أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات



ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاة الفجر للشيخ أحمد الحذيفي 7 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ ياسر الدوسري 7 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن مهدي بري الثلاثاء 7 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن د. عصام خان الثلاثاء 7 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالله البعيجان 6 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ ماهر المعيقلي 6 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ عبدالمحسن القاسم 6 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ ماهر المعيقلي 6 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ أحمد الحذيفي 6 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ ياسر الدوسري 6 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع دكتور محمد فخر الدين الرمادي مشاركات 5 المشاهدات 835  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07 / 05 / 2022, 31 : 07 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 206
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
بُحُوثُ السِيرَةِ النَّبوية -على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وكامل البركات-
**
« سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل نصوص الوحي وآيات الذكر الحكيم المنزل من السماء »
أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة.. ذات حضارة
:" الرسالة النبوية ؛ والشمائل المصطفوية ؛ والخصائل الرسولية ؛ والدلائل الإعجازية ؛ والصفات الأحمدية ؛ والأخلاق المحمدية لــــــ سيدنا محمد بن عبد الله خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم "
*****
****
***
**
*
(١١٨) ﴿هجرةُ الأنبياء﴾:
(١١) [الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ]
بُحوث: « „ دَارِ الْهِجْرَةِ .. وَدَارِ السُّنَّةِ ” »
﴿ ١ ﴾ « „ مُقَدِّمَات هجرة النبي محمد ” »
؛ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- !
.. مجموعة : „ المبادئ ” التي أُرسلتْ بها الأنبياء؛ وكُلفت بها المرسلين مِن قِبل خالق الإنسان للبشر أجمعين؛ وكتلة : „ القيم ” التي نادوا بها؛ وحزمة : „ المقاييس ” ؛ و : „ القناعات ” التي ساروا عليها.. تجدها واحدة عندهم -عليهم الصلاة والسلام- جميعاً؛ فعلىٰ لسانهم وحياً مِن ربهم -سبحانه- أحلَّ لهم الطيبات مِن الرزق؛ وحرم الخبائث: الخمر -مثلاً: مِن حيث المشروبات- والخنزير -مثلاً: مِن حيث المطعومات-؛ والزنا ومقدماته -مِن حيث الإشباع الجنسي؛كـ ملامسة ذكر لـ أنثىٰ؛ أو اللواط -مِن حيث استعمال ذكر لمثله؛ أو السحاق: استعمال أنثىٰ لآخرىٰ- وتغطية العورة-مِن حيث الملبوسات-؛ والاعتقاد بخالق -من حيث الإيمان باسمائه الحسنىٰ وصفاته العُلا- فهو -سبحانه- موجدُ الأشياء مِن عدم؛ رازقُ كل دابة؛ وهو -عز وجل- فردٌ ليس كمثله شئ؛ صمدٌ لا صاحبة له ولا ولد.. ومِن ثمَّ إخلاص عبادته وحده دون شريك أو مثيل أو شبيه أو معين أو وزير.. كيفما ومتىٰ أمر؛ وبالكيفية التي وردت في نصوص كتابه وبالطريقة التي جاءت عن نبيه -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- .. وبالإجمال اجتمعوا جميعاً -عليهم السلام- علىٰ مبادئ وقيم ومقاييس وقناعات واحدة واتفقوا عليها.. بيد أنه -سبحانه- جعل لكلٍ منهم شرعةً ومنهاجاً.. والتُفصيل يأتي في موضع آخر -إذا شاء الرحمن الرحيم-.. ومِن حكمته -سبحانه- أن خصَّ أنبياءَه بأقوامهم دون غيرهم؛ وأُرسل خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- للناس كافة.. وفي سيرتهم -عليهم الصلوات والسلامات والبركات والإجلال والإنعام- أنهم تقاربوا في أحداث منها:
« „ هجرتهم مِن موطنهم إلىٰ بقعة آمنة.. ” »
*. ] وقد قَتل الناسُ مسألةَ : « „ الهجرة النبوية ” » بحثاً وغاصوا في أعماقها، ولم يتركوا زاوية من زواياها إلا أخرجوا خباياها؛ فــ لا أريد[(١)] أن أكتب علىٰ غرار ما كتب من قبل فأعيد ما بدائه غيري وأنا مولع بمعادة المعادات.. وأكره تكرار المعلومات المعروفة؛ والذي أريد أن أكتب عنه في مقدمة هجرة النبي هو : « „ هجرة الأنبياء” » الذين غبروا قبل رسول الله محمد-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأنه ليس بدعاً من الرسل -عليهم الصلاة والسلام[(١)]-.
وهجرة خاتم الأنبياء ومتمم المبتعثين وآخر المرسلين-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هي :
* . ] سُنَّةُ إخوانِه مِن الأنبياء مِن قبله، فما مِن نبي منهم إلا نَبَتْ به بلاد نشأته[لم يجد بها قرار.]، فهاجر عنها، بدءاً مِن إبراهيمَ أبي الأنبياء، وخليلِ الله، إلىٰ عيسىٰ كلمة الله وروحه ونبيه ورسوله، كلهم علىٰ عظيم درجاتهم ورفعة مقامهم أُهينوا مِن عشائرهم، فصبروا ليكونوا مثالاً لمن يأتي بعدهم من متّبعيهم في الثبات والصبر علىٰ المكاره ما دام ذلك في طاعة الله -عز وجل-[(٢)]
* . ] فحين نتتبع سيرة الأنبياء سنجد أن الهجرة كانت سُنَّة ماضية علىٰ سائر المرسلين والنبيين والمبتعثين من رب الإنس والناس أجمعين.
وهنا يبرز سؤال:
لماذا كتب الله علىٰ أنبيائه الهجرة؟
.. يقول د. عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية المتفرغ بكلية اللغة العربية بالقاهرة:
" إن كلمة الهجرة بمعناها الأعم والأشمل تكاد تكون قد كُتبت علىٰ معظم الأنبياء ".
" ولعلنا نتساءل:
لماذا هذا النوع مِن الابتعاد والغربة والبُعد عن الأوطان كُتب علىٰ خير الناس وهم الأنبياء؟[(٣)] ".
لذا فـــ
* . ] مِن أعظم الهجرات وأكرمها وأعلاها مقاماً هجرة الأنبياء وحملة الدعوة، وممن هاجر مِن الأنبياء نوح وإبراهيم ولوط وصالح وموسىٰ ومحمد -عليهم السلام- [(٤)]
فــ
* . ) أولُ الرسلِ الكرام هجرةً هو « „ نوح ” » ؛ -عليه السلام- فكانت هجرته حياةً له وهلاكاً لأعدائه[(١)].
ويستطرد د. عبدالمقصود باشا، قائلا: فإذا غصنا فى التاريخ قديما لوجدنا هجرة نبى الله نوح وتركه موطنه والبلاد التي نشأ وترعرع بها، وتكون هجرته فى سفينته إلىٰ أن تهبط علىٰ جبل الجودي[(٦)].
.. دعا نوحٌ قومه إلىٰ عبادةِ الله -تعالىٰ- وترك عبادة غيره من الأصنام والأوثان وصار يغاديهم بالنصح ويراوحهم بالعظات ألف سنة إلا خمسين، وهم لا يزدادون منه إلا بعداً ونفوراً إلىٰ أن ضاق صدره بما يلاقي منهم؛ وهو لم يجد باباً لهدايتهم إلا طرقه، ولا رأىٰ منفذاً لنصحهم إلا قصده، وفي المقابل: لم يجد قومه باباً للنكاية به إلا ولجوه، ولا ظنوا منفذاً لأغاظته إلا سلكوه. فتراهم يقولون له {.. مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِين } [هود:27] فهم يرون أن الرسالة لا تكون للبشر بل للملائكة، والهداية لا يمكن أن ينالها الفقراء وذوو الأعواز، ولكنها وقف علىٰ ذوي الوجاهة والقوة، وأن الذي يريد الله أن يصطفيه إنما يكون من أهل الثراء والغنىٰ..
.. ولقد رد عليهم نوح بقوله: إنه لا يسألهم علىٰ الهداية التي يزفها إليهم أجراً. فهو لا يجرِ بذلك لنفسه نفعاً ولا يحوز مالاً، وإنما يريد أجرَهُ من الله { فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ }.. ولم يقل لهم إن عنده خزائن الله وليس عنده شيء من علم الغيب، ولم يقل لهم إنه ملك، ولا يقول للذين تزدري أعينهم من أتباعه لن يؤتيهم الله خيراً وهو الهدىٰ والاستقامة علىٰ الجادة،{ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ.. } وأن عِلْمَ ما في أنفسهم عند الله لا عنده {..وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ..} [هود:31] إلىٰ أن ضاق بالقوم وضاقوا به..{ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا..} فقالوا له: { فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين } [هود:32]، ودعا نوح عليهم: { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [نوح:26] { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا } [نوح:27] فأنبأه الله أن العذاب سيحل بهم، وأمره ألا يخاطبه فيهم وأنهم مغرقون. وأوحىٰ إليه أن يصنع الفلك لينجو بها من العذاب النازل بهم وليهاجر بها عنهم.. إذاً فقد صنع نوح الفلك وكان قومه يسخرون منه وهو يسخر منهم لغفلتهم عن أنفسهم وتفريطهم في حياتهم وعيّرهم بعدم اتباعه إلىٰ أن جاء أمر الله وفار التنور، وتفجرت ينابيع الأرض، وحلت عزاليها السماء، وجاء الطوفان وأبادهم بعد أن نزل نوح والذين آمنوا معه في السفينة، وسلك فيها زوجين اثنين من كل ذي حياة، وانتهت هجرته من الأرض بعد سنة وعشرة أيام بعد أن استقرت السفينة علىٰ الجودي. فكانت هجرته ميمونةً عليه وعلىٰ مَن معه في السفينة وهلاكاً لأعدائه[(١)].
* . ) فعل أبو الأنبياء الأواه الحليم سيدنا الخليل إبراهيم- عليه السلام -[(٤)]
بدايةً: فقد ولد فى مدينة زأورس علىٰ شاطئ الخليج العربي، وعاش في العراق { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ..} [العنكبوت:26] [(٨)]
..كانت هجراته -عليه السلام- متعددة، فــ هاجر إلىٰ شمال العراق وبشر بدعوته، ولكنه لم يجد أي آذانٍ مصغية، حتىٰ إنه أُلقىٰ به فى جحيم الدنيا حينما أوقدوا له نارا عظيمة[(٨)].. فكانت هجرته العظيمة من بلاد العراق الىٰ بلاد الشام
.. فـ كانت هجرة إبراهيم بعد ذلك إلىٰ أرض كنعان فى فلسطين[(٨)]، ثم كانت هجرته بعد ذلك الىٰ بلاد النيل.. مِصر[(٨)]..
ثم عاد منها وقد أُهديت إليه السيدة هاجر..
ثم هاجر إبراهيم -عليه السلام- إلىٰ وادي مكة المكرمة مصطحبا ابنه إسماعيل والسيدة هاجر[(٨)].
.. وأودعَ زوجته وولده إسماعيل في وادي مكة•وكان من نسل إسماعيل العرب المستعربة[(٤)]•
.. ثم استكمل مِن بعده المسيرة النبي المصطفىٰ الأمين-صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من مكة إلىٰ المدينة .
* . ) إذاً هجرة إبراهيم وغيره من الأنبياء كانت مكتوبة ومقدرة ومقررة ولا يمكن الفكاك منها[(٨)].
* . ) لوط عليه السلام
آمن بعمه إبراهيم واستجاب إلىٰ عبادة الله -تعالى- وهاجر مع عمه إبراهيم كما قال -تعالىٰ-: { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي.. } [العنكبوت:26] وقد جاء في الحديث أن النبي -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال عن عثمان حين هاجر إلىٰ الحبشة ومعه زوجه رقية بنت رسول الله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: « „ إن أول مهاجر إلىٰ الله بأهله بعد لوط عثمان بن عفان ” » [(١٠)]
* . ] وسَل القرىٰ التي حلّت بها نقمة الله بكفر أهلها كــ ديار لوط وعاد وثمود تنبئك عن مُهَاجَرة الأنبياء منها قبل حلول النقمة[(٢)].
* . ] أما نوح ولوط فقد عاقب الله قوم نوح بالغرق ..
و
قوم لوط بالخسف فلم يعد لهما مَن يدعوان ويهديان[(٤)].
* . ] « „ إسرائيل ” » ؛ (يعقوب) وبنيه:
« „ يعقوب ” » ؛ عليه السلام
كان بينه وبين أخيه عيسو شيء من الخلاف، فهاجر إلىٰ بلاد ما بين النهرين عند خاله لابان، ومكث عند خاله يرعىٰ عليه غنمه، وتزوج من ابنتيه ليئة وراحيل، ومن جاريتيهما زلفىٰ ويلها، ورزق منهن أولاده جميعا، وكانت هجرته خيراً وبركة عليه، فقد صار رب أسرة عظيمة كثيرة العدد، وأموال وماشية كثيرة وعاد إلىٰ فلسطين بعد ذلك، وولد له في هجرته جميع أولاده إلا بنامين[(١)]
.. فَسَلْ مِصر وتاريخها تُنبئك عن إسرائيل (يعقوب) وبنيه أنهم هاجروا إليها حينما رأوا من بَنِيها ترحيباً بهم، وتركهم وما يعبدون إكراماً ليوسف وحكمته. ولما مضت سنون، نسي فيها المِصريون تدبير يوسف وفضله عليهم، فاضطهدوا بني إسرائيل وآذوهم، خرج بهم موسىٰ وهارون ليتمكنوا من إعطاء الله حقه في عبادته[(٢)].
* . ) هجرة نبي الله يعقوب -عليه السلام- وبنيه من فلسطين الىٰ مِصر حينما كان نبي الله يوسف -عليه السلام- وزيراً علىٰ خزائنها فسطر لنا القرءان الكريم تلك اللحظة في محكم التنزيل { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِين } [يوسف:99].
« „ يوسف ” » ؛ عليه السلام
هاجر مرغماً حين ألقاه أخوته في غيابة الجب، ثم التقطه بعض السيارة وأسروه بضاعة وباعوه في مِصر بثمن بخس، واشتراه عزيز مِصر أو رئيس الشرطة بعاصمة الديار المِصرية، وهي مدينة: „ صان ” في الشرقية، ثم امتحن بامرأة العزيز التي راودته عن نفسه فاستعصم، ثم بهتته في وجهه واتهمته بأنه راودها عن نفسها { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِين } { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِين } { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ..} العزيز لها: { إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيم } [يوسف: 26 و 27 و 28]، والتفت إلىٰ يوسف وقال له: { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا }، والتفت إلىٰ زوجه وقال: { وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِين } [يوسف:29] إلىٰ أن { بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِين } [يوسف:35]، وفي السجن ظهرت آيات فضله، وفسر لساقي الملك وخبازه مناميهما، وأوصىٰ الذي ظن أنه ناج منهما أن يذكره عند ربه الملك فأنساه الشيطان ذكر ربه، فلبث في السجن بضع سنين { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِين } [يوسف:42] إلىٰ أن رأىٰ الملك سبع بقرات سمان حسان يأكلهن سبع بقرات عجاف مهزولة، وسبع سنبلات خضر غلبتهن سبع سنابل يابسات { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون } [يوسف:43] وحار العلماء والسحرة والعرافون في تفسير ذلك المنام { قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين } [يوسف:44] فذكر الذي نجا مِن الفتيين شأن يوسف وتفسيره للمنام؛ فاستأذن الملك { وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُون } [يوسف:45] وأتىٰ إلىٰ يوسف واستفتاه فيما رآه المَلك { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُون } [يوسف:46]. ففسر له الرؤيا علىٰ وجهها..
.. وجاء الساقي وقص القصص علىٰ المَلك، { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُون } [يوسف:47] { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُون } [يوسف:48] { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون } [يوسف:49] وكان ما كان إلى أن اصطفاه الملك لنفسه{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِين } [يوسف:54] وجعله علىٰ خزائن الأرض { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم } [يوسف:55]..
ودبر أمر مِصر إلىٰ أن جاء سبع سنوات مخصبة خزن فيها ما زاد علىٰ الحاجة؛ ثم جاء السنين المجدبة ففتح مخازن الادخار، وأطعم الناس، وجاء أخوته فداعبهم ودبر عليهم تدبيراً حتىٰ جاءوه بأخيه بنيامين، ثم عرفهم بنفسه وقال: { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِين } [يوسف:59] { .. وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِين } [يوسف:93] ..
فكانت هجرته القسرية وتغربه خيراً عليه وعلىٰ أهله وعلىٰ الناس أجمعين؛ ولولا تدبير الله وتدبيره لأمر الأغذية لهلك الناس[(١)].
* . ] هجرة كليم الله « „ موسىٰ ” » ؛ -عليه السلام- من مِصر الىٰ مَدين ثم بعدها هربا مع قومه من فرعون وملأه.
لا نريد[(١)] أن نتكلم عن أولية موسىٰ -عليه السلام-. وإنما نقول إنه نشأ في بيت فرعون عزيز الجانب؛ ولما بلغ مبلغ الرجال لم يخف عليه أنه دخيل في ذلك البيت وأنه من العنصر العبراني؛ وعرف العبرانيون ذلك فاستعزوا به وانتفعوا بجاهه[(١)]
ويضيف د. عبدالمقصود باشا: فلنأخذ مثلا سيدنا موسىٰ -عليه السلام- الذى ولد ونشأ وتربىٰ فى مِصر حتىٰ صارت له مكانة فى البلاط الفرعوني هو وأخيه هارون.. ثم تحدث المشادة بين أحد أبناء قومه وأحد المِصريين[(١٥)]
..وسار في المدينة يوماً علىٰ حين غفلة من أهلها فوجد رجلين يقتتلان أحدهما عبراني من شيعة موسىٰ والثاني قبطي [قلتُ (الرَّمَادِيُ) يعني مِصري؛ وهذا يدل علىٰ أن سكان مِصر يطلق عليهم أقباط؛ وليس كما يدعي البعض أنه يخص أهل دين بعينه؛ والقصة بكاملها حدتث قبل مجئ النصرانية بأكثر مِن 1500 سنة] من عدوه، فاستغاثة العبراني علىٰ القبطي، فأغاثه موسىٰ وعمد إلىٰ القبطي فوكزه فقضىٰ عليه، وهو لم يرد قتله، وإنما أراد كف عاديته عن العبراني، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها..
.. لم يشاهد أحد هذه الحادثة سوىٰ العبراني. وعاد موسىٰ بالأئمة علىٰ نفسه وقطع علىٰ نفسه عهداً ألا يكون ظهيراً للمجرمين..
.. ظهر أمر القبطي ولم يعلم قاتله. فلما كان اليوم الثاني خرج موسىٰ في مثل ذلك الوقت فوجد ذلك العبراني بنفسه في معركة مع قبطي آخر يريد أن يسخره وهو يأبىٰ، فاستغاثه كما استغاثه بالأمس فقال له موسىٰ أنك لغوي مبين. وأراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما ويكف عاديته عنه. فظن العبراني أنه إياه أراد. فقال له: يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين، وصالح القبطي واتخذ موسىٰ خصما..
.. حينئذ ظهر قاتل القبطي وهو موسىٰ وانتهىٰ الخبر إلىٰ فرعون فاجتمع ملأ فرعون وقومه علىٰ قتل موسىٰ. فجاء إليه رجل من آل فرعون من أقصىٰ المدينة يسعىٰ وقال له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، ونصح له بالخروج لينجو بنفسه فخرج من المدينة خائفاً يترقب قائلاً رب نجني من القوم الظالمين، ويهاجر فرارا من الفراعنة عبر أرض سيناء إلىٰ مدين، ويظل هناك عشر سنوات..
.. ولىٰ وجهه شطر مَدْين علىٰ خليج العقبة. ولعلها كانت أقرب بلاد يجد فيها مأمنه لخروجها عن قبضة الحكومة المِصرية - ولما كان خروجه علىٰ عجل لم يترو في الأمر ولم يأخذ معه زاداً ولا ما يساعده علىٰ قطع المسافة من مطية ولا رفقة له في هذا السفر الشاق ولا دليل لأنه إنما يريد أن ينجو بخيط رقبته..{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } [القصص:22] فحقق الله -تعالىٰ-أمنيته وبلغ ماء مَدين بعد الجهد الشديد والجوع المضي فوجد علىٰ الماء أمة من الناس يسقون ووجد امرأتين تذودان غنمهما عن الحوض، فلم يعجبه أن يتقدم أولو القوة ويتأخر المرأتان فسألهما عن شأنهما. فقالتا لا نسقي حتىٰ يصدر الرعاء لأننا ليس بنا قوة علىٰ التقدم والمزاحمة، وأبونا شيخ كبير لا يقدر علىٰ رعي ماشيته ولا سقياها. { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير } [القصص:23] فنحىٰ الرعاء بما بقىٰ له من فضل قوة وسقىٰ لهما ثم تولىٰ إلىٰ الظل يشكو إلىٰ الله حاجته إلىٰ القوت وما به من مخمصة قائلاً: {.. رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير } [القصص:24]
.. أراد الله أن يكافئ موسىٰ جزاء توكله عليه وفعله الخير ابتغاء وجه ربه فلم يلبث أن جاءته إحدىٰ المرأتين تمشي علىٰ استحياء { فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء } حتىٰ وقفت عليه وقالت له في خفر: {.. إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا..} لبىٰ موسىٰ الدعوة؛ وجاء إلىٰ أبيها الشيخ؛ وقص عليه قصصه. فقال له الشيخ لا تخف نجوت من القوم الظالمين {.. فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين } [القصص:25]
.. أرادت إحدىٰ بنات الشيخ أن يقوم موسىٰ عنهما برعي الماشية لأنه أقدر علىٰ ذلك لما رأته من قوته في النزع بالدلو.. وأمانته إذ أخرها وقال لها اسعي ورائي وانعتي لي الطريق؛ فقالت لأبيها { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين} [القصص:26]
.. نشط الشيخ لما أشارت به ابنته، وطلب إلىٰ موسىٰ أن يستأجره ثماني حجج علىٰ أن يزوجه من إحدىٰ ابنتيه { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ..} فإذا رضىٰ أن يتم الثماني.. عشراً كان ذلك علىٰ أن يكون بالخيار في قضاء أحد الأجلين {.. عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ } [القصص:27]
.. تقول التوراة إنه بقىٰ عنده إلىٰ أن كانت سنه ثمانين سنة؛ والقرآن الكريم ليس فيه تحديد قاطع في المدة التي أقامها..
.. والمهم في الأمر أنه لما قضىٰ الأجل وصار حراً صادفه أن أبعد في الرعي وضل الطريق في ليلة مظلمة باردة؛ وحاول أن يقدح ناراً فصلد زنده ولم يور ناراً؛ وبعد لأي { إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى } [طه:10]. { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون } [القصص:29] فلما جاء إلىٰ النار نودي { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى } [طه:11] { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } [طه:12] { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } [طه:13] { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } [طه:12] { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } [طه:13] ؛ { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } [طه:14]
.. وبعد حوار أرسله الله نذيراً إلى فرعون وملئِه لإخراج بني إسرائيل؛ فكان ما كان مما قصه القرآن من شأنه مع فرعون وشأنه مع بني إسرائيل؛ فكانت هجرته خيراً وبركة عليه وعلىٰ بني إسرائيل؛ كما أجاب فرعون بقوله { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِين } [الشعراء:21] [(١)].
.. ثم يعود عبر جنوب سيناء مرة ثانية.. ثم يُرسل فى عودته من مهجره إلىٰ مِصر ويُكلف بالرسالة. ثم يضطر موسىٰ إلىٰ الهجرة ثانية مصطحبا قومه، وينفلق له البحر بعد أن يضربه بعصاه وفرعون وجنوده يتبعونه، ويتراءىٰ الجمعان، حتىٰ قال أصحاب موسىٰ «إنا لمدركون» { فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون } [الشعراء:61]..
وفى التوكيد بـ «إن» -هنا- دلالة علىٰ قرب المسافة بين الفريقين، وينجي الله بنى إسرائيل، والقصة معروفة فى عدد من سور القرآن.. ويتوفىٰ موسىٰ دون أن يمكنه الله من دخول بيت المقدس[(٨)].
* . ] هجرة « „ داود ” » ؛ عليه السلام
هو داود بني يسي من سبط يهوذا. كان له اخوة يحاربون الفلسطينيين مع طالوت الذي هو شاول أول ملك من ملوك بني إسرائيل. وكان في الفلسطينيين جندي جبار اسمه جالوت قد هابته الأبطال وتحامت الشجعان لقاءه خوف الهلاك..
.. وكان لداود اخوة في الحرب؛ فأرسله أبوه بطعام لاخوته ولينظر حالهم ويعود إلىٰ أبيه بما يطمئنه عليهم. فبينا هو سائر إلىٰ اخوته نظر في البرية إلىٰ أحجار ملس راقته فوضعها في كنفه (الكنف كيس الراعي) ولما ذهب إلىٰ اخوته والحرب علىٰ قدم وساق نظر إلىٰ الفلسطيني وهو يعير بني إسرائيل إحجامهم عنه، فاستشاط الفتىٰ داود غضبا وسأل ما الذي يناله من قتل هذا الأغلف الفلسطيني. فأجيب بأن الملك يغنيه ويغدق عليه ويزوجه ابنته ويجعل بيته أكبر بيت في إسرائيل. فذهب إلىٰ الملك واستأذنه في لقاء جالوت فضن به الملك أن يقتل في غير فائدة وهو صغير السن لا يقوىٰ عليه. فقال له داود: إن عبدك (يعني نفسه) قتل أسدا تعرض لغنم أبي وقتل دبا أيضاً. فأذن له وأعطاه لأمة حربه فلم يحسن داود المشي فيها فخلعها وذهب إلىٰ جالوت بمقلاعه وأحجاره. وقد هزأ منه جالوت ونصحه أن يعود من حيث أتىٰ فلم يفعل، ووقف قبالته ووضع حجراً من تلك الأحجار في المقلاع رماه به فارتز الحجر في جبهة جالوت وخر لليدين وللفم، فأخذ داود سيف جالوت وفصل رأسه به وجاء به إلىٰ الملك وانهزم الفلسطينيون شر هزيمة..
... ولكن طالوت ضن علىٰ داود بابنته التي وعد أن يزوجها من قاتل جالوت وزوجه من ابنة له أخرىٰ وقدمه علىٰ رؤساء جنده..
.. تغير بعد ذلك طالوت لداود وعمل علىٰ إهلاكه بيد الأعداء خوفا من أن يوليه بنو إسرائيل الملك، فكان يكلفه بالقدوم إلىٰ الحرب وكان داود يظفر دائماً. فعمد إلىٰ إهلاكه بنفسه، ونجا داود منه مرات وهو يتبعه في كل مكان، وتمكن داود من قتل الملك مرات ولكنه لم يفعل ويخبره بتمكنه من قتله وأنه أبقىٰ عليه، فيندم الملك ثم يعاوده خوفه علىٰ الملك فيطارده إلىٰ أن خرج داود من ملك إسرائيل وأقام مع الفلسطينيين برضاء ملكهم إلىٰ أن قتل طالوت وابنه... فجاء إلىٰ قرية أربع -وهي مدينة الخليل- وبويع فيها بالملك. وكان لطالوت ولد بويع بالملك أيضاً إلىٰ أن قتل ابن طالوت الملك وانفرد داود بالملك واشترىٰ قلعة صهيون التي عند باب الخليل وسماها مدينة داود، ثم اشترىٰ جبل الموريا الذي عليه الحرم القدسي ومدينة أورشليم القديمة المعلومة اليوم بأسوارها وحدودها..
.. وفي أواخر أيام داود نزا علىٰ الملك ولده ابشالوم وبايعه العدد العظيم من بني إسرائيل. ورحل داود إلىٰ شرق الأردن وجلس ابشالوم علىٰ كرسي الملك وحارب أباه فقُتل أبشالوم وعاد داود إلىٰ مقر ملكه..
فــ .. هاتان هجرتان لداود وكانت العاقبة له علىٰ خصومه فيهما[(١)].
« „ المسيح عيسىٰ ابن مريم ” » ؛ وأمه ويوسف النجار :
* . ] ويتابع: د. باشا: فإذا تأخرنا عن عصر نوح وموسىٰ قليلا لوجدنا هجرة السيد المسيح الذى لم يجد علىٰ وجه الكرة الأرضية مكانا يأوى إليه ويحميه من بطش أعدائه، فكانت هجرته هو وأمه مريم العذراء ويوسف النجار إلىٰ أرض مِصر.. وهو صغير.. ويمكث فى مِصر سنوات عدة، ثم يعود إلىٰ بيت لحم وهو كبير لتدبر له المكائد ويسوقونه للصلب فيرفعه الله ويلقىٰ الله شبهه عليه[(٨)] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقوم حكومة دولة مِصر بتعبيد طريق رحلة العائلة المقدسة(!) لتسويق مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة يصلح للسياحة الدينية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلتقط الشيخ النجار خيط الأحداث فيكمل القول :
* . ] هجرة « „ المسيح ” » ؛ -عليه السلام-
أما المسيح عيسىٰ ابن مريم عليه السلام فله هجرة ليست كهجرة سائر الأنبياء الذين هاجروا من بلادهم..
.. ذلك أنه لما وُلِدَ كان هناك ملك من قبل الرومان أُخبر أن ملك اليهود ولد في بيت لحم، فجد في قَتل الأولاد الذين ولدوا في بيت لحم في تلك الأيام. فأُمرت مريم بأن تهاجر بابنها ومعها خطيبها يوسف النجار.. فذهبت إلىٰ مِصر وأقامت فيها مدة..
.. قيل إنها كانت سبع سنين.. أو أقل..
.. إلىٰ أن أُمرت بالرجوع إلىٰ فلسطين، لأن الذي كان يطلب نفس ولدها قد هلك، فعادت..
.. وهذه الهجرة نص عليها في إنجيل متي وإنجيل برنابا ولا وجود لها في سائر الأناجيل الثلاثة الأخرىٰ المعروفة؛ فهجرة المسيح كانت تابعة لهجرة أمه خوفاً عليه ولم تكن بإرادته[(١)].
.. وهرب المسيح -عليه السلام- من اليهود حينما كذَّبوه، فأرادوا الفتك به حتىٰ كان مِن ضمن تعاليمه لتلاميذه: « طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ »[(١٥)]. « طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ »[(١٦)] ثم قال : « اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ »[(١٧)].[(٢)]
* . ] فلا غرابة أن هاجر -عليه الصلاة والسلام- من بلاد منعه أهلها من تتميم ما أراده الله { سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الأحزاب: 62][(٢)].
* . ] « „ محمد ” » ؛ -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
.. مِن ذلك كله نرىٰ أن محمداً لم يكن بدعاً مِن الرسل والأنبياء الذين هاجروا مِن قبل، فقد جاهد جهاد الأبطال في إذاعة دعوته بين الناس، وقد أوذي في الله -تعالى- هو وأتباعه. حتىٰ إذا لم يبقَ في قوسِ تصبرِهِم منزعٌ.. سهل الله -تعالى- إسلام أهل يثرب = المدينة المنورة؛ والتي طيَّب الله -تعالىٰ- ثراها بقدومه.. ثم من بعد حين مرقده.. فأقبلوا علىٰ الدين بمحض اختيارهم، حتىٰ إذا كثروا.. جاءوا إليه وبايعوه علىٰ النُصرة، فأذنَ لأصحابه في الهجرة.. وبقىٰ هو وأبوبكر وعلي والمستضعفون. فلما مكر به كفار مكة ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه وصحت منهم العزيمة علىٰ ما بيتوا، أمره الله -تعالى- بالهجرة (وكان أبوبكر يعد لها العدة) فامتثل الرسول أمر ربه وآذن أبابكر بذلك ففرح وحاول أن يدعوا صهيب بن سنان للسير معهما فلم يُقَدر له ذلك، وخرجا إلىٰ غار ثور فأقاما به ثلاثا. وقد جهد كفار قريش في العثور عليهما فصرفهم الله عن ذلك، وقد كانا منهم قاب قوسين أو أدنىٰ؛ ثم ذهبا إلىٰ المدينة بعد أن هدأ الطلب يدل بهما عبدالله بن اريقط وهو علىٰ شركه إلىٰ أن وردا قُباء ثم المدينة.. فبدل الله حالهم أمنا، ومكن لهم في الأرض، وأرىٰ كفار قريش منهم ما كانوا يحذرون، وأتم الله نعمته علىٰ أهل الإسلام، مكن لهم دينهم الذي ارتضىٰ لهم إلىٰ أن مضىٰ رسول الله لسبيله، وقام خلفائه من بعده يحملون عبء تبليغ الرسالة والتمكين للدين؛ وانتشر الإسلام شرقاً وغرباً؛ وكانت الهجرة علىٰ رسول الله وأمته خيرا وبركة كما كانت هجرة الأنبياء خيراً وبركةً عليهم مِن قبل؛ ولله عاقبة الأمور؛ لا مبدل لكلماته، ولا معقب لحكمه؛ وهو العزيز الحكيم[(١)]
* . ] ومحمد - عليه السلام - مكث يدعو قومه في مكة ثلاثة عشر عاماً فما استجاب لدعوته إلا القليل.. القليل ولم يكتفِ قومه برفض الهداية بل آذوه.. ومن أسلم معه..
.. وصفوه بأنه كاذب لأن دينهم الباطل، هو الحق، فمن آمن بسواه فهو كاذب في زعمهم..
.. وزعموا بأنه ساحر لأنه استطاع أن يغير دين بعض مواطنيهم فأسلموا ومن كان قادراً علىٰ تبديل إيمان الغير فهو ساحر في نظرهم..
.. وقالوا انه كاهن لأن النبي - عليه السلام - أخبرهم بأمور غيبية ماضية كأخبار الماضين من الأقوام ورسلهم وأخبرهم بما سيحصل لمن يكفر بالله يوم القيامة ومن يخبر بالغيبيات هو كاهن، والكاهن عند العرب شخص يعرف الغيب في زعمهم فإذا سأله سائل عما سيحصل له أخبره، وقالوا انه لا يستحق النبوة لأن الله لو أراد إرسال نبي لاختار فلاناً وفلاناً من أصحاب المقام الرفيع عندهم{ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } [الزُّخرُف:31] وقالوا: إنه طامع في الرئاسة والسلطان لذلك عرضوا عليه الملك.. وقالوا.. وقالوا مما لا يتسع المقام لذكره ورغم كل ما قالوه فإن محمداً - عليه السلام - ظل ثابتاً كالطود العظيم لا يحيد عن دعوته، وكان قومه كلما مرت السنين ازدادوا أذىٰ له ولأتباعه إلىٰ حد لا يطاق من الناس العاديين لكن المؤمنين كان إيمانهم شديداً فلم يرتدوا عن دينهم، وطلب بعضهم الهجرة إلىٰ الحبشة فأذن لهم، وكانت هذه الهجرة أولىٰ الهجرتين أما الهجرة الثانية فكانت إلىٰ (يثرب)[(٤)]
وقرر النبي بعد معاناة ثلاث عشرة سنة أن يغير مكان الدعوة فحاول دخول الطائف لكن صدّه سفهاؤها ومراهقوها ورشقوه بالحجارة حتىٰ دميت قدماه فعاد إلىٰ مكة آسفاً حزيناً علىٰ قومه لأنه يريد لهم الهداية وسعادة الآخرة ويأبون إلا الكفر والضلال[(٤)].

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحوث السيرة النبوية الشريفة
(١١) [ الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ ]
مُقَدَّمَاتٌ فِي الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
الزمن:1 هـ ~622 م
آخر أحداث العهد: المكي
المكان: مكة المكرمة
« يثرب » [الْمَدِينَةَ دَارَ الْهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ ]
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
(١) الْبَابُ الْأَوَّلُ : : ﴿ ١١٨ ﴾ هجرة الأنبياء
(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
‏السبت‏، 06‏ شوال‏، 1443هــ ~ ‏07‏ مايو‏، 2022م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
.. لسببٍ فني ولم استطع معالجته.. تعذر عليَّ فتح الصفحة الأصلية.. لذا أنتقل بالبحوث إلىٰ صفحة جديدة.. مِن خلالها أكمل البحوث؛ واهــ -سبحانه وتعالىٰ- من رواء القصد وعليه التوكل ومنه العون.. وصلى اهل عليه سيدنا وقدوتنا وإمامنا نبي الهدى والرحمة خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين.. والمد له ربن العالمين!
---------------------------------------
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
‏السبت‏، 06‏ شوال‏، 1443هــ ~ 07‏ مايو‏، 2022م

F*2*D ljll : fEpE,eE hgsAdvQmA hgk~Qf,dm










عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 08 / 05 / 2022, 40 : 05 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
جزاك الله خيرا









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 12 / 05 / 2022, 09 : 04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
محمد نصر
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمد نصر

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمد نصر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا









عرض البوم صور محمد نصر   رد مع اقتباس
قديم 13 / 07 / 2022, 39 : 07 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 206
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
﴿ ١١٩ ﴾ مَنَازِلُ الْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ.
الطريق إلىٰ « يثرب » الْمَدِينَةَ المنورة.. دَارَ الْهِجْرَةِ .. دَارَ السُّنَّةِ
[١ ١ ] الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ

.. لحظةٌ فارقةٌ في حياة الشعوب.. ولحظةٌ مغايرةٌ في بناء الأمم؛ ولحظة تاريخية مذهلة في تشكيل مجتمع جديد علىٰ أساس جذري متين بتغيير كافةِ المبادئ.. وتعديل كل المفاهيم.. وإبدال قيم بآخرىٰ راقية.. ووضع مقاييس بدلاً مِن البالية والفاسدة.. وإحلال أفكار تتناسب مع فطرة الإنسان وتتفق مع غرائزه.. جديدة لم تعرف مِن قبل.. وأيضاً تعديل الأعراف والتقاليد والعادات وكل ما هو سائد في المجتمع المكي الأول.. في هذه اللحظة يعي الجميع فيلاحظ تلك التغيرات الطارئة علىٰ سلوك المؤمنين؛ والتعديلات الجوهرية القادمة.. وذلك الإبدال الجذري والإحلال في بناء المجتمع المدني الجديد بل قُل -وهذا الأدق- لحظةُ بناءِ شخصيةِ كيانٍ تنفيذي جديدٍ مغاير تماماً عن سابقة في كل شئ وفي كل أمر ويرافق بناء هذا الكيان الجديد بناء شخصيات بشرية؛ وإعادة تكوين نفسيات آدمية وعقليات إنسانية..
.. فالجميع يَقدمُ علىٰ بناء كيان إنسانٍ جديد.. يتشكل في التو بكل ما يمكن أن نقول عنه أنه جديد..
.. تلك اللحظة هي هجرة الصحابة الكرام مِن مجتمع مكة بكل ما فيه وما عليه إلىٰ مجتمع يثرب/المدينة المنورة -مدينة المصطفىٰ- بكل الجديد فيه.. والذي سيبدء في التشكيل مِن عميق وجذور أساسه إلىٰ قمة وأعلىٰ رأسه.. والتغيير سيتم وفق وحي السماء مِن خلال آيات التنزيل مِن خبير عليم حكيم -سبحانه وتعالىٰ- يلازم الآيات الكريمات السُنَّةُ العملية التطبيقية لسيد ولد -بني- آدم -ﷺ ولا فخر..
.. فنشاهدُ ونسمعُ ونرىٰ ونراقبُ ونلاحظُ هجرةَ رجالاتِ الرعيل الأول ونساءَ مِن صحابة النبي المرتضىٰ والرسولِ المجتبىٰ والحـبـيـبِ المصطفىٰ وخاتم الأنبياء المحتبىٰ وآخر المرسلين المفتدىٰ- -ﷺ ورضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين- :
* . ) سفير الإسلام الأول ومبعوث رسول الله: مُصْعَبِ بْنُ عُمَيْرٍ..
و
* . ) مقرئ القرآن الأول ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ..
وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ القرآنَ في يثرب قبل الهجرة المباركة ويمهدان الطريق لقدوم نبي آخر الزمان
و
* . ) هجرة المرأة الأولىٰ للمدينة أم سلمة.. بطفلها بعد أن سبقها زوجها..
ثم
* . ) بلال.. فسعد فعمار بن ياسر..
و
* . ) هجرة مَن نزل فيهم القرآن مِن فوق سبع سماوات طباقاً.. أمثال : هِشَام بن الْعَاصِ، وَعَيَّاش ابْن أَبى ربيعَة
و
* . ) هجرة فاروق هذه الأمة المرحومة: عمر بن الخطاب -وزير الرسول؛ وخليفته الثاني زمن الخلافة الراشدة: أمير المؤمنين- وبجواره أبنته حفصة -زوج المستقبل للنبي- وقَدمَ معه ما يقارب مِن عشرين مِن صحابة الرسول الأعظم -ﷺ.
و
* . ) هجرة عثمانَ بن عفان -الخليفة الثالث في الخلافة الراشدة: ذي النورين-
و
* . ) هجرة - سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - قبل مهجر النبي -ﷺ
و
* . ) هجرة- صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ - وإن كان همَّ بالخروج مع النبي(!) ولم يتمكن.. تاركاً ماله وكل ما يملك..
و
* . ) هجرة أسد الله - حَمْزَة بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ - عم الرسول -ﷺ..
رضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين..
.. جميعُهم تركوا الأهل والجيران والدار والجدران والمال..
.. وفارقٌ لا يقارب وحال لا يقارن بين هجرة المسلمين الأوائل -رضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين- وبين هجرة مسلمي -غفر الله لهم- هذا الزمان!..
أو قُل بالأدق لجوء -تهجير- مَن هُدمت أوطانهم ودمرت بلدانهم وفق مخطط مرسوم بدقة متناهية من تفريغ مناطق بعينها من أهلها؛ وخاصةً هجرة العقول العلمية ومَن تَحصل علىٰ دراسات أكاديمية.. ثم انظر كيف استقبل لاجئ (شرق أوسطي) وبين فار من نيران الجار علىٰ الحدود البولندية..
ولعل هذا -الوضع- يلزمنا إعادة النظر فيما يحدث لنا أو حولنا وفق معطيات سياسة اليوم وما نحمل في صدورنا مِن قرآن كريم وسنة شريفة!
-*//*-
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ المنورة:
.. أَذِنَ رَسُولُ اللّهِ -ﷺ لِلْمُسْلِمِينَ الأوائل بِالْهِجْرَةِ إلَىٰ الْمَدِينَةِ فَبَادَرَ النّاسُ إلَىٰ ذَلِكَ فَكَانَ
- أَوّلَ مَنْ خَرَجَ إلَىٰ الْمَدِينَةِ « يثرب » أَبُوسَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالْأَسَدِ وَامْرَأَتُهُ أُمّ سَلَمَةَ.. وَلَكِنّهَا احْتَبَسَتْ دُونَهُ.. وَمُنِعَتْ مِنْ اللّحَاقِ بِهِ سَنَةً(!).. وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا سَلَمَةَ.. ثُمّ خَرَجَتْ بَعْدَ السّنَةِ بِوَلَدِهَا إلَىٰ الْمَدِينَةِ.. وَشَيّعَهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ.
* . ) منزل أبي سلمة:
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَنَزَلَ أَبُوسَلَمَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَبَنُو جَحْشٍ بِــ :« قُبَاءَ »؛ عَلَىٰ مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِالْمُنْذِرِ .
قَالَ: وَكَانَ بَنُو غَنْمِ بْنِ دُودَانَ أَهْلَ إِسْلَامٍ قَدْ أَوْعَبُوا إِلَىٰ الْمَدِينَةِ هِجْرَة رِجَالهمْ وَنِسَاؤُهُمْ..
ثُمّ خَرَجَ النّاسُ أَرْسَالًا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
وَ
لَمْ يَبْقَ بِمَكّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلّا رَسُولُ اللّهِ -ﷺ .. وَأَبُوبَكْرٍ وَعَلِيّ -رضي اللَّهُ عنهماَ- أَقَامَا بِأَمْرِهِ لَهُمَا وَإِلّا مَنْ احْتَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ كَرْهًا..
وَ
قَدْ أَعَدّ رَسُولُ اللّهِ -ﷺ جِهَازَهُ يَنْتَظِرُ مَتَىٰ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ..
وَ
أَعَدّ أَبُوبَكْرٍ جَهَازَهُ. [(1)]
﴿ * * * ﴾
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَيَّاشُ بن أَبى ربيعَة، حَتَّىٰ قدما الْمَدِينَة.[(2)] .. يقول عمر :" فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِـ:« قُبَاءَ" [(3)]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَدِينَةَ هُوَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْمِهِ وَأَخُوهُ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَمْرٌو وَعَبْدُاللَّهِ ابْنَا سُرَاقَةَ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ -وَكَانَ صِهْرَهُ- زَوْجُ ابْنَتِهِ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَر، -فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللّهِ -ﷺ بَعْدَهُ-، وَابْنُ عَمِّهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ التَّمِيمِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ، وَخَوْلِيُّ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ، وَمَالِكُ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ.. حَلِيفَانِ لَهُمْ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، وَبَنُو الْبُكَيْرِ : إِيَاسٌ وَخَالِدٌ وَعَاقِلٌ وَعَامِرٌ، وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ، فَنَزَلُوا علىٰ رِفَاعَة عبدالْمُنْذر بن زنير فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِــ :« قُبَاءَ »..
وتمام قصة هجرة عمر ومن اتفق معه :
قَالْ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ :«„ فَرَجَعْتُ إِلَىٰ بَعِيرِي فَجَلَسْتُ عَلَيْهِ فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ”».
وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّ الَّذِي قَدِمَ بِهِشَام بن الْعَاصِ، وَعَيَّاش ابْن أَبى ربيعَة إِلَىٰ الْمَدِينَة :„ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ”؛ سَرَقَهُمَا مِنْ مَكَّةَ وَقِدَمَ بِهِمَا يَحْمِلُهُمَا عَلَىٰ بَعِيرِهِ وَهُوَ مَاشٍ مَعَهُمَا، فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ أُصْبُعُهُ فَقَالَ:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا أصْبع دميت * وَفِي سَبِيل الله مَا لقِيت
﴿ * * * ﴾
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُوالْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُوإِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ قَالَ:" أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارٌ وَبِلَالٌ.. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَن أَبى إِسْحَاق، سَمِعت الْبَراء [(4)] ابْن عَازِبٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ،
ثُمَّ
قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ نَفرا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ
قَدِمَ النَّبِيُّ -ﷺ ، فَمَا رَأَيْت أهل الْمَدِينَة فرحوا بشئ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ -ﷺ ، حَتَّىٰ جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: " قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ ، فَمَا قَدِمَ حَتَّىٰ قَرَأت " سبح اسْم رَبك الْأَعْلَىٰ " فِي سُورٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ بِنَحْوِهِ.
وَهناك تَّصْرِيحُ بِأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ هَاجَرَ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ -ﷺ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ زَعَمَ مُوسَىٰ بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ إِنَّمَا هَاجَرَ بَعْدَ رَسُولِ -ﷺ ، وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ.
﴿ * * * ﴾
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْمُهَاجِرُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
. * . ): [مَنْزِلُ طَلْحَةَ وَصُهَيْبٍ]:
فَنَزَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ عَلَىٰ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِــ:« السَّنْحِ »؛.
وَيُقَالُ: بَلْ نَزَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللّهِ عَلَىٰ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ أَخِي بَنِي النّجّار ِ.. [(5)]
* . ] صُهَيْبٌ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذُكِرَ لِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ صُهَيْبًا حِينَ أَرَادَ الْهِجْرَةَ قَالَ لَهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ:„ أَتَيْتَنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا فَكَثُرَ مَالُكَ عِنْدَنَا وَبَلَغْتَ الَّذِي بَلَغْتَ، ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ بِمَالِكِ وَنَفْسِكَ؟ ! وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ ”؛.
فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: «„ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي أَتُخَلُّونَ سَبِيلِي؟ ”»؛
قَالُوا :„ نَعَمْ ”؛
قَالَ:«„ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي ”»؛.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ فَقَالَ:«„ رَبِحَ صُهَيْبٌ، رَبِحَ صُهَيْبٌ ”»؛.
وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُوعَبْدِاللَّهِ، إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا أَبُوالْعَبَّاسِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مِيكَالَ، أخبرنَا عَبْدَانِ الاهوازي، حَدثنَا زيد بن الجريش، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ صُهَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي وَعُمُومَتِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ:«„ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَبْخَةً بَيْنَ ظَهَرَانِي حَرَّتَيْنِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ :« هَجَرَ »؛ أَوْ تَكُونُ:«يَثْرِبَ » ”»؛.
يُكملُ صهيب روايته.. قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىٰ الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُوبَكْرٍ، وَكُنْتُ قَدْ :« هَمَمْتُ » مَعَهُ بِالْخُرُوجِ فَصَدَّنِي فِتْيَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَعَلْتُ لَيْلَتِي تِلْكَ أَقُومُ لَا أَقْعُدُ، فَقَالُوا:„ قَدْ شَغَلَهُ اللَّهُ عَنْكُمْ بِبَطْنِهِ ”؛.
«„ وَلَمْ أَكُنْ شَاكِيًا ”»؛ فَنَامُوا.
.. فَخَرَجْتُ ولحقني مِنْهُم نَاس بعد مَا سرت يُرِيدُونَ ليردوني، فَقلت لَهُم :«„ إِن أَعطيتكُم أواقى من ذهب وتخلون سبيلى وتوفون لِي؟ ”»؛ فَفَعَلُوا فَتَبِعْتُهُمْ إِلَىٰ مَكَّةَ.
فَقُلْتُ:«„ احْفُرُوا تَحت أُسْكُفَّة الْبَاب فَإِن بهَا أَوَاقِيَ، وَاذْهَبُوا إِلَىٰ فُلَانَةَ فَخُذُوا الْحُلَّتَيْنِ ”»؛.
وَخَرَجْتُ حَتَّىٰ قَدِمْتُ عَلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِــ:« قُبَاءَ » قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهَا، [(6)]
فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:«„ يَا أَبَا يَحْيَىٰ رَبِحَ البيع ”»؛ فَــ
قُلْتُ:«„ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَيْكَ أحد وَمَا أخْبرك إِلَّا جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ ”»؛
﴿ * * * ﴾
* . ): [مَنْزِلُ حَمْزَةَ وَزَيْدٍ وَأَبِي مَرْثَدٍ وَابْنِهِ وَأَنَسَةَ وَأَبِي كَبْشَةَ]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَنَزَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَأَبُو مَرْثَدٍ كَنَّازُ بْنُ الْحُصَيْنِ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ ابْنُ حُصَيْنٍ- وَابْنُهُ مَرْثَدٌ الْغَنَوِيَّانِ حَلِيفَا حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِالْمُطّلِبِ، وَأَنَسَةُ وَأَبُوكَبْشَةَ مَوْلَيَا رَسُولِ اللَّهِ -ﷺ عَلَىٰ كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ أَخِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِــ:« قُبَاءَ »؛ وَقِيلَ بَلْ نَزَلُوا عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ؛ وَيُقَالُ بَلْ نَزَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِالْمُطّلِبِ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ أَخِي بَنِي النّجّارِ. كُلّ ذَلِكَ يُقَالُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* . ):[ مَنْزِلُ عُبَيْدَةَ وَأَخِيهِ الطّفِيلِ وَغَيْرِهِمَا]:
قَالَ: وَنَزَلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطّلِب وَأَخَوَاهُ الطُّفَيْلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحُصَيْنٌ بْنُ الْحَارِثِ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبّادِ بْنِ الْمُطّلِبِ؛ وَسُويْبِطُ ابْن سَعْدِ بْنِ حُرَيْمِلَةَ أَخُو بَنِي عَبْدِالدَّارِ، وَطُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ، وَخَبَّابٌ مَوْلَىٰ عُتْبَةَ بْنِ غَزَوَانَ عَلَىٰ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ أَخِي بَلْعَجْلَانَ بِقُبَاءَ.[(7)]
* . ):[مَنْزِلُ عَبْدِالرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ]

وَنَزَلَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَىٰ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فِي دَارِ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ..
* . ):[مَنْزِلُ الزّبَيْرِ وَأَبُو سَبْرَةَ]:

وَنَزَلَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأَبُوسَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ بْنِ عَبْدِالْعُزّى، عَلَىٰ مُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ بِــ:« الْعُصْبَةِ »؛ دَارِ بَنِي جَحْجَبَى،
* . ):[مَنْزِلُ مُصْعَبٍ]:

وَنَزَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ بْنِ هَاشِمٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِالدّارِ عَلَىٰ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بْنِ النّعْمَانِ أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ.
* . ):[مَنْزِلُ أَبِي حُذَيْفَةَ وعُتْبَةَ]:

وَنَزَلَ أَبُوحُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَسَالمٌ مَوْلَاهُ- مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ-
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: سَالِمٌ مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ سَائِبَةٌ لِثُبَيْتَةَ بِنْتِ يَعَارِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، سَيّبْته فَانْقَطَعَ إلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَتَبَنّاهُ.. فَقِيلَ سَالِمٌ مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ.. وَيُقَالُ كَانَتْ ثُبَيْتَةُ بِنْتُ يَعَارَ تَحْتَ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ فَأَعْتَقَتْ سَالِمًا سَائِبَةً. فَقِيلَ سَالِمٌ مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ- علىٰ سَلمَة.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بكر بن الْحَارِث بن زُرَارَة ابْن مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا عبدالْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمْنَا [مِنْ] مَكَّةَ فَنَزَلْنَا :« الْعُصْبَةَ »؛ - مَوضِع بقباء.[(8)]-، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَسَالِمٌ مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَىٰ أَبِي حُذَيْفَةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: عَلَىٰ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ أَخِي بَنِي حَارِثَةَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَنَزَلَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ عَلَىٰ عَبَّادِ بْنِ بِشْرِ بْنِ وَقْشٍ- أَخِي بَنِي عَبْدِالْأَشْهَلِ فِي :« دَارِ عَبْدِالْأَشْهَلِ »؛ - فِي بَنِي عَبْدِالْأَشْهَلِ،
* . ):[مَنْزِلُ عُثْمَانَ]:

وَنَزَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّان علىٰ أَوْس ابْن ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَخِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي :« دَار بنى النجار ».. فَلِذَلِكَ كَانَ حَسّانٌ يُحِبّ عُثْمَانَ وَيَبْكِيهِ حَيْنَ قُتِلَ.
-وَكَانَ يُقَالُ- قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَنَزَلَ الْعُزَّابُ -الْأَعْزَابُ -مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَىٰ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عَزَبًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

-*-*//-*-
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
بحوث السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشريفة
مُقَدَّمَاتٌ فِي الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
بحوث : « يثرب » الْمَدِينَةَ المنورة دَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ السُّنَّةِ »
الزمن:1 هـ ~622 م
آخر أحداث العهد: المكي
المكان: مكة المكرمة~ الطريق إلىٰ يثرب
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
( ١١ ) : الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ٢ ) الْبَابُ الثَّانِي : « مَنَازِلُ الْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. «
حُرِّرَ في يوم‏ الأربعاء‏، ٦ شعبان مِن السَنة الْهِجْرِيَّةِ ١٤٤٣ مِن هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٩ من شهر مارس عام ٢٠٢٢ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول ﷺ.-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
: د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-.









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 13 / 07 / 2022, 45 : 07 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 206
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
﴿ ١٢٠ ﴾ ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ-ﷺ لِقَتْلِهِ[(1)]

لحظة ما قبل الآخيرة:
ضاقت قريش ومَن والاها ذرعاً بصاحب الدين الجديد وباطروحاته المخالفة لما عندهم مِن عقائد ومفاهيم.. وقيّم ومقاييس؛ وافكار ووجهة نظر في الحياة.. ثم ضاقت ذرعاً بأتباعه ومِن ثم زيادتهم يوماً بعد يوم.. ثم بلغ السيل الزبىٰ عندما بلغ اسماعهم مقابلته لــ وفد يثرب وما جرىٰ بينهم وبين صاحب الدين الجديد؛ وقد باءت بالفشل كل محاولات :«„ التصفية المعنوية ”» بإتهامات باطلة وأكاذيب مضللة وتشويه لسمعته فلم تتبقىٰ إلا محاولة آخيرة يائسة: «„ التصفية الجسدية.. القتل..”»..
.. علمتْ قريش بــ أَذِنِ رَسُولِ اللّهِ -ﷺ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » / الْمَدِينَةِ فَبَادَرَ النّاسُ إلَىٰ ذَلِكَ فَــ خَرَجَ النّاسُ أَرْسَالًا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَ
فـ لَمْ يَبْقَ بِمَكّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلّا رَسُولُ اللّهِ -ﷺ وَأَبُوبَكْرٍ .. وَعَلِيّ .. أَقَامَا بِأَمْرِهِ لَهُمَا.. وَإِلّا مَنْ احْتَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ كَرْهًا.. وَقَدْ أَعَدّ رَسُولُ اللّهِ -ﷺ جِهَازَهُ يَنْتَظِرُ مَتَىٰ « يُؤْمَرُ » بِالْخُرُوجِ.. وَأَعَدّ أَبُوبَكْرٍ جَهَازَهُ.
-*/*-
.. ومن المفارقات العجيبة أن رسولَ الله -ﷺ عُرف بين النّاس كافة؛ ومنذ طفولته بالصّدق والأمانة، وقد أقرّ بذلك جميع النّاس حتىٰ مَن كان يكفر به وبدعوته،
حتىٰ قال له أبوجهل ذات يوم :
إِنَّا لَا نُكَذِّبُكَ وَلَكِنْ نُكَذِّبُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ”؛
[ حديث عليٍ هذا أخرجه الحاكم. وقال : صحيح علىٰ شرط الشيخين ولم يخرجاه؛
و
روىٰ الترمذي عن علي: أن أباجهل قال له.. الحديث المذكور.. فأنزل الله فيهم: { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ }..
و
سأل هرقل أباسفيان:„ هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ ”؛ قال:„ لا ”..
أما
ما رواه : أَبُو مَيْسَرَةَ فـ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالُوا:„ يَا مُحَمَّدُ ، وَاللَّهِ مَا نُكَذِّبُكَ وَإِنَّكَ عِنْدَنَا لَــ. :«„ صَادِقٌ ”»؛ ، وَلَكِنْ نُكَذِّبُ مَا جِئْتَ بِهِ ”».
فــ كان اتّصافه بالصّدق والأمانة سبباً لأن يرجع النّاس إليه ليحكم في الأحداث الواقعة فيما بينهم قبل الإسلام، وبعد البعثة لمّا أجمع كفار قريش علىٰ قتله وقرّر الخروج من مكة المكرمة إلىٰ يثرب/المدينة المنورة مهاجراً، ترك خلفه عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- مِن أجل أن يُعيد الأمانات إلىٰ أهلها.
..وقد أرسلته :«„ خديجة ”» -قبل زوجها مِن الشاب محمد؛ وقبل إسلامها- مع غلامها ميسرة في تجارة لها، فرأى منه ميسرة في الخروج معه ما اتّصف به من مكارم الأخلاق ومحاسنها، فلمّا عاد أخبر خديجة بما رأى منه، فرغبت بالزّواج منه، فقبل رسول الله وتزوجها.
.. وراجع موقف التحكيم يوم بناء الكعبة كانت قبائل قريش تتنافس فيما بينها أيّها يخدم الكعبة ويقوم ببنائها، حتىٰ قسمّوا مهمة بناء الكعبة فيما بينهم ولكل واحد منهم ناحيةً منها يقوم ببنائها، وبدأ كلّ منهم ببناء الجزء المخصّص لهم، إلّا أنّهم لمّا وصلوا عند الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه بيده، وكادت الحرب أن تقوم بينهم، إلّا أنّهم أدركوا مخاطر الحرب ونتائجها إن قامت. وتحكّموا إلىٰ « حذيفة بن المغيرة »؛ فأشار عليهم أن يجعلوا أمرهم إلىٰ أوّل مَن يدخل من باب „ بني شيبة ”؛ وكانوا يسمّونه باب :„ عبدشمس ”؛ فكان سيّدنا :«„ محمّد ”» أوّل مَن دخله، فأخبروه بأمرهم، فأمر بثوب ووضع فيه „ الحجر الأسود ”؛ وأمر القبائل جميعها أن تحمل الثوب، فتقع مهمة رفع الحجر منهم جميعاً.
.. أخلاق النبي الكريم قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- :«„ بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ ”»؛ وقال -تعالىٰ-: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } فقد كان رسول الله أحسن النّاس أخلاقاً..
إذاً فقد عُرف بأمانته وصدقه بين النّاس قبل بعثة الله -تعالىٰ- له وبعدها، ومنذ شبابه عُرف في قريش باتّصافه بمكارم الأخلاق.
.. يقول محمد رشيد رضا -تلميذ محمد عبده- رحمهما الله تعالى- " جاء في «دائرة المعارف البريطانية» في ترجمة حياته -ﷺ- أن تسميته بــ :«„ الأمين ” مأخوذة مِن اسم أمّه (آمنة) وإن كان العرب لا يجعلون علاقة بينهما في هذه التسمية، هذا ما زعمه كاتب الترجمة في دائرة المعارف البريطانية فهو يريد أن يقول: إن العرب لم يسموه أميناً لأمانته بل لأن اسم والدته آمنة فلا فخر ولا فضل.. والحقيقة التاريخية هي أنه -ﷺ- سُمي أميناَ لأمانته ولذا استخدمته خديجة في تجارتها فربحت ربحا طائلا ثم تزوجته لثقتها به، وكانوا يستأمنونه علىٰ ودائعهم وقد جعله قومه حكما بينهم في بناء الكعبة عن طيب نفس، قال المسيو سيديو Sedillot في كتابه «تاريخ العرب»: «ولما بلغ محمد من العمر خمسا وعشرين سنة استحق بحسن سيرته واستقامة سلوكه مع الناس أن يلقب (بالأمين). وقال موير Muir: إنه لقب بالأمين بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه. وكتب لفظة أمين بالإنجليزية هكذا: Faithful.
وكان أهل مكة يستأمنونه -ﷺ- ويودعون عنده ودائعهم إلىٰ أن هاجر إلىٰ المدينة وترك علياً مكانه فبقي حتىٰ رد الودائع إلىٰ أربابها ثم هاجر. ". انتهى النقل من عند رشيد رضا..
.. ولو كان محمد بن عبدالله -الفرد والإنسان وليس النبي الرسول- يَعبد شيئاً ما جديداً في بيته لم تكن قريش تنزعج لما يقوم به.. ولو كان هذا الشئ يخرجه من حين إلىٰ حين يضعه في فناء منزله لم تكن قريش تنزعج.. فإذا تجمع المارة أمامه ثم تركوه ولم يهتموا بالأمر لم تكن قريش تنزعج.. إذ ليس هناك استعلان أو دعوة..
.. وحادثة أبي بكر توضح تماماً ما أزعجهم.. فـ وفق الرواية التي جاءت في بحث :" [محاولة الصديق للهجرة؛ [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛" الْهِجْرَةُ ؛ الْبَابُ الْأَوَّلُ: محاولة الصديق للهجرة؛ عَزْمَ الصِّدِّيقِ عَلَىٰ الْهِجْرَةِ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ؛ ترقيم [ ٩٣ ] آستروعرب نيوز] :" .. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ،حَتَّىٰ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ [ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً] فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وقَامَ ابْنُ الدَّغِنَةِ.. فَقَالَ لَهُمْ :„ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ أَبَابَكْرٍ لَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ!.. إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَا يَعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِخَيْرٍ ”؛ [فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ] ، قَالَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا - :«„ فَكَفُّوا عَنْهُ. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَّةِ ”».. وَقَالُوا لَهُ.. فــ اشترطوا التالي :
1.]. مُرْ أَبَا بَكْرٍ [ فَلْــ ] يَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَــ
2.]. لْيُصَلِّ [ فِيهَا ] وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَ
3.]. لَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَ
4.]. لَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ، وعللوا ذلٰك
فَــ
1.]. إِنَّا نَخْشَىٰ أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا .
فَقَالَ ذَلِكَ [ ابْنُ الدَّغِنَةِ ] لِأَبِي بَكْرٍ .
فَــ
لَبِثَ [ أَبُوبَكْرٍ ] يَعْبُدُ رَبَّهُ [ فِي دَارِهِ ] وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ.. ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ..
قَالَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -. :«„ وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ مَسْجِدٌ عِنْدَ بَابِ دَارِهِ فِي بَنِي جُمَحَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا، إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اسْتَبْكَىٰ. فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ [ فَيَتَقَذَّفُ عَلَيْهِ ] نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ”»؛
قَالَتْ :«„ فَيَقِفُ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَالنِّسَاءُ، يَعْجَبُونَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ هَيْئَتِهِ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ”»؛ [وَكَانَ أَبُوبَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً].. فَكَانَ أَبُوبَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ [الْقُرْآنَ]، فَــ
1.]. أَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ.
قَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ و - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -:«„ فَمَشَى رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَىٰ ابْنِ الدَّغِنَّةِ، وَأَرْسَلُوا إِلَيه، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ :„ [ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَابَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتَتِنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَعَلَ، وَإِنْ أَبَىٰ إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، وأَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ،فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ ” .
وأضافوا: إِنَّكَ لَمْ تُجِرْ هَذَا الرَّجُلَ لِيُؤْذِيَنَا، إِنَّهُ رَجُلٌ إِذَا صَلَّىٰ وَقَرَأَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ يَرِقُّ، وَكَانَتْ لَهُ هَيْئَةٌ وَنَحْوٌ، فَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ عَلَىٰ صِبْيَانِنَا وَنِسَائِنَا وَضُعَفَائِنَا أَنْ يَفْتِنَهُمْ، فَأْتِهِ فَمُرْهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَلْيَصْنَعْ فِيهِ مَا شَاءَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: فَمَشَىٰ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَيْهِ.. فَأَتَىٰ ابْنُ الدَّغِنَّةِ أَبَابَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَىٰ ذَلِٰكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ..
فَقَالَ: يَا أَبَابَكْرٍ إِنِّي لَمْ أُجِرْكَ لِتُؤْذِيَ قَوْمَكَ، وَقَدْ كَرِهُوا مَكَانَكَ الَّذِي أَنْتَ بِهِ، وَتَأَذَّوْا بِذَٰلِكَ مِنْكَ، فَادْخُلْ بَيْتَكَ فَاصْنَعْ فِيهِ مَا أَحْبَبْتَ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: [ فَإِنِّي ] أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَىٰ بِجِوَارِ اللَّهِ - تعالىٰ- ... وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ.
.. فالإشكال عند قريش يعود إلى الإستعلان؛.فــ لو سكن أبوبكر في بيته يعبد ما يعبد دون الإعلان ما كان رد فعل قريش كما حدث في هذه الرواية..
.. إشكال قريش ومن معها ومن وقف خلفها أو بجوارها.. إشكالهم جميعاً يبدء عند نقطة بعينها.. يكشفها لنا القرآن الكريم المنزل من فوق سبع سماوات طباقاً فــ :" لمَّا أمر الله -عز وجل- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن يصدع بالدعوة في قوله -تعالىٰ-: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } [الحجر:94]، جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها، وبيَّن لقومه ما هم فيه مِن :
- الضلالة و
- الشرك، و
- الجهل و
- الخرافات، ولمّا لم يستطيعوا أن يواجهوا الحُجَّة بالحجة، جاهروه بالعداوة، وعزموا علىٰ مخالفته، عصبيةً وجهلاً، وحسداً وحقداً، وتعرضوا له بالسب والشتم مِن أول لحظة دعاهم فيها، وكان من أوائل وأشد مَن تعرض له -صلى الله عليه وسلم- بالسب والإيذاء عمه[ * ] أبولهب وزوجته[ * ] أم جميل ـ حمالة الحطب ـ، وقد نزل فيهما قول الله تعالى: { تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } [المسد: 1: 5].
وحين علمت أم جميل ما نزل فيها وفي زوجها مِن آيات قرآنية ذهبت إلىٰ النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس عند الكعبة ومعه أبوبكر الصديق -رضي الله عنه-، وفي يدها فهر مِن حجارة، فلما وقفت عليهما قالت :„ يا أبابكر، أين صاحبك؟؛ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ”؛ ثم انصرفت، فقال أبوبكر :„ يا رسول الله أما تراها رأتك؟ ”؛ فقال :«„ لقد أخذ الله ببصرها عني ”»؛ وكانت تنشد وتقول:
مذمم أبينا ..
ودينه قلينا ..
وأمره عصينا ..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه عن سب وشتم أم جميل وغيرها من المشركين له :«„ ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم! يشتِمُون مُذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماً، وأنا محمّد ”»؛) رواه البخاري)
. لما عاد رسول الله آسفا من عناد قومه وتشبّثهم بالكفر قال أبوجهل ( عمرو بن هشام ) :„ يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه ” [رضا؛ سيدننا محمد].
محاولات عدة لإسكات صوت الحق وإطفاء نور الفرقان..
فهل توقف عناد قريش!
كلا .. بل زاد بــ اتهام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنون والسحر والكهانة. والعياذ بالله..

.. لذا نجد إجمالا -بعد البعثة- محاولات :«„ التصفية المعنوية ”» بنعته بصفات تتنافي مع حضوره معهم وسلوكه ووصفهم اياه بالأمين ثم الإنتقال إلى بث الأكاذيب حوله والاتهامات الباطلة.. ثم بدأت محاولات :«„ التصفية الجسدية ”»..
-*//*-
اجْتِمَاعُ الْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ وَتَشَاوُرُهُمْ فِي أَمْرِ الرّسُولِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- قَدْ صَارَتْ لَهُ شِيعَةٌ وَأَصْحَابٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ بَلَدِهِمْ وَرَأَوْا خُرُوجَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ إلَيْهِمْ عَرَفُوا أَنّهُمْ قَدْ نَزَلُوا دَارًا، وَأَصَابُوا مِنْهُمْ مَنَعَةً..
فَــ
حَذِرُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- إلَيْهِمْ وَعَرَفُوا أَنّهُمْ قَدْ أَجَمَعَ لِحَرْبِهِمْ.
فَــ
اجْتَمَعُوا لَهُ فِي « دَارِ النّدْوَةِ »- وَهِيَ دَارُ „ قُصَيّ بْنِ كِلَابٍ ” الّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَقْضِي أَمْرًا إلّا فِيهَا- يَتَشَاوَرُونَ فِيهَا مَا يَصْنَعُونَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- حَيْنَ خَافُوهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ مِنْ أَصْحَابِنَا(!)، عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي الْحَجّاجِ وَغَيْرِهِ مِمّنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَبّاسٍ -رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمّا أَجَمَعُوا لِذَلِكَ وَاتّعَدُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِي :« دَارِ النّدْوَةِ » لِيَتَشَاوَرُوا فِيهَا فِي أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- غَدَوْا فِي الْيَوْمِ الّذِي اتّعَدُوا لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يُسَمّىٰ :„ يَوْمَ الزّحْمَةِ ”؛ فَاعْتَرَضَهُمْ (إبْلِيسُ)(!!!) فِي هَيْئَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ، بَتْلَةٌ فَوَقَفَ عَلَىٰ بَابِ الدّارِ فَلَمّا رَأَوْهُ وَاقِفًا عَلَىٰ بَابِهَا،
قَالُوا: مَنْ الشّيْخُ؟
قَالَ: شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ[(*)].. سَمِعَ بِاَلّذِي اتّعَدْتُمْ لَهُ فَحَضَرَ مَعَكُمْ لِيَسْمَعَ مَا تَقُولُونَ.. وَعَسَىٰ أَنْ لَا يُعْدِمَكُمْ مِنْهُ رَأْيًا وَنُصْحًا،
قَالُوا: أَجَلْ فَادْخُلْ..
فَدَخَلَ مَعَهُمْ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)] صحيح السيرة النبوية العطرة في الهجرة النبوية الشريفة لا تثبت هذه الجزئية وتتعداها دون التعرض لها؛ ومَن تعرض مِن السادة العلماء في ذكر أحداث دار الندوة بالتفصيل كــ ابن إسحاق فتوجد علة في سند روايته مرجعها إلى جهالة شيخ ابن إسحاق؛ لذا فقد قال البيهقي :" ابن إسحاق إذا لم يُسمِّ مَن حدثه فلا يُفرح به"..
أما سند الطبري في تاريخه فقد سقطت الواسطة بين ابن إسحاق وبين ابن ابي نجيح؛ وعلة الإسناد أن شيخ الطبري هو محمد بن حميد بن حيان الرازي؛ وقد قيل فيه؛ ويكفي أن ذكره الذهبي في (الضعفاء والمتروكين).. وهذه القصة كما قال العوشن لم يرَ حسب علمه من صحح اسانيدها مِن أهل العلم مع أنها مشهورة في كتب السيرة؛ ويتناولها القصاص دون توضيح ويلقيها أناس منفوق منابر دون تحقيق.. لكن الشهرة للقصة لا تغني عن صحة الاسناد. وقد مالَ د. سليمان السعود إلى تقوية القصه بأمور ثلاثة .. بيد أن الشيخ محمد الصادق عرجون قال عن هذه القصة ومشاركة إبليس إنه ضرب من الخيال المجنون:" لأنه لم يثبت فيه خبر صحيح عن رسول الله وكان ما جاء فيه رواية مرسلة عن ابن عباس لم يثبت لها سند يمكن التشبث به والاعتماد عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

وَقَدْ اجْتَمَعَ فِيهَا أَشْرَافُ قُرَيْشٍ،
مِنْ :
(1) بَنِي عَبْدِشَمْسٍ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُوسُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ.
وَ
مِنْ :
(2) بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِمَنَاف: طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيّ، وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ.
وَ
مِنْ :
(3) بَنِي عَبْدِالدّارِ بْنِ قُصَيّ: النّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ.
وَ
مِنْ :
(4) بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزّى: أَبُوالْبَخْتَرِيّ بْنُ هِشَامٍ وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطّلِبِ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ.
وَمِنْ :
(5) بَنِي مَخْزُومٍ: أَبُوجَهْلِ بْنِ هِشَام. وَ
مِنْ :
(6) بَنِي سَهْمٍ: نُبَيْهٌ وَمُنَبّهٌ ابْنَا الْحَجّاجِ، وَ
مِنْ :
(7) بَنِي جُمَحٍ: أُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَ
(8) مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمّنْ لَا يُعَدّ مِنْ قُرَيْشٍ.
فَــ
قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ :„ إنّ هَذَا الرّجُلَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ.. فَإِنّا وَاَللّهِ مَا نَأْمَنُهُ عَلَىٰ الْوُثُوبِ عَلَيْنَا فِيمَنْ قَدْ اتّبَعَهُ مِنْ غَيْرِنَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا ”؛
قَالَ فَتَشَاوَرُوا.
ثُمّ
قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ :„ احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا، ثُمّ تَرَبّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ أَشْبَاهَهُ مِنْ الشّعَرَاءِ الّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ زُهَيْرًا وَالنّابِغَةَ وَمَنْ مَضَىٰ مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْمَوْتِ حَتّىٰ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ ”؛
فَقَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): لَا وَاَللّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ. وَاَللّهِ لَئِنْ حَبَسْتُمُوهُ كَمَا تَقُولُونَ لَيَخْرُجَنّ أَمْرُهُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ الّذِي أَغْلَقْتُمْ يُكَاثِرُوكُمْ بِهِ حَتّىٰ يَغْلِبُوكُمْ عَلَىٰ أَمْرِكُمْ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ فَانْظُرُوا فِي غَيْرِهِ ..
فَــ
تَشَاوَرُوا.
ثُمّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ :„ نُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَنَنْفِيهِ مِنْ بِلَادِنَا، فَإِذَا أُخْرِجَ عَنّا فَوَاَللّهِ مَا نُبَالِي أَيْنَ ذَهَبَ وَلَا حَيْثُ وَقَعَ إذَا غَابَ عَنّا وَفَرَغْنَا مِنْهُ فَأَصْلَحْنَا أَمْرَنَا وَأَلْفَتْنَا كَمَا كَانَتْ ”؛
فَــ
قَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): لَا وَاَللّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ أَلَمْ تَرَوْا حُسْنَ حَدِيثِهِ وَحَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ وَغَلَبَتِهِ عَلَىٰ قُلُوبِ الرّجَالِ بِمَا يَأْتِي بِهِ وَاَللّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مَا أَمِنْتُمْ أَنْ يَحِلّ عَلَىٰ حَيّ مِنْ الْعَرَبِ، فَيَغْلِبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَحَدِيثِهِ حَتّىٰ يُتَابِعُوهُ عَلَيْهِ ثُمّ يَسِيرُ بِهِمْ إلَيْكُمْ حَتّىٰ يَطَأَكُمْ بِهِمْ فِي بِلَادِكُمْ فَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ ثُمّ يَفْعَلَ بِكَمْ مَا أَرَادَ دَبّرُوا فِيهِ رَأْيًا غَيْرَ هَذَا.
قَالَ فَقَالَ أَبُوجَهْلِ بْنُ هِشَامٍ:„ وَاَللّهِ إنّ لِي فِيهِ لَرَأْيًا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ بَعْدُ ”؛
قَالُوا:„ وَمَا هُوَ يَا أَبَاالْحَكَمِ؟ ”؛
قَالَ:„ أَرَىٰ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابّا جَلِيدًا نَسِيبًا وَسِيطًا فِينَا، ثُمّ نُعْطِي كُلّ فَتًى مِنْهُمْ « سَيْفًا صَارِمًا »؛ ثُمّ يَعْمِدُوا إلَيْهِ فَــ :« يَضْرِبُوهُ »؛ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَــ:„ يَقْتُلُوهُ »؛ فَنَسْتَرِيحَ مِنْهُ. فَإِنّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِمَنَافٍ عَلَىٰ حَرْبِ قَوْمِهِمْ جَمِيعًا، فَرَضُوا مِنّا بِالْعَقْلِ فَعَقَلْنَاهُ لَهُمْ ”؛
قَالَ فَقَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): الْقَوْلُ مَا قَالَ الرّجُلُ هَذَا الرّأْيُ الّذِي لَا رَأْيَ غَيْرُهُ..
فَــ
تَفَرّقَ الْقَوْمُ عَلَىٰ ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(1)] « سيدنا محمد » صلى الله عليه وسلم؛ „ محمد رشيد رضا ”؛ فصل :„ الحض علىٰ قتله صغيرا ”..
و« كانت حليمةُ كلما مر جماعة مِن اليهود وحدثتهم بشأنه -ﷺ- حضوا علىٰ قتله.. وكلما عرضته علىٰ العرافين في الأسواق، صاحوا بقتله وكانوا يقولون :„ اقتلوا هذا الصبيّ .. فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم ”؛ و
عن حليمة -رضي الله عنها- أنه مر بها جماعة مِن اليهود فقالت:«„ ألا تحدثوني عن ابني هذا.. حملته أمه كذا.. ووضعته كذا.. ورأت عند ولادته كذا ”»؛ وذكرت لهم كل ما سمعته مِن أمه وكلّ ما رأته هي بعد أن أخذته وأسندت الجميع إلىٰ نفسها كأنها هي التي حملته ووضعته، فقال أولئك اليهود بعضهم لبعض:„ اقتلوه ”؛ فقالوا:„ أوَ يتيم هو؟ ”؛ فقالت:«„ لا، هذا أبوه وأنا أمه ”»؛ فقالوا:„ لو كان يتيما قتلناه ”؛ لأن ذلك عندهم مِن علامات نبوته، و
عن حليمة أيضا -رضي الله عنها- أنها نزلت به ﷺ بسوق عكاظ وكان سوقاً للجاهلية بين الطائف ونخلة -المحل المعروف- كانت العرب إذا قصدت الحج أقامت بهذا السوق شهر شوال يتفاخرون ويتناشدون الأشعار ويبيعون ويشترون، فلما وصلت به حليمة سوق عكاظ رآه كاهن مِن الكهان فقال:„ يا أهل عكاظ اقتلوا هذا الغلام فإن له مُلكا ”؛ فــ مالت به وحادت عن الطريق فأنجاه الله ». انتهى النقل من عند رشيد رضا.
[ * ] ينبغي أن نتوقف كثيراً أمام موقف العم تجاه ابن أخيه -غير الشقيق- خاصةً في مجتمع تغلب عليه العصبية القبلية والتناصر بمجرد صلة القرابة؛ وأترك بحث هذه الجزئية في ملف أخير-مِن بعد إذنه تعالىٰ وبتوفيقه ورعايته- تحت مسمىٰ شخصيات محورية.. إذا لو فرض -افترضه الكثير - أن أمن عم النبي بعد نزول هذه الآيات وأمنت زوجه لهدم جانب من جوانب الدين المتين؛ وكان تحدياً جديداً من رب محمد لقريش بواسطة نبيه الأمين.. .

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
‏الجمعة‏، 29‏ شعبان‏، 1443


بحوث السيرة النبوية الشريفة
مُقَدَّمَاتٌ فِي الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
بحوث : « يثرب » الْمَدِينَةَ المنورة دَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ السُّنَّةِ »
الزمن:1 هـ ~622 م
آخر أحداث العهد: المكي
المكان: مكة المكرمة~ الطريق إلىٰ يثرب
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
( ١١ ) : الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ٣ ) الْبَابُ الثَّالِث : ١٢٠« ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ-ﷺ لِقَتْلِهِ. «
حُرِّرَ في يوم الجمعة ٢٢ شعبان ١٤٤٣ مِن هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين (الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ) ~ الموافق ٢٥ مِن شهر مارس عام ٢٠٢٢ مِن الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول ﷺ-.









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 13 / 07 / 2022, 48 : 07 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,288 [+]
بمعدل : 0.55 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 206
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
﴿ ١٢٠ ﴾ ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ-ﷺ لِقَتْلِهِ[(1)]

لحظة ما قبل الآخيرة:
ضاقت قريش ومَن والاها ذرعاً بصاحب الدين الجديد وباطروحاته المخالفة لما عندهم مِن عقائد ومفاهيم.. وقيّم ومقاييس؛ وافكار ووجهة نظر في الحياة.. ثم ضاقت ذرعاً بأتباعه ومِن ثم زيادتهم يوماً بعد يوم.. ثم بلغ السيل الزبىٰ عندما بلغ اسماعهم مقابلته لــ وفد يثرب وما جرىٰ بينهم وبين صاحب الدين الجديد؛ وقد باءت بالفشل كل محاولات :«„ التصفية المعنوية ”» بإتهامات باطلة وأكاذيب مضللة وتشويه لسمعته فلم تتبقىٰ إلا محاولة آخيرة يائسة: «„ التصفية الجسدية.. القتل..”»..
.. علمتْ قريش بــ أَذِنِ رَسُولِ اللّهِ -ﷺ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » / الْمَدِينَةِ فَبَادَرَ النّاسُ إلَىٰ ذَلِكَ فَــ خَرَجَ النّاسُ أَرْسَالًا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَ
فـ لَمْ يَبْقَ بِمَكّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلّا رَسُولُ اللّهِ -ﷺ وَأَبُوبَكْرٍ .. وَعَلِيّ .. أَقَامَا بِأَمْرِهِ لَهُمَا.. وَإِلّا مَنْ احْتَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ كَرْهًا.. وَقَدْ أَعَدّ رَسُولُ اللّهِ -ﷺ جِهَازَهُ يَنْتَظِرُ مَتَىٰ « يُؤْمَرُ » بِالْخُرُوجِ.. وَأَعَدّ أَبُوبَكْرٍ جَهَازَهُ.
-*/*-
.. ومن المفارقات العجيبة أن رسولَ الله -ﷺ عُرف بين النّاس كافة؛ ومنذ طفولته بالصّدق والأمانة، وقد أقرّ بذلك جميع النّاس حتىٰ مَن كان يكفر به وبدعوته،
حتىٰ قال له أبوجهل ذات يوم :
إِنَّا لَا نُكَذِّبُكَ وَلَكِنْ نُكَذِّبُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ”؛
[ حديث عليٍ هذا أخرجه الحاكم. وقال : صحيح علىٰ شرط الشيخين ولم يخرجاه؛
و
روىٰ الترمذي عن علي: أن أباجهل قال له.. الحديث المذكور.. فأنزل الله فيهم: { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ }..
و
سأل هرقل أباسفيان:„ هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ ”؛ قال:„ لا ”..
أما
ما رواه : أَبُو مَيْسَرَةَ فـ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالُوا:„ يَا مُحَمَّدُ ، وَاللَّهِ مَا نُكَذِّبُكَ وَإِنَّكَ عِنْدَنَا لَــ. :«„ صَادِقٌ ”»؛ ، وَلَكِنْ نُكَذِّبُ مَا جِئْتَ بِهِ ”».
فــ كان اتّصافه بالصّدق والأمانة سبباً لأن يرجع النّاس إليه ليحكم في الأحداث الواقعة فيما بينهم قبل الإسلام، وبعد البعثة لمّا أجمع كفار قريش علىٰ قتله وقرّر الخروج من مكة المكرمة إلىٰ يثرب/المدينة المنورة مهاجراً، ترك خلفه عليّ بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- مِن أجل أن يُعيد الأمانات إلىٰ أهلها.
..وقد أرسلته :«„ خديجة ”» -قبل زوجها مِن الشاب محمد؛ وقبل إسلامها- مع غلامها ميسرة في تجارة لها، فرأى منه ميسرة في الخروج معه ما اتّصف به من مكارم الأخلاق ومحاسنها، فلمّا عاد أخبر خديجة بما رأى منه، فرغبت بالزّواج منه، فقبل رسول الله وتزوجها.
.. وراجع موقف التحكيم يوم بناء الكعبة كانت قبائل قريش تتنافس فيما بينها أيّها يخدم الكعبة ويقوم ببنائها، حتىٰ قسمّوا مهمة بناء الكعبة فيما بينهم ولكل واحد منهم ناحيةً منها يقوم ببنائها، وبدأ كلّ منهم ببناء الجزء المخصّص لهم، إلّا أنّهم لمّا وصلوا عند الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه بيده، وكادت الحرب أن تقوم بينهم، إلّا أنّهم أدركوا مخاطر الحرب ونتائجها إن قامت. وتحكّموا إلىٰ « حذيفة بن المغيرة »؛ فأشار عليهم أن يجعلوا أمرهم إلىٰ أوّل مَن يدخل من باب „ بني شيبة ”؛ وكانوا يسمّونه باب :„ عبدشمس ”؛ فكان سيّدنا :«„ محمّد ”» أوّل مَن دخله، فأخبروه بأمرهم، فأمر بثوب ووضع فيه „ الحجر الأسود ”؛ وأمر القبائل جميعها أن تحمل الثوب، فتقع مهمة رفع الحجر منهم جميعاً.
.. أخلاق النبي الكريم قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- :«„ بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ ”»؛ وقال -تعالىٰ-: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } فقد كان رسول الله أحسن النّاس أخلاقاً..
إذاً فقد عُرف بأمانته وصدقه بين النّاس قبل بعثة الله -تعالىٰ- له وبعدها، ومنذ شبابه عُرف في قريش باتّصافه بمكارم الأخلاق.
.. يقول محمد رشيد رضا -تلميذ محمد عبده- رحمهما الله تعالى- " جاء في «دائرة المعارف البريطانية» في ترجمة حياته -ﷺ- أن تسميته بــ :«„ الأمين ” مأخوذة مِن اسم أمّه (آمنة) وإن كان العرب لا يجعلون علاقة بينهما في هذه التسمية، هذا ما زعمه كاتب الترجمة في دائرة المعارف البريطانية فهو يريد أن يقول: إن العرب لم يسموه أميناً لأمانته بل لأن اسم والدته آمنة فلا فخر ولا فضل.. والحقيقة التاريخية هي أنه -ﷺ- سُمي أميناَ لأمانته ولذا استخدمته خديجة في تجارتها فربحت ربحا طائلا ثم تزوجته لثقتها به، وكانوا يستأمنونه علىٰ ودائعهم وقد جعله قومه حكما بينهم في بناء الكعبة عن طيب نفس، قال المسيو سيديو Sedillot في كتابه «تاريخ العرب»: «ولما بلغ محمد من العمر خمسا وعشرين سنة استحق بحسن سيرته واستقامة سلوكه مع الناس أن يلقب (بالأمين). وقال موير Muir: إنه لقب بالأمين بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه. وكتب لفظة أمين بالإنجليزية هكذا: Faithful.
وكان أهل مكة يستأمنونه -ﷺ- ويودعون عنده ودائعهم إلىٰ أن هاجر إلىٰ المدينة وترك علياً مكانه فبقي حتىٰ رد الودائع إلىٰ أربابها ثم هاجر. ". انتهى النقل من عند رشيد رضا..
.. ولو كان محمد بن عبدالله -الفرد والإنسان وليس النبي الرسول- يَعبد شيئاً ما جديداً في بيته لم تكن قريش تنزعج لما يقوم به.. ولو كان هذا الشئ يخرجه من حين إلىٰ حين يضعه في فناء منزله لم تكن قريش تنزعج.. فإذا تجمع المارة أمامه ثم تركوه ولم يهتموا بالأمر لم تكن قريش تنزعج.. إذ ليس هناك استعلان أو دعوة..
.. وحادثة أبي بكر توضح تماماً ما أزعجهم.. فـ وفق الرواية التي جاءت في بحث :" [محاولة الصديق للهجرة؛ [ ٧ ] الْمُجَلَّدُ السَّابِعُ مِنْ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛" الْهِجْرَةُ ؛ الْبَابُ الْأَوَّلُ: محاولة الصديق للهجرة؛ عَزْمَ الصِّدِّيقِ عَلَىٰ الْهِجْرَةِ إِلَىٰ الْحَبَشَةِ؛ ترقيم [ ٩٣ ] آستروعرب نيوز] :" .. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ،حَتَّىٰ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ [ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً] فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وقَامَ ابْنُ الدَّغِنَةِ.. فَقَالَ لَهُمْ :„ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ أَبَابَكْرٍ لَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ!.. إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَلَا يَعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِخَيْرٍ ”؛ [فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ] ، قَالَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا - :«„ فَكَفُّوا عَنْهُ. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَّةِ ”».. وَقَالُوا لَهُ.. فــ اشترطوا التالي :
1.]. مُرْ أَبَا بَكْرٍ [ فَلْــ ] يَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَــ
2.]. لْيُصَلِّ [ فِيهَا ] وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَ
3.]. لَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَ
4.]. لَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ، وعللوا ذلٰك
فَــ
1.]. إِنَّا نَخْشَىٰ أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا .
فَقَالَ ذَلِكَ [ ابْنُ الدَّغِنَةِ ] لِأَبِي بَكْرٍ .
فَــ
لَبِثَ [ أَبُوبَكْرٍ ] يَعْبُدُ رَبَّهُ [ فِي دَارِهِ ] وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ.. ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ..
قَالَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -. :«„ وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ مَسْجِدٌ عِنْدَ بَابِ دَارِهِ فِي بَنِي جُمَحَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا، إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اسْتَبْكَىٰ. فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ [ فَيَتَقَذَّفُ عَلَيْهِ ] نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ”»؛
قَالَتْ :«„ فَيَقِفُ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَالنِّسَاءُ، يَعْجَبُونَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ هَيْئَتِهِ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ”»؛ [وَكَانَ أَبُوبَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً].. فَكَانَ أَبُوبَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ [الْقُرْآنَ]، فَــ
1.]. أَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ.
قَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ و - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -:«„ فَمَشَى رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَىٰ ابْنِ الدَّغِنَّةِ، وَأَرْسَلُوا إِلَيه، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ :„ [ إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَابَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَىٰ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتَتِنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَىٰ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَعَلَ، وَإِنْ أَبَىٰ إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، وأَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ،فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ ” .
وأضافوا: إِنَّكَ لَمْ تُجِرْ هَذَا الرَّجُلَ لِيُؤْذِيَنَا، إِنَّهُ رَجُلٌ إِذَا صَلَّىٰ وَقَرَأَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ يَرِقُّ، وَكَانَتْ لَهُ هَيْئَةٌ وَنَحْوٌ، فَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ عَلَىٰ صِبْيَانِنَا وَنِسَائِنَا وَضُعَفَائِنَا أَنْ يَفْتِنَهُمْ، فَأْتِهِ فَمُرْهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، فَلْيَصْنَعْ فِيهِ مَا شَاءَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا -: فَمَشَىٰ ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَيْهِ.. فَأَتَىٰ ابْنُ الدَّغِنَّةِ أَبَابَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَىٰ ذَلِٰكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ..
فَقَالَ: يَا أَبَابَكْرٍ إِنِّي لَمْ أُجِرْكَ لِتُؤْذِيَ قَوْمَكَ، وَقَدْ كَرِهُوا مَكَانَكَ الَّذِي أَنْتَ بِهِ، وَتَأَذَّوْا بِذَٰلِكَ مِنْكَ، فَادْخُلْ بَيْتَكَ فَاصْنَعْ فِيهِ مَا أَحْبَبْتَ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: [ فَإِنِّي ] أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَىٰ بِجِوَارِ اللَّهِ - تعالىٰ- ... وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ.
.. فالإشكال عند قريش يعود إلى الإستعلان؛.فــ لو سكن أبوبكر في بيته يعبد ما يعبد دون الإعلان ما كان رد فعل قريش كما حدث في هذه الرواية..
.. إشكال قريش ومن معها ومن وقف خلفها أو بجوارها.. إشكالهم جميعاً يبدء عند نقطة بعينها.. يكشفها لنا القرآن الكريم المنزل من فوق سبع سماوات طباقاً فــ :" لمَّا أمر الله -عز وجل- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن يصدع بالدعوة في قوله -تعالىٰ-: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } [الحجر:94]، جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها، وبيَّن لقومه ما هم فيه مِن :
- الضلالة و
- الشرك، و
- الجهل و
- الخرافات، ولمّا لم يستطيعوا أن يواجهوا الحُجَّة بالحجة، جاهروه بالعداوة، وعزموا علىٰ مخالفته، عصبيةً وجهلاً، وحسداً وحقداً، وتعرضوا له بالسب والشتم مِن أول لحظة دعاهم فيها، وكان من أوائل وأشد مَن تعرض له -صلى الله عليه وسلم- بالسب والإيذاء عمه[ * ] أبولهب وزوجته[ * ] أم جميل ـ حمالة الحطب ـ، وقد نزل فيهما قول الله تعالى: { تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ } [المسد: 1: 5].
وحين علمت أم جميل ما نزل فيها وفي زوجها مِن آيات قرآنية ذهبت إلىٰ النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس عند الكعبة ومعه أبوبكر الصديق -رضي الله عنه-، وفي يدها فهر مِن حجارة، فلما وقفت عليهما قالت :„ يا أبابكر، أين صاحبك؟؛ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ”؛ ثم انصرفت، فقال أبوبكر :„ يا رسول الله أما تراها رأتك؟ ”؛ فقال :«„ لقد أخذ الله ببصرها عني ”»؛ وكانت تنشد وتقول:
مذمم أبينا ..
ودينه قلينا ..
وأمره عصينا ..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه عن سب وشتم أم جميل وغيرها من المشركين له :«„ ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم! يشتِمُون مُذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماً، وأنا محمّد ”»؛) رواه البخاري)
. لما عاد رسول الله آسفا من عناد قومه وتشبّثهم بالكفر قال أبوجهل ( عمرو بن هشام ) :„ يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه ” [رضا؛ سيدننا محمد].
محاولات عدة لإسكات صوت الحق وإطفاء نور الفرقان..
فهل توقف عناد قريش!
كلا .. بل زاد بــ اتهام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنون والسحر والكهانة. والعياذ بالله..

.. لذا نجد إجمالا -بعد البعثة- محاولات :«„ التصفية المعنوية ”» بنعته بصفات تتنافي مع حضوره معهم وسلوكه ووصفهم اياه بالأمين ثم الإنتقال إلى بث الأكاذيب حوله والاتهامات الباطلة.. ثم بدأت محاولات :«„ التصفية الجسدية ”»..
-*//*-
اجْتِمَاعُ الْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ وَتَشَاوُرُهُمْ فِي أَمْرِ الرّسُولِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- قَدْ صَارَتْ لَهُ شِيعَةٌ وَأَصْحَابٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ بَلَدِهِمْ وَرَأَوْا خُرُوجَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ إلَيْهِمْ عَرَفُوا أَنّهُمْ قَدْ نَزَلُوا دَارًا، وَأَصَابُوا مِنْهُمْ مَنَعَةً..
فَــ
حَذِرُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- إلَيْهِمْ وَعَرَفُوا أَنّهُمْ قَدْ أَجَمَعَ لِحَرْبِهِمْ.
فَــ
اجْتَمَعُوا لَهُ فِي « دَارِ النّدْوَةِ »- وَهِيَ دَارُ „ قُصَيّ بْنِ كِلَابٍ ” الّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَقْضِي أَمْرًا إلّا فِيهَا- يَتَشَاوَرُونَ فِيهَا مَا يَصْنَعُونَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- حَيْنَ خَافُوهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ مِنْ أَصْحَابِنَا(!)، عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي الْحَجّاجِ وَغَيْرِهِ مِمّنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَبّاسٍ -رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمّا أَجَمَعُوا لِذَلِكَ وَاتّعَدُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِي :« دَارِ النّدْوَةِ » لِيَتَشَاوَرُوا فِيهَا فِي أَمْرِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- غَدَوْا فِي الْيَوْمِ الّذِي اتّعَدُوا لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يُسَمّىٰ :„ يَوْمَ الزّحْمَةِ ”؛ فَاعْتَرَضَهُمْ (إبْلِيسُ)(!!!) فِي هَيْئَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ، بَتْلَةٌ فَوَقَفَ عَلَىٰ بَابِ الدّارِ فَلَمّا رَأَوْهُ وَاقِفًا عَلَىٰ بَابِهَا،
قَالُوا: مَنْ الشّيْخُ؟
قَالَ: شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ[(*)].. سَمِعَ بِاَلّذِي اتّعَدْتُمْ لَهُ فَحَضَرَ مَعَكُمْ لِيَسْمَعَ مَا تَقُولُونَ.. وَعَسَىٰ أَنْ لَا يُعْدِمَكُمْ مِنْهُ رَأْيًا وَنُصْحًا،
قَالُوا: أَجَلْ فَادْخُلْ..
فَدَخَلَ مَعَهُمْ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)] صحيح السيرة النبوية العطرة في الهجرة النبوية الشريفة لا تثبت هذه الجزئية وتتعداها دون التعرض لها؛ ومَن تعرض مِن السادة العلماء في ذكر أحداث دار الندوة بالتفصيل كــ ابن إسحاق فتوجد علة في سند روايته مرجعها إلى جهالة شيخ ابن إسحاق؛ لذا فقد قال البيهقي :" ابن إسحاق إذا لم يُسمِّ مَن حدثه فلا يُفرح به"..
أما سند الطبري في تاريخه فقد سقطت الواسطة بين ابن إسحاق وبين ابن ابي نجيح؛ وعلة الإسناد أن شيخ الطبري هو محمد بن حميد بن حيان الرازي؛ وقد قيل فيه؛ ويكفي أن ذكره الذهبي في (الضعفاء والمتروكين).. وهذه القصة كما قال العوشن لم يرَ حسب علمه من صحح اسانيدها مِن أهل العلم مع أنها مشهورة في كتب السيرة؛ ويتناولها القصاص دون توضيح ويلقيها أناس منفوق منابر دون تحقيق.. لكن الشهرة للقصة لا تغني عن صحة الاسناد. وقد مالَ د. سليمان السعود إلى تقوية القصه بأمور ثلاثة .. بيد أن الشيخ محمد الصادق عرجون قال عن هذه القصة ومشاركة إبليس إنه ضرب من الخيال المجنون:" لأنه لم يثبت فيه خبر صحيح عن رسول الله وكان ما جاء فيه رواية مرسلة عن ابن عباس لم يثبت لها سند يمكن التشبث به والاعتماد عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

وَقَدْ اجْتَمَعَ فِيهَا أَشْرَافُ قُرَيْشٍ،
مِنْ :
(1) بَنِي عَبْدِشَمْسٍ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُوسُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ.
وَ
مِنْ :
(2) بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِمَنَاف: طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيّ، وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ.
وَ
مِنْ :
(3) بَنِي عَبْدِالدّارِ بْنِ قُصَيّ: النّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ.
وَ
مِنْ :
(4) بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزّى: أَبُوالْبَخْتَرِيّ بْنُ هِشَامٍ وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطّلِبِ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ.
وَمِنْ :
(5) بَنِي مَخْزُومٍ: أَبُوجَهْلِ بْنِ هِشَام. وَ
مِنْ :
(6) بَنِي سَهْمٍ: نُبَيْهٌ وَمُنَبّهٌ ابْنَا الْحَجّاجِ، وَ
مِنْ :
(7) بَنِي جُمَحٍ: أُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَ
(8) مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِمّنْ لَا يُعَدّ مِنْ قُرَيْشٍ.
فَــ
قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ :„ إنّ هَذَا الرّجُلَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ.. فَإِنّا وَاَللّهِ مَا نَأْمَنُهُ عَلَىٰ الْوُثُوبِ عَلَيْنَا فِيمَنْ قَدْ اتّبَعَهُ مِنْ غَيْرِنَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا ”؛
قَالَ فَتَشَاوَرُوا.
ثُمّ
قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ :„ احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا، ثُمّ تَرَبّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ أَشْبَاهَهُ مِنْ الشّعَرَاءِ الّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ زُهَيْرًا وَالنّابِغَةَ وَمَنْ مَضَىٰ مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْمَوْتِ حَتّىٰ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ ”؛
فَقَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): لَا وَاَللّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ. وَاَللّهِ لَئِنْ حَبَسْتُمُوهُ كَمَا تَقُولُونَ لَيَخْرُجَنّ أَمْرُهُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ الّذِي أَغْلَقْتُمْ يُكَاثِرُوكُمْ بِهِ حَتّىٰ يَغْلِبُوكُمْ عَلَىٰ أَمْرِكُمْ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ فَانْظُرُوا فِي غَيْرِهِ ..
فَــ
تَشَاوَرُوا.
ثُمّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ :„ نُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَنَنْفِيهِ مِنْ بِلَادِنَا، فَإِذَا أُخْرِجَ عَنّا فَوَاَللّهِ مَا نُبَالِي أَيْنَ ذَهَبَ وَلَا حَيْثُ وَقَعَ إذَا غَابَ عَنّا وَفَرَغْنَا مِنْهُ فَأَصْلَحْنَا أَمْرَنَا وَأَلْفَتْنَا كَمَا كَانَتْ ”؛
فَــ
قَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): لَا وَاَللّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ أَلَمْ تَرَوْا حُسْنَ حَدِيثِهِ وَحَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ وَغَلَبَتِهِ عَلَىٰ قُلُوبِ الرّجَالِ بِمَا يَأْتِي بِهِ وَاَللّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مَا أَمِنْتُمْ أَنْ يَحِلّ عَلَىٰ حَيّ مِنْ الْعَرَبِ، فَيَغْلِبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَحَدِيثِهِ حَتّىٰ يُتَابِعُوهُ عَلَيْهِ ثُمّ يَسِيرُ بِهِمْ إلَيْكُمْ حَتّىٰ يَطَأَكُمْ بِهِمْ فِي بِلَادِكُمْ فَيَأْخُذَ أَمْرَكُمْ مِنْ أَيْدِيكُمْ ثُمّ يَفْعَلَ بِكَمْ مَا أَرَادَ دَبّرُوا فِيهِ رَأْيًا غَيْرَ هَذَا.
قَالَ فَقَالَ أَبُوجَهْلِ بْنُ هِشَامٍ:„ وَاَللّهِ إنّ لِي فِيهِ لَرَأْيًا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ بَعْدُ ”؛
قَالُوا:„ وَمَا هُوَ يَا أَبَاالْحَكَمِ؟ ”؛
قَالَ:„ أَرَىٰ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابّا جَلِيدًا نَسِيبًا وَسِيطًا فِينَا، ثُمّ نُعْطِي كُلّ فَتًى مِنْهُمْ « سَيْفًا صَارِمًا »؛ ثُمّ يَعْمِدُوا إلَيْهِ فَــ :« يَضْرِبُوهُ »؛ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَــ:„ يَقْتُلُوهُ »؛ فَنَسْتَرِيحَ مِنْهُ. فَإِنّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِمَنَافٍ عَلَىٰ حَرْبِ قَوْمِهِمْ جَمِيعًا، فَرَضُوا مِنّا بِالْعَقْلِ فَعَقَلْنَاهُ لَهُمْ ”؛
قَالَ فَقَالَ الشّيْخُ النّجْدِيّ(!!!): الْقَوْلُ مَا قَالَ الرّجُلُ هَذَا الرّأْيُ الّذِي لَا رَأْيَ غَيْرُهُ..
فَــ
تَفَرّقَ الْقَوْمُ عَلَىٰ ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(1)] « سيدنا محمد » صلى الله عليه وسلم؛ „ محمد رشيد رضا ”؛ فصل :„ الحض علىٰ قتله صغيرا ”..
و« كانت حليمةُ كلما مر جماعة مِن اليهود وحدثتهم بشأنه -ﷺ- حضوا علىٰ قتله.. وكلما عرضته علىٰ العرافين في الأسواق، صاحوا بقتله وكانوا يقولون :„ اقتلوا هذا الصبيّ .. فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم ”؛ و
عن حليمة -رضي الله عنها- أنه مر بها جماعة مِن اليهود فقالت:«„ ألا تحدثوني عن ابني هذا.. حملته أمه كذا.. ووضعته كذا.. ورأت عند ولادته كذا ”»؛ وذكرت لهم كل ما سمعته مِن أمه وكلّ ما رأته هي بعد أن أخذته وأسندت الجميع إلىٰ نفسها كأنها هي التي حملته ووضعته، فقال أولئك اليهود بعضهم لبعض:„ اقتلوه ”؛ فقالوا:„ أوَ يتيم هو؟ ”؛ فقالت:«„ لا، هذا أبوه وأنا أمه ”»؛ فقالوا:„ لو كان يتيما قتلناه ”؛ لأن ذلك عندهم مِن علامات نبوته، و
عن حليمة أيضا -رضي الله عنها- أنها نزلت به ﷺ بسوق عكاظ وكان سوقاً للجاهلية بين الطائف ونخلة -المحل المعروف- كانت العرب إذا قصدت الحج أقامت بهذا السوق شهر شوال يتفاخرون ويتناشدون الأشعار ويبيعون ويشترون، فلما وصلت به حليمة سوق عكاظ رآه كاهن مِن الكهان فقال:„ يا أهل عكاظ اقتلوا هذا الغلام فإن له مُلكا ”؛ فــ مالت به وحادت عن الطريق فأنجاه الله ». انتهى النقل من عند رشيد رضا.
[ * ] ينبغي أن نتوقف كثيراً أمام موقف العم تجاه ابن أخيه -غير الشقيق- خاصةً في مجتمع تغلب عليه العصبية القبلية والتناصر بمجرد صلة القرابة؛ وأترك بحث هذه الجزئية في ملف أخير-مِن بعد إذنه تعالىٰ وبتوفيقه ورعايته- تحت مسمىٰ شخصيات محورية.. إذا لو فرض -افترضه الكثير - أن أمن عم النبي بعد نزول هذه الآيات وأمنت زوجه لهدم جانب من جوانب الدين المتين؛ وكان تحدياً جديداً من رب محمد لقريش بواسطة نبيه الأمين.. .

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
‏الجمعة‏، 29‏ شعبان‏، 1443


بحوث السيرة النبوية الشريفة
مُقَدَّمَاتٌ فِي الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
بحوث : « يثرب » الْمَدِينَةَ المنورة دَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ السُّنَّةِ »
الزمن:1 هـ ~622 م
آخر أحداث العهد: المكي
المكان: مكة المكرمة~ الطريق إلىٰ يثرب
بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَىٰ « يثرب » الْمَدِينَةِ
( ١١ ) : الْمُجَلَّدُ الْحَادِيَ عَشَرَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ٣ ) الْبَابُ الثَّالِث : ١٢٠« ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ-ﷺ لِقَتْلِهِ. «
حُرِّرَ في يوم الجمعة ٢٢ شعبان ١٤٤٣ مِن هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين (الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ) ~ الموافق ٢٥ مِن شهر مارس عام ٢٠٢٢ مِن الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول ﷺ-.









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد ملتقى السيرة النبويه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018