شريف حمدان
13 / 12 / 2013, 20 : 05 AM
http://up.ahlalalm.info/photo2/iya32406.gif
احبتي في الله
في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: {وإِن تظاهرا عليه}
944 - حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ،
فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ؛
حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ،
فَلَمَّا رَجَعْتُ،
وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ،
عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ،
قَالَ:
فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ،
ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ
فَقُلْتُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ
فَقَالَ:
تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ
قَالَ:
فَقُلْتُ:
وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ
قَالَ:
فَلاَ تَفْعَلْ؛
مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي،
فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ به
قَالَ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ:
وَاللهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلَيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ؛
قَالَ:
فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ،
إِذْ قَالَتْ امْرَأَتِي:
لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا
قَالَ
فَقُلْتُ لَهَا:
مَا لَكِ وَلِمَا ههُنَا،
فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ
فَقَالَتْ لِي:
عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ،
وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ
غَضْبَانَ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ؛
فَقَالَ لَهَا:
يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ
فَقَالَتْ حَفْصَةُ:
وَاللهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ
فَقُلْتُ:
تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكَ هذِهِ الَّتي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا
(يُريدُ عَائِشَةَ).
قَالَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمَّ سَلَمَةَ، لِقَرَابَتِي مِنْهَا،
فَكَلَّمْتُهَا؛
فَقَالَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ:
عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ
دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِي أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ فَأَخَذَتْنِي، وَاللهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ،
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا.
وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ،
إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالخَبَرِ،
وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ؛
وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ؛
فَقَالَ:
افْتَحْ
افْتَحْ
فَقُلْتُ:
جَاءَ الْغَسَّانِيُّ
فَقَالَ:
بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ،
اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ؛
فَقُلْتُ:
رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعائِشَةَ فَأَخَذْتُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ
فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ،
وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ؛
فَقُلْتُ لَهُ:
قُلْ هذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
فَأَذِنَ لِي قَالَ عُمَرُ:
فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذَا الْحَدِيثَ،
فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ،
وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ،
وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا،
وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ؛
فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ،
فَبَكَيْتُ؛
فَقَالَ:
مَا يُبْكِيكَ
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ كِسْرى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ،
وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ
فَقَالَ:
أَمَا تَرْضى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيا وَلَنَا الآخِرَةُ.
[أخرجه البخاري في: 65 كتاب التفسير: 66 سورة التحريم: 2 باب
{تبتغي مرضاة أزواجك}]
- حديث عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ
عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ
قَالَ اللهُ تعالى:
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ،
وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، فَتَبَرَّزَ،
ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ؛
فَقُلْتُ لَهُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اللَّتَانَ قَالَ اللهُ تعالى:
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
قَالَ:
وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَة ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ،
قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ،
وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ،
وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا،
فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ،
وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ؛
وَكُنَّا،
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ،
نَغْلِبُ النِّسَاءَ؛
فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ،
فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ الأَنْصَارِ؛
فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي،
فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي؛
قَالَتْ:
وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ،
وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ،
فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ،
وَقُلْتُ لَهَا:
قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ.
ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي،
فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ؛
فَقُلْتُ لَهَا:
أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ
قَالَتْ:
نَعَمْ
فَقُلْتُ:
قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ،
أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَتَهْلِكِي لاَ تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ،
وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ،
وَلاَ يَغُرَّنَّكَ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ
وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُرِيدُ عَائِشَةَ).
قَالَ عُمَرُ:
وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا،
فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ،
فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً،
فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا؛
وَقَالَ:
أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ،
فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ؛
فَقَالَ:
قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ،
قُلْتُ:
مَا هُوَ،
أَجَاءَ غَسَّان
قَالَ:
لاَ،
بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ،
طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ؛
فَقُلْتُ:
خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ،
قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي،
فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُبَةً لَهُ،
فَاعْتَزَلَ فِيهَا،
وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي؛
فَقُلْتُ:
مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هذَا أَطَلَّقَكنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَتْ:
لاَ أَدْرِي،
هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ،
فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ،
يَبْكِي بَعْضُهُمْ؛
فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً،
ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ،
فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ،
اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ الْغُلاَمُ،
فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ رَجَعَ،
فَقَالَ:
كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَانْصَرَفْتُ،
حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ
فَقْلتُ لِلْغُلاَمِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ،
فَقَالَ:
قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ،
فَقُلْتُ:
اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ
فَقَالَ:
قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا
(قَالَ)
إِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِي
فَقَالَ:
قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ،
قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ،
مَتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ؛
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ،
وَأَنَا قَائِمٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ،
فَقَالَ:
لاَ،
فَقُلْتُ:
اللهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قُلْتُ،
وَأَنَا قَائِمٌ:
أَسْتَأْنِسُ،
يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتَنِي،
وَكُنَّا،
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، نَغْلِبُ النِّسَاءَ،
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ،
إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ؛
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتَنِي،
وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ،
فَقُلْتُ لَهَا:
لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُرِيدُ عَائِشَةَ)
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى؛
فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ،
فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ،
فَواللهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ،
فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ،
وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللهَ.
فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَكَانَ مُتَّكِئًا،
فَقَالَ:
أَوَ فِي هذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ
إِنَّ أُولئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لِي.
فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ الْحَدِيثِ،
حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ،
تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً،
وَكَانَ قَالَ:
مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ،
حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ.
فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا،
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا،
وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا
فَقَالَ:
الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.
فَكَانَ ذلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً
قَالَتْ عَائِشَةُ:
ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ،
فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ،
فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
[أخرجه البخاري في: 67 كتاب النكاح: 83 باب
موعظة الرجل ابنته لحال زوجها]
ولا تنسونا بصالح الدعاء
http://up.ahlalalm.info/photo2/azz10534.gif
احبتي في الله
في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: {وإِن تظاهرا عليه}
944 - حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ،
فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ؛
حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ،
فَلَمَّا رَجَعْتُ،
وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ،
عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ،
قَالَ:
فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ،
ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ
فَقُلْتُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ
فَقَالَ:
تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ
قَالَ:
فَقُلْتُ:
وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ
قَالَ:
فَلاَ تَفْعَلْ؛
مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي،
فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ به
قَالَ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ:
وَاللهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلَيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ؛
قَالَ:
فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ،
إِذْ قَالَتْ امْرَأَتِي:
لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا
قَالَ
فَقُلْتُ لَهَا:
مَا لَكِ وَلِمَا ههُنَا،
فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ
فَقَالَتْ لِي:
عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ،
وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ
غَضْبَانَ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ؛
فَقَالَ لَهَا:
يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ
فَقَالَتْ حَفْصَةُ:
وَاللهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ
فَقُلْتُ:
تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكَ هذِهِ الَّتي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا
(يُريدُ عَائِشَةَ).
قَالَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمَّ سَلَمَةَ، لِقَرَابَتِي مِنْهَا،
فَكَلَّمْتُهَا؛
فَقَالَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ:
عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ
دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِي أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ فَأَخَذَتْنِي، وَاللهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ،
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا.
وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ،
إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالخَبَرِ،
وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ؛
وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ؛
فَقَالَ:
افْتَحْ
افْتَحْ
فَقُلْتُ:
جَاءَ الْغَسَّانِيُّ
فَقَالَ:
بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ،
اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ؛
فَقُلْتُ:
رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعائِشَةَ فَأَخَذْتُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ
فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ،
وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ؛
فَقُلْتُ لَهُ:
قُلْ هذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،
فَأَذِنَ لِي قَالَ عُمَرُ:
فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذَا الْحَدِيثَ،
فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ،
وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ،
وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا،
وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ؛
فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ،
فَبَكَيْتُ؛
فَقَالَ:
مَا يُبْكِيكَ
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ كِسْرى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ،
وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ
فَقَالَ:
أَمَا تَرْضى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيا وَلَنَا الآخِرَةُ.
[أخرجه البخاري في: 65 كتاب التفسير: 66 سورة التحريم: 2 باب
{تبتغي مرضاة أزواجك}]
- حديث عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ:
لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ
عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ
قَالَ اللهُ تعالى:
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ،
وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ، فَتَبَرَّزَ،
ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ؛
فَقُلْتُ لَهُ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اللَّتَانَ قَالَ اللهُ تعالى:
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
قَالَ:
وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَة ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ،
قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ،
وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ،
وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا،
فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ،
وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ؛
وَكُنَّا،
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ،
نَغْلِبُ النِّسَاءَ؛
فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ،
فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ الأَنْصَارِ؛
فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي،
فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي؛
قَالَتْ:
وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ،
وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ،
فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ،
وَقُلْتُ لَهَا:
قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ.
ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي،
فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ؛
فَقُلْتُ لَهَا:
أَيْ حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ
قَالَتْ:
نَعَمْ
فَقُلْتُ:
قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ،
أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَتَهْلِكِي لاَ تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ،
وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ،
وَلاَ يَغُرَّنَّكَ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ
وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُرِيدُ عَائِشَةَ).
قَالَ عُمَرُ:
وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِغَزْوِنَا،
فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ،
فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً،
فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا؛
وَقَالَ:
أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ،
فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ؛
فَقَالَ:
قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ،
قُلْتُ:
مَا هُوَ،
أَجَاءَ غَسَّان
قَالَ:
لاَ،
بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ،
طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ؛
فَقُلْتُ:
خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ،
قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي،
فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُبَةً لَهُ،
فَاعْتَزَلَ فِيهَا،
وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي؛
فَقُلْتُ:
مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هذَا أَطَلَّقَكنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَتْ:
لاَ أَدْرِي،
هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ،
فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ،
يَبْكِي بَعْضُهُمْ؛
فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً،
ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ،
فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ،
اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ الْغُلاَمُ،
فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ رَجَعَ،
فَقَالَ:
كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَانْصَرَفْتُ،
حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ
فَقْلتُ لِلْغُلاَمِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ،
فَقَالَ:
قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ،
فَقُلْتُ:
اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ؛
فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ
فَقَالَ:
قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ؛
فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا
(قَالَ)
إِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِي
فَقَالَ:
قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ،
قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ،
مَتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ؛
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ،
وَأَنَا قَائِمٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ،
فَقَالَ:
لاَ،
فَقُلْتُ:
اللهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قُلْتُ،
وَأَنَا قَائِمٌ:
أَسْتَأْنِسُ،
يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتَنِي،
وَكُنَّا،
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، نَغْلِبُ النِّسَاءَ،
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ،
إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ؛
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتَنِي،
وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ،
فَقُلْتُ لَهَا:
لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُرِيدُ عَائِشَةَ)
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى؛
فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ،
فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ،
فَواللهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ،
فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ،
وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللهَ.
فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَكَانَ مُتَّكِئًا،
فَقَالَ:
أَوَ فِي هذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ
إِنَّ أُولئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لِي.
فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ الْحَدِيثِ،
حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ،
تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً،
وَكَانَ قَالَ:
مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ،
حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ.
فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا،
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا،
وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا
فَقَالَ:
الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.
فَكَانَ ذلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً
قَالَتْ عَائِشَةُ:
ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ،
فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ،
فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
[أخرجه البخاري في: 67 كتاب النكاح: 83 باب
موعظة الرجل ابنته لحال زوجها]
ولا تنسونا بصالح الدعاء
http://up.ahlalalm.info/photo2/azz10534.gif