أبو عادل
27 / 03 / 2010, 42 : 12 PM
http://img185.imageshack.us/img185/359/mnwa12li6.gif (http://img185.imageshack.us/img185/359/mnwa12li6.gif)
http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif (http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif)
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
لقد اتفقتْ كلمة علماء الحديث على قبول مرسل الصحابي[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) ، وجعله حجة شرعية إذا صحَّ الحديث إلى ذاك الصحابي ، ولا عبرة بمن خالف ذلك لأنَّه رأي شاذ ، كما قال الحافظ في النكت :(ص197).
بيد أنَّ هناك مسألة دقيقة وهي البحث في حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمع منه إمَّا لصغر سن ، أو لعارض آخر ، فهل يدخل هذا في حد الصحابة ، وهل حديثه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم له حكم المتصل .. أم له حكم المرسل ..؟؟.
لا يهمنا البحث هنا الآن عن آراء العلماء في هذه المسألة ، بل الذي يعنيني في هذا المقام ، هو موقف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من هذه المسألة .
فالناظر في كتابه الإصابة ، يجد أنَّه يدخل – فمن كان هذا حاله - في حد الصحبة ، وبالتالي فإنَّ حديثه له حكم المتصل المقبول ، وفي ذلك يقول رحمه الله تعالى في ترجمة طاق بن شهاب ، ما نصه:(3/510).
" إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي على الراجح وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح ".
و النتيجة التي توصل إليها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، نتيجة صحيحة ، إذ أننا طالما قد أدخلنا من كان هذا حاله في حد الصحبة ، فإنَّه يتحتم علينا قبول ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واعتباره مرسل صحابي .
لكن ما يشكل علينا أنَّ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى نفسه ، قد ذهب إلى خلاف ما ذهب إليه في الإصابة ، ولا أدري هل ما قاله في النكت ، بمثابة تراجع عمَّا قاله في الإصابة .. ؟؟.[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)
حيث قال رحمه الله تعالى في النكت ، ما نصه :(ص197).
" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة ، أن يكون ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعد مرسلاً .. ؟؟.
هذا محلُّ نظر وتأمل ، والحق الذي جزم به أبو حاتم الرازي و غيره من الأئمة أنَّ مرسله كمرسل غيره ، وأنَّ قولهم مراسيل الصحابة رضي الله عنهم مقبولة بالاتفاق إلاَّ بعض من شذَّ ، إنَّما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع ، أنَّا من لا يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم ".
وهكذا نراه قد أثبت له الصحبة في أول كلامه عندما قال :" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة ".
وهذا يتفق تمام الاتفاق مع كلامه في الإصابة ، بيد أنَّ النتيجة التي توصل إليها هنا في هذا الكلام تختلف عمَّا ذهب إليه في الإصابة ، إذ أنَّه قد رجحَّ في الإصابة قبول مرسله ، وعدِّه من مراسيل الصحابة ، كما قد رأينا .
أمَّا هنا فنراه قد رجح ما ذهب إليه أبو حاتم الرازي من عدم قبول مرسله ، وجعله بمثابة مرسل المخضرمين :" الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ".
لكن الأمر الملفت للنظر أنَّ مذهب أبو حاتم الرازي وغيره من أئمة النقد – كما سنرى إن شاء الله تعالى - هو اعتبار من رأى النبي صلى الله علي وسلم مجرد رؤية ، لا يدخل في حدِّ الصحبة ، لذلك ردَّ حديثه باعتباره مرسل تابعي لا مرسل صحابي .
وهكذا نرى أنَّ الحافظ ابن حجر أخذ بالنتيجة التي قال بها أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى ، دون الالتفات إلى الأصل الذي بنى عليه هذه النتيجة ، وهو اعتباره تابعي لا صحابي .
وإليكم بعضاَ من أقوال أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في هذه المسألة ، حتى نفهم صنيع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بشكل صحيح :
قال ابنه رحمه الله تعالى في كتابه :" المراسيل ". ما نصه :(ص98 رقم351).سمعتُ أبي يقول : طارق بنشهاب له رؤية ، وليست له صحبة ، والحديث الذي رواه الثوري عن علقمة بن مرثد عن طارق بن شهاب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل ، قال : كلمة حق عند سلطان جائر.
فقال أبي وسمعته يقول : هذا حديث مرسل ، فقلتُ قد أدخلته في مسند الوحدان ، فقال : إنَّما أدخلته لما يحُكى من رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقد جاء مثل هذا كثير عن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى ، فقد قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى : سئل أبي عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي : له صحبة .. ؟.قال : لا له رؤية ..انظر المراسيل :(ص112رقم442).
وهذا ليس مذهب ابن أبي حاتم فقط ، بل هو مذهب يحيى بن معين أيضا ، قال ابن أبي حاتم : قرىء على العبَّاس بن محمد الدوري ، قال : قلتُ ليحيى ابن معين : محمد بن حاطب قال : له رؤية ولا يذكر له صحبة ، ذكره أبي عن إسحاق بن منصور قال ، قلتُ ليحيى : محمد بن حاطب له رؤية أو صحبة .. ؟؟.قال : رؤية . انظرالمراسيل لابن أبي حاتم :(ص183 رقم663).
وهكذا نرى أنَّ هؤلاء الأئمة رحمهم الله تعالى لمَّا ردُّوا حديث هؤلاء ، ردوه على أساس أنَّه من التابعين ، وليس من الصحابة ، وأمَّا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فقد ردَّ حديثه بعد أن أثبت له الصحبة بهذه الرؤية .
لذا أقول : إنَّ كلامه في الإصابة أكثر انسجاماً ، من كلامه في النكت ، وذلك أننا إذا أثبت لأحد الصحبة فلا مناص إمامنا من قبول حديثه ، هذا والله أعلم
الحواشي :
.............
[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى في التقييد والإيضاح ، ما نصه :(ص63).
" إنَّ المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابة ، فإنَّهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها ، وأمَّا الأصوليون فقد اختلفوا فيها ، فذهب الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني إلى أنّه لا يحتج بها ، وخالفه عامة أهل الأصول فجزموا بالاحتجاج بها ".
[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2) والحقيقة للإجابة عن هذا التساؤل يتوجب علينا معرفة السابق واللاحق من كتابي الحافظ :" الإصابة والنكت ". و لا شكَّ على أنَّ معرفة ذلك متعذرة ، على الأقل في هذا الوقت الحالي .
http://arabswell.com/vb/image.php?u=169659&type=sigpic&dateline=1240378071
http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif (http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif)
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
لقد اتفقتْ كلمة علماء الحديث على قبول مرسل الصحابي[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) ، وجعله حجة شرعية إذا صحَّ الحديث إلى ذاك الصحابي ، ولا عبرة بمن خالف ذلك لأنَّه رأي شاذ ، كما قال الحافظ في النكت :(ص197).
بيد أنَّ هناك مسألة دقيقة وهي البحث في حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمع منه إمَّا لصغر سن ، أو لعارض آخر ، فهل يدخل هذا في حد الصحابة ، وهل حديثه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم له حكم المتصل .. أم له حكم المرسل ..؟؟.
لا يهمنا البحث هنا الآن عن آراء العلماء في هذه المسألة ، بل الذي يعنيني في هذا المقام ، هو موقف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من هذه المسألة .
فالناظر في كتابه الإصابة ، يجد أنَّه يدخل – فمن كان هذا حاله - في حد الصحبة ، وبالتالي فإنَّ حديثه له حكم المتصل المقبول ، وفي ذلك يقول رحمه الله تعالى في ترجمة طاق بن شهاب ، ما نصه:(3/510).
" إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي على الراجح وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح ".
و النتيجة التي توصل إليها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، نتيجة صحيحة ، إذ أننا طالما قد أدخلنا من كان هذا حاله في حد الصحبة ، فإنَّه يتحتم علينا قبول ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واعتباره مرسل صحابي .
لكن ما يشكل علينا أنَّ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى نفسه ، قد ذهب إلى خلاف ما ذهب إليه في الإصابة ، ولا أدري هل ما قاله في النكت ، بمثابة تراجع عمَّا قاله في الإصابة .. ؟؟.[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)
حيث قال رحمه الله تعالى في النكت ، ما نصه :(ص197).
" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة ، أن يكون ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعد مرسلاً .. ؟؟.
هذا محلُّ نظر وتأمل ، والحق الذي جزم به أبو حاتم الرازي و غيره من الأئمة أنَّ مرسله كمرسل غيره ، وأنَّ قولهم مراسيل الصحابة رضي الله عنهم مقبولة بالاتفاق إلاَّ بعض من شذَّ ، إنَّما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع ، أنَّا من لا يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم ".
وهكذا نراه قد أثبت له الصحبة في أول كلامه عندما قال :" لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حدِّ الصحبة ".
وهذا يتفق تمام الاتفاق مع كلامه في الإصابة ، بيد أنَّ النتيجة التي توصل إليها هنا في هذا الكلام تختلف عمَّا ذهب إليه في الإصابة ، إذ أنَّه قد رجحَّ في الإصابة قبول مرسله ، وعدِّه من مراسيل الصحابة ، كما قد رأينا .
أمَّا هنا فنراه قد رجح ما ذهب إليه أبو حاتم الرازي من عدم قبول مرسله ، وجعله بمثابة مرسل المخضرمين :" الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ".
لكن الأمر الملفت للنظر أنَّ مذهب أبو حاتم الرازي وغيره من أئمة النقد – كما سنرى إن شاء الله تعالى - هو اعتبار من رأى النبي صلى الله علي وسلم مجرد رؤية ، لا يدخل في حدِّ الصحبة ، لذلك ردَّ حديثه باعتباره مرسل تابعي لا مرسل صحابي .
وهكذا نرى أنَّ الحافظ ابن حجر أخذ بالنتيجة التي قال بها أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى ، دون الالتفات إلى الأصل الذي بنى عليه هذه النتيجة ، وهو اعتباره تابعي لا صحابي .
وإليكم بعضاَ من أقوال أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في هذه المسألة ، حتى نفهم صنيع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بشكل صحيح :
قال ابنه رحمه الله تعالى في كتابه :" المراسيل ". ما نصه :(ص98 رقم351).سمعتُ أبي يقول : طارق بنشهاب له رؤية ، وليست له صحبة ، والحديث الذي رواه الثوري عن علقمة بن مرثد عن طارق بن شهاب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل ، قال : كلمة حق عند سلطان جائر.
فقال أبي وسمعته يقول : هذا حديث مرسل ، فقلتُ قد أدخلته في مسند الوحدان ، فقال : إنَّما أدخلته لما يحُكى من رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقد جاء مثل هذا كثير عن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى ، فقد قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى : سئل أبي عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي : له صحبة .. ؟.قال : لا له رؤية ..انظر المراسيل :(ص112رقم442).
وهذا ليس مذهب ابن أبي حاتم فقط ، بل هو مذهب يحيى بن معين أيضا ، قال ابن أبي حاتم : قرىء على العبَّاس بن محمد الدوري ، قال : قلتُ ليحيى ابن معين : محمد بن حاطب قال : له رؤية ولا يذكر له صحبة ، ذكره أبي عن إسحاق بن منصور قال ، قلتُ ليحيى : محمد بن حاطب له رؤية أو صحبة .. ؟؟.قال : رؤية . انظرالمراسيل لابن أبي حاتم :(ص183 رقم663).
وهكذا نرى أنَّ هؤلاء الأئمة رحمهم الله تعالى لمَّا ردُّوا حديث هؤلاء ، ردوه على أساس أنَّه من التابعين ، وليس من الصحابة ، وأمَّا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فقد ردَّ حديثه بعد أن أثبت له الصحبة بهذه الرؤية .
لذا أقول : إنَّ كلامه في الإصابة أكثر انسجاماً ، من كلامه في النكت ، وذلك أننا إذا أثبت لأحد الصحبة فلا مناص إمامنا من قبول حديثه ، هذا والله أعلم
الحواشي :
.............
[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى في التقييد والإيضاح ، ما نصه :(ص63).
" إنَّ المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابة ، فإنَّهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها ، وأمَّا الأصوليون فقد اختلفوا فيها ، فذهب الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني إلى أنّه لا يحتج بها ، وخالفه عامة أهل الأصول فجزموا بالاحتجاج بها ".
[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2) والحقيقة للإجابة عن هذا التساؤل يتوجب علينا معرفة السابق واللاحق من كتابي الحافظ :" الإصابة والنكت ". و لا شكَّ على أنَّ معرفة ذلك متعذرة ، على الأقل في هذا الوقت الحالي .
http://arabswell.com/vb/image.php?u=169659&type=sigpic&dateline=1240378071