![]() |
المطلق الكلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة ، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان ، والموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه . وهذا موضع اضطرب فيه كثير من النظار ، حيث توهموا أن الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد . وطائفة ظنت أن لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي ، وكابروا عقولهم ، فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم ، كما يقال : الموجود ينقسم إلى واجب وممكن ، وقديم وحادث . ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام ، واللفظ المشترك كلفظ المشتري الواقع على المبتاع والكوكب ، لا ينقسم معناه ، ولكن يقال : لفظ " المشتري " يقال على كذا أو على كذا ، وأمثال هذه المقالات التي قد بسط الكلام عليها في موضعه . وأصل الخطأ والغلط : توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين ، وليس كذلك ، فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا ، بل لا يوجد إلا معينا مختصا ، وهذه الأسماء إذا سمي الله بها كان مسماها معينا مختصا به ، فإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به . فوجود الله وحياته لا يشاركه [ ص: 64 ] فيها غيره ، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره ، فكيف بوجود الخالق ؟ ألا ترى أنك تقول : هذا هو ذاك ، فالمشار إليه واحد لكن بوجهين مختلفين . وبهذا ومثله يتبين لك أن المشبهة أخذوا هذا المعنى وزادوا فيه على الحق فضلوا ، وأن المعطلة أخذوا نفي المماثلة بوجه من الوجوه . وزادوا فيه على الحق حتى ضلوا . وأن كتاب الله دل على الحق المحض الذي تعقله العقول السليمة الصحيحة ، وهو الحق المعتدل الذي لا انحراف فيه . فالنفاة أحسنوا في تنزيه الخالق سبحانه عن التشبيه بشيء من خلقه ، ولكن أساؤوا في نفي المعاني الثابتة لله تعالى في نفس الأمر . والمشبهة أحسنوا في إثبات الصفات ، ولكن أساؤوا بزيادة التشبيه . |
رد: المطلق الكلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي