المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكـــم الاحتفال بمـــولـد النبي صلى الله عليه وسلم


صقر الاسلام
17 / 02 / 2010, 00 : 09 AM
حكـــم الاحتفال بمـــولـد النبي صلى الله عليه وسلم
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب رحمه الله بقوله: الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدث في الأمة الإسلامية إلا في القرن الرابع الهجري، ولم يكن معروفًا في عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم.والاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى أمرين:

الأمر الأول: ثبوتــــه، أي ثبـوت مولد الرسول صلى الله عليه وسلم من الناحية التاريخية، ولم يثبت من الناحية التاريخية أن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم كان في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ولهذا اختلف المؤرخون فيه كثيرًا، وذكر بعض المحققين الفلكيين المعاصرين أو قبل عصرنا بيسير أنه كان ولد في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول، وليس في اليوم الثاني عشر منه.
وعلى هذا فيكون تحديد مولـد الرسول صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول غير ثـابت.


الأمر الثاني: إذا ثبت مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام، فهل ثبت شرعًــــا أن يكون محلاً للاحتفال بحيث تقام الأذكار والصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم، وربما يحدث ما وراء ذلك من صدقات وتقديم الحلوى، وربما يحدث ما وراء ذلك من اختلاط النساء بالرجال وإحداث قصائد يكون فيها غلو برسول الله صلى الله عليه وسلم كما يذكر عن بعضهم أنهم كانوا ينشدون القصيدة التي يقول قائلها:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به*** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن آخذًا يوم المعاد يدي *** عفـوًا وإلا فقـل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيـــــا وضـرَّتهـــا*** ومن علومك علم اللوح والقلم

وهذا لا شك غلــــــو برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضـاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم إن ثبوت الاحتفال برسول الله صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى دليل شرعي يعتمد عليه، إما من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم، وكل ذلك لم يكن، فليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عمل الصحابة الكرام رضي الله عنهم ما يدل على الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وغاية ما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صـــوم يــوم الاثنين، فقال: «ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه أو أنزل عليُّ فيه».

وهذا لا يدل على الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول، وإنما يدل على فضيلة صوم هذا اليوم أعني يوم الاثنين الذي حصلت فيه هذه المناسبة الولادة والوحي، ثم إنه لا يخصص هذا اليوم بشيء سوى ما ورد وهو صيامه وإذا لم يثبت الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم لا في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم فإنه يكون بدعة، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدعة حتى كان يعلن ذلك في خطبته في يوم الجمعة ويقول عليه الصلاة والسلام: «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محــــدثـاتهـا وكل بـدعـــــة ضلالــة».
فعمم النبي صلى الله عليه وسلم تعميمًا صريحًا في أن كل بدعــــة ضـــــلالـــة، ولم يستثن شيئًا من البدعـــة، ومعلوم أنها إذا كانت ضلالة فإنها لا تزيد العبد من ربه إلا بعدًا ولا تزيده من دينه إلا نقصًا.


ثم إننا نقول: ما الحامل لهذا الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم أهو حب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم تعظيم له، أما مضاهاة للنصارى الذين يقيمون الأعياد بما يزعمونه بمولد المسيح عليه الصلاة والسلام؟!
إن كان الحامل هو الأول أو الثاني أعني المحبة أو التعظيم فلسنــــا والله أشد تعظيمًا وحبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مــــن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، ولم يقيموا لمولده احتفالاً.

وإن كان الثالث وهو مضــاهـــــاة النصــــــارى فإنه لا ينبغي لنا أن نتخـذه من العبادات مع مضاهاة النصارى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من تشبــــه بقوم فهو منهــــم».
ثم نقول أيضًا لمن ابتــــدع الاحتفال بالمولد: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلـم أن مولده ينبغي أن يحتفل به؟
فإن قيل إنه لا يعلــــم، لزم من ذلك أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم جـــاهــــلاً بشيء من شريعــــــة الله. وإن قيــل يعلـــم، لزم من ذلك أن يكون الرسول كاتمًــــــا لشيء مـــن شريعـــــة الله، لأنــه لـمــــــــ يبلــــغ الناس بذلك.
وكلا هذين الاحتمالين ينــــــــزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلــــم الناس بشريعة الله، وهو أسبـــق الناس إلى تنفيذها وهو أحرص الناس على هداية عباد الله، وهو أشد الناس بلاغًـــا لما أنزل الله عليه عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فليس في سنتــــــه ما يدل على مشروعية هذا الاحتفال وبه يتبين أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم خطـأ من الناحية التاريخية حيث يخصص به هذا اليوم، اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وخطـأ من الناحية الشرعية لكونه بـــدعــــــــة لم يشرعـــه الله ولا رسوله ولا الخلفاء الراشدون ولا الصحابة والتابعون لهم بإحسان في القرن الأول والثاني والثالث.
وما أحسن ما قاله الإمام مالك رحمه الله: "إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".

ثم إننا نقول: إن الاحتفال بهذا المولد يوجب فتـــورًا للإنسان، في إتباع السنة بعد انقضاء هذا اليوم كما هو مشاهد حيث إنك تجد كثيرًا من الذين يحتفلون بهذا المولد فاترين عن إتباع السنة في أمور كثيرة، وهذا من سوء عاقبة البدعة أن صاحبها ينشط فيها في وقتها، ثم يفتر عن كثير من السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: أنا أقيم هذا الاحتفال لتذكير الناس بمنة الله تعالى.
فنقول: المولد نفسه ليس فيه المنة كما في بعث الرسول صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه، ولهذا قال الله تعالى: **لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} ولم يقــل إذ ولد فيهم رسول.

فهلا جعل هؤلاء احتفالاً في وقت نزول الـــوحـــي عليه، لأن هو الذي بــه المنة التامـة إذ إن الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يوحي إليه ليس نبيًا ولا رسولاً ولا تاليًـا لآيات الله ولا معلمًا للكتاب والحكمة، فالمنة ببعثـــه رسولاً، ومع هذا فــلا يشرع الاحتفال بموعد بعثـــه.

وإني أنصح لإخواني المسلمين أن يتجهوا إلى الحرص على القيام بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركوا ما لم يثبت عنه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئًا تحتاج الأمة إليه في معاشها ومعادها إلا بينه كما قال أبو ذر رضي الله عنه: "لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا".
ولو كان الاحتفال بمولده أو بمبعثه من شريعته لبينـــه لأمته، ولعمل به خلفاؤه وأصحابه والتابعون لهم بإحسان.

وإذا قال قائل: إن الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم من وسائل الدعوة فما الجواب؟
يقال: كيف تكون البـــدعــــة وسيلة للدعوة إلى الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعـــة ضلالـــــة».
فالضلالة لا يمكن أن تكون وسيلة للدعوة إلى الهدى، ووسائل الدعوة كثيرة لا تتعين بهذا الاحتفال البدعي، وهم إذا دعوا بهذه الوسيلة تقرر في نفوس المدعوين أنها من الشريعة، فكأننا دعوناهم إلى العمل ببدعـــــة.ووفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح، وجعلنا من الهداة المهديين
وجزاك الله كل خير

أبو عادل
17 / 02 / 2010, 55 : 02 PM
جزاك الله خيرا على الإفادة وبالتوفيق الدائم.
ورحم الله العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة واسعة وأسكنه الله الفردوس الأعلى.

محمد نصر
26 / 04 / 2010, 34 : 11 PM
بارك الله فيكم اخي الكريم صقر

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

شريف حمدان
19 / 06 / 2010, 44 : 06 AM
باركَ اللهُ فيك; .. وأجزلَ مثوبتَك; .. وأسعدك; في الدَّارين ..
وسَتَرَك; في حاضر القيامةِ ..
وبيّضَ وجهك; يوم تسودُّ وجوه العُصاةِ في موقفِ الندامة