المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هديه صلى الله عليه وسلم فى الأرض المغنومة


شريف حمدان
22 / 05 / 2013, 47 : 05 AM
http://up.ahlalalm.info/photo2/iya32406.gif

احبتي في الله

هديه صلى الله عليه وسلم فى الأرض المغنومة


ثبت عنه أنه قسم أرضَ بنى قُريظة وبنى النَّضير وخيبر بينَ الغانمين، وأما المدينة، ففُـتِحت بالقرآن، وأسلم عليها أهلُها، فأُقِرَّت بحالها. وأما مكة، ففتحها عَنْوَةً، ولم يقسمها، فأشكل على كُلِّ طائفةٍ من العلماء الجمعُ بين فتحها عنوة، وتركِ قسمتها، فقالت طائفة: لأنها دارُ المناسِكِ، وهى وقفٌ على المسلمين كلِّهم، وهم فيها سواء، فلا يُمْكِنُ قسمتُها، ثم مِن هؤلاء مَن منع بيعهَا وإجارَتها، ومنهم مَن جوَّز بيع رِباعها، ومنع إجارَتها، والشافعى لما لم يجمع بين العَنوةِ، وبين عدم القسمة، قال: إنها فُتِحتْ صُلحاً، فلذلك لم تُقْسم. قال: ولو فُتِحَتْ عَنوة، لكانت غنيمة، فيجبُ قسمتها كما تجب قسمةُ الحيوان والمنقول، ولم يرَ بأساً من بيع رباع مكة، وإجارتها، واحتج بأنها ملك لأربابها تُورث عنهم وتُوهب، وقد أضافها الله سبحانه إليهم إضافةَ الملك إلى مالكه، واشترى عمرُ بن الخطاب داراً مِن صفوان بن أمية، وقيل للنبى صلى الله عليه وسلم: أين تنزل غداً فى دارك بمكة ؟ فقال: ((وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أو دُورٍ)) وكان عقيلُ ورثَ أبا طالب، فلمّا كان أصل الشافعى أن الأرضَ من الغنائم، وأن الغنائم تجبُ قسمتُها، وأن مكَّةَ تُملك وتُباع، ورِباعها ودُورها لم تقسم، لم يجد بُداً من القولِ بأنها فُتِحَتْ صُلْحَاً.
لكن من تأمل الأحاديثَ الصحيحةَ، وجدها كلَّها دالة على قول الجمهور، أنها فتحت عَنوة. ثم اختلفوا لأى شىء لم يقسمها ؟ فقالت طائفة: لأنها دار النُّسُك ومحلُّ العبادة، فهى وقف من الله على عباده المسلمين. وقالت طائفة: الإمام مُخَيّرٌ فى الأرض بين قسمتها وبين وقفها، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم قسم خيبرَ، ولم يقسم مكة، فدل على جواز الأمرين. قالوا: والأرضُ لا تدخلُ فى الغنائمِ المأمورِ بقسمتها، بَل الغنائمُ هى الحيوانُ والمنقولُ، لأن الله تعالى لم يُحِلَّ الغنائم لأمة غير هذه الأُمة، وأحل لهم ديارَ الكفر وأرضهم كما قال تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم} إلى قوله: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} [المائدة: 20-21]، وقال فى ديارِ فرعون وقومِهِ وأرضهم: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَـنِى إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 59]، فعُلِم أن الأرض لا تدخل فى الغنائم، والإمامُ مخيَّر فيها بحسب المصلحة، وقَد قَسَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وترك، وعُمَرُ لم يقسم، بل أقرَّها على حالها وضرب عليها خراجاً مستمراً فى رقبتها يكون للمقاتلة، فهذا معنى وقفها، ليس معناه الوقف الذى يمنع مِن نقل الملك فى الرقبة، بل يجوزُ بيعُ هذهِ الأرض كما هو عملُ الأُمة، وقد أجمعوا على أنها تورث، والوقف لا يُورث، وقد نص الإمامُ أحمد رحمه الله تعالى على أنها يجوزُ أن تُجعل صداقاً، والوقفُ لا يجوز أن يكون مهراً فى النكاح، ولأن الوقفَ إنما امتنع بيعهُ ونقل الملك فى رقبته لما فى ذلك من إبطال حقِّ البطون الموقوف عليهم من منفعته، والمقاتلة حقهم فى خراج الأرض، فمن اشتراها صارت عنده خراجية، كما كانت عند البائع سواءً، فلا يبطُلُ حق أحدٍ من المسلمين بهذا البيع، كما لم يبطل بالميراث والهبة والصَّداق، ونظيرُ هذا بيعُ رقبة المكاتب، وقد انعقد فيه سببُ الحرية بالكتابة، فإنه ينتقل إلى المشترى مكاتباً كما كان عند البائع، ولا يبطل ما انعقد فى حقِّه من سبب العتق ببيعه.. والله أعلم.
ومما يدلُّ على ذلك أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قسم نِصفَ أرضِ خيبر خاصة، ولو كان حكمُها حكمَ الغنيمة، لقسمها كلها بعد الخُمُس، ففى ((السنن)) و ((المستدرك)): ((أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمَها على ستةِ وثلاثين سهماً، جَمَعَ كُلُّ سَهْم مِائَةَ سَهْمٍ، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النِّصفُ من ذلك، وعَزَلَ النِّصفَ الباقى لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائبِ الناسِ)). هذا لفظ أبى داود، وفى لفظ: ((عزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثمانيةَ عَشَرَ سهماً، وهو الشطرُ لِنوائبِهِ، وما ينزلُ بهِ من أمر المسلمين، وكان ذَلِكَ الوَطِيحَ والكُتَيْبَةَ، والسُّلالِمَ وتوَابِعَهَا)). وفى لفظ له أيضاً: ((عزلَ نِصفها لنوائبه وما نزل له: الوَطيحة والكُتيبة، وما أُحيزَ مَعَهُمَا، وعزل النصفَ الآخر، فقسمه بين المسلمين: الشِّقَّ والنَّطَاةَ، وما أُحيزَ معهما، وكان سهمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أُحيز معهما)).

فصل

والذى يدل على أن مكة فتحت عَنوة وجوه:
أحدها: أنه لم ينقُلْ أحدٌ قطُّ أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم صالح أهلها زمنَ الفتح، ولا جاءه أحدٌ مِنهم صالحه على البلدِ، وإنما جاءَهُ أبو سفيان، فأعطاه الأمانَ لِمن دخلَ دارَهُ، أو أغلقَ بابه، أو دخل المسجد، أو ألقى سلاحه. ولو كانت قد فتحت صُلحاً، لم يقل: مَن دخل داره، أو أغلق بابه، أو دخل المسجد فهو آمن، فإن الصلح يقتضى الأمان العام.
الثانى: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الله حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ والمُؤْمِنِينَ، وإِنَّهُ أَذِنَ لى فيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَار)).
وفى لفظ: ((إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لأحَدٍ قَبْلِى، ولَنْ تَحِلَّ لأحَدٍ بَعْدِى، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نهارٍ)).
وفى لفظ: ((فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَال رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُولْوا: إِنّ الله أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَن لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذنَ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بالأمسِ)). وهذا صريح فى أَنَّهَا فتحت عَنوة.
وأيضاً فإنه ثبتَ فى ((الصحيح)): أنه جعلَ يومَ الفتحِ خالدَ بْنَ الوليدِ على المُجَنَّبَةِ اليُمْنَى، وجعل الزُّبَيْرَ على المُجَنَّبة اليسرى، وجعَلَ أبا عُبيدة على الحُسَّرِ وبَطْنِ الوَادِى، فَقَالَ: ((يَا أبَا هُريَرْة ادْعُ لى الأَنْصار)) فجاؤوا يُهَرْوِلُونَ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الأَنْصارِ، هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْش)) ؟ قالُوا: نعم، قال: ((انْظُرُوا إذا لَقِيتُمُوهُم غَداً أَنْ تَحْصِدُوهُم حَصْداً))، وَأَخْفَى بِيَدِهِ، وَوَضَعَ يَمِينَهُ على شِمَالِهِ، وقال: ((مَوْعِدُكُم الصَّفا))، قال: فما أَشرفَ يَوْمَئِذٍ لهم أحدٌ إلا أناموه، وصَعِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصَّفا، وجَاءَتِ الأَنْصَارُ، فأطافُوا بالصَّفَا، فجاء أبُو سفيانَ فقال: ((يا رَسُولَ الله ؛ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قريشٍ، لا قُرَيْشٍ بَعْدَ اليَوْمِ)). فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَخًلَ دَارَ أبى سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، ومَنْ أَلْقَـى السِّلاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ)).
وأيضاً فإنَّ أُمَّ هانئ أجارَتْ رجُلاً، فأراد علىُّ بنُ أبى طالب قتله، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يا أُمَّ هانئ))
وفى لفظ عنها: لـمَّا كان يومُ فتحِ مكة، أجرتُ رجلين مِن أحمائى، فأدخلتُهما بيتاً، وأغلقتُ عليهما باباً، فجاء ابنُ أمى علىٌ فَتَفَلَّتَ عليهما بالسَّيْفِ، فذكرت حديثَ الأمانِ، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يا أُمَّ هانىء)) وذلك ضُحى بجوف مكة بعد الفتح، فإجارتُها له، وإرادةُ علىّ رضى الله عنه قتله، وإمضاءُ النبى صلى الله عليه وسلم إجارتَهَا صريحٌ فى أنها فُتِحَتْ عنوةً.
وأيضاً.. فإنه أمر بقتل مَقِيسِ بْنِ صُبابة، وابنِ خطل، وجاريتين، ولو كانت فُتِحَتْ صُلْحاً، لم يأمر بقتل أحد من أهلها، ولكان ذكرُ هؤلاء مستثنى من عقد الصلحِ، وأيضاً ففى ((السنن)) بإسناد صحيح: أن النبى صلى الله عليه وسلم لـمَّا كان يَوْمُ فتحِ مكة، قال: ((أَمِّنُوا النَّاسَ إلا امْرَأَتَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ نَفَرٍ، اقْتُلُوهُم وإنَ وَجَدتْموهُم مُتَعَلِّقينَ بأَسْتَارِ الكَعْبَة)) والله أعلم.

فصل

ومنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من إِقَامَةِ المُسْلِم بين المُشْرِكِينَ إِذَا قَدَرَ على الهِجْرَةِ مِن بينهم، وقال: ((أنا بَرىءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ المُشْرِكِينَ)). قيل: يَا رسُول الله ؛ وَلِمَ ؟ قَالَ: ((لا تَراءى نَاراهُمَا)) ، وقال: ((مَنْ جامع المُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ))، وقال: ((لا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، ولا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبها))، وقال: ((سَتَكُونُ هِجْرَةٌ، بَعْدَ هِجْرَة، فَخِيَارُ أَهْلِ الأرْضِ أَلْزَمُهُم مُهَاجَرَ إِبْرَاهيمَ، وَيَبْقَى فى الأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُم. تَقْذَرُهُم نَفْسُ الله، وتَحْشُرُهُم النّارُ مَعَ القِرَدَةِ والخَنَازِيرِ)).

عمر عبدالجواد
24 / 05 / 2013, 41 : 11 PM
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرا
جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك
واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

شريف حمدان
03 / 06 / 2013, 15 : 12 AM
شرفت بمروركم
الطيب
وسعدت بكم كثيرا
حبيبي
الغالي
عمر