![]() |
رد: المناسبات 3. ] تخصيص آخر يوم في السنة الهجرية -آخر يوم في شهر ذي الحجة- بعبادة واعتقاد أن له فضلاً مخصوصاً (بقصد إنهاء السنة بفعل خير وبنية رجاء تكفير الذنوب)؛ إذ يدعي البعض: أن صيام آخر يوم .. وأول يوم من السنة الهجرية [وهو ما يسميه البعض: صيام رأس السنة الهجرية].. فتخصيص هذا اليوم بعبادة ما .. ليس سنَّة ولعدم ورود النص عليه؛ فلا أصل له؛ ولم يرد في حديث صحيح ولا غيره، ولذلك لا يشرع فعل ولا يستحسن قول، فلا يوجد شيء من الاستحباب او الاستحسان .. بل هو بدعة .. بمعنى استحداث تشريع جديد وإيجاد منهج جديد لم يفعله نبي الإسلام عليه السلام .. وهو ما يسمى بالسنة الفعلية .. ولم يتلفظ به في حديث قولي وهو ما يسمى بالسنة القولية وأيضا لم يفعله صحابي أمامه فسكوته عليه السلام على فعل الصحابي يطلق عليه السنة التقريرية .. و عليه فـ لا ينبغي فعله؛ إلا أن يوافق ذلك اليوم صياماً كان يصومه الشخص فلا بأس. وفلكيا هذا العام [1440] يأتي عليكم بالخير واليمن والبركات .. سينتهي شهر ذو الحجة يوم الإثنين -غدا: الموافق 10 سبتمبر- فلا بأس بصيامه؛ إذ كان المسلم منا يصوم من كل اسبوع يوم الإثنين والخميس. |
رد: المناسبات وبناءاً على حديث موضوع مكذوب سأل آحدهم: " ما حكم صيام آخر يوم في نهاية العام .. وأول يوم من العام الجديد؟ " استعن بالله -تعالى- وأقول : أ.] العام الهجري لم يكن أوله محرم إلا من زمن الخليفة الثاني؛ أمير المؤمنين : عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، العام [17] أو [18] من الهجرة .. وكان في زمن النبي عليه السلام وفي زمن أبي بكر رضي الله عنه.. الخليفة الأول.. لا يعرف العام الهجري أنَّ أوله محرم. ب.] ما يتقوله البعض : " صم آخر يوم من العام!.. ".. " اختم عامك بالصيام".. " وافتتح عامك بالصيام "... هذا لا أصل له ج.] كذلك قول بعضهم: " اختم شهرك بالاستغفار " .. هذا لا أصل له د. ] لذا فـ تقييد الصيام بأن يصوم آخر يوم من العام الهجري، وأول يوم من العام الجديد، أو يختم عامه بالاستغفار.. فـ يخصه بخصيصةٍ لم ترد في الشرع؛ فهذا لا أصل له . |
انظر المشاركة رقم 118.. الحديث الموضوع المكذوب ذكرته في المشاركة رقم :"118" |
رد: المناسبات 4.] : " من حكمةِ الله -تعالى- أن شرع لعباده ما يتقربون به إليه ويتطوعون له نافلة أو سنة أو استحبابا بعد أداء الفرائض .. وهذه تكون من جنس العبادات التي افترضها -سبحانه وتعالى- عليهم، ورتَّب -عزَّ وجل- عليها الأجور العظيمة كما في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربه -عزَّ وجلَّ - « وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ .. » « وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ .. » « حَتَّى أُحِبَّهُ .. » « فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ : كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ .. » « وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ .. » « وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا .. » « وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا .. » « وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ .. » « وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ » [البخاري] ** قلتُ [الرمادي]: الحمد لله -تعالى- الذي بلغنا رسول الله- عليه الصلاة والسلام- وصدق عليه السلام.. ثم قلت بعد الحمد والتسبيح وشكره وتبجيله.. هذا الحديث يحتاج إلى شرح وتبيان.. وإذا أذن ربي -عز وجل- سأعود إليه .. الأحد : 29 ذو الحجة 1439 هــ ~ 09 / 09 / 2018م |
أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ .. شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ٥. ] بالعودة للمشاركة رقم [١١٣] من هذه البحوث أثبت الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: ٥ . ١ . ] " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ﴿ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ﴾. وأنقل الحديث بتمامه .. قال عليه الصلاة والسلام : ﴿ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ﴾ ". *-----------------* ٥ . ٢ . ] :" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قَالَ : سُئِلَ :" أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ "!.. فَقَالَ : ﴿.. أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ﴾". وتمام الحديث كما جاء في صحيح مسلم : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ.. قَالَ سُئِلَ :" أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ :" .. وَ :" أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ " ؟!! .. فَقَالَ : ﴿ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ﴾.. ﴿ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ﴾". |
صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ.. الموافق : ٢٠ سبتمبر 2018 ٦ . ] يوم الخميس القادم الموافق : ٢٠ سبتمبر سيكون - إن شاء الله تعالى - العاشر من شهر الله المحرم ١٤٤٠ ﴿ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ﴾ |
رد: المناسبات |
رد: المناسبات مدخل للمسألة : مسألة الاصطفاء من مسائل الخلق والإيجاد.. وقضية الاختيار قضية إلهية ربانيةخالصة؛ سواء تعلق الاصطفاء بإنسان أو مكان أو زمان؛ لذا يقول الْعِزُّ بْنُعَبْدِ السَّلَامِ : وَتَفْضِيلُالْأَمَاكِنِوَالْأَزْمَانِ ضَرْبَانِ : 1﴾أَحَدُهُمَا : دُنْيَوِيٌّ .. وَ 1﴾الضَّرْبُ الثَّانِي : تَفْضِيلٌ دِينِيٌّرَاجِعٌ إلَى أَنَّاللَّهَ يَجُودُ عَلَىعِبَادِهِ فِيهَابِتَفْضِيلِ أَجْرِالْعَامِلِينَ،كَـ تَفْضِيلِ صَوْمِرَمَضَانَ عَلَى صَوْمِسَائِرِ الشُّهُورِ..وَ كَذَلِكَ يَوْمُعَاشُورَاءَ .. فَفَضْلُهَا رَاجِعٌ إلَىجُودِ اللَّهِوَإِحْسَانِهِ إلَىعِبَادِهِ فِيهَا.. [قواعد الأحكام : ( 1 /38)] |
تأصيل مسألة الصيام تأصيل مسألة الصيام : 1 . ] لعل صيام عاشوراء كان من التدرّج الحكيم في تشريع أحد اركان الإسلام: الصيام وفرضه.. فُحِين قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ جَعَلَ الصَّوْمَ : - كُلَّ شَهْرٍ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .. وَ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ؛ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصِّيَامَ بِقَوْلِهِ : - « كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ » [ نقلا من : أحكام القرآن للجصاص (ج: 1) بتصرف يسير]. فانتقل الفرض من صيام عاشوراء إلى صيام رمضان. *----------------------* 2 . ] صيام عاشوراء كان معروفا أيّام الجاهلية قبل البعثة المحمدية النبويّة.. فـ قد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : " إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه " . يعلق القرطبي بقوله :" لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع مَن مضى كإبراهيم -عليه السّلام-." و 2 . 1 . ] قد ثبت أيضا أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به .. فسألهم عن السبب فأجابوه.. وأمر بمخالفتهم في اتّخاذه عيدا كما جاء في حديث أَبِي مُوسَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : " كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا ".. وفي رواية مسلم : " كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدا " و في رواية له أيضا : " كان أهل خيبر (اليهود) .. يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم " *-----------------------* قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصُومُوهُ أَنْتُمْ ." [رواه البخاري] . *-------------------------* 3 . ] عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ .. فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ .. فَقَالَ :" مَاهَذَا !!".. قَالُوا :" هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ .. هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ .. فَصَامَهُ مُوسَى ..".. قَالَ :" فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . " [رواه البخاري] قوله : (هذا يوم صالح) في رواية مسلم :" هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه " . قوله : (فصامه موسى) زاد مسلم في روايته " شكرا لله تعالى فنحن نصومه " و في رواية للبخاري " ونحن نصومه تعظيما له " ورواه الإمام أحمد بزيادة : " وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا " . قوله : (وأمر بصيامه) وفي رواية للبخاري أيضا : " فقال لأصحابه أنتم أحق بموسى منهم فصوموا " . |
رد: المناسبات 4 .] :" فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر الله المحرم ! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ " [رواه مسلم ] قوله : (شهر الله) إضافة الشّهر إلى الله إضافة تعظيم. قال القاري: " الظاهر أن المراد جميع شهر المحرّم". ولكن قد ثبت أنّ النبي [ﷺ] لم يصم شهرا كاملا قطّ غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثارمن الصّيام في شهر الله المحرم لا صومه كله . وقد ثبت إكثار النبي [ﷺ] من الصوم في شعبان، ولعلّ لم يوحَ إليه بفضل المحرّم إلا في آخر أيام حياته قبل التمكّن من صومه .. [شرح النووي على صحيح مسلم]. |
رد: المناسبات 5 .] " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : " مَارَأَيْتُ النَّبِيَّ [ﷺ] يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ [يَوْمَ عَاشُورَاءَ].. وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي [شَهْرَ رَمَضَانَ]. " [رواه البخاري ]. ومعنى " يتحرى " أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه . وقال النبي [ﷺ] : "صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. " [رواه مسلم] ، واحتسب : بمعنى :" ارجو.. ".. وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة .. والله ذو الفضل العظيم . |
أي يوم هو عاشوراء ؟ 6 . ] أي يوم هو عاشوراء ؟ قال النووي : عَاشُورَاءُ.. وَتَاسُوعَاءُ اسْمَانِ مَمْدُودَانِ؛ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ.. و قَالَ أَصْحَابُنَا : عَاشُورَاءُ: هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ، وَ تَاسُوعَاءُ: هُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ هَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، .. وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ . [المجموع؛ للنووي] *-------------------* وهو اسم إسلامي لا يُعرف في الجاهلية : [كشاف القناع : ( ج: 2 ) صوم المحرم] *---------------------------* وقال ابن قدامة : عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ . وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ : "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ: الْعَاشِرِ مِنْ الْمُحَرَّمِ " . [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ]. *---------------------* وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّهُ قَالَ : التَّاسِعُ وَرُوِيَ : " أَنَّ النَّبِيَّ [ﷺ] كَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ" . [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ ]. وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ، أَنَّهُ قَالَ : "صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ لِذَلِكَ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ . وَ هُوَ قَوْلُ إسْحَاقَ . |
استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء 7 . ] استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء روى عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال : "حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.. قَالُوا :" يَارَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى".. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ". قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] . [رواه مسلم ] قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا؛ لأن النبي [ﷺ] صام العاشر ، ونوى صيام التاسع . وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب وأجزل في الثواب إن شاء الله تعالى . |
الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء 8 .] الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء: قال النووي : ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا : 8 . 1 . ] أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.. 8 . 2 . ] الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ، كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ ، ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ . 8 . 3 . ] الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلَالِ، وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ . وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب، قال ابن تيمية : نَهَى [ﷺ] عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ : " لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ". [الفتاوى الكبرى : (ج: 6) : سد الذرائع المفضية إلى المحارم] *-------------------------------* وقال ابن حجر في تعليقه على حديث : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " : ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطا له وإما مخالفة لليهود والنصارى و هو الأرجح و به يُشعر بعض روايات مسلم . [فتح: ( 4 /245)] |
حكم إفراد عاشوراء بالصيام 9 .] حكم إفراد عاشوراء بالصيام قال ابن تيمية : صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ .. [الفتاوى الكبرى : ( ج: 5 ) ] *--------------------------* وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي : وعاشوراء لا بأس بإفراده [ (ج: 3) : باب صوم التطوع يصام عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة] . *--------------------------------* قال الطحاوي : وَقَدْ :" أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَحَضَّ عَلَيْهِ"، وَلَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ فَلا تَصُومُوهُ . فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ كُلِّ الْأَيَّامِ فِيهِ . وَقَدْ يَجُوزُ عِنْدَنَا -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- إنْ كَانَ ثَابِتًا [أي النهي عن صيام السبت]، أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ، لِئَلّا يَعْظُمَ بِذَلِكَ ، فَيُمْسَكَ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ فِيهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ . فَأَمَّا مَنْ صَامَهُ لا لإِرَادَةِ تَعْظِيمِهِ، وَلا لِمَا تُرِيدُ الْيَهُودُ بِتَرْكِهَا السَّعْيَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ .. [مشكل الآثار : (ج: 2 ) : باب صوم يوم السبت ] |
صيام عاشوراء ماذا يكفّر ؟ 10 . ] صيام عاشوراء ماذا يكفّر ؟ قال الإمام النووي : يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ، وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ . ثم قال : - صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ ، وَ - يَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَ - إِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ . .. كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ ، .. وَ إِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ . [المجموع شرح المهذب : (ج: 6) صوم يوم عرفة] وقال ابن تيمية : وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ.. وَالصَّلَاةِ.. وَصِيَامِ رَمَضَانَ.. وَعَرَفَةَ .. وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ . [الفتاوى الكبرى ج5 ] |
صيام عاشوراء وعليه قضاء من رمضان!! 11 . ] صيام عاشوراء وعليه قضاء من رمضان!! اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ . فَـ *.] ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.. لِكَوْنِ الْقَضَاءِ لا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ وَ *.] ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.. لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ .. قَالَ الدُّسُوقِيُّ : يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ .. كَـ الْمَنْذُورِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْكَفَّارَةِ .. سَوَاءٌ كَانَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدَّمَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ .. أَوْ كَانَ مُؤَكَّدًا .. كَـ عَاشُورَاءَ وَ تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ . وَ *.] ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى حُرْمَةِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ .. وَعَدَمِ صِحَّةِ التَّطَوُّعِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلْقَضَاءِ.. وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَرْضِ حَتَّى يُقْضِيَهُ . [الموسوعة الفقهية: (ج: 28) : صوم التطوع ] فعلى المسلم أن يبادر إلى القضاء بعد رمضان ليتمكن من صيام: - عرفة و - عاشوراء دون حرج، و لو صام عرفة وعاشوراء بنية القضاء من الليل أجزأه ذلك في قضاء الفريضة ، وفضل الله عظيم . |
بدع عاشوراء 12 . ] بدع عاشوراء سُئِلَ ابن تيمية عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ : - الْكُحْلِ.. وَ - الِاغْتِسَالِ.. وَ - الْحِنَّاءِ .. وَ - الْمُصَافَحَةِ.. وَ - طَبْخِ الْحُبُوبِ .. وَ - إِظْهَارِ السُّرُورِ ..وَغَيْرِ ذَلِكَ ..!!؟. فَـ هَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ [ﷺ] حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؟ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .. فَـ هَلْ يَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ بِدْعَةً أَمْ لَا ؟ وَ مَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنْ : - الْمَأْتَمِ وَ - الْحُزْنِ وَ - الْعَطَشِ .. وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ : - النَّدْبِ وَ - النِّيَاحَةِ .. وَ - قِرَاءَةِ الْمَصْرُوعِ.. وَ - شَقِّ الْجُيُوبِ .. هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ ؟ أَمْ لَا ؟ *----------------* *-----------* *------* الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .. لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ : - النَّبِيِّ [ﷺ] وَلَا عَنْ - أَصْحَابِهِ.. وَ لَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ .. وَلَا غَيْرِهِمْ . وَ لَا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا .. لَا عَنْ النَّبِيِّ [ﷺ] وَلَا الصَّحَابَةِ .. وَلَا التَّابِعِينَ .. لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا .. لَا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ .. وَلَا فِي السُّنَنِ .. وَلَا الْمَسَانِيدِ.. وَلَا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ . وَ لَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ : " مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ ".. وَ " مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ ".. وَ أَمْثَالِ ذَلِكَ .. وَ رَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ [ﷺ] : " أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ " . وَ رِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ [ﷺ] كَذِبٌ . ثم ذكر -رحمه الله- ملخصا لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين -رضي الله عنه- وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال : فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ : إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ .. وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ .. تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ .. وَمُوَالَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ - مَأْتَمٍ وَ - حُزْنٍ وَ - نِيَاحَةٍ .. وَتُظْهِرُ فِيهِ - شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ : - لَطْمِ الْخُدُودِ .. وَ - شَقِّ الْجُيُوبِ .. وَ - التَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ .. فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا .. وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ: - النَّدْبِ وَ - النِّيَاحَةِ .. وَ - إِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ .. وَ - رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ .. وَالتَّعَصُّبُ .. وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ .. وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ .. وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ .. وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ .. لَا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلَامِ . فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ : - النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ .. وَإِمَّا مِنْ : - الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ .. وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ .. وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ .. وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ .. فَـ وَضَعُوا الْآثَارَ فِي : - شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَ - السُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَـ الِاكْتِحَالِ وَ - الِاخْتِضَابِ .. وَ - تَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ .. وَ - طَبْخِ الْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ .. وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ .. فَصَارَ : هَؤُلَاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الْأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ . وَ أُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ وَ كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ .. وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلًا .. وَأَظْهَرَ ظُلْمًا .. وَ لَمْ يَسُنَّ رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ .. لَا شَعَائِرَ الْحُزْنِ وَالتَّرَحِ .. وَلَا شَعَائِرَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ .. وَأَمَّا سَائِرُ الْأُمُورِ : مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ .. إمَّا حُبُوبٌ وَإِمَّا غَيْرُ حُبُوبٍ .. أَوْ تَجْدِيدُ لِبَاسٍ وَتَوْسِيعُ نَفَقَةٍ .. أَوْ اشْتِرَاءُ حَوَائِجِ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ .. أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍ مُخْتَصَّةٍ . كَـ صَلَاةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ .. أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ .. أَوْ ادِّخَارُ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ .. أَوْ الِاكْتِحَالُ وَالِاخْتِضَابُ .. أَوْ الِاغْتِسَالُ أَوْ التَّصَافُحُ .. أَوْ التَّزَاوُرُ أَوْ زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ .. وَنَحْوُ ذَلِكَ .. فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ .. الَّتِي لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ .. وَلَا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا : - مَالِكٌ وَلَا - الثَّوْرِيُّ .. وَلَا - اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ .. وَلَا - أَبُو حَنِيفَةَ .. وَلَا - الْأَوْزَاعِيُّ .. وَلَا - الشَّافِعِيُّ .. وَلَا - أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ .. وَلَا - إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ .. وَلَا أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .. وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ .. [الفتاوى الكبرى لابن تيمية] *---------------* وذكر ابن الحاج من بدع عاشوراء تعمد : - إخراج الزكاة فيه تأخيرا أو تقديما و - تخصيصه بذبح الدجاج و - استعمال الحنّاء للنساء : [المدخل : ( ج: 1 ) يوم عاشوراء] . |
.. ﴿ الْهِجْرَةِ ﴾ ... ﴿ الْهِجْرَةِ ... ﴾ ... حادثةُ ﴿ الْهِجْرَةِ ﴾ من أهم أحداث السيرة النبوية.. ومرحلة مفصلية بانتقال الدعوة من الدور المكي إلى الدور المدني.. وتحتاج كي نفهم جزئياتها دراسة السنة المحمدية دراسة عملية .. تطبيقية كي نفهم الإسترتيجية المصطفوية.. وأين يأتي الإذن من الخالق سبحانه لنبيه -عليه السلام- وأين تأتي قدرته العالية في تسيير أدوارها.. ويندرج تحتها - ﴿ الْهِجْرَةِ ﴾- العديد من المسائل الفقهية والعملية تستلزم مَن يقوم بالعمل في الساحة الإسلامية دراساتها بوعي واستنارة وإدراك وفهم صحيح .. ومِن ثم فهمها وإدراكها لإنزالها على الواقع الحالي.. كما أنه يوجد عدة شخصيات محورية لعبت دورا هاماً في سير أحداثها.. فلنستعن بالله تعالى ذكره ونتوكل عليه ونرجو توفيقه وهدايته.. ونبدء ... ٩ محرم ١٤٤٠ هـ ~ ١٩ سبتمبر ٢٠١٨م |
رد: المناسبات |
شهر صفر.. شهر الهجرة المحمدية ..! .. فلكياً غدا الأربعاء.. اليوم الأول من شهر صفر؛ من العام ١٤٤٠ ... وهو الشهر الذي بدأت فيه هجرة المصطفى من مكة المكرمة إلى يثرب ... مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... |
﴿صفر﴾..! قال أبو هريرة رضي الله عنه .. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم „ لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة، ولا ﴿ صفر ﴾، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد.‟ |
﴿ شهر صفر ﴾ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد! سأتناول في حديثي عن هذا الشهر ﴿ صفر ﴾ النقاط التالية : ١ . ] التعريف بموضوع البحث ﴿ شهر صفر ﴾ والأدلة الشرعية الواردة فيه .. ٢ .] ما ورد فيه عند العرب الجاهليين .. ٣ .] ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية .. ٤ . ] ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة من المنتسبين للإسلام .. ٥ . ] ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. ٦ . ] ما ورد في الأحاديث المكذوبة في ﴿ شهر صفر ﴾ .. |
تعريفه.. ١ . ] التعريف:" ﴿ شهر صفر ﴾ هو أحد الشهور الإثنى عشر الهجرية؛ وهو الشهر الذي بعد المحرم.. أي: " الشهر الثاني من شهور السنة الهجرية " [(1)] |
سبب التسمية.. ٢ . ] سبب التسمية : اختلف في سبب تسميته بهذا الاسم : قال بعضهم : ٢ . ١ . ] سمِّي بذلك لإصفار مكَّة من أهلها ( أي خلّوها من أهلها ) إذا سافروا فيه، و قيل : ٢ . ٢ . ] سَمَّوا الشهر صفراً لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صِفْراً من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) [(2)]. |
ثانياً : العرب قديماً.. ٢ . ] ثانياً: ما ورد فيه عند العرب الجاهليين : كان للعرب -قديما جدا- في شهر صفر منكران عظيمان : ٢ . ١ . ] الأول : التلاعب به تقديماً وتأخيراً ، وهو النسيء الذي ذكره الله -تعالى- عنهم في القرآن الكريم والذكر الحكيم بقوله: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً ﴾ [سورة التوبة: من الآية37] |
التلاعب في صفر تقديمًا وتأخيرًا: أولاً: التلاعب في صفر تقديمًا وتأخيرًا: من المعلوم أن الله -تعالى في سماه وتقدست اسماه- خلقَ الزمان والمكان وبالتالي أوجد الوقت والسَّنةَ وجعل عِدة شهورها اثنا عشر شهراً، وقد جعل الله -تعالى- منها أربعةً حرماً، حرَّم فيها القتال تعظيماً لشأنها، وهذه الأشهر هي : - ذو القعدة، - ذو الحجة، - محرم، - رجب . ومصداق ذلك ما نطق به كتاب الله في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ﴾ [ التوبة / 36 ] . وقوله صلى الله عليه وسلم: «.. إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ...» [(3)] وقد علم المشركون ذلك، لكنهم كانوا يؤخرون فيها ويقدمون على أهوائهم، ومن ذلك: أنهم جعلوا شهر " صفر " بدلاً من " المحرَّم " ! وكانوا يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، و هذه طائفة من أقوال أهل العلم في ذلك : |
رد: المناسبات |
رد: المناسبات أ . ] عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرَّم صفراً، ويقولون: إذا برأ الدَّبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر : حلَّت العمرة لمن اعتمر . [23]. |
رد: المناسبات ب . ] قال ابن العربي : في كيفية النسيء ثلاثة أقوال : ١ . ] الأول : عن ابن عباس أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم كل عام، فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب، ألا وإن صفراً العام الأول حلال، فنحرمه عاما، ونحله عاما، وكانوا مع هوازن وغطفان وبني سليم . وفي لفظة : أنه كان يقول : إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفراً، ثم يأتي العام الثاني فيقول: إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم؛ فهو هذا التأخير . ٢ . ] الثاني : الزيادة : قال قتادة : عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول: ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم، فيحرمونه ذلك العام، ثم يقوم في العام المقبل فيقول: ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام، ويقولون : الصفران . وروى ابن وهب، وابن القاسم عن مالك نحوه قال: كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « لا صفر » ، وكذلك روى أشهب عنه . ٣ . ] الثالث : تبديل الحج: قال مجاهد بإسناد آخر : ﴿ إنما النسيء زيادة في الكفر ﴾.. قال : حجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجُّوا في صفر عامين، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر في ذي القعدة، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته : « إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. ».. [رواه ابن عباس وغيره] ، و اللفظ له قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف.. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. و قد بلغت، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكم رءوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون، قضى الله أن لا ربا، وإن ربا عباس بن عبدالمطلب موضوع كله، وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد، أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه إن يطع في ما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به، فاحذروه أيها الناس على دينكم، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان[24]. ».. وذكر سائر الحديث[25:]. |
تشاؤم... ٢ . ٢ . ] الثاني : التشاؤم منه . ٢ .] ثانيًا: أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهوراً عند أهل الجاهلية .. ولا زالت بقاياه في بعض من ينتسب للإسلام.. فــ ليس شهرًا منحوسًا كما يعتقد البعض، و ليس من عقيدة المؤمن الذي يعلم أنَّ الحوادث بيد الله تعالى وأنَّ الأيام والشهور لا تدبير لها بل هي مدبرة مسخرة، ليس عن عقيدته أن يستاء من هذا الشهر، أو يتضجر، أو يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، بل هو كبقية الأشهر والأيام. *-*-* |
ما جاء في شهر صفر من الأدلة الشرعية ما جاء في شهر صفر من الأدلة الشرعية : 1.] : النص القرآني الكريم " لم يرد في كتاب الله تعالى لفظ صفر، و إنما ورد ما يراد به صفر، كما في تفسير قول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ... ﴾ [التوبة:5]، قال بعض أهل العلم: إن المراد به أشهر الإمهال؛ عشرون من ذي الحجة والشهر المحرم وشهر صفر وشهر ربيع الأول وعشرًا من ربيعٍ الآخر(2). وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ... ﴾ الآية [سورة : التوبة؛ آية : (37)]، و سيأتي أن مِنْ أهل العلم مَنْ فسر «لا صفر»، بهذا النسيء، وهو التأخير.". 1.] : ما جاء في شهر صفر من السنة النبوية: شهر صفر جاء في الأحاديث الصحيحة والصريحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنها ما يلي: 1- عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى(3) ولا طيرة ولا صفر(4) ولا هامة(5)»، فــ قال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إبلي تكون في الرَّمْل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها يجربها؟.. فــ قال عليه السلام: «فمن أعدى الأول» متفق عليه(6). 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى، ولا طيرة(7)، ولا هامة، ولا صفر» متفق عليه(8). وفي رواية لمسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى، ولا غول(9)، ... ولا صفر»(10). 3- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا يُعْدي شيء شيئًا»... فـــ قال أعرابي: يا رسول الله، البعير أجرب الحشفة(11) نُدبِنْهُ(12) فيُجْرِبُ الإبلَ كلّها؟ .. فــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فمن أجرب الأول؟؟؟؟.... لا عدوى ولا صفر، خلق الله كل نفس، فكتب حياتها ورزقها ومصائبها»(13). 4- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفر، ويقولون: إذا برأ الدَّبر(14)، وعفا الأثر(15)، وانسلخ صفر، حلَّت العمرة لمن اعتمر. قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: «الحلُّ كله»(16). |
المراد بـ ﴿ صفر ﴾ في الأحاديث المتقدمة المراد بـ ﴿ صفر ﴾ في الأحاديث المتقدمة: بدايةً ندعوه -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا لما يحب ويرضى ... فــ العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا صفر» ثلاثة أقوال: 1- المراد بصفر: داءٌ يكون في البطن يُصيب الماشية والناس، و هو أعدى من الجرب عند العرب، و المراد بنفي الصفر هنا: ما كانوا يعتقدونه بسببه من العدوى، وبه قال ابن عيينة وأحمد ورجحه البخاري في صحيحه، وابن جرير الطبري، وعضدوا ترجيحهم هذا بأنه قُرِن في الحديث مع نفي العدوى. 2- المراد بصفر: داءٌ يأخذ البطن(17) يقال إنه دود فيه كبار كالحيات، وكانوا يعتقدون أنه يعدي، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. قال به سفيان بن عيينة والإمام أحمد وابن جرير وغيرهم. 3- المراد بصفر: شهر صفر، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين: أحدهما: نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، فكانوا يستحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه، وهذا قول مالك، وأبي عبيدة(18). والثاني: أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر ويقولون: إنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وهذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي عمن سمعه يقول ذلك(19). قال ابن رجب: «ولعل هذا القول أشبه الأقوال، وكثير من الجهال يتشاءم بصفر، وربما ينهى عن السفر فيه، والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها»(20). ثم قال ابن رجب : وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق الله تعالى، وفيه تقع أفعال بني آدم، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤوم عليه، فــــ الشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى، كما قال ابن مسعود : «إذا كان الشؤم في شيء ففي ما بين اللحيين؛ (يعني اللسان)..، ثم أطال في هذا المعنى والاستدلال له بما ورد عن السلف الصالح، فانظره فإنه نفيس فيه فائدة (21). ومع ذلك يتداول بعض الناس معلومات خاطئة وأفكاراً خطيرة تؤثر في عقيدتهم وإيمانهم بالله تعالى إن كانوا مقتنعين ومصدقين بها ؛ فيتحدثون عن التشاؤم من شهر صفر واعتباره شهر حلول المكاره ونزول المصائب، وهذا مخالف لمبدأ التوكل على الله سبحانه وتعالى والإيمان بأنه وحده الضار النافع، وهي من صور التطيّر التي كانت سائدة بين العرب أيام الجاهلية ؛ حيث كان المشركون يتشاءمون منه لأنهم كانوا يعودون فيه إلى السلب والنهب والغزو والقتل بعد أن كانوا قد كفوا عنها في الأشهر الحرم الثلاثة التي تسبقه، لدرجة أن كثيراً منهم كان لا يتزوج فيه مخافة فشل زواجه، ولا يمضي تجاراته وصفقاته فيه خشية الخسارة . فـــــــــــــــــــــــــــــــــ جاء الإسلام ونهى عن التطير عموماً سواء من الأشخاص والأزمان والأحداث، واعتبر ذلك من الشرك بالله، ونص على إبطال التشاؤم من هذا الشهر، فهو كسائر الشهور ليس فيه ما يدعو إلى الخوف منه، وبيّن أن كل شيء حادث بإذن الله وأمره وقضائه وقدره، وأن الزمان كله لله، خلقه الله ليكون الظرف الذي تقع فيه أعمال الناس وفق إرادته، وهذا هو مقتضى الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص. والأحاديث النبوية الدالة على تحريم التطير والتشاؤم كثيرةو أما النهي عنه في السنة المباركة فقد صحت في ذلك أحاديث كثيرة، قال النووي : «وقد تظاهرت الأحاديث في النهي عن الطيرة »(27)، فنذكر انفسنا مرة ثانية .. : منها حديث شريف حول التطير من شهر صفر بالتحديد، فـ 1. ] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد . » .(28) و قال النووي : «والتطير: التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمن تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر»(29). وقال ابن القيم : «وهذا يحتمل أن يكون نفيًا، وأن يكون نهيًا، أي: لا تطيروا، ولكن قوله في الحديث: «لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة»، يدل على أن المراد النفي، وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النَّهي؛ لأنَّ النفي يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره، والنهي إنما يدل على المنع منه»(30). قوله: «ولا هامَة» المحفوظ من روايتها تخفيف الميم، قال ابن حجر : «قال القزاز: الهامة: طائر من طير الليل، كأنه يعني البومة. و قال ابن الأعرابي: كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم، يقول: نعت إليَّ نفسي أو أحدًا من أهل داري. و قال أبو عبيد: كانوا يزعمون أنَّ عظام الميت تصير هامة فتطير، ويسمون ذلك الطائر الصدى. فعلى هذا فالمعنى في الحديث: لا حياة لهامة الميت، و على الأول: لا شؤم بالبومة ونحوها» (31). قوله: «ولا صفر» قال البغوي : «معناه أن العرب كانت تقول: الصفر حية تكون في البطن تصيب الإنسان والماشية، تؤذيه إذا جاع، وهي أعدى من الجرب عند العرب، فأبطل الشرع أنها تعدي، و قيل في الصفر: إنه تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر، و قيل: إن أهل الجاهلية كانوا يتشائمون بصفر، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك»(32). و قال ابن عثيمين؛ محمد بن صالح.. الشيخ رحمه الله تعالى : و " صفر " فُسِّر بتفاسير : الأول : أنه شهر صفر المعروف ، والعرب يتشاءمون به . الثاني : أنه داء في البطن يصيب البعير، وينتقل من بعير إلى آخر، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام . الثالث : صفر : شهر صفر، والمراد به النسيء الذي يُضل به الذين كفروا، فيؤخرون تحريم شهر المحرم إلى صفر، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً . وأرجحها [عند الشيخ محمد بن صالح؛ اصلح الله تعالى حالنا بعلمه] : أن المراد : شهر صفر، حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية . والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيه الخير والشر . 2- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك ـ ثلاثًا ـ وما منا إلا، ولكنَّ الله يذهبه بالتوكل»(33). قال البيهقي : «قال الإمام أحمد... يريد ـ والله تعالى أعلم ـ الطيرة شرك على ما كان أهل الجاهلية يعتقدون فيها، ثم قال: «وما منا إلا» يقال: هذا من قول عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: وما منا إلا وقع في قلبه شيء عند ذلك على ما جرت به العادة، وقضت به التجربة، لكنه لا يقر فيه، بل يحسن اعتقاده أن لا مدبر سوى الله تعالى، فيسأل الله الخير، ويستعيذ به من الشر، ويمضي على وجهه متوكلًا على الله»(34). وقال النووي : «أي: اعتقاد أنها تنفع أو تضر، إذ عملوا بمقتضاها مُعتقدين تأثيرها، فهو شرك؛ لأنهم جعلوا لها أثرًا في الفعل والإيجاد»(35). وقال ابن حجر : «وإنما جعل ذلك شركًا لاعتقادهم أنَّ ذلك يــجـــلـــب نفعًا أو يدفع ضرًا، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى»(36). وقال صديق حسن خان : « وهذا صريح في تحريم الطيرة، وأنها من الشرك؛ لما فيه من تعلق القلب بغير الله»(37). وقال ابن عثيمين : « واعلم أن التطير ينافي التوحيد، ووجه منافاته له من وجهين: الأول: أنَّ المتطير قطع توكله على الله واعتمد على غيره، الثاني: أنه تعلق بأمر لا حقيقة له؛ فأي رابط بين هذا الأمر وبينما يحصل لك؟! وهذا لا شك أنه يخل بالتوحيد؛ لأن التوحيد: أ.] عبادة و ب.] استعانة، قال تعالى: :" إِيَّاكَ نَعْبُدُ ... "... وَ :" إِيَّاكَ نَسْتَعِين ُ". [الفاتحة:5]، إذن فالطيرة محرمة، وهي منافية للتوحيد كما سبق»(38). 3- عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تَطير أو تُطير له»(39). قال الحليمي ما ملخصه: « كان التطير في الجاهلية في العرب إزعاج الطير عند إرادة الخروج للحاجة... وهكذا كانوا يتطيرون بصوت الغراب وبمرور الظباء، فسموا الكل تطيرًا؛ لأنَّ أصله الأول... فجاء الشرع برفع ذلك كله، و قال: « من تكهَّن أو ردَّه عن سفرٍ تطيرٌ فليس منا »، و نحو ذلك من الأحاديث. و ذلك إذا اعتقد أن الذي يشاهده من حال الطير موجبًا ما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله تعالى، فأما إن علم أن الله هو المدبر ولكنه أشفق من الشر؛ لأن التجارب قضت بأن صوتًا من أصواتها معلومًا أو حالًا من أحوالها معلومة يُردفها مكروه، فإن وطن نفسه على ذلك أساء، و إن سأل الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى متوكلًا لم يضره ما وجد في نفسه من ذلك، و إلا فيؤاخذ به، وربما وقع به ذلك المكروه بعينه الذي اعتقده عقوبة له، كما كان يقع كثيرًا لأهل الجاهلية، والله أعلم» (40). |
إستشكل أمر واسعى إلى بيانه إستشكل أمر واسعى إلى بيانه !!: في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار»(41). فاختلف أهل العلم ـ رحمهم الله تعالى ـ في توجيه هذا الحديث مع ما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم من نفي الشؤم والطيرة والنهي عنهما، و هذه أقوالهم باختصار(42): 1.] قال بعضهم: إن الحديث ليس على ظاهره، وإنما هو إخبار عما كان عليه أهل الجاهلية؛ فـ عن أبي حسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة، فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: « إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار».. قال: فطارت شقّة منها في السماء وشِقّة في الأرض، قال السندي: شقة بكسر فتشديد، أي قطعة وهذه مبالغة في الغضب والغيظ... فــ قالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: « كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة .. والدار.. والدابة »، ثم قرأت عائشة رضي الله عنها: :" مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" [الحديد:22](43). 2.] وقال آخرون: بل الحديث على ظاهره وفيه إثبات للطيرة، ولكن لهذا توجيهه، وهو أن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأعلمهم أن لا طيرة، فلما أبوا أن ينتهوا بقيت الطيرة في هذه الأشياء الثلاثة، وبهذا يكون حصول الشؤم في هذه الأشياء لمن تطير بها دونمن لم يتطير. 3.] وقال آخرون: إن التطير منفي ولا وقوع له، ولكن لما كانت هذه الأشياء هي أكثر ما يتطير به الناس، أبيح لمن وقع في نفسه شيء نحوها أن يتركه ويستبدل به غيره؛ حتى يغلق باب التطير ويرتاح من تحديث نفسه بذلك. 4.] وحمل بعضهم الشؤم على ظاهره، ولكن فسره بمعنى جرى قدر الله بوقوعه لدى بعض الناس، فيكون المسلم مأمورًا حينئذ بمجانبة ما يكره. 5] قال الخطابي : « معناه: إبطال مذهبهم في الطيرة بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها، إلا أنه يقول: إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه ارتباطه، فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويبيع الفرس، وكان محل هذا الكلام محل استثناء الشيء من غير جنسه، وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره، و قد قيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، و شؤم الفرس أن لا يغزى عليها، و شؤم المرأة أن لا تلد»(44). 6.] وقيل: بل هو بيان أنه لو كانت الطيرة ثابتة لكانت في هذه الأشياء، لكنها غير ثابتة في هذه الأشياء، فلا ثبوت له أصلًا. قال ابن القيم : «وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانًا مشؤومة على من قاربها وسكنها، وأعيانًا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدًا مباركًا يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولدًا شرًّا مشؤومًا نذلا، يريان الشرعلى وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها، فكذلك الدار والمرأة والفرس. والله سبحانه خالق الخير والشر، والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعودًا مباركة، ويقضي بسعادة من قارنها، وحصول اليمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوسًا يتنحس بها من قارنها، وكلذلك بقضائه وقدره، كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة؛ فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة، ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سببًا لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يُدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون، والطيرة الشركية لون آخر»(45). |
رد: المناسبات الثابت علمياً اليوم .. أن المرأة قد تكون عقيماً لا تحبل فلا تلد .... أو قد يكون الرجل هو العقيم !!.. فوجب عليَّ التنبيه.. |
لا تقل: «صفر الخير» لا تقل: «صفر الخير»: قال ابن عثيمين : « والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله لها، فصفر كغيره من الأزمنة يقدَّرفيه الخير والشر، وبعض الناس إذا انتهى من شيء في صفر أرَّخ ذلك و قال: انتهى فيصفر الخير، و بعضهم إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس والعشرين - مثلاً - من صفرأرَّخ ذلك و قال : انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير، فــ هذا من باب مداواةالبدعة بــ بدعة، والجهل بالجهل فهو ليس شهر خيرولا شهر شر»(49). فــ هو ليس شهر خير ولاشر؛ ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال:"خيراً.(!!!) إن شاء الله"، فــ لا يقال خير ولاشر، بل هي تنعق كبقية الطيور . وقال بكر أبو زيد : « وبعض يقول : «صفر الخير» تفاؤلًا يرد ما يقع في نفسه من اعتقاد التشاؤم فيه، وهذه لوثةجاهلية من نفسٍ لم يصقلها التوحيد بنوره» ا.هـ(50). فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تدل على وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة وألا يضعف الملم أمام هذه الأمور . وإذا ألقى المسلم بالَه لهذه الأمور فلا يخلو من حالين : الأولى : إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم، فيكون حينئذٍ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له . الثانية : أن لا يستجيب بأن يقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أوالغم، وهذا وإن كان أهون من الأول لكن يجب أن لا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقاً ، وأن يكون معتمداً على الله عز وجل … والنفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفياً للوجود؛ لأنها موجودة، ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان سبباً معلوماً فهو سبب صحيح، وما كان سبباً موهوماً فهو سبب باطل، ويكون نفياً لتأثيره بنفسه ولسببيته … |
الربيع.... ﴿[ سيهل الربيع ...!!! ]﴾. |
رد: المناسبات حول ذكرى مولد «النبي» [صلى الله عليه وآله وسلم] لفضيلة الشيخ/ محمود شلتوت [ مجلة الهدي النبوي، العدد الثالث لسنة 1362هـ.] منذ 78 عاماً .. كتب رحمه الله يقول: |
في شهر ربيع.... في شهر ربيع الأول من كل عام يقيم المسلمون حفلات الذكرى لمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فينصبون السرادقات، ويرفعون الإعلام، ويلقون الخطب، ويذيعون الأحاديث، ويكتبون الفصول، يشرحون للناس فيما يخطبون ويذيعون ويكتبون سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو ناحية من نواحي سيرته، ويذكرون تشريعه وأحكامه، وطريقته في التأديب، وإنهاض النفوس وتهذيب الأخلاق. يذكرون أطواره التي مر بها في حياته قبل البعثة وهو طفل رضيع في صحراء بني سعد، وهو غلام يرعى الغنم بمكة، وهو شاب قوي جلد يتجر ويسافر، ويحضر حرب الفجار وحلف الفضول. ثم يذكرون دعوته وكيف بدأت سرية ثم كانت جهرية. ويذكرون ما ناله من أذى قومه، واضطهادهم له، وتضييقهم عليه حتى أخرجوه من دياره وأمواله إلى المدينة، فكانت الهجرة، وكانت الحروب، وكان التشريع والأحكام إلى أن نزل قوله تعالى بعد ثلاث وعشرين سنة من مبعثه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3]. يحتفلون على هذا النحو في يوم أو أيام، ويقولون: إنها ذكرى، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، و لقد كان المسلمون في عصورهم الأولى لا يعرفون احتفالاً خاصاً يقام في مثل هذه الأيام بقصد إحياء ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا يرون أن عظمته ليست من جنس هذه العظمات التي يألفها الناس في أفذاذهم ورجالهم، والتي يخلعها الزمن على بعض الناس في بعض نواحي الحياة. لم تكن عظمته صلى الله عليه وسلم من جنس هذه العظمات المحدودة في نوعها، و المحدودة في أمدها. لم تكن من جنس هذه العظمات التي يخشى عليها من الضياع والتلاشي في بطون الأزمان والأيام؛ فيحتاج بقاؤها في أذهان الناس إلى مذكر. كانوا يعرفون أن عظمته صلى الله عليه وسلم ليست من جنس هذه العظمات، وإنما هي العظمة الخالدة التي ينبغي أن تكون دائماً قارّة في النفوس، ماثلة في القلوب، ممتزجة بالدماء، مؤاخية للعقيدة. لذلك كانت هذه العظمة المحمدية ظاهرة في قولهم إذا نطقوا، في حركتهم إذا تحركوا، في سكونهم إذا سكنوا، في جميع شئونهم الفردية والاجتماعية، السرية والعلنية، الدنيوية والأخروية، فـ هي عظمة قد رسمت لهم باطن الحياة وظاهرها، و حدودها ودوائرها، لم تقف عند ناحية من نواحي الحياة، بل لم تقف عند حدود هذه الحياة الفانية، فشملت جميع نواحي الحياة وامتدت إلى الحياة الآخرة فكشفت لهم عن حجب غيبها، وصورت لهم ما يكون للمحسن فيها من نعيم، وما يكون للمسيء فيها من شقاء. لم تكن عظمته عندهم بانتصار في معركة، ولا برأي في علم، ولا باختراع في صلاح، ولا بنظرية في أرض ولا سماء، وإنما كانت عظمة عامة وشاملة، ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإسراء: 9- 10]. بـــ هذا آمَن المسلمون في عصورهم الأولى يوم كان الإيمان قوياً في النفوس، تشتعل جذوته فتلتهب الجوارح، وتُبذل الأنفس، ويضحى بالأرواح في ترسّم خُطى تلك العظمة والجد في معرفتها، ونشرها على العالم مهذبة نقية حتى تحيا بها النفوس وتطمئن إليها القلوب، وبذلك كانت جميع أيامهم وجميع أوقاتهم ذكرى عملية لهذه العظمة، ذكرى عملية يتمثلون فيها مبادئه وأحكامه وإرشاداته الحكيمة ويسيرون على نهجها، فكانت حالتهم مثالاً صادقاً ومرآة صافية تُرى منها عظمة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الأمر بحاجة إلى مذكر بعظمة هم فيها سابحون، وبنورها مهتدون. |
رد: المناسبات كانوا يرون النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قدراً وأجل شأناً من أن يكرَّم كما يكرَّم آحاد الناس بخطبة تلقى أو حديث يذاع، أو فصل يكتب. كرمه الله وليس بعد تكريم الله تكريم، و خلد اسمه في كتابه الخالد، فذكر اسمه الصريح، وذكره بوصف الرسالة مبعث العظمة، و ذكره بوصف العبودية لله الواحد، و ذكره بعظمة خُلقه، و ذكره برحمته للمؤمنين، و برحمته للناس أجمعين، وذكره بأنه المزكي للنفوس، و المعلم للكتاب والحكمة. ذكره بكل هذا كما ذكره بالتبشير والإنذار، وبأنه شهيد على أمته، وبأنه صاحب المقام المحمود، وجعل محبته من محبته، وطاعته من طاعته، وذكره في كتابه الخالد بهذا وبغيره من أوصاف التكريم بل من الأوصاف التي طبعه عليها وصاغه بها؛ بياناً لحقيقته، ورسماً لوظيفته. لم يقف التكريم الإلهي لمحمد صلى الله عليه وسلم عند هذا الحد، بل جعل له ذكراً في الأولين إذ كتبه في التوراة والإنجيل، و بشر به على لسان عيسى بن مريم، و جعل له ذكراً في الآخرين إذ قرن بينه و بين اسمه الكريم في كلمه التوحيد التي بها يكون المرء مسلماً، والتي هي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، وإذ جعل المناداة باسمه جزءاً من الأذان الذي يكرر في كل يوم خمس مرات بصوت مسموع؛ إيذاناً بالصلوات المفروضة، وجمعاً للمسلمين على عبادة الله، وفي التشهد كلما صلى مسلم فرضاً أو نقلاً. فكم إذاً من ملايين تفتر شفاهم، وتنطق ألسنتهم بذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كل يوم و ليلة كلما أذن مؤذن أو أجاب مجيب، أو صلى مصلٍّ أو آمن مؤمن، أو تلا قارئ أو حدّث محدث. لم يكن بعد هذا كله ما يُلتمس أن يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم، و متى كانت هذه العظمة تنسى حتى تُذكر؟! ومتى كان هذا التكريم يخفى حتى يظهر؟! تلك روح خص الله بها نبيه ومصطفاه، لم تكن لتخفى على قلب يؤمن بالله وبرسوله الله. آمن الأولون بهذا كله، آمنوا بأن تمجيد رسولهم وتكريمه إنما يكون عن طريق اتباعه وإحياء سنته والتحلي بأخلاقه، وإقامة شرعه ودينه. آمنوا بهذا واعلموا أن الإيمان الحق يثمر المحبة الصادقة؟ وللمحبة الصادقة حقوق و عليها تبعات، فمن حقوقها: المتابعة لمن تحب، والرضا بما يرضيه، والغضب لما يغضبه. ومن تبعاتها تحمل المشاق والتضحية بالنفس في سبيل رضا المحبوب. ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24]، ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه ممن سواهما)). |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي