ملتقى أهل العلم

ملتقى أهل العلم (https://www.ahlalalm.org/vb/index.php)
-   ملتقى الأحاديث النبويه الشريفه وعلومه (https://www.ahlalalm.org/vb/forumdisplay.php?f=211)
-   -   الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني (https://www.ahlalalm.org/vb/showthread.php?t=103555)

ابو عبدالله عبدالرحيم 02 / 04 / 2016 08 : 04 PM

الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد:

الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني

989 - " يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة ، و حد يقام في الأرض أزكى فيها من
مطر أربعين يوما " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 416 ) :

ضعيف . رواه سمويه في " الفوائد " ( 37 / 2 ) : حدثنا أحمد بن يونس :
أخبرني سعد أبو غيلان الشيباني قال : سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز
الأزدي أو حريز عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا و رواه الطبراني ( 3 / 140 / 1
) من طريق أخرى عن أحمد بن يونس به إلا أنه لم يقل في سنده " أو حريز " . قلت
: و هذا سند ضعيف مسلسل بجماعة لا يعرفون من سعد إلى أبي حريز غير أن سعدا لم
يتفرد به ، فقد رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 182 / 1 ، 144 / 1 ) من طريق
زريق بن السحت : أخبرنا جعفر بن عون : أخبرنا عفان بن جبير الطائي عن عكرمة به
و قال : " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد " . قلت : و مداره على عفان بن
جبير هذا ، و قد أورده ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 30 ) و لم يذكر فيه جرحا و
تعديلا ، و لعل ابن حبان أورده في " الثقات " ! و الظاهر أنه قد اختلف عليه
فرواه زريق هذا عن جعفر بن عون عنه عن عكرمة به . و خالفه سعد أبو غيلان فرواه
عنه عن أبي حريز أو حريز عن عكرمة به ، فزاد في السند أبا حريز أو حريز ، و
يبدو أن حريزا مجهول ، فإن ابن أبي حاتم لم يذكر في ترجمته أكثر من قوله :
" كوفي ، كان أبوه أبا حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان " . و له ترجمة
طويلة في " اللسان " و أفاد أنه كان من شيوخ الشيعة و أنه كوفي أزدي . و أما
أبوه عبد الله بن الحسين فصدوق يخطىء كما في " التقريب " . و أما سعد أبو غيلان
فأورده ابن أبي حاتم أيضا ( 2 / 1 / 99 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و
أما زريق الذي في الوجه الثاني فلم أجد له ترجمة . و أما جعفر بن عون فثقة من
رجال الشيخين . و جملة القول أن إسناد الحديث ضعيف لتفرد عفان بن جبير به ، كما
أشار إلى ذلك الطبراني و هو مجهول ، و للاختلاف عليه في إسناده كما عرفت ، فقول
المنذري في " الترغيب " ( 3 / 135 ) ثم العراقي في " تخريج الإحياء ( 1 / 155 )
: " رواه الطبراني في الكبير و الأوسط ، و إسناد الكبير حسن " . ففيه نظر كبير
، لما عرفت من تسلسل إسناد الكبير بالمجهولين . نعم الشطر الثاني من الحديث حسن
لأن له شاهدا من حديث أبي هريرة ، و لذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم
231 ) .

(2/488)

990 - " من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله و رسوله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 417 ) :

ضعيف . أخرجه أبو داود ( 2 / 235 - طبع الحلبي ) و من طريقه البيهقي في
" سننه " ( 6 / 128 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 236 ) من طريق عبد الله
بن رجاء : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره و قال أبو نعيم : " غريب من حديث أبي
الزبير ، تفرد به ابن خثيم بهذا اللفظ ، و عبد الله بن رجاء هو المكي ، ليس
بالعراقي البصري " . قلت و هو ثقة من رجال مسلم و أصله من البصرة قال ابن سعد :
" كان ثقة كثير الحديث ، و كان من أهل البصرة ، فانتقل إلى مكة فنزلها إلى أن
مات بها " . و أما العراقي البصري فهو الغداني و ليس مكيا و هو مع كونه ممن
احتج بهم البخاري في " صحيحه " ففيه كلام كثير ، و قد ظن المناوي في " فيض
القدير " أنه هو راوي هذا الحديث فأعله به فقال : " و فيه عبد الله بن رجاء ،
أورده الذهبي في " ذيل الضعفاء " و قال : صدوق ، قال الفلاس : كثير الغلط و
التصحيف " . و هذا هو الغداني كما صرح به الذهبي نفسه في ترجمته ، و ليس هو
صاحب هذا الحديث كما صرح بذلك أبو نعيم فيما نقلته عنه آنفا ، و كذلك أبو داود
حيث قال في روايته : " حدثنا ابن رجاء يعني المكي " . و الغداني ليس مكيا كما
ذكرنا ، فلا أدري كيف خفي هذا على المناوي . و إنما علة الحديث أبو الزبير و
اسمه محمد بن مسلم بن تدرس ، فإنه و إن كان ثقة و من رجال مسلم ، فهو مدلس و قد
عنعنه و قد قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : " و في صحيح مسلم عدة أحاديث
مما لم يوضح فيها ابن الزبير السماع عن جابر و لا من طريق الليث عنه ، ففي
القلب منها شيء " . قلت : فلا يطمئن القلب لصحة هذا الحديث مع هذه العنعنة
، لاسيما و هو ليس في " صحيح مسلم " . ( تنبيه ) عزاه السيوطي في " الجامع
الصغير " لأبي داود و الحاكم ، و لم أجده في " مستدركه " في المواضع التي يظن
وجوده فيها ، فالله أعلم . ثم وجدته فيه بواسطة الفهرس الذي أنا في صدد وضعه له
، يسر الله لي إتمامه ، أخرجه في " التفسير " ( 2 / 285 - 286 ) من طريق ابن
رجاء المكي به . ( فائدة ) : المخابرة هي المزارعة ، و في القاموس : " المزارعة
المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ، و يكون البذر من مالكها ، و قال : و
المخابرة أن يزرع على النصف و نحوه " . و قد صح النهي عن المخابرة من طرق أخرى
عن جابر رضي الله عنه عند مسلم ( 5 / 18 و 19 ) و غيره ، و لكنه محمول على
الوجه المؤدي إلى الغرر و الجهالة ، لا على كرائها مطلقا حتى بالذهب و الفضة
لثبوت جواز ما لا غرر فيه في أحاديث كثيرة و تفصيل ذلك في المطولات مثل " نيل
الأوطار " و " فتح الباري " و غيرهما .

(2/489)

991 - " من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته ، و من انتهى
إلى أم القرآن فقد أجزأه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 418 ) :

ضعيف جدا . رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 120 ) و الحاكم ( 1 / 238 ) و
البيهقي في " جزء القراءة " ( ص 54 ) عن فيض بن إسحاق الرقي : أخبرنا محمد بن
عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، ابن عمير هذا متروك
كما قال الدارقطني و النسائي ، و قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال
البيهقي عقب الحديث : " لا يحتج به " و قال الدارقطني : " ضعيف " . قلت : و
هذا الحديث يخالف المعروف من مذهب أبي هريرة رضي الله عنه ، و ذلك أن مفهومه أن
القراءة في غير سكتات الإمام - أعني حالة جهره - لا تشرع ، و الثابت عن أبي
هريرة مشروعية القراءة إطلاقا ، و هو ما أخرجه مسلم ( 2 / 9 ) و غيره عن أبي
هريرة مرفوعا : " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ( ثلاثا ) غير
تمام " . فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ؟ فقال : اقرأ بها في نفسك ،
فهذا كالنص عنه في أنه أمر المؤتم بالقرأة وراء الإمام و لو كان يجهر ، لكن قد
يقال : أن لا مخالفة ، و ذلك بحمل المطلق على القراءة في سكتات الإمام ، فإنه
ثبت عن أبي هريرة أمره بها كما تقدم تحت الحديث ( 546 ) و ذلك من الأدلة على
خطأ رفع حديث الترجمة . ثم إن ما ذهب إليه أبو هريرة من القراءة في الجهرية
وراء الإمام ، له في الصحابة موافقون و مخالفون ، فمن الأول ما أخرجه البيهقي (
2 / 167 ) و غيره عن يزيد بن شريك أنه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام ؟ فقال :
اقرأ بفاتحة الكتاب . قلت : و إن كنت أنت ؟ قال : و إن كنت أنا ، قلت : و إن
جهرت به ؟ قال و إن جهرت ، و سنده صحيح . ثم ذكر البيهقي في الموافقين جماعة من
الصحابة و في ذلك نظر من جهة السند و المعنى لا ضرورة بنا إلى استقصاء القول في
ذلك بعد أن ذكرنا ثبوته عن أبي هريرة و عمر . و أما المخالفون فيأتي ذكر بعضهم
في الحديث الآتي .

(2/490)

992 - " إذا كنت مع الإمام فاقرأ بأم القرآن قبله إذا سكت " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 419 ) :

ضعيف . رواه البيهقي في " جزء القراءة " ( ص 54 ) من طريق المثنى بن الصباح
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره . ثم رواه من طريق ابن لهيعة أخبرنا عمرو بن شعيب به نحوه . ثم
رواه الدارقطني ( 121 ) من طريق محمد بن عبد الوهاب : أخبرنا محمد بن عبد الله
بن عبيد بن عمير عن عمرو بن شعيب به . و خالفه فيض بن إسحاق الرقي فرواه عن ابن
عبيد هذا بإسناد آخر نحوه فانظر الحديث المتقدم . ثم قال البيهقي : " و محمد بن
عبد الله بن عبيد بن عمير ، و إن كان غير محتج به ، و كذا من تقدم ممن رواه عن
عمرو بن شعيب ، فلقراءة المأموم فاتحة الكتاب في سكتة الإمام شواهد صحيحة عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده خبرا عن فعلهم ، و عن أبي هريرة و غيره من فتواهم
، و نحن نذكرها إن شاء الله تعالى في ذكر أقاويل الصحابة " . قلت : ابن عمير
هذا متروك شديد الضعف كما مضى قريبا ، فلا يستشهد به و نحوه المثنى بن الصباح ،
فقد ضعفه الجمهور من الأئمة ، و قال النسائي و ابن الجنيد : " متروك الحديث " و
قال النسائي في موضع آخر : " ليس بثقة " . و قال الساجي : " ضعيف الحديث جدا ،
حدث بمناكير يطول ذكرها ، و كان عابدا يهم " . قلت : و أيضا فإنه كان ممن اختلط
في آخر عمره كما قال ابن حبان . و أما ابن لهيعة ، فهو معروف بالضعف ، ، لأنه
خلط بعد احتراق كتبه ، فيحتمل أن يكون هذا من تخاليطه ، و مع الاحتمال يسقط
الاستدلال . و أما الشواهد التي أشار إليها البيهقي فعلى فرض التسليم بصحتها ،
فهي موقوفة ، فلا يصح الاستشهاد بها على صحة المرفوع ، لاسيما و الآثار في هذا
الباب عن الصحابة مختلفة ، فقد روى البيهقي في " سننه " ( 2 / 163 ) بسند صحيح
عن أبي الدرداء أنه قال : " لا أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " . و روى
هو ( 2 / 160 ) و غيره بسند صحيح أيضا عن جابر قال : " من صلى ركعة لم يقرأ
فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام " . و عن ابن عمر أنه كان يقول : " من
صلى وراء الإمام كفاه قراءة الإمام " . و سنده صحيح أيضا ، و عن ابن مسعود أنه
سئل عن القراءة خلف الإمام ؟ قال : أنصت ، فإن في الصلاة شغلا و يكفيك الإمام .
رواه الطحاوي ( 1 / 129 ) و البيهقي ( 2 / 160 ) و غيرهما بسند صحيح . قلت :
فهذه آثار كثيرة قوية تعارض الآثار المخالفة لها مما أشار إليه البيهقي و ذكرنا
بعضها آنفا ، فإذا استشهد بها لصحة هذا الحديث ، فلمخافة أن يستشهد بهذه الآثار
على ضعفه ، و الحق أنه لا يجوز تقوية الحديث و لا تضعيفه بآثار متعارضة فتأمل
. و الذي نراه أقرب إلى الصواب في هذه المسألة مشروعية القراءة وراء الإمام في
السرية دون الجهرية ، إلا إن وجد سكتات الإمام ، و ليس هناك حديث صريح لم يدخله
التخصيص يوجب القراءة في الجهرية ، و ليس هذا موضع تفصيل القول في ذلك فاكتفينا
بالإشارة .

(2/491)

993 - " من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 420 ) :
باطل . رواه ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 151 - 152 ) و عنه ابن الجوزي
في " العلل المتناهية " : حدثني إبراهيم بن سعيد القشيري عن أحمد بن علي بن
سلمان المروزي عن ( سعيد بن ) عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن ابن
طاووس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ابن
حبان في ترجمة المروزي هذا : " هذا الحديث لا أصل له ، و أحمد بن علي بن سلمان
لا ينبغي أن يشتغل بحديثه " . و نقله الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 19 ) و
الحافظ في " اللسان " و لم يعلق عليه بشيء و ابن سلمان هذا ترجمه الخطيب أيضا (
4 / 303 ) و قال : " قرأت بخط الدارقطني - و حدثنيه أحمد بن محمد العتيقي عنه -
قال : أحمد بن علي بن سلمان المروزي متروك يضع الحديث " . قلت : و قد روي
موقوفا على زيد بإسناد خير من هذا ، أخرجه البيهقي في " سننه " ( 2 / 163 ) من
طريق الحسين بن حفص عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن ابن زيد بن ثابت
عن أبيه زيد بن ثابت قال : فذكره موقوفا . قلت : و هذا سند رجاله ثقات غير ابن
زيد بن ثابت ، فلم أعرفه ، و الظاهر أنه سعد والد موسى المذكور في هذا الإسناد
فإنه موسى بن سعد بن زيد بن ثابت ، فإن كان هو ، فهو مجهول لا يعرف في شيء من
كتب الرجال ، و لا ذكر في الرواة عن أبيه ، و قد روى عن أبيه أخواه خارجة و
سلمان كما في " التهذيب " و لم يذكر معهما سعدا هذا . و الله أعلم . و قد أشار
البيهقي إلى تضعيف هذا السند فقال : " و هذا إن صح بهذا اللفظ - و فيه نظر -
فمحمول على الجهر بالقراءة ، و الله تعالى أعلم . و قد خالفه عبد الله بن
الوليد العدني فرواه عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن زيد لم يذكر
أباه في إسناده . قال البخاري : لا يعرف بهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض و لا
يصح مثله " . قلت : و العدني هذا قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ ، و لم يحتج به
مسلم ، بخلاف الحسين بن حفص فإنه صدوق احتج به مسلم ، فروايته أرجح ، و فيها
المجهول كما عرفت فلا يصح الحديث لا مرفوعا و لا موقوفا و الموقوف أشبه . نعم
أخرج البيهقي بسند صحيح عن عطاء بن يسار أنه سأل زيد بن ثابت عن القراءة مع
الإمام فقال : لا أقرأ مع الإمام في شيء ، و قال : " أخرجه مسلم ، و هو محمول
على الجهر بالقراءة مع الإمام ، و الله أعلم " . قلت : هذا حمل بعيد جدا ، و
إنما يحمل على مثله التوفيق بين الأثر و المذهب ! و إلا فكيف يؤول بمثل هذا
التأويل الباطل الذي إنما يقول البعض مثله إذا كان هناك من يرى مشروعية جهر
المؤتم بالقراءة وراء الإمام ، فهل من قائل بذلك حتى يضطر زيد رضي الله عنه إلى
إبطاله ؟ ! اللهم لا ، و لكنه التعصب للمذهب عفانا الله منه ، و إن مما يؤكد
بطلانه أن الإمام الطحاوي رواه ( 1 / 129 ) من الطريق المذكور عن زيد بلفظ
: " لا تقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات " ! و أما عزوه لمسلم ففيه نظر ،
فإني لم أجد عنده ، و الله أعلم .

(2/492)

994 - " من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا . قيل : يا رسول الله و
هل لها من عينين ؟ قال : ألم تسمع إلى قول الله عز وجل : *( إذا رأتهم من مكان
بعيد سمعوا لها تغيظا و زفيرا )* ، فأمسك القوم أن يسألوه ، فأنكر ذلك من شأنهم
، و قال : ما لكم لا تسألوني ؟ قالوا : يا رسول الله سمعناك تقول من تقول علي
ما لم أقل ... و نحن لا نحفظ الحديث كما سمعناه ، نقدم حرفا و نؤخر حرفا ، و
نزيد حرفا و ننقص حرفا ، قال : ليس ذلك أردت ، إنما قلت : من تقول علي مالم أقل
يريد عيبي و شين الإسلام ، أو شيني و عيب الإسلام " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 421 ) :

موضوع . أخرجه الخطيب في " الكفاية " ( ص 200 ) بسند صحيح عن علي بن مسلم
الطوسي قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن أصبغ بن زيد عن خالد بن كثير عن
خالد بن دريك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف و إن كان رجاله كلهم
ثقات ، فإنه منقطع بين ابن دريك و الرجل ، فإنه لم يدرك أحدا من الصحابة ، و
لذلك أورده ابن حبان في أتباع التابعين . ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد ساق
إسناده في " تفسيره " ( 3 / 310 ) من رواية ابن أبي حاتم و ابن جرير من طريقين
آخرين عن محمد بن يزيد الواسطي بسنده المذكور عن خالد بن دريك ( قال : ) بإسناد
عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فهذا صريح في الانقطاع بين ابن
دريك و الرجل لقوله " بإسناده " و هذا يقتضي أن يكون بينه و بين الرجل راو واحد
على الأقل ، و هو مجهول لم يسم ، فهو علة الحديث . ثم إن في آخره ما يشعر بأن
التقول عليه لا بأس به إذا لم يكن في شين الإسلام و عيب النبي صلى الله عليه
وسلم ، فكأنه من وضع الكرامية الذين كانوا يرون جواز الكذب على النبي صلى الله
عليه وسلم في الترغيب و الترهيب و فضائل الأعمال ، فإذا أنكر ذلك عليهم بقوله
صلى الله عليه وسلم " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " قالوا : نحن
ما كذبنا عليه إنما نكذب له ! . و قد روي الحديث من طريق أخرى لا يصح أيضا ،
رواه أبو نعيم في " المستخرج على صحيح مسلم " ( 1 / 9 / 1 ) عن محمد بن الفضل
بن عطية عن الأحوص بن حكيم عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا به مع تقديم و تأخير و
قال : " هذا حديث لا أصل له فيما أعلم ، و الحمل فيه على محمد بن الفضل بن عطية
لاتفاق أكثر الناس على إسقاط حديثه " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 148
) بعد أن عزاه للطبراني في " الكبير " : " و فيه الأحوص بن حكيم ضعفه النسائي و
غيره ، و وثقه العجلي و يحيى بن سعيد القطان في رواية ، و رواه عن الأحوص محمد
بن الفضل بن عطية ضعيف " . قلت : بل هو شر من ذلك كما أشار إليه أبو نعيم في
كلمته السابقة ، و قال الحافظ في " التقريب " : " كذبوه " . و قال الذهبي في "
الضعفاء " : " متروك باتفاق " . و الحديث أخرجه ابن منده أيضا في " معرفة
الصحابة " ( 2 / 282 / 2 ) .

(2/493)

995 - " خذوا للرأس ماء جديدا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 423 ) :

ضعيف جدا . رواه الطبراني ( 1 / 214 / 2 ) عن دهثم بن قران عن نمران بن
جارية عن أبيه مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا دهثم قال الحافظ ابن حجر :
" متروك " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 234 ) : " رواه الطبراني في
" الكبير " و فيه دهثم بن قران ضعفه جماعة ، و ذكره ابن حبان في الثقات " . قلت
: و ذكره ابن حبان في " الضعفاء " أيضا و قال ( 1 / 290 ) : " كان ممن يتفرد
بالمناكير عن المشاهير ، و يروي عن الثقات أشياء لا أصول لها ، قال ابن معين :
لا يكتب حديث " . قلت : و هذا معناه أنه متروك كما قال الحافظ ، و هو قول ابن
الجنيد ، و مثله قول أحمد : " متروك الحديث " . و قال النسائي : " ليس بثقة " .
و نمران بن جارية مجهول لا يعرف كما قال الذهبي و العسقلاني . و نحو هذا الحديث
في المعنى ما أخرجه البيهقي ( 1 / 65 ) من طريق الهيثم بن خارجة : حدثنا عبد
الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري أن أباه
حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ،
فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه ، و قال : " و هذا إسناد صحيح ، و
كذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص و حرملة بن يحيى عن ابن وهب ، و رواه
مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف و هارون بن سعيد الأيلي و أبي
الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ -
فذكر وضوءه ، قال - و مسح برأسه بماء غير فضل يديه ، و لم يذكر الأذنين ، و هذا
أصح من الذي قبله " . و تعقبه ابن التركماني فقال : " قلت : ذكر صاحب الإمام
أنه رأى في رواية ابن المقرىء عن حرملة عن ابن وهب بهذا الإسناد و فيه : و مسح
بماء غير فضل يديه لم يذكر الأذنين " . قلت : فقد اختلف في هذا الحديث على ابن
وهب ، فالهيثم بن خارجة و ابن مقلاص و حرملة بن يحيى - و العهدة في ذلك على
البيهقي - رووه عنه باللفظ الأول الذي فيه أخذ الماء الجديد لأذنيه . و خالفهم
ابن معروف و ابن سعيد الأيلي و أبو الطاهر ، فرووه عنه باللفظ الآخر الذي فيه
أخذ الماء لرأسه لم يذكر الأذنين ، و قد صرح البيهقي بأنه أصح كما سبق ، و معنى
ذلك أن اللفظ الأول شاذ ، و قد صرح بشذوذه الحافظ بن حجر في " بلوغ المرام " ،
و لا شك في ذلك عندي لأن أبا الطاهر و سائر الثلاثة قد تابعهم ثلاثة آخرون ، و
هم حجاج بن إبراهيم الأزرق ، و ابن أخي بن وهب - و اسمه أحمد بن عبد الرحمن بن
وهب ، أخرجه عنهما أبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 249 ) ، و سريج بن النعمان عند
أحمد ( 4 / 41 ) و لا ريب أن اتفاق الستة على الرواية أولى بالترجيح من رواية
الثلاثة عند المخالفة ، و يؤيد ذلك أن عبد الله بن لهيعة قد رواه عن حبان بن
واسع مثل رواية الستة ، أخرجه الدارمي ( 1 / 180 ) و أحمد ( 4 / 39 - 42 ) ، و
ابن لهيعة و إن كان ضعيفا ، فإن رواية العبادلة الثلاثة عنه صحيحة ، كما نص على
ذلك غير واحد من الأئمة ، و هذا مما رواه عنه عبد الله بن المبارك عند الإمام
أحمد في رواية ، و هو أحد العبادلة الثلاثة ، فهو شاهد قوي لرواية الجماعة يؤكد
شذوذ رواية الثلاثة و عليه فلا يصلح شاهدا لهذا الحديث الشديد الضعف ، و لا
نعلم في الباب غيره ، على أنها لو كانت محفوظة لم تصلح شاهدا له لأنه أمر ، و
هو بظاهره يفيد الوجوب بخلاف الفعل كما هو ظاهر . إذا عرفت هذا ، فقد اختلف
العلماء في مسح الأذنين هل يؤخذ لهما ماء جديد أم يمسحان ببقية ما مسح به الرأس
؟ فذهب إلى الأول أحمد و الشافعي ، قال الصنعاني ( 1 / 70 ) : " و حديث البيهقي
هذا هو دليل ظاهر " ، و قال في مكان آخر ( 1 / 65 ) : " و الأحاديث قد وردت
بهذا و هذا " . قلت : و فيما قاله نظر ، فإنه ليس في الباب ما يمكن الاعتماد
عليه إلا حديث البيهقي و قد أشار هو إلى شذوذه ، و صرح بذلك الحافظ كما سبق
، فلا يحتج به ، و يؤيد ذلك أن الأحاديث التي ورد فيها مسح الرأس و الأذنين لم
يذكر أحد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا ، و لو أنه فعل ذلك لنقل و
يقويه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " الأذنان من الرأس " . قال الصنعاني ( 1
/ 71 ) " و هو و إن كان في أسانيده مقال ، إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا
" . قلت : بل له طريق صحيح و قد سقته و غيره في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم 36
) . و خلاصة القول : أنه لا يوجد في السنة ما يوجب أخذ ماء جديد للأذنين
فيمسحهما بماء الرأس ، كما يجوز أن يمسح الرأس بماء يديه الباقي عليهما بعد
غسلهما ، لحديث الربيع بنت معوذ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من
فضل ماء كان في يده " . أخرجه أبو داود و غيره بسند حسن كما بينته في " صحيح
أبي داود " ( 121 ) و هو مم يؤكد ضعف حديث الترجمة ، و بالله تعالى التوفيق .

(2/494)

996 - " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات ، أو شيء لم تصبه النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 424 ) :

ضعيف جدا . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 251 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( 163 / 1 ) و اللفظ له و عنه الضياء في " المختارة " ( 49 / 1 ) كلاهما عن أبي
ثابت عبد الواحد بن ثابت عن أنس مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا عبد
الواحد قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال العقيلي : " لا يتابع على هذا
الحديث " . و ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 155 ) و قال : " رواه أبو يعلى
و فيه عبد الواحد بن ثابت و هو ضعيف " . قلت : و قد أخرجه أبو داود و الترمذي و
غيرهما من طريق أخرى عن ثابت عن أنس به أتم منه دون قوله : " أو شيء لم تصبه
النار " . فهي زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها مخالفا للثقة ، و هو ثابت هذا
و هو البناني و لفظ حديثه : " كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم تكن
رطبات فعلى تمرات ، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء " . و قال الترمذي : " حديث
حسن غريب " . و قد خرجت هذا في " الإرواء " بتفصيل فراجعه برقم ( 904 ) .

(2/495)

997 - " ولدت في زمن الملك العادل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 425 ) :

باطل لا أصل له . قال البيهقي في " شعب الإيمان ( 2 / 97 / 1 ) بعد أن ذكر
كلاما جيدا للحليمي في " شعبه " : " و تكلم في بطلان ما يرويه بعض الجهال عن
نبينا صلى الله عليه وسلم : " ولدت في زمن الملك العادل " . يعني أنوشروان . و
كان شيخنا أبو عبد الله الحافظ ( يعني الحاكم صاحب " المستدرك " ) قد تكلم أيضا
في بطلان هذا الحديث ، ثم رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المنام ، فحكى له ما قال أبو عبد الله ، فصدقه في تكذيب هذا الحديث و إبطاله ،
و قال : ما قلته قط " .
قلت : و المنامات و إن كان لا يحتج بها ، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما
وافق نقد العلماء و تحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم و النهى .

(2/496)

998 - " بكى شعيب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله عز وجل حتى عمي ، فرد الله
إليه بصره ، و أوحى إليه : يا شعيب ما هذا البكاء ؟ !أشوقا إلى الجنة أم خوفا
من النار ؟ قال : إلهي و سيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك و لا خوفا من
النار ، و لكني اعتقدت حبك بقلبي ، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي صنع
بي ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا شعيب إن يك ذلك حقا فهنيئا لك لقائي يا شعيب
! و لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 425 ) :

ضعيف جدا . رواه الخطيب في " تاريخه " ( 6 / 315 ) : أخبرنا أبو سعد - من
حفظه - : حدثنا أبي حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الرملي : حدثنا أبو
الوليد هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان
عن شداد بن أوس مرفوعا . أورده في ترجمة أبي سعد هذا و سماه إسماعيل بن علي
بن الحسن بن البندار الواعظ الأستراباذي و قال : " قدم علينا بغداد حاجا و سمعت
منه بها حديث واحدا مسندا منكرا ، و لم يكن موثوقا به في الرواية " . ثم ساق
هذا الحديث . و رواه ابن عساكر ( 2 / 432 / 2 ) من طريق الخطيب ، ثم قال : "
رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي عن علي بن الحسن بن بندار كما
رواه ابنه إسماعيل عنه فقد برئ من عهدته ، و الخطيب إنما ذكره لأنه حمل فيه على
إسماعيل " . ثم ساقه ( 8 / 35 / 1 ) بسنده عن الواحدي به . قلت : فانحصرت
التهمة في علي بن الحسن والد إسماعيل هذا قال الذهبي : " اتهمه محمد بن طاهر "
. و قال ابن النجار : " ضعيف " . و قال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي :
" روى عن الجارود الذي كان يروي عن يونس بن عبد الأعلى و طبقته ، فروى علي هذا
عنه عن هشام بن عمار ، فكذب عليه ما لم يكن هو يجترئ أن يقوله ، لا تحل الرواية
عنه إلا على وجه التعجب " .
و محمد بن إسحاق الرملي لا يعرف إلا في هذا السند ، و قد ساق له ابن عساكر في
ترجمته ( 15 / 35 / 1 ) حديثا آخر عن هذا الشيخ ابن عمار ، و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا . و مما ينكر في هذا الحديث قوله : " ما أبكي شوقا إلى جنتك ، و لا
خوفا من النار " ! فإنها فلسفة صوفية ، اشتهرت بها رابعة العدوية ، إن صح ذلك
عنها ، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها : " رب ! ما عبدتك طمعا في جنتك و
لا خوفا من نارك " . و هذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك و تعالى حق
معرفته ، و لا شعر بعظمته و جلاله ، و لا بجوده و كرمه ، و إلا لتعبده طمعا
فيما عنده من نعيم مقيم ، و من ذلك رؤيته تبارك و تعالى و خوفا مما أعده للعصاة
و الكفار من الجحيم و العذاب الأليم ، و من ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال :
*( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )* ، و لذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة و
السلام - و هم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية ، بل
يعبدونه طمعا في جنته - و كيف لا و فيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة ، و
هو النظر إليه سبحانه ، و رهبة من ناره ، و لم لا و ذلك يستلزم حرمانهم من ذلك
، و لهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء : *( إنهم كانوا يسارعون في
الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين )* ، و لذلك كان نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله ، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه . هذه
كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية ، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا عن
العامة ، و هي في الواقع *( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء )* ، و كنت قرأت
حولها بحثا فياضا ممتعا في " تفسير العلامة ابن باديس " فليراجعه من شاء زيادة
بيان .

(2/497)

999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء ، و لا تفطر الصائم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 427 ) :

ضعيف . أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ( 4 / 77 / 2 مصورة الجامعة
الإسلامية ) قال : أخبرنا بقية بن الوليد : حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها و هو صائم و
قال : فذكر الحديث و قال : " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق : " أخشى
أن يكون غلطا " . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و رجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد
، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي ، و
قال : " و عنه بقية بـ ( عن ) ، قال الدارقطني : ضعيف " . و كذا في " اللسان
" لكن لم يقع فيه : بـ ( عن ) " . و المقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا
، و يشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " ( ص 50 ) قال : و ذكر
ابن أبي داود قال : أخبرنا ابن المصفى : حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به
مختصرا بلفظ : " ليس في القبلة وضوء " . و قد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه
التي صرح فيها بقية بالتحديث ، و لعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله
: " بـ ( عن ) " . و الله أعلم . و الحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " ( 1
/ 73 ) من رواية ابن راهويه كما ذكرته ، دون قول إسحاق : " أخشى أن يكون غلطا
" و سكت عليه و لم يكشف عن علته و تبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " ( ص 20
) و كان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا و بيان علته و إن كان معنى الحديث صحيحا
كما يأتي في الذي بعده ، ففي هذا الحديث - و مثله كثير - لأكبر دليل على جهل من
يزعم أنه ما من حديث إلا و تكلم عليه المحدثون تصحيحا و تضعيفا ! ثم إن قول
إسحاق : " أخشى أن يكون غلطا " . فالذي يظهر لي - و الله أعلم - أنه يعني أن
الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا
منه ، لا قولا ، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي و لا يتوضأ ، كما يأتي في الحديث
الذي بعده ، كما كان يقبلها و هو صائم . <1> فأخطأ الراوي ، فجعل ذلك كله من
قوله صلى الله عليه وسلم . و هو منكر غير معروف . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] أخرجه الشيخان و غيرهما ، و هو مخرج في " الصحيحة ( 219 - 221 ) و
" الإرواء " ( 916 ) . اهـ .

(2/498)

1000 - " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل ، قاله لمن قبل امرأة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 428 ) :

ضعيف . أخرجه الترمذي ( 4 / 128 - تحفة ) و الدارقطني في " سننه " ( 49 ) و
الحاكم ( 1 / 135 ) و البيهقي ( 1 / 125 ) و أحمد ( 5 / 244 ) من طرق عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل : " أنه كان قاعدا
عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل و قال : يا رسول الله ما تقول في رجل
أصاب امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا و قد أصابه
منها ، إلا أنه لم يجامعها ؟ فقال : توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل ، قال : فأنزل
الله تعالى هذه الآية *( أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل )* الآية
، فقال : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ فقال : بل للمسلمين عامة " . و قال
الترمذي : " هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من
معاذ بن جبل ، و معاذ مات في خلافة عمر و قتل عمر و عبد الرحمن بن أبي ليلى
غلام صغير ابن ست سنين ، و قد روى عن عمر و رآه . و روى شعبة هذا الحديث عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
" . قلت : و بهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه : " و فيه إرسال ، عبد الرحمن بن
أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل " . و أما الدارقطني فقال عقبه : " صحيح " . و
وافقه الحاكم ، و سكت عنه الذهبي . و الصواب أن الحديث منقطع كما جزم به
الترمذي و البيهقي ، فهو ضعيف الإسناد . و قد جاءت هذه القصة عن جماعة من
الصحابة في " الصحيحين " و " السنن " و " المسند " و غيرها من طرق و أسانيد
متعددة ، و ليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء و الصلاة ، فدل
ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة . و الله أعلم . و أما قول أبي موسى
المديني في " اللطائف " ( ق 66 / 2 ) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد : " هذا
حديث مشهور ، له طرق " . فكأنه يعني أصل الحديث ، فإنه هو الذي له طرق ، و أما
بهذه الزيادة فهو غريب ، و منقطع كما عرفت ، و الله أعلم . إذا تبين هذا فلا
يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء ، كما فعل ابن الجوزي في
" التحقيق " ( 1 / 113 ) و ذلك لأمور : أولا : أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة
. ثانيا : أنه لو صح سنده ، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس
، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال : انتفض باللمس ! بل
يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ :
" ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ و يصلي ركعتين إلا غفر له " . أخرجه أصحاب السنن
و غيرهم و صححه جمع ، كما بينته في " تخريج المختارة " ( رقم 7 ) . ثالثا : هب
أن الأمر إنما كان من أجل اللمس ، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص ، لأن الحالة التي
وصفها ، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء ، لا من أجل مطلق اللمس ، و مع
الاحتمال يسقط الاستدلال . و الحق أن لمس المرأة و كذا تقبيلها لا ينقض الوضوء
، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة ، و ذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك ، بل ثبت
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي و لا يتوضأ . أخرجه أبو
داود و غيره ، و له عشرة طرق ، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (
رقم 170 - 173 ) و تقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهوة عادة ، و الله أعلم
.

(2/499)

1001 - " كان يركع قبل الجمعة أربعا ، و بعدها أربعا لا يفصل بينهن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/45 ) :

باطل .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/172/1 ) عن بقية بن الوليد ، عن مبشر
ابن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عباس مرفوعا .
و رواه ابن ماجه في سننه ( 1/347 ) من هذا الوجه دون قوله : " و بعدها أربعا "
و قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) :
سنده واه جدا ، فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين ، و حجاج و عطية ضعيفان .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 72/1 ) :
هذا إسناد مسلسل بالضعفاء ، عطية متفق على تضعيفه ، و حجاج مدلس ، و مبشر بن
عبيد كذاب ، و بقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية ، و صلاته صلى الله عليه وسلم
بين الأذان و الإقامة يوم الجمعة متعذر ; لأنه كان بينهما الخطبة ، فلا صلاة
حينئذ بينهما ، نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء ، يمكن أن يصلي سنة
الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة .
قلت : و لكنه لم يرد إطلاقا أنه كان بين أذان عثمان و الخطبة وقت لصلاة أربع
ركعات سنة الجمعة المزعومة ، و لا ورد أيضا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي
الله عنه ، فبطل الاحتمال المذكور ، على أنه لو ثبت وجود مثل هذا الوقت ، لم
يدل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم ، بخلاف إحداث
عثمان للأذان ، فإنه كان من باب المصالح المرسلة ، كما حققت ذلك كله في رسالتنا
الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة ، فليراجعها من شاء ، فإن فيها
تحقيقا لكثير من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة ، و كأنه لما سبق ذكره حكم بعض
الأئمة على هذا الحديث بالبطلان ، فقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "
( 2/341 ) : سنده واه ; قال النووي في الخلاصة : إنه حديث باطل .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/170 ) :
هذا الحديث فيه عدة بلايا ، ثم أطال في بيان ذلك بما خلاصته ما نقلناه عن
البوصيري من العلل الأربع ، و من العجيب أن يخفى ذلك على الحافظ الهيثمي ، فإنه
قال في " المجمع " ( 2/195 ) :
واه الطبراني في " الكبير " ، و فيه الحجاج بن أرطاة و عطية العوفي و كلاهما
فيه كلام ، ففاته ذكر العلتين الأخريين ، لا سيما التي سببها مبشر بن عبيد
الكذاب الوضاع ، ثم تلطف جدا في تضعيف الحجاج و عطية ، فأوهم أن الضعف في إسناد
الحديث يسير ، و ليس بشديد ، فكان من نتائج ذلك أن جاء من بعده صاحب " جمع
الفوائد " فلخص كلام الهيثمي بقوله فيه ( 1/268 ) :
للكبير بلين ! ، فأفصح بذلك عما يدل عليه كلام الهيثمي مما أشرنا إليه من الضعف
اليسير ، و ذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد ، و عدم الرجوع في
التحقيق إلى الأصول ، و إلى أقوال الأئمة الفحول ، والله المستعان .
و أما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عن الحافظين العراقي و ابن حجر
أنهما قالا في حديث ابن ماجه : سنده ضعيف جدا ، و بعد أن بين وجه ذلك بنحو ما
سبق ، قال متعقبا على السيوطي :
قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول ، و اقتصر عليه ، مع وروده من طريق
مقبول ، فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه ، قال الحافظ
الزين العراقي : إسناده جيد .
فأقول : إنني في شك من ثبوت ذلك عن علي ، و إن كان العراقي قد تابعه على هذا
القول تلميذه البوصيري ، و قد وجدت في كلام هذا ما فتح الطريق علي لتحقيق شكي
المشار إليه ، فقد قال في " الزوائد " ( ق 72/1 ) بعد أن أعل إسناد ابن ماجه
على ما نقلته عنه :
رواه أبو الحسن الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد ، من طريق أبي إسحاق عن عاصم
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هكذا قال أبو زرعة في " شرح التقريب "
( 3/42 ) ، و الظاهر أن البوصيري نقله عنه .
قلت : و المعروف من هذه الطريق عن علي بلفظ :
" كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات " ، هكذا أخرجه أحمد و غيره ، فهو المحفوظ
والله أعلم .
و لئن صح ما عند الخلعي فهو محمول على ما قبل الأذان و صعود النبي صلى الله
عليه وسلم على المنبر لفقدان المحل كما تقدم بيانه ، والله ولي التوفيق .
و كتاب الخلعي المذكور منه أجزاء مخطوطة في المكتبة الظاهرية ، و ليس في شيء
منها هذا الحديث لننظر في إسناده ، ثم وقفت عليه عند غيره ، فتأكدت مما ذهبت
إليه هنا أنه غير معروف ، فانظر الحديث الآتي برقم ( 5290 ) إن شاء الله تعالى
، و قد روي الحديث عن ابن مسعود أيضا ، و سنده ضعيف منكر ، كما يأتي بيانه بلفظ
: " كان يصلي قبل الجمعة أربعا .... " . رقم ( 1016 ) .

(2/500)

1002 - " كان يسبح بالحصى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/47 ) :

موضوع .
رواه أبو القاسم الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 68 ) من طريق صالح بن علي
النوفلي : حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي : حدثنا ابن المبارك عن
سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، آفته القدامي - نسبة إلى قدامة بن مظعون - و هو متهم ، قال
الذهبي في " الميزان " : أحد الضعفاء ، أتى عن مالك بمصائب .
ثم ذكر بعض مصائبه !
و في " اللسان " : ضعفه ابن عدي و الدارقطني .
و قال ابن حبان : يقلب الأخبار ، لعله قلب على مالك أكثر من مائة و خمسين حديثا
، و روى عن إبراهيم بن سعد نسخة أكثرها مقلوب ، و قال الحاكم و النقاش : روى
عن مالك أحاديث موضوعة ، و قال أبو نعيم : روى المناكير .
قلت : و صالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجمه ، و هذا الحديث يخالف ما ثبت عن
عبد الله بن عمرو ، قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " .
أخرجه أبو داود ( 1/235 ) بسند صحيح ، و حسنه النووي في " الأذكار " ( ص 23 ) ،
و كذا الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " ( ق 18/1 ) ، و عزاه الأول للنسائي
، و هو عنده ( 1/198 ) ضمن حديث ، و كذلك أخرجه في عمل اليوم و الليلة ( 819 )
، و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن
يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " ، و صححه الحاكم و الذهبي .
فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده ، إنما هو باليد ، و باليمنى فقط ،
فالعد باليسرى أو باليدين معا ، أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة ، و لم يصح في
العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء ، خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن
و المبتدعات " و غيرهما ، و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على
التعقيب الحثيث " ، فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك ، و استرواح بعض
المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه ، لأنه عموم
لم يجر العمل به ، و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين ، لا يليق بمن كان من أهل
العلم ، فتنبه و لا تكن من الغافلين .

(3/1)

1003 - " بل لنا خاصة . يعني فسخ الحج إلى العمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/49 ) :

ضعيف .
أخرجه أصحاب " السنن " إلا الترمذي و الدارمي و الدارقطني و البيهقي و أحمد
( 3/468 ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه
قال :
قلت : يا رسول الله ! فسخ الحج لنا خاصة ؟ أم للناس عامة ؟ قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، فإن الحارث هذا لم يوثقه أحد ، بل أشار الإمام أحمد إلى
أنه ليس بمعروف ، و ضعف حديثه هذا كما يأتي .
و قال الحافظ في " التقريب " :
مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في المقدمة .
و أما ما نقله الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 4/280 ) عن الحافظ أنه قال في
الحارث هذا : من ثقات التابعين ، فإن صح هذا عنه ، فهو من أوهامه ، لأنه لو كان
ثقة عنده لوثقه في " التقريب " ، و لذكر من وثقه في أصله " التهذيب " ،
و كل ذلك لم يكن ، بل قال أبو داود في " المسائل " ( ص 302 ) :
قلت لأحمد : حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ قال : و من بلال بن الحارث أو
الحارث بن بلال ؟ ! و من روى عنه ؟ ! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة ،
و هذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر ، و صدر خلافة عمر .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/288 ) :
و أما حديث بلال بن الحارث ، فلا يكتب ; و لا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة
، قال عبد الله بن أحمد : كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت و
بين الصفا و المروة ، و قال في المتعة : هو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، و قال صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا حجكم عمرة " <1> ، قال
عبد الله : فقلت لأبي : فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ يعني قوله : " لنا
خاصة " قال : لا أقول به ، لا يعرف هذا الرجل ( قلت : يعني ابنه الحارث ) ، هذا
حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديث بلال بن الحارث عندي بثبت .
قال ابن القيم :
و مما يدل على صحة قول الإمام ، و أن هذا الحديث لا يصح ، أن النبي صلى الله
عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد
، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة ؟ ! هذا من أمحل المحال ، و كيف يأمرهم
بالفسخ ، و يقول : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " <2> ، ثم يثبت عنه
أن ذلك مختص بالصحابة ، دون من بعدهم ؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو غلط عليه .
و أما ما رواه مسلم في " صحيحه " و أصحاب " السنن " و غيرهم عن أبي ذر أن
المتعة في الحج كانت لهم خاصة ، فهذا مع كونه موقوفا ، إن أريد به أصل المتعة ،
فهذا لا يقول به أحد من المسلمين ، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم
القيامة ، و لذلك قال الإمام أحمد :
رحم الله أبا ذر هي في كتاب الرحمن : *( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )* .
و إن أريد به متعة فسخ الحج ، احتمل ثلاثة وجوه من التأويل ، ذكرها ابن القيم ،
فليراجعها من شاء ، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من
لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج و يرى الإفراد أو القران أفضل ، مع أن ذلك خلاف
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في " الزاد
" فلتطلب من هناك .
و قال ابن حزم في " المحلى " ( 7/108 ) :
و الحارث بن بلال مجهول ، و لم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث ، و قد صح
خلافه بيقين ، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال
لرسول الله إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بل لأبد الأبد " . رواه مسلم " .
و بهذه المناسبة أقول : من المشهور الاستدلال في رد دلالة حديث جابر هذا و ما
في معناه على أفضلية التمتع ، بل وجوبه بما ثبت عن عمر و عثمان من النهي عن
متعة الحج ، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك ، و روي مثله عن عثمان <3> ،
حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس و صادا لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور
و غيره ، و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء
الراشدين " ، و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر و عمر " ، و نحن
نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه :
الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في
حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده ، لا قصدا لمخالفتها ،
حاشاه من ذلك ، و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا
يجد الماء أن يتيمم و يصلي <4> !! و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة
الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور ، فلا يشك عاقل ،
أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة ، فينبغي أن يكون الأمر
هكذا في نهيهما عن المتعة للقطع بثبوت أمره صلى الله عليه وسلم بها .
لا يقال : لعل عندهما علما بالنهي عنها ، و لذلك نهيا عنها ، لأننا نقول :
قد ثبت من طرق أن نهيهما إنما كان عن رأي و اجتهاد حادث ، فقد روى مسلم ( 4/46
) و أحمد ( 1/50 ) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك
ببعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه بعد
، فسأله ، فقال عمر : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله و أصحابه ،
و لكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم .
و رواه البيهقي أيضا ( 5/20 ) .
و هذا التعليل من عمر رضي الله عنه إشارة منه إلى أن المتعة التي نهى عنها هي
التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر ، و لكن قد صح عنه تعليل آخر
يشمل فيه متعة القران أيضا فقال جابر رضي الله عنه :
تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قام عمر قال :
إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، و إن القرآن قد أنزل منازله ، فأتمموا
الحج و العمرة لله كما أمركم الله ، فافصلوا حجكم من عمرتكم ; فإنه أتم لحجتكم
، و أتم لعمرتكم .
أخرجه مسلم و البيهقي ( 5/21 ) .
فثبت مما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه تأول آية من القرآن بما خالف به سنته
صلى الله عليه وسلم فأمر بالإفراد ، و هو صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، و نهى
عمر عن المتعة ، و هو صلى الله عليه وسلم أمر بها ، و لهذا يجب أن يكون موقفنا
من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي ،
و لا فرق .
الثاني : أن عمر رضي الله عنه ، قد ورد عنه ما يمكن أن يؤخذ منه أنه رجع عن
نهيه عن المتعة ، فروى أحمد ( 5/143 ) بند صحيح عن الحسن أن عمر رضي الله عنه
أراد أن ينهى عن متعة الحج ، فقال له أبي : ليس ذاك لك ، قد تمتعنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر .
قلت : الحسن - و هو البصري - لم يسمع من أبي ، و لا من عمر ، كما قال الهيثمي (
3/236 ) ، و لولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحا ، لكن قد جاء ما يشهد له ، فروى
الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1/375 ) بسند صحيح عن ابن عباس قال :
" يقولون : إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ، قال عمر رضي الله عنه : لو
اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي " .
رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال : حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال : سمعت
طاووسا يحدث عن ابن عباس .
قلت : و هذا سند جيد رجاله ثقات معروفون ، غير عبد الرحمن بن زياد و هو الرصاصي
، قال أبو حاتم : صدوق ، و قال أبو زرعة : لا بأس به ، و لم يتفرد به ، فقد
أخرجه الطحاوي أيضا من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال : قال عمر :
فذكر مثله ، و سنده جيد أيضا ، و قد صححه ابن حزم فقال ( 7/107 ) في صدد الرد
على القائلين بمفضولية المتعة ، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها :
هذا خالفه الحنفيون و المالكيون و الشافعيون ; لأنهم متفقون على إباحة متعة
الحج ، و قد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج ، روينا من طريق شعبة عن
سلمة بن كهيل عن طاووس عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : لو اعتمرت في سنة
مرتين ثم حججت لجعلت مع حجتي عمرة ، و رويناه أيضا من طريق سفيان عن سلمة بن
كهيل به ، و رويناه أيضا من طرق ، فقد رجع عمر رضي الله عنه إلى القول بالمتعة
اتباعا للسنة ، و ذلك هو الظن به ، رضي الله عنه ، فكان ذلك من جملة الأدلة
الدالة على ضعف حديث الترجمة ، و الحمد لله رب العالمين .
*--------------------------------------------------------------------------*

[1] انظر كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه "
. اهـ .

[2] انظر المصدر السابق . اهـ .

[3] انظر المحلى ( 7/107 ) . اهـ .

[4] أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " . فانظر كتابي " مختصر صحيح الإمام البخاري
" رقم ( 191 ) و " صحيح مسلم " ( 1/193 ) . اهـ .
4

(3/2)

1004 - " إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك ، فإن دعاءه كدعاء الملائكة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/53 ) :

ضعيف جدا .
رواه ابن ماجه ( 1/440 ) : حدثنا جعفر بن مسافر : حدثني كثير بن هشام : حدثنا
جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عمر بن الخطاب قال : قال لي النبي
صلى الله عليه وسلم . فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و له علتان :
الأولى : الانقطاع بين ميمون و عمر ، و به أعلوه ، فقال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 90/1 ) :
هذا الإسناد رجاله ثقات <1> ، إلا أنه منقطع ، قال العلائي في " المراسيل " ،
و المزي في " التهذيب " : إن رواية ميمون بن مهران عن عمر مرسلة .
و قال المنذري في " الترغيب " ( 4/164 ) :
و رواته ثقات مشهورون ، إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر ، و تبعه الحافظ
في " الفتح " فقال ( 10/99 ) :
أخرجه ابن ماجه بسند حسن لكن فيه انقطاع ، و غفلوا جميعا عن العلة الأخرى ،
و هي : الثانية : و هي أن راويه عن جعفر بن برقان ليس هو كثير بن هشام كما هو
ظاهر هذا الإسناد ، بل بينهما رجل متهم ، بين ذلك الحسن بن عرفة فقال : حدثنا
كثير بن هشام الجزري عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن
مهران به ، أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 178 ) .
و عيسى هذا قال فيه البخاري و النسائي :
منكر الحديث ، و قال أبو حاتم : متروك الحديث ، فلعله سقط من رواية جعفر بن
مسافر وهما منه ، فقد قال فيه الحافظ :
صدوق ربما أخطأ ، ثم رجعت إلى " التهذيب " فرأيته قد تنبه لهذه العلة ، فقال
متعقبا لقول النووي الذي نقلته عنه آنفا :
فمشى على ظاهر السند ، و علته أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير ، فأدخل بينه
و بين جعفر رجلا ضعيفا جدا ، و هو عيسى بن إبراهيم الهاشمي . كذلك أخرجه ابن
السني و البيهقي من طريق الحسن ، فكأن جعفرا كان يدلس تدليس التسوية ، إلا أني
وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له ، فلعل كثيرا عنعنه فرواه
جعفر عنه بالتصريح ، لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس ، لكن ما وقفت
على كلام أحد وصفه بالتدليس ، فإن كان الأمر كما ظننت أولا ، و إلا فيسلم جعفر
من التسوية و يثبت التدليس في كثير ، والله أعلم .
قلت : لكن أحدا لم يصف أيضا بالتدليس كثيرا هذا ، فالأقرب أن جعفرا وهم في سنده
; فأسقط عيسى منه كما سبق مني ، فإنه موصوف بالوهم كما عرفت من " تقريب "
الحافظ ، و سلفه في ذلك ابن حبان ، فإنه قال فيه في " الثقات " :
كتب عن ابن عيينة ، ربما أخطأ .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هكذا في نسختنا من " الزوائد " ، و نقل السدي عنه أنه قال : إسناده صحيح
، و رجاله ثقات إلا أنه ... " و ما في نسختنا أقرب إلى المعروف في استعمالاتهم
. اهـ .
1

(3/3)

1005 - " اكشف الباس ، رب الناس ! عن ثابت بن قيس بن شماس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/55 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2 / 337 - طبع الحلبي ) و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1418 -
موارد ) عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس و هو مريض ، فقال :
فذكره ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ، ثم نفث عليه بماء فصبه عليه ،
و لفظ ابن حبان : فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه " ، لم يذكر النفث .
قلت : و هذا سند ضعيف علته يوسف بن محمد ، و قلبه بعض الرواة فقال : محمد بن
يوسف ، قال أبو داود : و الصواب الأول .
قلت : و هو مجهول العين ، أورده ابن أبي حاتم ( 4/228 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و قال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف حاله ، روى عنه عمرو بن
يحيى بن عمارة .
قلت : الصواب عدم ذكر لفظ ( حاله ) ، فإنه إذا كان لم يرو عنه غير عمرو هذا فهو
مجهول العين كما قلنا ، و ليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث .
و أما الحافظ فقال في " التقريب " : مقبول ، يعني عند المتابعة و إلا فلين
الحديث كما نص عليه في المقدمة .
و اعلم أننا إنما أوردنا هذا الحديث لما في آخره من جعل البطحان ( و هو الحصا
الصغار ) في القدح إلخ ، فإنه غريب منكر ، و أما الدعاء " اكشف الباس رب
الناس " ، فهو ثابت من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ : " كان يعود بعض أهله ،
يمسح بيده اليمنى و يقول : اللهم رب الناس ، أذهب الباس ، و اشفه أنت الشافي ،
لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .
أخرجه الشيخان و غيرهما ، و له فيهما و في " المسند " طرق ( 6/44 ، 45 ، 50 ،
108 ، 109 ، 114 ، 115 ، 120 ، 124 ، 125 ، 127 ، 131 ، 208 ، 260 ، 278 ،
280 ) .

(3/4)

1006 - " نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/56 ) :

لا أصل له .
قال السخاوي في " الفتاوي الحديثية " ( 12/2 ) : قد اشتهر في كلام الأولين
و أصحاب المعاني و العربية من حديث عمر بن الخطاب و ذكر الشيخ بهاء الدين
السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب ، و كذا قال جمع من أهل اللغة ، ثم رأيت
بخط شيخنا رحمه الله أنه ظفر به في " مشكل الحديث " لأبي محمد بن قتيبة ، لكن
لم يذكر له ابن قتيبة إسنادا ، و قال : أراد أن صهيبا إنما لم يعص الله حياء
لا مخافة عذابه ، انتهى .
و قد وقعت على معنى ذلك من قول عمر <1> رضي الله عنه ، إلا أنه في حق سالم مولى
أبي حذيفة ، فروى أبو نعيم في " الحلية " من طريق عبد الله بن الأرقم :
حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال : رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن سالما شديد الحب لله عز وجل ، لو كان لا يخاف ما
عصاه ، و سنده ضعيف .
قلت : بل هو موضوع ; لأنه في " الحلية " ( 1/177 ) معلق من طريق محمد بن إسحاق
عن الجراح بن منهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال :
قدمت المدينة في زمان عثمان ، فأتيت عبد الله بن الأرقم فقال : حضرت عمر رضي
الله عنه عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال عمر : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره ، فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له ، فقال : صدق ،
انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به ، فجئنا المسور ، فقلت : إن
عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث ، قال : حسبك لا تسل عنه بعد عبد الله بن
الأرقم .
قلت : فهذا إسناد هالك ، مسلسل بالعلل :
الأولى : أنه معلق غير متصل .
الثانية : أن محمد بن إسحاق مدلس و قد عنعنه .
الثالثة : أن الجراح بن المنهال متهم بالكذب ، و كنيته أبو العطوف ، قال
البخاري و مسلم : منكر الحديث .
و قال النسائي و الدارقطني : متروك .
و قال ابن حبان : كان يكذب في الحديث ، و يشرب الخمر .
الرابعة : جهالة حبيب بن نجيح ، قال أبو حاتم ( 1/2/110 ) :
مجهول ، و لا يعتبر برواية أبي العطوف عنه ، يعني لضعف أبي العطوف .
و كذا قال الذهبي في " الميزان " : مجهول .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل و الظاهر أن الصواب " حديث عمر " لأنه مرفوع كما سترى . اهـ .
1

(3/5)

1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح ، فهو لها ، و ما
كان بعد عصمة النكاح ، فهو لمن أعطيه ، و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته
" .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/58 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2129 ) و النسائي ( 2/88 - 89 ) و ابن ماجه ( 1955 )
و البيهقي ( 7/248 ) و أحمد ( 2/182 ) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ; لأن ابن جريج مدلس و قد عنعنه .
و قد تابعه مدلس آخر و هو الحجاج بن أرطاة فقال : عن عمرو بن شعيب به و لفظه :
ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة ، فهو لها ، و ما أكرم به أبوها أو أخوها
أو وليها بعد عقدة النكاح ، فهو له ، و أحق ما أكرم الرجل به ابنته أو أخته .
أخرجه البيهقي .
تنبيه : استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه
شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال
له بل للمرأة ، قال الخطابي :
هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر ، و قد اعتاد كثير من الآباء
مثل هذا الشرط ، و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه ، و لكني أرى
- و العلم عند الله تعالى - أنه لا يخلو من شيء ، فقد صح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، و لا أظن مسلما سليم الفطرة ،
لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق ، كيف لا ، و كثيرا ما يكون سببا
للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر ، و الحظ الأكبر ،
و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه .

(3/6)

1008 - " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما ، يعني أبا بكر و عمر رضي الله عنهما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/59 ) :

ضعيف .
رواه أحمد ( 4/227 ) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر و عمر : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، شهر ضعيف لسوء حفظه ، و أعله الهيثمي في " المجمع "
( 9/53 ) بعلة أخرى فقال :
رواه أحمد و رجاله ثقات ، إلا أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه
وسلم .
و لا يخفى ما في قوله : " و رجاله ثقات " من البعد عن الصواب ، فإن شهرا لا يصح
أن يوصف بكونه ثقة ، و فيه الكلام المعروف عن جماعة من الأئمة .
و لا يتقوى الحديث بحديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي
بكر و عمر :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و لولا أنكما تختلفان علي ما خالفتكما " .
قال الهيثمي ( 9/52 ) :
رواه الطبراني في الأوسط ، و فيه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك و هو متروك .
قلت : و قد كذبه غير واحد ، و ذكر له الذهبي حديثين موضوعين عن مالك ! و لذلك
فلا يصح الاستشهاد به لكن الشطر الأول من حديث حبيب هذا أخرجه الحاكم ( 3/74 )
عن عاصم بن عمر أخي عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسي قال :
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فاطلع أبو بكر و عمر رضي الله عنهما
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و قال : صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
قلت : عاصم واه .

(3/7)

1009 - " الشريك شفيع ، و الشفعة في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/60 ) :

منكر .
أخرجه الترمذي ( 2/294 ) و الطحاوي ( 2/268 ) و الدارقطني ( 519 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3/115/1 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 62/289/2 )
و البيهقي ( 6/109 ) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي
مليكة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال
الترمذي :
هذا حديث غريب ، لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري ، و قد روى غير
واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله
عليه وسلم مرسلا ، و هذا أصح " .
و قال الدارقطني :
خالفه شعبة و إسرائيل و عمرو بن أبي قيس و أبو بكر بن عياش ; فرووه عن
عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا ، و هو الصواب ، و وهم أبو حمزة في
إسناده .
و كذا قال البيهقي : أن الصواب مرسل .
قلت : و اسم أبي حمزة محمد بن ميمون ، و هو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين "
كما في " التقريب " ، لكن فيه كلام يسير ، فقال النسائي :
" لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره ، فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه
جيد " .
و ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب " ، و قال أبو حاتم :
" لا يحتج به " كما في " الميزان " .
قلت : فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف ، و أما مع المخالفة فلا ،
فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس و وصله خلافا للثقات الآخرين
الذين أرسلوه ، دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني ، و أشار إليه الترمذي ،
و أن الصواب في الحديث أنه مرسل ، فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به .
و قد روي عن أبي حمزة على وجه آخر ، رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن
عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . و قال :
" و محمد هذا هو العرزمي ، متروك الحديث . و قد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن
عباس موصولا " .
ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا ، و قد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 281/2 )
عن أبي حمزة عن العرزمي به ، و قال :
" لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة . و قوله : " و الشفعة في كل
شيء " منكر . و محمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة " .
قلت : و مما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى ( 2/269 ) من
طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال :
" لا شفعة في الحيوان " .
احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب : " الشفعة في كل شيء " ، ليس على
عمومه يشمل الحيوان و غيره . قال :
" و إنما معناه الشفعة في الدور و العقار و الأرضين ، و الدليل على ذلك ما قد
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، حدثنا أحمد بن داود قال : حدثنا يعقوب قال :
حدثنا معن بن عيسى ... " .
قلت : و إسناد هذا الموقوف جيد ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير أحمد بن داود
هذا و هو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار "
عن " المغاني " .
و الحديث قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" رواه البيهقي ، و رجاله ثقات ، إلا أنه أعل بالإرسال ، و أخرج له الطحاوي
شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته " .
و نقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5/283 ) و لكنه - كما هي عادته - لم
يعزه إلى الحافظ ! و كذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " ( 2/127 ) إلا أنه
وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به " . بدل " لا بأس برواته " و شتان ما بين
العبارتين ، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد ، بخلاف الأخرى ، فإنها نص في
تقوية رواته ، و لا تلازم بين الأمرين ، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح
الحديث ، و ذلك لأن للحديث ، أو الإسناد الصحيح شروطا أربعة : عدالة الرواة
و ضبطهم ، و اتصاله ، و سلامته من شذوذ أو علة ، فإذا قال المحدث في سند ما : "
رجاله لا بأس بهم " أو ثقات " أو " رجال الصحيح " ، و نحو ذلك ، فهو نص في تحقق
الشرط الأول فيه ، و أما الشروط الأخرى فمسكوت عنها ، و إنما يفعل ذلك بعض
المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه ، أو لعلمه بتخلف
أحدها ، مثل السلامة من الانقطاع أو التدليس أو نحو ذلك من العلل المانعة من
إطلاق القول بصحته <1> ، و هذا هو حال إسناد هذا الشاهد ، فإن فيه علة لا تسمح
بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا ، فإنه عند الطحاوي ( 2/369 ) من طريق يوسف بن عدي
قال : حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء " . فأول علة تبدو
للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج ، فإنه كان يدلس بشهادة غير
واحد من الأئمة المتقدمين و المتأخرين ، بل قال الدارقطني : " تجنب تدليس ابن
جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي
يحيى و موسى بن عبيدة و غيرهما " و وصفه بالتدليس الذهبي و العسقلاني و غيرهما
. على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند ،
و ذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر به ، بلفظ :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ، ربعة أو حائط
، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فن شاء أخذ ، و إن شاء ترك ، فإن باع فلم
يؤذنه فهو أحق به " .
أخرجه مسلم ( 5/57 ) و النسائي ( 2/234 ) و الدارمي ( 2/273 - 274 ) و الطحاوي
( 2/265 ) و ابن الجارود ( رقم 642 ) و الدارقطني ( 520 ) و البيهقي ( 6/101 )
كلهم عن الجماعة به .
و قد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير ، و هذا من جابر في رواية الطحاوي ،
و هو رواية لمسلم . فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج ، إنما هو عن أبي
الزبير ليس عن عطاء .
و قد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - و هو ابن علية - عن ابن جريج به .
أخرجه النسائي ( 2/229 ) و صرح عنده ابن جريج بالتحديث و أحمد ( 3/316 ) و عنه
أبو داود ( 2/256 ) و البيهقي .
و من الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن
ابن جريج المتقدمة ; إلا في حرف واحد و هو قوله : " في كل شرك " ، فإن لفظه في
الرواية المشار إليها " في كل شيء " ، فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها .
و يؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم ... " فإنه يدل على أن
الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية ، بل يدل على أنه خاص بغير
المنقول من دار أو بستان أو أرض ، قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" و قد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع ، و صدره يشعر بثبوتها في
المنقولات ، و سياقه يشعر باختصاصها بالعقار ، و بما فيه العقار " .
فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ
الراوي في قوله : " شيء " بدل : " شرك " ، فهو شاذ ، و مقابله هو المحفوظ .
على أنه يمكن أن يقال : لو سلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ ، فإن مما لا شك فيه
أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم ، فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي
رواه الثقات ، و عند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد ، و أن اختصار
الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى .
و يؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام ، فقال أحمد :
( 3/296 ) :
حدثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن
عبد الله قال :
إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم ، فإذا وقعت
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
و من طريق أحمد أخرجه أبو داود ( 2/256 ) و عنه البيهقي ( 6/102 - 103 ) ثم
أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به ، إلا أنه قال : " كل ما لم يقسم " .
و هكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد ، و يرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق
عبد الواحد بن زياد عن معمر به ، لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه
( 4/323 ) بلفظ : " كل مال " مثل رواية أحمد ، إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر
بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ
على عبد الواحد من بعض الرواة أو النساخ ، نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن
عبد الرزاق بلفظ أحمد ، " كل مال " و رجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه
قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم " ، والله
أعلم .
فلو أن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله : " قضى بالشفعة في الأموال "
لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة ، فالحمد لله الذي حفظ لنا
أحاديث نبينا كاملة غير منقوصة ، و جعلها بيانا للقرآن و ألزمنا العمل بها كما
ألزمنا العمل به .
تنبيه : عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس و شاهده من حديث جابر ، فلا تغتر بما
يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه ، بعد أن عرفت
الحق فيه ، لا سيما و هو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ " : " و
رجاله ثقات " ، فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم : " لا بأس برواته "
، و قد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول ، و أنه لا يستلزم الصحة ،
فلا يفيد إعادة الكلام فيه ، و إنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في
كلامه على حديث ابن عباس هذا ، فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي :
و مثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا : الشفعة في كل شيء ، و إن قيل : إن
رفعه خطأ ، فقد ثبت إرساله عن ابن عباس ، و هو شاهد لرفعه ، على أن مرسل
الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة ، هكذا قال ! و قد علمت أن الخلاف ليس في رفعه
و وقفه ، و إنما في إرساله و وصله ، فكأنه أطلق على الوصل الرفع ، فلئن كان ذلك
، فما معنى قوله : ثبت إرساله عن ابن عباس ، على أن مرسل الصحابي حجة .. لا شك
أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء !
و أما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو :
" الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و راجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ، و " ضعيف
الترغيب " . اهـ .

(3/8)

1010 - " الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/65 ) :

ضعيف جدا .
رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 3/18/2 ) و عنه ابن عساكر ( 13/185/2 )
و ابن عدي في " الكامل " ( ق 243/2 ) و البيهقي ( 6/110 ) من طرق ، عن عمر بن
هارون البلخي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس مرفوعا ، و قال ابن عدي : و هذا الحديث يعرف بعفان البلخي عن عمر
ابن هارون ، و وثب عليه ابن حميد ، رواه عن عمر بن هارون ، و كان وثابا .
كذا قال ، و هو عند البيهقي من طريقين آخرين عن ابن هارون ، و عند الشافعي من
طريق ثالثة عنه فلم ينفرد به عفان البلخي ، فالصواب ما يقوله البيهقي : تفرد به
عمر بن هارون البلخي عن شعبة و هو ضعيف لا يحتج به .
قلت : بل هو متروك شديد الضعف ، قال الذهبي في " الضعفاء " : تركوه .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك و كان حافظا .

(3/9)

1011 - " من كذب علي متعمدا ، ليضل به الناس ، فليتبوأ مقعده من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/66 ) :

منكر بهذه الزيادة .
و قد رويت من حديث عبد الله بن مسعود و البراء بن عازب و عمرو بن حريث و عمرو
ابن عبسة .
1 - أما حديث ابن مسعود ، فمداره على طلحة بن مصرف ، يرويه عنه الحسن بن عمارة
و الأعمش .
أما حديث ابن عمارة ، فأخرجه الطبراني في جزء " طرق حديث من كذب علي متعمدا "
( ق 35/1 ) بسنده عنه عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن
عبد الله ابن مسعود مرفوعا .
و هذا سند رجاله ثقات غير الحسن بن عمارة فهو متروك متهم بالكذب .
أما حديث الأعمش ، فقد رواه جماعة ، و اختلفوا عليه في سنده و متنه على وجوه :
الأول : سفيان الثوري ، فقال : عن الأعمش عن طلحة به ، مثل رواية الحسن بن
عمارة متنا و سندا ، إلا أنه قال : عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ، أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1/174 ) : حدثنا أحمد
ابن شعيب حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان به .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات ، فظاهره الصحة ، لكن فيه هذا الاختلاف الذي
نحن في صدد بيانه ، و ما سيأتي ذكره .
الثاني : يونس بن بكير ، فقال : عن الأعمش عن طلحة به مثل رواية الحسن سندا
و متنا ، إلا أنه أسقط منه ( أبي عمار ) ، أخرجه الطحاوي و الطبراني ( 35/1 ) ،
و رجاله ثقات أيضا ، و فيه ما سبق ، و ليس عند الطبراني الزيادة ، و رواه
البزار كالطحاوي ، قال الهيثمي ( 1/144 ) : و رجاله رجال الصحيح .
الثالث : أبو معاوية ، فقال : عن الأعمش به ، مثل رواية الحسن إسنادا ، إلا أنه
جعله من مسند علي لا من مسند ابن مسعود ، و خالف في المتن فلم يذكر فيه الزيادة
أخرجه الطبراني في جزئه ( 32/2 ) من طريق يحيى بن طلحة اليربوعي قال : أخبرنا
أبو معاوية به ، لكن اليربوعي هذا لين الحديث كما في " التقريب " .
و قد خالفه محمد بن العلاء فقال : حدثنا الأعمش به مثله إلا أنه لم يذكر ابن
مسعود فأرسله ، رواه الطحاوي .
و مما سبق يتبين أن أصح روايات هؤلاء الثلاثة رواية سفيان الثوري ، لأنه أوثقهم
و أضبطهم و أحفظهم ، و عليه يمكن أن يقال : إن إسناد الحديث من هذا الوجه صحيح
و لا يضره الاختلاف المذكور لأنه مرجوح .
قلت : و كان ينبغي أن يقال هذا ، لولا أن هناك شيئين يقفان في سبيل ذلك :
الأول : أن الأعمش موصوف بالتدليس ، و قد عنعنه في جميع الروايات عنه ، فذلك
يمنع من تصحيح هذا الحديث ، و إن كان العلماء المتأخرون قد مشوا أحاديثه
المعنعنة إلا إذا بدا لهم ما يمنع من ذلك ، و هذا الحديث من هذا القبيل ، فإن
فيه ما يأتي ، و هو :
الثاني : أن الحديث قد صح عن ابن مسعود من طرق ليس في شيء منها تلك الزيادة ،
فأخرجه الترمذي ( 2/110 ) و الطحاوي ( 1/167 ) و الطيالسي ( 362 ) و أحمد
( 1/402 ، 405 ، 454 ) و الطبراني ( 34/1 ) كلهم عن زر ، و الطيالسي ( 342 )
و أحمد ( 1/389 ، 401 ، 436 ) و الطبراني ( 34/2 ) عن عبد الرحمن بن عبد الله
ابن مسعود ، و الطبراني أيضا عن أبي وائل و مسروق ، كلهم عن ابن مسعود مرفوعا
به دون الزيادة .
قلت : فهذا كله يدل على أن هذه الزيادة غير محفوظة عن ابن مسعود رضي الله عنه ،
بل هي شاذة أو منكرة ، و قد قال الطحاوي عقب رواية يونس بن بكير المتقدمة :
و هذا حديث منكر ، و ليس أحد يرفعه بهذا اللفظ غير يونس بن بكير ، و طلحة بن
مصرف ليس في سنه ما يدرك عمرو بن شرحبيل ، لقدم وفاته .
كذا قال ، و قد عرفت أن سفيان الثوري قد رفعه بهذا اللفظ ، و جود إسناده ، فذكر
بين طلحة بن مصرف و عمرو بن شرحبيل أبا عمار و اسمه عريب - بفتح المهملة - ابن
حميد الدهني ، و هو ثقة ، فالسند متصل مرفوع ، و إنما علته الحقيقية العنعنة
و المخالفة كما سبق بيانه ، و قد أعله غير الطحاوي بنحو إعلاله ، فقال الحافظ
في " الفتح " ( 1/178 ) بعد أن ذكر الحديث من رواية البزار ، و ذكر أن الزيادة
لا تثبت : اختلف في وصله و إرساله ، و رجح الدارقطني و الحاكم إرساله ، و أخرجه
الدارمي من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف .
قلت : لم أقف على أحد أرسله غير أبي معاوية من رواية محمد بن العلاء عنه عند
الطحاوي كما تقدم ، و أبو معاوية - و اسمه محمد بن خازم - و إن كان أحفظ الناس
لحديث الأعمش كما قال الحافظ في " التقريب " فقد خالفه سفيان الثوري و هو الثقة
الحافظ الإمام ، و تابعه يونس بن بكير ، و هو من رجال مسلم لكنه يخطيء ،
فروايتهما أرجح من رواية أبي معاوية ، لأنهما أكثر عددا ، لا سيما و معهما
زيادة ، و الزيادة من الثقة مقبولة ، والله أعلم .
و جملة القول : أن هذه الزيادة لا تثبت في حديث ابن مسعود ، و العلة : العنعنة
و المخالفة في نقدي ، و الإرسال في رأي الطحاوي و الدارقطني و الحاكم ، و قال
عبد الحق في " الأحكام " ( 153 ) : لا تصح .
و قد روي الحديث عن طلحة بن مصرف بإسناد آخر و هو :
2 - و أما حديث البراء بن عازب ، فيرويه محمد بن عبيد الله العرزمي عن طلحة بن
مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه ، أخرجه الطبراني في جزئه ( 39/2 ) .
قلت : و علته العرزمي هذا فإنه ضعيف جدا ، و هذا معنى قول الحافظ فيه : متروك .
3 - و أما حديث عمرو بن حريث ، فيرويه عمر بن صبح عن خالد بن ميمون عن
عبد الكريم بن أبي المخارق عن عامر بن عبد الواحد عنه ، أخرجه الطبراني في جزئه
أيضا ( 42/2 ) .
قلت : و فيه علتان :
الأولى : عمر بن صبح هذا ، قال الحافظ : متروك ، كذبه ابن راهويه .
الثانية : عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف ، و به أعله الهيثمي فقال في " مجمع
الزوائد " ( 1/146 ) : رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه عبد الكريم بن أبي
المخارق و هو ضعيف .
قلت : ربط العلة به وحده ليس من الإنصاف في شيء ، و في الطريق إليه ذاك الكذاب
عمر بن صبح ، إلا أن يقال : إنه ليس في طريق الطبراني في " الكبير " ، لكني
أستبعد هذا لأنه لو كان كذلك لذكر في جزئه الخاص بهذا الحديث و طرقه هذه الطريق
السالمة من ذاك الكذاب ، أو على الأقل لجمع بينهما ، كما رأيناه فعل في أحاديث
أخرى ، كحديث ابن مسعود على ما تقدم نقله عنه .
4 - و أما حديث عمرو بن عبسة ، فأورده الهيثمي و قال : رواه الطبراني في
" الكبير " ، و إسناده حسن .
قلت : لكن الزيادة فيه لم تتفق عليها نسخ " المجمع " ، بل تفردت بها النسخة
الهندية ، كما في هامش الكتاب ، و يترجح عندي عدم ثبوتها ، لأن الطبراني قد
أخرج الحديث في جزئه ( 43/1 ) و ليس فيه أيضا هذه الزيادة .
ثم إن قوله : و إسناده حسن نظرا ، فإن فيه محمد بن أبي النوار ، أورده ابن أبي
حاتم ( 4/1/111 ) و ذكر أنه روى عنه ثلاثة من الثقات ، و لم يحك فيه جرحا
و لا تعديلا ، و هذا من شيوخه بريد بن أبي مريم ، ثم ذكر ابن أبي حاتم عقبه
ترجمة أخرى ، فقال : محمد بن أبي النوار سمع حبان السلمي - صاحب الدفينة ، سمع
ابن عمر - سمعت أبي يقول : لا أعرفه .
فقد فرق بينهما أبو حاتم ، و في " اللسان " : قال النباتي : جمعهما البخاري
و هو أشبه ، والله أعلم .
( تنبيه ) : سبق فيما نقلته عن الحافظ ابن حجر ( ص 20 ) أن الحديث رواه الدارمي
عن يعلى بن مرة ، و قد رجعت إلى " سنن الدارمي " ، فوجدت الحديث فيه ( 1/76 )
كما ذكر الحافظ ، لكن ليس فيه تلك الزيادة ! فلا أدري أذلك من اختلاف نسخ
" السنن " ، أم أن الحافظ وهم ، و قد يؤيد الثاني أن الطبراني أخرجه ( 44/2 )
عن يعلى كما أخرجه الدارمي بدون الزيادة ، و من الممكن أن يقال : إنه لا وهم
فيه ، و إنما تساهل في إطلاق العزو إليه ، والله أعلم .
ثم إن الحديث لو صح بهذه الزيادة فليست اللام فيه للعلة ، بل للصيرورة كما فسر
قوله تعالى : *( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس )* ، و المعنى أن
مآل أمره إلى الإضلال ، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له
كقوله تعالى : *( و لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة )* ; *( و لا تقتلوا
أولادكم من إملاق )* ، فإن قتل الأولاد و مضاعفة الربا و الإضلال في هذه الآيات
إنما هو لتأكيد الأمر فيها ، لا لاختصاص الحكم كما قال الحافظ رحمه الله
و غيره .
( فائدة ) : لقد اشتهر عند العلماء أن هذا الحديث متواتر بدون الزيادة طبعا ،
و قد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه ، قال الحافظ : فأول من وقفت على كلامه
في ذلك علي بن المديني ، و تبعه يعقوب بن شيبة فقال : روي هذا الحديث من عشرين
وجها عن الصحابة من الحجازيين و غيرهم ، ثم إبراهيم الحربي و أبو بكر البزار ،
فقال كل منهما : إنه أورده من حديث أربعين من الصحابة ، و جمع طرقه في ذلك
العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ; فزاد قليلا ، و قال أبو بكر الصيرفي
شارح " رسالة الشافعي " : رواه ستون نفسا من الصحابة ، و جمع طرقه الطبراني
فزاد قليلا .
قلت : و قد وقفت و الحمد لله على كتاب الطبراني في ذلك كما سبقت الإشارة إليه ،
و قد رأيت أن أسوق أسماء رواتها من الصحابة رضي الله عنهم ، مع الإشارة إلى عدد
الطرق عن كل واحد منهم بجانب الاسم ، و هناك آخرون منهم ساق الطبراني أحاديثهم
لدلالتها على التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم و لكنها أحاديث
أخرى ، و لذلك لم أسق أسماءهم فليعلم ذلك .
1 - أبو أمامة الباهلي 3
2 - أبو بكر الصديق 2
3 - أبو ذر الغفاري 1
4 - أبو سعيد الخدري 5
5 - أبو عبيدة بن الجراح 1
6 - أبو قتادة الأنصاري 3
7 - أبو قرصافة : جندرة بن خيشنة 1
8 - أبو موسى الأشعري 1
9 - أبو موسى الغافقي 1
10 - أبو هريرة 11
11 - أسامة بن زيد بن حارثة 1
12 - أنس بن مالك 15
13 - البراء بن عازب 1
14 - بريدة بن الحصيب 1
15 - جابر بن حابس العبدي 1
16 - جابر بن عبد الله 3
17 - خالد بن عرفطة 1
18 - رافع بن خديج 1
19 - الزبير بن العوام 1
20 - زيد بن أرقم 1
21 - السائب بن يزيد 1
22 - سعد بن المدحاس 1
23 - سعيد بن زيد بن عمرو 1
24 - سلمان الفارسي 1
25 - سلمة بن الأكوع 1
26 - صهيب بن سنان 1
27 - طارق بن أشيم 1
28 - طلحة بن عبيد الله 1
29 - عائشة بنت أبي بكر 2
30 - عبد الله بن الحارث 1
31 - عبد الله بن الزبير 1
32 - عبد الله بن زغب 1
33 - عبد الله بن عباس 1
34 - عبد الله بن عمر 3
35 - عبد الله بن عمرو بن العاص 5
36 - عبد الله بن مسعود 5
37 - عتبة بن غزوان 1
38 - عثمان بن عفان 3
39 - العرس بن عميرة الكندي 1
40 - عقبة بن عامر 2
41 - علي بن أبي طالب 7
42 - عمار بن ياسر 1
43 - عمر بن الخطاب 3
44 - عمران بن الحصين 1
45 - عمرو بن حريث 1
46 - عمرو بن عبسة 1
47 - عمرو بن مرة الجهني 1
48 - قيس بن سعد بن عبادة 1
49 - كعب بن قسطة 1
50 - معاذ بن جبل 1
51 - معاوية بن أبي سفيان 2
52 - المغيرة بن شعبة 2
53 - نبيط بن شريط 1
54 - يعلى بن مرة 1

و قد لاحظت أن جميع هؤلاء الصحابة الذين رووا هذا الحديث " من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار " ، قد ثبت في حديثهم لفظة " متعمدا " حاشا أفرادا منهم
و هو أصحاب الأرقام ( 6 ، 7 ، 11 ، 22 ، 25 ، 28 ، 31 ) و هي ثابتة في
" الصحيحين " و غيرهما في حديث طائفة ممن رواها عند الطبراني ، فهي إذن متواترة
فيه نحو تواتره ، فهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم يقينا خلافا لمن زعم بجهله
البالغ أنها من وضع بعض المحدثين ! كما كنت ذكرت في مقدمة هذه السلسلة ( 1/11 )
و إن مما يحسن ذكره بهذه المناسبة أن البيهقي نقل عن الحاكم و وافقه ، أن
الحديث جاء من رواية العشرة المبشرين بالجنة ، قال : و ليس في الدنيا حديث أجمع
العشرة على روايته غيره .
قال الحافظ : فقد تعقبه غير واحد ، لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي
( يعني في مقدمة كتاب " الموضوعات " ) و من بعده ، و الثابت منها ما قدمت ذكره
فمن الصحاح : علي و الزبير ، و من الحسان : طلحة و سعد و سعيد و أبو عبيدة ، و
من الضعيف المتماسك طريق عثمان و بقيتها ضعيف ساقط .
قلت : قد عرفت من الكشف السابق أن لحديث عثمان رضي الله عنه ثلاث طرق ثم إن
أحدها صحيح ، و الآخر حسن ، و قد أخرجهما الطحاوي أيضا ( 1/165 - 166 ) ،
فحديثه من الصحيح أيضا .

(3/10)

1012 - " تحية البيت الطواف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/73 ) :

لا أعلم له أصلا .
و إن اشتهر على الألسنة ، و أورده صاحب " الهداية " من الحنفية بلفظ :
" من أتى البيت فليحيه بالطواف " .
و قد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إلى أنه لا أصل له ، بقوله ( 2/51 ) :
غريب جدا ، و أفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في " الدراية " ( ص 192 ) :
لم أجده .
قلت : و لا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه ، بل إن عموم
الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا ،
و القول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه ، فلا يقبل إلا بعد ثبوته
و هيهات ، لا سيما و قد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام
الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم ، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ،
*( و ما جعل عليكم في الدين من حرج )* .
و إن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم ، و إلا
فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده ، انظر بدع الحج و العمرة في
رسالتي " مناسك الحج و العمرة " ، رقم البدعة ( 37 ) .

(3/11)

1013 - " إذا رميتم و ذبحتم و حلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/74 ) :

منكر .
رواه الطبري في " تفسيره " ( ج4 رقم 3960 ) ، و الدارقطني في " سننه " ( 279 )
عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة
قالت :
" سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : متى يحل المحرم ؟ فقالت : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره ، ثم قال : قال ( يعني الحجاج ) :
و ذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قلت : و هذا إسناد كما قال الحافظ في " بلوغ المرام " ، فيه ضعف ، و علته
الحجاج و هو ابن أرطاة و هو مدلس و قد عنعنه ، و بالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا
عليه في متنه ، فقال عبد الرحيم عنه هكذا ، و خالفه يزيد - و هو ابن هارون -
فقال : أخبرنا الحجاج عن أبي بكر بن محمد به دون قوله : " و ذبحتم " .
أخرجه الطحاوي ( 1/419 ) و أحمد ( 6/143 ) و البيهقي ( 5/136 ) و أبو بكر
الشافعي في " الفوائد " ( 6/64/2 ) .
و خالفهما عبد الواحد بن زياد فقال : حدثنا الحجاج عن الزهري به ، دون قوله :
" و ذبحتم و حلقتم " .
أخرجه أبو داود ( 1/310 - التازية ) و الطحاوي ، و قال أبو داود :
هذا حديث ضعيف ، الحجاج لم ير الزهري .
قلت : و هؤلاء الذين رووا الحديث عنه كلهم ثقات ، فالحمل في هذا الاختلاف في
متنه ليس عليهم ، بل على الحجاج نفسه ، و قد أشار إلى هذا البيهقي فقال عقبه :
و هذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة ، و إنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله
عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة .
قلت : و كأنه يشير إلى حديثها :
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم ، و لحله حين أحل ، قبل
أن يفيض .
أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق كثيرة عنها ، و قد تجمع عندي منها ثلاثة عشر
طريقا خرجتها في كتابي " الحج الكبير " ، لكن ليس منها طريق عمرة هذه ، والله
أعلم .
و في حديث عائشة هذا ما يشهد لبعض حديث الحجاج في رواية عنها بلفظ :
" .... و حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت .
و هذا القدر منه له شاهد من حديث ابن عباس أوردته في " الأحاديث الصحيحة "
( رقم ـ 239 ) ، فيتلخص من ذلك أن للحديث أصلا ثابتا ، لكن دون ذكر الذبح
و الحلق فيه ، فهو بهذه الزيادة منكر ، والله أعلم .

(3/12)

1014 - " ليتقه الصائم ، يعني الكحل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/75 ) :

منكر .
أخرجه أبو داود ( 1/373 ) و البيهقي ( 4/262 ) عن عبد الرحمن بن النعمان بن
معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد
المروح عند النوم ، و قال : فذكره ، و اللفظ لأبي داود ، و لفظ البيهقي :
" لا تكتحل بالنهار و أنت صائم ، اكتحل ليلا ، الإثمد يجلو البصر ، و ينبت
الشعر " ، و أشار البيهقي لتضعيفه بقوله :
و قد روي في النهي عنه نهارا و هو صائم حديث أخرجه البخاري في التاريخ
و قال أبو داود عقبه : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر .
و ذكر مثله في " المسائل " ( ص 298 ) عن الإمام أحمد أيضا .
قلت : و له علتان :
الأولى : ضعف عبد الرحمن بن النعمان ، و به أعله المنذري ، فقال في
" مختصر السنن " ( 3/260 ) :
قال يحيى بن معين : ضعيف ، و قال أبو حاتم الرازي : صدوق .
قال الذهبي بعد أن ذكر هذين القولين المتعارضين فيه :
و قد روى عن سعد بن إسحاق العجري فقلب اسمه أولا فقال : إسحاق بن سعد بن كعب ،
ثم غلط في الحديث فقال : عن أبيه عن جده ، فضعفه راجح .
قلت : و لذلك أورده في " الضعفاء " أيضا ، و لكنه قال :
مختلف فيه ، فلا يترك ، يعني أنه ليس شديد الضعف ، و قد أشار إلى هذا الحافظ في
" التقريب " فقال :
صدوق ، ربما غلط ، و قد فاتت المنذري علة أخرى و هي :
الثانية : جهالة أبيه النعمان بن معبد ، و قد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية في رسالة " الصيام " فقال ( ص 49 بتحقيقنا ) عقب ما سبق عن المنذري :
لكن من الذي يعرف أباه و عدالته و حفظه ؟ ! ، و لهذا قال الذهبي فيه :
غير معروف ، و قال الحافظ : مجهول .
قلت : و من ذلك تعلم ما في قول المجد ابن تيمية في " المنتقي " :
و في إسناده مقال قريب ، ثم أعله بعبد الرحمن فقط كما فعل المنذري تماما !
و قد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل و هو صائم .
أخرجه أبو داود بسند حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 189 ) : لا بأس به .
و في معناه أحاديث مرفوعة لا يصح منها شيء كما قال الترمذي و غيره ، و لكنها
موافقة للبراءة الأصلية ، فلا ينقل عنها إلا بناقل صحيح ، و هذا مما لا وجود له
، و قد اختلف العلماء في الكحل للصائم ، و كذا الحقنة و نحوها ، قال شيخ
الإسلام ابن تيمية في المصدر السابق ( ص 47 ) :
فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك ، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى
معرفته الخاص و العام ، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله و رسوله في الصيام
و يفسد الصوم بها ، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ، و لو ذكر ذلك لعلمه
الصحابة و بلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه ، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن
النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا صحيحا مسندا و لا مرسلا ، علم أنه لم
يذكر شيئا من ذلك ، و الحديث المروي في الكحل ضعيف ، رواه أبو داود ، و لم يروه
غيره و لا هو في مسند أحمد و لا سائر الكتب .
ثم ساق هذا الحديث ، ثم قال :
و الذين قالوا : إن هذه الأمور تفطر ، لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه
وسلم و إنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس ، و أقوى ما احتجوا به قوله
صلى الله عليه وسلم : " و بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ، قالوا : فدل
ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله ، و على القياس : كل
ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة و غيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام و الغذاء
أو غيره من حشو جوفه ، و الذين استثنوا الكحل قالوا : العين ليست كالقبل
و الدبر ، و لكن هي تشرب الكحل كما يشرب الجسم الدهن و الماء ، ثم قال :
و إذا كان عمدتهم هذه الأقيسة و نحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة
لوجوه :
أحدها : أن القياس و إن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته ، فقد قلنا في " الأصول "
: إن الأحكام الشرعية بينتها النصوص أيضا ، و إن دل القياس الصحيح على مثل ما
دل عليه النص دلالة خفية ، فإذا علمنا أن الرسول لم يحرم الشيء و لم يوجبه ،
علمنا أنه ليس بحرام و لا واجب ، و أن القياس المثبت لوجوبه و تحريمه فاسد .
و نحن نعلم أنه ليس في الكتاب و السنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء فعلمنا
أنها ليست مفطرة .
الثاني : أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها الرسول
صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ، و لابد أن تنقلها الأمة ، فإذا انتفى هذا ،
علم أن هذا ليس من دينه ، و هذا كما يعلم أنه لم يفرض صيام شهر غير رمضان ،
و لا حج بيت غير البيت الحرام ، و لا صلاة مكتوبة غير الخمس ، و لم يوجب الغسل
في مباشرة المرأة بلا إنزال ، و لا أوجب الوضوء من الفزع العظيم ، و إن كان في
مظنته خروج الخارج ، و لا سن الركعتين بعد الطواف بين الصفا و المروة ، كما سن
الركعتين بعد الطواف بالبيت .
و بهذه الطرق يعلم أيضا أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء ، و لا من النجاسات
الخارجة من غير السبيلين ، فإنه لم ينقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد
يثبت مثله أنه أمر بذلك ، مع العلم بأن الناس كانوا و لا يزالون يحتجمون
و يتقيؤون ؟ و يجرحون في الجهاد و غير ذلك ، و قد قطع عرق بعض أصحابه ليخرج منه
الدم و هو الفصاد ، و لم ينقل عنه مسلم أنه أمر أصحابه بالتوضؤ من ذلك " ( قال
) :
" فإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى ، لابد أن يبينها الرسول صلى الله
عليه وسلم بيانا عاما ، و لابد أن تنقل الأمة ذلك ، فمعلوم أن الكحل و نحوه مما
تعم به البلوى ، كما تعم بالدهن و الاغتسال و البخور و الطيب . فلو كان هذا مما
يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره . فلما لم يبين ذلك
، علم أنه من جنس الطيب و البخور و الدهن . و البخور قد يتصاعد إلى الأنف
و يدخل في الدماغ ، و ينعقد أجساما ، و الدهن يشربه البدن و يدخل إلى داخله ،
و يتقوى به الإنسان ، و كذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة ، فلما لم ينه الصائم عن
ذلك ، دل على جواز تطيبه و تبخره و ادهانه ، و كذلك اكتحاله .
الوجه الثالث : إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحا و ذلك
إما قياس على بابه الجامع ، و إما بإلغاء الفارق ، و إما أن يدل دليل على العلة
في الأصل معد لها إلى الفرع ، و إما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف
المعتبرة في الشرع ، و هذا القياس هنا منتف . و ذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي
أن المفطر الذي جعله الله و رسوله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن أو ما
كان داخلا من منفذ أو واصلا إلى الجوف ، و نحو ذلك من المعاني التي يجعلها
أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله و رسوله .
الوجه الرابع : إن القياس إنما يصح إذا لم يدل كلام الشارع على علة الحكم إذا
سبرنا أوصاف الأصل ، فلم يكن فيها ما يصلح للعلة إلا الوصف المعين ، ( قال ) :
فإذا كان في الأصل وصفان مناسبان لم يجز أن يقول بالحكم بهذا دون هذا ، و معلوم
أن النص و الإجماع أثبتا الفطر بالأكل و الشرب و الجماع و الحيض ، و النبي
صلى الله عليه وسلم قد نهى المتوضئ عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائما ، و
قياسهم على الاستنشاق أقوى حججهم كما تقدم ، و هو قياس ضعيف لأن من نشق الماء
بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه ، و إلى جوفه ، فحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفم ،
و يغذي بدنه من ذلك الماء ، و يزول العطش ، و يطبخ الطعام في معدته كما يحصل
بشرب الماء فلو لم يرد النص بذلك ، لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب ، فإنهما
لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم ، و ذلك غير معتبر ، بل دخول الماء إلى
الفم وحده لا يفطر ، فليس هو مفطرا و لا جزءا من المفطر لعدم تأثيره ، بل هو
طريق إلى الفطر و ليس كذلك الكحل و الحقنة ، فإن الكحل لا يغذي ألبتة ، و لا
يدخل أحدا كحلا إلى جوفه لا من أنفه و لا من فمه ، و كذلك الحقنة لا تغذي ، بل
تستفرغ ما في البدن ، كما لو شم شيئا من المسهلات ، أو فزع فزعا أوجب استطلاق
جوفه ، و هي لا تصل إلى المعدة .
فإذا كانت هذه المعاني و غيرها موجودة في الأصل الثابت بالنص و الإجماع ،
فدعواهم أن الشارع علق الحكم بما ذكروه من الأوصاف ، معارض بهذه الأوصاف ،
و المعارضة تبطل كل نوع من الأقيسة ، إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العلة
دون هذا .
الوجه الخامس : أنه ثبت بالنص و الإجماع منع الصائم من الأكل و الشرب و الجماع
، و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الشيطان يجري من ابن
آدم مجرى الدم " <1> . و لا ريب أن الدم يتولد من الطعام و الشراب . و إذا أكل
و شرب اتسعت مجاري الشياطين ، و إذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات ،
و إلى ترك المنكرات ، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل و الشرب ،
و الحكم ثابت على وقفه ، و كلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف و تأثيره ،
و هذا منتف في الحقنة و الكحل و غير ذلك .
فإن قيل : بل الكحل قد ينزل إلى الجوف و يستحيل دما ؟
قيل : هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دما ،
و كالدهن الذي يشربه الجسم . و الممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل
دما و يتوزع على البدن .
الوجه السادس : و نجعل هذا وجها سادسا ( الأصل خامسا ) فنقيس الكحل و الحقنة
و نحو ذلك على البخور و الدهن و نحو ذلك ، لجامع ما يشتركان فيه ، مع أن ذلك
ليس مما يتغذى به البدن و يستحيل في المعدة دما . و هذا الوصف هو الذي أوجب أن
لا تكون هذه الأمور مفطرة . و هذا موجود في محل النزاع " .
هذا كله من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع شيء من الاختصار ، آثرت نقله على
ما فيه من بسط و تطويل ، لما فيه من الفوائد و التحقيقات التي لا توجد عند غيره
، فجزاه الله خيرا .
و منه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم ، فهو بالنسبة إليه كالسواك
يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء ، خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان
سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي
، و لذلك عنيت ببيان حال إسناده ، و مخالفته للفقه الصحيح ، والله الموفق .
و مما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر ، و طال النزاع
فيه . ألا و هو حكم الحقنة ( الإبرة ) في العضل أو العرق ، فالذي نرجحه أنه لا
يفطر شيء من ذلك ، إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض ، فهذه وحدها هي التي
تفطر والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : هذا حديث صحيح ، أخرجه الشيخان من حديث أنس و صفية رضي الله عنهما ،
هكذا ، و قد ذكره ابن تيمية في مكان آخر من رسالته في " الصيام " ( ص 75 )
بزيادة : " فضيقوا مجاريه بالجوع و الصوم " ، و لا أصل لها من شيء من كتب السنة
التي وقفت عليها ، و إنما هي في " كتاب الإحياء " للغزالي فقط كما نبهت عليه في
التعليق على الرسالة المذكورة . اهـ .

(3/13)

1015 - " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر و العصر ، و المغرب و العشاء الآخرة
و الصبح بمنى ، ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له ، حتى إذا زالت الشمس خطب
الناس ، ثم صلى الظهر و العصر جميعا ، ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى
الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء و الطيب حتى يزور " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/81 ) :

ضعيف .
أخرجه الحاكم ( 1/461 ) ، و عنه البيهقي ( 5/122 ) عن إبراهيم بن عبد الله :
أنبأ يزيد بن هارون : أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن
الزبير قال : من سنة الحج .. إلخ ، و قال الحاكم :
حديث على شرط الشيخين ، و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه نظر ، فإن يزيد بن هارون و إن كان على شرطهما فليس هو من شيوخهما ،
و إنما يرويان عنه بواسطة أحمد و إسحاق و نحوهما ، و إبراهيم بن عبد الله
الراوي للحديث عن يزيد فضلا عن كونه ليس من شيوخهما ، فهو غير معروف ، بل لم
أجد له ترجمة تذكر ، فقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 5/120 ) فقال :
إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي ، قدم بغداد سنة 244 و حدث بها عن يزيد
ابن هارون و سرور بن المغيرة روى عنه عبد الله بن محمد بن ناجية و يحيى بن
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، فهو مجهول الحال ، فلا يحتج بحديثه ، على
أنه قد خولف في بعض متنه ، فروى الطحاوي ( 1/421 ) من طريق عبد الله بن صالح ،
قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن الهاد عن يحيى بن سعيد به مختصرا بلفظ :
سمعت عبد الله بن الزبير يقول :
إذا رمى الجمرة الكبرى ، فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت فلم
يذكر الطيب ، فهذا هو الأصح ، لأنه الموافق لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها
أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين رمى جمرة العقبة كما تقدم في آخر
الحديث ( 1013 ) .
أقول : هذا أصح ، و إن كان عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه ، فإن من
البدهي أن ما وافق السنة الصحيحة من الروايات عند الاختلاف ، أولى مما خالفها
منها .
تنبيه : إنما أوردت هذا في الأحاديث الضعيفة " مع أن ظاهره الوقف فليس من
الأحاديث ; لما تقرر في مصطلح الحديث أن قول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم
المرفوع ، و عبد الله بن الزبير صحابي معروف ، و قد خفي هذا على الشوكاني في
نيل الأوطار ، فإنه أورد هذا الحديث فيما استدل به المانعون من الطيب بعد الرمي
، ثم أجاب عنه ( 5/61 ) بما ملخصه :
إنه أثر موقوف لا يصلح للمعارضة ، و على فرض كونه مرفوعا فهو أيضا لا يعتد به
بجانب الأحاديث المثبتة لحل الطيب .
قلت : و الجواب الصحيح عنه أنه و إن كان ظاهره الرفع فهو لا يصلح للمعارضة
المذكورة لوجهين :
الأول : أنه ضعيف السند كما سبق بيانه .
الثاني : أنه لو صح سنده فهو عند التعارض مرجوح من حيث الدلالة ، لأنه و إن كان
ظاهرا في الرفع فليس نصا فيه بخلاف حديث عائشة المشار إليه فإنه صريح في ذلك .
والله أعلم .

(3/14)

1016 - " كان يصلي قبل الجمعة أربعا ، و بعدها أربعا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/82 ) :

منكر .
رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " ( رقم - 4116 - مصورتي ) : حدثنا علي بن
سعيد الرازي : حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي : حدثنا عتاب بن بشير عن
خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا ، و قال الطبراني :
لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير .
قلت : سكت عليه الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) ، و قال الحافظ في
" الدراية " ( ص 133 ) :
و في سنده ضعف .
قلت : و فيه خمس علل :
الأولى : الانقطاع بين ابن مسعود و ابنه أبي عبيدة ; فإنه لم يسمع منه ، كما
صرح بذلك أبو عبيدة نفسه على ما هو مذكور في ترجمته ، و قد حاول بعض من ألف في
مصطلح الحديث من حنفية هذا العصر أن يثبت سماعه منه دون جدوى !
الثانية : ضعف خصيف ، و هو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني ، قال الحافظ في
" التقريب " : صدوق سيء الحفظ ، خلط بآخره .
الثالثة : عتاب بن بشير ، مختلف فيه ، قال ابن معين : ثقة ، و قال مرة : ضعيف ،
و قال النسائي : ليس بذاك في الحديث ، و قال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس ،
روى بآخرة أحاديث منكرة ، و ما أرى إلا أنها من قبل خصيف .
قلت : و هذا الحديث من روايته عنه ، فهو من مناكيره ، و يؤيد ذلك أنه ورد
موقوفا على ابن مسعود ، من طريقين عنه ، فقال عبد الرزاق في " مصنفه " ( 5524 )
: عن معمر عن قتادة :
إن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات ، و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لولا أن قتادة لم يسمع من ابن مسعود كما قال الهيثمي
( 2/195 ) ، ثم قال عبد الرزاق ( 5525 ) : عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي
عبد الرحمن السلمي قال :
كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لا علة فيه ، و عطاء بن السائب و إن كان اختلط ; فالثوري
قد روى عنه قبل الاختلاط .
الرابعة : سليمان بن عمرو لم أجد من وثقه ، و لكن كتب عنه أبو حاتم كما قال
ابنه في " الجرح و التعديل " ( 2/1/132 ) .
فثبت مما تقدم أن رفع هذا الحديث منكر ، و أن الصواب فيه الوقف . والله أعلم .
الخامسة : و هي العلة الحقيقية ، و هي خطأ عتاب بن بشير في رفعه ، فإنه مع
الضعف الذي في حفظه قد خالفه محمد بن فضيل فقال : عن خصيف به موقوفا على ابن
مسعود .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2/131 و 133 ) .
و ابن فضيل ثقة من رجال الشيخين ، و مع ضعف الحديث فلا دليل فيه على مشروعية ما
يسمونه بسنة الجمعة القبلية كما سبق بيانه في الحديث ( 1001 ) ، فراجعه فإنه
بمعنى هذا .
تنبيه : وقع إسناد الحديث في " نصب الراية " ( 2/206 ) هكذا : حدثنا علي بن
إسماعيل الرازي : أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي . و الصواب ما تقدم نقلا عن
" المعجم الأوسط " .
و قد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا ، و هو :
" كان يصلي قبل الجمعة ركعتين ، و بعدها ركعتين " .

(3/15)

1017 - " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين ، و بعدها ركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/84 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الخطيب ( 6/365 ) من طريق الطبراني عن البزار : حدثنا إسحاق بن سليمان
البغدادي : حدثنا الحسن بن قتيبة : حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي .... و قال الطبراني :
لم يروه عن سفيان إلا الحسن بن قتيبة .
قلت : قال الذهبي ردا لقول ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به " :
" بل هو هالك ، قال الدارقطني : متروك الحديث ، و قال أبو حاتم : ضعيف ، و قال
الأزدي : واهي الحديث ، و قال العقيلي : كثير الوهم " .
و الحديث ذكره الحافظ في " الفتح " ( 2/341 ) بهذا اللفظ إلا أنه قال :
" و بعدها أربعا " و قال :
" رواه البزار ، و في إسناده ضعف " .
و لم يورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " أصلا ، و لا في " كشف الأستار عن زوائد
البزار " للهيثمي ، و لا في " زوائد البزار على مسند أحمد " للحافظ العسقلاني
، والله أعلم .
و في الحديث علة أخرى و هي جهالة إسحاق بن سليمان ، فقد أورده الخطيب لهذا
الحديث ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .

(3/16)

1018 - " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم ، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه ، أفشى
الله عليه ضيعته ، و جعل فقره بين عينيه ، و من كانت الآخرة أكبر همه جمع الله
له أموره ، و جعل غناه قلبه ، و ما أقبل عبد بقلبه ، إلى الله تعالى إلا جعل
الله عز وجل قلوب المؤمنين تفد عليه بالود و الرحمة ، و كان الله إليه بكل خير
أسرع " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/85 ) :

موضوع .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 177 - 178 ) و عنه القضاعي في " مسند الشهاب
" ( 58/2 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 5157 - مصورتي ) و البيهقي
في " الزهد " ( 98/2 ) و السمعاني في " الفوائد المنتقاة " ( 2/2 ) و كذا أبو
نعيم في " الحلية " ( 1/227 ) عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة عن محمد بن سعيد
عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا ، و قال
أبو نعيم تبعا للطبراني :
تفرد به جنيد بن العلاء عن محمد بن سعيد .
قلت : جنيد هذا مختلف فيه ، فقال أبو حاتم : صالح الحديث ، و قال ابن حبان :
ينبغي مجانبة حديثه ، كان يدلس ، ثم تناقض فذكره في " الثقات " أيضا ! و قال
البزار :
" ليس به بأس " .
قلت : فآفة الحديث من شيخه محمد بن سعيد و هو ابن حسان المصلوب ، و هو كذاب ،
صلب في الزندقة كما قال الذهبي في " الضعفاء " ، و في ترجمته ساق الذهبي له هذا
الحديث ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10/248 ) :
رواه الطبراني في الكبير و الأوسط ، و فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب و هو
كذاب .
و عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4/82 ) للطبراني في " معجميه " ، و البيهقي في
" الزهد " ، و أشار إلى تضعيفه .

(3/17)

1019 - " من كشف خمار امرأة و نظر إليها فقد وجب الصداق ، دخل بها أو لم يدخل بها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/86 ) :

ضعيف .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 419 ) من طريق ابن لهيعة : أخبرنا أبو الأسود عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، لإرساله ، و لضعف ابن لهيعة ، و من طريقه علقه البيهقي
( 7/256 ) و قال :
و هذا منقطع ، و بعض رواته غير محتج به .
يعني ابن لهيعة ، لكن قد أخرجه هو من طريق عبد الله بن صالح : حدثني الليث :
حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عن محمد بن
ثوبان بلفظ :
من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق .
و هذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن صالح فمن رجال البخاري
وحده ، و فيه ضعف ، لكنه قد توبع ، فقال ابن التركماني في " الجوهر النقي " :
أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن قتيبة عن الليث بالسند المذكور ، و هو على
شرط الصحيح ، ليس فيه إلا الإرسال " .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 311 ) :
رواه أبو داود في " المراسيل " من طريق ابن ثوبان و رجاله ثقات .
قلت : فهو ضعيف لإرساله ، و قد صح موقوفا ، فأخرجه الدارقطني و عنه البيهقي من
طريق عبد الله بن نمير : حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال :
" إذا أجيف الباب ، و أرخيت الستور ، فقد وجب المهر .
و رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير علي بن عبد الله بن مبشر شيخ
الدارقطني فلم أجد له ترجمة ، و لكنه أخرجه و هو و البيهقي من طريق أخرى عن عمر
و قرن معه البيهقي عليا رضي الله عنهما ، فهو عن عمر ثابت ، و له عند الدارقطني
طريق أخرى ثم أخرجه الدارقطني من طريق ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن
ابن عمر مثله .
قلت : و سنده صحيح .
و هو في " الموطأ " ( 2/65 ) بإسنادين منقطعين عن عمر و زيد بن ثابت .
و جملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا ، صحيح موقوفا ، و لا يقال : فالموقوف شاهد
للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي ، لأمرين :
الأول : أنه مخالف لقوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم
لهن فريضة فنصف ما فرضتم .. )* فهي بإطلاقها تشمل التي خلا بها ، و ما أحسن ما
قال شريح : " لم أسمع الله تعالى ذكر في كتابه بابا و لا سترا ، إذا زعم أنه لم
يمسها فلها نصف الصداق " <1> .
الثاني : أنه قد صح خلافه موقوفا ، فروى الشافعي ( 2/325 ) : أخبرنا مسلم عن
ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في
الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها و لا يمسها ثم يطلقها : ليس لها إلا نصف الصداق
لأن الله يقول : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة )* .
و من طريق الشافعي رواه البيهقي ( 7/254 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف ، لكن قد جاء من طريق أخرى عن طاووس ، أخرجه البيهقي من
طريق سعيد بن منصور : حدثنا هشيم : أنبأ الليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كان
يقول في رجل أدخلت عليه امرأته ثم طلقها فزعم أنه لم يمسها ، قال : عليه نصف
الصداق .
قلت : و هذا سند صحيح فبه يتقوى السند الذي قبله ، و الآتي بعده عن علي بن أبي
طلحة ، بخلاف ما نقله ابن كثير ( 1/288 - 289 ) عن البيهقي أنه قال في الطريق
الأولى :
و ليث و إن كان غير محتج به ، فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس ،
فهو مقوله :
و هذا معناه أنه يرى أن الليث في رواية هشيم عنه هو ابن أبي سليم أيضا ، لكن
الحافظ المزي لم يذكر في ترجمة ابن أبي سليم أنه روى عنه هشيم ، و إنما عن
الليث عن سعد ، والله أعلم .
ثم أخرج البيهقي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس في قوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن .. )* الآية فهو
الرجل يتزوج المرأة و قد سمى لها صداقا ، ثم يطلقها من قبل أن يمسها ، و المس
الجماع ، لها نصف الصداق ، و ليس لها أكثر من ذلك .
قلت : و هذا ضعيف منقطع ، ثم روى عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال :
لها نصف الصداق ، و إن جلس بي رجليها ، و قال :
و فيه انقطاع بين الشعبي و ابن مسعود ، فإذا كانت المسألة مما اختلف فيه
الصحابة ، فالواجب حينئذ الرجوع إلى النص ،
و الآية مؤيدة لما ذهب إليه ابن عباس على خلاف هذا الحديث ، و هو مذهب الشافعي
في " الأم " ( 5/215 ) ، و هو الحق إن شاء الله تعالى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] تفسير القرطبي ( 3/205 ) ، و هو عند البيهقي بسند صحيح عنه نحوه . اهـ .

شريف حمدان 03 / 04 / 2016 29 : 03 AM

رد: الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
[motr]جزاك الله خيرا[/motr]

ابو توفيق 03 / 04 / 2016 34 : 09 AM

رد: الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
بارك الله تعالى فيكم اخي ****** ابوعبد الله
.وثقل ميزانكم بماتقدموه من
مجهود في الدعوة لدين الله تعالى
تقبل مني مرورا متواضعا
وأسأل الله تعالى أن يجازيكم خير الجزاء

ابو توفيق 03 / 04 / 2016 39 : 09 AM

رد: الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
بارك الله تعالى فيكم اخي ****** ابو عبدالله
.وثقل ميزانكم بماتقدموه من
مجهود في الدعوة لدين الله تعالى
تقبل مني مرورا متواضعا
وأسأل الله تعالى أن يجازيكم خير الجزاء

ابو عبدالله عبدالرحيم 04 / 04 / 2016 25 : 02 AM

رد: الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
شكرا لمروركم المبارك
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
اخي ****** الحاج عبد الجواد
اعزكم الله وبارك فيكم واثابكم الجنة

ابو عبدالله عبدالرحيم 04 / 04 / 2016 29 : 02 AM

رد: الجزء العشرون من السلسله الضعيفة للامام الالباني
 
شكرا لمروركم المبارك
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
اخي ****** الحاج ابوتوفيق
رفع الله قدركم
في الدارين


For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي

اختصار الروابط