زياد محمد حميدان
30 / 08 / 2011, 03 : 07 AM
النداء التاسع والثلاثون:]حكم الصيد في الحرم[
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [{المائدة 94}.
يأتي هذا النداء الرباني متناسقا مع الآيات السابقة،التي تناولت أحكام الأطعمة في السورة،فبعد إباحة الطيبات من الطعام والشراب،استثني منه المحرمات من الخمر والميسر،وفي هذا النداء استثناء من نوع آخر وهو تحريم نوع مخصوص من الطعام وهو الصيد في حالة الإحرام،وهذا الابتلاء كان في عام الحديبية،كما ورد في سبب النزول:
قال مقاتل بن حيان:( أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم لم يروا مثله قط فيما خلا فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون" ليعلم الله من يخافه" بالغيب)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).
والشرع قائم على الابتلاء والاختبار،وهذا الابتلاء إما بفعل ما لا تحبه النفس،كقوله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216).
وإما بالامتناع عما تحبه النفس ،ومنه الامتناع عن الصيد الذي كان مألوفا جدا عند العرب،كما يقول القرطبي:(وكان الصيد أحد معايش العرب العاربة،وشائعا عند الجميع منهم مستعملا،فابتلاهم الله فيه مع الإحرام والحرم،كما ابتلى بني إسرائيل في ألا يعتدوا في السبت)[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).
والنفس تأبى فعل ما فيه كلفة،كإسباغ الوضوء على المكاره،وإقامة الصلاة في الحرِّ والقرِّ،وإنفاق المال الذي تحبه النفس حبا جمَّا،وتجشم الصعاب في الحج،ولكن قوة الإيمان تقود هذه النفس راغمة إلى حضرة الله U .
قوله تعالى:] تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ [ عن ابن عباس t قوله" ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم" قال :(هو الضعيف من الصيد وصغيره يبتلي الله به عباده في إحرامهم ،حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم فنهاهم الله أن يقربوه)[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3). وقال مجاهد:( " تناله أيديكم" يعني صغار الصيد وفراخه" ورماحكم" يعني كباره)[4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
فالابتلاء واقع على كل ما ينال باليد،أو يصاد بالرماح فيما يطلق عليه الصيد،وخصَّت الأيدي،لأنها الأغلب في مباشرة الصيد،والرماح لأنها الأغلب في آلة الصيد.وهناك طرق أخرى للصيد كالصيد بالجوارح من الطير ،والكلب المعلَّم،واستحدثت طرق حديثة للصيد فتأخذ الحكم نفسه.
قوله تعالى:] بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ [ أي بعض الصيد،وهو صيد البر للمحرم،ويدلُّ على هذا التخصيص الآيات بعده قال تعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (المائدة:96).
قوله تعالى:] لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ [ هنا يبتلى الإيمان،فيميَّز المدَّعي القَّوال،من التَّقي الفعَّال.ويظهر أثر الإيمان في الخلوة بعيدا عن أعين الناس،فإذا كنت في خلوة في منآى عن الرقيب من الناس،وعرضت لك الشهوة أو حطام الدنيا،وتركتها،فذلك محض الإيمان:
إذا خَلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقلْ خَلوتُ ولكنْ قلْ عليَّ رقيبُ
فمن كان في مسجد أمام الناس ولم يرتكب مخالفة،لا يقال عنه مؤمن بالغيب،حتى يبتلى في خلوته،وكان من صفات المنافقين أنهم يغيبون حين يغيب الرقيب من الناس،فلا يشهدون صلاتي الفجر والعشاء في جماعة.،وقد يكون خلاصك عند الله تعالى في فعل قليل لا يطلع عليه الناس،سئل أحد الصالحين بعد موته:ماذا فعل الله بك؟ قال: نجوت بركعات كنت أقومها من الليل.
وقد قرن الحق سبحانه الخوف منه وخشيته بالغيب في مواطن كثيرة،لأنه المحك الذي يميِّز الصادق من المدعي.قال تعالى:] الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [{الأنبياء 49}وقال: ] إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [{فاطر 18}وقال أيضا:] إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [{الملك 12}.والغيب ما لا يعاين،ويقابله الشهادة وهو ما يرى بالعين.
قوله تعالى:] فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ [ بعد هذا الإعلام،وأخذ الصيد عمداً] فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ لمخالفته أمر الله تعالى ،باجتناب الصيد حالة الإحرام.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif1) تفسير القرآن العظيم 2/134 والدر المنثور 2/576 وانظر زاد المسير 2/421 والجامع لأحكام القرآن 6/299 والتفسير الكبير 12/412
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif2) الجامع لأحكام القرآن 6/299
3) تفسير القرآن العظيم 2/134 وجامع البيان 5/40 والدر المنثور 2/576
4) تفسير القرآن العظيم 2/134 ونقل عنه القرطبي: (الأيدي تنال الفراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفرَّ ) 6/300
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [{المائدة 94}.
يأتي هذا النداء الرباني متناسقا مع الآيات السابقة،التي تناولت أحكام الأطعمة في السورة،فبعد إباحة الطيبات من الطعام والشراب،استثني منه المحرمات من الخمر والميسر،وفي هذا النداء استثناء من نوع آخر وهو تحريم نوع مخصوص من الطعام وهو الصيد في حالة الإحرام،وهذا الابتلاء كان في عام الحديبية،كما ورد في سبب النزول:
قال مقاتل بن حيان:( أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم لم يروا مثله قط فيما خلا فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون" ليعلم الله من يخافه" بالغيب)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).
والشرع قائم على الابتلاء والاختبار،وهذا الابتلاء إما بفعل ما لا تحبه النفس،كقوله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216).
وإما بالامتناع عما تحبه النفس ،ومنه الامتناع عن الصيد الذي كان مألوفا جدا عند العرب،كما يقول القرطبي:(وكان الصيد أحد معايش العرب العاربة،وشائعا عند الجميع منهم مستعملا،فابتلاهم الله فيه مع الإحرام والحرم،كما ابتلى بني إسرائيل في ألا يعتدوا في السبت)[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).
والنفس تأبى فعل ما فيه كلفة،كإسباغ الوضوء على المكاره،وإقامة الصلاة في الحرِّ والقرِّ،وإنفاق المال الذي تحبه النفس حبا جمَّا،وتجشم الصعاب في الحج،ولكن قوة الإيمان تقود هذه النفس راغمة إلى حضرة الله U .
قوله تعالى:] تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ [ عن ابن عباس t قوله" ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم" قال :(هو الضعيف من الصيد وصغيره يبتلي الله به عباده في إحرامهم ،حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم فنهاهم الله أن يقربوه)[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3). وقال مجاهد:( " تناله أيديكم" يعني صغار الصيد وفراخه" ورماحكم" يعني كباره)[4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
فالابتلاء واقع على كل ما ينال باليد،أو يصاد بالرماح فيما يطلق عليه الصيد،وخصَّت الأيدي،لأنها الأغلب في مباشرة الصيد،والرماح لأنها الأغلب في آلة الصيد.وهناك طرق أخرى للصيد كالصيد بالجوارح من الطير ،والكلب المعلَّم،واستحدثت طرق حديثة للصيد فتأخذ الحكم نفسه.
قوله تعالى:] بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ [ أي بعض الصيد،وهو صيد البر للمحرم،ويدلُّ على هذا التخصيص الآيات بعده قال تعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (المائدة:96).
قوله تعالى:] لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ [ هنا يبتلى الإيمان،فيميَّز المدَّعي القَّوال،من التَّقي الفعَّال.ويظهر أثر الإيمان في الخلوة بعيدا عن أعين الناس،فإذا كنت في خلوة في منآى عن الرقيب من الناس،وعرضت لك الشهوة أو حطام الدنيا،وتركتها،فذلك محض الإيمان:
إذا خَلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقلْ خَلوتُ ولكنْ قلْ عليَّ رقيبُ
فمن كان في مسجد أمام الناس ولم يرتكب مخالفة،لا يقال عنه مؤمن بالغيب،حتى يبتلى في خلوته،وكان من صفات المنافقين أنهم يغيبون حين يغيب الرقيب من الناس،فلا يشهدون صلاتي الفجر والعشاء في جماعة.،وقد يكون خلاصك عند الله تعالى في فعل قليل لا يطلع عليه الناس،سئل أحد الصالحين بعد موته:ماذا فعل الله بك؟ قال: نجوت بركعات كنت أقومها من الليل.
وقد قرن الحق سبحانه الخوف منه وخشيته بالغيب في مواطن كثيرة،لأنه المحك الذي يميِّز الصادق من المدعي.قال تعالى:] الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [{الأنبياء 49}وقال: ] إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [{فاطر 18}وقال أيضا:] إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [{الملك 12}.والغيب ما لا يعاين،ويقابله الشهادة وهو ما يرى بالعين.
قوله تعالى:] فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ [ بعد هذا الإعلام،وأخذ الصيد عمداً] فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ لمخالفته أمر الله تعالى ،باجتناب الصيد حالة الإحرام.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif1) تفسير القرآن العظيم 2/134 والدر المنثور 2/576 وانظر زاد المسير 2/421 والجامع لأحكام القرآن 6/299 والتفسير الكبير 12/412
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif2) الجامع لأحكام القرآن 6/299
3) تفسير القرآن العظيم 2/134 وجامع البيان 5/40 والدر المنثور 2/576
4) تفسير القرآن العظيم 2/134 ونقل عنه القرطبي: (الأيدي تنال الفراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفرَّ ) 6/300