طويلب علم مبتدئ
11 / 10 / 2015, 38 : 12 AM
الحمد لله وبعد،،
كتب السنة وشروحها لا تختص بالفروع بل تشمل أبواب الإيمان والسيرة والملاحم ونحوها، واعتبر هذا بسنن أبي داوود وهي أخص السنن بالفقه وضع فيها كتاباً في السنة فيه جمل عقيدة أهل السنة وكتاباً في المهدي والملاحم، فكيف بكتب الجوامع الذي هذا أصلاً غرضها بالقصد الأول.
وأما كتب الفقه فهي متخصصة في الفروع التي هي الأحكام التكليفية لأفعال العباد، من باب المياه إلى باب الإقرار.
وأما القدر المختص بالفروع في شروح السنن فليس شاملاً لكل الفروع وتعليل هذا أن أدلة الأحكام متعددة منها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصادر التبعية كقول الصحابي وسد الذرائع والمصلحة الخ.
وكتب شروح السنن لا تستوعب أصالةً من الفروع إلا المدلول عليها بالحديث، وأما الفروع التي مصدرها القرآن أو القياس فيضعف استحضارها فيها، بخلاف كتب الفقه فإن مركز البحث فيها هو الفرع لا مصدر الفرع، ولذلك يجتهد مؤلفوها في استيعاب الفروع مهما تنوّع مصدرها ودليلها.
ومن أخص نتائج هذا "الفروع المركبة"، فإنك تجد الفقهاء يدققون في صور ومسائل ناتجة من لقاء أدلة مختلفة لا يعرض لها شراح السنة بسبب دورانهم حول نص الحديث الذي في الباب دون بقية الأدلة.
ومع أن شروح السنة مدارها الحديث إلا أنه من المعلوم أنه ليست كل كتب السنن والحديث مشروحة، ولذلك كثيراً ما تجد الفقهاء يعرضون حكماً مصدره حديث في المعاجم والمسانيد ولا يوجد هذا الحكم في "شروح السنة" لأن الحديث لم يمر في ذات الكتاب المشروح، فصارت كتب الفقه من هذه الحيثية أشمل من "شروح السنة" في استيعاب الآثار.
ولكن، ومع ذلك، فإن في "شروح السنة" في القدر المختص بالفروع الفقهية أبحاث وتحقيقات وتحليلات يجد القارئ طعمها في حلقه ولا توجد في كتب الفقه في ذات هذه المسائل الفروعية ومن ذلك ما في تمهيد ابن عبد البر وفتح الباري مثلاً.
والبرهان الحاسم على هذا أن كتب الفقه المتأخرة ذاتها صارت تنقل من شروحات السنة، فتراهم يقولون قال ابن عبد البر وقال النووي في شرح مسلم ونحوها.
ومن ذلك أيضاً أن كتب الفقه تستعرض الأدلة الحديثية دون استيفاء بيان معناها في كثير من الأحيان، حتى أن القارئ يحتاج للعودة لشروح السنة لاستيضاح بعض جوانبها، وأحياناً بعد مثل هذه المراجعة يتغير عنده النظر للدليل بعد اتضاح معطيات تفسيرية حوله أو تأمل في سياقه لم يعرض في كتب الفقه.
ومن أكثر صور هذا الأمر أن يراجع الباحث الفقهي شروح السنة فيجد للحديث ألفاظاً أخرى تحسم الترجيح في بعض الدلالات لكن هذه الألفاظ لم تذكر في كتب الفقه التي بين يديه.
فمن زهّد في كتب الفقه وقال شروحات السنة تكفي يلزمه أن يقال له: كتب التفسير أو "كتب تفسير آيات الأحكام" تكفي أيضاً ولا حاجة لشروحات السنة.
ومن زهّد في شروحات السنة فإن هذا إما لعجز عن ضمها في البحث لكتب الفقه لكن سعى لإظهار عجزه في قالب الرصانة الفقهية، وإما لجهل بما فيها من الكنوز، وإما لهوى في التعصب المذهبي أو التعصب الفني لعلم من العلوم.
والعلاقة العلمية الدقيقة بين شروح السنة وكتب الفروع هي علاقة التكامل.
والعاقل من كان طيره الذي يتقنّصه الفائدة بغض النظر عن أي بقعة طار إليها.
والله أعلم،
ابراهيم السكران
كتب السنة وشروحها لا تختص بالفروع بل تشمل أبواب الإيمان والسيرة والملاحم ونحوها، واعتبر هذا بسنن أبي داوود وهي أخص السنن بالفقه وضع فيها كتاباً في السنة فيه جمل عقيدة أهل السنة وكتاباً في المهدي والملاحم، فكيف بكتب الجوامع الذي هذا أصلاً غرضها بالقصد الأول.
وأما كتب الفقه فهي متخصصة في الفروع التي هي الأحكام التكليفية لأفعال العباد، من باب المياه إلى باب الإقرار.
وأما القدر المختص بالفروع في شروح السنن فليس شاملاً لكل الفروع وتعليل هذا أن أدلة الأحكام متعددة منها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصادر التبعية كقول الصحابي وسد الذرائع والمصلحة الخ.
وكتب شروح السنن لا تستوعب أصالةً من الفروع إلا المدلول عليها بالحديث، وأما الفروع التي مصدرها القرآن أو القياس فيضعف استحضارها فيها، بخلاف كتب الفقه فإن مركز البحث فيها هو الفرع لا مصدر الفرع، ولذلك يجتهد مؤلفوها في استيعاب الفروع مهما تنوّع مصدرها ودليلها.
ومن أخص نتائج هذا "الفروع المركبة"، فإنك تجد الفقهاء يدققون في صور ومسائل ناتجة من لقاء أدلة مختلفة لا يعرض لها شراح السنة بسبب دورانهم حول نص الحديث الذي في الباب دون بقية الأدلة.
ومع أن شروح السنة مدارها الحديث إلا أنه من المعلوم أنه ليست كل كتب السنن والحديث مشروحة، ولذلك كثيراً ما تجد الفقهاء يعرضون حكماً مصدره حديث في المعاجم والمسانيد ولا يوجد هذا الحكم في "شروح السنة" لأن الحديث لم يمر في ذات الكتاب المشروح، فصارت كتب الفقه من هذه الحيثية أشمل من "شروح السنة" في استيعاب الآثار.
ولكن، ومع ذلك، فإن في "شروح السنة" في القدر المختص بالفروع الفقهية أبحاث وتحقيقات وتحليلات يجد القارئ طعمها في حلقه ولا توجد في كتب الفقه في ذات هذه المسائل الفروعية ومن ذلك ما في تمهيد ابن عبد البر وفتح الباري مثلاً.
والبرهان الحاسم على هذا أن كتب الفقه المتأخرة ذاتها صارت تنقل من شروحات السنة، فتراهم يقولون قال ابن عبد البر وقال النووي في شرح مسلم ونحوها.
ومن ذلك أيضاً أن كتب الفقه تستعرض الأدلة الحديثية دون استيفاء بيان معناها في كثير من الأحيان، حتى أن القارئ يحتاج للعودة لشروح السنة لاستيضاح بعض جوانبها، وأحياناً بعد مثل هذه المراجعة يتغير عنده النظر للدليل بعد اتضاح معطيات تفسيرية حوله أو تأمل في سياقه لم يعرض في كتب الفقه.
ومن أكثر صور هذا الأمر أن يراجع الباحث الفقهي شروح السنة فيجد للحديث ألفاظاً أخرى تحسم الترجيح في بعض الدلالات لكن هذه الألفاظ لم تذكر في كتب الفقه التي بين يديه.
فمن زهّد في كتب الفقه وقال شروحات السنة تكفي يلزمه أن يقال له: كتب التفسير أو "كتب تفسير آيات الأحكام" تكفي أيضاً ولا حاجة لشروحات السنة.
ومن زهّد في شروحات السنة فإن هذا إما لعجز عن ضمها في البحث لكتب الفقه لكن سعى لإظهار عجزه في قالب الرصانة الفقهية، وإما لجهل بما فيها من الكنوز، وإما لهوى في التعصب المذهبي أو التعصب الفني لعلم من العلوم.
والعلاقة العلمية الدقيقة بين شروح السنة وكتب الفروع هي علاقة التكامل.
والعاقل من كان طيره الذي يتقنّصه الفائدة بغض النظر عن أي بقعة طار إليها.
والله أعلم،
ابراهيم السكران