المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل انتهى دورنا بانتهاء العدوان على غزة ؟


ابو الوليد البتار
10 / 04 / 2009, 42 : 07 PM
هل انتهى دورنا بانتهاء العدوان على غزة ؟
عبد العزيز عبد الله بالبيد

لم تترك الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شيئا إلا أتت عليه، لتضيف عبئا جديدا على الاقتصاد الفلسطيني المصاب بالشلل منذ أكثر من عامين بسبب الحصار.
فالتقديرات الأولية لما لحق بالمصانع والورش والمحال المدمرة من خسائر تقدر بثلاثمائة مليون دولار.
والزائر لما كان يعرف بالمنطقة الصناعية الممتدة على طول حدود شرق مدن وبلدات شمال القطاع، يدرك حجم الإصرار الإسرائيلي الواضح على شطب وإزالة كافة المصانع والمخازن الإستراتيجية التي تمد سكان غزة والضفة بالكثير من الاحتياجات والمستلزمات التي استغنى أهل غزة على مدار السنوات الـ15 الماضية عن استيرادها من إسرائيل أو الخارج.
روى خمسة أطباء من مختلف التخصصات معاناة أبناء القطاع أثناء العدوان الإسرائيلي، وكشفوا عن رحلة عذاب قطعوها منذ وصولهم مصر وحتى دخول غزة خاصة على الحدود المصرية.
وقال نعمان: إن العدوان طال المباني والمستشفيات والجامعات والمساجد وجُرفت أراض واسعة من حقول زيتون وبرتقال بثمارها، ودُمرت مزارع دجاج وحيوان بما فيها.
كما أشار إلى أن مئات توافدوا بعد انتهاء الحرب على مشافي القطاع للحصول على علاج نتيجة حصارٍ "فيه مآسي الغلاء إذ بلغ سعر أسطوانة الغاز عشرين دولارا".
أما أخصائي جراحة عامة الدكتور محمد العباهي فقال: إن الحصار أدى إلى انقطاع الكهرباء عن غزة بشكل كامل نتيجة انعدام الوقود عن المحطة الرئيسية، وإن الناس شرعوا في استخدام الأدوات البدائية في تأمين حياتهم الغذائية وتحريك المؤسسات التي تعتمد على الوقود، فاستخدموا الحطب بالمنازل، وزيت الطبخ في تحريك السيارات، كما أدى الحصار إلى نفاد أكثر من 150 صنفا من الأدوية باستثناء أقراص الأسبرين.
أما فايز أبو عكر صاحب شركات توزيع المواد الغذائية والحبوب التي تعرضت للحرق والتدمير، فيرى أن الاحتلال أراد من وراء ذلك حرمان المشردين والمنكوبين من التزود بالمواد الغذائية الضرورية لبقائهم على الحياة.
وذكر للجزيرة نت أن الاحتلال أحرق بحمم قذائفه المواد الغذائية التي كان جلها معدا للجمعيات الخيرية والمؤسسات الحكومية والإغاثة التي كانت تنوي توزيعه على المحتاجين والمتضررين.
وقدرت وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة خسائر القطاع الزراعي جراء العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بأكثر من 170 مليون دولار أميركي.
وأكد وزير الزراعة في الحكومة المقالة محمد الآغا في مؤتمر صحفي أن خسائر الإنتاج الزراعي في القطاع شملت تدمير قرابة ألف بئر زراعي، وتدمير مساحات من الأراضي الزراعية تقدر بـ60% من إجمالي المناطق الزراعية في القطاع.
وأشار الآغا إلى الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع الزراعي والبحري في قطاع غزة عبر تجريف آلاف الدونمات وتدمير الآبار الزراعية ومزارع الدواجن ومزارع الماشية ومرافئ الصيادين وقوارب الصيد ومصانع التعليب والتغليف.
قال وزير الصحة في الحكومة الفلسطينية المقالة باسم نعيم إن خسائر القطاع الصحي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "فادحة جدا" خاصة مع استهداف الطائرات الإسرائيلية عددا من المستشفيات وتدمير بعضها كمستشفى الوفاء ومحمد الدرة وبيت حانون والأوروبي بشكل كبير وتدمير تسعة مراكز رعاية صحية ومخزن للأدوية.
أما الآلاف من أهالي القطاع فيعيشون حالة من الضياع والتيه بعد تدمير منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي، خصوصاً عقب إفراغ مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، من اجل عودة الفصل الدراسي الثاني.
ودفع الوضع الجديد العديد ممن لم يجدوا لهم مأوى وفشلوا في العثور على منازل لاستئجارها، أن يعودوا إلى منازلهم المدمرة والنوم فوق ركامها.
وقال المواطن الفلسطيني محمود إسماعيل كفينة، 35 عاماً، الذي دُمر منزله وأصيب ابناه وزوجته، ويقضي نهاره بين مستشفى الأطفال بحي النصر في مدينة غزة حيث يوجد طفله الرضيع وزوجته، ومستشفى كمال عدوان شمال القطاع حيث يوجد طفله أحمد بن الستة أعوام، لـ«الشرق الأوسط» إنه يركن سيارته آخر الليل على جانب الطريق وينام فيها بعد أن فشل في إيجاد مكان لينام فيه، بينما ينام أبناءه الستة الآخرين في بيت جدهم لامهم. وأضاف أن الأونروا دفعت له مبلغ 600 شيكل قبل أن يغادر مدرسة أبو حسين شمال القطاع ليستأجر بها منزلا أو شقة.
وأكد أن وضعه ازداد صعوبة بعد أن قطع راتبه منذ شهرين من قبل السلطة الفلسطينية برام الله، متمنياً أن يعود إليه ليستطيع أن يتماشى مع الوضع الاقتصادي الصعب، خصوصاً وانه لا يقدر على العمل بفعل الإصابات التي تعرض لها في الانتفاضة الأولى.
أما حامد توفيق رضوان ذفانه ينام إلى جانب ركام منزله في منطقة العطاطرة شمال قطاع غزة، بعد أن فشل هو الآخر في استجار منزل يستر أسرته المكونة من ستة أشخاص.
وقال لـ «الشرق الأوسط»:«إن منزل أهل زوجتي ضيق ورغم ذلك يعيش أبنائي وزوجتي عندهم، أما أنا فلم أستحمل نظراً لضيق المنزل وقررت النوم إلى جانب ركام منزلي».
وأضاف أنه لا يعرف ماذا يفعل أمام هذه الأزمة.
وحال كفينة ورضوان لا يختلف عن أوضاع عائلة وائل لخالدي الذي لا يغادر ركام منزله في حي الإسراء بمنطقة العامودي شمال القطاع لا في ساعات الليل ولا ساعات النهار.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أفراد أسرته مشتتين عند أقاربهم ولا يدري كيف يجمع شملهم المكونة من ثمانية أفراد بينهم شقيقه المعاق الذي لا يقدر على الحركة، وفقد مقعده المتحرك تحت أنقاض منزله.
هذا غيض من فيض من معاناة أهل غزة بعد العدوان الغاشم الذي تعرض له القطاع، والسؤال الذي يطرح نفسة -في ظل هذه المأساة التي تمر بأهلنا- ما هو دورنا تجاه إخواننا؟ وهل ما قدمناه لهم أثناء العدوان قد أنهى المعاناة والآلام التي تمر بهم؟ نقول أن حجم المأساة كبير جدا، وأن أهلنا هناك أمام كارثة عظيمة قد تحل بهم لو تخلى إخوانهم المسلمون عنهم، وأن ما قدم وسيقدم لاشك انه سيساهم في تخفيف المعاناة، ولكنه لن ينهيها والواقع أنه لن ينهي حتى جزء بسيط منها. إذن ما الذي يمكن أن نقدمه؟ هناك عدة وسائل للتخفيف من المعاناة منها: 1-التبرع بنسبة من الراتب بحيث تكون دائمة، وبالإمكان أن تحسب من الزكاة، كما أفتى جمع من العلماء بجواز تقديم الزكاة لأهل غزة.
2-كفالة أسرة كاملة على مدار العام، وهذا سيؤدي إلى التخفيف من أعباء الحياة وشظف العيش الذي يعاني منه أهلنا هناك، وممكن أيضا أن تكون الكفالة من الزكاة.
3- كفالة أيتامهم، ولا يخفى علينا حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين....الحديث).
4- محاولة التواصل مع الأسر التي لديها مرضى مصابين بأمراض مزمنة (سكر، ضغط، فشل كلوي) والتكفل بدفع قيمة العلاج، وهذا ممكن أن يتم عن طريق المؤسسات الخيرية كالندوة العالمية، ومؤسسة الوقف، أو عن طريق الجهات الصحية.
هذا بعض ما يمكن أن يقدم لأهلنا في غزة، والنصرة واجبة على جميع المسلمين لا يعذر منها أحد كل بحسبه وختاما ذكر الأستاذ صالح النعامي من غزة ما نصه (فإنّ كلًّا من إسرائيل وسلطة رام الله والأطراف العربية والأوروبيين والأمريكيين، يحاولون من خلال هذا الموقف ابتزاز حركة حماس، ووضعها في مواجهة الجمهور الفلسطيني، من خلال عرض الحركة على أنها الطَّرَفُ الذي يُعِيقُ جهود إعادة الإعمار في القطاع، ويمنع من إعادة بناء منازلهم.
حركة حماس اقترحتْ آليةً مناسبةً لتنظيم جهود إعادة الإعمار، عندما عرضتْ تشكيل لجنة عربية فلسطينية للإشراف على مشاريع إعادة الإعمار، فضلًا عن إعلانها عن عَدَمِ تدخلها في مشاريع إعادة الإعمار التي تقوم بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).
لكن هذا العرض لم يُقَابَلْ بحماسةٍ من الأطراف العربية المتواطئة مع إسرائيل؛ لأنها -ببساطة- لا تبحث عن إعادة إعمار منازل الفلسطينيين التي تواطأت على تدميرها مع الاحتلال، بل لأنها تجد في التحدي الجديد فرصةً لمحاولة إقصاء حركة حماس، وإعادة الطَّرَف الذي يروق لإسرائيل وحلفائها!).
اللهم انصر أهل غزة ولا تنصر عليهم، وأعنهم ولا تعن عليهم، وامكر لهم ولا تمكر عليهم، وانصرهم على من بغى عليهم.