شريف حمدان
10 / 09 / 2010, 40 : 02 PM
السلام عليكم ورحمه الله
عبد الله بن لهيعة
( الطبقة السابعة من التابعين )
ابن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان القاضي الإمام العلامة ، محدث ديار مصر مع الليث ، أبو عبد الرحمن الحضرمي الأعدولي ويقال : الغافقي ، المصري ، ويقال : يكنى أبا النضر ، ولم يصح . ولد سنة خمس أو ست وتسعين . وطلب العلم في صباه ، ولقي الكبار بمصر والحرمين .
وسمع من : عبد الرحمن بن هرمز الأعرج صاحب أبي هريرة ، ومن موسى بن وردان ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن شعيب ، وعمرو بن دينار ، ويزيد بن أبي حبيب ، وأبي وهب الجيشاني ، ومشرح بن هاعان ، وعبيد الله بن أبي جعفر ، وعكرمة مولى ابن عباس - إن صح ذلك - وكعب بن علقمة ، وقيس بن الحجاج ، وأبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة ومحمد بن المنكدر ، وأبي الزبير ، ويزيد بن عمرو المعافري ، وأبي يونس مولى أبي هريرة ، وأبي عشانة المعافري ، وأبي قبيل المعافري ، وأحمد بن خازم المعافري ، وبكر بن عمرو المعافري ، وشرحبيل بن شريك المعافري ، وعامر بن يحيى المعافري ، وبكير بن الأشج ، وجعفر بن ربيعة ، ودراج أبي السمح ، وعقيل بن خالد ، وعمرو بن جابر الحضرمي ، وخلق كثير .
وعنه : حفيده أحمد بن عيسى بن عبد الله ، وعمرو بن الحارث ، والأوزاعي ، وشعبة ، والثوري - وماتوا قبله - والليث بن سعد ، ومالك - ولم يصرح باسمه - وابن المبارك ، والوليد بن مسلم ، وابن وهب ، وأشهب ، وزيد بن الحباب ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، ومروان بن محمد ، وبشر بن عمر الزهراني ، والحسن بن موسى الأشيب ، وأسد بن موسى ، وإسحاق بن عيسى بن الطباع ، وسعيد بن أبي مريم ، وسعيد بن عفير ، وعثمان بن صالح ، والنضر بن عبد الجبار ، ويحيى بن إسحاق ، ويحيى بن بكير ، وحسان بن عبد الله الواسطي ، وأبو صالح الكاتب ، والقعنبي ، وعمرو بن خالد ، وكامل بن طلحة ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمد بن رمح ، ومحمد بن الحارث صدرة ، وخلق كثير ، خاتمتهم ابن رمح . وكان من بحور العلم على لين في حديثه .
قال روح بن صلاح : لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعياً .
قلت : لقي جماعة من أصحاب أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وعقبة بن عامر .
قال أحمد بن حنبل : من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه ؟!
حدثني إسحاق بن عيسى أنه : لقيه في سنة أربع وستين ، وأن كتبه احترقت سنة تسع وستين ومائة .
وقال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة .
وقال أحمد بن صالح : كان ابن لهيعة صحيح الكتاب طلاباً للعلم .
وقال زيد بن الحباب : قال سفيان الثوري : عند ابن لهيعة الأصول ، وعندنا الفروع .
وقال عثمان بن صالح السهمي : احترقت دار ابن لهيعة وكتبه ، وسلمت أصوله ، كتبت كتاب عمارة بن غزية من أصله .
ولما مات ابن لهيعة قال الليث : ما خلف مثله .
لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية هو والليث معاً ، كما كان الإمام مالك في ذلك العصر عالم المدينة ، والأوزاعي عالم الشام ، ومعمر عالم اليمن ، وشعبة والثوري عالما العراق ، وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان ، ولكن ابن لهيعة تهاون بالإتقان ، وروى مناكير ، فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم .
وبعض الحفاظ يروي حديثه ، ويذكره في الشواهد ، والاعتبارات ، والزهد والملاحم لا في الأصول .
وبعضهم يبالغ في وهنه ، ولا ينبغي إهداره ، وتتجنب تلك المناكير ، فإنه عدل في نفسه .
وقد ولي قضاء الإقليم في دولة المنصور دون السنة ، وصرف . أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته ، وأخرج له أبو داود ، والترمذي ، والقزويني . وما رواه عنه ابن وهب ، والمقرئ ، والقدماء ، فهو أجود . وقع لي من عوالي حديثه .
وكان يحيى بن سعيد القطان لا يراه شيئاً . قاله علي بن المديني ، ثم قال علي : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وقيل له : تحمل عن عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة ؟ فقال : لا أحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا كثيراً ، ثم قال عبد الرحمن : كتب إليّ ابن لهيعة كتاباً فيه : حدثنا عمرو بن شعيب ، فقرأته على ابن المبارك ، فأخرج إليّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة ، قال : أخبرني إسحاق بن أبي فروة ، عن عمرو بن شعيب .
وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن مهدي يقول : ما أعتد بشيء سمعت من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك ونحوه .
وقال أحمد بن حنبل : كان ابن لهيعة كتب عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، وكان بعد يحدث بها عن عمرو نفسه . وكان الليث أكبر منه بسنتين .
روى يعقوب الفسوي عن سعيد بن أبي مريم ، قال : كان حيوة بن شريح أوصى إلى رجل ، وصارت كتبه عنده ، وكان لا يتقي الله ، يذهب فيكتب من كتب حيوة الشيوخ الذين شاركه فيهم ابن لهيعة ، ثم يحمل إليه ، فيقرأ عليهم ، وحضرت ابن لهيعة وقد جاءه قوم حجوا يسلمون عليه ، فقال : هل كتبتم حديثاً طريفاً ؟ فجعلوا يذاكرونه ، حتى قال بعضهم : حدثنا القاسم العمري ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتم الحريق فكبروا ، فإن التكبير يطفئه فقال : هذا حديث طريف . قال : فكان يقول : حدثنا به صاحبنا فلان ، فلما طال ذلك نسي الشيخ ، فكان يقرأ عليه ، ويرويه عن عمرو بن شعيب .
ميمون بن أصبغ : سمعت ابن أبي مريم يقول : حدثنا القاسم بن عبد الله بن عمر ، عن عمرو بن شعيب بحديث الحريق . ثم قال سعيد : هذا سمعه ابن لهيعة من زياد بن يونس الحضرمي ، عن القاسم ، فكان ابن لهيعة يستحسنه . ثم إنه بعد قال : إنه يرويه عن عمرو بن شعيب .
وقال يحيى بن بكير : قيل لابن لهيعة : إن ابن وهب يزعم أنك لم تسمع هذه الأحاديث من عمرو بن شعيب ، فضاق ابن لهيعة ، وقال : وما يدري ابن وهب ؟ سمعت هذه الأحاديث من عمرو قبل أن يلتقي أبواه .
قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ما حديث ابن لهيعة بحجة ، وإني لأكتبه أعتبر به ، وهو يقوى بعضه ببعض .
أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال لي ابن أبي مريم : لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب ، إنما أرادوا أن يعفو عليه أمير فأرسل إليه أمير بخمسمائة دينار .
وسمعت قتيبة يقول : كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه ، أو كتب ابن وهب ، إلا ما كان من حديث الأعرج .
جعفر الفريابي : سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول : قال لي أحمد بن حنبل : أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح ، فقلت : لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب ، ثم نسمعه من ابن لهيعة .
قال أبو صالح الحراني : قال لي ابن لهيعة : ما تركت ليزيد بن أبي حبيب حرفاً .
قال عثمان بن صالح السهمي ، عن إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر ، قال : أنا حملت رسالة الليث إلى مالك ، وأخذت جوابها ، فكان مالك يسألني عن ابن لهيعة ، فأخبره بحاله ، فقال : ليس يذكر الحج ؟ فسبق إلى قلبي أنه يريد السماع منه .
قال الثوري : حججت حججاً لألقى ابن لهيعة .
وقال محمد بن معاوية : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : وددت أني سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث ، وأني غرمت مودى ، كأنه يعني دية .
أبو الطاهر بن السرح : سمعت ابن وهب يقول : حدثني - والله - الصادق البار عبد الله بن لهيعة ، قال أبو الطاهر : فما سمعته يحلف بهذا قط ، وروى حنبل عن أبي عبد الله ، قال : ابن لهيعة أجود قراءة لكتبه من ابن وهب . قال أبو داود عن أحمد : ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة . البخاري عن يحيى بن بكير : احترق منزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين .
قلت : الظاهر أنه لم يحترق إلا بعض أصوله .
يعقوب الفسوي : سمعت أحمد بن صالح يقول : ابن لهيعة صحيح الكتاب ، كان أخرج كتبه ، فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء ، فمن ضبط كان حديثه حسناً صحيحاً ، إلا أنه كان يحضر من يضبط ويحسن ، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون ، وآخرون نظارة ، وآخرون سمعوا مع آخرين ، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاباً ، ولم ير له كتاب . وكان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه ، وجاءه فقرأه عليه ، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح ، ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير . ثم ذهب قوم ، فكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء ، وروى عن رجل عنه وعن رجل عن آخر عنه ، وعن ثلاثة عن عطاء . قال : فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء . قال يعقوب : كتبت عن ابن رمح كتابا ، عن ابن لهيعة ، وكان فيه نحو مما وصف أحمد بن صالح ، فقال : هذا وقع على رجل ضبط إملاء ابن لهيعة . فقلت له في حديث ابن لهيعة ؟ فقال : لم تعرف مذهبي في الرجال ، إني أذهب إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصره على ترك حديثه . وسمعت أحمد بن صالح يقول : كتبت حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق ، وكنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس ، وأستخير الله فيه . فكتبت حديث النضر بن عبد الجبار في الرق ، قال : فذكرت له سماع القديم وسماع الحديث ، فقال : كان ابن لهيعة طلاباً للعلم ، صحيح الكتاب .
قال : وظننت أن أبا الأسود كتب من كتاب صحيح ، فحديثه صحيح يشبه حديث أهل العلم .
إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين يقول : ابن لهيعة أمثل من رشدين بن سعد ، وقد كتبت حديث ابن لهيعة . قال أهل مصر : ما احترق له كتاب قط ، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات .
وكان النضر بن عبد الجبار راوية عنه ، وكان شيخ صدق ، وكان ابن أبي مريم سيئ الرأي في ابن لهيعة ، فلما كتبوها عنه ، وسألوه عنها ، سكت عن ابن لهيعة . قلت ليحيى : فسماع القدماء والآخرين منه سواء ؟ قال : نعم ، سواء واحد .
قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في ( التاريخ ) : قدم ابن لهيعة الشام غازياً مع صالح بن علي سنة ثمان وثلاثين ومائة ، واجتاز بساحل دمشق أو بها ، حكاه القطربلي عن الواقدي . وقال ابن بكير : ولد سنة ست وتسعين . وتفرد نوح بن حبيب بأن كنيته : أبو النضر .
وقال ابن سعد ابن لهيعة حضرمي من أنفسهم ، كان ضعيفاً ، وعنده حديث كثير ، ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالاً . وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط ، لكنه كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه ، فيسكت عليه . فقيل له في ذلك ، فقال : وما ذنبي ؟ إنما يجيئون بكتاب يقرءونه ويقومون ، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي . . . إلى أن قال : ومات بمصر في نصف ربيع الأول سنة أربع وسبعين ومائة . قال مسلم بن الحجاج : ابن لهيعة تركه وكيع ويحيى وابن مهدي .
وقال ابن يونس : مولده سنة سبع وتسعين . ورأيته في ديوان حضرموت بمصر ، فيمن دعي به سنة ست وعشرين ومائة في أربعين من العطاء .
قال ابن وهب : حديث : لو أن القرآن في إهاب ، ما مسته النار ما رفعه لنا ابن لهيعة في أول عمره قط . وقال أبو حفص الفلاس : من كتب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه ، فهو أصح ، كابن المبارك ، والمقرئ . وهو ضعيف الحديث . وقال إسحاق بن عيسى : ما احترقت أصوله ، إنما احترق بعض ما كان يقرأ منه . يريد ما نسخ منها .
ابن عدي حدثنا موسى بن العباس ، حدثنا أبو حاتم ، سمعت سعيد بن أبي مريم يقول : رأيت ابن لهيعة يعرض ناس عليه أحاديث من أحاديث العراقيين : منصور ، وأبي إسحاق ، والأعمش ، وغيرهم ، فأجازه لهم . فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، ليست هذه من حديثك . قال : هي أحاديث مرت على مسامعي . ورواها ابن أبي حاتم عن أبيه . وروى الفضل بن زياد ، عن أحمد بن حنبل ، قال : من كتب عن ابن لهيعة قديما فسماعه صحيح .
قلت : لأنه لم يكن بعد تساهل ، وكان أمره مضبوطاً ، فأفسد نفسه . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال عبد الرحمن بن خراش : لا يكتب حديثه .
وقال أبو زرعة : لا يحتج به ، قيل : فسماع القدماء ؟ قال : أوله وآخره سواء ، إلا أن ابن وهب وابن المبارك كانا يتتبعان أصوله يكتبان منها . عباس ، عن يحيى بن معين قال : ابن لهيعة لا يحتج به . قال ابن عدي : أحاديثه أحاديث حسان مع ما قد ضعفوه ، فيكتب حديثه ، وقد حدث عنه مالك ، وشعبة ، والليث .
قال أحمد بن سعيد الدارمي : سمعت قتيبة يقول : حضرت موت ابن لهيعة ، فسمعت الليث يقول : ما خلف بعده مثله .
محمد بن قدامة ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن شعبة ، عن ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن القاسم ، وسالم ، في الأمة تصلي يدركها العتق ؟ قالا : تقنع ، وتمضي في صلاتها . وفي ( الموطأ ) : بلغني عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان . قالوا : هذا ما رواه عن عمرو سوى ابن لهيعة .
عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثنا أبي ، حدثني الليث ، حدثني ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أصبح صائماً فنسي فأكل وشرب ، فالله أطعمه وسقاه " .
قال أبو حاتم بن حبان البستي : كان من أصحابنا يقولون : سماع من سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه مثل العبادلة : ابن المبارك ، وابن وهب ، والمقرئ ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، فسماعهم صحيح . ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء . وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث ، والجماعين للعلم ، والرحالين فيه . ولقد حدثني شكر ، حدثنا يوسف بن مسلم ، عن بشر بن المنذر ، قال : كان ابن لهيعة يكنى ( أبا خريطة ) . كانت له خريطة معلقة في عنقه ، فكان يدور بمصر ، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم ، فكان إذا رأى شيخاً سأله : من لقيت ؟ وعمن كتبت ؟ فإن وجد عنده شيئاً كتب عنه ، فلذلك كان يكنى ( أبا خريطة ) .
قال ابن حبان : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه ، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً ، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيراً ، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى ، على أقوام رآهم هو ثقات ، فألزق تلك الموضوعات به .
وقال يحيى القطان : قال لي بشر بن السري : لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً .
وقال نعيم بن حماد : سمعت يحيى بن حسان يقول : جاء قوم ومعهم جزء ، فقالوا : سمعناه من ابن لهيعة ، فنظرت فيه ، فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة ، فقمت إليه ، فقلت : أي شيء هذا ؟! قال : فما أصنع بهم ، يجيئون بكتاب ، فيقولون : هذا من حديثك ، فأحدثهم به .
ابن حبان : حدثنا أبو يعلى ، حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له أبو بكر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له عمر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له عثمان ، فأعرض عنه ، ثم دعي له علي ، فستره بثوبه ، وأكب عليه . فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب ، كل باب يفتح ألف باب . هذا حديث منكر ، كأنه موضوع .
قال عثمان بن صالح : لا أعلم أحداً أخبر بسبب علة ابن لهيعة مني . أقبلت أنا وعثمان بن عتيق بعد انصرافنا من الصلاة يوم الجمعة ، فوافينا ابن لهيعة أمامنا راكباً على حمار يريد إلى منزله ، فأفلج ، وسقط عن حماره ، فبدرني ابن عتيق إليه ، فأجلسه ، وصرنا به إلى منزله .
قال عمرو بن خالد الحراني : سمعت زهيراً يقول لمسكين بن بكير الحذاء : يا أبا عبد الرحمن ما كتب إليك ابن لهيعة ؟ قال : كتب إلى غيري : أن عقيلاً أخبره عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصوم آخر اثنين من شعبان .
وقال العقيلي : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا خالد بن خداش قال : قال لي ابن وهب ، ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة : إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها .
وقال سعيد بن أبي مريم : لم يسمع ابن لهيعة من يحيى بن سعيد شيئاً ، لكن كتب إليه يحيى هذا الحديث - يعني حديث السائب بن يزيد ابن أخت نمر - قال : صحبت سعداً كذا وكذا سنة ، فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً ، وكنت في عقبه على أثره : لا يفرق بين مجتمع ، ويجمع بين متفرق في الصدقة . فظن ابن لهيعة أنه من حديث سعد ، وإنما كان هذا كلاماً مبتدأ من مسائل كتب بها إليه .
عفان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن السائب بن يزيد أنه صحب سعداً من المدينة إلى مكة فلم يسمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى رجع . ونقلوا أن عبد الله بن لهيعة ولاه أبو جعفر القضاء بمصر ، في سنة خمس وخمسين ومائة ، تسعة أشهر ، وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين ديناراً . فأما قول أبي أحمد بن عدي في الحديث الماضي : ( علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب ) فلعل البلاء فيه من ابن لهيعة ، فإنه مفرط في التشيع ، فما سمعنا بهذا عن ابن لهيعة ، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع ، ولا الرجل متهم بالوضع ، بل لعله أدخل على كامل ، فإنه شيخ محله الصدق ، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه ، ولم يتفطن هو ، فالله أعلم .
قال قتيبة بن سعيد : لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار .
وقال أبو سعيد بن يونس : ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوماً ابن لهيعة ، فقال : ما أخرجت من حديثه شيئاً قط إلا حديثاً واحداً : حديث عمرو بن الحارث ، عن مشرح ، عن عقبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " في الحج سجدتان " . أخبرناه هلال بن العلاء عن معافى بن سليمان ، عن موسى بن أعين ، عن عمرو بن الحارث .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد البندار ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن كثير بن مروان الفهري ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عطس أو تجشأ ، فقال : الحمد لله على كل حال من الحال ، دفع عنه بها سبعون داء ، أهونها الجذام " وهذا خبر منكر لا يحتمله ابن لهيعة ، ولا أتى به سوى الفهري ، وهو شيخ واه جداً .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر القاضي ، ومحمد بن أحمد الطرائفي ، وأبو غالب محمد بن علي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر منافقي أمتي قراؤها " . هذا حديث محفوظ ، قد تابع فيه الوليد بن المغيرة ابن لهيعة ، عن مشرح .
وقد رواه عبد الله بن المبارك ، عن عبد الرحمن بن شريح المعافري ، عن شراحيل بن يزيد ، عن محمد بن هدية الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وبالإسناد إلى الفريابي : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ، ويمسي كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك ، أو جمر الغضا " .
وبه قال : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال : سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول : ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من النفاق ، وإنه ليأتي عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان " .
رواه بنحوه ابن وهب عن حيوة بن شريح عن يزيد .
قرأت على أبي الفضل بن تاج الأمناء ، عن عبد المعز بن محمد البزاز ، أن محمد بن إسماعيل الهروي أخبره ، قال : أخبرنا محلم بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي ، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن رجل ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقول : من أظلم ممن صور صورتي أو شبه بها فليخلقوا حبة أو ذرة " . هذا حديث غريب جدا وفيه رجل مجهول أيضاً .
وبه قال قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تجعلوها عليكم قبوراً ، كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبوراً ، وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض " هذا حديث نظيف الإسناد ، حسن المتن ، فيه النهي عن الدفن في البيوت وله شاهد من طريق آخر ، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور ، ولو اندفن الناس في بيوتهم ، لصارت المقبرة والبيوت شيئاً واحداً ، والصلاة في المقبرة ، فمنهي عنها نهي كراهية ، أو نهي تحريم ، وقد قال عليه السلام : " أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة " . فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبوراً .
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به ، كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده ، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام ، فكان هو إمامهم حياً وميتاً في الدنيا والآخرة ، وكما خص بتأخير دفنه يومين ، ويكره تأخير أمته ، لأنه هو أمن عليه التغير بخلافنا ، ثم إنهم أخروه حتى صلوا كلهم عليه داخل بيته ، فطال لذلك الأمر ، ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر الصديق من السنح ، فهذا كان سبب التأخير .
قال أبو إسحاق الجوزجاني : ابن لهيعة لا نور على حديثه ، ولا ينبغي أن يحتج به ، ولا أن يعتد به .
البخاري ، حدثني أحمد بن عبد الله ، أخبرنا صدقة بن عبد الرحمن ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو تمت البقرة ثلاثمائة آية لتكلمت " .
وعن أبي الوليد بن أبي الجارود ، عن يحيى بن معين قال : يكتب عن ابن لهيعة ما كان قبل احتراق كتبه .
قلت : عاش ثمانياً وسبعين سنة ، ومر أنه توفي سنة أربع وسبعين ومائة .
وكان من أوعية العلم ، ومن رؤساء أهل مصر ، ومحتشميهم ، أطلق المنصور بن عمار الواعظ أراضي له .
الرمادي في ( تاريخه ) : حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن حديج بن أبي عمرو ، سمعت المستورد بن شداد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لكل أمة أجل ، وإن لأمتي مائة سنة ، فإذا مر عليها مائة سنة ، أتاها ما وعدها الله " .
ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن عمرو المعافري ، عن ابن حجيرة ، قال : استظل سبعون نفساً من قوم موسى تحت قحف رجل من العمالقة .
هذا من الإسرائيليات ، والقدرة صالحة ، ولو استظل بذلك القحف أربعة لكان عظيماً .
المرجع
سير أعلام النبلاء
عبد الله بن لهيعة
( الطبقة السابعة من التابعين )
ابن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان القاضي الإمام العلامة ، محدث ديار مصر مع الليث ، أبو عبد الرحمن الحضرمي الأعدولي ويقال : الغافقي ، المصري ، ويقال : يكنى أبا النضر ، ولم يصح . ولد سنة خمس أو ست وتسعين . وطلب العلم في صباه ، ولقي الكبار بمصر والحرمين .
وسمع من : عبد الرحمن بن هرمز الأعرج صاحب أبي هريرة ، ومن موسى بن وردان ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن شعيب ، وعمرو بن دينار ، ويزيد بن أبي حبيب ، وأبي وهب الجيشاني ، ومشرح بن هاعان ، وعبيد الله بن أبي جعفر ، وعكرمة مولى ابن عباس - إن صح ذلك - وكعب بن علقمة ، وقيس بن الحجاج ، وأبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة ومحمد بن المنكدر ، وأبي الزبير ، ويزيد بن عمرو المعافري ، وأبي يونس مولى أبي هريرة ، وأبي عشانة المعافري ، وأبي قبيل المعافري ، وأحمد بن خازم المعافري ، وبكر بن عمرو المعافري ، وشرحبيل بن شريك المعافري ، وعامر بن يحيى المعافري ، وبكير بن الأشج ، وجعفر بن ربيعة ، ودراج أبي السمح ، وعقيل بن خالد ، وعمرو بن جابر الحضرمي ، وخلق كثير .
وعنه : حفيده أحمد بن عيسى بن عبد الله ، وعمرو بن الحارث ، والأوزاعي ، وشعبة ، والثوري - وماتوا قبله - والليث بن سعد ، ومالك - ولم يصرح باسمه - وابن المبارك ، والوليد بن مسلم ، وابن وهب ، وأشهب ، وزيد بن الحباب ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، ومروان بن محمد ، وبشر بن عمر الزهراني ، والحسن بن موسى الأشيب ، وأسد بن موسى ، وإسحاق بن عيسى بن الطباع ، وسعيد بن أبي مريم ، وسعيد بن عفير ، وعثمان بن صالح ، والنضر بن عبد الجبار ، ويحيى بن إسحاق ، ويحيى بن بكير ، وحسان بن عبد الله الواسطي ، وأبو صالح الكاتب ، والقعنبي ، وعمرو بن خالد ، وكامل بن طلحة ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمد بن رمح ، ومحمد بن الحارث صدرة ، وخلق كثير ، خاتمتهم ابن رمح . وكان من بحور العلم على لين في حديثه .
قال روح بن صلاح : لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعياً .
قلت : لقي جماعة من أصحاب أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وعقبة بن عامر .
قال أحمد بن حنبل : من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه ؟!
حدثني إسحاق بن عيسى أنه : لقيه في سنة أربع وستين ، وأن كتبه احترقت سنة تسع وستين ومائة .
وقال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة .
وقال أحمد بن صالح : كان ابن لهيعة صحيح الكتاب طلاباً للعلم .
وقال زيد بن الحباب : قال سفيان الثوري : عند ابن لهيعة الأصول ، وعندنا الفروع .
وقال عثمان بن صالح السهمي : احترقت دار ابن لهيعة وكتبه ، وسلمت أصوله ، كتبت كتاب عمارة بن غزية من أصله .
ولما مات ابن لهيعة قال الليث : ما خلف مثله .
لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية هو والليث معاً ، كما كان الإمام مالك في ذلك العصر عالم المدينة ، والأوزاعي عالم الشام ، ومعمر عالم اليمن ، وشعبة والثوري عالما العراق ، وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان ، ولكن ابن لهيعة تهاون بالإتقان ، وروى مناكير ، فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم .
وبعض الحفاظ يروي حديثه ، ويذكره في الشواهد ، والاعتبارات ، والزهد والملاحم لا في الأصول .
وبعضهم يبالغ في وهنه ، ولا ينبغي إهداره ، وتتجنب تلك المناكير ، فإنه عدل في نفسه .
وقد ولي قضاء الإقليم في دولة المنصور دون السنة ، وصرف . أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته ، وأخرج له أبو داود ، والترمذي ، والقزويني . وما رواه عنه ابن وهب ، والمقرئ ، والقدماء ، فهو أجود . وقع لي من عوالي حديثه .
وكان يحيى بن سعيد القطان لا يراه شيئاً . قاله علي بن المديني ، ثم قال علي : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وقيل له : تحمل عن عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة ؟ فقال : لا أحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا كثيراً ، ثم قال عبد الرحمن : كتب إليّ ابن لهيعة كتاباً فيه : حدثنا عمرو بن شعيب ، فقرأته على ابن المبارك ، فأخرج إليّ ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة ، قال : أخبرني إسحاق بن أبي فروة ، عن عمرو بن شعيب .
وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن مهدي يقول : ما أعتد بشيء سمعت من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك ونحوه .
وقال أحمد بن حنبل : كان ابن لهيعة كتب عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، وكان بعد يحدث بها عن عمرو نفسه . وكان الليث أكبر منه بسنتين .
روى يعقوب الفسوي عن سعيد بن أبي مريم ، قال : كان حيوة بن شريح أوصى إلى رجل ، وصارت كتبه عنده ، وكان لا يتقي الله ، يذهب فيكتب من كتب حيوة الشيوخ الذين شاركه فيهم ابن لهيعة ، ثم يحمل إليه ، فيقرأ عليهم ، وحضرت ابن لهيعة وقد جاءه قوم حجوا يسلمون عليه ، فقال : هل كتبتم حديثاً طريفاً ؟ فجعلوا يذاكرونه ، حتى قال بعضهم : حدثنا القاسم العمري ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتم الحريق فكبروا ، فإن التكبير يطفئه فقال : هذا حديث طريف . قال : فكان يقول : حدثنا به صاحبنا فلان ، فلما طال ذلك نسي الشيخ ، فكان يقرأ عليه ، ويرويه عن عمرو بن شعيب .
ميمون بن أصبغ : سمعت ابن أبي مريم يقول : حدثنا القاسم بن عبد الله بن عمر ، عن عمرو بن شعيب بحديث الحريق . ثم قال سعيد : هذا سمعه ابن لهيعة من زياد بن يونس الحضرمي ، عن القاسم ، فكان ابن لهيعة يستحسنه . ثم إنه بعد قال : إنه يرويه عن عمرو بن شعيب .
وقال يحيى بن بكير : قيل لابن لهيعة : إن ابن وهب يزعم أنك لم تسمع هذه الأحاديث من عمرو بن شعيب ، فضاق ابن لهيعة ، وقال : وما يدري ابن وهب ؟ سمعت هذه الأحاديث من عمرو قبل أن يلتقي أبواه .
قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ما حديث ابن لهيعة بحجة ، وإني لأكتبه أعتبر به ، وهو يقوى بعضه ببعض .
أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال لي ابن أبي مريم : لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب ، إنما أرادوا أن يعفو عليه أمير فأرسل إليه أمير بخمسمائة دينار .
وسمعت قتيبة يقول : كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه ، أو كتب ابن وهب ، إلا ما كان من حديث الأعرج .
جعفر الفريابي : سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول : قال لي أحمد بن حنبل : أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح ، فقلت : لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب ، ثم نسمعه من ابن لهيعة .
قال أبو صالح الحراني : قال لي ابن لهيعة : ما تركت ليزيد بن أبي حبيب حرفاً .
قال عثمان بن صالح السهمي ، عن إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر ، قال : أنا حملت رسالة الليث إلى مالك ، وأخذت جوابها ، فكان مالك يسألني عن ابن لهيعة ، فأخبره بحاله ، فقال : ليس يذكر الحج ؟ فسبق إلى قلبي أنه يريد السماع منه .
قال الثوري : حججت حججاً لألقى ابن لهيعة .
وقال محمد بن معاوية : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : وددت أني سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث ، وأني غرمت مودى ، كأنه يعني دية .
أبو الطاهر بن السرح : سمعت ابن وهب يقول : حدثني - والله - الصادق البار عبد الله بن لهيعة ، قال أبو الطاهر : فما سمعته يحلف بهذا قط ، وروى حنبل عن أبي عبد الله ، قال : ابن لهيعة أجود قراءة لكتبه من ابن وهب . قال أبو داود عن أحمد : ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة . البخاري عن يحيى بن بكير : احترق منزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين .
قلت : الظاهر أنه لم يحترق إلا بعض أصوله .
يعقوب الفسوي : سمعت أحمد بن صالح يقول : ابن لهيعة صحيح الكتاب ، كان أخرج كتبه ، فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء ، فمن ضبط كان حديثه حسناً صحيحاً ، إلا أنه كان يحضر من يضبط ويحسن ، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون ، وآخرون نظارة ، وآخرون سمعوا مع آخرين ، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاباً ، ولم ير له كتاب . وكان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه ، وجاءه فقرأه عليه ، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح ، ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير . ثم ذهب قوم ، فكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء ، وروى عن رجل عنه وعن رجل عن آخر عنه ، وعن ثلاثة عن عطاء . قال : فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء . قال يعقوب : كتبت عن ابن رمح كتابا ، عن ابن لهيعة ، وكان فيه نحو مما وصف أحمد بن صالح ، فقال : هذا وقع على رجل ضبط إملاء ابن لهيعة . فقلت له في حديث ابن لهيعة ؟ فقال : لم تعرف مذهبي في الرجال ، إني أذهب إلى أنه لا يترك حديث محدث حتى يجتمع أهل مصره على ترك حديثه . وسمعت أحمد بن صالح يقول : كتبت حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق ، وكنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس ، وأستخير الله فيه . فكتبت حديث النضر بن عبد الجبار في الرق ، قال : فذكرت له سماع القديم وسماع الحديث ، فقال : كان ابن لهيعة طلاباً للعلم ، صحيح الكتاب .
قال : وظننت أن أبا الأسود كتب من كتاب صحيح ، فحديثه صحيح يشبه حديث أهل العلم .
إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين يقول : ابن لهيعة أمثل من رشدين بن سعد ، وقد كتبت حديث ابن لهيعة . قال أهل مصر : ما احترق له كتاب قط ، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات .
وكان النضر بن عبد الجبار راوية عنه ، وكان شيخ صدق ، وكان ابن أبي مريم سيئ الرأي في ابن لهيعة ، فلما كتبوها عنه ، وسألوه عنها ، سكت عن ابن لهيعة . قلت ليحيى : فسماع القدماء والآخرين منه سواء ؟ قال : نعم ، سواء واحد .
قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في ( التاريخ ) : قدم ابن لهيعة الشام غازياً مع صالح بن علي سنة ثمان وثلاثين ومائة ، واجتاز بساحل دمشق أو بها ، حكاه القطربلي عن الواقدي . وقال ابن بكير : ولد سنة ست وتسعين . وتفرد نوح بن حبيب بأن كنيته : أبو النضر .
وقال ابن سعد ابن لهيعة حضرمي من أنفسهم ، كان ضعيفاً ، وعنده حديث كثير ، ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالاً . وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط ، لكنه كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه ، فيسكت عليه . فقيل له في ذلك ، فقال : وما ذنبي ؟ إنما يجيئون بكتاب يقرءونه ويقومون ، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي . . . إلى أن قال : ومات بمصر في نصف ربيع الأول سنة أربع وسبعين ومائة . قال مسلم بن الحجاج : ابن لهيعة تركه وكيع ويحيى وابن مهدي .
وقال ابن يونس : مولده سنة سبع وتسعين . ورأيته في ديوان حضرموت بمصر ، فيمن دعي به سنة ست وعشرين ومائة في أربعين من العطاء .
قال ابن وهب : حديث : لو أن القرآن في إهاب ، ما مسته النار ما رفعه لنا ابن لهيعة في أول عمره قط . وقال أبو حفص الفلاس : من كتب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه ، فهو أصح ، كابن المبارك ، والمقرئ . وهو ضعيف الحديث . وقال إسحاق بن عيسى : ما احترقت أصوله ، إنما احترق بعض ما كان يقرأ منه . يريد ما نسخ منها .
ابن عدي حدثنا موسى بن العباس ، حدثنا أبو حاتم ، سمعت سعيد بن أبي مريم يقول : رأيت ابن لهيعة يعرض ناس عليه أحاديث من أحاديث العراقيين : منصور ، وأبي إسحاق ، والأعمش ، وغيرهم ، فأجازه لهم . فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، ليست هذه من حديثك . قال : هي أحاديث مرت على مسامعي . ورواها ابن أبي حاتم عن أبيه . وروى الفضل بن زياد ، عن أحمد بن حنبل ، قال : من كتب عن ابن لهيعة قديما فسماعه صحيح .
قلت : لأنه لم يكن بعد تساهل ، وكان أمره مضبوطاً ، فأفسد نفسه . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال عبد الرحمن بن خراش : لا يكتب حديثه .
وقال أبو زرعة : لا يحتج به ، قيل : فسماع القدماء ؟ قال : أوله وآخره سواء ، إلا أن ابن وهب وابن المبارك كانا يتتبعان أصوله يكتبان منها . عباس ، عن يحيى بن معين قال : ابن لهيعة لا يحتج به . قال ابن عدي : أحاديثه أحاديث حسان مع ما قد ضعفوه ، فيكتب حديثه ، وقد حدث عنه مالك ، وشعبة ، والليث .
قال أحمد بن سعيد الدارمي : سمعت قتيبة يقول : حضرت موت ابن لهيعة ، فسمعت الليث يقول : ما خلف بعده مثله .
محمد بن قدامة ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن شعبة ، عن ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن القاسم ، وسالم ، في الأمة تصلي يدركها العتق ؟ قالا : تقنع ، وتمضي في صلاتها . وفي ( الموطأ ) : بلغني عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان . قالوا : هذا ما رواه عن عمرو سوى ابن لهيعة .
عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثنا أبي ، حدثني الليث ، حدثني ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أصبح صائماً فنسي فأكل وشرب ، فالله أطعمه وسقاه " .
قال أبو حاتم بن حبان البستي : كان من أصحابنا يقولون : سماع من سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه مثل العبادلة : ابن المبارك ، وابن وهب ، والمقرئ ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، فسماعهم صحيح . ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء . وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث ، والجماعين للعلم ، والرحالين فيه . ولقد حدثني شكر ، حدثنا يوسف بن مسلم ، عن بشر بن المنذر ، قال : كان ابن لهيعة يكنى ( أبا خريطة ) . كانت له خريطة معلقة في عنقه ، فكان يدور بمصر ، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم ، فكان إذا رأى شيخاً سأله : من لقيت ؟ وعمن كتبت ؟ فإن وجد عنده شيئاً كتب عنه ، فلذلك كان يكنى ( أبا خريطة ) .
قال ابن حبان : قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه ، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً ، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيراً ، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى ، على أقوام رآهم هو ثقات ، فألزق تلك الموضوعات به .
وقال يحيى القطان : قال لي بشر بن السري : لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً .
وقال نعيم بن حماد : سمعت يحيى بن حسان يقول : جاء قوم ومعهم جزء ، فقالوا : سمعناه من ابن لهيعة ، فنظرت فيه ، فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة ، فقمت إليه ، فقلت : أي شيء هذا ؟! قال : فما أصنع بهم ، يجيئون بكتاب ، فيقولون : هذا من حديثك ، فأحدثهم به .
ابن حبان : حدثنا أبو يعلى ، حدثنا كامل بن طلحة ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له أبو بكر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له عمر ، فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " ، فدعي له عثمان ، فأعرض عنه ، ثم دعي له علي ، فستره بثوبه ، وأكب عليه . فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب ، كل باب يفتح ألف باب . هذا حديث منكر ، كأنه موضوع .
قال عثمان بن صالح : لا أعلم أحداً أخبر بسبب علة ابن لهيعة مني . أقبلت أنا وعثمان بن عتيق بعد انصرافنا من الصلاة يوم الجمعة ، فوافينا ابن لهيعة أمامنا راكباً على حمار يريد إلى منزله ، فأفلج ، وسقط عن حماره ، فبدرني ابن عتيق إليه ، فأجلسه ، وصرنا به إلى منزله .
قال عمرو بن خالد الحراني : سمعت زهيراً يقول لمسكين بن بكير الحذاء : يا أبا عبد الرحمن ما كتب إليك ابن لهيعة ؟ قال : كتب إلى غيري : أن عقيلاً أخبره عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصوم آخر اثنين من شعبان .
وقال العقيلي : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا خالد بن خداش قال : قال لي ابن وهب ، ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة : إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها .
وقال سعيد بن أبي مريم : لم يسمع ابن لهيعة من يحيى بن سعيد شيئاً ، لكن كتب إليه يحيى هذا الحديث - يعني حديث السائب بن يزيد ابن أخت نمر - قال : صحبت سعداً كذا وكذا سنة ، فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً ، وكنت في عقبه على أثره : لا يفرق بين مجتمع ، ويجمع بين متفرق في الصدقة . فظن ابن لهيعة أنه من حديث سعد ، وإنما كان هذا كلاماً مبتدأ من مسائل كتب بها إليه .
عفان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن السائب بن يزيد أنه صحب سعداً من المدينة إلى مكة فلم يسمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى رجع . ونقلوا أن عبد الله بن لهيعة ولاه أبو جعفر القضاء بمصر ، في سنة خمس وخمسين ومائة ، تسعة أشهر ، وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين ديناراً . فأما قول أبي أحمد بن عدي في الحديث الماضي : ( علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب ) فلعل البلاء فيه من ابن لهيعة ، فإنه مفرط في التشيع ، فما سمعنا بهذا عن ابن لهيعة ، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع ، ولا الرجل متهم بالوضع ، بل لعله أدخل على كامل ، فإنه شيخ محله الصدق ، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه ، ولم يتفطن هو ، فالله أعلم .
قال قتيبة بن سعيد : لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار .
وقال أبو سعيد بن يونس : ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوماً ابن لهيعة ، فقال : ما أخرجت من حديثه شيئاً قط إلا حديثاً واحداً : حديث عمرو بن الحارث ، عن مشرح ، عن عقبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " في الحج سجدتان " . أخبرناه هلال بن العلاء عن معافى بن سليمان ، عن موسى بن أعين ، عن عمرو بن الحارث .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد البندار ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن كثير بن مروان الفهري ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عطس أو تجشأ ، فقال : الحمد لله على كل حال من الحال ، دفع عنه بها سبعون داء ، أهونها الجذام " وهذا خبر منكر لا يحتمله ابن لهيعة ، ولا أتى به سوى الفهري ، وهو شيخ واه جداً .
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا محمد بن عمر القاضي ، ومحمد بن أحمد الطرائفي ، وأبو غالب محمد بن علي ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر منافقي أمتي قراؤها " . هذا حديث محفوظ ، قد تابع فيه الوليد بن المغيرة ابن لهيعة ، عن مشرح .
وقد رواه عبد الله بن المبارك ، عن عبد الرحمن بن شريح المعافري ، عن شراحيل بن يزيد ، عن محمد بن هدية الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وبالإسناد إلى الفريابي : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ، ويمسي كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك ، أو جمر الغضا " .
وبه قال : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال : سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول : ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من النفاق ، وإنه ليأتي عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان " .
رواه بنحوه ابن وهب عن حيوة بن شريح عن يزيد .
قرأت على أبي الفضل بن تاج الأمناء ، عن عبد المعز بن محمد البزاز ، أن محمد بن إسماعيل الهروي أخبره ، قال : أخبرنا محلم بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي ، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن رجل ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقول : من أظلم ممن صور صورتي أو شبه بها فليخلقوا حبة أو ذرة " . هذا حديث غريب جدا وفيه رجل مجهول أيضاً .
وبه قال قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تجعلوها عليكم قبوراً ، كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبوراً ، وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض " هذا حديث نظيف الإسناد ، حسن المتن ، فيه النهي عن الدفن في البيوت وله شاهد من طريق آخر ، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور ، ولو اندفن الناس في بيوتهم ، لصارت المقبرة والبيوت شيئاً واحداً ، والصلاة في المقبرة ، فمنهي عنها نهي كراهية ، أو نهي تحريم ، وقد قال عليه السلام : " أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة " . فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبوراً .
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به ، كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده ، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام ، فكان هو إمامهم حياً وميتاً في الدنيا والآخرة ، وكما خص بتأخير دفنه يومين ، ويكره تأخير أمته ، لأنه هو أمن عليه التغير بخلافنا ، ثم إنهم أخروه حتى صلوا كلهم عليه داخل بيته ، فطال لذلك الأمر ، ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر الصديق من السنح ، فهذا كان سبب التأخير .
قال أبو إسحاق الجوزجاني : ابن لهيعة لا نور على حديثه ، ولا ينبغي أن يحتج به ، ولا أن يعتد به .
البخاري ، حدثني أحمد بن عبد الله ، أخبرنا صدقة بن عبد الرحمن ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو تمت البقرة ثلاثمائة آية لتكلمت " .
وعن أبي الوليد بن أبي الجارود ، عن يحيى بن معين قال : يكتب عن ابن لهيعة ما كان قبل احتراق كتبه .
قلت : عاش ثمانياً وسبعين سنة ، ومر أنه توفي سنة أربع وسبعين ومائة .
وكان من أوعية العلم ، ومن رؤساء أهل مصر ، ومحتشميهم ، أطلق المنصور بن عمار الواعظ أراضي له .
الرمادي في ( تاريخه ) : حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن حديج بن أبي عمرو ، سمعت المستورد بن شداد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لكل أمة أجل ، وإن لأمتي مائة سنة ، فإذا مر عليها مائة سنة ، أتاها ما وعدها الله " .
ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن عمرو المعافري ، عن ابن حجيرة ، قال : استظل سبعون نفساً من قوم موسى تحت قحف رجل من العمالقة .
هذا من الإسرائيليات ، والقدرة صالحة ، ولو استظل بذلك القحف أربعة لكان عظيماً .
المرجع
سير أعلام النبلاء