طويلب علم مبتدئ
16 / 02 / 2013, 57 : 12 PM
الي كل منصف يبحث عن الحق
لماذا تمت العجله في اختيار الخليفه بعد وفاه رسول الله ؟
· كانت سقيفة بني ساعدة مكانا يجتمع فيه أهل المدينة ليتخذوا قراراتهم في شؤونهم المهمة من خلال الشورى بين رؤسائهم. وبعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مباشرة اجتمع أهل المدينة، الذين كانوا قد أسلموا دون إكراه ولا إجبار ودعوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل هجـرته أن يأتي إليهم وكثيرون منهم أعانوه ونصروه وعرفوا بالأنصار،
في هذه السـقيفة، ورشَّحوا "سـعد بن عبادة زعيم قبيلة الخزرج
وأقْدَمُ كتب السيره في هذا الباب عند الشيعه والسنه هي
1- [سـيرة ابن هشـام] المعتمدة من قبل عامة المسلمين والتي ليس لقضية الشيعة والسنة فيها دخل، ومؤلفها "عبد الملك بن هشام المعافري"، وقد استخرج سيرته ورواها عن "محمد ابن اسـحق المطلبي" وهو من مؤرخي القرن الهجـري الأول والثاني، إذْ كانت وفاته في أوائل القرن الهجـري الثاني، وابن هشام نفسه كانت وفاته سنة 213هـ،
2- كتاب [تاريخ الإمامة والسياسة] لابن قـُتَيْبة وهو "عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري" المتوفى سنة 270 هـ.،
3- [تاريخ اليعقوبي] ومؤلفه "أحمد ابن يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب"، مؤرخ شيعي المذهب توفي سنة 292 هـ.،
4- [مروج الذهب ومعادن الجـوهر] و[التنبيه والإشراف] وهما "لعلي بن الحسين المسعودي"، المعروف بالتشيُّع والمتوفى سنة 345هـ.
وليس لأي ممن ذكر مصلحة خاصة في روايته لحديث سقيفة بني ساعدة. ولن نتجاوز في عرضنا لهذه القصة، إن شاء الله، ما اتفقت عليه تلك الكتب الخمسة المذكورة، والتي عرفنا أن ثلاثة منها هي من تأليف مؤلِّـفَيْن شيعيين.
وما اتفق عليه جميع المؤرخين وكتَّاب السيرة هو أنه لما ارتحل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شُغِل أهل بيته بأمر تجهيزه وتكفينه وكان في مقدمتهم علي بن أبي طالب والعباس عم الرسول صلى الله عليه وآله وأولاد العباس، أما بقية المهاجرين و الأنصار فقد اجتمعوا حول أبي بكر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ جاءهم رجل، على غير انتظار، يخبرهم أن طائفةً من الأنصار على رأسهم "سعد بن عبادة" قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وأنهم في صدد تعيين خليفة لإمامة وحكومة المسلمين فإن كان لكم بأمر الناس فأدرِكوا الناس قبل أن يتفاقم أمر الأنصار
وبتأمل ملابسات الخلافة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتبين أن علل ذلك يمكن تلخيصها بالأسباب التالية:
تمت بيعة السقيفة بشكلٍ مفاجئٍ وسريعٍ حتى أن عمر رضي الله عنه أقر منصفاً أكثر من مرة أن: "بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرَّها!"
( صحيح البخاري : كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت، حديث رقم 6328، وأحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين، أول مسند عمر بن الخطاب.)،
وعلة ذلك عدة أمور:
أ) كانت مدة مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قصيرة لم تتجاوز الأسبوع، وقد وجدت آثار التحسن في حاله الشريفة أكثر من مرة خلال هذه المدة بحيث أنه ما كان يُظّنُّ أن الرسول سيفارق الدنيا على أثر هذا المرض، لذا لم يكن لدى الصحابة المجال الكافي للتفكير والتدبر في الأمر برويّة.
ب) وقـعت وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان فيه أربعة من الدجَّالين قد ادعوا النبوَّة في أطراف المدينة المنوَّرة وهم مسيلمة وسجاح والأسود وأبو طليحة، فلو حصل أي تردد أو تأخير في تعيين الحاكم ورئيس الجماعة المسلمة لكان من الممكن أن يجد مدّعوا النبوَّة - الذين كانوا أعداء متربصين بالإسلام- الفرصة سانحة لمحاصرة المدينة والاستيلاء عليها وقد ينجر ذلك لوقوع مذبحة للمسلمين.
ج) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كتب في أواخر حياته الشريفة رسائل إلى ملوك ورؤساء الدنيا حوله يدعوهم فيها إلى الإسلام، كرسائله التي كتبها لهرقل عظيم الروم في سوريا والمقوقس ملك الأقباط في مصر، وخسـرو پرويز (كسـرى) ملك الفرس، ولذلك كان هؤلاء يتحسَّبون لخطر المسلمين، فإذا عرفوا أن نبي المسلمين قد فارق الدنيا وأن أصحابه انقسموا في شأن خلافته ولا زالوا بلا قائدٍ يوحدهم، لربما سارعوا إلى الانقضاض علىالمدينة وإخضاع المسلمين، لذا كان (الصحابة يشعرون أنه) لا بد من الإسراع في نصب الخليفة دفعاً لهذه الأخطار المحتملة.
د) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حال احتضاره قد جهَّز جيشاً بقيادة أسامة بن زيد وأمره بالتحرُّك نحو اليرموك، ولكن طروء وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقع الجيش في ارتباك وحيرة وما عاد يعرف ماذا يتوجب عليه فعله في هذا الظرف الجديد، لذا كان لا بد من تعيين سريع لإمام وحاكم على المسلمين ليعين تكليف هذا الجيش.
هـ) كان المسلمون يدركون أن تعيين الرئيس الحاكم عليهم، وصاحب السلطة التنفيذية لتنفيذ أحكام الإسلام، من أهم الواجبات، خاصة في تلك الظروف الحرجة والأوضاع المضطربة المذكورة
وهذا ما أشار إليه علي عليه السلام في رسالة جوابية كتبها لمعاوية حيث قال:
[والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين، بعدما يموت إمامهم أو يُقتَل، ضالاً كان أو مهتدياً، مظلوماً كان أو ظالماً، أن لا يعملوا عملاً ولا يُحْدِثوا حدثاً ولا يقدِّموا يداً أو رجلاً ولا يبدؤوا بشيء قبل أن يختاروا لأنفسهم إماماً يجمع أمرهم.
( تذكر كتب التاريخ مثل السيرة النبوية لابن هشام (ج 4/ ص 316) والكامل في التاريخ لابن الأثير أنه: "لما توفي رسول الله ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم" وتذكر أيضاً: "أن أكثر أهل مكة لما توفي رسول الله هموا بالرجوع عن الإسلام وأرادوا ذلك، حتى خافهم عتاب بن أسيد فتوارى، فقام سهيل بن عمرو فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر وفاة رسول الله وقال إن ذلك لم يزد الإسلام إلا قوة"
و) وقوع اختلاف بين المهاجرين والأنصار في إحدى الغزوات، وكذلك بين الأوس والخزرج، كان دالا على أن العصبية القبائلية لم تجف جذورها بل لا زالت ذات أثر فيهم، وهي عصبية قد تؤدي لنـزاع إذا لم يتم كبحها بسرعة، لذا كان لا بد من عدم التواني لحظة في نصب الإمام والحاكم لضبط الأمور ومنع حدوث أي صراع أو نزاع قد يضعف شوكة المسلمين، ولمواصلة تطبيق أحكام وأوامر الشريعة الإلـهية الخالدة التي لا يجوز تعطيلها حتى ولا دقيقة واحدة،
من هذا المنطلق كان الصحابة في غاية العجلة لتحقيق هذا الأمر، يضاف إلى ذلك أن جماعة المهاجرين الذين كانوا قد سمعوه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «الأئمة من قريش»
وسمعوه يوصي بالأنصار قائلا: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار»
( أخرجه مسلم في صحيحه: 44- كتاب فضائل الصحابة/ حديث 172 عن زيد بن أرقم، والترمذي في جامعه: ج 5/ 3902) عن قتادة)،
و«إن الأنصار كَرِشي وعيبتي.. فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم..»
( أخرجه البخاري في صحيحه (63 - كتاب فضائل الأنصار/ 11 - باب قول النبي اقبلوا من محسنهم..) ومسلم في صحيحه (44 - كتاب فضائل الصحابة / ح 176).)،
فهموا من ذلك - كما فهم علي عليه السلام ذلك أيضاً- موافقته (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن ولاية الأمر ليست فيهم بل في قريش والمهاجرين
(((جاء في الخطبة رقم 67 من نهج البلاغة أنه: «لما انتهت إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال عليه السلام: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير، قال عليه السلام: فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصى بأن يُحسَن إلى محسنهم ويُتَجاوز عن مسيئهم؟
قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم؟
فقال عليه السلام: لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم.
ثم قال عليه السلام: فماذا قالت قريش؟
قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال عليه السلام: احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة !».
ونلاحظ هنا أيضاً أن عليّاً لم يشر في هذا المقام إلى موضوع النص عليه في غدير خم، رغم أن المقام كان يوجب الإشارة لذلك والاحتجاج به،
بل كل ما قاله أنه أولى بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه إذا كانت قريش والمهاجرون شجرة الرسول فهو لب هذه الشجرة وثمرتها.
ولا شك أنه لو كان عليه السلام يعتقد بأن الله تعالى نص عليه فعلا في الغدير، لقال للناس عوضا عن ذلك - من باب الأمر بالمعروف وإرشاد خلق الله وتذكير الناس بالحق وإتمام الحجة عليهم - :
لماذا لم يذكروا أو لم يحتجوا بخطبة غدير خم؟ ولماذا تخلفوا عن أمر الله تعالى؟
حقا إنه غير قابل للتصديق أن يكتفي علي عليه السلام ببيان أولويته وأصلحيته، ويسكت عن بيان أمر الله تعالى ونصه)))
لذلك اضطرهم ما رأوه من استعجال الأنصار في سعيهم لتنصيب خليفة من بينهم أن يتداركوا الأمر بسرعة ويمنعوهم من ذلك قبل أن يخرج الأمر عن أيديهم وينقسم المسلمون على بعضهم، فجزاهم الله تعالى عن الإسلام وأهله كل خير.
2 - كان علي عليه السلام مشغولا بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يشارك في المشورة في السقيفة ولم يطرح نفسه لانتخاب الناس، و فهم بعض الناس من عدم حضوره السقيفة ، عدم رغبته في الأمر، ولذلك لم يتعرضوا لانتخابه،ومن دون شك أنه لو كان قد طرح نفسه للخلافة من البداية واستدل على أولويته لما عدل الصحابة عنه إلى غيره ولما وُجِدَ له معارض
ملاحظه هامه
لم يكن يوجد في ذلك الحين كل هذا الكم الكبير من بعض الروايات والأخبارالواهية السند التي انتشرت في كتب الشيعه قبل الدوله الصفويه و في عهد متأخر وجدت المبالغات في فضائل ومناقب علي عليه السلام التي يرفعه بعضها إلى مقامات فوق بشرية أو ينسب إليه أقوالاً تجعله المتصـرّف بالكون والقائم بأفعال الله... الخ
والتي نراها في كتب الشيعه اليوم، ولا كل تلك التأويلات للآيات القرآنية في حقه، ولا كان أحد يعتبر عليّاً "عين الله الناظرة ويد الله الباسطة"!
ولا كان أحد قد وقع بعد في تلك الحيرة (!)
ووصل الامر قول أحد شعراء العصور المتاخره فقال مخاطباً عليّاً عليه السلام:
إن لم أعتبرك الله فأنا محتار ماذا أعتبرك؟؟(فلعن الله الغلاه والي الله المشتكي)
بل كانوا يعتبرونه صحابيا من السابقين المهاجرين المجاهدين العالمين الفقهاء بالقرآن وأحكام الإسلام،
وأما ما جاء في الخطبه الشقشقية المشهورة عند الشيعه والتي تفيد أن الإمام علي عليه السلام كان يرى نفسه أحق الناس بولاية أمر المسلمين والقيام بزمام أمورهم، لا من حيث أن الله أنزل فيه نصا وأمرا ملزما فرضه على الناس في ذلك، بل من حيث الفضل والعلم والفقه والمعرفة، حيث يقول:
[لقد تقمَّصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير..]
ومن الجدير بالذكر أن راوي هذه الخطبة عن علي عليه السلام هو "عكرمة مولى ابن عباس"
وقد قال عنه الممقاني في رجاله: « قال عنه العلامة الحلي في خلاصة الرجال في القسم الثاني من كتابه المخصص للضعفاء: "إنه ليس على طريقتنا ولا من أصحابنا ولم يرد فيه توثيق."
وأورد الشيخ الكليني في الكافي ضمن حديثٍ: "هذا عكرمة في الموت! (أي حاله الروائي ميت) وكان يرى رأي الخوارج."
(ثم استنتج الممقاني قائلاً "على كل حال فكون عكرمة مولى ابن عباس منحرفا لا يحتاج إلى برهان
كما نبه على ذلك السيد ابن طاووس"» انظر تنقيح المقال في أحوال الرجال للممقاني
لماذا تمت العجله في اختيار الخليفه بعد وفاه رسول الله ؟
· كانت سقيفة بني ساعدة مكانا يجتمع فيه أهل المدينة ليتخذوا قراراتهم في شؤونهم المهمة من خلال الشورى بين رؤسائهم. وبعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مباشرة اجتمع أهل المدينة، الذين كانوا قد أسلموا دون إكراه ولا إجبار ودعوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل هجـرته أن يأتي إليهم وكثيرون منهم أعانوه ونصروه وعرفوا بالأنصار،
في هذه السـقيفة، ورشَّحوا "سـعد بن عبادة زعيم قبيلة الخزرج
وأقْدَمُ كتب السيره في هذا الباب عند الشيعه والسنه هي
1- [سـيرة ابن هشـام] المعتمدة من قبل عامة المسلمين والتي ليس لقضية الشيعة والسنة فيها دخل، ومؤلفها "عبد الملك بن هشام المعافري"، وقد استخرج سيرته ورواها عن "محمد ابن اسـحق المطلبي" وهو من مؤرخي القرن الهجـري الأول والثاني، إذْ كانت وفاته في أوائل القرن الهجـري الثاني، وابن هشام نفسه كانت وفاته سنة 213هـ،
2- كتاب [تاريخ الإمامة والسياسة] لابن قـُتَيْبة وهو "عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري" المتوفى سنة 270 هـ.،
3- [تاريخ اليعقوبي] ومؤلفه "أحمد ابن يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب"، مؤرخ شيعي المذهب توفي سنة 292 هـ.،
4- [مروج الذهب ومعادن الجـوهر] و[التنبيه والإشراف] وهما "لعلي بن الحسين المسعودي"، المعروف بالتشيُّع والمتوفى سنة 345هـ.
وليس لأي ممن ذكر مصلحة خاصة في روايته لحديث سقيفة بني ساعدة. ولن نتجاوز في عرضنا لهذه القصة، إن شاء الله، ما اتفقت عليه تلك الكتب الخمسة المذكورة، والتي عرفنا أن ثلاثة منها هي من تأليف مؤلِّـفَيْن شيعيين.
وما اتفق عليه جميع المؤرخين وكتَّاب السيرة هو أنه لما ارتحل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شُغِل أهل بيته بأمر تجهيزه وتكفينه وكان في مقدمتهم علي بن أبي طالب والعباس عم الرسول صلى الله عليه وآله وأولاد العباس، أما بقية المهاجرين و الأنصار فقد اجتمعوا حول أبي بكر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ جاءهم رجل، على غير انتظار، يخبرهم أن طائفةً من الأنصار على رأسهم "سعد بن عبادة" قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وأنهم في صدد تعيين خليفة لإمامة وحكومة المسلمين فإن كان لكم بأمر الناس فأدرِكوا الناس قبل أن يتفاقم أمر الأنصار
وبتأمل ملابسات الخلافة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتبين أن علل ذلك يمكن تلخيصها بالأسباب التالية:
تمت بيعة السقيفة بشكلٍ مفاجئٍ وسريعٍ حتى أن عمر رضي الله عنه أقر منصفاً أكثر من مرة أن: "بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرَّها!"
( صحيح البخاري : كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت، حديث رقم 6328، وأحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين، أول مسند عمر بن الخطاب.)،
وعلة ذلك عدة أمور:
أ) كانت مدة مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قصيرة لم تتجاوز الأسبوع، وقد وجدت آثار التحسن في حاله الشريفة أكثر من مرة خلال هذه المدة بحيث أنه ما كان يُظّنُّ أن الرسول سيفارق الدنيا على أثر هذا المرض، لذا لم يكن لدى الصحابة المجال الكافي للتفكير والتدبر في الأمر برويّة.
ب) وقـعت وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان فيه أربعة من الدجَّالين قد ادعوا النبوَّة في أطراف المدينة المنوَّرة وهم مسيلمة وسجاح والأسود وأبو طليحة، فلو حصل أي تردد أو تأخير في تعيين الحاكم ورئيس الجماعة المسلمة لكان من الممكن أن يجد مدّعوا النبوَّة - الذين كانوا أعداء متربصين بالإسلام- الفرصة سانحة لمحاصرة المدينة والاستيلاء عليها وقد ينجر ذلك لوقوع مذبحة للمسلمين.
ج) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كتب في أواخر حياته الشريفة رسائل إلى ملوك ورؤساء الدنيا حوله يدعوهم فيها إلى الإسلام، كرسائله التي كتبها لهرقل عظيم الروم في سوريا والمقوقس ملك الأقباط في مصر، وخسـرو پرويز (كسـرى) ملك الفرس، ولذلك كان هؤلاء يتحسَّبون لخطر المسلمين، فإذا عرفوا أن نبي المسلمين قد فارق الدنيا وأن أصحابه انقسموا في شأن خلافته ولا زالوا بلا قائدٍ يوحدهم، لربما سارعوا إلى الانقضاض علىالمدينة وإخضاع المسلمين، لذا كان (الصحابة يشعرون أنه) لا بد من الإسراع في نصب الخليفة دفعاً لهذه الأخطار المحتملة.
د) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حال احتضاره قد جهَّز جيشاً بقيادة أسامة بن زيد وأمره بالتحرُّك نحو اليرموك، ولكن طروء وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) أوقع الجيش في ارتباك وحيرة وما عاد يعرف ماذا يتوجب عليه فعله في هذا الظرف الجديد، لذا كان لا بد من تعيين سريع لإمام وحاكم على المسلمين ليعين تكليف هذا الجيش.
هـ) كان المسلمون يدركون أن تعيين الرئيس الحاكم عليهم، وصاحب السلطة التنفيذية لتنفيذ أحكام الإسلام، من أهم الواجبات، خاصة في تلك الظروف الحرجة والأوضاع المضطربة المذكورة
وهذا ما أشار إليه علي عليه السلام في رسالة جوابية كتبها لمعاوية حيث قال:
[والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين، بعدما يموت إمامهم أو يُقتَل، ضالاً كان أو مهتدياً، مظلوماً كان أو ظالماً، أن لا يعملوا عملاً ولا يُحْدِثوا حدثاً ولا يقدِّموا يداً أو رجلاً ولا يبدؤوا بشيء قبل أن يختاروا لأنفسهم إماماً يجمع أمرهم.
( تذكر كتب التاريخ مثل السيرة النبوية لابن هشام (ج 4/ ص 316) والكامل في التاريخ لابن الأثير أنه: "لما توفي رسول الله ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم" وتذكر أيضاً: "أن أكثر أهل مكة لما توفي رسول الله هموا بالرجوع عن الإسلام وأرادوا ذلك، حتى خافهم عتاب بن أسيد فتوارى، فقام سهيل بن عمرو فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر وفاة رسول الله وقال إن ذلك لم يزد الإسلام إلا قوة"
و) وقوع اختلاف بين المهاجرين والأنصار في إحدى الغزوات، وكذلك بين الأوس والخزرج، كان دالا على أن العصبية القبائلية لم تجف جذورها بل لا زالت ذات أثر فيهم، وهي عصبية قد تؤدي لنـزاع إذا لم يتم كبحها بسرعة، لذا كان لا بد من عدم التواني لحظة في نصب الإمام والحاكم لضبط الأمور ومنع حدوث أي صراع أو نزاع قد يضعف شوكة المسلمين، ولمواصلة تطبيق أحكام وأوامر الشريعة الإلـهية الخالدة التي لا يجوز تعطيلها حتى ولا دقيقة واحدة،
من هذا المنطلق كان الصحابة في غاية العجلة لتحقيق هذا الأمر، يضاف إلى ذلك أن جماعة المهاجرين الذين كانوا قد سمعوه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «الأئمة من قريش»
وسمعوه يوصي بالأنصار قائلا: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار»
( أخرجه مسلم في صحيحه: 44- كتاب فضائل الصحابة/ حديث 172 عن زيد بن أرقم، والترمذي في جامعه: ج 5/ 3902) عن قتادة)،
و«إن الأنصار كَرِشي وعيبتي.. فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم..»
( أخرجه البخاري في صحيحه (63 - كتاب فضائل الأنصار/ 11 - باب قول النبي اقبلوا من محسنهم..) ومسلم في صحيحه (44 - كتاب فضائل الصحابة / ح 176).)،
فهموا من ذلك - كما فهم علي عليه السلام ذلك أيضاً- موافقته (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن ولاية الأمر ليست فيهم بل في قريش والمهاجرين
(((جاء في الخطبة رقم 67 من نهج البلاغة أنه: «لما انتهت إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال عليه السلام: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير، قال عليه السلام: فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصى بأن يُحسَن إلى محسنهم ويُتَجاوز عن مسيئهم؟
قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم؟
فقال عليه السلام: لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم.
ثم قال عليه السلام: فماذا قالت قريش؟
قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال عليه السلام: احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة !».
ونلاحظ هنا أيضاً أن عليّاً لم يشر في هذا المقام إلى موضوع النص عليه في غدير خم، رغم أن المقام كان يوجب الإشارة لذلك والاحتجاج به،
بل كل ما قاله أنه أولى بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه إذا كانت قريش والمهاجرون شجرة الرسول فهو لب هذه الشجرة وثمرتها.
ولا شك أنه لو كان عليه السلام يعتقد بأن الله تعالى نص عليه فعلا في الغدير، لقال للناس عوضا عن ذلك - من باب الأمر بالمعروف وإرشاد خلق الله وتذكير الناس بالحق وإتمام الحجة عليهم - :
لماذا لم يذكروا أو لم يحتجوا بخطبة غدير خم؟ ولماذا تخلفوا عن أمر الله تعالى؟
حقا إنه غير قابل للتصديق أن يكتفي علي عليه السلام ببيان أولويته وأصلحيته، ويسكت عن بيان أمر الله تعالى ونصه)))
لذلك اضطرهم ما رأوه من استعجال الأنصار في سعيهم لتنصيب خليفة من بينهم أن يتداركوا الأمر بسرعة ويمنعوهم من ذلك قبل أن يخرج الأمر عن أيديهم وينقسم المسلمون على بعضهم، فجزاهم الله تعالى عن الإسلام وأهله كل خير.
2 - كان علي عليه السلام مشغولا بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يشارك في المشورة في السقيفة ولم يطرح نفسه لانتخاب الناس، و فهم بعض الناس من عدم حضوره السقيفة ، عدم رغبته في الأمر، ولذلك لم يتعرضوا لانتخابه،ومن دون شك أنه لو كان قد طرح نفسه للخلافة من البداية واستدل على أولويته لما عدل الصحابة عنه إلى غيره ولما وُجِدَ له معارض
ملاحظه هامه
لم يكن يوجد في ذلك الحين كل هذا الكم الكبير من بعض الروايات والأخبارالواهية السند التي انتشرت في كتب الشيعه قبل الدوله الصفويه و في عهد متأخر وجدت المبالغات في فضائل ومناقب علي عليه السلام التي يرفعه بعضها إلى مقامات فوق بشرية أو ينسب إليه أقوالاً تجعله المتصـرّف بالكون والقائم بأفعال الله... الخ
والتي نراها في كتب الشيعه اليوم، ولا كل تلك التأويلات للآيات القرآنية في حقه، ولا كان أحد يعتبر عليّاً "عين الله الناظرة ويد الله الباسطة"!
ولا كان أحد قد وقع بعد في تلك الحيرة (!)
ووصل الامر قول أحد شعراء العصور المتاخره فقال مخاطباً عليّاً عليه السلام:
إن لم أعتبرك الله فأنا محتار ماذا أعتبرك؟؟(فلعن الله الغلاه والي الله المشتكي)
بل كانوا يعتبرونه صحابيا من السابقين المهاجرين المجاهدين العالمين الفقهاء بالقرآن وأحكام الإسلام،
وأما ما جاء في الخطبه الشقشقية المشهورة عند الشيعه والتي تفيد أن الإمام علي عليه السلام كان يرى نفسه أحق الناس بولاية أمر المسلمين والقيام بزمام أمورهم، لا من حيث أن الله أنزل فيه نصا وأمرا ملزما فرضه على الناس في ذلك، بل من حيث الفضل والعلم والفقه والمعرفة، حيث يقول:
[لقد تقمَّصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير..]
ومن الجدير بالذكر أن راوي هذه الخطبة عن علي عليه السلام هو "عكرمة مولى ابن عباس"
وقد قال عنه الممقاني في رجاله: « قال عنه العلامة الحلي في خلاصة الرجال في القسم الثاني من كتابه المخصص للضعفاء: "إنه ليس على طريقتنا ولا من أصحابنا ولم يرد فيه توثيق."
وأورد الشيخ الكليني في الكافي ضمن حديثٍ: "هذا عكرمة في الموت! (أي حاله الروائي ميت) وكان يرى رأي الخوارج."
(ثم استنتج الممقاني قائلاً "على كل حال فكون عكرمة مولى ابن عباس منحرفا لا يحتاج إلى برهان
كما نبه على ذلك السيد ابن طاووس"» انظر تنقيح المقال في أحوال الرجال للممقاني