ابو قاسم الكبيسي
18 / 12 / 2009, 19 : 05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من سيرة الفضيل بن عياض - رحمه الله -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين وعلى أله وصحبه أجمعين أما بعد :
إن سير العلماء مما يبعث الهمم على الاقتداء بهم ،
ومن العلماء الذين سارت الركبان بسيرته الفضيل بن عياض - رحمه الله - .
ومن الوقفات العجيبة في سيرة هذا الإمام قصة توبته .
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/423) :
قال أبو عمار الحسين بن حُريث ، عن الفضل بن موسى قال :
كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرخس ،
وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها ،
إذ سمع تاليا يتلو
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ..."
[ الحديد : 16]
فلما سمعها ،
قال : بلى يارب ، قد آن ،
فرجع ، فآواه الليل إلى خَرِبة ، فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم :
نرحل ، وقال بعضهم :
حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا .
قال ففكرت ، وقلت :
أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ،
اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مُجاورة البيت الحرام .
قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة :
وبكل حال :
فالشرك أعظم من قطع الطريق ،
وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنواصي العباد بيد الله ،
وهو يضل من يشاء ، ويهدي إليه من أناب .
- موقف للفضيل مع هارون الرشيد :
عباس الدوري :
حدثنا محمد بن عبدالله الأنباري ،
قال : سمعت فضيلا يقول :
لما قدم هارون الرشيد الى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشمين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إليّ فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ،
فقال :
اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم :
أيكم أمير المؤمنين ؟
فأشار اليه ،
فقلت :
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد علي ،
وقال : اقعد ،
ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ،
فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك . فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ،
وقال : اذهب بسلام .
قال الذهبي (8/440) :
وعنه :
يا مسكين ، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
قلت ( الذهبي ) :
إي والله ، صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .
- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال:
أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس
وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال:
فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال:
صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ،
ثم قال :
أنت ممن يكتب الحديث ؟
قال : قلت : نعم ،
قال : فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ،
وأملى عليّ الفضيل بن عياض :
حدثنا منصور بن المعتمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رجلاً قال :
يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ،
فقال :
"هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟
" فقال : يا رسول اللّه أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ،
ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم :
" فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ، أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد والسير .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من سيرة الفضيل بن عياض - رحمه الله -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين وعلى أله وصحبه أجمعين أما بعد :
إن سير العلماء مما يبعث الهمم على الاقتداء بهم ،
ومن العلماء الذين سارت الركبان بسيرته الفضيل بن عياض - رحمه الله - .
ومن الوقفات العجيبة في سيرة هذا الإمام قصة توبته .
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/423) :
قال أبو عمار الحسين بن حُريث ، عن الفضل بن موسى قال :
كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرخس ،
وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها ،
إذ سمع تاليا يتلو
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ..."
[ الحديد : 16]
فلما سمعها ،
قال : بلى يارب ، قد آن ،
فرجع ، فآواه الليل إلى خَرِبة ، فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم :
نرحل ، وقال بعضهم :
حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا .
قال ففكرت ، وقلت :
أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ،
اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مُجاورة البيت الحرام .
قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة :
وبكل حال :
فالشرك أعظم من قطع الطريق ،
وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة . فنواصي العباد بيد الله ،
وهو يضل من يشاء ، ويهدي إليه من أناب .
- موقف للفضيل مع هارون الرشيد :
عباس الدوري :
حدثنا محمد بن عبدالله الأنباري ،
قال : سمعت فضيلا يقول :
لما قدم هارون الرشيد الى مكة قعد في الحِجْر هو وولده ، وقوم من الهاشمين ، وأحضروا المشايخ ، فبعثوا إليّ فأردت أن لا أذهب ، فاستشرت جاري ،
فقال :
اذهب لعله يريد أن تعظه ، فدخلت المسجد ، فلما صرت إلى الحجر ، قلت لأدناهم :
أيكم أمير المؤمنين ؟
فأشار اليه ،
فقلت :
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فرد علي ،
وقال : اقعد ،
ثم قال : إنما دعوناك لتحدثنا بشيء ، وتعظنا ، فأقبلت عليه ،
فقلت : يا حسن الوجه ، حساب الخلق كلهم عليك . فجعل يبكي ويشهق ، فرددت عليه ، وهو يبكي ، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني ،
وقال : اذهب بسلام .
قال الذهبي (8/440) :
وعنه :
يا مسكين ، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن ، وأنت جاهل وترى أنك عالم ، وتبخل وترى أنك كريم ، وأحمق وترى أنك عاقل ، أجلك قصير ، وأملك طويل .
قلت ( الذهبي ) :
إي والله ، صدق ، وأنت ظالم وترى أنك مظلوم ، وآكل للحرام وترى أنك متورع ، وفاسق وتعتقد أنك عدل ، وطالب العلم للدنيا وترى أنك تطلبه لله .
- رسالة ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض :
روى الحافظ ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال:
أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس
وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب
قال:
فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام ، فلما قرأه ذرفت عيناه وقال:
صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ،
ثم قال :
أنت ممن يكتب الحديث ؟
قال : قلت : نعم ،
قال : فاكتب هذا الحديث كراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا ،
وأملى عليّ الفضيل بن عياض :
حدثنا منصور بن المعتمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رجلاً قال :
يا رسول اللّه علِّمني عملاً أنال به ثواب المجاهدين في سبيل اللّه ،
فقال :
"هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟
" فقال : يا رسول اللّه أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ،
ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم :
" فوالذي نفسي بيده لو طُوِّقت ذلك ما بلغت المجاهدين في سبيل الله ، أوما علمت أن الفرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له بذلك الحسنات ؟!
الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب الجهاد والسير .