تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لا تخسر وأنت في رمضان !!


ابو الوليد البتار
21 / 07 / 2009, 46 : 10 PM
لا تخسر وأنت في رمضان



أمَّا بعدُ:
فأُوصيكُم - أيُّها النَّاس - ونفسي بتقوى الله - عزَّ وجلَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْه الْوَسيلَةَ وَجَاهدُوا في سَبيله لَعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ} [المائدة: 35].

أيُّها المُسلمُون:
وما زالت نعمُ الله على عباده في الشَّهر الكريم تَتَوالَى، وما زالت فُرَص الخير مُتاحةً، وأبوابه مشرعةً، وما زال المُشمِّرُون يُنَوِّعُون أعمال البر ويُقدمُون، أقوامٌ صامُوا إيمانًا واحتسابًا، وحفظُوا صيامَهُم، وآخرُون داوَمُوا على صلاة التَّراويح وأتمُّوا قيامهم، وثمَّة مَن عكفُوا على كتاب ربّهم؛ يتلُون آياته، ويَتَدَبَّرُون عِظاته، وفي المُسلمين مَن أنفقَ ممَّا رَزَقَهُ اللهُ سرًّا وجهرًا، وما زال يُفطِّر الصّائمين، ويُطعمُ المساكين، ويُفرِّجُ الكُرُبات، ويَتَلَمَّسُ أهل الحاجات، وفيهم مَن يدعُو إلى الله، وينشُرُ العلم، ويدعمُ برامج العلم والدَّعوة، وفيهم من زار بيت الله مُعتَمرًا، فهنيئًا لكُلِّ مُوفَّقٍ ما سلكهُ من طُرُق الخير، وما أخذ به من سُبُله، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29، 30].

أيُّها المُسلمُون:
ومع كثرة الطَّائعينَ في رمضان، ممَّن يَتَعَرَّضُون لنَفَحات الله، ويطلُبُون الأجر، فإنَّ ثمَّةَ بعضَ المُتكاسلين المُتقاعسين، قعدُوا وقد غدا أهلُ الطّاعة وراحُوا، ونامُوا وقد شمَّر المُوفقُون وقامُوا، وتَقَهْقرُوا وقد أقدم المُفلحُون وتقدَّمُوا، فمَن أُولئك الخاسرُون في شهر الرِّبح والفوز؟ مَن أُولئك الذين يرضون بأن تُرغم أُنُوفُهُم في شهر العتق منَ النَّار؟ إنَّهُم قومٌ منّا ومن بيننا، قد يكُونُون من أبنائنا، أو إخواننا، أو زُملائنا، وجيراننا، اكتفوا بالتَّمنيات والتَّشهيات، واجْتَذَبَتْهُمُ المُلهياتُ والمُشغلاتُ، فقصَّرُوا في طلب الصَّالحات، ولم يَتَزَوَّدُوا من الباقيات، ولعلَّ منهُم مَن لم يُبيِّت النِّيَّة الحسنة مُنذُ بداية الشَّهر، فخذلتهُ نيَّتُهُ السَّيِّئةُ وأقعدتهُ، وأعاقَتْهُ عنِ اللحاق بِرَكْب الصَّالحين وأثقلتهُ، {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]، وفي الحديث القُدسيِّ، قال الله - تعالى -: "أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظُنَّ بِي ما شاء"، نقل ابنُ كثيرٍ عنِ الحسن البصريِّ - رحمهُما اللهُ - أنّهُ قال: "ألا إنّما عملُ النَّاس على قدر ظُنُونهم بربِّهم، فأمَّا المُؤمنُ فأحسن الظَّنَّ بربِّه فأحسن العمل، وأمَّا الكافرُ والمُنافقُ، فأساءَا الظَّنَّ بالله، فأساءَا العَمَل، ثم تلا قولهُ - تعالى -: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 22، 23].

نعم - أيُّها المُسلمُون - إنَّ المُؤمن لحُسن ظنِّه بربِّه وتصديقه بما جاء منَ الوعد الحسن للطَّائعينَ - إنَّهُ ليفعلُ الخير طُول دهره، وَيَتَعَرَّضُ لِنَفَحات ربِّه مُدَّة عُمُره؛ رجاء أن تُصِيبَهُ نفحةٌ ربَّانيَّةٌ مِن نفحات الرَّحمة، فلا يشقى بعدها أبدًا؛ قال - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((افعلُوا الخير دهرَكُم، وتعرَّضُوا لنفحات رحمة الله، فإنّ لله نفحاتٍ من رحمته، يُصيبُ بها مَن يشاءُ مِن عباده)).

أيُّها المُسلمُون الرَّاجُون لرحمة الله في شهر الرَّحمة:
لقد علم المُؤمنُون أنَّهُ لا إيمان إلاَّ بعملٍ صالحٍ، وأيقنُوا أنَّ الجنَّة سلعةٌ غاليةٌ، لا ينالُها الكُسالى والبطَّالُون، فشمَّرُوا عن سَوَاعد الجِدِّ واجتهدُوا، وابتدرُوا شهرهُم من أوَّل أيَّامه وسابقُوا، وسارعُوا إلى الخير، ولم يتقاعسُوا، سارُوا في الرَّكب مُدْلجين، ومضوا راجين خائفين، حداؤُهُم قولُ ****** - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((مَن خاف أدلج، ومَن أدلج بلغ المنزل، ألاَ إنَّ سلعة الله غاليةٌ، ألاَ إنَّ سلعة الله الجنَّةُ)).

فيا مَن تَكَاسَلْت في شهر الجدِّ، يا مَن تَرَكْتَ الصَّلاة في شهر القيام، يا مَن هَجَرْت القُرآن في شهر القُرآن، يا مَن بخلتَ في شهر الجُود والعطاء، يا مَن حَرَمْتَ نفسك في موسم الرَّحمة، أَلَمْ تسمع قول المولى - جلَّ وعلا -: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 123، 124]، واللهِ، لو تمنَّى أحدٌ الغنى وقعد في بيته، لعَدَّهُ النَّاسُ مجنُونًا، ولو أراد رجُلٌ أن يكُون لهُ أبناءٌ ولم يتزوَّج، لسخرُوا منهُ، ولو تمنَّى طالبٌ النّجاح ولم يستذكر دُرُوسَهُ، لاتُّهِمَ في عقله، وقد أمر اللهُ بالمشي في الأرض والسَّعي لِنَيْل الرِّزق في الدُّنيا؛ فقال - سُبحانهُ -: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]، وقال - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]، فكيف بِطالِب الآخرة؟ كيف بِمَن يتمنَّى أغلى سلعة؟ كيف بِمَن يُريدُ الجنَّة، هل تُراهُ يقعُدُ أو ينام، وقد عُرضت بضائعُها بأيسر الأثمان في سُوق رمضان؟ لا والله، إنَّهُ لن ينام، ولن يهنأ بغمضٍ، ولن يرتاح لهُ بالٌ، كيف وقد قال - سُبحانهُ -: {وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19]، وقال - جلَّ وعلا -: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، وقال - تعالى -: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]، وقال - سُبحانه -: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 17 -19]، وقال - جلَّ وعلا -: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [العنكبوت: 58]؟ وكيف يَتَقاعسُ عاقلٌ وقد وصف - سُبحانهُ - أُولي الألباب بأنّهُم {يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 191]؟! ثم ذكر استجابته لهم فقال: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 195].

لقد كان العملُ الصَّالحُ بعد رحمة الله هُو السَّببَ في دُخُول أهل الجنَّةِ الجنَّة، وفوزهم بِنَعيمها، لم ينامُوا ويقعُدُوا؛ بل آمنُوا وعملُوا الصَّالحات، وذكرُوا الله على كُلِّ حالٍ وتفكَّرُوا، وهاجرُوا وأُخرجُوا، وقاتلُوا وقُتلُوا، وأُوذُوا في سبيل ربِّهم فصبرُوا، ومن هُنا فقد حثَّ النّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - على صالح العمل، ولم يُقِرَّ من أرادُوا أن يتَّكلُوا على ما قُضي لهم في الأزل؛ قال - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((ما من نفسٍ منفُوسةٍ إلاَّ وقد كتب اللهُ مكانها منَ الجنَّة والنَّار، وإلاَّ وقد كُتبت شقيَّةً أو سعيدةً))، قيل: أفلا نتَّكلُ؟ قال: ((لا، اعملُوا ولا تتَّكلُوا، فكُلٌّ مُيسَّرٌ لِمَا خُلق لهُ، أمَّا أهلُ السَّعادة فيُيسرُون لعمل أهل السَّعادة، وأمَّا أهلُ الشَّقاوة فيُيسرُون لعمل أهل الشَّقاوة)).

ألا فاتَّقُوا الله - عبادَ الله - وتعرَّضُوا لنفحات الله، وقدِّمُوا لأنفُسكُم ما ترجُون ثوابهُ عند الله، واغتنمُوا شهركُم؛ فقد أوشك بدرُهُ على التَّمام، ويُوشكُ أن يخرُج وأصحابُ الغفلة نيامٌ، فجدُّوا واجتهدُوا، واغدُوا ورُوحُوا، فإنَّ الله غنيٌّ عنكُم، وإنَّما عملُكُم الصَّالحُ واهتداؤُكُم، وتزكيتُكُم لنُفُوسكُم ومُجاهدتُها على الطَّاعة، وصبرُكُم وشُكرُكُم، إنَّما كُلُّ ذلك لكُم لا لغيركُم؛ قال - جلَّ وعلا -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، قال - سُبحانه -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس: 108]، وقال - تعالى -: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وقال - سُبحانه -: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [فاطر: 18]، وقال - جلَّ ذكرُهُ -: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، وقال - تقدَّس اسمُهُ -: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40]، إنَّهُ لن يُقدم أحدٌ عن أحدٍ، أو يُغني عنهُ شيئًا، في الصَّحيحين، عن أبي هُريرة - رضي اللهُ عنهُ - قال: لمَّا أُنزلت هذه الآيةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، دعا رسُولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلّم - قُريشًا فاجتمعُوا، فعمَّ وخصَّ، فقال: ((يا بني كعب بن لُؤيّ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني مُرَّة بن كعبٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبدشمس، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبد منافٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني هاشمٍ، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا بني عبد المُطَّلب، أنقذُوا أنفُسكُم من النَّار، يا فاطمةُ، أنقذي نفسك من النَّار، فإني لا أملكُ لكُم منَ الله شيئًا)).

أعُوذُ بالله من الشّيطان الرّجيم، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 133 - 136].
الخطبة الثانية


أمّا بعدُ، فاتَّقُوا الله - تعالى - حقَّ التَّقوى، وتمسَّكُوا منَ الإسلام بالعُروة الوُثقى، واحذرُوا أسباب سخط ربِّكُم، فإنَّ أجسامكُم على النّار لا تقوى.

أيُّها المُسلمُون:
إنّ منَ الغفلة كُل الغفلة، أن يجعل الإنسانُ من أيَّام رمضان ولياليه كسائر أيام العام ولياليه، لا يُغيِّرُ من حياته شيئًا، ولا يتقرَّبُ إلى الله بقُربةٍ، ولا يعزمُ على قراءة قُرآنٍ، ولا يُرى في صلاة تراويح، ومن هُنا فلا بُدَّ من إخلاص النِّيَّة، وعقد العزم، وإقامة العمل، والصّبر والمُصابرة، والجد والمُثابرة؛ طلبًا للأجر، ودفعًا للوِزر، وإرضاءً للرَّب - تبارك وتعالى - فاجعلُوا من أيَّام هذا الشَّهر المُبارك فُرصةً للتَّزوُّد بالتّقوى، واكتساب الحسنات، ومحو السَّيِّئات، لقد مضى ثُلُثُ الشَّهر، والثُّلُثُ كثيرٌ، فحاسبُوا أنفُسكُم واصدُقُوا في المُحاسبة.

ليسأل كُلٌّ نفسهُ: هل صُمتُ صيامًا صحيحًا أخلصتُ فيه النِّيَّة لله؟ هل حرصتُ على قيام رمضان مع المُسلمين في التَّراويح؟ كم مرَّةً ختمتُ القُرآن؟ كم أنفقتُ في سبيل الله؟ كم صائمًا فطَّرتُ؟ هذه الرِّقابُ التي تُعتقُ من النَّار في هذا الشَّهر، هُل تُرى رقبتي واحدةٌ منها أو لا؟ هل ما زلتُ على همَّةٍ عاليةٍ، ونشاطٍ قويٍّ كما كُنتُ أوَّلَ الشَّهر، أو أنَّهُ قد دبَّ إليَّ المللُ والسَّأمُ، وأصابني الفُتُورُ والتَّراخي.

أيُّها المُسلمُون:
مَن وجد نفسهُ مُحافظًا على الواجبات، مُسابقًا في الخيرات، بعيدًا عن المُحرَّمات، فليحمدِ الله، وليبشر بالخير وليستكثر، وإن كانت الأُخرى وأحسَّ من نفسه التَّقصير والتَّفريط، فعليه أن يتداركَ بقيَّة رمضان، فإنّهُ ((مَن أحسن فيما بقي، غُفر لهُ ما مضى، ومَن أساء فيما بقي، أُخذ بما مضى وما بقي)).

محمد نصر
23 / 07 / 2009, 09 : 02 AM
الله يبارك فيكم اخي ****** ابو الوليد

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

ابو الوليد البتار
23 / 07 / 2009, 27 : 07 PM
http://albetaqa.com/album/albums/album-cards/ramadanyat/move-r/move-r0012.gif