طويلب علم مبتدئ
05 / 01 / 2010, 33 : 12 PM
إذا أخذت اللقمة الواحدة لتضعها في الفم فانظر إلى ما قبلها وإلى ما بعدها
أما الأمور التي قبلها :
فاعرف أن تلك اللقمة من الخبز لا تتم ولا تكمل إلا إذا كان هذا العالم بكليته قائماً على الوجه الأصوب ، لأن الحنطة لا بد منها ، وأنها لا تنبت إلا معونة الفصول الأربعة ، وتركيب الطبائع وظهور الرياح والأمطار ، ولا يحصل شيء منها إلا بعد دوران الأفلاك ، واتصال بعض الكواكب ببعض على وجوه مخصوصة في الحركات ، وفي كيفيتها في الجهة والسرعة والبطء ثم بعد أن تكون الحنطة لا بد من آلات الطحن والخبز ، وهي لا تحصل إلا عند تولد الحديد في أرحام الجبال ، ثم إن الآلات الحديدية لا يمكن إصلاحها إلا بآلات أخرى حديدية سابقة عليها ، ولا بد من انتهائها إلى آلة حديدية هي أول هذه الآلات ، فتأمل أنها كيف تكونت على الأشكال المخصوصة ، ثم إذا حصلت تلك الآلات فانظر أنه لا بد من اجتماع العناصر الأربعة ، وهي الأرض والماء والهواء والنار حتى يمكن طبخ الخبز من ذلك الدقيق. فهذا هو النظر فيما تقدم على حصول هذه اللقمة. وأما النظر فيما بعد حصولها : فتأمل في تركيب بدن الحيوان ، وهو أنه تعالى كيف خلق الأبدان حتى يمكنها الانتفاع بتلك اللقمة ، وأنه كيف يتضرر الحيوان بالأكل وفي أي الأعضاء تحدث تلك المضار ، ولا يمكنك أن تعرف القليل من هذه الأشياء إلا بمعرفة علم التشريح وعلم الطب بالكلية ، فظهر بما ذكرنا أن الانتفاع باللقمة الواحدة لا يمكن معرفته إلا بمعرفة جملة الأمور ، والعقول قاصرة عن إدراك ذرة من هذه المباحث ، فظهر بهذا البرهان القاهر صحة قوله تعالى : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَآhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ثم إنه تعالى قال : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّ الانسَـانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif قيل : يظلم النعمة بإغفال شكرها كفار شديد الكفران لها. وقيل : ظلوم في الشدة يشكو ويجزع ، كفار في النعمة يجمع ويمنع ، والمراد من الإنسان ههنا : الجنس ، يعني أن عادة هذا الجنس هو هذا الذي ذكرناه
قاله الفخر الرازي في تفسيره (1 / 2644)
أما الأمور التي قبلها :
فاعرف أن تلك اللقمة من الخبز لا تتم ولا تكمل إلا إذا كان هذا العالم بكليته قائماً على الوجه الأصوب ، لأن الحنطة لا بد منها ، وأنها لا تنبت إلا معونة الفصول الأربعة ، وتركيب الطبائع وظهور الرياح والأمطار ، ولا يحصل شيء منها إلا بعد دوران الأفلاك ، واتصال بعض الكواكب ببعض على وجوه مخصوصة في الحركات ، وفي كيفيتها في الجهة والسرعة والبطء ثم بعد أن تكون الحنطة لا بد من آلات الطحن والخبز ، وهي لا تحصل إلا عند تولد الحديد في أرحام الجبال ، ثم إن الآلات الحديدية لا يمكن إصلاحها إلا بآلات أخرى حديدية سابقة عليها ، ولا بد من انتهائها إلى آلة حديدية هي أول هذه الآلات ، فتأمل أنها كيف تكونت على الأشكال المخصوصة ، ثم إذا حصلت تلك الآلات فانظر أنه لا بد من اجتماع العناصر الأربعة ، وهي الأرض والماء والهواء والنار حتى يمكن طبخ الخبز من ذلك الدقيق. فهذا هو النظر فيما تقدم على حصول هذه اللقمة. وأما النظر فيما بعد حصولها : فتأمل في تركيب بدن الحيوان ، وهو أنه تعالى كيف خلق الأبدان حتى يمكنها الانتفاع بتلك اللقمة ، وأنه كيف يتضرر الحيوان بالأكل وفي أي الأعضاء تحدث تلك المضار ، ولا يمكنك أن تعرف القليل من هذه الأشياء إلا بمعرفة علم التشريح وعلم الطب بالكلية ، فظهر بما ذكرنا أن الانتفاع باللقمة الواحدة لا يمكن معرفته إلا بمعرفة جملة الأمور ، والعقول قاصرة عن إدراك ذرة من هذه المباحث ، فظهر بهذا البرهان القاهر صحة قوله تعالى : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَآhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ثم إنه تعالى قال : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّ الانسَـانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif قيل : يظلم النعمة بإغفال شكرها كفار شديد الكفران لها. وقيل : ظلوم في الشدة يشكو ويجزع ، كفار في النعمة يجمع ويمنع ، والمراد من الإنسان ههنا : الجنس ، يعني أن عادة هذا الجنس هو هذا الذي ذكرناه
قاله الفخر الرازي في تفسيره (1 / 2644)