شريف حمدان
22 / 04 / 2012, 05 : 08 AM
السلام عليكم ورحمه الله
احبتي في الله
اقدم لكم
سلسله الصحابه
أبو ذر الغفاري
رضي الله عنه
ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء
أصدق لهجة من أبي ذر
حديث شريف
هو جندب بن جنادة من غفار ، قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق ، فأهلها
مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ، انهم حلفاء الليل ، والويل لمن يقع
في أيدي أحد من غفار ولكن شاء المولى أن ينير لهذه القبيلة دربها بدأ
من أبي ذر -رضي الله عنه- ، فهو ذو بصيرة ، و ممن يتألهون في الجاهلية
ويتمردون على عبادة الأصنام ، ويذهبون الى الايمان باله خالق عظيم ، فما
أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال الى مكة
اسلامه
ودخل أبو ذر -رضي الله عنه- مكة متنكرا ، يتسمع الى أخبار أهلها والدين الجديد ،
حتى وجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صباح أحد الأيام جالسا ، فاقترب منه وقال
نعمت صباحا يا أخا العرب ) فأجاب الرسول وعليك السلام يا أخاه ) قال
أبوذر أنشدني مما تقول ) فأجاب الرسول ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم
) قال أبوذر اقرأ علي ) فقرأ عليه وهو يصغي، ولم يمض غير وقت قليل حتى هتف
أبو ذر أشهد أن لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )
وسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن أنت يا أخا العرب ) فأجابه أبوذر من
غفار ) وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، واكتسى وجهه
بالدهشة والعجب ، وضحك أبو ذر فهو يعرف سر العجب في وجه الرسول الكريم ، فهو من
قبيلة غفار أفيجيء منهم اليوم من يسلم ؟! وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ان الله يهدي من يشاء ) أسلم أبو ذر من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو
السادس ، فقد أسلم في الساعات الأولى للاسلام
تمرده على الباطل
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحمل طبيعة متمردة ، فتوجه للرسول -صلى الله عليه وسلم-
فور اسلامه بسؤال يا رسول الله ، بم تأمرني ؟) فأجابه الرسول ترجع الى قومك
حتى يبلغك أمري ) فقال أبو ذر والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في
المسجد ) هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته أشهد أن لا اله الا
الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من رجل
غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه ، وأنقذه
العباس عم النبي بالحيلة فقد حذر الكافرين من قبيلته اذا علمت ، فقد تقطع عليهم
طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين ، ولا يكاد يمضي يوما آخر حتى يرى أبو ذر -رضي
الله عنه- امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف ونائلة ) وتدعوانهما ، فيقف مسفها مهينا
للصنمين ، فتصرخ المرأتان ، ويهرول الرجال اليهما ، فيضربونه حتى يفقد وعيه ، ثم
يفيق ليصيح -رضي الله عنه- مرة أخرى أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا
رسول الله )
اسلام غفار
ويعود -رضي الله عنه- الى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن
الدين الجديد ، وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، فيدخل قومه بالاسلام ، ثم يتوجه الى
قبيلة ( أسلم ) فيرشدها الى الحق وتسلم ، ومضت الأيام وهاجر الرسول -صلى الله عليه
وسلم- الى المدينة ، واذا بموكب كبير يقبل على المدينة مكبرا ، فاذا هو أبو ذر -رضي
الله عنه- أقبل ومعه قبيلتي غفار و أسلم ، فازداد الرسول -صلى الله عليه وسلم- عجبا
ودهشة ، و نظر اليهم وقال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ) وأبو ذر
كان له تحية مباركة من الرسول الكريم حيث قال ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء
،أصدق لهجة من أبي ذر )
غزوة تبوك
وفي غزوة تبوك سنة 9 هجري ، كانت أيام عسرة وقيظ ، خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وصحبه ، وكلما مشوا ازدادوا تعبا ومشقة ، فتلفت الرسول الكريم فلم يجد أبا ذر فسأل
عنه ، فأجابوه لقد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره ) فقال الرسول -صلى الله عليه
وسلم- دعوه ، فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله
منه ) وفي الغداة ، وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا ، فأبصر أحدهم رجل يمشي وحده ،
فأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فقال الرسول كن أبا ذر ) وأخذ الرجل
بالاقتراب فاذا هو أبو ذر -رضي الله عنه- يمشي صوب النبي -صلى الله عليه وسلم- ،
فلم يكد يراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى قال يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده
، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
وصية الرسول له
ألقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أبا ذر في يوم سؤال يا أبا ذر ، كيف أنت
اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء ) فأجاب قائلا اذا والذي بعثك بالحق ، لأضربن
بسيفي ) فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أفلا أدلك على خير من ذلك
؟ اصبر حتى تلقاني ) وحفظ أبو ذر وصية الرسول الغالية فلن يحمل السيف بوجوه
الأمراء الذين يثرون من مال الأمة ، وانما سيحمل في الحق لسانه البتار
جهاده بلسانه
ومضى عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن بعده عهد أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-
، في تفوق كامل على مغريات الحياة وفتنتها ، وجاء عصر عثمان -رضي الله عنه- وبدأ
يظهر التطلع الى مفاتن الدنيا ومغرياتها ، و تصبح السلطة وسيلة للسيطرة والثراء
والترف ، رأى أبو ذر ذلك فمد يده الى سيفه ليواجه المجتمع الجديد ، لكن سرعان ما
فطن الى وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا
خطأ " فكان لابد هنا من الكلمة الصادقة الأمينة ، فليس هناك أصدق من أبي ذر لهجة
، وخرج أبو ذر الى معاقل السلطة والثروة معترضا على ضلالها ، وأصبح الراية التي
يلتف حولها الجماهير والكادحين ، وذاع صيته وهتافه يردده الناس أجمعين بشر
الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم
القيامة ) وبدأ أبو ذر بالشام ، أكبر المعاقل سيطرة ورهبة ، هناك حيث معاوية بن أبي سفيان وجد
أبو ذر -رضي الله عنه- فقر وضيق في جانب ، وقصور وضياع في الجانب الآخر ، فصاح
بأعلى صوته عجبت لمن لا يجد القوت في بيته ، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه
) ثم ذكر وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوضع الأناة مكان الانقلاب ، فيعود
الى منطق الاقناع والحجة ، ويعلم الناس بأنهم جميعا سواسية كأسنان المشط ، جميعا
شركاء بالرزق ، الى أن وقف أمام معاوية يسائله كما أخبره الرسول -صلى الله عليه
وسلم- في غير خوف ولا مداراة ، ويصيح به وبمن معه أفأنتم الذين نزل القرآن على
الرسول وهو بين ظهرانيهم ؟؟) ويجيب عنهم نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن ،
وشهدتم مع الرسول المشاهد)، ويعود بالسؤال أولا تجدون في كتاب الله هذه الآية
:"
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم
يحمى عليها في نار جهنم ، فتكوى بها جباههم ، وجنوبهم ، وظهورهم ، هذا ما كنزتم
لأنفسكم ، فذوقوا ما كنتم تكنزون "
فيقول معاوية لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب ) فيصيح أبو ذر لا بل
أنزلت لنا ولهم ) ويستشعر معاوية الخطر من أبي ذر فيرسل الى الخليفة عثمان -رضي
الله عنه- ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام ) فيكتب عثمان الى أبي ذر يستدعيه ،
فيودع الشام ويعود الى المدينة ، ويقول للخليفة بعد حوار طويل لا حاجة لي في
دنياكم ) وطلب الاذن بالخروج الى ( الربذة ) وهناك طالبه البعض برفع راية
الثورة ضد الخليفة ولكنه زجرهم قائلا والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة ،
أو جبل، لسمعت وأطعت ، وصبرت واحتسبت ، ورأيت ذلك خيرا لي )
فأبو ذر لا يريد الدنيا ، بل لا يتمنى الامارة لأصحاب رسول الله ليظلوا روادا للهدى
لقيه يوما أبو موسى الأشعري ففتح له ذراعيه يريد ضمه فقال له أبو ذر لست أخيك
، انما كنت أخيك قبل أن تكون واليا وأميرا ) كما لقيه يوما أبو هريرة واحتضنه
مرحبا ، فأزاحه عنه وقال اليك عني ، ألست الذي وليت الامارة ، فتطاولت في
البنيان ، واتخذت لك ماشية وزرعا ) وعرضت عليه امارة العراق فقال لا
والله لن تميلوا علي بدنياكم أبدا )
اقتدائه بالرسول
عاش أبو ذر -رضي الله عنه- مقتديا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو يقول أوصاني
خليلي بسبع ، أمرني بحب المساكين والدنو منهم ، وأمرني أن أنظر الى من هو دوني ولا
أنظر الى من هو فوقي ، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا ، وأمرني أن أصل الرحم ، وأمرني
أن أقول الحق ولو كان مرا ، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم ، وأمرني أن أكثر من
: لاحول ولا قوة الا بالله ) وعاش على هذه الوصية ، ويقول الامام علي - رضي الله
عنه - لم يبق اليوم أحد لايبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر )
وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى والذي نفسي بيده ، لو وضعتم السيف فوق عنقي
، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن تحتزوا
لأنفذتها ) ورآه صاحبه يوما يرتدي ***ابا قديما فقال له أليس لك ثوب غير هذا
؟ لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين ؟) فأجابه أبو ذر يا بن أخي ، لقد
أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني ) قال له والله انك لمحتاج اليهما ) فأجاب
أبو ذر اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا ، ألست ترى علي هذه البردة ، ولي أخرى لصلاة
الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)
وفاته
في ( الربذة ) جاءت سكرات الموت لأبي ذر الغفاري ، وبجواره زوجته تبكي ، فيسألها
فيم البكاء والموت حق ؟) فتجيبه بأنها تبكي لأنك تموت ، وليس عندي ثوب يسعك
كفنا !) فيبتسم ويطمئنها ويقول لها لا تبكي ، فاني سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول ليموتن رجل منكم بفلاة من
الأرض ، تشهده عصابة من المؤمنين ) وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة
وقرية ، ولم يبق منهم غيري ، وهأنذا بالفلاة أموت ، فراقبي الطريق فستطلع علينا
عصابة من المؤمنين ، فاني والله ما كذبت ولا كذبت ) وفاضت روحه الى الله ،
وصدق فهذه جماعة مؤمنة تأتي وعلى رأسها عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فما أن يرى وجه أبي ذر حتى تفيض عيناه بالدمع ويقول صدق رسول
الله ، تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ) وبدأ يقص على صحبه قصة هذه العبارة
التي قيلت في غزوة تبوك كما سبق ذكره
احبتي في الله
اقدم لكم
سلسله الصحابه
أبو ذر الغفاري
رضي الله عنه
ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء
أصدق لهجة من أبي ذر
حديث شريف
هو جندب بن جنادة من غفار ، قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق ، فأهلها
مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ، انهم حلفاء الليل ، والويل لمن يقع
في أيدي أحد من غفار ولكن شاء المولى أن ينير لهذه القبيلة دربها بدأ
من أبي ذر -رضي الله عنه- ، فهو ذو بصيرة ، و ممن يتألهون في الجاهلية
ويتمردون على عبادة الأصنام ، ويذهبون الى الايمان باله خالق عظيم ، فما
أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال الى مكة
اسلامه
ودخل أبو ذر -رضي الله عنه- مكة متنكرا ، يتسمع الى أخبار أهلها والدين الجديد ،
حتى وجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صباح أحد الأيام جالسا ، فاقترب منه وقال
نعمت صباحا يا أخا العرب ) فأجاب الرسول وعليك السلام يا أخاه ) قال
أبوذر أنشدني مما تقول ) فأجاب الرسول ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم
) قال أبوذر اقرأ علي ) فقرأ عليه وهو يصغي، ولم يمض غير وقت قليل حتى هتف
أبو ذر أشهد أن لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله )
وسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن أنت يا أخا العرب ) فأجابه أبوذر من
غفار ) وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، واكتسى وجهه
بالدهشة والعجب ، وضحك أبو ذر فهو يعرف سر العجب في وجه الرسول الكريم ، فهو من
قبيلة غفار أفيجيء منهم اليوم من يسلم ؟! وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ان الله يهدي من يشاء ) أسلم أبو ذر من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو
السادس ، فقد أسلم في الساعات الأولى للاسلام
تمرده على الباطل
وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحمل طبيعة متمردة ، فتوجه للرسول -صلى الله عليه وسلم-
فور اسلامه بسؤال يا رسول الله ، بم تأمرني ؟) فأجابه الرسول ترجع الى قومك
حتى يبلغك أمري ) فقال أبو ذر والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في
المسجد ) هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته أشهد أن لا اله الا
الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من رجل
غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه ، وأنقذه
العباس عم النبي بالحيلة فقد حذر الكافرين من قبيلته اذا علمت ، فقد تقطع عليهم
طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين ، ولا يكاد يمضي يوما آخر حتى يرى أبو ذر -رضي
الله عنه- امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف ونائلة ) وتدعوانهما ، فيقف مسفها مهينا
للصنمين ، فتصرخ المرأتان ، ويهرول الرجال اليهما ، فيضربونه حتى يفقد وعيه ، ثم
يفيق ليصيح -رضي الله عنه- مرة أخرى أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا
رسول الله )
اسلام غفار
ويعود -رضي الله عنه- الى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن
الدين الجديد ، وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، فيدخل قومه بالاسلام ، ثم يتوجه الى
قبيلة ( أسلم ) فيرشدها الى الحق وتسلم ، ومضت الأيام وهاجر الرسول -صلى الله عليه
وسلم- الى المدينة ، واذا بموكب كبير يقبل على المدينة مكبرا ، فاذا هو أبو ذر -رضي
الله عنه- أقبل ومعه قبيلتي غفار و أسلم ، فازداد الرسول -صلى الله عليه وسلم- عجبا
ودهشة ، و نظر اليهم وقال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ) وأبو ذر
كان له تحية مباركة من الرسول الكريم حيث قال ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء
،أصدق لهجة من أبي ذر )
غزوة تبوك
وفي غزوة تبوك سنة 9 هجري ، كانت أيام عسرة وقيظ ، خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم-
وصحبه ، وكلما مشوا ازدادوا تعبا ومشقة ، فتلفت الرسول الكريم فلم يجد أبا ذر فسأل
عنه ، فأجابوه لقد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره ) فقال الرسول -صلى الله عليه
وسلم- دعوه ، فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله
منه ) وفي الغداة ، وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا ، فأبصر أحدهم رجل يمشي وحده ،
فأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فقال الرسول كن أبا ذر ) وأخذ الرجل
بالاقتراب فاذا هو أبو ذر -رضي الله عنه- يمشي صوب النبي -صلى الله عليه وسلم- ،
فلم يكد يراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى قال يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده
، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
وصية الرسول له
ألقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أبا ذر في يوم سؤال يا أبا ذر ، كيف أنت
اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء ) فأجاب قائلا اذا والذي بعثك بالحق ، لأضربن
بسيفي ) فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( أفلا أدلك على خير من ذلك
؟ اصبر حتى تلقاني ) وحفظ أبو ذر وصية الرسول الغالية فلن يحمل السيف بوجوه
الأمراء الذين يثرون من مال الأمة ، وانما سيحمل في الحق لسانه البتار
جهاده بلسانه
ومضى عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن بعده عهد أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-
، في تفوق كامل على مغريات الحياة وفتنتها ، وجاء عصر عثمان -رضي الله عنه- وبدأ
يظهر التطلع الى مفاتن الدنيا ومغرياتها ، و تصبح السلطة وسيلة للسيطرة والثراء
والترف ، رأى أبو ذر ذلك فمد يده الى سيفه ليواجه المجتمع الجديد ، لكن سرعان ما
فطن الى وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا
خطأ " فكان لابد هنا من الكلمة الصادقة الأمينة ، فليس هناك أصدق من أبي ذر لهجة
، وخرج أبو ذر الى معاقل السلطة والثروة معترضا على ضلالها ، وأصبح الراية التي
يلتف حولها الجماهير والكادحين ، وذاع صيته وهتافه يردده الناس أجمعين بشر
الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم
القيامة ) وبدأ أبو ذر بالشام ، أكبر المعاقل سيطرة ورهبة ، هناك حيث معاوية بن أبي سفيان وجد
أبو ذر -رضي الله عنه- فقر وضيق في جانب ، وقصور وضياع في الجانب الآخر ، فصاح
بأعلى صوته عجبت لمن لا يجد القوت في بيته ، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه
) ثم ذكر وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوضع الأناة مكان الانقلاب ، فيعود
الى منطق الاقناع والحجة ، ويعلم الناس بأنهم جميعا سواسية كأسنان المشط ، جميعا
شركاء بالرزق ، الى أن وقف أمام معاوية يسائله كما أخبره الرسول -صلى الله عليه
وسلم- في غير خوف ولا مداراة ، ويصيح به وبمن معه أفأنتم الذين نزل القرآن على
الرسول وهو بين ظهرانيهم ؟؟) ويجيب عنهم نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن ،
وشهدتم مع الرسول المشاهد)، ويعود بالسؤال أولا تجدون في كتاب الله هذه الآية
:"
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم
يحمى عليها في نار جهنم ، فتكوى بها جباههم ، وجنوبهم ، وظهورهم ، هذا ما كنزتم
لأنفسكم ، فذوقوا ما كنتم تكنزون "
فيقول معاوية لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب ) فيصيح أبو ذر لا بل
أنزلت لنا ولهم ) ويستشعر معاوية الخطر من أبي ذر فيرسل الى الخليفة عثمان -رضي
الله عنه- ان أبا ذر قد أفسد الناس بالشام ) فيكتب عثمان الى أبي ذر يستدعيه ،
فيودع الشام ويعود الى المدينة ، ويقول للخليفة بعد حوار طويل لا حاجة لي في
دنياكم ) وطلب الاذن بالخروج الى ( الربذة ) وهناك طالبه البعض برفع راية
الثورة ضد الخليفة ولكنه زجرهم قائلا والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة ،
أو جبل، لسمعت وأطعت ، وصبرت واحتسبت ، ورأيت ذلك خيرا لي )
فأبو ذر لا يريد الدنيا ، بل لا يتمنى الامارة لأصحاب رسول الله ليظلوا روادا للهدى
لقيه يوما أبو موسى الأشعري ففتح له ذراعيه يريد ضمه فقال له أبو ذر لست أخيك
، انما كنت أخيك قبل أن تكون واليا وأميرا ) كما لقيه يوما أبو هريرة واحتضنه
مرحبا ، فأزاحه عنه وقال اليك عني ، ألست الذي وليت الامارة ، فتطاولت في
البنيان ، واتخذت لك ماشية وزرعا ) وعرضت عليه امارة العراق فقال لا
والله لن تميلوا علي بدنياكم أبدا )
اقتدائه بالرسول
عاش أبو ذر -رضي الله عنه- مقتديا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو يقول أوصاني
خليلي بسبع ، أمرني بحب المساكين والدنو منهم ، وأمرني أن أنظر الى من هو دوني ولا
أنظر الى من هو فوقي ، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا ، وأمرني أن أصل الرحم ، وأمرني
أن أقول الحق ولو كان مرا ، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم ، وأمرني أن أكثر من
: لاحول ولا قوة الا بالله ) وعاش على هذه الوصية ، ويقول الامام علي - رضي الله
عنه - لم يبق اليوم أحد لايبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر )
وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى والذي نفسي بيده ، لو وضعتم السيف فوق عنقي
، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن تحتزوا
لأنفذتها ) ورآه صاحبه يوما يرتدي ***ابا قديما فقال له أليس لك ثوب غير هذا
؟ لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين ؟) فأجابه أبو ذر يا بن أخي ، لقد
أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني ) قال له والله انك لمحتاج اليهما ) فأجاب
أبو ذر اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا ، ألست ترى علي هذه البردة ، ولي أخرى لصلاة
الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)
وفاته
في ( الربذة ) جاءت سكرات الموت لأبي ذر الغفاري ، وبجواره زوجته تبكي ، فيسألها
فيم البكاء والموت حق ؟) فتجيبه بأنها تبكي لأنك تموت ، وليس عندي ثوب يسعك
كفنا !) فيبتسم ويطمئنها ويقول لها لا تبكي ، فاني سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول ليموتن رجل منكم بفلاة من
الأرض ، تشهده عصابة من المؤمنين ) وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة
وقرية ، ولم يبق منهم غيري ، وهأنذا بالفلاة أموت ، فراقبي الطريق فستطلع علينا
عصابة من المؤمنين ، فاني والله ما كذبت ولا كذبت ) وفاضت روحه الى الله ،
وصدق فهذه جماعة مؤمنة تأتي وعلى رأسها عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فما أن يرى وجه أبي ذر حتى تفيض عيناه بالدمع ويقول صدق رسول
الله ، تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ) وبدأ يقص على صحبه قصة هذه العبارة
التي قيلت في غزوة تبوك كما سبق ذكره