طويلب علم مبتدئ
31 / 12 / 2011, 45 : 06 PM
فصل إذا تقرر هذا الأصل في مشابهة الكفار فنقول :
موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين :
الطريق الأول العام :
هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما ، ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل ، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل وأن هذا محرم كله بخلاف مالم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد .
وأما الطريق الثاني الخاص :
في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار :
أما الكتاب:
فمما تأوله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى (والذين يشهدون الزور) قال : هو الشعانين ، وكذلك ذكر عن مجاهد قال : هو أعياد المشركين، وكذلك عن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين ، وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة قال: لعب كان لهم في الجاهلية، وقال القاضي أبو يعلى :" مسألة في النهي عن حضور أعياد المشركين وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة عن الضحاك في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين ، وبإسناده عن أبي سنان عن الضحاك ( والذين لا يشهدون الزور) كلام الشرك ، وبإسناده عن جويبر عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين، وروى بإسناده عن عمرو بن مرة ( لا يشهدون الزور) لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ، وبإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم ، وقول هؤلاء التابعين إنه أعياد الكفار ليس مخالفا لقول بعضهم إنه الشرك أو صنم كان في الجاهلية ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا وقول بعضهم إنه الغناء لأن عادة السلف في تفسيرهم هكذا يذكر الرجل نوعا من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه أو لينبه به على الجنس كما لو قال العجمي ما الخبز فيعطى رغيفا ويقال له هذا بالإشارة إلى جنس لا إلى عين الرغيف، لكن قد قال قوم إن المراد شهادة الزور التي هي الكذب، وهذا فيه نظر فإنه قال ( لا يشهدون الزور) ولم يقل لا يشهدون بالزور والعرب تقول شهدت كذا إذا حضرته كقول ابن عباس( شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )،وقول عمر( الغنيمة لمن شهد الوقعة )وهذا كثير في كلامهم وأما شهدت بكذا فمعناه أخبرت به ، ووجه تفسير التابعين المذكورين أن الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ( المتشبع بمالم يعط كلابس ثوبي زور) لما كان يظهر ما يعظم به مما ليس عنده،والشاهد بالزور مظهر كلاما يخالف الباطن ولهذا فسره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة أو لشهوة وهو قبيح في الباطن فالشرك ونحوه يظهر حسنه للشهوة والغناء نحوه يظهر حسنه للشهوة ، وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل ولا منفعة فيها في الدين وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم فصارت زورا وحضورها شهودها ، وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده ، ثم مجرد هذه الآية فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم ذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم وغيرها من الزور ويقتضي الندب إلى ترك حضورها وقد يفيد كراهية حضورها لتسمية الله لها زورا فأما تحريم شهودها من هذه الآية ففيه نظر، ودلالتها على تحريم فعلها أوجه لأن الله سماها زورا وقد ذم من يقول الزور وإن لم يضر غيره بقوله في المتظاهرين فقال ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) وقال تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور) ففاعل الزور كذلك، وقد يقال قول الزور أبلغ من فعله لأنه إذا مدحهم على مجرد تركهم شهوده دل على أن فعله مذموم عنده معيب إذ لو كان فعله جائزا والأفضل تركه لم يكن في مجرد شهوده أو ترك شهوده كبير مدح إذ شهود المباحات لا منفعة فيها وعدم شهودها قليل التأثير، وقد يقال هذا مبالغة في مدحهم إذ كانوا لا يحضرون مجالس البطالة وإن كانوا لا يفعلون هم الباطل والله تعالى قال (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض) هونا فجعل هؤلاء المنعوتين هم عباد الرحمن وعبودية الرحمن واجبة فتكون هذه الصفات واجبة وفيه نظر إذ قد يقال في هذه الصفات ما لا يجب ولأن المنعوتين وهم المستحقون لهذا الوصف على وجه الحقيقة والكمال قال الله تعالى( إنما المؤمنون الذين إذ ذكر الله وجلت قلوبهم) وقال تعالى( إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان الحديث) وقال (ما تدعون المفلس) ( ما تدعون الرقوب) ونظائره كثيرة ، فسواء كانت الآية دالة على تحريم ذلك أو كراهته أو استحباب تركه حصل أصل المقصود إذا المقصود بيان استحباب ترك موافقتهم أيضا فإن بعض الناس قد يظن استحباب فعل ما فيه موافقة لهم لما فيه من التوسيع على العيال أو من إقرار الناس على اكتسابهم ومصالح دنياهم فإذا علم استحباب ترك ذلك كان هو المقصود .
يتبع......
موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين :
الطريق الأول العام :
هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما ، ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل ، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل وأن هذا محرم كله بخلاف مالم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد .
وأما الطريق الثاني الخاص :
في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار :
أما الكتاب:
فمما تأوله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى (والذين يشهدون الزور) قال : هو الشعانين ، وكذلك ذكر عن مجاهد قال : هو أعياد المشركين، وكذلك عن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين ، وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة قال: لعب كان لهم في الجاهلية، وقال القاضي أبو يعلى :" مسألة في النهي عن حضور أعياد المشركين وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة عن الضحاك في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين ، وبإسناده عن أبي سنان عن الضحاك ( والذين لا يشهدون الزور) كلام الشرك ، وبإسناده عن جويبر عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين، وروى بإسناده عن عمرو بن مرة ( لا يشهدون الزور) لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ، وبإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم ، وقول هؤلاء التابعين إنه أعياد الكفار ليس مخالفا لقول بعضهم إنه الشرك أو صنم كان في الجاهلية ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا وقول بعضهم إنه الغناء لأن عادة السلف في تفسيرهم هكذا يذكر الرجل نوعا من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه أو لينبه به على الجنس كما لو قال العجمي ما الخبز فيعطى رغيفا ويقال له هذا بالإشارة إلى جنس لا إلى عين الرغيف، لكن قد قال قوم إن المراد شهادة الزور التي هي الكذب، وهذا فيه نظر فإنه قال ( لا يشهدون الزور) ولم يقل لا يشهدون بالزور والعرب تقول شهدت كذا إذا حضرته كقول ابن عباس( شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )،وقول عمر( الغنيمة لمن شهد الوقعة )وهذا كثير في كلامهم وأما شهدت بكذا فمعناه أخبرت به ، ووجه تفسير التابعين المذكورين أن الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ( المتشبع بمالم يعط كلابس ثوبي زور) لما كان يظهر ما يعظم به مما ليس عنده،والشاهد بالزور مظهر كلاما يخالف الباطن ولهذا فسره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة أو لشهوة وهو قبيح في الباطن فالشرك ونحوه يظهر حسنه للشهوة والغناء نحوه يظهر حسنه للشهوة ، وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل ولا منفعة فيها في الدين وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم فصارت زورا وحضورها شهودها ، وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده ، ثم مجرد هذه الآية فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم ذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم وغيرها من الزور ويقتضي الندب إلى ترك حضورها وقد يفيد كراهية حضورها لتسمية الله لها زورا فأما تحريم شهودها من هذه الآية ففيه نظر، ودلالتها على تحريم فعلها أوجه لأن الله سماها زورا وقد ذم من يقول الزور وإن لم يضر غيره بقوله في المتظاهرين فقال ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) وقال تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور) ففاعل الزور كذلك، وقد يقال قول الزور أبلغ من فعله لأنه إذا مدحهم على مجرد تركهم شهوده دل على أن فعله مذموم عنده معيب إذ لو كان فعله جائزا والأفضل تركه لم يكن في مجرد شهوده أو ترك شهوده كبير مدح إذ شهود المباحات لا منفعة فيها وعدم شهودها قليل التأثير، وقد يقال هذا مبالغة في مدحهم إذ كانوا لا يحضرون مجالس البطالة وإن كانوا لا يفعلون هم الباطل والله تعالى قال (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض) هونا فجعل هؤلاء المنعوتين هم عباد الرحمن وعبودية الرحمن واجبة فتكون هذه الصفات واجبة وفيه نظر إذ قد يقال في هذه الصفات ما لا يجب ولأن المنعوتين وهم المستحقون لهذا الوصف على وجه الحقيقة والكمال قال الله تعالى( إنما المؤمنون الذين إذ ذكر الله وجلت قلوبهم) وقال تعالى( إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان الحديث) وقال (ما تدعون المفلس) ( ما تدعون الرقوب) ونظائره كثيرة ، فسواء كانت الآية دالة على تحريم ذلك أو كراهته أو استحباب تركه حصل أصل المقصود إذا المقصود بيان استحباب ترك موافقتهم أيضا فإن بعض الناس قد يظن استحباب فعل ما فيه موافقة لهم لما فيه من التوسيع على العيال أو من إقرار الناس على اكتسابهم ومصالح دنياهم فإذا علم استحباب ترك ذلك كان هو المقصود .
يتبع......