ملتقى أهل العلم - الوفاء خلق جميل

الوفاء خلق جميل
كان من قوله صلي الله عليه وسلم :
ما أحد أعظم عندى يدا من أبى بكر ، واسانى بنفسه وماله ، وأنكحنى ابنته (1) ونحوه قوله ( : ما نفعنا مال ما نفعنا مال أبى بكر ـ رضى الله عنه ـ (2) وقوله ( : ما نفعنى مال ما نفعنى مال أبى بكر قال الراوى : فبكى أبو بكر ، قال : هل أنا ومالى إلا لك يا رسول الله ؟! (3)
انظر كيف كانت الصحبة وكيف كان الأمر مضرب المثل فى الوفاء للصاحب مع غض الطرف فى المكافأة فى الدنيا وانتظار ثواب الله عز وجل فى الآخرة ، ودونك قول القائل : تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح وأخيرا أقول لك هل تريد أن يتجاوز الله عنك يوم القيامة؟ افعل الخير وقدم لإخوانك المعروف واقض حوائج اخوانك ، واطلب جزاء ذلك من ربك تبارك وتعالى .
فعن أبى مسعود ـ رضى الله عنه ـ عن النبى ( قال : حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له شئ من خير إلا أنه كان رجلا موسرا وكان يخالط الناس ، وكان يأمر علمانه أن يتجاوزوا عن المعسر فقال الله عز وجل لملائكتة : نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه (4) .
وأنا وأنت أحق من يرجو من الله عز وجل أن يتجاوز عنا يوم القيامة ، إذا عليك أن تتجاوز عن هفوات إخوتك ولا تنظر إلى أعمالهم وليكن سعيك إرضائه هو ـ سبحانه وتعالى ـ متمثلا قول القائل : قل فليرضى عنى الناس أو فليسخوطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاك قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ : الفتوة : الصفح عن عثرات الإخوان وقيل : أن لا ترى لنفسك فضل على غيرك وقيل : فضيلة تأتيها ولا ترى نفسك فيها وقال صاحب المنازل ـ منازل السائرين ـ أن لا تشهد لك فضلا ولا ترى لك حقا وقال : قلب الفتوة وإنسان عينها : أن تفنى بشهادة نقصك وعيبك عن فضلك، وتغيب بشهادة حقوق الخلق عليك عن شهادة حقوقك عليهم وقال الحارث المحاسبى ـ رحمه الله ـ : أن تنصف من نفسك ولا تنتصف ـ أى لنفسك ـ وقال الجنيد ـ رحمه الله ـ : كف الأذى وبذل الندى : وقال سهل ـ رحمه الله : هى اتباع السنة وقيل : إظهار النعمة ، وإسرار المحنة (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح بشواهده : ذكره الامام الآجرى فى الشريعة / 45 .
(2) صحيح رواه الحميدى / 250 وعزاه الهيثمى فى المجمع 9 / 51 لأبى يعلى .
(3) صحيح رواه أحمد فى مسنده 2/253 والنسائى / 8110 وصححه الألبانى فى صحيح ابن ماجة من حديث أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ .
(4) رواه الترمذى وصححه عن أبى مسعود وكذا رواه مسلم 5 / 32 .
(5) انظر مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله