زياد محمد حميدان
02 / 10 / 2011, 15 : 06 AM
النداء الثالث :] التقوى من عذاب النار[
] فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [{الزمر 16}.
سورة الزمر سورة التوحيد الخالص،إذ بدأت بالأمر به للرسول r ،فإذا كان هو أخلص الناس عقيدة ،وأنقاهم سيرة وسريرة،فغيره من باب أولى،قال تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).ثم يقرر الحق سبحانه أنه لا يقبل من العبادات إلا ما كان خالصا(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِص) وبيَّن حال أهل الشرك الذين أدخلوا الأصنام بينهم وبين الله تعالى( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ).وقد اعترض مشركو مكة على إفراد الحق سبحانه بالعبادة،وهجره لآلهتم،قال مقاتل:(ذلك أن كفار قريش قالوا لرسول الله r :ما حملك على الذي أتيتنا به؟ألا تنظر إلى ملَّة آبائك فتأخذها فنزلت الآية)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).ثمَّ أوحى الله U (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).إن أطعتكم فيما تدعونني إليه من الشرك،وترك نور الهداية،فإن سنَّة الله تعالى لا تتخلف،في عقوبة من خالفه وعصاه.وهذا نظير قوله تعالى(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65).
قوله تعالى: ] فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [
أمر يفيد التهديد والوعيد ،أي أنا ملتزم بعبادة ربي وحده لا شريك له،وأما أنتم فاعبدوا ما شئتم من دونه،فستذوقون وبال أمركم،لسوء اختياركم،وهذا نظير ما ورد عن سهل بن سعد t قال:] جاء جبريل u إلى النبي r فقال: يا محمد عش ما شئت، فإنك ميت وأحبب من أحببت فإنك مفارقه ،واعمل ما شئت فإنك مجزي به . ثم قال: يا محمد شرف المؤمن قيام الليل ،وعزُّه إستغناؤُه عن الناس[[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).
قوله تعالى: ] قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [ يبين الحق سبحانه أن جزاء الشرك بالله الخسران المبين،إذ أنهم يخسرون أنفسهم لأنهم أوقعوها في الهلكة،وكان يمكن انقاذها بالإيمان والفوز بالجنان.ولكنهم ضلّوا فكانت هذه عاقبة أمرهم،ليس هذا بل وخسروا أهليهم الذين كانوا لهم عزا وأنيسا في الدنيا.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :ليس من أحد إلا وقد خلق الله له زوجة في الجنة، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله. في رواية عنه: فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك، وهو قوله تعالى:] أولئك هم الوارثون[[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3).وعنه قال:(هم الكفار الذين خلقهم الله للنار وخلق النار لهم فزالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنّة)قال تعالى ] خسروا الدنيا والآخرة[ [4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
قال ابن زيد:(هؤلاء أهل النار خسروا أنفسهم في الدنيا وخسروا الأهلين فلم يجدوا في النار أهلا وقد كان لهم في الدنيا أهل)[5] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn5).وعن مجاهد:( غبنوا أنفسهم وأهليهم، قال: يخسرون أهليهم، فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم، ويخسرون أنفسهم، فيهلكون في النار، فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما)[6] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn6).
قوله تعالى: ] لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [
هذا نظير قوله تعالى:) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (الأعراف:41)
وقوله تعالى:] يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت:55)
وهذا تعبير عن إحاطة العذاب بالكفار من جميع الجهات،فلا مهرب منه،ولا منجى منه لأحد.
عن سويد بن غفلة قال:( إذا أراد الله أن يعذب أهل النار جعل لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار، فلا يعرف منه عرق إلا وفيه مسمار، ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار، ثم يقفل بأقفال من نار، ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره. فذلك قوله {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} وقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) (الأعراف 41)[7] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn7).نسأل الله تعالى العفو والعافية،ونعوذ به من حال أهل النار،وإن النفس لتضيق من وصف حالهم،فكيف بمن يلبث فيها أحقابا؟!.
قوله تعالى: ] ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [ إنما يسوق الحق سبحانه شاهدا من عذاب الكفار ليكون نذيرا لأولي الألباب،ألا يسلكوا مسلكهم،ويقعوا فيما وقعوا فيه ،والسعيد من وعظ بغيره،واشقي من وعظ بنفسه.
وأمر الله تعالى بالتقوى،أي أفردوني بالعبادة،ولا تدخلوا أحدا بيني وبينكم ،فأنا الخالق كما أقررتم،فاعبدوني كما آمركم.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif1) زاد المسير 7/168
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif2) المستدرك 4/360
3) الجامع لأحكام القرآن 15/243
4) جامع البيان 10/623 والدر المنثور 5/606
5) جامع البيان 10/623
6) المرجع السابق
7) الدر المنثور 5/607
] فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [{الزمر 16}.
سورة الزمر سورة التوحيد الخالص،إذ بدأت بالأمر به للرسول r ،فإذا كان هو أخلص الناس عقيدة ،وأنقاهم سيرة وسريرة،فغيره من باب أولى،قال تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).ثم يقرر الحق سبحانه أنه لا يقبل من العبادات إلا ما كان خالصا(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِص) وبيَّن حال أهل الشرك الذين أدخلوا الأصنام بينهم وبين الله تعالى( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ).وقد اعترض مشركو مكة على إفراد الحق سبحانه بالعبادة،وهجره لآلهتم،قال مقاتل:(ذلك أن كفار قريش قالوا لرسول الله r :ما حملك على الذي أتيتنا به؟ألا تنظر إلى ملَّة آبائك فتأخذها فنزلت الآية)[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).ثمَّ أوحى الله U (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).إن أطعتكم فيما تدعونني إليه من الشرك،وترك نور الهداية،فإن سنَّة الله تعالى لا تتخلف،في عقوبة من خالفه وعصاه.وهذا نظير قوله تعالى(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65).
قوله تعالى: ] فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [
أمر يفيد التهديد والوعيد ،أي أنا ملتزم بعبادة ربي وحده لا شريك له،وأما أنتم فاعبدوا ما شئتم من دونه،فستذوقون وبال أمركم،لسوء اختياركم،وهذا نظير ما ورد عن سهل بن سعد t قال:] جاء جبريل u إلى النبي r فقال: يا محمد عش ما شئت، فإنك ميت وأحبب من أحببت فإنك مفارقه ،واعمل ما شئت فإنك مجزي به . ثم قال: يا محمد شرف المؤمن قيام الليل ،وعزُّه إستغناؤُه عن الناس[[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).
قوله تعالى: ] قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [ يبين الحق سبحانه أن جزاء الشرك بالله الخسران المبين،إذ أنهم يخسرون أنفسهم لأنهم أوقعوها في الهلكة،وكان يمكن انقاذها بالإيمان والفوز بالجنان.ولكنهم ضلّوا فكانت هذه عاقبة أمرهم،ليس هذا بل وخسروا أهليهم الذين كانوا لهم عزا وأنيسا في الدنيا.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :ليس من أحد إلا وقد خلق الله له زوجة في الجنة، فإذا دخل النار خسر نفسه وأهله. في رواية عنه: فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل إلا ما كان له قبل ذلك، وهو قوله تعالى:] أولئك هم الوارثون[[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3).وعنه قال:(هم الكفار الذين خلقهم الله للنار وخلق النار لهم فزالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنّة)قال تعالى ] خسروا الدنيا والآخرة[ [4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
قال ابن زيد:(هؤلاء أهل النار خسروا أنفسهم في الدنيا وخسروا الأهلين فلم يجدوا في النار أهلا وقد كان لهم في الدنيا أهل)[5] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn5).وعن مجاهد:( غبنوا أنفسهم وأهليهم، قال: يخسرون أهليهم، فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم، ويخسرون أنفسهم، فيهلكون في النار، فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما)[6] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn6).
قوله تعالى: ] لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [
هذا نظير قوله تعالى:) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (الأعراف:41)
وقوله تعالى:] يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت:55)
وهذا تعبير عن إحاطة العذاب بالكفار من جميع الجهات،فلا مهرب منه،ولا منجى منه لأحد.
عن سويد بن غفلة قال:( إذا أراد الله أن يعذب أهل النار جعل لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار، فلا يعرف منه عرق إلا وفيه مسمار، ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار، ثم يقفل بأقفال من نار، ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره. فذلك قوله {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} وقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) (الأعراف 41)[7] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn7).نسأل الله تعالى العفو والعافية،ونعوذ به من حال أهل النار،وإن النفس لتضيق من وصف حالهم،فكيف بمن يلبث فيها أحقابا؟!.
قوله تعالى: ] ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [ إنما يسوق الحق سبحانه شاهدا من عذاب الكفار ليكون نذيرا لأولي الألباب،ألا يسلكوا مسلكهم،ويقعوا فيما وقعوا فيه ،والسعيد من وعظ بغيره،واشقي من وعظ بنفسه.
وأمر الله تعالى بالتقوى،أي أفردوني بالعبادة،ولا تدخلوا أحدا بيني وبينكم ،فأنا الخالق كما أقررتم،فاعبدوني كما آمركم.
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif1) زاد المسير 7/168
http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif2) المستدرك 4/360
3) الجامع لأحكام القرآن 15/243
4) جامع البيان 10/623 والدر المنثور 5/606
5) جامع البيان 10/623
6) المرجع السابق
7) الدر المنثور 5/607