أبو عادل
16 / 08 / 2010, 46 : 09 PM
http://www.sheekh-3arb.net/vb/mwaextraedit5/extra/09.gif
http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif (http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلقد ارسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق؛ فاتبعه اصحابه http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anhm.png على الحق الصافي.
ثم انه خرجت طوائف من اهل البدع، وظهر ت فرق تخالف الكتاب والسنة؛ فتصدى لهم الصحابة بالرد عليهم وبيان باطلهم والتحذير منهم، ومضى على ذلك السلف الصالح، ومن تبعهم باحسان اذا خرج احد وتكلم في الدين بغير علم؛ ردو عليه وحذرو منه نصيحة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
والرد على المخالف هو من اصول عقيدة اهل السنة، وهو من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف يسكت على من يخالف الكتاب والسنة، وينشر البدع والضلالات.
وما زال اهل العم يردون على كل من خالف الكتاب والسنة ولو كان من اهل السنة، ولو كان من اهل العلم يجب الرد عليه وبيان غلطه؛ فكيف بمن ليس من اهل السنة وليس من اهل العلم ؟!؛ بل اقتحم باب الدعوة الى الله بجهل وظلم!؛ فراح يخلط ويحلل الحرام ويحرم الحلال، وينشر البدع ويتصدى للدعوة وهو جاهل ..هذا بالرد اولى واحرى، والرد عليه واجب شرعي.
والسكوت عنه من الباطل ومن كتمان العلم. ولو ان كل من غلط وتصدى لدعوة بجهل سكتنا عنه ولم نبين غلطه؛ لاصبح الامر فوضى ولصار يتكلم في الدين كل احد.
قال الله تعالى : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقال : وتعاونوا على البر والتقوى وقال سبحانه : وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة» قلنا: لمن ؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم [95].
وقال عليه الصلاة والسلام «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري رقم [13]– واللفظ له – ومسلم في كتاب الإيمان رقم [71] .
وقال صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم [78].
وعن عديّ بن حاتم http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : أن رجلاً خطب عند النبي صلى الله عليه وسلمفقال : من يطع الله ورسوله فقد رَشَِدَ ، ومن يعصهما فقد غَوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بئسَ الخطيبُ أنت ، قل ومن يَعْصِ الله ورسوله » رواه مسلم في كتاب الجمعة رقم [ 48 ]
وعن ابن عباس http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في بعض الأمر ، فقال : ما شاء الله وشئت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أجعلتني لله نداً [ وفي لفظ : عدلاً ] ؟ قل : ما شاء الله وحده » أخرجه أحمد في المسند رقم [ 1839 ] والبخاري في الأدب المفرد رقم [ 783 ] والنسائي في الكبرى رقم [ 10759 ] وغيرهم . قال المحدث الإمام الألباني عنه في صحيح الأدب المفرد : " صحيح " رقم [ 601 ] وأنظر السلسلة الصحيحة رقم [ 139 ] .
وعن ابن مسعود http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : " أن سبيعة بنت الحارث وضعت حمْلها بعد وفاة زوجها بخمسَ عشرة ليلة ، فدخل عليها أبو السنابل ، فقال : كأنكِ تُحدِّثين نَفسكِ بالباءةِ ؟ مالكِ ذلك حتى ينقضيَ أبعدُ الأجلين . فانطلقتْ إلى رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif ، فأخبرته بما قال أبو السنابل ، فقال رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif : « كَذَبَ أبو السنابل ، إذا أتاكِ أحدٌ ترضينهُ فائْتيني به ـ أو قال : فأنْبئيني » أخرجه أحمد في المسند رقم [ 4273 ] وغيره ، قال الشيخ فوزي الأثري : " حديث صحيح ، ... وذكره الهيثمي في الزوائد [ ج5 ص2 ] ثم قال : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . والحديث صححه أحمد شاكر في شرح المسند [ ج6 ص136 ] . " اهـ الأضواء الأثرية في بيان إنكار السلف بعضهم على بعض في المسائل الخلافيّة الفقهيّة ... ص / 270 .
وعن أبي واقدٍ الليثي http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : أن رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif لما خرج إلى حنين ؛ مرّ بشجرةٍ للمشركين ـ يقال لها ذات أنواط ـ ، يعلّقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال النبي http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif : « سبحان الله ! هذا كما قال قوم موسى : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngاجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png والذي نفسي بيده ؛ لتركبن سنة من كان قبْلَكم » أخرجه الترمذي في سننه رقم [ 2180 ] وأحمد في المسند رقم [ 21897 ] وغيرهما ، وقال عنه الإمام الألباني : " صحيح " أنظر صحيح سنن الترمذي رقم [ 2180 ] .
وقال : عمرو بن يحيى قال : سمعت أبي يحدّث عن أبيه قال : " كنّا نجلس على باب عبد الله بن مسعود http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png قبل صلاة الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال : أخَرَج إليكم أبو عبد الرحمن قلنا : لا، بعد فجلس معنا حتى خرج ، فلمّا خرج قمنا إليه جميعا ، فقال له أبو موسى الأشعريّ : يا أبا عبد الرحمن ، إنّي رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ، ولم أر والحمد لله إلا خيراً ، قال : فما هو؟ فقال : إن عشت فستراه ، قال : رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة ، وفي كل حلقة رجل ، ـ وفي أيديهم حصاً ـ ، فيقول : كبّروا مئة ، فيكبّرون مئة ، فيقول : هلّلوا مئة ، فيهلّلون مئة ، ويقول : سبِّحوا مئة، فيسبّحون مئة ، قال : فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاَ انتظار رأيك ـ أو انتظار أمرك ـ قال : أفلا أمرتهم أن يَعُدّوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم . ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن! حصاً نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح . قال : فعدّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ؛ وَيْحَكم يا أمّة محمد! ما أسرع هلَكَتكم ! ، هؤلاء صحابة نبيّكم e متوافرون ، وهذه ثيابه لم تَبْلَ ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنّكم لعلى ملّة هي أهدى من ملّة محمد أو مفتتحو باب ضلالة ؟ قالوا : والله ، يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إنّ رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايْمُ الله، ما أدري لعلّ أكثرهم منكم ؛ ثم تولّى عنهم ، فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحِلَقِ يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج " . رواه الدارمي في سننه رقم [ 210 ] ، وقال عنه الألباني " وهذا إسناد صحيح "السلسلة الصحيحة رقم [ 2005 ] .)
قلت : فهذه الأدلة ـ وغيرها كثير ؛ تركته خشية الإطالة ـ تدلُّ على وجوب رد الخطأ والإنكار على المخالف
والذين بمنعون من الرد على الباطل واهله بحجّة السّتر على المسلمين تارة، وجمع الكيد للكافرين تارة أخرى، وغيرها من الحجج العاطفيّة التي تجعل العقول تُتخطّف من أصحابها في زمن الوهن العلميّ، كان لابدّ من ردّ الحق إلى نصابه http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngلِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png.
والذين يَلْوُون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل وإن كان في بعضهم صلاح وخير، ولكنّه الوهن وضعف العزائم حينا، وضعف إدراك مدارك الحق والصّواب أحيانا، بل في حقيقته من التّولي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله والذّب عنه، وحينئذ يكون الساكت عن كلمة الحق كالنّاطق بالباطل في الإثم، قال أبو علي الدّقاق : " الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ". والنبيّ http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif يخبر بافتراق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والنّجاة منها لفرقة واحدة على منهاج النّبوّة، أيريد هؤلاء اختصار الأمّة إلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التّمايز العقديّ المضطرب؟!. أم أنها دعوة إلى وحدة تصدِّع كلمة التّوحيد، فاحذروا.
وما حجّتهم إلا المقولات الباطلة :لاتصدِّعوا الصفّ من الدّاخل! لا تثيروا الغبار من الخارج! لا تحرّكوا الخلاف بين المسلمين! " نلتقي فيما اتّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه !" وهكذا.
وأضعف الإيمان أن يقال لهؤلاء : هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع، ويُطلب السّكوت؟ اللهمّ لا...
ونُعيذ بالله كل مسلم من تسرّب حجّة اليهود، فهم مختلفون على الكتاب، مخالفون للكتاب، ومع هذا يظهرون الوحدة والاجتماع، وقد كذّبهم الله تعالى فقال سبحانه : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngتَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وقُلُوبُهُمْ شَتَّىhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngكانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png"([1]).
" ولهذا فإذا رأيت من ردّ على مخالف في شذوذ فقهيّ أو قول بدعيّ، فاشكر له دفاعه بقدر ما وَسِعه، ولا تخذِّله بتلك المقولة المهينة ( لماذا لا يردّ على العلمانيّين؟! )، فالناس قدرات ومواهب، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكل مسلم على ثغر من ثغور ملّته "([2]).
وأصل هذا الباب النّصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كقوله تعالى: http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngولْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png قال ابن تيمية: " والأمر بالسنّة والنّهي عن البدعة هو أمرٌ بمعروف ونهيٌ عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة ... "([3])،
ولا ينبغي للمسمين اليوم أن تضيق صدورهم بالنّقد؛ لأنّه من القيام بالقسط والشّهادة لله الّلذين أمرنا بهما ولو مع أنفسنا وأهل ملّتنا كما قال تعالى: http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngيَأَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِين إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراًhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png واللَّيّ هو الكذب، والإعراض هو الكتمان كما قال ابن تيمية([4])، فكيف يطيب لمؤمن دعوةٌ مع كتمان الأخطاء تستّراً بالمجاملات السياسية بعد هذا؟!
وإذا كان كلما أراد المؤمن أن يقوِّم المسار قيل له: ليس ذا الوقت والكفار متربّصون! فمتى يعرف أخطاءه؟ ومتى يحجم عنها؟
قال ابن تيمية في هذا المعنى: " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذبّ عنهم أو أثنى عليهم أو عظّم كتبهم أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم، بأنّ هذا الكلام لا يُدرَى ما هو؟ أو من قال إنّه صنّف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عَرَف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم، فإنّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدُّون عن سبيل الله "([5]).
وفي الردّ على المخالف دفاع عن الإسلام من جبهتين:
" الأولى: الخطر الخارجيّ وهو الكافر المتمحِّض، الذي لم يعرِف نور الإسلام، بما يكيده للإسلام والمسلمين من غزو يحطِم في مُقَوِّماتهم العقديّة والسّلوكيّة والسياسية والحكميّة ...
الثانية: مواجهة التّصدُّع الدّاخليّ في الأمة بفشُوِّ فِرق ونحل طاف طائفها في أفئدة شباب الأمّة ... إذ التّصدُّع الدّاخليّ تحت لباس الدين يمثِّل انكسارا في رأس المال : المسلمين، وقد كان للسّالكين في ضوء الكتاب والسنّة ـ الطّائفة المنصورة ـ الحظّ الوافر والمقام العظيم في جبر كسر المسلمين بردّهم إلى الكتاب والسنّة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق المفرّقة من مآخذ باطلة في ميزان الشرع "([6]).
ومن ضنائن العلم ما قرأته لابن تيمية في التّمييز بين معاملة الخوارج ومعاملة الكفار، وهو يرفع اللّبس المتبادر إلى الأذهان الكليلة من بعض الأحاديث التي يظهر منها أنّ الخوارج شرّ من الكفار مطلقا، مع أنّ الصّحابة لم يكفّروهم، قال ـ http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/rhm.png ـ: " وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدّين كالذين قاتلهم الصدّيقhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png، هذا مع أمر رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، وما رُوِيَ من أنهم شرّ قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه التّرمذيّ وغيره([7])؛ أي أنهم شرٌّ على المسلمين من غيرهم؛ فإنّهم لم يكن أحد شرّا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النّصارى؛ فإنّهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم([8]) مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفِّرين لهم، وكانوا متديّنين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلّة ..."([9])
أي أنّ الخوارج أقلّ جريمة من الكفار في الميزان العامّ الأخير، يكفي أنهم " من الكفر فرّوا "، لكن بالنسبة لما يعاني منهم المسلمون وما يوقعون بهم من المحن والبلايا فهم أعظم شرّا من الكفار، بل لا يخلص الكفار إلى المسلمين كما يخلص إليهم هؤلاء، ولذلك قد تُقَدَّم عقوبتهم في الدنيا قبل غيرهم، وتأمّل فقه ابن تيمية حين قال بعد كلامه السّابق بصفحتين: " والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيرا ممّن لم يُعاقَب، كما يُعَاقَب المسلم المُتَعَدِّي للحدود ولا يُعَاقَب أهل الذِّمّة من اليهود والنّصارى، والمسلم في الآخرة خير منهم ".
فاحفظ هذا، وعضَّ عليه بالنّواجذ تتهاوى بين يديك عساكر الباطل المعطّلة لمجاهدة البدع وأهلها، كأولئك القائلين: " إن لم تكونوا معنا فأنتم معهم!! "، أو كأولئك القائلين: " تُوَجِّهون سهامكم إلى إخوانكم، والعلمانيون والشيوعيون أنشط ما يكونون في نشر الخلافات بينكم؟! ".
.../...
http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif (http://www.stocksvip.net/p/ap/(50).gif)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلقد ارسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق؛ فاتبعه اصحابه http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anhm.png على الحق الصافي.
ثم انه خرجت طوائف من اهل البدع، وظهر ت فرق تخالف الكتاب والسنة؛ فتصدى لهم الصحابة بالرد عليهم وبيان باطلهم والتحذير منهم، ومضى على ذلك السلف الصالح، ومن تبعهم باحسان اذا خرج احد وتكلم في الدين بغير علم؛ ردو عليه وحذرو منه نصيحة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
والرد على المخالف هو من اصول عقيدة اهل السنة، وهو من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف يسكت على من يخالف الكتاب والسنة، وينشر البدع والضلالات.
وما زال اهل العم يردون على كل من خالف الكتاب والسنة ولو كان من اهل السنة، ولو كان من اهل العلم يجب الرد عليه وبيان غلطه؛ فكيف بمن ليس من اهل السنة وليس من اهل العلم ؟!؛ بل اقتحم باب الدعوة الى الله بجهل وظلم!؛ فراح يخلط ويحلل الحرام ويحرم الحلال، وينشر البدع ويتصدى للدعوة وهو جاهل ..هذا بالرد اولى واحرى، والرد عليه واجب شرعي.
والسكوت عنه من الباطل ومن كتمان العلم. ولو ان كل من غلط وتصدى لدعوة بجهل سكتنا عنه ولم نبين غلطه؛ لاصبح الامر فوضى ولصار يتكلم في الدين كل احد.
قال الله تعالى : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقال : وتعاونوا على البر والتقوى وقال سبحانه : وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة» قلنا: لمن ؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم [95].
وقال عليه الصلاة والسلام «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري رقم [13]– واللفظ له – ومسلم في كتاب الإيمان رقم [71] .
وقال صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم [78].
وعن عديّ بن حاتم http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : أن رجلاً خطب عند النبي صلى الله عليه وسلمفقال : من يطع الله ورسوله فقد رَشَِدَ ، ومن يعصهما فقد غَوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بئسَ الخطيبُ أنت ، قل ومن يَعْصِ الله ورسوله » رواه مسلم في كتاب الجمعة رقم [ 48 ]
وعن ابن عباس http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في بعض الأمر ، فقال : ما شاء الله وشئت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أجعلتني لله نداً [ وفي لفظ : عدلاً ] ؟ قل : ما شاء الله وحده » أخرجه أحمد في المسند رقم [ 1839 ] والبخاري في الأدب المفرد رقم [ 783 ] والنسائي في الكبرى رقم [ 10759 ] وغيرهم . قال المحدث الإمام الألباني عنه في صحيح الأدب المفرد : " صحيح " رقم [ 601 ] وأنظر السلسلة الصحيحة رقم [ 139 ] .
وعن ابن مسعود http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : " أن سبيعة بنت الحارث وضعت حمْلها بعد وفاة زوجها بخمسَ عشرة ليلة ، فدخل عليها أبو السنابل ، فقال : كأنكِ تُحدِّثين نَفسكِ بالباءةِ ؟ مالكِ ذلك حتى ينقضيَ أبعدُ الأجلين . فانطلقتْ إلى رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif ، فأخبرته بما قال أبو السنابل ، فقال رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif : « كَذَبَ أبو السنابل ، إذا أتاكِ أحدٌ ترضينهُ فائْتيني به ـ أو قال : فأنْبئيني » أخرجه أحمد في المسند رقم [ 4273 ] وغيره ، قال الشيخ فوزي الأثري : " حديث صحيح ، ... وذكره الهيثمي في الزوائد [ ج5 ص2 ] ثم قال : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . والحديث صححه أحمد شاكر في شرح المسند [ ج6 ص136 ] . " اهـ الأضواء الأثرية في بيان إنكار السلف بعضهم على بعض في المسائل الخلافيّة الفقهيّة ... ص / 270 .
وعن أبي واقدٍ الليثي http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png : أن رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif لما خرج إلى حنين ؛ مرّ بشجرةٍ للمشركين ـ يقال لها ذات أنواط ـ ، يعلّقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال النبي http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif : « سبحان الله ! هذا كما قال قوم موسى : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngاجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png والذي نفسي بيده ؛ لتركبن سنة من كان قبْلَكم » أخرجه الترمذي في سننه رقم [ 2180 ] وأحمد في المسند رقم [ 21897 ] وغيرهما ، وقال عنه الإمام الألباني : " صحيح " أنظر صحيح سنن الترمذي رقم [ 2180 ] .
وقال : عمرو بن يحيى قال : سمعت أبي يحدّث عن أبيه قال : " كنّا نجلس على باب عبد الله بن مسعود http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png قبل صلاة الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال : أخَرَج إليكم أبو عبد الرحمن قلنا : لا، بعد فجلس معنا حتى خرج ، فلمّا خرج قمنا إليه جميعا ، فقال له أبو موسى الأشعريّ : يا أبا عبد الرحمن ، إنّي رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ، ولم أر والحمد لله إلا خيراً ، قال : فما هو؟ فقال : إن عشت فستراه ، قال : رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة ، وفي كل حلقة رجل ، ـ وفي أيديهم حصاً ـ ، فيقول : كبّروا مئة ، فيكبّرون مئة ، فيقول : هلّلوا مئة ، فيهلّلون مئة ، ويقول : سبِّحوا مئة، فيسبّحون مئة ، قال : فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاَ انتظار رأيك ـ أو انتظار أمرك ـ قال : أفلا أمرتهم أن يَعُدّوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم . ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن! حصاً نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح . قال : فعدّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ؛ وَيْحَكم يا أمّة محمد! ما أسرع هلَكَتكم ! ، هؤلاء صحابة نبيّكم e متوافرون ، وهذه ثيابه لم تَبْلَ ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنّكم لعلى ملّة هي أهدى من ملّة محمد أو مفتتحو باب ضلالة ؟ قالوا : والله ، يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إنّ رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايْمُ الله، ما أدري لعلّ أكثرهم منكم ؛ ثم تولّى عنهم ، فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحِلَقِ يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج " . رواه الدارمي في سننه رقم [ 210 ] ، وقال عنه الألباني " وهذا إسناد صحيح "السلسلة الصحيحة رقم [ 2005 ] .)
قلت : فهذه الأدلة ـ وغيرها كثير ؛ تركته خشية الإطالة ـ تدلُّ على وجوب رد الخطأ والإنكار على المخالف
والذين بمنعون من الرد على الباطل واهله بحجّة السّتر على المسلمين تارة، وجمع الكيد للكافرين تارة أخرى، وغيرها من الحجج العاطفيّة التي تجعل العقول تُتخطّف من أصحابها في زمن الوهن العلميّ، كان لابدّ من ردّ الحق إلى نصابه http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngلِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png.
والذين يَلْوُون ألسنتهم باستنكار نقد الباطل وإن كان في بعضهم صلاح وخير، ولكنّه الوهن وضعف العزائم حينا، وضعف إدراك مدارك الحق والصّواب أحيانا، بل في حقيقته من التّولي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله والذّب عنه، وحينئذ يكون الساكت عن كلمة الحق كالنّاطق بالباطل في الإثم، قال أبو علي الدّقاق : " الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ". والنبيّ http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif يخبر بافتراق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والنّجاة منها لفرقة واحدة على منهاج النّبوّة، أيريد هؤلاء اختصار الأمّة إلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التّمايز العقديّ المضطرب؟!. أم أنها دعوة إلى وحدة تصدِّع كلمة التّوحيد، فاحذروا.
وما حجّتهم إلا المقولات الباطلة :لاتصدِّعوا الصفّ من الدّاخل! لا تثيروا الغبار من الخارج! لا تحرّكوا الخلاف بين المسلمين! " نلتقي فيما اتّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه !" وهكذا.
وأضعف الإيمان أن يقال لهؤلاء : هل سكت المبطلون لنسكت، أم أنهم يهاجمون الاعتقاد على مرأى ومسمع، ويُطلب السّكوت؟ اللهمّ لا...
ونُعيذ بالله كل مسلم من تسرّب حجّة اليهود، فهم مختلفون على الكتاب، مخالفون للكتاب، ومع هذا يظهرون الوحدة والاجتماع، وقد كذّبهم الله تعالى فقال سبحانه : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngتَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وقُلُوبُهُمْ شَتَّىhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png، وكان من أسباب لعنتهم ما ذكره الله بقوله : http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngكانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png"([1]).
" ولهذا فإذا رأيت من ردّ على مخالف في شذوذ فقهيّ أو قول بدعيّ، فاشكر له دفاعه بقدر ما وَسِعه، ولا تخذِّله بتلك المقولة المهينة ( لماذا لا يردّ على العلمانيّين؟! )، فالناس قدرات ومواهب، وردّ الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكل مسلم على ثغر من ثغور ملّته "([2]).
وأصل هذا الباب النّصوص الواردة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كقوله تعالى: http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngولْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png قال ابن تيمية: " والأمر بالسنّة والنّهي عن البدعة هو أمرٌ بمعروف ونهيٌ عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة ... "([3])،
ولا ينبغي للمسمين اليوم أن تضيق صدورهم بالنّقد؛ لأنّه من القيام بالقسط والشّهادة لله الّلذين أمرنا بهما ولو مع أنفسنا وأهل ملّتنا كما قال تعالى: http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos1.pngيَأَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِين إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراًhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/qos2.png واللَّيّ هو الكذب، والإعراض هو الكتمان كما قال ابن تيمية([4])، فكيف يطيب لمؤمن دعوةٌ مع كتمان الأخطاء تستّراً بالمجاملات السياسية بعد هذا؟!
وإذا كان كلما أراد المؤمن أن يقوِّم المسار قيل له: ليس ذا الوقت والكفار متربّصون! فمتى يعرف أخطاءه؟ ومتى يحجم عنها؟
قال ابن تيمية في هذا المعنى: " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذبّ عنهم أو أثنى عليهم أو عظّم كتبهم أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم، بأنّ هذا الكلام لا يُدرَى ما هو؟ أو من قال إنّه صنّف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عَرَف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم، فإنّ القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدُّون عن سبيل الله "([5]).
وفي الردّ على المخالف دفاع عن الإسلام من جبهتين:
" الأولى: الخطر الخارجيّ وهو الكافر المتمحِّض، الذي لم يعرِف نور الإسلام، بما يكيده للإسلام والمسلمين من غزو يحطِم في مُقَوِّماتهم العقديّة والسّلوكيّة والسياسية والحكميّة ...
الثانية: مواجهة التّصدُّع الدّاخليّ في الأمة بفشُوِّ فِرق ونحل طاف طائفها في أفئدة شباب الأمّة ... إذ التّصدُّع الدّاخليّ تحت لباس الدين يمثِّل انكسارا في رأس المال : المسلمين، وقد كان للسّالكين في ضوء الكتاب والسنّة ـ الطّائفة المنصورة ـ الحظّ الوافر والمقام العظيم في جبر كسر المسلمين بردّهم إلى الكتاب والسنّة، وذلك بتحطيم ما قامت عليه تلك الفرق المفرّقة من مآخذ باطلة في ميزان الشرع "([6]).
ومن ضنائن العلم ما قرأته لابن تيمية في التّمييز بين معاملة الخوارج ومعاملة الكفار، وهو يرفع اللّبس المتبادر إلى الأذهان الكليلة من بعض الأحاديث التي يظهر منها أنّ الخوارج شرّ من الكفار مطلقا، مع أنّ الصّحابة لم يكفّروهم، قال ـ http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/rhm.png ـ: " وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدّين كالذين قاتلهم الصدّيقhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/anho.png، هذا مع أمر رسول الله http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/salla.gif بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، وما رُوِيَ من أنهم شرّ قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه التّرمذيّ وغيره([7])؛ أي أنهم شرٌّ على المسلمين من غيرهم؛ فإنّهم لم يكن أحد شرّا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النّصارى؛ فإنّهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم([8]) مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفِّرين لهم، وكانوا متديّنين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلّة ..."([9])
أي أنّ الخوارج أقلّ جريمة من الكفار في الميزان العامّ الأخير، يكفي أنهم " من الكفر فرّوا "، لكن بالنسبة لما يعاني منهم المسلمون وما يوقعون بهم من المحن والبلايا فهم أعظم شرّا من الكفار، بل لا يخلص الكفار إلى المسلمين كما يخلص إليهم هؤلاء، ولذلك قد تُقَدَّم عقوبتهم في الدنيا قبل غيرهم، وتأمّل فقه ابن تيمية حين قال بعد كلامه السّابق بصفحتين: " والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيرا ممّن لم يُعاقَب، كما يُعَاقَب المسلم المُتَعَدِّي للحدود ولا يُعَاقَب أهل الذِّمّة من اليهود والنّصارى، والمسلم في الآخرة خير منهم ".
فاحفظ هذا، وعضَّ عليه بالنّواجذ تتهاوى بين يديك عساكر الباطل المعطّلة لمجاهدة البدع وأهلها، كأولئك القائلين: " إن لم تكونوا معنا فأنتم معهم!! "، أو كأولئك القائلين: " تُوَجِّهون سهامكم إلى إخوانكم، والعلمانيون والشيوعيون أنشط ما يكونون في نشر الخلافات بينكم؟! ".
.../...