ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=51)
-   -   كِتَابُ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=119112)

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 08 / 01 / 2022 23 : 12 AM

اصْطفاءُ مَرْيَمَ وتطهيرها!
 
اصْطفاءُ مَرْيَمَ وتطهيرها
الجزء الثاني
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين }
[آل عمران:42]
« مع خصوصية الاصطفاء.. وخاصية التطهير..تصلح مريم العذراء الزهراء البتول نموذجاً لتربية البنات!»
انْتِقَالٌ إِلَىٰ ذِكْرِ مَرْيَمَ
وَمَرْيَمُ: عَلَمٌ عِبْرَانِيٌّ، وَهُوَ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ -مِرْيَمُ-، وَهُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ سُمِّيَتْ بِهِ أُخْتُ مُوسَىٰ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ : مَرْيَمُ فِي لُغَتِهِمْ أَيْ لُغَةِ الْعِبْرَانِيِّينَ بِمَعْنَىٰ : „ الْعَابِدَةِ »




-*-*-*-
تمهيد:
1.] تجري علىٰ مدار العام الواحد أحداث.. وتأتي مناسبات في كافة المجالات.. وفي كل التخصصات.. وفي كل الموضوعات.. فــينبغي علىٰ العقلاء استثمارها في حينها؛ خاصةً أهل العلم ورجال التخصص؛ وليس الغوغاء وأنصاف المتعلمين..
.. وعلىٰ سبيل المثال وليس الحصر فــ منذ أيام قلائل تحتفل الكنائس المسيحية والعالم المسيحي ويجاوره المسلمون بعيد ميلاد
[(*)] السيد المسيح -ابن الآله؛ المُخَلِص- فكان ينبغي علىٰ الهيئات العالمية ذات الشأن أن تبادر قبل أو أثناء التهنئة -إن قامت بها: إما علىٰ مضض بتكليف حكومي أو رئاسي؛ وإما طواعية اقتناعا بتبني رأي شرعي بجواز التهئنة-
أقول(الرَّمَادِيُّ) ينبغي علىٰ الهيئات العالمية[(**)] باستثمار هذه المناسبة بما يليق بها.. كما بينتُ في نهاية المقال السابق..
2.] في قصة مريم العذراء الزهراء البتول توجد عدة مقدمات.. كي يصل المتابع للقصة منذ بدايتها إلىٰ معجزة حادثة الحبل دون بعل أو الحمل دون فحل.. فنصل إلى أمر لا يقبله العقل ولا يستسيغه الفهم ولم يحدث من قبل ولن يحدث من بعد.. إلا باعتماد أن الله -تعالى- الخالق أراد في ملكه أمراً خارقاً للعادة.. والقبول مع التسليم بأن أمره بين الكاف والنون..
.. فالقصةُ في أصلها دليلٌ مادي ملموس محسوس يقدمه المُبدعُ -جلَّ شأنه- على غير مثال سابق.. ويبرزه المُنشأ من عدم ليثبت قدرته على الخلق مِن لا شئ؛ كما تقدم القصة منذ بدايتها بعد الرضا بمقدمة العلماء وقبول أن أم مريم حبلت بها وقد أسنت واصابها العجز عن الإنجاب بإنقطاع مبشرات الحبل وعلامات الحمل -الحيض- والقدرة البيولوجية على الانجاب دون تدخل طبيب حاذق في تخصصه أو دون معمل طبي للتلقيح الصناعي خارج الرحم أو بداخله.. وما يتم من مجهود طبيب حاذق أو معمل للتقليح ليس فيه أدنى إعجاز أو قدرة خارقة بل اخصاب مادة أنثوية بآخرى ذكورية؛ والحيوان المنوي والبويضة مادتان متاحتان للطبيب مع وجود قدرات علمية متقدمة وحديثة لمعمل للتلقيح..
فالحديث.. إذاً.. عن وجود خالق مِن عدم.. والإيمان به.. وليس قصة للتسلية والترويح..
فــ مِن مقدمات القِصة:
1.] إثبات نظرية اختيار.. والتأكيد على مبدأ الاصطفاء لــ آل بيت عمران.. وقد تم هذا لأنبياءه ورسله..أو بدرجة أقل كثيراً لأوليائه ومن يحبونه فيحبهم.. فالنبي يظهر رسالته والرسول يتحدث عن نبوته؛ أما الولي فهي كرامة خاصة به لا يظهرها..
فنطق القرآن الكريم وتكلم عن صفات حميدة تميزت بها عائلة عمران فذكر النص القرآني القطعي الثبوت والقطعي الدلالة علىٰ: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }.. واضاف الذرية لهذا الاصطفاء..
وهذا يلزمنا دراسة تفصلية لهذا المبدأ.. مبدأ الاصطفاء.. ونظرية الاجتباء.. وفكرة الاحتباء.. وقاعدة الاختيار..فيترتب عليها حفظ الإنسان من شر.. سواء أكان شر الشرك أو شر الدنس أو شر المعصية أو شر الذنب..
وأما نساؤنا
فــ : كَانَ أَبُوهُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واصفاً:«„ خَيْرُ نِسَاءٍ “»؛ بأنهن :«„ أَحْنَاهُ عَلَىٰ وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَىٰ زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ “» [ لَمْ يُخَرِّجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، سِوَى مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ بِهِ ].
وهذ الجزئية من البحث تنقسم إلى شقين ..
الأول منهما :
أ.] ما أثبته الخالق المبدع المصور في اللوح المحفوظ قبل خلق الإنسان -أي إنسان؛ وفي أي زمن أو مكان- بأنه أشقي أم سعيد لنص قول الرسول النبي :«„ شقيٌّ أم سعيدٌ “»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
روى عبدالله بن مسعود؛ فقال : حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ :«„ إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ -تعالى- مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ، فــ [والذي لا إلَه غيرُه] إنَّ [أحدَكم] الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ ».
[انظر: البخاري في:صحيحه (3208)؛ وأخرجه مسلم (2643) باختلاف يسير]
فقد كَتَبَ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- أقدارَ الخَلائِقِ في اللَّوحِ المَحفوظِ، وهي واقِعةٌ وَفْقَ ما قَضَىٰ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- وقَدَّرَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّ الجَنينَ في بَطنِ أُمِّه يَمُرُّ في تَكوينِه بأربَعةِ أطوارٍ؛ فيَكونُ في:
-الطَّوْرِ الأوَّلِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا حَيَوانًا مَنَويًّا يَجتَمِعُ ببُوَيْضةِ الأُنثىٰ، فيُلَقِّحُها، وتَحمِلُ المَرأةُ بإذْنِ اللهِ -تَعالى-،ثمَّ يَتَحوَّلُ في
- الطَّوْرِ الثَّاني لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا إلىٰ قِطعةِ دَمٍ جامِدةٍ تَعْلَقُ بالرَّحِمِ، ثمَّ يَتحَوَّلُ في
- الطَّوْرِ الثَّالِثِ لِمُدَّةِ أربَعينَ يَومًا إلىٰ قِطعةِ لَحمٍ صَغيرةٍ بقَدْرِ ما يَمضُغُ الإنسانُ في الفَمِ، ثمَّ في
- الطَّورِ الرَّابِعِ يَبدَأُ تَشكيلُه وتَصويرُه، ويَكونُ قد أكمَلَ أربَعةَ أشهُرٍ، فيُرسِلُ اللهُ إليه المَلَكَ المُوَكَّلَ بالأرحامِ؛ فيَكتُبُ :
- أعمالَه التي يَفعَلُها طِيلَةَ حَياتِه خَيرًا أو شَرًّا، و
- رِزقَه و
- أجَلَه، و
- يَكتُبُ خاتِمَتَه ومَصيرَه الذي يَنتَهي إليه إنْ كانَ مِن أهلِ الشَّقاوةِ أو مِن أهلِ السَّعادةِ، وتَقَعُ الأعمالُ وَفْقَ ما كُتِبَ؛ وهذا مِن الغيبِ الذي لا يَعْلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ وهو مجهول للإنسان.. فإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ، حتَّىٰ ما يَكونُ بيْنه وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِراعٌ -وهو تعبير عن غَايةِ القُرْبِ- فيَسْبِقُ عليه كِتابُه، بأنْ يَكونَ قد كُتِبَ عليه سابِقًا في بَطنِ أُمِّه أنَّه شَقيٌّ؛ فيُختَمُ له بالشَّقاوةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ فيَدخُلُها كما سبَقَ به القَدَرُ، وفي الجِهةِ الأُخْرىٰ قد يَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ، حتَّىٰ يَقتَرِبَ منها اقتِرابًا شَديدًا، بألَّا يَكونَ بيْنَه وبيْنَها إلَّا ذِراعٌ، فيَسبِقُ عليه ما كُتِبَ سَلَفًا في كِتابِه بأنَّه مِن أهلِ الجَنَّةِ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجَنَّةِ، فيَدخُلُها.
وهذه الصُّورةُ المذكورةُ في الحديثِ يُفسِّرُها حَديثُ سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِديِّ -رَضيَ اللهُ عنه- في الصَّحيحينِ: « إنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ الجَنَّةِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أهلِ النَّارِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهلِ الجَنَّةِ »؛ فالظَّاهرُ للنَّاسِ غيرُ الباطنِ الذي يَعلَمُه اللهُ -سُبحانه-.
وفي الحَديثِ: الإيمانُ بالقَدَرِ، سَواءٌ تَعلَّقَ بالأعمالِ أو بالأرزاقِ والآجالِ.
وفيه:
عَدَمُ الاغتِرارِ بصُوَرِ الأعمالِ؛ لِأنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.
وفيه:
أنَّ الأعمالَ مِنَ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ أمَاراتٌ لا مُوجِباتٌ، وأنَّ مَصيرَ الأمْرِ في العاقِبةِ إلىٰ ما سَبَقَ به القَضاءُ وجَرَىٰ به التَّقديرُ.
[()]
تنبيه :
لفظا " السعادة " و " الشقاء" الواردان في حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- ليسا هما ما نحسه في الدنيا من " سعادة "، وما يصيبنا فيها من " شقاء "، بل هما " الإسلام " و " الكفر "، وهما الطريقان إلىٰ " الجنة " و " النار "، والمقصود بالحديث: ما يختم للإنسان بأحد الأمرين في الدنيا، فمن ختم له بخير فهو سعيد، وهو من أهل السعادة، وجزاؤه الجنة، ومن خُتم له بشرٍّ فهو شقي، وهو من أهل الشقاء، ومصيره النار - والعياذ بالله - .
وقد جاء هذا اللفظان في الكتاب والسنَّة بذات المعنىٰ الذي قلناه :
أ.] { يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود/ 105 – 108] .
ب.] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ [عصا] فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ :«„ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ». قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ :„ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَىٰ كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ . فَقَالَ :«„ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ». ثُمَّ قَرَأَ { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) . [رواه البخاري ( 4666 )؛ ومسلم ( 2647 )].
- وفي" الصحيحين " عن عمرانَ بن حُصينٍ، قال: قال رجل :„ يا رسول الله، أيُعرَفُ أهلُ الجَنَّةِ مِنْ أهلِ النَّارِ ؟؛ قالَ :«„ نَعَمْ »؛ قالَ :„ فَلِمَ يعملُ العاملونَ ؟ ؛ قال :«„ كلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له، أو لما ييسر له ».
فالقضاء والقدر هذا أمرٌ ..
والأمر الثاني: واختيار العبد ما يقوم به ويفعله؛ وما يفهمه فيدركه فيقتنع بصحته بما يوافق مراد الله تعالى فيلتزم بهديه وأمره ويبتعد عن ما زجر عنه ونهى!..فلا يوجد إجبار أو الزام بل حرية اختيار.. واستمع لقوله تعالى : {.. فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ..}[الكهف:29]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
مسألة الاصطفاء لمريم :
كَرَّرَ الِاصْطِفَاءَ لِأَنَّ مَعْنَىٰ الْأَوَّلِ الِاصْطِفَاءُ لِعِبَادَتِهِ -عزوجل-، وَمَعْنَىٰ الثَّانِي لِوِلَادَةِعِيسَىٰ
".[قرطبي] من غير مسيس رجل لها.. فــ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اصْطَفَاهَا،أَيِ : اخْتَارَهَا لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهَا وَاحتباها لــ زَهَادَتِهَا وَاجتباها لــ شَرَفِهَا وَطُهْرِهَا مِنَ الْأَكْدَارِ وَالْوَسْوَاسِ.. وَاصْطَفَاهَا ثَانِيًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِجَلَالَتِهَا عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .[ابن كثير] لخصوصية الحبل والحمل كما ذكرت الآيات القرآنية!
[ابن عاشور] وَتَكَرَّرَ فِعْلُ ( اصْطَفَاكِ ) لِأَنَّ الِاصْطِفَاءَ الْأَوَّلَ ذَاتِيٌّ، وَهُوَ جَعْلُهَا مُنَزَّهَةً زَكِيَّةً، وَالثَّانِي بِمَعْنَىٰ التَّفْضِيلِ عَلَىٰ الْغَيْرِ، وَنِسَاءُ الْعَالَمِينَ نِسَاءُ زَمَانِهَا، أَوْ نِسَاءُ سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ؛ وَتَكْلِيمُ الْمَلَائِكَةِ وَالِاصْطِفَاءُ يَدُلَّانِ عَلَىٰ نُبُوءَتِهَا وَالنُّبُوءَةُ تَكُونُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّسَالَةِ .[ابن عاشور].. هذا قول معتبر قال به بعض العلماء!
:" وكَرَّر الاصطفاءَ رفعاً مِنْ شأنِهِا.
قال الزمخشري: « اصطفاكِ أولاً حين تَقَبَّلَكِ مِنْ أُمِّك ورَبَّاك واخْتَصَّكِ بالكرامَةِ السَّنِيَّة، واصطفاكِ آخِراً علىٰ نساءِ العالمين بأَنْ وَهَبَ لكِ عيسى من غَيْرِ أَبٍ ولم يكنْ ذلك لأحدٍ من النساء »
وقال أبوالبقاء: « وكَرَّر اصطفى: [إمَّا] توكيداً، وإمَّا ليبيِّن مَنِ اصطفاها عليهنَّ »،

وقال الواحدي: « وكَرَّر الاصطفاءَ لأنَّ كِلا الاصطفائين يختلفُ معناهما، فالاصطفاء الأول عمومٌ يدخُل فيه صوالحُ النساءِ، والثاني اصطفاء بما اختصَّتْ به من خصائِصِها ». [حلبي].. وما قاله الواحدي يضئ طريق تربية البنات!
والقرآن العظيم يستحضر لنا نموذجاً عملياً.. جزءه الأول اختيار رب مالك الكون ومنظم الحياة وخالق الإنسان..اختياره لــ مريم؛ والجزء الثاني ما فعلته هي بنفسها.. فلنراجع الآيات القرآنية المتعلقة بقصة حياة مريم!
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَىٰ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :«„ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ [ إِلَّا ثَلَاثٌ :[ابن كثير] غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ [ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ". [ابن كثير] وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَىٰ النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ».
قَالَ : الْكَمَالُ هُوَ التَّنَاهِي وَالتَّمَامُ.
وَالْكَمَالُ الْمُطْلَقُ إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ -تَعَالَى- خَاصَّةً. وَلَا شَكَ أَنَّ أَكْمَلَ نَوْعِ الْإِنْسَانِ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ يَلِيهِمُ الْأَوْلِيَاءُ مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْكَمَالَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي بِهِ النُّبُوَّةَ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ-وَآسِيَةُ نَبِيَّتَيْنِ ، وَقَدْ قِيلَ بِذَلِكَ ".
وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُوهُرَيْرَةَ :«„ خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ؛ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ .. امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ؛ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ( وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ».[قرطبي] وكَانَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مثله". رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ[ابن كثير]
ابن كثير :" وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ :«„ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ».[أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ] ،". [ابن كثير] :" وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:«„ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ». [تَفَرَّدَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ] [ابن كثير]
قرطبي: وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :«„ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ». وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ:«„ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ فَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ ».
فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِ مِنْ حَوَّاءَ
إِلَىٰ آخِرِ امْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهَا السَّاعَةُ ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ بَلَّغَتْهَا الْوَحْيَ عَنِ اللَّهِ -عَزَّوَجَلَّ- بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِخْبَارِ وَالْبِشَارَةِ كَمَا بَلَّغَتْ سَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ:فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ النِّسَاء ِ: الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مُطْلَقًا .:" ثُمَّ بَعْدَهَا فِي الْفَضِيلَةِ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«„ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ »؛ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ. وَ قَدْ خَصَّ اللَّهُ مَرْيَمَ بِمَا لَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ كَلَّمَهَا وَظَهَرَ لَهَا وَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا وَدَنَا مِنْهَا لِلنَّفْخَةِ ؛ فَلَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ. وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً عِنْدَمَا بُشِّرَتْ كَمَا سَأَلَ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْآيَةِ ؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقَةً فَقَالَ: { وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ }. وَ قَالَ: { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَ كُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } . فَشَهِدَ لَهَا بِالصِّدِّيقِيَّةِ وَشَهِدَ لَهَا بِالتَّصْدِيقِ لِكَلِمَاتِ الْبُشْرَى وَشَهِدَ لَهَا بِالْقُنُوتِ ". وَبُشِّرَتْ مَرْيَمُ بِالْغُلَامِ فَلَحَظَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَلَمْ يَمْسَسْهَا بَشَرٌ فَقِيلَ لَهَا : { كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِفَاقْتَصَرَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً مِمَّنْ يَعْلَمُ كُنْهَ هَذَا الْأَمْرِ، وَمَنْ لِامْرَأَةٍ فِي جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ مَا لَهَا مِنْ هَذِهِ الْمَنَاقِبِ ". وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهَا سَبَقَتِ السَّابِقِينَ مَعَ الرُّسُلِ إِلَىٰ الْجَنَّةِ ؛ جَاءَ فِي الْخَبَرِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه ِوَسَلَّمَ - :«„ لَوْ أَقْسَمْتُ لَبَرَرْتُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَابِقِي أُمَّتِي إِلَّا بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ».
قَوْلُهُ-تَعَالَىٰ- : {
يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }
أَيْ أَطِيلِي الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَتَادَةُ: أَدِيمِي الطَّاعَةَ .
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
: لَمَّا قَالَتْ لَهَا الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ قَامَتْ فِي الصَّلَاةِ حَتَّىٰ وَرِمَتْ قَدَمَاهَا وَسَالَتْ دَمًا وَقَيْحًا -عَلَيْهَا السَّلَامُ-.
{ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي } ؛ قَدَّمَ السُّجُودَ هَا هُنَا عَلَىٰ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ؛ فَعَلَى ٰهَذَا يَكُونُ الْمَعْنَىٰ وَارْكَعِي وَاسْجُدِي. وَ
قِيلَ : كَانَ شَرْعَهُمُ السُّجُودُ قَبْلَ الرُّكُوعِ .
قَوْلُهُ -تَعَالَى- : مَعَ ا لرَّاكِعِينَ قِيلَ : مَعْنَاهُ افْعَلِي كَفِعْلِهِمْ وَإِنْ لَمْ تُصَلِّي مَعَهُمْ. وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ .
[قرطبي]
" ثُمَّ أَخْبَرَ -تَعَالَى- عَنِ الْمَلَائِكَةِ: أَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالدُّءُوبِ فِي الْعَمَلِ لَهَا، لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ -تَعَالَى- بِهَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ، مِمَّا فِيهِ مِحْنَةٌ لَهَا وَرِفْعَةٌ فِي الدَّارَيْنِ، بِمَا أَظْهَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- فِيهَا مِنْ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ، حَيْثُ خَلَقَ مِنْهَا وَلَدًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ، فَقَالَ تَعَالَى :{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } أَمَّا الْقُنُوتُ فَهُوَ الطَّاعَةُ فِي خُشُوعٍ كَمَا قَالَ -تَعَالَى- : { بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[الْبَقَرَةِ : 116].
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : كَانَتْ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ-، تَقُومُ حَتَّىٰ تَتَوَرَّمَ كَعْبَاهَا، وَالْقُنُوتُ هُوَ : طُولُ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ ". [ابن كثير].
وهذه نماذج عن سير حياتها؛ تصلح لدراستها كنموذج عملي يُقتدىٰ به !
بيد أنها لم تكلف بالتبليغ ولم يصل ما يفيد أنها حملت رسالة مِن السماء إلىٰ قومها.. بل هي آية وعلامة ومعجزة لإثبات الخلق لله -تعالى-.. وقد بينتُ هذه المسألة في الجزء السابق؛ ومن الله تعالى الهداية والتوفيق.
ب.] دور الوسط البيئي والمناخ المحيط بالإنسان.. والرعاية والتربية.. التعليم.. ونوعية العلم.. والتثقيف.. أو مسألة التلقين :
وهذا ظاهر مِن أنهم :« كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ
». [تفسير قرطبي] لقوله عليه السلام :«„ يولد المرء علىٰ الفطرة ”»؛ ثم يأتي بمثال في التعديل والتبديل.. فيكمل النص النبوي الشريف : فـــ :«„ابواه »؛ يقومان بعملية التربية والتلقين والتعليم :«„ يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه »؛
وقد :" ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَكَانَتْ مَرْيَمُ -عَلَيْهَا السَّلَامُ- ، تَغْتَسِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ
».[ابن كثير].
ثم تأتي :
ج.] مسألة الدعاء والإلحاح فيه:
أثبت القرآن الكريم قول أم مريم بعد أن قالت: { وَإِنّي سَمّيْتُهَا مَرْيَمَ }.. فيأتي الدعاء لابنتها بقولها: { وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ }.. وكذلك الدعاء لنسلها.. وهي مازالت -النذيرة- رضيعة فنطق القرآن على لسانها: { وِ أُعِيذُ }: { ذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ }
فبدأت أم مريم الدعاءُ مِن اللحظة الأولىٰ مِن مولد ابنتها في الشطر الأول مِن الآية الكريمة.. وبُدء الدعاء في ظهر الغيب: حين تقول أم مريم امرأت عمران { وِإِنّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيّتَهَا مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ }
وأصل الـمعاذ: الـموئل والـملـجأ والـمعقل.
وهذا ما يطلق عليه التعليم من خلال النموذج العملي وبصورة حية مؤثرة..
جاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«„ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ »؛ ثُمَّ قَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ :„ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
فَأَفَادَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- اسْتَجَابَ دُعَاءَ أُمِّ مَرْيَمَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُ جَمِيعَ وَلَدِ آدَمَ حَتَّىٰ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا.
قَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ مَوْلُودٍ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِيجَنْبِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَىٰ وَأُمِّهِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ فَأَصَابَتِ الطَّعْنَةُ الْحِجَابَ وَلَمْ يَنْفُذْ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ،
قَالَ عُلَمَاءُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَطَلَتِ الْخُصُوصِيَّةُ بِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ نَخْسَ الشَّيْطَانِ يَلْزَمُ مِنْهُ إِضْلَالُ الْمَمْسُوسِ وَإِغْوَاؤُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَنٌّ فَاسِدٌ؛ فَكَمْ تَعَرَّضَ الشَّيْطَانُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ بِأَنْوَاعِ الْإِفْسَادِ وَالْإِغْوَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ فَعَصَمَهُمُ اللَّهُ مِمَّا يَرُومُهُ الشَّيْطَانُ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } .
هَذَا مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرْيَمُ وَابْنُهَا وَإِنْ عُصِمَا مِنْ نَخْسِهِ فَلَمْ يُعْصَمَا مِنْ مُلَازَمَتِهِ لَهُمَا وَمُقَارَنَتِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
"[تفسير قرطبي]
وبدعاء أم مريم وجدة عيسىٰ ابن مريم وهو مازال غيباً.. تم القبول.:
{ فَتَقَبّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ.} ..
قَوْلُهُ تَعَالَى: {
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} الْمَعْنَىٰ : سَلَكَ بِهَا طَرِيقَ السُّعَدَاءِ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَ
قَالَ قَوْمٌ مَعْنَىٰ التَّقَبُّلِ التَّكَفُّلُ فِي التَّرْبِيَةِ وَالْقِيَامُ بِشَأْنِهَا ».

وَقَالَ الْحَسَنُ مَعْنَىٰ التَّقَبُّلِ أَنَّهُ مَا عَذَّبَهَا سَاعَةً قَطُّ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ ».. [ تفسير قرطبي]
ولعل :« المعنىٰ: أنَّ الله تولاها في أول أمرها وحين ولادتِها ». [حلبي].
وهذه خصوصية زائدة.. حدثت مع الأنبياء والمرسلين وتحدث مع أولياء الله الصالحين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفات أوليائه:
1.] { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّالْمُتَّقُونَ }
[الأنفال:34] ". هذه الصفة الأولى..
ثم يزيد القرآن الكريم الأمر وضوحاً بقوله : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.. } ..
2.] { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ .. }..
3.] { وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ .. }..
4.] { وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ .. } ..
5.] { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ . } ..
6. 1.] { وَيُطِيعُونَ اللّهَ .. } ..
6. 2. ] { وَرَسُولَهُ }
[التوبة:71]
ثم يقول :
{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}
[يونس:62]
7.] { الَّذِينَ آمَنُواْ .. }
ويركز على المعنى الأول في سورة الأنفال
{ وَكَانُواْ يَتَّقُون}
[يونس:63] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزاد فوق القبول.. مسألة الإنبات الصالح : { وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً }
وَمَعْنَىٰ: {
وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } أَنْشَأَهَا إِنْشَاءً صَالِحًا. وَذَلِكَ فِي الْخُلُقِ وَنَزَاهَةِ الْبَاطِنِ، فَشُبِّهَ إِنْشَاؤُهَا وَشَبَابُهَا بِإِنْبَاتِ النَّبَاتِ الْغَضِّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ، وَنَبَاتٌ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِـ " أَنْبَتَ" وَهُوَ مَصْدَرُ " نَبَتَ " وَإِنَّمَا أُجْرِيَ عَلَىٰ " أَنْبَتَ" لِلتَّخْفِيفِ ".[عاشور]
وهاتان متعلقتان البيئة والمناخ التربية والتلقين والتعليم .. إذ يعنـي بذلك جل ثناؤه: تقبل مريـم من أمها حنة:" بتـحريرها إياها للكنـيسة وخدمتها، وخدمة ربها بقبول حسن ".
.. وهذه أحكام شرعية عملية متعلقة بذرية حاضرة وذرية غائبة مازالت في ظهر الغيب لم تأتِ بعد للدنيا..."
د.] وبمجرد الولادة تأتي مسألة الصحبة الصالحة.. والكفالة الطيبة :
إذاً .. هناك مسألة الجينات من باب الوراثة وتناسل الأجيال.. والصحة البدنية؛ والصحة النفسية؛ والصحة العقلية.. وهذه واحدة.. وهناك قضية التعليم والتربية والتلقين.. وهي الثانية.. مسألة الجينات والمورثات لا نملك فيها الكثير ولكن يفضل الزواج من امرأة يغلب على عائلتها الصحة والعافية وخلوها من أمراض متوارثة -كـــ سرطان الثدي عند- النساء (مثلاً) وأمراض السكري بأنواعه الخ..-
لذا فيمكن القول بأن:" الصحة الإنجابية: جانب مهم، ينبغي اعتباره والنظر إليه للخاطبين، كما أن مراعاة قضايا الصحة العامة، والتوقي من البلاء، وإزالة الضرر، هي مقاصد معتبرة في الشرع بوجه عام. وقد دل على اعتبار ذلك ومراعاته في النظر : مجموع الأدلة الكثيرة، والمتنوعة، التي تحث على الصحة الوقائية، كمثل قوله -صلى الله عليه وسلم- :«„ لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ”».
[رواه البخاري (5771)، ومسلم (2221)]، وقوله -عليه الصلاة والسلام- :«„ فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ ”». [رواه البخاري (5707)]، وأيضا حديثه -عليه الصلاة والسلام- حين قال:«„ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا ”». [رواه البخاري (5728) ، ومسلم (2218)] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَكَفّلَهَا زَكَرِيّا } .
والكَفالَةُ: الضمان في الأصلِ، ثم يستعار للضم والأخذ
. [حلبي]
{وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ}.
عُدَّ هَذَا فِي فَضَائِلِ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَزِيد ُفَضْلَهَا؛ لِأَنَّ أَبَا التَّرْبِيَةِ يُكْسِبُ خُلُقَهُ وَصَلَاحَهُ مُرَبَّاهُ
". [ابن عاشور]
ويصح -وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم- أن نقول بما :" رَوَى أَبُوصَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :„ حَمَلَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ بَعْدَمَا أَسَنَّتْفَنَذَرَتْ مَا فِي بَطْنِهَا مُحَرَّرًا فَقَالَ لَهَا عِمْرَانُ:„ وَيْحَكِ مَا صَنَعْتِ ؟ أَرَأَيْتِ إِنْ كَانَتْ أُنْثَى ؟ ”. فَاغْتَمَّا لِذَلِكَ جَمِيعًا . فَهَلَكَ عِمْرَانُ وَحَنَّةُ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ أُنْثَى فَتَقَبَّلَهَا اللَّهُ بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وَكَانَ لَا يُحَرَّرُ إِلَّا الْغِلْمَانُ فَتَسَاهَمَ عَلَيْهَا الْأَحْبَارُ بِالْأَقْلَامِ الَّتِي يَكْتُبُونَ بِهَا الْوَحْيَ ”.
فَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا وَأَخَذَ لَهَا مَوْضِعًا فَلَمَّا أَسَنَّتْ جَعَلَ لَهَا مِحْرَابًا لَا يُرْتَقَى إِلَيْهِ إِلَّا بِسُلَّمٍ، وَاسْتَأْجَرَ لَهَا ظِئْرًا وَكَانَ يُغْلِقُ عَلَيْهَا بَابًا، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا زَكَرِيَّا حَتَّى كَبِرَتْ، فَكَانَتْ إِذَا حَاضَتْ أَخْرَجَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ فَتَكُونُ عِنْدَ خَالَتِهَا وَكَانَتْ خَالَتُهَا امْرَأَةَ زَكَرِيَّا فِي قَوْلِ الْكَلْبِيِّ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَتْ أُخْتُهَا امْرَأَةَ زَكَرِيَّا.
:" وَإِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ كَوْنَ زَكَرِيَّا كَافِلَهَا لِسَعَادَتِهَا ، لِتَقْتَبِسَ مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا ". [ابن كثير] .
وَأَمَرَهُ -اللَّهُ - بِأَنْ يَكْفُلَهَا زَكَرِيَّاءُ -لأنه- أَعْظَمُ أَحْبَارِهِمْ.
وهنا تأتي قضية جديدة: وَأَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِإِقَامَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ قَبْلَهَا، وَكُلُّ هَذَا إِرْهَاصٌ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْهَا رَسُولٌ نَاسِخٌ لِأَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ النِّسَاءِ لِلْمَسْجِدِ الْمُقَدَّسِ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً ". [ابن عاشور]
قلت
(الرَّمَادِيُّ) لن نستفيد كثيرا .. سواء أكانت أختا أو خالة؛ ولكن القصة التي رويت من قبل بما اشتهت وتمنت به حنة امرأة عمران تعطل الاستدلال بأنها أختا لمريم..-والله أعلم-
ثم تأتي مسألة عمت كافة النساء من لدن أم البشر زوج آدم وحتى يرث الله -تعالى- الأرض ومن عليها؛ وخلاف ذلك يحتاج إلى دليل ولا أجد دليلا بين يدي؛ وأقصد مسألة حيض مريم من عدمه؛ وأضاف البعض مسألة حيض فاطمة الزهراء ابنة محمد بن عبدالله النبي من خديجة.. ولما فقط تخص فاطمة عن بقية بنات النبي!!..
وَكَانَتْ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا وَاغْتَسَلَتْ رَدَّهَا إِلَى الْمِحْرَابِ . وَ
قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ لَا تَحِيضُ وَكَانَتْ مُطَهَّرَةً مِنَ الْحَيْضِ
.[ تفسير قرطبي ] .
ثم تظهر خاصية الاصطفاء لمريم:" كَانَ زَكَرِيَّا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا يَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الْقَيْظِ وَفَاكِهَةَ الْقَيْظِ فِي الشِّتَاءِ فَقَالَ : يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ؟
فَقَالَتْ : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . ".
:" مَعْنَى أَنَّى مِنْ أَيْنَ؛ قَالَهُ أَبُوعُبَيْدَةَ.

قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا فِيهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ " أَيْنَ " سُؤَالٌ عَنِ الْمَوَاضِعِ وَ " أَنَّى " سُؤَالٌ عَنِ الْمَذَاهِبِ وَالْجِهَاتِ . وَالْمَعْنَى مِنْ أَيِّ الْمَذَاهِبِ وَمِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ لَكِ هَذَا . وَقَدْ فَرَّقَ الْكُمَيْتُ بَيْنَهُمَا
فَقَالَ :


أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ * مِنْ حَيْثُ لَا صَبْوَةُ وَلَا رِيَبُ". [تفسيرقرطبي].
بيد أن تقرأ عند ابن كثير:" وَ
عَنْ مُجَاهِدٍ (وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا) أَيْ : عِلْمًا ، أَوْ قَالَ : صُحُفًا فِيهَا عِلْمٌ . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ . وَفِي السُّنَّةِ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ .
". [كثير].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[(*)] ويصلح لي أن أتحدث -مستقبلاً- متى بدأت فكرة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد!.. وشجرة عيدالميلاد!
[(**)]
عالمياً:
Die Organisationfür Islamische Zusammenarbeit, kurz OIZ
منظمة التعاون الإسلامي،(وكانت تعرف سابقًا باسم منظمة المؤتمر الإسلامي) هي منظمة إسلامية دولية تجمع سبعًا وخمسين دولة إسلامية، وتصف المنظمة نفسها بأنها "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي"وإن كانت لا تضم كل الدول الاسلامية وأنها تهدف لـ"حماية المصالح الحيوية للمسلمين" البالغ عددهم نحو 1.7 مليار نسمة.
Die Islamische Weltliga
رابطة العالم الإسلامي
أو مثل
: أ.] فيما يتعلق بالقارة الأوربية :
The European Council For Fatwa and Research
أو
دول بعينها :
مثال :
النمسا
الهيئة الإسلامية [الجماعة الإسلامية في النمسا، ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
‏الجمعة‏، 04‏ جمادى الثانية‏، 1443هــ ~ ‏07 ‏ يناير‏/2022‏
-*-*
أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 09 / 01 / 2022 07 : 05 PM

مشروع مستقبل!
 
مشروع مستقبل!
الجزء الثالث:
منذ اللحظةِ الأولىٰ.. وحين يصحبنا القرآن العظيم في سرد قصة مريم ابنت عمران.. ومن عدة مشاهد يظهر بوضوح أن الخالق يريد أن يقدم لنا نموذجاً في التربية.. وخاصةً : تربية البنات؛ باعتبار أن القرآن العظيم والذِكر الحكيم والفرقان المبين منهاج حياة؛ وطراز خاص مِن العيش؛ وكيفية معينة في معالجة الموضوعات والمسائل.. اعتماداً علىٰ قوله -جلًّ وعلا-: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا }
[(*)] ..
فمنذ لحظة تأكد حنَّة بنت فاقوذا بتثبت الحمل في رحمها الطاهر .. بدأت أحداث مشروع المستقبل؛ وليس بعد الولادة.. وليس قبيل دخول الطفل روضةالأطفال.. وليس قبيل دخول الطفل التعليم الإلزامي في المدرسة الابتدائية أو الاعدادية..
.. بل بدءَ مشروع المستقبل لجنين لم تبدِ حقيقته بعد .. أذكر!؟.. أم أنثىٰ!؟..
.. نتابع معاً كيف يبين لنا القرآن الكريم أن الذرية مشروع مستقبل: ..
[ * ] فيبدء القرآن العظيم مخاطبا أخر الأنبياء ومتتم المبتعثين بقول:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ .. }
[مريم:16]

فينبه القرآن العظيم سببا وجيهاً بقول :
{ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً .. }
[المؤمنون:50].
{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا.. } .. [آل عمران:35]
الخطوة الأولى في مشروع المستقبل وما زال الجنين في رحم أمه ويتكون بين أحشائها.. حددت مستقبله..
..
[ * ] ثم ترجته أن يتقبل صنيعها؛ ومازال الجنين في رحمها .. فقالت
{ إِذْ قَالَتِ .. فَتَقَبَّلْ مِنِّي .. }..
[آل عمران:35]

[ * ] ثم وصفته بما هو لائق به من باب استعطافه لقبول النذر.. وخاطبته بصيغة المفرد: { .. إِنَّكَ ..}.. { .. أَنتَ } وإن كان حالها فيه ضعف واستكانه مع استعظامه -سبحانه وتعالى-.. مع وجود آيات تعظمه على صيغ العرب
{.. إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم }
[آل عمران:35]
وهذا تم إثناء شهور الحبل وأيام الحمل.. فَلَمَّا
[ * ] { .. وَضَعَتْهَا ..} اختارت لها اسماً
[ * ] { .. قَالَتْ .. وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ .. }
[ * ] فبعد الولادة يأتي دور التنشأة والرعاية.. والطفلة الأنثى في مهدها.. فبدأت بدعاء ربها فقالت :
[ * ] .. { وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ .. } ..
[ * ] ولم تكتفِ بحفظ الوليدة بل أكملت الدعاء بحفظ ذريتها.. مما يؤكد للمتابع أن المسألة مسألة مشروع مستقبل .. .. { وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم }
[آل عمران:36]
[ * ] وإتماما لنجاح مشروع المستقبل جاء دور الرعاية :
{.. وَكَفَّلَهَا .. }..
[ * ] و
{ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا .. }
[آل عمران:37]

السابق من ذكر آيات تربية مشروع المستقبل متعلق بالوالدة أو الوالد؛ في مثالنا هذا .. الوالد عمران بن ماثان مات وهي حمل في رحم أمها .. لذا هي -الأم: (حنَّة)- أختارت التسمية؛ إذ الوالد قد هلك.. و هي التي حملتها إلى -{..الْمَوَالِيَ ..} ليتولوا رعايتها
ولإنجاح مشروع المستقبل تم إحسان من سيتولي عملية التعليم والكفالة والتربية:
[ * ] وكفيلها كان نبي من بني إسرائيل:" زَكَرِيَّا "..
وببعثة خاتم المرسلين وآخر الأنبياء ومتمم المبتعثين انتهى عصر النبوة وانقطع زمن الرسالة.. فتبقى المدرس النبيه والمعلم الحاذق والمربي الفطن..
فهل نحن نقوم بتربية بنات المسلمين على منهاج الرسالة الخاتمة!؟؟
[ * ] قرر العلماء استنباطاً مِن الوحي الشريف أن هناك جزء في حياتنا متعلق بالقضاء والقدر لا دخل لنا فيه ولن نحاسب عليه؛ كــ :

- مكان مولدنا وزمنه و
- غنى عائلتنا أو فقرها.. أو
- نحن ابناء العامة من الناس أم ابناء أمراء وملوك ورؤساء..
لذا نطق القرآن في هذه الخصوصية قائلا:
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين }
[آل عمران:42]
فهذا الاصطفاء الأول (انظر سورة: [آل عمران: ؛ آية: 33 ]) الثاني والثالث من قدر الله تعالى وقدره وأنه سبحانه طهرها من الشرك والدنس والرجس والأكدار وفي قولٍ ذكره العلماء -لا أميل إليه؛ إذ أنه يخالف الطبيعة البشرية؛ وإلا ذكره الله الخالق من باب الإعجاز - طهرها من الحيض والنفاس.. ".
ويرافقه جزء آخر وهي الأفعال والتصرفات والأقوال والتي نقوم به اختيارا وطواعية بإرادتنا الكاملة دون أدنى إجبار أو إلزام.. لذا نطق القرآن يقول عن ضيفتنا :
{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ..}
[التحريم:12]
فهي الفاعلة.. وباختيارها ورغبتها وإرادتها قامت بأعمال وتصرفات وأقوال انطبق عليها حكم القرآن الكريم :
{ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ..}
[التحريم:12]
ودليل على عفة نفسها وطهارة ذيلها ونقاوة معدنها وبياض سريرتها.. وهذا فعل وتصرف مبني على حسن التربية وحسن الخلق وكمال الكفالة.. وبالطبع الهداية من الله بتوفير اسبابها
فترتب على كل ذلك :
{.. وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا .. } ..
{.. وَكُتُبِهِ .. } { .. وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين }
[التحريم:12]
والتنفيذ المباشر بعد سماع الأمر الرباني :
{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ .. } .. { .. وَاسْجُدِي .. } .. { وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين }
[آل عمران:43]
.. من هذه تمام الكفالة وحسن التربية قدرتها علىٰ الرد الطيب الجيد المُسكت فــ :
{.. قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ .. } .. { إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب }
[آل عمران:37]
حين سئلت :
{.. يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا ... }
[آل عمران:37]
إذ :
{.. كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ..}
[آل عمران:37]
[ * ] .عقيدة مريم !
وأما الاعتقاد بأن مريم
عليها السلام من النصارى، فصحيح، ولكن علىٰ النصرانية الصحيحة قبل تحريفها؛ فإنّ أصل المسيحية، هو الدين المنزل من الله تعالى علىٰ عيسىٰ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأتباع دين النصرانية يقال لهم: (النصارىٰ). واتباع المسيحية الحديثة مَن يدينون بمسيحية بولس !
قال العلامة
الطاهر بن عاشور -رحمه الله تعالى- في : " التحرير والتنوير": وأما النصارىٰ فهو اسم جمع نَصْرىٰ ( فتح فسكون ) أو ناصري نسبة إلىٰ الناصرة، وهي قرية نشأت منها مريم أم المسيح عليهما السلام، وقد خرجت مريم من الناصرة قاصدة بيت المقدس، فولدت المسيح في بيت لحم، ولذلك كان بنو إسرائيل يدعونه يشوع الناصري أو النَّصْرىٰ فهذا وجه تسمية أتباعه بالنصارىٰ.(انتهى).
وقد كانت مريم عليها السلام ممن اتبع عيسىٰ ابنها عليه الصلاة والسلام.
قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره : " التحرير والتنوير " عند قوله تعالى: { فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ } {مريم: 37 }: أي فمنهم مَن صدق عيسىٰ وهم:
- يحيىٰ بن زكريا، و
- مريم أم عيسىٰ، و
- الحواريون الاثنا عشر، و
- بعض نساء مثل مريم المجدلية، و
- نفر قليل، وكفر به جمهور اليهود. (انتهى)."

ثم تأتي حقيقة أزلية مع أنه هو الرحيم والودود الرحمن الغفور اسمع إليه وهو يقول :
{.. قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا .. } .. { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ .. } .. { .. وَأُمَّهُ .. } .. {.. وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا .. } .. {.. وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير }
[المائدة:17]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)]. الكتاب الكريم والسنة النبوية نسيج واحد مترابط الآيات يعالج كافة مسائل الإنسان؛ فنجتاجهما معها لفهم المنهاج{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون } [المائدة:48]
{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون } [المائدة:49]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
سلسلة بحوث
﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء
أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة
سلسلة" التصفية والتربية "؛ السلسلة الأولىٰ:الدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
﴿»„ ٢٤ « ﴾ قصة مولد السيد المسيح المعجز.. عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول
تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسىٰ ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام-:
[(٣ . )] الشخصية المحورية الثالثة في قصة خلق عيسىٰ ابن مريم المعجز -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
„» مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ« ”
٢. ] الْقِصَّةُ الْثانية
«„ مشروع مستقبل: نموذج مَرْيَمَ ”»-عَلَيْهِا السَّلَامُ-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
Dr. MUHAMMAD ELRAMADY
حُرِّرَ في يوم الأحد من شهر جمادى الثانية ١٤٤٣ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٩ من شهر يناير عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
-*-*-*

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 15 / 07 / 2022 53 : 03 PM

رد: كِتَابُ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ.. العودة إلى قصة الخلق الأول : آدم!
 
من بعد إذنه -تعالى- وبتوفيقه ورضاه وعونه ورعايته أكمل ما بدأته حول قصة المخلوق البشري الأول :
سيدنا آدم
-عليه السلام -

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 27 / 07 / 2024 42 : 12 PM

3: ) جلسة ثالثة تمهيد هجرة
 
3( جلسة ثالثة تمهيد هجرة ) .
تقديم :
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسنِ تقويم .. استنادا لقوله -عز وجل-: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم ﴾
فــ خلقَنا -سبحانه- علىٰ الفطرة المستقيمة ڪما نطق القرآن العظيم يقول : ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾
فـ أمنا بـ الله رباً واحداً .. فرداً صمداً .. لا صاحبة له ولا ولدَ فهو لم يلد ولم يولد .. فلا معين له .. ولا وزير ولا مشير!
فـ اعتقدنا بـ أنه الخالق الواجد الصانع المبدع الرازق المحيي المميت .. الذي بيده الخير وهو علىٰ ڪل شئ قدير..
فــ الحمد لله علىٰ نعمة الخلق والايجاد ..والتنشأة والتڪوين والإبداع في أحسنِ خلق وأفضل تقويم ..
ثم الحمد لله علىٰ نعمة العقل والإدراك .. ونعمة الفهم والاستيعاب ..
فــ بـ إدراڪنا الموجودات المصنوعة .. و
رؤية المخلوقات المتنوعة الموجودة و
الڪائنات المعمولة المرئية والمخفية
علمنا أن هناك موجِداً أوجدها -جميعَها- مِن لا شئ .. مِن عدم .. وصنعها دون تعب أو ڪلل .. وبدون مثال سابق يحتذىٰ به ..
فــ ابدعها مِن غير تقليد صورة مماثلة .. أو جثة شاخصة..
ثم الحمد لله علىٰ نعمة الإيمان .. ومبادئ الإسلام .. وأرڪان العقيدة .. فالحمد لله على نعمة القرآن ..
فالحمد لله علىٰ بعثة سيد الخلق والأنام .. خير ولد آدم بالتمام
رسولِ الرحمة والسلام البشير النذير الشفيع والسراج المنير .. خاتمِ المرسلين ومتممِ المبتعثين وآخر المصطفين مِن الخلق أجمعين: محمدٍ بن عبدالله بن عبدالمطلب -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
فــ الحمد لله علىٰ تمام رسالته .. وڪمال دينه .. ورضاه -سبحانه- أن جعل لنا الإسلامَ منهاجاً .. وديناً .. ونظاماً .. وشريعة .. وأحڪاماً .. اعتمادا على قوله -تعالى-﴿ الْيَوْمَ ① : أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ ② : أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ ③ : رَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾
بــ وحي أنزله أمين السماء جبرائيل علىٰ قلب أمين السماء والأرض محمد -عليهما السلام- ديناً حوىٰ ① : آيات الڪتاب الڪريم .. و② : سُنن نبوية شريفة علوية تُبينُ آيات الذڪر الحڪيم والڪتاب المبين .. بــ منهاج قويم ونظام محڪم وشريعة للعقل السليم..
.. فالحمد لله أن جعلنا من المسلمين المؤمنين الموحدين الطائعين العاملين بڪتابه العزيز ومتسنين بسنة نبيه الڪريم .. والسائرين على خطى سيرته العطرة والمتمسڪين بـ طريقته المثلى
① : وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل له !
و② : أشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله !
اللَّهُمَّ يَسِّرْ .. وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ

ثم الحمد لله.. فــ بحسن توفيقٍ منه -عز وجل- وتمامِ هدايةٍ وڪاملِ رعايةٍ أنهيتُ لقاءين إثنين وارجو مِن السميع العليم أن أڪونَ قد وفقتُ في ما سبق مِن البحوث -وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم- ولي لهما عودة للمراجعة والتصحيح والإستدراك .. وإن ڪان هناك بعض المسائل المعلقة سابحثها في الإستدراڪات علىٰ الموضوعات في نهاية اللقاءات!..
وإن وقعتْ عينُ المراقب علىٰ خطأٍ مني أو زلل ليس مقصود.. فلينبهني لــ اصححه.. ومِن الله -تعالى ذكره- العون ومنه السداد والهداية..
وأبدءُ –بعونه وتوفيقه- في اللقاء ③ : الثالث مِن بحوث السيرة المحمدية النبوية -علىٰ صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وعظيم البرڪات وڪامل التحيات وعلىٰ الآل والأصحاب والتابعين لهم بإحسان ..
فــ اللهم تمم بخير واعصمني من الخطأ والزلل..
والشڪر الجزيل الموصول لــ إدارة ولـموقع ملتقى أهل العلم .. لــ تفضل بالسماح لي –ولي الشرف العظيم- بــ إلقاء سلسلة من اللقاءات .. وبــ نشر البحوث.. و
لـ حضرات السادة والسيدات الحضور والقراء..

مصدقاً لما نُقل عَنْ أم المؤمنين الحصان : عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَرْفُوعًا ‏« „ مَنْ أَتَى إلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَــ لْيُڪَافِئْ بِهِ .. فَـ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ .. فَــ لْيَذْڪُرْهُ .. فَــ مَنْ ذَڪَرَهُ فَــ قَدْ شَڪَرَهُ “ » ؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
فـ أرفع الشڪر الجزيل والإمتنان البليغ لڪل مَن قدم لي أحساناً أو معروفاً..
أو تڪرم بالحضور والاستماع !
ـــــــــــــــــــــــ
«الإِحْصَان والمُحْصَنَات » أَصْلُ الإحْصان: المَنْع .. وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ مُحْصَنَة بِــ ① : الْإِسْلَامِ، وبــ ② : العَفاف، و ③ بــ التَّزْويج.
شِعْرُ حَسَّانٍ يُثْنِي عَلَى عَائِشَةَ:
حَصَان رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ * وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحوم الغَوَافِلِ
ـــــــــــــــــــــ
اللَّهُمَّ يَسِّرْ .. وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ

أتشرف بوجودكم ... ويسعدني حضوركم !


أساسُ البحوث تدور حول :


وارجوه-سبحانه- وأتوسل إليه أن يوفقني في
موضوع البحث .. والعرض والتبيان والتوضيح عن :
- الشخصية المحمدية .. أو بالتعبير الدقيق الصحيح ..
السيرة المحمدية النبوية..
ولأننا نستقبل عاماً هجرياً جديداً .. يصح أن :
(نتساءل : ڪيفية عــبــور المسلم للعام الهجري الجديد ⑥④④① !؟ ) .
لذا .. سألقي على مسامع حضراتڪم استفسارات أساسية ڪـ مدخل في اللقاء ③ : الثالث :

① : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف تفاصيل الأسباب الرئيسية من محاور السيرة عن :
① / ① : مقدمات الهجرة ..
① / ② : و دواعي الهجرة الڪبرى ..
هل ڪـانت ① / ③ : قراراً بشرياً إنسانياً لـ :
- داع الخوف من التعذيب أو
- الرهبة من الأذى .. أو
- الجزع من القتل! ..
أم ڪانت الهجرة وحياً ربانياً إلهياً علوياً .. و إذناً وسماحاً مِن الله العلي القدير النصير و

② : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف الأحداث التفصيلية لما قبل الهجرة النبوية المصطفوية المحمدية الڪبرى من مڪة المڪرمة إلى [(مدينة يثرب)] المدينة المنورة ! وإثناء الهجرة!

③ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف الشخصيات المحورية التي لعبت دوراً جوهرياً إثناء أحداث الهجرة المبارڪة النبوية الرسولية الڪبرى ! و
- ڪم عدد افراد هذه الشخصيات المحورية .. فحين خرج النبي وأبو بكر من اسفل مڪة ڪان معهما :
③ : ① : دليل و
[(الخِرِّيتُ: الدليل الحاذق بالدَّلالة وفي حديث الهجرة: حديث شريف فاستأجرَ رجلاً من بني الدَّيل هاديًا خِرِّيتًا )].
③ : ② : خادم
④ : وقبيل العزم على مغادرة مكة .. ما الذي حدث في دار الندوةو:
- ما القرار الذي تم اتخاذه .. نتيجة رأي أبي جهل عمرو بن هشام
⑤ : ما هو: مقدار المڪـافأة التي رصدتها قريش لـ مَن يأتي بمحمد وصاحبه! .. بعد ما علمت أنه تمڪن من مغادرة مڪة ..
-**-

.أعود بحضراتكم إلى تمهيد الهجرة الرسولية : فيأتي :
: هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف عدد الأيام التي قضاها إثناء الهجرة المبارڪـة.. وڪـم يوما مڪـث النبي الرسول مع صاحبه في الغار .. والحوار الذي دار بين المصطفى الهادي وبين صاحبه
- أو صاحب الوعد الكريم و بين (أَمِيرِ بَنِي مُدْلِجٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) .. أعرابيٌّ : سُرَاقَةَ بْن مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ! ..
الفاروق صاحب الموافقات القرآنية يقول : " الْحَمْدُ لِلَّهِ .. سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ .. أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ. ".
[(كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ )]..
⑦ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف صاحبة الخيمة .. وماذا قالت في أوصاف النبي / الرسول !
⑧ : هل نحن صدقاً وحقاً وعدلاً نعرف اسمها ونعرف قصتها!
⑨ : ثم تأتي مسألة الشبهات وأولها واشهرها : شبهة بدعية الاحتفال برأس السنة الهجرية ..
ثم
⑩ : تأتي عدم ثبوت بعض أحداث الهجرة والمتداولة عند ڪثير من المسلمين
.. -**-
أما المصاعب التي عاناها الرسول في③⑥عشرين عامًا؛ فهي:
① : الصعب الأول : اليتم المبكر المكرر : وفاة أهله : أبيه وأمه وجده وعمه وزوجته وأولاده وبناته ما عدا فاطمة، و
② : الصعب الثاني : العنت و
③ : الصعب الثالث : الظلم و
④ : الصعب الرابع : الإهانة و
⑤ : الصعب الخامس : هجرة أصحابه الأولى إلى الحبشة والثانية
⑥ : الصعب السادس : النفي / المقاطعة إلى شعاب أبي طالب بـ مكة عند مقاطعة قريش إياه و
⑦ : المحور السابع : دعوة ثقيف وما جرى فيها، وڪيف ردوه عليه السلام
⑧ : الصعب الثامن : مشاجرات الطريق، و
⑨ : الصعب التاسع : يخطئ بعض السادة .. مَن يكتب في السيرة المحمدية النبوية فيقول : فراره إلى الغار و
⑩ : الصعب العاشر : الهجرة إلى المدينة، و
⑪ : الصعب الحادي عشر : الغزوات (بدر وأحد وحنين وغيرها) و
⑫ : الصعب الثاني : شدة نزول الوحي؛ قال — عليه الصلاة والسلام: «شيبتني هود وأخواتها.» و
⑬ : الصعب الثالث عشر : آلام النفس حين زار قبر أمه..
⑭ : الصعب الرابع عشر : ضعف مخاوف الحياة عنده مع شدة الأمل في الله سبحانه وتعالى.
وقد
⑮ : الصعب الخامس عشر : أرق الرسول في أول مرضه وأخذ معه غلامه أبا مويهبة، و
:" عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
أَنْبَهَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَـ
قَالَ : " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ" .[( بقيع الغرقد )] فَــ
خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَقِيعَ ، فَــ
رَفَعَ يَدَيْهِ فَــ
اسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا
ثُمَّ قَالَ
: " لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ ،
- أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا ، لَلْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى ،
- يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ ①: مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا ، وَ ② : الْخُلْدَ فِيهَا ، ثُمَّ ③ : الْجَنَّةَ ، فَـ
④ : خُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ " . فَــ
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَــ
خُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا ، وَالْخُلْدَ فِيهَا ، ثُمَّ الْجَنَّةَ ، فَــ
قَالَ : " وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ ① : اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَ ② : الْجَنَّةَ " .
ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ⓿ : ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ ".
[ (فمات ﷺ في يونيو سنة ٦٣٢، ) 1392 ميلادية سنة ~ 1434 هجري / ]
مقدمة تمهيدية :
① : لولا الهجرة ما عاش وتعافي أبطال النضال على مر الدهور والزمان.. خاصة في المنفى!
② : لولا الهجرة ما نبغ د/ أحمد زويل حتي وصل لنوبل، فلو بقي في مصر لقتلت البيروقراطية طموحه وعلمه.. هو عالم كيميائي مصري أمريكي حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لسنة 1999 لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو، إذ اخترع ميكروسكوب يُصوِّر أشعة الليزر في زمن مقداره فمتوثانية، وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، ويُعدُّ هو رائد علم كيمياء الفيمتو، ولقب بـ«أبى كيمياء الفيمتو»، وهو أستاذ الكيمياء وأستاذ الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتقنية. .
و③ : لولا الهجرة ما وصل «أمير القلوب»د/ مجدي يعقوب إلى ما وصل إليه ولصار مجرد أستاذ جراحة عامة يخوض صراعات مع الكسالى ومحترفي"الأسافين" من الزملاء والموظفين عاشقي الإقصاء للنوابغ. ________________________________________
منحته ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عام 1990 لقب «سير»، وأعقبته بوسام « الفــارس » عام 1992، كما فاز بجائزة الشعب البريطاني، من محطة BBC، عام 2000، ثم بجائزة الإنجاز المتميز عام 2007 من قناة ITV باستفتاء شعبي، والتى تسلمها بحضور رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون. ، وذلك مقابــل لما قدمه من خدمات عديدة لإنقاذ الاف المرضى فـي مجـال طب وجراحة نعرف معني، وأهمية لقب سير، الذى يُمنح لأعضاء العائلة الملكية، أو بمرسوم ملكي، لمواطن بريطاني، أدى أعمالا عظيمة، واستثنائية، فى مختلف المجالات العلمية والأدبية والفنية، أثرت إيجابا على المجتمع والشعب والبشرية بأكملها ... وفى 2011 منحه الرئيس السابق، حسني مبارك، قلادة النيل العظمي،التى تعد أعلى وسام مصري،.

و④ : لولا الهجرة ما تعلم أمثال د/كمال أبوالمجد، وأسامة الباز وفاروق الباز في جامعات عريقة مثل هارفارد وغيرها.
و⑤ : لولا الهجرة لفرنسا ما أثر أمثال د/عبدالحليم محمود، و د/دراز، و د/الطيب و د/مهنا في أساتذتهم وبلادهم فزادت تعدديتهم وتسامحهم وصوفيتهم عمقاً وتألقاً.
و⑥ : لولا الهجرة ما وصل اللاعب محمد صلاح إلى العالمية ولظل يرزح هنا تحت وطأة مديرين لا يعرفون سوى المحاباة والفساد.
و⑦ : لولا الهجرة ما وصل الممثل عمر الشريف إلى العالمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
و
⑧ : لولا الهجرة ما انتقلت علوم الإسلام الشرعية من الأزهر الشريف ومدارس المذاهب إلي العالم كله،
و⑨ : لولا الهجرة ما وصل فقه الأحناف إلى أطراف الأرض مثل تركيا والشيشان وأفغانستان وجنوب روسيا،
و⑩ : لولا الهجرة ما وصل فقه المالكية إلى المغرب العربي والأندلس،
و⑪ : لولا الهجرة ما جدد الشافعي فقهه حينما انتقل من العراق إلى مِصر.
فـ الهجرة حياة .. وتطور .. وتفتح للعقول والقلوب على معان جديدة،
⑫ : إنني أكاد أميز بين الأزهري الذي لم يترك مِصر وبين غيره الذي سافر للخارج مراراً فأجد الأخير فيه من الانفتاح والتعددية وتوقد الذهن وعبقرية الأداء ومرونته الڪثير.
و⑬ : أفرق بين القسيس الذي عاش حياته ڪلها في مصر، وبين الذي عاش فترة في الغرب وبلاد الديمقراطية والتعددية فأجد الأخير أڪثر سماحة ورقياً.
و
في ذلك يقول الإمام الشافعي [ ت: 150هـ~ 082 م] في ديوانه:

تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا * وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِڪتِسابُ مَعيشَةٍ * وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ * وَقَطعُ الفَيافي وَاِڪتِسابُ الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ * بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ

وقال أيضاً:
ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ * مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ
سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ * وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ
إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ * إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ
وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت * وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ
وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً * لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ
وَالتِبرُ ڪَالتُربِ مُلقىً في أَماڪِنِهِ * وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ
فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ * وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ ڪَالذَهَبِ
-**-
يوم الخميس ٢٨/ ١٢/ ١٤٤٥ هـ ~ الموافق ٤٠ يوليو / ٢٠٢٤م.
أسأل الله العليّ العظيم، ربّ العرش العظيم، أن يجعله خالصًا لوجهه الڪريم، وسببًا للفوز بجنات النعيم، لي ولڪلّ من تلقّاه بقلب سليم، إنه بعباده رؤوف رحيم.
وآخر دعوانا: ﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: ١٠].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ .
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ

دكتور محمد فخر الدين الرمادي 27 / 07 / 2024 55 : 01 PM

اللقاء الرابع: مقدمة الهجرة النبوية المنيفة!
 
[ ( ④ ) ] : اللقاء الرابع: مقدمة الهجرة النبوية المنيفة!

وڪمدخل لموضوع الهجرة ينبغي بحث عدة ❻ محاور
① : المحور الأول : الهجرة العامة : والتي تخص : السادة الأنبياء الڪبار
والرسل العظام -صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً-
② : المحور الثاني : هجرة المسلمين الأوائل –رضي الله تعالى عنهم أجمعين- إلى الحبشة .. الهجرة الأولى .. والهجرة الثانية !
③ : المحور الثالث : هجرة [(خروج ) ] النبي المصطفى إلى ثقيف في الطائف
[ ( سَعْيُ الرَّسُولِ إلَى ثَقِيفٍ يَطْلُبُ النُّصْرَةَ ) ]
④ : المحور الرابع : هجرة النبيِّ المصطفى والرسولِ المجتبى و******ِ المرتضى والخليل المحتبى :
خاتمِ الأنبياء وآخرِ المرسلين ومتمم المبتعثين .. هجرته إلى [( مدينة يثرب ) ] [( مدينة النبي ) ] المدينة المنورة .. و
الذي طيَّب الله تعالى ثراها بممشاه على ترابها .. و
زاد الله ثراها طيباً وعطراً ومسكاً وريحاناً بمرقده في غرفة أم المؤمنين عائشة و
بجواره صاحبيه الصديق والفاروق : وهذه تسمى : الهجرة الڪبرى! .. أو الهجرة الخاصة
⑤ : المحور الخامس : هجرة القبائل خلف المرعى .. أو هجرة الأفراد خلف الرزق أو الدراسة والعلم..
وهذا لن ابحثه!
⑥ : المحور السادس : هجرة الڪائنات والمخلوقات من موطنها الأصلي وهذا أيضا لن أبحثه!
-*-
ثم يأتي المحور ① : الأول : هجرات الأنبياء والرسل :
① : التمهيد :

﴿ الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ ۝١ ﴾
﴿ إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَ ٰ⁠ نًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ ۝٢
﴿ نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَیۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَاۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَـٰفِلِینَ ۝٣ ﴾ [يوسف ١-٣]
- من اسباب النزول
[ ( والسبب في نزولها أنّ اليهود أمروا ڪفّار مڪّة أن يسألوا رسول الله ﷺ عن السبب الذي أحلّ بني إسرائيل بمِصر، فنزلت السورة. ) ].
لماذا فعلت اليهود هذا !؟
لأنه :
يقال: ڪانت اليهود تفاخروا بأن لهم قصة يوسف مذڪورة في التوراة.. فنزلت هذه السورة أفصح من لغة اليهود.. فذهب افتخارهم على المسلمين.
وعند البيهقي في الدلائل رواية عن ابن عباس :
① : المقطع الأول : « أنَّ حَبْرًا [(حِبْراً )] مِنَ اليَهُودِ دَخَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَوافَقَهُ وهو يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ.. فَــ
② المقطع : قالَ: يا مُحَمَّدُ مَن عَلَّمَكَها ؟
② المقطع : ثوبان
② المقطع : قالَ: اللَّهُ عَلَّمَنِيها " : فَــ
② المقطع القادم :
قالَ الحَبر لَهم: واللَّهِ إنَّ مُحَمَّدًا لَيَقْرَأُ القُرْآنَ ڪَما أُنْزِلَ في التَّوْراةِ..
- ملح الأقوال : [ (قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿يُوسُفُ﴾ بِضَمِّ السِّينِ، وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ﴿يُوسِفُ﴾ بِكَسْرِها كسر السين مَعَ الهَمْزِ مَكانَ الواوِ، وحَكى ابْنُ زَيْدٍ ﴿يؤسف﴾ الهَمْزَ وفَتْحَ السِّينِ، ) ]
الأسف : الحزن
الأسيف : العبد وقد اجتمعا فيه!
.1 . ] :" وَأَصْلُ الْقَصَصِ تَتَبُّعُ الشَّيْءِ، ومنه قول تعالى: ﴿وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١] أَيْ تَتَبَّعِي أَثَرَهُ ".
.1 . / 1. ) : القَصَصُ إتْباعُ الخَبَرِ بَعْضُهُ بَعْضًا وأصْلُهُ في اللُّغَةِ المُتابَعَةُ، "
2 .] :" وَالْقَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتْبَعُ الْآثَارَ وَيَأْتِي بِالْخَبَرِ عَلَى وَجْهِهِ. ".
2 . / 1. ] :" والْقَصَصِ: الإخبار بما جَرَى من الأمور. ".
3 . ] :" ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ أَيْ: نَقْرَأُ عَلَيْكَ ﴿أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
3 . / 1 . ]: مَعْنَاهُ: نحن نخبرك يا محمد .. معنى : [نَحْنُ نَقُصُّ ] أي : (.۱ .) نُبَيِّنُ لَكَ أَخْبَارَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ [(وأُمُورِ اللَّهِ السّالِفَةِ في الأُمَمِ )] وَأحداث الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ أَحْسَنَ الْبَيَانِ ..
- (.❶ .) نُبَيِّنُ أَحْسَنَ الْبَيَانِ ..
- (.❷ .) أحسن الخبر .. و :
- (.❸ .) أصحَّهُ. أي نقصُّ عليك اصح ما جاء :" من الكُتُب الماضيةِ ".
- ينزل عليك جبريل بــ (.❹ .) أحڪم الخبر / أحكم الْقَصَص
4 . ]:" وَقيل: إِن المُرَاد من الْآيَة قصَّة يُوسُف خَاصَّة؛ سَمَّاهَا أحسن الْقَصَص لزِيَادَة التشريف .. هُوَ القَوْل الْمَشْهُور.
- (.❺ .) قيل أن أحسن هنا بمعنى أعجب الْقَصَص
- (.⓿ .) الشنيقطي له رأي صواب : أن يفسرالقرآن بالقرآن!
- (.❻ .): ﴿ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [آل عمران:62]
- (.❼ .): ﴿ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ ﴾ [الأنعام:57]
- (.❽ .): ﴿ قَوْلُهُ الْحَقُّ ﴾ [الأنعام:73]
فأحسن القصص كما جاء في سورة يوسف يعني أصدق القصص عن الأمم السابقة والأقوام السالفة!
④. ) ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ لَمِنَ السَّاهِينَ عَنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَا تَعْلَمُهَا.
-*- [ ۱. ] مختصر المختصر
- (.❶ .) نوح -عليه السلام-
صنع نوحٌ عليه السلام الفلكَ.. وڪان قومه يسخرون منه وهو يسخر منهم
لـ
غفلتهم عن أنفسهم و
تفريطهم فى حياتهم و
عيرهم بعدم اتباعه إلى أن
جاء أمر الله وفار التنور .. و
تفجرت ينابيع الأرض .. و
جاء الطوفان وأبادهم بعد أن نزل نوح والذين آمنوا معه فى السفينة ..
وسلك فيها زوجان اثنان من ڪل ذى حياة ..
وانتهت هجرته من الأرض بعد سنة (.١ .) وعشرة أيام (.١۰ .)
بعد أن استقرت السفينة على الجودى.
فڪانت هجرته ميمونة عليه وعلى من معه فى السفينة وهلاڪا لأعدائه.
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ [11: هود:37]
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾
﴿ وَأَهْلَكَ ﴾ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيل: ﴾ [هود:40]
6 . ) المشهد السادس : ﴿ وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ [هود:41]
7 . ) المشهد السابع : ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾
8 . ) المشهد الثامن : ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَآءَكِ ﴾
9 . ) المشهد التاسع : ﴿ وَيَا سَمَآء أَقْلِعِي﴾
10 . ) المشهد العاشر : ﴿ وَغِيضَ الْمَآءُ ﴾
11 . ) المشهد الحادي عشر : ﴿ وَقُضِيَ الأَمْرُ ﴾
12 . ) المشهد الثاني عشر : ﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ﴾ [هود:44]
*-**-

- (.❷ .) لوط -عليه السلام-
ڪان نبى الله لوط عليه السلام يرفض فعل قومه الفاحشة التى لم يسبقهم أحد من العالمين بفعلها ..
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِين ﴾ [الأعراف:80]
حيث ڪانت دعوة النبى الڪريم لقوم سدوم وعمورة (الأردن حاليًا) ،
ويحذرهم من الفسوق والعصيان وإتيان الفاحشة،
لڪن قومه رفضوا لهم بالتطهر من الفاحشة وهددوا بالطرد ..
إن لم ينته عن إنڪاره عليهم وتحذيرهم ..
3 . ) المشهد الثالث : حسبما يتفق مع النص القرآنى :
﴿ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴾ (26[الشعراء:167])
وهاجر نبى الله سيدنا لوط عليه السلام إلى فلسطين..
أمره الله بالخروج من تلك القرية ..
فحقق الله وعده لهم بأن خسف بهم الأرض بالصيحة ..
ونجا لوط عليه السلام بوعد ربه الحق
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾
*-*-
- (.❸ .) إبراهيم -عليه السلام-
يجب أن أعيدَ ترتيب آيات الذڪر الحڪيم المتعلقة بـ الإسوة الحسنة:
1 . ) المشهد الأول : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
2 . ) المشهد الثاني من ثلاثة ❸ مقاطع
1 . ) المقطع الأول : ﴿ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ ﴾ .. يعني في الحياة الدنيا
2 . ) المقطع الثاني : ﴿ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ يوم القيامة والحساب والعقاب
3 . ) المقطع الثالث : ﴿ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [33/الأحزاب:21]
في حياته الدنيا!
لڪن ماذا قال رب العزة عن إبراهيم خليل الرحمن أبي الأنبياء :
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة:4]
[(قَدْ كَانَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
يَقُولُ : قُدْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ..
تَقْتَدُونَ بِهِ....
.. ﴿أُسْوَةٌ﴾ أيْ مَوْضِعُ اقْتِداءٍ وتَأْسِيَةٍ وتَسَنُّنٍ وتَشَرُّعٍ وطَرِيقَةٌ مَرْضِيَّةٌ ﴿حَسَنَةٌ﴾ يُرْغَبُ فِيها ..
﴾ أيْ خَصْلَةٌ حَمِيدَةٌ تَقْتَدُونَ بِها،
وَالَّذِينَ مَعَهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ . ).] وهذا الراجح!
:" والأُسْوَةُ بِضَمِّ الهَمْزَةِ وكَسْرِها وهُما لُغَتانِ ".
ــــــــــــــــــ
سبب نزول آيات من سورة الممتحنة ما صنعه الصحابي الجليل البدري مع :" سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبدمناف ". والخطاب الذي حملته لمشركي مكة!
ــــــــــــــــــ
وقد أخبرنا الله تعالى بأن إبراهيم عليه السلام هاجر من موطنه إلى مصر وغيرها داعيا إلى التوحيد.
3 . ) المشهد الثالث : قال الله تعالى : ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ﴾ [العنكبوت:26]
وفي آية أخرى ① - سيدنا إبراهيم -عليه السلام- هاجر طلبا للإيمان: فيأتي :
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين ﴾ [الصافات:99]
فخرج من بلد إلى بلد .. إلى أن استقر به المقام في فلسطين ..
وفي المدينة التي دفن فيها.. وسميت باسمه -عليه الصلاة والسلام- مدينة الخليل إبراهيم.

هاجر إبراهيم عليه السلام من أرض بابل بالعراق إلى بلاد الشام .. الأرض المبارڪة
❶ ﴿ فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ قالَ لِسارَةَ حِينَ رَحَلَ إلى الشّامِ مُهاجِرًا مِن بَلَدِ نَمْرُوذَ : ﴿: ما عَلى الأرْضِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالى غَيْرِي وغَيْرُكِ ﴾
وهنا يبدو لي وجود إشكال يحتاج لتوضيح !
ثم ما لبث أن ترڪها وهاجر عليه السلام إلى مِصر.
وڪان يحڪم مصر فى هذا الوقت رجل جبار من الجبابرة المتڪبرين المتسلطين على الناس، والذى أراد السيدة سارة، لڪن الله أنقذها منه، فأهداهم هاجر، وبعدها هاجر من مصر.
*-**-

- (.❺ .) شعيب عليه السلام
ڪان نبى الله شعيب عليه السلام ينهى قومه من مغبة هذه الأفعال الشنيعة والمعاملات السيئة فلم يأبهوا بما يقول، ورفضوا الانصياع إليه
1 . ) المشهد الأول : ﴿ قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا ﴾
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾
فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.
وخرج شعيب عليه السلام والمؤمنين،
وجاء أمر الله ڪما وصف بالمصحف الشريف :
4 . ) المشهد الرابع : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ﴾
﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ﴾
﴿ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ﴾ ﴿ أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود ﴾ .
-**-

- (.❼ .) النبى صالح
أرسل الله نبيه صالح عليه السلام إلى قوم ثمود الذين ڪانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا ڪثيرا
ولڪنهم عصوا ربهم
وعبدوا الأصنام
وتفاخروا بينهم بقوتهم ..
وحاول صالح عليه السلام دعوة قومه إلى عبادة الله
قومه لن يصدقونه.
ڪانوا يشڪون في دعوته،
وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم،
وڪانت معجزته هى الناقة التى انشقت من صخر الجبل :
1 . ) المشهد الأول : ﴿ وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً ﴾
2 . ) المشهد الثاني : ﴿: فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ﴾[الأعراف:73]
3 . ) المشهد الثالث : ﴿ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ ﴾
: فيأتي : 4 . ) المشهد الرابع : ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴾ . [هود:64]
لڪن قوم ثمود لما عاندوا النبى عليه السلام ، وتأمروا على الناقة لقتلها ..
ولما قتلوها غضب النبى صالح عليه السلام ..
قال: ألم أحذرڪم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟..
5 . ) المشهد الخامس : ﴿ فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ ﴾
6 . ) المشهد السادس : ﴿ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾
7 . ) المشهد السابع : ﴿ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِين ﴾ }[الأعراف:77]
8 . ) المشهد الثامن : ﴿ {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِين ﴾ }[الأعراف:78]
9 . ) المشهد السابع : ﴿ {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِين ﴾ [هود:67]
بعدها غادر صالح عليه السلام قومه. ترڪهم ومضى.
انتهى الأمر ووعده الله بهلاڪهم بعد ثلاثة أيام ..
حيث انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة .. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها ڪل شيء حي .. هلڪوا جميعا قبل أن يدرڪوا ما حدث.
-**-

- (.❾ .) : هجرة المسيح
أو رحلة العائلة المقدسة .. مصطلح دينى تاريخي اتفق على أنه يتڪون من :
❶ المسيح عليه السلام وهو طفل و:
❷ أمه السيدة مريم العذراء عليها السلام و
❸ يوسف النجار خطيب مريم الذى لم يدخل بها .. والذى ظل وفيا لها من بين بنى إسرائيل بعد زڪريا عليه السلام ..
وصاحب يوسف النجار المسيح وأمه فى رحلة الهرب من الطغاة الذين حاولوا قتل المسيح الطفل فهربت به مريم ويوسف النجار إلى مصر وخلد إنجيل متى بالڪتاب المقدس هذه الرحلة ".
الظاهر أن القرآن الكريم لم يتعرض لهذه الرحلة إطلاقاً..
وهذا يستلزم دراسة مقارنة الأديان ومقارنة النصوص الواردة فيما يسمى بالكتاب المقدس : بعهديه :
- العتيق ..
- الجديد...
ثم التصديق بهذه الرواية أو تلك القصة بآيات القرآن الكريم .. الذكر الحكيم!
أي :
- العهد الحديث.. [ ( مصطلح لـ. د. الشرقاوي) ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ ( أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا، وَأَنْ يَجْعَلَ عَمَلَنَا فِيهَا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ. ) ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتبقى مسألة:
-**- :
انتبه إلى هذا القول :
:" ❶ السيد / محمد رشيد رضا .. تلميذ الإمام / محمد عبده -رحمهما الله تعالى- قال : إن العقيدة الإسلامية لا يربيها ويثبتها في القلوب إلا قراءة التاريخ الإسلامي .. وإن أثر قراءة هذا التاريخ في تڪوينها أعظم بڪثير من قراءة ڪتب العقائد (ّ!) والجدليات(!!)، وهذا قول صادق تزيده الأيام تأييداً. فڪلما زاد اطلاع المسلمين على تاريخهم ونشطت المطبعة في إخراج دفائنه ازدادت عقيدتهم رسوخاً وإيمانهم بأنفسهم وثوقاً. ".
ولعلي -كاتب هذه السطور- أحتاج غلى إعادة قراءة وفهم هذه الجملة من صاحب المنار .. الشيخ رشيد رضا.. رضي الله تعالى عنا جميعاً وأرشدنا لصالح الأقوال وإحسان الأفعال وصحة التصرفات!
-**--** .. -** --*-
وأريد أن
أذڪر
نفسي وحضراتڪم إذ أنه من :
① الخطأِ الفاحش
و :
②: مخالفةٍ شرعية و
③: فسادٍ في قراءة أحداث السيرة المحمدية النبوية أن يقول المستشرقلنصراني أو اليهودي-أو أحد إذنابه من العرب أو من المتأسلمين أن الهجرةَ النبوية المحمدية :
① : ڪانت هروباً
أو
② : ڪانت فراراً
أو
③ : أو خروجه المشرف من مڪة ڪان سراً .
أو
④ : أو جزعاً من التعذيب أو خوفاً من الأذى أو رعباً من القتل وهو - سلام الله تعالى عليه وصلواته -الذي مڪث بين ظهرانيهم : ③① ثلاثة عشر عاماً
هذه المسألة تحتاج لتصحيح وتوثيق وتدقيق وتحقيق
فــ الدقةُ في القول : أن نقول أتخذ -عليه السلام- :
① : الحيطة الڪافية في إنجاح الهجرة .
- ② : الحرص الڪامل على إتمامها
- ③ : الاحتياط من جميع جوانبها لإبعاد غدر المشرڪين الذين يتربصونه قتلاً ما حدث في دار الندوة بمڪة التأمر على خاتم المرسلين بتصفيته جسدياً انتهت إذاً التصفية المعنوية .. [( رأي أبي جهل : )]
و
قد يڪون هناك عند المستشرقين أو إذنابهم أو عند العامة من جهلة المسلمين ..
- اقول : قد يڪون هناك إشڪال أحياناً في :
- ① : الترجمة من النصوص العربية إلى لغات آخرى !!! وهذا وراد كثيراً .. \
أو
- ② : الفهم [( سوء .. ضيق .. قلة .. الفهم ) ] لـ أحداث السيرة !..
ومن هنا وجب التصحيح وتوثيق وتدقيق وتحقيق
فهذا مصدقا لقوله تعالى : واقسم الآية الڪريمة إلى مشاهد
: ① : المشهد الأول :
- ① : ﴿ إِلاَّ تَنصُرُوهُ ﴾
- ② : المشهد الثاني : ﴿ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ ﴾
- ③ : المشهد الثالث : ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾:
اعتمد -أنتَ- هنا هذا النص القرآني الواضح الجلي
- ④ : المشهد الرابع : ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾
: ① : فهو -عليه السلام - لم يُطرد من مڪان منطلق بدء الدعوة التوحيدية مڪة .. و
② لم يُنفَ من مرڪز بداية الرسالة الإسلامية ..
③ ولم يُبعد من أحب بلاد الله تعالى إليه... و
لڪن الدقة في التعبير أنه :
- ① أنغلق مجتمع مڪة على سماع أو قبول الدعوة التوحيدية المحمدية
بعد أن استنفذ-عليه السلام- ڪل الوسائل والطرق في دعوتهم للهداية
- ② : انغلقت وتجمدت القلوب قبل العقول .. و
- ③ وقست القلوب والأفئدة ضد الدعوة الإسلامية
عُميت الأذهان وانحطت النفوس في وحل الشرك والعناد والڪفر قبل غرس الأقدام في أوحال الشرك وانحطت الأبدان والأجساد التي عبدت أصناماً فسجدت أمام أوثان أمام حجارة نُحتت ڪــ آلهة تُعبد من دون الله تعالى ..
تحجر المجتمع المڪي أمام دعوة التوحيد والنقاء والصفاء ودين البهاء والسمو والرقي لعبادة الواحد الديان ..
تحجر المجتمع ڪحجارة الأوثان التي تُعبد من دون الله الواحد القهار..
أو أشد من حجارة الأصنام
- ❺ : المشهد الخامس : نحن ما زلنا أمام الـمشهد القرآني الثالث:
- ③ : المشهد الثالث : ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾:
هنا حدث إلجاء .. ألجأ .. ملاذ أمن من باب النصرة والمنعة
- لجأهُ إلى الخروج : أي اضطره إليه وأڪرهه ..
نحن نسمع أن الطفل فلان ذهب إلى الملجأ..
ونحن نقول : ألجأ أمرَه إلى الله تعالى : أي أسند أمرَه إلى الله -عز وجل- وفوَّضه إليه في السَّراء والضّرّاء ..
وهذا مصدقاً لقوله تعالى : ﴿ لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ﴾: [التوبة:118]
أنتبه لآية من الذكر الحكيم تقول :
﴿ لَوْ يَجِدُونَ - ❶ : مَلْجَأً أَوْ - ❷ : مَغَارَاتٍ أَوْ - ❸ : مُدَّخَلاً ﴾: [التوبة:57]

أو لجأ إلى ثقيف بالطائف .. وبعدها إلى وفد يثرب : أي قصدهم واحتمى بهم لتوفرالحماية والطمأنينة.. فنقول التجأ إلى السفارة .. أو ما يسمى باللجوء السياسي ..
أو ألجأه من الأعداء : أي حمَاه من مڪروه وعصَمه وحصَّنه ..
* هذا هو الأدب الرفيع حين نتحدث عن الهجرة المبارڪة .. وعن الحديث عن صاحبها علية الصلوات والتسليمات والسلامات والتبريكات والإنعام والأفضال!
- وبإذنه تعالى وبتوفيقه سأتحدث بالتفصيل عن
: ﴿ طلب النصرة والمنعة من قبائل العرب في مواسم الحج ﴾.. في موضعه من السيرة
: ﴿ دور الأنصار في نصرة النبي المختار وصحبه الأبرار ﴾.
وشدة الإيذاء من قريش وغيرها ، [(وَقَوْمُهُ أَشَدُّ مَا ڪَانُوا عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِهِ وَفِرَاقِ دِينِهِ )].ما ترڪت للنبي من سبيل إلاّ أن يبحث عن قبائل أخرى سوى قريش يدعوهم إلى الله عز وجل،
لماذ!؟.
اسمع إلى قول الصحابي الجليل :" عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال: ( ڪانَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرِضُ نفسَه على الناس في الموسِمِ فيقول: : « „ ألا رجُلٌ يحمِلُني إلى قومه .. فإنَّ قُريشًا قد منعوني أن أبلِّغَ ڪلامَ ربِّي) رواه ابن ماجه. ".
ماذا فعلوا!
اسمع إلى :" : روى البخاري في تاريخه ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الڪبير واللفظ له عن مُدرك بن منيب العامريّ عن أبيه عن جده ـ رضي اللَّه عنه ـ " عَنْ مُنِيبٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ :رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ : « „ يَا أَيُّهَا النَّاسُ .. قُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا" . ..
ماذا ڪان الرد !؟
فَــ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ تَفَلَ فِي وَجْهِهِ ، وَ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ حَثَا عَلَيْهِ التُّرَابَ ، وَ
- ❶ : مِنْهُمْ مَنْ سَبَّهُ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ..
فَأَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ بِعُسٍّ [قدح كبير] مِنْ مَاءٍ فَــ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَ
قَالَ : " يَا بُنَيَّةُ ، لَا تَخْشِي عَلَى أَبِيكِ غِيلَةً [(غلبة)]، وَلَا ذِلَّةً " .
فَقُلْتُ : مَنْ هَذِهِ ؟
قَالُوا :زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ جَارِيَةٌ ، وَضِيئَةٌ . [جميل] ، وَفِيهِ مُنِيبُ بْنُ مُدْرِكٍ ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ . ".
فـ
قام بعرض نفسه في المواسم على القبائل القادمة إلى مڪة يشرح لهم الإسلام ، ويطلب منهم الإيواء والنُّصرة سواء أڪان في موسم الحج أم في غيره..
حتى أنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة [ ( ❺❶ ) ] ويقول: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)([2])، تملڪوا بها العرب وتذل لكم العجم وإذا آمنتم كنتم ملوڪا في الجنة،
فڪان أبو بڪر- رضي الله عنه – [(له خبرة وعلم في معرفة أنساب العرب وتاريخها)أهل التخصص] يسأل القبائل ويقول لهم: ڪيف العدد والمنعة والحرب فيڪم؟..
فيقع الاختيار على أفضلها وأنسبها، من حيث الاستعداد المعنوي والمادي، الذي يحمي الدعوة الجديدة، ويتحمل تبعات نشر دين الله وحمايته، والدفاع عن أتباعه .
(أبايعكم على أن تَمْنعوني مما تمنعون منه نساءڪم وأبناءڪم).
- ❺ : المشهد الخامس : نحن ما زلنا أمام المشهد القرآني الثالث:
- ③ : المشهد الثالث الذي نطق القرآن الڪريم حين يقول :
﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ ﴾ :
- ❺ : المشهد الخامس : ترويه لنا أم المؤمنين عائشة و : أخرجه البخاري في صحيحه [ يجب أن أحدد في أي مصدر] :
" انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به
ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِالعُزَّى بنِ قُصَيٍّ
[( أهل التخصص) ]
مَن هو هذا الضيف! : وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ .. أخُو أبِيهَا ..
وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ ..
وڪانَ يَڪْتُبُ الڪِتَابَ العَرَبِيَّ .. فَيَڪْتُبُ بالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإنْجِيلِ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَڪْتُبَ .. وڪانَ شَيْخًا ڪَبِيرًا قدْ عَمِيَ
فَــ قالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ .. اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ!
و : هل هذا تلطف منها- رضي الله تعالى عنها- وأدب أم واقع وحقيقة
- هي : [(تعني: أنَّ الأبَ الثَّالثَ لِوَرقةَ هو الأخُ للأبِ الرَّابِعِ لِرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )]..
فَــ
قالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي .. مَاذَا تَرَى؟
فــ
أخْبَرَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما رَأَى ..
هنا وقفة يجب أن نسجلها للتاريخ وللأجيال القادمة :" وڪان يَأتي غارَ حِراءٍ -وهو على يَسارِ الذَّاهِبِ إلى مِنًى .. وعلى بُعدِ ( ❹ ڪم ) من المسجِدِ الحرامِ-
« فـ يتحَنَّثُ فيه » أي: فيُڪثِرُ هناك مِن عِبادةِ اللهِ تعالَى لَياليَ وأيَّامًا عَديدةً ..
ويأخُذُ ما يڪفيه من الطَّعامِ والشَّرابِ لتلك الأيَّامِ ..
ثمَّ يَرجِعُ إلى خَديجةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فيَأخُذُ زادًا جَديدًا يَصطَحِبُه معه إلى غارِ حِراءٍ مرَّةً أُخرى .. واستمَرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الخلْوةِ والتَّعبُّدِ ..حتَّى أشرَقَت عليه أنوارُ النبوَّةِ .. ونزَلَ عليه الوحيُ الصَّريحُ مُرسَلًا مِن رَبِّ العِزَّةِ .. ولم يَشعُرْ إلَّا وجِبريلُ واقِفٌ أمامَ عَيْنَيه يقولُ له: «اقرأْ»، ".
❶ هذا هو الموقف الأول
❷:الموقف الثاني :" -
- أتاني جِبريلُ فقال : يا رسولَ اللهِ ! هذهِ خَديجةُ قد أَتَتْكَ معها إناءٌ فيهِ [۱] إدامٌ أو [۲] طعامٌ أو [۳] شَرابٌ ، فإذا هيَ قد أَتَتْكَ ، فاقرَأ علَيها السَّلامَ مِن [۱] ربِّها و [۲] مِنِّي ، و بشِّرْها بـ بَيتٍ في الجنَّةِ مِن [۱] قصَبٍ ، لا [۲] صَخبَ فيها و لا [۳]نَصبَ:
- وهناك حديث آخر أقوى من هذا :
" اعْتَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واعْتَمَرْنَا معهُ .. فَلَمَّا دَخَلَ مَڪَّةَ طَافَ وطُفْنَا معهُ .. وأَتَى الصَّفَا والمَرْوَةَ وأَتَيْنَاهَا معهُ .. وڪُنَّا نَسْتُرُهُ مِن أهْلِ مَڪَّةَ أنْ يَرْمِيَهُ أحَدٌ .. فَقالَ له صَاحِبٌ لِي: أڪانَ دَخَلَ الڪَعْبَةَ؟ قالَ: لَا. قالَ: فَحَدِّثْنَا ما قالَ لِخَدِيجَةَ؟ قالَ: بَشِّرُوا خَدِيجَةَ ببَيْتٍ مِنَ الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ ولا نَصَبَ. ؛ ". [؛ رواه : عبدالله بن أبي أوفى: أخرجه البخاري؛ في صحيحه؛ وأخرجه : مسلم يعني متفق عليه؛ أعلى درجات الصحة] .
تنبيه : [( جاء في 160 مرجعا)].
❸: الموقف الثالث :"
- أنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وعائشة :" إنَّ فضلَ عائشةَ على النِّساءِ ، ڪفضل الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ " . ".[الألباني في صحيح الجامع.]
هناك حديث أقوى من هذا :
" ڪَمَلَ مِنَ الرِّجالِ ڪَثِيرٌ، ولَمْ يَڪْمُلْ مِنَ النِّساءِ إلَّا [:❶ ] مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرانَ، و [:❷" ]آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ .. وفَضْلُ عائِشَةَ علَى النِّساءِ ڪَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سائِرِ الطَّعامِ . ". . [ التخريج: أخرجه البخاري : 3769، ومسلم :2431 ] .
[:❹" ]الموقف الرابع
:" مِنَ النِّسَاءِ مَنْ نُبِّئَ .. وَهُنَّ [:❻" ] سِتٌّ :
(1) [:❶" ] حَوَّاءُ وَ:
(2) [:❷" ] سَارَةُ وَ:
(3) [:❸" ] أُمُّ مُوسَى
وَ:
(4) [:❹" ] هَاجَرُ
وَ :
(5) [:❺" ] آسِيَةُ
وَ :
(6) [:❻" ] مَرْيَمُ ،

وَالضَّابِطُ عِنْدَهُ أَنَّ مَنْ جَاءَهُ الْمَلَكُ عَنِ اللَّهِ بِحُكْمٍ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ أَوْ بِإِعْلَامٍ مِمَّا سَيَأْتِي فَهُوَ نَبِيٌّ ، وَقَدْ ثَبَتَ مَجِيءُ الْمَلَكِ لِهَؤُلَاءِ بِأُمُورٍ شَتَّى مِنْ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالْإِيحَاءِ لِبَعْضِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ . ".
-**-
..
أخي القارئ الكريم ... أختي القارئة العزية!
سلِ اللهَ العفو والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ
لم يكنْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمسي، وحينَ يُصبِحُ :
« „ اللهم إنا نسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ
اللهم إنا نسألُك العفوَ والعافيةَ في ديننا ودنيانا وأهلنا ومالنا
اللهم استرْ عورتنا وآمنْ روعاتنا
اللهم احفظْنا مِن بين يديَّنا ومن خلفنا وعن يميننا وعن شمالنا ومن فوقنا
ونعوذُ بعظمتِك أن نغتالَ مِن تحتنا “ » ؛

وآخر دعوانا:

﴿ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: ١٠].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: ٤٣].
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: ١٨٠ – ١٨٢].
:" -*/*- ".
وكتبه:
الفقير إلى رحمة ربه تعالى .. والمذنب -بتركيبته البشرية- والمخطئ-بتغلب غرائزه واحتياجاته الآدمية- الذي يحتاج لغفران مَن عز في علاه وجل في سماه:
الرمادي..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ :ــــــــــــــــــــــــــ :ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط