تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السياحة : آثارٌ وأخطارٌ


ابو الوليد البتار
02 / 04 / 2009, 06 : 11 PM
السياحة : آثارٌ وأخطارٌ الخطبة الأولى
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان،
أمَّا بعدُ:

أيّها الأخوة في الله:
لا تزال هذه الجزيرة العربية هي معقل الإسلام والمسلمين، وعاصمته الخالدة، وقلب العالم الإسلامي؛ ورأس مال المسلمين، والخط الأخير في الدفاع عن الوجود الإسلامي.
وهذه الجزيرة في العالم الإسلامي بمثابة مركز القلب في الجسم الإنساني، فإذا عاش وقَوِي وأدى مهامه في تغذية الجسم بالدماء، حافظ على نظام الجسم الحيوي والصحي؛ عاش الجسم وقوي، وأمّا دب الوهن إلى هذا القلب أو اعتل، وتخلى عن وظيفته ودوره؛ أسرع الموت إلى الجسد، فاستولت عليه الأمراض والعلل، وعجز الأطباء الحاذقون عن إعادة الحياة إليه بالطرق الصناعية الطبية التي يعرفونها.
وذلك أن الجزيرة مركز الإسلام الدائم، وعاصمته الخالدة، وهي البلد المثالي، والمقياس الصحيح الدائم للحياة الإسلامية، ومعيار تعاليم الإسلام العالمية، وصلاحيتها للبقاء والتطبيق، وظهور المجتمع الإسلامي في حيويته وأصالته، وجماله وقوته.
فالرسالة الإسلامية مهما كانت عالمية تجول في الآفاق، لابد لها من مركز يعد مقياساً وميزانا لعمليتها وواقعيتها، وأسوة وقدوة لجميع المدن والقرى والمجتمعات التي تؤمن بهذه الرسالة، وتحتضن هذه العقيدة والدعوة.
ولما كانت هذه الجزيرة، وهذه البقاع المقدسة مصدر الإشعاع العالمي الإسلامي، مقياس قوة الإسلام وسلطانه، كان علماء المسلمين وقادتهم في كل زمن وبلد شديدي الحساسية لما يقع فيها من حوادث، ولما يجري فيها من تيارات، دقيقي الحساب لمدى تمسكها بالتعاليم والآداب الإسلامية، ومحافظتها على الروح الدينية والعاطفة الإسلامية، كبيري الغيرة عليها وعلى قيادتها للعالم الإسلامي.
وإنّ من الأمور التي تؤثر على هذه البلاد: ما يطرح في الآونة الأخيرة من مصطلح السياحة في صفحات الصحف المحلية والمجلات الدورية، حيث يجري عرضه على أساس أنه أحد مصادر الدعم المادي للبلاد! وقد صاحب ذلك إعدادٌ لبرامج سياحية هنا وهناك، ورسمٌ للخطط لإقامة مشروعات في صناعة السياحة!.

أيها الأخوة في الله:
إنّ الهدف المعلن للتنمية السياحية هو الجانب الاقتصادي أو المادي، وهذا ما يعلن عنه بوضوح!.
والسؤال هنا: لمن ستعود هذه المكاسب الاقتصادية؟!.
أترجع للبلد الغالي أو إلى المواطن؟!.
أم أنها سترجع إلى أصحاب الأموال وشركات الاستثمار السياحية؟!.
وعلى أية حال، أيا كان المستفيد ودرجة استفادته المادية ومقدارها، فإنّ ما يهم هنا أن ندرك أن أصحاب هذا الهدف الاقتصادي سيتطلعون إلى *** أكبر قدر ممكن من الناس إلى قطاع السياحة، وتشجيعهم على إنفاق أكبر قدر من مقدراتهم المالية لرفع العائد الاقتصادي؛ والهدف من ذلك تحقق الجدوى الاقتصادية وراء إنشاء المشاريع السياحية الضخمة، وهذا يعني بذل الجهد في إيجاد ما يساهم في تشجيع الناس على الإنفاق المالي سواء كان ذلك للحصول على خدمات أو سلع أو رغبات بصرف النظر عن حلها أو حرمتها وهذا ما يشكل مكمن الخطر.
ومما يشهد على هذه الخطورة: ما نراه من واقع السياحة في العالمين العربي والإسلامي بشكل خاص، وواقعها في دول العالم بشكل عام.
كما تشهد لهذه الخطورة التطبيقات الأولية المحلية الحالية والإرهاصات المستقبلية لها. يقول الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً). [سورة الإسراء، الآية: 16].
إن دعوى أهل الصحافة والأقلام حول أهمية السياحية للاقتصاد تحتاج إلى نظر وتأمل، وذلك من خلال طرح الأسئلة التالية:
هل فعلا هذا هو المصدر ذو الأهمية الأولية التي يتوجب التوجه له حالاً، وبكل قوة؟!.
أم أن هناك مصادر أخرى أبلغ في تحقيق الدعم للاقتصاد ومعالجة مشاكله؟!.
وهل مخاطر هذه السياحة وآثارها على معتقدات البلد وأخلاقياته وأعرافه تُعدُّ الأقل من بين نظيراتها من الوسائل الداعمة للاقتصاد؟!.
وما أثر هذه المخاطر على الاقتصاد ذاته على المدى البعيد؟!.
وهل مآل هذه التنمية السياحية مقبولٌ شرعاً وعرفاً وعقلاً؟!.
إنّ السياحة عند جميع الاقتصاديين تعتبر رافداً للاقتصاد، لا أصلاً كما يصوره بعضٌ من الكُتّاب، ولو صرفت هذه الجهود في سبيل التنمية الزراعية أو الصناعية ونحوها لاستفاد المجتمع بإيجاد ركائز اقتصادية ضخمة، ولسلم العباد والبلاد من شرور ومخاطر السياحة.
وإن نظرةً واقعية إلى دولة من أعظم البلدان في مجال السياحة، والتي تمتلك كثيرا من آثار الفراعنة والقرى السياحية ما لا تملكه غيرها من الدول، إضافة إلى الخبرة الكبيرة في هذا المجال، ومع ذلك فإنها غارقة في الديون، بالإضافة إلى ما سببته السياحة لها من مفاسد عقدية وأمنية وأخلاقية.

أيها المسلمون:
إنّ الذين يفدون إلى هذه البلاد للسياحة أحد فريقين:
المسلمون: وعامتهم يطلبون السياحة الدينية؛ حيث يقصدون آثاراً ومزارات وقبوراً لا يكادون يجدون نحوها في كل بلاد الدنيا، ولا يخفى ما في هذا السلوك من إحياء الوثنية وتشييد وتعظيم المزارات البدعية والشركية، وإعادة تمجيدها بعد أن طهر الله منها هذه البلاد على يد الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود وأبنائهما يرحمهم الله تعالى فنعوذ بالله من الحور بعد الكور، ونعوذ بالله أن نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة.
وأمّا الفريق الآخر: فهم الكفار؛ حيث يفدون على أنهم ضيوف لهم حق الضيافة، وفي الوقت الذي لا يجوز للكفار دخول جزيرة العرب أو الإقامة فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إلَّا مُسْلِمًا". [أخرجه مسلم].
فإن هناك أمراً أكثر خطورة، وهو أن دخولهم على هذه الصفة مدعاة لموالاتهم ومودتهم، وقد قال الله تعالى:
(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). [سورة المجادلة، الآية: 22].
كما أن ذلك مثار للإعجاب بهم وتقليدهم، والتشبه بهم في السمت الظاهر، وهو أمرٌ يقود إلى المشابهة في الباطن، عافانا الله وإياكم من ذلك.
إن أبناء المسلمين اليوم يتلقّفون عادات الكفار وتقاليدهم عبر القنوات الفضائية من على بعد آلاف الأميال، وقد رأينا أثر ذلك في واقعنا، فهو ظاهرٌ من خلال تلك التقليعات والموضات وأصوات الموسيقى الغربية الصاخبة!.
فما الظن حينما يرى الشباب أولئك العظماء في نفوسهم، وقد جاءوا عندهم على أرض الواقع؟!، فلقد زار هذه البلاد بعض اللاعبين والملاكمين، ورأينا كيف تزاحم الشباب لتقبيلهم وأخذ صورة تذكارية معهم!.
فكيف سيكون الحال عند قدوم آلاف الغربيين بصورهم الفاتنة، وأشكالهم المغرية؟!.
ولنتذكّر أن انفتاح المجتمعات المسلمة على المجتمعات الخارجية من أهم أسباب ذوبانها وإضعاف دوافع التدين لدى أبنائها.
إنّ السياحة تشكّل غطاء لأمرين خطيرين:
الأول: عصابات الجنس، التي تسعى لنشر الفاحشة وتسويقها.
والثاني: الهيئات التنصيرية التي ستستفيد من قرار التأشيرات السياحية والاستثمار الأجنبي، وستحاول تملّك العقارات لبثّ شرّها.
وقد يقول قائلٌ: كيف لأهل التوحيد أن يتنصروا وقد تغلغل الإيمان في قلوبهم؟!.
وأقول: لابد أن تعلم يا أخي، أن التنصير والدعارة والفساد، هما وجهان لعملة واحدة، فنشر الفساد هي المرحلة الأولى لانتشار التنصير، ولتقوية البعثات الكنسيّة في أي بلد، والدليل على ذلك ما قاله رئيس المبشرين (القس زويمر) في مؤتمر القدس للقساوسة، والذين اجتمعوا من كل مكان: "إن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريم، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليه الأمم في حياتها، وبهذا تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية ".
ويقول في كلام آخر له: "أخرجوا أبناء المسلمين من الإسلام ولا تدخلوهم المسيحية، فإن هذا تشريفٌ لهم، بل اجعلوهم إن عملوا؛ عملوا للشهوة، وإن جمعوا المال فلها، وإن صرفوا فللشهوة، فإذا أصبحوا بلا دين ولا مبادئ ولا أخلاق بإمكانكم أن تسيطروا عليهم وتقودهم إلى حيث شئتم".
ومن أخطار السياحة أيضاً: أن الدول التي فتحت أبوابها للسياح أصبحت تعاني من تفشي الأمراض المعدية؛ وبخاصة الجنسية منها، ولعل الدوائر الصحية قد اكتشفت حالات من المرض الجنسي الشهير (الإيدز) نتيجة سفر بعض الشباب إلى تلك البلاد، فكيف يكون الحال إذاً حينما نستقطب أجناس الناس من كافة الأرض - ولكل بلاد أمراضها وفيروساتها – فهكذا ستجتمع أخبث الأمراض في بلادنا، وستتلقفها أجساد أبنائنا؟!.

أيها الأخوة في الله:
إنّ هذه البلاد - ولله الحمد والمنة - تنعم بأمن لا مثيل له في العالم بسبب ارتفاع الوازع الديني لدى شعبها، لذا فإن مجيء السياح الأجانب سيساهم في تقليص هذا الوازع مما يجعل الجرائم أمراً معتاداً، هذا من جانب.
ومن جانب آخر سيكون نفس السائح الأجنبي مصدراً للجريمة والفساد حيث لا وازع يردعه، ومن خلال مظلة السياحة تتسلل عصابات المافيا والجنس الذين سيغرقون البلاد بأنواع الجرائم، من السرقات والنصب والاحتيال إلى الاختطاف والقتل، إلى ترويج المخدرات والعملات المزورة وغسيل الأموال والمتاجرة بالجنس.
ومن المعلوم أن الجهات الأمنية تعاني من العمالة الوافدة التي جاءت إلى البلد محتاجة تحت شروط وضوابط، ومع ذلك فكم من شبكات وعصابات تكتشف كانت تستهدف أمن هذا البلد واستقراره!.
فكيف بمن يفدون إلينا ونحن نهدف إلى استقطابهم والترحيب بهم، نسأل الله أن يحفظ على هذه البلاد أمنها واستقرارها.
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
أيها الأخوة في الله:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
إن الله تعالى ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة،ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، تلك رسالتنا، وهذه غايتنا، فنحن ما خلقننا من أجل أن نصرف اهتماماتنا في مباحات، ونبدد طاقتنا في فضول الأعمال.
لقد كان هدى أسلافنا الأوائل في حياتهم وسياحتهم مصروفاً في معالي الأمور، فقد كانوا يحيون بالقرآن ويعيشون بالقرآن، ويهتدون بهديه، ويعملون بأحكامه.
لقد كان القرآن لهم نبراس الحياة، وينبوع الضياء.
نعم، لقد كانت حياتهم وسياحتهم جهاداً في سبيل الله، خرجوا من ديارهم طلباً للنصر أو الشهادة في سبيل الله.
كم هم الذين ماتوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المدينة؟! وكم هم الذين نالوا الشهادة في أرجاء المعمورة؟!
اسألوا أرض الشام؛ كم من أبطال الإسلام دفن تحت أرضها؟!.
اسألوا أرض مصر؛ كم هم الذين قضوا نحبهم فيها؟!.
اسألوا أرض اليرموك والقادسية، وحطين وعين جالوت، وغيرها من معارك الإسلام، وفتوحات الإسلام.
اسألوا الدنيا كلها.
فإنك لا تكاد تجد أرضاً من أرضي الإسلام إلا وفيها أجساد طاهرة، وأرواح فاضلة! تلك كانت سياحتهم! وذاك الدافع لترحالهم وخروجهم من ديارهم!.
ولم تكن سياحتهم في الجهاد فحسب، بل كان طائفة منهم يسيحون لطلب العلم والسعي فيه، قدوتهم نبي الله موسى عليه السلام، عندما خرج يطلب للقاء الخضر عليه السلام لينتفع من علمه، وينهل من معينه.
فقد رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه مسيرة شهر كامل إلى عبد الله بن أُنيس، وذلك في طلب حديث واحد، يقول جابر رضي الله عنه: "بلغني عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم حديثٌ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاشتريت بعيراً ثم شددت رحلي، فسرت إليه شهراً حتى قدمت الشام... ".
هكذا كان حرص الصحابة على تحصيل السنن النبوية، لقد صارت هذه الرحلات لدى العلماء السابقين جزءاً أصيلاً من حياتهم العلمية، وقد لقي الرّحالون في أسفارهم متاعب ومصاعب، وشدائد لا تحصى، دُوّن بعضها، وذهب بعضها دون تدوين.
لقد سار - على سبيل المثال - محمد بن إدريس الرازي - رحمه الله - على قدميه ألف فرسخ؛ والفرسخ ثلاثة أميال، هذا ما كان يعدّه، ثم ملّ و ترك العد، يقول رحمه الله تعالى:
"أمّا ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فما أُحصي كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحر من قرب مدينة سلا - وذلك في المغرب الأقصى - إلى مصر ماشياً، ومن مصر إلى الرملة ماشياً، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان - ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرسوس إلى حمص، وكان بقي عليّ شيء من حديث أبي اليمان فسمعته، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيا، هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة، أجول سبع سنين".
هكذا كانت تُصرف تلك الطاقات، ما كانوا يفكرون في إنشاء كليات متخصصة!.

أيّها المسلمون:
إنها دعوة لأن يدرك كل مسلم أن لهذه الجزيرة خصوصيتها، حيث إن هذه الجزيرة المباركة تحظى بتوجيه رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلّم بإخراج المشركين منها، وأنه لا يجتمع فيها دينان.
ألا إنها دعوة لتهيئة المصائف والمنتزهات - فعلا - لتكون بديلاً مناسباً ومباحاً عن السياحة الخارجية، وتطهيرها من المهرجانات الغنائية والمشاهد المسرحية والاختلاط ونحوها، والحذر من أن تتخذ الآثار مزارات لإحياء البدع الشركية في البلاد.
ألا إنها دعوة، أن يقوم كل مسلم بدوره في الاحتساب على ما يقع من مخالفات وفق القواعد الشرعية، قبل أن يستفحل الخطر، ويصبح أمراً واقعاً يصعب تغييره، خاصة إذا ما ارتبطت أرزاق الناس به.

أيّها الإخوة:
إنّ هذه الجزيرة حباها الله تعالى بالكثير من النعم، والتي تؤهلها أن تكون بلداً سياحياً نظيفاً طاهراً، فهي بحق، قادرة على إعطاء مفهوم جديد للسياحة، والتي ارتبطت في أذهان الكثيرين أنها صناعة فاجرة، وممارسة منحلة، وهذا مُشاهد من خلال واقع الدول التي تمارسها.
إننا في هذه الجزيرة نملك مقومات السياحة الطاهرة النقية، فمن الحرمين اللذين هما مهوى أفئدة الناس، إلى الشواطئ الصافية، والبيئة النقيّة الخالية من أمراض الحضارة المادية وإفرازاتها الضارة، إلى الصحراء الممتدة ذات الرمال الذهبية، تلك المناطق البكر النقية من مخلفات الإشعاعات النووية، إلى الجبال الفاتنة ذات الهواء النقي والأودية الخضراء.
إننا نملك أن نكوّن بيئة سياحية نظيفة تستهدف المحافظين الذين يريدون التنزّه وتجديد النشاط، حتى ينصرفوا عن السفر إلى بلاد الكفر والإباحية، ذات التأثيرات العقدية والسلوكية، إضافة إلى المخاطر الأمنية والتعرّض للأمراض الخبيثة والمستعصية.
إننا نملك أن نستقطب أعداداً كبيرة من المسلمين الذين ينشدون الطهر والعفاف في أجواء سياحية ماتعة مباحة.
إننا جميعاً مع السياحة بمفهومها النظيف المنضبط بالأحكام الشرعية، لا أن نستورد أمراض الأمم وإفرازاتها الخبيثة ومفاهيمها الضالة، وتصوراتها المغلوطة وسلوكياتها المنحرفة، إننا لنحيي المجتمع المحافظ الذي لا يقبل البرامج السياحية المنحرفة ليدلل على أن السياحة المستوردة لا يمكن لها ولا ينبغي أن تنجح بين جنبات المجتمع المحافظ المتميز.

أيّها المسلمون:
إنها دعوة لأن يتداعى المخلصون من العلماء والاقتصاديين وأصحاب الفكر لبيان خطورة ما يقع الآن في البرامج السياحية، ووضع الضوابط الشرعية لتلك البرامج، خاصة فيما يتعلق بدخول الكفار إلى هذه الجزيرة، والتي هي وقف على أهل الإسلام، وخطورة الاستثمار والتملّك من الكفّار في أرض الجزيرة.
يا أمة الإسلام، جلّ مصابي ***وأطار حقد الخائنين صوابي يا أمة الإسلام، داهمني الأسى ***فعجزت عن نطق وعن إعرابماذا أقول وفي فمي من حسرتي ***لهب أبث به صريح عتابي فعلى محبتها كتبت قصائدي ***وعلى محبتها لبست ثيابي يا أمة الإسلام لست عقيمة ***ما زلت قادرة على الإنجاب إني أعاتب فيك قلباً غافلاً ***عما تخبئه يد القصّاب يا أمة الإسلام كنت عزيزة ***بالأمس لم تقفي على الأعتاب سافرت في درب الجهاد كريمة ***وطويت بالإيمان كل صعاب ماذا جرى حتى غدوت ذليلة ***مكسورة النظرات والأهداب لا؛ لا تجيبي ما سألتك طالبا ***منك الجواب فقد عرفت جوابي لم تجعلي للدين وزنا صادقا ***وغرقت في رتب وفي ألقاب وسكرت بالنعم الوفيرة سكرة ***أنستك معنى نقمة وعقاب فوقعت فيما أنت فيه من الأسى *** ورحلت في الأوهام دون إياب يا أمة الإسلام لن تتسنمي ***رتب العلا بالمال والأحساب لن تسلكي درب الخلاص بمدفع ***وبكثرة الأعوان والأصحاب لن تبلغي إلا بنهج صادق *** وتعلق بالخالق الوهّاب تفنى الجيوش وتنتهي آثارها ***وننال بالإيمان عز جنابوتظل قوة ربنا الغلاب ***تفنى القوى مهما تكاثر عدها
اللهمّ إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم اهدنا، ويسّر الهدى لنا، وثبتنا على الإسلام حتى نلقاك عليه


للشيخ محمد الهبدان

ابو قاسم الكبيسي
04 / 04 / 2009, 23 : 11 PM
جزاك الله خيرا على حرصك وعلى هذه النصائح الطيبة لحفظ الدين والبلاد وجزاك الله الفردوس الاعلى

محمد نصر
05 / 04 / 2009, 19 : 04 AM
بوركتم وجزاكم الله خيرا اخي الكريم ابو الوليد

ابو الوليد البتار
05 / 04 / 2009, 54 : 01 PM
ابوقاسم

محمد نصر

جزاكم ربي خيرا وبارك الله في مروركم العطر