روائع الطنطاوي (40)
 

روائع الطنطاوي (40)


تغُرُّنا الصِّحةُ، ويا طالما مرِضَ صحيحٌ! ويخدَعُنا المالُ وما أكثَرَ ما افتقَرَ غنيٌّ!

وكلُّ مَن تلقاه أو تُحدِّثُه يأخُذُ منك ويُعطيك، يترُكُ في نَفْسِكَ أثرًا منه، حَسَنًا كان أم سيِّئًا، مؤقَّتًا أم باقيًا.

ليس العارُ أن يُغلَبَ البطَلُ، ولكن العارُ أن يجزَعَ مِن الغَلَبِ ويرضاه، ولا يُعاوِدَ الكفاحَ.

الدَّوحةُ مهما سمَتْ تيبَسُ، والبِناءُ مهما عظُمَ ينهدِمُ، والحيُّ مهما عاش يموتُ، وكلُّ شيءٍ إلى زوالٍ، ولا يَبقى إلا اللهُ.

هذا البابُ المُغلَقُ إن دفَعَتْه يدٌ واحدةٌ لم ينفتِحْ، فإنِ اجتمَعَتِ عليه الأيدي الكثيرةُ فتَحَتْه، والذي أُريدُه هو أن نتعاوَنَ، لا أن يعمَلَ كلٌّ وَحْدَه.

إن الأرحامَ التي ولَدَتْ صلاحَ الدِّينِ لا تزالُ تحمِلُ وتضَعُ.

ولهجةُ الكلامِ وملامحُ الوجهِ تقلِبُ المعنى قلبًا.

إن كنتُ أتمنَّى أن أخسَرَ تسعةَ أعشارِ ما أملِكُ مِن مالٍ أقتنيه، وكتبٍ ألَّفْتُها، وشهرةٍ نِلْتُها، ومناصبَ تقلَّدْتُها - وأن تكونَ قد بقِيَتْ لي أمِّي وبقِيَ أَبي.

إن ضِقْتَ بطُولِ حياةِ أمِّكَ، تُخفي ذلك في أعماقِ نَفْسِك، وتُنكِرُه بلسانِك - فقد كانت ترى فيك حياتَها.

على مقدارِ عِظَمِ الثَّوابِ تكونُ مشقَّةُ العمَلِ.

والفِكرُ البشريُّ يتقدَّمُ دائمًا، لا يرجِعُ إلى الوراءِ أبدًا، ولكن قد يُصابُ بنكساتٍ تتعثَّرُ فيها خُطاهُ، ويتأخَّرُ فيها سَيرُه.

أمَّا الشَّهواتُ فهي داءٌ يُمرِضُ وقد لا يقتُلُ، ولكنَّه أسرَعُ سَرَيانًا وأقوى عَدْوًا.