ملتقى أهل العلم - هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكباً لذلك المنكر ؟

http://file8.9q9q.net/img/21872958/0103.gif

دائماً ما يراود كل آمر بالمعروف وناه عن المنكر سؤالٌ مهم وقد
يثبطه الشيطان فيقول : كيف تأمر بالمعروف وأنت لا تأتيه وتنهى
عن المتكر وتأتيه ؟

http://file8.9q9q.net/img/84834553/-...-D9-84-203.gif
وقد وجدت في كلام الشيخ عبدالله آل قعود الجواب عن ذلك :

رجل يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، فهل يلزم أن يكون في أمره بالمعروف قد امتثل وفي نهيه عن المنكر قد انتهى .

الصحيح أنه لا يلزمه ذلك .
فارتكابه للزنى مثلاً معصية كبرى ، ونهيه عنها بجد وصدق طاعة يدخل في ميزان حسناته .

* فارتكابه السوء معدود عليه في حساب السيئات
* ونهيه الغير عن فعل هذه المعصية ، محسوب له عند ربنا في ميزان الحسنات .
http://file8.9q9q.net/img/56844517/045.gif

قال الله تعالى في حق بني اسرائيل : ( كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كَانُوا يَفْعَلُون ) [ المائدة : 79 ] ، قال القرطبي في تفسيره : ( وقال حُذَاق من أهل العلم : وليس من شرط الناهي أن يكون سليماً عن معصية ، بل ينهى العصاة بعضهم بعضاً ) .
وقال بعض الأصوليين : ( فُرضَ على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً ) .واستدلوا بهذه الآية ، قالوا : لأن قوله : (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ )
. يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي ).
إلا أنه قد يتأكد الأمر عليه أكثر ، لأنه عرف أن هذا منكر وارتكبه ، ويقول للناس
لا ترتكبوه ، وعرف أن هذا معروف وتركه ، ويقول للناس افعلوه ، فليس ثمة شك في أن هذا نقص ، وأنه عيب ، وليس خافياً أن من وسائل الإستجابة امتثال الآمر بما يأمر ، وانتهاؤه عما ينكر .
وفي مثله جاء قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ * ) الصف [ 2 - 3 ]

والحاصل : أنه يلزمه الأمر بالمعروف حتى وإن لم يمتثله ، ويلزمه النهي عن المنكر

وإن ارتكبه ، ومن العار والعيب أن يبقى قوله مخالفاً لفعله .

من كتاب :أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة الأمة
للشيخ : عبدالله بن حسن بن محمد آل قعود

ورد سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين حفظه الله ورعاه وأطال في عمره على الطاعات وجمعنا به في جنات النعيم.

وسئل حفظه الله: هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكبا لذلك المنكر؟
فأجاب: لقد ورد الوعيد الشديد لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويفعل ما ينكره، ويرتكب المنكرات، فقال -صلى الله عليه وسلم- http://www.ibn-jebreen.com/images/h2.gif يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحا، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون: مالك يا فلان، ألم تكن تأمر فينا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه http://www.ibn-jebreen.com/images/h1.gif http://www.ibn-jebreen.com/images/margintip.gif .
وجاء رجل إلى ابن عباس فاستأذنه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: إن لم تخف أن تفضحك ثلاث آيات من كتاب الله -تعالى- فافعل؛ فذكر له قول الله -تعالى- http://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ http://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وقوله -تعالى- عن شعيب عليه السلام: http://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ http://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif .
وقوله -تعالى- http://www.ibn-jebreen.com/images/b2.gif كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ http://www.ibn-jebreen.com/images/b1.gif وذلك أن اقتداء الناس بأفعال الداعي أقوى من اقتدائهم بأقواله.
ومع ذلك، فإنه يجوز للعاصي بنوع معصية أن يقوم بالدعوة إلى الله -تعالى- والنصح والإرشاد حيث إن السالم من المعاصي قليل، ولو لم يأمر وينهَ إلا المهذب السالم من كل ذنب لتعطل هذا الأمر، لندرة من يكون سالما من كل عيب، فإن العصمة إنما هي للرسل، ولكن إذا دعا الإنسان إلى خير فعليه أن يسارع إليه، ويسبق غيره إلى فعله، ولو كان مقصرا في آخر من أمور الطاعات، وكذا إذا نهى عن منكر وجب عليه أن يكون أبعد الناس عنه، ولو كان يفعل منكرا آخر، مع إضماره التوبة والنزع عن الذنوب، والحرص على الطاعات، ليكون قدوة خير في قوله وفعله. والله أعلم.