حنان
11 / 12 / 2007, 17 : 10 PM
http://www.21za.com/pic/salam_kalam001_files/1.gif
فتاوى فــي نواقض الإسلام
ـ من أقرَّ من الناس بوجود الله، وأنّه الخالق الرازق، ولكنَّه يجعل بينه وبين الله في العبادة وسيطًا؛ كنبيٍّ أو وليٍّ أو غير ذلك؛ فهل يُخرَجُ هذا من دائرة الإسلام والإيمان؟
من آمن بأن الله هو الخالق الرازق، ولكنَّه يجعل بينه وبين الله وسائط في العبادة؛ فقد ابتدع في دين الله ما لم يأذن به الله؛ لأن الله سبحانه أمر بعبادته بدون اتِّخاذ وسائط.
ثم إن كان هذا يتقرَّب إلى الوسائط بشيء من العبادة كالذبح للأولياء والصَّالحين والنذَّر لهم وطلب قضاء الحوائج من الموتى، ويستغيث بهم؛ فهذا شرك أكبر يخرج من الملة.
وإن كان يتوسَّل بالوسائط لحقهم أو جاههم دون أن يصرف لهم شيئًا من العبادة؛ فهذا يعتبر بدعة محرَّمة ووسيلة من وسائل الشرك.
وعلى كل حال؛ لا يجوز اتخاذ الوسائط بين الله وبين العبد في العبادة والدُّعاء؛ لأن الله أمر بعبادته ودعائه؛ دون اتخاذ وسائط، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا؛ فهو ردٌّ) [رواه البخاري في "صحيحه" (8/156) معلقًا، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (3/1343-1344)؛ من حديث عائشة رضي الله عنها.]، والله تعالى يقول: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18.]؛ فسمَّاهم باتِّخاذ الوسائط مشركين، ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3.]، فسماهم باتخاذ الوسائط كفارًا وكاذبين. والله أعلم.
45 ـ إذا كان هناك شخص يعتقد أو يقرُّ التوسُّل بالصَّالحين؛ فهل تصحّ الصلاة خلفه؟
يُشترط في الإمام أن يكون مسلمًا عدلاً في دينه وأخلاقه واستقامته، وأن يكون مثالاً طيِّبًا في التمسُّكِ بالسُّنَّة والابتعاد عن البدعة وترك الشِّرك ووسائله؛ فالذي يتَّخذ التوسُّل بالصَّالحين أو الأولياء أو الأموات على ما اعتاده عبَّاد القبور اليوم، ويستعمل هذا، أو يدَّعي أنَّ هذا أمر جائز؛ فهذا لا تصحُّ الصلاة خلفه؛ لأنه مختلُّ العقيدة، وإذا كان يتوسَّل بالصَّالحين؛ بمعنى أنه يطلُبُ منهم الحوائج وتفريج الكربات وينادي بأسمائهم ويستغيث بهم؛ فهذا مشركٌ الشِّرك الأكبر المخرج من الملَّة؛ فليس بمسلم، فضلاً عن أن يتَّخذ إمامًا لمسجد.
فالواجب على المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن لا يقدِّموا لدينهم وصلاتهم إلا سالم العقيدة، مستقيم السُّلوك، على الكتاب والسنة، ومتجنِّبًا للبدع والفسق.
حتى المسلم الفاسق لا تصحُّ إمامته عند كثير من أهل العلم، الذي فسقُه فسقٌ عمليٌّ! فكيف بالفسق أو المبتدع الذي عنده خللٌ في عقيدته؟! هذا أشدُّ، ولا سيَّما إذا كان كما ذكرنا ممَّن يتوسَّلون بالأموات ويطلُبون منهم الحوائج؛ فهذا مشركٌ الشِّرك الأكبر، لا تصحُّ صلاته، ولا صلاة من خلفه، حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ويرجع إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يوقِظَ المسلمين لمعرفة دينهم، والتمسُّكِ بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وترك ما خالف ذلك من البدع والخرافات والمحدَثات التي ظنُّوها من الدِّين واعتقدوها من الدِّين، وهي بعيدة كل البعد عن الدِّين.
ـ إذا كانت أفعال شخص كلُّها تناقض (لا إله إلا الله)؛ فهل يجوز لنا تكفيرُهُ مع أنه ينطقُ الشَّهادتين؟
من أتى بناقض من نواقض الإسلام؛ كترك الصلاة متعمِّدًا، أو الذَّبح لغير الله، والنَّذر لغير الله؛ كما يُفعلُ عند الأضرحة، أو دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو سبّ الله أو رسوله، أو سبِّ الدين، أو الاستهزاء بالقرآن أو بالسُّنَّة؛ فهذا مرتدٌّ عن دين الإسلام، يُحكم بكفره، ولو كان يقول: لا إله إلا الله؛ لأن هذه الكلمة العظيمة ليست مجرَّد قول يقال باللسان، وإنما لها معنى ومقتضىً تجبُ معرفتهما والعمل بهما.
قال صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبَدُ من دون الله) [رواه مسلم في "صحيحه" (1/53) من حديث أبي مالك عن أبيه.]؛ فلم يجعل النُّطق بـ(لا إله إلا الله) كافيًا في عِصمته الدَّم والمال، حتى يضيف إليه الكفر بما يُعبَدُ من دون الله.
وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256.]؛ فقدَّم الكفر بالطَّاغوت على الإيمان بالله.
إلى غير ذلك من الأدلة.
ـ سائل يقول: إنه شاب مسلم يحمل مؤهلاً جامعيًّا في الهندسة، وقد سافر إلى إحدى الدول العربية للبحث عن عمل، ولكنه لم يفلح في ذلك، بينما وجد أن غير المسلمين لهم قبول أكثر، وفي مثل تخصصه ذلك ويُفَضَّلونَ على غيرهم من المسلمين، أي أن عدم حصوله على عمل راجع إلى كونه يدين بالإسلام، فقرر أن يعود إلى بلده في محاولة لتغيير مُسمى الديانة في جواز سفره، وفعلاً سافر إلى إحدى البلاد الإفريقية، وحصل على جواز سفر منها بديانة غير الإسلام، ثم سافر مرة أخرى إلى إحدى البلاد العربية، فوجد القبول والحصول على وظيفة، ولكنه متألم لتغيير اسم الديانة في جواز سفره، وإن كان هو في داخله يدين بالإسلام ويفخر به دينًا، لذلك هو يسأل: ما حكم عمله هذا؟ وما حكم كسبه المال بهذه الطريقة؟
أولاً: يجب على المسلم أن يتمسك بدينه وأن لا يتنازل عنه لأي ظرفٍ من الظروف؛ لأن الدين هو رأس الماس، وهو الذي تترتب عليه النجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى، وهو الذي خُلِقَ الإنسان من أجله، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56.]؛ فيجب على المسلم أن يتمسك بدينه مهما كلفه الثمن.
وما فعلته فيما ذكرت في السؤال من أنك ذهبت وغيره من مسمى الديانة إلى ديانة غير الإسلام لتحصل على عمل؛ فهذا شيء خطير، ويعتبر ردة عن دين الإسلام؛ لأنك فعلت هذا، وتظاهرت بغير دين الإسلام، وانتسبت إلى غير دين الإسلام، والمسلم لا يجوز له ذلك، ويجب عليه أن يتمسك بدينه، وأن يعتزَّ بدينه، وأن لا يتنازل عنه لطمعٍ من أطماع الدنيا، فالله سبحانه وتعالى لم يستثن في أن يتلفظ الإنسان بشيء من ألفاظ الكفر؛ إلا في حالة الإكراه المُلجئ؛ كما في قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} [النحل: 106-107.].
فأنت تظاهرت بغير دين الإسلام وانتسبت لغير دين الإسلام لأجل الدنيا وطمع الدنيا، لم تصل إلى حد الإكراه الذي تُعذَرُ به؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والمبادرة إلى تغيير هذا الانتساب، والمبادرة إلى كتابة الديانة الإسلامية في ورقة عملك، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما فات، والعزم على أن لا تعود لمثل هذا الشيء؛ لعلَّ الله أن يتوب علينا وعليك.
ثم على الجهات المسؤولة من المسلمين وحكومات المسلمين أن لا يُحرجُوا المسلمين إلى هذا الحد؛ بحيث إنهم يُقدِّمون أهل الديانات الكافرة على المسلمين في توظيفهم في الأعمال وتوليتهم الأعمال؛ لأن هذا ربما يكون دسيسة من أعداء المسلمين؛ ليصرفوا الناس عن دينهم؛ كما حصل لهذا السائل؛ فالواجب على الجهات المسلمة والحكومات الإسلامية أن تنتبه لهذا، وأن لا تُحرِج المسلمين إلى مثل هذه الحالة التي وقع فيها هذا الإنسان، وأن تتابع الموظفين الذين يفرضون على المسلمين هذه الفرضيات الخبيثة. وفق الله الجميع.
8 ـ كثيرًا ما يطلب والدي من أهلي خدمته في وقت شربه الخمر؛ من إحضاره له وتغسيل آنيته ونحو ذلك، وكذلك يسخر منهم إذا رآهم يصلون؛ فما الحكم في ذلك، وأنا أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة أشخاص [رواه الترمذي في "سننه" (ج4 ص296)، ورواه ابن ماجه في "سننه" (ج2 ص1122)؛ كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.]؛ فماذا يجب علينا نحو والدنا؟
هذا الوالد مستهتر، وإذا بلغ من استهتاره أنه يستهزئ بالصلاة وبالمصلين؛ فهذا ردة عن دين الإسلام، فيجب عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يرجع إلى دينه من جديد، وأنت لا يجوز لك إعانته على المعصية كما ذكرنا في أول الجواب؛ فلا تُحضروا له ما يستعين به على معصية الله، والواجب إنكار هذا المنكر والتغليظ عليه في ذلك ومضايقته في ذلك لعله يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.
ـ أفيدكم أني أبلُغُ من العمر الخمسة والأربعين، وقد مضى عليَّ أربع سنين من عمري دون أن أصلي ودون أن أصوم رمضان، ولكنّي في العام الماضي أدَّيت فريضة الحجِّ؛ فهل تكفّر عمَّا فاتني من صوم وصلاة؟ وإن كانت لا تكفِّر؛ فماذا عليَّ أن أفعله الآن؟ أرشدونا وفَّقكم الله.
ترك الصلاة متعمِّدًا خطير جدًّ؛ لأن الصلاة هي الرُّكن الثاني من أركان الإسلام، وإذا تركها المسلم متعمِّدًا؛ فإنّ ذلك كفر؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بينَ العبد وبين الكفر ترك الصلاة) [رواه مسلم في "صحيحه" (1/88) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه.]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها؛ فقد كفر) [رواه الإمام أحمد في "مسنده" (5/346)، ورواه الترمذي في "سننه" (7/283)، ورواه النسائي في "سننه" (1/231-232)، ورواه ابن ماجه في "سننه" (1/342)؛ كلهم من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.]، والله تعالى يقول في الكفار: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5.]، ويقول عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42-44.]... إلى غير ذلك من النصوص التي تدلُّ على كفر تارك الصلاة، وإن لم يجحد وجوبها، وهو الصحيح من قولي العلماء رحمهم الله.
فما ذكرت من أنك تركتها متعمِّدًا مدَّة أربع سنوات؛ هذا يقتضي الكفر، ولكن إذا تُبت إلى الله عز وجل توبة صحيحة، وحافظت على الصلاة في مستقبل حياتك؛ فإن الله يمحو ما كان من ذي قبلُ، والتوبة الصادقة تَجُبُّ ما قبلها.
أما الحجُّ؛ فلا يكفِّرُ ترك الصلاة ولا ترك الصيام؛ لأن هذه كبائر موبقة لا يكفِّرها الحجُّ.
وكذلك الحجُّ إذا كنت أدَّيته وأنت لا تُصلِّي؛ فإنه لا يصحُّ؛ لأن الذي لا يصلي ليس له دين، وليس له إسلام؛ ولا يصحُّ منه عمل إلى أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ فإذا تُبت إلى الله توبة صحيحة، وحافظت على الصلاة؛ فإنَّ هذا يكفِّر ما سبق، ولكن عليك بالصِّدق والاستمرار على التَّوبة والاهتمام بالصلاة.
وإذا كانت أدَّيت الحجَّ في حالة تركك للصلاة؛ فإنَّ الأحوط لك أن تعيده، أمَّا إذا كنت أدَّيته بعدما تُبت؛ فهو حجٌّ صحيح إن شاء الله.
وما مضى من المعصية وترك الصلاة والصيام تكفِّره التَّوبة الصَّادقة.
ـ لدي أخ لا يواظب على الصلاة، ولا يحرص على صلة الرَّحم، ويرافق جلساء السُّوء؛ فهل يجب عليَّ أن أهجره ولا أحادثه، خاصة وأنني نصحته عدة ومراتٍ، ولم يمتثل؟
من يترك الصلاة ويقطع الرحم؛ فإنه تجب مناصحته، فإن لم يقبل؛ وجب هجره حتى يتوب إلى الله؛ لأن ترك الصلاة كفر، وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب، والله تعالى يقول: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22.].
1 ـ ما حكم زيارة تارك الصلاة في مرضه، أو محاولة علاجه والسعي لذلك، أو تشييع جنازته إذا مات؟
أما مسألة زيارته والسعي في علاجه؛ فإذا كان هذا سببًا لهدايته ودعوته إلى التَّوبة والرُّجوع عمَّا هو علي؛ فهذا شيء طيِّبٌ؛ فأنتم تزورونه، وتنصحونه، وتدعونه للتَّوبة، لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يمُنَّ عليه بها، وتكونون سببًا في ذلك، ويُختَم له بخير إن مات أو إن شفاه الله من مرضه.
وكذلك السَّعي في علاجه إذا كان هذا يترتَّبُ عليه أو يُرجى منه أو يؤثِّر ذلك على سلوكه وتوبته ورجوعه عمّا هو فيه؛ فهذا شيء طيِّبٌ.
أمَّا اتِّباع جنازته إذا مات، وأنتم تعلمون أنَّه لا يصلِّي أبدًا ويترك الصلاة ونهائيًّا متعمِّدًا؛ فهذا لا يجوز لكم اتِّباع جنازته؛ لأنه بذلك يكون كافرًا، ويكون مات على الكفر، والكافر لا يتَّبِعُ جنازته المسلم ولا يصلِّي عليه، بل ولا يُدفن في مقابر المسلمين، إذا ثبت أنه لا يصلِّي أبدًا، وأنه ترك الصلاة متعمِّدًا، ومات على ذلك؛ فإنَّه مات ميتة الكافر والعياذُ بالله؛ فلا يجوز اتِّباع جنازته.
هذا هو الراجح، ومن العلماء من يفصِّل بين من تركها جَحدًا لوجوبها؛ فإنه يكون كافرًا، وبين من يتركها كسلاً مع اعترافه بوجوبها؛ فلا يكفر.
ـ في هذا الوقت مع الأسف الشديد نرى كثيرًا من الناس يقولون كلمة التوحيد لا إله إلا الله، ولكنهم لا يحافظون على الصلوات إلا في يوم الجمعة أو في رمضان، والبعض منهم لا يصلي مطلقًا إلا مرة واحدة في العام كله، وهي صلاة عيد الفطر المبارك لكي يراه الناس، مع أن هذه الصلاة فرض كفاية أو سنة مؤكدة، والبعض لا يصلي أبدًا ولا يعرف القبلة أي هي؛ إلا أننا نراهم في ليلة السابع والعشرين من رمضان يذهبون إلى مكة لأداء العمرة، أو في الحج يذهبون مع الناس إلى الحج؛ فما حكم هؤلاء؟ وقد يموت أحدهم ويأتي أهلهم بجنائزهم فيصَلِّي عليهم المسلمون لأنهم يُحسنون الظن بهم، أليس في هذا غش للمسلمين يجعلهم يصلون عليه ويُدفَنَ في مقابرهم؟ وهل الصلاة عليه مقبولة أم مردودة؟ وهل أهل الميت آثمون بعملهم هذا أم لا؟
هذا وضع خطير وشر كبير يجب التنبه له، وقول السائل وفقه الله: إن هناك أناسًا يشهدون أن لا إله إلا الله ولكنهم لا يصلون إلا في أوقات معينة؛ كرمضان أو الجمعة أو العيد، هذا فيه تفصيل:
إن كان المراد أنهم لا يصلون مع الجماعة ويصلون في بيوتهم ولا يتركون الفرائض؛ فهؤلاء قد ارتكبوا أمرًا كبيرًا؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب عظيم يأثمون عليه، ويجب الأخذ على أيديهم وإلزامهم بصلاة الجماعة مع المسلمين، ولكن صلاتهم صحيحة، ولا يخرجون من الإسلام بهذا العمل الذي هو ترك صلاة الجماعة؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب لا يقتضي الردة.
أما إذا كان قصده من ذلك أنم لا يصلون أبدًا، بل يتركون الصلاة تركًا نهائيًا، فإن هذا ردة عن دين الإسلام، فإن كانوا تركوا الصلاة لأنهم لا يرَون وجوبها؛ فهذا ردة عن الإسلام بإجماع أهل العلم، وإن تركوها مع اعترافهم بوجوبها، ولكنهم تركوها تكاسلاً، وداوموا على تركها متعمدين لذلك؛ فهذا أيضًا ردة على الصحيح من قولي العلماء؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام، والأدلة على كفر تاركها بدون تفصيل أدلة كثيرة من الكتاب والسنة.
وعلى كل حال؛ من ترك الصلاة فأمره خطير، وهذا إذا مات على هذه الحالة؛ فإنه لا تجوز الصلاة عليه؛ لأنه مات على غير الإسلام، ومثل هذا يُدفَنُ بدون صلاة وبدون إجراءات جنائز المسلمين؛ لأنه يعتبر مرتدًا عن دين المسلمين، بل لا يُدفَنُ مع المسلمين في مقابرهم؛ لأنه ليس منهم.
وهذا أمر خطير، والصلاة لا تجب في رمضان فقط أو يوم العيد فقط أو يوم الجمعة فقط، بل الصلاة جعلها الله عز وجل خمس صلوات في اليوم والليلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (خمسُ صلواتٍ فَرَضَهُنَّ الله في اليوم والليلة) [رواه أبو داود في "سننه" (ج2 ص63)، ورواه النسائي في "سننه" (ج1 ص230)؛ كلاهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.]، وكما في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103.]، فالصلوات تجب المحافظة عليها في مواقيتها في اليوم والليلة في جماعات المسلمين في المساجد، هذا هو دين الإسلام، وما ذكره السائل من التغرير.
ـ أنا شابٌّ، وأهلي لا أشاهدهم يصلُّون، وكلَّما نصحت لهم وقلت لهم: صلُّوا؛ لا يستمعون إليَّ، وهم لا يصلُّون؛ هل عليَّ إثم أم لا؟
الصلاة ركن من أركان الإسلام، بل هي آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين المؤمن والكافر؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبينَ الكُفرِ والشِّركِ: تركُ الصلاة) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/88)؛ بلفظ: "بين الرجل...". من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.].
والمرأة التي لا تصلِّي: إن كانت لا ترى وجوب الصلاة عليها؛ فهي كافرة بإجماع أهل العلم، وإن كانت ترى وجوبها وتركتها تكاسُلاً؛ فإنها تكفر على الصحيح من قولي العلماء.
فعلى هذا لا يصحُّ للمسلم أن يتزوَّجها، وإذا كان قد تزوَّجها؛ فلا يجوز له إمساكها؛ لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10.]، وقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221.]؛ فإن تابت توبة صحيحة، وحافظة على الصلاة؛ فإنه يجدِّد العقد عليها. والله أعلم.
ـ كثيرًا ما أترك صلاة الفجر - والعياذ بالله - فلا أصليها في المسجد، والسبب هو ثِقَلُ النَّوم، وخاصَّة إذا تغيَّر الوقت من الصَّيف إلى الشِّتاء؟
تجب المحافظة على الصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، والنوم ليس بعذر دائمًا؛ فالذي يعتاد النَّوم ويترك الصلاة ليس بمعذور، والواجب عليه أن يعمل الأسباب التي توقظُهُ؛ من النوم مبكِّرًا، والعزم على القيام للصلاة، وإيصاء من يوقظه من أهله أو جيرانه، أو اتِّخاذ ساعة تنبِّهُهُ للصَّلاة، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2.]؛ فالأمر راجع إلى اهتمام العبد وعدم إهماله.
وقد همَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الفجر (1). والله أعلم.
ـ هل إذا ذهب المرء إلى المسجد، ووجد أناسًا عند المسجد، ودخل المسجد، ولم يقل لهم: صلُّوا؛ هل عليه إثم أم لا؟
يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب استطاعته: إمَّا باليد، وإمَّا باللسان، وإمَّا بالقلب، ولا يجوز للمسلم ترك إنكار المنكر، فإذا رأى أناسًا لا يصلون؛ فإنه يأمرهم بالصلاة؛ فإن امتثلوا، وإلا؛ فإن كان له سلطة عليهم؛ ألزمهم وأدَّبهم، وإن لم يكن له سلطة؛ فإنه يبلِّغ أهل السلطة عن وضعهم، ولا يجوز له السُّكوت على المنكر وإقراره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن رأى منكم مُنكرًا، فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/69) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.].
هل يصحُّ للمرأة أن تصلّي عند صورة في كتاب أو صحيفة، وإذا وضع شيء على الصُّورة أو أغلق الكتاب؛ فهل تصحَّ الصلاة؟
يُكره للمسلم أن يصلِّي مستقبل الصورة، ويُكره أن يصلي في مكان قد عُلِّقت ونُصبت فيه الصُّور، أما الصور الممتهنة والمُلقاة على الأرض؛ فلا تأثير لها، ولا يجوز الاحتفاظ بالصُّور للذِّكريات أو الهواية؛ لأنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطمس الصُّور (2).
هل تجوز الصلاة على الملائكة لفضلهم ورفعة قدرهم؟ وإذا كانت تجوز؛ هل يجوز أن أُلحق الصلاة بهم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهُّد في الصلاة أولا؟
السلام على الملائكة مشروع؛ بأن تقول: عليهم السلام؛ لأنهم عباد مكرمون، وهم خلق من خلق الله، فضَّلهم الله سبحانه وتعالى على غيرهم؛ كما قال تعالى في حقِّهم: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26.]، وقال تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15-16.]... إلى غير ذلك؛ فهم لهم قَدرُهم وفضلُهم وشرفُهم، ويُشرع الصلاة والسلام عليهم.
هل يجوز أن أُلحق الصلاة عليهم بالصّلاة على الرسول في التّشهُّد؟
لا؛ الصّلاة التي في التشهُّد يقتصر فيها على الوارد، ولكن في قولنا: السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين: ما يشمَلُ كلَّ عبد صالح في السماء أو في الأرض، وتدخل فيه الملائكة من باب أولى.
هل يجوز للمسلمين أن يؤدُّوا صلاة الجنازة على مسلم مات منتحرًا؟
تجب الصلاة على جنازة كل مسلم، ولو كان قاتلاً لنفسه؛ لأنَّ قتله لنفسه كبيرة لا تخرجه عن الإسلام؛ فالقاتل لنفسه عاص، له ما للمسلمين من الصلاة عليه والاستغفار له وتغسيله وتكفينه ودفنه في مقابر المسلمين.
يتبــــع
فتاوى فــي نواقض الإسلام
ـ من أقرَّ من الناس بوجود الله، وأنّه الخالق الرازق، ولكنَّه يجعل بينه وبين الله في العبادة وسيطًا؛ كنبيٍّ أو وليٍّ أو غير ذلك؛ فهل يُخرَجُ هذا من دائرة الإسلام والإيمان؟
من آمن بأن الله هو الخالق الرازق، ولكنَّه يجعل بينه وبين الله وسائط في العبادة؛ فقد ابتدع في دين الله ما لم يأذن به الله؛ لأن الله سبحانه أمر بعبادته بدون اتِّخاذ وسائط.
ثم إن كان هذا يتقرَّب إلى الوسائط بشيء من العبادة كالذبح للأولياء والصَّالحين والنذَّر لهم وطلب قضاء الحوائج من الموتى، ويستغيث بهم؛ فهذا شرك أكبر يخرج من الملة.
وإن كان يتوسَّل بالوسائط لحقهم أو جاههم دون أن يصرف لهم شيئًا من العبادة؛ فهذا يعتبر بدعة محرَّمة ووسيلة من وسائل الشرك.
وعلى كل حال؛ لا يجوز اتخاذ الوسائط بين الله وبين العبد في العبادة والدُّعاء؛ لأن الله أمر بعبادته ودعائه؛ دون اتخاذ وسائط، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا؛ فهو ردٌّ) [رواه البخاري في "صحيحه" (8/156) معلقًا، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (3/1343-1344)؛ من حديث عائشة رضي الله عنها.]، والله تعالى يقول: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18.]؛ فسمَّاهم باتِّخاذ الوسائط مشركين، ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3.]، فسماهم باتخاذ الوسائط كفارًا وكاذبين. والله أعلم.
45 ـ إذا كان هناك شخص يعتقد أو يقرُّ التوسُّل بالصَّالحين؛ فهل تصحّ الصلاة خلفه؟
يُشترط في الإمام أن يكون مسلمًا عدلاً في دينه وأخلاقه واستقامته، وأن يكون مثالاً طيِّبًا في التمسُّكِ بالسُّنَّة والابتعاد عن البدعة وترك الشِّرك ووسائله؛ فالذي يتَّخذ التوسُّل بالصَّالحين أو الأولياء أو الأموات على ما اعتاده عبَّاد القبور اليوم، ويستعمل هذا، أو يدَّعي أنَّ هذا أمر جائز؛ فهذا لا تصحُّ الصلاة خلفه؛ لأنه مختلُّ العقيدة، وإذا كان يتوسَّل بالصَّالحين؛ بمعنى أنه يطلُبُ منهم الحوائج وتفريج الكربات وينادي بأسمائهم ويستغيث بهم؛ فهذا مشركٌ الشِّرك الأكبر المخرج من الملَّة؛ فليس بمسلم، فضلاً عن أن يتَّخذ إمامًا لمسجد.
فالواجب على المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن لا يقدِّموا لدينهم وصلاتهم إلا سالم العقيدة، مستقيم السُّلوك، على الكتاب والسنة، ومتجنِّبًا للبدع والفسق.
حتى المسلم الفاسق لا تصحُّ إمامته عند كثير من أهل العلم، الذي فسقُه فسقٌ عمليٌّ! فكيف بالفسق أو المبتدع الذي عنده خللٌ في عقيدته؟! هذا أشدُّ، ولا سيَّما إذا كان كما ذكرنا ممَّن يتوسَّلون بالأموات ويطلُبون منهم الحوائج؛ فهذا مشركٌ الشِّرك الأكبر، لا تصحُّ صلاته، ولا صلاة من خلفه، حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ويرجع إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يوقِظَ المسلمين لمعرفة دينهم، والتمسُّكِ بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وترك ما خالف ذلك من البدع والخرافات والمحدَثات التي ظنُّوها من الدِّين واعتقدوها من الدِّين، وهي بعيدة كل البعد عن الدِّين.
ـ إذا كانت أفعال شخص كلُّها تناقض (لا إله إلا الله)؛ فهل يجوز لنا تكفيرُهُ مع أنه ينطقُ الشَّهادتين؟
من أتى بناقض من نواقض الإسلام؛ كترك الصلاة متعمِّدًا، أو الذَّبح لغير الله، والنَّذر لغير الله؛ كما يُفعلُ عند الأضرحة، أو دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو سبّ الله أو رسوله، أو سبِّ الدين، أو الاستهزاء بالقرآن أو بالسُّنَّة؛ فهذا مرتدٌّ عن دين الإسلام، يُحكم بكفره، ولو كان يقول: لا إله إلا الله؛ لأن هذه الكلمة العظيمة ليست مجرَّد قول يقال باللسان، وإنما لها معنى ومقتضىً تجبُ معرفتهما والعمل بهما.
قال صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبَدُ من دون الله) [رواه مسلم في "صحيحه" (1/53) من حديث أبي مالك عن أبيه.]؛ فلم يجعل النُّطق بـ(لا إله إلا الله) كافيًا في عِصمته الدَّم والمال، حتى يضيف إليه الكفر بما يُعبَدُ من دون الله.
وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256.]؛ فقدَّم الكفر بالطَّاغوت على الإيمان بالله.
إلى غير ذلك من الأدلة.
ـ سائل يقول: إنه شاب مسلم يحمل مؤهلاً جامعيًّا في الهندسة، وقد سافر إلى إحدى الدول العربية للبحث عن عمل، ولكنه لم يفلح في ذلك، بينما وجد أن غير المسلمين لهم قبول أكثر، وفي مثل تخصصه ذلك ويُفَضَّلونَ على غيرهم من المسلمين، أي أن عدم حصوله على عمل راجع إلى كونه يدين بالإسلام، فقرر أن يعود إلى بلده في محاولة لتغيير مُسمى الديانة في جواز سفره، وفعلاً سافر إلى إحدى البلاد الإفريقية، وحصل على جواز سفر منها بديانة غير الإسلام، ثم سافر مرة أخرى إلى إحدى البلاد العربية، فوجد القبول والحصول على وظيفة، ولكنه متألم لتغيير اسم الديانة في جواز سفره، وإن كان هو في داخله يدين بالإسلام ويفخر به دينًا، لذلك هو يسأل: ما حكم عمله هذا؟ وما حكم كسبه المال بهذه الطريقة؟
أولاً: يجب على المسلم أن يتمسك بدينه وأن لا يتنازل عنه لأي ظرفٍ من الظروف؛ لأن الدين هو رأس الماس، وهو الذي تترتب عليه النجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى، وهو الذي خُلِقَ الإنسان من أجله، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56.]؛ فيجب على المسلم أن يتمسك بدينه مهما كلفه الثمن.
وما فعلته فيما ذكرت في السؤال من أنك ذهبت وغيره من مسمى الديانة إلى ديانة غير الإسلام لتحصل على عمل؛ فهذا شيء خطير، ويعتبر ردة عن دين الإسلام؛ لأنك فعلت هذا، وتظاهرت بغير دين الإسلام، وانتسبت إلى غير دين الإسلام، والمسلم لا يجوز له ذلك، ويجب عليه أن يتمسك بدينه، وأن يعتزَّ بدينه، وأن لا يتنازل عنه لطمعٍ من أطماع الدنيا، فالله سبحانه وتعالى لم يستثن في أن يتلفظ الإنسان بشيء من ألفاظ الكفر؛ إلا في حالة الإكراه المُلجئ؛ كما في قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} [النحل: 106-107.].
فأنت تظاهرت بغير دين الإسلام وانتسبت لغير دين الإسلام لأجل الدنيا وطمع الدنيا، لم تصل إلى حد الإكراه الذي تُعذَرُ به؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والمبادرة إلى تغيير هذا الانتساب، والمبادرة إلى كتابة الديانة الإسلامية في ورقة عملك، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما فات، والعزم على أن لا تعود لمثل هذا الشيء؛ لعلَّ الله أن يتوب علينا وعليك.
ثم على الجهات المسؤولة من المسلمين وحكومات المسلمين أن لا يُحرجُوا المسلمين إلى هذا الحد؛ بحيث إنهم يُقدِّمون أهل الديانات الكافرة على المسلمين في توظيفهم في الأعمال وتوليتهم الأعمال؛ لأن هذا ربما يكون دسيسة من أعداء المسلمين؛ ليصرفوا الناس عن دينهم؛ كما حصل لهذا السائل؛ فالواجب على الجهات المسلمة والحكومات الإسلامية أن تنتبه لهذا، وأن لا تُحرِج المسلمين إلى مثل هذه الحالة التي وقع فيها هذا الإنسان، وأن تتابع الموظفين الذين يفرضون على المسلمين هذه الفرضيات الخبيثة. وفق الله الجميع.
8 ـ كثيرًا ما يطلب والدي من أهلي خدمته في وقت شربه الخمر؛ من إحضاره له وتغسيل آنيته ونحو ذلك، وكذلك يسخر منهم إذا رآهم يصلون؛ فما الحكم في ذلك، وأنا أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة أشخاص [رواه الترمذي في "سننه" (ج4 ص296)، ورواه ابن ماجه في "سننه" (ج2 ص1122)؛ كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.]؛ فماذا يجب علينا نحو والدنا؟
هذا الوالد مستهتر، وإذا بلغ من استهتاره أنه يستهزئ بالصلاة وبالمصلين؛ فهذا ردة عن دين الإسلام، فيجب عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يرجع إلى دينه من جديد، وأنت لا يجوز لك إعانته على المعصية كما ذكرنا في أول الجواب؛ فلا تُحضروا له ما يستعين به على معصية الله، والواجب إنكار هذا المنكر والتغليظ عليه في ذلك ومضايقته في ذلك لعله يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.
ـ أفيدكم أني أبلُغُ من العمر الخمسة والأربعين، وقد مضى عليَّ أربع سنين من عمري دون أن أصلي ودون أن أصوم رمضان، ولكنّي في العام الماضي أدَّيت فريضة الحجِّ؛ فهل تكفّر عمَّا فاتني من صوم وصلاة؟ وإن كانت لا تكفِّر؛ فماذا عليَّ أن أفعله الآن؟ أرشدونا وفَّقكم الله.
ترك الصلاة متعمِّدًا خطير جدًّ؛ لأن الصلاة هي الرُّكن الثاني من أركان الإسلام، وإذا تركها المسلم متعمِّدًا؛ فإنّ ذلك كفر؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بينَ العبد وبين الكفر ترك الصلاة) [رواه مسلم في "صحيحه" (1/88) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه.]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها؛ فقد كفر) [رواه الإمام أحمد في "مسنده" (5/346)، ورواه الترمذي في "سننه" (7/283)، ورواه النسائي في "سننه" (1/231-232)، ورواه ابن ماجه في "سننه" (1/342)؛ كلهم من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.]، والله تعالى يقول في الكفار: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5.]، ويقول عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 42-44.]... إلى غير ذلك من النصوص التي تدلُّ على كفر تارك الصلاة، وإن لم يجحد وجوبها، وهو الصحيح من قولي العلماء رحمهم الله.
فما ذكرت من أنك تركتها متعمِّدًا مدَّة أربع سنوات؛ هذا يقتضي الكفر، ولكن إذا تُبت إلى الله عز وجل توبة صحيحة، وحافظت على الصلاة في مستقبل حياتك؛ فإن الله يمحو ما كان من ذي قبلُ، والتوبة الصادقة تَجُبُّ ما قبلها.
أما الحجُّ؛ فلا يكفِّرُ ترك الصلاة ولا ترك الصيام؛ لأن هذه كبائر موبقة لا يكفِّرها الحجُّ.
وكذلك الحجُّ إذا كنت أدَّيته وأنت لا تُصلِّي؛ فإنه لا يصحُّ؛ لأن الذي لا يصلي ليس له دين، وليس له إسلام؛ ولا يصحُّ منه عمل إلى أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ فإذا تُبت إلى الله توبة صحيحة، وحافظت على الصلاة؛ فإنَّ هذا يكفِّر ما سبق، ولكن عليك بالصِّدق والاستمرار على التَّوبة والاهتمام بالصلاة.
وإذا كانت أدَّيت الحجَّ في حالة تركك للصلاة؛ فإنَّ الأحوط لك أن تعيده، أمَّا إذا كنت أدَّيته بعدما تُبت؛ فهو حجٌّ صحيح إن شاء الله.
وما مضى من المعصية وترك الصلاة والصيام تكفِّره التَّوبة الصَّادقة.
ـ لدي أخ لا يواظب على الصلاة، ولا يحرص على صلة الرَّحم، ويرافق جلساء السُّوء؛ فهل يجب عليَّ أن أهجره ولا أحادثه، خاصة وأنني نصحته عدة ومراتٍ، ولم يمتثل؟
من يترك الصلاة ويقطع الرحم؛ فإنه تجب مناصحته، فإن لم يقبل؛ وجب هجره حتى يتوب إلى الله؛ لأن ترك الصلاة كفر، وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب، والله تعالى يقول: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22.].
1 ـ ما حكم زيارة تارك الصلاة في مرضه، أو محاولة علاجه والسعي لذلك، أو تشييع جنازته إذا مات؟
أما مسألة زيارته والسعي في علاجه؛ فإذا كان هذا سببًا لهدايته ودعوته إلى التَّوبة والرُّجوع عمَّا هو علي؛ فهذا شيء طيِّبٌ؛ فأنتم تزورونه، وتنصحونه، وتدعونه للتَّوبة، لعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يمُنَّ عليه بها، وتكونون سببًا في ذلك، ويُختَم له بخير إن مات أو إن شفاه الله من مرضه.
وكذلك السَّعي في علاجه إذا كان هذا يترتَّبُ عليه أو يُرجى منه أو يؤثِّر ذلك على سلوكه وتوبته ورجوعه عمّا هو فيه؛ فهذا شيء طيِّبٌ.
أمَّا اتِّباع جنازته إذا مات، وأنتم تعلمون أنَّه لا يصلِّي أبدًا ويترك الصلاة ونهائيًّا متعمِّدًا؛ فهذا لا يجوز لكم اتِّباع جنازته؛ لأنه بذلك يكون كافرًا، ويكون مات على الكفر، والكافر لا يتَّبِعُ جنازته المسلم ولا يصلِّي عليه، بل ولا يُدفن في مقابر المسلمين، إذا ثبت أنه لا يصلِّي أبدًا، وأنه ترك الصلاة متعمِّدًا، ومات على ذلك؛ فإنَّه مات ميتة الكافر والعياذُ بالله؛ فلا يجوز اتِّباع جنازته.
هذا هو الراجح، ومن العلماء من يفصِّل بين من تركها جَحدًا لوجوبها؛ فإنه يكون كافرًا، وبين من يتركها كسلاً مع اعترافه بوجوبها؛ فلا يكفر.
ـ في هذا الوقت مع الأسف الشديد نرى كثيرًا من الناس يقولون كلمة التوحيد لا إله إلا الله، ولكنهم لا يحافظون على الصلوات إلا في يوم الجمعة أو في رمضان، والبعض منهم لا يصلي مطلقًا إلا مرة واحدة في العام كله، وهي صلاة عيد الفطر المبارك لكي يراه الناس، مع أن هذه الصلاة فرض كفاية أو سنة مؤكدة، والبعض لا يصلي أبدًا ولا يعرف القبلة أي هي؛ إلا أننا نراهم في ليلة السابع والعشرين من رمضان يذهبون إلى مكة لأداء العمرة، أو في الحج يذهبون مع الناس إلى الحج؛ فما حكم هؤلاء؟ وقد يموت أحدهم ويأتي أهلهم بجنائزهم فيصَلِّي عليهم المسلمون لأنهم يُحسنون الظن بهم، أليس في هذا غش للمسلمين يجعلهم يصلون عليه ويُدفَنَ في مقابرهم؟ وهل الصلاة عليه مقبولة أم مردودة؟ وهل أهل الميت آثمون بعملهم هذا أم لا؟
هذا وضع خطير وشر كبير يجب التنبه له، وقول السائل وفقه الله: إن هناك أناسًا يشهدون أن لا إله إلا الله ولكنهم لا يصلون إلا في أوقات معينة؛ كرمضان أو الجمعة أو العيد، هذا فيه تفصيل:
إن كان المراد أنهم لا يصلون مع الجماعة ويصلون في بيوتهم ولا يتركون الفرائض؛ فهؤلاء قد ارتكبوا أمرًا كبيرًا؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب عظيم يأثمون عليه، ويجب الأخذ على أيديهم وإلزامهم بصلاة الجماعة مع المسلمين، ولكن صلاتهم صحيحة، ولا يخرجون من الإسلام بهذا العمل الذي هو ترك صلاة الجماعة؛ لأن ترك صلاة الجماعة ترك لواجب لا يقتضي الردة.
أما إذا كان قصده من ذلك أنم لا يصلون أبدًا، بل يتركون الصلاة تركًا نهائيًا، فإن هذا ردة عن دين الإسلام، فإن كانوا تركوا الصلاة لأنهم لا يرَون وجوبها؛ فهذا ردة عن الإسلام بإجماع أهل العلم، وإن تركوها مع اعترافهم بوجوبها، ولكنهم تركوها تكاسلاً، وداوموا على تركها متعمدين لذلك؛ فهذا أيضًا ردة على الصحيح من قولي العلماء؛ لأن الصلاة هي عمود الإسلام، والأدلة على كفر تاركها بدون تفصيل أدلة كثيرة من الكتاب والسنة.
وعلى كل حال؛ من ترك الصلاة فأمره خطير، وهذا إذا مات على هذه الحالة؛ فإنه لا تجوز الصلاة عليه؛ لأنه مات على غير الإسلام، ومثل هذا يُدفَنُ بدون صلاة وبدون إجراءات جنائز المسلمين؛ لأنه يعتبر مرتدًا عن دين المسلمين، بل لا يُدفَنُ مع المسلمين في مقابرهم؛ لأنه ليس منهم.
وهذا أمر خطير، والصلاة لا تجب في رمضان فقط أو يوم العيد فقط أو يوم الجمعة فقط، بل الصلاة جعلها الله عز وجل خمس صلوات في اليوم والليلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (خمسُ صلواتٍ فَرَضَهُنَّ الله في اليوم والليلة) [رواه أبو داود في "سننه" (ج2 ص63)، ورواه النسائي في "سننه" (ج1 ص230)؛ كلاهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.]، وكما في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103.]، فالصلوات تجب المحافظة عليها في مواقيتها في اليوم والليلة في جماعات المسلمين في المساجد، هذا هو دين الإسلام، وما ذكره السائل من التغرير.
ـ أنا شابٌّ، وأهلي لا أشاهدهم يصلُّون، وكلَّما نصحت لهم وقلت لهم: صلُّوا؛ لا يستمعون إليَّ، وهم لا يصلُّون؛ هل عليَّ إثم أم لا؟
الصلاة ركن من أركان الإسلام، بل هي آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين المؤمن والكافر؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبينَ الكُفرِ والشِّركِ: تركُ الصلاة) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/88)؛ بلفظ: "بين الرجل...". من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.].
والمرأة التي لا تصلِّي: إن كانت لا ترى وجوب الصلاة عليها؛ فهي كافرة بإجماع أهل العلم، وإن كانت ترى وجوبها وتركتها تكاسُلاً؛ فإنها تكفر على الصحيح من قولي العلماء.
فعلى هذا لا يصحُّ للمسلم أن يتزوَّجها، وإذا كان قد تزوَّجها؛ فلا يجوز له إمساكها؛ لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10.]، وقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221.]؛ فإن تابت توبة صحيحة، وحافظة على الصلاة؛ فإنه يجدِّد العقد عليها. والله أعلم.
ـ كثيرًا ما أترك صلاة الفجر - والعياذ بالله - فلا أصليها في المسجد، والسبب هو ثِقَلُ النَّوم، وخاصَّة إذا تغيَّر الوقت من الصَّيف إلى الشِّتاء؟
تجب المحافظة على الصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، والنوم ليس بعذر دائمًا؛ فالذي يعتاد النَّوم ويترك الصلاة ليس بمعذور، والواجب عليه أن يعمل الأسباب التي توقظُهُ؛ من النوم مبكِّرًا، والعزم على القيام للصلاة، وإيصاء من يوقظه من أهله أو جيرانه، أو اتِّخاذ ساعة تنبِّهُهُ للصَّلاة، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2.]؛ فالأمر راجع إلى اهتمام العبد وعدم إهماله.
وقد همَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الفجر (1). والله أعلم.
ـ هل إذا ذهب المرء إلى المسجد، ووجد أناسًا عند المسجد، ودخل المسجد، ولم يقل لهم: صلُّوا؛ هل عليه إثم أم لا؟
يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب استطاعته: إمَّا باليد، وإمَّا باللسان، وإمَّا بالقلب، ولا يجوز للمسلم ترك إنكار المنكر، فإذا رأى أناسًا لا يصلون؛ فإنه يأمرهم بالصلاة؛ فإن امتثلوا، وإلا؛ فإن كان له سلطة عليهم؛ ألزمهم وأدَّبهم، وإن لم يكن له سلطة؛ فإنه يبلِّغ أهل السلطة عن وضعهم، ولا يجوز له السُّكوت على المنكر وإقراره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن رأى منكم مُنكرًا، فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/69) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.].
هل يصحُّ للمرأة أن تصلّي عند صورة في كتاب أو صحيفة، وإذا وضع شيء على الصُّورة أو أغلق الكتاب؛ فهل تصحَّ الصلاة؟
يُكره للمسلم أن يصلِّي مستقبل الصورة، ويُكره أن يصلي في مكان قد عُلِّقت ونُصبت فيه الصُّور، أما الصور الممتهنة والمُلقاة على الأرض؛ فلا تأثير لها، ولا يجوز الاحتفاظ بالصُّور للذِّكريات أو الهواية؛ لأنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطمس الصُّور (2).
هل تجوز الصلاة على الملائكة لفضلهم ورفعة قدرهم؟ وإذا كانت تجوز؛ هل يجوز أن أُلحق الصلاة بهم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهُّد في الصلاة أولا؟
السلام على الملائكة مشروع؛ بأن تقول: عليهم السلام؛ لأنهم عباد مكرمون، وهم خلق من خلق الله، فضَّلهم الله سبحانه وتعالى على غيرهم؛ كما قال تعالى في حقِّهم: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26.]، وقال تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15-16.]... إلى غير ذلك؛ فهم لهم قَدرُهم وفضلُهم وشرفُهم، ويُشرع الصلاة والسلام عليهم.
هل يجوز أن أُلحق الصلاة عليهم بالصّلاة على الرسول في التّشهُّد؟
لا؛ الصّلاة التي في التشهُّد يقتصر فيها على الوارد، ولكن في قولنا: السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين: ما يشمَلُ كلَّ عبد صالح في السماء أو في الأرض، وتدخل فيه الملائكة من باب أولى.
هل يجوز للمسلمين أن يؤدُّوا صلاة الجنازة على مسلم مات منتحرًا؟
تجب الصلاة على جنازة كل مسلم، ولو كان قاتلاً لنفسه؛ لأنَّ قتله لنفسه كبيرة لا تخرجه عن الإسلام؛ فالقاتل لنفسه عاص، له ما للمسلمين من الصلاة عليه والاستغفار له وتغسيله وتكفينه ودفنه في مقابر المسلمين.
يتبــــع