تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صفات الفقيه والمفتي الذي يُستفتى


حنان
06 / 06 / 2009, 29 : 03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ابن بطة في كتابه إبطال الحيل في صفة المفتي والفقيه الذي يُسأل - (1 / 6)
حدثنا أبو الفضل شعيب بن محمد بن الراجيان الكفي ، حدثنا علي بن حرب ، حدثنا الحسين بن علي الجعفي ، حدثنا ليث ، عن مجاهد ، قال :
« إنما الفقيه من يخاف الله عز وجل »
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
« ألا أخبركم بالفقيه ، كل الفقيه ؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من مكر الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره »و قال عبد الله بن مسعود :
« كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا »
عن أبي علقمة الليثي ، قال : كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رحمه الله :
« إن الفقه ليس بكثرة السرد وسعة الهذر وكثرة الرواية ، وإنما الفقه خشية الله عز وجل »حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السري الكوفي بالكوفة ، حدثنا إسحاق بن يحيى الدهقان ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن مسعر ، عن أبيه قال :
« قلت لسعد بن إبراهيم : من أفقه أهل المدينة ؟ قال : » أتقاهم «حدثني مروان بن محمد ، قال : سمعت بعض القرشيين ، قال :
« إن كمال علم العالم ثلاثة : ترك طلب الدنيا بعلمه ، ومحبة الانتفاع لمن يجلس إليه ، ورأفته بالناس »حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمراني ، قال : قال أبو حازم :
« لا يكون العالم عالما حتى تكون فيه ثلاث خصال :
لا يحقر من دونه في العلم ، ولا يحسد من فوقه ، ولا يأخذ على عمله دنيا »
حدثنا ابن صاعد ، حدثنا علي بن مسلم ، حدثنا سيار ، عن جعفر بن سليمان ، حدثنا مطر الوراق ، قال : سألت الحسن عن مسألة ، فقال فيها ، فقلت : يا أبا سعيد ، يأبى عليك الفقهاء . فقال الحسن : ثكلتك أمك يا مطر ، وهل رأيت بعينيك فقيها قط ؟ وقال : أتدري ما الفقيه ؟ الفقيه : الورع ، الزاهد ، المقيم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يسخر بمن أسفل منه ، ولا يهزأ بمن فوقه ، ولا يأخذ على علم علمه الله إياه حطاماحدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا عمرو بن الهيثم ، حدثنا أبو حمزة ، عن الحسن ، قال :
« الفقيه : المجتهد في العبادة ، الزاهد في الدنيا ، المقيم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم »
حدثنا هشام صاحب الدستوائي ، عن رجل ، عن الحسن ، وقد أتاه رجل فسأله عن مسألة ، فأفتاه . قال : فقال له الرجل : يا أبا سعيد ، قال فيها الفقهاء غير ما قلت ، قال : فغضب الحسن وقال : ثكلتك أمك ، وهل رأيت فقيها قط ؟ قال : فسكت الرجل . قال : فسأله رجل فقال : يا أبا سعيد ، من الفقيه ؟ قال : « الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، البصير في دينه ، المجتهد في العبادة ، هذا الفقيه »
حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثنا أبو عبد الله ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمعت أيوب ، يقول : سمعت الحسن ، يقول :
« ما رأيت فقيها قط يداري ولا يماري ، إنما يفشي حكمته ، فإن قبلت حمد الله ، وإن ردت حمد الله . قال : وسمعت الحسن يقول : ما رأيت فقيها قط . وإنما الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، الدائب على العبادة ، المتمسك بالسنة »
عن وهب بن منبه ، قال :
« الفقيه ، العفيف ، المتمسك بالسنة ، أولئك أتباع الأنبياء في كل زمان »
عن يوسف بن أسباط ، قال سفيان الثوري :
« الفقيه الذي يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة ، وأفقه منه من لم يجترئ على الله عز وجل في شيء لعلة به »عن الحارث بن يعقوب ، قال :
« يقال إن الفقيه كل الفقه من فقه في القرآن وعرف مكيدة الشيطان »
عن أبي الدرداء ، قال :
« لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا »
عن أبي قلابة ، عن أبي الدرداء ، قال :
« إن من فقه المرء ممشاه ومدخله ومجلسه »
قال أبو الدرداء :
« إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها ، وإنك لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في جنب الله عز وجل ، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس » وقال : سمعت الفضيل بن عياض ، يقول :
« إنما الفقيه الذي أنطقته الخشية وأسكتته الخشية ، إن قال قال بالكتاب والسنة ، وإن سكت سكت بالكتاب والسنة ، وإن اشتبه عليه شيء وقف عنده ورده إلى عالمه » قال الشيخ أبو عبد الله : أنا أقول - والله المحمود - هذه صفة أحمد بن حنبل رحمه الله ، فيا ويح من يدعي مذهبه ، ويتحلى بالفتوى عنه ، وهو سلم لمن حاربه ، عون لمن خالفه ، الله المستعان على وحشة هذا الزمان .
وعن يونس ، عن الحسن ، قال :
« إنا لنجالس الرجل فنرى أن به عيا وما به عي ، وإنه لفقيه مسلم . قال وكيع : أسكتته الخشية »
حدثنا عيسى أبو معاذ ، عن ليث ، قال :
« كنت أسأل الشعبي فيعرض عني ويجبهني بالمسألة . قال : فقلت : يا معشر العلماء . تزوون عنا أحاديثكم وتجبهوننا بالمسألة ؟ فقال الشعبي : يا معشر العلماء ، يا معشر الفقهاء لسنا بعلماء ولا فقهاء ، ولكننا قوم سمعنا حديثا فنحن نحدثكم بما سمعنا ، إنما الفقيه من ورع عن محارم الله ، والعالم من خاف الله عز وجل »
عن مالك بن مغول ، قال :
« استفتى رجل الشعبي فقال : أيها العالم أفتني . فقال : إنما العالم من يخاف الله »
عن ابن جريج ، عن عطاء ، وأبي الزبير ، عن جابر ، أنه تلا : « وما يعقلها إلا العالمون فقال :
» العالم الذي عقل عن الله أمره فعمل بطاعة الله واجتنب سخطه «قال عبد الله بن مسعود :
« ليس العلم للمرء بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية »
حدثني مقاتل بن محمد ، قال :
« خرجنا مع سفيان بن عيينة إلى منى في جماعة فيهم أبو مسلم المستملي ، فقال سفيان في بعض ما يتكلم به :
العالم بالله الخائف من الله وإن لم يحسن : فلان عن فلان ، ومن لم يحسن العلم والخوف من الله فهو جاهل وإن كان يحسن : فلان عن فلان . المسلمون شهود أنفسهم عرضوا أعمالهم على القرآن فما وافق القرآن تمسكوا به ، وإلا استعتبوا من قريب » قال أبو مسلم : ما أحسن هذا الكلام يا أبا محمد . قال : إنه والله أحسن من الدر . وهل الدر إلا صدقة
وسئل عبد الله بن المبارك :
هل للعلماء علامة يعرفون بها ؟ قال :
علامة العالم من عمل بعلمه ، واستقل كثير العلم والعمل من نفسه ، ورغب في علم غيره ، وقبل الحق من كل من أتاه به ، وأخذ العلم حيث وجده ، فهذه علامة العالم وصفته قال المروذي فذكرت ذلك لأبي عبد الله . قال : هكذا هو .قيل لابن المبارك : كيف يعرف العالم الصادق ؟ فقال :
« الذي يزهد الدنيا ، ويعقل أمر آخرته . فقال : نعم كذا نريد أن يكون »
حدثنا معمر ، قال : سمعت الزهري ، يقول :
« لا نثق للناس بعمل عامل لا يعلم ، ولا نرضى لهم بعلم عالم لا يعمل »
حدثنا أحمد بن مسروق الطوسي ، قال :
سمعت إبراهيم بن الجنيد ، يقول :
عوتب بعض العقلاء على تركه المجالس وقيل له : ما بالك لا تكتب الحديث ؟ فقال : قد سمعت حديثين فأنا محاسب نفسي بهما ، فإذا أنا علمت أني قد عملت بهما كتبت غيرهما . قيل : وما الحديثان ؟ قال : « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه » و « حب الدنيا رأس كل خطيئة » وأنا أستغفر الله من اعتذاري إليه ، وأشكره على ما قد عرفني من زللي . فانصرفوا وهم يحلفون بالله ما رأينا أفقه منه ، ولا أشد محاسبة منه لنفسه . قال : فرجع إليه رجل منهم فقال : أوصني . قال : عليك بتقوى الله ، وصدق الحديث ، وترك ما لا يعنيك . ثم قام فدخل منزلهوعن الحسن ، قال :
« كان الرجل إذا طلب بابا من العلم لم يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وبصره ولسانه ويده وزهده وصلاحه وبدنه ، وإن كان الرجل ليطلب الباب من العلم فلهو خير من الدنيا وما فيها »
عن أيوب ، قال :
« ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل »
حدثنا أبو معمر القطيعي ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول :
« العلم إذا لم ينفع ضر »
حدثنا محمد بن الحجاج ، قال :
كتب أحمد بن حنبل رضي الله عنه عني كلاما . قال العباس : وأملاه علينا . قال : لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه - يعني للفتوى - حتى يكون فيه خمس خصال :
أما أولاها : فأن يكون له نية ، فإن لم تكن فيه نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور .
وأما الثانية : فيكون له خلق ووقار وسكينة .
وأما الثالثة : فيكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته .
وأما الرابعة : فالكفاية ، وإلا مضغه الناس .
وأما الخامسة : فمعرفة الناس « قال أبو عبد الله رحمه الله : » فأقول - والله العالم - : لو أن رجلا أنعم نظره ، وميز فكره ، وسما بطرفه ، واستقصى بجهده ، طالبا خصلة واحدة في أحد من فقهاء المدينة والمتصدرين للفتوى فيها لما وجدها . بل لو أراد أضدادها والمكروه والمرذول من سجايا دناءة الناس وأفعالهم فيهم لوجد ذلك متكاثفا متضاعفا . والله نسأل صفحا جميلا وعفوا كثيرا .
حدثنا ابن أبي أويس ، عن أخيه ، عن أبيه ، قال :
أدركت الفقهاء بالمدينة يقولون : لا يجوز أن ينصب نفسه للفتوى ، ولا يجوز أن يستفتى إلا الموثوق في عفافه وعقله وصلاحه ودينه وورعه وفقهه وحلمه ورفقه وعلمه بأحكام القرآن والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ ، عالما بالسنة والآثار ، وبمن نقلها ، والمعمول به منها والمتروك ، عالما بوجوه الفقه التي فيها الأحكام ، عالما باختلاف الصحابة والتابعين ، فإنه لا يستقيم أن يكون صاحب رأي ليس له علم بالكتاب والسنة والأحاديث والاختلاف . ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه والاختلاف ووجوه الكلام فيه ، وليس يستقيم واحد منهما إلا بصاحبه ، قالوا : ومن كان من أهل العلم والفقه والصلاح بهذه المنزلة إلا أن طعمته من الناس وحاجاته منزلة بهم وهو محمول عليهم ، فليس بموضع للفتوى ، ولا موثوق به في فتواه ، ولا مأمون على الناس فيما اشتبه عليهم.
« قال الشيخ أبو عبد الله بن بطة رضي الله عنه : »
قد اقتصرت يا أخي - صانك الله - من صفة الفقيه على ما أوردت ، وكففت عن أضعاف ما أردت ، فإني ما رأيت الإطالة بالرواية في هذا الباب متجاوزة ما قصدنا من جواب المسألة . نعم ، أيضا وتهجين لنا ، وسبة علينا ، وغضاضة على الموسومين بالعلم والمتصدرين للفتوى من أهل عصرنا ، مع عدم العالمين لذلك والعاملين به . فأسأل الله أن لا يمقتنا فإنا نعد أنفسنا من العلماء الربانيين والفقهاء الفهماء العارفين ، ونحسب أنا أئمة متصدرون علما وفتيا ، وقادة أهل زماننا ، ولعلنا عند الله من الفاجرين ومن شرار الفاسقين ، فقد روي عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال :
« إنا نتكلم بكلام أحسب أن الملائكة تستحسنه ولعلها تعلن عليه . وروي أن قائلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله . من شر الناس ؟ فقال : » اللهم غفرا ، شر الناس العلماء إذا فسدوا « . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : » يوشك أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه ، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خربة من الهدى ، علماؤهم شر من تحت أديم السماء ، من عندهم تخرج الفتنة ، وفيهم تعود . وقال عيسى ابن مريم عليه السلام : يا معشر الحواريين . الحق أقول لكم : إن الدنيا لا تصلح إلا بالملح ، والطعام لا يطيب إلا به ، فإذا فسد الملح فسد الطعام وذهبت المنفعة به . وكذلك العلماء ملح الأرض ، لا تستقيم الأرض إلا بهم ، وإذا فسد العلماء فسدت الأرض . وقال سفيان بن عيينة : قدم عبيد الله بن عمر الكوفة ، فلما رأى اجتماعهم عليه قال : « أشنتم العلم وأذهبتم نوره . لو أدركني وإياكم عمر لأوجعنا ضربا » . هذا رحمكم الله قول عبيد الله بن عمر رحمه الله لمن اجتمع عليه من طلبة العلم وهو سفيان الثوري ، وابن عيينة ، وأبو إدريس الخولاني ، وحفص بن غياث ، ونظراؤهم . فما ظنك بقوله لو رأى أهل عصرنا ؟ فنسأل الله صفحا جميلا وعفوا كبيرا . فيا طوبى لنا إن كانت موجبات أفعالنا أن نوجع ضربا فإني أحسب كثيرا ممن يتصدر لهذا الشأن يرى نفسه فوق الذي قد مضى وصفهم ، ويرى أنهم لو أدركوه لاحتاجوا إليه وأمموه ، ويرى أن هذه الأفعال منهم والأقوال المأثورة عنهم كانت من عجزهم وقلة علمهم وضعف نحائزهم . الله المستعان ، فلقد عشنا لشر زمان .

ابو الوليد البتار
06 / 06 / 2009, 11 : 04 PM
موضوع غاية في الأهمية اخت " حنان " وفقك الله لكل خير وجزاك الله الجنة على جهدك الطيب ومواضيعك القيمة
اسأل الله ان يجعلها في ميزان اعمالكم .. يوم القيامة .. اللهم امين