مشاهدة النسخة كاملة : النظام الاجتماعي في الإسلام!
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
30 / 07 / 2022, 18 : 09 PM
" الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام "
-*/*-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ آية ٣٠؛ سورة النمل ٢٧]
{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز } { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد }
[سُورَةُ: فُصِّلَت؛ الْآيَةَ: ٤١ – ٤٢]
- سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الأعجاز
العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
د. الْفَخْرُ: مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ
بِـ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ
- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY
حُرِّرَ في يوم السبت ٢ من شهر المحرم ١٤٤٤ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٣٠ من شهر يوليو عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
**
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
-*/*-
العنوان العريض للمجالس :
-*/*-
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام
المستنبط من الآيات الكريمات القرآنية
وما جاء في السنة المحمدية النبوية
-*/*-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
السبت، 02 محرم، 1444هــ ~ 30 يوليو، 2022م ~ 30/07/2022 04:00:59 م
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
02 / 08 / 2022, 29 : 12 AM
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام
-*/*-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ آية ٣٠؛ سورة النمل ٢٧]
{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز } { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد } [سُورَةُ: فُصِّلَت؛ الْآيَةَ: ٤١ – ٤٢]
- سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الأعجاز
العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
د. الْفَخْرُ: مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ
بِـ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ
- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY
حُرِّرَ في يوم السبت ٢ من شهر المحرم ١٤٤٤ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٣٠ من شهر يوليو عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
**
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
-*/*-
العنوان العريض للمجالس :
-*/*-
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام
المستنبط من الآيات الكريمات القرآنية
وما جاء في السنة المحمدية النبوية
".
-*/*-
:" بدأتُ في تحضير المادة العلمية لهذا المجلس الأول في شهر شوال 1443 هجرية؛ ثم لإنشغالات علمية وبعض التكاليف لم اتمكن من نشر المجلس الأول إلا اليوم!
**
[ . 1 . ] أولاً:
استبشاراً وتفاؤلاً بسيرة السيد أم المؤمنين الصديقة عائشة بنت الصديق أبي بكر-رضي الله تعالىٰ عنها وعن أبيها وأمها وأخيها وأختها-.. نبدء المجلس الأول في موضوع « „ الإعجاز الإجتماعي في الإسلام » في شهر شوال..
[ 1. 1. ] : روى مسلم، والبخاري عن طريق عُروة[(1)]؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَت- : « „ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي شَوَّالٍ ” » ؛
وَ : « „ بَنَى بِي فِي شَوَّالٍ ” » ؛
فَــ : « „ أَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟ ” » .
قال عُروة: „ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءهَا فِي شَوَّالٍ ” . و قال الإمام النووي معقبا على هذا : „ فيه استحباب التَّزويج والتَّزوُّج والدُّخول في شوَّال ». و قد نصَّ أصحابنا الشافعية على استحبابه، واستدلُّوا بهذا الحديث. ". ".
-*/*-
:" [ ( تَمْهِيدٌ ) ]:
[ . ٢ . ] ثانياً:
يغيب عند البعض -جهلاً- أن الإسلام؛ الدين الخاتم:{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } [آل عمران:19].. يغيب أن هذا الدين نظام حياة.. فهو ينظم حياة الإنسان من قبل مولده إلى مماته..
وبناء على ما قام به من افعال وأقوال وتصرفات في حياته الدنيا وفق أحكام هذا الدين الخاتم سيجازى بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين { .. وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين } [آل عمران:133]
أو سيحاسب بعدله لما أمن به واعتقده وسيَّر حياته الدنيا وفق ما رأه..
لذا فالإسلام .. ليس شعائر موسمية .. وليس طقوس تعبدية ثانوية يفعلها المرء في الاسبوع مرة أو أكثر .. مع زيارة أماكن العبادة وبيوت التعبد لأخذ جرعات إيمانية .. أو عمرة الربيع (المولد) أو عمرة رجبية أو عمرة رمضانية أو حج-وإن كانت هذه [العمرة والحج] أحكام شرعية تكليفية - أو حج في العُمر .. ثم يعود المعتمر أو الحاج كما كان يفعل ما كان يفعله قبل المناسك .. فأخلاقه لم تتغير ومعاملاته الربوية أو سوء أخلاقه لم تتغير ..
والإسلام ليس - كذلك - تعاليم أخلاقية منفصلة عن السلوك ..
بل الإسلام نظام حياة.. تنبثق من عقيدته أحكام عملية متعلقة بكافة تصرفات وأفعال وأقوال وسلوك الإنسان..
.. وقد تدخل الإسلام في جميع شؤون المرء -امرأة أو رجل - البالغ العاقل أي المكلف..
.. قلتُ[الرَّمَادِيُّ] الإسلام ينظم حياة الإنسان من قبل مولده إلى مماته.. فــ قبل مولده باختيار أم صالحة للحبل والولادة والرضاعة والحضانة والتربية والتنشأة.. ثم اختيار أب ليقوم بالرعاية والحفظ والصيانة .. ثم التعليم والتثقيف والوعي...
.. ولغياب هذه الجزئية الأولية في موضوع المجلس هذا.. نرى ونسمع ونشاهد ونراقب ما يحدث بيننا .. ولقد ساعدت منصات التواصل الإجتماعي أضف إليها مجتمعة مثل تلك المنتديات في تعميق الهوة بين المرء وبين إسلامه أو تصحيح المفاهيم عند المتلقي..
وبما أن الإسلام نظام حياة ، اي وحي من قِبل خالق الإنسان وواهب له الروح وأنشأه من عدم ومنشأ الكون ومسير الحياة .. تجد أنه أوجد لكافة مظاهر حياة الإنسان نظاماً.. سواء متعلق بالإيمان والعقيدة.. أو متعلق بالعبادة وكيفيتها
أو
متعلق بالمعاملات :
1.] سواء بين الإنسان وبين ربه -خالقه- وتشمل العقائد والإيمان والعبادات
أو
2.] بين الإنسان وبين نفسه.. وتشمل الأخلاق والمطعومات والملبوسات..
أو
3.] بين الإنسان وبين غيره .. سواء إنسان مثله .. مسلم أو غير مسلم .. أو حيوان . نبات جماد...
لذا
فهذا المجلس سأتحدث فيه عن علاقة المرء -الإنسان- بغيره من بني الإنسان..
والإنسان -في مكان آخر في الملتقى- تحدثت عن أنه :
1.] لديه حاجات عضوية يجب أن تشبع .. وإن لم يشبعها يهلك ويموت ..
كــ :
1.) شرب الماء ...
و
2.) تناول الطعام ..
وكــ
3.) التنفس بالهواء
و
4.) النوم..
ثم
5.) إخراج الفضلات من الأمعاء أو المثانة..
ومثل هذه الحاجات العضوية ...
فإن أمتنع لسبب ما عن تنفس الهواء أو شرب سائل ما أو توقفت عملية التغذية أو مُنع من النوم أو حبست الفضلات في جسده تسمم ومات...
-*/*-*/*-
2.] وهناك مظاهر للغريزة لا تتطلب إشباعاً حتمياً ضرورياً ..
وعدم إشباعها.. سيصيب المرء قلقاً نفسياً أو اضطراباً سلوكياً..
ومن مظاهر غريزة البقاء : ميل الذكر إلى الأنثى .. وميل الأنثى إلى الذكر..
فإن لم يتم إشباع هذا المظهر أو ما يسمى بالجنس الآدمي اصاب الإنسان قلقا واضطرابا وقد يحدث إشباع الأمومة أو الأبوة عوضا عن ممارسة تلك العلاقة الحميمية!..
والإشباع قد يكون :
أ .) صحيحا سليما سوياً فتطمئن النفس وتهدأ الروح ويرتوي عطش الجسد
أو
ب.) إشباعاً فاسدا خطأ يسبب له قلق واضطراب..
أو
ج.) إشباعا شاذا منحرفا عن الخلقة الآدمية؛ والتي كرمها خالقها... فيصيبه أمراض نفسية وجسدية!
-*/*-
*.] ينبغي مراعاة الثقافة العامة السائدة في المجتمعات الحديثة..
قلتُ ذات مرة -وغضب البعض مني- أن هناك جيلا كاملاً تربى على راقصة تسمى الكاريوكا.. ومن بعدها جاءت أخواتها.. ثم واكب ذلك الأفلام الأجنبية الفرنسية والإيطالية والأمريكية والمسلسلات (انظر ما يقدم منذ سنوات في شهر رمضان.. شهر الصيام والقيام والاعتكاف وقراءة القرآن)..
وهذه الحياة الإباحية دون وازع عقائدي أو خلقي.. فتحت الأبواب على مصرعيها لإعلاء الفحش.. وتثبيت الرذيلة..
و
من الدقة أن اقول أن الإسلام يعالج مسائل الإنسان بأعتباره بشراً.. { .. وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } [النساء:28] { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن } [البلد:10]
فهو بشر قد يسير في طريق الضلال أو يسير في طريق الهدى..
وتميز عن بقية المخلوقات بــ
أ.) العقل
و
ب.) الإدراك
و
ج.) الاستيعاب..
و
د.) الفهم ..
فزيادة عن وجود مخ للإحساس والحركة والنشاط كبقية الحيوانات .. توجد خلايا مخية إدراكية عقلية فهمية..
فــ
الحيوان يسير حياته وفق غرائزه لا شئ أكثر
الملآئكة مجبولة على الفعل الحسن
الجن والشياطين مجبولة إما على الفعل الحسن أو الفعل السئ....
أما الإنسان فيتميز بقدرته على الأختيار .. فيميل إلى النافع .. ويبتعد عن الضار.. وهو في ضرورة ملحة لإيجاد نظام يسيره وفق أختياره هذا ... لذا -حتماً- تجد نظام وضعي من وضع البشر أو نظام جاء عن طريق الوحي الآلهي.. وهو ما أطلق عليه نظام الإسلام...
تميز -الإنسان- بذلك عن بقية الحيوان وحتى الملآئكة أو الجن.. فارتفع مقداره عند خالقه فأسجد ملائكته كلها بما فيها إبليس لــ أب البشر أجمعين .. آدم...-عليه السلام-
-*/*-
وهنا يمكنني القول بأن النظام الإجتماعي في الإسلام-كـ أحد الأنظمة المسيرة للإنسان .. نظام إعجازي عن بقية الأنظمة الآخرى عند البشر -أن وجدت- لأن النظام الإسلامي لكافة مسائل الإنسان جاء وحياً من خالق الإنسان هو سبحانه الأعلم بما خلق..
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيم } [الحِجر:86]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
الإثنين، 04 محرم، 1444هــ ~ 1 أغسطس، 2022م
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
02 / 08 / 2022, 31 : 12 AM
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام
-*/*-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ آية ٣٠؛ سورة النمل ٢٧]
{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز } { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد } [سُورَةُ: فُصِّلَت؛ الْآيَةَ: ٤١ – ٤٢]
- سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء ؛ و سبل العلماء ؛ و بساتين البلغاء ؛ و الأعجاز
العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء ﴾
د. الْفَخْرُ: مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ
بِـ ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِـ مِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ
- حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى -
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY
حُرِّرَ في يوم السبت ٢ من شهر المحرم ١٤٤٤ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٣٠ من شهر يوليو عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
„ أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة ‟
**
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
-*/*-
العنوان العريض للمجالس :
-*/*-
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الندية لبحث مسائل الاعجاز العلمي في النظام الاجتماعي في الإسلام
المستنبط من الآيات الكريمات القرآنية
وما جاء في السنة المحمدية النبوية
".
-*/*-
:" بدأتُ في تحضير المادة العلمية لهذا المجلس الأول في شهر شوال 1443 هجرية؛ ثم لإنشغالات علمية وبعض التكاليف لم اتمكن من نشر المجلس الأول إلا اليوم!
**
[ . 1 . ] أولاً:
استبشاراً وتفاؤلاً بسيرة السيد أم المؤمنين الصديقة عائشة بنت الصديق أبي بكر-رضي الله تعالىٰ عنها وعن أبيها وأمها وأخيها وأختها-.. نبدء المجلس الأول في موضوع « „ الإعجاز الإجتماعي في الإسلام » في شهر شوال..
[ 1. 1. ] : روى مسلم، والبخاري عن طريق عُروة[(1)]؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَت- : « „ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي شَوَّالٍ ” » ؛
وَ : « „ بَنَى بِي فِي شَوَّالٍ ” » ؛
فَــ : « „ أَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟ ” » .
قال عُروة: „ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءهَا فِي شَوَّالٍ ” . و قال الإمام النووي معقبا على هذا : „ فيه استحباب التَّزويج والتَّزوُّج والدُّخول في شوَّال ». و قد نصَّ أصحابنا الشافعية على استحبابه، واستدلُّوا بهذا الحديث. ". ".
-*/*-
:" [ ( تَمْهِيدٌ ) ]:
[ . ٢ . ] ثانياً:
يغيب عند البعض -جهلاً- أن الإسلام؛ الدين الخاتم:{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } [آل عمران:19].. يغيب أن هذا الدين نظام حياة.. فهو ينظم حياة الإنسان من قبل مولده إلى مماته..
وبناء على ما قام به من افعال وأقوال وتصرفات في حياته الدنيا وفق أحكام هذا الدين الخاتم سيجازى بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين { .. وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين } [آل عمران:133]
أو سيحاسب بعدله لما أمن به واعتقده وسيَّر حياته الدنيا وفق ما رأه..
لذا فالإسلام .. ليس شعائر موسمية .. وليس طقوس تعبدية ثانوية يفعلها المرء في الاسبوع مرة أو أكثر .. مع زيارة أماكن العبادة وبيوت التعبد لأخذ جرعات إيمانية .. أو عمرة الربيع (المولد) أو عمرة رجبية أو عمرة رمضانية أو حج-وإن كانت هذه [العمرة والحج] أحكام شرعية تكليفية - أو حج في العُمر .. ثم يعود المعتمر أو الحاج كما كان يفعل ما كان يفعله قبل المناسك .. فأخلاقه لم تتغير ومعاملاته الربوية أو سوء أخلاقه لم تتغير ..
والإسلام ليس - كذلك - تعاليم أخلاقية منفصلة عن السلوك ..
بل الإسلام نظام حياة.. تنبثق من عقيدته أحكام عملية متعلقة بكافة تصرفات وأفعال وأقوال وسلوك الإنسان..
.. وقد تدخل الإسلام في جميع شؤون المرء -امرأة أو رجل - البالغ العاقل أي المكلف..
.. قلتُ[الرَّمَادِيُّ] الإسلام ينظم حياة الإنسان من قبل مولده إلى مماته.. فــ قبل مولده باختيار أم صالحة للحبل والولادة والرضاعة والحضانة والتربية والتنشأة.. ثم اختيار أب ليقوم بالرعاية والحفظ والصيانة .. ثم التعليم والتثقيف والوعي...
.. ولغياب هذه الجزئية الأولية في موضوع المجلس هذا.. نرى ونسمع ونشاهد ونراقب ما يحدث بيننا .. ولقد ساعدت منصات التواصل الإجتماعي أضف إليها مجتمعة مثل تلك المنتديات في تعميق الهوة بين المرء وبين إسلامه أو تصحيح المفاهيم عند المتلقي..
وبما أن الإسلام نظام حياة ، اي وحي من قِبل خالق الإنسان وواهب له الروح وأنشأه من عدم ومنشأ الكون ومسير الحياة .. تجد أنه أوجد لكافة مظاهر حياة الإنسان نظاماً.. سواء متعلق بالإيمان والعقيدة.. أو متعلق بالعبادة وكيفيتها
أو
متعلق بالمعاملات :
1.] سواء بين الإنسان وبين ربه -خالقه- وتشمل العقائد والإيمان والعبادات
أو
2.] بين الإنسان وبين نفسه.. وتشمل الأخلاق والمطعومات والملبوسات..
أو
3.] بين الإنسان وبين غيره .. سواء إنسان مثله .. مسلم أو غير مسلم .. أو حيوان . نبات جماد...
لذا
فهذا المجلس سأتحدث فيه عن علاقة المرء -الإنسان- بغيره من بني الإنسان..
والإنسان -في مكان آخر في الملتقى- تحدثت عن أنه :
1.] لديه حاجات عضوية يجب أن تشبع .. وإن لم يشبعها يهلك ويموت ..
كــ :
1.) شرب الماء ...
و
2.) تناول الطعام ..
وكــ
3.) التنفس بالهواء
و
4.) النوم..
ثم
5.) إخراج الفضلات من الأمعاء أو المثانة..
ومثل هذه الحاجات العضوية ...
فإن أمتنع لسبب ما عن تنفس الهواء أو شرب سائل ما أو توقفت عملية التغذية أو مُنع من النوم أو حبست الفضلات في جسده تسمم ومات...
-*/*-*/*-
2.] وهناك مظاهر للغريزة لا تتطلب إشباعاً حتمياً ضرورياً ..
وعدم إشباعها.. سيصيب المرء قلقاً نفسياً أو اضطراباً سلوكياً..
ومن مظاهر غريزة البقاء : ميل الذكر إلى الأنثى .. وميل الأنثى إلى الذكر..
فإن لم يتم إشباع هذا المظهر أو ما يسمى بالجنس الآدمي اصاب الإنسان قلقا واضطرابا وقد يحدث إشباع الأمومة أو الأبوة عوضا عن ممارسة تلك العلاقة الحميمية!..
والإشباع قد يكون :
أ .) صحيحا سليما سوياً فتطمئن النفس وتهدأ الروح ويرتوي عطش الجسد
أو
ب.) إشباعاً فاسدا خطأ يسبب له قلق واضطراب..
أو
ج.) إشباعا شاذا منحرفا عن الخلقة الآدمية؛ والتي كرمها خالقها... فيصيبه أمراض نفسية وجسدية!
-*/*-
*.] ينبغي مراعاة الثقافة العامة السائدة في المجتمعات الحديثة..
قلتُ ذات مرة -وغضب البعض مني- أن هناك جيلا كاملاً تربى على راقصة تسمى الكاريوكا.. ومن بعدها جاءت أخواتها.. ثم واكب ذلك الأفلام الأجنبية الفرنسية والإيطالية والأمريكية والمسلسلات (انظر ما يقدم منذ سنوات في شهر رمضان.. شهر الصيام والقيام والاعتكاف وقراءة القرآن)..
وهذه الحياة الإباحية دون وازع عقائدي أو خلقي.. فتحت الأبواب على مصرعيها لإعلاء الفحش.. وتثبيت الرذيلة..
و
من الدقة أن اقول أن الإسلام يعالج مسائل الإنسان بأعتباره بشراً.. { .. وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } [النساء:28] { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن } [البلد:10]
فهو بشر قد يسير في طريق الضلال أو يسير في طريق الهدى..
وتميز عن بقية المخلوقات بــ
أ.) العقل
و
ب.) الإدراك
و
ج.) الاستيعاب..
و
د.) الفهم ..
فزيادة عن وجود مخ للإحساس والحركة والنشاط كبقية الحيوانات .. توجد خلايا مخية إدراكية عقلية فهمية..
فــ
الحيوان يسير حياته وفق غرائزه لا شئ أكثر
الملآئكة مجبولة على الفعل الحسن
الجن والشياطين مجبولة إما على الفعل الحسن أو الفعل السئ....
أما الإنسان فيتميز بقدرته على الأختيار .. فيميل إلى النافع .. ويبتعد عن الضار.. وهو في ضرورة ملحة لإيجاد نظام يسيره وفق أختياره هذا ... لذا -حتماً- تجد نظام وضعي من وضع البشر أو نظام جاء عن طريق الوحي الآلهي.. وهو ما أطلق عليه نظام الإسلام...
تميز -الإنسان- بذلك عن بقية الحيوان وحتى الملآئكة أو الجن.. فارتفع مقداره عند خالقه فأسجد ملائكته كلها بما فيها إبليس لــ أب البشر أجمعين .. آدم...-عليه السلام-
-*/*-
وهنا يمكنني القول بأن النظام الإجتماعي في الإسلام-كـ أحد الأنظمة المسيرة للإنسان .. نظام إعجازي عن بقية الأنظمة الآخرى عند البشر -أن وجدت- لأن النظام الإسلامي لكافة مسائل الإنسان جاء وحياً من خالق الإنسان هو سبحانه الأعلم بما خلق..
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيم } [الحِجر:86]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
الإثنين، 04 محرم، 1444هــ ~ 1 أغسطس، 2022م
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
11 / 04 / 2025, 03 : 05 PM
1 العلاقة بين المرأة والرجل
آدابُ النِّكاحِ
أبحاث تمهيدية
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ 13/ شوال
مِن حُسن المطالع وطيب المواقع أن أكتب عن موضوع الزواج في شهر شوال من العام 1446 الهجري ..
إذ ..
يُستَحَبُّ التَّزَوُّجُ والدُّخولُ في شَوَّالٍ ما أمكَنَ لذلك سبيلاً .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
۱ . ) عن عُروةَ، عن عائِشةَ رضي الله عنها ، قالت : « „ تَزَوَّجَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شَوَّالٍ ، وبَنى بي في شَوَّالٍ ، فأيُّ نِساءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أحظى عِندَه مِنِّي؟ “ » ؛ .. قال : « „ وكانت عائِشةُ رضي الله عنها تَستَحِبُّ أن تُدخِلَ نِساءَها في شَوَّالٍ “ » [ أخرجه مسلم (1423)
٢ . ) كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج بأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها في شهر شوال .. فـ كانت تقول: « „ ما بأس في النكاح في شوال والدخول فيه “ » ؛ فــ : « „ قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال ، وَأَعْرَسَ بي في شوال “ »]
بيد أنه
۳ . ) قد ذكرت كتب السيرة أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ عقد لـ فاطمة بنتِه عَلَى عليِّ بن أبي طالب بعد بنائه بـ عائشة بـ أربعة أشهر ونصف الشهر ، وحيث قد علَّمنا أن زواجه وبناءه بـ عائشة كان في شوال فـ يكون زواج فاطمة في شهر صفر ، وذكر بعضهم أنه كان في أوائل المحرّم..
ــــــــــــــــــــــ
لم يختلف ذوو الكلمة واصحاب الرأي من العقلاء واهل التبصرة من أصحاب الفهوم على أن النِّكاح [(وهي لفظة قرآنية)] أمر مرغوب .. وأن الزواج أمر محبوب .. لذا وجدت أحكام الأحوال الشخصية .. والزواج والأحوال الشخصية لفظتان حديثتان .. فقد خلق الله الإنسان، وجعل منه الذكر والأنثى ، وركب في كل منهما غريزة ميل طبيعي لـ كل واحد منهما للآخر : غريزة النوع .. ومن هنا فالعاقل السوي لا يرغب عنه عادة ، ولحظة أن تم واكتمل خلق الإنسان الأول خُلقتْ بـ جواره زوجه ورافقته اينما حلَّ ورحل .. إلا قليلاً .. وكلمة إنسان جاءت مِن الإنس أي خلاف الجن .. أو من الأنس أي خلاف النفور ، والإنسي لكل ما يؤنس به سمى الإنسان بذلك ؛ لأنه خلق حلقة لا قوام له إلا بأنس بعضهم ببعض ؛ الإنسان مدني بالطبع من حيث لا قوام لبعضهم إلا ببعض ولا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه . وقيل سُمى بذلك لأنه يأنس بكل ما يألفه .. فإن من حِكم الله تعالى ذكره أن خلق البشر مختلفين - خلق ذكرًا وأوجد أنثى - وجعل لكل منهما مهمته الخاصة به في مضمار حياته .. بل يوجد تغيير في التركيبة الأصلية لكل منهما.. لـ تحقيق المنافع الدنيوية والمصالح الأخروية وتكثيرها ، ودفع المفاسد والمضار وتقليلها ، كما شَرع سبحانه وعزَّ شأنه ما ينظم العلاقة بين الجنسين ، على أساسٍ من التكامل والتوافق وليس التناحر والنِّدِّيَّة ، لذا حثت الشريعة الغراء السمحاء على إقامة العدل بين الرجل والمرأة. فـ .. العدل في التشريع والإسلام بمثابة الروح التي تسري في جنبات الحياة ؛ فما مِن تشريع في الإسلام إلا وهو قائم على العدل ؛ لذا جاء الأمر به صريحًا في القرآن الكريم ؛ يقول الله تقدست أسماؤه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾ .. ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَ ﴾ وفي النص القرآني يأمر الله تعالى ذكره بالعدل في الفِعال والمَقال ، على القريب والبعيد .. والله تعالى شأنه يأمر بالعدل لكل أحد .. في كل وقتٍ وزمان وفي كل حال ومكان ..
وقد تجلّت مظاهر العدل بين الرجل والمرأة في جوانب عدة .. ومِن أبرزها .. وهو موضوع هذه البحوث :
* . ) العلاقة الأُسرية .. وما يترتب على علاقة الرجل بالمرأة :
الناظر إلى العلاقات الأسرية وما يترتب عليها في التشريع الإسلامي يرى بـ وضوح أن من أهم سماتها ومميزاتها وقوامها : العدل بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات ؛ وفي هذا المعنى يقول الله تعالى ذكره : ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ﴾ .. وتعد هذه الآية من أوائل ما نزل في الإسلام في بيان العلاقة بين الذكر والأنثى .. بين الزوجين .. والقائمة على إعطاءِ كل ذي حقٍّ حقه .. بغض النظر عن جنسه أو نوعه .. فـ يؤكد الراغب الأصبهاني هذا المعنى بقوله: “ يتبين أن لكل واحد على الآخر حقًّا كـ حق الآخر ، فمما تشاركا فيه مراعاتهما للمعنى الذي شرع لأجله النِكاح وهو : طلب النسل ، وتربية الولد ، ومعاشرة كل واحد منهما للآخر بالمعروف والحسنى ، وحفظ المنزل ، وتدبير ما فيه ، وسياسة ما تحت أيديهما ؛ حماية كل واحد على الآخر بقدر جهده وحده ..
فـ كما أن على النساء واجبات تجاه أزواجهن ، فإن الآية مصرحة بأن لهنَّ حقوقًا قبل أدائهن لهذه الواجبات .. بهذا الميزان الدقيق ضَربت الآية أروع الأمثلة في التعاملات الأسرية بين الرجل والمرأة .. فـ انكشف بذلك زيف الحضارة المادية الحديثة التي لم تجعل للمرأة حقوقًا أصلًا ، وإنما عاملتها على أنها سلعة للاستمتاع ، تباع وتشترى كما السلع الأخرى.
ومما يسترعي النظر في الآية الكريمة لفظة ﴿مِثْلُ﴾ وما تضمنته من التسوية بين الجنسين في الحقوق والواجبات .. والمعنى : المساواة في جملة الحقوق والواجبات لا المساواة في جنسها ، على تفصيل في ذلك بينته الشريعة .. وقد بيّنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صريحًا في خطبته في حجة الوداع بقوله: “ ولهنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف” وهذا البيان والتفصيل لتلك المسائل سأبدء فيه خلال البحوث القادمة مِن بعد إذنه تعالى وبمشيئته وعونه وتوفيقه .. فقد يكون وجه المماثلة بينهما ظاهرًا لا يحتاج إلى بيان : ڪــ المماثلة بينهما في تربية الأولاد ؛ وتنشئتهم على الإسلام ، وقد يكون خفيًّا يحتاج إلى بيان وتفصيل ، وبطبيعة الحال فإنه مما يعلم سلفًا الاختلاف والتباين بين الذكر والأنثى ، سواء في التكوين الجسدي .. والمزاجي .. النفسي في بعض الأحيان .. أو في مقاصد خلق كل واحد منهما ؛ إذ جعل الله تعالى لكل من الذكر والأنثى وظيفة حياتية تناسب قدراته وخِلقته والمقصد الذي خُلق له .. فـ يمكن القول إجمالًا : إنه حيثما تحققت المماثلة الكاملة بين الرجل والمرأة في شيء شُرعت الأحكام الشرعية ؛ تحقيقًا للمصالح والمنافع وتكثيرها ، ودفعًا للمفاسد والمضار وتقليلها ؛ نلحظ ذلك في قوله تعالى: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾
*. ) حسن المعاشرة بين الزوجين ؛ حيث رغب الشارع الرجال في ذلك بقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ والمعنى: طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله .. فـ من المستحب أن يتزين الرجل لزوجته ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ” إني لأتزين لامرأتي ، كما تتزين لي ، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها ، فتستوجب حقها الذي لها عليّ ؛ لأن الله تعالى قال: .:﴿ " ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف.: ﴾. ” ..
*. ) المماثلة في تحمل مسئولية الرعاية ، ففي الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال»: ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته «.. ثم يقول عليه السلام: » والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم ..ثم يختم بالقول : » ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته. «
*. ) المماثلة في درء الفتنة والتطلع إلى العورات ؛ ومن ذلك تحريم الشارع الحكيم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية ، وكذا تحريم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي ؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ وفي الآية بعدها مباشرة قال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الآية .
*. ) المماثلة في بعث الحكمين للسعي في حل المشكلات التي قد تقع بين الزوجين ؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ .
*. ) اختص الله سبحانه النساء بـ بعض الأحكام التي تناسب طبيعتها الخِلقية وأنوثتها ، وتتوافق مع مهمتها ووظيفتها : ڪــ الحيض والحمل ، والولادة ، والرضاعة ، والحضانة ، ونحو ذلك.
* . ) التراضي بين الزوجين والتشاور في فطام الطفل الرضيع قبل الحولين ؛ قال تعالى: ﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا .. والمعنى: فإن أراد الوالدان فطامًا للطفل قبل الحولين ، ويكون ذلك عن اتفاق الوالدين ومشاورة أهل العلم به ، حتى يخبروا أن الفطام في ذلك الوقت لا يضر بالولد ، فلا حرج عليهما في الفطام قبل الحولين ..
لا بدَّ من التأكيد على أن الإسلام يدعو إلى العدل بين الرجل والمرأة ، ويحث على قيام كل واحد منهما بوظيفته المناسبة لخَلقِه وبنيته ؛ يقول الله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ . وهناك فرق كبير بين العدل وبين المساواة .. فـ كلمة “العدل” صريحة في الدلالة على المقصود ، فهي تدل على وضع الأمور في مواضعها ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، من غير وكس ولا شطط ولا ظلم ولا جور .. فمما لا شك فيه أن دين الإسلام تحرى العناية بإصلاح شأن المرأة ، كيف لا وهي نصف النوع الإنساني! فـ عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال»: إنما النساء شقائق الرجال« .. وشقائق جمع شقيقة ، والشقيق : المثل والنظير ، كـ أنه شُقَّ هو ونظيره من شيء واحد ، فهذا شِقّ وهذا شِقّ ، ومنه قيل للأخ شقيق والمعنى: أن الخِلقة فيهم واحدة ، والحكم فيهم بالشريعة سواء . . مع مراعاة الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة .. إذ لا تصح : منازعة إرادة الله الكونية القدرية في الفوارق الخَلقية والمعنوية بينهما ، و لا يجوز منابذة الإسلام في نصوصه الشرعية القاطعة بـ الفرق بين الذكر والأنثى في أحكام عدة وكثيرة .. ولوجود هذا الإختلاف في التركيبة الأصلية لكل منهما .. فـ قد اثبت الوحي المنزل في آية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة .. فـ بيَّنَ القرآنُ الكريم الفوارق بين الذكر والأنثى إجمالًا فـ نطق القرآن يقول : ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ .. والمعنى كما قال الربيع: كانت امرأة عمران حرّرت لله ما في بطنها ، وكانت على رجاء أن يهبَ لها غلامًا ؛ لأن المرأة لا تستطيع ذلك - يعني: القيام على الكنيسة لا تبرحها، وتكنُسها - لما يصيبها من الأذى .. يعني: الحيض والنفاس ونحوهما ..
وللمرأة مكانة رفيعة في المجتمع الإسلامي ، ينظر إليها على أنها المربية للمجتمع بأسره ؛ وكما يقول الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعبا طيب الأعراق
فهي الأم والأخت والبنت والزوجة ؛ لذا كانت مكانتها راجعة إلى ما يلقى عليها من أعباء وواجبات ، قد تفوق في بعض الأحيان ما يتحمله الرجل ، وقد دل القرآن الكريم على هذه المكانة إجمالا ، وفصلتها السنة النبوية المطهرة ؛ ولعل هذه المسائل تحتاج لتبيان وشرح وتفصيل .. سيأتي لاحقاً بشيئته تعالى ..
*. ) وبالجملة فإن المرأة قد تماثل الرجل في بعض الأمور ، وقد تخالفه في بعضها ، وضابط هذا هو معيار العدل الذي جعلته الشريعة حكمًا ، فما جاء به الإسلام من التفريق بين الرجل والمرأة ينظر إليه المسلم على أنه رحمة من الله تعالى لعباده ، ورفقًا بهم ، وتحقيقًا لخلافة الإنسان في الأرض.
..
.. لذا وَجبَّ التعرف عن قرب لـ شخصية كل منهما .. أو ما يسمى حديثاً بـ مدرسة الأزواج .. أو بحوث عشرة النساء .. وكيفية معاملة الرجل وفهم طبيعة كل منهما ..
[ ( 1 . ) ] : " أبحاث تمهيدية " .. و هذه تندرج تحت :
( الآداب الشرعية من أبواب : : آدابُ التَّعامُلِ مع الآخر : [(آدابُ النِّكاحِ ) ] .
ملف عن : أحكام النِكاح .. ومسائل الزواج .. وموضوع الأحوال الشخصية .. خاصةً .. إذ ارتفعت نسبة الغاضبات .. والتاركات بيت الزوجية .. فــ المطلقات .. وما يلحق ذلك من مشاكل أسرية وطفولية .. تأثر في نفسية وعقلية شباب المستقبل .. اضف : العانسات .. ومَن عزف من الشباب عن الزواج !
ــــــــــــــ
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الهلالي الْهِجْرِيَّ 13/ شوال ~ 11 أبريل 2025م
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
( د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-)
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 04 / 2025, 32 : 02 PM
3 / 1 : حاجة عضوية
ابحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة
آدابُ النِّكاحِ
مِن حُسن المطالع وطيب المواقع أن أكتب عن موضوع الزواج في شهر شوال من العام 1446 الهجري : حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ 18/ شوال
اِعتمدَ الوحي المنزل بـ واسطة أمين السماء على وحي ربه المَلك جبرائيل على قلب أمين السماء والأرض محمد بن عبدالله عليهما السلام بـ شقيه :
أ . ) الكتاب الكريم : القرآن المجيد ؛ و :
ب . ) السنة النبوية ..
اِعتمدَ الوحي وهذه ميزة:
۱ . ) الطريقة العلمية و :
٢. ) الكيفية العقلية الفهمية .. اِعتمدهما في خطاب الناس كافة .. وتبليغ رسالة الإسلام عامة .. فـ كان مِن أول ما نزل : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾.. أي اقرأ ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم ﴾.. وهذه الآية نبدء بها في بداية كل السور ما عدا سورة واحدة .. وهذا لـ قراءة ما هو في الكتاب مسطور .. قراءة تجويدية عقلية فهمية استيعابية إدراكية فـ يبنى على تلك القراءة : تطبيق عملي للأحكام وسلوك يومي وحمل دعوة للغير بطريقة إيجابية لمن يملك أدوات الفهم والفقه .. وبكيفية سلبية للعامة من المسلمين .. ثم أكمل القرآن الكريم في نفس الآية فـ نطق القرآن يقول : ﴿ الَّذِي خَلَق ﴾ .. فحدد أن هذا الرب المالك هو الذي خلق الكون والحياة والإنسان .. ثم يأتي بـ مثال واحد ممن خلقه سبحانه وتعالى في الحياة والكون مِن مخلوقاته .. {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل} .. ولعل أشرف المخلوقات وأرقاها هو : الإنسان فقال : ﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ ﴾ وبيَّن حقيقة خلق الإنسان الحالي أنت وأنا .. وليس الإنسان الأول فقال : ﴿. مِنْ عَلَق ﴾ .. وهذه قراءة ما في الكون والحياة منشور .. وخاصةً الإنسان .. فـ وجب على المسلم العادي قراءة كتابين :
1 . ) الأول : القرآن المجيد ..
و
2 . ) الثاني : قراءة علمية لـ كافة المخلوقات الدالة على وجود خالق بـ فهم وإدراك ووعي مستنير ، والافت للنظر أن الآية تتحدث عن القراءة فـ لزم تعليم مبادئ القراءة وحُسن نطق اللُغة والكتابة وما يتبعهما من علم ..﴿ .. وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ ثم مِن بعد ذلك تأتي آيات وحيا تخبر عن الوحدانية والعقيدة وكيفية عبادة الله الواحد .. ثم المعاملات .. فـ تأتي آيات تخبر عن أهمية العقل والفهم والتفكير مثل :
1 . ) ﴿ .. لــ آيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون ﴾ ثم جاءت الآية بصيغة المفرد : ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لــ آيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون ﴾
.. ثم يُعيب الخالق الآمر على الذين لا يعقلون : ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُون ﴾ .
2 . ) ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لـ آيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ﴾
ثم يكمل تلك الثلاثية بقوله :
3 . ) ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون .﴾ .
والشكر واجب على الإنسان لأنه سبحانه وجلَّ شأنه خلقه وله متطلبات وحاجات يسرها سبحانه .. فـ الحاجة العضوية في خلق الإنسان وفي تركيبته الأصلية صفة أساسية تحتاج إلى إشباع ضروري وحتمي ؛ وإلا هلك الإنسان ومات إن لم يشبعها بـ القدر الكافي لـ بقاءه حياً ، وفيها [(الحاجة العضوية)] القابلية للخير كما وفيها القابلية للشر ، لذا فهي [(الحاجة العضوية)] لا تجبر الإنسان على توجيهها لفعل الخير أو تلزمه على توجيهها للقيام بالشر ، فهي ليس لها إرادة مستقلة على الجسد أو أعضاء البدن ؛ بل فقط تتطلب الإشباع الحتمي والضروري . فـ المعدة تهضم جميع أنواع اللحوم ولا تفرق بين لحم الضأن المشوي أو لحم الخنزير المقلي .. ولا تمتنع عن أكل هذا أو ذاك .. كما أن المعدة لا تفرق بين أنواع المشروبات كـ الماء الزلال الصافي أو كافة أنواع الخمور ..
والحاجات العضوية كـ الإطعام .. الأكل مظهرها الجوع أو الشرب ومظهرها العطش .. أو إخراج الفضلات المتبقية في المعدة أو المثانة ولا يحتاجها الجسد بل استفاد البدن من مكونات الطعام وعناصر الشراب .. أو حاجة الإنسان العضوية للتنفس بالهواء أو الراحة والنعاس ومن ثم النوم .. فهذه جميعها تتطلب إشباعاً حتمياً وإلا أدى عدم إشباعها إلى ضرر كبير يلحق بالبدن ينتهي بالموت . فالإنسان في بعض الحالات يستطيع الصبر عن الطعام أو الشراب لـ أيام معدودة فقط .. بيد أنه لا يستطيع التوقف عن التنفس واستنشاق الهواء أكثر من دقائق قليلة ومعدودة .. وإذا امتلئت المثانة وجب تفريغها وإلا انفجرت .. كذلك الأمعاء .. لذلك فـ قوة الحاجات العضوية شديدة ..
والحاجات العضوية لا تحتاج لـ مؤثر خارجي لـ إثارتها .. فـ إنها تحدث وتأتي نتيجة النشاط الحيوي للبدن كـ نتيجة طلب الجسم لـ احتياجاته الضرورية من الهواء أو الماء أو الغذاء اللازمة لـ بقائه نشطاً حياً قادرا على الاستمرار في آداء بقية وظائفه في الحياة بـ شكل طبيعي ويقوم بـ وظائفه المطلوبة منه .. أو كـ نشاط عضوي للتخلص من المواد الضارة بـ الجسم والزائدة عن حاجاته والناتجة عن عمليات حيوية بيولوجية مختلفة .. فـ الإنسان حين يشعر بـ الجوع أو يصيبه العطش فـ إن ذلك يتم نتيجة احساس داخلي من دون الحاجة إلى مؤثر خارجي يذكره بـ أنه في حاجة إلى جرعات من الماء أو إلى طعام .. إذ أن خلايا الجسد وانسجته هي التي تحتاج إلى الماء والهواء والطعام .. فإذا وصلت حاجتها إلى حد معين بدء الإنسان بـ الشعور بـ الجوع أو العطش فـ إذا لم يستجب الإنسان لـ حاجته بـ الطعام أو بـ الشراب فـ إن الحاجة إليهما تزداد حتى تصل إلى درجة لا يمكن للإنسان مقاومتها والصبر عليها .. فـ إذا استمر حال الجوع أو العطش فـ إن المرء يسقط من شدة الاعياء .. ثم تبدء حالته بالتدهور حتى تنتهي بموته .. إن لم يتم اسعافه بالماء والغذاء .. وحتى عندما ينام الإنسان لفترة طويلة فإن نداء تلك الحاجة العضوية للطعام أو الشراب أو إخراج الفضلات يدفعه إلى الاستيقاظ من نومه ويمنعه من الاستمرار في النوم حتى يشبع تلك الحاجات العضوية الملحة والضرورية ولو إشباعا جزئياً ..
ومن رحمة الرب المالك الخالق الرازق بـ عباده أنه قال : ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ..
قال ابن قدامة في موسوعته : المغني : „ أجمع العلماء على إباحة الأكل من الميتة في الاضطرار ، وكذلك سائر المحرمات “ .. وقال ابن يتمية: „ والمضطر يجب عليه أكل الميتة في ظاهر مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم “ .. والوجوب هو معتمد مذهب الأئمة الشافعية ..
-*/*-
ولعله من المفيد إضافة توضيحية ليست مرتبطة بأساس الموضوع [( الحاجات العضوية للإنسان )] الذي أبحثه وليست احتياجات الإنسان بصفة عامة ولكنها تنير بعض الجزئيات .. فقد حاول العلماء كثيرا الوصول الى ما يمكن عمله للتأثير في سلوك الأفراد وأسسوا نظريات من أجل ذلك كثيرة ارتكزت على أساس وهو „ إحتياجات الإنسان “ .. ولا يمكن حصر النظريات التي تناولت وحاولت تفسير ما يصدر عن الفرد من أفعال وأقوال ناتج عن إحتياج معين للإستفاده بذلك الاحتياج فى زيادة القدرة على التفاهم مع الاشخاص الاخرين وسهولة إقناعهم والتأثير عليهم ، ويدل ذلك على مدى ما يتصف به سلوك الإنسان من تعقيد ، وعلى صعوبة الوصول إلى اتفاق بين العلماء على نظرية واحدة للتأثير في هذا السلوك وذلك لأن حاجات الفرد متشابكة ومعقدة .. ويميل الفرد الى السلوك الذي يؤدي الى تحقيق حاجاته ووفق أولوياته التى تتفق مع وجهة نظره الشخصية فى الامور ..
ومن أشهر هذه النظريات نظريه هرم الحاجات الإنسانية لـ إبراهام ماسلو (Maslow’s hierarchy of needs) هي نظرية نفسية قدّمها في ورقته البحثيّة „ نظريّة الدافع البشري “ عام 1943م في مجلّة „ Psychological Review “ العلمية :
إذ يعتبر ماسلو Maslow ان القوة الدافعة للناس هي سلسلة من الحاجات .. وعندما تُشبع الحاجات في اسفل السلسلة تظهر حاجات أعلى يريد الفرد إشباعها ايضاً .. وهكذا .. يستمر الاتجاه الى اعلى وتعتمد نظرية ماسلو على مبدأين وهما :
۱ . ) مبدأ نقص الاشباع: ويرى أن الحاجة غير المشبعة تمثل محركا للسلوك .
٢ . ) مبدأ تدرج الحاجات: ويرى هنا أنه يلزم إشباع الحاجات الأولية أولاً وقبل إشباع الحاجات الاعلى منها
والمفيد من نظرية Maslow أنه درسَ عيّنات بشريّة وصفها بأنها „ مثاليّة “ مِثل : ألبرت أينشتاين ، وجين آدمز ، وإليانور روزفلت ، وفريدريك دوغلاس .. وذلك بدلا من دراسته لـ أشخاص مُضطّربين نفسياً .. أو مرضى بدنياً . كما درسَ ماسلو 1% من طُلاب الجامعات الأصحّاء .. وقد شرح نظريَته بـ الكامل وبشكل تفصيليّ في كتابِه „ الدافع والشخصيّة “ عام 1954م .. وبـ مرور الوقت اشتهرت النظريّة واستُخدِمت بنطاق واسع في أبحاث علم الاجتماع والإدارة والتدريس في المراحل الثانويّة والتعليم العالي.
وذلك يعنى البدء بالحاجات التى فى اسفل الشكل الهرمى .. الذي رسمه توضيحاً .. صعوداً الى الحاجات الاعلى .. فـ تُصنف الحاجات من وجهة نظر ماسلو إلى ما يلي :
1 . ) حاجات اساسية فسيولوجية (جسمية/بدنية) وتسمى البيولوجية أو الفطرية مثل : الطعام والهواء والماء [(عضوية)]
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : أتفقُ مع Maslow .. إذ بالفعل :" تتنوع الحاجات وتتعدد لدى الإنسان ؛ فـ منها الحاجات الفسيولوجية كما ذكر هو ؛ كـ الحاجة إلى الطعام والشراب .. وقد سبقه الوحي المنزل على قلب أمين السماء والأرض بأكثر من 1440 عام لـ يؤكد : ﴿ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ﴾ .
..
ثم يضيف Maslow : والمسكن ..
2 . ) الحاجة الى الامن والطمأنينة والحماية من الاخطار.
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة إلى الأمن قد اثبتها القرآن الكريم بقوله : ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ..
3 . ) الحاجة الى الانتماء الاجتماعي مثل الحب والانتماء وتقبل الآخرين
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة إلى الانتماء إلى جماعة قد اقرها القرآن العظيم : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
أنبه هنا .. أنني لست من هواة التشدق بـ القول المأثور عند البعض : „ بضاعتنا رُدت إلينا ! “.
4 . ) الحاجة الى تقدير الذات والثقة فى النفس وتحقيق الانجازات .
5 . ) الحاجة الى تحقيق الذات وذلك بالشعور بـ تقدير المجتمع لخدماته وجهوده وتحقيق ذاته بـ الافصاح عما يجول في صدره تأكيداً لشعوره بوجوده وقيمته في المجتمع.
وقد :
+ . ) أضاف علماء آخرون الى هذه الاحتياجات أثنين فـ أصبحوا 7 إحتياجات وهما :
6 . ) الحاجه الى المعرفة والفهم
7 . ) الحاجات الجمالية .
ومن الملاحظ فى كل تلك النظريات عند ماسلو أنها لم تتضمن إحتياج هام للإنسان .. وهو „ الاحتياج الى التواصل الروحى مع الله “ أو ما يطلق عليه „ الإيمان والعقيدة وأحكام العبادات “ .. أي العلاقة مع السماء ، ومع „ الغيب والقدر والقضاء “ .. وعن „ الحياة بعد الموت “.. وهذا الإحتياج يمكن فهمة بشكل عملى ملحوظ وموضوعى مباشر من كثرة أشكال المعابد المنتشرة وتنوعها فى كل أنحاء العالم وتمثل مراحل التاريخ المختلفة
و د. فؤاد موسى له تعليق جيد أنقله كما هو : „ .. ولقد حاول علماء النفس التعرف على حاجة الإنسان وتصنيفها ومعرفة العلاقة بينها ، وكان من أشهر ما تدفقت عقولهم به ما توصل إليه ماسلو Maslow ؛ حيث رتب الحاجات الإنسانية تصاعديًّا على أساس أنها تنمو تتابعيًّا كما يلي :
- الحاجات الفسيولوجية ، البيولوجية ،
- حاجات الأمن ،
- الحاجة إلى الانتماء ،
- الحاجة إلى تحقيق الذات .
ويرى Maslow في هذا الترتيب التصاعدي للحاجات أن المستويات المتتالية للحاجات تظهر تباعًا ، وتحتل مكانها كلما تقدم الفرد في النمو والنضج ، فـ المستوى الأول من الحاجات الفسيولوجية يظهر مع بداية الحياة ، ويحتل مكانة الصدارة في الدافعية، ثم ما تلبث المستويات التالية من الحاجات في الظهور على التوالي ، وتكتسب الصدارة واحدة بعد الأخرى حتى تصل إلى مستوى تحقيق الذات لدى الفرد الناضج ، متصدرًا دوافعه ، بينما تكون المستويات السابقة على التوالي أقل تأثيرًا في دافعية الفرد.
إلا أن هذا ليس صحيحًا ، فـ كثيرًا ما يحدث اختلال في هذا التنظيم الهرمي للحاجات ، فقد يحدث لدى بعض الأفراد أن تنتقل الدافعية في نضجها لديهم من المستوى الأدنى إلى الأعلى ، دون المرور على المستوى الأوسط بينهما.
وهكذا ندرك أن هناك خللًا في هذا التصور للحاجات عند علماء النفس ، ولو أن علماء المسلمين رجعوا إلى كتاب ربهم الذي فيه الهدى كل الهدى ، لوجدوا فيه ضالتهم ، فهذا التصور الذي وضعه ماسلو قد اقتصر على الحاجات البهيمية فقط ، ولم يتعدَّها إلى ما هو أسمى منها لدى الإنسان ، فـ إذا كان Maslow يتصور أن أعلى وأسمى الحاجات هي تحقيق الذات ، فإن الثَّور في الغابة أيضًا يحقق ذاته ؛ حيث يصارع باقي الثيران حتى يحقق لـ نفسه الغلبة والفوز ، ويكون هو سيد القطيع ، ولا ينازعه في ذلك باقي الثيران.
لقد كان تصور ماسلو Maslow نابعًا من النظرة الدارونية للإنسان التي تعتبر الإنسان في نشأته حيوانًا (قردًا) ؛ ومن هنا جاءت تصورات Maslow ، كما جاءت تصورات فرويد التي فسرت كل سلوكيات الإنسان بأنه حيوان غارق في اللذة الجنسية. ".
-*/*-
وحديثي هنا عن : أن الإنسان له حاجات عضوية بدنية جسدية .. لابُدَّ من إشباعها للحفاظ على حياته الفردية وهي حاجات الكائن البشري الحي إلى الهواء والماء والطّعام والنّوم ، وطرح الفضلات خارج الجسم كي يبقى نشطاً قادراً على آداء بقية وظائفه الحياتية ، فـ إشباعها أمر حتمي ؛ لأن عدم إشباعها ، يُؤدِّي إلى هلاك الكائن الحي وموته ..
والحاجات العضوية تتطلب الإشباع الحتمي والضروري .. يقابلها الغرائز .. والتي لا تتطلب إشباعاً حتمياً ولا تتطلب إشباعاً ضرورياً .. والغرائز لها عدة مظاهر تُشبع من خلالها .. فإن لم تشبع اصابت المرء حالة من القلق والضيق والاضطراب .. ولكن الإنسان لا يشرف على الهلاك أو الموت إن لم يشبعها ! . وقد ينصرف المرء إلى تصرفات آخرى ..
و 3 / 2 عن الغرائز .. هذا حديثي القادم مِن بعد إذنه تعالى وبمشيئته وتمام توفيقه وحُسن رعايته ! [/COLOR]
ثم أكمل موضوع : 3 /3 : ( فِطْرَةَ اللَّهِ )..
* . ) ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون.﴾ ..
ثم موضوع : 3 /4 : ( صِبْغَةَ اللّهِ )..
* . ) ﴿ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدون.﴾ .
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
الأربعاء : ۱٨ شوال ۱٤٤٦ ~ 16 ابريل 2025 م.
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 04 / 2025, 50 : 02 PM
ولعله من المفيد إضافة توضيحية ليست مرتبطة بأساس الموضوع [( الحاجات العضوية للإنسان )] الذي أبحثه وليست احتياجات الإنسان بصفة عامة ولكنها تنير بعض الجزئيات .. فقد حاول العلماء كثيرا الوصول الى ما يمكن عمله للتأثير في سلوك الأفراد وأسسوا نظريات من أجل ذلك كثيرة ارتكزت على أساس وهو „ إحتياجات الإنسان “ .. ولا يمكن حصر النظريات التي تناولت وحاولت تفسير ما يصدر عن الفرد من أفعال وأقوال ناتج عن إحتياج معين للإستفاده بذلك الاحتياج فى زيادة القدرة على التفاهم مع الاشخاص الاخرين وسهولة إقناعهم والتأثير عليهم ، ويدل ذلك على مدى ما يتصف به سلوك الإنسان من تعقيد ، وعلى صعوبة الوصول إلى اتفاق بين العلماء على نظرية واحدة للتأثير في هذا السلوك وذلك لأن حاجات الفرد متشابكة ومعقدة .. ويميل الفرد الى السلوك الذي يؤدي الى تحقيق حاجاته ووفق أولوياته التى تتفق مع وجهة نظره الشخصية فى الامور ..
ومن أشهر هذه النظريات نظريه هرم الحاجات الإنسانية لـ إبراهام ماسلو (Maslow’s hierarchy of needs) هي نظرية نفسية قدّمها في ورقته البحثيّة „ نظريّة الدافع البشري “ عام 1943م في مجلّة „ Psychological Review “ العلمية :
إذ يعتبر ماسلو Maslow ان القوة الدافعة للناس هي سلسلة من الحاجات .. وعندما تُشبع الحاجات في اسفل السلسلة تظهر حاجات أعلى يريد الفرد إشباعها ايضاً .. وهكذا .. يستمر الاتجاه الى اعلى وتعتمد نظرية ماسلو على مبدأين وهما :
۱ . ) مبدأ نقص الاشباع: ويرى أن الحاجة غير المشبعة تمثل محركا للسلوك .
٢ . ) مبدأ تدرج الحاجات: ويرى هنا أنه يلزم إشباع الحاجات الأولية أولاً وقبل إشباع الحاجات الاعلى منها
والمفيد من نظرية Maslow أنه درسَ عيّنات بشريّة وصفها بأنها „ مثاليّة “ مِثل : ألبرت أينشتاين ، وجين آدمز ، وإليانور روزفلت ، وفريدريك دوغلاس .. وذلك بدلا من دراسته لـ أشخاص مُضطّربين نفسياً .. أو مرضى بدنياً . كما درسَ ماسلو 1% من طُلاب الجامعات الأصحّاء .. وقد شرح نظريَته بـ الكامل وبشكل تفصيليّ في كتابِه „ الدافع والشخصيّة “ عام 1954م .. وبـ مرور الوقت اشتهرت النظريّة واستُخدِمت بنطاق واسع في أبحاث علم الاجتماع والإدارة والتدريس في المراحل الثانويّة والتعليم العالي.
وذلك يعنى البدء بالحاجات التى فى اسفل الشكل الهرمى .. الذي رسمه توضيحاً .. صعوداً الى الحاجات الاعلى .. فـ تُصنف الحاجات من وجهة نظر ماسلو إلى ما يلي :
1 . ) حاجات اساسية فسيولوجية (جسمية/بدنية) وتسمى البيولوجية أو الفطرية مثل : الطعام والهواء والماء [(عضوية)]
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : أتفقُ مع Maslow .. إذ بالفعل :" تتنوع الحاجات وتتعدد لدى الإنسان ؛ فـ منها الحاجات الفسيولوجية كما ذكر هو ؛ كـ الحاجة إلى الطعام والشراب .. وقد سبقه الوحي المنزل على قلب أمين السماء والأرض بأكثر من 1440 عام لـ يؤكد : ﴿ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ﴾ .
ثم يضيف Maslow : والمسكن ..
2 . ) الحاجة الى الامن والطمأنينة والحماية من الاخطار.
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة إلى الأمن قد اثبتها القرآن الكريم بقوله : ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ..
3 . ) الحاجة الى الانتماء الاجتماعي مثل الحب والانتماء وتقبل الآخرين
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة إلى الانتماء إلى جماعة قد اقرها القرآن العظيم : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
أنبه هنا .. أنني لست من هواة التشدق بـ القول المأثور عند البعض : „ بضاعتنا رُدت إلينا ! “.
4 . ) الحاجة الى تقدير الذات والثقة فى النفس وتحقيق الانجازات .
5 . ) الحاجة الى تحقيق الذات وذلك بالشعور بـ تقدير المجتمع لخدماته وجهوده وتحقيق ذاته بـ الافصاح عما يجول في صدره تأكيداً لشعوره بوجوده وقيمته في المجتمع.
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 04 / 2025, 51 : 02 PM
وقد :
+ . ) أضاف علماء آخرون الى هذه الاحتياجات أثنين فـ أصبحوا 7 إحتياجات وهما :
6 . ) الحاجه الى المعرفة والفهم
7 . ) الحاجات الجمالية .
ومن الملاحظ فى كل تلك النظريات عند ماسلو أنها لم تتضمن إحتياج هام للإنسان .. وهو „ الاحتياج الى التواصل الروحى مع الله “ أو ما يطلق عليه „ الإيمان والعقيدة وأحكام العبادات “ .. أي العلاقة مع السماء ، ومع „ الغيب والقدر والقضاء “ .. وعن „ الحياة بعد الموت “.. وهذا الإحتياج يمكن فهمة بشكل عملى ملحوظ وموضوعى مباشر من كثرة أشكال المعابد المنتشرة وتنوعها فى كل أنحاء العالم وتمثل مراحل التاريخ المختلفة
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
16 / 04 / 2025, 53 : 02 PM
و د. فؤاد موسى له تعليق جيد أنقله كما هو : „ .. ولقد حاول علماء النفس التعرف على حاجة الإنسان وتصنيفها ومعرفة العلاقة بينها ، وكان من أشهر ما تدفقت عقولهم به ما توصل إليه ماسلو Maslow ؛ حيث رتب الحاجات الإنسانية تصاعديًّا على أساس أنها تنمو تتابعيًّا كما يلي :
- الحاجات الفسيولوجية ، البيولوجية ،
- حاجات الأمن ،
- الحاجة إلى الانتماء ،
- الحاجة إلى تحقيق الذات .
ويرى Maslow في هذا الترتيب التصاعدي للحاجات أن المستويات المتتالية للحاجات تظهر تباعًا ، وتحتل مكانها كلما تقدم الفرد في النمو والنضج ، فـ المستوى الأول من الحاجات الفسيولوجية يظهر مع بداية الحياة ، ويحتل مكانة الصدارة في الدافعية، ثم ما تلبث المستويات التالية من الحاجات في الظهور على التوالي ، وتكتسب الصدارة واحدة بعد الأخرى حتى تصل إلى مستوى تحقيق الذات لدى الفرد الناضج ، متصدرًا دوافعه ، بينما تكون المستويات السابقة على التوالي أقل تأثيرًا في دافعية الفرد.
إلا أن هذا ليس صحيحًا ، فـ كثيرًا ما يحدث اختلال في هذا التنظيم الهرمي للحاجات ، فقد يحدث لدى بعض الأفراد أن تنتقل الدافعية في نضجها لديهم من المستوى الأدنى إلى الأعلى ، دون المرور على المستوى الأوسط بينهما.
وهكذا ندرك أن هناك خللًا في هذا التصور للحاجات عند علماء النفس ، ولو أن علماء المسلمين رجعوا إلى كتاب ربهم الذي فيه الهدى كل الهدى ، لوجدوا فيه ضالتهم ، فهذا التصور الذي وضعه ماسلو قد اقتصر على الحاجات البهيمية فقط ، ولم يتعدَّها إلى ما هو أسمى منها لدى الإنسان ، فـ إذا كان Maslow يتصور أن أعلى وأسمى الحاجات هي تحقيق الذات ، فإن الثَّور في الغابة أيضًا يحقق ذاته ؛ حيث يصارع باقي الثيران حتى يحقق لـ نفسه الغلبة والفوز ، ويكون هو سيد القطيع ، ولا ينازعه في ذلك باقي الثيران.
لقد كان تصور ماسلو Maslow نابعًا من النظرة الدارونية للإنسان التي تعتبر الإنسان في نشأته حيوانًا (قردًا) ؛ ومن هنا جاءت تصورات Maslow ، كما جاءت تصورات فرويد التي فسرت كل سلوكيات الإنسان بأنه حيوان غارق في اللذة الجنسية. ".
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
18 / 04 / 2025, 16 : 06 PM
3 / 2 غريزة
تحدثتُ عن الحاجة العضوية الآدمية البدنية في الفصل السابق ؛ قلتُ : بأنها ضرورة ملحة ؛ وتكلمتُ عما يحتاجه الجسد البشري حتماً من هواء للتنفس وخاصة الأوكسجين ؛ وماء للشرب ؛ وغذاء ليقيم عوده ؛ وإخراج فضلات لا يحتاجها ؛ ثم راحة ونوم ، وهذه تتطلب إشباعاً حتمياً وإلا هلك الإنسان .. وأكمل اليوم عن غرائز الإنسان!
فـ الغرائز صفات اساسية في خَلق الإنسان ، وفي تركيبته البشرية الأصلية ، وتحتاج إلى إشباع غير ضروري وغير حتمي أو ملح ..
وتتنوع الغرائز عند الإنسان إلى :
1 . ) غريزة التدين .. ومِن مظهرها الاحترام القلبي الشديد والتقديس والتبجيل والتوقير .. وهذه الغريزة ، تظهر بشُعُور الإنسان بحالة الضّعف ، والاحتياج ، والعجز ، سواء أكان ذلك أمام ظواهر الطّبيعة ، أم الظّواهر الاجتماعية ، أم من ظاهرة شُعُور الإنسان باحتياجه لصلة نفسه مع جهة قادرة وقوية ، تؤمن له الحماية والعناية ، فيتولد عنده مظاهر التّدين ، من تقديس وتعظيم ، وخشية ، ورغبة ، ورجاء ، ودعاء ، والتّجاء ، وتذلل ، وخضوع ، وحب ، وكره ، وخوف .. الخ .. ليحصل الإنسان على التّوازن الروحي والاطمئنان النّفسي ، ولذلك يقول الفلاسفة : „ إن الإنسان كائن متدين بالفطرة “ ، والدِّين ضرورة نفسية له .. تتطلب إشباعاً غير حتمي .
2 . ) غزيزة البقاء .. و مِن مظهرها التملك .. وميل الكائن الحي إلى التّجمع ؛ والانضمام لجماعة من نوعه وجنسه ، واجتناب الخطر ؛ نحو : الأماكن المرتفعة والنّار ، والقتال ؛ للدّفاع عن حياته ..
3. ) غريزة النوع .. ومِن مظاهرها الأمومة ؛ والأبوة ؛ والاخوة ؛ والميل الجنسي : ميل الذكر للأنثى وميل الأنثى للذكر .
وهذه الغرائز مجتمعة أو متفرقة لا تتطلب إشباعا ضرورياً أو حتمياً ، بل تتطلب فقط إشباعاً ؛ وعند إثارتها ملحاً ، فإذا حدث هذا الإشباع : هدأ الجسد ؛ وفتر البدن ؛ واستراحت الروح ؛ وسعدت النفس ، فـ عدم إشباع الغرائز يؤدي إلى حالة من عدم التوازن وعدم الاستقرار النفسي والقلق الروحي والضيق أو الاكتئاب ؛ وهذه جميعها إن لم تُشبع لن تؤدي إلى موته أو هلاكه ؛ أو تلف اجهزته الحيوية في بدنه أو اعضاءه ، وتصلح أن تشبع الغريزة بآحدى مظاهرها .
والإشباع إما أن يكون :
أ . ) إشباعا سويا طبيعيا أو :
ب . ) إشباعا خاطئا .. في حالة ميل الذكر للأنثى .. ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين﴾ . أو آتيان المرأة في دبرها .. أو آتيان البهائم ..
أو :
ج . ) إشباعا شاذاً .. في حالة ميل الذكر للذكر .. ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون ﴾ .
ثم يتم تأكيد الأمر السابق بالقول : ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُون﴾ ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون﴾ . أو ميل ذكر بالغ لذكر قاصر : صبي .. طفل.. أو ميل الأنثى لأنثى مثلها : السحاق .
إذ فيها [(الغريزة)] قابلية للخير ؛ والقابلية للشر : هذا .. وفق وجهة النظر في الحياة ؛ سواء النظرة المادية للأشياء ، أو أن الأشياء مخلوقة لخالق أوجدها من عدم ؛فأوجد هذا الخالق نظاماً يسيير حياة الإنسان في الدنيا ليصل إلى بر النجاة في الدنيا والآخرة .. أو وفق مجموعة مقاييس القيم في المجتمع ؛ وتبعا للقناعات بناءً على الإيمان والعقيدة وفق رسالة السماء ، أو الإلحاد والحرية بدون قيود وبلا شروط .. ومجموعة القيم والقناعات والمقاييس إما موروثة عن الأجداد .. ﴿ .. قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا ﴾ .. أو وفق نوع التربية السليمة في الأسرة : الأباء والأمهات والتلقي الصواب في المجتمع ، أو مكتسبة نتيجة القراءة الصحيحة والعلم القطعي الدلالة والمراجعة بفكر صائب ووعي مستنير ، فــ الغريزة لا تجبر الإنسان على توجيهها للخير أو على توجيهها للنشر ، فليس لها إرادة على الجسد أو أعضائه ، بل الإنسان يشبع مظهر من مظاهر غرائزه وفق مقياس بعينه : عند فريق يسميه : الحلال والحرام ؛ وعند فريق آخر وفق وجهة نظره للحياة : الحرية دون قيد أو شرط ..
فـ الإنسان الذي لا يؤمن بآله ليس لديه شعور بالدين أو تقديس الآله وقد يظل على إنكاره أو كفره أو إلحاده طوال حياته من دون تلف عضوي مادي لأجهزته الحيوية أو أعضاءه البدنية في حياته الدنيا .. والفقير لن يموت لفقره وإن ملكَ القليل ؛ والغني لن يطول عمره لما يملك الكثير ..
المسألة التي نحن بصددها ونبحثها : مسألة النكاح ؛ الزواج :
إذ
- يستطبع الإنسان أن يمتنع عن ممارسة الجنس اشهراً أو سنوات أو حتى طوال عمره سواء أكان رجلا [( يسوع الفلسطيني الناصري .. محمد بن جرير الطبري .. إسحاق نيوتن .. فولتير : فرانسوا ماري آروويه (François-Marie Arouet)) ويُعرف باسم شهرته : (Voltaire) .. إيمانويل كانط.. Immanuel Kant )] أو امرأة .. والمرأة العاقر التي لا تعلم شيئا عن الأمومة لن تموت ؛ كذلك الرجل العاقر ..
- والجائع أو العطشان أو المتعب المرهق لا يفكر في الجنس الآخر ..
وقد انتشر في العصر الحالي تصور لحرية الجنس بل فوضوى جنسية بكل ما تعبر عنه الحيوانية بل أضل؛ ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179] ، بل إن الحيوانات أكثر سموًّا من هذا التصور الذي ينادي به مجتمع „ الميم “ كما يسمونه ، ويشرعون له الحقوق ، ويُلزمون بها الآخرين ، ومن يرفض ذلك يعتبر عدوًّا للإنسانية كما يدَّعون ، ويُسخَّر لهذا الفكر كل وسائل النشر والإمكانات.
لقد عبَّر كلٌّ من „ فرويد “ و „ ماسلو “ عن هذا الفكر منذ قرن من الزمان في الفكر الماسوني لتدمير البشرية ، وهو يدرَّس كعلم في الجامعات والمدارس ، تحت ما يسمى علم النفس ، وللأسف إن هذا يدرس في بلاد العالم الإسلامي بنفس الفكر ، دون رويَّة ولا تدبر لِما يُحاك للبشرية.
إثارة الشهوات :
يضع نظام „ إجتماع الرجل بالمرأة “ في الإسلام ميل الذكر للأنثى على رأس قائمة الشهوات ؛ وليس على سبيل الذم بل على سبيل التقرير .. فـ لقد شاءت إرادة الله أن يخلق الإنسان ويجعل له حاجات ، يحتاج إليها لبقاء حياته ، ولذلك فَقَدْ زيَّنها له في نفسه حتى يُقبِلَ عليها ويُشبِعها ؛ وقد عبر عنها القرآن الكريم بأنها شهوة فنطق القرآن يقول : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء .. ﴾ .. وفي حادثة ذكرها القرآن المجيد تخبر عن ميل الأنثى للذكر فـ نطق يقول : ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾ .. ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾ ..
وهذا الميل الطبيعي المغروس في التركيبة الأصلية البشرية يوليه النظام الإجتماعي في الإسلام عناية خاصة ؛ ويعطي أحكاماً عملية شرعية توافق أصل التركيبة البشرية للإنسان ومتطلباته واحتياجاته لكافة الحالات ؛ إذ هو [(نظام الإسلام )] طراز خاص من العيش ؛ وطريقة معينة في الحياة ؛ وكيفية عملية لإشباع كافة احتياجات وعلاج كل متطلبات الإنسان ؛ فلا يهمل جانب على حساب جانب ؛ ولا يرفع من قيمة ويخفض من آخرى .. فيأتي التفصيل الكافي [(وحياً : قرآنا وسنة )] والوافي والشامل لعلاج هذا الجانب من حياة البشر على الأرض ، إذ أن الخالق هو الأعلم بما صنعه فخلقه ﴿أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير﴾ ..
فالحاجة شهوة تتولد داخل الإنسا ن، تزول بمجرد إشباعها وتنتهي ؛ لذلك يعرفها علماء النفس بأنها حالة من النقص أو الاضطراب الجسمي والنفسي ، إن لم تلقَ من الفرد إشباعًا بدرجة معينة ، فإنها تثير لديه نوعًا من الألم أو التوتر أو اختلال التوازن ، سرعان ما يزول بمجرد إشباع الحاجة.
فالإنسان في فطرته وفي خلقته هذه الشهوات ، وهي جزء من تكوينه الأصيل وهي ضرورية لحياته ؛ كي تنمو وتطرد ، فهي شهوات مستحبة مستلذة ، ليست مستقذرة ، ولا كريهة ، والآية الكريمة السابقة تؤكد ذلك ، وهنا يمتاز الإسلام بمراعاته للفطرة البشرية السوية وقبولها بواقعها ومعالجتها ؛ لأن هذه الشهوات عبارة عن دوافع عميقة في الفطرة لا تُغلب ، وهي ذات وظيفة أصيلة في كيان الحياة البشرية ، لا تتم إلا بها ، ولم يخلقها الله في الفطرة عبثًا.
فعلى الإنسان أن يعرف أن لبدنه عليه حقًّا ، وعليه أن يمتع نفسه بطيبات الحياة ، وألَّا يحرم ما أحله الله ، وما أحله الله يشمل كل ما تتطلبه البنية الصحيحة السوية من لذة ومتاع : ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ .
ولو أن علماء المسلمين في معالجة مشاكل الواقع الحالي رجعوا إلى كتاب ربهم الذي فيه الهدى كل الهدى ، لوجدوا فيه ضالتهم ، .وشرحوا سُنة نبيهم لاستراح الجميع : مَن يؤمن بالإسلام ومن يعارضه .
بيد أن موقظات الشهوة تتعدد وتكثر عوامل اثارتها .. فتوجد عوامل داخلية تنبع من الشخص ذاته ؛ كما توجد عوامل خارجية ومؤثرات مادية وذهنية تتصل بحواس الانسان ، ويحدد ذلك كله ما لدى الانسان من معارف سابقة ومعلومات تراكمية وما لديه من مفاهيم وقيم ومقاييس متعلقة بكل الأمور.
فالشهوةُ تنشط عند بلوغ الانسان سناً معينا من العمر يختلف قليلا من فرد الى آخر ، ويعرف ذلك بـ : ” سن البلوغ“ حيث تبدأ غدد معينة تَنشط في الجسم بافراز أنواع من الهرمونات التي تُنشط نمو أعضاء الجهاز التناسلي ؛ الذكري والأنثوي فـ توزع الدهن تحت الجلد والثديين والعضلات ويتغير الصوت مميزا الشاب عن الفتاة ، ويبدأ الذكر بالاحتلام والأنثى بالحيض.
وعند تلك المرحلة أو بعدها يستطيع الانسان ان يثير شهوته بمجرد التفكير والتخيل من دون وجود مؤثر خارجي يدفعه الى ذلك ، وهو بذلك يحصل على نوع من اللذة بمجرد اثارة شهواته جزئيا ، حتى ان بعض الشباب والشابات يقوم بممارسة : ” العادة السيئة “ لاشباع تلك الشهوة التي أثارها في نفسه بنفسه ، وبعضهم يلجأ الى بعض أنواع التصرفات الشاذة للحصول على نوع من اللذة يرضيه جزئيا فيكرر ذلك حتى يعتاده ويصبح نوعا من المرض صعب المداواة والعلاج.
أجهزة الاستقبال
أما المؤثرات الخارجية ومثيرات الشهوة فإنها ترتبط بأجهزة الاستقبال لدى الانسان ، أي : الحواس ، ويوضع على رأسها : البصر ؛ والسمع ؛ والجلد أي : حاسة اللمس ، فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع وكذلك الأيدي والأرجل.
ويأمر الاسلام المؤمنين رجالا ونساء بغض البصر : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ .. ﴾.. ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ .. ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ .. ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ .. ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ﴾ .. ثم يعدد مَن هم أصحاب الاستثناء في اثني عشر شخصاً .. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:”زنا العينين النظر“ [(متفق عليه)] ؛ أما قوله : ” النظرة سهم من سهام إبليس“ ؛ قلت(الرَّمَادِيُّ ) هذا حديث قدسي لا ينسب للنبي وهو ضعيف واه ؛ كما نهى اثنتين من نساءِه [(أم سلمة وميمونة رضي الله تعالى عنهما)] .. أن تنظرا الى الأعمى قائلا: ” أفعمياوان أنتما “ ومدار الحديث على نبهان مولى أم سلمة وقد ضعفه بعض العلماء وصححه أخرون ، ويأمر الاسلام الرجال والنساء على السواء بستر عوراتهم ؛ وعدم التعري أمام الآخرين رجالا أو نساء ، وأمر النساء بالخمار ، وبالحجاب في حالات معينة ، وعبر عن أجزاء الجسد التي يجب سترها بأنها ” سوءة“ وبأنها ”عورة“ ، فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُون﴾ ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا ﴾ .. وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن التجرد الكامل من الملابس بين الزوجين : ”... ولا يتجردا تجرد العيرين “ [حديث : ضعيف الإسناد ، لا تقوم به حجة ، ولا يثبت بمثله حكم] .. فلا حرج في عدم التستر ..
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
ابحاث لمجتمع خامل ..
ثم يليه : 3 /3 ( فِطْرَةُ اللَّهِ ) ..
و3 /4 : : ( صِبْغَةُ اللّهِ ) ..
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
الجمعة : ٢۰ شوال ۱٤٤٦~ 18 ابريل 2025 م.
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
22 / 04 / 2025, 27 : 04 PM
سُنَنُ الفِطرة
يمكن القول بمصداقية شديدة أن نبي الإسلام هو أول من وضع الخطوط العريضة الواضحة في مسألة „ النظافة الشخصية “ للإنسان ، أو ما يسمى اليوم بـ „ الطب الوقائي “ ؛ „ Hygienemaßnahme “ والذي عُرف في بلاد الغرب المتمدن فقط منذ أكثر من خمسين عاماً .. وأعود وأكرر أنني لا أميل إلى القول : „ بأن بضاعتنا ردت إلينا “ ، فـ نحن قد وصلنا إلى النظافة الشخصية أو الطب الوقائي عن طريق الوحي ؛ والغرب المتمدن وصل إليها عن طريق الظن والمختبرات والملاحظة والعلم والطب .
وقد اختار الله لأنبيائه صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم جميعاً .. اختار سُنناً وخِصالاً وهيئات ؛ وأمرنا بالاقتداء بهم فيها ؛ وجعلها من قبيل الشعائر التي يكثر وقوعها ليعُرف بها أتباعهم ومَن يسير وفق هداهم ويلتزم طريقهم ؛ فـ تميزوا بها عن غيرهم من البشر ، وهذه الخصال تسمى سُنَنُ الفِطرة ، وَأَمَّا الْخِصَالُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ لِمْ يَرِدِ التَّصْرِيحُ فِيهَا بِلَفْظِ الْفِطْرَةِ فَكَثِيرَةٌ ، مِنْهَا ما جاء
- عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « „ أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ : الْحَيَاءُ ؛ وَيُرْوَى : الْخِتَانُ ، وَالسِّوَاكُ ، وَالتَّعَطُّرُ ، وَالنِّكَاحُ “ » .
- وَ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ : « „ خَمْسٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ .. “ » ؛ فَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ إِلَّا النِّكَاحَ وَزَادَ : « „ الْحِلْمَ وَالْحِجَامَةَ “ » ؛
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ .. قَالُوا : وَفَّى جَمِيعَ مَا أُمِرَ بِهِ . وَقَامَ بِجَمِيعِ خِصَالِ الْإِيمَانِ وَشُعَبِهِ ، وَكَانَ لَا يَشْغَلُهُ مُرَاعَاةُ الْأَمْرِ الْجَلِيلِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَصْلَحَةِ الْأَمْرِ الْقَلِيلِ ، وَلَا يُنْسِيهِ الْقِيَامُ بِأَعْبَاءِ الْمَصَالِحِ الْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ ، فــ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ .. قَالَ : ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِـ „ الطَّهَارَةِ “ :
- خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ ، وَ :
- خَمْسٌ فِي الْجَسَدِ ؛ فَـ أَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ :
- „ قَصُّ الشَّارِبِ “ ، وَ :
- „ الْمَضْمَضَةُ “ ، وَ :
- „ السِّوَاكُ “ ، وَ :
- „ الِاسْتِنْشَاقُ “ ، وَ :
- „ فَرْقُ الرَّأْسِ “ ..
وَأَمَّا الَّتِي فِي الْجَسَدِ :
- „ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ “ ، وَ :
- „ حَلْقُ الْعَانَةِ “ ،وَ :
- „ الْخِتَانُ “ ،وَ :
- „ نَتْفُ الْإِبِطِ “، وَ :
- „غَسْلُ أَثَرِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ “ .
خِصَالِ الْفِطْرَةِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ .. أَوْ .. خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ :
ثُمَّ فَسَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَمْسَ فَقَالَ :
: " ۱ " الْخِتَانُ. وجاء بصيغة : الِاخْتِتَانُ
: " ٢ " الِاسْتِحْدَادُ وَ
: " ۳ " تَقْلِيمُ [(قَصُّ )] الْأَظْفَارِ وَ
: " ٤ " نَتْفُ الْإِبِطِ وَ
: " ٥ " قَصُّ الشَّارِبِ". .. أَحْفُوا الشَّوَارِبَ
وَ
فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : وَ
: " ٦ " إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَ وَأَعْفُوا اللِّحَى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( وَأَوْفُوا اللِّحَى )
: " ٧ " السِّوَاكُ
وَ
: " ۸ " اسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ
وَ
: " ٩ " غَسْلُ الْبَرَاجِمِ .. وَ كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تَغْسِلُ الْيَدَ عَقِبَ الطَّعَامِ فَيَجْتَمِعُ فِي تِلْكَ الْغُضُونِ وَسَخٌ ، فَأَمَرَ بِغَسْلِهَا .
: "۱۰" حَلْقُ الْعَانَةِ وَ
: " ۱۱ " انْتِقَاصُ الْمَاءِ .. [( عند أبي داوود:" يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ ". )] وجاء بصيغة : الِانْتِضَاحُ.. : نَضْحُ الْفَرْجِ بِمَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَنْفِيَ عَنْهُ الْوَسْوَاسَ
.. قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ
: " ۱٢ " الْمَضْمَضَةَ
: " ۱۳" النِّكَاحُ ..
: " ۱٤" وجاء بصيغة : الْحَيَاءُ : وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ „ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ “
: " ۱٥" „ فَرْقُ الرَّأْسِ “
: " ۱٦" „ غَسْلُ أَثَرِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ “ .
وهِيَ تلك الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَتَّسِخُ وَيَجْتَمِعُ فِيهَا الْوَسَخُ!
: " ۱٧" الْحِلْمَ
وَ
: " ۱۸" الْحِجَامَةَ ..
.. مَجْمُوعُ الْخِصَالِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ خَمْسَ عَشْرَةَ : " ۱٥" : خَصْلَةً .. وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ : " ۳۰" : خَصْلَةً ، فَإِذَا أَرَادَ خُصُوصَ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْفِطْرَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَادَ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَنْحَصِرُ فِي الثَّلَاثِينَ بَلْ تَزِيدُ كَثِيرًا
.ثم :
: " ۱۸ " وَالتَّعَطُّرُ،.
.. إِنَّ مُعْظَمَ هَذِهِ الْخِصَالِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَنْدَ الْعُلَمَاءِ ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِ كَــ الْخِتَانِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ ..
وحَدِيثُ أَنَسٍ : « „ وَقَّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ لَا يُتْرَكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً “ » فَـ مَعْنَاهُ لَا يُتْرَكُ تَرْكًا يَتَجَاوَزُ بِهِ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّهُمْ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أَرْبَعِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .. و عَنْ أَحْمَدَ قَيلْ له : „ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَيَدْفِنُهُ أَمْ يُلْقِيهِ ؟ “ ؛ قَالَ : „ يَدْفِنُهُ “ ؛ فـ قيلْ له : „ بَلَغَكَ فِيهِ شَيْءٌ ؟ “ ؛ قَالَ : „ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفِنُهُ “ .. وَرُوِيَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « „ أَمَرَ بِدَفْنِ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ “ » ؛ وَقَالَ : « „ لَا يَتَلَعَّبُ بِهِ سَحَرَةُ بَنِي آدَمَ “ » .. وَقَدِ اسْتَحَبَّ دَفْنَهَا لِكَوْنِهَا أَجْزَاءَ مِنَ الْآدَمِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ..
وَيَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْخِصَالِ مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ تُدْرَكُ بِالتَّتَبُّعِ ، مِنْهَا :
- تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ ، وَ:
- تَنْظِيفُ الْبَدَنِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا ، وَ :
- الِاحْتِيَاطُ لِلطَّهَارَتَيْنِ ، وَ :
- الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُخَالَطِ من الناس في العمل والطريق ، وَالْمُقَارَنِ من زوج وأفراد العائلة بِكَفِّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ مِنْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ ، وَ :
- مُخَالَفَةُ شِعَارِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمَجُوسِ ؛ وَمِن عُبَّادِ الْأَوْثَانِ .. وَمِن شِعَارِ أهل الكتابين الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَ :
- امْتِثَالُ أَمْرِ الشَّارِعِ ، وَ :
- الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ لِمَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ مِنْ مُنَاسَبَةِ ذَلِكَ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ قَدْ حَسُنَتْ صُوَرُكُمْ فَلَا تُشَوِّهُوهَا بِمَا يُقَبِّحُهَا ، أَوْ حَافِظُوا عَلَى مَا يَسْتَمِرُّ بِهِ حُسْنُهَا ، وَفِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مُحَافَظَةٌ عَلَى الْمُرُوءَةِ وَعَلَى التَّآلُفِ الْمَطْلُوبِ ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا بَدَا فِي الْهَيْئَةِ الْجَمِيلَةِ كَانَ أَدْعَى لِانْبِسَاطِ النَّفْسِ إِلَيْهِ ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَيُحْمَدُ رَأْيُهُ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ .
.. فلا ابالغ حين اقول أن إسلام النبي محمد خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين ورسول رب العالمين للخلائق أجمعين .. أن الإسلام خاتم الرسالات :
- طراز خاص من العيش
و :
- كيفية معينة في الحياة
و:
- طريقة خاصة في المعاملات
- ونظام حياة يشمل كافة نواحي حياة الإنسان .. لذا فيقول الخاتم عليه السلام : « „ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ “ » ؛ « „ خَالِفُوا الْمَجُوسَ “ » ؛ وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ " ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَجُوسَ فَقَالَ : « „ إِنَّهُمْ يُوفُونَ سِبَالَهُمْ ، وَيَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ فَخَالِفُوهُمْ “ » ؛
قلت( الرمادي ) : والظاهر عندي أن هذه الخصال .. سنن الفطرة .. سنن المرسلين تحتاج إلى تَفْصِيلٍ .. فمن بعد إذنه تعالى ذكره أرحله إلى موضعه إثناء بحوث أبواب النكاح
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ : ٢٤ / شوال ~ 22 أبريل 2025م
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الْنَّدِيَّة المتعلقة بـ (.أبواب كِتَابُ النِّكَاحِ .. الرَّمَادِيُّ.)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
24 / 04 / 2025, 20 : 08 PM
صبغةُ اللهِ
﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
باقةٌ زاهرةٌ من آيات الذكر الحكيم أبدءُ بها الفصل الرابع من هذا التمهيد لموضوع الزواج .. النكاح ومكملا للفصل الثالث :
(. فِطْرَةُ اللَّهِ .)
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ﴾
﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ﴾
﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون ﴾
﴿ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين ﴾
﴿الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُون ﴾
﴿ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
﴿ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ﴾
:" وَالْفَطْرُ لغةً : الِابْتِدَاءُ وَالِاخْتِرَاعُ. ".
: " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا [ لِصَاحِبِهِ ] : أَنَا فَطَرْتُهَا ، [ أي ] أَنَا بَدَأْتُهَا .. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا : ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ .. وَالْفَاطِرُ: الْخَالِقُ .. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ فَهُوَ : خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " . أي:" خَالِقِهَا وَمُبْدِعِهَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ ، ".
فالذي خلق الإنسان وركب فيه حاجاته العضوية ؛ والتي تستلزم الإشباع الضروري والحتمي .. وإلا هلك الإنسان ومات .. كما غرز فيه غرائز متعددة تحتاج لإشباغ غير حتمي وليس بالضروري .. هذا الخالق الواجد المنشأ المنعم الرازق خلق الإنسان على فطرةٍ ؛ بيد أنها تتعدل وتتغير وفقاً لاسلوب التربية وطريقة التعليم وكيفية التلقين .. ومتمماً لمسألة الفطرة أتكلم بتوفيقه عن مسألة صبغة الله ..
.. فـ صبغة الله يراد بها :
(. ۱ .) ما قال ابن عباس :" دين الله ، فهذا الدين سماه صبغة ؛ لأنه يظهر أثر الدين على مَن يتمسك بأحكامه ويتقيد بعقيدته كما يظهر أثر لون الصبغ على أنسجة الثوب ، وقيل لأن المتدين يلزمه ولا يفارقه ، كـ الصبغ يلزم الثوب ".
أو كما :
(. ٢ .) قال مجاهد: فطرة الله ، والمعنى قريب من الأول ،
وقيل:
(. ۳ .) : سنة الله
وقيل :
(. ٤ .) إن الصبغة المقصودة في الآية الكريم هي : الختان . فـ أراد به الختان لأنه يصبغ صاحبه بالدم ؛ قال ابن عباس موضحاً هذه الجزئية من التأويل والشرح : هي أن النصارى [( أهل كتاب سماوي )] إذا ولد لـ أحدهم غلام فـ أتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم أصفر .. يقال له :" المعمودي " .. وصبغوه به لـ يطهروه بذلك الماء مكان الختان ، فإذا فعلوا به ذلك قالوا: " الآن صار نصرانياً حقاً .. " .. فـ أخبر الله أن دينه الإسلام لا ما يفعله النصارى !
وقيل:
(. ٥ .) إن الصبغة هي : الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام ، بدلاً من معمودية النصارى ..
فـ صبغة الله ؛ من حيث التأويل : أي: ألزموا صبغة الله ، وصبغته هي دين الإسلام ، على ما جاء في عبارات السلف ؛ كما بينتُ .. فمن جاء مِن بعدهم في تفسير هذه الصِبغة ، إلا أن ذلك يرجع إلى معنىً واحد ، كـ قول من قال: بـ أن صبغة الله هي الإسلام ، ومَن قال: بـ أن صبغة الله هي فطرة الله ، فـ الفطرة هي الإسلام : ﴿ خلقت عبادي حنفاء﴾ .
وكذلك قول مَن قال: بأن فطرة الله هي دينه ، فـ دينه هو الإسلام ، ونحو ذلك من العبارات المتقاربة ، فـ هذا من قبيل اختلاف التنوع. " .. فـ
قوله: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أي: الزموا صبغة الله الذي هو دينه .. وذلك يقتضي القيام به على أكمل الوجوه ، بالتحقق بعقيدته الواضحة الراسخة وإيمانه الجلي وبـ أعماله الظاهرة والباطنة في الحياة الدنيا ، وما يتصل بـ أعمال القلوب ، وما متعلق بـ أعمال الجوارح ، في كل الأحوال والأوقات والأزمنة ، حتى يكون لكم .. يا مَن تؤمن بالإسلام عقيدةً وأحكاماً .. كـ الصِبغ في الثوب ، بحيث يتخلل ويتغلغل في أعماق النفس فيشمل الروح والبدن ، وتصطبغ به الجوارح والأعضاء ، ويظهر أثره على أهله ، والمتمسكين به ، كـ ظهور أثر الصِبغ على الثوب ..
فـ ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾ قيل للدين الذي نزل وحيا : صِبغة ؛ لأنه يصبغ أهله وأتباعه بحيث يظهر أثره على جوارحهم وأعضائهم وأحوالهم وأوقاتهم وأعمالهم ومُعاملاتهم وأخلاقهم وحتى زيهم ولابسهم ، ويظهر أيضًا على وجوههم ، بإشراق الوجه ، واستنارته ؛ وذلك حينما يستنير القلب بهداية الإسلام ، ويُشرق بنور الله تبارك وتعالى فـ الله جلَّ وعلا هو الذي يقول : ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ ﴾ يعني: هداه في قلب المؤمن ﴿ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ .. فـ هذا القلب يستنير بنور الله تبارك وتعالى فـ يستنير الوجه ، وتظهر أنوار الهداية والإيمان بـ قدر ما يقوم في القلب من هذه الأنوار ، وكذلك أيضًا تظهر هذه الآثار والأنوار على الجوارح والأعضاء ، والنبي الكريم ﷺ قال فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى في الحديث المشهور : « „ من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنتُ سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأعيذنَّه. “ » ؛ فـ حينما يصطبغ بصبغة الله عزَّ وجلَّ يكون الله تبارك وتعالى بهذه المثابة بالنسبة إليه : « „ كنتُ يده التي يبطش بها “ » ؛ بمعنى: أنه لا يُحرك ولا يبطش إلا وفق مرضاة الله ولا يمشي برجله خطوة واحدة إلا فيما يكون رضًا لربه تبارك وتعالى فيكون عمله في رضاه ، وتكون أنفاسه في طاعته ، فيكون مُستغرقًا العمر كله وكافة الأنفاس وجميع اللحظات في طاعة ربه ورضا مليكه وخالقه ومولاه جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه وحينما يصطبغ القلب والعبد بصبغة الله تبارك وتعالى فإن ذلك لا بد أن يُرى عليه أثره ، بقدر ما يحصل من هذا الصبغ ، فإن أثر الصبغ يظهر ولا بد ، ومن هنا يتميز المؤمن بـ سمته وهديه ودله ، ويتميز بمعاملاته وتصرفاته وأخلاقه ، ويتميز بلباسه وهندامه ومظهره ، فإذا رآه أحد ميَّزه وعرفه من بين ملايين البشر .. فيقول : أن هذا من أهل الإيمان ، فإذا قويَّ ذلك وتمكنت منه التقوى فإن ذلك يُعرف بوجهه ، بل لقد قال الحافظ ابن القيم رحمه الله بـ: أن أهل الفراسة يعرفون ثوب التقي الصالح من ثوب غيره ، ولو لم يكن عليه ويرتديه ، يعني : ولو لم يكن لابسًا له ، ثوب مُعلق لإنسان صالح ، وثوب مُعلق لإنسان فاسق ، يُعرف أن هذا الثوب لإنسان من أهل الصلاح ، وهذا لإنسان من أهل الفساد ، هذا في الثوب والهندام واللباس .. فــ كيف بالإنسان ذاته ؟ .
ولذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن يدعي أحد الإيمان ، ويعزوا ذلك إلى قلبه ، وأنه قد استقر فيه ، ثم بعد ذلك لا يظهر شيء من ذلك عليه من حيث :
- المعاملة فاسدة ، و
- اللسان فاسد ، و
- الأعمال فاسدة ، و
- الجوارح فاسدة ، و
- الوجه مُظلم ، و
- اللباس ليس بلباس أهل الإيمان ، إذا رأيته لم تُميز هل هذا من البوذيين أو من المشركين أو من غيرهم ؟ وهل هذا ممن لا دين له أصلاً كـ الملاحدة؟ .
فـ المظهر والهيئة والصورة لا تدل أبدًا على أن هذا من أهل الإيمان ، فضلاً على كونه من أهل الصلاح إطلاقًا ، في لباسه يتشبه بمن لا خلاق لهم ، وفي هيئته وأعماله وتعاملاته كذلك ، هذا حينما يحصل المسخ ويحصل تصحر الإيمان وغيابه في قلب الإنسان ، فيحصل انحسار آثار الإيمان على جوارح العبد وأعضاءه ومظهره وهندامه وأعماله وتعاملاته ولسانه وأخلاقه ، فيكون حاله ربما أسوء في ظاهره من حال من لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر ، فيصدر عنه من الأقوال والأفعال ما يكون فتنة لغيره ، فيكون صادًا عن سبيل الله لأنه ينتسب إلى الإسلام اسمًا ، ولكن هو أبعد الناس عن امتثال احكامه وشرائعه وابعد الناس عن منهاجه وطريقته .
وهكذا .. المرأة حينما تصطبغ بصبغة الله .. فإن ذلك يظهر عليها في حشمة وحياء ووقار وحجاب ولباس ضاف وساتر ومانع لكشف عورتها أو تفاصيل بدنها ، وليس فيه عبث ولا تلاعب ، وليس فيه أي لون من ألوان التبرج بزينة تظهر فيه ، أو بمزاولات وتصرفات تتصرفها هذه المرأة ؛ لتُلفت أنظار الرجال بهذا الحجاب ، فإن ذلك من صبغة الله .. فتكون المرأة ذات قرار ووقار وحشمة وحياء وستر ، فتكون في حال من الجلال والبهاء والرفعة والسمو والسناء ، كما قال الله : ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى ﴾ ؛ يعني: أقرب : ﴿ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ﴾ .
يعني: يُعرف أنها حُرة ، فلا يطمع بها ضعفاء النفوس أو يطمع فيها أهل الأهواء ، فإن الحُرة تكون ضافية الثياب ، ومحتشمة ومستترة غاية الاستتار ، بخلاف الكاشفة المُتبذلة فتكون في جلالها وفي حجابها الأسود ذات مهابة وجلالة ، كما نرى هذه الجلالة والمهابة التي تكسو بيت الله وكعبته المشرفة بمكةَ المكرمة ، في حجابها الأسود ، فإنه يزيدها بهاءً وجلالة وقُدسية وعظمة.
فالمرأة المسلمة حينما تحتجب فإن ذلك يزيدها بهاءً وجمالاً وحشمة وعظمة ، وتفرض احترامها على غيرها ، بخلاف من كانت مُتبذلة كاشفة كـ الحلوى المكشوفة التي يقع عليها الذباب وتتساقط عليها الآفات وتعلوها الأقذار ، فلا تُقبل عليها النفوس ، ولا تطلبها ، بل تعافها وتمُجها ، هكذا إذا كان ذلك في حلوى ومطعوم ، فكيف بالنفوس والأرواح حينما تُشرق بالإيمان ، وتستنير بطاعة الله والعمل بمرضاته وفق ما يحبه الله ويرضى ، أو تبتعد عن ذلك .. قال النبي ﷺ: « „ كل مولود يولد على الفطرة .. فأبواه يهودانه .. أو يُنصرانه .. أو يمجسانه “ » .. ولم يقل: أو يُسلمانه ؛ لأنه يولد على الفطرة ، فصبغة الله هي دينه ، الزموا صبغة الله ، واتبعوها .. إذ لا يمكن المُفاضلة بين صبغة الله وصبغة غيره ، فـ لكل قوم صبغة ، وكما قال الشاعر:
وَكُلُّ أُنَاسٍ لَهُمْ صِبْغَةٌ ... وَصِبْغَةُ هَمْدَانَ خَيْرُ الصِّبَغْ
صَبَغْنَا عَلَى ذَاكَ أَبْنَاءَنَا ... فَأَكْرِمْ بِصِبْغَتِنَا فِي الصِّبَغِ
الشاهد أن صبغة الله لا تُقاس ولا تُقارن بغيرها .. ..
ـــــــــــــــــــــ
(تمهيد لـ كِتَابُ النِّكَاحِ )
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الهلالي الْهِجْرِيَّ ٢٦/ شوال ~ 24 ابريل / 2025م
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 04 / 2025, 36 : 05 PM
الحرية
تحدثتُ عن الحاجات العضوية عند الآدمي ؛ وتكلمتُ عن غرائز الإنسان ثم فطرة الله في خَلقه وصبغته ؛ وأكمل في هذا التمهيد لموضوع الزواج مسألة الحرية المطلقة دون قيد أو شرط والتي تسبب شقاءَ الإنسان ، فمنذ لحظة الخلق الأولى : ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم﴾ ؛ ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ﴾ ثُمَّ ﴿ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾ منذ تلك اللحظة تم أمران :
[( 1 . ) الأول منهما : عملية تعليم آدم الأسماء كلها ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ﴾ ؛ كي يتحصل [( الإنسان الأول )] على معلومات عن الأشياء لـ يتمكن من التعامل معها ، و :
[ ( 2 . )] الأمر الثاني : التكليف ؛ ويندرج تحت التكاليف الطلب والتنبيه والتعليم والتعليل والزجر فـ ينقسم التكليف عموماً إلى :
[( أ . )] الأوامر بالقيام
بـ :
1. ) الفعل : مثل قوله تعالى :
1 . 1. ) : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ ﴿ اسْكُنْ ﴾ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }
1 . 2. ) : ﴿ وَكُلاَ ﴾ { مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا }
1 . 3. ) : { فَلَمَّا﴿ ذَاقَا ﴾ الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا }
أو :
2 . ) التصرف:
2 . 1. ) : { وَيَا آدَمُ ﴿اسْكُنْ ﴾ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ :
2 . 2 . ) : ﴿ فَكُلاَ ﴾ { مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا }.
2 . 3 . ) : ﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾
أو :
3 . ) القول : { قَالَ يَا آدَمُ ﴿ أَنبِئْهُم ﴾ بِأَسْمَآئِهِمْ } .
والقسم الثاني من التكليف :
[( ب . )] النواهي بترك 1. ) فعل ؛ أو 2 . ) قول ؛ أو 3 . ) تصرف : ﴿ وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾.
ومن التنبيه والتعليم والتعليل والزجر قوله : { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا : ﴿ عَدُوٌّ ﴾ { لَّكَ وَلِزَوْجِكَ } : ﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ﴿ فَتَشْقَى ﴾ }.
وجاورهما [( أي عملية التعليم والتلقين ، و التكليف الأوامر والنواهي : )] : الفتنة والاختبار والامتحان والبلاء. مثل قوله : ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِين ﴾ ..
ثم وضع العلاج الناجع : ﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾
ومثل قوله : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾.. ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾
ثم تلت عملية تعليم آدم .. ما آكده الخالق المُبدع المُنشأ على أمر التعليم في آخر رسالاته للبشر أجمعين ، فـ انزل أول آية من الذكر الحكيم على قلب آخر الأنبياء ومتمم المصطفين المرسلين مبعوث رب العالمين للعالمين وحياً بواسطة أمين السماء جبرائيل بقوله سبحانه وتعالى شانه : ﴿ اقْرَأْ ﴾ أي قراءة الكتاب المسطور والمحفوظ في الصدور ؛ هذا أولآً ، وثانياً : قراءة الكتاب الذي في الكون منشور : علم الإنسان كـ الطب بفروعه ؛ وعلم الحيوان : البيطري ؛ وعلم النبات ؛ والزراعة ؛ والهندسة ؛ والفضاء ؛ فقال : ﴿ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق ﴾ فالبحث في كل ما خلقه الله تعالى فطلب العلم واجب سواء أكان الشرعي وكل إنسان حسب حالته ؛ أو المدني لكل إنسان حسب قدراته ؛ ثم أعاد الأمر بقوله جلَّ وعلا : ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم ﴾ ثم جاء تبيان بقوله تعالى ذكره : ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم ﴾ ﴿ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم ﴾ ؛ ﴿ رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ ، فالإنسان محتاج إلى معلومات أولية عن الشئ ؛ كي يحسن التعامل معه وبالتجربة تحصل عملية خبرات تراكمية للمعلومات والتي هي جديدة عن الأولية فينشأ علم جديد أو ألة جديدة ، فبيَّن خالق الإنسان ومبدع الأشياء ومنشأ الحياة ومسير الكون ؛ خلقهم جميعاً على غير مثال سابق يحتذى به خلقها جميعاً من عدم أنه قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ﴾ ولغياب تلك المعلومات الأولية عن الملآئكة ووجودها عند آدم : ﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم ﴾ فجرى ما لم يكن في علم الملائكة ؛ إذ نطق القرآن : ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ﴾ ﴿ فَــ .. أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ ﴾ .. ثم جرى تكريم آدم بقوله تعالى : ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ﴾ ﴿ فَسَجَدُواْ ﴾ سجود تكريم وليس سجود عبادة ﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى ﴾ ﴿ وَاسْتَكْبَرَ ﴾ ﴿ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين ﴾ .. ثم جاء بعد التعليم والتكريم التكليف : أوامر ونواه : ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ ﴿ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾ إشباع الحاجة العضوية للإنسان ؛ ثم جاء النهي : ﴿ وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ وبيَّن سبحانه جزاء القيام بالفعل ﴿ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِين ﴾ ..
هذا بالنسبة للإنسان الأول ؛ الذي جعله خالقه ومبدعه ومنشأه : خليفة في الأرض ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ ﴾ ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ ﴾ ﴿ خَلِيفَةً ﴾ وصارت ذريته من بعده خلفاء في الأرض ؛ فأتى بمثال فقال : ﴿ يَا دَاوُودُ ﴾ ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ ﴾ ﴿ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾ ﴿ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى ﴾ ﴿ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ .
أما الإنسان الحالي أو بتعبير دقيق ذرية آدم فوضح القرآن المجيد عملية التعليم ؛ فنطق القرآن يقول : ﴿ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ وبعد الخلق من عدم والايجاد ﴿ مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ﴾ ﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ﴾ جاء الجعل ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ ﴾ أدوات التعليم فذكر : ﴿ الْسَّمْعَ ﴾ بالإفراد ﴿ وَالأَبْصَارَ ﴾ بالجمع ﴿ وَالأَفْئِدَةَ ﴾ بالجمع ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾ .
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 04 / 2025, 38 : 05 PM
.. وأم المسائل هي قضية الإيمان بآله واحد .. خالق .. آمر .. ناه .. ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين ﴾ ﴿ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ ﴾ ﴿ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ﴾ ﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُون ﴾ .. وجعل للإنسان مطلق حرية الاختيار بين الإيمان به أو بين الكفر والإشراك والإلحاد فبين سبحانه وهو الرؤوف بعباده فقال : ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ﴾ ﴿ إِمَّا شَاكِرًا ﴾ ﴿ وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ .. ﴿ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ .. ويزيد المسألة وضوحاً ﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن ﴾ ﴿ وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾ .. ومن حيث التكاليف قال تعالى : ﴿ يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾ ﴿ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ .. ﴿ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ﴾ ﴿ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ .. ﴿ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾﴿ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ ﴾﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ .. ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَاد﴾ ..
وأمام هذه الإرادة الآلهية توجد إرادة شيطانية فيقول القرآن : ﴿ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ﴾ ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء ﴾ .. ﴿ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ ﴾﴿ وَعَنِ الصَّلاَةِ ﴾ ..
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 04 / 2025, 40 : 05 PM
ومن حيث التكاليف والأوامر والنواهي يضع القرآن قاعدة عريضة متينة فيقول : ﴿ يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ﴾ ﴿ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ .. ثم يبين : { إِنَّا عَرَضْنَا ﴿ الأَمَانَةَ ﴾ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴿ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا ﴾ ﴿ وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ﴾ ﴿ وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ ﴾ ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ﴾ .. وهذه اللفظة القرآنية ﴿ الأَمَانَةَ ﴾ تحتاج لبيان ؛ فجاء عند القرطبي : " وَالْأَمَانَةُ تَعُمُّ جَمِيعَ وَظَائِفِ الدِّينِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. ".
ومما يناسب هذا البحث ما قَالَه أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: مِنَ الْأَمَانَةِ أَنِ ائْتُمِنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا.
وعليه فــ
مسألة الحرية دون قيد أو شرط والتي ينادي بها الغرب تُوقع الإنسان في شر أعماله وفساد تصرفاته ؛ فـ الحرية هي عمود خيمة المجتمع الغربي الحديث ؛ وهي الركيزة الأساسية في النظام الديموقراطي على المنهج الغربي ؛ والتي تؤكد حرية الفرد في التعبير والرأي والاعتقاد والاختيار والتملك ؛ وفارق بينها وبين أن الحرية مكفولة في الاختيار في النظام الإسلامي من حيث القيام بالفعل أو الامتناع عنه وتركه ؛ فالمرء حر في أن يؤمن بـ آله واحد كما أنه حر في أن يعبد حجر أو صنم أو يقدس حيوان فـ حرية العقيدة متروكة للإنسان وليس مجبراً عليها .. ثم إذا أمن بهذا الآله فهو مختار بعد ذلك في التقييد بأوامره للقيام بها والابتعاد عن نواهيه فشارب النبيذ لم يجبره أحد على شرابه كما أن متذوق عصير العنب لم يجبر على تذوقه ..
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
27 / 04 / 2025, 42 : 05 PM
ومن المغالطات المشهورة إذ :" يظن الكثيرون أن الغرب الأوروبي يمثل مهد الحرية والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان .. متناسين أن الشرق كان فيه الوجود الإنساني بـ قيمه الحضارية العلوية ومقاييسه الإنسانية أسبق بكثير من وجود الغرب وقيمه الحديثة ، التي تقوده اليوم إلى الإنحطاط الأخلاقي والقيمي بسبب الشطط في تطبيقات الحرية الفردية المطلقة التي يأخذ بها دون أدنى ضوابط تراعي الحفاظ على الأسرة والمجتمع أو الفرد ؛ وحتى على الفطرة السوية الطبيعية التي فطر عليها الخَلق ، ومنادة الغرب بالإشباع الخاطئ بل والترويج للإشباع الشاذ .. كما ولا يمكن لمفاهيم الحرية المطلقة أن تكسر قوانين الطبيعة بين المخلوقات والتي جبلت عليها وقوانين الخالق في خلقه ..
إن التطور الحضاري لمجتمع ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالتطور العلمي والنضج السياسي والوعي الفکري على السواء وإن قياس مستويات هذا التطور يکون بمدى الإحساس بهامش الحرية في ممارسة الإبداع والتعبير فتقلص هامش الحرية يحول دون هذا التطور ويقف حجر عثرة أمام النمو الفکري لأفراد المجتمع ويحارب الفکر الحواري والمثمر، وبالتالي الزيادة في معدل الأمية والتخلف والجريمة والجهل والصراع الطبقي والديني والقيمي والثقافي .
فـ الحرية هي قضية الإنسان منذ بدء وعيه وهي من طبيعته وصراعه في الحياة متحدياً ومناضلا في کل المحاولات الفاعلة لمصيره . کذلک کان التاريخ حافلا بالتناقض في هذا الصراع بين الإنسان بفرديته وبين واقعه الاجتماعي محاولا کشف الحقيقة بفهم الوجود بين ذاتيته ومجتمع.
أولاً: الحرية المطلقة بين السيكولوجيا و الفلسفة :
التحرر [(الحرية المطلقة)] من كل الضوابط والقيم والمعايير المجتمعية والانفلات من كل المقاييس .. فهذه اثارت نقاشات واسعة حول تداعياتها النفسية والاجتماعية على الفرد ؛ فمن ناحية عززت هذه الحرية الابتكار والاستقلالية بيد أنها من ناحية آخرى أدت إلى تحديات اجتماعية وسلوكية أثرت سلباً على استقرار النظم الاجتماعية وعلى الهوية الفردية .. فقد رأى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر حين ترتبط فكرة الحرية المطلقة ارتباطاً وثيقاً بالفلسفات الليبرالية والوجودية فيرى سارتر أن الإنسان «محكوم بأن يكون حراً» ، أي أنه مسؤول بشكل كامل عن أفعاله وقراراته ، بينما دعا جون ستيوارت مِيل إلى حرية الفرد ما دامت لا تسبب ضرراً للآخرين . لكن واقع المشكلة يكمن في أن تحديد مفهوم «الضرر» إذ يظل مسألة نسبية ، ما يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة للحرية قد تؤدي إلى فوضى اجتماعية.. فـ. الحرية المطلقة من منظور سيكولوجي ، من الناحية النفسية، تُشير حسب نظرية «القلق الوجودي» لـ إيرفين يالوم إلى أن الحرية المطلقة قد تؤدي إلى شعور عميق بالقلق نتيجة غياب المعايير الخارجية التي توجه السلوك ؛ فحين يكون الإنسان حراً بلا حدود ؛ يصبح مسؤولاً عن صياغة قيمه الخاصة ، مما قد يولد حالة من التوتر والقلق وعدم اليقين . كذلك، يرى عالم النفس إريك فروم في كتابه «الهروب من الحرية» أن الحرية غير المنضبطة قد تدفع الأفراد إلى البحث عن هويات بديلة ، أو إلى الانخراط في أنماط سلوكية غير مستقرة ، بسبب عدم قدرتهم على تحمل ثقل المسؤولية الفردية المطلقة .
ثانياً: تداعيات الحرية المطلقة على السلوك الفردي
أدت الحرية المطلقة في بعض المجتمعات الغربية إلى تراجع القيم التقليدية الراسخة التي كانت توجه السلوك الاجتماعي ، مثل الأسرة ، والدين ، والالتزامات المجتمعية ، فقد أصبحت مفاهيم مثل «النجاح الفردي .. الشخصي» و«الإشباع الذاتي» أكثر أهمية من المسؤوليات الاجتماعية . ووفقاً لدراسات في علم النفس الاجتماعي ، فإن هذا التحول أدى إلى زيادة النزعة النرجسية بين الأفراد ، حيث باتت الأولوية لإشباع الحاجات الشخصية على حساب القيم الجماعية.
تشير دراسات علم النفس إلى أن الحرية المطلقة قد تكون عاملاً مؤثراً في تزايد معدلات القلق والاكتئاب ، وبخاصة بين الشباب ، فبدلاً من أن تؤدي الحرية إلى راحة نفسية ، فإنها قد تخلق ضغوطاً نفسية متزايدة بسبب غياب المعايير المحددة .. فعلى سبيل المثال ، وجدت دراسة نُشرت في مجلة «علم النفس غير الطبيعي» أن الأفراد الذين يعيشون في مجتمعات ذات حرية غير مقيدة يعانون من مستويات أعلى من التوتر ، مقارنة بأقرانهم في المجتمعات التي تضع حدوداً أخلاقية أو قانونية أكثر وضوحاً.
من تداعيات الحرية المطلقة أيضاً زيادة معدلات الإدمان على المخدرات ، والكحول ، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث يبحث الأفراد عن أشكال من الهروب النفسي في ظل غياب الضوابط الذاتية . فمع انتشار فلسفة «افعل ما تريد» ، أصبح الإشباع الفوري من السمات الأساسية للسلوك الاستهلاكي في المجتمعات الغربية ، مما أدى إلى أنماط حياة تفتقر إلى الانضباط والسيطرة الذاتية...
ثالثاً: تأثير الحرية المطلقة على النظم الاجتماعية
أدت الحرية المطلقة إلى تفكك الأسرة وتراجع العلاقات الاجتماعية ؛ فالأسرة كانت لقرون طويلة حجر الأساس في النظم الاجتماعية ، لكن مع تزايد النزعة الفردية في الغرب ، شهدت الأسرة تحولات جذرية ، حيث ارتفعت معدلات الطلاق ، وتراجعت معدلات الزواج ، وازدادت الأسر ذات العائل الواحد . ويرجع علماء الاجتماع هذا التفكك إلى غياب القيود المجتمعية عن العلاقات الشخصية ، حيث باتت القرارات تُتخذ بناءً على الرغبات الفردية دون اعتبار كافٍ للالتزامات العائلية.
ساهمت الحرية المطلقة أيضاً في تقليل الشعور بالانتماء، حيث بات الأفراد أقل ارتباطاً بجماعاتهم ، مثل العائلة أو الحي أو حتى الدولة ، ويرى عالم الاجتماع روبرت بوتنام في كتابه «البولينغ وحيداً» أن هذا التراجع في الروابط الاجتماعية أدى إلى انخفاض رأس المال الاجتماعي، مما يؤثر سلباً على التضامن الاجتماعي، ويؤدي إلى زيادة العزلة.
تزايد النزعات الفردية على حساب المصلحة العامة.. ففي ظل انتشار فلسفة «الحرية المطلقة»، أصبح من الصعب تحقيق توافق مجتمعي حول القضايا الكبرى مثل البيئة، والعدالة الاجتماعية، أو توزيع الثروة. ومع التركيز على الحقوق الفردية من دون الالتزامات الاجتماعية، باتت القرارات تُتخذ وفقاً للمصلحة الذاتية لا للمصلحة العامة، مما أدى إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
وأخيراً : فـ ليس من حق الغرب كله أن يفرض قيمه وقناعاته ومفاهيمه الدينية والأخلاقية على غيره من الامم والدول والشعوب التي لا ترى في مثل تلك القيم إلا شذوذاً وسقوطاً قيمياً وأخلاقياً لتعارضها مع ما تؤمن به من أفكار وقيم ومبادئ ومقاييس وأخلاق ..
وكاتب هذه السطور مع الحرية التي تحفظ للإنسان كرامته الآدمية وللمجتمع وحدته وتطوره ومستقبله وتحافظ على فطرته السوية الطبيعية ، ولستُ مع أي حرية تتعارض مع الأفكار والقيم الإسلامية والمقاييس والقناعات والمبادئ .. تلك التي اقرتها شريعة السماء ومنهاج رسول السلام محمد بن عبدالله والقيم الأخلاقية التي تتسم بها مجتمعاتنا.
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
الرَّمَادِيُّ
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ : ٢٩ / شوال ~ 27 أبريل 2025م
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الْنَّدِيَّة المتعلقة بـ (.أبواب كِتَابُ النِّكَاحِ ...)
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
01 / 05 / 2025, 53 : 01 PM
تمهيد
كِتَابُ النِّكَاحِ
﴿ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ﴾ ..
يقول : أوجبن عليكم عقداً وثيقاً شديداً بـ النِكاح .. ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ ﴾ ..
لذا جاء الأمر بـ حسن العشرة ..
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ.
تمهيد :
إلى الآباء والأمهات !
إلى الأبناء والبنات !
إلى مَن يرغب في الزواج!
إلى مَن سيُقبل على بناء أسرة جديدة!
إلى مَن يريد أن يُفعل كتاب الله تعالى .. الذكر الحكيم المتعلق بآيات الأحكام العملية !
إلى مَن يريد أن يستن بسنن الأنبياء عليهم السلام ؛ ويتمسك بـ سنة سيد ولد آدم المصطفى الهادي : خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين „ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ، أَزْكَى صَلَوَاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ .. صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيراً ‟ .. كي يغض البصر ويحصن الفرج فـ يستريح من عناء الأفكار الواردة من قنوات التضليل ومصادر الإفساد ، فـ يسعد في الدنيا الزائلة ويتحصل على النعيم المقيم في جنة الآخرة .. جنة الرضوان وأن يكون ضمن المباهَى بهم يوم القيامة.!
إلى كل هؤلاء أُقّدم هذا الجهد المتواضع .. مِن خلال هذا الموقع المبارك!
وما أرجوه أن يجد آذاناً مصغية ، وقلوباً واعية ، وعقولاً مدركة ، لـ بناء الأسرة المسلمة بعيدة عن خطر الوقوع في مهاوي الرذيلة ومستنقعات الضلال ..
فـ أضع بين يديك أخـ (ـتـ)ـي القارئــ(ــ)ـة الكريمــ(ـــ)ـــة هذه البحوث .. المستمدة من كتاب الله تعالى ذكره ومشفعة بـ سنة رسوله عليه السلام ومِن الكتب المفيدة والمراجع النافعة في هذا الموضوع المهم لـ تكوين أسرة المستقبل الصالحة المسلمة .. ألا وهو موضوع:
( إجتماع المرأة بالرجل .. وعلاقة الرجل بالمرأة .. أو ما يُسمى بـ أحكام الزواج .. النِكاح : مقدماته وفوائده العاجلة والآجلة وتبعاته وثمراته) ..
ولاسيما في هذا العصر الذي اختلط فيه الحابل بالنابل فـ تموج فيه الفتن بـ قنواتها المختلفة : المرئية، والمسموعة، والمقروءة ، وشعاراتها الزائفة من تحرير المرأة من كل قيد أو شرط ومساواتها في كل الحقوق والواجبات وهي محاولات طائشة تحمل السُم الزعاف لإضلال البشر رجالاً ونساءً ..
و..
﴿ 1 ﴾ - لابد مِن مراعاة اختلاف الأفكار والثقافات والقيم والمفاهيم والقناعات مع هذه الزوجة الجديدة التي وفدت إلى بيت هذا الزوج.
كما ولابد من .
﴿ 2 . ﴾ - ضرورة مراعاة اختلاف العادات والتقاليد والعُرف والقوانين المعمول بها بين كل بلد وبلد وشعب وشعب وأمة وأمة وعشيرة وقبيلة إذا لم يكن الزوجان من بلد واحد .. أو من دين واحد ؛ وفق ما سمحت به شريعة الإسلام ومنهاج سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
أهمية الأسرة وعناية الإسلام بها:
ينبثق تنظيم علاقة الرجل بالمرأة واجتماع المرأة بالرجل والتي ستتكون منهما الأسرة من معين الفطرة السليمة وأصل الخِلقة السوية فتصطبغ هذه الخلية الجديدة الصالحة بـ صبغة الله تعالى ؛ فـ هي [( الفطرة .. واصل الخلقة )] قاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعًا وللمخلوقات كافّة وللموجودات باسرها ، قال: سبحانه ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾،
و
قال جل شأنه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ..
فقد شرع الله تعالى ذكره في هذا الدين [( نظام الإسلام : منهاجاً وشريعة .. : طريقة معينة في الحياة ؛ وكيفية خاصة في التطبيق )] .. شرع مِن الأحكام الشرعية ما يضمن للبشرية جمعاء سعادتها في الدنيا الزائلة ونعيمها في الآخرة الباقية ، ومن تلكم الأحكام العملية الشرعية التطبيقية المتعلقة بعلاقة المرأة بالرجل وما يترتب على اجتماع الرجل بالمرأة : أحكام الزواج .. أحكام النكاح ، والتي تستطيع من خلال تطبيقها تطبيقا صحيحا سويا : الحفاظ على الوجود البشري ؛ والجنس الإنساني والنوع الآدمي ، وقد نظم الخالق المبدع المُنشأ المصور سبحانه هذه الشعيرة : هذا الاجتماع ؛ فـ نظم هذه العلاقة نظامًا دقيقًا ، فما ترك صغيرةً ولا شاردة إلا وتكلم فيها وأخبر عنها فـ ضمن من خلال هذا النظام التطبيقي العملي الرباني والوحي العلوي السماوي .. ضمن المصالح النافعة كلها المشتركة بين بني البشر وابعد عنهم جميعاً المضار والمساوئ كلها ، وجعل العلاقة بين الزوجين علاقةً يسودها السكينة والألفة والمودة والحب والرحمة والشفقة والاطمئنان النفسي والهدوء الجسدي والراحة البدنية ، وحرص الشرع الحنيف ومنهاج رب العالمين كل الحرص على بقائها صالحة واستمرارها نافعة للطرفين ، وعدم انفراط عقدها أو ما يفسد سيرها في معترك الحياة أو ما يعكر صفوها حتى وفي وقت الأزمات والصعوبات والمحن والإبتلاء ، وأحاطها بـ سياج منيع في حالة التفكير لأي من الزوجين بـ خيانة الآخر ، أو هضم حقه أو الإساءة إليه .. كل هذا حتى يستطيع الإنسان العاقل المكلف العيش بـ أمان واطمئنان واستقرار نفسي وهدوء روحي ، وعبادة ربه تعالى كما يحب الخالق ويرضى وكما شرع وأمر على ظهر هذه البسيطة، وتحقيق الخلافة فيها.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ.
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الهلالي الْهِجْرِيَّ : ٤ ذو القعدة الموافق : 01 / مايو / 2025م
:ــــــــــــــــــــــ "ــــــــــــــــــــ
ابحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة .. ومحاولة بناء الشخصية الإسلامية بـ شقيها النفسي والعقلي!
ــــــــــــــــــــــــــ "ــــــــــــــــــــــ .
: ". الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الْنَّدِيَّة لشرح (.أبواب كِتَابُ النِّكَاحِ .. )
الرَّمَادِيُّ.
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) .
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir