14 / 04 / 2018, 07 : 04 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | البيانات | التسجيل: | 21 / 01 / 2008 | العضوية: | 19 | المشاركات: | 30,241 [+] | بمعدل : | 4.79 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 295 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح خطبة عن النظام الاقتصادي في الإسلام إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله إذ وصاكم بذلك فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾، وقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾. أيها المسلمون: لقد نظم الإسلام الحياة الاقتصادية بتشريع من الخالق جل وعلا، وذلك لينعم الخلق بحياة اقتصادية آمنة، تحترم الغني والفقير، وتراعي المصلحة العامة والخاصة، وتحفظ للناس حقوقهم، ولهذا أجازت البيع، وحرمت الربا والغرر والقمار، وشرعت التجارة، ومنعت الاحتكار و بيع الإنسان ما لا يملك، أو ما ليس في حوزته، ومن ربح ما لا يضمن؛ ليقتسم الجميع الربح والخسارة. ولو أخذت النظم الحديثة بهذا التشريع الإلهي العادل لم تحتج إلى تجربة شيوعية ولا رأسمالية، يثبت فشلها مع مرور الأيام، وتتعرض الأسواق بسببها للانهيار والشركات للإفلاس والمحلات للتقبيل وإن من مضامين خصائص التشريع الإسلامي في الاقتصاد أنه نظام مرتبط بالعقيدة والأخلاق، يتعانق فيه الاقتصاد بالدين القويم والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة، وإنها لصفعة في وجوه الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة وحصره في عبادات شخصية محدودة (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)، إن الاقتصاد الإسلامي يرجع إلى أصول مهمة وقواعد جمّة. فأولها: الصدق والأمانة في التعامل، فهما صفتان من صفات المؤمن بوجه عام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) وفي حديث أخر (التاجر الأمين الصدُوق مع النبيين والصديقين والشهداء) رواه الترمذي وفي الصحيحين: (فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما) والصدق كما أنه مطلوب مع المسلمين فهو مطلوب مع غير المسلمين، لذا لما صدق المسلمون في بيوعهم وسائر تعاملاتهم كان لذلك الأثر البالغ في دخول كثير من المجتمعات في الإسلام أفواجاً من ذلك ما حصل في بعض دول شرق أسيا لقد عرفوا الإسلام من تاجر مسلم لم يكن جاء للدعوة كان يأتي لهم عبر السفن ليبيع لهم ما لديه ويشتري منهم سلعا يبيعها في بلده، فتأثروا بصدقه وأخلاقه فسألوه عن ما يحثه على ذلك فقال إنه ديني فانتشر الإسلام بسبب ذلك. ومن الأصول: التسامح والتساهل في البيع والشراء وسائر التعاملات، قال صلى الله عليه وسلم : (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى) ويتمثل هذا التسامح في صور كثيرة، منها إنظار المدين المعسر، و إقالة البيع، أي: الاستجابة إلى فسخه إذا رغب المشتري ذلك لظهور عدم احتياجه للسلعة، وقد قال (من أقال مسلماً أقال الله عثرته) رواه أبو داود وابن ماجه وسنده صحيح ومن تلك الأصول: ما اشترط الإسلام لِصحة العقود كلها وهو مبدأ التراضي التام من المتعاقدين، والاختيار الكامل على إجراء التصرفات، حتى لا يُجبر أحدٌ على ما لا يرضاه من تعامل، أو يؤخذ منه شيء بغير طيب نفس منه، ففي التنزيل (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـارَةً عَن تَرَاضٍ منْكُمْ) ذلكم أن الأموال في الإسلام محترمة مصانة، وهي أحد الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها وجوداً وعدماً، وفي الحديث يقول (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) أيها المسلمون: لقد قرن القرآن الكريم بين تحريم الربا وبين أمر آخر في غاية الأهمية، ألا وهو إنظار المعسر، كما قال تعالى: (وإن كان ذو عُسرة فَنَظِرةٌ إلى مَيْسَرة)، و عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أُتي بعبد من عباد الله آتاه الله مالاً فقال له الله: ماذا عملت به في الدنيا؟ قال: يا رب، آتيتني مالاً، فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسِّر على الموسر، وأنظر المعسر، فقال الله: أنا أحق به منك، تجاوزوا عن عبدي) رواه البخاري إن أهمية هذا المبدأ ـ أيها الإخوة في الله ـ لا تقتصر على القيمة الأخلاقية والإنسانية التي يجسدها فحسب، بل هو يؤدي وظيفة اقتصادية في غاية الأهمية، ربما لم تكن أكثر وضوحاً قبل الأزمة التي حلت بالعالم منذ سنوات، فالأزمة كما نعلم بدأت مع تعثر المقترضين من ذوي الدخل المنخفض. هذا التعثر أدى إلى تراجع في تمويل القروض العقارية، ومن ثم في تراجع أسعار العقار، مما فاقم من مشكلة التعثر، وأدى إلى سلسلة من الإخفاقات في المؤسسات المالية والمصرفية، ثم انتقلت العدوى إلى بقية دول العالم، فإذا كان الانهيار ابتدأ من تعثر السداد، فإن من أهم عوامل تطويق الأزمة ومحاصرة تداعياتها هو إمهال المدينين غير القادرين على السداد وهذا ما حث عليه الإسلام ومن معالم النظام الاقتصادي الإسلامي أنه أباح البيع وحث عليه ليتحقق العدل والمواساة بين أفراد المجتمع في تدوير المال فيما بينهم وعدم احتكاره لدى طائفة بعينها دون البقية كما قال الحق سبحانه: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)، وسمح بالدَين عند الضرورة الملحة للسيولة وبالقدر الذي لا يضر بالفرد والمجتمع، ولهذا نجد نصوصًا شرعية كثيرة تلمح إلى خطر الدَّين، كما في استعاذته من المغرم وهو الدين، ومن ضلع الدين أي: ثقله، كما في حديث البخاري: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال)، وفي صحيح البخاري أيضًا عنه أنه كان يدعو في الصلاة ويقول (اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)، فقال قائل: ما أكثر ما تستعيذ ـ يا رسول الله ـ من المغرم! فقال: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف)، وفي سنن النسائي أنه كان يدعو بهؤلاء الكلمات: (اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدو وشماتة الأعداء). واليوم نرى كيف غلبت الديون شركات وبنوكًا كبرى، وأرغمتها على الإفلاس ولحرص الشارع على إطفاء أثر الدين وحسم نتائجه المرة على الفرد والمجتمع ـ أيها الأخوة ـ فقد تكفل بتسديد دين المعسرين من بيت مال المسلمين، ففي الحديث الصحيح (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي عليه دين فعلي قضاؤه)، وفي رواية للبخاري: (فمن مات ولم يترك وفاء) ولتثقيف المسلم بضرورة إعادة الدين إلى صاحبه فقد أمر الشارع بتحسين النية عند اقتراض المال للحاجة، كما جاء في صحيح البخاري: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله). وهذا فيه تحذير من تبييت المقترض للنية السيئة وإضمار عدم السداد؛ وذلك محافظة على الأموال وصيانة لها من الأيدي العابثة وحرصًا على عدم تعريض المجتمع إلى هزات عنيفة بسبب الديون المتراكمة؛ ولهذا حرمت الشريعة الإسلامية على الموسر المماطلة في السداد، فقال عليه الصلاة والسلام: ((مطل الغني ظلم، يحل عرضه وعقوبته)، وها هي المحاكم تعج بالمماطلين الذين لو حكموا شريعة الله في واقعهم لما تضرر إخوانهم منهم وكذا حث الإسلام على القرض الحسن؛ ليشيع في أبنائه روح المحبة والتكافل، ويقطع الطريق على القرض بالفائدة المحرم في شريعة الإسلام؛ لأنه ابتزاز للمحتاج الذي ألجأته الضرورة أو الحاجة لاقتراض المال. وصدق الله العظيم بقوله ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي هدي سيد المرسلين وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
o'fm uk hgk/hl hghrjwh]d td hgYsghl
|
| |