، والتفريط في توجيههم ومتابعتهم، والتنعم في جنة الأنس بهم .
....
....خلافاً لتلك الكريمة العظيمة، الصادقة المحتسبة، العالمة العاملة، الصابرة المجاهدة، القانعة الراضية، الهينة اللينة، الودودة المتحببة، الراعية الأمينة، الناصحة الرحيمة، طوبى لها، ثم طوبى لها، لله درها من عزيزة غائبة ! غير أنها موجودة، من ظفر بها فليكتم وليشكر ؛ فإن كل ذي نعمة محسود من جاهل جحود
....
....نعم .. أن الدنيا -هي دار الامتحان- مليئة بالمتاعب والصعاب مما يستوجب صبراً بعد عناء، غير أن النظر إلى العاقبة في الآجلة، تهون معه كل الصعاب" قاله الوالد –حفظه الله تعالى وبارك في عمره وعمله .
....
....قلت :
فالواجب الحذر من هذه الأشياء، وحفظ الوقت ، وحفظ المال ، وحفظ التعب ، وإزالة هذه الأشياء المنكرة ، وتدبري أيتها الأخت ، يا من تضيعين وقتك وعمرك أمام المسلسلات ، وتدبري أيتها المسلمة ، يا من تضيعين العمر في الأسواق ، في الجري وراء المضلات، تدبرن لتتعرفن جميعكن على قيمة الوقت، فلله در القائل : "إذا مرّ يوم ولم أقتبس هدى ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري"
....
....فهذا هو كلام العقلاء النبهاء النبلاء ، وكان الحسن البصري –رحمه الله تعالى- يقول : " ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي بلسان الحال : يا ابن آدم–ويكررها ثلاث مرات- أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة" فهذا هو الوقت أيتها المسلمات ، فهو أغلى وأعظم مما يملكه الإنسان في هذه الحياة .
....
....
فصل
((( من علامــات الساعة نزع البركة من الوقت )))
....
....لقد أشار النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- في أحاديثه الصحيحة أن من علامات الساعة تقارب الأزمنة وانعدام البركة من الوقت :
....
....فلقد روى الإمام البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله تعالى عنه- أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ" رواه الإمام البخاري (1036) ، وصححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (7428) .
....
....وروى الإمام أحمد من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله تعالى عنه- أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ ( وفي رواية أنس بن مالك –رضي الله تعالى عنه- كالضرمة بالنار) " رواه الإمام أحمد (1056) وصححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (7422) .
....
....قال الإمام النووي– رحمه الله تعالى : "الْمُرَاد بِقِصَرِهِ عَدَم الْبَرَكَة فِيهِ ، وَأَنَّ الْيَوْم مَثَلا يَصِير الانْتِفَاع بِهِ بِقَدْرِ الانْتِفَاع بِالسَّاعَةِ الْوَاحِدَة" اهـ
....
....وقال الحافظ – رحمه الله تعالى : "وَالْحَقّ أَنَّ الْمُرَاد نَزْع الْبَرَكَة مِنْ كُلّ شَيْء حَتَّى مِنْ الزَّمَان ، وَذَلِكَ مِنْ عَلامَات قُرْب السَّاعَة" اهـ انظر" فتح الباري" (13/21) شرح حديث رقم (7061) و"إتحاف الجماعة" للتويجري (1/497) و"السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها" لأبي عمرو عثمان الداني و"أشراط الساعة" للوابل ص(120) .
يتبع ...........
....
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 58 : 05 AM
فصل
((( كيفية اغتنــــــــام الوقت واغتيــــــــال الفراغ )))
....
....كي نعرف كيف نستثمر الوقت ونسيطر عليه لابد أن نعرف ما هي خصائص الوقت ؟
....
فمن خصائص الوقت :
....أنه لا يرتهن لرغبة أحد، ولا ينتظر لخلاص أحد، مهما ربى شأنه، وسمت رتبته، وذيع صيته، وعلا كعبه، فقد قيل : "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" وهذا يدفعنا لاستغلال كل لحظة منه.
....
....وهو سريع الانقضاء ويمر مرّ السحاب وجريان الريح ولا يمهل لحظات، وفي هذا قالت داعية كريمة– وأحسنت : "لو أن الوقت يباع" .
....
....ولأن الوقت هو حياة الإنسان نفسها ، لذلك فإنه مورد نادر لا يمكن شراؤه أو بيعه أو تخزينه أو إبداله لذلك فهو أثمن ما يملك الإنسان فهو رأس المال الحقيقي في الحياة
....
....إنه مورد محدد يملكه جميع الناس بالتساوي ولا يستطيع أحد زيادته ، فكل إنسان يملك ساعات محدودة هي نفسها التي يملكها غيره، لذا كان سباق الألباء الفطناء، وخسر هنالك المبطلون .
....
....وصور استغلال الوقت كثيرة ، منها :
المحافظة على الصلوات في الجماعة ، والتبكير إلى المسجد ، والتعلّم –العلم الشرعي-والتعليم ، والدعوة إلى الخير ، والتكثير من ذكر الله عز وجل، والمحافظة على قراءة القرآن الكريم، وبر الوالدين، وصلة الرحم، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وغير ذلك كثير بحسبه وحسبك .
....
....بل.. إن انشغالك بالمباح، ولو كان نوماً أو اضطجاعاً بنية ترويح النفس لتستعيد نشاطها وتقوى على الطاعة من استغلال الوقت، والأعجب من ذلك الأكل؛ فإنك إذا استحضرت النية الطيبة مع أكلك، فهذا من استغلالك لوقتك، وإطعامك لأبنائك وأهلك، وغير ذلك فالعادات تنقلب إلى عبادات بحسن النية .
....
....وفي هذا يقول معاذ-رضي الله تعالى عنه: "أمّا أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " أي : قيامي الليل وصلاتي ، رواه الإمام البخاري ، كتاب "المغازي" ، باب "بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن" (8/60) ح (4341-4342-4344-4345) والإمام مسلم ، كتاب "الإمارة" ، باب "النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها" (3/1456) برقم (1733).
....
....قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-معلقاً على هذا الحديث : “معناه أن يطلب الثواب في الراحة، كما يطلبه في التعب، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل بها الثواب"أهــ بتصرف يسير من "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" (8/62) .
....
....أمر ينبغي التنويه إليه :
ومما ينبغي التنويه إليه : هو أن تأكيد الإسلام على وجوب إعطاء النفس حقها من الراحة والسعة دليل على قيمة الوقت وأهميته في الإسلام ، قال -تعالى : {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً*وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً*وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً} سورة "النبأ" الآية (9-11)، ولكن هذا الحق من النوم والراحة للجسد مشروط ، إذ ينبغي أن يفعلها الإنسان ليتقوى على طاعة الله –سبحانه وتعالى .
....
....
فصل
((( عوائق الإستفادة من الوقت )))
....
....العائق الأول : طول الأمل : وطول الأمل مع قطع الوقت وتضيع العمل، داء عضال، إذا أصاب الإنسان حال بينه وبين الطاعة.
....
....العلاج :
والعلاج أخي : أن تعلم يقيناً أن أقرب غائب تنتظره هو الموت، فلا تغتر بصحتك، ولا بشبابك، ولا بكرسيك، ولا بجاهك ، { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } سورة "الرحمن" الآية (27)
....
....فالموت يأخذ الحاكم المرهوب من بين جنده، من بين سلاحه، حتى ولو كان الإنسان في بروج مشيدة، سيصل إليه، وسيدركه قضاء الله تعالى وقدره، فكيف بمن دونه؟! قال الله تعالى : "أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ..." سورة "النساء" الآية(78)
....
....فإذا كانت نهاية العمر هي الموت، فوالله إن العمر حينئذٍ لقصير ، فمهما طالت الدنيا فهي قريبة، ومهما عظمت فهي حقيرة ؛ لأن الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لابد من دخوال القبر، ولو خلد أحد في هذه الأرض لخلد المصطفى –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-قال الله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } سورة "الأنبياء" الآية (34).
....
....وقد قيل :
أيا عبد كما يراك الله عاصيـــا *** حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا
أنسيت لقاء الله واللـحد والثرى *** ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا
لو أن المرء لم يلبث ثياباً من التقى *** تجرد عرياناً ولو كان كاسيـــاً
ولو أن الدنيا تدوم لأهلهـــــا *** لكان رسول الله حياً وباقيـــــاً
ولكنها تفنى ويفنى نعيمهــــــا *** وتبقى الذنوب والمعاصي كما هي
....
....العائق الثاني : اتباع الهوى : إن الهوى ملك ظلوم غشوم جهول، يمني صاحبه بالراحة والدعة وترك حياة الأبطال والرجال، ويزين له المعصية بل والبدع، والهوى حذر الله تعالى منه ، إذ يقول جل شأنه : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } سورة "الجاثية" الآية (23) .
....
....ومن أبرز أمارات الهوى : أن صاحبه لا يلتفت إلى أمر أو نهي ، ولا يقيم وزناً إلى شرعٍ أو حد ، بل ربما يزين لنفسه لنفسه الحرام ، ويعطي لنفسه الأعذار ، ويعلل لنفسه الوقع في المعاصي .. إنه الهوى .
....
....وفي وصف صاحبه قال الحسن البصري – رحمه الله تعالى : " هو المنافق لا يهوى شيئاً إلا ركبه "
....
....قال الله تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } سورة "الكهف" الآية (28)
....
....وقال أحدهم وصفاً أتباع الهوى :
إن قلت قال الله قال رسوله : * * * همزوك همز المنكر المتغـــــــــالي
أو قلت قال الصحــابة والأول * * * لــهم تبع في القــــول والأعمـــــال
أو قلت قال الشافعـــي وأحمد * * * وأبـــو حـنـــيـــفــــة والإمام الغالي
صدوا عن وحي الإلــــه وينه * * * واحتـــالـوا على حرام الله بالإحلال
يا أمـــة !!! لعبت بدين نبيها * * * كتلاعــــب الصبيــــان فــي الأحوال
حاش رسول الله يحكم بالهوى * * * تـلـك حكــــــــــــــــــــــو مة الضلال
....
....العلاج :
والعلاج أخي أن تمتثل أمر الله تعالى وتجتنب نهيه ، ولن تتمكن من ذلك إلا إذا قوي الإيمان في قلبك ، وذلك بالحرص على الطاعات والبعد عن المعاصي والذنوب والشهوات والحرص على حضور مجالس العلم لتتعرف على الحلال والحرام ، والحق والباطل ، والسنة والبدعة وذلك بصحبة الأخيار ؛ الذين يذكرونك بالعزيز الغفار ، ويبينون لك طريق النبي الهادي المختار –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم .
....
....العائق الثالث : الفراغ : وآه من الفراغ ، فليس هناك خطر يداهم شبابنا وبناتنا كما يداهمهم الفراغ، ذلك أن الفراغ مفسدة وأية مفسدة !! فمن استعمل صحته وفراغه في معصية الله –عز وجل- فهو المغبوط (( 2 )) ومن استعمل صحته وفراغه في معصية الله–عز وجل- فهو المغبون "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ" .
....
....قال الحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى : " مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة، ويطالب بها كما قال الله تعالى : { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } سورة "التكاثر" الآية (8)... ""جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى- ص(295) .
....
....ثم قال –رحمه الله تعالى: " ... ان الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه ، كما قال تعالى : {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} سورة "النحل" الآية (18) وطلب تعالى منهم الشكر والرضا به""جامع العلوم والحكم" ص(296) .
....
....فعمر الإنسان قصير –وإن طال- وذنبه كثير –وإن قل- وملك الموت قادم –وإن تأخر- فيقبض روحه ، وقد أضاع وقته ، وظلم نفسه ، فيسأله مولاه جلا علاه : عن عمره ؛ فيما أفناه ، فبما يجيب ؟!
....
....فعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال : أخذ رسول الله –صلى الله تعالى عليه وإخوانه آله وسلم- بمنكبي فقال : "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" .
....
....وكان ابن عمر يقول : "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" انظر صحيح الإمام البخاري، كتاب "الرقاق، باب "قول النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه آله وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ح (6053)
....
....
يتبع .........
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 00 : 06 AM
فصل
((( في : إطالــــــــــة العــمـــر(( 3 )) )))
....
..مراد إطالة العمر :
....قال رسول الله –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- في الحديث الذي رواه أنس بن مالك –رضي الله تعالى عنه: "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه " رواه أبو داود (2/132) وصححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- ، في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (1639) و"الأدب المفرد" (1/34) .
....
....وقال –صلى الله تعالى عليه وآله وإخوانه وسلم- في الحديث الذي رواه أبو هريرة وأنس بن مالك – رضي الله تعالى عنهما : " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه" رواه الإمامان البخاري (10/429) ومسلم (16/114)
....
....وقد اختلفت توجيهات العلماء –رحمه الله تعالى- لمعنى الإطالة الواردة في الحديث :
....
....ولعل أبرزها قول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - والذي نصه :
" ... وأما قوله: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} سورة "فاطر" الآية (11)
....
....فقد قيل: إن المراد الجنس، أي : ما يعمر من عمر إنسان، ولا ينقص من عمر إنسان، ثم التعمير والتقصير يراد به شيئان:
....
....أحدهما: أن هذا يطول عمره، وهذا يقصر عمره، فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن المعمر يطول عمره، وهذا يقصر عمره، فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن التعمير زيادة بالنسبة إلى آخر .
....
....وقد يراد بالنقص : النقص من العمر المكتوب، كما يراد بالزيادة الزيادة في العمر المكتوب، وفى "الصحيحين" عن النبى -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- أنه قال : " من سَرَّه أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسَأ له في أثره فلْيَصِلْ رَحِمَه"
....
....وقد قال بعض الناس : إن المراد به البركة فى العمر، بأن يعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الكثير ، قالوا : لأن الرزق والأجل مقدران مكتوبان .
....
....فيقال لهؤلاء : تلك البركة ـ وهي الزيادة في العمل، والنفع ـ هي أيضاً مقدرة مكتوبة، وتتناول لجميع الأشياء .
....
....والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلا في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب.
....
....ونظير هذا ما في الترمذي وغيره عن النبى-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "إن آدم لما طلب من اللّه أن يريه صورة الأنبياء من ذريته فأراه إياهم، فرأى فيهم رجلا له بَصِيص،
....
فقال : من هذا يا رب؟
....
فقال : ابنك داود .
....
قال : فكم عمره؟.
....
قال : أربعون سنة.
....
قال : وكم عمري؟.
....
قال : ألف سنة.
....
قال : فقد وهبت له من عمري ستين سنة.
....
فكتب عليه كتاب، وشهدت عليه الملائكة، فلما حضرته الوفاة .
....
قال: قد بقي من عمري ستون سنة.
....
قالوا : وهبتها لابنك داود، فأنكر ذلك، فأخرجوا الكتاب”.
....
....قال النبى -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " فنَسِيَ آدم فنسيت ذريته، وجَحَد آدم فجحدت ذريته" وروى أنه كمل لآدم عمره، ولداود عمره.
....
....فهذا داود كان عمره المكتوب أربعين سنة، ثم جعله ستين، وهذا معنى ما روى عن عمر أنه قال : اللهم إن كنت كتبتني شقياً فامحني واكتبني سعيداً، فإنك تمحوا ما تشاء وتثبت.
....
....واللّه ـ سبحانه ـ عالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فهو يعلم ما كتبه له وما يزيده إياه بعد ذلك، والملائكة لا علم لهم إلا ما علمهم اللّه، والله يعلم الأشياء قبل كونها وبعد كونها؛ فلهذا قال العلماء: إن المحو والإثبات في صحف الملائكة، وأما علم اللّه ـ سبحانه ـ فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالماً به، فلا محو فيه ولا إثبات" إهــ "مجموع فتاوى ابن تيمية" (14/490-492) .
....
....
((( الدعاء بطول العمر )))
....
....وأما عن قضية الدعاء بالإطالة في الأعمار؛ فللعلماء أقوال : منهم المانع، ومنهم المبيح بقيد :
....
....واستدل المانعون على منعهم بـــ :
ما قاله عبد الله بن مسعود –رضي الله تعالى عنهما- أن أم المؤمنين أم حبيبة زوج النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه آله وسلم- قالت : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله –صلى الله تعالى عليه وإخوانه آله وسلم- وبأبي أبي سفيان –رضي الله تعالى عنه- وبأخي معاوية –رضي الله تعالى عنه- فقال–صلى الله تعالى عليه وإخوانه آله وسلم: " سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل شيئا منها قبل أجله ولا يؤخر ولو كنت سألت الله أن يعيذك من النار وعذاب القبر كان خيرا وأفضل "رواه الإمام أحمد (8/122) ، والإمام مسلم (16/212) وابن أبي عاصم في "السنة" (1/116) وصححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الترغيب والترهيب" المجلد الثالث برقم (3652) .
....
....وما قاله سفيان الثوري–رحمه الله تعالى : "أن رجلاً قال لعمر بن عبد العزيز : أبقاك الله، قال : قد فرغ من هذا، فادع لي بالصلاح" "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم (6/392) نقلاً عن "كيف تطيل عمر الإنتاجي؟" ص(26).
....
وأما المبيحون فقد استدلوا بـــ :
....قول رسول الله – صلى لله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- من حديث أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه- أنه قال : قالت أمي : يا رسول الله خادمك أنس ادعوا الله تعالى له، قال "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته" رواه الإمام البخاري (11/149) و (11/140) و(11/186) و(4/268) والإمام مسلم (16/39) .
....
....والقوال الفصل في هذه المسألة : أنه يجوز الدعاء بطول العمر ، وأن يقيده بما ينفع المدعو له، مثل أن يقول : أطال الله تعالى في عمر وأحسن في عملك، أو : أطال الله عمرك في طاعة الله، أو في الخير، أو فيما يرضي الله .. ونحو ذلك ، وهذا ما قال به العلامة ابن عثيمين ، والعلامة ابن باز – رحمهما الله تعالى– جمعاً بين الأدلة .
.....
....
فصل
في بيان كيف يوفر الإنسان عمره .. فيطيله ؟!!
....
....قلت : لقد أخبر الرسول –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- عن إمكانية إطالة العمر ؛ وذلك بالحرص على بعض خصال البر والخير ، ويكمن ذلك في فروع :
....
الفرع الأول : إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة
وذلك بثلاثة أمور :
....الأمر الأول : صلة الرحــــم :
....الأمر الثاني : حسن الخلــق :
....الأمر الثالث : حسن الجوار :
....
الدليل على الثلاثة عموماً :
....عن أم المؤمنين السيدة عائشة –رضي الله تعالى عنها- أن النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال لها:"... وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في"السلسة الصحيحة"(2/48ح519).
....
الدليل على "صلة الرحم" خصوصاً :
....قول النبي –صلى الله تعالى عليه وآله وإخوانه وسلم- في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود–رضي الله تعالى عنهما : "صلة الرحم تزيد في العمر" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في"صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (3760،3766،3797) و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ح889،890) و"تمام المنة في التعليق على فقه السنة" ص(392) .
....
الفرع الثاني : إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة
ويضم ذلك تسعة أمور :
....الأمر الأول : الصلاة :
....
وتحتها فروع :
....الفرع الأول : الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين :
فعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-قال : “ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في"صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (3841)
....
....الفرع الثاني : المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد :
فعن أبي هريرة-رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ" صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (3818) .
....
....وروى ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (3820) .
....
....الفرع الثالث : أداء النافلة في البيت :
فعن صهيب الروامي -رضي الله تعالى عنه- أن -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال :" صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين" صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (3821) .
....
....الفرع الرابع : التحلي ببعض آداب الجمعة :
فعن أوس بن أوس الثقفي -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع وأنصت ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها وقيامها" صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (6405) .
....
....الفرع الخامس : المواظبة على صلاة الضحى :
فعن أبي ذر الغفاري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة" وذكر -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- بعض صور الصدقة ، ثم قال : "ويجزئ من ذلك ركعتين تركعهما من الضحى" صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (8097) .
....
....قال الحافظ شمس الدين ابن رجب–رحمه الله تعالى : "قال أبو عبيد: السلامى في الأصل عظم يكون في فرسن البعير ... وقال غيره: السلامى عظم في طرف اليد والرجل""جامع العلوم والحكم" ص(293) .
....
....الأمر الثاني : الحج والعمرة :
وتحتهما فروع :
....الفرع الأول: صلاة الغداة والذكر وصلاة الإشراق – الضحى :
فعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة " صححه العلامة الألباني في "السلسة الصحيحة"(7/ح3403) .
....
....الفرع الثاني : حضور دروس العلم والمحاضرات في المساجد :
فعن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته" صححه العلامة الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/ح86) .
....
....الفرع الثالث : الاعتمار في شهر رمضان خصوصاً :
فعن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " ... يا أم سليم عمرة في رمضان تعدل حجة معي" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ح1118) .
....
....الفرع الرابع : أداء الصلاة المكتوبة في المسجد :
فعن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة ومن مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة " صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (728) .
....
....الفرع الخامس : الصلاة في مسجد قباء :
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : “من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (6154) .
....
....الأمر الثالث : الصيام :
وتحته فروع :
....الفرع الأول: صيام أيام مخصوصة :
وإليك بعض الأمثلة :
....المثال الأول : المحافظة على صيام ست من شوال :
فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال: " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (6327).
....
....المثال الثاني : المحافظة على صيام أيام البيض من كل شهر عربي :
فعن جرير بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : “ صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الجامع الصغير" برقم (3848) .
....
....الفرع الثاني : تفطير الصائمين :
فعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : “ من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا " صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (6415) .
....
....الأمر الرابع : الجهاد :
قال الله تعالى : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } سورة "التوبة" الآية (19) .
....
....وعن عمران بن حصين-رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "لقيام رجل في الصف في سبيل الله عز وجل ساعة أفضل من عبادة ستين سنة" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (5151) .
....
....وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : مر رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته فقال لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- فقال : "لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله تعالىأفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة اغزوا في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في"صحيح الترغيب والترهيب" برقم (2/ح1301) .
....
....وعن سلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه"صححه العلامة الألباني -رحمه اللهتعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (6259) .
....
....الأمر الخامس : قيام ليلة القـدر :
إن قيام ليلة القدر : أفضل عند الله تعالى من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وذلك لقوله –تبارك وتعالى: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } سورة "القدر" الآية (3) .
....
....أي ثواب قيامها : أفضل من ثواب ثلاث وثمانين سنة تقريباً ، أليس هذا عمراً إضافياً طويلاً يسجل في صحيفتك لا تحلم أن يتحقق لك فتقوم به في الواقع ؟ .
....
....ولقد قال الرازي في تفسيره : "واعلم أن من أحياها –أي ليلة القدر- فكأنما عبد الله تعالىنيفاً وثمانين مرة ، ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعماراً كثيرة" أهــ "مفاتيح الغيب" لأبي بكر الرازي (32/31) .
....
....الأمر السادس : العمل الصالح في أيام عشر ذي الحجة :
فعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" ، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ ، قال : “ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (3/ح890) .
....
....بعض صور الأعمال المستحبة في هذه العشر المباركة :
1) أداء الحج ؛ وهذا أفضل أعمالها .
2) الصيام وبالأخص يوم عرفة –لغير الحاج- فمن صامه كفرت عنه ذنوب ستين .
3) صرف معظم الوقت في التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد .
4) الأضحية .
5) اجتناب تضييع الأوقات فيما لا ينفع ؛ فلا تدع ساعات هذه الأيام المباركة تمر عليك وأنت في سياحة وغفلة عن طاعة الله تعالى .
....
....الأمر السابع : تكررا بعض سور القرآن :
فعن أبي أيوب -رضي الله تعالى عنه- أن النبي-صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؛ فإنه من قرأ { قل هو الله أحد الله الصمد } في ليلة فقد قرأ ليلته ثلث القرآن " صححه العلامة الألباني -رحمه اللهتعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (2663) .
....
....قلت :
فإن كان هدفك وغايتك ختم القرآن عدة مرات ؛ فعليك بالتكثير من قراءة سورة الإخلاص ، بتأني وتدبر وتفكر ، خلافاً لأناس همهم ختم القرآن في بعض الأشهر أو الأيام المخصوصة ، فإذا بهم يقرؤونه بسرعة بدون تأني وتفكر، مثلهم كمثل من يقرأ في جريدة أو غيرها ، فأكثر أخي من قراءة سورة الإخلاص بتأني وتفكر ، بدلاً من هذه القراء المخلة ، واجعل قراءتك للقرآن العظيم قراءة تأني وتدبر مستمسكاً بقوله تعالى:{ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ } سورة "الإسراء" الآية(106) وقوله: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } سورة "صـ" الآية (29) .
....
....الأمر الثامن : الذكر المضاعف :
وتحته فروع :
....الفرع الأول: التسبيح المضاعف :
فعن جويرية -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة ، قال : "ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت : نعم ، قال النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "مشكاة المصابيح" (2/ح2301).
....
....وعن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه-أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- سأله إبان تحريك شفتيه : "ما تقول يا أبا أمامة؟" فأجاب-رضي الله تعالى عنه : أذكر الله ، فقال –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار تقول الحمد لله عدد ما خلق الحمد لله ملء ما خلق الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض الحمد لله عدد ما أحصى كتابه والحمد لله على ما أحصى كتابه والحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء وتسبح الله مثلهن تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك" صححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (2615) .
....
....الفرع الثاني: الاستغفار المضاعف :
فعن عبادة بن الصامت-رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة" حسنه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (6026) .
....
....وقال أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه- فيما روته أم الدرداء -رضي الله تعالى عنها : " ... وإن العبد المسلم ليغفر له وهو نائم" قلت : وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ ، قال : “ يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله فيستجب له ، ويدعوا لأخيه فيستجب له""الزهد" للإمام أحم بن حنبل ص(140) نقلاً عن "كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" ص(99-100) .
....
....وروي أن أم الدرداء -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان لأبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- ستون وثلاثمائة خليل في الله ، يدعو لهم في الصلاة ، فقلت له في ذلك ، فقال : “إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب ؛ إلا وكل الله تعالى به ملكين يقولان : ولك بمثل ، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة؟!""نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء" (1/161) نقلاً عن "كيف تطيل عمرك الإنتاجي" ص(99).
.....
....الأمر التاسع : قضاء حوائج الناس :
فعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : "أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل" صححه العلامة الألباني –رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (176) و "السلسلة الصحيحة" برقم (906) .
.....
صفحات من حرص السلف -رضوان الله تعالى عليهم- على قضاء حوائج الناس :
....كان أبو بكر الصديق-رضي الله تعالى عنه- يحلب للحي أغنامهم ، فلما استخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه: "بلى لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله""جامع العلوم والحكم" (2/295) .
....
...." وكان عمر بكن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يتعاهد بعض الأرامل فيستقي لهن الماء بالليل ، ورآه طلحة -رضي الله تعالى عنهما- بالليل يدخل بيت امرأة ، فدخل إليها طلحة نهاراً فإذا عجوز عمياء مقعدة ، فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك ؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة، عثرات عمرك تتبع ؟" انظر"جامع العلوم والحكم" (2/295) .
....
...." وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم ، كل يوم ، فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن" "جامع العلوم والحكم" (2/295) .
....
....وقال مجاهد : "صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه ، فكان يخدمني أكثر""جامع العلوم والحكم" (2/295) نقلا عن "كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" ص(103) .
....
...." ولما مات علي بن الحسين -رضي الله تعالى عنه- وجدا بظهره أثراً مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل ""نزهة الفضللاء تهذيب سير أعلام النبلاء" (1/406) والنقل عن "جامع العلوم والحكم" (2/295) .
يتبع .........
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 01 : 06 AM
الفرع الثالث : إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات
....
ويضم هذا الفرع أربعة أمور :
....الأمر الأول : الموت في الرباط :
فعن سلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا جرى له مثل ذلك من الأجر وأجري عليه الرزق وأمن الفتان " صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (6259) .
....
....الأمر الثاني : الصدقة الجارية :
فعن أبي هريرة-رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما نشره وولدا صالحا تركه ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته " صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (2231).
....
....الأمر الثالث : تربية الولد على الصلاح :
فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- قال : " إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول أنى لي هذا فيقال باستغفار ولدك لك " صححه العلامة الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" برقم (1617) .
....
....الأمر الرابع : تعليم الناس :
ومن الأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات : تعليم الناس الخير ، ويكمن ذلك في طريقتين :
....الطريقة الأولى : نشر العلم وكتابته :
لقول النبي -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم-من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " صححه العلامة الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(78) .
....
....والطريقة الثانية : هي الدعوة إلى الله – تعالى :
قلت : وهذا فرع عن سابقه ؛ حيث إن الدعوة إلى الله تعالى من طرق نشر العلم ، بل إنها من أجل العبادات التي تقرب إلى الله تعالى ، فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين ، التي أمرهم بها رب العالمين –سبحانه وتعالى- حيث قال في كتابه الكريم : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } سورة "فصلت" الآية (33)، وقال : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } سورة "النحل" الآية(125) .
....
الفرع الرابع : إطالة العمر باستغلال الوقت
....لقد تم ذكر ثلاث وسائل لإطالة العمر :
فالوسيلة الأولى كانت : بالتحلي ببعض الأخلاق الحميدة .
وكانت الوسيلة الثانية : المثابرة على الأعمال ذات الأجور المضاعفة .
أما الوسيلة الثالثة فكانت : المبادرة إلى الأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات ، وبقيت وسيلة رابعة ، ألا وهي : استغلال الوقت في العمل الصالح .
....
....فلو شاهدت إنساناً : يحرق كل يوم مبلغاً زهيداً من المال ، لعددته من السفهاء الذين ينبغي أن يحجر أموالهم ، والذي يضيع جزءأ من عمره أعظم سفهاً ممن أحرق ذلك المال ؛ لأن المال يمكن أن يعوض ، ولا عوض في فوات الأعمال ، وصدق الشاعر حين قال :
أمسِ الذي مر عن قربه * * * يعجز أهلُ الزمانِ من ردِّه
....
....إن من استغلال الوقت في وقتنا المعاصر سماع الأشرطة الإسلامية أثناء قيادة السيارة ، فلو استمع إنسان ما يناهز مائتي شريط خلال عام واحد ؛ فمعنى ذلك أنك استغللت قرابة مائتي ساعة من سنوات عمرك فيما يرضي الله تعالى كانت ستضيع في الغالب دون فائدة .
....
....ألا يمكنك أيضاً أن تصنع كما صنع مجد الدين أبو البركات، فإذا أردت دخول الخلاء وضعت شريطاً لمحاضرة أو درس خارج الخلاء، فيزيدك علماً وإيماناً، في وقت ومكان يغفل عن استغلاله كثير من الصالحين، فضلاً عن غيرهم ؟!! .
....
....
فصل
((( في بيان أنه : ما أطال عبد الأمل .. إلا أساء العمل .. وأضاع العمر !!! )))
....
....قلت :
إن طول الأمل مرض عضال سيحول بينك وبين استثمار عمرك ، سيحول بين وبين استغلال وقتك ، فاسثمر وقتك الآن، ولا تفرط في الساعة التي تحياها الآن ، فمن الذي ضمن لك أنك ستعيش إلى العام المقبل ، أو حتى إلى الأسبوع المقبل، أو اليوم المقبل، أو الساعة المقبلة ؛ فالموت أيها الشاب والشابة : يخطف الشباب في ريعان شبابهم ، فالموت لا يفرق بين طفل رضيع وشيخ كبير، ولا بين رجل وامرأة، ولا بين بكر وثيب ([4] (http://www.sahab.net/forums/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=612115#_ftn4))
....
....فاستثمر وقتك أعظم إسثتمار ، بطاعة العزيز الغفار ، واتباع النبي المختار – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وأتباعه السلف الأطهار –رضي الله تعالى عنهم-فما أطال عبد الأمل : إلا وأساء العمل ، وأضاع العمر .
....
....قلت :
لا تــطــل الأمــل فــإن أطلتــــهُ * * * أسأت العمل وندمت يوم لا ينفعُ
....
وصور إطالة الأمل كثيرة ، منها :
....أن يقال : صلي : سوف أصلي من الغد –إن شاء الله تعالى – سوف أقوم الليل غداً –إن شاء الله تعالى– سوف أتفرغ للطاعة والعبادة إذا كبر سني ، إذا خرجت على المعاش سوف أعفي اللحية –إن شاء الله تعالى .
....
....وأخرى : سوف أرتدي الحجاب –إن شاء الله تعالى– سوف أحفظ القرآن في الصيف القادم-إن شاء الله تعالى.
....
....ومر صيفٌ تلو صيفِ وما حفظ شيئاً، وجاء المعاش، وما عفى لحيته، وما لبست الحجاب؛ فهذا هو ما يسمى بـ : "داء التسويف" ذلكم المرض العضال، الذي استشرى في الناس استشراء السحاب في السماء، وانتشر انتشار النار في الهشيم–عفانا الله تعالى وإياكم من ذاك المرض الخبيث .
....
....فلله در القائل : "إن لم تهلك وقتك في طاعة؛ أهلكك في معصية .. سنة ماضية" قاله الوالد– حفظه الله تعالى .
....
....
((( .. نداء .. )))
....
....نداء .. إلى أحبائي في الله .. إلى شباب الأمة .. إلى كل أخ إلى كل أخت .
"... وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان"
....
....انتبهوا من غفلتكم، فهي عليكم دمار وشنار وخسار، إن لم تدركوها اليوم سترديكم غداً ..
....
....توبوا .. فإن الله يفرح بتوبة عبده إذا رجع إليه، بادروا .. عجلوا .. قبل فوات الأوقات .
....
....ألاتحب أن يرضى الله عنك ؟ ويرحمك ويدخلك جنته .. فاسعى إلى رضى الله .. وحبه .. وحب من يحبه .. وحب أي عمل يقربك إليه.
....
....فيا لنجاة المتذكرين .. وأقبل ؛ فيا فوز المقبلين .. واجعل من حياتك وقفات .. تسأل فيها نفسك-فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية- ماذا أريد؟ وإلى أي ألنجدين أسلك ؟!! .
....
....واسألهـا :هل قدمت ما ينفعك يوم موقفك بين يدي ربك أم كنت من الاهين ؟!! .
....
....وعاتبها :هل اغتنمتِ فرص عمركِ أم كنتِ من الخاسرين ؟!! .
....
....واسألهـا : هل كل دقيقة فاتت كانت في رضا أم في غضب رب العالمين ؟!! .
....
....فكن أخي : كما قال الشاعر :
وكـــن رجـــلاً إن أتــوا بــعــده * * * يقولــون : مر ، وهــذا الأثــر ؟!!
وقال آخر :
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم * * * وعاش قوم وهم في الناس أموات؟!!
....
....ثم اسألها : من أيّ الصنفين أنتِ؟ إذا كنت من الصنف الأول؟ فهنيئا لكِ عيشتكِ الكريمة، وإياكِ ثم إياكِ أن تكوني من الصنف الثاني؛ الذين هم أحياء جسديا لكنهم أمواتٌ فعلياً، أمواتٌ ليس لوقتهم قيمة، أمواتٌ ليس لحياتهم معنى ؟!! .
....
....فقد أحسـن من قال :
قامت دقات قلب المرء قائلة له * * * إن الحـيـــاة دقـــائـــــق وثـــــوان
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرهــا * * * فالـذكر لــلإنـــســان عمر ثـــــــان
"كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟" لإبراهيم النعيم (الديباجة)
....
....وأبدع آخر إذ يقول :
ولدتك أمك يابن آدم بـاكيــا * * * والناس من حولك يضحكون سروراًُ
فاعمــل لآخــرتــك حيـن يبكوا * * * تكون أنت ضــــــــــاحكاً مـســـروراً
....
....وقبـل الختام أقول :
إن العمر يجري ونحن في غفلة، والوقت يمضي ونحن في غفوة، والعاقل هو الذي يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، ولا يضيع ساعة – بل دقيقة-واحدة من عمره إلا في خير للدين أو للدنيا، وإذا ضاعت ندم عليها أشد الندم ، بل من يضيع عمره في غير عمل للآخرة أو للدنيا سيندم، سيندم على الساعة، يوم تقوم الساعة، وسيشعر أنه ما لبث غير ساعة.
....
....قال تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ... } سورة "يونس" الآية(45)
....
....وقوله تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } سورة "الروم" الآية(55)
....
....وقوله تعالى : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } سورة "الأحقاف" الآية(35)
....
....
((( الخاتمة )))
....
....قال الوالد – حفظه الله تعالى : "لا ينبغي أن تهدر الأوقات في الحلال، فكيف بالحرام، فالواجب أن نستغل الأوقات في معالي العبادات" ، فإن الوقت مع ما فيه من العبر والعظات، هو زمن تحصيل الأعمال الصالحات .
....
....ألم تسمع قول الله رب الأرض والسماوات تبارك وتعالى: { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } سورة"الحديد" آية (20) .
....
....إن حظّ المسلم في هذه الدنيا : وقت قصير .. وأنفاس محدودة .. وأيام معدودة .. فمن استثمر هذه اللحظات والساعات في الخير .. فطوبى له .. ومن أضاعها وفرط فيها .. فقد خسر خسراناً مبين .
....
....أحبتي في الله : هاهي الأيام تمر والأشهر تجري ورائها ، يسحبان معهما السنين ويجران خلفهما الأعمار وتطوي حياة جيل بعد جيل ، وبعد قليل : سيقف الجميع بين يدي الملك الجليل للسؤال عن الكثير والقليل، وعن الكبير وعن الصغير، وهذ مصداق قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } سورة "الزلزلة" الآيتان (7-8)
....
....وقوله تعالى : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } سورة "الكهف" الآية(49)
....
....وقوله تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } سورة "الأنبياء" الآية(47)
....
....أخي : إن الإنسان الراشد العاقل اللبيب؛ هو الذي : لا يمكن أن يفرط في دقيقة من وقته، هو الذي : يدرك قيمة الوقت ويحسن استثماره، ولقد كان السلف الصالح –رضوان الله تعالى عنهم- أحرص الناس على كسب الوقت وملئه بالخير، كانوا يقولون : "الفراغ : شيطان المؤمن" فلما لا تكون مثلهم، لما لا تقتضي بالنبي - صَلَى اللهُ تَعَلى عليه وإخوانه وآله وسلم- والصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- والأئمة العظام -رحمهم الله تعالى- والتابعين لهم بإحسان إلا يوم لقاء المنان–سبحانه وتعالى .
....
....عد أخي : عد إلى ربك، ففيك خير، وفي الأمة خير، ولكن الأمة تنتظر توبتك، وعودتك إلى ربك، فهل سيدوم انتظارها طويلاً ؟!!
....
....ولله در القائل :
إنَّا لنفرحُ بالأيامِ نقطعُها .... وكل يومٍ مضى جزءٌ من العمرِ
....
....واسمع معي قول الشاعر وهو يحذرنا من التفريط في التوبة
يا غافل القلب عن ذكر المنيات * * * عما قليلٍ ستثوى بين أموات
فاذكر محلك من قبل الحلول به * * * وتب إلى الله من لهو ولذات
إن الحمام له وقت إلى أجل * * * فاذكر مصائب أيام وساعات
لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها * * * قد حان للموت يا ذا اللب أن يأتني
"كتاب الكبائر" للحافظ شمس الدين الذهبي –رحمه الله تعالى ص(7-8)
....
....فالتوبة التوبة ؛ قبل أن يصل إليكم من الموت النوبة ، فيحصل المفرط في وقته على الندم والخيبة .
....
....والإنابة الإنابة ؛ قبل غلق باب الإجابة .
....
....والإفاقة الإفاقة ، فقد قرب وقت الفاقة .
....
....ما أحسن قلق التواب ! ما أحلى قدوم الغياب ! وما أجمل وقوفهم على الباب ! .
....
....أيها المضيع : يا من سودت كتابك بالسيئات قد آن لك بالتوبة أن تمحو .
....
....يا سكران القلب - الذي آن لفؤاده أن يصحو: إن نعم الله تعالى على عليك كثيرة لا تعد ولا تحصى وذلك لكثرتها واستمرارها وتتابع إنعام الله -عز وجل- عليك بها ، وصدق ربنا الكريم إذ يقول سبحانه : {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}.
....
....أفيحسن بنا أخي : أن نضيع الأوقات ونذهب الأنفاس فيما لا ينفع ؟!! فكم من إناس يُسألون هذا السؤال ، فإذا هم يجيبون –ويا لها من إجابة: " نقتل الوقت" لا يطلبون إلا قتل الوقت كأن الوقت عدو لهم .
....
....أما علموا.. أن قتل الوقت هو قتل النفس قتل الحياة ؟!! .
....
....أما علموا.. أنه ينوي كلامه هذا خسران الدنيا والآخرة ؟!! .
....
....أما علموا.. أن الذين يصرفون أوقاتهم في لعب القمار والذهاب إلى الملاهي والذين يتسكعون في المقاهي وأندية الرقص واللهو وأنواع الغواية لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة وبئس المصير؟!!.
....
....أما علموا.. أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة .
....
....أما علموا.. قول النبي –صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم: "من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة" رواه الترمذي في جامعه (5/511) وقال : “حسن صحيح غريب" وصححه العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في “صحيح الجامع الصغير وزيادته” برقم (6429).
....
....أما علموا.. ما يفوتنا في هذه الأوقات المهدرة من الثواب الجزيل ، والأجر الوفير ، والخير الكثير .
....
....إما علموا.. أن الحياة الدنيا ما هي إلا مزرعة للآخرة .
....
....فتأمل أخي : ما أسرع انصرام الأيام والليالي بالأمس كنت طفلا ثم صرت ولدا فشابا فكهلا فشيخا وكل ما انقضى يوم انقضى بعضك وقرب أجلك قال الحسن البصري رَضِيَ اللهُ تعالى عَنهُ : "يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك".
....
....واعلم : أن الترقي والعلو صعب إدراكهما ، أما التدني والانحطاط فما أسهلهما .. ولهذا جزاء ولذاك وفاء .. فماذا اخترت لنفسك ؟ .. آ الطريق الرشيد .. أم الآخر .
....
....هذا .. وأسأل الله تعالى أن يشرح صدور المسلمين عامة، ودعاتهم خاصة لاقتفاء أثر سلفهم الصالح؛
....
....لأنه لا مجال للوصول إلى خير الدنيا والآخرة إلا باتباع الكتاب والسنة؛
....
....لأنه لا نجاة ولا فلاح في الدنيا والآخر إلا باتباعهما، ولا يكون ذلك، إلا باتباع الأصل الثالث، وهو فهم سلف الأمة –رضوان الله تعالى عليهم، هؤلاء الأناس الأخيار، هؤلاء الخيرة الأطهار، وذلك من توفيق الله تعالى لهم ، لما رأى قلوبهم منطوية على الصدق والإخلاص، وبهما –أي الكتاب والسنة- حفظوا لنا هذا الدين نقياً صفياَ ، فرحمهم الله تعالى وعم بهم النفع .
....
....إخواني : فأنا لكم ناصحٌ أمينٌ، راجٍ أن يجمعنا ربنا في مستقر رحمته يوم الدين .
ألا أقل لهم قول عبد نصــوح * * * وحـــق النصيــحة أن تستمع
"رسالة في السماع والرقص" للشيخ محمد بن محمد المنبجي الحنبلي ص (8)
....
....نسأل الله أن يبارك لنا في أوقاتنا، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه وأن يغفر لنا ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين .
....
هذا وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
....
....
كتبه
....
أبو محمد عبد الحميد الأثري
عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد آل حسونة
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 02 : 06 AM
((( فهرس الموضوعات )))
....
....تقديم فضيلة الشيخ : أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة -حفظه الله تعالى
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
المقدمة
....
....وفيها مبحثان
....
........الأول : التمهيد
....
........الثاني : السبب الباعث
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
الموضوع
....
....تعريف "الوقت" و "الفراغ" :
....
........أولاً : تعريف الوقت :
....
............الوقت في اللغة
....
........ثانياً : تعريف الفراغ :
....
............الفراغ في اللغة
....
............الفراغ في الاصطلاح
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : في ذكر الأدلة الواردة على أهمية الوقت وخطر الفراغ
....
....أولاً: ذكر الأدلة الواردة من كتاب الله –تعالى :
....
........الدليل الأول : قوله تعالى :{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } سورة "آل عمران" الآية (133) .
............بعض أقوال أهل التأويل .
....
........الدليل الثاني : قوله تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }سورة "الحديد" الآية (21).
............بعض أقوال أهل التأويل :
....
........الدليل الثالث : قولهتعالى : { فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَات }سورة "البقرة" الآية (148) و"المائدة" الآية (48)
............بعض أقوال أهل التأويل :
....
........الدليل الرابع : قولهتعالى:{وَالْعَصْرِ* إنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
............تأويل الآية :
....
....ثانياً :ذكر الأدلة الواردة من سنة رسول الله -صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم :
....
....ثالثاً :صفحات من استثمار سلف الأمة –رحمهم الله تعالى- لأوقاتهم :
....
........الصحابة–رضوان الله عليهم :
....
............أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله تعالى عنه :
....
............عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنهما :
....
........التابعين–رحمهم الله تعالى :
. ....
...........العلامة إمام الوقت وفريده شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى :
....
............العلامة شمس الدين ابن القيم -رحمه الله تعالى :
....
............الإمام عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى :
....
............واعظ الإسلام أبو الفرج ابن الجوزي -رحمه الله تعالى :
....
............الحسن البصري -رحمه الله تعالى :
....
............الوفاء بن عقيل الحنبلي–رحمه الله تعالى :
....
............جمال الدين القاسمي–رحمه الله تعالى :
....
............وآثار أخرى .
....
........تابعي التابعين –رحمهم الله تعالى :
....
............شيخ الإسلام الشيخ ابن باز–رحمه الله تعالى :
....
............العلامة الصالح صالح آل عثيمين–رحمه الله تعالى :
....
............العلامة الشيخ ابن جبرين–رحمه الله تعالى :
....
............علامةاليمنالإمام المحدثمقبل بن هادي الوادعي–رحمه الله تعالى :
. ....
...........الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي–رحمه الله تعالى :
....
............الشيخ الصالح صالح الفوزان–رحمه الله تعالى :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : لا يمشي إلا وفي يده كتاب يقرأه صيانة لوقته :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : توفي وهو يقرأ في الطريق صيانة لوقته :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : يقطع الليل جميعه في القراءة صيانة لوقته :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل: أهمية الوقت لدى طالب العلم خاصة :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : أهمية الوقت لدى المرأة خاصة :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : من علامــات الساعة نزع البركة من الوقت :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : كيفية إغتنام الأوقات واغتيال الفراغ :
....
....خصائص الوقت :
....
....كيف تستغل وقتك ؟ :
....
....الأسباب المؤدية إلى ضياع الوقت :
....
....صور استغلال الوقت :
....
....شكوى الملل والفراغ :
....
....أمر ينبغي التنويه إليه :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : عوائق الإستفادة من الوقت :
....
....العائق الأول : طول الأمل :
....
........العلاج :
....
....العائق الثاني : اتباع الهوى :
....
........تعريف الهوى :
....
........العلاج :
....
....العائق الثالث : الفراغ :
....
........العلاج :
....
....أقسام الساعات :
....
........موقفان يندم عليهما الإنسان :
....
....أقسام الفراغ :
....
........القسم الأول : فراغ القلب ؛ من الإيمان :
....الحل :
....
........القسم الثاني : هو فراغ العقل ؛ من الهمة والذكاء :
....الحل :
....
........أما القسم الثالث : فهو فراغ النفس ؛ من تقوى الله –عز وجل :
....الحل :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : في إطـــــالــــــــــة العــمـــر :
....
....مراد إطالة العمر :
....
....الدعاء بطول العمر
....
........استدلال المانعون :
....
........استدلال المبيحون :
....
........القوال الفصل :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : في بيان كيف يوفر الإنسان عمره فيطيله ؟!!
....
........ويكمن ذلك في فروع :
....
....الفرع الأول : إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة :
....
........وذلك بثلاثة أمور :
....
الأمر الأول : صلة الرحــــم :
....
الأمر الثاني : حسن الخلــق :
....
الأمر الثالث : حسن الجوار :
....
........الدليل على الثلاثة عموماً :
....
........الدليل على "صلة الرحم" خصوصاً :
....
....الفرع الثاني : إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة :
....
........ويضم ذلك تسعة أمور :
....
....الأمر الأول : الصلاة :
....
........وتحتها فروع :
....
الفرع الأول : الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين :
....
الفرع الثاني : المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد :
....
الفرع الثالث : أداء النافلة في البيت :
....
الفرع الرابع : التحلي ببعض آداب الجمعة :
....
الفرع الخامس : المواظبة على صلاة الضحى :
....
....الأمر الثاني : الحج والعمرة :
....
........وتحتهما فروع :
....
الفرع الأول : صلاة الغداة والذكر وصلاة الإشراق –الضحى :
....
الفرع الثاني : حضور دروس العلم والمحاضرات في المساجد :
....
الفرع الثالث : الاعتمار في شهر رمضان خصوصاً :
....
الفرع الرابع : أداء الصلاة المكتوبة في المسجد :
....
الفرع الخامس : الصلاة في مسجد قباء :
....
....الأمر الثالث : الصيام :
....
........وتحته فروع :
....
الفرع الأول: صيام أيام مخصوصة :
....
........بعض الأمثلة :
....
....المثال الأول : المحافظة على صيام ست من شوال :
....
....المثال الثاني : المحافظة على صيام أيام البيض من كل شهر عربي :
....
الفرع الثاني : تفطير الصائمين :
....
....الأمر الرابع : الجهاد :
....
....الأمر الخامس : قيام ليلة القـدر :
....
....الأمر السادس : العمل الصالح في أيام عشر ذي الحجة :
....
بعض صور الأعمال المستحبة في هذه العشر المباركة :
....
....الأمر السابع : تكررا بعض سور القرآن :
....
....الأمر الثامن : الذكر المضاعف :
....
........وتحته فروع :
....
الفرع الأول: التسبيح المضاعف :
....
الفرع الأول: الاستغفار المضاعف :
....
....الأمر التاسع : قضاء حوائج الناس :
....
........صفحات من حرص السلف –رضوان الله تعالى عليهم- على قضاء حوائج الناس :
....
الفرع الثالث : إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات :
....
........ويضم هذا الفرع أربعة أمور :
....
....الأمر الأول : الموت في الرباط :
....
....الأمر الثاني : الصدقة الجارية :
....
....الأمر الثالث : تربية الولد على الصلاح :
....
....الأمر الرابع : تعليم الناس :
....
........ويكمن ذلك في طريقتين :
....
....الطريقة الأولى : نشر العلم وكتابته :
....
....والطريقة الثانية : هي الدعوة إلى الله –تعالى :
....
الفرع الرابع : إطالة العمر باستغلال الوقت :
http://ahlalalm.org/vb/imgcache/20305.imgcache
فصل : في بيان أنه : ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل وأضاع العمر !!! :
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 03 : 06 AM
لقد جزئت الموضوع لكي يسهل على القارئ قرائته والاستفادة منه
ابو الوليد البتار
01 / 01 / 2009, 53 : 03 PM
للرفع لأهمية الموضوع
ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 23 : 03 AM
يرفع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir