أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 
تابعونا عبر تويتر تابعونا عبر فيس بوك

الإهداءات



الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 3 كتاب الكتروني رائع (آخر رد :عادل محمد)       :: صلاة الفجر للشيخ ياسر الدوسري 9 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ أحمد الحذيفي 9 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن أشرف عفيفي الخميس 9 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الفجر للمؤذن أحمد خوجة الخميس 9 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالله البعيجان 8 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ ماهر المعيقلي 8 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ عبدالمحسن القاسم 8 شوال 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ ماهر المعيقلي 8 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن محمد باسعد الأربعاء 8 شوال 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 0 المشاهدات 465  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 06 / 02 / 2019, 41 : 07 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.10 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
التَّمْرَةُ المُبَارَكَةُ

قراءةٌ في قصةِ المرأةِ المسكينةِ في الصحيحين




لا يدري المرءُ متى يكونُ على موعدٍ معَ السعادةِ! ولا متى يكونُ كذلكَ على موعدٍ معَ الشقاءِ!

فالإنسانُ يعملُ، ويقولُ، ويهمُّ، وهوَ حارثٌ همَّامٌ: يجيءُ ويذهبُ، ينامُ ويصحو، يمرضُ ويبرأُ، يربحُ ويخسرُ، يقيمُ ويسافرُ، يضحكُ ويبكي، وفي خاتمة المطاف، يَمَّحِي أحد المتغايرين ويزول، ويصير الناس جميعًا فريقين، لا ثالثَ لهما:
شقيٌّ: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [هود: 106، 107].


وسعيدٌ:﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود: 108].


لم تكن تلك المرأة الفقيرة المسكينة المحظوظة، تعلم ساعتئذٍ - وهي تَغُذُّ خطاها هي وابنتاها الصغيرتان صوبَ بيت من أطهر البيوت على أديم البسيطة - أنها على موعد مع السعادة الأبدية، والفرح السرمدي!!

لم يَدُرْ في خَلَدِها أن هذا اليوم الذي مَنَّ الله عليها فيه بالحياة كرةً أخرى، هو من أسعد أيام حياتها؛ بل هو أسعدُها، مع كونها ربما لم تذق فيه هي وابنتاها الصغيرتان شيئًا من طعام أو شراب! ومع كونها - والحالُ شاهدةٌ - لا تملك من حطام هذه الدنيا الفانية سوى ما على بدنها من أسمال بالية، تجاهد لتستر ما وراءها!

ها هي ذي تقف أمام بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قريبة من باب حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتسلِّم عليها، وتستأذنها في المكوث عندها شيئًا من الوقت يسيرًا، فتأذن لها الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها أن تلج أشرف بيت لبشر رفع على وجه الغبراء!

تدخل المسكينة، وتجلس، وتجلس معها ابنتاها الصغيرتان، تنظر في وجه عائشة رضي الله عنها، فتقرأ أمُّ المؤمنين في وجهها، وتطالع في قسمات مُحيَّاها، حاجة وسؤالًا عن شيء، أيَّ شيء! لكنها لا تبديه، وإنْ كان ينطقُ به لسانٌ منها فصيحٌ، يفهمه من آتاه الله فراسة ودراية فيما يترجمه الظاهرُ عن الباطن!

مِنَ الفقراء مَنْ يكفيه أن يعرض حاله، لا أن يذل لسانه، ويريق ماء وجهه، ويبذل كرامته، وعزة نفسه، من أجل لقمة مغمسة بالهوان، وخسة النفس، ودناءة الهمة، وهؤلاء - وإن كانوا فقراء فيما يراه الناس - لكنهم - والذي قسَم بينهم معيشتَهم - أغنى من كثير من الأغنياء الفقراء النفوس من عبيد الدراهم والدنانير، وهم - أعني: أغنياء النفوس - الذين شرفهم ربهم بأن ذكرهم بنعتهم وسمتهم في كتابه المبين، فأخبر عنهم، وعرفهم أنهم ﴿ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273].

وفيهم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ المسكينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ؛ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يتعفَّفُ؛ اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا [البقرة: 273]))؛ صحيح مسلم.


وهم - هم أنفسهم - الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((ليس الغنى عن كثرة العرض؛ ولكن الغنى غنى النفس))؛ أخرجه الشيخان.


هذه رسالة جهلها - أو تجاهلها - الجمُّ الغفير من الأثرياء الموسرين الذين قصَّروا في البحث عن هؤلاء الشرفاء من الفقراء الذين﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة: 273]، والذين أبت عليهم كرامتهم، وسمت بهم عزة نفوسهم، على أن يقفوا بأبواب الأغنياء يسألونهم شيئًا من حطام هذه الدنيا الفانية الزائلة! وشعارُهم رغم ما هم فيه من شظف العيش:
وَأَسْتَفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْ لا يَرَى لَهُ *** عليَّ منَ الطَّولِ امرؤٌ مُتَطَوِّلُ

فلما قصَّر - وإن شئت فقل: بخل هؤلاء، وتعفَّف هؤلاء- سعى نفرٌ ممن تلبس لبوس الفقر من غير الفقراء إلى أبواب الأغنياء، فاحتالوا عليهم، فسرقوهم، وهم يظنُّون أنهم يُحسنون صنعًا، وكان حريًّا بهم - أعني هؤلاء الأغنياء - أن ينقبوا عن إخوانهم الفقراء؛ ليغنوهم عن السؤال، ويعطوهم من مال الله الذي آتاهم؛ ليحسنوا بهذا الصنيع لا إلى الفقراء وحدَهم، ولكن لأنفسهم؛ بإنقاذها من نار جهنم؛ إذ لا بد أنهم قرؤوا أو سمعوا قول الحق سبحانه وتعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: 34، 35].


ولسنا نريد أن نستطرد في لوم إخواننا من الأغنياء الموسرين وتقريعم؛ لتقصيرهم في حق إخوانهم من الفقراء؛ ولكنا نحسب أن لهم ولغيرهم كذلك في قصة هذه المرأة المسكينة وابنتيها مدكرًا ومعتبرًا ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، فهذه ثلاثة لا انتفاع لعبد بمسموع أو مقروء أو منظور ألا بها، فلا بد له من قلب حي حاضر غير غائب، وأذن واعية.

فهلموا بنا - أغنياء وفقراء، إناثًا وذكورًا - نطالع بأعين القلوب وباصرات البصائر، أحداث قصة هذه المرأة المسكينة التي ما إن ولجت عتبة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئة السلام على أُمِّنا المبرَّأة البتول رضي الله عنها، واقتعدت منه لها مقعدًا حتى تلفتت أُمُّنا الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، تبحث في أنحاء البيت عما تكرم به هذه الزائرة المسكينة، ولندع الحديث لأُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: "جَاءتني مِسْكينةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا..."، وهذا - والله - حمل على حمل: حمل جسد على حمل فؤاد! وإن لهذين الحملين لأجرًا عند الله عظيمًا، وتمضي أُمُّنا رضي الله عنها قائلة: "فَأطْعَمْتُها ثَلاثَ تَمرَات"، ثلاث تمرات!


هذا ما كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعتئذٍ، ولو كان فيه غير ذلك من الطعام لجادت به الصديقة رضي الله عنها؛ وفي رواية أخرى صحيحة عند البخاري رحمه الله تعالى أنها - أي: المرأة المسكينة - لم تجد عند عائشة رضي الله عنها سوى تمرة واحدة، قالت عائشة رضي الله عنها: "فَلم تَجِد عِنْدِي غير تَمْرَة وَاحِدَة فأعطيتها".


وسواء كان ما عندها رضي الله عنها تمرة أم تمرتان؛ فإن ذلك لا يُغيِّر من حقيقة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يقول فيها: ((اللهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا))؛ فإنه - صلوات الله وسلامه عليه - أسوة البشرية وقدوتها في القناعة، والرضا بالقليل، والصبر على شظف العيش، وما ذاك إلا لعلمه عليه الصلاة والسلام بحقيقة هذه الدنيا، تلك الحقيقة التي جهلها – أو تجاهلها - الجمُّ الغفير لا من المسلمين فحسب؛ بل من الناس كافة، وها هم - بسبب من ذلك - يتجرَّعون من الآلام، ويحتسون من المآسي ما لا قِبَل لهم به.


وتمدُّ تلك المسكينة يدها لتتناول ثلاث التمرات من يد عائشة رضي الله عنها، وما إن استقرَّت تلكم التمرات في راحتها، حتى أعطت كل واحدة من ابنتيها تمرة، كما أخبرت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً..."، وتواصل عائشة رضي الله عنها وصف هذا المشهد البديع قائلة: "وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا"، وفي تلك اللحظة، لحظةِ رفعِها التمرةَ إلى فيها لتأكلها، وقبل أن توصلها فاها، امتدت يدا ابنتيها إلى تلكم التمرة اليتيمة، التي همت تلك المرأة المسكينة الجائعة بأن تضعها في فيها؛ تقول أُمُّنا رضي الله عنها: "فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا..." أي: طلبتا منها - بلسان الحال والمقال أن تطعمهما إيَّاها، لما تجدان من عض الجوع، وسعار السغب، الذي تجد منه أمُّهما أضعاف أضعاف ما تجدانه وتحسَّانه، ولكنها الأم!


إي والله، إنها الأم التي فرط في حقِّها، وقصَّر في الإحسان إليها، وتنكب سبيل برها الكثير من الأبناء والبنات الذين ما عرفوا لأمهاتهم - ولا حتى لآبائهم - حقًّا واجبًا عليهم، وليتهم فكَّروا في أنفسهم، وعاينوا حقيقة حالهم؛ لما كانوا صغارًا ضعفاء، لا يستطيع أحدهم أن يسقي نفسه جرعة ماء، ولا أن يرفع لقمة إلى فيه، ولا أن يُطهِّر بدنه من الأذى، إنها الأم! يمٌّ من الحنان لا ساحل له، ونبع فيَّاض من الإيثار لا تنضب له عين!


لقد كانت تلك المسكينة أحوج ما تكون إلى هذه التمرة؛ لكن عطفها على صغيرتيها، وإشفاقها عليهما، ورحمتها بهما، دفع بها في لحظة إيثار فريدة، ومشهد تضحية أخَّاذ إلى أن تدفع بها إليهما، وقد طغى على فؤادها لحظتئذ فرح غامر، وحبور ندي، لا يعرف طعمه، ولا يحس به، ولا يذوق حلاوته، إلا الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة! فكان من أمرها وشأنها أن: "شَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا..."، وناولت كل واحدة منهما شق التمرة، وكأنها بهذا الذي كان منها تترجم ما نطق به من لا ينطق عن الهوى صلوات الله عليه وسلامه في قوله: ((اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ))؛ أخرجه الشيخان، وقوله: ((مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ))؛ رواه مسلم.

ولو بشق تمرة؟!
نعم، ولو بشق تمرة أيها الأغنياء الأثرياء الموسرون!
أجل، ولو بشق تمرة أيها القادرون على إنقاذ أنفسكم من النار ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].

نعم، ولو بشق تمرة أيها البخلاء الأشحَّاء، فإنكم ربما لا تعلمون ما الذي يفعله شق التمرة؛ لأنكم ربما لم تُجرِّبوا أن تتصدَّقوا بشيء قليل يساوي شق التمرة من أموالكم التي كنزتموها، ربما لأنكم خشيتم أن ينقص شق التمرة شيئًا مما كنزتموه لأنفسكم!

وربما لأنكم لم تسمعوا بآذان الأفئدة لا آذان الرؤوس قول مالك المال الذي ملككم إيَّاه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ [الليل: 8 - 11].

شق التمرة، أو حتى التمرة أيها القادرون بَذْلها خالصة لوجه الله، لها عند الله الغني الحميد سبحانه وتعالى عاقبة حميدة، حريٌّ بنا كلنا أن نتأمَّلها مليًّا؛ لعلَّنا نشفق على أنفسنا من النار التي وقودها الناس والحجارة، يوم يصرخ من يصرخ نادمًا: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ﴾ [الحاقة: 28]، يقول الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه: ((مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَل))؛ صحيح البخاري.

انظر – إن كنت ناظرًا - كيف تعظم التمرة الصغيرة، ويكبر أجرها عند الله تعالى حتى يصير كالجبل؛ أي: وكأنك تصدَّقت بمثل الجبل.

شق تمرة يتصدَّق بها مَنْ يصدق فيتصدَّق مخلصًا على فقير أي فقير، فكيف لو كان هذا الفقير ابنًا أو ابنة! كما رأينا - ورأت من قبلنا - أُمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها - وهي تُعاين حال هذه المرأة المسكينة التي آثرت ابنتيها على نفسها، تقول عائشة رضي الله عنها، وقد شاهدت ما كان منها مع صغيرتيها: "فأعجبني شأنها"؛ أي: حالها وأمرها مع ابنتيها.

تُرى؟ لماذا أعجبَ عائشةَ رضي الله عنها حالُها مع ابنتيها؟! (لما فيه من الإيثار على النفس بحظوظها، ورحمة الصغار، ومزيد الإحسان والرفق بالبنات؛ طلبًا لوجه الله تعالى)؛ دليل الفالحين 3/ 90.

(فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته رضي الله عنها بما فعلته تلك المرأة المسكينة مع ابنتيها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار))، الله أكبر!


ما أعظم فضل الله! وما أوسع رحمته سبحانه وتعالى بعباده! هذا الجزاء الجزيل، والثواب الجليل في تمرة تؤثر بها أُمٌّ ولدَها على نفسها؛ يدفعها إلى ذلك، ويؤزها إليه -كما يدفع كل أب وأم - رحمة امتلأ بها قلبها، ففاضت على جوارحها: عطاءً، وبذلًا، وإيثارًا، فيتقبَّلها الله جل وعلا منها بقبول حسن، ويُوحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في شأنها ما تقدَّم آنفًا قريبًا من إيجابه سبحانه لها بها الجنة، وإعتاقها بها من النار.


إن في قصة هذه المرأة، وما كان من شأنها لعبرة، فهلا كان منا شيء ولو كان يسيرًا من اعتبار بحالها، وتدبُّر لما آل إليه أمرها، وسعي من بعد ذلك إلى عمل ولو كان قليلًا، لعلنا ندرك به نفحة من نفحات ربنا نسعد بها في دنيانا قبل أُخْرانا! لعل شيئًا من ذلك يكون!



مصطفى النعامين

hgj~QlXvQmE hglEfQhvQ;QmE










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018