ابو قاسم الكبيسي
07 / 03 / 2010, 50 : 06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلسلة مقالات
" خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل "
موسى بن سليمان السويداء
مقال رقم (11)
[ حول البناء والتخطيط العمراني ]
كتب ابن خلدون في مقدمته المشهورة فصلاً سماه
( في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب )
وقال في ضمن ما قال :
" وانظر إلى ما ملكوهُ وتغلبوا عليه من الأوطان من لدن الخليقة كيف تقوّض عُمرانه , وأقفر سكانه وبُدلت الأرض فيها غير الأرض "
ثم مثل بحال اليمن والمغرب والشام والعراق في زمانه , مما أصابها من خراب بعد حضارة الأمم السالفة .
وفي ظني أن ابن خلدون كان مُتحامل على العرب في مقدمه بعض الشيء ,
حتى يظن الظان أن لديه نزعة شُعوبية , والحق أن العرب قد يحسنون في أوطان دون أوطان بحسب توسع مداركهم وعلومهم ,
فالأندلس مثلاً فيها من العِمارة والفن الهندسي الشيء الجميل والبديع الذي يبهر عقل كل زائر , وكذلك الدولة العثمانية كانت على مستوى جيد في التطور العمراني وخاصةً في بناء المساجد .
أما عمارة اليوم فلو تكلمنا مثلاً على
" الرياض "
فسوف نجد أنها تجمع بين المحاسن والمساوئ في وقت واحد ,
فالبيوت من محاسنها جمال الشكل في الأبواب والشبابيك والألوان والأحجار الرخامية إلى غير ذلك .
وأما عن مساوئها فمنها أن فناء البيت
( الحوش )
خارجي , بحيث يكون مكشوف للجيران بكل سهولة ,
فإذا كان مثلاً لديك جار سوء
– والعياذ بالله –
ولديه أبناء ممن قل دينهم وأدبهم , فسوف تكون أنت وأهل بيته تحت المراقبة بحيث لا تشعر !
وهذا بالتأكيد أمر مزعج وقد يحملك على الرحيل , لأن هذا التصميم مخالف للتصميم العمراني الإسلامي القديم ,
الذي تكون فيها البيوت مربع الشكل والفناء داخلي في الوسط مستور عن أعين الجيران , مع أمان أكثر من اللصوص والسُّراق بسبب طول الجدران الخارجية .
ومن مساوئها أيضاً أن مادة الاسمنت شديدة الحرارة في الصيف , بحيث يصعب فيها العيش بدون تبريد , وهذا يجعل أعمار هذه البيوت , مرتبط بالطاقة الكهربائية المستمدة من البترول المهدد بالنضوب خلال السنوات القادمة , بينما نجد بعض البيوت القديمة في الدول الإسلامية صالحة للسُكنى وهي مبنية منذ مئات السنين .
إذاً بيوتنا اليوم مهددة بالخراب
- كما قال ابن خلدون –
بسبب قصر النظر عند من شيّد المُدن , فهم يخططون لسنوات قليلة
والدليل على ذلك أيضاً تخطيط الشوارع المقتضة اليوم بالزحام .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلسلة مقالات
" خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل "
موسى بن سليمان السويداء
مقال رقم (11)
[ حول البناء والتخطيط العمراني ]
كتب ابن خلدون في مقدمته المشهورة فصلاً سماه
( في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب )
وقال في ضمن ما قال :
" وانظر إلى ما ملكوهُ وتغلبوا عليه من الأوطان من لدن الخليقة كيف تقوّض عُمرانه , وأقفر سكانه وبُدلت الأرض فيها غير الأرض "
ثم مثل بحال اليمن والمغرب والشام والعراق في زمانه , مما أصابها من خراب بعد حضارة الأمم السالفة .
وفي ظني أن ابن خلدون كان مُتحامل على العرب في مقدمه بعض الشيء ,
حتى يظن الظان أن لديه نزعة شُعوبية , والحق أن العرب قد يحسنون في أوطان دون أوطان بحسب توسع مداركهم وعلومهم ,
فالأندلس مثلاً فيها من العِمارة والفن الهندسي الشيء الجميل والبديع الذي يبهر عقل كل زائر , وكذلك الدولة العثمانية كانت على مستوى جيد في التطور العمراني وخاصةً في بناء المساجد .
أما عمارة اليوم فلو تكلمنا مثلاً على
" الرياض "
فسوف نجد أنها تجمع بين المحاسن والمساوئ في وقت واحد ,
فالبيوت من محاسنها جمال الشكل في الأبواب والشبابيك والألوان والأحجار الرخامية إلى غير ذلك .
وأما عن مساوئها فمنها أن فناء البيت
( الحوش )
خارجي , بحيث يكون مكشوف للجيران بكل سهولة ,
فإذا كان مثلاً لديك جار سوء
– والعياذ بالله –
ولديه أبناء ممن قل دينهم وأدبهم , فسوف تكون أنت وأهل بيته تحت المراقبة بحيث لا تشعر !
وهذا بالتأكيد أمر مزعج وقد يحملك على الرحيل , لأن هذا التصميم مخالف للتصميم العمراني الإسلامي القديم ,
الذي تكون فيها البيوت مربع الشكل والفناء داخلي في الوسط مستور عن أعين الجيران , مع أمان أكثر من اللصوص والسُّراق بسبب طول الجدران الخارجية .
ومن مساوئها أيضاً أن مادة الاسمنت شديدة الحرارة في الصيف , بحيث يصعب فيها العيش بدون تبريد , وهذا يجعل أعمار هذه البيوت , مرتبط بالطاقة الكهربائية المستمدة من البترول المهدد بالنضوب خلال السنوات القادمة , بينما نجد بعض البيوت القديمة في الدول الإسلامية صالحة للسُكنى وهي مبنية منذ مئات السنين .
إذاً بيوتنا اليوم مهددة بالخراب
- كما قال ابن خلدون –
بسبب قصر النظر عند من شيّد المُدن , فهم يخططون لسنوات قليلة
والدليل على ذلك أيضاً تخطيط الشوارع المقتضة اليوم بالزحام .