زياد محمد حميدان
09 / 09 / 2011, 12 : 05 AM
النداء الثالث والخمسون:] الاستنفار في سبيل الله، وجزاء التخاذل عن الجهاد[
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [{التوبة 38}.
لا يزال سياق الآيات يتوالى عن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، بعد أن بيَّن الحق جزاء الذين يكنزون المال ولا يبذلونه في سبيل الله، أمر المؤمنين بقتال المشركين،ويأتي هذا النداء ليستنفر المؤمنين للقتال ويوبخ من تثاقل عن النفرة في سبيل الله،ثم يأتي منُّ الحق على المؤمنين بأن نصر نبيّه r على المشركين بغير سلاح ولا رجال في الهجرة،إذ استنفرت قريش كل طاقتها للحاق بالرسول r وصاحبه،فهو القادر - إذا تباطأتم عن نصرة الحق - أن يستبدلكم بقوم آخرين يكونوا أحبَّ إليه منكم.
ثم يستنهض هممهم للنفير العام خفافا وثقالا،أي على كل الأحوال أقوياء وضعفاء،أغنياء وفقراء،ولا عذر لأحد عند النفير العام،وقد استجاب المؤمنون لهذا النفير فخرج الشيّبة والعجزة ولم يروا لأنفسهم عذرا إذ قال الحق سبحانه (خفافا وثقالا)وفي هذا النداء عتاب لمن تخلف عن رسول الله r في غزوة تبوك،عن مجاهد قال:(أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وبعد حنين أمروا بالنفير في الصيف حين خرفت النخل وطابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم المخرج)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).
وكان سبب تباطؤهم عن النفير،ما رافق الغزوة من شدّة الحرّ إذ وافق ذلك الصيف اللاهب،وقد طابت الثمار بعد قحط وجفاف،وضيق ذات اليد وقلّة من المال والسلاح والظهر،ولذا سمي جيش العسرة،وسورة التوبة تبيّن ما حلّ بالجيش من شدّة في تجهيزه وأفاعيل المنافقين الذين حاولوا تثبيط عزائم المسلمين ، ويثنوهم عن الجهاد،وتآمرهم مع اليهود في إنشاء مسجد الضرار،للكيد للمسلمين.
قوله تعالى :] مَا لَكُمْ [ استفهام يفيد التوبيخ والتقريع] إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ النفير في اللغة:(الانزعاج عن الشيء وإلى الشيء،كالانزعاج إلى الشيء وعن الشيء.الاستنفار حث القوم على النفر إلى الحرب)[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).وأصله من المجافاة والابتعاد،كما نقول نفر من الشيء ونفرت الدابة ونفر الحجيج،والنفير للحرب حثّ لترك الوطن والأهل والمال لما هو أحسن عاقبة وهو الجهاد في سبيل الله تعالى.
قوله تعالى:] اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [تباطأتم وملتم إلى حياة الدعة والراحة، وآثرتم الحياة الفانية على الآخرة الباقية.والتعبير بالثقل مع التشديد تصوير لشدّة الالتصاق بالدنيا وتعلقهم بها.والتعلق بالتراب دلالة الهوان والفقر.وأصل اثّاقلتم:تثاقلتم.
قوله تعالى:] أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [ هذا استفهام آخر،وعتاب أشد وتقريع أقوى،ومعنى ذلك؛هل وجدتم أن الدنيا أفضل من الآخرة،حتى آثرتموها على الآخرة،وأخلدتم إليها؟.وفي ذلك تذكير بنعيم الجنة ،وما خصَّ الله به المجاهدين من مكانة سامية،ووصف موتهم بالحياة والشهداء بالمكانة التي تمناها النبي r:] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ[[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3) .أتتركون كلَّ هذا من ظل زائل،ومتاع لا يدوم؟!.
وقد وردت الأخبار ،عن سيد الأخيار،في فضل دار القرار منها:
عن المستورد t قال:] كنا عند النبي r فتذاكروا الدنيا والآخرة، فقال بعضهم: إنما الدنيا بلاغ للآخرة فيها العمل وفيها الصلاة وفيها الزكاة. وقالت طائفة منهم: الآخرة فيها الجنة وقالوا ما شاء الله. فقال رسول الله r ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهي الدنيا[[4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
وعن أبي موسى الأشعري t :]أن رسول الله r قال:من أحب دنياه أضر بآخرته،ومن أحب آخرته أضر بدنياه،فآثروا ما يبقى على ما يفنى[[5] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn5).
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t قَالَ :]كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا. فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا ؟فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا[[6] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn6).
ومن نظر في هذه الآثار وغيرها فإنه لا يركن إلى الدنيا إلا مغرور محروم،وقد وصف الحق سبحانه الدنيا بأنه متاع،وهذا إشارة إلى سرعة زوالها،وقلَّة شأنها.
رحم الله ابن العربي يصف استيلاء العدو على بلده فقال:( ولقد نزل بنا العدو -قصمه الله- سنة سبع وعشرين وخمسمائة فجاس ديارنا، وأسر خيرتنا، وتوسط بلادنا، في عدد هال الناس عدده، وكان كثيرا وإن لم يبلغ ما حددوه .فقلت للوالي والمولى عليه: هذا عدو الله قد حصل في الشرك والشبكة، فلتكن عندكم بركة، ولتظهر منكم إلى نصرة الدين المتعينة عليكم حركة ،فليخرج إليه جميع الناس ،حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار، فيحاط به فإنه هالك لا محالة، إن يسركم الله له. فغلبت الذنوب، ورجفت القلوب بالمعاصي وصار كل أحد من الناس ثعلبا ،يأوى إلى وجاره، وإن رأى المكيدة بجاره.فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل)[7] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn7).
وهذا مصداق حديث النبي r الذي رواه ثوبان t :] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَال:َ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ، الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ،فَقَالَ قَائِلٌ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ :حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ[[8] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn8).
وهذه سنَّة الله تعالى التي لا تتخلَّف في كلِّ الأزمان.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif(1 جامع البيان 6/372 والدر المنثور 3/427
2) المفردات 501
3) صحيح البخاري،كتاب التمني،باب ما جاء في التمني 6/2641 رقم 6800
4) المستدرك على الصحيحين 4/355
5) الدر المنثور 3/428
6) سنن ابن ماجه،كتاب الزهد،باب مثل الدنيا 4/427 رقم 4111
7) الجامع لأحكام القرآن 8/152
8) سنن أبي داود،كتاب الملاحم،باب في تداعي الأمم على الإسلام 4/315 رقم 4297
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [{التوبة 38}.
لا يزال سياق الآيات يتوالى عن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، بعد أن بيَّن الحق جزاء الذين يكنزون المال ولا يبذلونه في سبيل الله، أمر المؤمنين بقتال المشركين،ويأتي هذا النداء ليستنفر المؤمنين للقتال ويوبخ من تثاقل عن النفرة في سبيل الله،ثم يأتي منُّ الحق على المؤمنين بأن نصر نبيّه r على المشركين بغير سلاح ولا رجال في الهجرة،إذ استنفرت قريش كل طاقتها للحاق بالرسول r وصاحبه،فهو القادر - إذا تباطأتم عن نصرة الحق - أن يستبدلكم بقوم آخرين يكونوا أحبَّ إليه منكم.
ثم يستنهض هممهم للنفير العام خفافا وثقالا،أي على كل الأحوال أقوياء وضعفاء،أغنياء وفقراء،ولا عذر لأحد عند النفير العام،وقد استجاب المؤمنون لهذا النفير فخرج الشيّبة والعجزة ولم يروا لأنفسهم عذرا إذ قال الحق سبحانه (خفافا وثقالا)وفي هذا النداء عتاب لمن تخلف عن رسول الله r في غزوة تبوك،عن مجاهد قال:(أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وبعد حنين أمروا بالنفير في الصيف حين خرفت النخل وطابت الثمار واشتهوا الظلال وشق عليهم المخرج)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).
وكان سبب تباطؤهم عن النفير،ما رافق الغزوة من شدّة الحرّ إذ وافق ذلك الصيف اللاهب،وقد طابت الثمار بعد قحط وجفاف،وضيق ذات اليد وقلّة من المال والسلاح والظهر،ولذا سمي جيش العسرة،وسورة التوبة تبيّن ما حلّ بالجيش من شدّة في تجهيزه وأفاعيل المنافقين الذين حاولوا تثبيط عزائم المسلمين ، ويثنوهم عن الجهاد،وتآمرهم مع اليهود في إنشاء مسجد الضرار،للكيد للمسلمين.
قوله تعالى :] مَا لَكُمْ [ استفهام يفيد التوبيخ والتقريع] إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ النفير في اللغة:(الانزعاج عن الشيء وإلى الشيء،كالانزعاج إلى الشيء وعن الشيء.الاستنفار حث القوم على النفر إلى الحرب)[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).وأصله من المجافاة والابتعاد،كما نقول نفر من الشيء ونفرت الدابة ونفر الحجيج،والنفير للحرب حثّ لترك الوطن والأهل والمال لما هو أحسن عاقبة وهو الجهاد في سبيل الله تعالى.
قوله تعالى:] اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [تباطأتم وملتم إلى حياة الدعة والراحة، وآثرتم الحياة الفانية على الآخرة الباقية.والتعبير بالثقل مع التشديد تصوير لشدّة الالتصاق بالدنيا وتعلقهم بها.والتعلق بالتراب دلالة الهوان والفقر.وأصل اثّاقلتم:تثاقلتم.
قوله تعالى:] أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [ هذا استفهام آخر،وعتاب أشد وتقريع أقوى،ومعنى ذلك؛هل وجدتم أن الدنيا أفضل من الآخرة،حتى آثرتموها على الآخرة،وأخلدتم إليها؟.وفي ذلك تذكير بنعيم الجنة ،وما خصَّ الله به المجاهدين من مكانة سامية،ووصف موتهم بالحياة والشهداء بالمكانة التي تمناها النبي r:] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ[[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3) .أتتركون كلَّ هذا من ظل زائل،ومتاع لا يدوم؟!.
وقد وردت الأخبار ،عن سيد الأخيار،في فضل دار القرار منها:
عن المستورد t قال:] كنا عند النبي r فتذاكروا الدنيا والآخرة، فقال بعضهم: إنما الدنيا بلاغ للآخرة فيها العمل وفيها الصلاة وفيها الزكاة. وقالت طائفة منهم: الآخرة فيها الجنة وقالوا ما شاء الله. فقال رسول الله r ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهي الدنيا[[4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
وعن أبي موسى الأشعري t :]أن رسول الله r قال:من أحب دنياه أضر بآخرته،ومن أحب آخرته أضر بدنياه،فآثروا ما يبقى على ما يفنى[[5] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn5).
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t قَالَ :]كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا. فَقَالَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا ؟فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا[[6] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn6).
ومن نظر في هذه الآثار وغيرها فإنه لا يركن إلى الدنيا إلا مغرور محروم،وقد وصف الحق سبحانه الدنيا بأنه متاع،وهذا إشارة إلى سرعة زوالها،وقلَّة شأنها.
رحم الله ابن العربي يصف استيلاء العدو على بلده فقال:( ولقد نزل بنا العدو -قصمه الله- سنة سبع وعشرين وخمسمائة فجاس ديارنا، وأسر خيرتنا، وتوسط بلادنا، في عدد هال الناس عدده، وكان كثيرا وإن لم يبلغ ما حددوه .فقلت للوالي والمولى عليه: هذا عدو الله قد حصل في الشرك والشبكة، فلتكن عندكم بركة، ولتظهر منكم إلى نصرة الدين المتعينة عليكم حركة ،فليخرج إليه جميع الناس ،حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار، فيحاط به فإنه هالك لا محالة، إن يسركم الله له. فغلبت الذنوب، ورجفت القلوب بالمعاصي وصار كل أحد من الناس ثعلبا ،يأوى إلى وجاره، وإن رأى المكيدة بجاره.فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل)[7] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn7).
وهذا مصداق حديث النبي r الذي رواه ثوبان t :] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَال:َ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ، الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ،فَقَالَ قَائِلٌ :يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ :حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ[[8] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn8).
وهذه سنَّة الله تعالى التي لا تتخلَّف في كلِّ الأزمان.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif(1 جامع البيان 6/372 والدر المنثور 3/427
2) المفردات 501
3) صحيح البخاري،كتاب التمني،باب ما جاء في التمني 6/2641 رقم 6800
4) المستدرك على الصحيحين 4/355
5) الدر المنثور 3/428
6) سنن ابن ماجه،كتاب الزهد،باب مثل الدنيا 4/427 رقم 4111
7) الجامع لأحكام القرآن 8/152
8) سنن أبي داود،كتاب الملاحم،باب في تداعي الأمم على الإسلام 4/315 رقم 4297