أبو عادل
12 / 05 / 2010, 03 : 07 PM
http://up.g4z4.com/uploads/838c8a8bf6.gif (http://up.g4z4.com/uploads/838c8a8bf6.gif)
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
فهذا بحث مطول- بعض الشيء - في بيان ضعف حديث الخط في سترة المصلي ، وقد اسميته :" الجواب الجلي في بيان ضعف حديث الخط في سترة المصلي " . بينتُ فيه ضعف هذا الحديث ، ولله الحمد والمنة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد – وغيره - في مسنده :(رقم7392) من طريق سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حُريث العُذري قال مرةً : عن أبي عمرو بن محمد بن حُريث عن جده : سمعتُ أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم :
" إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد شيئاً فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولا يضره ما مر بين يديه " .
و هذا حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه علتان ظاهرتان :
الأولى الاضطراب ، والثانية هي الجهالة .
أمَّا بشأن الاضطراب ، فهو على خمسة أوجه :
الوجه الأول : الإختلاف فيه على إسماعيل بن أمية :
فقد اختلف عليه في تسمية شيخه في هذا الحديث ، فتارة يقولون هو :" أبي عمر بن محمد بن حريث " . وتارة يقولون هو :" أبي محمد بن عمرو بن حريث " . و تارة يقولون :" حريث بن عمَّار ".
و في ذلك يقول الإمام البيهقي رحمه الله تعالى في المعرفة :
" توقف الشافعي في صحة الحديث لإختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية في أبي محمد بن عمرو بن حريث ، فقيل هكذا ، وقيل عن أبي عمرو بن حريث ، وقيل غير ذلك " . [1] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn1)
وقد أجاب الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى عن هذا الإختلاف بقوله :
" واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك ، لأنَّه إن كان الرجل ثقة فلا ضير ، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنَّما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك " . [2] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn2)
قلت : بل هذا الاختلاف مشعر بأنَّ راوي هذا الحديث - و هو إسماعيل بن أمية[3] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn3) – غير ضابط في روايته هذه ، ولا شك على أنَّ هذا من شأنه أن يضعف الحديث ، فيما لو كانت هذه علته الوحيدة ، فكيف إذا انضم إليها .
الوجه الثاني : الاختلاف على اسماعيل في روايته عن أبي محمد بن حريث – أو أبي عمرو بن حريث – على وجوه :
الأول : من طريق سفيان بن عيينة ، واختلف عليه : فرواه كل من :
1 - الإمام أحمد ، كما في مسنده :(رقم7392).
2 - و ابن أبي شيبة ، كما في مصنفه :(2/416).
3 – وعلي بن المديني ، كما عند أبي داود في سننه :(رقم690).
4 - وعمار بن خالد ، كما في سنن ابن ماجه :(رقم943).
5 - وأبو خيثمة ، كما عند ابن حبَّان في صحيحه :(رقم2361) . وفي الثقات :(4/175).
6 - و عبد الجبار بن العلاء ، كما عند ابن خزيمة في صحيحه :(رقم811).
7 - و محمد بن منصور ، كما عند ابن خزيمة في صحيحه :(رقم811) . و الدولابي في الكنى :(2/203).
8 - والحميدي ، كما في مسنده :(رقم1023) . و ابن المنذر في الأوسط :(5/91 رقم2438).
9 - والإمام الشافعي ، كما عند البيهقي في المعرفة :(3/191 رقم4226).
كلهم [ الإمام أحمد وابن أبي شيبة و علي بن المديني وعمار بن خالد وأبو خيثمة وعبد الجبار بن العلاء ومحمد بن منصور والحميدي والإمام الشافعي ] . عن سفيان بن عيينة عن أبي محمد – أو أبي عمرو بن حريث – عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم .. به .. هكذا بذكر جده
الثاني : واختلف عليه – أي على ابن عيينة – فرواه جماعة عنه بذكر أبيه بدلاً من جده ، قال ابن أبي حاتم في علله :(2/484).
" وقد اختلف عن ابن عيينة ، فأمَّا يونس بن عبد الأعلى وسليمان القزَّاز فحدثاني عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ".
قلت :
وممن رواه عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث – أو أبي محمد بن حريث – عن جده أيضا ، ومن غير طريق سفيان بن عيينة :
1 – بشر بن المفضل ، كما عند أبي داود في سننه :(رقم690) . و ابن خزيمة في صحيحه :(رقم812). والبيهقي في الكبرى :(2/270).
2 – وهيب بن خالد ، كما عند عبد بن حميد :(رقم1434).
الوجه الثالث من وجوه الاختلاف في هذا الحديث : ذكر :" أبيه ". بدلاً من :" جده ". وقد رُوي ذلك من طرق منها :
1 – منها من طريق معمر عن إسماعيل .. به . بذكر أبيه .. كماعند عند أحمد في مسنده :(رقم7461).
2 – و منها من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل .. به .. كما عند الإمام أحمد :(رقم7461).
و اختلف فيه على سفيان الثوري ، فقد اختلف عليه على وجهين :
الأول : ما رواه كل من عبد الرزاق ، كما في مسند أحمد :(رقم7461) . والحسين بن حفص ، كما عند البيهقي في الكبرى :(2/270). كلاهما عن الثوري عن إسماعيل عن أبن عمرو بن الحارث .. به .. بذكر أبيه .
الثاني : ما قاله الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في السنن الصغرى ، حيث قال :(1/324 رقم915 ).
" و رواه الثوري عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن جدَّه عن أبي هريرة ". أي بذكر جده ، بدلاً من أبيه .
والظاهر أنَّ الوجه الثاني من الرواية عن الثوري – وهو ذكر جده – ليست بالمحفوظة ، ذلك أنَّ أبا زرعة رحمه الله تعالى لم يشر إلى هذا الوجه من رواية الثوري رحمه الله تعالى ، عندما قال :
" ورواه يحيى بن سعيد القطَّان وحسين بن حفص عن الثوري عن إسماعيل بن أمية عن عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو زرعة : الصواب ما رواه الثوري ".[4] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn4)
أي أنَّ طريق الثوري الذي فيه :" عن أبيه ". هي الصواب ، والله أعلم.
وقد نازع في ذلك الحافظ العراقي رحمه الله تعالى ، فقال :
" فسفيان الثوري وإن كان أحفظ من سماه المصنف – أي ابن الصلاح – فإنَّه انفرد بقوله عن أبي عمرو عن أبيه ، وأكثر الرواة يقولون : عن جده ، وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم ووهيب بن خالد وعبد الوارث بن سعيد ، وهؤلاء من ثقات البصريين وأئمتهم ، ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة وقولهم أرجح لقولين :
أحدهما : الكثرة.
والثاني : إنَّ إسماعيل بن أمية مكي ، وابن عيينة كان مقيماً بمكة ، ومما يرجح به كون الراوي عنه من أهل بلده وبكثرة الرواة أيضاً ، وخالف الكل ابن جريج وهو بمكة أيضاً ، ومولى آل خالد بن سعيد الأموي ، وإسماعيل لن أمية هو ابن عمرو بن سعيد المذكور الأموي ، فيقتضي ذلك ترجيح روايته – أي رواية ابن جريج - فتعارض حينئذٍ الوجوه المقتضية للترجيح ". [5] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn5)
والحقيقة إنَّ القلب لينخلع من مكانه عند مخالفة أحد هؤلاء الائمة النقَّاد في أحكامه النقدية على الأحاديث ، بيد أنَّ ما ذكره الحافظ العراقي له وجه من الصواب ، لذا أميل إليه على استحياء ، والله أعلم.
3 – ومنها من طريق نصر بن حاجب عن إسماعيل بن أمية .. به .. بذكر أبيه ، كما عند بحشل في تاريخ واسط :(ص131).
الوجه الرابع من وجوه الاختلاف في هذا الحديث : ذكر :" أبيه ". و :" جده ". مجتمعين في الإسناد ، فقد خالف مسلم بن خالد جميع من رواه عن إسماعيل ، فقال : عن أبي محمد عمرو بن حريث عن أبيه عن ابن حبَّان في صحيحه :(رقم2376).
الوجه الخامس : عدم ذكر الواسطة التي بين إسماعيل بن أمية وبين حريث ، فرواه ابن جريج رحمه الله تعالى عن إسماعيل بن أمية عن حريث بن عمَّار – هكذا بدون واسطة - عن أبي هريرة رضي الله عنه .. به. كما عند البخاري في التاريخ الكبير[6] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn6)
ومن هنا نقول :
إنَّ الحكم على الحديث بالاضطراب هو الذي تقتضيه قواعد الصناعة الحديثية ، وليس بصواب ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من نفيه لهذه العلة ، كما قد سنرى إن شاء الله تعالى .
****
و أمَّا بشأن العلة الثانية التي أُعِلَّ بها هذا الحديث - وهي علة الجهالة – فقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا ، حيث أعلوا الحديث بذلك ، وممن ذهب إلى هذا :
1 - الإمام أبو جعفر الطحاوي : قال ابن عبد البر في التمهيد :(4/200).
" وقال أبو جعفر الطحاوي إذ ذكر هذا الحديث : أبو عمرو بن محمد بن حريث هذا مجهول وجده أيضاً مجهول ليس لهما ذكر في غير هذا الحديث ، ولا يحتج بمثل هذا " . وانظر الاستذكار :(2/281). وانظر تهذيب التهذيب :(12/199)
2 – الحافظ ابن رجب الحنبلي : قال الحافظ بن رجب رحمه الله تعالى في كتابه فتح الباري :(4/42).
" لكن هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل وأبو وجده ، قد قيل : إنَّهم مجهولون ".
3 - الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى : حيث قال في ميزانه :(4/556).
" أبو عمرو بن محمد بن حريث عن جده عن أبي هريرة : لا يُعرف ".
4– الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : فمن الغريب حقاً أن يذهب الحافظ ابن حجر إلى تحسين هذا الحديث في كتابه :" بلوغ المرام ". [7] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn7)في حين حكم على حريث بن العذرة بالجهالة ، وذلك في كتابه :" تقريب التهذيب ". حيث قال رحمه الله تعالى ما نصه :
" .. وعندي أنَّ راوي حديث الخط غير الصحابي ، بل هو مجهول من الثالثة ". [8] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn8)
أقول أهل العلم في هذا الحديث :
ذهب جمهور أهل العلم إلى ضعف هذا الحديث ، ولعلَّنا نذكر أشهر من ضعفه بحسب ما وقفنا عليه :
1 – الإمام سفيان بن عيينة : حيث قال رحمه الله تعالى ، قال الإمام أبو داود رجمه الله في سننه :(1/240).
" لم نجد نشد به هذا الحديث ولم يجيء إلاَّ من هذا الوجه ". وانظر السنن الكبرى للبيهقي :(2/271).
2 - الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : حيث توقف على القول بهذا الحديث ، وتوقفه يدل على أنَّه لم يثبت عنده ، وفي ذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع :(3/245)
" و أشار إلى تضعيفه الشافعي والبيهقي وغيرهما ، قال البيهقي : هذا الحديث أخذ به الشافعي في القديم وسنن حرملة ، وقال في البويطي : ولا يخط بين يده خطاً إلاَّ أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ، قال البيهقي: وإنَّما توقف الشافعي في الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية أحد رواته ، وقال غير البيهقي : هو ضعيف لاضطرابه ".
3 – الإمام البغوي : حيث قال في شرح السنة بعد أن أخرجه :(2/288)
" وفي إسناده ضعف ".
4 – الإمام القاضي عياض : حيث قال - بعد أن ذكر بطلان إتخاذ الخط في سترة المصلي - في كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم :(2/414).
" وإن كان جاء به - أي في الخط لسترة المصلي - حديث ، وأخذ به أحمد بن حنبل : فهو ضعيف ".
5 – الإمام النووي : حيث قال في المجموع :(3/245)
" وحديث أبي هريرة في الخط رواه أبو داود وابن ماجه ، قال البغوي وغيره : وهو حديث ضعيف ".
6 – الحافظ عبد الحق الأشبيلي : حيث قال في كتابه الأحكام الوسطى :(1/345)
" وقد روي حديث الصلاة إلى الخط عن أبي هريرة من طرق لا يصح ولا يثبت ذكر ذلك الدراقطني ".
ومن المعاصرين :
1- العلامة البارع الشيخ أحمد محمد شاكر : حيث قال رحمه الله تعالى في تعليقه على المسند :(7/199).
" إسناده ضعيف لاضطرابه ولجهالة حال راويه كما سنبين في التخريج إن شاء الله". ثُمَّ ذكر الكلام على علله ، ثُمَّ قال رحمه الله تعالى :(7/200).
" وللحديث أسانيد أخر من هذا الوجه توافق هذه الروايات أو تخالفها ، وكلها تدل على الإضطراب وعلى جهالة هذا الشيخ الذي يروي عنه إسماعيل بن أمية ".
2 – الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى : حيث ذهب في ضعيف أبي داود إلى تضعيفه ، فقال :(رقم107).
" إسناده ضعيف ، وله علتان : جهالة أبي عمرو بن محمد حريث وجده ، والإضطراب في إسناده اضطراباً شديداً ". ثُمَّ فصَّل فيه القول رحمه الله تعالى .
3 – العلامة الشيخ مصطفى العدوي : حيث قال في تعليقه على مسند عبد بن حميد :(2/340).
" ضعيف مضطرب ".
4 - الشيخ المحقق شعيب الأناؤوط : حيث قال في في تخريجه على صحيح ابن حبَّان ، ما نصه :(6/125).
" إسناده ضعيف لإضطرابه ولجهالة أبي محمد بن عمرو بن حريث وجده ".
5 – العلامة الشيخ عبد القادر الإرناؤوط رحمه الله تعالى : حيث قال في تهليقه على جامع الأصول :(5/519).
" إسناده ضعيف ".
العمل بهذا الحديث عند بعض أهل العلم لا يعني صحته عندهم :
ذهب بعض أهل إلى العمل بهذا الحديث كالإمام أحمد رحمه الله تعالى ، ففهم الحافظ ابن عبد البر من عمل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنَّه يذهب إلى تصيححه ، فقال رحمه الله تعالى في كتابه التمهيد :(4/199).
" وهذا الحديث عند أحمد بن حنبل ومن قال بقوله : حديث صحيح ، وإليه ذهبوا ، ورأيتُ أنَّ علي بن المديني كان يصحح هذا الحديث ويحتج به ". وانظر الاستذكار :(2/281).
لكن تعقبه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى ، فقال في كتابه فتح الباري :(4/40-41).
" وحُكى عن ابن المديني أنَّه صححه ، وحُكي ابن عبد البر عن أحمد وعلي بن المديني أنَّهما صححاه .
وأحمد لم يعرف عنه التصريح بحصته ، وإنَّما مذهبه العمل بالخط ، وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة لا على الحديث المرفوع ة ، فإنَّه قال في رواية ابن القاسم : الحديث في الخطِّ ضعيف ".
وذهب إلى العمل بهذا الحديث أيضاً - غير الإمام أحمد - سعيد بن جبير والإمام الاوزاعي وأبو ثور ، كما قال ابن المنذر في الأوسط :(5/91).
لكن مجرد العمل به لا يدل على تصحيح هؤلاء لهذا الحديث ، إذ أنّ بعض الأئمة – كالإمام أحمد وغيره – يرى العمل في الحديث الضعيف – الذي لم يشتد ضعفه طبعاً – إذا لم يجدوا في الباب ما يدفعه ، دون أن يكون مقصودهم تصحيح الحديث من الناحية الحديثية ، كما هو معروف ، والله أعلم .
فائدة فقهية :
وهذا ملخص أقوال أهل العلم في اتخاذ الخط سترة للمصلي :
ذهب مالك والليث بن سعد وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنَّ :[ الخط ليس بشيء وهو باطل ولا يجوز عند واحد منهم ]. كما قال ابن عبد البر ررحمه الله تعالى في التمهيد :(4/198)
وذهب إلى القول به :[ إبراهيم النخعي ، وقال أحمد وأبو ثور إذا لم يجد تلقاء وجهه شيئاً ولم يجد عصا ينصبها فليخط خطاً ، وكذلك قال الشافعي بالعراق ، وقال الأوزاعي : إذا لم يكن ينتصب له عرضه بين يديه وصلى إليه فإن لم يجد خطَّ خطاً ، وهو قول سعيد بن جبير ، قال الأوزاعي : والسوط يعرضه أحبُّ إليَّ من الخط ، وقال الشافعي بمصر : لا يخط الرجل بين يديه خطاً إلاَّ يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ]. انظر التمهيد لابن عبد البر :(4/198).
فهذا يعني أنَّ الإمام الشافعي قد توقف عن القول في اتخاذ الخط سترة للمصلي ، حتى يثبت به حديث صحيح ، وفي ذلك الإمام البيهقي في معرفة السنن :(3/191)
[ هذا حديث قد أخذ به الشافعي في القديم وفي سنن حرملة ، وقال في كتاب البويطي : ولا يخط المصلي بين يديه خطاً إلاَّ أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ، وإنَّما توقف الشافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية ].
الحواشي :
[1] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref1) انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي :(3/191 رقم4131) . وقد أشار الحافظ ابن رجب في كتابه فتح الباري إلى هذا الاختلاف ، وزاد عليه على نحو ما سنذكره إن شاء الله تعالى . انظر فتح الباري لابن رجب الحنبلي :(4/41).
[2] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref2) النكت على ابن الصلاح لابن حجر :(2/773)0
[3] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref3) قد يفهم البعضُ من كلام الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى إلى أنَّه يميل إلى أنَّ هذا الاضطراب في تحديد اسم شيخ إسماعيل بن أمية هو من قِبَل سفيان بن عيينة ، عندما قال في علله ما نصه :(10/280) .
" وقد اضطرب ابن عيينة في هذا الحديث ، فربما قال عن أبي محمد بن حريث ، وربما قال : عن أبي عمر بن حريث ، وثبت على أبي محمد بن عمرو .. " .
والحقيقة أنَّ الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى لا يقصد هذا المعنى ، بل مقصوده أنَّ سفيان بن عيينة عندما روى هذا الحديث ، مرة اسماه :" أبي محمد بن حريث ". ومرة أسماه :" أبي عمرة بن حريث " ثُمَّ ثبت على تسميته بأبي محمد بن حريث ".
[4] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref4) علل ابن أبي حاتم :(2/484).
[5] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref5) التقييد والإيضاح للحافظ العراقي :(ص104-105).
[6] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref6) انظر التاريخ الكبير للبخاري :(3/71) .
[7] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref7) حيث قال رحمه الله تعالى :" ولم يصب من زعم أنَّه مضطرب ، بل هو حسن ". انظر بلوغ المرام :(ص29 رقم249).
[8] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref8) انظر تقريب التهذيب :(1/196).
منقول للامانة.
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
فهذا بحث مطول- بعض الشيء - في بيان ضعف حديث الخط في سترة المصلي ، وقد اسميته :" الجواب الجلي في بيان ضعف حديث الخط في سترة المصلي " . بينتُ فيه ضعف هذا الحديث ، ولله الحمد والمنة.
والحديث أخرجه الإمام أحمد – وغيره - في مسنده :(رقم7392) من طريق سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حُريث العُذري قال مرةً : عن أبي عمرو بن محمد بن حُريث عن جده : سمعتُ أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم :
" إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد شيئاً فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولا يضره ما مر بين يديه " .
و هذا حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه علتان ظاهرتان :
الأولى الاضطراب ، والثانية هي الجهالة .
أمَّا بشأن الاضطراب ، فهو على خمسة أوجه :
الوجه الأول : الإختلاف فيه على إسماعيل بن أمية :
فقد اختلف عليه في تسمية شيخه في هذا الحديث ، فتارة يقولون هو :" أبي عمر بن محمد بن حريث " . وتارة يقولون هو :" أبي محمد بن عمرو بن حريث " . و تارة يقولون :" حريث بن عمَّار ".
و في ذلك يقول الإمام البيهقي رحمه الله تعالى في المعرفة :
" توقف الشافعي في صحة الحديث لإختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية في أبي محمد بن عمرو بن حريث ، فقيل هكذا ، وقيل عن أبي عمرو بن حريث ، وقيل غير ذلك " . [1] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn1)
وقد أجاب الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى عن هذا الإختلاف بقوله :
" واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك ، لأنَّه إن كان الرجل ثقة فلا ضير ، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنَّما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك " . [2] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn2)
قلت : بل هذا الاختلاف مشعر بأنَّ راوي هذا الحديث - و هو إسماعيل بن أمية[3] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn3) – غير ضابط في روايته هذه ، ولا شك على أنَّ هذا من شأنه أن يضعف الحديث ، فيما لو كانت هذه علته الوحيدة ، فكيف إذا انضم إليها .
الوجه الثاني : الاختلاف على اسماعيل في روايته عن أبي محمد بن حريث – أو أبي عمرو بن حريث – على وجوه :
الأول : من طريق سفيان بن عيينة ، واختلف عليه : فرواه كل من :
1 - الإمام أحمد ، كما في مسنده :(رقم7392).
2 - و ابن أبي شيبة ، كما في مصنفه :(2/416).
3 – وعلي بن المديني ، كما عند أبي داود في سننه :(رقم690).
4 - وعمار بن خالد ، كما في سنن ابن ماجه :(رقم943).
5 - وأبو خيثمة ، كما عند ابن حبَّان في صحيحه :(رقم2361) . وفي الثقات :(4/175).
6 - و عبد الجبار بن العلاء ، كما عند ابن خزيمة في صحيحه :(رقم811).
7 - و محمد بن منصور ، كما عند ابن خزيمة في صحيحه :(رقم811) . و الدولابي في الكنى :(2/203).
8 - والحميدي ، كما في مسنده :(رقم1023) . و ابن المنذر في الأوسط :(5/91 رقم2438).
9 - والإمام الشافعي ، كما عند البيهقي في المعرفة :(3/191 رقم4226).
كلهم [ الإمام أحمد وابن أبي شيبة و علي بن المديني وعمار بن خالد وأبو خيثمة وعبد الجبار بن العلاء ومحمد بن منصور والحميدي والإمام الشافعي ] . عن سفيان بن عيينة عن أبي محمد – أو أبي عمرو بن حريث – عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم .. به .. هكذا بذكر جده
الثاني : واختلف عليه – أي على ابن عيينة – فرواه جماعة عنه بذكر أبيه بدلاً من جده ، قال ابن أبي حاتم في علله :(2/484).
" وقد اختلف عن ابن عيينة ، فأمَّا يونس بن عبد الأعلى وسليمان القزَّاز فحدثاني عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ".
قلت :
وممن رواه عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث – أو أبي محمد بن حريث – عن جده أيضا ، ومن غير طريق سفيان بن عيينة :
1 – بشر بن المفضل ، كما عند أبي داود في سننه :(رقم690) . و ابن خزيمة في صحيحه :(رقم812). والبيهقي في الكبرى :(2/270).
2 – وهيب بن خالد ، كما عند عبد بن حميد :(رقم1434).
الوجه الثالث من وجوه الاختلاف في هذا الحديث : ذكر :" أبيه ". بدلاً من :" جده ". وقد رُوي ذلك من طرق منها :
1 – منها من طريق معمر عن إسماعيل .. به . بذكر أبيه .. كماعند عند أحمد في مسنده :(رقم7461).
2 – و منها من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل .. به .. كما عند الإمام أحمد :(رقم7461).
و اختلف فيه على سفيان الثوري ، فقد اختلف عليه على وجهين :
الأول : ما رواه كل من عبد الرزاق ، كما في مسند أحمد :(رقم7461) . والحسين بن حفص ، كما عند البيهقي في الكبرى :(2/270). كلاهما عن الثوري عن إسماعيل عن أبن عمرو بن الحارث .. به .. بذكر أبيه .
الثاني : ما قاله الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في السنن الصغرى ، حيث قال :(1/324 رقم915 ).
" و رواه الثوري عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن جدَّه عن أبي هريرة ". أي بذكر جده ، بدلاً من أبيه .
والظاهر أنَّ الوجه الثاني من الرواية عن الثوري – وهو ذكر جده – ليست بالمحفوظة ، ذلك أنَّ أبا زرعة رحمه الله تعالى لم يشر إلى هذا الوجه من رواية الثوري رحمه الله تعالى ، عندما قال :
" ورواه يحيى بن سعيد القطَّان وحسين بن حفص عن الثوري عن إسماعيل بن أمية عن عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو زرعة : الصواب ما رواه الثوري ".[4] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn4)
أي أنَّ طريق الثوري الذي فيه :" عن أبيه ". هي الصواب ، والله أعلم.
وقد نازع في ذلك الحافظ العراقي رحمه الله تعالى ، فقال :
" فسفيان الثوري وإن كان أحفظ من سماه المصنف – أي ابن الصلاح – فإنَّه انفرد بقوله عن أبي عمرو عن أبيه ، وأكثر الرواة يقولون : عن جده ، وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم ووهيب بن خالد وعبد الوارث بن سعيد ، وهؤلاء من ثقات البصريين وأئمتهم ، ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة وقولهم أرجح لقولين :
أحدهما : الكثرة.
والثاني : إنَّ إسماعيل بن أمية مكي ، وابن عيينة كان مقيماً بمكة ، ومما يرجح به كون الراوي عنه من أهل بلده وبكثرة الرواة أيضاً ، وخالف الكل ابن جريج وهو بمكة أيضاً ، ومولى آل خالد بن سعيد الأموي ، وإسماعيل لن أمية هو ابن عمرو بن سعيد المذكور الأموي ، فيقتضي ذلك ترجيح روايته – أي رواية ابن جريج - فتعارض حينئذٍ الوجوه المقتضية للترجيح ". [5] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn5)
والحقيقة إنَّ القلب لينخلع من مكانه عند مخالفة أحد هؤلاء الائمة النقَّاد في أحكامه النقدية على الأحاديث ، بيد أنَّ ما ذكره الحافظ العراقي له وجه من الصواب ، لذا أميل إليه على استحياء ، والله أعلم.
3 – ومنها من طريق نصر بن حاجب عن إسماعيل بن أمية .. به .. بذكر أبيه ، كما عند بحشل في تاريخ واسط :(ص131).
الوجه الرابع من وجوه الاختلاف في هذا الحديث : ذكر :" أبيه ". و :" جده ". مجتمعين في الإسناد ، فقد خالف مسلم بن خالد جميع من رواه عن إسماعيل ، فقال : عن أبي محمد عمرو بن حريث عن أبيه عن ابن حبَّان في صحيحه :(رقم2376).
الوجه الخامس : عدم ذكر الواسطة التي بين إسماعيل بن أمية وبين حريث ، فرواه ابن جريج رحمه الله تعالى عن إسماعيل بن أمية عن حريث بن عمَّار – هكذا بدون واسطة - عن أبي هريرة رضي الله عنه .. به. كما عند البخاري في التاريخ الكبير[6] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn6)
ومن هنا نقول :
إنَّ الحكم على الحديث بالاضطراب هو الذي تقتضيه قواعد الصناعة الحديثية ، وليس بصواب ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من نفيه لهذه العلة ، كما قد سنرى إن شاء الله تعالى .
****
و أمَّا بشأن العلة الثانية التي أُعِلَّ بها هذا الحديث - وهي علة الجهالة – فقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا ، حيث أعلوا الحديث بذلك ، وممن ذهب إلى هذا :
1 - الإمام أبو جعفر الطحاوي : قال ابن عبد البر في التمهيد :(4/200).
" وقال أبو جعفر الطحاوي إذ ذكر هذا الحديث : أبو عمرو بن محمد بن حريث هذا مجهول وجده أيضاً مجهول ليس لهما ذكر في غير هذا الحديث ، ولا يحتج بمثل هذا " . وانظر الاستذكار :(2/281). وانظر تهذيب التهذيب :(12/199)
2 – الحافظ ابن رجب الحنبلي : قال الحافظ بن رجب رحمه الله تعالى في كتابه فتح الباري :(4/42).
" لكن هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل وأبو وجده ، قد قيل : إنَّهم مجهولون ".
3 - الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى : حيث قال في ميزانه :(4/556).
" أبو عمرو بن محمد بن حريث عن جده عن أبي هريرة : لا يُعرف ".
4– الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : فمن الغريب حقاً أن يذهب الحافظ ابن حجر إلى تحسين هذا الحديث في كتابه :" بلوغ المرام ". [7] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn7)في حين حكم على حريث بن العذرة بالجهالة ، وذلك في كتابه :" تقريب التهذيب ". حيث قال رحمه الله تعالى ما نصه :
" .. وعندي أنَّ راوي حديث الخط غير الصحابي ، بل هو مجهول من الثالثة ". [8] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftn8)
أقول أهل العلم في هذا الحديث :
ذهب جمهور أهل العلم إلى ضعف هذا الحديث ، ولعلَّنا نذكر أشهر من ضعفه بحسب ما وقفنا عليه :
1 – الإمام سفيان بن عيينة : حيث قال رحمه الله تعالى ، قال الإمام أبو داود رجمه الله في سننه :(1/240).
" لم نجد نشد به هذا الحديث ولم يجيء إلاَّ من هذا الوجه ". وانظر السنن الكبرى للبيهقي :(2/271).
2 - الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : حيث توقف على القول بهذا الحديث ، وتوقفه يدل على أنَّه لم يثبت عنده ، وفي ذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع :(3/245)
" و أشار إلى تضعيفه الشافعي والبيهقي وغيرهما ، قال البيهقي : هذا الحديث أخذ به الشافعي في القديم وسنن حرملة ، وقال في البويطي : ولا يخط بين يده خطاً إلاَّ أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ، قال البيهقي: وإنَّما توقف الشافعي في الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية أحد رواته ، وقال غير البيهقي : هو ضعيف لاضطرابه ".
3 – الإمام البغوي : حيث قال في شرح السنة بعد أن أخرجه :(2/288)
" وفي إسناده ضعف ".
4 – الإمام القاضي عياض : حيث قال - بعد أن ذكر بطلان إتخاذ الخط في سترة المصلي - في كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم :(2/414).
" وإن كان جاء به - أي في الخط لسترة المصلي - حديث ، وأخذ به أحمد بن حنبل : فهو ضعيف ".
5 – الإمام النووي : حيث قال في المجموع :(3/245)
" وحديث أبي هريرة في الخط رواه أبو داود وابن ماجه ، قال البغوي وغيره : وهو حديث ضعيف ".
6 – الحافظ عبد الحق الأشبيلي : حيث قال في كتابه الأحكام الوسطى :(1/345)
" وقد روي حديث الصلاة إلى الخط عن أبي هريرة من طرق لا يصح ولا يثبت ذكر ذلك الدراقطني ".
ومن المعاصرين :
1- العلامة البارع الشيخ أحمد محمد شاكر : حيث قال رحمه الله تعالى في تعليقه على المسند :(7/199).
" إسناده ضعيف لاضطرابه ولجهالة حال راويه كما سنبين في التخريج إن شاء الله". ثُمَّ ذكر الكلام على علله ، ثُمَّ قال رحمه الله تعالى :(7/200).
" وللحديث أسانيد أخر من هذا الوجه توافق هذه الروايات أو تخالفها ، وكلها تدل على الإضطراب وعلى جهالة هذا الشيخ الذي يروي عنه إسماعيل بن أمية ".
2 – الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى : حيث ذهب في ضعيف أبي داود إلى تضعيفه ، فقال :(رقم107).
" إسناده ضعيف ، وله علتان : جهالة أبي عمرو بن محمد حريث وجده ، والإضطراب في إسناده اضطراباً شديداً ". ثُمَّ فصَّل فيه القول رحمه الله تعالى .
3 – العلامة الشيخ مصطفى العدوي : حيث قال في تعليقه على مسند عبد بن حميد :(2/340).
" ضعيف مضطرب ".
4 - الشيخ المحقق شعيب الأناؤوط : حيث قال في في تخريجه على صحيح ابن حبَّان ، ما نصه :(6/125).
" إسناده ضعيف لإضطرابه ولجهالة أبي محمد بن عمرو بن حريث وجده ".
5 – العلامة الشيخ عبد القادر الإرناؤوط رحمه الله تعالى : حيث قال في تهليقه على جامع الأصول :(5/519).
" إسناده ضعيف ".
العمل بهذا الحديث عند بعض أهل العلم لا يعني صحته عندهم :
ذهب بعض أهل إلى العمل بهذا الحديث كالإمام أحمد رحمه الله تعالى ، ففهم الحافظ ابن عبد البر من عمل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنَّه يذهب إلى تصيححه ، فقال رحمه الله تعالى في كتابه التمهيد :(4/199).
" وهذا الحديث عند أحمد بن حنبل ومن قال بقوله : حديث صحيح ، وإليه ذهبوا ، ورأيتُ أنَّ علي بن المديني كان يصحح هذا الحديث ويحتج به ". وانظر الاستذكار :(2/281).
لكن تعقبه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى ، فقال في كتابه فتح الباري :(4/40-41).
" وحُكى عن ابن المديني أنَّه صححه ، وحُكي ابن عبد البر عن أحمد وعلي بن المديني أنَّهما صححاه .
وأحمد لم يعرف عنه التصريح بحصته ، وإنَّما مذهبه العمل بالخط ، وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة لا على الحديث المرفوع ة ، فإنَّه قال في رواية ابن القاسم : الحديث في الخطِّ ضعيف ".
وذهب إلى العمل بهذا الحديث أيضاً - غير الإمام أحمد - سعيد بن جبير والإمام الاوزاعي وأبو ثور ، كما قال ابن المنذر في الأوسط :(5/91).
لكن مجرد العمل به لا يدل على تصحيح هؤلاء لهذا الحديث ، إذ أنّ بعض الأئمة – كالإمام أحمد وغيره – يرى العمل في الحديث الضعيف – الذي لم يشتد ضعفه طبعاً – إذا لم يجدوا في الباب ما يدفعه ، دون أن يكون مقصودهم تصحيح الحديث من الناحية الحديثية ، كما هو معروف ، والله أعلم .
فائدة فقهية :
وهذا ملخص أقوال أهل العلم في اتخاذ الخط سترة للمصلي :
ذهب مالك والليث بن سعد وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنَّ :[ الخط ليس بشيء وهو باطل ولا يجوز عند واحد منهم ]. كما قال ابن عبد البر ررحمه الله تعالى في التمهيد :(4/198)
وذهب إلى القول به :[ إبراهيم النخعي ، وقال أحمد وأبو ثور إذا لم يجد تلقاء وجهه شيئاً ولم يجد عصا ينصبها فليخط خطاً ، وكذلك قال الشافعي بالعراق ، وقال الأوزاعي : إذا لم يكن ينتصب له عرضه بين يديه وصلى إليه فإن لم يجد خطَّ خطاً ، وهو قول سعيد بن جبير ، قال الأوزاعي : والسوط يعرضه أحبُّ إليَّ من الخط ، وقال الشافعي بمصر : لا يخط الرجل بين يديه خطاً إلاَّ يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ]. انظر التمهيد لابن عبد البر :(4/198).
فهذا يعني أنَّ الإمام الشافعي قد توقف عن القول في اتخاذ الخط سترة للمصلي ، حتى يثبت به حديث صحيح ، وفي ذلك الإمام البيهقي في معرفة السنن :(3/191)
[ هذا حديث قد أخذ به الشافعي في القديم وفي سنن حرملة ، وقال في كتاب البويطي : ولا يخط المصلي بين يديه خطاً إلاَّ أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ، وإنَّما توقف الشافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية ].
الحواشي :
[1] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref1) انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي :(3/191 رقم4131) . وقد أشار الحافظ ابن رجب في كتابه فتح الباري إلى هذا الاختلاف ، وزاد عليه على نحو ما سنذكره إن شاء الله تعالى . انظر فتح الباري لابن رجب الحنبلي :(4/41).
[2] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref2) النكت على ابن الصلاح لابن حجر :(2/773)0
[3] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref3) قد يفهم البعضُ من كلام الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى إلى أنَّه يميل إلى أنَّ هذا الاضطراب في تحديد اسم شيخ إسماعيل بن أمية هو من قِبَل سفيان بن عيينة ، عندما قال في علله ما نصه :(10/280) .
" وقد اضطرب ابن عيينة في هذا الحديث ، فربما قال عن أبي محمد بن حريث ، وربما قال : عن أبي عمر بن حريث ، وثبت على أبي محمد بن عمرو .. " .
والحقيقة أنَّ الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى لا يقصد هذا المعنى ، بل مقصوده أنَّ سفيان بن عيينة عندما روى هذا الحديث ، مرة اسماه :" أبي محمد بن حريث ". ومرة أسماه :" أبي عمرة بن حريث " ثُمَّ ثبت على تسميته بأبي محمد بن حريث ".
[4] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref4) علل ابن أبي حاتم :(2/484).
[5] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref5) التقييد والإيضاح للحافظ العراقي :(ص104-105).
[6] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref6) انظر التاريخ الكبير للبخاري :(3/71) .
[7] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref7) حيث قال رحمه الله تعالى :" ولم يصب من زعم أنَّه مضطرب ، بل هو حسن ". انظر بلوغ المرام :(ص29 رقم249).
[8] (http://www.alalmi.co.cc/vb/#_ftnref8) انظر تقريب التهذيب :(1/196).
منقول للامانة.