ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   ملتقى السيرة النبويه (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=50)
-   -   بُحُوثُ السيرة النبوية (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=119091)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 25 : 05 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ


مسألة النورالمحمدي.. - دون تخريج ودون توضيح وتفصيل - .. من المسائل التي راقت كثيراً لأصدقائناأتباع الطرق الصوفية - وأكن لهم الإحترام والتقدير- ..
كما راقت كثيراً لجيراننا أهل الشيعة.. لكن القول الحق أولى بإتباعه.. ولأهمية هذه المسألة أكملها وفق ما تحت يدي من المراجع.. ومنه العون وعليه أتوكل ومنه - سبحانه وتعالى - استمد القوة لنصرة الحق وليس لنصرةأشخاص...
25 جماد الآخر 1439هـ ~ 13 مارس 2018م

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 45 : 05 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[8. ب. ] مكمل مسألة النور


« النور المحمدي (!) »
« الحقيقة المحمدية(!) »


وورد في المسألة:


﴿ ٨ . ٢. ٢. جاء(*) في كتاب الأحكام للحافظ الناقد أبي الحسن بن القطان:
روى علي بن الحسين،عن أبيه عن جده مرفوعا: » كنت نورا بين يدي ربي -عز وجل - قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام« (1)


ثم اضاف الصالحي - أصلح الله تعالى حال المسلمين أجمعين- في كتابه :"سبل السلام والرشاد في سيرة خير العباد": وروى الحافظ محمد بن عمر العدني شيخ مسلم في مسنده عن ابن عباس (6) رضي الله عنهما:
"أن قريشاً -أي المسعدة بالإسلام- كانت نوراً بين يدي الله - تعالى - قبل أن يخلق آدم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه.
قال ابن القطان: فيجتمع من هذا مع ما في حديث علي: أن النور النبوي جسم(!) بعد".


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


التراجم والحواشي والتخريج:


(*) تجده في :"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد"؛ للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي الشافعي، المتوفي سنة 942 ه ‍؛ والكتاب: تحقيق وتعليق الشيخ/ عادل احمد عبدالموجود؛ والشيخ / علي محمد معوض؛
كما تجده عند شرح : العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية للقسطلاني.


(1) الحديث ذكره العجلوني في كشف الخفا (1/ 312 ) وعزاه لابن القطان في الأحكام.


قلتُ (الرمادي) و:" رواه أحمد في مسنده " ؛ راجع: حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين (1 / 244 -245 ) ، و
عند صاحب :"السيرة الحلبية" = "إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون" ؛ علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي، أبوالفرج، نورالدين بن برهان الدين،كما تجده في :"شرف المصطفى" للنيسابوري الخركوشي؛ فقال محققه :" قوله: « روي عن عبدالله بن عباس»: بإسناد مجهول لا يعتمد عليه، فأخرجه ابن أبي عمر العدني في مسنده فقال: ثنا عمر بن خالد، قال: حدثني الحلبي: محمد بن عبدالله- كذا في المسندة من المطالب، و"إتحاف" البوصيري، وإنما هو: محمدأبو عبدالله- عن عبدالله بن الفرات، عن عثمان، عن الضحاك، عن ابن عباس به. أورده البوصيري في الإتحاف [9/ 7] رقم: 8485- ووقع فيه: عن عثمان بن الضحاك، ولعله من أخطاء الطبع-، والحافظ في المطالب [4/ 177] رقم: 4256.
أما عمر بن خالد فــ شيخ قال عنه أبوحاتم - فيما رواه عنه ابنه في الجرح والتعديل [6/ 106]-: لاأعرفه، ولا أعرف الحلبي- يعني: شيخه-. وأما عبدالله بن الفرات، فلم أره في الأسماء فيما لدي من المصادر. وأما عثمان فهو: ابن داود، ذكره العقيلي في الضعفاء [3/ 201] ممن يروي عن الضحاك، وقال: مجهول بالنقل، وتبعه الذهبي في الميزان.
و أما الضحاك فحاله مشهور، والجمهور على أنه لم يسمع من ابن عباس، وعليه فالإسناد مجهول، أنتهى.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 34 : 06 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
بقية مبحث :" النور المحمدي ... النورانية المحمدية (!)..
﴿ ٨ . ٢. ٣. » كنت أنا وعليٌّ نورًا يُسبِّحُ اللهَ ويُقدِّسُه قبلَ أن يخلقَ آدمَ بأربعةِ آلافِ عامٍ «.
[رواه سلمان الفارسي؛ انظر الذهبي في ميزان الاعتدال : ( 1/ 507الحديث: فيه الحسن بن علي بن زكريا؛ حدث عن جماعة لا يدرى منهم . وحدث عن الثقات بالبواطيل].
قلتُ (الرمادي): " هو حديث طويل ذكر فيه أمير المؤمنين -كرم الله تعالى وجهه - كلاماً شريفاً حول النورانية وكيف أن الله - تعالى - قد خلقه وخلق رسول الله ﷺ من نور واحد .
﴿ ٨ . ٢. ٤. ﴾ روى المجلسي عن محمّد بن صدقة في حديث سلمان وأبي ذر أنهما سألا أمير المؤمنين عن النورانية فقال:
" ياسلمان؛ وياجندب(!)"،
قالا : " لبيك يا أمير المؤمنين" .
قال :" كنتُ أنا ومحمد نوراً واحداً من نور الله -عزّ وجل- ، فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن يشقّ ، فـ
قال للنصف الآخر: كن محمداً . و
قال للنصف : كن علياً .
قلت(الرمادي) : والحديث له بقية.. [المصدر : المجلسي؛ البحار ( 26)/5. ]
قلتُ (الرمادي) : جيراننا الشيعة لم يتفردوا في هذه المرويات؛ بل روى ذلك جمع من علماء أهل السنة منهم:
[ 1.] الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب [ ص : 260] ، في حديث طويل عن جابر بن عبدالله قال : سألت رسول الله ﷺ عن ميلاد علي بن أبي طالب فقال : " لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السلام إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره وكلانا من نور واحد".
[2.] الخوارزمي الشافعي في مناقب علي بن أبي طالب: (ص: 87) .
[3.] العلامة سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص: ( ص: 52) .
[4.] ابن أبي الحديد في شرح النهج: (2 /450) .
[5 .] العلامة محيي الدين الطبري في الرياض النضرة: (2 /164) .
[6.] الذهبي في ميزان الاعتدال : ( 2 /235) .
[7.] ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان.
[8.]القندوزي الشافعي في ينابيع المودة: ( ص: 83) ؛ طبع اسلامبول؛ الطبعة القديمة.
هذه بعض مصادر علماء السنة
إثناء المراجعة والتحضير وجدتُ أنه ذكر صاحب :" الشفا بتعريف حقوق المصطفى": القاضي عياض في الفصل السادس تحت عنوان :
شَرَفُ نَسَبِهِ، وَكَرَمُ بَلَدِهِ وَمَنْشَئِهِ:"
﴿ ٨ . ٢. ٥. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ [ رُوحُهُ ] نُورًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، يُسَبِّحُ ذَلِكَ النُّورُ، وَتُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ بِتَسْبِيحِهِ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أَلْقَى ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ.
قلتُ (محمد فخرالدين الرمادي):"وايضاً عند ابن برهان الدين في السيرة الحلبية دون لفظ [ روحه ]؛ لهذا الحديث بقية سنذكرها في موضعها عند الاستدلال.. إن شاء الله تعالى.
وَقَالَ الشهرستاني فِي " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ "
﴿ ٨ . ٢. ٦. ظَهَرَ نُورُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارِيرِ عبدالمطلب بَعْضَ الظُّهُورِ، وَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ أُلْهِمَ النَّذْرَ فِي ذَبْحِ وَلَدِهِ، وَبِبَرَكَتِهِ كَانَ يَأْمُرُ وَلَدَهُ بِتَرْكِ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ دَنِيَّاتِ الْأُمُورِ، وَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ كَانَ يَقُولُ فِي وَصَايَاهُ : " أَنَّهُ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا ظَلُومٌ حَتَّى يُنْتَقَمَ مِنْهُ وَتُصِيبَهُ عُقُوبَةٌ، إِلَى أَنْ هَلَكَ رَجُلٌ ظَلُومٌ لَمْ تُصِبْهُ عُقُوبَةٌ، فَقِيلَ لعبدالمطلب فِي ذَلِكَ، فَفَكَّرَ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ وَرَاءَ هَذِهِ الدَّارِ دَارًا يُجْزَى فِيهَا الْمُحْسِنُ بِإِحْسَانِهِ وَيُعَاقَبُ فِيهَا الْمُسِيءُ بِإِسَاءَتِهِ، وَبِــ
بَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ قَالَ لِأَبْرَهَةَ :إِنَّ لِهَذَا الْبَيْتِ رَبًّا يَحْفَظُهُ
﴿ ٨ . ٢. ٧. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَبَّرَهُ بِبَنِيهِ، فَجَعَلَ يَرَى فَضَائِلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَرَأَى نُورًا سَاطِعًا فِي أَسْفَلِهِمْ، فَقَالَ: يَارَبِّ مَنْ هَذَا ؟
قَالَ : " هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ، هُوَ أَوَّلُ وَهُوَ آخِرُ وَهُوَ أَوَّلُ مُشَفَّعٍ . "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :"
1.] ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (32056).
2.] وتجده أيضاً في " » الجزء العاشر من الفوائد المنتقاة» لما خلق الله آدم عليه السلام خبره ببنيه ، فجعل يرى ...".
3.] وذكره ابن الصواف.
4.] وحكم الألباني على الحديث بـ :" الضعف".

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 05 : 07 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
تمام حديث ابن عباس .. وشرح ابن برهان الدين عليه:
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال:
« إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام ألقى ذلك النور في صلبه،
قال صلى الله عليه وسلم: فأهبطني الله تعالى إلى الأرض في صلب آدم، وجعلني في صلب نوح، وقذفني في صلب إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم لم يزل ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط » .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قوله صلى الله عليه وسلم: « فأهبطني » ينبغي أن لا يكون معطوفا على ما قبله من قوله: « إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى ... الخ ...» فيكون نوره صلى الله عليه وسلم من جملة نور قريش، وإنه صلى الله عليه وسلم انفرد عن نور قريش وأودع في صلب نوح عليه الصلاة والسلام... الخ.. ، بل على ما يأتي من قوله: «كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام» اللازم لذلك أن يكون نوره سابقا على نور قريش، ويكون نور قريش من نوره صلى الله عليه وسلم.."
ثم قال ابن برهان الدين :" ورأيت في كتاب "التشريفات في الخصائص والمعجزات" لم أقف على اسم مؤلفه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال يا جبريل كم عمرت من السنين؟،
فقال يا رسول الله لست أعلم، غير أن في الحجاب الرابع نجما يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة، رأيته اثنين وسبعين ألف مرة ".
فقال: « يا جبريل وعزة ربي جل جلاله أنا ذلك الكوكب »
رواه البخاري، هذا كلامه، فلما خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام جعل ذلك النور في ظهره: أي فهو حالة كونه نورا سابق على قريش حالة كونها نورا، بل سيأتي ما يدل على أن نوره صلى الله عليه وسلم سابق على سائر المخلوقات، بل وتلك المخلوقات خلقت من ذلك النور آدم وذريته وحينئذ يحتاج إلى بيان وجه كون آدم خلق من نوره صلى الله عليه وسلم، وجعل نوره صلى الله عليه وسلم فيظهر آدم عليه الصلاة والسلام، فـ
قد جاء في الخبر « لما خلق الله تعالى آدم جعل ذلك النور في ظهره » أي فكان يلمع في جبينه فيغلب على سائر نوره الخ ما يأتي، ثم انتقل إلى ولده شيث الذي هو وصيه، وكان من جملة ما أوصاه به أنه يوصي من انتقل إليه ذلك النور من ولده أنه لا يضع ذلك النور الذي انتقل إليه إلا في المطهرة من النساء، ولم تزل هذه الوصية معمولا بها في القرون الماضية إلى أن وصل ذلك النور إلى عبدالمطلب: أي وهذا السياق يدل على أن ذلك النور كان ظاهرا في من ينتقل إليه من آبائه، وهو قد يخالف من تخصيص بعض آبائه بذلك، ولم تلد حواء ولدا مفردا إلا شيث كرامة لهذا النور، قيل مكث في بطنها حتى نبتت أسنانه وكان ينظر إلى وجهه من صفاء بطنها وهو الثالث من ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وكانت تلد ذكرا وأنثى معا: أي فقد قيل إنها ولدت لآدم أربعين ولدا في عشرين بطنا، وقيل ولدت مائة وعشرين ولدا، وقيل مائة وثمانين ولدا، وقيل خمسمائة. ويقال إن آدم عليه الصلاة والسلام لما مات بكى عليه من ولده وولد ولده أربعون ألفا، ولم يحفظ من نسل آدم إلا ما كان من صلب شيث دون إخوته: أي فإنهم لم يعقبوا أصلا فهو أبو البشر"
وذكر ابن برهان الدين حديث جابر بن عبدالله؛ والذي ذكره في الباب الرابع؛ قال: يا جابر إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره » الحديث، وفيه أنه أصل لكل موجود، والله سبحانه وتعالى أعلم .
[المصدر :" السيرةالحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي، أبوالفرج، نورالدين ابن برهان الدين ". ].
قال محقق شرف المصطفى :" وأخرج الشطر الأخير منه أبونعيم في الدلائل برقم : 15؛ من حديث يزيد بن أبي حكم، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: لم يلتق أبواي على سفاح، لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلني من أصلاب طيبة، إلى أرحام طاهرة صافيا مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما...
قال :" وفي إسناده من لم أعرفه".
**
حُرِّرَ في مدينة رسول الله؛ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
يوم : السبت ٢٥ربيع أول ١٤٣٨من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢٤ديسمبر٢٠١٦من الميلاد العجيب للسيد الجليل المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
وقمتُ بمراجعته اليوم وتنقيحه

**

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 07 : 07 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
بقية البحوث المتعلقة بمسألة النور؛ والتي ستأتي في موضعها:
1.] قصة المرأة التي رأت نور النبوة في وجه عبدالله أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(يُتْبَع ُبِإِذْنِهِ تَعَالَى)
**


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 13 / 03 / 2018 05 : 08 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
اعتقاد بعضهم أن الرسول المصطفى والمرتضى والنبي المجتبى والمعصوم المحتبى.. اعتقادهم أنه عليه الصلاة والسلام خلق من نور !!؟.
سؤال البعض!!؟. .
أراجع ما جاء في القرآن المجيد ؛ كلام رب العالمين والذكر الحكيم المنزل من فوق سبع سموات طباقاً .. كما اراجع ما جاء في السنة المطهرة الصحيحة في هذه المسألة :

شريف حمدان 13 / 03 / 2018 15 : 10 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/KRv01523.gif

واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 18 / 03 / 2018 50 : 10 PM

« „ النطفة(1) النورانية ‟ »
 
« „ النطفة(1) النورانية ‟ »
﴿ إذا اردت أن تفسد ديناً .. فأدخل فيه ما ليس منه ﴾
عدتُ مرةً ثانية لمسألة النور ؛ أقصد النور (الأزلي) المحمدي ؛ وسأدرسها من خلال ثلاثة مباحث :
1. ] المبحث الأول يتعلق بــ «جد محمد ؛ عبدالمطلب» ؛
2. ] المبحث الثاني نتجول فيما قيل عن نور «والد محمد ؛ عبدالله»؛

3. ] المبحث الثالث نسمح لأنفسنا أن نصطحب الزُهرية «أمَ محمد ؛ آمنة بنت وهب» قبيل الحمل وحينه وإثناءه ولحظات الولادة والوضع ، وسأضيف /
4. ] مبحثاً رابعاً عند الحديث عن النبوة والرسالة - هذا إذا يسر صاحب الفضل والكرم والجود والنعم خالقنا وسهل لي وأعانني على إتمامه فهو على كل شئ قدير إذ أنه المسؤول فنعم المولى ونعم المجيب-.
1. ] المبحث الأول : «جد محمد ؛ عبدالمطلب»
قال مؤرخو حادثة واقعة الفيل ؛ منهم ابن إسحاق ؛ ويذكرها ابن هشام :" ... وَكَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ أَوْسَمَ النَّاسِ وَأَعْظَمَهُمْ وَأَجْمَلَهُمْ فَلَمَّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أَجَلَّهُ ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ أَنْ يُجْلِسَهُ تَحْتَهُ ، وَكَرِهَ أَنْ تَرَاهُ الْحَبَشَةُ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ فَنَزَلَ أَبْرَهَةُ عَنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَيْهِ إِلَى جَانِبِهِ ".(2) .

وهذه الرواية لا إشكال فيها ؛ بل أثبتها ؛ ولكن رواية « „النور‟ » ؛ ذلك الذي صاحب عبدالمطلب -جد محمد- حين لقاءه وتحدثه مع أبرهة الحبشي.. هي التي تحتاج مني إعادة نظر وبحث ... إذ أن تصديق هذه الرواية يضعها تحت الإيمان والعقائد ؛ ومسائل العقائد كلها تحتاج إلى دليل قطعي الثبوت (وحياً) وقطعي الدلالة (معنى) ، كقضية وجود خالق (3) للإنسان والحياة والكون من عدم ؛ وهو واجب الوجود ؛ ومَن لا يصدق يقع في إشكال ؛ ومجرد اعتبارها رواية لا تصدق ولكنها تروى في المجالس نقع في إشكال آخر ؛ ألا وهو اهتزاز في الأسس التي يقوم عليها الدين وإضافة ما ليس منه ، ومِن هذا القبيل تسربت فكرة (أزلية وجود النور (4) المحمدي) وهي فكرة لا سند لها ولا توثيق فتقرأ عن النور في وجه عبدالمطلب -جد محمد- وهي رواية مرسلة السند تقول :" وأما عبدالمطلب ومن معه فإنهم أقاموا في ابتهال ودعاء وتضرع وقد استجيب لهم ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالوا في دعائهم: (اللهم ببركة هذا النور الذي وهبتنا اجعل لنا من كل كيدهم فرجا " (5) وانصرنا على أعداءنا) ونظروا هياكل الأعداء على وجه الأرض مطروحة، والفيل ولى هاربا "، (6) هذا مصدر ، أما الثاني فإن بعض العلماء المتأخرين -والذين لهم صلة بالباطنية ؛ أو يعتقدون بعض عقائدهم- تسربت إليهم فكرة (أزلية النور المحمدي) ومن هؤلاء العلامة الشهرستاني (548هـ) فتجده كتب عن :" معرفة أنساب أجداد النبي عليه الصلاة والسلام والإطلاع على ذلك النور الوارد من صلب إبراهيم (7). إلى إسماعيل عليهما الصلاة وتواصله في ذريته إلى أن ظهر بعض الظهور في أسارير عبدالمطلب‏ :‏ سيد الوادي ‏:‏ شيبة الحمد وسجد له الفيل الأعظم‏" (8). ثم يكمل الشهرستاني الحديث :" وببركة ذلك النور‏:‏ دفع الله تعالى شر أبرهة وأرسل عليهم طيراً أبابيل‏.. وببركة ذلك النور‏:‏ رأى تلك الرؤيا في تعريف موضع زمزم ووجدان الغزالة والسيوف التي دفنتها جرهم.‏.‏ وببركة ذلك النور‏:‏ ألهم عبدالمطلب النذر الذي نذر في ذبح العاشر من أولاده... ". (9).



قال ابن كثير وآخرون تعقيبا على حادثة الفيل التي ذكرها القرآن الكريم :" ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا قَالَتْهُ الْعَرَبُ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي نَصَرَ اللَّهُ فِيهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُشَرِّفَهُ وَيُعَظِّمَهُ وَيُطَهِّرَهُ ، وَيُوَقِّرَهُ بِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُشْرَعُ لَهُ مِنَ الدِّينِ الْقَوِيمِ الَّذِي أَحَدُ أَرْكَانِهِ الصَّلَاةُ بَلْ عِمَادُ دِينِهِ ، وَسَيَجْعَلُ قِبْلَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْكَعْبَةِ الْمُطَهَّرَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَا فَعَلَهُ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ نُصْرَةً لِقُرَيْشٍ ... وَإِنَّمَا كَانَ النَّصْرُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَإِرْهَاصًا وَتَوْطِئَةً لِبَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (10) .
وقال بحرق :" ومن يومئذ احترمت النّاس قريشا، وقالوا: هم جيران الله، يدافع عنهم (11).".

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــــــــــــ

المصادر والتعليقات :
( 1. ) النُّطْفَةُ : الْمَاءُ الصَّافِي . وَالنُّطْفَةُ وَالنُّطَافَةُ : الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ ، وَفِي الْحَدِيثِ : قَالَ عليه السلام لِأَصْحَابِهِ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين : » هَلْ مِنْ وَضُوءٍ ؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بِنُطْفَةٍ فِي إِدَاوَةٍ « ، أَرَادَ بِهَا هَاهُنَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ ؛ فقد ذكر مسلم في صحيحه وتجده في المعجم الكبير للطبراني : عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ »: ... فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » اجْمَعُوا بَعْضَ أَزْوَادِكُمْ « ، فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِطَعٍ ، فَمُدَّ ، فَجَاءَ الْقَوْمُ بِتَمْرٍ ، فَنَثَرُوهُ ، فَتَطَاوَلْتُ لَهُ أُحْزِرُهُ أَنْظُرُ كَمْ هُوَ ؟ ، فَإِذَا هُوَ كَرَبْضَةِ الشَّاةِ ، فَأَكَلْنَا جَمِيعًا ، حَتَّى شَبِعْنَا ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً (١٤٠٠)، فَحَشَوْنَا جُرُبَنَا مِنْهُ ».
وهنا يظهر لنا آحدى معجزاته ؛ وبإذنه وكرمه نجعل لتلك المعجزات بابا خاصاً ؛ إذ هي تصل إلى (١٠٠٠٠) . والشاهد من الحديث « ثُمَّ دَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنُطْفَةٍ مِنْ مَاءٍ فِي إِدَاوَةٍ ، فَأَمَرَ بِهِ ، فَصُبَّ فِي قَدَحٍ ، فَجَعَلْنَا نَتَطَهَّرُ بِهِ ، حَتَّى تَطَهَّرْنَا جَمِيعًا. »
وهذه معجزة آخرى .
ولم يذكر البخاري بقية الحديث .
" وَالنُّطْفَةُ " : مَاءُ الرَّجُلِ . وَبِهِ سُمِّيَ الْمَنِيُّ نُطْفَةً لِقِلَّتِهِ . وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ ﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴾ (القيامة: 37) .
«فائدة» :
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:» تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ »
[المستدرك؛ للنيسابوري] ،
وَفِي رِوَايَةٍ »: لَا تَجْعَلُوا نُطَفَكُمْ إِلَّا فِي طَهَارَةٍ « ، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اسْتِخَارَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَنْ تَكُونَ صَالِحَةً ، وَعَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ .
[انظر مقاييس اللغة لـ ابن زكريا ؛ ولسان العرب لـ ابن منظور] .
( 2. ) انظر :

- عبدالملك بن هشام بن أيوب الحِمْيري ؛ السيرة النبوية ؛ جزء 1 ؛ صفحة: 60 ؛ دار الفكر ؛ القاهرة ،
- والبداية والنهاية ؛ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ؛ جزء2 ؛ صفحة: 172 ؛ منشورات مكتبة المعارف : باب : ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الْكَعْبَةَ ؛ كما انظر
- د. زغلول النجار ؛ من التفسير العلمي للقرآن الكريم ؛ سورة الفيل ؛ الجزء الثلاثون ؛ ص: 382.
( 3. ) كقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة ٢٨٥] وبقية مسائل وقضايا الإيمان مثل ﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ ﴿النساء: ٥٩﴾ .
( 4. ) هناك فارق في المعنى والتأويل والتفسير بين مسألة نور محمد خاتم الأنبياء وآخر المرسلين عليه السلام منذ عهد ابينا آدم وتنقله في الأصلاب الطاهرة والأرحام العفيفة وإلى وضع النطفة المباركة من أبيه عبدالله بن عبدالمطلب في رحم أمه آمنة بنت وهب ؛ وأنه خلق من نور الإله -كما يدعي البعض- وبين ما جاء في سورة الأحزاب ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ... [٤٥] ... وسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾ [الأحزاب: ٤٦] ؛ وهذا ما سيأتي في المبحث الرابع كما قلتُ سابقاً ؛ كما وأن هناك فارق بين هذا وبين الآيات التي تتحدث عن السراج كقوله تعالى ذكره ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا ﴾ [الفرقان: ٦١] ، أو قوله تعالى في سماه وتقدست اسماه ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نوح: ١٦] وقوله ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾ [النبإ: ١٣].
( 5.) في المصدر " فرجا ومخرجا " .
( 6. ) صفحة: ٧٤ ؛ جزء ١٥ من كتاب" بحار الأنوار " لمؤلفه المجلسي.
( 7. ) القاضي / يوسف النبهاني في مختصره عن القسطلاني ذهب إلى أبعد من ذلك فقال :" ولدت حواء من آدم أربعين ولدا فى عشرين بطنا ووضعت شيثاً وحده كرامة لسيدنا محمد صلى الله علية وسلم ؛ فإن نوره انتقل من آدم إلى شيث وقبل وفاته جعله وصيا على ولده ؛ ثم أوصى شيث ولده بوصية آدم أن لايضع هذا النور إلا فى المطهرات من النساء ولم تزل هذه الوصية جارية تنقل من قرن إلى قرن إلى أن أدى الله النور إلى عبدالمطلب وولده عبدالله ".

وبمراجعة ما قاله القسطلانى فى المواهب اللدنية وجدتُ ما نقله النبهاني عنه بالنص .
قلتُ (الرمادي) : لم أجد ما يوثق أو يثبت هذه الرواية ؛ بل تكاد تكون رجماً بالغيب!. و
كذا ذكرها محمد أبرار مسروى بن المرحوم شيرازى ألأمونتي دون سند ؛ بل تسمع مَن يقول:" ان تلك اللمعة المفخمة المعظمة المكملة النورية انتقلت من وجه آدم لوجه ابنه شيث كما روآه أهل الاتقآن" .
قلتُ (الرمادي): ولكي أكون منصفاً ما زلتُ ابحث عن أهل الإتقان هؤلاء كي أتمم بحثي بشكل جيد .
ثم أعود إلى يوسف النبهاني فتجد أنه :" روى فى كتابه" حجة الله على العالمين" عن كعب الاحبار [قلتُ (الرمادي): كعب الأحبار تابعي لم ير النبي عليه السلام ؛ ويروي الكثير من الإسرائيليات!!. كما قال الذهبي] قال: فكان نور محمد صلى الله عليه وسلم يُرى فى دائرة غرة آدم عليه السلام كالشمس فى دوران فلكها وكالقمر فى ديجور ليلة ظلماء ".
ثم يذكر النبهاني نقلا من كعب الأحبار:" قال الله تعالى لآدم عليه السلام :" خذه -أى النور النبوى- بعهدي وميثاقي على أن لا تودعه الا فى الاصلاب الطاهرة والمحصنات الزاهرة " ، قال :" نعم يآ الهي ؛ وسيدي ؛ قد اخذته بعهدك أن لا ادعه الا فى المطهرين من الرجال ؛ والمحصنات من النساء "... الى أن قال :" فلم تزل حواء كذلك حتى انتقل النور الى وجهها " ، فعلم -آدم- أنها علقت بشيث فأصبح آدم عليه السلام والنور مفقود من وجهه وصار وجه حواء يتلألأ كل يوم حسنا لما حملت به حواء بشيث عليه السلام . بقى آدم لا يقربها لطهارتها وطهارة مَن فى بطنها وصارت تأتيها الملائكة كل يوم بالتحيات من رب العالمين .
ثم قال كعب الأحبار:" وخلق الله شيثا فى بطن أمه وحده كرامة لنبيه صلى الله عليه وسلم وكان كل بطن بعد ذلك ذكرا وأنثى. قال: فلما وضعت حواء شيثا نظر آدم عليه السلام الى نور النبى صلى الله عليه وسلم بين عينيه ولما أيقن آدم عليه السلام بالموت قال له: يابنى ان الله أخذ عليك عهدا وميثاقا من أجل هذا النور المستودع فى ظهرك ووجهك الا تضعه الا فى أطهر نساء العالمين وزوجه البيضاء".
قلتُ (الرمادي): هذا الحوار بين رب العزة في علاه وبين آحد أنبياءه تعلوه مظاهر الوضع وعلامات الكذب تراها في هذا السياق الهزيل..
بيد أني قرأت :" واخرج ابن حجر العسقلانى فى (المطالب العالية) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: ان قريشا كانت نورا بين يدى الله عز وجل قبل ان يخلق آدم بالفى عام يسبح ذلك النور فتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم جعل ذلك النور فى صلبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. فأهبطه الله الى الارض فى صلب آدم فجعل فى صلب نوح فى السفينة وقذف فى النار فى صلب ابراهيم ولم يزل ينقلنى من الاصلاب الطيبة الى الارحآم الطآهرة حتى أخرجت من بين أبوى لم يلتقيا على سفاح قط ".
وسأعود لبحث هذه المسألة في مبحث النسب الشريف وطهارته.
( 8. ) قال أبو سعد عبدالملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي:" ولقد رأى عبدالمطلب من نور محمد صلى الله عليه وسلم عجبا عجيبا يوم قدم أبرهة بن الصباح لهدم بيت الله الحرام "

[انظر شرف المصطفى ؛ عبدالملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي ، أبو سعد (المتوفى: 407هـ)؛ الناشر: دار البشائر الإسلامية – مكة؛ الطبعة: الأولى - 1424 هـ] .
والقاضيم يوسف النبهاني يختصر المواهب للقسطلاني فيقول:" فركب (عبدالمطلب) فى قريش حتى طلع جبل ثبير فاستدار نور رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبينه كالهلال وانعكس شعاعه على البيت الحرام فلما نظر عبدالمطلب إلى ذلك قال يامعشر قريش ارجعوا فقد كفيتم هذا الأمر فوالله ما استدار هذا النور منى إلا أن يكون الظفر لنا فرجعوا متفرقين .

وتقرأ عند: شرف المصطفى ؛ عبدالملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي إذ تأتي إضافة :" فلما نظر عبدالمطلب إلى ذلك النور قال: معاشر قريش ارجعوا فقد كفيتم، فو الله ما استدار هذا النور مني قط إلا كان الظفر، ولا وقع على شيء كما وقع على هذا البيت إلا منع الضيم ".
ثم يكمل أبو سعد النيسابوري الخركوشي أما :" عبدالمطلب فركب في نفر من قريش فلما أن توسط العسكر سعى سعيا حتى دخل على الملك وقال: قد جاءكم اليوم سيد قريش حقّا ، قال: ويلك كيف علمت ذلك؟ قال: لأني لم أر في الآدميين أجمل منه ، فأخذ أبرهة زينته ثم أذن لعبدالمطلب حتى دخل عليه فأخذ بكلتا يديه وأجلسه على سرير ملكه ، وأقبل الملك على وجه عبدالمطلب ثم قال: هل كان في آبائك من كان له مثل هذا النور والجمال؟ فقال عبدالمطلب: نعم، كل آبائي كان لهم هذا النور والبهاء ، فقال الملك أبرهة: فأنتم قوم قد فاخرتم الملوك ؛ وقد حق لك أن تكون سيد قومك".
ونعود لما قاله القاضي النبهاني :" ثم إن أبرهة أرسل رجلا [حُنَاطَةَ الْحِمْيَرِيَّ (من بداية ابن كثير) من قومه فلما دخل مكة ونظر إلى وجه عبدالمطلب خضع وثلجلج (الصواب :"تلجلج") لسانه وخر مغشيا عليه فكان يخور كما يخور الثور عند ذبحه فلما أفاق خر ساجدا لعبدالمطلب وقال أشهد أنك سيد قريش حقا" ،

ثم يضيف القاضي :" ولما قدم أبرهة ملك اليمن لهدم البيت الحرام وبلغ ذلك قريشاً فقال لهم عبدالمطلب لايصل إلى هذا البيت لأن له ربا يحميه ثم استاق أبرهة إبل قريش وغنمها وكان لعبدالمطلب فيها أربعمائة ناقة [ينبغي تصحيح هذه المعلومة (فـ 400 بعير مخالف لما عند ابن إسحاق وتبعه ابن هشام ؛ وجزم ابن حزم به والبغوي واليعمري والدميري والشامي والصواب :"أصاب فيها مائتي بعير لعبدالمطلب " ؛ و هذا تجده عند ابن كثير في البداية :" فَقَالَ (عبدالمطلب موجها كلامه لأبرهة ) : حَاجَتِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ الْمَلِكُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَصَابَهَا لِي " .
يكمل النبهاني نقلا من المواهب اللندنية :" وروى أن عبدالمطلب لما حضر عند أبرهة نظر الفيل الأبيض العظيم إلى وجهه فبرك كما يبرك البعير وخر ساجدا وأنطق الله تعالى الفيل فقال: السلام على النور الذى فى ظهرك ياعبدالمطلب ".
[انظر: يوسف إسماعيل النبهانى ؛ القاضي ؛ الأنوار المحمدية ؛ مختصر المواهب اللدونية للقسطلانى] .
قلتُ (الرمادي) : ما اختصره القاضي النبهاني من عند القسطلاني تلزمنا العودة لما قاله مؤلفه قبل الإختصار أو ما بينه شارحه الزرقاني .
قلتُ: يؤكد هذه الرواية ما كتبه صاحب إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون :" ... ثم إن الفيل لما نظر إلى وجه عبدالمطلب برك كما يبرك البعير وخر ساجدا ، وأنطق الله سبحانه وتعالى الفيل ، فقال: السلام على النور الذي في ظهرك يا عبدالمطلب".

وفي كلام بعضهم أن أبرهة لما بلغه مجيء عبدالمطلب إليه أمر أن عبدالمطلب قبل دخوله عليه أن يذهب به إلى الفيلة ليراها ويرى الفيل العظيم وكان أبيض اللون."... :"... وإنما أُرى عبدالمطلب الفيلة إرهابا لها وتخويفا فإن العرب لم تكن تعرف الأفيال ، وكانت الأفيال كلها ما عدا الفيل الأعظم تسجد لأبرهة . وأما الفيل الأعظم فلم يسجد إلا للنجاشي ، فلما رأت الفيلة عبدالمطلب". " سجدت حتى الفيل الأعظم . وقيل إن أبرهة لم يخرج إلا بالفيل الأعظم ، ولما بلغ أبرهة سجود الفيلة لعبدالمطلب تَطَيَّرَ ثم أمر بإدخال عبدالمطلب عليه، فلما رآه ألقيت له الهيبة في قلبه ، فنزل عن سريرة تعظيما لعبدالمطلب.
ثم رأيتُ -الحديث لصاحب العيون- العلامة ابن حجر في شرح الهمزية حاول الجواب عن هذا الذي تقدم عن الحافظ النيسابوري ، من أن النور استدار في وجه عبدالمطلب إلى آخره: أي وقول الفيل: السلام على النور الذي في ظهرك يا عبدالمطلب مع أن ولادته صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ، يلزمها أن يكون النور انتقل من عبدالمطلب إلى عبدالله ، ثم انتقل من عبدالله إلى آمنة ، بأن النور وإن انتقل من عبدالمطلب ، لكن الله سبحانه وتعالى أكرم عبدالمطلب فأحدث ذلك النور في ظهره ، وفي وجهه وأطلع الفيل عليه هذا كلامه " فليتأمل " (استدراكاً من صاحب السيرة الحلبية!!!) .
[انظر السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ؛ ص: 88 - 89؛ علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي ، أبو الفرج، نورالدين ابن برهان الدين (المتوفى: 1044هـ) ؛ الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ؛ الطبعة: الثانية - 1427هـ .]
قلت (الرمادي) أسعى لتحقيق كل ما نقل وكُتب عن هذه الجزئية ؛ أقصد سجود الفيل أمام -جد محمد- عبدالمطلب وأنقل ما كتبه الخركوشي :" وقيل: إنه لما دخل عبدالمطلب على أبرهة ملك الحبشة التفت إلى سايس الفيل- وكان فيلا عظيما ، أبيض له نابان مرصعان بأنواع الجواهر والدر ، وكان يباهي بذلك الفيل ملوك الأرض ، وكان ذلك الفيل لا يسجد للملك أبرهة بن الصباح كما يسجد له سائر الفيلة- فقال الملك لسايس الفيل: أخرجه ، فأخرجه وقد زين بكل زينة على وجه الأرض ، فلما نظر الفيل إلى وجه عبدالمطلب خرّ ساجدا ونادى بلسان الآدميين: السلام عليك أيها النور الذي في ظهرك يا عبدالمطلب ، معك العز والشرف ، لن تذل ولن تغلب "... فلما نظر الملك إلى ذلك وقعت عليه الرعدة وظن أن ذلك سحر ، فبعث إلى كل ساحر في مملكته فجمعهم وقال: الويل لكم ، حدثوني عن هذا الفيل ، لِمَ سجد لعبدالمطلب؟ ؛ قالوا: إنه لم يسجد له ، وإنما سجد لنور يخرج من ظهره في آخر الزمان يقال له: محمد صلى الله عليه وسلم يملك الدنيا ويذل ملوك الأرض ويدين بدين صاحب هذا البيت- إله إبراهيم- وملكه أعظم من ملك أهل الدنيا ، فائذن لنا أن نقبل يديه ورجليه ، فأذن لهم ، فقامت السحرة فقبلوا يدي عبدالمطلب ورجليه ، وقام الملك وحيدا متواضعا فقبل رأس عبدالمطلب ، وأمر له بجزيل الجائزة ، ورد عليه وعلى قريش ما أخذ منهم.".

أقول (الرمادي): وبهذه الروايات التي مازالت في بطون الكتب تصبح المسألة جد خطيرة ؛ إذا لم نحقق ما كتب وسطر في بطون الكتب!!؟ .
قلتُ (الرمادي) : ينبغي العودة إلى الزرقاني ؛ شارح المواهب تأليف أحمد بن محمد القسطلاني (851~923هـ) ؛ وقبله قال ابن كثير في البداية :" قَالَ السُّهَيْلِيُّ: أَيْ سَقَطَ -الفيل- إِلَى الْأَرْضِ ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْفِيَلَةِ أَنَّ تَبْرُكَ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مِنْهَا مَا يَبْرُكُ كَالْبَعِيرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ ." ؛ إذ يذكر مقالة في أمر أن يبرك الفيل بالفاظ آخرى : قال" السهيلي: فيه نظر؛ لأن الفيل لا يبرك، فيحتمل أن بروكه سقوطه إلى الأرض، ويحتمل أنه فَعَل فِعْل البارك الذي يلزم موضعه ولا يبرح، فعبر بالبارك عن ذلك، وسمعت من يقول في الفيل صنف يبرك، كما يبرك الجمل ؛ "وخر ساجدًا" وفي الدر المنظم: فتعجب أبرهة من ذلك ، ودعا بالسحرة والكهان فسألهم عن ذلك، فقالوا: إنه لم يسجد له وإنما سجد للنور الذي بين عينيه، "وأنطق الله تعالى الفيل فقال: السلام على النور الذي في ظهرك يا عبد المطلب" ألهم الفيل أن أصله في ظهره فلم يقل بين عينيك؛ لأنه فاض مما في ظهره، فنوره صلى الله عليه وسلم حين صار إلى جده فاض حتى ظهر في جبهته مع بقائه في ظهره. وأما السحرة والكهان فنظروا للمشاهد إذ لم يلهموا، وهذا والله أعلم إنما يأتي على القول المردود الموهون: أن ولادته صلى الله عليه وسلم بعد الفيل بأربعين أو بخمسين سنة، ولذا ساقه المصنف بـ "صيغة التمريض ؛ وتبرأ منه " ، بقوله: "كذا في" كتاب "النطق المفهوم" لابن طغربك.

وأطلعتُ (الرمادي) على محقق ثان -غير الزرقاني- للمواهب وهو صالح أحمد الشامي (منشورات المكتب الإسلامي ؛ الطبعة الثانية : 1425هـ~2004م) فعلق في ذيل صفحة 103 بعد هذا بالقول :"وهو إلى الخيال أقرب منه إلى الواقع ؛ فليت المصنف -القسطلاني- نزه كتابه عن مثل هذه الأخبار." .
قلتُ (الرمادي) تعمدت إثبات هذه النقول من بطون الكتب كي تضح الصورة تماماً ؛ إذ أنها نُقُول تتناقلها أجيال لم تعتمد الطريقة العلمية في التوثيق .

( 9 ) انظر : الملل والنحل ؛ الشهرستاني ؛ ص: 127 ؛ دار مكتبة المتنبي ؛ بيروت -لبنان 1992م.
( 10 ) مصدر سابق ؛ جزء 2 ؛ ص :175 ؛ ابن كثير: البداية.
( 11 ) نظر : حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار ؛ محمد بن عمر بن مبارك الحِميري الحضرمي الشافعي ، الشهير بـ «بَحْرَق» (المتوفى: 930هـ) ؛ الناشر: دار المنهاج – جدة؛ تحقيق: محمد غسان نصوح عزقولح. ... وشاركه الرأي الخركوشي فقال :" فكان بعد ذلك أن عظّمت العرب قريشا وقالوا: أهل الله، قاتل عنهم وكفاهم مؤنة عددهم ".

شريف حمدان 18 / 03 / 2018 33 : 11 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/jyR59893.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 22 / 03 / 2018 58 : 06 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[9] تكلمتُ- ومِن الله تعالى في سماه وتقدست اسماه الفضل والكرم- في الفصل التاسع السابق عن مسألة النور المحمدي؛ وهداهم الله العلي القدير إلى صحيح التفسير وسليم التأويل؛ مَن يخرج عن دقة التعبير ودقة الفهم ... وسأعود إليها مرة ثانية ... فمسألة النور المحمدي سترافقنا حين الحديث عن والده « عبدالله بن عبدالمطلب» قبيل دخوله على زوجه «آمنة بنت وهب الزُهرية».. وستأتي مرة ثانية حين وضع الوليد السعيد...
**

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 22 / 03 / 2018 30 : 07 PM

:"« أول »الأنبياء... و « آخرهم »
 
[10] الفصل العاشر:"


:"« أول »الأنبياء... و « آخرهم »


﴿ 10 . :


10. 1.) عن أبي هريرة(١) رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول اللهﷺ » : كنتُ „ أَوَّلَ ‟ الأنبياء خلقا و „ آخِرَهم ‟ بعثا (*)«. (٢).


قلتُ (الرمادي): وجاء في حديث طويل بعبارة:


10 .2.) » وجعلتكَ أوَّلَ النَّبيِّينَ خَلقًا وآخرَهم بعثًا « . (٣.)


10. 3.) وروى ابن إسحاق(٤)عن قتادة(٥) مرسلا(٦) قال: قال رسول اللهﷺ » كنت „ أول ‟ الناس في الخلق و „ آخرهم‟ في البعث « (٧)(*)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المصادر والترجمة والتخريج:


(*) المصدر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد؛ للإمام الصالحي الشامي.


(١.) هو عبدالرحمن بن صخر الدوسي الحافظ، له خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا (٥٣٧٤).
قال ابن سعد: كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف (١٢٠٠٠) تسبيحة، مات سنة تسع وخمسين عن ثمان وسبعين عاماً، انظر الخلاصة (3 / 252 (529).


(٢.) الحديث أخرجه :
1.) ابن عدي في الكامل(3 / 1209) ؛ و
2.) أبو نعيم في الدلائل (1 / 6) ؛ و

3.) ابن كثير في البداية والنهاية 04 / 307) ؛ بيد أن محقق السيرة النبوية من البداية والنهاية لابن كثير علق فقال :" لَيْسَ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة المطبوع"،
و
4.) الثعالبي في التفسير 03 / 93 / 1) ؛ و
5.) ذكره السيوطي في الدر 05 / 184) ؛ و
6.) المتقي الهندي في الكنز (32126).
7.) ذكره صاحب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: علي بن سلطان محمد القاري؛
8.) كما ذكره في معرض الإستشهاد صاحب تحفة الأحوذي: محمد بن عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري في شرحه على سنن الترمذي؛ فكتبَ يقول :" وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ؛ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: » كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ «...
9.) وجاء في التفسير النبوي: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قولِهِ ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ﴾ الآيةُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :« كنتُ أوَّلُ النَّبيِّينَ في الخَلقِ وآخرُهُم في البعثِ ».
[رواه أبو هريرة]؛
انظر ابن عدي في الكامل في الضعفاء: (4 /417) ؛ الحديث فيه سعد بن بشير؛ لعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق.
وفي قولِ اللهِ تعالى ﴿وإِذْ أخذْنا مِن النِّبيِّين مِيثاقَهم ومِنك ومِن نُوحٍ ﴾ الآية قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « كنتُ أوَّلَ النَّبيِّين في الخَلْقِ وآخِرَهُم فِي البَعْثِ »؛ و
جاءت زيادة أثبتها : « فبُدِئَ بِي قبْلَهم »
[الحديث رواه أبو هريرة]؛
انظر ابن كثير في تفسير القرآن : (6 /3839؛ والحديث فيه سعيد بن بشير فيه ضعف.
وذكره ابن كثير في السيرة النبوية؛ فقال " وروى البغوي أيضاً عن أحمد بن المقدام عن بقية بن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي هريرة مرفوعاً ".
وذكر الحديث دون تخريج.
وهذه الرواية رواها أيضاً قتادة بن دعامة؛ انظر الحكمي في معارج القبول (679 / 2)؛ وَالحديث فِيهِ ضَعْفٌ وَيُرْوَى مُرْسَلًا وَمَوْقُوفًا عَلَى قَتَادَةَ، ورواه أبو هريرة؛
انظر الألباني في السلسلة الضعيفة (661)؛ وخرَّجه فقال:" الحديث ضعيف".
10.) انظر ابن القيسراني؛ في ذخيرة الحفاظ: (4 /1906)؛ الحديث : فيه خليد بن دعلج قد توبع عليه.
وما يفيد هنا ما قاله ابن كثير:
11.) عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ﴾ ، قال :" كنتُ أولَ النبيِّين في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ". انظر ابن كثيرفي البداية والنهاية : ( 2 /298)؛ الحديث : روي عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله.. وهذا أثبت وأصح
.12) « كنتُ أوَّلَ النَّبيِّينَ في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ ».
رواه أبو هريرة،
انظر الزرقاني في مختصر المقاصد ( :774)؛الحديث : صحيح . لكن الألباني ضعفه.
(٣.) الحديث رواه:
أ.) أبو العالية الرياحي؛ انظر عند :
1.) ابن كثير في : تفسير القرآن : (5 /31)؛ والحديث: فيه غرابة، فـأبو جعفر الرازي ضعفه غير واحد؛ وأيضاً رواه:
ب.) أبو هريرة؛
انظر :
1.) الهيثمي في : مجمع الزوائد : (1 /72)؛ الحديث رجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول.
كما تجده عند :"عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير؛ لـمحمد بن محمد بن محمد بن أحمد، ابن سيد الناس، اليعمري الربعي، أبو الفتح، فتح الدين (المتوفى: 734هـ)؛ تعليق: إبراهيم محمد رمضان" دون تعليق أو تخريج.
(٤.) هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولى قيس بن مخرمة أبو عبدالله المدني، قال أحمد: حسن الحديث، وقال البخاري: رأيت علي بن عبدالله يحتج به وقال يعقوب بن شبه: لم أر لابن إسحاق إلا حديثين منكرين، مات سنة إحدى وخمسين ومائة، انظر الخلاصة (2 / 379 (6049). .
(٥.)هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشرة، انظر التقريب (2 / 123 (81)).".
(٦.) الحديث أخرجه :
1..) ابن عدي في الكامل ( 3/ 919)،
2.) وابن سعد في الطبقات(1 - 1 / 96)،
3.) وذكره المتقي الهندي في الكنز (3191).
قلتُ الرمادي :
4. ) انظر العجلوني؛ في كشف الخفاء: 2 /169؛ الحديث: مرسل كما اثبتناه في المتن.
(٧.) وجاء برواية أبي هريرة » كنتُ أوَّلَ النَّاسِ في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ «. انظر: ابن عدي؛ في الكامل في الضعفاء : ( 3 /488) ؛ الحديث فيه "خليد بن دعلج" عامة حديثه يتابعه عليه غيره، وفي بعض حديثه إنكار.
وفي روايةٍ : » أوَّلَ النَّاسِ في الخَلقِ « . رواه : قتادة بن دعامة؛ انظر ابن رجب في لطائف المعارف 162؛ الحديث روي مرفوعاً والمرسل ( كما اثبتناه في بداية التخريج ) أشبه رواية عن قتادة مرسلة ثم تلا ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبرهيم وموسى وعيسى ابن مريم ﴾ .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي
حُرِّرَ بمكة المعظمة في يوم الإثنين ٤ شهر ربيع الأخر ١٤٣٨ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢ من شهر يناير عام ٢٠١٧ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
وقمتُ بفضل الله تعالى بمراجعته اليوم : 04 رجب 1439هـ
[يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ]

شريف حمدان 22 / 03 / 2018 03 : 09 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/jyR59893.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 24 / 03 / 2018 28 : 10 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[ 11] الفصل الحادي عشر:
« دَعْوَةُ „إِبْرَاهِيمَ‟ وبُشْرَىٰ „عيسىٰ‟ عليهما السلام »
11. 1. ] : « دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَوبُشْرَىٰ عيسىٰ‟ عليهما السلام »
١.] جاء في مسند الإمام أحمد؛ مسند الشاميين، حديث عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي عَــ(ـــبْـــ)ـــــــدُ﴿*﴾ اللَّهِ " مكتوبٌ "(أ) لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ؛ وَسَأُنَبِّئُكُمْ "وسأخبرُكم"(أ) بِأَوَّلِ ذَلِكَ"بأوَّلِ أمري"(أ)﴿1﴾ دَعْوَةُ(ب) أَبِي إِبْرَاهِيمَ﴿2﴾ وَبِشَارَةُ (ب)عِيسَىٰ بِي﴿3﴾ وَرُؤْيَا﴿4﴾ أُمِّي الَّتِي رَأَتْ﴿5﴾"حين وضعَتني"(أ) وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ تَرَيْنَ ».
وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ». فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ :
« إِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ »﴿6﴾.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿*﴾ جاء برواية :"» إني عــ(ــنـــ)ـــدَ اللهِ لخاتَمُ النبيينَ ... « . " بنقطة فوقية وليس تحتية.
(أ) الزيادة مِن مشكاة المصابيح: (5691) قال الألباني:" الحديث صحيح".
(ب) :" هناك رواية آخرى عن عبادة بن الصامت ، جاء فيها :" أنَا دَعوَةُ إِبراهِيمَ، و كان آخِرَ مَن بُشِّرَ بِي عِيسَى ابنُ مَريَمَ"
تجدها في صحيح الجامع: (1463)؛ تخريج الألباني؛ وحكم على الحديث بـأنه: صحيح.
﴿1﴾ رواية أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ قُلْتُ « جاءت برواية : ».» ا : « يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بَدْءُ "أوَّلِ"
[الإضافة : رواه أبو أمامة الباهلي، انظر أيضاً عند الهيثمي في مجمع الزوائد: (8 /225) ؛والحديث إسناده حسن وله شواهد تقويه.] أَمْرِكَ؟ قَالَ :" ﴿2﴾ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى ﴿3﴾عِيسَى، وَرَأَتْ﴿4﴾ أُمِّي أَنَّهُ ﴿5﴾خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ».» ا : « . هذا حديث رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " (باقي مسند الأنصار؛ حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ فَرَجٍ بْنُ فَضَالَةَ ، "، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء؛ في السيرة النبوية؛ بحث مولد النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته » باب منه، كما تجده في المعجم الكبير؛ باب الصاد؛ مَن اسمه صدي: صدي بن العجلان أبو أمامة الباهلي؛ ما أسند أبو أمامة؛ لقمان بن عامر عن أبي أمامة بنص :" (7729) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْجَوْهَرِيُّ ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ ، ح . وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّقَطِيُّ ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَا : ثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ﴿1﴾مَا كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ ؟ فَقَالَ : " دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، ﴿3﴾وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ ﴿5﴾خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ".
قلتُ (الرمادي): سأبحث هذه الجزئية في موضعها؛ بإذنه تعالى.
**
تفصيل مسألة الفصل الحادي عشر:
الحديث سنقسمه إلى مشاهد أو مقاطع؛ إذ أن كل مقطع منه يصلح للإستشهاد به في موضع نحتاجه في إثناء البحث وإثبات نبوته :
(١. ) المشهد الأول:» إني عندَ اللهِ لخاتَمُ النبيينَ« ؛
(٢. ) المشهد الثاني:» وإنَّ آدَمَ لمُنْجَدِلٌ في طينتِهِ ؛(اثبتناه من قبل)
(٣. ) المشهد الثالث: » وسأُنَبِّئُكُمْ بأوِّلِ ذلِكَ «
(٤. ) المشهد الرابع: » دعوةُ إبراهيمَ «.
(٥. ) المشهد الخامس: » وبشْرَىٰ عيسى ٰ«؛
.) المشهد السادس : » ورؤْيَا أُمِّي التي رأَتْ «
(٧.) المشهد السابع : » وكذَلِكَ أمَّهَاتُ المؤمنينَ يَرَيْنَ «؛
وسنتكلم عن هذا المقطع في موضعه؛ بإذنه تعالى؛
وفِي روايَةٍ: » وإنَّ أمَّ رسولِ اللهِ رأتْ حينَ وضعتْهُ نورًا أضاءَتْ منه قصورُ الشامِ «.
تخريج حديث » إِنِّي عَبْدُ اللهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ «
.1) أحمد بن حنبل فى المسند: (ح17163 /28 /395)؛ ط: الرسالة من طريق أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ،
2.) الحاكم فى المستدرك: (ح4175/ 2 /656)؛ ط: دار الكتب العلمية،
3.) البيهقى فى الدلائل: (1 /83)؛ ط: دار الكتب العلمية ،
4.) الدارمى فى الرد على الجهمية: (ح261/ص 146)؛ ط: دار ابن الأثير،
5.) أبونُعيم الأصبهاني فى الحلية: (6 /90)؛ ط: دار الكتاب العربى،
6.) البزار فى المسند: (ح4199/ 10 /135)؛ ط: مكتبة العلوم والحكم من طريق أَبُو المغيرة عَبدالقدوس بن الحجاج،
7.) الطبرانى فى مسند الشاميين (1455/2/340)؛ ط: الرسالة،
8.) المعجم الكبير (13 /172)،
.9) ابن عساكر فى تاريخ دمشق: (1 /168،21/99)؛ ط: دار الفكر من طريق أَبُو المغيرة عَبدالقدوس بن الحجاج و أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ،
10.) محمد بن عبدالواحد الأصبهاني فى مجلس إملاء فى رؤية الله تبارك وتعالى: (ح40/ص25)؛ ط: مكتبة الرشد من طريق بقية بن الوليد،
11.) ابن أبي عاصم في السنة: (ح409/1/179)؛ ط: المكتب الإسلامي من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ.
**
٢.] وفي حديث طويل .. [ضعيف]؛ جاء في مقدمته :
"بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ أتاه رجل من بني عامر وهو سيد قومه وكبيرهم مدرههم يتوكأ على عصا فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قال: ونسب النبي إلى جده فقال: يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك نبوت بعظيم إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل: بيت نبوة وبيت ملك ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان فما لك والنبوة ؟ولكن لكل أمر حقيقة فأتني بحقيقة قولك وبدء شأنك قال: فأعجب النبي مسألته ثم قال: يا أخا بني عامر إن للحديث الذي تسأل عنه نبأ ومجلسا فاجلس فثنى رجله وبرك كما يبرك البعير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني عامرإن حقيقة قولي وبدو شأني.
٢. ١ .] المشهد الأول: » دعوة أبي إبراهيم «
٢. ٢.] المشهد الثاني: » وبشرىٰ أخي عيسىٰ ابن مريم «.
٢. ٣.] المشهد الثالث: » وإني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد «
٢. ٤.] المشهد الرابع: » وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت: فجعلت أتبع بصري النور فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ثم إنها ولدتني «.
قلتُ (الرمادي):" وله بقية طويلة؛ قد نثبتها في موضعها من كتابي هذا. الحديث رواه شداد بن أوس، انظر البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (7 /169) ، الحديث: إسناده ضعيف.
**
نبحث الأن: المشهد الرابع: » في دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام بإيجاد محمد
«.: لما بنى الخليل عليه السلام الكعبة دعا لأهل مكة فقال » رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ«
[البقرة: 129]
قال السدي عن أشياخه: هو محمد.
**
قال "وخُلِقْتُ مِن طِينةِ إبراهيمَ، وأنا أفضَلُ مِن إبراهيمَ".... وقرأ: » ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «
[آل عمران: 34] ".
والحديث له بقية ... ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :
1.) رواه: بُرَيدةُ بن الحصيب الأسلمي: انظر الطبراني في المعجم الأوسط : ( 6/ 1629؛ لا يروى هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا بهذا الإسناد تفرد به حسين الأشقر ،
2.) انظر الهيثمي في مجمع الزوائد: (9 /131)؛ قال:‏‏ الحديث فيه جماعة لم أعرفهم وحسين الأشقر ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان،
3.) انظر الألباني في السلسلة الضعيفة : (4956)،الحديث : ضعيف جداً.
أما المشهد الخامس: » وبشْرَىٰ عيسىٰ« ؛" بشرىٰ أخي عيسىٰ ابن مريم "بمَقدم أحمد عليهما الصلاة والسلام جاءتنا من خلال النص القطعي (أ): الثبوت؛ والقطعي (ب): الدلالة كما ورد في :
۱.) الذكر الحكيم؛ آية: ( ٦ ) من سورة الصف ورقمها : (٦۱) : ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ ‟ „ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
﴿ الصف: ٦ ﴾
، هذا أولاً .
وثانياً كما جاء في احاديث سيد المرسلين وآخر الأنبياء وخاتم المبعوثين؛ ونذكرها من مصادرها :
٢.) » وَبُشْرَىٰ عِيسَى ٰ« ،وهذه هي الروايةالأولىٰ كما قَالَ الْحَاكِمُ في مستدركه عن راوي هذا الحديث :" خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ، صَحِبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَإِذَا أَسْنَدَ حَدِيثًا إِلَى الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجَاهُ (قصد الإمام البخاري ؛ والإمام مسلم) ؛ وقد بوَّب صاحب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد باباً سماه : " بَابُ قِدَمِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وذكر عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ:" وَبُشْرَى عِيسَى"؛
٢ . ۱.) أما الرواية الثانية فقد أوضحت امراً هاماً إذ أثبت ابن عساكر في تاريخ دمشق: قوله عليه السلام » وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَم َ«، :" وَبِشَارَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ " ؛ قال صاحب مجمع الزوائد: نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي:" وَأَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ سُوِيدٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ".
[انظر : كتاب علامات النبوة؛ مِن مجمع الزوائد ]
٢ . ٢.) : ثم تأتي رواية ثالثة توضح أمراً مهماً وتضيف مسألة هامة وهي رواية عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ إذ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ »: وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْمَهُ »؛
وقال الحاكم النيسابوري :" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وقال صاحب مجمع الزوائد :" رَوَاهُ أَحْمَدُ بِأَسَانِيدَ، وَالْبَزَّارُ،وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ
قلتُ هذا :" شَاهِدٌ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ .".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 25 / 03 / 2018 04 : 02 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
القسم الأول:
الفضائل والآيات الواقعة قبل مولده
صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
أخذ الميثاق عليه -صلى الله عليه وسلم-. وأخذ الميثاق على الأنبياء.
﴿ 12 .الْفصل الثَّاني عشر:
تقدم أخذ الميثاق عليه صلى الله عليه وسلم. وأخذ الميثاق على الأنبياء، آدم فمن دونه من الأنبياء أن يؤمنوا به وينصروه إذا بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم.:
ورد في آي التنزيل من عظم قدره صلى الله عليه وسلم ، وجاء في الذكر الحكيم من رفعةِ ذكره، وشهادته سبحانه وتعالى له بصدق نبوته، وثبوت بعثته، وقسمه تعالى على تحقيق رسالته، وعلو منصبه الجليل ومكانته، ووجوب طاعته واتباع سنته وأخذه تعالى له الميثاق على سائر النبيين فضلا ومنّة إن أدركوه ليؤمنن به ولينصرنه، والتنويه به في الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل، بأنه صاحب الرسالة والتبجيل:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ(*) وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا
[آيَةُ: 7؛ سُورَةُ: الأحزاب]
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ
[آيَةُ:٨١ ؛ سُورَةُ: آل عمران]
ــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى: و (إذ) نصب بمصدر محذوف (أخذ الله ميثاق النبيين) عهدهم (لما) بفتح اللام للابتداء أو دخلت لتوكيد معنى القسم، لأن أخذ الميثاق قسم في المعنى. وبكسرها متعلقة بأخذ، وما موصولة على الوجهين أي الذي (آتيتكم) وفي قراءة: آتيناكم (من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) أي من الكتاب والحكمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم (لتؤمنن به ولتنصرنه) جواب القسم، أي إن أدركتموه، وأممهم تبع لهم في ذلك.
قال الله تعالى لهم: (أأقررتم) بذلك (وأخذتم) قبلتم ووافقتم (على ذلكم إصري) عهدي (قالوا أقررنا. قال فاشهدوا) أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار
واشهدوا: خطاب للملائكة (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم وعليهم (فمن تولى) أعرض (بعد ذلك) الثبات (فأولئك هم الفاسقون) أي الخارجون عن طاعة.
قال الحافظ تقي الدين السبكي في هذه الآية من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم وعظيم قدره ما لا يخفى أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم. فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم:

" بعثت إلى الناس كافة " (1) لا يختص به الناس في زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضا.
وإنما أخذ المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدم عليهم وأنه نبيهم ورسولهم.
وفي (أخذ) وهي في معنى الاستخلاف، ولذلك دخلت لام القسم في (لتؤمنن به ولتنصرنه)؛ هذه واحدة؛ أما
اللطيفة الأخرى، وهي كأنها البيعة التي تؤخذ للخلفاء ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هذا، فانظر إلى هذا التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه.
فإذا عرفت هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء، ولهذا أظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه.
وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم [وسابحثها -مسالة الإسراء والمعراج قريباً؛ إذ أننا في شهر رجب؛ وما قيل في هذه الليلة] ، ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به صلى الله عليه وسلم ونصرته.
ولذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته صلى الله عليه وسلم ورسالته إليهم معنى حاصل له. وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر الأمر راجع إلى وجودههم لا إلى اتصافه بما يقتضيه.
وفرق بين توقف الفعل على قبول المحمل وتوقف أهلية الفاعل، فهنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبي صلى الله عليه وسلم الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم لزمهم أتباعه بلا شك، ولهذا يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان على شريعته صلى الله عليه وسلم، وهو نبي كريم، لا كما يظن بعض الناس أنه يأتي واحدا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، فكل ما فيهما من أمر ونهي فهو متعلق به كما يتعلق بسائر هذه الأمة، وهو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شئ ولذلك لو بعث النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه أو زمان موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم، والنبي صلى الله عليه وسلم نبي الله ورسوله إلى جميعهم، فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ويتفق مع شرائعهم في الأصول لأنها لا تختلف، وتقدم شريعته فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع، إما على سبيل التخصيص وإما على سبيل النسخ أو لا نسخ ولا تخصيص بل تكون شريعة النبي في تلك الأوقات بالنسبة إلى تلك الأمم مما جاءت به أنبياؤهم، وفي هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة الشريفة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1.] الآثر الأول:
روى ابن ابي حاتم عن السدي (2) في الآية قال: " لم يبعث الله نبيا قط من لدن نوح إلا أخذ ميثاقه ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصره إن أدركه وخرجوهم أحياء".
2.] الآثر الثاني :

وروى ابن جرير (3)، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله تعالى وجهه في الآية قال: " لم يبعث الله نبيا، آدم فمن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ العهد على قومه".
3.]
الآثر الثالث :
وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " ما بعث الله نبيا قط إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ الميثاق على أمته إن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه".
[رواه البخاري(4/أ) في صحيحه].
كما نقله الزركشي في شرح البردة، والحافظ ابن كثير (4/ب) في تاريخه وأول كتابه جامع المسانيد، والحافظ في الفتح في باب حديث الخضر مع موسى، ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن قيل: قال الله سبحانه وتعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدة). فالجواب: بأن هداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم، أي الزم شرعك الذي ظهر به نوابك، من إقامة الدين وعدم التفرقة فيه ولم يقل الله بهم اقتدة وكذا قال تعالى (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) وهو الدين، فهو صلى الله عليه وسلم مأمور باتباع الدين، فإن أصل الدين إنما هو من الله تعالى لا من غيره، وأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم باتباع الدين لا باتباع الأنبياء، فإن السلطان الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له، فإذا غاب حكم النواب بمراسيمه، فهو الحاكم في الحقيقة غيبة وشهادة.

فإنك شمس والملوك كواكب * * إذا ظهرت لم يبد منهن كوكب (5)
و
قد أشار إلى ذلك المعنى البوصيري (6)، وتوفي قبل مولد السبكي .

وكل آي أتى الرسل الكرام بها * * فإنما اتصلت من نوره بهم

فإنه شمس فضل هم كواكبها * * يظهرون أنوارها للناس في الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــ
حديث(7):
روى ابن سعد (8) عن الشعبي (9) مرسلا قال: قال رجل: " يارسول الله متى آستنبئت ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد؛ حين أخذ مني الميثاق (10).
قال الحافظ ابن رجب في اللطائف: وخبر الشعبي يدل على أنه من حين صور آدم طينا أستخرج وأخذ منه صلى الله عليه وسلم ونبئ وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى يخرج وقت خروجه الذي قد رأيت خروجه فيه، فهو أولهم خلقا، وآخرهم بعثا، وهو آخر النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم.


ويستدل بخبر الشعبي وغيره مما تقدم على أنه صلى الله عليه وسلم ولد نبيا، فإن نبوته وجبت له حين أخذ الميثاق حيث استخرج من صلب آدم فكان نبيا حينئذ، ولكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبيا كمن تولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجئ الوقت.
4.] آثر:

روى أبو سهل القطان (11) في أماليه، عن سهل بن صالح الهمذاني، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي: " كيف صار محمد صلى الله عليه وسلم يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث ؟ قال: " إن الله لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، كان محمد صلى الله عليه وسلم أول من قال بلى. ولذلك صار يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث".
قلت؛ محمد فخر الدين :

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
________________________________________
التراجم والحواشي والتخريج:
(*) عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قولِهِ { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } الآيةُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :«كنتُ أوَّلُ النَّبيِّينَ في الخَلقِ وآخرُهُم في البعثِ» .

قلت: خرجتُهُ في بحث أول الأنبياء وآخرهم.
ـــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في المسند (3 / 304)، والبيهقي (2 / 433)، ومجمع الزوائد (8 / 259، 261)، والطبراني في الكبير (12 / 4139، وابن سعد في الطبقات (1 / 1 /128) .
(2) إسماعيل بن عبد الرحمن السدي: تابعي، حجازي الأصل، سكن الكوفة. قال فيه ابن تغري بردي: " صاحب التفسير والمغازي والسير، وكان إماما عارفا بالوقائع وأيام الناس ". توفي سنة 128 ه‍. [الأعلام (1 / 317).
(3) محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري الآملي البغدادي. الإمام العلم صاحب التصانيف العظيمة والتفسير المشهور، مولده سنة أربع وعشرين ومائتين. أخذ الفقه عن الزعفراني والربيع المرادي. قال الخطيب: سمعت علي بن عبد الله اللغوي يقول: مكث ابن جرير أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة. توفي في شوال سنة عشر وثلاثمائة عن ست وثمانين. [الطبقات لابن قاضي شهبة (1 / 100 - 101)].
(4/أ) جاء فِي" صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعَنَّهُ وَلَيَنْصُرَنَّهُ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ؛ لَئِنْبُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعُنَّهُ
(4/ب) إسماعيل بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن ذرع، القرشي، البصروي، الدمشقي. مولده سنة إحدى وسبعمائة، وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه، وأخذ عنه، وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية، وقرأ الأصول على الأصفهاني، وسمع الكثير، وأقبل على حفظ المتون، ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتأريخ، حتى برع في ذلك وهو شاب. وصنف في صغره " كتاب الأحكام على أبواب التنبيه "، ووقف عليه شيخه برهان الدين وأعجبه، وصنف التأريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير. وصنف كتابا في جمع المسانيد العشرة، واختصر تهذيب الكمال وأضاف إليه ما تأخر في الميزان سماه التكميل، وطبقات الشافعية ورتبه على الطبقات، وله تصانيف مفيدة. وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين بن حجي: كان أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها، ورجالها، وصحيحها وسقيمها. وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك. وكان يستحضر شيئا كثيرا من التفسير والتأريخ، قليل النسيان. وكان فقيها جيد الفهم، صحيح الذهن، يستحضر شيئا كثيرا، ويحفظ التنبيه إلى آخر وقت، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر. وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا وأفدت منه. توفي في شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية.
[الطبقات لابن قاضي شهبة (3 / 85 - 869)، والدارس (1 / 36)، والبدرالطالع (1 / 153)، وشذرات الذهب (6 / 231) ].
(5) النابغة الذبياني: القصيدة مطلعها:


أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني **وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ
***

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً ** تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ

فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ ** إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ

**
(6) محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري، شرف الدين، أبو عبد الله: شاعر، حسن الديباجة، مليح المعاني، ووفاته بالإسكندرية. له " ديوان شعر " توفي سنة 696 ه‍.
[الأعلام 6 / 139، وفوات الوفيات (2 / 205) ](*)
(7) راجع ما جاء في المواهب اللّدنية للقسطلاني؛ مع شرح الزرقاني. وانظر "الخصائص الكبرى"؛ وأشار إليه في ملخصه "أنموذج اللبيب في خصائص ا لـ حـ بـ ـ ـ يـ ـ ب "؛ وهما للسيوطي.
(8) محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البصري، كاتب الواقدي، ونزيل بغداد، وصاحب الطبقات، وأحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين. عن الوليد بن مسلم وهشيم ومعن بن عيسى وابن عليه وخلق. وعنه (د) وابن أبي الدنيا وأحمد بن يحيى البلاذزي. قال الخطيب: كان من أهل العلم والفهم والعدالة، وحديثه يدل على صدقه فإنه يتحرى في كثير من روايته. قال ابن قهم: توفي ببغداد سنة ثلاثين ومائتين.
[الخلاصة (2 / 406) ] .
(9) عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من أئمة التابعين، وعلى ذلك فحديثه مرسل. قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.
[التقريب (1 / 387) ] .
(10) مرسل؛ أخرجه ابن سعد فى «الطبقات» (7 /42)، من رواية جابر الجعفى، فيما ذكره ابن رجب.
(11) أبو سهل القطان، الإمام المحدث الثقة، مسند العراق، أبو سهل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بن عباد، القطان البغدادي. قال الخطيب: كان صدوقا أدبيا شاعرا، توفى في شعبان سنة خمسين وثلاثمائة وكان مولده في سنة تسع وخمسين ومائتين.
[انظر سير أعلام النبلاء (15/ 521 - 522) ] .

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 03 / 2018 45 : 03 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[2]:
** القسم الثاني من الجزء الأول**
[1. ] الفصل الأول من القسم الثاني :
النسب الشريف الزكي
[١ .] « عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ »
==========
﴿ متى وُلِدَ « عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ » أَبُو رَسُولِ اللَّهِ!؟ ﴾
"(81 ق.هـ -53 ق.هـ ~ الموافق 544م - 571م) ".

ـــــــــــــــــــــــــــ
جاء عند الكامل في التاريخ؛ لـ عز الدين أبوالحسن علي المعروف بـ ابن الأثير " قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ : وُلِدَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ؛ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِـ
أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مَضَتْ مِنْ مُلْكِ أَنُوشِرْوَانَ. "
لذا فيمكننا القول -كما زعم البعض- أن مولد عبدالله بن عبدالمطلب كان في السنة 81 قبل الهجرة ~ الموافق سنة 544 الميلادية.... فــــــــــــ

هذا تاريخ المولد؛
أما
مكان مولده الشريف:

مكة المعظمة -زادها الله تعالى السميع العليم أمانا وسلاماً وتكريماً وتعظيماً- بجوار الكعبة المشرفة-زادها مَن رفع السموات بغير عمدٍ نراها تشريفاً وتبجيلاً-.
[ ١ . ١.] نسبه :
والده :

عبدالمطلب بن هاشم ؛ واسمه شيبة الحمد ، كان سيّدًا من سادات قريش.
والدته :

فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ، تلتقي مع زوجها عبدالمطلب في الجدّ الرابع .
و

قد ذكرها ابن حبيب في " المُنْجِبَات " مِن النساء ، قال : « ولم تكن العرب تعد " منجبة " لها أقل من ثلاث بنين من أشراف ، فقد ولدت :
1.] الزبير ؛ و
2.] أبا طالب ... حكمي قريش ، و
3.] عبدالله أبا رسول الله «.
ـــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام الطبري ، أبو جعفر ، إمام المؤرخين ، وشيخ المفسرين في تاريخه : " كان عبدالله.. أبو رسول الله أصغر ولد أبيه وكان عبدالله و الزبير و عبدمناف - وهو أبو طالب- بنوا عبد المطلب لأم واحدة ، هذا في رواية ابن إسحاق".
وروى هشام بن محمد عن أبيه أنه قال :"عبدالله بن عبدالمطلب أبو رسول الله ؛ وابو طالب ؛ واسمه عبدمناف ؛ والزبير وعبدالكعبة وعاتكة وبرة وأميمة ولد عبد المطلب إخوة".
فهو : عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان (1).
[١ . ٢. ] كنيته :
وقد كان يُكنّىٰ :

1.] « أبو قُثَم » ، و
2.] « أبو أحمد ».
[١ . ٢. ١. ] معنى الكنية :

قَثَمَ :" الْقَافُ ؛ وَالثَّاءُ ؛ وَالْمِيمُ : أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى جَمْعٍ وَإِعْطَاءٍ .
فـ قَثَمَ الشَّيْءُ يَقْثِمُهُ قَثْمًا وَاقْتَثَمَهُ : جَمَعَهُ وَاجْتَرَفَهُ ،

مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : قَثَمَ مِنْ مَالِهِ ، إِذَا أَعْطَاهُ .
وَرَجُلٌ قُثَمٌ : مِعْطَاءٌ .
وَالْقَثُومُ : الرَّجُلُ الْجَمُوعُ لِلْخَيْرِ.

وَأَنْشَدَ :
قَالَ لَأَصْبَحَ بَطْنُ مَكَّةَ مُقْشَعِرًّا ** كَأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ بِهَا هِشَامُ
يَظَلُّ كَأَنَّهُ أَثْنَاءَ سَرْطٍ * * وَفَوْقَ جِفَانِهِ شَحْمٌ رُكَامُ
فَلِلْكُبَرَاءِ أَكْلٌ كَيْفَ شَاؤُوا **وَلِلصُّغَرَاءِ أَكْلٌ وَاقْتِثَامُ



وَقَثَامٌ : اسْمٌ لِلْغَنِيمَةِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً .
وَقَدِ اقْتَثَمَ مَالًا كَثِيرًا إِذَا أَخَذَهُ .
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ : أَنْتَ قُثَمٌ ، أَنْتَ الْمُقَفَّى ، أَنْتَ الْحَاشِرُ ، هَذِهِ أَسْمَاءُ النَّبِيِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي الْحَدِيثِ : أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ : أَنْتَ قُثَمٌ وَخَلْقُكَ قَيِّمٌ ،

الْقُثَمُ : الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ ، وَقِيلَ : الْجَامِعُ الْكَامِلُ ،
وَقِيلَ : قُثَمٌ مَعْدُولٌ عَنْ قَاثِمٍ وَهُوَ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ (2).
ــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
(1)
انظر: السيرة؛ لـ ابن هشام".

(2) معجم مقاييس اللغة؛ أبو الحسين أحمد بن فارس بنزكريا ؛ دار الجيل؛ 1420هـ / 1999م. وانظر عند ابن منظور ؛ لسان العرب ؛ أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ؛ دار صادر ؛ 2003م .
ــــــــــــــــــــــ
[١ . ٣. ] حياة عبدالله بن عبدالمطلب:
[١ . ٣. ١. ] المحطة الأولى الأساسية من حياة عبدالله بن عبدالمطلب:
نعتبرها في بحثنا هذا

قضية نذر عبدالمطلب؛ أو
ما تسمى بــ
مسألة الذبيح:
مشاهد القصة :

ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ:
لعل أهم محطة في حياة عبدالله أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي قصة :
" نذر أبيه عبدالمطلب " .

شريف حمدان 26 / 03 / 2018 54 : 04 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/jyR59893.gif

ابو توفيق 26 / 03 / 2018 01 : 09 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيكم
ورزقكم الفردوس الاعلى من الجنه
بعد طول عمر وحسن عمل


دكتور محمد فخر الدين الرمادي 27 / 03 / 2018 07 : 04 PM

رشهادة تقدير
 
الحمد لله على كل حال ... كما نبهتني أستاذي الجليل .. أبا توفيق..
اشكركم على المرور والتقدير ... شهادة اضعها فوق مكتبي لأكمل السير مع مسيرة السيرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل السلام وأكمل الصلوات وخالص التبريكات ....

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 03 / 04 / 2018 39 : 07 PM

ذِكْرُ « نَذْرِ »عَبْدِالْمُطَّلِبِ « ذَبْحَ » « وَلَدِهِ »
 
«١. عبدالله بن عبدالمطلب »
[ ١ . ٣. ١. ] المحطة الأولىٰ الأساسية من حياة عبدالله بن عبدالمطلب :
ذِكْرُ (*) « نَذْرِ » عَبْدِالْمُطَّلِبِ « ذَبْحَ » (1) « وَلَدِهِ »

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ(2) :
" كَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ - فِيمَا يَزْعُمُونَ(3) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ(3) - ..." .

أقول : وقبل ان نبدء في سرد خبر نذر عبدالمطلب بذبح أحد ولده نقسم الخبر - الرواية - إلىٰ مشاهد أو مقاطع:
[ ١. ] المشهد الأول:" ... كَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ ... قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ(4) مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ ، لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ (عند الطبري في الرواية المختصرة: "رهط") ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ ، لَيَنْحَرَنَّ(5) أَحَدَهُمْ لِلَّهِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ (6) . فَلَمَّا تَوَافَى(7) بَنُوهُ عَشَرَةً ، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ(8) ...".
[ ٢. ] المشهد الثاني:"... جَمَعَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ ، (عند الطبري:" الذي نذر " ) ، وَ...
[ ٣. ] المشهد الثالث:" (عند الطبري:"أقْرع بينهم. أيُّهم ينحر!؟")... دَعَاهُمْ إلَى الْوَفَاء لِلَّهِ بِذَلِكَ ، فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا :" كَيْفَ نَصْنَعُ ؟" ، قَالَ :" لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ ، ثُمَّ ائْتُونِي(9). فَفَعَلُوا :" ، ثُمَّ أَتَوْهُ(10) ...
[ ٤. ] المشهد الرابع:"... فَدَخَلَ بِهِمْ(11) عَلَى هُبَلَ(12) فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَ هُبَلُ عَلَى بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ هِيَ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا(13) مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ... ".

[ * ] وصفٌ لحالٍ : ... وَكَانَ عِنْدَ هُبَلَ قِدَاحٌ سَبْعَةٌ(14) ، كُلُّ قِدْحٍ مِنْهَا فِيهِ كِتَابٌ : قِدْحٌ(15) فِيهِ الْعَقْلُ (العقل هنا الدية) إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْعَقْلِ مَنْ يَحْمِلُهُ مِنْهُمْ ، ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ السَّبْعَةِ : فَإِنْ خَرَجَ الْعَقْلُ فَعَلَى مَنْ خَرَجَ حَمْلُهُ ، وَقِدْحٌ فِيهِ « نَعَمْ » لِلْأَمْرِ إذَا أَرَادُوهُ يُضْرَبُ بِهِ فِي الْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَ قِدْحُ « نَعَمْ » عَمِلُوا بِهِ ، وَقِدْحٌ فِيهِ « لَا » إذَا أَرَادُوا أَمْرًا ضَرَبُوا بِهِ فِي الْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ الْقِدْحُ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ الْأَمْرَ ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « مِنْكُمْ » ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « مُلْصَقٌ » ، وَقِدْحٌ فِيهِ « مِنْ غَيْرِكُمْ » ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « الْمِيَاهُ » إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِلْمَاءِ ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ ، وَفِيهَا ذَلِكَ الْقِدْحُ ، فَحَيْثُمَا خَرَجَ عَمِلُوا بِهِ وَكَانُوا إذَا أَرَادُوا أَنْ يَخْتِنُوا غُلَامًا ، أَوْ يُنْكِحُوا مُنْكَحًا(16) ، أَوْ يَدْفِنُوا مَيْتًا ، أَوْ شَكَلُوا(17) فِي نَسَبِ أَحَدِهِمْ ، ذَهَبُوا بِهِ إلَى هُبَلَ وَبِمِئَةِ دِرْهَمٍ وَجَزُورٍ ، فَأَعْطَوْهَا(18) صَاحِبَ الْقِدَاحِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا ، ثُمَّ قَرَّبُوا صَاحِبَهُمْ الَّذِي يُرِيدُونَ بِهِ مَا يُرِيدُونَ ، ثُمَّ قَالُوا : يَا إلَهَنَا ، هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَدْ أَرَدْنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَأَخْرِجْ الْحَقَّ فِيهِ . ثُمَّ يَقُولُونَ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ : اضْرِبْ(19) فَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مِنْكُمْ » كَانَ مِنْهُمْ وَسِيطًا (أي خالص النسب)، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مِنْ غَيْرِكُمْ » كَانَ حَلِيفًا ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مُلْصَقٌ » كَانَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِيهِمْ ، لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا حِلْفَ ، وَإِنْ خَرَجَ فِيهِ(20) شَيْءٌ ، مِمَّا سِوَى هَذَا مِمَّا يَعْمَلُونَ بِهِ نَعَمْ عَمِلُوا بِهِ ، وَإِنْ خَرَجَ « لَا »، أَخَّرُوهُ عَامَهُ(21) ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوهُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى ، يَنْتَهُونَ فِي أُمُورِهِمْ إلَى ذَلِكَ مِمَّا خَرَجَتْ بِهِ الْقِدَاحُ . ... ".

عَبْدُالْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادُهُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْقِدَاحِ :

[ ٥. ] المشهد الخامس:"... فَقَالَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ(22) : اضْرِبْ عَلَى بَنِيَّ هَؤُلَاءِ بِقِدَاحِهِمْ هَذِهِ وَأَخْبَرَهُ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ ، فَأَعْطَاهُ (عند الطبري:"فأعطى") كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قِدْحَهُ الَّذِي فِيهِ اسْمُهُ -وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ(23) كَانَ هُوَ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَائِذُ بْنُ عِمْرَانَ بْنُ مَخْزُومٍ. ".

خُرُوجُ(24) الْقَدَحِ عَلَى عَبْدِاللَّهِ "وَشُرُوعُ أَبِيهِ فِي ذَبْحِهِ ، وَمَنْعُ قُرَيْشٍ لَهُ :"

" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ- فِيمَا يَزْعُمُونَ (3)- أَحَبَّ وَلَدِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ إلَيْهِ ، فَكَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَرَى أَنَّ السَّهْمَ إذَا أَخَطَأَهُ فَقَدْ أَشْوَى (يقال : رمى فاشوى: إذا رمى ولم يصب المقتل). وَهُوَ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ لِيَضْرِبَ بِهَا (25) .
[ ٦. ] المشهد السادس:" قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عِنْدَ هُبَلَ(26) يَدْعُو اللَّهَ(27) " تَعَالَى ".... ثُمَّ
[ ٧. ] المشهد السابع:" ضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَأَخَذَهُ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إلَى إسَافٍ وَنَائِلَةٍ(28) لِيَذْبَحَهُ ،
[ ٨. ] المشهد الثامن:" فَقَامَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا ، فَقَالُوا :" مَاذَا تُرِيدُ (29) يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ ؟ " ، قَالَ :" أَذْبَحُهُ " ؛ فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ :" وَاَللَّهِ(30) لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ . لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرَّجُلُ(31) يَأْتِي بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ ، فَمَا بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى هَذَا وَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ ، وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ : وَاَللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ فِدَاؤُهُ بِأَمْوَالِنَا فَدَيْنَاهُ . وَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ : لَا تَفْعَلْ(32) وَانْطَلِقْ بِهِ إلَى الْحِجَازِ(33)، فَإِنَّ بِهِ عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ ، فَسَلْهَا ، ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ ، إنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ ذَبَحْتَهُ ، وإنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْتُهُ . ".

عَرَّافَةُ الْحِجَازِ وَمَا أَشَارَتْ بِهِ عَلَى عَبْدِالْمُطَّلِبِ".

" فَانْطَلَقُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، فَوَجَدُوهَا(34) - فِيمَا يَزْعُمُونَ(3) - بِخَيْبَرِ(35) فَرَكِبُوا (عند الطبري :"إليها") حَتَّى جَاءُوهَا ، فَسَأَلُوهَا ، وَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُالْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ ، وَمَا أَرَادَ بِهِ وَنَذْرَهُ فِيهِ ؛ فَقَالَتْ لَهُمْ : ارْجِعُوا عَنِّي الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلُهُ . فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا(36) فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْهَا (عندالطبري :"مِن عندها") ، قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا ،"
[ ٩. ] المشهد التاسع:" فَقَالَتْ لَهُمْ :"(37) قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ ، كَمْ الدِّيَةُ فِيكُمْ ؟ قَالُوا :" عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ ، -وَكَانَتْ كَذَلِكَ- . قَالَتْ : فَارْجِعُوا إلَى بِلَادِكُمْ ، ثُمَّ قَرِّبُوا صَاحِبَكُمْ ، وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنْ الْإِبِلِ(38) حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ ، فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ ، وَنَجَا صَاحِبُكُمْ .
نَجَاةُ عَبْدِاللَّهِ مِنْ الذَّبْحِ:".

" فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ ، فَلَمَّا أَجَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ ، قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَاللَّهِ وَعَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، - وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ (عند الطبري:"في جوف الكعبة") قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ [عَزَّ وَجَلَّ](39) ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ عِشْرِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ (عند الطبري :" السَّهم") عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ ثَلَاثِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ أَرْبَعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ خَمْسِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ سِتِّينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ سَبْعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ ثَمَانِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ تِسْعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ مِئَةً(40) ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ حَضَرَ(41) : قَدْ انْتَهَى رِضَا رَبِّكَ يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ . فَزَعَمُوا(3)
[ ١٠. ] المشهد العاشر:" أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ قَالَ : لَا وَاَللَّهِ (42) حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَضَرَبُوا عَلَى عَبْدِاللَّهِ وَعَلَى الْإِبِلِ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، ثُمَّ عَادُوا الثَّانِيَةَ ، وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللَّهَ ، فَضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، ثُمَّ عَادُوا الثَّالِثَةَ ، وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللَّهَ ، فَضَرَبُوا(سيرة ابن هشام :"ثم ضربوا ".) ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ(43) فَنُحِرَتْ(44) .
**
جاء في نهاية الرواية - خبر نذر عبدالمطلب بنحر أحد ولده- :
ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إنْسَانٌ وَلَا يُمْنَعُ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ : إنْسَانٌ وَلَا سَبُعٌ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَيْنَ أَضْعَافِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجَزٌ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ ".
انتهيتُ من سرد الرواية -خبر نذر عبد المطلب بذبح ولده وأحبهم إليه- ؛ والمقصود هنا عبدالله ؛ الذي سيكون والد الرسول الكريم فيما بعد ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والحواشي:"
(*) قديماً تكاد تكون كتب السيرة النبوية والتاريخ وسير الأعلام تذكر هذه الرواية -الخبر- دون الحكم عليها بالصحة أو الضعف أو الإختراع ؛ وتناقلتها الأجيال عبر أجيال وصارت من الروايات المقبولة ؛ بل في كل جَمْعٍ ومناسبة تذكر ويرويها القصاص ؛ وبعض مَن يعتلي منابر المساجد.. وسأذكرها مع التحقيق والتدقيق.
(1) جاء عند ابن كثير في البداية بعد كلمة ذبح [..أَحَدِ..] فتكون جملة ابن هشام على التخصيص؛ اما جملة ابن كثير فجاءت على التعميم.. وإن قصد أو فهم أنه عبدالله بن عبدالمطلب ؛ والد النبي الرسول محمد عليه السلام.
(2) يكاد يجمع كافة العلماء على أن النقل من عند ابن إسحاق.
(3) استخدام التعبير «فِيمَا يَزْعُمُونَ» كما ذكره ابن إسحاق ؛ والطبري في تاريخه قال :" « يذكرون »"؛ وابن هشام في السيرة ؛ وابن كثير في البداية والنهاية ؛ وبالطبع اثبتها السهيلي في شرحه : هذا التعبير يحمل بين ثناياه صيغة تمريض اي وجود علة قد تكون قادحة في صحة الرواية . فالنص يقول :" كان عبدالمطلب بن هاشم - «فيما يذكرون» ؛ ثم يؤكد الشك بقوله و «الله أعلم» -" ؛ فهي صيغة تشكيك فيما سيروى من أحداث ؛ ثم استخدام تعبير-و«الله أعلم»- بعدها ترفع المساءلة والمأخذة لمن يروي فيجعل العهدة على مَن يقول بهذه الأحداث ويرويها . وعند الذهبي في سير أعلام النبلاء ذكر الرواية دونها ، وكذا [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] ؛ وعلق محقق المنتظم في التاريخ فقال :" .. هذا وقد أغفل ابن الجوزي غلطاً منه قول ابن إسحاق : «فيما يزعمون» لأن عادة ابن هشام- قلتُ الرمادي:"وكذلك الطبري"- أن يوردهذا اللفظ عند شكه في الخبر . فهذا خطأ لأن هذا الخبر بصفة خاصة يكثر الكلام عنه ، وسنوضح ذلك في نهاية الخبر إن شاء الله ".
(4) الذهبي في سير أعلام النبلاء تجده يثبت لفظة :" الْعَنَتَ " .
(5) جاء في آحدىٰ طبعات [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] :" «ثم بلغوا عنه حتى يمنعوه « ليسخرن » ". وهذه اللفظة لا تتفق مع الرواية.
(6) جاء في [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] » " عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَهُ تَعَالَى "
(7) عند الطبري :" توافى له ". وعند ابن كثير في البداية :" تَكَامَلَ" ، وعند سير أعلام النبلاء :" بَلَغُوا " ، وأيضاً عند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير]. وقد جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :" تموا " . قلتُ الرمادي :" الألفاظ متقاربة في المعنى " .
(8) ذكر ابن كثير في البداية اسماءهم ؛ فقال :" وَهُمُ :
١. ] :" الْحَارِثُ " ؛ وَ
٢. ] :" الزُّبَيْرُ " ؛ وَ
٣. ] :" حَجْلٌ " ؛ وَ
٤. ] :" ضِرَارٌ " وَ
٥. ] :" الْمُقَوَّمُ " ؛ وَ
٦. ] :" أَبُو لَهَبٍ " ؛ وَ
٧. ] :" الْعَبَّاسُ " ؛ وَ
٨. ] :" حَمْزَةُ " ؛ وَ
٩. ] :" أَبُو طَالِبٍ " ؛ وَ
١٠. ] :" عَبْدُ اللَّهِ " .
قلتُ الرمادي :" لايستفاد من هذا الترتيب عند ابن كثير في بدايته ترتيب الأعمار أيضاً . وسنبحث أعمام وعمات النبي المصطفى في قابل البحث عند إتمام الحديث عن النسب الشريف الزكي .
(9) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :"به".
(10) أثبت صاحب سير أعلام النبلاء كلمة ؛ فـ اضاف :" بِالْقِدَاحِ "
(11) جاء في [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير:" فَدَخَلُوا " .
(12) أضاف صاحب سير أعلام النبلاء جملة :".. وَكَانَ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ " . أما إضافة الطبري :" ... أعظمَ أصنام قريش بمكّة" .
(13) في سير أعلام النبلاء ذكر لفظة بئر ؛ فقال :" فِيهِ " .
(14) زيادة عند ابن كثير :" وَهِيَ الْأَزْلَامُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا إِذَا أَعْضَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ مِنْ عَقْلٍ ؛ أَوْ نَسَبٍ ؛ أَوْ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ ، جَاءُوهُ فَاسْتَقْسَمُوا بِهَا فَمَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ أَوْ نَهَتْهُمْ عَنْهُ امْتَثَلُوهُ ". والطبري قدم وآخر فال :"سبعة أقْدح" ، ومحقق الطبري : محمد أبو الفضل إبراهيم في ذيل صفحة (2409 قال :" القدح : بالكسر : السهم قبل أن يراش وينصل ، وجمعه قداح واقدح."
(15) في سير أعلام النبلاء وضع فاء التعقيب فكتب :" فَقِدْحٌ "
(16) جاء في سير أعلام النبلاء بدلا منها كلمة " جَارِيَةً " .
(17) صحح الطبري في روايته وصاحب سير أعلام النبلاء الكلمة ، والسهيلي : فوضع كلمة " شَكُّوا " .
(18) قال صاحب سير أعلام النبلاء: " فَأَعْطَوْهُ " .
(19) « فَيَضْرِبُ» زيادة من عند الطبري في تاريخه و [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] .
(20) الذهبي في سير أعلام النبلاء أثبت :" عَلَيْهِ" . و.أيضا عند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] . والجملة موضحة عند الطبري والذهبي :" وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ (في) شَيْءٌ سِوَى هَذَا مِمَّا يَعْمَلُونَ بِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ " نَعَمْ " عَمِلُوا بِهِ " .
(21) عند الطبري في تاريخه والذهبي في سير أعلام النبلاء :" عَامَهُمْ ".
(22) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :"وقال لـ قيم الصنم".
(23) جاء في سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي ؛ وايضاً عند ابن الجوزي في المنتظم في التاريخ :" وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ " ؛ وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] ، وجاء في المنتظم في التاريخ لـ ابن الجوزي :" وكان عَبْداللَّه، والزبير، وأبو طالب : بنو عَبْدالمطلب لأم واحدة ". ثم ذكر بعدها صاحب المنتظم :" رَوَى هشام بْن مُحَمَّد عَنْ أبيه قَالَ: عَبْداللَّه، وأبو طالب - واسمه عَبْدمناف - والزبير، وعَبْدالكعبة، وعاتكة، وبرة ، وأمَيمة، ولدُ عَبْدالمطلب إخوة لأم ، أمهم فاطمة ". نقله ابن الجوزي من عند [ تاريخ الطبري (2/ 239)] . وهذه الرواية عند الطبري هي الثانية ؛ أما الأولى كما رأيتها وراجعتها بنفسي عند الطبري :" وكان عبدالله والزبير وعبدمناف ؛ وهو أبو طالب بنو عبدالمطلب لأم واحدة ؛ وأمهم جميعاً : فاطمة بمن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم".. ثم قال أبو جعفر :" عن ابن إسحاق" . وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري ذهب إلى أن :"عبدالله أبو رسول الله أصغرَ ولد ابيه". والسهيلي يوضح هذه المسألة في روضه الأُنف... فيقول لعل وقت تنفيذ النذر كان اصغر الأبناء أو قصد أصغر أولاد أمه .
(24) استدراك من ابن كثير في البداية إذ قال :" وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ لَمَّا جَاءَ يَسْتَقْسِمُ بِالْقِدَاحِ عِنْدَ هُبَلَ.. خرج القدح.. ". بيد أن رواية أبي جعفر الطبري اختصرت الكثير إذ أنه في تاريخه :"اقرع بينهم. أيُّهم ينحر!؟. فطارت القرعة على عبدالله بن عبدالمطلب ؛ وكان أحب الناس إلى عبدالمطلب" . ثم يثبت أبو جعفر بقية الرواية :" فقال عبدالمطلب : اللهمّ هو (أي عبد الله) أو مائة من الإبل. ثم اقرع بينه وبين الإبل فطارت القرعة على الإبل". قلت الرمادي:" الرواية هذه المختصرة عند ابي جعفر محمد الطبري ذكرها في معرض الإستشهاد بفتوى عبدالله بن عباس في المرأة التي نذرت ان تذبح ولدها عند الكعبة.. بيد أن مروان ؛ أمير المدينة أنهى القول : بأنه رد فتوى ابن عباس بقول :"لا نذر في معصية الله.." ؛ ثم قال للمرأة :"استغفري الها وتوبي إلى الله ، وتصدقي واعملي ما استطعت من الخير.".[الطبري؛ التاريح ص: (239) و (240)] . وصفحة (240) من الجزء الثاني من تاريخ الطبري ذكر أمر نذر عبدالمطلب كاملاً كما راوه ابن إسحاق .
(25) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"فلما أخذها ليضرب بها ".
(26) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي : لم يذكر الموضع الذي وقف فيه يدعو ؛ بل جاء عند ابن الجوزي في المنتظم :"عند الكعبة ؛ بدلا من عند هبل".
(27) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" تَعَالَى "وايضاً [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] " قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى ".
(28) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :"وَهُمَا الصَّنَمَانِ اللَّذَانِ يَنْحَرُ النَّاسُ عِنْدَهُمَا ." وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] قال الطبري معلقاً :"وهما وثَنا قريش اللذان تنحر عندهما ذبائحهما".
(29) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"أن تصنع" .
(30) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"لم يذكر القسم بـ الله".
(31) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :"مِنَّا " وعند « [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(32) تجد النص السابق عند الذهبي في سير أعلام النبلاء . توجد زيادة من عند البداية لابن كثير مفيدة -لم يذكرها ابن اسحاق في روايته؛ كما يزعمون-- نثبتها فننقلها " أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي اجْتَذَبَ عَبْدَاللَّهِ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ أَبِيهِ حِينَ وَضَعَهَا عَلَيْهِ لِيَذْبَحَهُ فَيُقَالَ :" إِنَّهُ شَجَّ وَجْهَهُ شَجَّا لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ ".
(33) رواية ابن كثير في البداية :" أَشَارَتْ قُرَيْشٌ عَلَى عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْحِجَازِ فَإِنَّ بِهَا عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ فَيَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ " وهناك فائدة ننقلها :" ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ إِنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ فَاذْبَحْهُ ، وَإِنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ قَبِلْتَهُ . ". وجاء عند سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" بِالْحِجْرِ " وعند [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(34) وَهِيَ :" سَجَاحُ- فِيمَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ- "
قلتُ الرمادي :" وذكر عنها السهيلي فقال :"اسم العرافة : وأما الكاهنة التي تحاكموا إليها بـ -المدينة- فاسمها :"قُطبة" . ذكرها عبدالغني في كتاب الغوامض والمبهمات . وذكر ابن إسحاق في رواية يونس -كما ذكرت آنفاً- أن اسمها سَجاح ".
(35) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا ، وَهِيَ بِخَيْبَرَ . وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] :" لم يذكر ". [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] موضعها أو مكانها ".
(36) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" عَنْهَا ".
(37) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" نَعَمْ ". وعند [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(38) عند الطبري :" في الإبل" . وعند سيرة ابن هشام :" من الإبل " . وهناك زيادةعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] » عَشْرًا ».
(39) موجود عند ابن إسحاق دون ابن كثير. يلاحظ هنا الخلط بين صنم هبل والوقوف عنده وعبدالمطلب يدعو الإله. فعن أي إله تحكي الرواية (!).
(40) أما عند سير أعلام النبلاء؛ فقد اختصر الذهبي هذا فكتب :" فَمَا بَرِحُوا يَزِيدُونَ عَشْرًا وَتَخْرُجُ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً ". وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] ، والرواية عند الطبري :"حتى ضربوا عشر مرات".
(41) فَقَالَتْ : عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ:" لِعَبْدِالْمُطَّلِبِ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ ".
(42) عند ابن كثير في البداية دون تغليظ القسم .
(43) عند سير أعلام النبلاء؛ اختصر الذهبي فقال :" فَضَرَبُوا ثَلَاثًا ، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَنُحِرَتْ " .
(44) زيادة من عند ابن كثيرالبداية نذكرها :" وَيُقَالَ:" إِنَّهُ لَمَّا بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً خَرَجَ عَلَى عَبْدِاللَّهِ أَيْضًا فَزَادُوا مِائَةً أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ :" مِائَتَيْنِ " فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ فَزَادُوا مِائَةً أُخْرَى فَصَارَتِ الْإِبِلُ " ثَلَاثَمِائَةٍ "، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ فَنَحَرَهَا عِنْدَ ذَلِكَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ. "يعلق ابن كثير على هذه الزيادة بالقول :" وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ " وينهي الرواية بالقول :" وَاللَّهُ أَعْلَمُ
"..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صاحبكم في مراجعة وتحقيق وكتابة وإعداد هذا الجزء من بحوث
:"﴿ سننالأنبياء؛وسبلالعلماء؛وبساتينالبلغاء؛والأعجازالعلميعندالحكماءفيتأويلآياتالذكرالحكيمالمنزلمنالسماءالسيرة النبوية؛ على صاحبها أفضل الصلوات وكامل التسليمات وعظيم الرحمات والبركات
دكتور/ محمد فخر الدين الرمادي
18 رجب 1439 من الهجرة النبوية الشريفة ~ الموافق 03 مارس عام 2018 الميلادي



(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 08 / 04 / 2018 44 : 04 PM

تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ
 
[ 3. ] الفصل الثالث من " القسم الثاني : تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَزْوِيجُ(1) عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ
تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ(2) بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بِـ « آمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ " الزُّهْرِيَّةِ " (3) » ؛ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم .

**
وقفنا عند المحطة الرئيسة الأولىٰ في حياة عبدالله بن عبدالطلب -أبي خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين : محمد صلى الله عليه وآله وسلم –عندما تحدثتُ عن :

«ذكر نذر عبدالمطلب ذبح أحد ولده» .
وفي قصة نذر عبدالمطلب تظهر على جزئياتها علامات إختراع الرواية حين تقرأ تعبير « فيما يزعمون » ؛ « فيما يذكرون » ثم « والله أعلم » ، وتجد ذلك أيضاً في قصة تزويج عبدالله بن عبدالمطلب بـ آمنة بنت وهب ، لذا فقد قال د. سهيل الركاز(4) :" أثر الاختراع على هذه القصة شديد الوضوح ، وهي كما يبدو اخترعت من قِبل أكثر من انسان وعبر فترة طويلة ، ويبدو أيضا أن فكرتها مستوحاة من القرآن -الكريم- حيث تم ذكر النبي إبراهيم مع قصة ذبحه ابنه -عليهما السلام- ومسألة الفداء ، ولا شك أن هذه الرواية استهدفت رفع مكانة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ؛ والعناية الخاصة التي أحيط بها والده (كما سيظهر في رواية المحطة الثانية من حياته) ، ومن الأدلة على اختراعها :
1.] انعدام الأضاحي البشرية في مجتمع مكة لما قبل الاسلام ، ذلك أن القرآن لم يشر لوجود مثل هذه العادة كما لم يشر من جهة ثانية الى حادثة من هذا القبيل وقعت لأبي النبي ، والمشكلة العويصة في هذه الرواية هي :
2.] الشعر ، فهو منظوم ركيك محال ضبطه وبالتالي من العبث شرح كلماته ، وسبق لابن هشام أن واجه هذه المسألة حين أورد هذه القصة فحذف الشعر وقال : " وبين أضعاف هذا الحديث رجز لم يصح عندنا عن أحد من أهل العلم بالشعر".
اقول (الرمادي) :" ومازال متعلق بالذهن من هذه الرواية -الخبر- أفكار في بعض المباحث ، سنراجعها ونضعها في موضعها ، مثل : رواية «أنا ابن الذبيحين» (5) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
"المحطة الثانية في حياة عبدالله بن عبد المطلب"
نأتي اليوم على ذكر قصة زواج عبدالله بن عبدالمطلب ؛ وهي لها مقدمة أو تمهيد
فجاء عند الصالحي :" روىٰ البيهقي وأبو نعيم عن ابن شهاب رحمه الله تعالىٰ؛ قال :" كان عبدالله أحسن رجل رئي قط "؛ ثم قال:" خرج يوماً علىٰ نساء قريش فقالت امرأة منهنَّ:" أيتكنَّ تتزوج بهذا الفتىٰ فتصطب النور الذي بين عينيه فإني أرىٰ بين عينيه نورا ؟ " ؛ فتزوجته آمنة بنت وهب. "

قال الصالحي :" تصطب: تسكب وتدخل. ".
أو كـ مدخل كما ذكرها:"السهيلي(6) في تفسير السيرة النبوية لابن هشام .
ــــــــــــــــــــ
ذَكَرَ تَزْوِيجَ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبْدِالْمُطّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ :

فـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " قَالَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ :" خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ(7) فِي إِحْدَى رِحْلَتَيِ الْإِيلَافِ ، فَنَزَلْتُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ(8) ، فَرَآنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدُّيُورِ(9) ، فَنَسَبَنِي(10) فَانْتَسَبْتُ لَهُ ، فَـ
قَالَ :" أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى بَعْضِكَ ؟ "؛
قُلْتُ : " نَعَمْ ، مَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَةً ".
فَفَتَحَ إِحْدَى مَنْخَرَيَّ فَنَظَرَ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْآخَرِ ، فَـ
قَالَ : " أَشْهَدُ أَنَّ فِي إِحْدَىٰ يَدَيْكَ مُلْكًا ، وَفِي الْأُخْرَىٰ نُبُوَّةً ، وَإِنَّا لَنَجِدُ ذَلِكَ فِي بَنِي زُهْرَةَ ، فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ .
قُلْتُ : " لَا أَدْرِي ".
قَالَ :" هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ(11) ؟ " ؛
قُلْتُ :" وَمَا الشَّاعَةُ ؟ "؛
قَالَ :" زَوْجَةٌ ".
قُلْتُ :" أَمَّا الْيَوْمَ فَلَا ". قَالَ :" فَإِذَا رَجَعْتَ فَتَزَوَّجْ فِي بَنِي زُهْرَةَ. "(12) "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكمل الطبراني روايته فيقول :" فَرَجَعَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ ، فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ ، وَزَوَّجَ عَبْدَاللَّهِ ابْنَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ :" نَتَجَ(13) عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَلَى ابْنِهِ ، فَوَلَدَتْ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْهُمَا ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعند الصالحي ايضاً :" روىٰ الزبير بن بكار عن أن سودة بنت زهرة بن كلاب الكاهنة قالت يوما لبني زهرة :" إن فيكم نذيرة أو تلد نذيرا فاعرضوا علي بناتكم. فعرضنَّ عليها فقالت في كل واحدة منهنَّ قولا ظهر بعد حين ، حتىٰ عرضت عليها آمنة بنت وهب فقالت هذه: النذيرة أو تلد نذيرا له شأن وبرهان منير. ولما سئلت عن جهنم قالت: سيخبركم عنها النذير " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة الزواج :
" نقسم القصة إلىٰ مشاهد أو مقاطع ؛ فيروي لنا ابن هشام : في السيرة ؛ وكما جاء عند الطبري :"
1.] المشهد الأول:
" ذِكْرُ الْمَرْأَةِ الْمُتَعَرِّضَةِ لِنِكَاحِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ".
و " رَفْضُ عَبْدِاللَّهِ طَلَبَ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ " .
جاء عند ابن الأثير في تاريخه الكامل:" وَأَمَّا تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بِآمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ ".
يعلق الزرقاني هنا على متن القسطلاني بالقول :" أي: فرغ "عبدالله مع أبيه من نحر الإبل " .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِاللَّهِ ، فَمَرَّ بِهِ - فِيمَا يَزْعُمُونَ -(14) عَلَى امْرَأَةٍ(15) مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ : وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى ، وَهِيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ؛ فَـ
قَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إلَى وَجْهِهِ(16) : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَاللَّهِ ؟ ،
قَالَ : مَعَ أَبِي ،
قَالَتْ : لَكَ(17) مِثْلُ الْإِبِلِ الَّتِي(18) نُحِرَتْ عَنْكَ ، وَقَعْ(19) عَلَيَّ الْآنَ ،
قَالَ : أَنَا مَعَ أَبِي ، وَلَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ ، وَلَا فِرَاقَهُ(20) .

* *
2.] المشهد الثاني :
يُكمل ابن هشام في السيرة وابن الأثير في الكامل في التاريخ والطبري : والقسطلاني قصة عبدالله يتزوج آمنة بنت وهب :
" فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ(21) " وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ(22). فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ(23) ، وَهِيَ لِـ بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِالدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَبَرَّةُ لِـ أُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّ حَبِيبٍ(24) لِـ بَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ(25) بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ (26).

***
3.] المشهد الثالث :
" فزعموا(14) أنه - عَبْدُاللَّهِ - دخل عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهَا(27) ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا(28) فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ-(29) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا(30) ؛ حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ(31) نَفْسَهَا بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ بِالْأَمْسِ ؟ فَقَالَتْ(32) : فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ(33) .
وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ(34) أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ(35).

****
4.] المقطع / المشهد الرابع :
وَقِيلَ(36) : إِنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ خَرَجَ بِابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ(37) مُتَهَوِّدَةٍ(38) مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا(39) وَ
قَالَتْ لَهُ : يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ؟ فَقَالَ لَهَا :
أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ(40)
وَالْحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهْ(41)
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهْ(42)
ثُمَّ قَالَ لَهَا : أَنَا مَعَ أَبِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ . فَمَضَى(43) فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ(44) ، فَـ
قَالَ لَهَا : هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ ؟ فَـ
قَالَتْ : يَا فَتَى(45) مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا(46) يَكُونُ لِي(47) ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي ؟
قَالَ : زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ(48) قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ ؛ وهي (الخثعمية الكاهنة)(49)
إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ (نشأت) فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلَمَأَتْهَا (فسماتها) نُورًا يُضِيءُ لَهُ (به) مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ(الفجر)
(ورأيت سقياها حيا بلد ... وقعت به وعمارة القفر)
فَرَجَوْتُهُ فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ (ورأيتها شرفًا ينوء به) مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي
لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٍ سَلَبَتْ(منك الذي) ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي

(ما بين الأقواس من مصدر آخر)
وَقَالَتْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ :
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أَخِيكُمُ أَمِينَةٌ إِذْ لِلْبَاهِ تَعْتَرِكَانِ
كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحُ عِنْدَ خُمُودِهِ فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ
فَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ تِلَادِهِ لِعَزْمٍ وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ
فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ
سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعَلَّةٌ وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ
وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ حَوَتْ مِنْهُ فَخْرًا مَا لِذَلِكَ ثَانِ
وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي اجْتَازَ بِهَا غَيْرُ هَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ(50).

*****
5.] المشهد الخامس :
ذكر الطبري :" حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ يسار ، أنه حُدِّث أن عبدالله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وَهْب بن عبدمناف بن زُهرة، وقد عمل في طين له ، وبه آثارٌ من الطين ، فدعاها إلى نفسه ، فأبطأَت عليه لما رأت به من آثر الطين ، فخرج من عندها، فَتَوَضَّأَ وغَسَلَ عنه ما كان به من ذلك الطين ، ثم خَرَجَ وعمد(51) إلى آمنة فدخل عليها فأَصابها ، فحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم مَرَّ بامرأته تلك ، فقال : هل لك؟ ، فقالت: لا ، مَرَرتَ بي وبين عينيك غُرَّةٌ (بيضاء) ، فدعوتني(52) فأبيت، ودخلت على آمنة فذهبت بها .
قال ابن إسحاق:" -فزعموا-(14) أن امرأته تلك كانت تحدِّثُ أنه مَرَّ بها وبين عينيه مثل غُرَّة الفرس، قالت: فدعوته رَجَاءَ أن يكون تلك بي، فأَبى عليَّ ، ودخل على آمنة بنت وَهب فأَصابها ، فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم "(53).
ــــــــــــــــــــــ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
ثم نأتي للمحطة الثالثة والأخيرة في حياة عبدالله بن عبدالمطلب..
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)
ـــــــــــــــــــــــــ
الحاشية والمراجع والمصادر :

[1. ] بعد إنتهاء عبدالمطلب من نحر الإبل ، تبدء قصة زواج ابنه عبدالله : انظر عند أبي محمد عبدالملك بن هشام ؛ السيرة النبوية ؛ جزء 1 ؛ صفحة 172 ، وبوَّب مَن راجع أصولها وعلق على حواشيها قصة الزواج في سيرة ابن هشام فبدء بـ

« امرأة من العرب عرضت نفسها على عبدالله». و
عند أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في موسوعته "تاريخ الرسل والملوك" جزء 2 صفحة 243 ؛ و
عند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
ثم قلتُ الرمادي :" بيد أن الإمام الزرقاني -في شرحه على متن القسطلاني- ينبه إلى أمر آخر حين يستعرض كافة الروايات في سبب تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله بآمنه فيقول :" ما أفاده ظاهر المصنف من أن تزوجه بآمنة عقب انصرافه من نحر الإبل هو مفاد ابن إسحاق . وفي تهذيب ابن هشام واليعمري في العيون هنا. لكن روى ابن سعد وابن البرقي والطبراني والحاكم عن ابن عباس عن أبيه : أن عبدالمطلب لما سافر إلى اليمن في رحلة الشتاء ، نزل على حبر من اليهود يقرأ الزبور " انظر الفقرة رقم (9) اسفل...

قلتُ(الرمادي) :" فهذان حدثان مختلفان ؛ يصعب التوفيق بينهما !؟" .
[2. ] كان عبدالله والد النبى صلى صلى الله عليه وآله وسلم انهد فتى في قريش ؛ وأصبحهم خلقا ؛ وأحسنهم أخلاقا ، وكان نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّنا في وجهه ؛ فلما خرج منه فقد ذلك النور وانتقل الى وجه آمنة .

[انظر : يحيى بن أبى بكر بن محمد بن يحيى العامري الحرضي ، في :" بهجة المحافل ؛ وبغية الأماثل ؛ في تلخيص المعجزات والسير والشمائل ".]
[ 3. ] ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ السيرة النبوية.
[ 4.] قال بهذا القول سهيل ركاز وآخرين.
[ 5.] « أنا ابن الذبيحين » : أخرجه الحاكم في المستدرك ؛ وابن مردويه ؛ والثعلبي في تفسيريهما عن الصنابحي عن معاوية رضي الله عنه .
قلتُ (الرمادي):" قال فريق من العلماء بأدلتهم " (يعني أباه واسماعيل) " وسنبحث المسألة حين الإستشهاد به ونخرجها في موضعها إن شاء الله تعالى .
[ 6. ] عند السهيلي (مجلد1 /178) :" تَزْوِيجُ عَبْدِ اللهِ". .
[ 7. ] رواية الصالحي فِي : " سَبَبِ تَزْوِيجِ عَبْدِاللهِ آمِنَةَ :"
" أَنّ عَبْدَالْمُطّلِبِ كَانَ يَأْتِي الْيَمَنَ ". وجاء عند ابن كثير في البداية :" عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: إِن عبدالمطلب قَدِمَ الْيَمَنَ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ، فَنَزَلَ عَلَى حَبْرٍ مِنَ الْيَهُودِ." ).
[ 8.] جاء رواية تقول :" وَكَانَ يَنْزِلُ فِيهَا عَلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ فَنَزَلَ عِنْدَهُ مَرّةً ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ مِمّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ ".
[ 9.] الزرقاني قال :" نزل على حبر من اليهود يقرأ الزبور ، أما ابن كثير فوضح اللفظة بقوله :" فَقَالَ لِي رَجُلٌ من أهل الديور - يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ -".
[ 10. ] عند الصالحي:" فقال لي رجل من أهل الزبور -يعني الكتاب -". " ممن الرجل ؟ " قلت " من قريش ". قال " من أيهم ؟ " ؛ قلت: " من بني هاشم " ؛ قال: " أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك ؟ " . نهاية الصالحي .
[ 11.] عند الصالحي :" الشاعة : بشين معجمة وعين مهملة: الزوجة سميت بذلك لمتابعتها الزوج وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره. ".
[ 12.] جاء في سبب تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله امرأة من بني زهرة . ذكرها الصالحي في سبل الرشاد . وهذه الرواية ذكرت عند :" أبي القاسم سليمان بن أحمد المعروف بـ الطبراني ؛ في المعجم الكبير " حديث رقم 1917 . بسنده ؛ وقال :" حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْدَانَ الْحَنَفِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَارِبِيُّ الْوَاسِطِيُّ ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، ثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مَوْلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، فـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... " ثم ذكر الرواية . أثبتُ في بحثي هذا ما ذكره الصالحي في سبل الرشاد إذ يفيد كثيراً فبعد أن قال لعبدالمطلب :" " أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك ؟ "؛ " فَقَالَ لَهُ « ائْذَنْ لِي أَقِسْ مَنْخِرَك » ، فَقَالَ « عبدالمطلب »:" دُونَك فَانْظُرْ " .
قلتُ (الرمادي) : في رواية الصالحي توجد إضافة هامة :" فَقَالَ: أَرَى نُبُوّةً وَمُلْكًا ، ثم يكمل فيقول:" وَأَرَاهُمَا فِي « الْمَنَافَيْنِ » : « عَبْدِمَنَافِ بْنِ قُصَيّ، وَ « عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ »".
وأذكر هنا فائدة : أن الإمام الزرقاني في شرحه على ما كتبه القسطلاني يعلق على هذه الرواية فقال :" شيئان:
أحدهما ظاهره قوله : نجد ذلك في بني زهرة ، ورجوع اسم الإشارة للملك والنبوة مع أن الملك إنما كان في بني العباس وأمه ليست بزهرية ، بل من بني عمرو بن عامر ؛ فيتعين عود الإشارة إلى النبوة فقط.
الثاني : قوله : أما اليوم فلا ، مع ما ذكره اليعمري وغيره أن ضرارًا كان شقيق العباس . المفيد وجود أمه قبل قصة الذبح ، فيمكن أن قوله : أما اليوم ، أي : هذا الزمن فلا زوج معي بهذه الأرض ، فلا ينافي أن له زوجة بغيرها ، ثم لا ينافي هذا مفاد المصنف والجماعة لجواز أنه لما رجع من اليمن رأى الرؤيا ووقعت قصة الذبيح ، فلما انصرف منها تزوج وزوج ابنه، والعلم عند الله." انتهى النقل كما خطّه الإمام الزرقاني "
قلتُ الرمادي :"هذه الرواية ذكرها :" الْبَرْقِيّ " ؛ وكما جاء عند الصالحي في سبل الرشاد :" روى ابن سعد وابن البرقي والطبراني والحاكم ؛ وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ : عن العباس بن عبدالمطلب عن أبيه " وذُكرت عند الصالحي بألفاظ مختلفة قليلاً ؛ ولكنها تؤدي نفس المعنى المقصود .
[ 13.] عند ابن كثير :" فَلَجَ، أَيْ فَازَ وَغَلَبَ " ؛ وعند الزرقاني والصالحي :" فقالت قريش: فَلَجَ عبدالله على أبيه ، وهو بفتح الفاء واللام والجيم، أي: ظفر بما طلب،". قلتُ الرمادي :" المعنى قريب" .
[ 14. ] احتاط ابن إسحاق ؛ ونقل عنه ابن هشام ؛ وذكر ذلك السهيلي في تفسيره للسيرة ؛ وتجدها عند الطبري. وهي تفيد الشك أو الاحتياط في الرواية . وابن كثير في البداية والنهاية ؛ السيرة النبوية في رواية القصة : فوضع ما يفيد تسرب الشك في الخبر ، فقالوا جميعاً :" ( فِيمَا يَزْعُمُونَ).
[ 15.] عند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ :" فَمَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ ؛ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ " . وعند نهاية ذكر اسمها ونسبها ذكر الطبري اسمها فقال :" يقال لها : أم قتال بنت نوفل بن أسد بن عبدالعزى ، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد ، وهي عند الكعبة " . يوضح السهيلي مسألة هذه المرأة بالقول ؛ فعنون لها :[ اسم هذه المرأة ] ثم قال في ترجمتها :" وَاسْمُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ رُقَيّةُ " ؛ و فِي "الْبِدَايَة" لابن كثير( 2 /262) :" أَن اسْمهَا: رقيقَة، وَقد روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُونُس بن بكير عَن ابْن اسحاق ؛ وهي بِنْتُ نَوْفَلِ ؛ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ؛ وتُكَنّى: أُمّ قَتّالٍ ؛ وَبِهَذِهِ الْكُنْيَةِ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ ، وَذَكَرَ الْبَرْقِيّ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيّ ، قَالَ :" إنّمَا مَرّ عَلَى امْرَأَةٍ اسْمُهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرّ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النّسَاءِ وَأَعَفّهِنّ ، وَكَانَتْ قَرَأَتْ الْكُتُبَ ، فَرَأَتْ نُورَ النّبُوّةِ فِي وَجْهِهِ فَدَعَتْهُ إلَى نِكَاحِهَا، فَأَبَى، فَلَمّا أَبَى قَالَتْ: شعراً ". أما وَفِي غَرِيبِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: أَنّ الّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ هِيَ لَيْلَى الْعَدَوِيّةُ. " فأثبت الزرقاني حين شرح متن القسطلاني ما جاء في غريب أبن قتيبة ؛ ثم قال ( و:"ذكره في الروض." ؛ قصد السهيلي) ؛ ثم الزرقاني كتب يقول عن المرأة :" انصرف عبدالله مع أبيه من نحر الإبل ، مر على امرأة من بني أسد بن عبدالعزى ، وهي عند الكعبة ، واسمها " قُتَيلة" -بضم القاف وفتح المثناة الفوقية- فتحتية ساكنة فلام فهاء تأنيث . و

يقال" اسمها " " رقيقة بنت نوفل". و
الزرقاني :" صدر به السهيلي، قال: وهي أخت ورقة بنت نوفل وتكنى أم قتال ، وبهذه الكنية ذكرها ابن إسحاق في رواية يونس . كما ذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء .
قال في العيون : وكانت تسمع من أخيها أنه كائن في هذه الأمة نبي" .
قلتُ (الرمادي):" بعد ذكر أقوال السادة العلماء نرى أنها ليست امرأة واحدة بل تعددت ؛ فهل هنَّ نساء كثر !!؟ فالله أعلم.
[ 16.] قال الزرقاني على حاشية القسطلاني :" وفيه نور المصطفى ، وظنتْ أن النبي الكائن في هذه الأمة منه " وكان أحسن رجل رِئي" بكسر الراء ؛ ثم همزة مفتوحة ، ويجوز ضم الراء وكسر الهمزة ثم ياء، أي : شوهد "في قريش " .
[ 17.] عند الطبري و ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ :" عِنْدِي" .
[ 18.] عند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ:" قَالَتْ : لَكَ عِنْدِي مِثْلَ الَّذِي نَحَرَ عَنْكَ أَبُوكَ مِنَ الْإِبِلِ وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ . " .
[ 19.] قال الزرقاني في حاشيته على القسطلاني :" أي : جامعني، ولعله كان من شرعهم أن المرأة تزوج نفسها بلا ولي وشهود ؛ لأنها لم تكن زانية ولا مريدة له بل كانت عفيفة. قالت ذلك "لما رأت في وجهه من نور النبوة ورجت أن تحمل بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم" فأبى الله أن يجعله إلا حيث شاء ". و

قول الزرقاني يخالف ما ذهب إليه محقق السيرة لابن هشام وستراه قريباً.
[ 20.] قال الزرقاني معلقاً :" ولو لم أكن معه لوقعت عليك لوجه جائز كتزوجي بك أو مراده دفع كلامها ، وإن لم يرد البغي بها ولا هم بها فلا يفهم أن المانع له مجرد كونه مع أبيه " .
[ 21. ] الزرقاني في شرحه متن القسطلاني قال :" زعم ابن قتيبة والجوهري أنها أمه وأبوه كلاب . قال السهيلي : وهذا منكر غير معروف ، وفي الفتح :" المشهور عند جميع أهل النسب أن زُهرة اسم الرجل ، وشذ ابن قتيبة فزعم أنه اسم امرأته وأن ولدها غلب عليهم النسبة إليها ، وهو مردود بقول إمام أهل النسب هشام الكلبي اسم زٌهرة:" المغيرة،"
[ 22.] عند ابن هشام والطبري وابن كثير :" - وهب يومئذ سيد بني زهرة سناً وشرفاً-". قال الزرقاني :"وهو يومئذ سيد بني زُهرة نسبًا وشرفًا ، فزوجه ابنته آمنة " .

قاله ابن عبدالبر وجماعة منهم عبدالملك بن هشام عن البكائي عن ابن إسحاق ، وقيل : كانت في حجر عمها وهيب وهو المزوج لها . قاله ابن إسحاق في رواية واقتصر عليه اليعمري " .
[ 23. ] عند الطبري ؛ وابن كثير :" وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا." وعند القسطلاني :" وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا " . قال الزرقاني :" وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبًا" من جهة الأب ، "وموضعًا" من جهة الأم ، فأمها بنت عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار بن قصي وأم أمها أم حبيب بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي ؛ كما فصله ابن إسحاق ، فليس قوله: "وموضعًا" عطف تفسير، كما زعم." .
[ 24. ] عند الطبري :" بنت أسد ".
[ 25. ] عند الطبري :".. بن عويج .." .
[ 26.] عند الطبري :"بن لؤي" .
[ 27.] عند الطبري :"مكانه" .
[ 28. ] القسطلاني قال حين زاد " الزبير بن بكار " :" يوم الاثنين من أيام منى ، في شعب أبي طالب عند الجمرة ، والزرقاني في شرحه على القسطلاني حددها فقال :" اي الوسطى" ؛ كما هو المنقول عن الزبير ، قال النجم : وهذا موافق لمن ذهب إلى أن ميلاده في رمضان ، وأما القول بأنه في رجب ، فمنطبق على أن ميلاده في ربيع،" . و

قيل :الزرقاني" من شهر رجب " .
قلتُ الرمادي :" هذه الجزئية من البحث سنحتاج إليها عند تحديد يوم وشهر الميلاد "
[ 29.] الزرقاني قال في الحاشية على القسطلاني :" وزعم الحاكم أبو أحمد أن سن عبدالله حينئذ كان ثلاثين سنة ، ويأتي أن الصحيح خلافه ، وقد جزم السهيلي بما لفظه : وكان بينه صلى الله عليه وسلم وبين أبيه ثمانية عشر عامًا. ا. هـ. " .
[ 30.] الزرقاني في حاشية القسطلاني :" بعدما أقام عندها ثلاثًا ، وكانت تلك السُنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها ، نقله اليعمري عن محمد بن السائب الكلبي "
[ 31.] عند الطبري : دون تصريح :" حتى أتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت " عند الزرقاني :" فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت " ، قال في النور : تقدم الكلام على هذه المرأة. ا. هـ. فهو صريح في أنها المختلف فيها الاختلاف السابق. "فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم ما عرضت علي بالإمس؟ ، قالت : فارقك النور الذي كان معك بالأمس ، فليس لي بك " بوقاعك " اليوم حاجة " لأنني " إنما أردت أن يكون النور فيّ " بشد الياء " فأبى الله إلا أن يجعله حيث شاء " . وقد روي عن العباس : أنه لما بنى عبدالله بآمنة أحصوا مائتي امرأة من بني مخزوم وبني عبدمناف مِتْنَّ ولم يتزوجنَّ أسفًا على ما فاتهنَّ من عبدالله ، وأنه لم تبق امرأة في قريش إلا مرضت ليلة دخل عبدالله بآمنة." انتهى النقل من عند الزرقاني .
[ 32. ] "له" من عند الطبري .
[ 33. ] يكمل القسطلاني معنى الكلام فيقول :" إنما أردت أن يكون النور فيّ فأبى الله ، إلا أن يجعله حيث شاء. " . محقق السيرة النبوية لابن كثير : مصطفى عبدالواحد ذهب إلى أن :" الْوَاضِح من الرِّوَايَة أَنَّهَا طلبت من عبدالله الْفَاحِشَة فَأبى ، وفى الْيَوْم التالى عرض هُوَ عَلَيْهَا فَأَبت ، وعللت إباءها بِأَن النُّور الذى كَانَ فِي وَجهه قد زَالَ ، وفى هَذَا اتهام لعبدالله ، وفلسفة للفاحشة بِأَنَّهَا كَانَت رَغْبَة فِي النُّور..! وَلَيْسَ نور النُّبُوَّة إِفْرَاز عُضْو وَلَا إشراقة وَجه ، وَالرِّوَايَة ظَاهِرَة الاختلاق ، وهى ذمّ فِي صُورَة مدح! ... هَذَا وَقد جَاءَ بعد أَنَّهَا طلبت مِنْهُ الزواج." نقلاً من عند ابن كثير البداية السيرة.
[ 34. ] عند الطبري وأيضا عند ابن كثير السيرة :" وكان قد تنصر واتبع الكتب ، حتى أدرك ، فكان فيما طلب من ذلك أنه كائن .." . أما ابن كثير فينقل لنا شعر أخت ورقة بن نوفل ؛ فيقول :" وَمِمَّا قَالَت أم قِتال بِنْتُ نَوْفَلٍ مِنَ الشِّعْرِ ، تَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي رَامَتْهُ ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ:

عَلَيْكَ بَآلِ زُهْرَةَ حَيْثُ كَانُوا * وَآمِنَةَ الَّتِي حَمَلَتْ غُلَامَا


تَرَى الْمَهْدِيَّ حِينَ نَزَا عَلَيْهَا * وَنُورًا قد تقدمه أماما

نقلا من عند ابن كثير السيرة . ثم يقول ابن كثير : " [إِلَى أَنْ قَالَتْ] :
فَكُلُّ الْخَلْقِ يَرْجُوهُ جَمِيعًا * يَسُودُ النَّاسَ مُهْتَدِيًا إِمَامَا
بَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نور صفاه * فَأَذْهَبَ نُورُهُ عَنَّا الظَّلَامَا
وَذَلِكَ صُنْعُ رَبِّكَ إِذْ حَبَاهُ * إِذَا مَا سَارَ يَوْمًا أَوْ أَقَامَا
فَيَهْدِي أَهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ كُفْرٍ * وَيَفْرِضُ بعد ذَلِكُم الصياما
نقلا من سيرة ابن كثير . بيد أن محقق السيرة لابن كثير يقول تعليقاً :" هَذَا أَيْضا ظَاهر الاختلاق ، وَعَلِيهِ ركاكة الصنع وتفاهة الْوَضع ، وَلَا أدرى لم خصَّ الصّيام من بَين شَعَائِر الاسلام! !." .
[ 35. ] هنا تنتهي رواية ابن الأثير . كما ذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء ، يكمل ابن كثير القصة بالقول :" فَطَمِعَتْ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَشْرَفِ عُنْصُرٍ وَأَكْرَمِ مَحْتَدٍ وَأَطْيَبِ أَصْلٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسَالَته ".
[ 36. ] عند الطبري ذكر الإسناد فتقرأ :" حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا خَرَجَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِعَبْدِاللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ " ؛ يكمل ابن كثير فيذكر في السيرة :" وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الْخَرَائِطِيُّ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " .

وقال القسطلاني :" وعند أبي نعيم والخرائطي وابن عساكر من طريق عطاء ، يذكر الزرقاني ترجمة فيقول :" عطاء" ابن أبي رباح أسلم الجمحي مولاهم المكي أبي محمد التابعي الوسط الحافظ الثقة العالم الفقيه إليه انتهت فتوى أهل مكة ؛ وكان أسود أفطس أشل أعرج أعور ، ثم عمي وشرفه الله بالفقه وكثرة الحديث وإدراك مائتين من الصحابة ، قدم ابن عمر مكة فسألوه ، فقال: تسألوني وفيكم ابن أبي رباح ، مات سنة إحدى أو خمس أو سبع ومائة.".، يقول الزرقاني:" عن ابن عباس : لما خرج عبدالمطلب" من مكة بعد نحر الإبل على ظاهر سياق المصنف -القسطلاني- ، "بابنه عبدالله ليزوجه مر به على كاهنة من تَبالة " بفتح الفوقية فموحدة خفيفة وألف فلام مفتوحة فتاء تأنيث : موضع باليمن ؛ وآخر بالطائف ، فيحتمل إرادته هذه وإرادة تلك ، قاله البرهان وتبعه الشامي في الضبط ، وجزم بأنه موضع باليمن . وضبط بعضهم تُبالة بضم التاء ، فهذا :" سبق قلم. " . وأيضاً عند : ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
[ 37. ] ذكر ابن كثير في السيرة ؛ والذهبي في سير أعلام النبلاء هذه القصة ؛ ثم يقول الزرقاني:" زاد البرقي عن هشام الكلبي : وكانت من أجمل النساء وأعفهن ، " الخثعمية " بفتح المعجمة وسكون المثلثة فعين مهملة نسبة إلى خثعم ؛ كـ جعفر جبل وابن أنمار أبو قبيلة من معد ، ذكره المجد . وظاهره : أن هذه الأوصاف وهي أنها من تبالة ومتهودة وخثعمية لامرأة واحدة ، و

وقع في سيرة مغلطاي اسمها قتيلة، و
قيل: رقيقة، و
يقال: فاطمة بنت مر ، و
يقال : ليلى العدوية ، و
يقال: امرأة من تبالة، و
يقال: من خثعم، و
يقال: كانت يهودية".
قلتُ لقد اثبتنا ذلك من قبل .
[ 38. ] قال الطبري و القسطلاني :" قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ ". وعند الزرقاني على القسطلاني :" متمسكة بدين اليهود ".
[ 39. ] يقول القسطلاني:"فرأت نور النبوة في وجه عبدالله".
[ 40. ] وعند الزرقاني على القسطلاني :"وقيل : أجابها " (الحديث هنا عن أخت القِس ورقة بن نوفل )" بقوله : أما الحرام فالممات" وأنشده السهيلي بلفظ فالحمام "دونه" ومعرفته كالحلال مما بقي عندهم من شرائع إبراهيم ؛ كغسل الجنابة والحج ، فلا يرد أنهم كانوا في جاهلية لا يعرفون حلالا ولا حرامًا . "
[ 41. ] وعند الزرقاني على القسطلاني :" والحل لا حل" موجود لعدم تزوجي بك " فأستبينه" بالنصب في جواب النفي ، أي: أطلب ظهوره وأعمل بمقتضاه ". من عند القسطلاني :" فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه" : الزرقاني على قول عبدالله كما اثبته القسطلاني :" فكيف بالأمر الذي تبغينه" أي: تطلبينه لا يكون ذلك ، فاستعمل كيف بمعنى النفي وهو أحد مواقعها ، "يحمي الكريم عرضه" هي أموره كلها التي يحمد بها ويذم من نفسه وأسلافه وكل ما لحقه نقص يعيبه خلافًا لابن قتيبة في قوله : عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه ؛ لأن حسان ذكر عرض وأسلافه بالعطف في قوله:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
"ودينه" يصونهما فلا يفعل شيئًا يدنسهما .
[ 42. ] عند القسطلاني :" وقيل: أجابها وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى " ، بقوله: هذا الشعر". أقول :"فهل تداخلت الروايات !!؟.
[ 43. ] عند الطبري :" .. به .. ". روى هذه القصة ابن كثير في البداية السيرة .
[ 44. ] عند ابن كثير السيرة :" ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْكَاهِنَةُ فَأَتَاهَا فَقَالَتْ: مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ فَأَخْبَرَهَا."
[ 45. ] عند الطبري :".. إِنِّي وَاللَّهِ مَا أنا .." .
[ 46. ] عند الطبري :" فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِي ".
[ 47. ] ابن كثير :" فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ، " .
[ 48. ] عند الطبري :" ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلاثًا،
[ 49. ] قال الزرقاني :" كانت يهودية، "فرأت نور النبوة في وجه عبدالله ، فقالت له وذكر نحوه" نحو ما تقدم من دعائه إلى نكاحها وإبائه ، زاد البرقي عن هشام الكلبي : فلما أبى ، قالت:
إني رأيت مخيلة نشأت ... فتلألأت بجناثم القطر
فسماتها نور يضيء به ... ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيت سقياها حيا بلد ... وقعت به وعمارة القفر
ورأيتها شرفًا ينوء به ... ما كل قادح زنده يوري
لله ما زهرية سلبت ... منك الذي استلبت وما تدري"
[ 50. ] راجع ما عند الذهبي في سير أعلام النبلاء ؛ و ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
[ 51. ] زيادة عند ابن هشام :" ثم خرج عامداً إلى آمنة ؛ فمر بها ؛ فدعته إلى نفسها ؛ فأبى عليها وعمد... "
[ 52. ] عند ابن هشام تعبير آخر نثبته :" فَدَعَوْتُكَ فأَبيت عليَّ ؛ ودخلت على آمنةَ فَذَهَبَتْ بها ".
[ 53 .] ذكر هذه الرواية ابن هشام : 1 / 173-174 ؛ والطبري في الجزء 2 ؛ صفحة 244.
**

د. محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي
22 رجب 1439م~08 أبريل 2018م

شريف حمدان 09 / 04 / 2018 40 : 12 AM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 12 / 04 / 2018 43 : 12 AM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
« مَوْتُ » عَبْدِاللَّهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
في ذكر وفاة عبدالله بن عبدالمطلب(1)

ولد عبدالله لأربع وعشرين سنة مضت من ملك كسرىٰ أنو شروان - [ 81 ق.هـ الموافق 544م ]- ، ثم تزوج آمنة ، فلما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم توفي – [53 ق.هـ الموافق 571م] -. (1)
اثبت ابن هشام في موسوعته «السيرة النبوية » فكتب يقول بعد أن حملت آمنة بنت وهب الزُهرية برسول الله محمد بن عبدالله فتحدث عن « مَوْتُ »(2) عَبْدِاللَّهِ فقال :" ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ(3) عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ، أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ هَلَكَ ، وَأُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ - آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ - حَامِلٌ بِهِ (4)
قال الصالحي الشامي في :" سبل الهدى والرشاد - ج ١ / الصفحة ٣٣٢ ؛ بعد أن أورد رواية ابن إسحاق:" هذا ما جزم به ابن إسحاق ، ورجحه الواقدي ؛ وابن سعد ؛ والبلاذري ، وصححه الذهبي . وقال ابن كثير :" إنه المشهور " . وقال ابن الجوزي :" إنه الذي عليه معظم أهل السير " ، ورواه الحاكم وصححه ، وأقره الذهبي عن قيس بن مخرمة رضي الله تعالى عنه.
ثم يأتي القسطلاني يلتقط خيط سرد القصة من ابن إسحاق فيقول :" ولما تم لها من حملها شهران ؛ توفي عبدالله " . (5)
**
تحقيق مسألة « مَوْتِ » عَبْدِاللَّهِ :
[ ١. ] أحداث ما قبل موت عبدالله :
[ ١. ١. ] جاء في تاريخ الطبري ؛ المسمىٰ : تاريخ الرسل والملوك :" قَالَ الْحَارِثُ : قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : قَالَ الْوَاقِدِيُّ : والثبت عندنا - ليس بين أصحابنا فيه اختلاف - أن عبدالله بن عبدالمطلب أقبل من الشأم في عِير لقريش ، فنزل بالمدينة [يثرب] وهو مريض ، فأقام بها حتىٰ تُوُفِّي (6)
يؤكد ابن كثير رواية الطبري هذه ثم يسرد ما توصل إليه في مسألة موت عبدالله بن عبدالمطلب ؛ فيقول :" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ - هُوَ الْوَاقِدِيُّ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ اليزيدى ، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ(7) بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة، قَالَ: خَرَجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ إِلَى الشَّام إِلَى غَزَّة (8) فِي عِير من عيران قُرَيْش يحملونه تِجَارَات، ففرغوا من تجاراتهم، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَمَرُّوا بِالْمَدِينَةِ، وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ، فَقَالَ أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ، فَسَأَلَهُمْ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ، فَقَالُوا: خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِثَ، فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ ". (9)
[ ٢. ] موضع دفن عبدالله بن عبدالمطلب :
[ ٢. ١. ] الموضع الأول :
جاء عند ابن كثير في البداية:" قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ ، عَنْ عَبْدِالسَّلَامِ ، عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذَ ، قَالَ : تُوُفِّيَ عَبْدُاللَّهِ بِالْمَدِينَةِ . وعند محب الدين الطبري:" وَمَات أَبوهُ -عبدالله- بِيَثْرِب ." (10)
وهذا ما ذهب إليه الصلابي فيقول :" (:"ولم يلبث أبوه أن توفي بعد أن حملت به آمنة، ودُفن بالمدينة عند أخواله بني (عدي بن النجار) ؛ فإنه كان قد ذهب بتجارة إلى الشام فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع،" (11)
[ ٢. ٢. ] الموضع الثاني :
وَقيل بالأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة . تجده عند أحمد بن عبدالله بن محمد ، محب الدين الطبري في خلاصة سير سيد البشر.؛ الجزء الأول ؛ صفحة: 32 . وذكره القسطلاني .
وقال ابن جماعة في مختصر السيرة :" وتوفيّ عبدُالله والدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار النابغة بالمدينة عند أخوالِه بني عَديّ بن النَجَّار " . ويعلق ابن جماعة بالقول :" هذا هو المشهور " ثم يقول :" وأغربَ عبدالغني فحكى قولا أنه توفي بالأبواء بين مكة والمدينة ".
ودفن في دار النابغة (12) - وقيل التابعة (ذكره القسطلاني) - في الدّار الصغرىٰ إذا دخلت الدار عن يسارك، ليس بين أصحابنا في هذا اختلاف(6) ابن كثير يؤكد رواية الطبري هذه بالقول :" وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ فَرَجَعَ " الْحَارِثَ ابن عَبْدُالْمُطَّلِبِ " إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ. فَوَجَدَ [أي : حزن] عَلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَجْدًا شَدِيدًا. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ، (9) .

[ ٣. ] عمر عبدالله بن عبدالمطلب وقت وفاته:
[ ٣ . ١. ] يقول ابن كثير :" وَلِعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَ تُوُفِّيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً (13) . وهذا القول الأول . أما
[ ٣. ٢. ] القول الثاني في عمر عبدالله حين مات فيقول الزرقاني :" عن ثلاثين سنة ، ويحدد الزرقاني القائل بأن قاله أبو أحمد الحاكم ، أو
[ ٣. ٣. ] القول الثالث :" يقول الزرقاني :" عن ثمان وعشرين " ، أو
[ ٣. ٤. ] القول الرابع :" يقول الزرقاني :" عن ثمان عشرة سنة ، ثم يعلق بالقول :" وهو الذي صححه الحافظ العلائي ، والحافظ ابن حجر ، واختاره السيوطي . (14)
والغالب على الظن أن موته كان في السنة 53 ق. ه الموافق 571م .
**
[ ٤.] تحديد عمر الوليد السعيد : « محمد » بن عبدالله حين وفاة أبيه:
[ ٤. ١. ] ثم تزوج - عبدُالله - آمنةَ، فلما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. (15)
أما ابن كثير فيقول:" "قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَقَدْ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ . قَالَا: تُوُفِّيَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا ، وَقِيلَ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْلٌ ؛ ويقول صاحب الرحيق :" يقول أكثر المؤرخين :"وكانت وفاة عبدالله قبل أن يولد رسول الله" .
وعلية فهناك أقوال :
[ ٤. ١. ] الأول منها :" توفي وهو في المهد ، قاله الدولابي." . (16) . قال الصالحي : " وعليه فقيل: ".
[ ٤. ٢. ] الثاني :" وله شهران. " وعن ابن أبي خيثمة . (17)
[ ٤. ٣. ] الثالث :" وقيل: وهو ابن ثمانية وعشرين شهرًا. (القسطلاني الزرقاني (1/204) ) ." وَقيل مَاتَ أَبوهُ وَقد أَتَى عَلَيْهِ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا (5) ".
[ ٤. ٣. ١.] و قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا (18).
[ ٤. ٤. ] الرابع :" وقيل تسعة أشهر " .
[ ٤. ٥. ] الخامس : " وقيل: وهو ابن سبعة أشهر (القسطلاني الزرقاني (1/204) ) (5). ".

الترجيح(19) عند ابن كثير :"( وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ شَهْرَيْنِ (والراجح المشهور: الأول. (القسطلاني الزرقاني (1/204)" ).
وَالَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ وَكَاتِبُهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ . وَهَذَا أَبْلَغُ الْيُتْمِ وَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ. (20).
وذهب ابن الجوزي إلى القول : وقد قيل إن عبدالله توفي بعد ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح " .

ذكر القسطلاني :" ويذكر عن ابن عباس، أنه لما توفي عبد الله قالت الملائكة إلهنا وسيدنا، بقي نبيك يتيمًا، فقال الله تعالى: أنا له حافظ ونصير "(21).
ذكر الصالحي : [ لطيفة: نقل أبو حيان في بحره وغيره عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه قال: إنما يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق(22). وقال ابن العماد في كشف الأسرار: إنما رباه يتيما لأن أساس كل كبير صغير وعقبى كل حقير خطير. وأيضا لينظر صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى مدارج عزه إلى أوائل أمره ليعلم أن العزيز من أعزه الله تعالى وأن قوته ليست من الآباء والأمهات ولا من المال بل قوته من الله تعالى. وأيضا ليرحم الفقير والأيتام.) . القسطلاني . وقيل لجعفر الصادق: لم يتم النبي صلى الله عليه وسلم قال: لئلا.:" يكون عليه حق لمخلوق. نقله عنه أبو حيان في البحر.". الزرقاني القسطلاني .

**

[ ٥. ] ما تركه عبدالله بن عبدالمطلب مِنَ الْمِيرَاثِ:
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : " تَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُمَّ أَيْمَنَ وَخَمْسَةَ أَجْمَالٍ أَوَارِكٍ ، يَعْنِي تَأْكُلُ الأَرَاكَ ، وَقَطْعَةَ غَنَمٍ ، فَوَرِثَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ ، وَاسْمُهَا بَرَكَةُ " ،(23) .
وأضاف ابن جماعة : " وسيفاً ... وهو مأثور " . فَوَرِثَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


[ ٦. ] وَقَالَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ : تَرْثِي زَوْجَهَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ؛ كما ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ وابن سعد في الطبقات ؛ رحمهما الله تعالى :
عَفَا جَانِبُ الْبَطْحَاءِ مِنِ ابْنِ هَاشِمٍ وَجَاوَرَ لَحْدًا خَارِجًا فِي الْغَمَاغِمِ
دَعَتْهُ الْمَنَايَا دَعْوَةً فَأَجَابَهَا وَمَا تَرَكَتْ فِي النَّاسِ مِثْلَ ابْنِ هَاشِمٍ
عَشِيَّةَ رَاحُوا يَحْمِلُونَ سَرِيرَهُ تَعَاوَرَهُ أَصْحَابُهُ فِي التَّزَاحُمِ
فَإِنْ يَكُ غَالَتْهُ الْمَنَايَا وَرَيْبُهَا فَقَدْ كَانَ مِعْطَاءً كَثِيرَ التَّرَاحُمِ " .(24)
قال الواقدي: ولم يتزوج عبدالله قط غير آمنة . وآمنة لم تتزوج قط غير عبدالله.
أخذ الإله أبا الرسول ولم يزل * * برسوله الفرد اليتيم رحيما
نفسي الفداء لمفرد في يتمه * * والدر أحسن ما يكون يتيما (25)
وَاللَّهُ - تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ


(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
المصادر والمراجع والتعليقات :
(1) ابن الجوزي: الوفا بتعريف فضائل المصطفى.
(2) يتفق ابن كثير مع ابن إسحاق في القول المشهور بين العلماء - بمعنىٰ أن هناك أقوال آخرىٰ سنعرضها - فيقول :" وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ تُوُفِّيَ أَبُوهُ عَبْدُاللَّهِ وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ؛ - ثم يعلق بالقول - عَلَى الْمَشْهُورِ.". [الإمام عماد الدين ؛ ابو الفدَاء ؛ الحافظ اسماعيل ابن كثير ؛ قرشي النسب ؛ دمشقي الدار (ت: 774هـ) البداية والنهاية ؛ مكتبة المعارف ؛ بيروت ؛ الجزء الثاني ؛ الطبعة السادسة ؛ صفحة :263 : صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام ؛ 1405هـ~1985م.].
كما ينقل لنا ابن سيد الناس في كتابه :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم " ، قول ابن إسحاق :" قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَنْ هَلَكَ ، وَأُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلٌ بِهِ. ثم يعلق بالقول :" هَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ ".
(3) قالها ابن الجوزي في " الوفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم " أثبتها بمقدمة بحثي هذا ؛ كما يوضح أبو العباس ، أحمد بن عبدالله بن محمد، محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ) في :" خلاصة سير سيد البشر." هذه الجزئية من قصة موت عبداالله بقوله :" وَكَانَ لما تزوج آمِنَة وحملت مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بعث بِهِ عبدالْمطلب –أي :" إلى يَثْرِب".- يمتار تَمرا مِنْهَا ... " وهذه رواية ؛ بيد أن هناك رواية آخرى ؛ سنثبتها ؛ ومن الله تعالىٰ ذكره الهداية والتوفيق .
(4) اكتفىٰ ابن هشام بهذا القدر من مصيبة موت عبدالله بن عبدالمطلب. والسهيلي في شرحه للسيرة لابن هشام لم يعلق ؛ ولكن محقق الـسيرة لـ ابن هشام: طه عبدالرؤوف سعد كتب معلقاً :" أكثر العلماء علىٰ أنه –أي :"محمد بن عبدالله"- كان في المهد ؛ ذكره الدولابي وغيره ، وقيل : ابن شهرين ذكره ابن أبي خيثمة ، وقيل: أكثر من ذلك ، ومات أبوه عند أخواله بني النجار ، ذهب ليمتار لأهله تمراً ، وقد قيل : مات أبوه : وهو ابن ثمان وعشرين شهراً.". قلتُ الرمادي :" وما قاله محقق السيرة مثبت في أمهات المصادر التي سأذكرها بمشيئة الله تعالى ذكره".
(5) ثم يضيف الزرقاني على ما قاله القسطلاني ؛ فقال : " ولما تم لها " لآمنة " من حملها شهران " ، وقيل : قبل ولادته بشهرين "توفي عبدالله" بن عبدالمطلب . [شرح الزرقاني على متن القسطلاني ج1 / ص 204] . وَتُوُفِّيَ " عَبْدُ اللَّهِ" أَبُوهُ ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا . وَقِيلَ : أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ . "سبعة أشهر". ثم قال ابن الجوزي :" والقول الأول أصح "وأن رسول الله كان حملاً يومئذ". [انظر أيضاً :صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص:24 : دار الكتب العلمية بيروت لبنان ؛ ط:4: 1427هـ~2006م .].
(6) أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي ، الطبري (٢٢٤ ~ ٣١٠ هـ) ؛ تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك . تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ؛ دار المعارف بمصر ؛ سلسلة ذخائر العرب -٣٠- الطبعة الثانية ؛ الجزء الثاني ؛ صفحة : 2/246 . ١ من جمادى الثانية ١٣٨٧ه~٥ من سبتمبر ١٩٦٧م .
(7) كما يروي هذه الرواية : ابن الجوزي صاحب الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ والصالحي في سبل الهدى والرشاد : فقال :[ وروى ابن سعد عن محمد بن كعب، وعن أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة رحمهما الله تعالىٰ قالا: خرج عبدالله إلىٰ الشام إلىٰ [غزة] في عير من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجاراتهم، ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبدالله يومئذ مريض، فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار. فأقام عندهم مريضا شهرا ومضىٰ أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبدالمطلب عن ابنه فقالوا: خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار مريضا، فبعث عبدالمطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع فأخبره فوجد عليه عبدالمطلب وعماته. وإخوته وأخواته وجدا شديدا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، ولعبدالله بن عبدالمطلب يوم توفي خمس وعشرون سنة. قال الواقدي: وهذا أثبت الأقاويل في وفاة عبدالله وسنه. وقال الحافظ العلائي وابن حجر إن عمره كان يوم توفي ثماني عشرة سنة ] . وراجع ماكتبه صاحب صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص24 ؛ دار الكتب العلمية بيروت لبنان؛ ط:4: 1427هـ~2006م .
(8) قال أثير الدين ؛ صاحب الكامل :" وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ : الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ ، وَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ وَدُفِنَ بِدَارِ النَّابِغَةِ، الدَّارِ الصُّغْرَى" ؛ ثم الزرقاني على شرحه على متن القسطلاني الجزء 1 ؛ صفحة 204 يكمل الرواية فيقول :" وكان عبد الله" فيما رجحه الواقدي، وقال: هو أثبت الأقاويل، "قد رجع" من [غزة] "ضعيفًا مع قريش لما رجعوا من تجارتهم ومروا بالمدينة " بدل أتى به لدفع توهم أن المراد غيرها ؛ لأنها حينئذ ما كانت معروفة إلا بـ [يثرب] لا المدينة ، سميت بـ يثرب بن قابل بن إرم بن سام بن نوح ؛ لأنه أول من نزلها ، وقد غيره صلى الله عليه وسلم إلى طيبة وسماها الله طابة ، رواه مسلم ، قال عيسى بن دينار : من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة ، وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب ، قال : قال صلى الله عليه وسلم: "من سمىٰ المدينة بـ يثرب فليستغفر الله عز وجل، وهي طابة وإنما سميت في القرآن حكاية ".
يكمل الزرقاني فيقول:" فتخلف عن أخواله بني عدي بن النجار" أي: أخوال أبيه ؛ لأن هاشمًا تزوج من بني عدي فولدت له عبدالمطلب ، أما أخوال عبدالله فإنما هم من قريش من بني مخزوم . "فأقام عندهم مريضًا شهرًا ، فلما قدم أصحابه مكة سألهم عبدالمطلب عنه ، فقالوا: خلفناه مريضًا" عند أخواله "فبعث" عبدالمطلب "إليه أخاه" أخا عبدالله "الحارث" . وذكر ابن الأثير : الزبير ،[بدلا من الحارث] . "فوجده قد توفي" بالمدينة "ودفن" بها "في دار التابعة" بفوقية فموحدة فعين مهملة ؛ كما في الزهر الباسم ، قال الخميس : وهو رجل من بني عدي بن النجار . قلتُ الرمادي :" هذه رواية ؛ أما الآخرىٰ كما يرويها لنا الزرقاني :" وقيل: دفن بالأبواء" بفتح أوله ومد آخره قرية من عمل الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، والصحيح: أنها سميت بالأبواء لتبويء السيول بها ، قاله ثابت بن حزم الحافظ ، وقيل : لما فيها من الوباء . قال البرهان وغيره : ولو كان كذلك لقيل الأوباء ، أو يكون مقلوبًا منه ". وقَالَ الْوَاقِدِيُّ : وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ بَعَثَ [جاء عند صاحب الرحيق :" وبعد قليل - يعني : من زواجه بآمنة – أرسله عبدالمطلب". بعض الروايات اقتصرت على] :" تزوج عبدالله بن عبدالمطلب بآمنة بنت وهب من بني زهرة ثم خرج إلى الشام وبالتحديد لمدينة غزة في فلسطين في عِير لقريش للتجارة ثم انصرفوا وفي طريقهم للعودة إلى المدينة وتوقف عبدالله عند أخواله من بني النجّار وقد أحس بالمرض وأقام عندهم أياماً ثم مات ودُفن بالمدينة ورسول الله „ أَزْكَى صَلَوَاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ “ جنينً في بطن أمه وكان عمر والده خمساً وعشرين سنة."[كما جاء في السِّراج المُنير في سيرة البشير النذير ؛ ناصر بن سعيد بن سيف السيف :" أرسل عبدالمطلب عَبْدَاللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُمْ تَمْرًا فَمَاتَ. (الرحيق :" بها ". ]
(9) (البداية ابن كثير جزء رقم 1 ؛ ص : 204.
ولهذا ذهب صاحب الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ ابن الجوزي : فقال :" ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل يومئذ .".
يذكر صاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس " كَانَ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ تَمْرًا ، وَقِيلَ : بَلْ خَرَجَ بِهِ إِلَى أَخْوَالِهِ زَائِرًا ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ . ثم يروي لنا صاحب عيون الأثر الروايتين فيقول :" وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : بَعَثَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَاللَّهِ يَمْتَارُ لَهُ تَمْرًا مِنْ يَثْرِبَ ، فَمَاتَ بِهَا وَهُوَ شَابٌّ عِنْدَ أَخْوَالِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ ، وَقَالَ : هُوَ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا فِي مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ وَسِنِّهِ ، وجاء في عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، لـ ابن سيد الناس :" أَنَّهُ كَانَ خَرَجَ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ مِنْ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ ، يَحْمِلُونَ تِجَارَاتٍ ، فَفَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ وَانْصَرَفُوا ، فَمَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ ، فَقَالَ : أَنَا أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، وَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا ، وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ ، فَسَأَلَهُمْ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، فَقَالُوا : خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِث ، فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ ، قِيلَ : كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَزْوِيجِ عَبْدِ اللَّهِ آمِنَةَ مَا حُكِيَ عَنِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ . ". نهاية رواية سيد الناس " .
(10) أبو العباس ، أحمد بن عبدالله بن محمد ، محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ) في خلاصة سير سيد البشر..؛ الجزء الأول ؛ صفحة : 32 .
(11) د.علي محمد الصلابي ؛ السيرة النبوية ؛ عرض وقائع ؛ وتحليل أحداث ؛ ص:19.
وقال صاحب " عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس :" وَقَبْرُهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي دَارٍ مِنْ دُورِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ " .
(12) اضاف صاحب الرحيق المختوم :" النابغة الجعدي ". وقبله ذكره الذهبي ؛ صاحب سير أعلام النبلاء ؛ وصاحب الرحيق نقله من عنده .
توجد اضافة ينبغي أن أثبتها من باب صدق الإخبار وإحسان النقل مع عرض وجهات نظر آخرى -قد لا تتفق مع وجهة نظر أو رأي كاتب هذه السطور ، أو توجهات موقع استروعرب نيوز- . فقد روىٰ "علي الكوراني العاملي" في كتابه السيرة النبوية عند أهل البيت (ع) عن ضريح عبدالله ابن عبدالمطلب عليهما السلام: ( كان قبر عبدالله والد النبي (صلى الله عليه وآله) مزاراً (!!!) الى الأمس ، بناه المسلمون من قديم ، وآخرهم سلاطين مصر والدولة العثمانية ) . ثم يعلق العاملي بالقول :"( وقد زرته قبل نحو أربعين سنة [قلتُ الرمادي :" لم أتمكن من تحديد الفترة الزمنية التي يتحدث عنها الكوراني العاملي ؛ وباستقراء الأحداث قد يصلح لي القول بأنه قبل عام 2000 من الميلاد ؛ وبتوفيق من الله تعالى وفضل فالحمد لله رب العالمين توصلت إلى النسخة الأصلية للكتاب فقال فيه صاحبه (وقد زرته في سنة 1964 ، وسنة 1965ميلادية)] . ثم يكمل القول :" وكان بيتاً (في سكك) داخل سوق المدينة غربي المسجد ، وكانت واجهة بابه الخارجي وعتبته أحجاراً نقشت عليها كتيبة بالعربية والتركية . وقد أقفله مشايخ الوهابية (!!!) يومها مقدمة لهدمه ! . أما الآن فقد أزالوه ؛ ودخل مكانه في توسعة ساحة المسجد النبوي ولم يبق له أثر !" [من مصادر السادة الشيعة كتاب :" سلسلة جواهر التاريخ «1» ؛ السـيرة النبـوية عنـد أهل البيت ؛ لمؤلفه : علي الكوراني العاملي ؛ المجلد الأول ؛ الطبعة الثانية- 1437-2016 ]. "
(13) جاء في البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي ؛ وايضاَ في تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير؛ لـ: جمال الدين أبي الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي [508هـ - 597هـ] ؛ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم ؛ بيروت ؛ الطبعة الأولى ، 1997 ، وانظر أيضا عند الزرقاني في شرحه على متن القسطلاني ، ثم الزرقاني :" يثبت في شرحه ما قال به ابن كثير :" قال الواقدي : وهو الأثبت . كما قال به ابن كثير :" قَالَ الْوَاقِدِيُّ : هَذَا هُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ فِي وَفَاةِ (أي مكان موته) عَبْدِاللَّهِ وَسِنِّهِ عِنْدَنَا." . وانظر ابن الجوزي في الوفا بتعريف فضائل المصطفى .
(14) تجدها عند الزرقاني في شرحه على متن القسطلاني ؛ الجزء الأول ص 204.
(15) الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ لابن الجوزى ؛ لكنه استدرك في كتابه الآخر :" تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير ؛ فقال :" وَقيل لم يمت حَتَّى أَتَى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهْرَان وَقيل سَبْعَة أشهر وَقيل ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا وَالْأول أصح .
(16) قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد :"ونقل السهيلي عن الدولابي أنه قول الأكثرين ، قلت (أي الصالحي) :" والحق أنه قول كثيرين ؛ لا أكثرين. " ؛ ثم قال :" وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المهد حين توفي أبوه.". انظر الزرقاني على متن القسطلاني.
وصاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس " فيقول :" وَغَيْرُهُ (اي ابْنِ إِسْحَاقَ) يَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَهْدِ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ . رُوِّينَاهُ عَنِ الدَّوْلابِيِّ .
(17) يميل صاحب الرحيق إلى القول :" توفي عبداالله بعد مولد ابنه محمد بشهرين [ مرجع :"ابن هشام 1/ 156 ؛ 158 ؛ فقه السيرة لـ محمد الغزالي ؛ ص 45 ، رحمة للعالمين 2/ 91" نقلا من الرحيق.]
انظر ايضاً : محب الدين الطبري في خلاصة سير سيد البشر.؛ الجزء الأول ؛ صفحة: 32 ..
" وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ شَهْرَيْنِ ، وَقِيلَ : ابْنُ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا. انظر : عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس .
(18) [ابن الأثير : عزالدين أبو الحسن علي ؛ الْكَامِلُ فِي التَّارِيخِ ؛ دار الكتاب العربي ؛ 1417هـ / 1997م .
(19) تأرجحت الأقوال بين أنه صلى الله عليه وآله وسلم في المهد (شهرين ) وبين أنه كان حمل : فعند القسطلاني بشرح الزرقاني جزء : 1 ؛ ص : 204 :" يقول الزرقاني :"وقيل توفي" عبدالله "وهو" صلى الله عليه وسلم "في المهد". قال السهيلي: وهو قول أكثر العلماء ، واحتج له بقول عبدالمطلب لأبي طالب: أوصيك يا عبدمناف بعدي بمؤتم بعد أبيه ، فرد : فارقه وهو ضجيع المهد ، انتهى. قال السمين : المهد ما يمهد للصبي ليربى فيه من مهدت له المكان ، أي: وطأته ولينته ، وفيه احتمالان:
أحدهما : أن أصله المصدر فسمي به المكان وأن يكون بنفسه اسم مكان من غير مصدر ، وقد قرئ مهدًا ومهادًا في طه . "قاله" الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد بن حامد بن سعيد الأنصاري الرازي "الدولابي" . "و" على كونه توفي وهو في المهد اختلف كم كان سنه صلى الله عليه وسلم، فنقل "عن" الحافظ أحمد "بن أبي خيثمة" زهير بن حرب الحافظ ابن الحافظ الإمام الثابت أبي بكر النسائي ثم البغدادي ؛ "وهو ابن شهرين، وقيل" مات "وهو" عليه الصلاة والسلام "ابن سبعة أشهر" بموحدة بعد السين ، حكاه في العيون ، وقيل: ابن تسعة "وقيل" مات "وهو" صلى الله عليه وسلم "ابن ثمانية وعشرين شهرًا" فكل هذه الأقوال مبنية على أنه مات وهو في المهد ، وهو صريح العيون والسبل ، "والراجح المشهور" كما قال ابن كثير ورجحه الواقدي وابن سعد والبلاذري والذهبي: هو "الأول" يعني أنه مات وهو حمل ، والحجة له ما في المستدرك عن قيس بن مخرمة : توفي أبو النبي صلى الله عليه وسلم وأمه حبلى به، قال الحاكم : على شرط مسلم، وأقره الذهبي.
(20) الإمام عماد الدين ؛ ابو الفدَاء ؛ الحافظ اسماعيل ابن كثير ؛ قرشي النسب ؛ دمشقي الدار (ت: 774هـ) البداية والنهاية ؛ مكتبة المعارف ؛ بيروت ؛ الجزء الثاني ؛ الطبعة السادسة ؛ صفحة :263: 1405هـ~1985م.
(21) "ويذكر عن ابن عباس: أنه لما توفي عبدالله، قالت الملائكة" يا "إلهنا" ويا "سيدنا بقي نبيك يتيمًا" لا أب له، قال الخميس: أعلى اليتم ما توفي الوالد والولد في بطن الأم، "فقال الله تعالى" جوابًا لهم: "أنا له حافظ ونصير" ومن كنت له كذلك لا يضيع، وهذا حكمه الرفع لو صح، لكن مرضه المصنف على عادتهم في نقل التضعيف بيروى ويذكر، وفي لفظ: قالت الملائكة: صار نبيك بلا أب، فبقي من غير حافظ ومرب، فقال الله؛ أنا وليه وحافظه وحاميه وربه وعونه ورازقه وكافيه، فصلوا عليه وتبركوا باسمه .
(22 ) "وقيل لجعفر الصادق" لقب به لأنه ما كذب قط، "لم يتم" بكسر التاء؛ كما اقتصر عليه الجوهري، وزاد المجد فتحها، والمصباح ضمها، "النبي صلى الله عليه وسلم" أي: ما حكمة ذلك "قال: لئلا" عند الزرقاني.
(23) الطبقات الكبرىٰ لابن سعد » ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ... رقم الحديث: 193 . وهو حديث مقطوع . راجع ما كتبه :
1.) ابن الجوزي :" وَخلف عبدالله أم أَيمن وَخَمْسَة أجمال وَقطعَة غنم فورث ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت أم أَيمن تحضنه ؛ ونظر ايضاً ابن الجوزي ؛ في كتابه :"تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير ؛ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم ؛ بيروت؛ الطبعة : الأولى، 1997.
2. ) :" الوفا بتعريف فضائل المصطفى؛ لابن الجوزى :" قال الواقدي : ترك عبدالله أمَّ أيمن وخمسة أجمال وقطعة غنم، فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3.) وعند الصالحي :" قال محمد بن عمر الأسلمي رحمه الله تعالى: ترك عبدالله أم أيمن وخمسة أجمال وقطعة من غنم فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه. ".
(24)
عنا(عفا) جانب البطحاء من آل (ابن) هاشم ... وجاور لحدًا خارجًا في الغماغم
" دعته المنايا (بغتة) دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم
عشية راحوا يحملون سريره ... تعاوره(يعاوره) أصحابه في التزاحم
فإنك تك(يك) غالته المنون(المنايا) وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم
(ما بين الأقواس نقلا من عند الصالحي)
وقالت ايضا ؛ كما ذكر الصالحي :" وأورده القاسم الوزيري المغربي رحمه الله ورضي عنه ترثي عبدالله زوجها والد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أضحى ابن هاشم في مهماء مظلمة * * في حفرة بين أحجار لدى الحصر
سقى جوانب قبر أنت ساكنه * * غيث أحم الذرى ملآن ذو درر
تفسير الغريب مِن عند الصالحي :" التابعة: قال في الزهر بتاء مثناة فوقية فباء موحدة فعين مهملة.
الغماغم بغينين معجمتين بعد كل ميم بعد الأولى ألف : الأغطية.
يعاوره : يتداولونه بينهم.
مهماء أي مفازة. والجمع مهامه.
أحم الشئ قرب ودنا.
الذرى. بفتح الذال المعجمة اسم لما ذرته الريح واسم الدمع المصبوب . العيرات بكسر العين وفتح الياء جمع عير. كذا جمعوه والقياس التسكين. انظر : سبل الهدى والرشاد ، في سيرة خير العباد ، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد ؛ محمد بن يوسف الصالحي الشامي- ج ١ - الصفحة ٣٣٢] . وقال شارحه الزرقاني في الجزء 1 ؛ صفحة : 206)" وقالت: آمنة زوجته ترثيه" شعرًا "عنا جانب البطحاء" المختار: عفا المنزل درس وضمنته معنى خلا، فعدته بمن في "من آل هاشم" وجعلت خلوها منه خلوا من آل هاشم مبالغة لعدم قيام غيره منهم مقامه، أو الإضافة عهدية والمعهود زوجها أطلقت عليه آل؛ لأنه اسم لأهل الرجل وعياله، فيطلق على الكثير الواحد. "وجاور" من المجاورة "لحدًا خارجًا في الغماغم" بغينين معجمتين وميمين، أي: " الأغطية، قاله الشامي. وكان المراد الأكفان التي لف فيها؛ فكأنها قالت: جاور حال كونه مدرجًا في أكفانه لحدًا بعيدًا عن أماكن أهله، "دعته المنايا" جمع منية بشد الياء: الموت، "دعوة" ويروى بغتة "فأجابها" وإسناد الدعوة إلى المنايا تجوز؛ وكأنها أرادت: ناداه ملك الموت حيث أراد قبض روحه، فأجابه بمعنى قام به الموت أو أسبابه حتى توفي، "وما تركت" المنايا "في الناس مثل ابن هاشم" عبد الله؛ لأنه كان يتلألأ نورًا في قريش وكان أجملهم فشغفت به نساؤهم وكدن أن تذهل عقولهن، قال أهل السير، فلقي عبد الله في زمنه من النساء ما لقي يوسف في زمنه من امرأة العزيز، "عشية راحوا" أي: ذهب المشيعون له حال كونهم "يحملون" في الوقت المسمى عشية، وهي آخر النهار، "سريره" النعش الذي هو عليه "تعاوره" تداوله "أصحابه في التزاحم" أي: مع التزاحم عليه، ففي بمعنى: مع؛ كقوله: ادخلوا في أمم "فإن تلك غالته" أي: أخذته على غفلة، أي أهلكته "المنون وريبها" أي: حوادثها، أي: الأسباب المؤدية للموت، وعبرت بأن التي للشك لاستبعاد وقوع الموت به استعظامًا له، وجواب الشرط محذوف، أي: أسف الناس لموته، والفاء للتعليل في قولها: "فقد كان معطاء" كثير الإعطاء، "كثير التراحم". [شرح الزرقاني على متن القسطلاني ؛ الجزء : 1 ؛ صفحة : 206].
(25) ذكره الصالحي . مصدر سابق. وقال به السيوطي في كفاية الطالب .
راجع ايضاً :
- كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحــــ بــــــ يـــــ ــــب ؛ جلال الدين السيوطي .
- صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص24 ؛ دار الكتب العلمية بيروت لبنان؛ ط:4: 1427هـ~2006م
- ابن جماعة عزالدين بن جماعة الكتاني ؛ "مختصر السيرة" المختصر الكبير فى سيرة الرسول ؛ قاضى القضاة عبدالعزيز بن جماعة الحموي الأصل الدمشقي المولد المصري الدار الشافعي . وهو شيخ المحدثين . وبركة المسلمين . عرف بالحافظ الإمام ؛ وقيل الشيخ الإمام العالم العلامة .
- أبو عبدالله ؛ محمد بن عبدالباقي بن يوسف بن أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (المتوفى : 1122هـ) الناشر : دار الكتب العلمية ؛ الطبعة : الأولىٰ 1417هـ-1996م ؛ عدد الأجزاء: 12 : شرح العلامة الزرقاني علىٰ المواهب اللّدنية بالمنح المحمدية (الجزء : الأول ؛ مِن صفحة 205 إلى 207).
- ابن سيد الناس ؛ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري الربعي ، فتح الدين ، أبو الفتح ، صاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم .
- صفي الرحمن ؛ المباركفوري ؛ الجامعة السلفية – الهند ، الرحيقُ المختوم ؛ بحث في السيرة النبوية علىٰ صاحبها أفضل الصلاة والسلام ؛ الفائز بالجائزة الأولىٰ في شهر شعبان 1398 هـ. صفحة 44 . المكتبة القيِّمة ؛ مدينة نصر ؛ القاهرة ؛ جمهورية مصر العربية.

**

شريف حمدان 13 / 04 / 2018 49 : 01 AM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 16 / 04 / 2018 53 : 10 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[ 5. ] الفصل الخامس من " القسم الثاني :
« ٢. » آمِنَةُ بِنْتِ وَهْبٍ ...
أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ "- صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ -.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سأتحدث عن „ الشخصية المحورية﴿١﴾ الأولىٰ في حياة محمد ‟ رسول الرحمة ونبي الهدىٰ ؛ آخر أنبياء الله تعالىٰ ومتمم المرسلين ومكمل المبتعثين من الله رب العالمين إلى الخلائق أجمعين .



... بعد قصة فداءعبدالله مباشرة تظهر فتاة بني زُهرة(٢) في حياة عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي العدناني الإبراهيمي :
فـ "... لَمَّا فَرَغَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ مِنَ الْإِبِلِ ..." ﴿٣﴾ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ ابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ ... فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ ؛ فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ - وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا - ﴿٥﴾، ... " فَهِيَ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى كِلَابٍ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِاللَّهِ بِرَجُلٍ " . ﴿٤﴾ .

ثم يقول ابن كثير في بدايته :" - فَزَعَمُوا - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ أُمْلِكَهَا مَكَانَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ. ﴿٥﴾.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

النسبُ الزكيُّ الشريفُ الطاهرُ:

لي -محمد فخرالدين الرمادي- الشرف والفخر أن تحدثت عن أبي خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين في حلقة سابقة؛ وهنا أكمل الحديث....

« ٢. » آمِنَةُ بِنْتِ وَهْبٍ...
أم النبي الخاتم... و
حاملة آخر المرسلين بين قلبها وبين فؤادها...
الأم الأولى التي أرضعته ...
الحاضنة الأولى التي آوته...
المربية الأولى التي سهرت على تربيته..

[١. ] اسمها : آمِنَةُ بِنْتِ وَهْبٍ ؛ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ- أفضلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسبًا وَمَوْضِعًا ﴿٥﴾ .

[٢. ] آلُ آمنة .. بنو زُهرة :
[٢ . ١ .] اسم أبيها : وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. ﴿٦﴾.، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ سِنًّا وَشَرَفًا .

[٣. ] « أُمَّهَاتُ آمنة » :
وَهِيَ .„ أي آمنةُ ‟ لـ
[٣ . ١ .] برَّة﴿٧﴾ ‟ بِنْتِ عَبْدِالعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِالدَّارِ بْنِ قُصيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرة بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. ".

[٣ . ٢ .] " وبَرَّة لِـ „ أُمِّ حَبِيبِ ﴿٨﴾ ‟ بِنْتِ أسَد بْنِ عَبْدِالعُزّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.".

[٣ . ٢ .] " وَأُمُّ حَبِيبٍ: لِـ „ بَرَّةَ ‟ بنت عَوْف بن عُبيد بن عُوَيْج بن عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بن فِهر."

وبسرد هذا النسب الشريف أقول أنها - " آمنة بنت وهب " - تندرج من بني زهرة بن كلاب ؛ وهم أحد بطون قريش ذات المكانة العظيمة ؛ فقد كان أبوها وهب بن عبدمناف سيد بني زهرة شرفاً وحسباً، وفيه يقول الشاعر:

يا وهب يا بن الماجد بن زهرة
سُدت كـلابـا كلهـا ابن مـرة
بـحــســبٍ زاكٍ وأمٍّ بـرّة

ونسبها من أمها ، ذات عراقة وأصالة فهي ابنة برة بنت عبدالعزى من بني عبدالدار بن قصي أحد بطون قريش ."

أقول :" تجمع في نسب " آمنة" عز بني عبدمناف حسب وأصالة. و
يؤكد هذه العراقة والأصالة بالنسب اعتزاز الرسول صلى الله عليه وسلم بنسبه حيث قالَ : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
» لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَنْقُلُنِي مِنَ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ مُصَفًّى مُهَذَّبًا ، لَا تَنْشَعِبُ شُعْبَتَانِ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا « ﴿٩﴾ .
و
وَرَوَى عَلِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
« أَنَا مِنْ أَنْفَسِكُمْ نَسَبًا وَحَسَبًا وَصِهْرًا ، وَلَا فِي آبَائِي مِنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ وُلِدْتُ سِفَاحٌ ، كُلُّهَا نِكَاحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ » . ﴿١٠﴾ .


نَسَبٌ تَحْسِبُ الْعُلاَ بِحُلاَهُ ** قَلَّدَتْهَا نُجَومَهَا الْجَوْزَاءُ
حَبَّذَا عِقْدُ سُؤْدَدٍ وَفَخَارٍ ** أَنْتَ فِيهِ الْيَتِيمَةُ الْعَصْمَاءُ﴿١١﴾

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيئة آمنة ونشأتها :
" تفتحت عينا الفتاة آمنة بنت وهب على البيت العتيق في مكة المكرمة ، في المكان الذي يسعى إليه الناس من كل فج عميق ، ملبية نداء السيد الجليل إبراهيم " الخليل" -عليه الصلاة والسلام - في الناس بالحج، "... كان منبت سيدتنا "آمنة" وصباها في أعز بيئة، وما لها من مكانة مرموقة من حيث الأصالة النسب والحسب، والمجد السامية، فـ نشأت في أسرة عريقة النسب ، مشهود لها بالشرف والأدب ، ورباها عمها﴿١٢﴾ وهيب بن عبدمناف، وكانت تعرف بـ

« زهرة قريش »
فهي بنت بني زهرة. و
قيل إنها عندما خطبت لـ عبدالله بن عبدالمطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبًا وموضعًا." .

" فكانت ذات وقار وترتدي ثوب الحياء والإحتشام ومخبآة من عيون البشر ، كجوهرة مكنونة ودرة مصونة حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها. وكانت بشذاها العطرة تنبثق من دور بني زهرة، ولكنه ينتشر في أرجاء مكة. و
قد عرفت " آمنة " في طفولتها وحداثتها ابن العم "عبدالله بن عبدالمطلب" حيث إنه كان من أبناء أشرف أسر قرشي، حيث يعتبر البيت الهاشمي أقرب هذه الأسر إلى آل زهرة؛ لما لها من أواصر الود والعلاقة الحميمة التي تجمعهم بهم، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل. و
لكنها حجبت منه؛ لأنها ظهرت فيها بواكر النضج... هذا جعل فتيان من أهل مكة يتسارعون إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها.". ﴿١٣﴾ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( البطاقة التعريفية )
( ١ . ) مولد آمنة بنت وهب :
( ١. ١. ) تاريخ مولدها : (٦٧ قبل الهجرة النبوية) ~ "٥٥٧ ميلادية "
( ١. ٢ . ) مكان مولدها: " مكة المكرمة
( ٢. ) الوالدان :
( ٢. ١. ) الوالد :" وهب بن عبد مناف
( ٢. ٢. ) الوالدة :" برة بنت عبدالعزى

ــــــــــــــــــــ
( ٣. ) الحالة الإجتماعية :
( ٣. ١. ) زوجة :" عبدالله بن عبدالمطلب
( ٣. ٢. ) أم :" محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب

ـــــــــــــــــــــــــــ
( ٤. ) لقبها :" زهرة قريش" ؛ " أم محمد " .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ٥. ) الوفاة :"
( ٥. ١. ) موتها : (٤٧ قبل الهجرة النبوية) (٥٧٧ ميلادية)
[ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى أنها توفيت وهي بنت عشرين سنة]
( ٥. ٢. ) مكان قبرها :" الأبواء ؛ بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ".
**
ويتبقىٰ لنا الحديث عن :
" العروس الأرملة آمنة ؛ و
" آمنة بنت وهب أم اليتيم " . و

التكلم عن
" وفاتها " ... عند الحديث عن طفولة محمد بن عبدالله .



ـــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات والمصادر:
﴿١﴾ سأبحث بمشيئته وحسن توفيقه الشخصيات المحورية ؛ والتي لعبت دوراً مباشراً - أو غير مباشر - في حياة محمد ؛ حين كان وليداً رضيعاً ؛ أو طفلاً يافعاً أو شاباً في مقتبل عمره ؛ أو رجلاً ... وحتىٰ بداية البعثة المحمدية ونزول الرسالة النبوية .
لذا فلن أعتبر والدَ محمدٍ شخصية محورية إذ أنه لم يلعب دوراً مباشرةً في حياته ؛ بالطبع عبدالله بن عبدالمطلب الرجل الذي أنجب سيد الخلق : محمد ؛ وأغفلنا التحدث عن تأثير شخصيته على ولده لـ موته المبكر - والوليد السعيد في المهد ؛ كما اثبتناه في البحث السابق مباشرة - !؟. و
ما يؤلم الباحث المدقق المحقق الذي يريد أن يبحث عن جوانب شخصية محورية كـ أم آخر الأنبياء .. " وما لها من أثرٍ في تكوين ولدِها الخالد الذي قال معتزاً بأمهاته وإن عِشنَّ في الزمن الذي أطلق عليه إصطلاحاً بـ " الجاهلية " ؛ قال :

« أنا ابن العواتك من سُليم » ...
أقول : مؤلم للباحث أن لا يجد المصادر الكافية ولا يملك الروايات الصحيحة كي يعطي الصورة الكاملة عن أم المصطفىٰ المرتضىٰ المحتبىٰ المهتدىٰ المجتبىٰ .
(وَقَالَ هُشَيْمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ : « أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ » . . وَ
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ : « أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ » .) [انظر الذهبي ؛ سير أعلام النبلاء ؛ [ص ١٩٩؛ ترقيم داخلي: 135~159].
( ٢. ) ما هو دافع عبدالمطلب أن يزوج ابنه عبدالله من بني زُهرة: أثبتُ ما رواه ( أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ، [ ص ٣٥٢ وما بعدها] ؛ وتجده عند :" ابن عساكر ؛ في تاريخ دمشق ،[ 3 /419 ] ؛ والحديث: محفوظ " وتجده :" عند المستدرك حديث رقم :"4232 - ". ).. فقد جاء عن طريق :" يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ قَدِمَ الْيَمَنَ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ فَنَزَلَ عَلَى حَبْرٍ مِنَ الْيَهُودِ قَالَ : فَـ

قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الزَّبُورِ : يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ : يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى بَعْضِكَ ؟
قَالَ : نَعَمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً ،
قَالَ : فَفَتَحَ إِحْدَى مَنْخَرَيَّ فَنَظَرَ فِيهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْآخَرِ فَـ
قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ فِي إِحْدَى يَدَيْكَ مُلْكًا وَفِي الْأُخْرَى نُبُوَّةً ، و
إِنَّا نَجِدُ ذَلِكَ فِي بَنِي زُهْرَةَ فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟
قُلْتُ : لَا أَدْرِي !!..
قَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ ؟
قُلْتُ : وَمَا الشَّاعَةُ ؟
قَالَ : زَوْجَةٌ
قُلْتُ : أَمَّا الْيَوْمُ فَلَا .
قَالَ : فَإِذَا رَجَعْتَ فَتَزَوَّجْ فِيهِمْ فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَوَلَدَتْ حَمْزَةَ وَصْفِيَّةَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَوَلَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...." و
أميلُ إلى القول بأن شخصية عبدالمطلب القوية ودوره في مكة ومكانته بين قومه يدفعانه - إن صحت الرواية - إلى البحث عن مُلك يقوي ما عنده ؛ ونبوة كان يتحدث عنها الكهان (من العرب) والعرافة وأحبار اليهود ورهبان النصارى(!!؟).
﴿٣﴾ ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
﴿٤﴾ ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ الجزء الثاني ؛ تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله من آمنة بنت وهب الزُهرية. وانظر عند الذهبي في سير أعلام النبلاء .
﴿٥﴾ السيرة النبوية لابن هشام . و

لكن تجد عند ابن كثير تعبير آخر :" سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا " . و
عند ابن سعد في الطبقات :" لَمَّا تَزَوَّجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا وَكَانَتْ تِلْكَ السُّنَّةَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي أَهْلِهَا " حديث مقطوع ، رقم ١٨١.
﴿٦﴾ تكمل السيرة النبوية لابن هشام النسب :" بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن مَعَد بن عدنان.". وعند ابن سعد في الطبقات حديث مقطوع برقم ١٣١ :" وَأُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَيْلَةُ وَيُقَالُ : هِنْدُ بِنْتُ أَبِي قَيْلَةَ وَهُوَ وَجْزُ بْنُ غَالِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَأُمُّهَا مَاوِيَّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ مِنْ قُضَاعَةَ ، وَأُمُّ وَجْزِ بْنِ غَالِبٍ السَّلافَةُ بِنْتُ وَاهِبِ بْنِ الْبُكَيْرِ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ قَيْسِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ بُوَيِّ بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى أَخِي أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى ، وَأُمُّهَا النَّجْعَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، وَأُمُّ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جُمَلُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ فُصَيَّةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ ، وَأُمُّ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ أُمُّ قُصَيٍّ وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ وَهُوَ خَيْرُ بْنُ حَمَالَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَامِرٍ الْجَادِرِ مِنَ الأَزْدِ ." .
﴿٧﴾ أي أمها .
﴿٨﴾ اي جدتها .
﴿٩﴾ أَخْرَجَه أبو نعيم فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " مِنْ طُرُقٍ.وسوف نبحث هذه المسألة في موضعها .
﴿١٠﴾ أثير الدين ؛ أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي ؛ التفسير الكبير المسمىٰ البحر المحيط ؛ دار إحياء التراث العربي ؛ دون ذكر سنة النشر ؛ تفسير :" سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ؛ آية ١٦٥].
﴿١١﴾ قصيدة شرف الدين أبي عبدالله محمد بن سعيد البوصيري "الهمزية" .
﴿١٢﴾ تجده في طبقات ابن سعد ؛ حديث موقوف ؛ رقم ١٨٠. :" كَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ فِي حِجْرِ عَمِّهَا وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ " . كما تجد ذلك عند :" ابن جماعة ؛ المختصر في السيرة " وروي أنّ :" آمنة بنت وهْب بن عبدمَنَاف كانت في حِجْر عمَّها وهُيب بن عبدمَنَاف فمشى إليه عبدالمطْلب بن هاشم بابنه عبدالله فخطب آمنة َ فزوّجها إيّاه ".
﴿١٣﴾ محمد برهان ؛ نساء حول الرسول؛ الصفحة : 57.
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

تكحلت عيناي ببحث « أم النبي محمد» -صلى الله عليه وآله وسلم- متمم شهر رجب (30) لعام 1439 الهجري الموافق 16 ابريل 2018 وذلك في يوم الإثنين "..

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 17 / 04 / 2018 48 : 09 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
[ 6. ] نهاية الفصل السادس من " القسم الثاني :
« إِرْهَاصَاتُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ »
( ١ . )
التَّمْهِيدُ :
يحتاجُ الإنسان في مسيرة حياته لأنظمة وأحكام ولوائح وقوانين لتسير شؤونه ، وليس أمامه إلا طريق التفكير - مع قصر مداركه - في إبتكار نظم وإختراع قوانين مع تعديلها من حين لآخر وتبديلها من زمن لزمن إثناء مسيرة حياته لتغيّر اطواره وتعدد نظرته للأشياء والأفعال ؛ فما كان محذوراً في زمن - بعقله - اباحه في الزمن الآخر لرغبته ؛ وما كان مقبولاً في مرحلة من حياته يمنعه في مرحلة لاحقة.. هذا إذا تكلف الإنسان عناء سن القوانين في البرلمان وتغير أو إلغاء قانون آخر.. وهذا طريق غير مأمون العواقب ونأتي بمثال بما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة العولمة بوصول الرئيس الحالي للمكتب البيضاوي في البيت الأبيض ؛ أو دولة تركية العلمانية الأتاتوركية.

أو
أمامه الطريق الثاني أن تأخذ الأحكام على عمومها والأنظمة باتساعها مِن مَن خلق الإنسان وأعلم به من نفسه ؛ مع وجود حيز عريض في الإجتهاد العلمي الفقهي القائم على أسس وقناعات وقدرة عالية في فهم الواقع الجديد وإستنباط حكم يناسبه مع إعطاء الفرصة كاملة لمن يملك أدوات الإجتهاد.. وهذا بالطبع يختلف تماماً عن وسائل تنظيم الحياة كقانون المرور أو مكاتب البريد وما شابه ذلك ..
لذا وجدت النبوات على مر العصور ووجدت الرسالات لبني البشر لحماية الإنسان من الإنسان.. وهي من أعظم النعم التي أكرم الله - عز وجل - بها الناس .
وأفضل هذه الرسالات وأعظمها وأشملها مع قدرتها على البقاء مع تغير الأزمان وتبدل الأحوال وعبقريتها في معالجة كافة مسائل وأمور الإنسان بإعتباره إنسان له حاجات عضوية تتطلب الإشباع الحتمي وله غرائز تتطلب فقط إشباعا وما يحمل بين جنبيه من مشاعر وأحاسيس ؛ أفضل هذه الرسالات باستقراءها هي رسالة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين من رب العالمين لكافة العالمين.. ولذلك أحاطها الله - تعالى ذكره - بعنايته وشملها برعايته فهو الخبير العليم إذ قال ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾(٢) . و

السيرة النبوية لها دلائل باهرة وعلامات ظاهرة ، قبل أن يخلق ويوجد ؛ وقبيل ولادته وقبل بعثته وإثناءها وبعدها صلوات الله وسلامه عليه وآله كما نرى في الإعجازات العلمية التي تكشفها المختبرات والمعامل ومراكز البحوث العلمية ‟.
رأى مَن سبقنا إرهاصات ؛ وسمع مَن جاء بعدهم عن تلك الإرهاصات ؛ بيد أنه أضيف إليها ما ليس منها ووقع البعض - تجاوزا - فيما نهى عنه صاحب الرسالة السماوية ومبعوث العناية الإلهية إذ أنه قَالَ :

« لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَقُولُوا : عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ (٣) » . فـ
زادوا من عندهم واسرفوا في هذا الشأن من بنات افكارهم ؛ فاحتاط السادة العلماء لما لم يطمأنوا له بقولهم - زعموا - أو - فيما يذكرون - ثم ارجعوا الأمر لله الواحد الأحد فختمت العلماء اقوالهم بـ - والله أعلم- .
**
اقتربتُ من بداية القسم الثالث من سلسلة بحوثي؛ والتي سميتها -إثناء عبادتي وتفكري أمام البيت العتيق- الكعبة المشرفة بمكة المكرمة :
« الرسالة النبوية؛ والدلائل الإعجازية؛ والدعوة الإبراهيمية؛ والبشرىٰ العيساوية؛ والشمائل المصطفوية؛ والخصائل الرسولية؛ والصفات الأحمدية؛ والأخلاق المحمدية؛ لـــــ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين سيدنا محمد بن عبدالله خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم » ...
بيد أني بدأتُ أتردد - رهبةً - من الخوض في البحوث - مع رغبتي القوية في النظر في المراجع ومراجعة المصادر ومقارنة أقوال السادة العلماء في كل مسألة على حدة - ، وتراجعتُ إشفاقاً على نفسي - وإن كنتُ أريد أن أعلم كل التفاصيل عنه - صلوات الله وسلامه عليه آله - ؛ وأتعلم جميع سنته وهديه عليه السلام - ... و
الرهبةُ تعود ... والإشفاق مرجعه صغِر قدري ... وضعف قدراتي وخوار قوتي .. وهزالة لُغتي ... ولعثمة منطقي ... وأعجمية لساني وعوار ما أملك من معرفة ... وقصور في ذاتي ... هذا وإن كان اسمي كاسمهِ - عليه السلام - .. ولكن أين إسمي من خصائله وشمائله وإن سعيت لأتصف بالمسىمى .. وأين النقش الثابت على جدران التاريخ بحروف من نور زينت بعسجد مصقول إطارها الورق الخالص والفضة البيضاء والمسجل بأنوار مشكاة النبوة وإشعاعات الرسالة وشموس الهداية ... مِن تقليد الرسوم وحمل الكراريس ومراجعة صحف كتبت عن سيرته وأحداث عطرتها مسيرته ؛ وإين ما كتبَ السادة العلماء قبلي - وهم رجال علم - مِن طُليب علم تشابهت حروفه مع ابحاثهم وأقترب لون مداد قلمه المكسور مع مراجعاتهم ... لكني عزمتُ فتوكلت ولعل القارئــ(ـة) الكريمــ(ــة) يكون نِعم العون في اسداء النصح والمبالغة في التوجيه مع إحسان المراجعة والتصحيح... فأكون لهـ(ـا) داعياً بحسن التوفيق.
*****

****
***
**
*
[ ١ . ] الفصل الأول من " القسم الثالث :
[ ٣. ] القسم الثالث :
إنبلاج النور المبين بمولد الرسول الأمين :
[٣. ١. ] المسلمون في أمس الحاجة اليوم - لغياب المعلم الناصح والمربي الواعي والقدوة الحسنة وتراجع ملحوظ في مؤسسات عن دورها المنوط بها - للتعريف بحياته ؛ ومدارسة سيرته ؛ وتعلم أقواله وممارسة أفعاله وإدراك معجزاته ؛ وفهم إرهاصات ما قبل إيجاده ؛ وهو مازال نطفة طاهرة في صلب أبيه عبدالله بن عبدالمطلب وقبل تخليقه في رحم أمه آمنة بنت وهب ، ثم معايشته طفلا يافعاً ؛ فشاباً بالغاً ؛ فرجلا كاملا ؛ ثم نبياً ورسولاً مبلغاً ، بممارسة فعلية حياتية وسلوك يومي في كافة شؤون الحياة لنكون كما جاء الوصف في محكم التنزيل

﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ .. ﴾(٤) و
الخيرية ستأتي بتفعيل ما أمر به سبحانه وتعالى حين قال
﴿ ... تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ ﴾ فـسبب أسلمة الآلاف - مثل :
محمد أسد [النمسا]، و
رجاء جارودي [فرنسا] و
مراد هوفمان [المانيا] وغيرهم الكثير.- في الغرب يعود لـ قراءة واعية لسيرته العطرة ، ومنها إرهاصات مولده ،
[٣. ٢. ] المصادر التي كُتبت وتحدثت عن الإرهاصات متنوعة، منها:
القرآن الكريم، الذكر الحكيم و
كتب التفسير، و
كتب الحديث، و
كتب الدلائل النبوية، و
كتب أعلام النبوة، و
كتب الشمائل، و
كتب السيرة، و
كتب التاريخ الإسلامي، فـ

مصادر السيرة النبوية أشارت إلى الإرهاصات من خلال السرد التاريخي لأحداث السيرة، أو من خلال عناوين مخصصة عن الإرهاصات والبشارات، ومن ذلك:
«السيرة النبوية» لابن هشام الذي هذب « سيرة ابن إسحاق »، والذي جاء تفسيرها في
« الروض الأنف » للحافظ السهيلي، و

« عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير » لابن سيد الناس، و
« زاد المعاد » لابن قيم الجوزية، و
« السيرة النبوية » للذهبي، و
« إمتاع الأسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع » للمقريزي، و
« المواهب اللدنية » للقسطلاني، و

شرحها للزرقاني و
« سبل الهدى والرشاد » للصالحي... و

كتب الإرهاصات جاءت في عناوين مختلفة مثل:
« الدلائل النبوية » و
« أعلام النبوة »، و
« آيات النبوة »، و
« نبوة محمد صلى الله عليه وسلم »، ومن ذلك
« هواتف الجان وعجيب ما يحكي عن الكهان، ما يبشر بالنبي محمد، ويدل منه بواضح البرهان » للخرائطي، و
« هواتف الجن » لابن أبي الدنيا، و

« دلائل النبوة » للاصهباني، و
« تثبيت دلائل النبوة » للقاضي عبدالجبار، و

« دلائل النبوة » للبيهقي، و
« أعلام النبوة » للماوردي، و
« الخصائص الكبرى » للسيوطي.
[٣. ٣. ] وقبل أن نشرع في بيان ميلاده الكريم ونشأته العزيزة، ورعاية الله -عز وجل- له قبل نزول الوحي عليه ، وسيرته العطرة قبل البعثة ، أود أن أتحدث عن الآيات العظيمة ، والأحداث الجليلة التي سبقت ميلاده -عليه الصلاة والسلام-، فقد سبق مولده الكريم أمور عظيمة دلت على اقتراب تباشير الصباح ، وسنن الله في الكون أن الانفراج يكون بعد شدة ، والضياء يكون بعد ظلام ، واليسر بعد عسر .
[٣. ٤. ] الإرهاصات هي البشارات والأمور الخارقة للعادة التي يُحدثها الله عز وجل لنبيٍ ؛ تبشيراً بنبوته قبل قدومه وقبيل مجيئه وقبل وإثناء بعثته ، فالأحداث العظيمة غالباً يسبقها من الإشارات ما يكون مؤْذِناً بقربها . وعلامة على وقوعها. وقد سبق مولده -صلوات الله وسلامه عليه وآله- أحداث وإرهاصات سُجِّلت في السيرة النبوية ، والبحث الأساسي :
« حمل آمنة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما وقع في ذلك من الآيات »
ولقد رُويت قصص وأخبار حول صفة حمل آمنة به، ولم يثبت منها شيء ، فـ الإرهاصات لها معنى لُغوي ومعنى أصطلح عليه العلماء ليس ببعيد عنه ؛ بيد أن هناك من الروايات الواهية ما لا يقام لها عماد ولا تستند إلى صحيح النقل او الإسناد ؛ غير أني سأذكرها تنبيهاً وليس تثبيتاً ... والله المستعان وعليه التوكل ؛ ومنه العفو والغفران إن أخطأت أو اسأت ؛ والحمد والشكر له وحده أن أحسنت ووفقت .. فهو نعم المسؤول وسبحانه وتعالى يمن علينا بالإجابة بالتوفيق والسداد .
وسأقسمها إلى أبواب منها :
- أهم الأحداث العامة التي جرت قبل المولد في جزيرة العرب أو مكة .
- حفر زمزم
- قصة الذبيح عبدالله بن عبدالمطلب
- كاهنة بني زهرة
- حادثة عام الفيل

ـــــــــــــــــــــ
- إرهاصات ما قبل الحمل ؛ وهي متعلقة بـ "والد" النبي الرسول : عبدالله بن عبدالمطلب ؛ والنور الذي كان في جبهته .. ومقولة :

« „ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ‟ »، و
قد تعرضنا لها ولكني سأذكرها هنا لتمام الفائدة ووحدة الموضوع ،
- مَا قِيلَ لِآمِنَةَ عِنْدَ حَمْلِهَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ـــــــــــــــــــــ
- إرهاصات إثناء الحمل ؛ وهنا تخص "أم" النبي الرسول آمنة بنت وهب ؛
- نور يخرج من حَمْلِ أمِّه به
- التسمية بـ أحمد ... محمد
- الإستعاذة
- ظهور نجم أحمد في السماء
- إرهاصات ليلة المولد
- إرهاصات ليلة الولادة ؛
- ما جاء في إخبار الأحبار وغيرهم بليلة ولادته صلى الله عليه وسلم
- تدلي النجوم له

ــــــــــــــــــــــــ
- إرهاصات إثناء الوضع والولادة ؛ . و

النور الذي خرج معه
- وصف ولادته:
- نزوله صلى الله عليه وسلم ساجدا معتمدا على الأرض بيديه
- ما رأته قابلته الشفاء أم عبدالرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- من الآيات ".
- انفلاق البرمة حين وضع صلى الله عليه وسلم تحتها
- ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا مقطوع السرة
- مناغاته -صلى الله عليه وسلم- للقمر في مهده وكلامه فيه -صلى الله عليه وسلم-
- حزن إبليس وحجبه من السموات
- ما سمع من الهواتف لما ولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
- صنم رأوه مكبوبا على وجهه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
- ما روى من الأحداث ليلة ولادته:
- انتكاس بعض الأصنام
- انبثاق دجلة و

ارتجاس الإيوان - ديوان كسرى - و
سقوط الشرفات و
خمود نار المجوس:
- تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم
- ارهاصات وقت مولده ؛
- يوم المولد
- شهر المولد
- عام المولد
- مكان المولد
**

ــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع والتعليقات:
[ ١. ] عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؛ انظر إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ؛ البداية والنهاية ؛ كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم » صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ ؛ باب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[٢. ] آية : ( ٩) ؛ سورة الحجر .
[٣. ] حديث :" لا تُطرونِي كما أَطرتِ النصارى عيسى ابن مريمَ فإنّما أنا عبدُ اللهِ ورسوله " .

جاء عن طريق :
[ أ . ] الصحابي الجليل والوزير الثاني وأمير المؤمنين الخليفة الثاني : عمر بن الخطاب انظر علي بن المديني في : تفسير القرآن : [ 2 /430 ] ؛ وقال الحديث: إسناده صحيح. كما جاء برواية بها زيادة :

" لا تُطْروني ، كما أطْرَتِ النصارى ابنَ مريمَ ، فإنما أنا عبدُه ، فقولوا : عبدُ اللهِ ورسولُه " .
انظر البخاري في صحيحه : [ 3445] ، و
انظر عند البزار في البحر الزخار [ 1 /299 ] ، وقال الحديث : لا نعلمه يروى عن عمر بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، وابن عيينة حسن السياق له . و
تجده عند ابن كثير في موسوعة تاريخه المسمى بـ البداية والنهاية: [ 5 /215 ] ؛ وقال الحديث : له طرق.
و

أخرجه ابن حبان في صحيحه : [ 6239] ؛ كما
خرجه أحمد شاكر في مسند أحمد [ 1 /90 ] ؛ وقال:" الحديث إسناده صحيح". و
عنده -شاكر- أيضاً في تخريجه لـ مسند أحمد [ 1 /94 ] وقال :" إسناده صحيح ". و
حكم عليه ابن باز في مجموع فتاويه 405/ 2 بأن إسناده صحيح . و
خرجه الألباني في مختصر الشمائل 284 ؛ وقال :" الحديث صحيح". و
عنده -الألباني- في صحيح الجامع : 7363 وقال:" الحديث صحيح". و
عنده في غاية المرام : 123 وقال:" صحيح ". وهذا الطريق الأول.
أما الطريق الثاني فـ جاء برواية عن
[ ب . ] عبدالله بن عباس ؛ انظر : البخاري في: صحيحه : 6830 ؛ والحديث : صحيح " . و

خرجه ابن حبان في صحيحه : 413 ؛ و
عنده أيضاً -ابن حبان بـ- رقم : 414 .
وعن عُبَيدِاللهِ بنِ عبدِاللهِ بنِ عُتْبةَ أنَّ عبدَاللهِ بنَ عبَّاسٍ أخبَره : أنَّه كان يُقرِئُ عبدَالرَّحمنِ بنَ عَوفٍ فذكَر حديثَ السَّقيفةِ بطُولِه وذكَر فيه أنَّ رسولَ اللهِ قال:" لا تُطرُوني كما أَطْرَتِ النَّصارى عيسى فإنَّما أنا عبدُ اللهِ ورسولُه فقولوا عبدُ اللهِ ورسولُه ...:"، انظر الطبراني في المعجم الأوسط [ 2 /265] ؛ ولم يرو هذا الحديث عن عمرو بن قيس إلا خالد بن نزار
و

انظر عند القرطبي في تفسيره [ 6 /409 ] ؛ الحديث : صحيح ؛ و
انظر عند ابن تيمية في مجموع فتاويه [ 10 /151] ؛
ايضاً في فتاويه : [ 11 /98] ؛ والحديث صححه و
عنده أيضا - ابن تيمية - وفي مجموعة الرسائل والمسائل : [ 1 /165 ] وصححه.
و

خرجه أحمد شاكر في مسند أحمد [ 1 /167 ] ، وقال الحديث :" إسناده صحيح ".
[ ٤. ] آية (١١٠ ) ؛ سورة آل عمران ، والآية الكريمة بها تقديم وتأخير . إذ الآية تقول واصفة أمة محمد بأنها

( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴿آل عمران: ١١٠﴾ و
سبب الخيرية : ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) فيترتب على هذا:
1. ] ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)
2. ] (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ
ــ
ــ
قراءه وكتبه :
د. محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

شريف حمدان 17 / 04 / 2018 55 : 09 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/R0233321.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 19 / 04 / 2018 52 : 11 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
ظاهرة نور جبين عبدالله‟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
مناقشة(1) ظاهرة النور في جبين عبدالله في سياق
« „ حكاية حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ‟ »:
تحدثتُ عن مسألة النور الذي صاحب جد محمد ﷺ -عبدالمطلب- ونكمل في هذا الجزء -الثاني- النور الذي صاحب عبدالله بن عبدالمطلب: والعنوان العريض الذي أعتمده :

« „ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ ‟ ».
نقرأ في سيرة ابن هشام تحت عنوان: مَا جَرَى بَيْنَ عَبْدِاللَّهِ وَالْمَرْأَةِ(2) الْمُتَعَرِّضَةِ لَهُ بَعْدَ بِنَائِهِ بِآمِنَةَ : - فَزَعَمُوا - (3)" أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ أُمْلِكَهَا مَكَانَهُ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ، فَأَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ مَا عَرَضَتْ فَقَالَ لَهَا : مَا لَكَ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ عَلَيَّ بِالْأَمْسِ ؟ قَالَتْ لَهُ : « „ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ‟ » ؛ : " فَلَيْسَ ( لِي ) بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ(4) . وَ

قَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا - وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ؛ وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَاتَّبَعَ الْكُتُبَ : أَنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ .
ــــــــــ
قبل مناقشة ظاهرة النور في جبين عبدالله بن عبدالمطلب ينبغي القول ونؤكد :

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَطَ قَوْمِهِ نَسَبًا ، وَأَعْظَمَهُمْ شَرَفًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". و
أن مسألة الإصطفاء والإجتباء والإرتضاء نص عليها الكتاب الكريم قطعي الثبوت قطعي الدلالة فنطق القرآن قائلاً:
[ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ] ﴿آل عمران: ٣٣﴾ ؛ و
معلوم أن محمد بن عبدالله من آل إبراهيم ؛ فـ
[... اللَّـهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ..] ﴿الأنعام: ١٢٤﴾] ،
لكنني ابحث روايات سطرت بين صفحات مراجع وحكاية تقرأ من بطون المصادر فيعتمدها مَن يقف بجوار منابر المساجد فينقل دون تحقيق ويروي دون تدقيق ؛ ويتمقعد كراسي الدرس والتدريس وأقواله لم يتحقق من صدقها...
إذاً... نحن أمام حكاية مشهورة مروية في عامة كتب السيرة ودلائل النبوة ، ولها طرق وأسانيد متعددة ، ولكن عامة أسانيدها واهية.
و

لنبدء مناقشة ظاهرة مشهورة :
" ظاهرة النور في جبين عبدالله ".
امهدُ بالقول : لا يكاد يخلو كتاب من كتب السيرة من حديث النور وفيه :

أن نور النبي صلى الله عليه وسلم قد ظهر قبل الحمل به في جبين عبدالله والد رسول الله ﷺ .
و

لما كان النور ظاهرة كونية فقد جعلها الناس من خصائصه الدالة على التبشير به قبل الحمل به وولادته .
قال العامري :

" قال أهل السير ... وكان نور النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه (عبدالله ) فلما خرج منه ذلك النور وانتقل إلى وجه آمنة.... "(5).
و

قال دحلان :
" وكان نور النبي صلى الله عليه وسلم بيّـنا في وجهه (عبدالله ) " ؛
و

في رواية :
" يرى في وجهه كالكوكب الدري " .
و

في شرح المواهب : " كان يتلألأ نورا في قريش فشغفت به نساء قريش " (6) .
هذا أولاً .
أما ثانياً :

فقد اختلفت الروايات في تحديد اسم المرأة التي رأت النور -كما بيَّنت سابقاً-؛ فمنهم من زعم أنها :
1.) فاطمة بنت مر الخثعمية ، و

منهم من قال أنها :
2.) أم قتال ؛ أخت ورقة بنت نوفل ، و

منهم من قال أنها :
3.) ليلى العدوية ، و

منهم من قال أنها :
4.) زوجة أخرى كانت مع آمنة تحت عصمة عبدالله ، و

منهم من قال أنها :
5.) امرأة من قريش .... رأت النور فدعت النساء إلى المسارعة لأخذ النور من جبين عبدالله.

[أخرجه أبو نعيم(7) في دلائل النبوة].
هذه الروايات بأسانيدها نضعها أمام أهل الجرح والتعديل ليقولوا قولتهم الصادقة في رجالها.
ــــــــــــ
روايات ظاهرة النور :
1. ) رواية المرأة الخثعمية:
ذكر البيهقي حديثا موقوفا برقم: 44 ؛ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُالْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ،

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :
" كَانَتِ امْرَأَةٌ (!!!) مِنْ خَثْعَمٍ تَعْرِضُ نَفْسَهَا فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ ، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ ، وَكَانَ مَعَهَا أَدَمٌ تَطُوفُ بِهَا كَأَنَّهَا تَبِيعُهَا ، فَأَتَتْ عَلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ، - فَـ أَظُنُّ أَنَّهُ أَعْجَبَهَا- ، فَقَالَتْ :
" إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَطُوفُ بِهَذَا الأَدَمِ وَمَا لِي إِلَى ثَمَنِهَا حَاجَةٌ ، وَإِنَّمَا أَتَوَسَّمُ الرَّجُلَ هَلْ أَجِدُ كُفُؤًا ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ إِلَيَّ حَاجَةٌ ، فَقُمْ ، فَـ
قَالَ لَهَا :
" مَكَانَكِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ " ، فَـ
انْطَلَقَ إِلَى رَحْلِهِ ، فَــ
بَدَأَ فَوَاقَعَ أَهْلَهُ [آمنة بنت وهب] ، فَـ
حَمَلَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَـ
لَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا ،
قَالَتْ :
" أَلا أَرَاكَ هَهُنَا ؟ "
قَالَتْ :
" وَمَنْ كُنْتَ ؟ "...
قَالَ :" الَّذِي وَاعَدْتُكِ " ،
قَالَتْ :" لا ، مَا أَنْتَ هُوَ ، وَلَئِنْ كُنْتَ هُوَ ، لَقَدْ رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيْكَ نُورًا مَا أَرَاهُ الآنَ ".
قلتُ (الرمادي) تجده عند
*.) البيهقي وعند
*.) ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال :
" أخبرنا أبو عبدالله الفراوي أنبأنا أبو بكر البيهقي ".

ـــــ
رواية آخرى؛ حديث موقوف أيضاً برقم : 56 وذكر مثله.(8) .
فيه عبدالوارث بن إبراهيم لم يعثر له على ترجمة ، وفيه عبدالباقي بن قانع ، اتفق المترجمون لحياته على "تغيير حفظه في آخر عمره" ، قال الدارقطني :" كان يحفظ ولكنه يخطئ ويصيب" . وضعفه البرقاني. و
قال ابن حزم :" منكر الحديث تركه أصحاب الحديث جملة". و
أيضا ابن سفيان في المالكيين نظير ابن قانع في الحنفيين وجد في حديثهما الكذب البحت والبلاء المبين والوضع اللائح ، فإما تغييرا ، وإما حملا لا خير فيه من كذاب ومغفل يقبل التلقين (9) . و
فيه أيضا مسلمة بنت علقمة وثقه ابن معين . و
قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال النسائي : ليس بـ القوي وضعفه أحمد وقال :" روي عن داود مناكير" ووافقه الساجي وزاد وكان قدريا ، وذكره العقيلي في الضعفاء(10) . هذا الحديث الذي أورده البيهقي في دلائله ذكره
*. ) أبو نعيم في دلائل النبوة فقال : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة قال : حدثنا علي بن حرب قال: حدثنا محمد بن عمارة القرشي قال : حدثنا مسلم بن خالد الزنجي،عن ابن جُريح عن عطاء عن ابن عباس(11). و
فيه مسلم بن خالد الزنجي ذكره ابن حبان في الثقات وقال :"كان يخطئ أحيانا" ، ووافقه الساجي في قوله هذا . و
قال ابن عدي :" أرجو أنه لا بأس فيه . و
قال ابن سعد : "كان كثير الغلط في حديثه" ، و
قال المدني :" ليس بشيء".
قال البخاري :" منكر الحديث" ، و
قال أبو حاتم لا يحتج به ، و
ضعفه أبو داود والنسائي ، وذكره ابن البرقي في باب من نسب إلى الضعف ممن يكتب حديثه . و
قد ذكر أهل الجرح والتعديل من روايته بعض الأحاديث الضعيفة ثم قال الذهبي معلقا :" فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويضعف". (12). و
فيه أيضا محمد بن عمارة لم يعثر له على ترجمة . و
أورد أبو نعيم هذا الحديث من طريق آخر فقال : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن السندي، حدثنا النضر بن مسلمة ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبدالعزيز عن أبيه قال : حدثني ابن شهاب عن أبي بكر بن عبدالرحمن عن أم سلمة وعامر بن سعد عن أبيه سعد قال (13). و
فيه محمد بن عبدالعزيز عن أبيه الزهري ، قال العقيلي : قال البخاري :" منكر الحديث لا يتابع" . و
جاء في المغني : ضعفوه ، و
قال ابن حبان:" كان ممن يروي عن الثقات المعضلات ، وإذا انفرد أتى بالطامات عن أقوام أثبات حتى سقط الإحتجاج به" .
قال أبو نعيم : منكر الحديث(14).



قال أبو نعيم : رواه عبدالله بن بشير عن أحمد بن محمد ابن عبدالعزيز ولم يذكر عامر وسعيد . وذكر الحديث أيضا ابن سعد في طبقاته من طريق هشام بن محمد السائب الكلبي عن أبي الفياض الخثعمي (15). وفيه هشام الكلبي قال ابن حبان :" يروي عن أبيه ومعروف بن سليمان والعراقيين العجائب والأخبار التي لا أصول لها ... أخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وضعها ؛ فـهشام بن محمد وأبوه متهمان . و
قال الذهبي:" تركوه وهو اخباري . وقال الدارقطني: متروك، وقال بن عساكر : رافضي ، وقال أحمد والبخاري صاحب سير ونسب ما ظننت أن أحدا يحدث عنه . (16).
قال السيوطي : أخرجه ابن سعد من طريق ابن هشام ...معضلا(17). وذكر الحديث أيضا ابن سعد من طريق وهب بن جرير بن حازم ، حدثنا أبي ،سمعت أبى يزيد المدني ، قال: نبئت أن عبدالله أتى امرأة من خثعم. (18). و
فيه أبو يزيد المدني : قال ابن أبي حاتم عن أبيه : سئل مالك فقال : لا أعرفه ، وقال أبوزرعة : لا أعلم به ، وقال ابن أبي حاتم : يروي عن ابن عباس وتارة يدخل بينه وبين ابن عباس عن عكرمة قال : وسألت أبي عنه قال: يكتب حديثه قلت : ما اسمه. قال : لا يسمى (19) .

ــــــــــــــــ
قال محقق كتاب البداية والنهاية :" هذا (الحديث) ظاهر الاختلاق وعليه ركاكة الصنع ، وتفاهة الوضع ". (20) .
**
2. ) رواية أم قتال ؛ أخت ورقة بن نوفل:
ذكر البيهقي حديثا مقطوعا برقم: 41 أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِالْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ :

" ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِاللَّهِ ، فَمَرَّ بِهِ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - عَلَى امْرَأَةٍ (!!!) مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَهِيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهِ :
" أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَاللَّهِ ؟ " ؛ فَـ
قَالَ : " مَعَ أَبِي " ،
قَالَتْ :" لَكَ عِنْدِي مِنَ الإِبِلِ مِثْلُ الَّتِي نُحِرَتْ عَنْكَ ، وَقَعْ عَلَيَّ الآنَ" ، فَــ
قَالَ لَهَا : " إِنِّي مَعِيَ أَبِي الآنَ ، لا أَسْتَطِيعُ خِلافَهُ وَلا فِرَاقَهُ ، وَلا أُرِيدُ أَنْ أَعْصِيَهُ شَيْئًا " ، فَـ
خَرَجَ بِهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، وَوَهْبٌ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا ، فَـ
زَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا [وذكر أمهاتها]..
قَالَ : وَ- ذَكَرُوا - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهُ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا عَبْدُاللَّهِ ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي قَالَتْ لَهُ مَا قَالَتْ ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى وَهِيَ فِي مَجْلِسِهَا ، فَجَلَسَ إِلَيْهَا ، وَ
قَالَ لَهَا : " مَا لَكِ لا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِثْلَ الَّذِي عَرَضْتِ أَمْسِ ؟ "....


فَــ
قَالَتْ : قَدْ « „ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ فِيكَ ‟ ». فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ" ، وَ
كَانَتْ - فِيمَا زَعَمُوا - تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَاتَّبَعَ الْكُتُبَ ،
يَقُولُ : إِنَّهُ لَكَائِنٌ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ". (21) .
قال السهيلي: اسم هذه المرأة :
1. ] رقية بنت نوفل ، تكنى أم قتال. (22). و
ذكر البيهقي في الدلائل :" وَاسْمُهَا :
2. ] أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ ".
هذا الحديث منقطع الإسناد -كما بينت في بداية الإستشهاد- ، وهو موقوف على محمد بن اسحاق، صدوق يدلس، ورمي بالتشيع والقدر ؛ من صغار الطبقة الخامسة. (23).
قال محقق سير ابن كثير : الواضح من الرواية أنها طلبت من عبدالله الفاحشة فأبى ، و

في اليوم التالي عرض هو عليها فأبت وعللت -ذلك- بأن النور الذي كان في وجهه قد زال ، وفي هذا اتهام لعبدالله ، وفلسفة للفاحشة بأنها كانت رغبة في النور ... وليس نور النبوة افراز عضو ولا اشراقة وجه. والرواية ظاهرة الإختلاق وهي ذم في صورة مدح (24).
قلتُ (الرمادي): وهذا ما جاء في تاريخ الطبري ؛ بنفس المنطق وذات الفلسفة ؛ لكن مع امرأة آخرى هي (فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ) الخثعمية الـ (كَاهِنَة) فقالت لعبدالله [ يَا فَتَى ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِي ، وَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي ؟ : قَالَ زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلاثًا ،]" وهذا الحديث موقوف.
**
3. ) رواية ليلى العدوية:
ذكر أبو نعيم في دلائل النبوة حديثا مرفوعا برقم: 73" حدثنا سليمان بن أحمد قال :حدثنا أحمد بن عمر الجلال المكي قال : حدثنا محمد بن منصور الجواز قال : حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال : حدثنا عبدالعزيز بن عمران قال : حدثني محمد بن عبدالعزيز بن وتذكر (لَيْلَى الْعَدَوِيَّةُ) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلالُ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ الْجَوَّازِ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَقُولُ : " نَحْنُ أَعْظَمُ خَلْقِ اللَّهِ بَرَكَةً ، وَأَكْثَرُ خَلْقِ اللَّهِ وَلَدًا " . خَرَجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ذَاتَ يَوْمٍ مُتَحَضِّرًا مُتَرَجِّلا ، حَتَّى جَلَسَ فِي الْبَطْحَاءِ ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ لَيْلَى الْعَدَوِيَّةُ ، فَدَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا ، فَـ

قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ : " أَرْجِعُ إِلَيْكِ" ، وَ
دَخَلَ عَبْدُاللَّهِ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ ، فَقَالَ لَهَا : " اخْرُجِي ، فَوَاقَعَهَا وَخَرَجَ " ، فَـ
لَمَّا رَأَتْهُ لَيْلَى ، قَالَتْ : "مَا فَعَلْتَ ؟ "...
فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ : " قَدْ رَجَعْتُ إِلَيْكِ " ،
قَالَتْ لَيْلَى : " لَقَدْ دَخَلْتَ بِنُورٍ مَا خَرَجْتَ بِهِ ، وَلَئِنْ كُنْتَ أَلْمَمْتَ بِآمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ لَتَلِدَنَّ مَلِكًا " . (25) ، و
يعقوب بن محمد الزهري تالف ، قال أحمد ليس يسوي شيئا ، وقال أبو زرعة واهي الحديث ، وقال ابن معين أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي - والواقدي متهم - وقال الساجي منكر الحديث [تهذيب التهذيب: 11 /348 . وفيه عبدالعزيز بن عمران متروك الحديث(26) .
قال السهيلي : وفي غريب ابن قتيبة أن التي عرضت نفسها عليه هي ليلى العدوية (27).
وهناك رواية آخرى عند أبي نعيم حديث رقم: 72؛ مرفوعا:" حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السُّدِّيِّ ، ثنا النَّضْرُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، قَالَ : أَقْبَلَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ فِي بِنَاءٍ لَهُ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الطِّينِ وَالْغُبَارِ ، فَـ

مَرَّ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ ، وَقَالَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ : عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِهِ : فَمَرَّ بِـ ( لَيْلَى ) الْعَدَوِيَّةِ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ ، وَرَأَتْ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ دَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا ، وَ
قَالَتْ لَهُ : " إِنْ وَقَعْتَ بِي فَلَكَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ" ، فَـ
قَالَ لَهَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ : " حَتَّى أَغْسِلَ عَنِّي هَذَا الطِّينَ الَّذِي عَلَيَّ وَأَرْجِعَ إِلَيْكِ " ، فَـ
دَخَلَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ ، فَوَقَعَ بِهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْخَثْعَمِيَّةِ ، وَقَالَ عَامِرٌ : إِلَى لَيْلَى الْعَدَوِيَّةِ ، فَـ
قَالَ : " هَلْ لَكِ فِيمَا قُلْتِ " ؟
قَالَتْ : " لا يَا عَبْدَاللَّهِ" .
قَالَ :" وَلِمَ ؟ "..
قَالَتْ :" لأَنَّكَ " مَرَرْتَ بِي وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ نُورٌ ، ثُمَّ رَجَعْتَ إِلَيَّ وَقَدِ انْتَزَعَتْهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ مِنْكَ ، فَحَمَلَتْ آمِنَةُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، رَوَاهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَامِرَ بْنَ سَعِيدٍ " . و
قال أبو نعيم (28) وفيه محمد بن عبدالعزيز وهو منكر الحديث.
**
4. ) رواية الزوجة الثانية:
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال : حدثنا أبو العباس : أحمد بن عبدالجبار ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن اسحاق قال عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري؛ في السيرة النبوية؛ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ حُدِّثَ : أَنَّ عَبْدَاللَّهِ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ لَهُ مَعَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ ، وَقَدْ عَمِلَ فِي طِينٍ لَهُ ، وَبَهْ آثَارٌ مِنْ الطِّينِ ، فَدَعَاهَا إلَى نَفْسِهِ ، فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ لِمَا رَأَتْ بِهِ مِنْ أَثَرِ الطِّينِ ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا كَانَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ ، ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى آمِنَةَ ، فَمَرَّ بِهَا ، فَدَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا ، فَأَبَى عَلَيْهَا ، وَعَمَدَ إلَى آمِنَةَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَصَابَهَا ، فَحَمَلَتْ بِمُحَمِّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ مَرَّ بِامْرَأَتِهِ تِلْكَ ، فَــ

قَالَ لَهَا :" هَلْ لَكَ ؟ "..
قَالَتْ : " لَا ، مَرَرْتَ بِي وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ بَيْضَاءُ ، فَدَعَوْتُكَ فَأَبَيْتَ عَلَيَّ ، وَدَخَلْتَ عَلَى آمِنَةَ فَذَهَبَتْ بِهَا " ....
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : - فَزَعَمُوا - أَنَّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ تُحَدِّثُ : أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ ، قَالَتْ : فَدَعَوْتُهُ رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ بِي ، فَأَبَى عَلَيَّ ، وَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ ، فَأَصَابَهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .): ورواه البيهقي في "الدلائل" : 1؛ 105؛ من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ حُدِّثْتُ أَنَّهُ ... ؛ فذكره بنحو مما سبق . وهذا مرسل . (29). هذا الحديث منقطع الإسناد ومن متنه يظهر وضعه وكذبه ، وقد علق أحد الباحثين على هذه الحكاية قائلا : وأغرب روايات المتعرضات رواية تذهب إلى أن عبدالله بن عبدالمطلب كانت له زوجة مع آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه الزوجة هي التي عرضت عليه نفسها...
وهذه الرواية تبدو عليها آثار الصنعة .....فكأن واضعي هذه الرواية أرادوا المبالغة في تطهير والد رسول الله صلى الله عليه وسلم (30) .
5. ) رواية تقول : أنها امرأة من نساء قريش:
قال أبو نعيم في دلائل النبوة : (31) ؛ حديث مرفوع: 75 :" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالأَعْلَى ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ :

« كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَحْسَنَ رَجُلٍ رُؤِيَ قَطُّ ، خَرَجَ يَوْمًا عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ مُجْتَمِعَاتٍ ، فَـ
قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : " أَيَّتُكُنَّ تَتَزَوَّجُ بِهَذَا الْفَتَى ؟ " فَتَصْطَبُّ النُّورَ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، فَإِنِّي أَرَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا ، فَتَزَوَّجَتْهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَجْأَةً ، فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ». الحديث من مرسلات الزهري . و
لعل في هذه النسخة المطبوعة تصحيفا ، وأن الصواب : ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ؛ فإن ذلك هو المعروف ، ولا نعرف في شيوخ ابن وهب من اسمه أحمد بن يونس .
ــــــــــــــــــــــــ
الخلاصة : " تبين من دراسة أسانيد الروايات السابقة أن بعضها منقطع وبعضها بلا اسناد ، وبعضها ظاهر الوضع والضعف . و

هي روايات لا يقوي بعضها بعضا . لذا أُجزم بعدم ثبوت هذه الإرهاصات على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنها لو كانت بالفعل لأثبتها نبينا صلى الله عليه وسلم لنفسه كما أثبت غيرها ، كـ حادثة شق الصدر وهي من الإرهاصات التي أثبتها لنفسه صلى الله عليه وسلم مما حصل له قبل مبعثه وليس قبل الحمل به أو يوم ولادته " . فــ
هذه الحكاية « „ النور في جبين عبدالله في قبل حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ‟ »: ضعيفة من جميع طرقها ، وأن عامتها واهية لا يستشهد بها فضلاً عن أن يحتج بها ، ومما يدل على تهافت هذه الروايات ؛ وأنها من تلفيق القصاص ما يلي :"
1.] تعارض مضمونها مع ما " قَالَه زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ »(32) ".
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رمي النجوم :" إِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ." (33)".
2.] إن الروايات تحمل طابع الكهانة أو ادعاء معرفة الغيب وهذا مرفوض بالكتاب والسنة . و

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ "(34).
3.] اضطراب الروايات في تحديد اسم المعترضة لأجل النور حيث بلغ عددهن خمس [ 5 ] نساء ، وقد حاول محمد عرجون تبرير ذلك فقال : " إن قصة التعرض ربما تكررت مع أكثر من امرأة واحدة " (35) وهذا تبرير ليس له أساس وخاصة بعد ما تبين ضعف الروايات وأنها ليست بمتصلة ولا مرفوعة بل أحاديثها معضلة وبعضها بلا إسناد.
4.] إن ثلاثة [ 3 ] نساء حاولن أخذ النور سفاحا ، ونور النبوة يؤخذ نكاحا . ولعل الأهم من وجهة نظري:
5.] أن آمنة زوج عبدالله لم يرو عنها أي شيء بخصوص هذا الأمر؛ وهي أولى من غيرها في ادعاء ذلك. (36).
==========
وَاللَّهُ- تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ -أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات والمصادر :
(1) ما يجب بحثه باسلوب علمي في مسائل وقضايا السيرة النبوية ابتداءًا وأيضاً السنة المحمدية -المصدر الثاني من التشريع- ومِن ثم مناقشته تحقيقاً وتدقيقاً وبالتالي رده من حيث المعقول والمنقول كثير جداً ، وشأني في ذلك كله أن لا أثبت إلا ما ثبت بالدليل الصحيح عند علماء الحديث ورجال هذا الفن . والله -تعالى في سماه وتقدست اسماه- أسأل أن يجعل عملي هذا وبحثي خالصاً لوجهه الكريم وصواباً وبعيدا عن الزلل والهوى.
(2) المصادر المعتمدة تذكر « المرأة » دون ذكر اسمها مما يدعو الباحث إلى التأكيد على أن الروايات عددت المرأة ولم تكن فقط امرأة واحدة فيذكر اسمها . فقد ذكر السهيلي اسم المرأة فقال :" هذه المرأة... رقية بنت نوفل ؛ أخت ورقة ابن نوفل؛ وتكنى أم قتال " وهذه رواية عن المرأة التي عرضت نفسها ؛ هذه هي الرواية الأولى المتعلقة بمسألة النور .
بيد أن البرقي ذكر عن هشام بن الكلبي فقال :" إنما مر على امرأة اسمها فاطمة بنت مر" ؛ وهذه الرواية الثانية ؛ ثم وصفها فقال :" وكانت من أجمل النساء وأعفهن " . ثم أكمل يقول :" وكانت قرأت الكتب" . والطبري في تاريخه رقم الحديث 388 ؛ ج: 2 ؛ ص: 439 يذكر حديثا موقوفا ؛ وابن كثير في البداية يذكرها :" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا انْطَلَقَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ [عند الطبري :" خَثْعَمٍ " ] أَهْلِ تَبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ يُقَالَ لَهَا : فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ ". [رواه أبو نعيم في "دلائل النبوة" ؛ ص131 ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ج: 3 ؛ ص: 404 ، والخرائطي كما في "البداية والنهاية" : ج: 2 ؛ ص: 308.] .
قلتُ (الرمادي) : والشاهد هنا :" فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِاللَّهِ " [رواية الطبري :" فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا " ] .
أما المرأة الثالثة فذكر ابن قتيبة :" ان التي عرضت نفسها عليه هي ليلى العدوية ".

قلتُ (الرمادي) فوصل عددهن إلى ثلاث نساء.. ونثبت هنا للمرة الثانية ما أردنا تبيانه بضعف رواية «„ النور ‟» إذ قال ابن هشام في السيرة النبوية :" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ :" فَزَعَمُوا " أَنَّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ تُحَدِّثُ : أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَ « „ بَيْنَ عَيْنَيْهِ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ ‟ » ؛ قَالَتْ : فَدَعَوْتُهُ رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ بِي ، فَأَبَى عَلَيَّ ، وَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ ، فَأَصَابَهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .".
وهناك امرأة رابعة - رواية ابن هشام - " إنما دخل على امرأة كانت له" . وهي التي قَالَتْ : « „ مَرَرْتَ بِي وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ بَيْضَاءُ ‟ » ، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ :" فَزَعَمُوا :" أَنَّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ تُحَدِّثُ : أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَ « „ بَيْنَ عَيْنَيْهِ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ ‟ » .

جاء في لسان العرب لابن منظور :" وَالْغُرَّةُ ، بِالضَّمِّ : بَيَاضٌ فِي الْجَبْهَةِ .وَغُرَّةُ الْفَرَسِ : الْبَيَاضُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِهِ "(بَابُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ). . [ راجع ابن هشام ؛ السيرة النبوية ؛ جزء : 1 ؛ ص 172 و 173 و 174 ؛ دار الفكر ؛ القاهرة . دون ذكر سنة الطبع ] .
* . ) انظر الروض الأُنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام ؛ علق عليه طه عبدالرؤوف؛ الجزء الأول ؛ ص : 178 و 179 و 180 ؛ دار المعرفة للنشر ؛ بيروت –لبنان ؛ 1398 هـ ~ 1978 م ].
* . ) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ؛ تاريخ الرسل والملوك ؛ ج: 2 ؛ ص : 243 و 244 و 245؛ تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ؛ الطبعة الثانية ؛ دار المعارف بمصر ؛ القاهرة .
* . ) ذكر صاحب الكامل في تاريخه : باباً تحت عنوان " نَسَبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذِكْرُ بَعْضِ أَخْبَارِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ ".
1.) :" مَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ " ؛ :" قَالَتْ : فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ . وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ. ".
2.) :" وَقِيلَ : مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّة ، مُتَهَوِّدَةٍ مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا وَقَالَتْ لَهُ : يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ؟ ، :" قَالَتْ : يَا فَتَى مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا يَكُونُ لِي ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي ؟ قَالَ : زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ".
* . ) ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ ج: 2 ؛ ص: 249 ؛ و 250 ؛ منشورات مكتبة المعارف - بيروت ؛ دون ذكر سنة النشر.
* . ) يتساءل صاحب حياة محمد ؛ محمد حسين هيكل إذ يقول :" وهل عرضت عليه - عبدالله- نساء ... أنفسهن " . ثم يتوقف هيكل ليقول :" والوقوف لتقصِّي أمثال هذه الروايات لا غَناء فيه. " ثم يصل إلى القول :" وكل ما يمكن الإطمئنان إليه أن عبدالله كان شاباً وسيماً قوياً " ؛

قلتُ (الرمادي) : هذا الوصف لعبدالله أثبته الطبري [ص:246] إذ قال :" عن الزهري : أن عبدالله بن عبدالمطلب كان أجملَ رجال قريش ؛ فذكر لآمنة بنت وهب جمالُه وهيئته ؛ وقيل لها : هل لكِ أن تزَوَّجيه! ؛ فتزوَّجَتْه ".
يكمل هيكل : " فلم يكن عجباً أن تطمع [نساء]... في الزواج منه ". ويستدرك بالقول :" فلما بنى بها -آمنة- تقطعت بغيرها أسباب الأمل ولو إلى حين . " . ولكنه -هيكل- تساءل ؛ ولا أذهبُ (الرمادي) إلى ما ذهب إليه حين قال :" ومَن يدري (!) لعلهن قد انتظرن أوبته من رحلته إلى الشام ليكنَّ زوجات له مع آمنة "(!!؟).
قلت (الرمادي) يوجد رد في الروايات :" أن هناك نور قد ذهب حين ألتقى بـ آمنة." [ محمد حسين هيكل ؛ حياة محمد ؛ ص: 107 ؛ مكتبة النهضة المصرية ؛ القاهرة 1968] .
* . ) انظر : بحث الكاتب تحت باب « تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ » .
(3) صيغة تمريض ؛ اي ضعف للرواية . [ابن هشام ؛ السيرة النبوية ج: 1 ؛ ص: 173. ].
(4) ابن هشام ؛ السيرة النبوية ؛ ص: 173 ؛ ذكر سرد النسب الزكي) .
(5) بهجة المحافل بغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل ، ج:1 ، ص: 35.
(6) السيرة النبوية والآثار المحمدية ، ج:1 ، ص:18 .
(7) دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني ؛ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي تَزْوِيجِ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ ؛ رقم الحديث: 75؛ وهو حديث مرفوع.
(8) انظر : البيهقي : دلائل النبوة ، ج:1، ص: 107- 108 ؛ وهو حديث :" موقوف " ، وانظر ابن عساكر في تاريخ دمشق ؛ مجلد : 3 ص : 403 ، وانظر : حديث مجاعة بن الزبير ؛ وانظر : مختصر تاريخ دمشق ؛ ذكر معرفة أسمائه وأنه خاتم رسل الله ؛ ذكر طهارة مولده وطيب أصله ؛ ص: 120. والخبر نقله السيوطي في خصائص الكبرى: ج: 1؛ ص:41 ؛ وأيضاً دلائل النبوة لـ أبي نعيم ، ص: 90 .
(9) انظر : لسان الميزان ، ج: 3 ، ص: 384.
(10) انظر : لسان الميزان ،ج: 3 ، ص: 384 ، وميزان الإعتدال ، ج: 4 ، ص: 109 ، وتهذيب التهذيب ، ج: 10 ، ص: 145 ، والضعفاء للعقيلي ، ص: 1799.
(11) انظر : دلائل النبوة لأبي نعيم ، ح: 74 ، والطبري ، م: 1 ، ص: 439 ، وابن كثير في البداية والنهاية ، ج: 1 ، ص: 178.
(12) انظر : تهذيب التهذيب ، ج: 10 ، ص: 129- 130 ، وميزان الإعتدال ، ج: 4 ، ص: 103 ، والضعفاء للبخاري: رقم 342 ، والضعفاء للنسائي: رقم 569..
(13) انظر : أبو نعيم ، دلائل النبوة ، حديث رقم: 72 ، قال محققه : أخرج القصة ابن هشام في السيرة ، ج: 1 ، ص: 156 بدون اسناد.
(14) انظر : التاريخ الصغير ، ج:2 ، ص: 184 ، والضعفاء للنسائي: رقم 528 ، والعقيلي: رقم 1661 ، والدارقطني: رقم 456، وعند أبي نعيم: رقم 235 ، والمجروحين ، ج: 2 ، ص: 264 ، وميزان الإعتدال ، ج: 3 ، ص: 267 ، ولسان الميزان ، ج: 5، ص: 259 ، والجرح والتعديل ، ج: 4 ، ص: 7 ، والتاريخ الكبير ، ج: 1 ، ص: 163، والمغني في الضعفاء : رقم: 5767.
(15) انظر : ابن سعد ، الطبقات ، ج: 1 ، ص: 69 ، والخصائص الكبرى ، ج: 1، ص: 41 ، وتاريخ الخميس ، ج: 1 ، ص: 184 ، والروض الأنف ، ج: 1 ، ص: 180 ، والسيرة الحلبية ، ج: 2 ، ص: 62-63 ، والكامل في التاريخ ، ج: 2 ، ص: 4 بدون اسناد .
(16) انظر : المغني في الضعفاء: رقم 6756 ، والمجروحين ، ج:3 ، ص: 19 ، وميزان الإعتدال ، ج: 4 ، ص: 304 ، والتاريخ الكبير : رقم 2707 .
(17) انظر: الخصائص ، السيوطي، ج:1 ، ص: 41 .
(18) انظر : طبقات ابن سعد ، ج: 1 ، ص: 69 ، والخصائص ، ج: 1 ، ص: 41 .
(19) انظر : تهذيب التهذيب ، ج: 2 ، ص: 380 .
(20) انظر : البداية والنهاية ، ج: 1 ، ص: 178.
(21) انظر: دلائل النبوة للبيهقي ، ج:1، ص:102-104، الْمَدْخَلُ إِلَى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةِ ...» جِمَاعُ أَبْوَابِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ ...» بَابُ : تَزَوُّجِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ؛ والبيهقي يقول :" قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ :" وَهَذَا الشَّيْءُ قَدْ سَمِعَتْهُ مِنْ أَخِيهَا فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،.لكن جاء في متن ما قاله البيهقي :" وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ كَانَتِ امْرَأَةَ عَبْدِاللَّهِ مَعَ آمِنَةَ ". و

انظر : ابن سعد في طبقاته : ج:1 ، ص: 85 ، وعيون الأثر ، ج: 1 ، ص: 31 ، ونهاية الأرب ، ج: 16 ، ص: 58 ، والطبري في تاريخه ، ج: 2 ، ص: 174 ، والكامل ، ج: 2 ، ص: 4 ، والخصائص الكبرى ، ج: 1 ، ص: 42 ، والسيرة ؛ ابن كثير ، ج: 1 ، ص: 176 ، وتاريخ الخميس ؛ ج: 1 ، ص: 184 . كما تجده عند سبل الهدى والرشاد ؛: الصالحي الشامي ؛ مجلد : : 1 ص : 326.
(22) انظر: الروض الأنف ، ج: 1 ، ص: 180.
قال البيهقي: قلت: وهذا الشيء قد سمعته من أخيها في صفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم. ويحتمل أن كانت أيضا امرأة عبداللَّه مع آمنة.

قال د. عبدالمعطي قلعجي؛ محقق دلائل النبوة للبيهقي (4/43) تعليقا على هذا الخبر: خبر غريب موضوع، لا سند له، ولا منطق يؤيده، ويناقض الأحاديث الصحيحة، تناقلته كتب السيرة بما دسّه عليها أعداء الإسلام، من يهود، وسبيئة، وشانئين، ومنافقين.
1- فرغم ما عرف عن تمسك المؤرخين بالسند، وأن كل الأخبار الصحيحة وردت بالسند القوي المتواتر، فهذا الخبر ليس له سند، فلا هو بمتصل، ولا بمرفوع، لا، بل نقله (الطبري) :2/ 243، [ابن هشام: 1/ 291] ، [البيهقي: 1/ 102] ، [المقريزي في النسخة (خ) من إمتاع الأسماع] ، [بقولهم جميعا] : «فيما يزعمون» [قلت(الرمادي) نقلته من :"هامش دلائل النبوة للبيهقي ؛ ج:1 ، ص:104.".]
2- إن متنه وما تضمنه من حكاية المرأة التي عرضت الزنا على عبداللَّه وهو حديث عهد بزواج، تناقض الأحاديث الصحيحة، من طهارة وشرف نسب الأنبياء، وأن هذه الطهارة، وهذا الشرف من دلائل نبوتهم،

قال صلّى اللَّه عليه وسلم:
« إن اللَّه اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم » .
وهذا الحديث في الترمذي ومسند أحمد، وأن اللَّه طهره من عهر الجاهلية وأرجاسها، ووالده –عبداللَّه- كان صورة طبق الأصل من عبدالمطلب، ولو أمهله الزمن لتولى مناصب الشرف التي كانت بيد عبدالمطلب، وكان شعاره الّذي التزمه طيلة حياته:
أما الحرام فالممات دونه رجل هذا شأنه، هل نطمئن إلى هذه الروايات المزعومة، وأنه بعد أن دخل بزوجته آمنة، عاد فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها: «مالك لا تعرضين عليّ اليوم ما كنت عرضت عليّ بالأمس؟» !!.
3- تخبطت الروايات في اسم المرأة، فهي مرة :

امرأة من خثعم، ومرة
أم قتال أخت ورقة ابن نوفل، ومرة هي
ليلى العدوية، ومرة
كاهنة من أهل قبالة متهوّدة، ومرة
أنه كان متزوجا بامرأة أخرى غير آمنة ... إلخ
هذا التخبط الدال على الكذب، ولماذا اختار الرواة أخت ورقة ابن نوفل، أو امرأة كانت قد قرأت الكتب؟!.
4- إننا إذا نظرنا إلى الشعر الوارد في هذا الخبر على لسان المرأة، لوجدناه شعرا ركيكا، مزيفا، مصنوعا، ملفقا، مضطرب القافية، محشورة الكلمات فيه بشكل مصطنع واضح الدلالة على تلفيقه، وبهذا كله يسقط هذا الخبر الواهي، ويدل على هذا قول ابن إسحاق، والطبري.
(23) انظر : التاريخ الكبير ، ج: 1 ، ص: 40 ، والعقيلي في الضعفاء: رقم 1578. والجرح والتعديل ، ج:7 ، ص: 191. وابن عدي في الكامل في الضعفاء ، ج:6 ، ص: 2116 ، وميزان الإعتدال ، ج: 3 ، ص: 46 ، وتقريب التهذيب ،ج: 2 ، ص: 142 ، والضعفاء والمتروكون للدارقطني: رقم 513 .
(24) انظر: السيرة ؛ ابن كثير ، ج: 1، ص: 176-177.
(25) انظر : دلائل النبوة ، ح: 73 ، وذكره السيوطي في خصائصه ، ج: 1، ص: 40، ولم يعزه إلى غيره أبي نعيم ، وفي عيون الأثر ، ج: 1، ص: 23.
(26) انظر : التاريخ الكبير ، ج: 3، ص: 29 ، الصغير ، ج: 2، ص: 257، والعقيلي في الضعفاء: رقم 969 ، والجرح ، ج: 2 ، ص: 390 ، وميزان الإعتدال ، ج: 2، ص: 632، والتهذيب، ج: 6، ص: 351، الدارقطني في الضعفاء: رقم 349 ، والنسائي: رقم 392.
(27) انظر : الروض الانف ، ج: 1 ، ص: 179.
(28) نظر : أبو نعيم ، ص: 72.
(29) انظر : دلائل النبوة للبيهقي ، ج:1، ص: 105-106، الطبري في تاريخه ، م: 1 ، ص: 439 ، والروض الأنف ، ج: 1، ص: 179.
(30) انظر ، محمد رسول الله ، ج1 ، ص 83-84.
(31) انظر ، دلائل النبوة لأبي نعيم ،ح75، ذكره السيوطي في خصائصه ، ج1 ، ص41.
(32) متفق عليه .
(33) " أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ... ". رواه مسلم .
(34) قال صاحب المستدرك على الصحيحين ؛ الحاكم النيسابوري :" حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا ". وَ

فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ : " مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ".
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ.
(35) محمد رسول الله ، ج1 ، ص84.
(36) انظر :" علاقة الظواهر الكونية بولادة الأنبياء وموتهم؛ د. محمد أبو رحيّم .

**
« „ قصة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ‟ »

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 22 / 04 / 2018 41 : 03 PM

أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ
 
« „ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ ‟ »
الجزء الأول :
يجب عليَّ أن أنوه واركز على الشخصية المحورية الأولى في حياة محمد ؛ إذ أنها -أولاً- الحامل التي نمى في رحمها الطاهر الجنين(!) محمد بن عبدالله ؛ وهذه المرحلة العُمرية من تكوين الإنسان ينبغي أن نفرد لها بحثاً كاملاً وفق ما توفر لنا من حقائق شرعية –وفق الكتاب الكريم والسنة المطهرة- وحقائق علمية طبية ؛ -ثانياً- ثم دراسة شخصية -بشقيها: العقلي والنفسي- ... إنها المرضعة الأولى التي التقم ثديها وتغذى بلبنها وقت كان محمد رضيعاً فتقوى في مهده بحليبها ؛ وإثناء الرضاعة شعر بحنان أم أرملة ؛ -الراجح- ؛ لذا فينبغي البحث والتنقيب ودراسة وتحليل شخصية المرأة الأولى -الأم- في حياة محمد ... لتكون لنا دروساً عملية لنساء الغد وأمهات المستقبل... ثم تلك السنوات الأول في حياته حين رافقته طفلا.
أقول (الرمادي) : رُويت قصص وأخبار حول صفة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم وما وقع في ذلك من الآيات ؛ وأبدءُ بـ :
« „ مناقشة ظاهرة النور المصاحب لحمل آمنة(*) برسول الله صلى الله عليه وسلم ‟ »
هذا هو المبحث الثالث ؛ الذي أتحدثُ فيه عن النور ؛ الذي صاحب أولاً الجد ثم ثانياً الوالد ونتكلم هنا عن النور المصاحب لحمل آمنة بنت وهب بمحمد رسول الله.
هذا النور ينقسم إلى قسمين ؛ الأول حين بدء الحمل ؛ وهذا هو النور الأول ،

أما النور الثاني فعند خروجه من رحمها الطاهر ؛ أي حين الوضع والولادة:
وهذا مِن مجمل ارهاصات ما قبل البعثة : فالارهاصات تعني الخوارق التي ظهرت قبل الولادة وإثناء الوضع وبعده وقبل النبوة، وتُعدّ من دلائل النبوة، لعلاقتها بها، وهي -الإرهاصات- غير المعجزات التي صاحبت فترة نبوته وإثناء رسالته ؛ والتي تصل إلى

عشرة آلاف
« „ ٠٠٠, ١٠‟ » معجزة
خلال ثلاثة وعشرين عاما زمن النبوة بمرحلتيها :
« المكي » و
« المدنية » وبـ
الأيام تعادل
« „ ٢٨٠, ٨ ‟ » فـ
يتبقى
« „ ٧٢٠ , ١ ‟ »
؛
وكأن حدثت أكثر من معجزة في اليوم الواحد ؛ وهذه الإرهاصات اقسمها إلى ثلاثة اقسام:



« „ ١ ‟ » القسم الاول ما أخبرت به التوراة والانجيل والزبور وصحف الانبياء (1) عليهم السلام عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وهو ثابت بنص القرآن الكريم.". و
القسم الثاني :
« „ ٢ ‟ » ما أخبر به الأحبار والرهبان والكهان ؛ أما

الثالث :
« „ ٣ ‟ » فهي المعجزات التي صاحبت فترة نبوته.

وسنفصل في البحوث القادمة كل منها .
**
إن إرهاصات مولده بدأت منذ خلق الله تعالى الأكوان، فـ

عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ(أ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ(ب) لَخَاتَمُ(2) النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ، وَسَأُخْبِرُكُمْ(ج) عَنْ ذَلِكَ : دَعْوَةُ(3) أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبِشَارَةُ عِيسَى(د)(4) ، وَرُؤْيَا(5) أُمِّي الَّتِي رَأَتْ(6)(7).
ــــــــــــــــــــــــــ
زيادات الحديث وردت من مصادر :
(أ) جاءت رواية تقول : قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ :"...". .
(ب) وتوجد رواية تقول :" إني عبدالله " فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .
(ج) وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ .

وجاءت زيادة :" بأول أمري ".
[ صححه ابن حبان، والحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني. ].
(د) قَوْمَهُ .
**
وَاللَّهُ - تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

*****
الإصدار الأول من منشورات

« ملتقى أهل العلم »
القسم الثالث من سلسلة بحوث عن :
( الرسالة النبوية؛ والدلائل الإعجازية؛ والدعوة الإبراهيمية؛ والبشرىٰ العيساوية؛ والشمائل المصطفوية؛ والخصائل الرسولية؛ والصفات الأحمدية؛ والأخلاق المحمدية؛ لـــــ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

نال شرف قراءة وبحث ومراجعة وكتابة هذه النصوص:
مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع والتعليقات :
(*) أُمَيْنَةُ تَصْغِيرُ آمِنَةَ.
(1) قال ابن تيمية في فتاويه ؛ ص: 238 :" لَكِنْ كَانَ ظُهُورُ خَبَرِهِ وَاسْمِهِ مَشْهُورًا أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقَبْلَ ذَلِكَ كَمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ العرباض بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

" إنِّي لَعَبْدُ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ : دَعْوَةِ أَبِي إبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى وَ « رُؤْيَا » أُمِّي رَأَتْ حِينَ « وَلَدَتْنِي » كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ".
قلتُ (الرمادي): الحديث هنا عن النور الثاني؛ أي عند الوضع والولادة.
(2) استسمح القارئ الكريم فأنبه على مسألتين آحداهما غير الآخرى فيوجد :

بَاب « خَاتِمِ النُّبُوَّةِ » ، وهذه المسألة سأبحثها لاحقاً ؛ و
الآخرى :
« خاتم النبيين ».
فقد بوب البخاري باباً سماه :" بَاب « خَاتِمِ النَّبِيِّينَ » صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
خرج البخاري عَنْ طريق أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ " ، قَالَ : " فَأَنَا اللَّبِنَةُ " ؛ " وَأَنَا « خَاتِمُ » النَّبِيِّينَ ".
وجاء بعدها زيادة عند المعجم الأوسط ؛ لـ أبي القاسم سليمان بن أحمد المعروف بـ( الطبراني) :" لَا نَبِيَّ بَعْدِي ".
كما بوب مسلم في صحيحه : 4237 بَاب ذِكْرِ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « خَاتَمَ النَّبِيِّينَ » وذكر عن طريق أبي هريرة كأستاذه محمد بن إسماعيل البخاري قول الرسول الكريم :" وَأَنَا « خَاتَمُ النَّبِيِّينَ » ". لكنه ذكر حديثاً عن طريق جَابِرٍ بن عبدالله الأنصاري جاء فيه :" جِئْتُ فَـ « خَتَمْتُ » الْأَنْبِيَاءَ " .

وخرج أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة :" وَأَنَا « خَاتَمُ النَّبِيِّينَ » وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ".
وذكر ابن تيمية في فتاويه ، ص: 151 :" وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ : وَمِنْ طَرِيقِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمَّا أَصَابَ آدَمَ الْخَطِيئَةَ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : " يَا رَبِّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إلَّا غَفَرْت لِي ". فَأَوْحَى إلَيْهِ : " وَمَا مُحَمَّدٌ ؟ ؛ وَمَنْ مُحَمَّدٌ ؟ ". فَقَالَ : " يَا رَبِّ إنَّك لَمَّا أَتْمَمْت خَلْقِي رَفَعْت رَأْسِي إلَى عَرْشِك فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ؛ فَعَلِمْت أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِك عَلَيْك ؛ إذْ قَرَنْت اسْمَهُ مَعَ اسْمِك " . فَقَالَ : " نَعَمْ ؛ قَدْ غَفَرْت لَك ، وَهُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِك وَلَوْلَاهُ مَا خَلَقْتُك ".
ثم قال ابن تيمية :" فَهَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُمَا كَالتَّفْسِيرِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ . "
قلت (الرمادي) : وهذا ما قبله ابن تيمية ؛ بل ذكره في فتواه . فتأمل.
(3) وَأخرجه الْبَزَّارُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ : وَقَالَ : " سَأُحَدِّثُكُمْ تَأْوِيلَ ذَلِكَ : دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ، دَعَا ...". فقال صاحب معارج القبول : " وَذَلِكَ تَأْوِيلُ دَعْوَةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِذْ يَقُولُ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ إذ نطق القرآن في سورة البقرة فقال : « رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »

﴿البقرة: ١٢٩﴾.
: فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ تِلْكَ الدَّعْوَةَ الْمُبَارَكَةَ ، كَمَا قَضَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ذَلِكَ فِي الْأَزَلِ ".
[ معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ؛ حافظ بن أحمد الحكي ].
(4) وَبِشَارَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ كما نطق القرآن الكريم في سورة الصف فقال : « وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ »

﴿الصف: ٦﴾.
:" وَأَمَّا بُشْرَى عِيسَى فَقَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ : (« وذكر آية سورة الصف».
[ معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ؛ حافظ بن أحمد الحكي]
وجاء في المعجم الكبير : ص: 175 حديث: 7729 عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ ؟ فَقَالَ : " دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَ « رَأَتْ » أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ".
[المعجم الكبير ؛ أبو القاسم سليمان بن أحمد المعروف ؛ بـ ( الطبراني)] .
(5) ينبغي أن ننبه أن الرواية جاءت مرة بصيغة : " « رؤيا » أمي " ، والرواية الثانية : " « رأت » أمي ".

وجاءت زيادة موضحة حال الرؤيا ؛ بأنها رؤية منامية في الرواية التي تخبر فيها عن الوضع والولادة فتقول: " وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ فِي « مَنَامِهَا » ، أَنَّهَا « وَضَعَتْ » نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ " .
[ التخريج: أَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ ، غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ سُوِيدٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ] .
ورواية آخرى مبينة :" وَرُؤْيَا أُمِّي رَأَتْ حِينَ « وَلَدَتْنِي » كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ".
[انظر فتاوى ابن تيمية ] ؛
وَأَمَّا « رُؤْيَا » أُمِّهِ ، فَإِنَّهَا رَأَتْ « كَأَنَّهُ » خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ ، الْحَدِيثَ .".
أنتبه للتعبير هذا « كَأَنَّهُ »
[ انظر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ؛ حافظ بن أحمد الحكي].
وعند العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري ما نصه :" وَمِمَّا ظَهَرَ مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ وَبَعْدَهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أُمِّهِ -الراوية أم عثمان- أَنَّهَا حَضَرَتْ آمِنَةَ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا ضَرَبَهَا الْمَخَاضُ قَالَتْ : فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدَلَّى حَتَّى أَقُولَ لَتَقَعْنَ عَلَيَّ ، فَلَمَّا « وَلَدَتْ » خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ الْبَيْتُ وَالدَّارُ .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلتُ ( الرمادي): هذه شاهدةُ عينٍ تروي عما شاهدته. وَشَاهِدُهُ –أي ماعند العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري- حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ : إِنِّي دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي ، وَ « رُؤْيَا » أُمِّي الَّتِي رَأَتْ ، وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ ، وَإِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ".
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةُ عِنْدَ أَحْمَدَ نَحْوَهُ . وَ
أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَقَالَتْ : " أَضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ " .
[انظر: فتح الباري شرح العسقلاني على صحيح متن البخاري :" بَاب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ". ] .
(6) ذكر ابن تيمية الحديث المروي عن طريق العرباض :" وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ حِينَ « وَضَعَتْنِي » وَقَدْ خَرَجَ لَهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ ".

ثم ذكر السند ابن تيمية فقال :" رَوَاهُ البغوي فِي شَرْحِ السُّنَّةِ هَكَذَا ؛ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْهُ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ ابْنِ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ بِالْإِسْنَادِ عَنْ العرباض:" وَ « رُؤْيَا » أُمِّي الَّتِي رَأَتْ "
قلت (الرمادي): توجد زيادة أو إضافة في نهاية هذا الحديث تكلم عنها السادة علماء الحديث ألا وهي : « وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ » .
فهل هذه الزيادة من كلام الراوي ؛ فأعتبرها البعض -خطاً- أنها من كلام النبي الرسول فنسبت إليه ؛ وأدرجها مع متن الحديث فصارت جزءا منه.!!؟؟.
ــــــــــــــــــــــ

قلتُ (الرمادي): سأعود إليها.!! والله المستعان.

وذكر ابن كثير الدمشقي في البداية هذه الرواية :" وَرُؤْيَا أُمَّيِ الَّذِي رَأَتْ حِينَ « حَمَلَتْ » بِي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ :"
.
ثم قال مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ :" أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهَا : إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ :" :" فَإِذَا وَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَقُولِي :
أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدْ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدْ
فِي كُلِّ بَرٍّ عَامِدْ ، وَكُلِّ عَبْدٍ رَائِدْ ،
نُزُولَ غَيْرِ ذَائِدْ ،
فَإِنَّهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْمَاجِدْ
حَتَّى أَرَاهُ قَدْ أَتَى الْمَشَاهِدْ
وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ « يَخْرُجُ مَعَهُ » نُورٌ يَمْلَأُ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ :" .

فَإِذَا وَقَعَ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا فَإِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ أَحْمَدُ يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ ، وَاسْمَهُ فِي الْإِنْجِيلِ أَحْمَدُ يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ ، وَاسْمَهُ فِي الْقُرْآنِ مُحَمَّدٌ .
وَهَذَا وَذَاكَ يَقْتَضِي أَنَّهَا رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ « كَأَنَّهُ » خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ، ثُمَّ لَمَّا ، وَضَعَتْهُ رَأَتْ عِيَانًا تَأْوِيلَ ذَلِكَ كَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ هَاهُنَا . ".
وأنهى ابن كثير فقرته بالقول :" وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ".
وهناك رواية عن ابن عباس متداخلة السند قالت فيها :" حَتَّى وَضَعْتُهُ فَلَمَّا « فَصَلَ » مِنِّي خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ لَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ".

ويكمل ابن كثير في البداية الرواية فيقول :" وَخَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ، وَأَسْوَاقُهَا حَتَّى رَأَيْتُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ . ".
وسنضعها - هذه الرواية - في فصل قادم حين الحديث عن خروج النور عند الوضع والولادة .
(7) أَخْرَجَه أحمد ؛ وَالْبَزَّارُ ؛ وَالطَّبَرَانِيُّ ؛ والحاكم في مستدركه؛ تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين ؛ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ . ويوجد طريق آخر للحديث ؛ فكان من المبشرات بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه عندما حملت به أمه رأت في منامها أنه خرج منها نور بلغ الشام .:" عند الصالحي؛ سبل الهدى والرشاد: وروى الحاكم وصححه البيهقي عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله ﷺ أنهم قالوا ؟ يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال: " أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام" .

(وفي لفظ « سراج » وفي لفظ « شهاب أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام ».) . [تقرأه :عند " السيرة الحلبية؛ المسمى: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن برهان الدين الحلبي".].
[ رواه ابن إسحاق بسنده ( 1 /166 سيرة ابن هشام ) ومن طريقه أخرجه الطبري في تفسيره ( 1 /566) ، والحاكم في مستدركه ( 2 /600) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، وانظر السلسلة الصحيحة (1545) ] .
قَالَ الْحَاكِمُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ -رواي الحديث- مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ ، صَحِبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَإِذَا أَسْنَدَ حَدِيثًا إِلَى الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجَاهُ.

شريف حمدان 22 / 04 / 2018 36 : 08 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo2/rsP01523.gif

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 24 / 04 / 2018 30 : 06 PM

حمل آمنة بنت وهب
 
حمل آمنة بنت وهب
« „ نورٌ عند بدء حمل آمنة بنت وهب ‟ » (!)

[ 2. ] الجزء الثاني:
تمهيد:
أقولها بصراحة -قد تغيب عند البعض- أن شاب اليوم ورجل الغد؛ والفتاة التي تراها أمامك وامرأة المستقبل.. ما هما -الشاب والفتاة- إلا نتاج فترة حمل؛ ومرحلة رضاعة؛ وزمن تربية(1) أم ورعاية أب؛ والأم هي الحاضنة الأولىٰ في أشهر الحمل، والمرضعة في شهور الإغتذاء؛ والمعلمة الأولىٰ للسنوات الأوَّل مِن عمر الطفل -ثلاث سنوات الأوَّل من حياة الإنسان- مع تواجد ورعاية أب متفهم وواع.. هذه الأزمنة مجتمعة تؤثر سلباً أو إيجاباً على شخصية -بشقيها النفسي والعقلي- إنسان المستقبل ؛ ثم تأتي عوامل آخرىٰ ينبغي اعتبارها في عملية التنشئة والتربية والتعليم والتثقيف .
مدخل :
نسمع من امرأة.. ما سيحدث لها إثناء الحمل وتشكيل الجنين في أحشاءها؛ ومراحل تكوينه بداخلها؛ وتخبرنا عما ينتابها من أحوال وتحدثنا عما يعتريها من هواجس وما تأتيها من أفكار؛ وما تروي لها العجائز من علامات وإشارات؛ خاصةً وأنَّ المناخ العام -أحيانا كثيرة- يكون مهيئا لإستقبال مثل هذه الأقوال؛ فما بالك بالبيئة المحاطة والتي حملت آمنة بنت وهب بجنينها السعيد المبارك حينها؛ وزمن حملها وهو محاط بإرهاصات؛ واقوال الكهان والعرافين قد تكون وصلت إلىٰ مسامعها، وقد تكون سمعت بـ نبي آخر الزمان.
بيد أنه توجد روايات تبين لي إثناء البحث والمراجعة والتحضير والتحقيق والتدقيق والكتابة أن مَن قال بها يوصف بأنه من الوضاعين، وروايات آخرى اراد القصاصون أن يذاع هذا الخبر أو تلك القصة والرواية. ما يهم أن هذه الروايات لا يترتب عليها أحكام شرعية عملية؛ فيستفاد منها من الناحية الفقهية؛ كما وأن ذكر القصة -مع ضعف رواتها وركاكة ألفاظها- لا يؤكد أن هذا الوليد هو النبي القادم كما وأن إهمالها لا ينفي مجيئه.. وسنذكرها ونبين ما فيها من ضعف أو وضع على لسان مَن قصها.. سنذكرها برواتها؛ فأهل صناعة تخريج الأحاديث ورجال هذا الفن من أهل الجرح والتعديل يعلمون حال الرواة.. ولي قصد آخر أن مَن يقرأ بحثي هذا يعلم ما جاء في كتب التراث وحال ودرجة كل حديث أو رواية أو قصة أو حكاية... كما قصدي -وهذا ما أدعو إليه- واصرح به أننا جميعاً في حاجة ماسة لإعادة النظر في كتب التراث تحقيقاً وتخريجاً وتدقيقاً وأن تتولى المؤسسات الرسمية كالأزهر الشريف -وما يماثله- بعراقته وخدماته على مدار الأعوام القيام بهذا الدور وتفعيله.



التوطئة لبعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
لقد وطأ لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بمجموعة موطئات؛ ذكرتُ بعضها -سابقاً- مثل أنَّ :
[١.] أول من نَوَّه بذكره وشهره في الناس، الخليل ؛ أبو الأنبياء «إبراهيم» عليه السلام ولم يزل ذكره في الناس مذكوراً مشهوراً سائراً كما ورد في حديث أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:

قِيلَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ؟" فَـ
قَالَ: «دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ». و
سأبحثها بإذنه تعالىٰ في باب بداية البعثة.
[٢.] أفصحَ باسمه خاتمُ أنبياء بني إسرائيل نسباً، وهو «عيسى ابن مريم» عليهما السلام كما قال صلى الله عليه وسلم :

«.. وَبُشْرَى عِيسَى بن مَرْيَمَ»؛ حيث قام في بني إسرائيل خطيباً، وقال:
{ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّـمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ «أَحْمَدُ»}
[سورة الصف، الآية: 6].
[٣.] وكذلك قوله: « وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ » (2) ، لذا قال ابن كثير تعليقاً:

" كان مناماً رأته حين حملت به، وقَصَّته على قومها فشاع فيهم واشتهر بينهم، وكان ذلك توطئة لبعثته صلى الله عليه وسلم (3) . وهذا كــالتوطئة(4) للإمور العظام.
قال ابن القيم: "عَادَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ التِي يَقْضِيهَا قَدَراً وَشَرْعاً: أَنْ يُوَطِّئَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا مُقَدِّمَاتٍ وَتَوْطِئَاتٍ تُؤْذِنُ بِهَا وَتَدُلُّ عَلَيْهَا".(5) .

حمل آمنة :
أقول(الرمادي) : هذا هو المبحث الثالث؛ الذي أتحدثُ فيه عن النور المصاحب لحمل آمنة بنت وهب بمحمد رسول الله.

القسم الأول منه حين بدء الحمل وقد رُويت قَصص وأخبار حول صفة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم وما وقع في ذلك من الآيات.
وأبدءُ بـ مَبَاحِث: " إرهاصات بداية حمل آمنة بنت وهب بوليدها الوحيد محمد بن عبدالله بن عبد المطلب "

[١.] الْمَبْحْثُ الْأَوَّلُ : « „ يوم ابتداء(6). الحمل‟ »
[١ . ١.] اختلفوا في يوم ابتداء الحمل. فقيل:

في أيام التشريق(7) و
عليه فيكون مولده في رمضان؛ و
قيل في عاشوراء؛ و
قيل غير ذلك ".
مِن نافلة القول أنه لو ترتب على الدقة في معرفة يوم ابتداء الحمل ويوم الميلاد وسنته فائدة شرعية يبنىٰ عليها حكم شرعي مستفاد من معرفتها بدقة.. لأخبرنا عنها صاحب الرسالة في حديث صحيح له.. وحيث أنه لم يترتب علىٰ المعرفة اليقينية أي نفع.. واجتهد العلماء القدامى في بحثها والوصول إلىٰ قول قد يصل عند البعض إلىٰ أنه راجح، وعند البعض يسلم بما قيل ويعتبره الحقيقة الوحيدة التي يجب علىٰ الجميع القول بها والتمسك بهذا التاريخ، وهنا مكمن الخطر وساحة الصراع الذي ليس من تحته طائل يستفاد منه.
[٢.] الْمَبْحْثُ الثَّانِي : « „ عرض ومناقشة ظاهرة النور المصاحب لبدء حمل آمنة برسول الله ﷺ ‟ »
[٢. ١.] المدخل لهذه المسألة :
أ. ] لعلي أعود بذاكرة القارئ إلىٰ ما قالته المرأة الخثعمية في خبر قَالَه وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، قال أَخْبَرَنَا أَبِي ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمَدَنِيَّ ، قَالَ :
" نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَىٰ امْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ فَرَأَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا سَاطِعًا إِلَىٰ السَّمَاءِ. فَقَالَتْ :
"هَلْ لَكَ فِيَّ ؟".
قَالَ : "نَعَمْ، حَتَّىٰ أَرْمِي الْجَمْرَةَ"، فَـ
انْطَلَقَ فَرَمَىٰ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ أَتَىٰ امْرَأَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ -يَعْنِي الْخَثْعَمِيَّةَ- فَأَتَاهَا، فَقَالَتْ :
"هَلْ أَتَيْتَ امْرَأَةً بَعْدِي ؟".
قَالَ : "نَعَمِ، امْرَأَتِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ"،
قَالَتْ : "فَلا حَاجَةَ لِي فِيكَ؛ إِنَّكَ مَرَرْتَ؛ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ
« „ نُورٌ ‟ »
سَاطِعٌ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا وَقَعْتَ عَلَيْهَا ذَهَبَ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا قَدْ حَمَلَتْ خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ ".(8) .
الفقرة الآخيرة أظهرت مسألة النور ؛ هذه واحدة. و
الثانية هي الحمل بخير أهل الأرض.
ب. ] يكاد يكون كل -إلا مَن رحم ربي من أهل العلم والتحقيق- مَن كتب عن هذه الجزئية من السيرة النبوية قبل المولد؛ وإرهاصات الحمل والوضع والولادة يذكرها ويعتمد المصدر دون التحقيق أو التدقيق في الرواية؛ أعترفُ بأن الروايات تنسب إلى قائلها بغض النظر عن قبولنا لها أو إعتراضنا عليها؛ لكن المسألة هنا تكاد تفهم أنها أقوال متقولة على مَن نسبت إليه كالرواية التي تقول كما جاء :

" في الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية: ص 15 - 16 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
„كان دلالة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة لقريش نطقت تلك الليلة؛ وقالت حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة، وهو إمام الدنيا وسراج أهلها، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات، وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضا، وله في كل شهر من شهور حمله نداء في الأرض ونداء في السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم مباركا ميمونا…”.
أو
الرواية التي تذكر :
" وكانت آمنة تقول:
„والله ما رأيت من حمل أخفَّ ولا أعظم بركة منه”، و
كانت لا تشكو وجعا ولا مغصا ولا ريحا ولا ما يعرض لذوات الحمل من النساء ".
القريب مِن الفهم أنها :„ حملت به صلى الله عليه وسلم كما تحمل كل النساء، ومرت بها أشهر الحمل، كما تمر بكل النساء، ووضعته كما تضع كل حامل”.
ج. ] ومما زادني إندهاشاً ما قرأته على صفحة :

" دار الفتوى؛ المجلس الإسلامي الأعلى في استراليا(!!!) :
" وقال بعض العلماء(!) ممن الف في قصة المولد الشريف أن „ءامنة بنت وهب حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم عشية الجمعة أول ليلة من رجب”، و
إن ءامنة لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم كانت „ ترى الطيور عاكفة عليها ”، إجلالاً للذي في بطنها و
كانت إذا جاءت „ تستقي من بئر يصعد الماء إليها”، إلى رأس البئر إجلالاً وإعظامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فـ
أخبرت بذلك زوجها عبدالله فقال:
„ هذه كرامة للمولود الذي في بطنك ”.
قالت: „ وكنت أسمع تسبيح الملائكة حولي ” ، و
سمعتْ قائلاً يقول :
”هذا نور السيد الرسول”،
ثم
رأيت في
„المنام شجرة وعليها نجوم فاخرة أضاء نورها على الكل وبينما أنا -الحديث مازال على لسان آمنة- ناظرة إلى نورها واشتعالها إذ سقطت في حجري وسمعت هاتفًا يقول: هذا النبي السيد الرسول”.
اقول(الرمادي) :" ذهب بعضهم إلى أن أمه لم تجد ثقلًا في حمله، و

ذهب آخرون إلى أنها حملت كأثقل ما تحمل النساء، و
جاء آخرون يسعون في التوفيق بين الأمرين المتعارضين، فأعملوا أذهانهم في حل تلك المعضلة " فـ
تقرأ عند المجلس الإسلامي الأعلى في أستراليا (!!) :
" وقد روي أن ءامنة قالت لما وضعته صلى الله عليه وسلم: „ لقد علقت به فما وجدت له مشقة”. و
أنه لما فُصل خرج له نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب. و
وقع على الأرض معتمدًا على يديه قد شق بصره ينظر إلى السماء، و
إنه ولد مختونًا مسرورًا ”.
قد أجد عذراً لـ "جهلة" منصات التواصل الإجتماعي حيث أنهم لا يحملون قدراً من العلم الشرعي ؛ ولكن أنَّى أجد عذراً لمن اتوسم فيهم أنهم من أهل العلم أو طلبته .

ـــــــــــــ
« „ ظاهرة النور المصاحب لبدء حمل آمنة برسول الله ﷺ ‟ »
[٢. ٢. ] يُصدر ابن إسحاق الرواية عند الحديث عن رؤيا آمنة(9) بالقول :" وَيَزْعُمُونَ "؛ كما في بعض الروايات السابقة، ثم يضع تعبيراً جديداً إذ يقول :" فِيمَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ " ؛ ثم كأنه يبرأ ذمته من صحة أو فساد الرواية بالقول :" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "؛ وهذا يشعر القارئ بأن ما سيقال بعد هذه المقدمة التشكيكية مدار حديث ناس لا يرتقي إلى صحة نسبته إلى قائلته؛ هذا المرتكز الأول في قبول ومن ثم تصديق الرواية أو قل اعتمادها من حيث ارهاصات ما قبل النبوة .
ثم

يزداد الغموض حين ينقل بعض كلامها أي أن :" آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ "... " أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ... " كَانَتْ تُحَدِّثُ ".. ثم يقص لنا الرواية التي تحدثت الناس عنها بقوله :" فَقِيلَ لَهَا ".. و
نتساءل :" مَن القائل!؟"؛
لكن شراح السيرة النبوية اراحونا من عناء البحث وقالوا :
"الملآئكة(!) " إنَّكَ قَدْ حَمَلْتِ بِـ " سَيِّدِ(10)" هَذِهِ الْأُمَّةِ(11) .

ــــــــــ
بوب ابن هشام في كتابه السيرة النبوية العنوان التالي :
„ ذِكْرُ مَا قِيلَ لِآمِنَةَ عِنْدَ حَمْلِهَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” (12) .
وَ „ يَزْعُمُونَ ‟ - فِيمَا „ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ ‟ وَ „ اَللَّهُ أَعْلَمُ ‟(13) - أَنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ „ ‟ تُحَدِّثُ„ ‟ أَنَّهَا أُتِيَتْ (14) حِينَ حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَـ „ قِيلَ ‟ لَهَا : إنَّكَ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ". " و

هذا هو المشهد الأول من الرواية ،
ثم
تنقلنا رواية ابن هشام للمشهد الأخير من الحمل ؛ إذ جاء فيه :
" فَإِذَا وَقَعَ إلَىٰ الْأَرْضِ فَـ „ قُولِي ‟:
أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ " ؛
ثم
ننتقل إلى مشهد تسمية الوليد السعيد:
" ثُمَّ سَمِّيهِ مُحَمَّدًا.
ثم

نعود مرة ثانية لمسألة البحث أي خروج "« „ نور عند بدء الحمل ‟ » فتقول الرواية :؛ ومن هنا تبدء رواية فيما يتحدث الناس " وَ „ رَأَتْ ‟(15) حِينَ „ حَمَلَتْ ‟ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ „ رَأَتْ ‟ بِهِ قُصُورَ بُصْرَى (16) . مِنْ أَرْضِ الشَّامِ .". .
ولعل ما قاله ابن سعد في الطبقات ينير درب هذه الرواية ففي حديث مرفوع) بترقيم:" 186" قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ (17) ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّتِهِ، قَالَتْ : " كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَمَلَتْ بِهِ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ ، كَانَتْ تَقُولُ : مَا شَعَرْتُ أَنِّي حَمَلْتُ بِهِ ، وَلا وَجَدْتُ لَهُ ثُقْلَةً كَمَا تَجِدُ النِّسَاءُ إِلا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ رَفْعَ حَيْضَتِي ، وَرُبَّمَا كَانَتْ تَرْفَعُنِي وَتَعُودُ وَأَتَانِي آتٍ وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ، فَقَالَ : هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكِ حَمَلْتِ ؟ فَكَأَنِّي أَقُولُ : مَا أَدْرِي ، فَقَالَ : إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَنَبِيِّهَا ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، قَالَتْ : فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَقَّنَ عِنْدِي الْحَمْلَ ثُمَّ أَمْهَلَنِي حَتَّى إِذَا دَنَا (18) وِلادَتِي أَتَانِي ذَلِكَ الآتِي فَقَالَ : قُولِي : أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ ، قَالَتْ : فَكُنْتُ أَقُولُ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِنِسَائِي ، فَقُلْنَ لِي : تُعَلِّقِي حَدِيدًا فِي عَضُدَيْكِ وَفِي عُنُقِكِ ، قَالَتْ : فَفَعَلْتُ ، قَالَتْ : فَلَمْ يَكُنْ تُرِكَ عَلَيَّ إِلا أَيَّامًا فَأَجِدُهُ قَدْ قُطِعَ فَكُنْتُ لا أَتَعَلَّقُهُ ". (19) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع والتعليقات والهوامش:
(1) يقول البعض -سواء فوق منابر المصليات ودروس المساجد- ما ينسب إلىٰ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين صلوات الله تعالىٰ عليه وآله وسلم حيث يُحدث الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، أنها قَالَتْ: « قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ » . وجاء في شرح السندي في حاشيته علىٰ سنن ابن ماجه: " قَوْلُهُ « تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ » أَيِ اطْلُبُوا لَهَا مَا هُوَ خَيْرُ الْمَنَاكِحِ وَأَزْكَاهَا وَأَبْعَدُهَا مِنَ الْخُبْثِ وَالْفُجُورِ . وَ

جاء فِي الزَّوَائِدِ أنَّ فِي إِسْنَادِهِ الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَدِينِيُّ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ لَا أَصْلَ لَهُ -يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ- عَنِ الثِّقَاتِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".
وأُضيفُ : أن بعض الدوائر الطبية في الدول المتقدمة علمياً تعرض لـ مَن يريد الزواج كشفاً طبياً عاماً لمعرفة ما إذا كان المتقدم للزواج -يريد إنجاح مشروع زواجه- ويحمل جينات غير مرغوب فيها؛ أو أمراض وراثية تنقل إلىٰ الجنين إذ كانت الزوجة تحمل نفس الموّرثات. وهنا يظهر الإعجاز العلمي لـخاتم الأنبياء وآخر المرسلين؛ لكني وقبل أن أكمل والخط الأساسي الذي اسير عليه والموقع البحث عن صحة الحديث ودرجته فـ بعد ما قاله الشارح -أن الحديث لا اصل له- وجدتُ وكانت مفاجأة :" أن القول بـ « تَخَيَّروا لِنُطَفِكُم » ينسب إلىٰ أم المؤمنين عائشة فتجد أن: أبا حاتم الرازي في تهذيب التهذيب : 2 /152 : يقول :" الحديث: لا أصل له . ونفس الحكم يذكره في كتابه: الجرح والتعديل: 3 /84 : الحديث: ليس له أصل. لكن ابن حبان في كتابه المجروحين حكم علىٰ حديث « تخيَّروا لنُطفِكم وانكحُوا الأكفَاءَ وأنكِحُوا إليهم » : 1 /269 : قال الحديث: مرسل -يعني سقط منه الصحابي الراوي وهنا أم المؤمنين عائشة- وأضاف :"ورفعه باطل". بيد أن :" ابن عدي في الكامل في الضعفاء :2 /467 ؛ قال أن الحديث: فيه الحارث بن عمران-أحد الرواة- الضعف بيّن على رواياته ".

أما البيهقي في سننه الكبرىٰ :7 /133 قال :" الحديث لا تقوم به الحجة ". و
الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد :1 /279 قال الحديث: غريب وروي مرسلاً وهو أشبه بالصواب ".
هذا بالنسبة لصحة الحديث؛ وتراجعت عن مسألة أعجاز علمي فيه لما وضح لي، وكنت تحدثت مع بعض الإخوة وإثناء إلقاء الدروس وخطب الجُمع علىٰ أهمية ما يسمىٰ اليوم ويطلق عليه :
" مدرسة الأزواج "
(2) رواه أحمد في مسنده [ج 5 / ص 262]؛ والطبراني في الكبير [ج 8 / ص 175] ؛ والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية.
(3) الحديث :" عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ". انظر : تفسير إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي؛ الدمشقي لآية 129 من السورة التي يذكر فيها البقرة : 1/ 444 .
(4) جاء في لسان العرب: وَطَّأَ الشيءَ: سَهَّلَه، وتقول: وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه، ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً، والوطيءُ من كلِّ شيءٍ ما سَهُلَ ولان، وفِراشٌ وطِيءٌ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم والتَّوْطِئة: التَّمهيِدُ والتَّذليلُ.

[انظر : ابن منظور ؛ لسان العرب 1/ 195] .
(5) قالها ابن القيم؛ زاد المعاد: 3 / 275 .
(6) انظر: الصالحي؛ سبل الهدى والرشاد ..
(7) يقول الزرقاني: [وقع] " عليها -أي آمنة بنت وهب- عبدُالله حين ملكها" أي: تزوج بها، "مكانه فوقع عليها" جامعها، زاد الزبير بن بكار "يوم الاثنين من أيام منىٰ" . وقيل من شهر رجب. يكمل الزرقاني :" في شِعب أبي طالب عند الجمرة " -أي الوسطىٰ-، وتجده أيضا عند إنسان العيون للحلبي إذ يقول :" قيل وقع عليها يوم الاثنين في شِعب أبي طالب عند الجمرة الوسطىٰ.". ثم يكمل الزرقاني" كما هو المنقول عن الزبير، قال النجم: " وهذا موافق لمن ذهبَ إلىٰ أن ميلاده في رمضان، وأما القول بأنه في رجب، فمنطبق علىٰ أن ميلاده في ربيع". ثم يعلق صاحب إنسان العيون بقوله :" أقول فيه: أنه سيأتي في فتح مكة أنه نزل بالحَجون، عند شِعب أبي طالب بالمكان الذي حصرت فيه بنو هاشم وبنو المطلب. ويمكن أن يقال: ذلك الشعب الذي كان في الحَجون كان محلاً لسكن أبي طالب في غير أيام منىٰ، وهذا الشعب الذي عند الجمرة الوسطىٰ كان ينزل فيه أبو طالب أيام منىٰ فلا مخالفة، والله أعلم. ".

[انظر : الحلبي؛ إنسان العيون، الجزء: 1 ؛ الصفحة: 51] .
(8) حديث مقطوع؛ رقم: 185؛ انظر: محمد بن سعد بن منيع الزهري؛ (ت : 230 هـ)؛ الطبقات الكبرى؛ جزء 1؛ ص : 78.

قلتُ (الرمادي) : الحديث هذا يلقي ضوءاً علىٰ الهامش رقم (7).
(9) عنوان عند السهيلي؛ شارح السيرة النبوية لابن هشام، المجلد الأول؛ ص : 180؛ ولم يعلق عليها!.
(10) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .. »

[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
(11) استوقفتني هذه اللفظة „ هَذِهِ الْأُمَّةِ ”.. فأي أمة قصد؛ إذ لا يخرج السياق التاريخي في هذه اللحظة إلا إذا قصد :„ أمة مكة ”؛ أو :„ أمة العرب”.!؟ .
(12) ابن الجوزي في المنتظم في التاريخ عنون الفقرة بـ :" ذكر ما جرىٰ لآمنة في زمان حملها لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(13) يقول الزرقاني في حاشيته علىٰ قول القسطلاني : "ويزعمون فيما يتحدث الناس" أن آمنة كانت تحدث أنها أُتيت" بضم الهمزة مبني لما لم يسم فاعله، أي: رأت في المنام، قاله في النور ونحوه قول الشامي هي رؤيا منام وقعت في الحمل.

قلت(الرمادي) لعل دقة التعبير عند ابن هشام إذ يقول أولاً :" وَ " يَزْعُمُونَ "، ثم يردف صيغة التمريض هذه بالقول : " فِيمَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ"؛ وهذا ثانياً ؛ ثم ينهي عبارته قبل أن يبدء في سرد ما سمعه من الناس بالقول :" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ". وهذا ثالثاً . فلا نملك أن نزيد على ما صرح به ابن هشام. و
لكني أعتبر هذه الرواية من مُلَحِ القصص والروايات وليس من متين العلم.
(14) ذكره القسطلاني. وعند الحلبي :" أي من الملائكة ". " وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ" يقول الزرقاني والحلبي:" وأتاني آت وأنا بين النائمة واليَقْظانة"، والذي عند ابن إسحاق: وأنا بين النوم واليقظة، أو قالت: بين النائمة واليقظانة، ورواه الواقدي كما في العيون بلفظ: بين النائم واليقظان، قاله الشامي تبعًا للبرهان: ذكرت آمنة اللفظين على إرادة الشخص.
(15) « نور يخرج من حَمْلِ أمِّه به »: عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَة" [عند الدارمي؛ حديث رقم :"13" ] يقول: (قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ(12) ". " أَمْرِك؟ قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى،« . وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ :»

[ رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني ، وذكره الطبري في تاريخه، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ] .
من كُتاب العصر الحديث الذين ذكروا مسألة النور:
1.] عبدالله النجدي؛ مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؛ ص 12 .
2. ] صفي الرحمن المباركفوري؛ الجامعة السلفية ~ الهند : بحث في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام: تحت مسمى : الرحيق المختوم، كٌتب البحث بتاريخ: 24 /7 / 1396هـ ~ 23 /7 / 1976م، المكتبة القيِّمة؛ القاهرة ، ص 45. سنة النشر : 13 /11 / 1396 هـ ~ 6 /11 / 1976 م.
(16) قال ياقوت :" بُصرىٰ في موضعين بالضم والقصر: أحدهما بالشام من أعمال دمشق؛ وهي قصبة كورة حوران، مشهورة عند العرب قديماً وحديثاً.
(17) الراوي هذا قيل فيه ما قيل من حيث أنه بصفة عامة :" ضعيف الحديث" وأشتهر بأنه من أهل الوضع والكذب؛ وإن قيل فيه خلاف ذلك تماماً كأنه ثقة . وتكلم عنه وفيه أكثر من 43 عالماً نقلا من كتاب الجرح والتعديل ما بين أنه :" فقال أبو أحمد الحاكم عنه :" ذاهب الحديث"؛ و

قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني :" متون أخبار الواقدي غير محفوظة، وهو بين الضعف " و
قال أبو بشر الدولابي :" متروك الحديث ". و
قال أبو بكر البيهقي :" ليس بالقوي في الحديث، ومرة: لا يحتج بروايته فيما يسنده ". و
قال أبو حاتم الرازي:" حديثه عن المدنيين عن شيوخ مجهولين مناكير، ومرة: كان يضع ".
أبو حاتم بن حبان البستي :" يروي عن الثقات المقلوبات وعن الأثبات المعضلات حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك".
أبو دواد السجستاني:" لا أكتب حديثه ولا أحدث عنه ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ".
أبو زرعة الرازي :"متروك الحديث، ومرة: ضعيف: فسئل؟ يكتب حديثه؟؟ قال ما يعجبني إلا على الاعتبار ترك الناس حديثه".
ثم يبدء نسمع رأي مخالف للسابق تماماً إذ يقول أبو عامر العقدي:" ما يفيدنا الشيوخ والأحاديث إلا هو ". يكمل في نفس الطريق أبو محمد المسيبي فيقول هو ومعه أبو يحيى زكريا بن محمد الأزهري ومحمد بن إسحاق المسيبي:" ثقة مأمون ".
مصعب بن عبد الله الزبيري:" والله ما رأيت مثله قط، ومرة: ثقة مأمون ".
الصغاني والقاسم بن سلام الهروي محمد بن أحمد الذهلي ؛ يزيد بن هارون الأيلي ؛ يعقوب بن شيبة السدوسي اجتمعوا على أنه :" ثقة ".
عبد العزيز بن محمد الدراوردي :" ذاك أمير المؤمنين في الحديث " . بيد أن أحمد بن حنبل يقول :" تركه، ومرة: كذاب، ما أشك في الواقدي أنه كان يقلبها يعني الأحاديث ".
أحمد بن شعيب النَّسائي:" ليس بثقة، ومرة: الكذابون المعروفون بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره، ومرة: متروك الحديث ".
إبراهيم بن إسحاق الحربي :" كان أعلم الناس بأمر الإسلام، فأما الجاهلية فلم يعلم منها شيئا ".
أما
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فقال عنه:" لم يكن مقنعا ".
إسحاق بن راهويه:" هو عندي ممن يضع الحديث ".
إسماعيل بن زكريا:" تركه ".
ابن حجر العسقلاني:" متروك مع سعة علمه، وضعيف ".
الخطيب البغدادي:" متروك ".
الدارقطني "مختلف فيه، الضعف يتبين علي حديثه، ومرة قال: غيره أثبت منه".
يفيدنا أخيرا الذهبي بالقول :" استقر الإجماع علي وهن الواقدي ". زكريا بن يحيى الساجي:" متهم، ومرة: في حديثه نظر واختلاف ".
علي بن المديني:" لا أرضاه في الحديث، ولا في الأنساب، ولا في شىء، ومرة: ليس هو بموضع للرواية،
وإبراهيم بن أبي يحيى كذاب، وهو عندى أحسن حالا من الواقدى، ومرة: عنده عشرون ألف حديث يعنى ما لها أصل، ومرة: يضع الحديث، ومرة: متروك الحديث".
مجاهد بن موسى الختلي:" ما كتبت عن أحد أحفظ منه ".
محمد بن إدريس الشافعي:" كتب الواقدي كلها كذب، كان بالمدينة سبعة رجال يضعون الأسانيد، أحدهم الواقدي ".
محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري:" متروك الحديث، ومرة: سكتوا عنه ".
محمد بن بشار العبدي:" ما رأيت أكذب منه ".
محمد بن سعد كاتب الواقدي:" كان عالما بالمغازى، والسيرة والفتوح، وباختلاف الناس في الحديث ".
محيي الدين النووي:" ضعيف باتفاقهم ".
معاوية بن صالح الدمشقي:" ضعيف ".
هشيم بن بشير الواسطي:" لئن كان كذابا فما في الدنيا مثله، وإن كان صادقا فما في الدنيا مثله ".
يحيى بن معين:" ضعيف، ومرة: ليس بشيء، ومرة: كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر ليس بثقة ".
"وجاء في تهذيب الكمال : " مُحَمَّد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي أَبُو عَبْداللَّهِ المدني؛ قاضي بغداد مولى عَبْداللَّهِ بن بريدة الأسلمي". وذكر فيه ما جاء في الجرح والتعديل؛ وعليه تسقط روايته .
(18) النسخة الأصلية لابن سعد جاءت الكلمة كما اثبتها هنا؛ وكذا طبعتي إحسان وعطا ؛ والمثبت من سبل الهدى جزء 1 / ص: 394؛ وهو ينقل من ابن سعد ؛ والزرقاني ج1/ ص : 106؛ وعيون الأثر جزء 1 / ص: 24 ؛ والنويري جزء 16/ ص 64 "دَنَتْ" )
(19) انظر :

1.] ابن هشام؛ عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري؛ السيرة النبوية؛ الجزء الأول؛ ص: 174 ؛ آمنة بنت وهب تحمل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع؛ 1 شارع سليمان الحلبي (دوبريه) ؛ القاهرة، دارالجيل للطباعة ، جمورية مصر العربية ] .
2.] الفقيه المحدث أبو القاسم عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بن ابي الحسن الخثعمي السهيلي، الروض الأُنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام ؛ علق عليه طه عبدالرؤوف؛ الجزء الأول؛ دار المعرفة للنشر؛ بيروت –لبنان ؛ 1398 هـ ~ 1978 م.].
3.] ذُكر في الطبقات ؛ محمد بن سعد الزهري. كما ذكر ابن سعد حديثا مرفوعا رقم : 188 " قَالَ : عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ، قَالَ : قَالَتْ أُمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ حَمَلْتُ الأَوْلادَ فَمَا حَمَلْتُ سَخْلَةً أَثْقَلَ مِنْهُ " ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ : وَهَذَا مِمَّا لا يُعْرَفُ عِنْدَنَا وَلا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ تَلِدْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَلا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
4.] ذكر البيهقي في الدلائل عن طريق آخر حديثاً مرفوعاً رقم : 33؛ وفيه زيادة أذكرها، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ :" فَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهَا : إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الأُمَّةِ ، فَإِذَا وَقَعَ إِلَى الأَرْضِ فَقُولِي :

أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدْ
مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدْ
مِنْ كُلِّ بِرِّ عَاهِدْ
وَكُلِّ عَبْدٍ رَائِدْ
يَرُودُ غَيْرَ رَائِدْ
فَإِنَّهُ عَبْدُالْحَمِيدِ الْمَاجِدْ
حَتَّى أَرَاهُ قَدْ أَتَى الْمَشَاهِدْ
قَالَ : آيَةُ ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ نُورٌ يَمْلأُ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ ، فَإِذَا وَقَعَ ، فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا فَإِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ أَحْمَدُ يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الأَرْضِ ، وَاسْمَهُ فِي الإِنْجِيلِ أَحْمَدُ يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الأَرْضِ ، وَاسْمَهُ فِي الْفُرْقَانِ مُحَمَّدٌ فَسَمَّيْتُهُ بِذَلِكَ " .
5.] أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ؛ تاريخ الرسل والملوك ؛ ج: 2 ؛ ص : 243 و 244 و 245؛ تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ؛ الطبعة الثانية ؛ دار المعارف بمصر ؛ القاهرة .
6.] وقال ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ ج: 2 ؛ ص: 249 ؛ و 250 ؛ منشورات مكتبة المعارف - بيروت ؛ دون ذكر سنة النشر. [وقد تقدم في الحديث: « ورؤيا أمي الذي رأت حين حمل بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام». ثم يذكر ابن كثير:" وآية ذلك أنه يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسميه محمدا، فإن اسمه في التوراة أحمد، يحمده أهل السماء وأهل الأرض، واسمه في الإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء وأهل الأرض، واسمه في القرآن محمد، وهذا وذاك يقتضي أنها رأت حين حملت به عليه السلام كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، ثم لما وضعته رأت عيانا تأويل ذلك كما رأته قبل ذلك هاهنا، والله أعلم.
7.]. وذكره دون تعليق صاحب الخصائص الكبرى؛ أبو الفضل جلال الدين عبدالرحمن أبي بكر السيوطي؛ دار النشر / دار الكتب العلمية - بيروت - 1405هـ - 1985م.
8.] وقال صاحب :" لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف؛ زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ)؛ الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر؛ الطبعة: الأولى، 1424هـ/2004م"„ وأما إضاءة قصور بصرى بالنور الذي خرج معه فهو إشارة إلى ما خص الشام من نور نبوته بأنها دار ملكه كما ذكر كعب أن في الكتب السابقة محمد رسول الله مولده بمكة ومهاجره يثرب وملكه بالشام فمن مكة بدئت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى الشام ينتهي ملكه ولهذا أسري به صلى الله عليه وسلم إلى الشام إلى بيت المقدس كما هاجر إبراهيم عليه الصلاة والسلام من قبله إلى الشام.”

وهذا إجتهاد بالرأي؛
قلت (الرمادي): ما مدى صحته !؟ ؛ والواقع الحالي ينظر خلاف ذلك ؛ حتى ياذن الله تعالى بالفرج.
نال شرف قراءة ومراجعة وبحث وكتابة هذا الفصل من سيرة النبي المصطفى والرسول المجتبى و****** المرتضى خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين :
محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 01 / 05 / 2018 24 : 05 PM

ولادةُ خيرِ البريّة وسيدِ البشريّة
 
ولادةُ ﴿ خيرِ البريّة و ﴿ سيدِ البشريّة
[ 3. ] الجزء الثالث:
تمهيد:
كأني لا أريد أن ابرح هذه اللحظة التاريخية من عمر الزمان؛ فما زلت أبحث عن إرهاصات ما قبل حمل السيدة ﴿ آمنة بنت وهب بنور الهداية الربانية للعالمين؛ وشمس العناية الإلهية للبشرية أجمعين، وأكمل التنقيب أيضاً إثناء أشهر الحمل وفترته وزمانه، ثم ما حدث قبيل الولادة وليلة الولادة وإثناء الولادة وما بعدها.. وكأن حالي يخبر أنني لم أعط قط أو بعد القدر الكافي من البحث والمراجعة والتدقيق في أحداث السيرة النبوية؛ خاصة ما قبل الحمل.

وهذا لأن الحدث جلل؛ إذ ستتغير ملامح جزيرة العرب؛ بل ستتغير خريطة العالم أجمع وقتذاك وإلى اليوم والغد إلى أن يرث الله - تعالى - الأرض ومَن عليها.
ولعل ما نتعايشه ونلاحظه مِن حال أمة المسلمين اليوم وتقهقرها إلى مرتبة ذيل الأمم ومؤخرتهم، وتأخر درجتها في سلم التقييم وهبوطها بين الشعوب يجعلنا نفهم ما يمر به رجال الفكر والقلم من إشكالية طرح النظريات والضعف في ترجمتها لسلوك أو عمل، وحالة الولادة العسيرة المتعسرة لأمة إسلامية جديدة تزيل مِن على كاهلها غبار التخلف وتراب الرجعية لتتصدر الأمم وتتقدم الشعوب جميعاً بحضارة عمادها ما قال الخالق الرازق بفهم صحيح واستنارة ووعي وتطبيقاتها بما قال الرحمة المهداة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم.
إذ لا يعقل أو يفهم أو نتمكن من إدراكه أن أناس تنتمي إلى المسلمين وتُصدر قولها بنصوص قرآنية وتعتمد في حديثها أحاديث نبوية وأقوال علماء سابقين لهم القدم الأعلى في كافة العلوم تقوم بتصرفات وتفعل ما نراه ونشاهده متلفزا لحظة الحدث باسم الإله الرحمن الرحيم!!؟..
فهل هذا هو المخاض العسير لولادة أمة إسلامية حديثة..
وأقول : إذا كان ولابد فليعمل أهل العلم الشرعي وفق كتاب ربهم ومنهج نبيهم؛ وليعمل أهل العلم النظري والتطبيقي وفق معايير العلم الحديث وليهدي الله -تعالى- قوماً جهلوا طريقة المصطفى -صلوات الله تعالى وسلامه عليه وآله- وجهلوا سيرة المرتضى ولم يدرسوا المرحلة المكية بتفصيل؛ ولم يطبقوا المرحلة المدنية بوعي وإستنارة.. ليعملا معاً - أهل العلم الشرعي وأهل العلم النظري والتطبيقي- وإن غد الأمة الإسلامية الجديدة لقريب؛ ليعم الأمان المعمورة ويطمئن سكانها لأحكام الإسلام وتشريعاته وقوانينه ومنهاجه.
***
1. ] الْمَبْحْثُ الْأَوَّلُ :

حمل السيدة ﴿ آمنة بالوليد السعيد ﴿ محمد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
تقول لنا كتب السيرة والشمائل : ... في هذه الأيام المعدودة حملت السيدة الشريفة ﴿ آمنة بنت وهب بقائد هذه الأمة، وسيد ولد آدم - ولا فخر - وقد ادخرها القدر لأعظم أمومة في التاريخ، وتوالت عليها الرؤى والبُشريات والمبشرات بجلال قدر هذا الجنين، فرأت فيما يرى النائم حين حملت به أنه خرج منها نور أضاء الأرض، وبدت منه قصور بُصرى من أرض الشام، وما كانت هذه الرؤيا ومثيلاتها ليخفى تأويلها على السيدة ﴿ آمنة، وهي .. ومَن هي.. !!! ذات ذكاء وفطنة، فقد فهمت أن مَن حملت به سيملأ الأرض نوراً وضياء، وهدى ورحمة، وسيكون له شأن وذكر(1).
ويحق للبعض أن يتساءل :" هل هناك أي حقيقة على أنه قبل ولادة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ظهر ضوء في السماء ؟..

إذ هي مسألة تندرج تحت مسائل :"العقيدة"؛ والإيمان بالرسل" !!؟. وأُجملُ ما قد توصلتُ إليه في هذه المسألة؛ أقصد رؤيا -أم النبي؛ صلى الله عليه وآله وسلم- ﴿ آمنة بنت وهب فأقول :" حين حملت به(2) أنه خرج منها :" نور أضاءت له قصور الشام"، وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة منها :"
﴿ ١ . : ما رواه ابن إسحاق حيث قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحين أخبر النبي الخاتم عن نفسه قال :« ... ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام ». (3).
﴿ ٢. : ما رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: « ... ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام ». (4).
﴿ ٣. : ما رواه الإمام الجليل أحمد بن حنبل والبزار والطبراني وابن حِبان في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"؛ والبيهقي عن العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه جاء فيه :« ... ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام».(5)
و

﴿ ٤. : ما رواه الإمام أحمد والدارمي عن عتبة بن عبدالسلمي رضي الله عنه أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – جاء في آخر الحديث: ... أن أمه - صلى الله عليه وسلم - قالت: « إني رأيت خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام». (6)
و

﴿ ٥. : ما رواه أبو نعيم(7) في "دلائل النبوة" عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسترضعًا في بني سعد بن بكر فقالت أمه ﴿ آمنةلمرضعته: « انظري ابني هذا فسلي عنه فإني رأيت كأنه خرج مني شهاب أضاءت له الأرض كلها حتى رأيت قصور الشام ». (8).
و

﴿ ٦. : وروى الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ورأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام » (9)
و

مما يجب أن يعلم أن دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليست محصورة في هذه الآية - ظهور ضوء في السماء- ، فسواء ثبتت أم لم تثبت فإن نبوته صلى الله عليه وسلم ثابتة بالدلائل القطعية التي لا يستطيع منصف أن ينكرها .
وإنما أنكرها من أنكرها إما جهلاً أو مكابرة .
*****
[٢.] الْمَبْحْثُ الثَّانِي :"

﴿«... ووقع الاختلاف في مدة حمله »﴾.
استأنفُ ما ابحثه...

إذ أن أفرادا من الأمة الإسلامية؛ وجرَّ معهم طلبة العلم مَازالوا يبحثون مسائل لا تعود على الأمة الإسلامية بكبير أو صغير فائدة، إما جهلاً أو توطئة ومدفوع لهم الثمن مع مَن لا يرد خيرا لهذه الأمة الكريمة؛ أو أن هذه هي بضاعتهم المزجاة ولا يملكون غيرها لضعف عقل أو فساد إدراك أو سوء تربية، ويأتي الإعلام المصري ليزيد الطين بلة؛ وقنوات فضائية درجة ثالثة.. فتستضيف آحدى القنوات الفضائية محامياً بالنقض يعرض تأملاته حول آية [٣] سورة النساء :
﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا ﴾.
ويتحدث فيها عن مسألة تعدد الزوجات؛ في وقتٍ الكل يعلم تماماً الوضع الإجتماعي السئ وفي زمن نعلم تماماً الحالة الإقتصادية المتردية؛ ثم يكون ضغثا على إبالة فتعاد نفس الحلقة بعد إسبوعين (الجمعة 12. مايو 2017) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدءُ بما كتبته عن :

" حمل ﴿ آمنة بنت وهب (10) "
:" الجزء الثاني ". :" الْمَبْحْثُ الْأَوَّلُ " :" اختلفوا في يوم ابتداء الحمل فـ
قيل:
﴿ 1.في أيام التشريق...
وعليه فيكون مولده في رمضان و
﴿ 2.قيل في عاشوراء و
﴿ 3.قيل غير ذلك.
قال أبو زكريا يحيى بن عائذ في مولده: بقي صلى الله عليه وسلم في بطن أمه تسعة(11) أشهر كملاً لا تشكو وجعاً ولا مغصاً ولا ريحاً ولا ما يعرض لذوات الحمل من النساء(12).
﴿ *فترة الحمل ...

اؤكد أنه لو كانت فترة حمله غير طبيعية لنُقلت إلينا كما نقلت أخبار حمله وولادته وغيرها من أموره،
روى ابن حبان عن " السعدية : حليمة" عن ﴿ آمنة؛ أم النبي أَزْكَى صَلَوَاتِهِ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ عَلَيْهِ وَآلِه أنها قالت « إن لابني هذا شأناً، إني حملت به فلم أجد حملا قط كان أخف عليّ ولا أعظم منه بركة ». (13). و

حمل ﴿ آمنة بنت وهب بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه أمر لافت سوى أنه كان حملاً خفيفاً، جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد: قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني علي بن يزيد عن عبدالله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت: كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به ﴿ آمنة بنت وهب كانت تقول: ما شعرت أني حملت به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء،. و
تحدثنا عن الحديث من قبل وتم تخريجه فلا داع للإعادة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[٣.] الْمَبْحْثُ الثَّالِثُ :

﴿« الولادة »﴾. :
جاء في السيرة الحلبية:"... وقد ولد عند وجود المشتري وهو كوكب نير سعيد، فقد كانت ولادته عند وجود السعد الأكبر، والنجم الأنور، وكانت أمه تقول: « ما رأيت من حمل هو أخفّ منه ولا أعظم بركة منه » (14) .
يقول أبو شهبة في السيرة النبوية ص: 173: في فصل:" الميلاد" ... وتقدمت أشهر الحمل بالسيدة الشريفة ﴿ آمنة بنت وهب، وهي تترقب الوليد الذي لم تجد في حمله وهناً، ولا ألماً، و

هتف بها هاتف قائلا: «إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي:
«أعيذه بالواحد،
من شر كل حاسد،
وسميه محمدا» .
وبلغ الكتاب أجله، وبعد تسعة أشهر أذن الله للنور أن يسطع، وللجنين المستكن أن يظهر إلى الوجود، وللنسمة المباركة أن تخرج إلى الكون، لتؤدي أسمى وأعظم رسالة عرفتها الدنيا في عمرها الطويل. فــ

في صبيحة اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل (15) . الموافق سنة سبعين وخمسمائة « ٥٧٠ » من الميلاد العجيب للسيد المسيح ﴿ عيسى ابن مريم ، حيث بدأ الصبح يتنفس، واذن نور الكون بالإشراق، افتر ثغر الدنيا عن مصاصة البشر (16) وسيد ولد ادم، وأكرم مخلوق على الله: سيدنا ﴿ محمد بن عبدالله ." (17).
** **
[٤.] الْمَبْحْثُ الرَّابِعُ :

﴿« موضع ولادته »﴾. :..
وكانت ولادته صلّى الله عليه وآله وسلّم في دار أبي طالب بشعب بني هاشم (18) وكانت قابلته " الشِّفَاء بنت عَمْرو بن عَوْف؛ أم عبدالرحمن بن عوف، و
قد ذهب كثير من العلماء إلى أنه صلّى الله عليه وسلّم، ولد مسرورا مختونا ". (19) . و
استدلوا على هذا بما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا، ولم ير أحد سوأتي» (20) . و
ورد عن ابن عمر أنه قال: « ولد النبي صلّى الله عليه وسلّم مسرورا مختونا » (21) .
قال أبو شهبة: وقد ضعّف جماعة من العلماء هذه الأحاديث كالعراقي، وابن القيم في «زاد المعاد» وقال: ليس هذا من خصائصه، لأن كثيرا من الناس ولد مختونا، وقد عدهم صاحب المواهب. ".
ويلقي أبو شهبة ضوءاً على حالة الأرملة الشابة الحامل؛ والتي وضعت تواً وليداً سيملؤ العالم أجمع نور هديه وينير الدرب بشمس رسالته إذ يقول :" ولقد نعمت الأم التي ترملت في شبابها بالوليد الجميل، المشرق الجبين، الذي ملأ البيت من حولها نورا وسرورا، ورأت فيه السلوى عن الزوج الـ حـ بـ يـ ب الغالي الذي تركه لها وديعة في ضمير الغيب ثم مات، وما إخالها إلا ذرفت الدمع سخينا، أن لم ير الأب الشاب هذا الوليد الذي يملأ العيون جمالا وبهاء، والقلوب محبة." (22).
قلت (الرمادي): سأتحدث - بإذنه تعالى - عن والدة الرسول الكريم؛ ﴿ آمنة بنت وهب فترة رضاعته وزمن طفولته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[٥.] الْمَبْحْثُ الْخَامِسُ :

[« „ و ما رأته قابلته الشفاء أم عبدالرحمن بن عوف ‟ ».]:
" وروى عبدالرحمن بن عوف عن أمه الشفاء رضى الله عنهما قالت « ولدتْ ﴿ آمنةُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقع على يدى فاستهل فسمعت قائلا يقول :" رحمك الله "... وأضاء لى ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت إلى بعض قصور الروم... قالت ثم ألبسته واضجعته فلم أنشب أن غشيتنى ظلمة ورعب وقشعريرة ثم غيب عنى فسمعت قائلا يقول :" أين ذهبت به ".. قال :" إلى المشرق ... ! "...
قالت :" فلم يزل الحديث منى على بال حتى ابتعثه الله فكنت فى أول الناس إسلاما. ». (23)
**
وَاللَّهُ - تَعَالىٰ ذِكْره- أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .. وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج والتعليقات :
(1) انظر : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة؛ محمد بن محمد بن سويلم أبو شُهبة (المتوفى: 1403هـ)؛ دار القلم؛ دمشق؛ الطبعة: الثامنة؛ 1427 هـ؛ ص: 165.
(2) قولها حين " حملت به " هي رؤيا منام وقعت في الحمل، انظر:

1. ] الصالحي. و
2. ] الحلبي.
(3) هذا حديث :" رواه ابن إسحاق بسنده ( 1 /166 سيرة ابن هشام ) ومن طريقه أخرجه الطبري في تفسيره ( 1 /566) .

قال ابن كثير في "البداية والنهاية": هذا إسناد جيد قوي. و
قد رواه الحاكم في "مستدركه" ( 2 /600) من طريق ابن إسحاق وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي على تصحيحه. و
انظر السلسلة الصحيحة؛ للألباني (1545).
(4) قال الهيثمي: إسناده حسن وله شواهد تقويه. و

قد رواه أبو داود الطيالسي بالإسناد الذي عند أحمد، و
رواه محمد بن سعد في "الطبقات" مختصرًا و
لفظه: « رأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام ».
(5) قلتُ (الرمادي): كما جاء في شرح المواهب، جزء: 1؛ ص 136: "هذه الرؤية بصرية، وقد وردت بهذا المعنى في أفصح الكلام ومعجزه، وهي غير الرؤيا التي رأتها في مبدأ الحمل، فتلك كانت منامية . و

أما التخريج:
فقد قال الهيثمي: أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان. و
قال الحاكم: صحيح الإسناد، و
تعقبه الذهبي بتضعيف أحد رجال الإسناد؛ وهو أبو بكر بن أبي مريم الغساني.
أما القول : « ... وكذلك أمهات النبيين يرين ». فقد قال الحافظ ابن حجر: صحّحه ابن حبان والحاكم.". و
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : فَلَمَّا وَلَدَتْ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ الْبَيْت وَالدَّار . وَشَاهِده حَدِيث الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : «.... وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ »، « وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ» ، « وَإِنَّ أُمّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِين وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام ».
أَخْرَجَهُ:
1. ] أَحْمَد و
2. ] َصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَ
3. ] الْحَاكِم وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةُ عِنْد أَحْمَد نَحْوه .
(6) قال الهيثمي: إسناده حسن.
(7) رواه ابن سعد في «الطبقات» .
(8) انظر :

*. ] الرؤيا؛ حمود بن عبدالله بن حمود بن عبدالرحمن التويجري (المتوفى: 1413هـ)؛ دار اللواء؛ الطبعة: الأولى، 1412هـ؛ ص: 192 - 194 .
(9) حسنه الألباني في صحيح الجامع (224) .
(10) مِن منشورات: ملتقى أهل العلم ؛ موقع إلكتروني يشرف عليه :الأخ الأستاذ/ " شريف حمدان". .
(11) جاء عند الصالحي؛ والسيرة الحلبية: " قيل:

1. ] كانت مدةُ الحمل عشرةَ (١٠) أشهرٍ. و
2. ] قيل ثمانية (٨). و
3. ] قيل سبعة (٧)؛ و
4. ] قيل ستة (٦) أشهر،".
يعلق الصالحي؛ وصاحب السيرة الحلبية بالقول :" أي ويكون ذلك آية. ". ثم يأتي الصالحي لمقارنة متعسفة إذ يقولا :" كما أن عيسى عليه السلام ولد في الشهر الثامن ". و
يستشهدا فيقولا :" كما قيل به مع نص الحكماء والمنجمين على أن من يولد في الشهر الثامن لا يعيش، بخلاف التاسع والسابع والسادس الذي هو أقل مدة الحمل: أي فقد قال الحكماء في بيان سبب ذلك إن الولد عند استكماله سبعة أشهر يتحرك للخروج حركة عنيفة أقوى من حركته في الشهر السادس، فإن خرج عاش، وإن لم يخرج استراح في البطن عقب تلك الحركة المضعفة له، فلا يتحرك في الشهر الثامن ولذلك تقل حركته في البطن في ذلك الشهر، فإذا تحرك للخروج وخرج فقد ضعف غاية الضعف فلا يعيش لاستيلاء حركتين مضعفتين له مع ضعفه.
[انظر: السيرة الحلبية: الجزء: 1؛ الصفحة: 75 ] ". و
يقول الزرقاني في حاشيته على القسطلاني معلقاً :" بقي صلى الله عليه وسلم في بطن أمه تسعة أشهر كملا"، أي: كاملة، و
هذا أحد أقوال خمسة في مدة الحمل ".
قلت (الرمادي) : هذه الأقوال مرسلة من الدليل؛ ولو كان في حمله صلى الله عليه وآله وسلم «إعجاز» من حيث الحمل وزمنه وليلة المولد والولادة لأُخبرنا من مصادر نطمئن إليها، وليس كما ذكر لنا صاحب السيرة النبوية ابن إسحاق ومن جاء من بعده مِن مَن كتب السَّير والشمائل فـيبدء المقولة بـ فيما «يزعمون» و «كما يتحدث الناس» و
حكاية القرآن بيَّنت "كيف خلق أبينا « آدم »". و
أيضاً "كيفية خلق المبشر « عيسى ابن مريم » "، و
السنة النبوية الصحيحة فلما إغفالت قصة حمل وولادة النبي المختار بدليل قاطع .. و
من هذا نفهم أن حمل وولادة المصطفى المرتضى المجتبى المحتبى خاتم الأنبياء وأخر المرسلين كانت كبقية البشر؛ مع الفارق الشاسع إذ لا توجد مقارنة بين أنه النبي الخاتم ورسول آخر الزمان وبقية البشر وإن كان منهم العلماء في كافة التخصصات والأتقياء.
قلت (الرمادي) :" راجع ما كتبه أثير الدين الأندلسي في تفسيره الكبير نقلا من فلاسفة اليونان وابن سينا!! ".
وكانت تلك السنة التي حمل فيها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال لها سنة الفتح والابتهاج، فإن قريشا كانت قبل ذلك في جدب وضيق عظيم، فاخضرت الأرض، وحملت الأشجار، وأتاهم الرغد من كل جانب في تلك السنة . و

في حديث مطعون فيه « قد أذن الله تلك السنة لنساء الدنيا أن يحملن ذكورا كرامة لرسول الله» .. قلت (الرمادي) : ولم أقف على ما يجري على ألسنة المداح من أنه كان يذكر الله في بطن أمه، كما نقل عن عيسى عليه السلام أنه كان يكلم أمه إذا خلت عن الناس ويسبح الله ويذكره إذا كانت مع الناس وهي تسمع، و
عن شداد بن أوس قال «بينا نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل شيخ كبير من بني عامر هو مدرة قومه» أي المقدم فيهم «يتوكأ على عصا فمثل بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونسبه إلى جده، فقال: "يا ابن عبدالمطلب إني أنبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء إلا أنك فهت بعظيم، وإنما كانت الأنبياء والخلفاء» أي معظمهم «في بيتين من بني إسرائيل وأنت ممن يعبد هذه الحجارة والأوثان، فما لك وللنبوة، ولكن لكل حق حقيقة فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟ قال: فأعجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمسألته ثم قال: يا أخا بني عامر إن لهذا الحديث الذي سألتني عنه نبأ ومجلسا فاجلس فثنى رجليه ثم برك كما يبرك البعير، فاستقبله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحديث فقال: يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدء شأني أني دعوة أبي إبراهيم عليه السلام أي حيث قال أي (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) رأي أي وعند ذلك قيل له قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان» كذا في تفسير ابن جرير.
قال الحلبي:" ثم قال «وإني كنت بكر أبي وأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء، وجعلت تشكو إلى صواحبها ثقل ما تجد، ثم إنها رأت في المنام أن الذي في بطنها خرج نورا، قالت فجعلت أتبع بصري النور والنور يسبق بصري حتى أضاءت له مشارق الأرض ومغاربها» وسنتكلم عنه في الرضاعة. والحديث رواه: شداد بن أوس؛ انظر البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة :7 /16؛ الحديث:إسناده ضعيف.[استشهد به من قبل و خرجته]
ولعل إطالة النفس في هذا الجزء من بحثي هذا.. القصد من وراءه أن نركز على ما يفيد الأمة الإسلامية؛ فكما قلتُ ذات مرة -خطبة جمعة أبريل 2017~رجب 1437؛ وأيضاً مقال- أننا مِن سجادة الصلاة إلى ساعة اليد أو الحائط ... التي تعلن عن وقت الصلاة والدشداشة والعقال إلى السيارة والطائرة والأسلحة نستوردها جميعاً من دول الغرب المتقدم.. (أو من الصين) وقد قال آحدهم -والمقولة تحتاج إلى إعادة مراجعة- أن العرب تصدر الإرعاب والإرهاب.
(12) انظر: الصالحي ، والسيرة الحلبية.
(13) السيرة الحلبية؛ المسمى: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن برهان الدين الحلبي.
(14). جاء عند الحلبي :" قال الحافظ أبو الفضل العراقي : آمنة رأت النور أيضا خرج منها عند الولادة. وهذا أولى لتكون طرقه متصلة. ويجوز أن يكون خرج منها النور مرتين مرة حين حملت به [هنا يقول صاحب :" السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة؛ محمد بن محمد بن سويلم أبو شُهبة :" ولما وضعته السيدة والدته خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب، حتى رأت منه قصور بصرى بالشام، ووقع جاثيا على ركبتيه، معتمدا على يديه، رافعا رأسه إلى السماء، ثم أخذ قبضة من التراب فقبضها. وروى :" محمد بن سعد من حديث جماعة منهم: عطاء بن أبي رباح، وابن عباس، أن امنة بنت وهب قالت: «لما فصل مني- تعني النبي- خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب، ثم وقع على الأرض جاثيا على ركبتيه، معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من التراب، فقبضها، ورفع رأسه إلى السماء».
ثم يأتي هنا تأويل " أما النور فنور النبوة والرسالة، وأما الجثي على ركبتيه فإشارة إلى شدة تواضعه لربه، وتواضعه للخلق، وأما الاعتماد على يديه فإشارة إلى أنه لن ينشأ مدللا كسلان كما هو شأن أبناء الملوك والأشراف، وإنما سيعتمد من صغره على الله ثم على نفسه، وأما أخذه قبضة من التراب فإشارة إلى أن الأرض منها البدء، وإليها الإعادة، ومنها الإخراج للبعث، وأنه سيغلب أهل الأرض، وأما رفع رأسه إلى السماء فإشارة إلى عظم توكله على ربه، وإلى ارتفاع شأنه وقدره، وسمو غايته وسؤدده، وأنه يسود الخلق أجمعين. " .

قلتُ (الرمادي): تجد هذا التأويل عند أبي شهبة.
ثم يكمل الحافظ العراقي :" ومرة حين وضعته ولا مانع من ذلك. ولا يكون بين الحديثين تعارض . انتهى .
[انظر : السيرة الحلبية؛ المسمى: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن برهان الدين الحلبي ] .
(15) هذا الذي ذكره ابن إسحاق وهو المشهور، و

قيل: ولد لليلتين خلتا من ربيع الأول، و
قيل: لتسع ليال، و
كذلك اختلف في سنة ميلاده بالتقويم والسنة الميلادية فقيل ما ذكرنا، وقيل سنة إحدى وسبعين وخمسمائة (٥٧١)، وهو الذي رجحه محمود باشا الفلكي.
" بيد ان ابن كثير يوضح مسألة المولد في :" الفصول في سيرة الرسول"؛ " فصل ـ ولادته ورضاعه ونشأته" : فقال :" ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول، و
قيل: ثامنه، و
قيل عاشره، و
قيل لثنتي عشرة منه، و
قال الزبير بن بكار: ولد في رمضان، وهو شاذ، حكاه السهيلي في روضه. و
ذلك عام الفيل، بعده بخمسين يوماً، و
قيل بثمانية وخمسين يوماً، و
قيل بعده بعشر سنين، و
قيل: بعد الفيل بثلاثين عاماً، و
قيل: بأربعين عاماً. و
الصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرها إجماعاً.". [ انظر : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)؛ الفصول في السيرة؛ تحقيق وتعليق: محمد العيد الخطراوي، محيي الدين مستو؛ جزء 1؛ ص: 91].
وقال الحسن بن عمر بن الحسن بن حبيب، أبو محمد، بدر الدين الحلبي (المتوفى: 779هـ) صاحب كتاب المقتفى من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم:" ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل: فِي أَيمن طالع وأسعده وَحلَّ فِي أفضل وَقت مَحْمُود بأحمده وَأَقْبل وخيل الْخَيْر تقاد بَين يَدَيْهِ وَقدم قدوم الْغَيْث إِلَى الأَرْض المحتاجة إِلَيْهِ وَذَلِكَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين طلع الْفجْر وَمضى اللَّيْل عَازِمًا على الهجر لعشر خلون من ربيع الأول عَام الْفِيل أَهلا بِهِ من عَام بالنجاة زعيم وبالنجاح كَفِيل وَقد خصت لَيْلَة ظُهُوره وَيَوْم سطوع ضوء نوره بخصائص لَا تتناهى ومزايا لَا تضاهى وَلَا تباهى إِذْ هُوَ سيد ولد آدم ومعولهم وَخَاتم النَّبِيين وأولهم فصلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الطيبين وَسلم تَسْلِيمًا وعَلى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ :".[ انظر: المقتفى من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ الحسن بن عمر بن الحسن بن حبيب، أبو محمد، بدر الدين الحلبي (المتوفى: 779هـ)؛ المحقق: د مصطفى محمد حسين الذهبي ؛ جزء 1؛ ص: 30~31 . ".
(16) يقال: فلان "مصاص" قومه، إذا كان أخلصهم نسبا.
(17) انظر: أبو شهبة؛ جزء 1 ص: 172- 173 .
(18) وقد صارت هذه الدار إلى محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج، ذلك أن عقيل بن أبي طالب باع دور من هاجر من بني هاشم، ومنها هذه الدار، وقد أدخلها محمد بن يوسف هذا في داره التي يقال لها: البيضاء، ولم تزل كذلك حتى حجت الخيزران أم الرشيد، فأفردت ذلك البيت وجعلته مسجدا، و

قيل: إن التي بنته هي السيدة زبيدة زوجته حين حجّت، وقد بقي هذا المسجد حتى هدم أخيرا وصار مكانه خاليا، وستقام فيه الان مدرسة لتحفيظ القران الكريم.
[ انظر: أبو شهبة؛ جزء 1 ص: 174].
(19) مقطوع حبل السرة، ومقطوع القلفة.
(20) رواه الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم، وابن عساكر من طرق متعددة، وقد صححه الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتابه «الأحاديث المختارة» مما ليس في الصحيحين، وتصحيحه أعلا من تصحيح الحاكم، وحسّنه الحافظ مغلطاي..
(21) رواه ابن عساكر.
(22) [ انظر: أبو شهبة؛ جزء 1 ص: 175].
(23) انظر : الأنوار المحمدية؛ مختصر المواهب اللدونية للقسطلانى؛ يوسف إسماعيل النبهانى؛ القاضى . بيروت – لبنان.

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 05 / 2018 33 : 12 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://media.alalam.ir/news/image/85...87_25f_4x3.jpg

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 02 / 05 / 2018 51 : 05 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://www.alsirah.com/wp-content/up...daa_alwahe.jpg

شريف حمدان 03 / 05 / 2018 48 : 03 AM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/yvo59466.gif



واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 05 / 05 / 2018 11 : 09 AM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
وَصْفُ وِلَادَتِهِ
تمهيد :
رُويَ عنه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ :« لَا تُطْرُونِي... إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ؛ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » ، وَلَمَّا صُفُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا قَالَ :« لَا تُعَظِّمُونِي كَمَا تُعَظِّمُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ». وَقَالَ أَنَسٌ :" لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ ؛ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ ». وَلَمَّا سَجَدَ لَهُ مُعَاذٌ نَهَاهُ وَقَالَ :« إنَّهُ لَا يَصْلُحُ السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ ». وَلَمَّا أُتِيَ عَلِيٌّ كرم الله وجهه بِالزَّنَادِقَةِ الَّذِينَ غَلَوْا فِيهِ وَاعْتَقَدُوا فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ أَمَرَ بِتَحْرِيقِهِمْ بِالنَّارِ (1).
أقول : ومع هذه التنبيهات الواضحة الدلالة؛ إلا أن البعض وقع في المحذور فوضعت أقوال أخرجت النبي صلى الله عليه وسلم عن النطاق الطبيعي للبشر؛ ولسائر الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، فقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان نورا ظاهرا تراه الأعين في جبين عبدالله قبل أن تحمل به آمنة، فلما حملت به انتقل ذلك النور إليها (2)،
فلما ولدته آمنة بنت وهب؛ وصار نبياً وُضعَ حديث "الإبرة" التي سقطت من عائشة؛ أقصد حديث مسعدة بن بكر الفرغاني، عن محمد بن إسحاق بن يسار، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: استعرت إبرة من حفصة بنت رواحة كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت عني الإبرة، فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة بشعاع نور وجهه، فضحكت .. (3).
أضف ما قالوه عن ليلة مولده: مِن تصدع إيوان كِسرى، وانطفأت نار المجوس، وغارت بحيرة ساوة، ودنت النجوم حتى أوشكت أن تقع على الأرض.. فبحثتُ عن صحتها فلم أجد ما يؤيد ذلك عند المحققين من أهل الحديث، وعرضتُ رجال هذه الآثار على أهل الجرح والتعديل فوجدتهم بين ضعيف وكذاب(4).
**
بيان ذِكْرُ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم تاريخه ومكانه:
يختلف المؤرخون حول اليوم الذي ولد فيه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بل والعَام الذي ولد فيه كذلك، ولعل السر في هذا الخلاف أنه حينما ولد لم يكن أحد يتوقع له النبوة أو الرسالة، ومن أجل ذلك لم تتسلط عليه الأضواء منذ فجر حياته. فلما أذنَ اللهُ -تعالى ذكره وجلَّ قدره- أن يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته بعد أربعين سنة من ميلاده، أخذ الناس يسترجعون الذكريات التي علقت بأذهانهم حوله، ويتساءلون عن كل شاردة وواردة من تاريخه، وساعدهم على ذلك ما كان يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه عن الأحداث التي مرت به أو مر هو بها منذ نشأته الأولى وكذلك ما كان يرويه أصحابه والمتصلون به عن هذه الأحداث.
وبدأ المسلمون -حينئذٍ- يستوعبون كل ما يسمعون من تاريخ نبيهم صلى الله عليه وسلم لينقلوه إلى الناس على توالي العصور وكر الدهور، ولكن مهما اختلفت الروايات في وقت ميلاده، فيكاد يجمع المؤرخون على أن الميلاد كان في النصف الأول من شهر ربيع الأول وفي عام الفيل، ويرجح أن ذلك كان في صبيحة الاثنين الموافق 9 من ربيع الأول قبل الهجرة النبوية بثلاثةٍ وخمسين عامًا، وهو يوافق اليوم المكمل للعشرين من شهر أغسطس سنة 570 بعد ميلاد السيد الجليل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. (5) .
بعد فترةٍ قصيرة من هلاك أبرهة عام الفيل، ذاعت في أم القرى بشرى المولد. فحدد قوم هذه الفترة بخمسين يوما بعد الفيل. قال ابن كثير: وهو أشهر. وصححه المسعودي، والسهيلي قال " وهو الاكثر والاشهر:" على ما نقل السهيلي في روضه (6) . واكتفى آخرون بأن المولد كان في عام الفيل(7).
*
﴿ ١ .﴾ „ بيان عام المولد ‟:
قال ابن دحية: وكان مولده عام الفيل(8)، فقد قَالَ قَيْسُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَقُبَاثُ بْنُ أَشْيَمَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ . وابن كثير في البداية يعلق بالقول :" وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الْجُمْهُورِ.".
وتأتي هنا الفائدة الأولى:
أن كل الروايات المخالفة لهذا التاريخ معلولة الأسانيد، وهي تفيد أن مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ بعد الفيل بعشر سنين أو ثلاثة وعشرين سنة أو أربعين سنة(9).
أما الفائدة الثانية :
حاول بعض الشعوبيين ان يضع حديثاً على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصف كسرى انوشيروان بالعدالة فاشتهر على الألسنة أنه قال: “ولدتُ في زمن الملك العادل” (10) .
**
﴿ ٢ .﴾ „ بيان شهر(11) المولد ‟:
[٢ . ١.]: القول الأول : " مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ " . وذكر البيهقي في الدلائل حديثا مرفوعاً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ " وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، عَامَ الْفِيلِ، لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ" . قال السهيلي: "وهو المعروف". ونقل بعضهم فيه الإجماع.
يقول لنا لسان الحال منه * * وقول الحق يعذب للسميع
فوجهي والزمان وشهر وضعي * * ربيع في ربيع في ربيع (12).
وَ أما:
[٢ . ١.]: الْقَوْلُ الثَّانِي:
فَعَنْ شُعَيْبِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: حُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْم عَاشُورَاء فِي الْمُحَرَّمِ، وَوُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ غَزْوَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ. وعليه أَنَّهُ وُلِدَ فِي رَمَضَانَ؛ وهذا ما نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ، وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَكَانَ مُسْتَنَدُهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي رَمَضَانَ بِلَا خِلَافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ فَيَكُونُ مَوْلِدُهُ فِي رَمَضَانَ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ(13).
***
﴿ ٣ .﴾ „ بيان يوم المولد ‟:
الصواب: وُلِدَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ(14) ولا شك في ذلك: لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ فَقَالَ :« ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ .«
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَاسْتُنْبِئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَرَفَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. وقد تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ.
وَرَوَى عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ،
وَهَكَذَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَ
أَبْعَدَ بَلْ أَخْطَأَ مَنْ قَالَ : وُلِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. نَقَلُهُ الْحَافِظُ ابْنُ دِحْيَةَ فِيمَا قَرَأَهُ فِي كِتَابِ إِعْلَامِ الْوَرَى بِأَعْلَامِ الْهُدَى لِبَعْضِ الشِّيعَةِ ، ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي تَضْعِيفِهِ وَهُوَ جَدِيرٌ بِالتَّضْعِيفِ؛ إِذْ هُوَ خِلَافُ النَّصِّ ، ثُمَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَقِيلَ :
[٣ . ١.]: لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ، وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ نَجِيحِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ ، وَقِيلَ :
[٣ . ٢.]: لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْهُ . حَكَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ حَزْمٍ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَعُقَيْلٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ عَنْ أَصْحَابِ التَّارِيخِ أَنَّهُمْ صَحَّحُوهُ ، وَقَطَعَ بِهِ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْخُوَارِزْمِيُّ ، وَرَجَّحَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ ابْنُ دِحْيَةَ فِي كِتَابِهِ :"التَّنْوِيرِ فِي مَوْلِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ" . وَقِيلَ :
[٣ . ٣.]: لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ دِحْيَةَ فِي كِتَابِهِ ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ، وَرَوَاهُ مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ كَمَا مَرَّ ، وَقِيلَ :
[٣ . ٤.]: لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ إِسْحَاقَ ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَفَّانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَا عَنْ جَابِرٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَفِيهِ بُعِثُ ، وَفِيهِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَفِيهِ هَاجَرَ ، وَفِيهِ مَاتَ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ :
[٣ . ٥.]: لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ دِحْيَةَ عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ ، وَقِيلَ :
[٣ . ٦.]: لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْهُ . نَقَلَهُ ابْنُ دِحْيَةَ مِنْ خَطِّ الْوَزِيرِ أَبِي رَافِعٍ ابْنِ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدِ ابْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ حَزْمٍ الْأَوَّلُ؛ أَنَّهُ لِثَمَانٍ مَضَيْنَ مِنْهُ. كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحُمَيْدِيُّ وَهُوَ أَثْبَتُ." (15) .
ومجمل القول أنه اختلف المؤرخون وأصحاب السير في ميلاد نبينا صلى الله عليه وسلم، والذي لا شك فيه أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول عام الفيل سنة 571 من ميلاد عيسى عليه السلام. وأكثر أهل السير على أنه ولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول عام الفيل، بعد الحادثة بخمسين يوما. والراجح يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول،
وفي مثل هذا اليوم الاثنين 12 ربيع الأول من عام 11 هجرية الموافق 20 نيسان(16) سنة 632 ميلادية توفي المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، وهذا على أرجح وأشهر الروايات التاريخية وكتب السيرة النبوية. وهناك حساب آخر :" بالتاريخين القمري والشمسي، وتفصيل ذلك من كتاب الرحيق المختوم لصفي الدين المباركفوري حيث قال ما نصه: " ولد سيد المرسلين بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشيروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571م" انتهى. واقول :" والله أعلم ".
فائدة :
قلت(الرمادي):" لا أعلمُ شيئا يفيد أنه صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن تاريخ مولده، ولا أنه ذَكر في حديث صحيح أو ضعيف أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول، وأنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صوم الإثنين ".
****
﴿ ٤ .﴾ „ بيان ساعة المولد ‟:
وقع الاختلاف في وقت ولادته : أي هل كان ليلاً أو نهاراً؛ وعلى الثاني؛ في أي وقت من ذلك النهار، (17) . وروى الزبير بن بكار والحافظ ابن عساكر (ج: 3؛ ص: 68) عن معروف بن خَرَّبُوذَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قالوا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين طلع الفجر. ويدل له قول جده عبدالمطلب: ولد لي الليلة مع الصبح مولود. أي وسطه.
وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم ولد في النهار، وهو الذي ذكره أهل السير. وحديث أبي قتادة مصرح به. وروىٰ الأربعة عن سعيد بن المسيب قال: «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار»، وجزم به ابن دحية، وصححه الزركشي في شرح البردة ولبعضهم في ذلك.
يا ساعة فتح الهدى أرفادها * * لطفا وقد منح الجزا إسعادها
لاحت بشهر ربيع الزاكي الذي * * فاق الشهور جلالة إذ سادها
حيث النبوة أشرقت بماثر * * كالشهب لا يحصى الورى تعدادها
حيث الأمانة والرسالة قد بدت * * يعلي لمكة غورها ونجادها
*****
﴿ ٥ .﴾ „:بيان مكان المولد‟ :
اختلف في مكان مولده؛ هل ولدَ بمكةَ أو غيرها! ؟ .
والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول فلا خلاف في كون مولده بمكة المكرّمة، وهذا ما صرح به الصالحي في سبل الهدى والرشاد. وابن جماعة في المختصر قال: "هو المشهور". وعليه فاختلف في مكانه من مكة ؛ أي الدار التي ولد فيها :" وُلِدَ بِمَكَّةَ بِالدَّار الْمَعْرُوفَة بدار مُحَمَّد بْنِ يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ" رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ مُكْرَمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ ابْن شَرِيكٍ.
وجاءت في الدار أقوال:
[٥ . ١.]: أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شِعب مشهور بشعب بني هاشم. وكانت بيد عقيل.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِالدَّارِ الَّتِي تُعْرَفُ بِدَارِ ابْنِ يُوسُفَ . قِيلَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهَا عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ ، فَبَاعَهَا وَلَدُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ ، فَبَنَى دَارَهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دَارُ ابْنِ يُوسُفَ ، وَأَدْخَلَ ذَلِكَ الْبَيْتَ فِي الدَّارِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْخَيْزُرَانَ، وَهِيَ أَمُّ هَارُونَ الرَّشِيدِ، لَمَّا حَجَّتْ أَمَرَتْ فـ أَخْرَجَتْهُ فَجَعَلَتْهُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ.
وقيل إن عقيلاً باعها بعد الهجرة تبعا لقريش حين باعوا دور المهاجرين.
[٥ . ٢ .]: الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ولد في شعب بني هاشم. حكاه الزبير.
[٥ . ٣ .]: الثالث: أنه ولد صلى الله عليه وسلم بالردم.
[٥ . ٤ .]: الرابع: بعسفان (18) .
وللدقة في التعبير اقول أن : أكثر أهل السِيَّر على أنه صلوات الله وسلامه عليه وُلِدَ يوم الثاني عشر من ربيع الأول بعد حادثة الفيل بخمسين يوماً،
قال ابن عبدالبَرِّ: "وُلِدَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قُدومِ الفِيلِ بشهر، وقيل بِأَرْبَعِين يَوْماً، وقيل بِخَمْسِين يوماً".
******
﴿ ٦ .﴾ : „ بيان وصف ولادته ‟ :
روى ابن سعد (1/101)، وأبو نعيم (1/172) عن حسان بن عطية أن „ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع على كفيه وركبتيه، شــاخصًا ببصره إلى السـماء ”. وزاد السهيلي في الروض الأنف (1/105): „ مقبوضة أصابع يده، مشيرًا بالسبابة كالمسبح بها ” (19) .

استأذن القارئـ(ـة) الكريمـ(ـة) بإكمال البحث في الجزء الثاني من „:بيان احداث ليلة الولادة‟ ...

.
وَاللَّهُ- تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ وَجل قَدْره - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

السبت : 19 شعبان 1439هـ ~ 5 مايو 2018م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
ثبتٌ بتخريج الأحاديث والمصادر والتعليقات:
(1) راجع فتاوى ابن تيمية.
(2) انظر: بحث :" علاقة الظواهر الكونية بولادة الأنبياء وموتهم"؛ د محمد أبو رحيّم.
(3) رواه الأصبهاني في دلائل النبوة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وأحمد بن عبدالواحد البخاري في جزء من حديثه. وإسناد الحديث لا يصح. وهناك حديث آخر في هذا المعنى؛ قال الحافظ ابن كثير في التكميل في الجرح والتعديل: حديث منكر جدًّا، وأحد رواته هو عمرو بن محمد بن جعفر غير معروف، فإسناد النكارة إليه أولى من إسنادها إلى أبي عبيدة. وكذا قال في البداية والنهاية، وأورده الألباني في السلسلة الضعيفة 4144، وقال: كذب موضوع.
وأنبه السادة القراء بأن الأحاديث الموضوعة والواهية لا يجوز الاستشهاد بها؛ ويجب الحذر من نشرها، وبيان أنها لا تصح؛ ومنتشر على صفحات التواصل الإجتماعي ما ينسب إلى أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما لما قالت: "كنت في حجرتي؛ أخيط ثوباً لي؛ فانكفأ المصباح؛ وأظلمت الحجرة؛ وسقط المخيط- أي الإبرة-... فبينما كنت في حيرتي أتحسس مخيطي؛ إذ أطل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه من باب الحجرة.. رفع الشملة وأطل بوجهه "... قالت: "فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد أضاءت أرجاء الحجرة من نور وجهه.. حتى لقد التقطت المخيط من نور طلعته"؛ ثم التفتُ إليه فقلت : "بأبي أنت يا رسول الله.. ما أضوأ وجهك! "؛ فقال : "يا عائشةُ! الويل لمن لا يراني يوم القيامة"؛ قالت : "ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله؟"؛ قال: "الويل لمن لا يراني يوم القيامة"؛ قالت: " ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله؟"؛ قال: "من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ: ". وادعى مَن ينشر هذا القول أن الترمذي روى هذا الحديث، وايضاً أحمد بن حنبل. ثم اضاف الناشر -هداه الله تعالى- " اللهم صل على نور الأنوار وسر الأسرار.. ترياق الأغيار.. ومفتاح باب اليسار.. سيدنا محمد المختار.. وآله الأطهار.. عدد نِعم الله وأفضاله "
اقول(الرمادي) :والصحيح أنه قد :" خلط ناشر هذا الكلام بين عدة أحاديث جهلاً منه أو تلبيساً على العامة، فالثابت في شأن من ذكر عنده اسمه صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه هو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث « البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ». وهذا الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وفي حديث آخر « رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة ». رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأما قصة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها فلم يروها أحمد ولا الترمذي في كتبهما المعروفة، وإنما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "استعرت من حفصة بنت رواحة إبرةً كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت عني الإبرة فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع نور وجهه فضحكت، فقال" يا حميراء بم ضحكت؟"، قلت: " كان كيت وكيت ". فنادى بأعلى صوته: " يا عائشة الويل ثم الويل"- ثلاثا- لمن حرم النظر إلى هذا الوجه؛ ما من مؤمن ولا كافر إلا ويشتهي أن ينظر إلى وجهي". وهذا حديث منكر باطل، رواه أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر؛ وفي سنده ابن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعن، والمتهم به مسعدة بن بكر الفرغاني؛ قال الذهبي :" أتى مسعدة بن بكر الفرغانى عن محمد بن أحمد أبي عون بخبر كذب، يعني به هذا الحديث. ولم يذكر الذهبي نص الخبر انتهى من "ميزان الاعتدال" (4/ 98)، ولم أر في مدونات السنة رواية للفرعاني عن ابن أبي عون إلا في هذه القصة، فلعلها المقصودة للذهبي، وقال الشيخ عثمان الخميس: "لا يصح هذا الحديث"
وأما الصلاة بالقول:" اللهم صل على نور الأنوار وسر الأسرار وترياق الأغيار" فهي صلاة يسمونها صلاة "أحمد البدوي"؛ ويدَّعون أنها أفضل الصلوات، ولا أرى جواز الصلاة بهذه الصيغة لما اشتملت عليها من الغلو والإطراء المنهي عنهما على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما الغلو فقد نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث: « إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو». رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني.
وأما الإطراء فقد نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله: « لا تُطروني.. فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله». رواه البخاري. ولما فيها من العدول عن الصلاة الإبراهيمية التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه كما في حديث أبي محمد كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: " خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله: " قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك: قال: قولوا « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد». [الحديث: متفق عليه] .
(4) مصدر سابق؛ د. محمد ابو رحيم.
(5) القول المبين في سيرة سيد المرسلين: جزء 1؛ ص: 78-79.
مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ : يكون في 23 أبريل في مكة ؛ أو 20 أبريل حسب التقويم الميلادي القديم، وهو يوافق تقريباً 12 ربيع الأول 53 ق هـ .
(6) وانظر الزرقاني في المولد: 1 / 130، والنويري في نهاية الارب 6 / 68 ؛ طبعة دار الكتب المصرية.
(7) انظر : "مع المصطفى"؛ عليه الصلاة والسلام؛ الدكتورة عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) استاذة الدراسات القرآنية بكلية الشريعة ودار الحديث، جامعة القرويين - المغرب؛ دار الكتاب العربي بيروت - لبنان؛ الطبعة الاولى 1392 ه‍ 1972 م . ص: 38..
(8) هذا ما قَالَه ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَامَ الْفِيلِ.
قال ابن كثير: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الْجُمْهُورِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ : وَهُوَ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ، وَبُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ".(حديثٌ : صَحِيحٌ ). [انظر : ابن كثير السيرة النبوية؛ من البداية والنهاية؛ بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ج: 1؛ ص:199-202:" .
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ: كَانَ قُدُومُ الْفِيلِ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَمَوْلِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ لَيْلَةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ عَامُ الْفِيلِ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ سِنِينَ. قَالَهُ ابْنُ أَبْزَى.
وَقِيلَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَقِيلَ: بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِينَ سَنَةً. قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَاخْتَارَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْعَجْلَانِيُّ: بَعْدَ الْفِيلِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَهَذَا غَرِيب جدا. وَأغْرب مِنْهُ مَا قَالَه خَليفَة بن خياط: حَدَّثَنى شُعَيْب بن حبَان، عَن عبدالْوَاحِد ابْن أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْكَلْبِيِّ (وَهُوَ مُتَّهَمٌ سَاقِطٌ)، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَمُنْكَرٌ وَضَعِيفٌ أَيْضا؛ وكَذِبَ هَذَا الْقَوْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا . قَالَهُ بَعْضُهُمْ : قَالَ : وَقِيلَ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا . قَالَ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي: لَا أُبْعِدُ أَنَّ الْغَلَطَ وَقَعَ مِنْ هُنَا عَلَى مَنْ قَالَ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا فَقَالَ عَامًا .
قَالَ خَليفَة بن خياط: وَالْمجْمَع عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ.(مختصراً من البداية لـ ابن كثير؛ ج:1؛ ص:203.
ويقول الصالحي :" وبالغ خليفة بن خياط؛ وابن الجزار وابن دحية؛ وابن الجوزي؛ وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع. وروى البيهقي والحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي في مختصره، وصححه في تاريخه الكبير عن يحيى بن معين، عن حجاج بن محمد، عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل. قال الحافظ في شرح الدرر: والمحفوظ لفظ العام. وقيل: يطلق اليوم ويراد به مطلق الوقت، كما يقال يوم الفتح، ويوم بدر، فإن كان المراد حقيقة اليوم فيكون أخص من الأول وبذلك صرح ابن حبان في تاريخه فإنه قال: ولد عام الفيل في اليوم الذي بعث الله فيه الطير الأبابيل على أصحاب الفيل. قال: ثم وجدت الحديث عن ابن مسعود عن يحيى بن معين بسنده المذكور قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل يعني عام الفيل.
وذكر البيهقي في الدلائل حديثا مرفوعاً عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : « وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ »، ويكمل صاحب الدلائل: قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ ، إِلا أَنَّهُ قَالَ : « يَوْمَ الْفِيلِ " . ».
والحديث المذكور في متن بحثي جاء عند عز الدين أبو الحسن علي المعروف بـ" ابن الأثير" في موسوعته الكامل في التاريخ؛ ص: 41؛ وتجده أيضا عند الصالحي في موسوعته: سبل الهدى والرشاد. وجاء في :" المستدرك على الصحيحين"؛ باب: معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ حديث رقم:6683 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْإَسْفَاطِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَالْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ [هذه رواية الْحَافِظِ الْبَيْهَقِيُّ] يَقُولُ لِلْقَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ [الْكِنَانِيِّ ثُمَّ اللَّيْثِيِّ: الزيادة من عند ابن كثير البداية] يَا قَبَاثُ، أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : بَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ، [وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوْثِ الْفِيلِ مُحِيلًا أَعْقِلُهُ". الزياد من عند ابن كثير البداية]، وَتَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً».[ وذكره صاحب المعجم الكبير - باب القاف].
ويذكر ابن كثير في البداية :" وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ، عَنْ بَعْضِهِمْ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولدت عَامَ الْفِيلِ.". وقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَصْغَرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسنتَيْنِ." ويكمل ابن كثير في البداية :" قَالَ يَعْقُوب: وَحدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ، وَكَانَتْ بَعْدَهُ عُكَاظٌ [يَوْمٌ من أَيَّام الْعَرَب] بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، " وَبُنِيَ الْبَيْتُ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ، وَتَنَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. [البداية ابن كثير؛ ج: 1؛ ص: 202 ].
وَالْمَقْصُودُ . [كما جاء في البداية لـ ابن كثير] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ.
فَقِيلَ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ بِخَمْسِينَ يَوْمًا، وَهُوَ أَشْهَرُ.
فائدة:
يستفاد من الحديث السابق التأدب وحسن التكلم عند الحديث عن رسول الله؛ كما يفهم منه البلاغة في حسن التـعبير؛ إذ قال :« رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ » .
وفي سنن الترمذي؛ كتاب المناقب؛ بَاب مَا جَاءَ فِي مِيلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" 3619 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَال سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَقَ يُحَدِّثُ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ ،[زيادة ابن كثير البداية:" كُنَّا لِدَيْنِ]. [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ]
وَسَأَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قُبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ أَخَا بَنِي يَعْمَرَ بْنِ لَيْثٍ" أَأَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ مِنِّي وَأَنَا أَقْدَمُ مِنْهُ فِي الْمِيلَادِ وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ وَرَفَعَتْ بِي أُمِّي عَلَى الْمَوْضِعِ قَالَ وَرَأَيْتُ خَذْقَ الطَّيْرِ "[ خزق : روث] أَخْضَرَ مُحِيلًا.. " [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق بِهِ؛ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ " .
وفي مسند الإمام أحمد - مسند الشاميين"17434 حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ فَحَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِمَنَافٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ فَنَحْنُ لِدَانِ وُلِدْنَا مَوْلِدًا وَاحِدًا ".
وذكر البيهقي في الدلائل حديثاً مرفوعاً قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه؛ يَعْنِي ابْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِمَنَافٍ، قَالَ : « وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ، كُنَّا لِدَيْنِ ». [جاءت رواية: ابْن هِشَام: " فَنحْن لدان.".] . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: " وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ عُكَاظَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً [نقلا من عند الحافظ ابن كثير البداية].
وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الْفُجَّارُ بَعْدَ الْفِيلِ بِعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ بَعْدَ الْفُجَّارِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْمَبْعَثُ بَعْدَ بِنَائِهَا بِخَمْسِ سِنِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مطعم: كَانَت عكاط بَعْدَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبِنَاءُ الْكَعْبَةِ بَعْدَ عُكَاظٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَالْمَبْعَثُ بَعْدَ بِنَائِهَا بِخمْس عشْرين سَنَةً.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَ بَيْنَ مَبْعَثِهِ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْفِيلِ سَبْعُونَ سَنَةً. كَذَا قَالَ . وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ : هَذَا وَهْمٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا . إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ وَبُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ.
والخلاصة :

وكونه ولد عام الفيل، كما صح عن ابن عباس، وقيس بن مخرمة عند أحمد 4 / 215، والترمذي 4/ 589، و"سيرة ابن هشام" 1/ 171، و"البداية والنهاية" 2/ 261، و"دلائل النبوة" للبيهقي 1/ 75، و"طبقات ابن سعد" 1/ 101، و"المستدرك" 2/ 603 وبمثل هذا جاء الحديث عن قبات بن أشيم، ومحمد بن جبر، وغيرهم، كما أخرج ذلك عنهم البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 79.". وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، قَالُوا : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ ، وَسُمِّيَتْ قُرَيْشٌ" آلَ اللَّهِ " وَعَظُمَتْ فِي الْعَرَبِ .
(9) انظر دلائل النبوة للبيهقي : ج: 1؛ ص: 78. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ : كَانَ بَيْنَ الْفِيلِ وَبَيْنَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرُ سِنِينَ. وَهَذَا قَوْلٌ مُنْقَطِعٌ .
(10) قال الحافظ ابن حجر: إنه كذبٌ باطل لا أصلَ له، وقال الحاكم والبيهقي والسخاوي والحليمي: هذا الحديث لا يصح. وراجع :" موسوعة التاريخ الإسلامي؛ امحمد هادي اليوسفي ج 1؛ ص: 162..
(11) جاء في حديث ابن إسحاق: "...الشهر، فهو ربيع الأول. ولم أقف في ذلك على شيء صحيح مسند. ولكن تتابع الناس عليه. ولذلك قال ابن الجوزي في "صفة الصفوة" 1/ 12: اتفقوا على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، عام الفيل. واختلفوا فيما مضى من ذلك الشهر لولادته على أربعة أقوال:
أحدها: أنه ولد لليلتين خلتا منه.
الثاني: لثمان خلون فيه.
الثالث: لعشر خلون منه.
الرابع: لاثنتي عشرة خلت منه.). (انظر: القسطلاني؛ المواهب اللدنية ج: 1؛ ص: 195 -197؛ كما في "سيرة ابن هشام": ج: 1؛ص: 171).
وابن جماعة في المختصر :" في شهر ربيعٍ الأول يوم الاثنين قيل لعشرة ٍ خَلَت منه حين طلع الفجرُ وقيل ثانية وقيل ثالثة وقيل ثامنه وقيل ثاني عشره ولم يذكر ابن إسحاق غيره. بيد ابن جماعة يضيف:" وقيل في صَفَر؛ وقيل في الثاني عشر من شهر رمضان؛ وقيل في شهر ربيع الآخر؛ ثم يقول:" والصحيح الأوَّل. وكان قدومُ أصحاب الفيل قبل ذلك في المحرَّم . [ابن جماعةالمختصر].
وتفصيل هذه المسألة :" قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة (خلت) منه ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر وابن عباس[وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: وُلِدَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ . وَقَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ ] . قال في الغرر: وهو الذي عليه العمل. وقيل لليلتين خلتا منه وقدمه في الإشارة، وقيل لثمان. ونقل أبو عمر عن أصحاب الزيج أنهم صححوه ورجحه ابن دحية. وقال الحافظ: إنه مقتضى أكثر الأخبار. وقيل: لعشر. حكاه الدمياطي عن جعفر الباقر وصححه [قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ فِي " السِّيرَةِ " مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ قُدُومُ أَصْحَابِ الْفِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ ] . وقيل: لسبع عشرة. وقيل لثماني عشرة، وقيل: في أوله حين طلع الفجر.
(12). يقول الزرقاني في حاشيته على المواهب :" وأنشد المصنف-قصد -القسطلاني- لغيره بيتين هما: "يقول لنا لسان الحال منه" صلى الله عليه وسلم "وقول الحق يعذب" يحلو "للسميع" إن سألت عن صفاتي وأحوالي، "فوجهي والزمان وشهر وضعي" فالفاء جواب شرط مقدر "ربيع" المراد به وجهه صلى الله عليه وسلم بالربيع في اعتداله وحسنه ورونقه، "في ربيع" أي: زمن الربيع "في ربيع" أي: شهر ربيع المولود فيه صلى الله عليه وسلم". ومن ملح الأخبار وليس من متين العلم أنْ :" قال أهل المعاني كما في السبل: كان مولده في فصل الربيع وهو أعدل الفصول ليله ونهاره معتدلان بين الحر والبرد، ويسميه معتدل بين اليبوسة والرطوبة، وشمسه معتدلة في العلو والهبوط، وقمره معتدل في أول درجة من الليالي البيض ". (انظر: حاشية الزرقاني على المواهب اللدنية؛ ج:1؛ ص 257 )
(13) انظر: السيرة النبوية؛ من البداية والنهاية؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)؛ تحقيق: مصطفى عبدالواحد؛ بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: :"(ج: 1؛ ص:199).
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ : حُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَاشُورَاءِ الْمُحَرِّمِ، وَوُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ غَزْوَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ. وَهَذَا حَدِيثٌ سَاقِطٌ .
(14) وُلِدَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ؛ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ؛ كتاب الصيام رقم 197، والإمام أحمد في مسنده 5/ 297، وأبو داود في سننه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :" سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ، قَالَ « ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ.. أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ ». [انظر : السيرة النبوية من البداية والنهاية؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)؛ تحقيق: مصطفى عبد الواحد؛ بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].
فائدة:
ومن السنن النبوية : إنه يُسن صوم يوم الإثنين، فصومه مشروع مرغب فيه، ويدل لذلك جوابه صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن صوم يوم الاثنين؟ قال: « ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل علي ». وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلل صومه أحياناً بكونه تعرض فيه الأعمال على الله، كما ثبت من حديث أبي هريرة مرفوعا: « تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ».[رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
ويمكنني أن أضيف أيضا :" فهو كان يصومه، لأنه يوم مغفرة للذنوب، فمن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ الإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، فَقِيلَ« يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَصُومُ الإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، فَقَالَ « إِنَّ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ يَغْفِرُ اللَّهُ فِيهِمَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ إِلَّا مُهْتَجِرَيْنِ يَقُولُ دَعْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا ». [سنن ابن ماجه، وصححه الألباني]. وذكر البيهقي في دلائل النبوة حديثاً مرفوعا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : « وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ »[ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَأَخْرَجَهُ الْفَسَوِيُّ فِي تَارِيخِهِ .] .
(15) انظر السيرة النبوية من البداية والنهاية؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)؛ تحقيق: مصطفى عبدالواحد؛ بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ج: 1؛ ص:199. والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 293، وفي "دلائل النبوة" 1/ 71- 72.
(16) قال السهيلي: "أهل الحساب يقولون وافق مولده من الشهور الشمسية نيسان، وكان لعشرين مضت منه. فأثبت ابن كثير في بدايته قوله :" وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ مَوْلِدَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ نِيسَانَ." ويعلق ابن كثير بالقول :" وَهَذَا أَعْدَلُ الزَّمَان وَالْفُصُولِ، وَذَلِكَ لِسَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ لِذِي الْقَرْنَيْنِ فِيمَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الزِّيجِ. وَزَعَمُوا أَنَّ الطَّالِعَ كَانَ لِعِشْرِينَ دَرَجَةً مِنَ الْجَدْيِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي وَزُحَلُ مُقْتَرِنَيْنَ فِي ثَلَاثِ دَرَجٍ مِنَ الْعَقْرَبِ وَهِيَ دَرَجَةٌ وَسْطَ السَّمَاءِ. وَكَانَ مُوَافِقًا مِنَ الْبُرُوجِ الْحَمَلَ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الْقَمَرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ. نَقَلَهُ كُلَّهُ ابْنُ دِحْيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ". وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: نظرت في أن يكون صلى الله عليه وسلم ولد في ربيع وأن يكون ذلك في العشرين من نيسان فرأيته بعيدا من الحساب يستحيل أن يكون مولده في نيسان إلا أن يكون مولده في رمضان.
وذكر محمود باشا الفلكي في «التّقويم العربي قبل الإسلام»، ص 36- 39: أنّ ولادة الرّسول صلى الله عليه وسلم كانت في صبيحة يوم اثنين التّاسع من شهر ربيع الأوّل، الموافق لعشرين من (نيسان) عام الفيل سنة إحدى وسبعين وخمس مئة ميلاديّة. (أنصاريّ).
وقال الإمام أبو الحسن الماوردي: وافق شهر ربيع من شهور الروم العشرين من شباط. انتهى.
قال الدمياطي: في برج الحمل. قال في النور: وهذا يحتمل أن يكون في أوائل نيسان وأن يكون في آذار.
(17) انظر: السيرة الحلبية؛ المسمى: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن برهان الدين الحلبي؛ جزء: 1؛ صفحة: 86.
(18) انظر : أثير الدين الدين الكامل في التاريخ. وعند ابن كثير في البداية : ج:1؛ ص : 200.
(19) قال د. أكرم العمري: "وإسناده ضعيف وقواه بعضهم ولا تشده روايات الواقدي لأنه متروك، كما لا تقويه تلك المراسيل عن التابعين من الطبقة الرابعة وهم حسان بن عطية وإسحاق بن عبدالله ومن بعدهم وهو داؤد بن أبي هند لاحتمال وحدة مصدرهم".

شريف حمدان 05 / 05 / 2018 59 : 11 PM

رد: بُحُوثُ السيرة النبوية
 
http://up.ahlalalm.info/photo1/wvs33459.gif



واصل ولا تحرمنـا من جديـدك المميـز

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 06 / 05 / 2018 01 : 01 PM

[ 22 ] إرهاصات ليلة المولد
 
إرهاصات(1) إثناء الوضع والولادة

إرهاصات ليلة المولد :

.. وأما ليلة المولد فرأت -آمنة بنت وهب- ذلك رؤية عين كما سيأتي من:
„ بيان احداث ليلة الولادة‟ وهذا ما سنتعرض له فِي المَبَاحِث التالية:"
﴿ « ‟ ١ „ ».﴾ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : لحظات الوضع
... ورأت أمُّه آمنة؛ حين وضعته كأنّه خرج منها نورٌ(2) أضاءت منه قصورُ الشام،

روى ابن حبان عن حليمة(3) رضي الله تعالى عنها عن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت:
" إن لابني هذا لشأنا.. إني حملت به فلم أجد حملا كان أخف علي ولا أعظم بركة منه.. ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى"..
ثم
قالت:" ثم وضعته فما وقع كما تقع الصبيان، وقع واضعا يديه بالأرض رافعا رأسه إلى السماء. ".(4) .
ذكر أبو بكر البيهقي حديثا مرفوعاً عن ابْنِ إِسْحَاقَ؛ في دلائل النبوة جاء فيه :" فَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهَا : إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الأُمَّةِ... :"؛ ثم " قَالَ : آيَةُ ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ نُورٌ(5) يَمْلأُ قُصُورَ بُصْرَى(6) مِنْ أَرْضِ الشَّامِ... . "(7).

ــــــــــ
وقد يتساءل البعض مستفسراً أو مشككاً أو مستغرباً:
1.] هل هناك أي حقيقة على أنه قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ظهر ضوء في السماء ؟.
2.] وهل سطع نورٌ عند ولادة النبي صلى الله عليه وسلم !؟.
3.] هل كان من المبشرات بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه عندما حملت به أمه رأت في منامها أنه خرج منها نور بلغ الشام (8).
فتأتينا الإجابة من عدة مصادر:
1.] ما رواه ابن إسحاق بسنده؛ تجده عند سيرة ابن هشام.
2.] ومن طريقه أخرجه ابن جرير أبو جعفر الطبري في تفسيره؛
3.] والحاكم النيسابوري في مستدركه؛
4.] وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني.. هذا في الحديث المروي عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك. قال : ( دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام ) ".(9).
وقد حسن الألباني ما رواه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ورأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام "(10) .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد :" إسناد ما رواه أحمد حسن؛ أي حديث العرباض بن سارية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رسول الله قال : ( ... وذكر الحديث وفيه : إِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ ) (11) . و

قال الحافظ ابن حجر في الفتح : فَلَمَّا وَلَدَتْ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ الْبَيْت وَالدَّار . وَ
شَاهِده حَدِيث الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِنِّي عَبْد اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَم لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَته؛ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ : إِنِّي دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم، وَبِشَارَة عِيسَى بِي؛ وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ؛ وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ، وَإِنَّ أُمّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِين وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام ) (12)
[أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةُ عِنْد أَحْمَد نَحْوه اهـ ]
المقصود:

يجب أن يعلم أن دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليست محصورة في هذه الآية، فسواء ثبتت أم لم تثبت فإن نبوته صلى الله عليه وسلم ثابتة بالدلائل القطعية التي لا يستطيع منصف أن ينكرها. و
إنما أنكرها من أنكرها إما جهلاً أو مكابرة .(13).
**
﴿ «„٢ ‟».﴾ الْبَحْثُ الثَّانِي :

« وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ مَخْتُونًا؛ مَسْرُوراً »
وَمَعْنًى مَخْتُونًا أَيْ : مَقْطُوعَ الْخِتَانِ ، وَمَسْرُورًا أَيْ : مَقْطُوعَ السُّرَّةِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ :"
جمهور أهل السير والتواريخ على انه صلى الله عليه وسلم ولد معذورا مسرورا أى مختونا مقطوع السرة
بيد أن فِي خِتَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ(14) :
1.] أَحَدُهَا : أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمَوْضُوعَاتِ " وَلَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُولَدُ مَخْتُونًا .

عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: « من كَرَامَتي عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنّي وُلِدْتُ مَخْتوناً ولَمَ يَرَ أحَدٌ سَوْأتِي » "(15).: وَ
النَّاسُ يَقُولُونَ لِمَنْ وُلِدَ هكَذَا مختوناً : „خَتَنَهُ الْقَمَرُ”، وَهَذَا مِنْ خُرَافَاتِهِمْ.
2.] الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ خُتِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ شَقَّ قَلْبَهُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ظِئْرِهِ حَلِيمَةَ . فـ

عن أبي بكرة أن ﴿ جبرئيل ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهر قلبه ﴾(16).
وهناك قول يشوبه شبه حول هذه المسألة سنتعرض له في الجزء المتعلق بشبهات حول السيرة.
3.] الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ جَدَّهُ عبدالمطلب خَتَنَهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَصَنَعَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا .
قال الذهبي؛ في موسوعته سير أعلام النبلاء:" عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ عَبْدَالْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَصَنَعَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. وَ

هَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ قَالَ : وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ ، عَنْ يُونُسَ ، لَكِنْ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْنَ يُونُسَ وَالْحَكَمِ : عُثْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الصُّدَائِيَّ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : خَتَنَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَهَّرَ قَلْبَهُ .
قَالَ الذهبي: هَذَا مُنْكَرٌ .
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِالْبَرِّ : وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ غَرِيبٌ، وذكر الحديث السابق؛ قَالَ يحيى بن أيوب: طَلَبْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ أَجِدْهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ لَقِيتُهُ إِلَّا عِنْدَ ابن أبي السري، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاضِلَيْنِ صَنَّفَ أَحَدُهُمَا مُصَنَّفًا فِي أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُونًا، وَأَجْلَبَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا خِطَامَ لَهَا وَلَا زِمَامَ، وَهُوَ:

كمال الدين بن طلحة، فَنَقَضَهُ عَلَيْهِ :
كمال الدين بن العديم، وَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُتِنَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبُ، وَكَانَ عُمُومُ هَذِهِ السُّنَّةِ لِلْعَرَبِ قَاطِبَةً مُغْنِيًا عَنْ نَقْلٍ مُعَيَّنٍ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثم قال الذهبي: إن جده صلى الله عليه وسلم ختنه على عادة العرب. ورواه أبو عمر قال الحافظ أبو الفضل العراقي: وسنده غير صحيح.
وقال د. العمري: „ فسرور عبدالمطلب بالمولود الذكر وقيامه نحو اليتيم بالواجب من ختان ووليمة على عادة قومه لا يحتاج إلي أدلة وقد وردت في ذلك روايات واهية”.
**
وفي: "كفاية الطالب(17) اللبيب في خصائص الــ حــ بــ ـــيــ ـب"؛ للسيوطي" ذكر أخبار؛ منها :
1.] :" وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ﴿: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا ﴾؛ قَالَ : فَأَعْجَبَ جَدَّهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : „ لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ ” (18).
2.] عن ابن عباس قال ﴿ ولد النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا مختونا ﴾(19).
3.] عن ابي هريرة ﴿ ان النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختونا ﴾(20)
4.] عن ابن عمر قال ﴿ ولد النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا مختونا ﴾(21)
5.] قال ابن الكلبي بلغنا عن كعب الاحبار انه قال ﴿ نجد في بعض كتبنا ان آدم خلق مختونا واثني عشر [ 12 ] نبيا من بعده من ولده خلقوا مختتنين؛ آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وشيث وإدريس ونوح وسام ولوط ويوسف وموسى وسليمان وشعيب ويحيى وهود وصالح صلى الله عليهم أجمعين ﴾(22)


نال شرف إعداد هذا الملف ؛ بعد توفيق مَن رفع السموات بغير عمد نراها :
العبد الفقير إلى رضا وعفو ربه
ابن الرمادي؛ محمد فخر الدين بن إبراهيم
المدينة المنورة

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
تخريج الأحاديث والتعليقات :
(1) يكاد يكون أغلب مَن كتب السيرة والشمائل والخصائص والتاريخ يذكر أحداث ليلة المولد وما حدث إثناء الوضع وبعده من أمور عجيبة تصل بعضها إلى الخوارق؛ فنقرأ في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير:„ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْآيَاتِ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: قَدْ ذَكَرْنَا –الكلام للحافظ ابن كثير- فِي بَابِ هَوَاتِفِ الْجَانِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خُرُورِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْنَامِ لَيْلَتَئِذٍ لِوُجُوهِهَا وَسُقُوطِهَا عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَمَا رَآهُ النَّجَاشِيُّ مَلِكُ الْحَبَشَةِ، وَظُهُورِ النُّورِ مَعَهُ حَتَّى أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ حِينَ وُلِدَ، وَمَا كَانَ مِنْ سُقُوطِهِ جَاثِيًا رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَانْفِلَاقِ تِلْكَ الْبُرْمَةِ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَمَا شُوهِدَ مِنَ النُّورِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، وَدُنُوِّ النُّجُومِ مِنْهُمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ..”. [انظر: الإمام عماد الدين؛ ابو الفدَاء؛ الحافظ اسماعيل ابن كثير؛ قرشي النسب؛ دمشقي الدار (ت: 774هـ) البداية والنهاية؛ مكتبة المعارف؛ بيروت؛ الجزء الثاني؛ صفحة: 266؛ الطبعة السادسة: 1405هـ~1985م] .
(2) ذكره ابن جماعة في المختصر؛ رواه الإمام أحمد والبزار والحاكم وابن حبان وصححاه. وروى ابن حبان عن حليمة . وخرجه ابن سعد صاحب الطبقات رقم الحديث: 362؛ حديث مرفوع عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنَا عَنُ نَفْسِكَ ، قَالَ : " نَعَمْ .. وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ وَضَعَتْنِي خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ.. ".
(3) حليمة بنت أبي ذؤيب عبدالله بن الحارث بن شجنة بن جابر السعدي البكري الهوازني: من أمهات النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاع. كانت زوجة الحارث بن عبدالعزى السعدي من بادى الحديبية وكان المرضعات يقدمن إلى مكة من البادية لإرضاع الأطفال ويفضلن من يكون أبوه حيا لبره إلا أن محمدا كان يتيما، مات أبوه عبدالله، فتسلمته حليمة من أمه " آمنة " ونشأ في بادية بني سعد في الحديبية وأطرافها، ثم في المدينة، وعادت به إلى أمه. وماتت آمنة وعمره ست سنين فكفله جده عبد المطلب. وقدمت حليمة على مكة بعد أن تزوج رسول الله بخديجة، وشكت إليه الجدب، فكلم خديجة بشأنها فأعطتها أربعين شاة. وقدمت مع زوجها بعد النبوة فأسلما. وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وهو على الجعرانة، فقام إليها وبسط لها رداءة فجلست عليه. ولها رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها عبدالله بن جعفر. توفيت بعد سنة 8 ه‍. [انظر : الأعلام: ج: 2 ؛ ص: 271].



قلت (الرمادي) سأقوم بإذنه تبارك وتعالى في شرح مفصل لها أن أكتب عنها بحثاً كاملاً .. إذ هي رضي الله تعالى عنها تعتبر من الشخصيات المحورية في حياة محمد الرضيع؛ ومحمد الطفل.
(4.) انظر: سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد؛ محمد بن يوسف الصالحي الشامي؛ ج1؛ ص: 342.
(5) ذكره صاحب : إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» كِتَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ » بَابٌ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ وَمَوْلِدِهِ ... ". .". والخبر خرجه البيهقي حديث رقم ٣٣:" عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : فَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهَا : إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الأُمَّةِ ، ... قَالَ : آيَةُ ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ نُورٌ يَمْلأُ قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ...". كما ورد عند البيهقي برقم ٤٨. حديث مرفوع؛ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ".



قلت (الرمادي):" وذكرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ في الطبقات عدة أخبار تفيد نفس المعنى؛ نذكر منها :"
1.) : الحديث رقم: 200؛ حديث مرفوع؛ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : لَمَّا وَلَدَتْهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ قُصُورُ ".
2.) حديث رقم ٢٠٤ :"حديث مرفوع عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَأَتْ أُمِّي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ " . ورواه أحمد

[انظر الصالحي؛ ج:1؛ ص: 342].
3.) وَ رقم الحديث: 199؛ حديث مرفوع:" عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ: أَنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، قَالَتْ : " لَقَدْ عَلِقْتُ بِهِ تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا وَجَدْتُ لَهُ مَشَقَّةً حَتَّى وَضَعْتُهُ ، فَلَمَّا فَصَلَ مِنِّي خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ لَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ،..
4.) وجاء في الطبقات باب "ذكر مولد رسول الله"؛ حديثا مرفوعاً رقم 200 :" عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، " أَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : لَمَّا وَلَدَتْهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ فَوَلَدَتْهُ نَظِيفًا وَلَدْتُهُ كَمَا يُولَدُ السَّخْلُ مَا بِهِ قَذَرٌ وَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الأَرْضِ بِيَدِهِ". وأيضاً في الطبقات خبر رقم 201؛ حديث مرفوع عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ فِي مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَتْ أُمُّهُ : رَأَيْتُ كَأَنَّ شِهَابًا خَرَجَ مِنِّي أَضَاءَتْ لَهُ الأَرْضُ".
5.) حديث مرفوع رقم ٢٠٣؛ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " رَأَتْ أُمِّي حِينَ وَضَعَتْنِي سَطَعَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى " .

[ابن سعد في الطبقات 1 / 1 / 96.].

قلت (الرمادي) : وفق المصادر التي نعتمد عليها؛ والأخبار الواردة فيها تقسم مسألة النور إلى ثلاث حالات؛

الأولى منها: حين الحمل؛ و
الثانية : إثناء الحمل؛ و
الثالثة: حين الوضع... ولعل هناك حالة رابعة لا تحدد أو قت بدء الحمل أم عند الوضع ولحظة الولادة.. بيد أن صاحب كتاب دلائل النبوة لقوام السنة؛ إسماعيل بن محمد الأصبهاني ( تاريخ الوفاة " 535") بوب بابا أعتبر مِنْ عَلامَاتِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِهِ .فكأنه اعتبرها من الحالة الثانية . وهناك حالة ملفتة للإنتباه؛ وإعمال النظر؛ وهو ما جاء عند ابن عساكر بقولها :" „شَيْءٌ”. ونعتبرها حالة خاصة..
أما أحاديث الحالة الأولى؛ فمصادرها :
1.] ذكر الطبري في تاريخه بخصوص النور حين الحمل حديثاً مرفوعاً (٣٧٩) عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكَلاعِيِّ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ... ثم قال: وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ .. " والحديث له بقية ساعتمدها في موضعها من سلسلة البحوث. وايضا :"
2.] وتجده عند ". البيهقي." دلائل النبوة؛ الْمَدْخَلُ إِلَى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةِ ... » جِمَاعُ أَبْوَابِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ ... » بَابُ : ذِكْرِ مَوْلِدِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ ...) :" رقم الحديث: 35؛ (حديث مرفوع) عن ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ؛ هنا جاءت لفظ تعطي معنى زائداً :" كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ " ، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . .
3. ] وذكره ابن عساكر في تاريخه :" عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : " .. وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ.. " . أَسْنَدَهُ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ.
الحالة الثانية يخبر عنها الطبري في تاريخه :" رقم الحديث: 378؛ حديث مرفوع، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، جَاءَ فيه : ... ثُمَّ إِنَّ أُمِّي رَأَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِهَا نُورٌ، قَالَتْ : فَجَعَلْتُ أُتْبِعُ بَصَرِيَ النُّورَ، وَالنُّورُ يَسْبِقُ بَصَرِي حَتَّى أَضَاءَتْ لِي مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا "؛... هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ؛ لِضَعْفِ عُمَرَ بْنِ صُبْحٍ، وَالرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْلَى الْكُوفِيِّ.
الحالة التي لم تحدد وقت انبعاث النور؛ بمعنى عند بدء الحمل؛ أم إثناء الحمل؛ أم عند الوضع وإثناء الولادة؛ فقد جاء عند أبي داود الطيلاسي في مسنده من أَحَادِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ؛ رقم الحديث: 1224؛ حديث مرفوع عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ ؟ قَالَ : " ... وَرَأَتِ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ " .
أما الحالة الخاصة الملفتة للإنتباه فهي ما جاء عند ابن عساكر في تاريخ دمشق بلفظ :„ شئ ”؛ رقم الحديث: 329؛ حديث مرفوع عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكُمْ ؟ قَالَ : " ... وَرَأَتْ أُمِّي „كَـــأَنَّمَا” خَرَجَ مِنْهَا „شَيْءٌ” أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ " . ". وذكره شارح أصول اعتقاد الالكائي؛ ولم يعلق عليه.
(6) قال الصالحي :"أراد بها هنا بلد بالشام من أعمال دمشق. قال في المسكة الفائحة: وفي تخصيص بصرى لطيفة، وهي أنها أول موضع من بلاد الشام دخلها ذلك النور المحمدي، وكذلك هي أول ما افتتح من بلاد الشام. وبصرى أيضا من قرى بغداد. )

الصالحي يعلق على خبر ابن سعد عن محمد بن عمر الأسلمي بالقول :" وإنما أضاءت قصور بصرى بالنور الذي خرج منه إشارة إلى ما خص الشام من نبوته صلى الله عليه وسلم فإنها دار مجده وملكه كما ذكره كعب أن في الكتب السابقة: محمد رسول الله مولده بمكة ومهاجره بيثرب وملكه بالشام. وقد وردت أحاديث في فضل الشام، ذكر بعضها الحافظ المنذري في كتاب " الترغيب والترهيب ". و
قال بعضهم: أضاءت قصور بصرى إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم. ينور البصائر ويحيي القلوب الميتة. و
في خروج هذا النور معه صلى الله عليه وسلم حين وضعته إشارة إلى ما يجئ به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منها. كما قال الله تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم). قال الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى: وقد كان هذا النور الذي ظهر وقت ولادته صلى الله عليه وسلم قد اشتهر في قريش وكثر ذكره فيهم، وإلى ذلك أشار عمه العباس رضي الله تعالى عنه عن مولده صلى الله عليه وسلم: في أبياته السابقة حيث قال في حقه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا:



وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ ** وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ ** وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ".



ويرحم الله تعالى القائل :"
لما استهل المصطفى طالعا * * أضاء الفضا من نوره الساطع
وعطر الكون شذى عطره الطــــ * * ــــيب من دان ومن شاسع
ونادت الأكوان من فرحة * * يا مرحبا بالقمر الطالع "

[الصالحي: ج1/ ص: 343].. .
". [الصالحي ؛ ج:1؛ ص: 342] حديث .
قلت (الرمادي).:" سألتُ نفسي بصوت خفيض يشوبه الخجل ويملؤه الألم والحسرة؛ فما حال „بر الشام” اليوم نهاية شعبان 1439 ~ مايو 2018!!؟.
(7) وعن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إني عند الله لخاتم النبيين " ( أخرجه أبو نعيم في الدلائل 1 / 9، والطبري في التفسير 28 / 57، والبغوي في التفسير 1 / 111.) الحديث.. وفيه „ رؤيا أمي التي رأت”؛ و „ كذلك أمهات النبيين يرين”، وإن „ أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام”. قلت (الرمادي) : والحديث سبق تخريجه.
(8) انظر إجابة المنجد بتاريخ 30. أكتوبر 2002..
(9) انظر: سيرة ابن هشام: 1 /166؛ وتفسير الطبري : 1 /566)، وقال الحاكم في مستدركه: 2 /600 :" صحيح الإسناد؛ ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والسلسلة الصحيحة: 1545..
(10) انظر: الألباني؛ صحيح الجامع: 224..
(11) انظر عند أحمد : حديث رقم : 16700..
(12) أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةُ وعِنْد أَحْمَد نَحْوه.
(13) راجع بحثي :" أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ؛ الجزء الأول"؛ هامش رقم (7).
(14) انظر ابن قيم الجوزية في الهدي؛ والحسين في تاريخ الخميس: ح:1؛ ص : 4؛ وانظر أيضاً عند الشفا بتعريف حقوق المصطفى.
(15) أخرجه الطبراني في الصغير: ج:2؛ ص:59 وفي الأوسط؛ وَفِيهِ سُفْيَانُ بْنُ الْفَزَارِيِّ وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِهِ؛ وعند ابن عساكر: ج:3؛ ص:412؛ وأبو نعيم في دلائل النبوة؛ وساقه الخطيب:ج: 1؛ ص: 329 من طرق. واورده الحافظ ابن كثير في البداية: ج2؛ ص: 265؛ والسيوطي في الخصائص: ج:1؛ ص: 132؛ والهيثمي في الزوائد: ج:1؛ ص: 224؛ والذهبي في الميزان: ج2؛ ص: 172؛ والحافظ في اللسان: ج6؛ ص: 175 قال في الزهر: سنده جيد. انتهى. ولوجود متابعة الحسن بن عرفه لـ سُفْيَانُ بْنُ الْفَزَارِيِّ عند أبي نعيم وابن عساكر صححه الحافظ ضياء الدين المقدسي في المختارة. وحسنه المغلطائي كما ذكر الزرقاني في شرحه على المواهب: ج5؛ ص: 244. بيد أن ابن كثير في البداية قال :„ هَذَا الْحَدِيثُ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ ”.. وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمِصِّيصِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: „ مِنْ كَرَامَتِي عَلَى اللَّهِ أَنِّي وُلِدْتُ مَخْتُونًا ، وَلَمْ يَرَ سَوْءَتِي أَحَدٌ”.(رواه ابن سعد: ج:1؛ ص: 130، وابن عدي: ج: 2؛ ص: 576) ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ هُشَيْمٍ بِهِ ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ هُوَ الْبَاغَنْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَيُّوبَ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مُوسَى الْمَقْدِسِيُّ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا مَخْتُونًا .

[انظر : ابن كثير في بدايته].
وزعم البعض أنه متواتر؛ قال الحاكم في المستدرك :" تواترت الأحاديث أنه ولد مختونا"؛ وتعقبه الذهبي فقال:"ما أعلم صحة ذلك فكيف يكون متواتراً". راجع ما قاله ابن كثير في الفقرة أعلاه.

[انظر هامش العلل المتناهية في الأحدايث الواهية؛ عند ابن الجوزي ج:1؛ ص: 166]. و
قد جزم - بأنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا - جماعة من العلماء منهم هشام بن محمد بن السائب في كتاب الجامع. وابن حبيب في المحبر. وابن دريد في الوشاح، وابن الجوزي في العلل والتلقيح. ". وجاء على على هامش العلل لابن الجوزي:"من المعلوم أن الحافظ ابن القيم قال في الهدي : ج: 1؛ ص: 18:"أن ابا الفرج ذكره في الموضوعات وهذا لا يصح". وجاء في متن العلل:" وقال المؤلف :"ولا شك أنه ولد محتوناً غير أن هذه الحديث لا يصح به ". انتهى.
بيد أن:" أكرم العمري قال: “والأحاديث في ذلك كلها معلولة بعلل قادحة لا تنتهي مجتمعة للاحتجاج بها لأن معظمها لا يخلو من وضاع أو متهم فحديث العباس عندا بن سعد فيه يونس بن عطاء وهو يروى الموضوعات، وحديث ابن عباس عند ابن عدى في إسناده جعفر بن عبدالواحد وهو متهم بالوضع، وحديث أنس عند الطبراني وفي إسناده سفيان بن محمد وهو واهن، وحديث أبى هريرة عند ابن عساكر وفي إسناده محمد بن كثير وإسماعيل بن مسلم”.

[ويعلق هنا الحلبي بالقول :" فقد جاءت أحاديث كثيرة في ذلك. قال الحافظ ابن كثير: فمن الحافظ من صححها، ومنهم من ضعفها، ومنهم من رآها من الحسان: أي وقد يدعى أنه لا مخالفة بين هذه الأقوال الثلاثة، لأنه يجوز أن يكون من قال صحيحة أراد صحيحة لغيرها، والصحيحة لغيرها قد تكون حسنة لغيرها، ومن قال ضعيفة أراد في حد ذاتها.". ]
والظاهر أنها مسألة خلافية؛ أوردتُ الأقوال فيها لأمانة النقل والبحث.
(16) أخرجه الطبراني في الأوسط؛ وَفِيهِ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُمَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ" : هذا ما جاء في مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد:" علامات النبوة، وأيضاً أبو نعيم؛ وابن عساكر.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ »: خَتَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَهَّرَ قَلْبَهُ.« قُال محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي : هَذَا خبر مُنْكَرٌ. [انظر: سير أعلام النبلاء؛ لـ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. ثم علق ابن كثير على الخبر السابق بقوله : ״ وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ الْبَصَرِيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ مُحَارِبِ بْنِ سَلْمِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ : أَنَّ جِبْرِيلَ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَهَّرَ قَلْبَهُ . وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا. ورواه الخطيب عن أبي بكرة موقوفا. ولا يصح سنده.
(17) انظر : عند الصالحي؛ والحلبي ص: 45؛ وابن جماعة في المختصر. وبوب السيوطي في كتابه ﴿كفاية الطالب اللبيب في خصائص الـ حـ بـ ـ يـ ـب ﴾ :" باب الآية في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا مقطوع السرة.
(18) وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ ؛ فَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ لِمَا وَرَدَ لَهُ مِنَ الطُّرُقِ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ، وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ . قال ابن سعد:" حدثنا عكرمة عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبدالمطلب"؛ وأخرجه البيهقي وأبو نعيم وابن عساكر . وأورده ابن كثير في البداية قال :" وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جَدَّهُ عَبْدَالْمُطَّلِبِ خَتَنَهُ، وَعَمِلَ لَهُ دَعْوَةً جَمَعَ قُرَيْشًا عَلَيْهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

[انظر: البداية والنهاية] .
وجاء في سير أعلام النبلاء؛ الذهبي: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ عَبْدَالْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَصَنَعَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا. قال صاحب البداية والنهاية؛ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي" وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ »:وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا ״، قَالَ :״ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عَبْدَالْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ. فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ « .

[انظر: ابن كثير في البداية]
ثم قال :" وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْمَالِكِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ قَالَ : وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا فَأَعْجَبَ ذَلِكَ جَدَّهُ عَبْدَالْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ. وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ صِحَّتَهُ لِمَا وَرَدَ لَهُ مِنَ الطُّرُقِ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ ، وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ . وَمَعْنًى مَخْتُونًا أَيْ : مَقْطُوعَ الْخِتَانِ ، وَمَسْرُورًا أَيْ : مَقْطُوعَ السُّرَّةِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ .
[ راجع: البداية والنهاية؛ ابن كثير دار عالم الكتب؛ 1424هـ / 2003م .].
(19) وأخرجه ابن عدي وابن عساكر من طريق عطاء..
(20) واخرجه ابن عساكر..
(21) وايضاً : أخرجه ابن عساكر..
(22) انظر : الوشاح لابن دريد..

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 09 / 05 / 2018 31 : 12 AM

[23] ما روى من الأحداث ليلة ولادته
 
[ ٢ .] مِنَ دَّلَالَاتِ(1) وإرهاصات لَّيلةِ مَوُلِدَه

„ ما روى من الأحداث ليلة ولادته‟
تمهيد :
كانت مكة على موعدٍ؛ بل إن أردت الدقة جزيرة العرب كلها؛ بل إن أردت الحقيقة امبراطورية فارس وامبراطورية الروم؛ وإن أردت الواقع فقد كان العالم بأسره -عربه.. وشرقه.. وغربه.. شماله.. وجنوبه- مع أمر عظيم سيظل يشرق بنوره على الكون كله إلى أن يرث الله جل جلاله الأرض ومَن عليها، إنه :

ميلاد خاتم الأنبياء وآخر المرسلين؛ المتمم للمبتعثين من رب الكون والإنسان والحياة والمخلوقات أجمعين النبي المرتضى والرسول المجتبى والـ حــ بــ يــ ب المحتبى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ليخرج الناس من ظلم الإنسان إلى عدل واجد الإنسان وخالقه ورازقه؛ -الرسول- الذي كان بشيراً لأمة عربية تعيش في جاهلية ولبقية أمم الأرض وشعوبها.. ثم لمَن أمن به بعد ذلك في كل زمان وكل مكان؛ وهاديا لمن أعتقد في هداه وتسربل بوشاح سنته وسار على دربه، ونذيراً بزوال الشرك والظلم والجهل، وبُعث لنشر التوحيد والعدل بين الناس، والرحمة لكافة العالمين.. وعندما قرب شروق شمس مولده صلوات الله وسلامه عليه وآله كانت له إرهاصات ودلالات وأحداث فريدة.. وقد أكثر مؤلفو السير والشمائل والتاريخ في ذكر تلك الإرهاصات والحوادث، التي اقترنت بميلاده صلى الله عليه وسلم، والتي فيها الصحيح الثابت والضعيف الذي لا يصح.. ومع اعتقادي الذي يصل إلى حد الجزم في أن بعض الأحداث والمرويات أنها ضعيفة بل منها ماهو ليس بصحيح البتة -علكتها أفواه مَن جهل سيرته؛ أو وافقت ما اضمره صدر محب مغال وسريرته- إلا إنني اذكر تلك المراجع؛ ثم أقوم بتخريجها وفق قدرتي العلمية وقدر إستطاعتي الفهمية وحسب طاقتي الإدراكية العقلية؛ ومِن ثَمَّ التعليق عليها؛ إذ يجب أن تكون سيرة خاتم الأنبياء وآخر المرسلين خالية من الشوائب التي قد تعكر صفو جريان ينبوع مائها بين الأحياء ليرتوا مِن نبعها الصافي فيعيشوا في هناء وصفاء فتتدفق هطول شلالاتها الغزيرة الوفيرة لتتحرك عجلة الإصلاح والتجديد في كل زمان ومكان.. على أساس العلم وعماد اليقين فالحديث أولاً عن و « لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ » وثانيا عن و « لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا » ؛ فالأسوة الأولى العامة تجدها في ﴿سورة الممتحنة؛ آية: ٤﴾ والأسوة الثانية الخاصة تجدها في ﴿سورة الأحزاب؛ آية: ٢١﴾.. و
العلي القدير أسأله أن يوفقني لما يحبه ويرضاه؛ ويزيل غشاوة الجهل وستار التقليد وغبار النقل دون تحقيق أو تدقيق عن بصيرتي وعقلي.. فهو نعم المسؤول وبالإجابة لما ادعوه قدير..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
﴿ « „ ٣ ‟ » ﴾ الْبَحْثُ الثَّالِثُ :

« „ ما روى من أحداث ليلة المولد ‟ »:
نجمل القول أولاً؛ ثم نفصله.. فنبدءُ بـ السؤال:
ما هي معجزات ولادة الرسول الكريم !؟
الجواب:
عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الصَّادِقِ(2) - أي الامام جعفر بن محمد- قَالَ :
١ . ] كَانَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَخْتَرِقُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى عليه السلام حُجِبَ عَنْ ثَلَاثِ سَمَاوَاتٍ وَكَانَ يَخْتَرِقُ أَرْبَعَ سَمَاوَاتٍ، فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم حُجِبَ عَنِ السَّبْعِ كُلِّهَا، وَرُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ أَهْلَ الْكُتُبِ يَذْكُرُونَهُ، و
َ
قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ- وَكَانَ مِنْ أَزْجَرِ(3) أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ- :
٢ . ] انْظُرُوا هَذِهِ النُّجُومَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَيُعْرَفُ بِهَا أَزْمَانُ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَإِنْ كَانَ رُمِيَ بِهَا فَهُوَ هَلَاكُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَبَتَتْ وَرُمِيَ بِغَيْرِهَا فَهُوَ أَمْرٌ حَدَثٌ .
٣ . ] وَأَصْبَحَتِ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا صَبِيحَةَ وُلِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لَيْسَ مِنْهَا صَنَمٌ إِلَّا وَهُوَ مُنْكَبٌّ عَلَى وَجْهِهِ .
٤ . ] وَارْتَجَسَ(4) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِيْوَانُ كِسْرَى؛ وَ
٥ . ] سَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً .
٦ . ] وَغَاضَتْ(5) بُحَيْرَةُ سَاوَةَ .
٧ . ] وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ .وَ
٨ . ] خَمَدَتْ نِيرَانُ فَارِسَ، وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ .
٩ . ] وَرَأَى الْمُؤْبَذَانُ(6) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْمَنَامِ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيْلًا عِرَاباً قَدْ قُطِعَتْ دِجْلَةُ وَانْسَرَبَتْ فِي بِلَادِهِمْ .
١٠ . ] وَانْقَصَمَ طَاقُ الْمَلِكِ كِسْرَى مِنْ وَسَطِهِ .
١١ . ] وَانْخَرَقَتْ عَلَيْهِ دِجْلَةُ الْعَوْرَاءِ(7).
١٢ . ] وَانْتَشَرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نُورٌ مِنْ قِبَلِ الْحِجَازِ ثُمَّ اسْتَطَارَ حَتَّى بَلَغَ الْمَشْرِقَ .
١٣ . ] وَلَمْ يَبْقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوساً، وَالْمَلِكُ مُخْرِساً لَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَهُ ذَلِكَ .
١٤ . ] وَانْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ .
١٥ . ] وَبَطَلَ سِحْرُ السَّحَرَةِ .
١٦ . ] وَلَمْ تَبْقَ كَاهِنَةٌ فِي الْعَرَبِ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبِهَا.
١٧ . ] وَعَظُمَتْ قُرَيْشٌ فِي الْعَرَبِ، وَسُمُّوا آلَ(8) اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَتْ آمِنَةُ: إِنَّ ابْنِي وَاللَّهِ :
١٨ . ] سَقَطَ فَاتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ، ثُمَّ
١٩ . ] رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا(9) ، ثُمَّ
٢٠ . ] خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ(10) ، وَ
٢١ . ] سَمِعْتُ فِي الضَّوْءِ قَائِلًا يَقُولُ : إِنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ سَيِّدَ النَّاسِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّداً .
٢٢ . ] وَصَاحَ إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- فِي أَبَالِسَتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ.
فَقَالُوا : مَا الَّذِي أَفْزَعَكَ يَا سَيِّدَنَا ؟
فَقَالَ لَهُمْ: وَيْلَكُمْ، لَقَدْ أَنْكَرْتُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ عَظِيمٌ مَا حَدَثَ مِثْلُهُ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، فَاخْرُجُوا وَانْظُرُوا مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي قَدْ حَدَثَ . فَافْتَرَقُوا، ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : مَا وَجَدْنَا شَيْئاً . فَقَالَ إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- : أَنَا لِهَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ انْغَمَسَ فِي الدُّنْيَا فَجَالَهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَدَ الْحَرَمَ مَحْفُوظاً بِالْمَلَائِكَةِ، فَذَهَبَ لِيَدْخُلَ فَصَاحُوا بِهِ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَارَ مِثْلَ الصِّرِّ - وَهُوَ الْعُصْفُورُ - فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ حَرَى . فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: وَرَاكَ لَعَنَكَ اللَّهُ . فَقَالَ لَهُ: حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ يَا جَبْرَئِيلُ، مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فِي الْأَرْضِ ؟ فَقَالَ لَهُ : وُلِدَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم . فَقَالَ لَهُ : هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ ؟ . قَالَ : لَا . قَالَ : فَفِي أُمَّتِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : رَضِيتُ(11).
هذا كان الإجمال في مسألة أحداث ليلة المولد ؛ وإليك التفصيل :
[٣. ١. ]: انتكاس بعض الأصنام:
قَالَ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ - الزبير - أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ: وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ؛ وَزَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ؛ وَعُبَيْدُاللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، كَانُوا عِنْدَ صَنَمٍ لَهُمْ يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ قَدِ اتَّخَذُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ عِيدًا كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ، وَيَنْحَرُونَ لَهُ الْجَزُورَ، ثُمَّ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ فَرَأَوْهُ مَكْبُوبًا عَلَى وَجْهِهِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ؛ فَأَخَذُوهُ فَرَدُّوهُ إِلَى حَالِهِ؛ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ انْقَلَبَ انْقِلَابًا عَنِيفًا؛ فَأَخَذُوهُ فَرَدُّوهُ إِلَى حَالِهِ فَانْقَلَبَ الثَّالِثَةَ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اغْتَمُّوا لَهُ، وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ،
فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: مَا لَهُ قَدْ أَكْثَرَ التَّنَكُّسَ، إِنَّ هَذَا لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ، وَذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُولُ :
أَيَا صَنَمَ الْعِيدِ الَّذِي صُفَّ حَوْلَهُ ** صَنَادِيدُ وَفْدٍ مِنْ بِعِيدٍ وَمِنْ قُرْبِ
تَكَوَّسْتَ مَغْلُوبًا فَمَا ذَاكَ قُلْ لَنَا ** أَذَاكَ سَفِيهٌ أَمْ تَكَوَّسْتَ لِلْعَتْبِ
فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَنْبٍ أَتَيْنَا فَإِنَّنَا ** نَبُوءُ بِإِقْرَارٍ وَنَلْوِي عَنِ الذَّنْبِ
وَإِنْ كُنْتَ مَغْلُوبًا تَكَوَّسْتَ صَاغِرًا ** فَمَا أَنْتَ فِي الْأَوْثَانِ بِالسَّيِّدِ الرَّبِّ
قَالَ : فَأَخَذُوا الصَّنَمَ فَرَدُّوهُ إِلَى حَالِهِ فَلَمَّا اسْتَوَى هَتَفَ بِهِمْ هَاتِفٌ مِنَ الصَّنَمِ ، بِصَوْتٍ جَهِيرٍ وَهُوَ يَقُولُ :


تَرَدَّى لِمَوْلُوْدٍ أَنَارَتْ بِنُورِهِ ** جَمِيعُ فِجَاجِ الْأَرْضِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ
وَخرَّتْ لَهُ الْأَوْثَانُ طُرًّا وَأُرْعِدَتْ ** قُلُوبُ مُلُوكِ الْأَرْضِ طُرًّا مِنَ الرُّعْبِ
وَنَارُ جَمِيعِ الْفُرْسِ بَاخَتْ وَأَظْلَمَتْ ** وَقَدْ بَاتَ شَاهُ الْفُرْسِ فِي أَعْظَمِ الْكَرْبِ
وَصُدَّتْ عَنِ الْكُهَّانِ بِالْغَيْبِ جِنُّهَا ** فَلَا مُخْبِرٌ عَنْهُمْ بِحَقٍّ وَلَا كَذِبَ
فَيَالَ قُصَيٍّ إِرْجِعُوا عَنْ ضَلَالِكُمْ ** وَهُبُّوا إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ
قَالَ : فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ خَلَصُوا نَجِيًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَصَادَقُوا ، وَلْيَكْتُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالُوا : أَجَلْ.
فَقَالَ لَهُمْ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ تَعْلَمُونَ - وَاللَّهِ - مَا قَوْمُكُمْ عَلَى دِينٍ، وَلَقَدْ أَخْطَئُوا الْحُجَّةَ ، وَتَرَكُوا دِينَ إِبْرَاهِيمَ مَا حَجَرٌ تُطِيفُونَ بِهِ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ ؟ . يَا قَوْمِ، الْتَمِسُوا لِأَنْفُسِكُمُ الدِّينَ. قَالَ : فَخَرَجُوا عِنْدَ ذَلِكَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ، وَيَسْأَلُونَ عَنِ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَأَمَّا وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فَتَنَصَّرَ، وَقَرَأَ الْكُتُبَ حَتَّى عَلِمَ عِلْمًا،
وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فَسَارَ إِلَى قَيْصَرَ فَتَنَصَّرَ، وَحَسُنَتْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ فَحُبِسَ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَرَبَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَ الرِّقَّةَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ فَلَقِيَ بِهَا رَاهِبًا عَالِمًا فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي يَطْلُبُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : إِنَّكَ لَتَطْلُبُ دِينًا مَا تَجِدُ مَنْ يَحْمِلُكَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِكَ يُبْعَثُ بِدِينِ الْحَنِيفِيَّةِ فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ رَجَعَ يُرِيدُ مَكَّةَ فَغَارَتْ عَلَيْهِ لَخْمٌ فَقَتَلُوهُ،
وَأَمَّا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَ مَنْ خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَلَمَّا صَارَ بِهَا تَنَصَّرَ، وَفَارَقَ الْإِسْلَامَ فَكَانَ بِهَا حَتَّى هَلَكَ هُنَالِكَ نَصْرَانِيًّا. (12).
.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[٣. ٢. ]: ذِكْرُ ارْتِجَاسِ إِيوَانِ كِسْرَى(13)؛ وَ
[٣. ٣. ]: سُقُوطِ الشُّرُفَاتِ(14)، وَ
[٣. ٤. ]: خُمُودِ النِّيرَانِ(15)، وَ
[٣. ٥. ]: رُؤْيَا الْمُوبِذَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَالَاتِ؛ و
[٣. ٦. ]: انبثاق دجلة(16) العوراء (شط العرب) (17)"

**
تحقيق مسألة البحث الثالث:
„ ارتجاس ديوان كِسرى.. وسقوط شرفاته.. وخمود نار المجوس(18)‟
قَالَ الْحَافِظُ الْخَرَائِطِيُّ(19). فِي كِتَابِ „هَوَاتِفِ الْجَانِّ(20)” حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ يَعْلَى بْنُ عِمْرَانَ - مِنْ آلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْبَجَلِيِّ - حَدَّثَنِي مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ - وَأَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ - قَالَ (21) في خبرٍ طويلٍ جاء فيه:

„ لمَّا كانتِ اللَّيلةُ الَّتي وُلِدَ فيها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله وسلَّمَ :


ارتَجسَ إيوانُ كِسرى؛ و
سقَطَت منها أربعةُ عشرَ [أربعَ عشرةَ] شُرافةَ [شُرفةً]؛ و
خَمدت نارُ فارِسَ؛ ولم تخمَد قبلَ ذلك ألفَ عامٍ، و
[٣. ٧. ]: غاضَت بُحيرَةُ ساوَةَ (22) يكمل هانئ المخزومي الخبر فلمَّا أصبحَ كسرى أفزعَهُ [ما رأى من شأنِ إيوانِهِ] ذلِكَ فصبرَ عليهِ تشجُّعًا إليه وأخبرَهم فلمَّا عيلَ صبرُهُ رأى أن لا يَسترَ ذلِكَ عن وزرائِهِ [ابن كثير البداية؛ ص: 395 لم يذكر وزرائه:" لَا يَدَّخِرُ عن" ] ومَرازبتِهِ فلبسَ تاجَهُ وقعدَ علَى سريرِهِ وجمعَهُم إليهِ [فلمَّا اجتمعوا عندَهُ قالَ: أتدرونَ فيمَ بعثتُ إليْكم قالوا: لا إلَّا أن يخبرنا الملِكُ] وأخبرَهُم بما رأى فبَينا هم كذلِكَ إذ وردَ عليهمُ الكتابُ بخُمودِ النَّارِ فازدادَ غمًّا إلى غمِّهِ فقالَ الموبِذانُ: وأَنا -أصلحَ اللَّهُ الملِكَ- اللَّهُمَّ قد رأيتُ في هذِهِ اللَّيلةِ [رؤيا ثمَّ قصَّ عليْهِ رؤياهُ] [البداية ص: 396].
ثم يكمل ابن كثير : (رأيتُ) إبلًا ضِعافًا [صعابًا] تقودُ خيلًا عِرابًا قد قطَعَت دجلةَ وانتشَرَت في بلادِها [ابن كثير : بِلَادِهِمْ] فقالَ: أيُّ شيءٍ يكونُ هذا يا موبذانُ ؟، وَكانَ أعلَمَهُم في أنفسِهِم قالَ: حادثٌ [حدثٌ] يكون في ناحيةِ العَربِ .
فَكَتبَ عندَ ذلِكَ:
مِن كِسرى ملِكِ الملوكِ إلى النُّعمانِ بنِ المنذرِ؛ أمَّا بعدُ؛ فابعَث [فوجِّه] إليَّ برجلٍ عالِمٍ بما أريدُ أن أسألَهُ عنهُ. فبَعثَ [فوجَّهَ] إليهِ بـ عبدِالمسيحِ بنِ عمرِو بنِ حيَّانَ بنِ بَقلةَ (ابن كثير البداية :" بُقَيْلَةَ ") الغسَّانيِّ، فلما قدِمَ (البداية:"وَرَدَ") عليه قال [لَهُ ألَكَ]: أعندَكَ علمٌ بما أريدُ أن أسألَكَ عنهُ؟. قالَ: لِيُخبِرني [ليَسألني] [البداية:"عَمَّا أَحَبَّ"] الملِكُ فإن كانَ عِندي منهُ علمٌ [إلَّا] أخبرتُهُ؛ وإلَّا [البداية:"أَخْبَرْتُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ"] دَللتُهُ على مَن يخبرُهُ، فأخبرَهُ بما رأى فقالَ: عِلمُ ذلِكَ عندَ خالٍ لي يسكنُ مشارِفَ الشَّامِ يقالُ له „سَطيحٌ”؛ قال: فأتِهِ فاسألهُ عمَّا أخبرتُكَ [البداية:"سَأَلَتُكَ عَنْهُ"] ثمَّ ائتِني بجوابِهِ [البداية:"بِتَفْسِيرِهِ"] فخرجَ عبدُالمسيحِ [فرَكِبَ] حتى قدِم [البداية:" حَتَّى انْتَهَى إِلَى"] „سَطيحٍ” وقد أشفَى على [البداية:"الضَّرِيحِ"] الموتِ فسلَّمَ عليهِ وحيَّاهُ [البداية:"وَكَلَّمَهُ"] فلَم [يحر] يردَّ عليهِ جوابًا فأنشأ عبدُالمسيحِ يقولُ:
أصُمَّ لَم يسمَعْ غطريفُ اليمَنْ * أم فازَ [ابن كثير البداية :" فَاد"] فأزلَمَّ به شأوُ العنَنْ
يا فَاصِلَ الخُطَّةِ أعيَت مَنْ ومَنْ * [ابن كثير البداية :" وَكَاشِفَ الْكُرْبَةِ عَنْ وَجْهٍ غَضِنْ "]
أتاكَ شيخُ الحيِّ مِن آلِ سنَنْ
وأمُّهُ من آلِ ذئبِ بنِ حَجَنْ * أزرقُ [نَهمُ] [البداية ابن كثير :" بَهْمُ "] مُهمي النَّابِ صرَّارُ الأذُنْ
[ابن كثير البداية:" أَزْرَقُ بَهْمُ النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنْ * أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ "]
أبيضُ فضفاضُ الرِّداءِ والبدَنْ * رسولُ قَيلَ العُجْمِ يَسري للوسَنْ
لا يرهبُ الرَّعدَ ولا ريبَ الزَّمَنْ * تجوبُ بي الأرضَ علنداةٌ شَجَنْ [شزَنْ؛ عند الذهبي وابن كثيرالبداية]
ترفعُني وجنًا وتَهْوى بي وَجَنْ * حتَّى أتي عاري الجآجِئ والقطَنْ
[قلت(الرمادي): يوجد تقديم وتأخير في سرد الأبيات]
تلفُّهُ في الرِّيحِ بوغاءُ الدِّمَنْ * كأنَّما حُثْحِثَ من حضني ثَكَن [كأنَّما أخرجَ من جوفٍ ثَكن]
فلمَّا سمعَ سَطِيحٌ شعرَهُ رفع رأسه وقال :
عبدُالمسيحِ علَي جملٍ مُشيحٍ إلى (أَتَى) سطيحٍ .
وقد أوفى على الضريحٍ
بعثَكَ ملِكُ بَني ساسانَ لارتِجاسِ الإيوانِ وخُمودِ النِّيرانِ ورُؤيا الموبذانِ رأى إبلًا ضِعافًا ["صعابًا" عند ابن كثير؛ البداية] تقودُ خيلًا عِرابًا قد قَطَعَت دِجلةَ وانتشَرَتْ في بلادِها يا عبدَالمسيحِ إذا كثُرتِ التِّلاوةُ وظَهَرَ صاحبُ الهَراوةِ وخمدت نارُ فارسَ وغاضت بُحَيْرةُ ساوةَ وفاضَ وادي السَّماوةِ فليسَ الشَّامُ لسَطيحٍ شاما يملِكُ منهم ملوكٌ وملِكاتٍ علَى عددِ الشُّرفاتِ وَكُلُّ ما هوَ آتٍ آتٍ .
ثمَّ قضَى سطيحٌ مَكانَهُ ووثبَ [البداية:"فَنَهَضَ"] عبدالمسيح الغَسَّاني [البداية:"إِلَى رَاحِلَتِهِ"] [إلى رحلِهِ وَهوَ ] يقولُ:
شَمِّر فإنَّكَ ماضي الهمَّ شِمِّيرُ * لا يُفْزِعَنَّكَ تفريقٌ وتغييرُ
إن يمسِ ملِكُ بَني ساسانَ أفرطَهُم * فإنَّ ذا الدَّهرِ أطوارٌ دهاهيرُ
فربَّما ربموا [ربَّما] أضحَو بمنزلةٍ * تَهابُ [البداية : يَخَافُ] صولَهُمُ الأسدُ المَهاصيرُ
منهم أخو الصَّرحِ بَهْرامٌ وأخوتُهُ * والهرمُزانُ وسابورُ [البداية:" شَابُورٌ] وسابورُ
والنَّاسُ أولادُ عَلَّاتٍ فمَن علِموا * أن قد أقلَّ فمَحقورٌ ومَهجورُ
بيت من عند البداية: [وَرُبَّ قَوْمٍ لَهُمْ صُحْبَانُ ذِي أُذُنٍ * بَدَتْ تُلَهِّيهِمُ فِيهِ الْمَزَامِيرُ ]
وهُم بنوا الأمِّ أما إن رَأوا نَشبًا * فذاكَ بالغَيبِ مَحفوظٌ ومَنصورُ
فالخيرُ والشَّرُّ مَقرونانِ [مصفودانِ] في قَرَنٍ * فالخيرُ متَّبعٌ والشَّرُّ مَحذورُ
فلمَّا قدمَ عبدُالمسيحِ على كِسرى أخبرَهُ بقولِ سَطيحٍ. فقالَ كِسرَى: إلى [متى يملِكُ] أن يملِكَ منَّا أربعةَ عشرَ ملكًا قد كانَت أمورٌ [البداية :"وَأُمُورٌ"]. قال: فملَكَ منهُم عشرةٌ أربعَ سنينَ وملَكَ الباقونَ إلى آخرِ خِلافةِ عُثمانَ رضيَ اللَّهُ عنهُ ‟ (23)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
وذكر : أبو شهبة في السيرة النبوية :" ما صاحب الميلاد من الايات والعجائب:
ومن الآيات والإرهاصات(24) التي صاحبت الميلاد ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، فقد كان هذا إيذانا بأنه لم يبق من ملوكهم إلا أربعة عشر(25) ، وهذا ما كان، وصدّقه التاريخ والواقع(!!!)، وغاضت بحيرة ساوه(26)، وخمدت نيران فارس التي كانوا يعبدونها، ولم تخمد منذ ألف عام(27).
يقول بعد ذلك أبو شيبة في السيرة النبوية : « وقد أسرف المؤلفون في السير والمولد والتاريخ في ذكر العجائب التي اقترنت بالميلاد، ومنها كلام الهواتف(28)، والجن، وفيها الكثير مما لم يصح، وما هو مختلق، فأعرضت عن ذكر كل ذلك، واكتفيت بما هو ثابت، أو بعضه(29).
وقد ذكرت رواية إرتجاس إيوان كسرى وخمود نار الفرس في العديد من الكتابات والبحوث الحديثة دون تمحيص أو تدقيق؛ فتجدها على موقع قصّة الاسلام تحت اشراف الدكتور راغب السرجاني؛ دون تعليق أو تدقيق؛ وهذا ما لا أفهمه، خاصةً أن الدكتور يكتب في موقع قد يعتمد عليه الكثير كمرجع .
قلت(الرمادي): لم تخل كتب السنة أو الشيعة من ذكر هذه الإرهاصات؛ فأنت تقرأ في موسوعة :" محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي؛ بحار الأنوار [الجزء: 15؛ ص: 256] نفس الرواية؛ فكتب يقول :" وأصبحت الاصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه، وبقية الرواية ذكرتها في المجمل في بداية هذا البحث فلتراجع.
قلتُ(الرمادي): والمجلسي ذكرها دون تعليق أو تصحيح أو تضعيف؛ ثم يكمل المجلسي القول ص : 257:" بما أثبتناه في المجمل؛ نقلا من الإمام جعفر. "
وذكر الصالحي رواية عن ابن جرير؛ قريبة مما ذهب إليه المجلسي؛ فذكر في الباب الحادي عشر؛ تحت عنوان : « في انبثاق دجلة وارتجاس الإيوان وسقوط الشرفات وخمود النيران وغير ذلك مما يذكر»..
فكتب يقول:" ذكر ابن جرير؛ وغيره أن « كِسرى أبرويز كان قد سكر -سد- دجلة العوراء وأنفق عليها مالا عظيما، وكان طاق ملكه قد بناه بنيانا عظيما لم ير مثله، وكان عنده ثلاثمائة رجل من كاهن وساحر ومنجم، وكان فيهم رجل من العرب اسمه „السائب” قد بعث به بأذان من اليمن، وكان كِسرى إذا حزبه أمر جمعهم فقال: انظروا في هذا الأمر ما هو. فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح كِسرى وقد انقصم طاق ملكه من غير ثقل وانخرقت دجلة العوراء فلما رأى ذلك أحزنه فدعا كهانه وسحاره ومنجميه وفيهم „السائب” فقال لهم: قد انقصم طاق ملكي من غير ثقل فانظروا في أمره بما تعلمونه من علمكم فأخذت عليهم أقطار السماء وأظلمت الأرض فلم يمض لهم ما رأوه وبات „السائب” في ليلة مظلمة على ربوة من الأرض ينظر فرأى برقا من قبل الحجاز قد استطار فبلغ المشرق، فلما أصبح رأى تحت قدميه روضة خضراء فقال فيما يعتاف: إن صدق ما أرى ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ المشرق وتخصب الأرض عليه كأفضل ما أخصبت على ملك. فلما خلص الكهان والمنجمون بعضهم إلى بعض ورأوا ما أصابهم ورأى „السائب” ما رأى قال بعضهم لبعض: والله ما حيل بينكم وبين علمكم إلا لأمر جاء من السماء وإنه لنبي يبعث أو هو مبعوث يسلب هذا الملك ملكه ويكسر وإن نعيتم إلى كسرى كسر ملكه ليقتلنكم فاتفقوا على أن يكتموه الأمر وقالوا له قد نظرنا فوجدنا وضع دجلة العوراء وطاق الملك قد وضع على النحوس، فلما اختلف الليل والنهار فوقعت النحوس مواقعها زال كل ما وضع عليها، ونحن نحسب لك حسابا تضع عليه بنيانك فلا يزول. - فحسبوا فأمروه بالبناء فبنى دجلة العوراء في ثمانية أشهر وأنفق عليها أموالا جليلة حتى فرغ منها، فلما فرغ قال لهم: أجلس على سورها ؟ قالوا: نعم. فجلس في أساورته ومرازبته، فبينما هو كذلك انشقت دجلة وخرج ذلك البنيان من تحته، فلم يخرج إلا بآخر رمق، فلما أخرجوه جمع كهانه وسحرته ومنجميه وقتل منهم نحو مائة وقال لهم: أقربتكم وأجريت عليكم الأموال ثم إنكم تخونونني ؟ فقالوا: أيها الملك أخطأنا كما أخطأ من قبلنا. ثم حسبوا له وأمروه بالبناء فبناه وفرغ منه وأمروه بالجلوس عليه فخاف أن يجلس عليه فركب وسار على البناء فبينما هو يسير إذ انشقت أيضا، فلم يدرك إلا بآخر رمق. فدعاهم وقال: لأقتلنكم أو لتصدقني. فصدقوه وأخبروه بالأمر فقال: ويحكم هلا بينتم لي ذلك فأرى فيه ما أرى قالوا: منعنا الخوف. فتركهم. » (30).




** ** ** ** **

قلتُ (الرمادي): تجولت مع القارئـ(ـة) الكريمـ(ـة) بين صفحات وسطور مصادر ذكرت هذه الأحداث؛ وقد بينتُ ضعف هذه الأخبار؛ أو عدم وقوعها اصلاً.. ومن الله تعالى ذكره وجل قدره التوفيق والسداد والهداية .
**
ذكرتُ في مجمل هذا البحث مسألة إختراق إبليس للسموات؛ فذكر ابن جماعة في المختصر " ورُميت الشياطين بالشُّهب الثواقب؛ ثم ذكرت بعض المصادر: حزن إبليس وحجبه من السموات وما سمع من الهواتف لما ولد رسول الله عليه السلام.".
ذكر الصالحي الشامي في : الباب العاشر تحت عنوان :" في حزن إبليس وحجبه من السموات وما سمع من الهواتف لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم"
حَكَى السُّهَيْلِيُّ (31) عَنْ تَفْسِيرِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ الْحَافِظِ « أَنَّ إِبْلِيسَ رَنَّ(32) أَرْبَعَ رَنَّاتٍ؛ ورنّة ً حِينَ لُعِنَ، وَورنّة ً حِينَ أُهْبِطَ، وَورنّة ً حِينَ وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَورنّة ً حِينَ أُنْزِلَتِ الْفَاتِحَةُ »(33)

*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
د. محمد فخر الدين بن إبراهيم الرمادي
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
الجزء الثاني إرهاصات ليلة الميلاد ~ القسم الثالث: السيرة النبوية
ــــــــــــــــــ
تخريج الأحاديث وذكر المصادر والتعليقات:
(1) انظر البداية والنهاية؛ ابن كثير.

(2) سلسلة الرواية فقد روى الشيخ الصدوق عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْبَزَنْطِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ؛
قلت (الرمادي): راجع المجلسي في موسوعته بحار الأنوار؛ الجزء 15؛ ص :"258".
(3) الزَجر : العيافة، وهو نوع من الكهانة. قال في النهاية: العيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها،
(4) الارتجاس : الاضطراب والتزلزل . ارتجس: اضطرب وانشق.
(5) غاضت : قلَّ ونَضُبْ ماؤها . زيادة في المعلومات.. وستجد إختلافاً
(6) المُوبذان : قال السهيلي: معناه القاضي أو المفتي بلغتهم. وقال ابن منظور في "لسان العرب": الموبذان للمجوس كقاضي القضاة للمسلمين."، والموبذ القاضي، وقال صاحب القاموس: الموبذان فقيه الفرس وحاكم المجوس.
(7) دجلة العوراء: دجلة نهر معروف بالعراق، وإن كِسرى كان سكَّر -سدَّ- بعض الدجلة وبنى عليها بناء، فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء لأنه عور وطم بعضها فانخرقت عليه وانهدم بنيانه
(8) قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ الصَّادِقُ : إِنَّمَا سُمُّوا آلَ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ.
(9) ومن عجائب ولادته صلى الله عليه وسلم ما ظهر من آيات دالة على النبوة عند مولده، وما حكته أمه-آمنة بنت وهب- ومن حضر مولده من النساء من العجائب ومنها: "أنه صلى الله عليه وسلم كان رافعاً رأسه كالداعى الله - عندما وضعته - شاخصاً ببصره إلى السماء". [رواه البيهقى عن الزهرى مرسلاً.]. وسنبحث هذه المسالة إن شاء الله تعالى.
(10) ومن ذلك أيضاً ما روى عن فاطمة أم عثمان بن أبى العاص قالت: "لما حضرت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت البيت حين وقع (أى حين خرج صلى الله عليه وسلم للدنيا) قد امتلأ نوراً، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننت أنها ستقع علىّ". [ رواه البيهقى؛ والطبرانى]. وقد ذكرنا من قبل ما :" قد رواه أبو العجفاء التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" رَأَتْ أُمِّى حِينَ وَضَعَتْنِى سَطَعَ مِنْهَا نُوراً أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصرَى". [أخرجه ابن سعد. وما رواه العرباض فليرجع إلى موضعه] . وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشِّفَاءِ أُمِّ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا كَانَتْ قَابِلَتَهُ، وَأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِهِ حِينَ سَقَطَ عَلَى يَدَيْهَا، وَاسْتَهَلَّ.. سَمِعَتْ قَائِلًا يَقُولُ :" يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَإِنَّهُ سَطَعَ مِنْهُ نُورٌ رُئِيَتْ مِنْهُ قُصُورُ الرُّومِ".
(11) انظر: محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي؛ بحار الأنوار؛ الجزء : 15؛ ص: 258 .
(12) أخرجه ابن عساكر (3 /423). وذكره ابن كثير في البداية: ص: 579- 580؛ كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كتاب مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شيء من البشارات بذلك. وهذا حديث موضوع في إسناده وضاعان هما : عبدالله بن محمد البلوى، وعمارة بن زيد. فقد قَالَ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ بِمِصْرَ؛ وهو الأول؛ ثم يكمل :" حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ "؛ وهذا الثاني. وتجده عند الصالحي الدمشقي؛ ص: 351.
قلت(الرمادي): ولعلي أعود لبحث هذه المسألة؛ أقصد البشارات بمحمد كـ رسول الله؛ صلى الله عليه وآله وسلم
(13) انظر : عند ابن جماعة؛ فقد قال:" انشقَّ إيوان كِسرى حتى سُمع صوتُهَ "، وابن كثير في البداية.
(14) انظر : ابن كثير في البداية؛ وابن جماعة يحدد عددها نقلاً من المصادر التي سأذكرها:" وسقط منه أربع عشرة شُرفةً".

(15) انظر : ابن كثير البداية .
(16) إضافة من عند الصالحي الشامي.
(17) المصدر: ذي قار وبطائحها في العصر الإسلامي؛ (1- 656هـ / 622- 1258م)؛ دراسة في أحوالها الاجتماعية والاقتصادية؛ رسالة تقدمت بها الطالبة؛ ميادة سالم علي العكيلي؛ إلى مجلس كلية الآداب جامعة ذي قار، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي؛ بأشراف: أ. م. د. فاضل كاظم صادق. وجاء عند نهاية الأرب في فنون الأدب:"وانظر البدء والتاريخ؛ المؤلف: المطهر بن طاهر المقدسي: " وكانت المراكب التي ترد من الهند والصين تدخل في دجلة من بحر فارس إلى مدينة المداين، فاتفق أن انبثق في أسافل كسكر بثق عظيم على عهد قباذ بن قيروز فأهمل حتى طغى ماؤه وغرق غمارات وضياعا فصارت بطائح. ويسمى هذا البثق دجلة العوراء لتحول الماء عنه. وصار بين دجلة الآن ودجلة العوراء مسافة بعيدة تسمى بطن جوخى، وهو من حد فارس من أعمال واسط إلى نحو السوس من أعمال خوزستان؛ وانظر: نهاية الأرب في فنون الأدب؛ وتاريخ الطبري؛ تاريخ الأمم والملوك؛ محمد بن جرير الطبري أبو جعفر؛ ج:2؛ ص: 188-190.
قلت(الرمادي): وعند ابن جريرالطبري في تاريخه أخبار تنسب إلى نبي الإسلام سأحققها في موضعها بإذته تبارك وتعالى .

(18) روى ابن جرير الطبرى في تاريخه (2/143) وأبو نعيم (ص95)؛ والبيهقي (1/126) كلاهما في الدلائل "ونقله الصالحي من الخرائطي ص : 355 وذكره ابن كثير.
(19) ترجمته :" الْإِمَامُ الْحَافِظُ الصَّدُوقُ الْمُصَنِّفُ أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ شَاكِرٍ، السَّامَرِّيُّ الْخَرَائِطِيُّ؛ صَاحِبُ مصنفاتٍ مثل „مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ”، وَ„مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ”، وَ„اعْتِلَالِ الْقُلُوبِ”، وَغَيْرِ ذَلِكَ. سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَعُمَرَ بْنَ شَبَّةَ، وَسَعْدَانَ بْنَ نَصْرٍ، وَسَعْدَانَ بْنَ يَزِيدَ، وَحُمَيْدَ بْنَ الرَّبِيعِ، وَأَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيَّ، وَعِدَّةً. حَدَّثَ عَنْهُ : أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ زَبْرٍ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ مُهَنَّا الدَّرَانِيُّ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا مُوسَى السِّمْسَارِ، وَالْقَاضِي يُوسُفُ الْمَيَانَجِيُّ، وَعَبْدُالْوَهَّابِ الْكِلَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، وَآخَرُونَ وَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِعَسْقَلَانَ. قَالَ ابْنُ مَاكُولَا :"صَنَّفَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنَ الْأَعْيَانِ الثِّقَاتِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ حَسَنَ الْأَخْبَارِ، مَلِيحَ التَّصَانِيفِ. قِيلَ: مَاتَ بِـ „يَافَا” فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ". [انظر الذهبي؛ سير أعلام النبلاء. ص:268] .
(20) قال الخرائطي في مقدمة كتابه :" هَذَا كِتَابُ هَوَاتِفِ الْجِنَانِ وَعَجِيبِ مَا يُحْكَى عَنِ الْكُهَّانِ مِمَّا يُبَشِّرُ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَيَدُلُّ مِنْهُ بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ".
(21) انظر ابن كثير البداية .
(22) اقتصر البعض على هذا الجزء من الخبر الطويل الذي رواه هانئ المخزومي: انظر ابن جماعة في المختصر. وقال الذهبي في السيرة النبوية: ج: 1؛ ص: 44 :„ هذا حديث منكر غريب” . وذكره ابن كثير بطوله في البداية: ج: 2؛ ص: 249، وقال :„ هذا الحديث لا أصل له في شئ من كتب الإسلام المعهودة، ولم أره بإسناد أصلا” .
(23) انظر : النخشبي؛ في : تخريج الحنائيات:ج: 2؛ ص: 994؛ الحديث : حسن غريب . يلاحظ ما بين المعكوفتين [ ] من عند :

ابن كثير؛ البداية؛ ومن عند :
الذهبي؛ في تاريخ الإسلام :ج: 1؛ ص: 35؛ والحديث : منكر غريب. والحديث جاء في دلائل النبوة لقوام السنة؛ وإسناده ضعيف؛ وذكر في :" دلائل النبوة؛ للبيهقي؛ وإسناد ضعيف" ؛ وانظر دلائل النبوة لأبي نعيم وإسناد ضعيف: حديث رقم 82 :" فنون العجائب لـ علي بن عمرو النقاش وإسناده ضعيف: حديث رقم :"62".؛ وتاريخ الطبري؛ ج: 2؛ ص: 166؛ وإسناده ضعيف : حديث رقم :"381" وتاريخ الطبري وإسناده ضعيف: حديث رقم 14 عند:" هَوَاتِفِ الْجِنَانِ " لـ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ السَّامَرِّيِّ؛ عُرِفَ بِالْخَرَائِطِيِّ ". ذكره ابن كثير في البداية: ج: ؛ ص: 398 -399:"فقال:" وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيِّ بِنَحْوِهِ؛ (حديث رقم 61) [انظر: البيهقي دلائل: دلائل النبوة للبيهقي؛ الْمَدْخَلُ إِلَى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ..؛ جِمَاعُ أَبْوَابِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ؛ بَابُ : مَا جَاءَ فِي ارْتِجَاسِ إِيوَانِ كِسْرَى. واعتبرها صاحب : كتاب الرؤيا: حمود بن عبدالله بن حمود بن عبدالرحمن التويجري (المتوفى: 1413هـ)؛ دار اللواء؛ الطبعة: الأولى، 1412هـ؛ من أحلام الأكابر دون تعليق أو وتخريج.



فائدة :
يذكر صاحب البداية أن :" : كَانَ آخِرَ مُلُوكِهِمْ - الَّذِي سُلِبَ مِنْهُ الْمُلْكُ - يَزْدَجِرْدُ بْنُ شَهْرَيَارَ بْنِ أَبْرَوِيزَ بْنِ هُرْمُزَ بْنِ أَنُوشِرْوانَ وَهُوَ الَّذِي انْشَقَّ الْإِيوَانُ فِي زَمَانِهِ وَكَانَ لِأَسْلَافِهِ فِي الْمُلْكِ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَمِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَكَانَ أَوَّلَ مُلُوكِهِمْ خَيُومَرْتُ بْنُ أَمِيمَ بْنِ لَاوَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ". [البداية ص:398- 399].
وقد تساءل البعض؛ ولهم الحق في السؤال :" كيف عرف الناس بالأحداث التي رافقت مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ والبعض أطلق عليها :" معجزات ولادة الرسول الكريم ".مثل ارتجاج إيوان كسرى وسقوط شرفاته، وخمود نيران المجوس وغيض بحيرة ساوة؟.
". والإجابة :" إن هذه الأحداث المذكورة لا تثبت، بل هي من الموضوع والضعيف، ". ثم إليك أيها القارئـ(ــة) الكريـمـ(ــة) ما قاله العلماء
1.] قال الألباني في كتابه "صحيح السيرة النبوية": "قد وردت بعض الروايات الواهية بلا إسناد تخص أحداثاً وقعت عند ميلاده صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت منها شيء، منها ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وخمود النيران التي كان يعبدها المجوس، وانهدام الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، وغير ذلك من الدلالات التي ليس فيها شيء ثابت".
2.] وقال صفي الرحمن في كتابه الرحيق المختوم: "رُوِيَ أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك الطبري والبيهقي وغيرهما، وليس له إسناد ثابت، ولم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعي التسجيل.
وأما كيف عرف الناس هذا الأحداث على فرض حصولها!؟.
فقد ذكر أصحاب السير أنه رآها بعض أهل البلاد التي حصلت فيها هذه الأحداث وسألوا عن سرها، كما يذكرون في ذلك أن
1.] كسرى أرسل إلى النعمان بن المنذر ليسأل له الكاهن عبدالمسيح بن عمرو عن سر ما حصل، قال الماوردي في أعلام النبوة: ومن هواجس الإنذار والإلهام والمنام: ما رواه
2.] أبو أيوب يعلى بن عمران النحلي عن مخزوم بن هاني المخزومي
ومع ضعف الروايات أو جهالة المرويات فقد ذكر الصالحي الدمشقي ما قاله : أبو عبدالله محمد بن أبي زكريا يحيى بن علي الشقراطسي حيث قال:
ضاءت لمولده الآفاق واتصلت * * بشرى الهواتف في الإشراق والطفل
وصرح كسرى تداعى من قواعده * * وانقض منكسر الأرجاء ذا ميل

ونار فارس لم توقد وما خمدت * * من ألف عام ونهر القوم لم يسل
خرت لمولده الأوثان وانبعثت * * ثواقب الشهب ترمي الجن بالشعل .
والإمام أبو عبدالله محمد بن سعيد بن حماد الدلاصي الشهير بالبوصيري رحمه الله تعالى حيث قال:
أبان مولده عن طيب عنصره * * يا طيب مبتدإ منه ومختتم

يوم تفرس فيه الفرس أنهم * * قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات أيوان كسرى وهو منصدع * * كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف * * عليه والنهر ساهي العين منسدم

وساء ساوة أن غاضت بحيرتها * * ورد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل * * حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم

والجن تهتف والأنوار ساطعة * * والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم * * يسمع وبارقة الإنذار لم تشم
من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم * * بأن دينهم المعوج لم يقم

من بعد ما عاينوا في الأفق من شهب * * منقضة وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الحق منهزم * * من الشياطين يقفو إثر منهزم
وقال أيضا في قصيدته الهمزية:
ومحيا كالشمس منك مضئ * * أسفرت عنه ليلة غراء

ليلة المولد الذي كان للدي‍ * * ن سرور بيومه وازدهاء
وتوالت بشرى الهواتف أن قد * * ولد المصطفى وحق الهناء
وتداعى إيوان كسرى ولو * * لا آية منك ما تداعى البناء
وغدا كل بيت نار وفيه * * كربة من خمودها وبلاء
وعيون للفرس غارت فهل كا * * ن لنيرانهم بها إطفاء

فهنيئا به لآمنة الفض‍ * * ل الذي شرفت به حواء
من لحواء أنها حملت أح‍ * * مدا وأنها به نفساء
يوم نالت بوضعه ابنة وه‍ * * ب من فخار ما لم تنله النساء
وأتت قومها بأفضل مما * * حملت قبل مريم العذراء
شمتته الأملاك إذ وضعته * * وشفتنا بقولها الشفاء
رافعا رأسه وفي ذلك الرف‍ * * ع إلى كل سؤدد إيماء
رامقا طرفه السماء ومرمى * * عين من شأنه العلو العلاء
وتدلت زهر النجوم إليه * * وأضاءت بضوئها الأرجاء
وتراءت قصور قيصر بالشا * * م يراها من داره البطحاء.
[انظر الصالحي الشامي: ص: 255- 256]
(24) ما تقع بين يدي النبوة من الخوارق. هذا ما تجده عند أبي شيبة في كتابه.
قلت(الرمادي): ولكن هذه البحوث-حتى كتابة هذا الجزء من بحوث السيرة النبوية- تتعلق بما حدث قبل الحمل وإثناء فترته وليلة الميلاد.. فانتبه!.
(25) وقد ملكَ منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى سقوط دولتهم، وخضوعها للإسلام.
قلت(الرمادي): هذا ما يراه أبو شهبة ؛ سنعود بإذنه ورضاه إلى بحث هذه الجزئية في بحوث الدعوة وكيفية نشرها.
(26) بـ„سين” مهملة بعدها „ألف”، وبعد الألف „واو” مفتوحة فـ„هاء” ساكنة: من بلاد فارس، كانت بحيرة كبيرة متسعة الأكناف بين همذان وقم(!)، قال فيها الصرصري في بعض قصائده:
غارت وقد كانت جوانبها تفوت الميلا
وكانت ستة فراسخ طولا وعرضا، وتسير فيها السفن، ويسافر فيها الناس إلى ما حولها من البلدان. أما بحيرة „طبرية” فهي ببلاد الشام، وليست هي، وما قيل في بعض الكتب من أنها طبرية غير معروف وغير صحيح، فـ بحيرة „طبرية” لم يثبت أن ماءها غاض؛ لا تزال إلى يومنا هذا، وما قيل: إنها نقص ماؤها ليلتئذ فهو تكلّف.
قلتُ(الرمادي) راجع ماعند الصالحي الدمشقي: ص: 358.
(27) رواه البيهقي؛ حديث رقم 61، وأبو نعيم، والخرائطي في «الهواتف» وابن جرير، وابن عساكر كلهم من حديث مخزوم بن هانىء عن أبيه. قلت(الرمادي): والخبر خرجته فليراجع لموضعه.
(28) ما يسمع كلامه ولا يرى.
(29) انظر: شرح المواهب، ج 1 ص 142 وما بعدها. وانظر عند أبي شيبة ، ج: 1؛ ص: 177.
(30) الصالحي الشامي؛ ج:1؛ ص: 353- 354 ، نقلامن تاريخ ابن جرير الطبري.
(31) نقله السهيلي وأبو ربيع وغيرهما عن تفسير الحافظ ابن مخلد.
(32) رن: صوت بحزن وكآبة. وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا. فقال له جنوده: لو ذهبت إليه فخبلته. فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل فركضه برجله ركضة فوقع بعدن.
وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن حزبوذ قال: « كان إبليس يخترق السموات السبع. فلما وُلد عيسى حُجب من ثلاث سموات، وكان يصل إلى أَربَعٍ.. فلما ولد النبي صلى الله عليه وسلم حجب من السبع » [وعند ابن جماعة المختصر].
(33) الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ :« إنَّ إبليسَ رنَّ حينَ أُنزِلَتْ فاتحةُ الكتابِ وأُنزِلَتْ بالمدينةِ».[انظر: الطبراني في : المعجم الأوسط : 5/ 100؛ لم يرو هذا الحديث عن منصور إلا أبو الأحوص تفرد به أبو بكر بن أبي شيبة. هذا مصدر والآخر : انظر تفسير القرطبي :" سُورَةُ الْفَاتِحَةِ "، قال:" وَذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ لَهُ : حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِاللَّهِ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : « إِنَّ إِبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - رَنَّ أَرْبَعَ رَنَّاتٍ : حِينَ لُعِنَ ، وَحِينَ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَحِينَ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَحِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ ». وتجد الحديث عند ابن جماعة في المختصر.

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 23 / 05 / 2018 11 : 02 PM

[ 24 ] بقية أحداث ليلة المولد
 
بقية أحداث ليلة المولد



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-بعون من الله تعالى في سماه وتقدست اسماه وكرمٍ ومن- أجمل ما كان من أعلام نبوة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم منذ حملت به أمه "الزهرية" آمنة بنت وهب إلى أن بعثه اللَّه تعالى برسالته:
اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم من أمارات النبوة آيات وأعلام يهتدى بها إلى ثبوت نبوته وصدق رسالته، قدمها اللَّه تعالى ذكره وجل قدره قبل بعثته برسالته ليكون دليلا واضحا وبرهانا ساطعاً صحيحا دالا على نبوته وتحقيق رسالته.
فمن ذلك:
١.] إخبار الحَبر لعبدالمطلب بأن في إحدى يديه ملكا؛ وفي الأخرى نبوة، وأن ذلك في بني زهرة، وأن
٢.] عبداللَّه بن عبدالمطلب كان يرى بين عينيه نور النبوة، وأن أمة
٣.] آمنة بنت وهب لما حملت به بشّرت بأنه خير البرية، ولما ضربها
٤.] المخاض دنت منه نجوم السماء، وخرج منها لما وضعته
٥.] نور أضاء له البيت، وانتشر حتى أضاءت له قصور الشام وغيرها، وطرحوا عليه بعد ولادته
٦.] بُرمة فانفلقت، و
٧.] ولد مختوناً مسروراً، و
٨.] فتحت لولادته أبواب السماء، واستبشرت الملائكة، و
٩.] تطاولت الجبال و
١٠.] ارتفعت البحار، و
١١.] قلّ الشيطان ومردته، و
١٢.] ألبست الشمس نوراً عظيماً، و
١٣.] نكست الأصنام و
١٤.] حجبت الكهان، و
١٥.] ارتجس إيوان كسرى، و
١٦.] سقطت منه أربع عشرة شرفة، و
١٧.] خمدت نار فارس، و
١٨.] غاضت بحيرة ساوي، ورأى المؤبذان
أن إبلا تقود خيلا وانتشرت في بلاد فارس.
وردّ اللَّه ببركته
١٩.] أصحاب الفيل عن مكة، ومنعهم من تخريب البيت الحرام الّذي جعل اللَّه حجّه أحد أركان الإسلام، تحقيقا لشريعته، وتأييدا لدعوته، وما ظهر لـ
٢٠.] ظئره حليمة من البركة حين أرضعته من إقبال لبنها، وكثرته بعد قلته، و
٢١.] حلبها اللبن من شاتها التي لم يكن بها قطرة لبن، و
٢٢.] سبق أتانها حمر رفاقها بعد تخلفها عنهم لضعفها، و
٢٣.] سمن أغنامها دون أغنام قومها، و
٢٤.] شق صدره المقدس عندها، ومعرفة
٢٥.] اليهود له وهو طفل مع أمه بالمدينة، و
٢٦.] توسم جده عبدالمطلب فيه السيادة، و
٢٧.] قول بني مدلج: إن قدمه أشبه بقدم إبراهيم الخليل، و
٢٨.] معرفة أسقف نجران وهو غلام، و
٢٩.] إخبار اليهودي أنه يخرج من صلب عبدالمطلب نبي يقتل يهود، و
٣٠.] ما كان عمه أبو طالب يرى من البركة منذ كفله، و
٣١.] تظليل الغمام له، و
٣٢.] اعتراف بحيرا الراهب بنبوته، و
٣٣.] إخبار نسطور بذلك.(1).
وقلتُ(الرمادي): بينتُ بالدليل في الصفحات السابقة الضعفَ الشديد الظاهر على كثير من هذه الإرهاصات والعلامات والنبوءات؛ ووصل حال بعضها كأساطير الأولين.. تروى من خلال الإخباريين والقصاصين، ولكني ذكرتها لأبين أن بعض السادة الذين يعتلون منابر المصليات والزوايا؛ ومَن يكتب على منصات صفحات التواصل الإجتماعي؛ بل الأمر وصل إلى أن بعض الفضائيات تستضيف مَن يجهل ليعلم مَن لا يعرف؛ فيزداد الطين بله ويصير ضغثاً على إبالة –وللأسف.. حتى كتابة هذه السطور- فهم ينقلون ما هو في بطون الكتب دون تدقيق أو تحقيق أو مراجعة.. أو موافقة لشيخ أو إلتزاماً بطريقة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ « „ ٤ . ‟ » ﴾ الْبَحْثُ الرَّابِعُ:
„ دنوّ النجوم منها عند ولادته ‟
رواية عن : الشِّفَاءِ أُمِّ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وكَانَتْ قَابِلَتَهُ.(2). :
٤. ١.] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ؛ حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا شَهِدَتْ، وِلَادَةَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لَيْلَةَ وَلَدَتْهُ قَالَتْ : » فَمَا شَيْءٌ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْبَيْتِ إِلَّا نُورٌ، وَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدْنُو حَتَّى إِنِّي لِأَقُولُ لَيَقَعْنَ عَلَيَّ (3).
٤. ٢.] وزاد الصالحي :" فلما وضعته خرج منها نور أضاء له الدار والبيت حتى جعلت لا أرى إلا نورا ".
٤. ٣.] وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشِّفَاءِ أُمِّ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا كَانَتْ قَابِلَتَهُ، وَأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِهِ حِينَ سَقَطَ عَلَى يَدَيْهَا، وَاسْتَهَلَّ سَمِعَتْ قَائِلًا يَقُولُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَإِنَّهُ سَطَعَ مِنْهُ نُورٌ رُئِيَتْ مِنْهُ قُصُورُ الرُّومِ.
قلت(الرمادي) " بإذنه تعالى ذكره وجل قدره :" إذا تيسر الحال؛ سأبحث هذه الجزئية في شبهات حول السيرة النبوية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ « „ ٥ . ‟ » ﴾ الْبَحْثُ الْخَامِسُ
بُرْمَةٌ انفلقت اثنتين
انفلاق البرمة عنه حين وضع تحتها صلى الله عليه وآله وسلم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “ كان في عهد الجاهلية إذا ولد لهم مولود من تحت الليل وضعوه تحت الإناء لا ينظرون إليه حتى يصبحوا فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طرحوه تحت بُرْمة فلما أصبحوا أتوا البرمة فإذا هي قد انفلقت اثنتين وعيناه صلى الله عليه وسلم إلى السماء فعجبوا من ذلك”.(5).

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــ
ـــــــــ
ـــ
د. محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي
الأربعاء : 7 رمضان 1439هـ الموافق 23 مايو 2018م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
الهوامش والمصادر والتعليقات وتخريج الأحاديث والمرويات:
[(1.)] انظر : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع: أحمد بن علي بن عبدالقادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ)؛ المحقق: محمد عبدالحميد النميسي؛ دار الكتب العلمية - بيروت؛ الطبعة: الأولى، جزء 4 / ص 34-35؛ 1420 هـ - 1999 م.
[( 2.)] أي المرأة التي تقوم بعملية توليد الحامل؛ وفي السابق كانت تعتمد على الخبرة وليس على المؤهل بخلاف الحال اليوم .
قلتُ(الرمادي): يلاحظ القارـ(ـة) الكريمـ(ـة) أن :
١.] اسم الأم : „آمنة”؛
٢. ] اسم المولدة أو القابلة „الشفاء”
٣.] اسم آحدى مرضعاته „بركة”؛ أم أيمن
٤.] واسم المرضعة الآخرى : „ثويبة”؛
٥.] اسم مربيته ومرضعته „حليمة”... وسوف أفصل في هذه المسألة؛ أقصد التيمن والإستبشار لمن قام برعايته أو حضانته.
[(3.)] زيادات للسياق من (أبي نعيم) ، وأما

رواية (البيهقي) : حدثتني أمي: أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ليلة ولدته. قالت: فما شيء انظر إليه في البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول ليقعنّ عليّ. و
الحديث ذكره أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 1/ 135، حديث رقم (76)، و
البيهقي في (دلائل النبوة) : 1/ 111،
رواه الهيثمي في (مجمع الزوائد) : 8/ 220، عن (تهذيب تاريخ ابن عساكر)، و
ابن الجوزي في (صفة الصفوة) : 1/ 25 .. و
البرمة: قدر من الحجر. و
قال: رواه الطبراني، وفيه عبدالعزيز بن عمران وهو متروك، و
السيوطي في (الخصائص) : 1/ 113. سند هذا الحديث واه جدا.
جاء عند الصالحي: ج:1؛ ص: 342 :" قال ابن دحية : وأما ما روي من تدلي النجوم فضعيف، لاقتضائه أن الولادة كانت ليلا. " فرد و" قال الزركشي: وهذا لا يصلح أن يكون تعليلا فإن زمان النبوة صالح للخوارق، ويجوز أن تسقط النجوم نهارا. [ الصالحي ج1/ص: 334 ].
انظر: البداية والنهاية؛ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي؛ كتاب السيرة النبوية؛ صِفَةُ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-؛ ص: 386.
[(4)] هذا إسناد معضل، رواه أبو نعيم ج: 1؛ ص: 172.
والرواية الثانية : روى ابن سعد بسند رجاله ثقات أثبات عن عكرمة - مرسلا- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وضعته أمه.. وضعته تحت بُرمة.. فانفلقت عنه، قالت:„ فنظرت إليه فإذا هو قد شق بصره ينظر إلى السماء”.
أما الرواية الثالثة فرواها البيهقي في الدلائل: ج1؛ ص: 113، من مرسل أبي الحكم التنوخي وهو تابعي مجهول . قال: „ كان المولود إذا ولد في قريش دفعوه إلى نسوة من قريش إلى الصبح فكفأن عليه برمة، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى نسوة فكفأن عليه برمة، فلما أصبحن أتين فوجدت البرمة قد انفلقت عنه باثنتين، فوجدنه مفتوح العين شاخصاً ببصره إلى السماء فأتاهن عبدالمطلب”. فقلن: „ما رأينا مولوداً مثله؛ ووجدناه قد انفلقت عنه البرمة؛ ووجدناه مفتوحاً عينه شاخصاً ببصره إلى السماء” . فقال:„ احفظنه فإني أرجو أن يصيب خيرا”.
أما الرواية الرابعة فبها غرابة: تجدها عند ابن الجوزي؛ عن أبي الحسين بن البراء- مرسلاً- عن آمنة أنها قالت: „وضعت عليه إناء فوجدته قد انفلق الإناء عنه؛ وهو يمصّ إبهامه يشخب لبناً ” . و

انظر : سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله؛ وأعلام نبوته؛ وأفعاله؛ وأحواله في المبدأ والمعاد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي؛ [ـ[سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد]ـ؛ محمد بن يوسف الصالحي الشامي (المتوفى: 942هـ)؛ تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبدالموجود، الشيخ علي محمد معوض؛ ج: 1؛ ص: 346. دار الكتب العلمية بيروت - لبنان؛ الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1993 م] . وانظر: صفحة رقم 346، الصالحي؛ سبل الهدى، وانظر : أمتاع الأسماع: ج: 4؛ ص: 55.
(5) روى بعض نقلة العلم فيما حكاه ابن دريد وذكر خبر ابن عباس ؛ انظر: محيي الدين الدرويش إعراب القرآن وبيانه؛ ص 188؛ المجلد السابع؛ الجزء السادس والعشرون.

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 26 / 05 / 2018 02 : 01 PM

[25] „ إعْلَامُ أُمِّهِ جَدَّهُ بِوِلَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ‟
 


[١٣. ] القسم الثالث عشر:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعْلَامُ أُمِّهِ جَدَّهُ بِوِلَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ
الشخصية المحورية الثانية في حياة محمد:
عبدالمطلب
تمهيد :
ألمحتُ إلى مجموعة من المباحث حول
„الشخصيات المحورية”
في حياة الوليد.. والطفل.. والشاب محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب؛ قبل البعثة وقبل الرسالة، وذكرت أن أولى هذه الشخصيات المحورية
أمه
„ آمنة بنت وهب ”
ولم نبحث بعد بالتفصيل دورها في تكوين شخصية ونفسية محمد؛ و
لنعلم أن جَدَّ محمَّدٍ بن عبدالله على رأس تلك الشخصيات المحورية الهامة في حياة خاتم الأنبياء وآخر المرسلين...
لذا سنبحثها بالتفصيل في فصل مستقل.. -إذا أذن رحمن الدنيا ورحيم الآخرة بكرمه ومنه وتفضله-
ولا يفوتني أن أنبه إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم هو :

" الْمُرَبِّي الْكَامِل الْمُكَمَّل الَّذِي قَالَ عن نفسه الزكية :
" أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي"[(1)]. و
جاءت رواية :
" أَدَّبَنِي رَبِّي تَأْدِيبًا حَسَنًا "[(2)] و
هذا مِن نوع أَحَادِيثِ يَرْوِيهَا الْقُصَّاصُ وَغَيْرُهُمْ بِالطُّرُقِ وَغَيْرِهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ؛ والْمَعْنَى صَحِيحٌ؛ لَكِنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ إسْنَادٌ ثَابِتٌ [(3)] ؛ وفي حديث إسناده منقطع؛ قال عبدالله بن مسعود :
" إنَّ اللَّهَ أدَّبَني فأحسنَ تَأديبي؛ ثمَّ أمرَني بمكارمِ الأخلاقِ، فقالَ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "[(4)]. و
سأتكلم -مِن بعد إذنه تعالى وتوفيقه وهدايته- عن خُلق الرسول الكريم وشمائله وفضائله صلوات الله وسلامه عليه وآله في بحث قادم.
ــــــــــــــــ
مدخل:
لِمَا كَانَ قُدِّرَ فِي الْأَزَلِ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ خَاتَمِ الرُّسُلِ، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِاللَّهِ.. فَــ

ذَهَبَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِـ وَلَدِهِ فَزَوَّجَهُ أَشْرَفَ عَقِيلَةٍ فِي قُرَيْشٍ:
آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةِ الزُّهْرِيَّةَ؛ فَــ
حِينَ دَخَلَ بِهَا، وَأَفْضَى إِلَيْهَا
حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ..
إذاً تم زواج عبدُالله بن عبدالمطلب من آمنةَ بنت وهب.. و
تم الحمل كما أراد الحق -تبارك وتعالى-؛ ثم
ولد ابن عبدالله في حالة غياب الوالد عن الدنيا وعن لحظة الوضع[(5)]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــ
﴿ „ « ٥ »‟.﴾ : الْبَحْثُ الْخَامِسُ

إعْلَامُ أُمِّهِ جَدَّهُ بِوِلَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ[(6)]:" فَلَمَّا وَضَعَتْهُ أَرْسَلَتْ إِلَى جَدِّهِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ[(7)] فَجَاءَهُ الْبَشِيرُ - جَارِيَتَهَا - [(8)] وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ، مَعَهُ وَلَدُهُ وَرِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ [(9)]؛ و

هناك رواية آخرى تحدثنا:
" وكان يطوف بالبيت تلك الليلة[(10)] " فَأَخْبَرَهُ إِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَكَ غُلَامٌ، فَـ
أْتِهِ فَـ
انْظُرْ إلَيْهِ، فَـ
أَتَاهُ فَـ
نَظَرَ إلَيْهِ، وَ
حَدَّثَتْهُ -أي آمنة الزهرية - بِمَا رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ، وَمَا قِيلَ لَهَا فِيهِ[(11)]؛ و
جاء في إخبار أم محمد؛ آمنة بنت وهب لجده أنها قالت :
" „ وَمَا أُمِرَتْ بِهِ أَنْ تُسَمِّيَهُ ‟ [(12)]
ــــــــــــــــــــــــــــــ
فَرَحُ جَدِّهِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَالْتِمَاسُهُ لَهُ الْمَرَاضِعَ.
فـَـ

يَزْعُمُونَ[(13)] أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ أَخَذَهُ، فَـ
دَخَلَ بِهِ الْكَعْبَةَ[(14)]؛ فَـ
قَامَ يَدْعُو اللَّهَ، وَ
يَشْكُرُ لَهُ مَا أَعْطَاهُ، ثُمَّ
خَرَجَ بِهِ إلَى أُمِّهِ فَـ
دَفَعَهُ إلَيْهَا. وَ
الْتَمَسَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ الرُّضَعَاءَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿ „ « ٦ » ‟.﴾: الْبَحْثُ:" السَّادِسُ "

«„ مأدُبة عبدالمطلب ‟»
زمنها :
روى أنه لما ولد صلى الله عليه وآله وسلم أمر عبدالمطلب بـ

جزور فـ
نحرت و
دعا رجالا من قريش فـ
حضروا و
طعموا؛ ثم
يخبرنا ابن عباس أن جده عبدالمطلب في يوم سابعه صنع له مأدبة وسماه محمدًا. [(15)]
**


وَاللَّهُ- تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا قَلْبًا عَقُولًا وَلِسَانًا صَادِقًا وَيُوَفِّقَنَا لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏ .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
بعد إذنه -تعالى في سماه وتقدست اسماه- ثم مِن بعد توجيه كريم مِن أستاذي ومعلمي شيخي : آدم صفي الدين بن عبدالرحمن إسماعيل بن إبراهيم ومراجعة أهل العلم سأضع تخريج الأحاديث والتعليقات واسماء المصادر في نهاية البحوث...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البحث القادم؛ إن شاء الله سبحانه وتعالى..
﴿ „« ٧ » ‟.﴾ الْبَحْثُ السَّابِعُ تسمية الوليد المبارك:
**
محمدفخر الدين بن إبراهيم الرمادي
السبت : ١٠ رمضان ١٤٣٩ هـ ~ ٢٦يونيو ٢٠١٨ م
**
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط