تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الــتـوسـل


ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 10 : 06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رب يسر وأعن وتمم بخير يا كريم



اضطرب الناس في مسألة التوسل وحكمها في الدين اضطرابا كبيرا واختلفوا فيها اختلافا عظيما بين محلل ومحرم ومغال ومتساهل وقد اعتاد بعض المسلمين منذ قرون طويلة أن يقولوا في دعائهم مثلا :

[
(اللهم بحق نبيك أو بجاهه أو بقدره عندك عافني واعف عني)، و (اللهم إني أسألك بحق البيت الحرام أن تغفر لي) ، و (اللهم بجاه الأولياء والصالحين ومثل فلان وفلان . . ) ،

أو (اللهم بكرامة رجال الله عندك وبجاه من نحن في حضرته وتحت مدده فرج الهم عنا وعن المهمومين) ،
و (اللهم إنا قد بسطنا إليك أكف الضراعة متوسلين إليك بصاحب الوسيلة والشفاعة أن تنصر الإسلام والمسلمين . . . . ) ... إلخ

ويسمون هذا توسلا ويدعون أنه سائغ ومشروع وأنه قد ورد فيه بعض الآيات والأحاديث التي تقره وتشرعه بل تأمر به وتحض عليه ، وبعضهم غلا في إباحة هذا حتى أجاز التوسل إلى الله تعالى ببعض مخلوقاته التي لم تبلغ من المكانة ما يؤهلها لرفعة الشأن ، كقبور الأولياء والحديد المبني على أضرحتهم والتراب والحجارة والشجرة القريبة منها ، زاعمين أن ما جاور العظيم فهو عظيم ، وأن إكرام الله لساكن القبر يتعدى إلى القبر نفسه حتى يصح أن يكون وسيلة إلى الله ، بل قد أجاز بعض المتأخرين الاستغاثة بغير الله وادعى أنها توسل مع أنها شرك محض ينافي التوحيد من أساسه .

فما هو التوسل يا ترى ؟ وما هي أنواعه ؟ وما معنى الآيات والأحاديث الواردة فيه ؟ وما حكمه الصحيح في الإسلام ؟

وقبل الخوض في هذا الموضوع بتفصيل، أحب أن ألفت النظر إلى سبب هام من أسباب سوء فهم كثير من الناس لمعنى التوسل وتوسعهم فيه وإدخالهم فيه ما ليس منه ، وذلك هو عدم فهمهم لمعناه اللغوي وعدم معرفتهم بدلالته الأصلية .

ذلك أن لفظة ( التوسل ) :

لفظة عربية أصيلة وردت في القرآن والسنة وكلام العرب من شعر ونثر ، وقد عني بها التقرب إلى المطلوب والتوصل إليه برغبة .

قال ابن الأثير في ( النهاية ) :

(الواسل : الراغب ، والوسيلة : القربة والواسطة ، وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به ، وجمعها وسائل) .

وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة ( الوسيلة ) وهما :

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المائدة : 35] .

وقوله سبحانه : {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [سورة الإسراء : 57] .

فأما الآية الأولى فقد قال إمام المفسرين الحافظ بن جرير رحمه الله في تفسيرها :

( يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعد من الثواب وأوعد من العقاب .

( اتقوا الله ) يقول : أجيبوا الله فيما أمركم ونهاكم بالطاعة له في ذلك .

( وابتغوا إليه الوسيلة ) : يقول : واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه ) .

وأما الآية الثانية فقد بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح معناها فقال :

-+*قال الحافظ بن حجر رحمه الله :

( أي استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة وهذا هو المعتمد في تفسير الآية ) .

قلت :
وهي صريحة في أن المراد بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى ولذلك قال :

( يبتغون ) أي يطلبون ما يتقربون به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة .

وهي كذلك تشير إلى هذه الظاهرة الغريبة المخالفة لكل تفكير سليم ظاهرها أن يتوجه بعض الناس بعبادتهم ودعائهم إلى بعض عباد الله يخافونهم ويرجونهم مع أن هؤلاء العباد المعبودين قد أعلنوا إسلامهم وأقروا لله بعبوديتهم ، وأخذوا يتسابقون في التقرب إليه سبحانه بالأعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها ويطمعون في رحمته ويخافون من عقابه ، فهو سبحانه يسفه في هذه الآية أحلام أولئك الجاهلين الذين عبدوا الجن واستمروا على عبادتهم مع أنهم مخلوقون عابدون له سبحانه وضعفاء مثلهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، وينكر الله عليهم عدم توجههم بالعبادة إليه وحده تبارك وتعالى ، وهو الذي يملك وحده الضر والنفع وبيده وحده مقادير كل شيء وهو المهيمن على كل شيء .

الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله :

ومن الغريب أن بعض مدعي العلم اعتادوا الاستدلال بالآيتين السابقتين على ما يلهج به كثير منهم من التوسل بذوات الأنبياء أو حقهم أو حرمتهم أو جاههم ،
وهو استدلال خاطئ لا يصح حمل الآيتين عليه لأنه لم يثبت شرعا أن هذا التوسل مشروع مرغوب فيه ، ولذلك لم يذكر هذا الاستدلال أحد من السلف الصالح ولا استحبوا التوسل المذكور ، بل الذي فهموه منهما أن الله تبارك وتعالى يأمرنا بالتقرب إليه بكل رغبة ، والتقدم إليه بكل قربة ، والتوصل إلى رضاه بكل سبيل .

ولكن الله سبحانه قد علمنا في نصوص أخرى كثيرة أن علينا إذا أردنا التقرب إليه أن نتقدم إليه بالأعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها ، وهو لم يكل تلك الأعمال إلينا ولم يترك تحديدها إلى عقولنا وأذواقنا لأنها حينذاك ستختلف وتتباين وستضطرب وتتخاصم ؛ بل أمرنا سبحانه أن نرجع إليه في ذلك ونتبع إرشاده وتعليمه فيه لأنه لا يعلم ما يرضي الله عز وجل إلا الله وحده .

فلهذا كان من الواجب علينا حتى نعرف الوسائل المقربة إلى الله أن نرجع في كل مسألة إلى ما شرعه الله سبحانه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم ويعني ذلك أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي وصانا به رسولنا محمد صلوات الله عليه وسلامه حيث قال : « تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله » .

متى يكون العمل صالحا ؟

وقد تبين من الكتاب والسنة أن العمل حتى يكون صالحا مقبولا يقرب إلى الله سبحانه فلا بد من أن يتوفر فيه أمران هامان عظيمان :

أولهما : أن يكون صاحبه قد قصد به وجه الله عز وجل .

وثانيهما : أن يكون موافقا شرع الله تبارك وتعالى في كتابه أو بينه رسوله في سنته ، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحا ولا مقبولا .

ونحن نعلم أن الله عز وجل أمرنا بدعائه سبحانه والاستعانة به فقال :

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر : 60] .
وقال تعالى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة : 187] .

وقد شرع لنا عز شأنه أنواعا من التوسلات المشروعة المفيدة المحققة للغرض والتي تكفل الله بإجابة الداعي بها إذا توفرت شروط الدعاء الأخرى فلننظر الآن فيم تدل عليه النصوص الشرعية الثابتة من التوسل دون تعصب أو تحيز .

إن الذي ظهر لنا بعد تتبع ما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة أن هناك
ثلاثة أنواع للتوسل شرعها الله تعالى وحث عليها ورد بعضها في القرآن واستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم وحض عليها وليس في هذه الأنواع التوسل بالذوات أو الجاهات أو الحقوق أو المقامات .

أما الأنواع المشار إليها من التوسل المشروع فهي :

1. التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا : كأن يقول المسلم في دعائه : اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم اللطيف الخبير أن تعافيني . أو يقول : أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي . ومثله قول القائل : اللهم إني أسألك بحبك لمحمد صلى الله عليه وسلم . . فإن الحب من صفاته تعالى .

ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل : {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف : 180] .
والمعنى :
ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى ، ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له خصت به تبارك وتعالى .

ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول في تشهده :
(اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم) فقال صلى الله عليه وسلم : « قد غفر له قد غفر له » .

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : « من كثر همه فليقل : ( اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ) إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا » .

فهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته وأن ذلك مما يحبه الله سبحانه ويرضاه ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد قال الله تبارك وتعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر : 8] .

فكان من المشروع لنا أن ندعوه سبحانه بما دعاه به رسوله صلى الله عليه وسلم فذلك خير ألف مرة من الدعاء بأدعية ننشئها وصيغ نخترعها .

يتبع ....

ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 13 : 06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رب يسر وأعن وتمم بخير يا كريم


2. التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي :

كأن يقول المسلم :

اللهم بإيماني بك ومحبتي لك واتباعي لرسولك اغفر لي . . . أو يقول : اللهم إني أسألك بحبي لمحمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني . . . ومنه أن يذكر الداعي عملا صالحا ذا بال فيه خوفه من الله سبحانه وتقواه إياه وإيثاره رضاه على كل شيء وطاعته له جل شأنه ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه ليكون أرجى لقبوله وإجابته .

وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله وارتضاه ويدل على مشروعيته قوله تعالى : {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران : 16] .

وقوله :
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران : 53] .

وقوله : {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيعَادَ} [آل عمران : 193 و 194] .
وقوله : { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون : 109] .

وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات .

ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

« انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم
(وفي رواية لمسلم : فقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها لعل الله يفرجها عنكم ) فقال رجل منهم :
اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي في طلب شيء ( وفي رواية لمسلم : الشجر ) يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج ،] وقال الآخر ]: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت : لا أحل لك أن تفض ( وفي رواية لمسلم : يا عبد الله اتق الله ولا تفتح ) الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها ، وقال الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال : يا عبد الله أد إلي أجري فقلت له : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي فقلت : إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون » .


ويتضح من هذا الحديث أن هؤلاء الرجال المؤمنين الثلاثة حينما اشتد بهم الكرب ، وضاق بهم الأمر ويئسوا من أن يأتيهم الفرج من كل طريق إلا طريق الله تبارك وتعالى وحده فلجؤوا إليه ودعوه بإخلاص واستذكروا أعمالا لهم صالحة كانوا تعرفوا فيها إلى الله في أوقات الرخاء راجين أن يتعرف إليهم ربهم مقابلها في أوقات الشدة ، فتوسلوا إليه سبحانه بتلك الأعمال .

توسل الأول ببره والديه وعطفه عليهما ورأفته الشديدة بهما .
وتوسل الثاني بعفته من الزنى بابنة عمه التي أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء بعد ما قدر عليها واستسلمت له مكرهة بسبب الجوع والحاجة ولكنها ذكرته بالله عز وجل فتذكر قلبه وخشعت جوارحه وتركها والمال الذي أعطاها .

وتوسل الثالث بحفاظه على حق أجيره الذي ترك أجرته .

دعا هؤلاء الثلاثة ربهم سبحانه متوسلين إليه بهذه الأعمال الصالحة أي صلاح والمواقف الكريمة أي كرم معلنين أنهم إنما فعلوها ابتغاء رضوان الله تعالى وحده لم يريدوا بها دنيا قريبة أو مصلحة عاجلة أو جاها أو مالا ورجوا الله جل شأنه أن يفرج عنهم ضائقتهم ويخلصهم من محنتهم .

فاستجاب سبحانه دعاءهم وكشف كربهم وكان عند حسن ظنهم به فخرق لهم العادات وأكرمهم بتلك الكرامة الظاهرة فأزاح الصخرة بالتدريج على مراحل ثلاث كلما دعا واحد منهم تنفرج بعض الانفراج حتى انفرجت تماما مع آخر دعوة الثالث بعد ما كانوا في موت محقق .

ولا يقولن قائل : إن هذه الأعمال جرت قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
فلا تنطبق علينا بناء على ما هو الراجح في علم الأصول أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا .

لأننا نقول : إن حكاية النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الحادثة إنما جاءت في سياق المدح والثناء والتعظيم
والتبجيل وهذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم بذلك بل هو أكثر من إقرار لما قاموا به من التوسل بأعمالهم الصالحة المذكورة .

3. التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح الحي :

كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحل به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى فيجب
أن يأخذ بسبب قوي إلى الله فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة .

فيطلب منه أن يدعوَ له ربه . ليفرج عنه كربه ويزيل عنه همه .

فهذا نوع آخر من التوسل المشروع دلت عليه الشريعة المطهرة وأرشدت إليه وقد وردت أمثلة منه في السنة الشريفة كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال :
( أصاب الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما في يوم الجمعة قام أعرابي فقال : يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا ؛ فرفع يديه يدعو حتى رأيت بياض إبطه : « اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا » ،
ورفع الناس أيديهم معه يدعون وما نرى في السماء قزعة ،
قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت ،
فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم ،
فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى .

ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أيضا :
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال :
اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال : فيسقون .

ومعنى قول عمر :

إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم وإنا نتوسل إليك بعم نبينا أننا كنا نقصد نبينا صلى الله عليه وسلم ونطلب منه أن يدعو لنا ونتقرب إلى الله بدعائه والآن وقد انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس ونطلب منه أن يدعو لنا وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم :

اللهم بجاه نبيك اسقنا ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم :

اللهم بجاه العباس اسقنا لأن مثل هذا دعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة ولم يفعله أحد من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم .

وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف والذي نعتقده وندين الله تعالى أنه غير جائز ولا مشروع لأنه لم يرد فيه دليل تقوم به الحجة ،

فهذه الأدعية الواردة في القرآن الكريم وهي كثيرة لا نجد في شيء منها التوسل بالجاه أو الحرمة أو الحق أو المكانة لشيء من المخلوقات .

والتوسل داخل في العقيدة لأن المتوسل يعتقد أن لهذه الوسيلة تأثيرا في حصول مطلوبه
ودفع مكروهه فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة لأن الإنسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد
أن له تأثيرا فيما يريد والتوسل بالصالحين ينقسم إلى قسمين :


القسم الأول : التوسل بدعائهم وهم أحياء :

فهذا لا بأس به فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون برسول الله صلى الله عليه وسلم بدعائه
وهو حي يدعو الله لهم فينتفعون بذلك ، واستسقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعم النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب بدعائه .

القسم الثاني : التوسل بذواتهم :

فهذا ليس بشرعي بل هو من البدع من وجه ونوع من الشرك من وجه آخر فهو من البدع لأنه لم يكن معروفا في
عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو من الشرك لأن كل من اعتقد في أمر من الأمور أنه سبب ولم يكن
سببا شرعيا فإنه قد أتى نوعا من أنواع الشرك .

وعلى هذا لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يقول أسألك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم

إلا على تقدير أنه يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته فإن ذلك من دين الله الذي ينتفع به العبد وأما ذات النبي صلى الله عليه وسلم فليست وسيلة ينتفع بها العبد وكذلك على القول

الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينتفع به النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ولا ينتفع به غيره وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم باعتقاد أن للنبي صلى الله عليه وسلم جاها عند الله

فليقل اللهم إني إسألك أن تشفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل .

انتهى

ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 14 : 06 AM
حكم التوسل وأقسامه



سماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
تاريخ الإضافة: 29/11/2006 ميلادي - 8/11/1427 هجري
زيارة: 48

السؤال:

ما حكم التوسل ؟ وما أقسامه ؟

الجواب:

التوسل:
اتخاذ الوسيلة،والوسيلة كل ما يوصل إلى المقصود، فهي من الوصل؛ لأن الصاد والسين يتناوبان،
كما يقال: صراط وسراط، وبصطة وبسطة .

والتوسل في دعاء الله تعالى أن يقرن الداعي بدعائه ما يكون سبباً في قبول دعائه، ولابد من دليل على كون هذا الشيء سبباً للقبول،
ولا يعلم ذلك إلا من طريق الشرع؛
فمن جعل شيئاً من الأمور وسيلة له في قبول دعائه بدون دليل من الشرع فقد قال على الله ما لا يعلم، إذ كيف يدري أن ما جعله وسيلة مما يرضاه الله تعالى ويكون سبباً في قبول دعائه ؟!

والدعاء من العبادة، والعبادة موقوفة على مجيء الشرع بها .

وقد أنكـر الله تعالى على من اتبع شرعاً بدون إذنه، وجعله من الشرك -

فقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشّـورى: 21]،
وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلـهًا وَاحِدًا لاَ إِلـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *}[التّوبـَـة].

والتوسل في دعاء الله تعالى قسمان:

القسم الأول:
أن يكون بوسيلة جاءت بها الشريعة، وهو أنواع:

الأول: التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله، فيتوسل إلى الله تعالى بالاسم المقتضي لمطلوبه، أو بالصفة المقتضية له أو بالفعل المقتضي.

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعـرَاف: 180]،

فيقول: اللّهم يارحيم ارحمني، ويا غفور اغفر لي، ونحو ذلك، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي[/
وعلّم أمته أن يقولوا في الصلاة عليه: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ2 .

الثاني: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وطاعته - كقوله عن أولي الألباب:
{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَْبْرَارِ *}[آل عِـمرَان].

وقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ *}[المؤمنون].
وقوله عن الحواريين: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ *}[آل عِـمرَان].

الثالث: أن يتوسل إلى الله بذكر حال الداعي المبيِّنة لاضطراره وحاجته -

كقول موسى عليه الصلاة والسلام: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ *}[القَصَص].

الرابع: أن يتوسل إلى الله بدعاء مَنْ تُرْجَى إجابته،

كطلب الصحابة رضي الله عنهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم، مثل قول الرجل الذي دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: اُدْعُ اللهَ أنْ يُغِيثَنا3 ، وقول عكاشة بن محصن رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: اُدْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُم4.

وهذا إنما يكون في حياة الداعي أما بعد موته فلا يجوز؛ لأنه لا عمل له فقد انتقل إلى دار الجزاء، ولذلك لما أَجْدَبَ الناسُ في عهد

عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يَسْتَسْقِيَ لهم؛ بل استسقى عمر بالعباس عَمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: قُمْ فاسْتَسْقِ، فقام العباس فَدَعَا 5 . وأما ما يروى عن العتبي أن أعرابياً جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا *}[النّـِسـَـاء]،
وقد جئتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلى ربي . . وذكر تمام القصة فهذه كذبة لا تصح، والآية ليس فيها دليل لذلك؛ لأن الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ولم يقل: إذا ظلموا أنفسهم .
و{إِذْ} لما مضى لا للمستقبل، والآية في قوم تحاكموا أو أرادوا التحاكم إلى غير الله ورسوله - كما يدل على ذلك سياقها السابق واللاحق .

القسم الثاني: أن يكون التوسل بوسيلة لم يأت بها الشرع وهي نوعان:

أحدهما: أن يكون بوسيلة أبطلها الشرع؛ كتوسل المشركين بآلهتهم، وبطلان هذا ظاهر .

الثاني : أن يكون بوسيلة سكت عنها الشرع، وهذا محرم، وهو نوع من الشرك؛

مثل أن يتوسل بجاه شخص ذي جاه عند الله فيقول:

أسألك بجاه نبيك؛ فلا يجوز ذلك؛ لأنه إثبات لسبب لم يعتبره الشرع، ولأن جاه ذي الجاه ليس له أثر في قبول الدعاء؛ لأنه لا يتعلق بالداعي ولا بالمدعو، وإنما هو من شأن ذي الجاه وحده،

فليس بنافع لك في حصول مطلوبك أو دفع مكروبك،
ووسيلة الشيء ما كان موصلاً إليه، والتوسل بالشيء إلى ما لا يوصل إليه نوع من العبث؛ فلا يليق أن تتخذه فيما بينك وبين ربك . والله الموفق .
ــــــــــــــــــــ
1 أحمد (4/264)، وأبو يعلى (1624) والنسائي (1305، 1306)، وابن أبي شيبة (29346)، وابن حبان (1971)، والحاكم 1/524 (1923) وصححه ووافقه الذهبي.
2 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وردت في الصحيح بألفاظ مختلفة عن غير واحد من الصحابة، انظر منها: صحيح البخاري (3369)، ومسلم (407) من حديث أبي حميد الساعدي، والبخاري (3370)، ومسلم (406) من حديث كعب بن عجرة، والبخاري في التفسير (4798) من حديث أبي سعيد، ومسلم (405) من حديث أبي مسعود .
3 البخاري (1013)، ومسلم (897) .
4 البخاري (5752)، ومسلم في الإيمان (220) من حديث ابن عباس . والبخاري (5811)، ومسلم (216) من حديث أبي هريرة . ومسلم (218) من حديث عمران بن حصين.
5 البخاري (1010، 3710)؛ بمعناه، وعبدالرزاق في «مصنفه» (4913).

ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 15 : 06 AM
السؤال: هل يجوز التوسل بجاه الصالحين

--------------------------------------------------------------------------------

جواب الشيخ:

السؤال:

هل يجوز التوسل بجاه النبي والاولياء والصالحين وذواتهم؟

*********************


جواب الشيخ:

لايجوز التوسل في الدعاء بذوات الانبياء والاولياء والصالحين وجاههم ،

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الامور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه أحمدوأبو داود والترمذي من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه،

وقوله ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها ، ولم يرد في شيء من الادعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه التوسل بجاه وذوات الانبياء والصالحين والاولياء ،

وهذا القرآن قد ذكر دعاء الانبياء والمرسلين ودعاء المؤمنين والصالحين من جميع الامم فلم يذكر في شيء منه التوسل بجاه الاولياء ،
وكان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون من الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته الدعاء لهم ولايتوسلون بجاهه ، ولما مات صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون من الصالحين منهم الدعاء في حياتهم ،

ولايتوسلون بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم مع أن جاهه عند الله تعالى عظيم في حياته وبعد موته ، وكانوا عند الجدب ( انقطاع المطر ) يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء فيدعو الله ويسقون ،

ولما مات صلى الله عليه وسلم وأجدبوا في عصر عمر رضي الله عنه طلب من العباس رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله تعالى بالسقيا فدعا الله وأمطروا ، وقال عمر بما معناه اللهم إنا كنا نطلب من نبيك أن يدعو لنا فتسقينا ،
فاللهم إنا نطلب من عم نبيك صلى الله عليه وسلم وسأل العباس رضي الله عنه أن يدعو فدعا ، وقدرواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه ،

ولو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم جائزا

لفعله عمر وفعله الصحابة ، لكن لما تركوه كلهم ، مع الحاجة إليه ، دل على أنه بدعة ، وإذا كان التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم لايجوز فغيره لايجوز من باب أولى ،

وقد عده العلماء من البدع التي تفضي إلى الشرك بالله تعالى ، وأيضا فإنه لامناسبة بين دعاء العبد لربه وبين جاه الاولياء عند الله تعالى ، فجاههم عند الله تعالى ليس سببا في حصول الاستجابة ، ومثال ذلك أن يقول من يسأل الملك شيئا : لما كان جاه الوزير عندك كبيرا أسألك أن تقضي حاجتي تلك ، أو أسألك بما عند الوزير من جاه عظيم لديك أن تقضي حاجتي ، فهذا لامعنى له البتة .


والخلاصة أن من أسباب استجابة الدعاء ، أن يتوسل من يدعو الله تعالى بعمله الصالح ، أو بالثناء على الله تعالى بأسماءه الحسنى ، أو بأن يكون من يدعوالله تعالى رجلا صالحا يستجيب الله دعاءه فيطلب منه الدعاء ، أما التوسل بالذوات والجاه فليس سببا شرعيا ولاعقليا وهو بدعة محرمة والله أعلم


الشيخ حامد بن عبد الله العلى

ابو الوليد البتار
05 / 01 / 2009, 16 : 06 AM
السؤال: سؤال عن حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم------------

جواب الشيخ:

السؤال:

جوابا على سؤال السائل مالك من موريتانيا .

*********************


جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ونحمد إليكم الله وبعد :

جوابا على سؤالك عن حكم التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم هذه من مسائل النزاع بين العلماء والصحيح أنه لايجوز لانه لم يرد في حديث صحيح صريح الدلالة ، فهو بدعة لان الدعاء عبادة والاصل في العبادات المنع ،


لحديث من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ، ولهذا لم ينقل عن الصحابة التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم في خبر صحيح ، وإنما يروى في ذلك الموضوع والضعيف جدا ،

بل قد ورد ما يدل على امتناعهم عن قصد ،

وذلك في قصة الجدب في عهد عمر رضي الله عنه ، عندما قال ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينااللهم فاسقنا )
والمقصود التوسل بدعاء العباس ،

لانه حي قادر على الدعاء ، وليس المقصود التوسل بجاهه ، وإلا لم يكن ثمة معنى في العدول عن جاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاهه عند الله عظيم حيا وميتا .


وأيضا فإنه لامناسبة بين جاه النبي صلى الله عليه وسلم العظيم عند الله وذكر ذلك في الدعاء توسلا به ،
بل الصلاة والسلام عليه من عمل العبد الذي يتوسل به إلى الله لاجابة الدعاء ، فهذه مناسبة واضحة أما التوسل بمجرد ذكر جاهه عليه الصلاة والسلام العظيم عند الله فلامعنى له ،
لان جاهه صلى الله عليه وسلم عند الله لايعقل كونه سببا في حصول مطلوب العبد من الله ، فهذا شأن وذاك شأن آخر لاتلازم بينهما ،

وبالجملة فلايوجد نقل سالم من الطعن ، ولايوجد مناسبة معقولة بين التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء ،

والله أعلم


الشيخ حامد بن عبد الله العلى

كريم القوصي
05 / 01 / 2009, 36 : 02 PM
بارك الله فيك اخي الكريم ابو الوليد علي الموضوع القيم

جزاك الله خيرا

ابو الوليد البتار
06 / 01 / 2009, 28 : 12 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

أم نيره
06 / 01 / 2009, 29 : 02 PM
ما شاء الله تبارك الله
موضوع فى قمة الروعة والشمولية
ربنا يعزك ويسعدك ويبارك فى عمرك

محمد نصر
06 / 01 / 2009, 02 : 04 PM
بارك الله فيكم اخي ****** ابو الوليد علي موضوعكم الطيب

جهد مشكور عليه

جعلها الله في ميزان حسنات ونفعكم الله بها

ابو الوليد البتار
06 / 01 / 2009, 12 : 04 PM
ما شاء الله تبارك الله
موضوع فى قمة الروعة والشمولية
ربنا يعزك ويسعدك ويبارك فى عمرك


اللهم امين

جزاك الله الجنة اختي الفاضلة على حرصك ومرورك الطيب

ابو الوليد البتار
06 / 01 / 2009, 14 : 04 PM
بارك الله فيكم اخي ****** ابو الوليد علي موضوعكم الطيب

جهد مشكور عليه

جعلها الله في ميزان حسنات ونفعكم الله بها


اللهم امين
بارك الله في عمرك اخي الغالي وجزاك الله خيرا على مرورك الطيب