ثائر الكبيسي
13 / 04 / 2009, 15 : 06 PM
[SIZE="5"][FONT="Arial Black"][COLOR="DarkOrange"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كان العالم قبل بعثته قد ساد فيه الظلام وغاب فيه النور والعلم وخفتت الأصوات التي رفعها الأنبياء والمرسلون في عصورهم وأصبحت الديانات العظمى - وفي آخرها المسيحية السمحة فريسة العابثين والمتلاعبين.وبالجملة فقد كانت الإنسانية في عصر البعثة في طريق الانتحار والناس عادة لا يستغنون بعقولهم عن هدايات السماء ، ومن رحمة الله بالخلق أرسل الرسل مبشرين ومنذرين فالناس بأمس الحاجة إلى رسل الله وكان أولئك الرسل يظهرون في تاريخ البشرية كما تظهر النجوم في الليل المظلم ، وكانوا يضيئون جوانب التاريخ البشري مصابيح خافتة تشع بقدر ما أوتيت من فضل الله وامداده حتى طلعت شمسُ محمد على العالم فكان النهار الذي أغنى عن كل مصباح وأطفأ كل شعلة وكما قال شوقي :
لا تذكر الكتب السوالف قبله . طلع الصباح فأطفِئ القنديلا .
وكان رسول الله الرسول الذي طلع صبحه على الكون فأنار به وأوضح ما كان مبهماً أو غامضاً في أرجائه, وكل الرسالات التي سبقت رسالته كانت رسالات محلية مؤقتة لا توجد رسالة تشمل الزمان كله إلا رسالة سيد الخلق وحبيب الحق محمد بن عبد الله نقرأ هذا في قوله تعالى في سورة الأنبياء { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:107) ونقرأ في سورة الفرقان { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } (الفرقان:1) وأودع الله في رسالته الخالدة جميع الأدوية والأشفية التي تصح بها الإنسانية فلا حاجة إلى تجديد بعد ذلك0 ومن سمات النبوة وخصائص الرسالة ما نقرا قوله تعالى في دعوة إبراهيم لذريته {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة:129) وانظر الاستجابة لهذه الدعوة والمنَّة على هذه الأمة في قوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران:164) وقد ابرز رسول الله في رسالته ودعوته الفرد الصالح فإذا كان هذا الفرد تاجراً فهو التاجر الصدوق الأمين ، وإذا كان فقيراً فهو الرجل الشريف العفيف وإذا كان غنياً فهو الغني السخي المواسي وإذا كان قاضياً فهو القاضي العدل الفهم وإذا كان والياً فهو الوالي المخلص الأمين ، وإذا كان أميناً للأموال العامة فهو الخازن الحفيظ العليم0 لقد حار المؤرخون من الغربيين في فهم السر العجيب الذي حول هذه الأمة من رعاة غنم إلى رعاة أمم0 ومن قبائل بداوة إلى أمة حضارة هُيئ لها سبيل النصر على كسرى وقيصر، وهُيئ لها باب السيادة على معظم الدنيا في عشرات من السنين لا عشرات من القرون والسبب في ذلك اتصالهم الدائم بنبيهم والتشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته والتفاني في حبه هذا هو إكسير الحياة
يقول محمد إقبال فيلسوف الإسلام (رحمه الله) (مقومات الأمة المحمدية والدعائم التي تقوم عليها اتصالها بنبيها والتشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته والتفاني في حبه) هذه مقومات الأمة الإسلامية التي بها فتح الله لها باب السيادة :
المقوم الأول : اتصال الأمة الدائم بنبيها فنحن نصلي فنذكره لأنه يقول :(صلوا كما رأيتموني اصلي) نحج فنذكره لأنه يقول:(خذوا عني مناسككم) في كل طرفة عين أذكره لأنه يقول: (من يرغب عن سنتي فليس مني) وفي كل لحظة من حياتي أذكره لأن الله يقول:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) . فالأمة الإسلامية إذا لم تتحقق صلتها برسول الله فلا وزن لها ولا قيمة بملايينها المملينة وستعيش هذه الملايين في دياجير الظلام كما عاش الجاهليون من قبل ولا قيام للأمة لدينها وعزتها ومنعتها حتى يعيش معها دائماً وأبداً في مشاعرها وآمالها وطموحاتها وحتى يعيش معها قدوة وأسوة وإماماً ومعلماً وقائداً ومرشداً {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف: من الآية157) .
والمقوم الثاني:التشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته يقول تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (البقرة:138) فالتعاليم السماوية والتعاليم النبوية كلها خير للإنسانية فتعاليمه الصدق أليس هو القائل:(عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة) تعاليمه الأمانة أليس هو القائل:(أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك) تعاليمه الرحمة أليس هو القائل:(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) تعاليمه العدل أليس هو القائل: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) تعاليمه الشجاعة أليس هو القائل:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) تعاليمه البذل والجود أليس هو القائل:(ما نقصت صدقة من مال) تعاليمه الحلم والعفو وقد قال للأحنف بن قيس (إنَّ فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة) تعاليمه الصبر أليس هو القائل:(ومن يصبر يصبره الله) تعاليمه الإحسان إلى كل الخلق أليس هو القائل:(إن الله كتب الإحسان على كل شيء) تعاليمه حسن العشرة أليس هو القائل:(خيركم خيركم لأهله) هذه تعاليمه التي جاء بها وبشر من عمل بها سعادة الدارين .
والمقوم الثالث: التفاني في حبه يقول محمد إقبال (إن قلب المسلم عامرٌ بحب المصطفى وهو مصدر فخرنا وأصل شرفنا في هذا العالم والتفاني في حبه يثمر لنا الاتباع لا الابتداع .كما يقول الشاعر
إن كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
والأمة الإسلامية تملك مادة الحب والذي أعطاها الحب أمرها بحب الله ورسوله قال تعالى ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:24) يقول الشاعر
إن كان احببت بعد الله مثله . في بدوٍ وحضرٍ ومن عرب ومن عجم .
فلا اشتفى ناظري من منظر حسنٍ . ولا تفوَّه بالقول السديد فمي .
كان العالم قبل بعثته قد ساد فيه الظلام وغاب فيه النور والعلم وخفتت الأصوات التي رفعها الأنبياء والمرسلون في عصورهم وأصبحت الديانات العظمى - وفي آخرها المسيحية السمحة فريسة العابثين والمتلاعبين.وبالجملة فقد كانت الإنسانية في عصر البعثة في طريق الانتحار والناس عادة لا يستغنون بعقولهم عن هدايات السماء ، ومن رحمة الله بالخلق أرسل الرسل مبشرين ومنذرين فالناس بأمس الحاجة إلى رسل الله وكان أولئك الرسل يظهرون في تاريخ البشرية كما تظهر النجوم في الليل المظلم ، وكانوا يضيئون جوانب التاريخ البشري مصابيح خافتة تشع بقدر ما أوتيت من فضل الله وامداده حتى طلعت شمسُ محمد على العالم فكان النهار الذي أغنى عن كل مصباح وأطفأ كل شعلة وكما قال شوقي :
لا تذكر الكتب السوالف قبله . طلع الصباح فأطفِئ القنديلا .
وكان رسول الله الرسول الذي طلع صبحه على الكون فأنار به وأوضح ما كان مبهماً أو غامضاً في أرجائه, وكل الرسالات التي سبقت رسالته كانت رسالات محلية مؤقتة لا توجد رسالة تشمل الزمان كله إلا رسالة سيد الخلق وحبيب الحق محمد بن عبد الله نقرأ هذا في قوله تعالى في سورة الأنبياء { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:107) ونقرأ في سورة الفرقان { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } (الفرقان:1) وأودع الله في رسالته الخالدة جميع الأدوية والأشفية التي تصح بها الإنسانية فلا حاجة إلى تجديد بعد ذلك0 ومن سمات النبوة وخصائص الرسالة ما نقرا قوله تعالى في دعوة إبراهيم لذريته {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة:129) وانظر الاستجابة لهذه الدعوة والمنَّة على هذه الأمة في قوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران:164) وقد ابرز رسول الله في رسالته ودعوته الفرد الصالح فإذا كان هذا الفرد تاجراً فهو التاجر الصدوق الأمين ، وإذا كان فقيراً فهو الرجل الشريف العفيف وإذا كان غنياً فهو الغني السخي المواسي وإذا كان قاضياً فهو القاضي العدل الفهم وإذا كان والياً فهو الوالي المخلص الأمين ، وإذا كان أميناً للأموال العامة فهو الخازن الحفيظ العليم0 لقد حار المؤرخون من الغربيين في فهم السر العجيب الذي حول هذه الأمة من رعاة غنم إلى رعاة أمم0 ومن قبائل بداوة إلى أمة حضارة هُيئ لها سبيل النصر على كسرى وقيصر، وهُيئ لها باب السيادة على معظم الدنيا في عشرات من السنين لا عشرات من القرون والسبب في ذلك اتصالهم الدائم بنبيهم والتشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته والتفاني في حبه هذا هو إكسير الحياة
يقول محمد إقبال فيلسوف الإسلام (رحمه الله) (مقومات الأمة المحمدية والدعائم التي تقوم عليها اتصالها بنبيها والتشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته والتفاني في حبه) هذه مقومات الأمة الإسلامية التي بها فتح الله لها باب السيادة :
المقوم الأول : اتصال الأمة الدائم بنبيها فنحن نصلي فنذكره لأنه يقول :(صلوا كما رأيتموني اصلي) نحج فنذكره لأنه يقول:(خذوا عني مناسككم) في كل طرفة عين أذكره لأنه يقول: (من يرغب عن سنتي فليس مني) وفي كل لحظة من حياتي أذكره لأن الله يقول:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) . فالأمة الإسلامية إذا لم تتحقق صلتها برسول الله فلا وزن لها ولا قيمة بملايينها المملينة وستعيش هذه الملايين في دياجير الظلام كما عاش الجاهليون من قبل ولا قيام للأمة لدينها وعزتها ومنعتها حتى يعيش معها دائماً وأبداً في مشاعرها وآمالها وطموحاتها وحتى يعيش معها قدوة وأسوة وإماماً ومعلماً وقائداً ومرشداً {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف: من الآية157) .
والمقوم الثاني:التشبع بتعاليمه والانصباغ بصبغته يقول تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (البقرة:138) فالتعاليم السماوية والتعاليم النبوية كلها خير للإنسانية فتعاليمه الصدق أليس هو القائل:(عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة) تعاليمه الأمانة أليس هو القائل:(أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك) تعاليمه الرحمة أليس هو القائل:(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) تعاليمه العدل أليس هو القائل: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) تعاليمه الشجاعة أليس هو القائل:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) تعاليمه البذل والجود أليس هو القائل:(ما نقصت صدقة من مال) تعاليمه الحلم والعفو وقد قال للأحنف بن قيس (إنَّ فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة) تعاليمه الصبر أليس هو القائل:(ومن يصبر يصبره الله) تعاليمه الإحسان إلى كل الخلق أليس هو القائل:(إن الله كتب الإحسان على كل شيء) تعاليمه حسن العشرة أليس هو القائل:(خيركم خيركم لأهله) هذه تعاليمه التي جاء بها وبشر من عمل بها سعادة الدارين .
والمقوم الثالث: التفاني في حبه يقول محمد إقبال (إن قلب المسلم عامرٌ بحب المصطفى وهو مصدر فخرنا وأصل شرفنا في هذا العالم والتفاني في حبه يثمر لنا الاتباع لا الابتداع .كما يقول الشاعر
إن كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
والأمة الإسلامية تملك مادة الحب والذي أعطاها الحب أمرها بحب الله ورسوله قال تعالى ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة:24) يقول الشاعر
إن كان احببت بعد الله مثله . في بدوٍ وحضرٍ ومن عرب ومن عجم .
فلا اشتفى ناظري من منظر حسنٍ . ولا تفوَّه بالقول السديد فمي .