حنان
29 / 04 / 2008, 51 : 08 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مظاهر الغلو في قصائد المديح
منذ أن انتشر الإسلام أقبل الأدباء على مدح نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بمدائح كثيرة، حفظ لنا التاريخ شيئًا منها، ومن أقدمها ماجاء عن أم معبد -رضي الله عنها- من وصفها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما حل بخيمتها في طريق هجرته إلى المدينة، وكان من وصفها: «إن صَمَتَ فعليه الوقارُ، وإن تكلَّم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، لا نزر ولا هزر»[1] .
كما كان لشعراء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والعباس بن مرداس.. وغيرهم قصائد عدة في مدحه ورثائه، منها قصيدة حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- التي مطلعها:
وفيها بطيبة رَسـمٌ للرسول ومعهــــــــد
منيرٌ، وقد تعفو الرسوم وتهْمَـــــدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حُرمة
بها منبرُ الهادي الذي كان يصعـــــــدُ
ومنها قصيدة كعب بن زهير -رضي الله تعالى عنه- التي قالها عند إسلامه، واعتذر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ
مُتَيَّم إثرها لم يُجزْ مكبل
ويقول فيها :
أنبئت أن رســـول الله أوعدني
والعفوُ عند رسول الله مأمولُ
مهلًا هداك الذي أعطاك نافلــة
القرآن فيها مواعيظ وتفصيلُ
لذاك هيب عندي إذ أكلمــــــــه
وقيل إنك مسبور ومســؤولُ
إن الرسولَ لنور يُستضاءُ به
مهند من سيوف الله مسلـولُ
بل إن هناك من شعراء الكفار من مدحه وأثنى على أخلاقه الكريمة، كعمه أبي طالب في قصيدته المشهورة، ومنها قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمالُ اليتامى، عصمةٌ للأراملِ
وكالأعشى الكبير ميمون بن قيس الذي مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بقصيدة رائعة، وجاء بها لِيُسلِمَ عنده ويلقيها بين يديه، ولكن قريشًا أغرته بالدنيا فعاد ومات كافرًا. ومن قصيدته قوله:
نبي يرى ما لا ترون، وذكره
أغار –لعمري- في البلاد وأنجدَا
له صَدَقـاتٌ ما تُغِـبُّ ونــــائل
وليس عطـاءُ اليوم مانعه غـــدا
وهكذا اتصل مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ورثاؤه بعد مماته،وذكر أخلاقه وأوصافه عند أصحابه والتابعين دون غلو أو تجاوز لحدود المشروع.
وبعد قيام دولة بني أمية والحوادث التي جرت لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- وتشيُّع من تشيَّع لهم بدأت المبالغة في مدحهم والثناءعليهم، حتى اشهتر شعراء بذلك، وأكثروا منه، كالكميت الأسدي، ودعبل الخزاعي، والشريف الرضى، ومهيار الديلمي، وهؤلاء جاءت مبالغتهم من غلوهم في رجالات آل البيت، وتفضيلهم على من يرونهم أعداء لهم من الأمويين وغيرهم، فموقفهم في الحقيقة سياسي أكثر من كونه معتمدًا على إقناعاتهم الشرعية، فلهذا جاء كلامهم على آل علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- دون غيرهم، حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل قليل مديحهم له في مقابل لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها-.
ومن أشعارهم هاشميات الكميت وأشهرها: البائيتان واللامية والميمية، يقول في إحدى البائيتين:إلى النفر البيض الذين بحبِّهـم
إلـى الله فيمـا نالنـي أتقـرب
بني هاشـم رهط النبي فإنني
بهم ولهم أرضى مرارًا وأغضب
وما جاء عن هؤلاء من المدح الخاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يكاد يكون مدحًا معتادًا لا نجد فيه ما سنجده في مدائح الصوفية في القرن السابع، ومن ذلك قول الكميت:
وأنت أمين الله فـي الناس كلـــهم
عليها وفيها احتار شرق ومغــــرب
فبُوركت مولودًا وبوركت ناشئًا
وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيــــب
وبورك قبرٌ أنت فيه وبوركــت
بـه ولـه أهـل لـذلك يثــــــــــــــــربُ
لقـد غيَّبوا بِراً وصدقًا ونـــــائلًا
عشيةَ واراك الصفيـح المنصَّـــــبُ
ومع ذلك كان مدح من مضى لآل البيت أكثره صادقًا، لأنهم يمدحونهم والدنيا ليست بأيديهم خلاف شعراء الدولة العبيدية المنتسبة –زورًا- إلى فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- التي كان الشعراء يتزلفون إلى حكامهم بمدحهم ومدح آل البيت ومنه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا المدح غير داخل في حقيقته في المدائح النبوية، لأنه مدح من أجل الدنيا، لا لحبهم أو التقرب إلى الله بمدحهم، ولهذا وصل الأمر ببعضهم إلى حد الشرك كابن هانيء الأندلسي، حيث يقول في مدح المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول:
ولك الجواري المنشآت مواخرًا
تجري بأمرك والرياح رخاء
ولهذا كان مدح هؤلاء مُنصبًا على حكام الدولة العبيدية ومن يزعم هؤلاء الحكام محبتهم من رجالات آل البيت، ويقل فيه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- .ِ
مظاهر الغلو في قصائد المديح
منذ أن انتشر الإسلام أقبل الأدباء على مدح نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بمدائح كثيرة، حفظ لنا التاريخ شيئًا منها، ومن أقدمها ماجاء عن أم معبد -رضي الله عنها- من وصفها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما حل بخيمتها في طريق هجرته إلى المدينة، وكان من وصفها: «إن صَمَتَ فعليه الوقارُ، وإن تكلَّم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، لا نزر ولا هزر»[1] .
كما كان لشعراء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والعباس بن مرداس.. وغيرهم قصائد عدة في مدحه ورثائه، منها قصيدة حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- التي مطلعها:
وفيها بطيبة رَسـمٌ للرسول ومعهــــــــد
منيرٌ، وقد تعفو الرسوم وتهْمَـــــدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حُرمة
بها منبرُ الهادي الذي كان يصعـــــــدُ
ومنها قصيدة كعب بن زهير -رضي الله تعالى عنه- التي قالها عند إسلامه، واعتذر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ
مُتَيَّم إثرها لم يُجزْ مكبل
ويقول فيها :
أنبئت أن رســـول الله أوعدني
والعفوُ عند رسول الله مأمولُ
مهلًا هداك الذي أعطاك نافلــة
القرآن فيها مواعيظ وتفصيلُ
لذاك هيب عندي إذ أكلمــــــــه
وقيل إنك مسبور ومســؤولُ
إن الرسولَ لنور يُستضاءُ به
مهند من سيوف الله مسلـولُ
بل إن هناك من شعراء الكفار من مدحه وأثنى على أخلاقه الكريمة، كعمه أبي طالب في قصيدته المشهورة، ومنها قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمالُ اليتامى، عصمةٌ للأراملِ
وكالأعشى الكبير ميمون بن قيس الذي مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بقصيدة رائعة، وجاء بها لِيُسلِمَ عنده ويلقيها بين يديه، ولكن قريشًا أغرته بالدنيا فعاد ومات كافرًا. ومن قصيدته قوله:
نبي يرى ما لا ترون، وذكره
أغار –لعمري- في البلاد وأنجدَا
له صَدَقـاتٌ ما تُغِـبُّ ونــــائل
وليس عطـاءُ اليوم مانعه غـــدا
وهكذا اتصل مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ورثاؤه بعد مماته،وذكر أخلاقه وأوصافه عند أصحابه والتابعين دون غلو أو تجاوز لحدود المشروع.
وبعد قيام دولة بني أمية والحوادث التي جرت لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- وتشيُّع من تشيَّع لهم بدأت المبالغة في مدحهم والثناءعليهم، حتى اشهتر شعراء بذلك، وأكثروا منه، كالكميت الأسدي، ودعبل الخزاعي، والشريف الرضى، ومهيار الديلمي، وهؤلاء جاءت مبالغتهم من غلوهم في رجالات آل البيت، وتفضيلهم على من يرونهم أعداء لهم من الأمويين وغيرهم، فموقفهم في الحقيقة سياسي أكثر من كونه معتمدًا على إقناعاتهم الشرعية، فلهذا جاء كلامهم على آل علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- دون غيرهم، حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل قليل مديحهم له في مقابل لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها-.
ومن أشعارهم هاشميات الكميت وأشهرها: البائيتان واللامية والميمية، يقول في إحدى البائيتين:إلى النفر البيض الذين بحبِّهـم
إلـى الله فيمـا نالنـي أتقـرب
بني هاشـم رهط النبي فإنني
بهم ولهم أرضى مرارًا وأغضب
وما جاء عن هؤلاء من المدح الخاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يكاد يكون مدحًا معتادًا لا نجد فيه ما سنجده في مدائح الصوفية في القرن السابع، ومن ذلك قول الكميت:
وأنت أمين الله فـي الناس كلـــهم
عليها وفيها احتار شرق ومغــــرب
فبُوركت مولودًا وبوركت ناشئًا
وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيــــب
وبورك قبرٌ أنت فيه وبوركــت
بـه ولـه أهـل لـذلك يثــــــــــــــــربُ
لقـد غيَّبوا بِراً وصدقًا ونـــــائلًا
عشيةَ واراك الصفيـح المنصَّـــــبُ
ومع ذلك كان مدح من مضى لآل البيت أكثره صادقًا، لأنهم يمدحونهم والدنيا ليست بأيديهم خلاف شعراء الدولة العبيدية المنتسبة –زورًا- إلى فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- التي كان الشعراء يتزلفون إلى حكامهم بمدحهم ومدح آل البيت ومنه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا المدح غير داخل في حقيقته في المدائح النبوية، لأنه مدح من أجل الدنيا، لا لحبهم أو التقرب إلى الله بمدحهم، ولهذا وصل الأمر ببعضهم إلى حد الشرك كابن هانيء الأندلسي، حيث يقول في مدح المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول:
ولك الجواري المنشآت مواخرًا
تجري بأمرك والرياح رخاء
ولهذا كان مدح هؤلاء مُنصبًا على حكام الدولة العبيدية ومن يزعم هؤلاء الحكام محبتهم من رجالات آل البيت، ويقل فيه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- .ِ