تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النداء الثاني : ( الإرشاد للكل من الطيبات


زياد محمد حميدان
04 / 10 / 2011, 50 : 02 AM
النداء الثاني : ] الإرشاد للأكل من الطيِّبات [
] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [{البقرة 168}.
في هذا النداء الربانيّ يوجه الحق سبحانه الخلق، إلى تناول الطيبات من الطعام والشراب،والطيِّب ما طيَّبه الشرع،والخبيث ما فيه ضرر للجسم والعقل.
سبب النزول: قيل: إنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني مدلج فيما حرموه على أنفسهم من الأنعام[1] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn1).واللفظ عام فيمن نزلت فيهم وغيرهم،إذ إباحة الطيبات قاعدة الإسلام العامة في المطعومات،وتقدم تفصيل الطيبات في النداء الثالث لأهل الإيمان.
قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا [ الأمر للإرشاد والتوجيه والاباحة.
قوله تعالى: ] مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً [ من بعض ما خلق الله تعالى في الأرض،من حيوانات ونباتات.والتبعيض يدل أن من الطعام ما هو نافع،ومنه ما هو ضار.ثم بيَّن أن الجائز أكله هو المباح،قال الرازي في اشتقاق الحلال:(الحلال:المباح الذي انحلت عقدة الحظر عنه،وأصله من الحل،الذي هو نقيض العقد،ومنه حلَّ بالمكان إذا نزل به،لأنه حلَّ شدِّ الارتحال للنزول،وحلَّ الدين إذا وجب،لانحلال العقدة بانقضاء المدة،وحلَّ من إحرامه لأنه حلَّ عقدة الإحرام،وحلَّت عليه العقوبة أي وجبت،لانحلال العقدة بالمانعة من العذاب،والحلَّة الإزار والرداء،لأنه يحلُّ عن الطيِّ للبس،ومنه تحلَّة اليمين،لأن عقدة اليمين تنحل به.واعلم أن الحرام قد يكون حراما لخبثه كالميتة والدم ولحم الخنزير.وقد يكون حراما لا لخبثه ،كملك الغير إذا لم يأذن في أكله،فالحلال هو الخالي عن القيدين)[2] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn2).
قوله تعالى: ] طَيِّباً [ الطيِّب يطلق ويراد به الحلال،وهو قول مالك،وذكر الطيِّب بعد الحلال تنويع للفظ.ويطلق ويراد به المستطاب المستلذ،وهو قول الشافعي،ولذلك لا يجوز أكل الحيوان المستقذر،وقاعدته في الطعام ،أن الطيب ما تستطيبه العرب،ذوي الفطر السليمة[3] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn3).
ويقول الرازي:( والطيِّب في الأصل هو ما يستلذ به ويستطاب،ووصف به الطاهر والحلال على جهة التشبيه،لأن النجس تكرهه النفس،فلا تستلذه ،والحرام غير مستلذ،لأن الشرع يزجر عنه)[4] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn4).
وأكل الحلال شرط لاستجابة الدعاء، عن ابن عباس قال :(تليت هذه الآية عند النبي r {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه فما يتقبل منه أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به)[5] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn5).
قال سهل بن عبد الله: النجاة في ثلاثة: أكل الحلال، وأداء الفرائض، والاقتداء بالنبي r . وقال أبو عبدالله الساجي واسمه سعيد بن يزيد: خمس خصال بها تمام العلم، وهي: معرفة اللّه U ، ومعرفة الحق وإخلاص العمل لله، والعمل على السنة، وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرفع العمل. قال سهل: ولا يصح أكل الحلال إلا بالعلم، ولا يكون المال حلالا حتى يصفو من ست خصال: الربا والحرام والسحت - وهو اسم مجمل - والغلول والمكروه والشبهة[6] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn6).
قوله تعالى: ] وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [الخطوة بعد ما بين قدمي الماشي وقد اختلفت عبارات السلف في التعبير عن خطوات الشيطان:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:عمله.[7] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn7)
وعن مجاهد:خطاياه[8] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn8).
وقال السّدي:طاعته[9] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn9).
وقال قتادة:كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان[10] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn10).
وقال أبو مجلز:هي النذر في المعاصي[11] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn11).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما:ما خالف القرآن فهو من خطوات الشيطان[12] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn12).
ويجمع ذلك كله البعد عن طريقه وأثره فيما دعا إليه من البدع والمعاصي.ومما أثر وفسر بخطوات الشيطان ما نقل عن ابن مسعود t :( أنه أتي بضرع وملح فجعل يأكل فاعتزل رجل معه القوم فقال ابن مسعود: ناولوا صاحبكم.فقال:لا أريد.فقال:أصائم أنت؟قال:لا.قال:فما شأنك؟قال:حرّمت أن آكل ضرعا أبدا فقال ابن مسعود t :هذا من خطوات الشيطان فأطعم وكفّر عن يمينك)[13] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn13).
وجاء رجل إلى الحسن فسأله فقال:(حلفت إن لم أفعل كذا وكذا أن أحج حبوا.فقال:هذا من خطوات الشيطان،فحج واركب وكفر عن يمينك)[14] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn14).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(ما كان من يمين أو نذر في غضب فهو من خطوات الشيطان وكفارته كفارة يمين)[15] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn15).
قوله تعالى: ] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [بيّن الحق سبحانه أن ما يدعو إليه الشيطان من تحريم الحلال وتناول المحرمات إنّما ذلك لعداوته،وعداوته لآدم u وذريته منذ خلق آدم u وإلى قيام الساعة.وقد حذّر الحق تعالى بني آدم من عداوة الشيطان في كثير من الآيات منها هذا النداء،وقال تعالى] إن الشيطان لكما عدو مبين[{الأعراف22}وقال سبحانه ] إن الشيطان للإنسان عدوّ مبين[ {يوسف5}وقال U ]أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو[ {الكهف50}وقال Y ]إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا[{فاطر6}.وغيرها كثير.
وإن خير وسيلة للوقاية من مكر الشيطان ،الاعتصام بالشرع المطهر،وإكثار ذكر الله تعالى,وما رواه الترمذي:] وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ[[16] (http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=detail&Toolbar=Default#_ftn16).

http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif1) الجامع لأحكام القرآن 2/208 وانظر زاد المسير 1/172 وتفسير القرآن العظيم 1/277

http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif2) التفسير الكبير 5/185

http://www.alhodaway.com/fckeditor/editor/images/spacer.gif3) انظر الجامع لأحكام القرآن 2/208

4) التفسير الكبير 5/185

5) الدر المنثور 1/305 وتفسير القرآن العظيم 1/277

6) الجامع لأحكام القرآن 2/209

7) جامع البيان 2/81 والدر المنثور 1/305 والجامع لأحكام القرآن 2/209

8) الجامع لأحكام القرآن 2/209 وتفسير القرآن العظيم 1/277 وانظر تفسير الطبري 2/81

9) جامع البيان 2/82والجامع لأحكام القرآن 2/209

10) تفسير القرآن العظيم 1/277 .
11) جامع البيان 2/82 والدر المنثور 1/305 والجامع لأحكام القرآن 2/209 وتفسير القرآن العظيم 1/277

12) الدر المنثور 1/305

13) الدر المنثور 1/305 وتفسير القرآن العظيم 1/277

14) الدر المنثور 1/305

15) تفسير القرآن العظيم 1/277

16) سنن الترمذي،كتاب الأمثال ،باب مثل ما جاء في الصلاة والصيام والصدقة 10/305 رقم 2868

شريف حمدان
04 / 10 / 2011, 35 : 04 AM
http://up.ahlalalm.info/photo1/g1K33816.gif

زياد محمد حميدان
04 / 10 / 2011, 51 : 06 AM
بارك الله فيكم وأحسن إليكم وحقق مقاصدكم